آخر 10 مشاركات
جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          91-صعود من الهاوية - بيتي جوردن - ع.ج ( إعادة تصوير )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          كوب العدالة (الكاتـب : اسفة - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1161Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-10-19, 01:41 PM   #41

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


مسكين فارس بيجري وراء ثاره 😟من الي قتل ابوه وكارمن المسكينة الي انصدمت في حبيبها لؤي كويس ياحبيبتي خلصتي من الخاين 😒..شويكار دي الي تجيب للواحد جلطة بتجري وراء انتخابات الجمعية ولا همها الوضع المادي المتدهور الي وصلت جوزها عاصم ليه ..مسكين عاصم قلبه مستحملش ووقع من طوله ..اما يونس وزياد وفريده وعهد تصدقي افتكرت انه حقيقي وانهم في حرب وكأنه فيلم امريكاني ..البداية جميلة زيك ياقمر😍😍 نورتي المنتدى 💐💐

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 11:31 AM   #42

حلا المشاعر
 
الصورة الرمزية حلا المشاعر

? العضوٌ??? » 403837
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 481
?  نُقآطِيْ » حلا المشاعر is on a distinguished road
افتراضي

صباح الورد تسجيل حضوووور بنتظار حبيبي زياد متعاطفة معاه اكثر بحب عهد وهي وكأنها صم عمي عن مشاعر زياد ليش ما يخبرها انو يحبها وخلاص

حلا المشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 11:35 AM   #43

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخيرات



في تمام الساعة الثانية عشر ظهرا بتوقيت القاهرة

سنلتقي بالفصلين الثاني والثالث من زخات الحب والحصى
ان شاء الله



Dr. Aya likes this.

Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 12:44 PM   #44

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Chirolp Krackr

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Shammosah مشاهدة المشاركة
صباح الخيرات



في تمام الساعة الثانية عشر ظهرا بتوقيت القاهرة

سنلتقي بالفصلين الثاني والثالث من زخات الحب والحصى
ان شاء الله




يسعد صباحك يا شموسة

فى انتظارهطول زخاتك يا جميلة



موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 12:46 PM   #45

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Chirolp Krackr

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 24 ( الأعضاء 4 والزوار 20)



‏موضى و راكان, ‏Shammosah, ‏shy tara, ‏Saro7272


أين أنتم يا متابعين؟


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 01:01 PM   #46

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الثاني 1



الفصل الثاني





"المبلط ؟؟؟؟!!!! "



قالتها شويكار مصعوقة بينما تسمرت كارمن متفاجئة غير قادرة على استيعاب ما أخبرهما به والدها .. ليتكلم عاصم مصححا " إنه رجل أعمال الآن يا شويكار"



ردت الأخيرة بقرف " لكنه مهما فعل سيظل عامل بلاط ورخام .. كان عاملا بالأجرة يخلط الاسمنت والرمل بيده يوما من الأيام ( ثم تغيرت لهجتها للغيظ تكمل ) كيف يتخيل هذا المبلط الجاهل أننا قد نوافق على طلب غريب كهذا !! .. بل كيف يجرؤ على التطاول على أسياده !! .. لو كنا أيام جدي الباشا لاستحق الجلد بكل تأكيد "



قال عاصم بقلة صبر" اهدئي يا شويكار .. لقد تغيرت الايام وتغير الحال أيضا .. ومن حق الرجل أن يطلب طلبه ومن حقنا أن نقبل أو نرفض ( ونظر لكارمن الصامتة يقول ) ما رأيك يا حبيبتي ؟"



همت بالرد حين قاطعتها شويكار صائحة باستنكار" وهل هذا سؤال تسألها إياه يا عاصم ! .. مرفوض بالطبع "



قال عاصم بوهن " اتركي البنت تتحدث يا شويكار .. إنه ليس فستانا أو تصفيفة شعر ستقررينها بدلا منها .. بل هو مستقبلها .. فاتركيها لتفكر وتقرر "



هتفت شويكار مصعوقة " تفكر في مبلط الرخام !!"



اغمض عاصم عينيه بيأس ممسكا بصدره.. فبلعت شويكار لسانها واشاحت بوجهها تهز ساقها بعصبية وتضرب بكعب حذائها الأرض ..



تحدثت كارمن أخيرا محاولة كالعادة إيجاد ردا لبقا يرضي والديها معا " الحقيقة يا بباه طلبه غريب جدا .. فليس هناك أي تكافؤ بيننا .. فأنت تقول أنه لا يحمل سوى شهادة الثانوية العامة .. كما أنه من بيئة مختلفة تماما عن البيئة التي تربيت فيها ..بالإضافة لفارق العمر بباه.. إنه في الثامنة والثلاثين .. أي يكبرني بعشر سنوات كاملة (وارتبكت قليلا وقد تذكرت لؤي لتكمل ) وأنا لا أحب أن يكون بيني وبين الرجل الذي سأتزوجه كل هذه الأعوام "

صمتت كارمن تحاول استقراء ملامح أبيها ثم تفحصت أمها لترى إن كانت قد ردت برد أعجبها ..



فتدخلت الأخيرة تضيف باستنكار " كما أن الاشاعات تملأ الوسط مشككين في مصدر أمواله ( وأكملت بقرف ) وبكل صدق ما يقال على إنه قد جمع كل هذه الأموال في عشرين سنة أمر لا يصدق أبدا .. وإنما كذبة يداري بها على ظهوره المريب فجأة وسط الطبقة الراقية "



مط عاصم شفتيه بعدم رضا وقال لكارمن بصوت متعب " اذن أنت لا ترينه مناسبا يا كارمن .. حسنا لا بأس .. سأخبره حين تنتهي المدة التي أعطيتها له لأرد على طلبه "

تملك الفضول من كارمن لتسأله متعجبة " وهل كان لك رأيا آخر يا بباه؟ "



تمتم عاصم بذهن شارد " رأيك الأهم بنيتي ( ثم تكلم بلهجة ذات مغزى ليتشفى في زوجته ) وبالطبع قرارنا هذا سيجعله يسحب العروض السخية التي قدمها لإنقاذنا من الإفلاس "

عقدت كارمن حاجبيها بينما اعتدلت شويكار في وقفتها لتقول بفضول" إنقاذنا من الإفلاس ؟؟!!... ماذا تقصد ؟؟"

×××××

بعد يومين



قال فارس وهو يعتدل في مقعده خلف مكتبه بالمصنع " حسنا اتفقنا يا استاذة رُفًيّدة سأجعل فريدة تتواصل معك وتتفقدي طبيعة المكان وتبدي ملاحظاتك .. فبالتأكيد سنعتمد على خبرتك في هذا المجال "

عدلت رفيدة بسبابتها النظارة الأنيقة على عينيها لتقول بوجه جاد ينافس جديته الدائمة " أشكرك على ثقتك هذه يا فارس بك ( واستقامت تمد يدها لتودعه ) سأنتظر اتصالا من الآنسة فريدة بالتأكيد .. شكرا جزيلا "



استقام فارس يسلم عليها بطريقة آلية فتحركت مغادرة لكنها تسمرت بعد خطوات واستدارت تتطلع لفارس الذي كان يتفحص الأوراق أمامه منشغلا لتقول ببعض التردد والحرج " فارس بك كنت أود أن أسأل سؤالا آخر ."



انتبه فارس لحديثها فأبعد عينيه عن الأوراق ليقول " تفضلي".



بلعت رفيدة ريقها وقالت " أعتقد أنه سيكون هناك غرف لطاقم المربيات والمعلمات اللاتي سيبتن في الدار (وصمتت قليلا تقبض يدها المتشنجة خلف ظهرها لتكمل ) فكنت أسأل لو فكرت في أن أبيت في المكان هل هذا مسموحا (واسرعت تبرر ) أخشى أن تكون المسافة التي سأقطعها يوميا من بيتي للدار كبيرة ".

رد فارس ببساطة" بالطبع يمكنك المبيت إذا رغبت في ذلك آنسة رفيدة "



ابتسمت رفيدة ابتسامة محرجة تغمغم بكلمات غير مفهومة على سبيل الشكر وهي تستدير مغادرة.. لكن قبل أن تمد يدها للباب انفتح فجأة حتى كاد أن يرتطم بها لتدخل امرأة شديدة التأنق ترتدي بنطالا من القماش الأسود وقميصا حريريا أبيضا وتلف حول رقبتها منديلا حريريا ملونا .



تفاجأت رفيدة بدخولها الغريب لكنها أسرعت تتجاوزها مغادرة بينما أخذت المرأة تحدق فيها بنظرات متفحصة ثم أغلقت الباب خلفها لتواجه فارس الذي تطلع فيها بنظرة موبخة لكنها تجاهلتها لتقول بمرح " صباح الخير فارس حبي "

رد فارس بطريقة آلية قبل أن يعود لعمله" أهلا ريتا .. ألا تعرفين الطرق على الأبواب ! "

سألته بفضول وهي تستقر في المقعد أمام مكتبه واضعة حقيبتها الثمينة بعناية على المنضدة " من هذه ؟"

رد وهو منشغل بالأوراق" إنها مَن ستدير دار الأيتام ..الآنسة رفيدة"

غمزت ريتا بعينها وقالت بلهجة عابثة " ولمَ تبدو مرتبكة ومتعرقة وهي تخرج من عندك ؟ هل وقعت في غرامك؟!!"



حدجها فارس بنظرة جليدية قبل أن يحرك فأرة الحاسوب المحمول أمامه بعصبية ويقول بلهجة حازمة " كُفي عن العبث يا ريتا إنها أكبر مني سنا "



اتسعت عيناها وحركت ناظريها نحو الباب المغلق وكأنها ستخترقه بنظراتها لترى رفيدة وتمتمت مندهشة " آنسة !!.. وأكبر منك !! "

رد فارس وهو يدون بعض الملاحظات على ورقة بعد أن فشل في إيجاد الملف الذي يريده على الحاسوب متوعدا فريدة في سره التي تصر عليه هي ويونس بضرورة اعتماده على الحاسوب متهما إياها بالفشل في تعليمه " أجل أكبر مني ببضع سنوات أعتقد أنها في الثانية أو الثالثة والأربعين "

هتفت ريتا باستغراب " تبدو في منتصف الثلاثينات من العمر .. بينما أنت من يبدو فوق الأربعين .. (وأكملت بلهجة ذات مغزى) لكن .. ما المانع في أن تكون أكبر منك في العمر وتحبك؟ .. إن تأثيرك يا أبا الفوارس على الجنس الناعم يمتد إلى كل الأعمار لكنك تمنع نفسك من متع الحياة ".



رد فارس وهو لا يزال منشغلا في أوراقه" يبدو أن مزاجك رائق اليوم يا ريتا ..عموما أتفق معك فيما قلت "



سألته بلهفة " بشأن تأثيرك على الجنس الناعم ؟؟؟"



رفع أنظاره نحوها ليرد باستخفاف " بل في أن العلاقة بين العمر والشكل غير دقيقة في بعض الأحيان .. فمن يراك ويسمع مزاجك الرائق اليوم لا يتوقع أبدا أنك تعديت الخمسين من العمر " .

امتقع وجه ريتا وقالت بامتعاض " ستظل جلفا يا فارس مهما لبست أفخم الحُُلات"



رد فارس وعقله يحاول تذكر كيف شرحت له فريدة استحضار ملفا من داخل هذا الجهاز المعقد المُُعَصِب أمامه " عموما قد أتزوج قريبا وأرفع عن كاهلكم جميعا عبء القلق بشأن عدم زواجي حتى هذا العمر .. أخبريني ماذا فعلت مع مدير البنك الذي طلبت منك أن يخدمنا في أزمة عاصم السيوفي ؟ "



هتفت ريتا بعدم استيعاب " ماذا قلت؟؟؟"



أجاب فارس وهو يكتب بالقلم بعد أن قرر أن يعيد كتابة محتوى ذلك الملف الهارب منه في داخل الجهاز المعقد ولكن هذه المرة على ورقة كما كان يفعل دائما " كما سمعتِ .. إن وافق عاصم بك سأتزوج من ابنته"



ابتلعت ريتا ريقها وسألته " هل تنوي الزواج من ابنة عاصم السيوفي ؟ (وحين لم يرد وضعت كفها على الأوراق أمامه بعصبية وصاحت ) انتبه لي يا فارس أنا أتحدث " .



ترك فارس القلم ورد وهو يرجع بظهره للخلف عاقدا أصابعه أمامه " بالضبط "

صاحت بعدم تصديق " ولماذا ابنة هذا الرجل بالذات ؟ .. أليس هو رجل الأعمال المتعثر الذي طلبت مني أن أتوسط له عند مدير البنك ؟ .. أليست هذه الفتاة هي حبيبة لؤي عظمة الذي تراقبه وتراقبها هي الأخرى منذ فترة ؟!"

استقام ليترك مكتبه وهو يقول " ممتاز .. أنت تذاكرين جيدا يا ريتا "

تأملت طوله وعضلاته البارزة من تحت قميصه الثمين وذلك الوشم الذي يظهر طرفه مرسوما على رقبته والتي تمنت لو تراه بتفاصيله عن قرب وقالت بانفعال وهي تستقيم لتواجهه " أنا سألتك لماذا هذه الفتاة بالذات يا فارس ! "



تحرك فارس واضعا يديه في جيب بنطاله وتوقف يتطلع من النافذة يوليها ظهره فأكملت ريتا " حتى تنتقم من صفوت عظمة في ابنه أليس كذلك؟؟ .. أنت أردت أن تحطم قلب ابنه كنوع من الانتقام أليس كذلك؟؟ "



رد عليها فارس بلهجة خاوية من أي ملامح " ربما "

صرخت ريتا " لكن ما ذنبها البنت !! .. لماذا تدخلها في انتقامك ومشاكلك مع صفوت عظمة !! .. هذه ليست اخلاقك أبدا يا فارس.. أبدا "



أدار رأسه للخلف ليناظرها بعند وقال ببرود " تلحون علي بالزواج .. وها أنا أنفذ رغبتكم "“

××××



في المساء :



مالها أيامها باتت غريبة !..

وأصبح اليوم الواحد يُخرِج لها من جعبته الصدمة تلو الأخرى..

الصفعة تلو الصفعة ..



هي التي عاشت حياة رتيبة هادئة .. أضحت الارض تتزلزل من تحت قدميها متكسرة منذ بضع سنوات .. وبالتحديد منذ تلك الضربة القاصمة التي أصابت والدها في البورصة ..



غير أن ما يحدث معها منذ شهرين فاق التصور..

فاق الاحتمال .



مرض والدها..

افلاس عائلتها الوشيك ..

الديون والديانة..

خيانة لؤي لها .. وانفصالهما ..

وخوفها على والديها ألا يتحملا تلك الصدمات التي تتوالى فوق رؤوسهم..



بالإضافة لتلك الوجوه التي انكشفت ملامحها الحقيقية من حولها ....



لكن ما كانت تقوله لها أمها في هذه اللحظة.. فاق التخيل .. ليتضخم ذلك الشعور بالقهر الذي ينمو متسللا بخبث بداخلها ..

هتفت مصعوقة من تغير موقف أمها " ماذا تقولين يا مماه !!! .. ألم يكن ذلك الرجل في رأيك مبلط رخام جاهل .. الآن تحاولين اقناعي بأن .. بأن .. (وابتلعت ريقها واكملت بصوت مبحوح وقشعريرة تسللت إليها ) بأن اتزوجه !!"



ردت شويكار بلهجة عملية " انصتي يا كارمن .. أنا أعترف بأنه دون المستوى اجتماعيا وثقافيا .. لكني حين فكرت قليلا .. وجدت أن الواقع يفرض علينا أن نقبل برجل على استعداد لمساعدتنا .. كما انك ستحافظين على مستواك الاجتماعي كما عشت طيلة حياتك .. لذا عليك أن تفكري بطريقة عملية .. واتركي أمور الحب هذه للروايات التي تقرئينها .. فهذا لا يحدث في الواقع .. انظري لعلاقتك بلؤي وكم من عمرك ضاع في انتظاره .. أين هو الآن؟؟ ..يخطب فتاة أخرى"



اتسعت عينا كارمن بصدمة وقالت بصوت متحشرج " لؤي خطب !!"

اشاحت شويكار بوجهها وردت بغل وهي تهز ساقها وتطرق بمقدمة حذائها على أرضية بهو الفيلا " أجل اليوم حفل خطبته على ابنة شريك صفوت عظمة .. ويقيمون احتفالا ضخما الآن .. بينما نحن هنا غارقون في الديون غير قادرين حتى على أن نتنفس ".



حدقت كارمن في الأرض تحاول استيعاب ما يحدث حولها..

الهزة الارضية من تحت قدميها عادت من جديد ..

عادت وبقوة .. تلقي في وجهها بصدمة أخرى ..



ماذا كانت تعتقد ؟ ..

أنه صادق في حبه لها ؟..

أنه سيظل بعدها عازفا عن النساء !! .

إن كان قد خانها وهما مرتبطان .. فما بال الآن ! .



اكملت شويكار بإصرار قاطعة شرودها " لهذا علينا ان نسرع في إعلان خطبتك بسرعة حتى نُشعِر ثريا بأننا لم نهتز شعرة وأنها لم تستطع النيل منا"



شعرت كارمن بالحنق من اهتمام والدتها كالعادة بما تفعله ثريا الفالح .. والرغبة الأثيرة لديها في منافستها .. فقالت معترضة " لكن يا مماه هذا الرجل أكبر مني بعشر سنوات .. وجاهل.. ومن مستوى شعبي مختلف تماما عن الوسط الذي عشت فيه .. أليس هذا كان كلامك !"



ردت شويكار بنفاذ صبر شاعرة بغباء ابنتها "أجل قلت ذلك .. وقلت أيضا منذ قليل أن للضرورة أحكام .. بالله عليك هل تجدين مخرجا آخر لما نحن فيه غير تلك الفرصة ؟!.. ألا تعتبرين نفسك تتحملين ولو قدرا من المسئولية فيما وصلنا إليه الآن في أن نضطر لقبول زيجة بهذا الشكل؟!!!".



صاحت كارمن بصدمة " أنا مماه !!! "

ردت شويكار بعصبية " أجل أنت .. لقد فشلت في الايقاع بأحد ممن قابلتهم في الحفلات التي كنت أقيمها أو نتردد عليها كثيرا .. حتى لؤي .. فشلت في أن تجعليه مخلصا لك .. فشلت في اقناعه بأن يساعدنا في أزمتنا المالية"



فشل ..

فشل ..

فشل..

اعتصر الألم قلب كارمن من أن تنعتها والدتها بالفاشلة شاعرة بأنها عبء على أهلها وليس عضو فعال .. بينما اكملت شويكار بانفعال وهي تشيح بيديها بعصبية غير قادرة على تحمل المزيد من الخيبات " تقولين أنه جاهل سأقول لك تعليمه متوسط وليس أميا .. وهذا إن فكرت فيه بإيجابية سيكون نقطة في صالحنا إذا ما ضغطي على عقدة النقص لديه وجعلتيه كالخاتم في اصبعك"



رفعت كارمن حاجبيها الجميلين تهتف باستنكار " هذا الرجل !! .. بهذه الهيبة المخيفة كيف سيكون خاتما في اصبعي مماه!!"

انزلت شويكار ذراعيها وضربت على جانبيها بخيبة أمل قائلة " ستظلين خائبة لا تحسنين الاعيب البنات (ونظرت للسماء تقول بيأس ) الصبر من عندك يا الله"



شعرت كارمن بالضيق من أنها أوصلت والدتها لحالة من اليأس فسألت بارتباك " وإن لم استطيع أن اجعله كما تقولين؟"



ردت شويكار وقد لمعت عيناها بنظرة ماكرة " لا توجد مشكلة .. وقتها هذا سيكون داعما لنا في طلب الطلاق باستحالة التفاهم بينكما بسبب الاختلافات التي ذكرتها .. وأنك حاولت وفشلت "

رددت كارمن مصعوقة " الطلاق؟!!"



ابتسمت شويكار وقالت بلهجة ذات مغزى " أجل الطلاق .. فليست كل الزيجات تستمر .. ( وتأملت وجه ابنتها الممتقع فأكملت ) لا تقلقي سأكون معك خطوة بخطوة "

شعرت كارمن بالغثيان .. فلم تتوقع ابدا أن يصل تفكير والدتها لهذه الفجاجة فقالت تقارعها " لا أستطيع التخيل كيف سيكون التواصل بيني وبين هذا الرجل !"



صاحت شويكار بعصبية " انت من فعلت بنفسك هذا.. فبرغم شهاداتك وما تتقنينه من لغات لم تفلحي لا في الايقاع بعريس مناسب ولا بخلافة والدك بالشركة .."



صاحت كارمن مدافعة " أنا لا أستوعب الارقام الكبيرة .. ولا أفهم في بورصة الاسهم لكني .. لكني استطيع أن انجز أعمالا أخرى مكتبية أو ابتكارية"



أشاحت شويكار بيدها يائسة وقالت بإرهاق " اذهبي من أمامي الآن يا كارمن واتركيني .. فرأسي سينفجر من التفكير".

تألم قلب كارمن وهي تشاهد والدتها تتحرك لتجلس بإرهاق على الاريكة وتدفن وجهها في كفيها تبكي .. فأسرعت إليها لتقول بجزع " مماه هل تبكين !!."



رفعت شويكار وجهها الغارق في الدموع وهتفت " لم يعد بيدي شيئا لأفعله لينقذنا من ورطتنا .. مجوهراتي بعتها.. هي وكل مقتنياتي الثمينة التي ورثتها عن أجدادي الباشوات .. والفيلا مرهونة ولو لم نجد حلا لدفع الرهن سنلقى في الشارع خلال أيام .. وعاصم سيخضع لجراحة خطيرة مساء غد .. والله وحده يعلم إن كان سيخرج منها أم سيتركنا وحدنا في هذه الكارثة.."



لم تصدق كارمن..

لم تصدق أنها ترى والدتها تبكي ..



فهذه هي المرة الأولى التي ترى فيها شويكار الشبكشي تبكي بالدموع .. حتى عند وفاة والديها لا تذكر أنها رأتها تبكي عليهما أبدا ..



مسحت شويكار دموعها بسرعة ومدت يديها أمامها وأكملت بنحيب " انظري .. ظفري تكسر ولم استطع الذهاب لصالون التجميل .. ولأول مرة افكر كم سأدفع قبل أن أنوي شراء أي شيء .. تخيلي أنا في هذا العمر أهان بهذه الطريقة .. ( ووضعت كفها على رقبتها تكمل ) أشعر بالاختناق .. بأني سأموت قريبا .. فأنا لن أتحمل الذل والمهانة أبدا ولن أتحمل عيون الحاقدات عليّ اللاتي سيشمتن فيما سيحدث لي "



انتفضت كارمن تحيط والدتها بذراعيها وتقول بلوعة " لا تقولي هذا الكلام مماه أرجوك ".



قالت شويكار وهي تمسح دموعها وتحاول أن تستعيد رباطة جأشها المعهودة " اذهبي واتركيني يا كارمن فأنا متعبة جدا (واستقامت تجر قدميها نحو السلم الطويل المؤدي للطابق العلوي حيث غرف النوم ..واكملت ) عليّ أن استيقظ مبكرا لدي موعد هام صباح الغد في الجمعية"



قالت كارمن " ومن سيبيت مع بباه ؟ .. ألم تخبريني أنك ستبيتين معه الليلة ؟!"

اشاحت شويكار بيدها وهي تصعد درجات السلم بظهر محني وانهاك ولم تجيب فأسرعت كارمن تقول " حسنا سأذهب إليه وابيت معه أنا "



تمتمت شويكار وهي مستمرة في الصعود " افعلي ما تريدين .. وإياك أن تخرجي من غرفتك مرة أخرى بالمنامة بهذا الشكل .. لست في سوق الخضار .."



نظرت كارمن لمنامتها الحريرية وردت بحرج " أنت من استدعيتني على وجه السرعة مماه "



التفتت شويكار تحدجها بنظرة نارية من علو وردت بالإنجليزية " حتى لو كان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بنفسه من طلبك للحضور فورا لا تخرجي بمنامتك يا آنسة فهي فقط لغرفة النوم .. هل هذا الكلام جديدا عليك ؟!"



اطرقت كارمن برأسها في حرج بينما استدارت شويكار تكمل طريقها في الصعود ..

فتسمرت كارمن مكانها شاردة تفكر فيما قالته والدتها بشأن ذلك الرجل وباغتتها قشعريرة الخوف من جديد .


يتبع







Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 01:02 PM   #47

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الثاني 2



صباح اليوم التالي :



فاشلة ! ..

انها فاشلة بالفعل ..

ماذا تفعل في هذه الحياة ؟.. فالفتيات إما ان ينتظرن الزواج بشغف أو لديهم طموح عملي للاستقلال وتحقيق الذات .. ومنهن من تملك كليهما..



لكن ماذا عنها؟ ..

إنها لم تفكر من قبل في أن تعمل .. ولم يكن لها أي طموح يخص ذلك .. ربما لإنها لم تجد سببا لذلك .. أو لأنها لم يكن لديها الفرصة والوقت للعمل.. أو لأنها حرصت على أن تحقق بعضا من طموحات والدتها لتفخر بها بعد أن فشلت في فهم عالم البورصة والارقام .. عالم والدها ..

لكن حين تفكر إلام وصلت .. تجد أنها لم تحقق شيئا .. وأن ما قالته لها شويكار هانم أمس كان صحيحا .

صحيحا جدا .



عادت كارمن لتجلد نفسها .. ماذا فعلت لتجعل والدتها تفخر بها ؟؟ .. هل كونها دمية جميلة رشيقة وانيقة تتحرك كالحلية في يد والدتها يعد إنجازا؟!!

ربما هي وحدها من تعتقد ذلك لأنها من تعرف كيف تبذل مجهودا يخالف طبيعتها المحبة للبساطة والتلقائية وعدم التكلف .. وكيف تتوق للهدوء والوحدة .. وترهقها التجمعات الكبيرة ذهنيا وتستنزفها عاطفيا ..

لكن ..

أين الانجاز هنا؟؟؟..

ماذا حققت لوالديها اللذين ليس لديهم سواها؟؟ .. بم اسعدتهم؟..



هل حققت حلم والدتها في أن تكون نجمة مشهورة في سماء التمثيل أو أيقونة سنيمائية راقية كممثلات الزمن الجميل؟!!..

لقد فشلت في تلك المرات التي ذهبت فيها لاختبارات التمثيل وهي صغيرة فشلا ذريعا بسبب ارتباكها وخجلها.. وربما عدم ثقتها في نفسها وقتها ..



حتى تلك المرة التي استخدمت والدتها الواسطة حتى يتم اختيارها لدور طفلة في أحد الاعمال التليفزيونية الشهيرة .. ارتبكت ونسيت كل ما حفظته أمام الحشد الكبير الذي كان حاضرا في موقع التصوير من طاقم المسلسل .. برغم الاعادة أكثر من مرة .. حتى انها انهارت وبكت أمام الجميع بشكل كان مزريا ..



لم تنسى الكلمات القاسية الي قالتها لها والدتها يومها ..

لم تنساها ..

ولا تنسى مشاعر الحسرة التي تعلو وجه شويكار هانم حين تصادف ذلك المسلسل على التلفاز وترى الطفلة التي اخذت مكانها واصبحت الآن نجمة سينمائية ..

وكأن فشلها قد وثق في ذلك المسلسل للأبد ..



قطعت كارمن شرودها حين لمحت من نافذة سيارة الأجرة التي تستقلها في طريقها للجمعية لوحة اعلانية كبيرة لنفس الممثلة التي اخذت مكانها يوما في ذلك المسلسل .. تعلن عن منتج عالمي للبشرة ..

ابتسمت بمرارة وغمغمت لنفسها " لو رأت شويكار هانم هذه الصورة ستحزن كثيرا وتتحسر على خيبتك يا كارمن "



بعد قليل ترجلت من سيارة الأجرة وانقدت السائق .. بعد أن راقبت العداد طوال الطريق بقلق .. ساخرة من نفسها ..

فبعد أن كانت تتحرك بسيارتها الثمينة .. اضطروا لبيعها العام الماضي مع باقي سيارات العائلة .. وبقى معهم سيارة واحدة مرهونة تتحرك بها والدتها ..

أما هي فباتت تتحرك بسيارات الأجرة..



أخذت نفسا طويلا وهي ترفع ناظريها لتتطلع في مبنى الجمعية الخيرية الشهيرة التي يساهم فيها العديد من رجال الأعمال والتي ترأسها والدتها حاليا ..ثم دخلت المبنى .



عليها أن تخبر والدتها بما قررته بعد سهرتها بجوار والدها في المستشفى .. لقد صلت طوال الليل وطلبت من الله العون والهداية للاختيار الصحيح.. وبمجرد أن أشرقت الشمس جاءت مباشرة من المستشفى الى هنا لتخير والدتها بين أمرين ..

أولهما أن تخرج شهاداتها المتراصة من الأدراج وتستخدم اللغات التي تتقنها في البحث عن وظيفة في أي مجال.. ليس بالضرورة أن تكون كل الوظائف تحتوى على أرقام وأوراق نقدية وبورصة ..

دعكت جبينها بيدها تغمغم في سرها " لكن ماذا ستعملين يا كارمن هذا هو السؤال .. لكن لنرى"



تحركت برشاقة نحو المصعد وهي تفكر بقلب مقبوض في الأمر الأخر الذي ستعرضه على والدتها ألا وهو موافقتها على الزواج من ذلك الرجل..



فبعد تفكير عميق وجلد للذات طوال الليل قررت أن عليها أن تضحي من أجل عائلتها .. فإن كانت سعادتها ستكون مقابل سعادتهم .. فستختار سعادتهم بدون شك .. لذا قررت أن تخير والدتها بين الأمرين إما أن تعمل أو تتزوج ..

متمنية أن تختار والدتها الاختيار الأول .. رغم أنه الأصعب ..

×××××





قبل قليل في مقر الجمعية الخيرية:



دخلت احدى المساعدات مكتب شويكار تقول بغيظ" ثريا هانم اعلنت حرب الانتخابات مبكرا"

رفعت شويكار رأسها عن الأوراق أمامها وابعدت نظارة القراءة عن عينيها لتسأل باهتمام "ماذا فعلت مجددا؟"



ردت مساعدتها بانفعال" حضرت منذ قليل توزع الشيكولاتة بمناسبة خطبة ابنها .. وبعض العضوات ظللن يتهامسن متفاجئات أن العروس ليست كارمن السيوفي فردت عليهن ثريا هانم بأن ... (وتنحنحت بحرج).."



لم تعطيها شويكار فرصة لإكمال حديثها بل انتفضت من على كرسيها بعصبية وتحركت تضرب كعبي حذائها بغل في الأرض باحثة عن ثريا الفالح ..



بعد دقيقة اقتربت شويكار من غرفة الاستراحة فخففت من وقع خطواتها العصبية.. لتشاهد من الباب الموارب بعض العضوات يقهقهن وهن يشاهدن صورا من حفل الخطبة.. ويتشاركنها عبر الهواتف.. فقالت احداهن بإعجاب " لقد كان حفلا رائعا ثريا هانم يليق بعائلتي عظمة والفالح "



تكلمت ثريا بكبرياء وهي تجلس في المقعد الوثير " والد العروس أحضر لها الفستان من أرقى بيوت الأزياء الباريسية"



قالت امرأة أخرى بانبهار " صاهرتم أرقى العائلات مبارك لكم ثريا .. رغم أننا تفاجئنا بهذا الخبر ( وترددت قليلا تقابل نظرات باقي الحاضرات واكملت بخفوت ) كنت أتوقع أن خطبة الباشمهندس لؤي ستكون على كارمن السيوفي .. فقد كنا نعتقد...."

قاطعتها ثريا بلهجة متعالية وهي تعتدل في جلستها وتضع ساقا فوق الأخرى " لا أدري من أين وصلتكم تلك الإشاعة الغريبة .. اعتقادك غير صائب بالمرة عزيزتي .. فلؤي ابني لم يفكر في كارمن أبدا كزوجة .. كانت تجمعهما صداقة دراسة وعشرة عمر لا أكثر .."



تنحنحت المرأة ونظرت مجددا لصاحباتها ثم قالت بإصرار "لكننا اعتقدنا أن .... "



قاطعتها ثريا بحزم" كما قلت لك .. لؤي لم يكن ينوي أبدا أن يرتبط بها .. وبصراحة ( وتنحنحت بدورها تتصنع الحرج لتقول بالإنجليزية) آسفة لأن اقول هذا ( واكملت بالعربية ) هي من كانت تطارد ابني في كل مكان وفي كل وقت .. ولؤي كان متحرجا منها .. لكني أخبرته أنها ليست مشكلته أبدا في أنها تحبه ..واشك أن هي وأمها من نشرا شائعة رغبة ابني في الزواج بها "

اقتحمت شويكار الغرفة صائحة " من التي كانت تطارد ابنك يا ثريا؟؟؟؟"



اشاحت ثريا بوجهها بكبرياء.. فكررت شويكار سؤالها بإصرار "من التي كانت تطارد ابنك ( وأكملت بالفرنسية ) تكلمي ثريا "

ردت ثريا بالفرنسية بلهجة متحدية " ومن سيستفيد من نشر شائعة كهذه إن لم يكن من جانبكم؟؟"



تكلمت شويكار بالعربية حتى يفهمها الجميع " اسمعي يا ثريا هانم.. أي تنافس بيني وبينك على رئاسة الجمعية أو على أي أمر آخر أخرجي منه ابنتي ( وتكتفت لتكمل متهكمة ) أم انك لا تملكين ما تقنعي به مجلس الادارة للتصويت باختيارك إلا بالنيل من سمعة ابنتي !! "



تحركت الأعين بينهما بترقب لجولة جديدة من المشاحنات بين المرأتين .. وسؤال حماسي يدور في الأذهان .. أي منهما ستفوز على الأخرى؟ .



بينما أطلقت ثريا ضحكتها ساخرة واستقامت لتقترب من شويكار بخطوات أنيقة واثقة .. ثم وقفت أمامها تطالعها بنظرة تحدي قائلة " أنا اقترح عليك الاعتذار عن الفترة البسيطة المتبقية لك في منصبك يا شويكار .. واستغلي وقتك التطوعي هنا للبحث عن عمل يدر عليك بعضا من المال عزيزتي ( ومالت عليها تقول بهمس مسموع) أو أقترح أنا على مجلس الإدارة في اجتماعه القادم العدول عن شرطه في ألا يتقاضى رئيس الجمعية أي راتب ويأمرون لك براتب شهري فأنا اعرف ظروفك المادية جيدا هذه الأيام يا مسكينة"



تملك الغضب والحرج من شويكار لكنها لجمت مشاعرها بقوة لتحتفظ بوجهها جامدا أمام ثريا الفالح التي ابتعدت تراقبها بابتسامة متشفية بينما ردت الأولى وهي ترفع سبابتها محذرة "ابتعدي عن حياتي الشخصية يا ثريا أنا احذرك .. فهذه ليست منافسة شريفة أبدا"



اطلقت ثريا ضحكة متهكمة وهي تتجول بناظريها في الوجوه المتابعة بإثارة النزال بينهما .. ثم قالت ساخرة " منافسة شريفة!! .. تطالبينني بالمنافسة الشريفة !!.. من ؟؟ أنت !!!.. شويكار الشبكشي تطالبني بالمنافسة الشريفة !! .. أنسيت ماذا فعلتِ لتفوزي أول مرة بهذا المنصب ؟؟!!.. أنسيت ليلى بدران التي تلتزم بيتها مقهورة منذ سنوات .. بعد أن نشرتِ خبر أن ابنها مدمن لتفوزي أمامها بثقة مجلس الادارة !! .. حتى اضطر ابنها للهرب خزيا مما تسبب فيه من فضيحة لأمه ولعائلته العريقة.. ولشعوره بالذنب كنتِ أنتِ الأولى بالشعور به.. حتى سقطت ليلى المسكينة مريضة .."



ارتعشت مقلتي شويكار بارتباك لكنها حافظت على ملامحها صلبة .. بينما اقتربت ثريا منها لتكمل بغل" لا تتكلمي عن المنافسة الشريفة يا شويكار .. فأنت آخر من يعرفها .. وابتعدي أنت وابنتك عن ابني .. ولا تحاولا فرض شباككما عليه .. فهذا لا يليق بك يا... حفيدة عبد الفتاح باشا .."

تجمدت كارمن بالقرب من باب الغرفة مصدومة مما سمعت وقد تذكرت ليلى بدران .. الرئيسة السابقة للجمعية من سنوات مضت لكنها لأول مرة تسمع بما قالته ثريا ودور والدتها فيما حدث لليلى هانم ..

أحست بالدوار ..

بأن الهزة الأرضية من تحت قدميها قد عادت من جديد ..



لكنها انتبهت حين سمعت أمها ترد بثقة على ثريا " بل أنا من يطلب منك أمام الجميع أن يبتعد ابنك عن ابنتي ويكف عن الاتصالات المتكررة بها.. وإن كنتِ لا تصدقين تستطيعين أن تستخدمي علاقاتك في الحصول على سجل مكالمات هاتف ابنك لتعلمي كم مرة اتصل بابنتي ولم ترد عليه .. ومن الممكن أيضا أن تسألي أمن المستشفى الذي يرقد فيها عاصم لتعرفي أن ابنك قد زارنا منذ أيام وأن كارمن قابلته في حديقة المستشفى بسبب إلحاحه المستمر .. "



راقبت شويكار وجه ثريا الممتقع والتي قالت بصوت مهزوز " هل وصل بك الحال للافتراء على إبني يا شويكار !! .. عموما ابني سيتزوج خلال شهرين لا أكثر ووقتها سأثبت أمام الجميع كذبك وأنه لا يفكر في ابنتك مطلقا "



اقتربت شويكار وقد شعرت أنها قد نالت منها لتقول بفحيح " كما قلت لك يمكنك ان تتأكدي بسهولة .. (واندفعت لتقول بدون تفكير تجاريها في التحدي ) وان كان ابنك سيتزوج خلال شهرين .. فابنتي ستزف لعريسها قبل زفاف ابنك.. أعدك بذلك .. لأثبت للجميع أن ابنتي لم تفكر في ابنك مطلقا .. وأكررها يا ثريا أمام الكل.. ابعدي لؤي عن طريق كارمن حتى لا يثير حفيظة خطيبها فهو يغار عليها بشدة وأخشى عليه منه.."



ضحكت ثريا ضحكة صفراء متفاجئة وردت " ماذا ! .. هل ستزوجينها لثري عربي فوق السبعين حتى ينقذكم من ورطتكم أم من موظف درجة سادسة يليق بحالتكم المادية الحالية والتي لازلت تدعين أنها مجرد إشاعات ؟" .



تماسكت شويكار وأجابت " أجل كارمن تقدم لها عريس لكن لن أبوح بهويته حاليا "



تكلمت ثريا بإغاظة وهي تنظر للمراقبات حولهما " ترى من هو العريس الغامض؟ .. أستبعد الاختيار الأول .. ( ونظرت لشويكار نظرة ذات مغزى لتقول ) رغم أني أتوقع منك أي شيء يا شوشو .. لكني استبعده الآن .. فلو كان ذلك حقيقيا لتحسنت حالتك المادية ولتمكنتِ من الذهاب لصالون التجميل لتعدلي أظافرك المتكسرة يا هانم ".



راقبت كارمن وجه والدتها الذي تحول للأصفر .. وقد تقبضت بحركة لا إرادية تخفي أظافرها خلف ظهرها .. فتألم قلبها .. وأشفقت عليها جدا ..

فشويكار الشبكشي تتحمل أي شيء إلا أن يمس مظهرها وأناقتها .. فاندفعت تقتحم الغرفة صائحة " الحقيقة أن أمي لا تفكر في أظافرها وأناقتها حاليا قلقا على والدي وحالته الصحية.. ( ونظرت لوجه والدتها الشاحب كالأموات وأكملت) لمَ تخفي هوية خطيبي يا مماه؟ .. فالخبر الذي سيتم إعلانه آجلا فلنعلنه عاجلا لنثبت لثريا هانم أنني لا أفكر في ابنها مطلقا وأنه لم يكن إلا صديق تربيت ونشأت معه "



تطلعت فيها شويكار متفاجئة وتحولت تلك النظرة للامتنان رغم أنها لم تكن تعي عمن تتكلم كارمن بالضبط لمعرفتها برفضها لفارس سعد الدين .. فابتسمت كارمن لامها مشفقة ومنحتها نظرة مشجعة وهي تراقب يدها التي مازالت تخبئها خلف ظهرها ..

تدخلت احدى المشاهدات وقد بلغ بها الفضول مبلغه لتقول " هل خُطِبتِ أنت أيضا يا كارمن ؟"



تصنعت كارمن ابتسامة تتقنها جيدا لتستدير للمرأة وتقول ببساطة" أجل يا ( تونت ) .. وكنا ننوي أن نعلن الخبر بعد أن يجري أبي عمليته الجراحية.. لكن لا مشكلة من إعلانه الآن أمامكم ( ونظرت لوالدتها التي بدأت تسترخي ملامحها فتأبطت ذراعها تقول وهي تناظرها بعطف ) خطيبي هو ( وابتلعت ريقها تداري ارتجافها وأكملت) فارس سعد الدين رجل الأعمال حديث الساعة ".



تعالى الهمس وبعض الهمهمات المتفاجئة .. بينما رفعت ثريا حاجبا وقالت بشك " فارس سعد الدين صاحب مصنع الرخام والسيراميك ؟"



ابتسمت لها كارمن ابتسامة صفراء وقد ازداد كرهها لتلك المرأة الماثلة أمامها .. بينما أكملت ثريا " انه أمّي على حسب معلوماتي لا يعرف القراءة والكتابة .. كما أن البيئة التي تربى فيها ( وغمغمت بالفرنسية ) يا الله ! "



ردت شويكار بكبرياء وقد استعادت قوتها وجبروتها " ما به فارس سعد الدين ! .. انه ليس جاهلا كما تقولين وانما استكفى بشهادة الثانوية العامة لأنه شعر أن الشهادة الجامعية لن تفيده بشيء .. (واكملت بلهجة ذات مغزى ) فالكثير ممن يحملون الشهادات لم يستطيعوا تحقيق القليل مما حققه هذا الرجل العصامي المعتز بأصله والذي لم يحاول أبدا ادعاء أنه من أصل مختلف "



رمشت كارمن بعينيها متفاجئة بطريقة والدتها في التلاعب بالكلمات لكنها تمسكت بتلك الابتسامة التي ترسمها على وجهها بقوة وهي تتأبط ذراع أمها في مشهد يوحي بالثقة والزهو لكليهما .. وهما أبعد ما يكون عن ذلك .. بينما أكملت شويكار " أنا شخصيا أخبرت عاصم الذي كان متخوفا من مصاهرته أن شاب عصامي كفارس علينا أن نكافئه بمصاهرتنا تتويجا لكفاحه في حياته .. خاصة وأنه ( ووضعت يدها على صدرها بحركة تمثيلية فاجأت كارمن التي اتسعت عينيها رغما عنها) المسكين غارق في حب كارمن وكان يائسا من موافقتنا "



اتسعت الأعين بانبهار بينما ابتلعت كارمن ريقها شاعرة بالغثيان يطبق على صدرها .



أما ثريا فردت بلهجة متهكمة " أشك فيما تقولين يا شويكار .. أنت تختلقين كل هذا حتى تحافظين على ماء وجهك أمامنا لا أكثر وستكتشف كذبتك أمام الجميع .. ووقتها ستكونين قد لففت حبل المشنقة حول رقبتك بنفسك "



بحركة لا إرادية لمست شويكار رقبتها شاعرة بالرجفة تسري في جسدها لكنها سرعان ما تماسكت لتقول " قريبا جدا سيكتشف الجميع من الذي يلف حبل المشنقة حول رقبته يا ثريا هانم .. ( وتحركت مغادرة وهي تقول ) علينا أن نذهب الآن فعاصم سيدخل غرفة العمليات مساء اليوم دعواتكم "



وتحركت بذقن مرفوع تترك ثريا التي وقفت تراقب مغادرتهما وقد تملك منها الشك والغيظ .. والرغبة في سحق شويكار تحت قدميها.

××××

في المساء:



هل ما يحدث حقيقة ؟.

كيف يكون بهذه السرعة ؟؟!!.

حين أخبرت والدها ظهر اليوم بموافقتها على الزواج من هذا الرجل .. لم تتوقع أبدا أن يُعقد قرانها في نفس اليوم !!!!..

أن تصبح زوجته في نفس اليوم ؟!!.



حضنت كارمن نفسها تمسد على ذراعيها بالتناوب وتسكت تلك الرعشة التي سرت ببدنها ..



يبدو أن الهزة الأرضية هذه المرة أسوأ مما قبلها .. فبمجرد أن أعلنت الموافقة كان والدها يتصل... بفارس الذي ظهر بدوره في غرفة والدها خلال نصف ساعة .. وتلا ذلك الكثير من المناقشات بشأن العمل في حضور المحامي .. ولم تفهم هل كانت مناقشات العمل تلك مرتبطة بموافقتها أم لا ! .. ليقترح فارس فجأة عقد القران قبل أن يدخل والدها غرفة العمليات !..



وما أثار دهشتها هو سرعة موافقة والدها وترحيب والدتها التي رغم عبوسها وتحفظها مع فارس رحبت بالفكرة !! ..



تملك كارمن شعور بالرعب لم تستطع التحكم فيه.. وكادت للحظة أن تغير رأيها .. لكن تلك الراحة التي لاحت على وجه والدها رغم شروده منذ أن ذهب فارس ليحضر المأذون لجّّمتها .. وأشعرتها بالحيرة .. فشجعت نفسها بأنها قد قررت المضي في هذا الأمر .. فتوقيته الآن او فيما بعد ليس له معنى ..

هكذا تمتمت لنفسها مرارا لتطمئن .



خيم صمت ثقيل على الغرفة لدقائق بمجرد أن خرج فارس مع المحامي لإحضار المأذون .

وبقي ثلاثتهم يتحاشون النظر في وجوه بعضهم البعض .. حتى تكلمت شويكار تقطعه قائلة" خطوة مطمئنة أن يقترح عقد القران قبل دخولك العمليات يا عاصم لعله خير "



تطلع إليها عاصم بصمت بينما أجبرت كارمن قدميها على التحرك وقالت تدعي اللا شيء " سأذهب للحمام "



اسرعت شويكار تقول بلهجة آمرة " أجل اذهبي وعدلي من مظهرك بقدر الإمكان .. وان شاء الله حين يخرج عاصم من المستشفى سنقيم حفلا كبيرا يليق بنا " .



حين غادرت كارمن غمغمت شويكار تفكر بصوت مسموع "للأسف ليس أمامنا حلا سوى ذلك .. وعلينا ألا نشمت فينا أحدا"

لم يرد عاصم بل ظل على صمته يتأمل الفراغ.. فتحركت شويكار تخرج للشرفة لتسحب بعضا من الهواء إلى صدرها وتفكر كيف سيقع خبر عقد قران كارمن كالصاعقة فوق رأس ثريا الفالح .. وكيف أن الاتفاقيات التي حدثت اليوم بين فارس وعاصم ستمنع السفينة من الغرق وستتحسن أحوالهم تدريجيا ً ..



حين عادت كارمن بعد أن بقيت قليلا في الحمام تحاول طمأنة نفسها بأنها تفعل ذلك تضحية من أجل سعادة والديها .. وجدتهم في انتظارها ..

الجميع في انتظارها ..

فارس والمحامي وأحد الأطباء كشاهد ثاني ومعهما المأذون .



فانكمشت صامتة في زاوية الغرفة تستمع لمراسم عقد القران وكأنها تستمع لآيات وأدعية حول قبرها ..

هكذا أحست ..

أنهم يقيمون مراسم لدفنها حية ..



تطلعت في ملامح فارس الجادة التي تميل للعبوس ثم اسرعت وابعدت ناظريها في خوف .. حتى اقترب المحامي منها لتوقع في الدفتر فهمست في سرها مع ارتعاش القلم في يدها " اللهم اني فوضت أمري إليك .. وتوكلت عليك .. فكن لي خير وكيل ودبر لي أمري فأنا لا أحسن التدبير " ثم سمت بالله ووقعت .



ابتعد المحامي فلاحت منها نظرة جانبية أخرى نحو فارس الذي لم ينظر إليها مرة واحدة منذ أن حضر ظهر اليوم ..



غريب هذا الرجل ..

غريب جدا ..

إن لم يكن راغبا في الزواج منها لمَ أقدم عليه؟!

وإن كان راغبا فيه لماذا لم ينظر إليها حتى؟! .



تلاشت كل افكارها واندهاشاتها حين دخلت الممرضة تطلب من والدها الاستعداد لغرفة العمليات .. فعادت كارمن للقلق على والدها .. وتناست كل شيء مؤقتا ..

تناست أنها أصبحت زوجة .

زوجة لرجل لا تعرفه .



بعد قليل كان الممرض يدفع سرير عاصم في الممر إلى غرفة العمليات فأسرعت كارمن إليه غير قادرة على التحكم في قلقها ومالت عليه تسند خدها على صدره وهي تغمغم ملتاعة " بباه .. سوف أنتظرك هنا "

ربت عاصم على رأسها وغمغم بضعف "حبيبة بباه .. سامحيني اذا كنت قد قصرت في حقك .. يعلم الله أن كل شيء حدث رغما عني .. وأن الأمر كله بيد الله "

قبلت كارمن يده ورأسه وهي تبكي .. فتحركت شويكار تبعدها قائلة بحزم " تماسكي قليلا سيخرج بالسلامة بإذن الله "



ابتسم عاصم ابتسامة واهنة بينما تحرك السرير يدفعه الممرض .. فتطلع إلى سقف الممر لا يعرف إن كان قد أحسن التصرف بالموافقة على عقد قران كارمن على فارس أم لا !



إنها تلك اللحظة التي تمر عليك أمام حائط سد .. فتقرر فيها أمرا بسرعة وأنت لا تعلم إن كنت تفعل الصواب أم تدخل في مغامرة غير محسوبة العواقب ..



وكأنك في اختبار يحتوي على أسئلة عويصة لكنك تخشى أن تترك ورقة الإجابة فارغة .. فتقوم بتخمين الإجابة لربما كانت صحيحة ..

انها تلك اللحظة التي تتمسك فيها بنسبة الواحد بالمائة نجاح .. وتراهن عليها بحياتك في لحظة يأس .



لقد كان قلقا من أن يتركها ويرحل أثناء العملية الجراحية ..

يتركها للديون وللديانة ..

يتركها للمذلة والمشقة ..

يتركها دون أن يسترها ..

ويتركها مع شويكار.. التي لن تتوانى في استخدامها للحصول على مكاسب لتمر من الأزمة التي يعيشونها ..



يعرف زوجته جيدا ..

وبعشرته الطويلة معها .. يعلم إلى أي مدى من الممكن أن تتطرف خاصة في ظل الظروف الجديدة الضاغطة ..



ويعرف كيف تحب كارمن والدتها وتنصاع لكل ما تطلبه منها..



حين ظهر فارس .. وشعر بالاطمئنان من جانبه متوسما فيه الأصل الطيب والرجولة .. رأى أن يطمئن على كارمن قبل أن يدخل لتلك العملية الجراحية ..

صحيح أن ما حدث خلال الساعات القليلة الماضية كان غريبا وغير تقليديا .. ويشعره بالشفقة على ابنته من أن تتزوج من رجل لا تعرفه جيدا .. لكنه لم يجد أي فرصة لتأجيل الأمر ..

أنه مرتعب ..

مضطر ..

يخشى ألا يخرج حيا من غرفة العمليات ..

فاستفتى قلبه وتوكل على مولاه .



في غرفة العمليات وقبل أن يحقنه الطبيب بالمخدر نظر لسقف الغرفة متمتما" اللهم انك تعلم أني لم أجد غير ذلك حلا .. وأني توسمت فيه خير .. اللهم اني استودعتك ابنتي يا من لا تضيع ودائعه .. اشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمد رسول الله"

بعدها أُغلقت عيناه لا إراديا .




يتبع



Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 01:03 PM   #48

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الثاني 3

بعد بضع ساعات :


تحركت شويكار في ممر المستشفى وقد بدأت تفقد صبرها .. بينما وزعت كارمن الوقت بين الأدعية والقراءة في المصحف .
أما فارس فكان يقف بعيدا يتحدث في الهاتف معظم الوقت حتى تعجبت كارمن في سرها من كل هذا الوقت في الاحاديث الهاتفية .. إن هاتفه لا يهدأ أبدا .


ولم تغفل عن الاثنين الذين يقفان بعيدا .. يتبادل معهما فارس بعض الكلمات من حين لآخر .. واحد منهما كان متوسط الطول رفيعا والآخر مكتنز العضلات كلاعبي كمال الأجسام ذا شارب ضخم يتدلى كالقوس على جانبي وجهه ..
عادت للتفكير في والدها الذي غاب بالداخل وتطلعت في مصحفها تكمل قراءة القرآن بقلب مخطوف.


على بعد خطوات وقف فارس موليا ظهره لكارمن وأمها واخرج من جيبه ورقة المأذون المؤقتة التي تثبت أنه قد عقد قرانه على كارمن السيوفي ! .


وعقد حاجبيه يحاول الاستيعاب.. ثم حك جبينه وأسرع بوضع الهاتف على أذنه من جديد .. ليأتيه صوت فريدة بعد ثوان تقول " نعم أبيه "
صمت قليلا ثم قال بصوت متحشرج " فريدة ضعي يونس معنا "
صمتت فريدة لثوان ثم قالت مستفهمة " لم افهم !"


قال فارس بقلة صبر" اجعلي يونس معنا في نفس المكالمة أنا لا اعرف كيف تفعلينها "
هتفت فريدة علامة على الفهم " آه فهمت تقصد مكالمة جماعية .. حاضر "
بعد ثوان أتاهما صوت يونس يقول " ضفدعتي ماذا تريدين؟ "


تكلم فارس بهدوء" اسمعني يا يونس "
فقال يونس مهللا "عم الشباب معنا أيضا .. حسبت أنها تطلبني في مكالمة جماعية لتعرفني على إحدى الجميلات لكني ساذج كالعادة .. فكيف بربك ستصاحب الجميلات ضفدعة"
ردت فريدة بغيظ " لن أرد عليك احتراما لوجود أبيه بيننا "
هتف يونس باستنكار " وحتى لو لم يكن الأبيه خاصتك موجودا .. لن تستطيعي فعل شيء يا ضفدع المستنقعات "
صاحت فريدة بوعيد " أنا لن أصبر عليك كثيرا يا يونس صدقني "


رد عليها يونس باستفزاز " ماذا ستفعلين ها ؟ ..أخبريني "
"اخرسااااااا "


قالها فارس بغيظ ثم التفت ينظر في الوجوه البعيدة التي رفعت انظارها نحوه باندهاش .. ليعود ويوليهم ظهره قائلا بغيظ هامس " اخرسا يا غجر واسمعاني لدي ما أريد أن أقوله .. ألا يوجد لديكما أي احترام لي "
قال يونس وقد استشعر تشنجه " ماذا بك يا كبير ؟"


تنحنح فارس ليقول" أريد أن أخبركما بشيء .. ( وتنحنح مرة أخرى ) يبدو .. يبدو أنني .. تزوجت "
ساد الصمت لبضع ثوان لتقطعه فريدة صائحة باندهاش " ماذا قلت يا أبيه ! .. ماذا قلت؟؟؟؟ .. زواج!!!! .. تزوجت ؟؟؟!!!! "
صاح يونس" اخرسي يا فريدة حتى نفهم "
تكلم فارس بهدوء " اهدئي يا فريدة فلا أريد أن تُصدم أمي بهذا الخبر دفعة واحدة وبشكل مفاجئ "


قال يونس "أخبرني أولا ماذا تعني بكلمة (يبدو ) ؟.. تزوجت أم لم تتزوج يا فارس ؟؟!! وكيف حدث ذلك فجأة بدون مقدمات .. وبدون أن تخبرنا ؟؟!!"


صمت فارس واستدار لينظر لكارمن التي مازالت تقرأ في المصحف وترفع انظارها من وقت لآخر نحو الباب البعيد آخر الممر .. بينما قال يونس متهكما" ماذا حدث يا فارس ؟ هل اسقتك العروس مشروبا اصفرا لتستيقظ فتجد نفسك متزوجا!! ( ثم صرخ بجزع ) هل استيقظت لتجد نفسك في السرير ممزق الملابس .. يا محظوظ.. أقصد .. يا مسكين ؟!!!"


شهقت فريدة ليصرخ يونس فيها "أخرجي من المكالمة يا فريدة هناك أمور بين أخ وأخيه يجب أن نتحدث فيها ( وعاد يوجه كلامه لفارس ) احك لي يا فارس يا ولدي ولا تخجل من شيء"
رد فارس بغيظ " اغلق فمك يا يونس فلا مزاج لدي لمزاحك "


هتف يونس " وماذا تفعل أنت الآن سوى المزاح ؟؟!! .. أخبرنا ما معنى عبارة -يبدو أني تزوجت - ( ثم اسرع يقول بلهجة خطرة) هل أجبرك أهل العروس على الزواج ؟؟!!!! أخبرني وسأرسل لهم رجالي( ثم شهق ليكمل) أم انك من غررت بالفتاة المسكينة فاعترفت البنت لأهلها وهددوك؟؟ .. خسئت يا فارس خسئت .. كيف تفعل هذا ببنات الناس؟؟.. "
رفع فارس وجهه للسماء يضغط على أعلى أنفه بيأس وإجهاد .. ثم قال من بين أسنانه " إن لم تصمت يا يونس سأسافر إليك لأخرج بلعومك من حلقك "


تكلم يونس مستدركا " حسنا .. حسنا سأصمت تفضل أكمل بعد عبارة (يبدو أني تزوجت ) الغريبة "


ساد الصمت لثانية قبل أن يقول فارس " هذا ما حدث بالفعل .. وسأطلعكم على التفاصيل فيما بعد المهم أني اتصل بكما لتفكرا سويا كيف سأمهد الأمر لأمي .. فبالطبع خبر مفاجئ كهذا سيبدو غريبا ولا أعرف رد فعلها "
سمع فارس جلبة خلفه فاستدار ليرى الأطباء يخرجون من غرفة العمليات وشويكار وكارمن متحفزتان فقال بسرعة " فكرا سويا كيف سنمهد الأمر لأمي ... سأعاود الاتصال بكما ..سلام ".


أغلق الخط واقترب منهم وهو يسمع كبير الأطباء يتحدث بالإنجليزية فلم يفهم.. وتحرج من أن يسأل .. لكنه ظل يتابع الوجوه بترقب .. وحين انفجرت كارمن في البكاء وجلست على أحد مقاعد الممر تدفن وجهها في كفيها سقط قلبه بين قدميه ..


لم يتخيل أنه سيتأثر حزنا على الرجل العجوز .. فبرغم حداثة التعارف بينهما إلا أنه شعر تجاهه بالألفة التي ذكرته بوالده رحمه الله .
غير أن كلمة ( شكرا ) بالإنجليزية التي قالتها شويكار مبتهجة وفهمها بسهولة أدرك أن العملية كانت ناجحة خاصة مع تلك الابتسامة المطمئنة على وجه كبير الأطباء الأجنبي .. فتنفس الصعداء شاعرا بالراحة .. بينما تكلمت شويكار بلهجة حازمة بعد أن غادر الفريق الطبي " كفى نحيبا يا كارمن .. تعلمين أني امقت الميوعة "


رفعت كارمن وجهها تمسح دموعها وهي تغمغم بالإنجليزية " آسفة مماه .. سأذهب لأغسل وجهي "


وتحركت مسرعة نحو الحمام الذي يبدو أنه بات الملاذ الوحيد لها في هذا اليوم الصعب والفارق في حياتها .. فأسرعت إلى الحمام وهي تغمغم في سرها " الحمد والشكر لك يا الله "


××× ××


صباح اليوم التالي :


زغرودة عالية طويلة انفجرت في وجه فارس حين دخل من بوابة الفيلا صباح اليوم التالي قطعتها الحاجة نفيسة صائحة بحزم " اسكتي يا خضرة علام تزغردين!"


ردت خضرة بسعادة " ألم يعقد فارس بك قرانه ؟!.. هذا يوم الفرح .. هذا يوم الهناء"
وأطلقت زغرودة أخرى عبست لها ملامح فارس فتدخل زغلول بحزم قائلا لزوجته " الحاجة قالت اسكتي يا خضرة!"


ردت خضرة بحبور" لا تؤاخذيني يا حاجة لا تؤاخذني يا فارس بك .. لن يوقفني احد اليوم عن التعبير عن فرحتي"


واطلقت زغرودة ثالثة وهي تتوجه ناحية المطبخ فشيعها زغلول بحاجبين مرفوعين ثم تبعها بغيظ .. بينما وقف فارس منهكا مجهدا بعد ليلة طويلة قضاها خارج غرفة عاصم بك حتى قررت شويكار وكارمن العودة للبيت .. فارسل معهما الشيمي وعاد هو وزغلول .


راقب فارس حبات السبحة العقيق تتحرك بعصبية في يد والدته الجالسة متربعة على الاريكة الانيقة في بهو الفيلا .. ثم رفع انظاره لفريدة الواقفة بجانبها يستشعر منها درجة ومستوى غضب والدته.. فنظرت له فريدة نظرة لم تطمئنه ثم قالت وهي تميل نحو الحاجة " ألن تباركي لأبيه يا أمي"


رفعت الحاجة انظارها نحو بكرها تتطلع فيه محاولة فهم سر ذلك الخبر المفاجئ .. تجاهد للغوص في أفكاره لمعرفة علام ينوي..
دوما هذا الولد غامض يصعب عليها تحديد مشاعره وانطباعاته .. خاصة بعد الحادث القديم ازداد غموضا وانغلاقا..



قلبها لا يشعر بالراحة .. يخبرها بأنه يسعى للانتقام رغم عهده لها قديما أنه لن يسعى إليه وتعود تكذب قلبها .. لهذا تكثر من الدعاء له بالهداية حتى لا يسعى خلف انتقام أسود قد يطيح بمستقبله وما شقي وتعب في بنائه في سنوات لم يعيشها بل سُرقت من عمره .
لم تعرف بعد أن سمعت الخبر بالأمس من فريدة .. كيف عليها أن تشعر ..


أعليها أن تفرح لأنه قرر أن يستقر وأن هناك امرأة ستدخل حياته أخيرا .. تواسيه .. تطيب جراحه .. تنسيه الماضي المؤلم وتدفعه نحو المستقبل؟ .
أعليها أن تفرح لذلك ؟..
أم تقلق وترتاب لهذه الزيجة الغريبة المفاجئة؟؟!! .


لكنها ردت بلهجة موبخة " علام أبارك له؟.. هل قابلت أنا العروس؟ هل وافقت عليها؟ .. هل زرت أهلها ؟ هل أعرفهم حتى أبارك له !!"
تنحنح فارس وقال" كما قالت لك فريدة يا أمي .. كنت أنوي إخبارك لكن والدها أخبرني بموافقتهم صباح أمس .. وكان سيخضع لعملية جراحية في القلب .. وقد رأيت أن أُُطََمئِن الرجل بأنه قد زَوّج ابنته الوحيدة قبل أن يدخل غرفة العمليات .. والأمر حدث بسرعة صدقيني أنا نفسي غير مستوعب حتى الآن"


صمتت الحاجة نفيسة تتأمله في محاولة يائسة لسبر اغواره المظلمة الشائكة .. ثم اشاحت بوجهها واستغفرت بالتزامن مع تسارع حبات السبحة في يدها مغمغمة " استغفر الله العظيم لولا أني أعرفك جيدا لقلت أنك قد انزلقت معها في .... استغفر الله العظيم يا رب "


رفع ناظريه للسماء مستغيثا يغمغم " ليس يونس وحده من يملك أفكارا منحرفة في هذا البيت "
هتفت مستنكرة " بم تغمغم يا ولد أسمعني صوتك "
تنحنح ورد بإجهاد متمنيا أن ينتهي بسرعة من هذا التحقيق " لا شيء يا ست الكل.. لا شيء "
صمتت قليلا تسبح شاردة في حبات سبحتها ثم تنهدت ورفعت إليه وجهها تسأله باستسلام " هل هذه الفتاة هي التي تريد ان تكمل عمرك معها يا فارس ؟.. هل ترى فيها أما لأولادك المستقبلين ؟ .. "


احتل الغموض مقلتيه وأجاب بصوت صلب " أجل يا أمي "
صمتت قليلا تتأمله ثم علقت " فريدة أخبرتني أنها ليست محجبة لكني لن اتحدث في هذا الأمر رغم أنه لا يعجبني وأنت تعلم ذلك .. لكن ما دمت ترى فيها مستقبلك يا ولدي سأدعو لها بأن يعينها الله على الطاعة .. متى ستعرفني عليها؟"
تفاجأ فارس بالسؤال لكنه رد بسرعة " بمجرد أن تستقر أمور والدها يا أمي ( وتحرك مغادرا حتى ينهي الحديث ) سأعرفك عليها قريبا إن شاء الله"


صاحت فريدة بسرعة " أنتظر يا أبيه إلى أين ستذهب قبل أن أهنئك "
تباطأت خطواته وتمتم بإجهاد بمجرد أن اقتربت منه" فيما بعد يا فريدة .. فيما بعد حبيبتي أنا مجهد جدا وعندي اجتماع هام بعد ساعة عليّ أن أستحم وأبدل ملابسي لألحق به"
هتفت أمه من خلفه مستنكرة " هل ستذهب للعمل يا فارس !! ظننت أنك ستنام قليلا يا ولدي .. ألا يستطيع هذا العمل أن يتأجل "


أغمض فارس عينيه ورد متماسكا رغم شعوره بنفاذ صبره " لا أستطيع يا أمي صدقيني "
اعتدلت الحاجة في جلستها المتربعة على الأريكة الفخمة لتحوقل بعدم رضا بينما تعلقت فريدة برقبته وتمتمت بحنان " حسنا يا فروستي سأقبلك قبلة واحدة فقط كتهنئة وأؤجل باقي الاحتفال بابني المدلل لوقت لاحق "


لانت ملامحه قليلا وتأملها بعينين نصف مغلقتين إجهادا ثم مال نحوها بخده وابتسامة نادرة تحتل زاوية فمه ليقابلها في طريقها للوصول إليه على أطراف أصابعها .. فطبعت فريدة قبلة على خده الخشن لتقول مداعبة " ألف مبروك لابني حبيبي أحلى عريس "
غمغم بمحبة " شكرا حبيبتي .. ( ثم أضاف بلهجة متعجلة ) هل استطيع الذهاب الآن؟ "


اهدته ابتسامتها الحلوة وأومأت برأسها تفسح له الطريق .. فتحرك متعجلا ونفحة دفء قد أطلت على قلبه المتجمد .. بينما شيعته أنظارهما بقلق وعدم راحة .. والحاجة نفيسة تتمتم " هداك الله يا ولدي وأبعد عنك شيطانك وسدد خطاك "


بعد نصف ساعة كان فارس ينزل من الجناح الخاص به في الدور العلوي وهو يتحدث في الهاتف وقد تحمم وبدل حُلته وحلق ذقنه لكن الاجهاد بدا واضحا عليه وهو يقول في الهاتف " أجل ريتا لقد عقدت قراني على ابنته.. لم يكن مخططا له كما أخبرتك .. المهم دعينا من هذا الأمر أقول لك أن إجراءات بيع الشركة قد تمت .. أريد ذلك الموعد مع مدير البنك في أسرع وقت ..( عقد حاجبيه وهو يعبر حديقة الفيلا ثم قال ) ما بك يا ريتا لماذا تدققين في أمر زواجي دعينا نركز فيما هو أهم ..هل ستحضرين اجتماع مجلس الإدارة اليوم ؟ .. حسنا لا تتأخري سلام "


أغلق الخط وهو يركب السيارة بعد أن فتح له الشيمي بابها باحترام ثم اسرع ليجلس بجوار زغلول الذي انطلق بالسيارة فورا بينما ألقت ريتا بالهاتف بجوارها على السرير وغمغمت بلهجة متألمة " ألهذه الدرجة أنت متلهف يا فارس !! .. فأنت لم تقم بأي صفقة من قبل دون دراسة متأنية .. هذه المرة أقحمت نفسك في مشاكل الرجل المفلس دون مبرر .. "


تحركت متثاقلة تغادر سريرها .. تنفض عنها ذلك الشعور بعدم الرغبة في الاستمرار في الحياة ليوم آخر .. ووقفت أمام المرآة تتأمل جسدها الذي على الرغم من سنوات عمرها الثلاثة والخمسين إلا أن كثيرات يحسدنها على قوامها وشبابها الذي تحتفظ به رغم عمرها ..
لكن ماذا يفعل الشباب بالقلب المثقل بالهموم والأوجاع والحسرة على ما فقد !..
ماذا يفعل مع الوحدة ! .



حاولت التعامل بشجاعة مع أمر علمت منذ سنوات أنه محسوما ألا وهو زواجه في يوم من الأيام .. لكن التهيؤ للخبر أهون كثيرا من حدوثه .. فقد اكتشفت للتو أن الأمر مؤلم ..
مؤلم جدا .


غمغمت ريتا بشرود مفكرة " ترى هل هذه اللهفة .. لهفة للانتقام .. أم
لهفة على العروس .. المحظوظة ! "



××××


بعد بضعة أيام :


تحركت الحاجة نفيسة متأبطة ذراع فريدة التي ابطأت حركتها لتتماشى مع حركة أمها الواهنة في ممر المستشفى وهي تقول " أشعر بالحرج يا أمي أن ندخل عليهم فجأة بهذا الشكل دون موعد سابق "
ردت الحاجة وهي تشيح بيدها بغير رضا " ما المشكلة لا أفهم .. أليسوا أصهارنا .. ألم يتصل بهم مكتب استقبال المستشفى يخبرهم بحضورنا"


تطلعت فريدة بقلق في هاتفها لترى إن كان فارس قد أعاد الاتصال بها بعد أن اتصلت به عدة مرات منذ أن أصرت والدتها على زيارة العروس وأهلها بالمستشفى لكنها لم تجد منه أي رد على اتصالاتها فقالت " يا أمي أخبرتك أنهم من طبقة مختلفة عنا وليس من اللائق أن نزورهم بدون موعد سابق "


قالت الحاجة بغيظ " ألم أطلب من أخيك مرارا أن نزورهم فكان يتحجج برقدة حموه بالمستشفى وأنه مشغول .. هل سأنتظر حتى يجد سعادة البيك رجل الأعمال وقتا ليعرف أمه على اصهاره .. هذا عيب والله عيب في حقنا"


شعرت فريدة بالتوتر في الوقت التي رن جرس الهاتف فتطلعت فيه بلهفة لكنها عادت للإحباط حين وجدت أن الاتصال من يونس فردت بهدوء " نعم يونس "


سألها " هل اقتنعت بعدم الذهاب ؟"
ردت باقتضاب " كلا "
سألها " وهل رد عليك فارس ؟ "
ردت " لا "


تمتم يونس " حاولت الاتصال به ولم يرد عليّ أيضا واتصلت بالشيمي فأخبرني أنه في اجتماع هام مع أحد رجال الأعمال المهمين هو وريتا .. أين انتما الآن؟"
ردت بالإنجليزية حتى لا تفهم الحاجة " في المستشفى اقتربنا من الدخول عليهم "
قال وهو ينهي المكالمة " حسنا تصرفي بطبيعية ولا تقلقي من غضب فارس هو يعلم كيف هي نفيسة ورأسها اليابس "


بعد دقائق دخلت الحاجة نفيسة بصحبة فريدة تلقي السلام فتطلعت فيهما كارمن بفضول وتوتر .. فمنذ أن أخبرهم مكتب استقبال المستشفى بهوية الزائرين وهي تشعر بالارتباك والمفاجأة .. فانشغالها بوالدها وحالته الصحية وشعورها بالصدمة من كونها أصبحت مرتبطة بإنسان لا تعرفه لم يمنحها الفرصة لأن تفكر في أهل فارس .. تذكر فقط أنها قد تلقت اتصالا من أخته التي تدعى فريدة هنأتها على سلامة والدها وعلى عقد القران.. تعدها بمقابلة قريبة .. لكنها لم تكن بكامل تركيزها أثناء ذلك الاتصال فقد كان والدها يتعرض لوضع صحي مقلق بعد العملية الجراحية لكنه قد مر بسلام .


تقدمت الحاجة نحو شويكار هانم وقد وقفت الأخيرة تطالعها بتعال راغبة في أن تقبلها على وجنتيها مرحبة لكن شويكار مدت يدها بحركة أرستقراطية تسلم عليها من بعيد متمتمة باقتضاب " أهلا يا حاجة "
رفعت الحاجة حاجبا اشقرا مستنكرا ثم منحت عاصم بك الراقد في سريره ابتسامة مشجعة فتمتم
بوهن " أهلا وسهلا بك يا حاجة .. تشرفنا بزيارتك "


ردت الحاجة " الشرف لنا يا حاج "
لكزتها فريدة فتطلعت فيها بارتباك لتحدجها الأخرى بنظرة مستنكرة فهمست الحاجة تقول" بم سأدعوه ! بالتأكيد لن يكون لقب( أبا كارمن ) لائقا أيضا !! "


ابتسمت فريدة للجميع ابتسامة مجاملة ثم ردت هامسة من بين أسنانها " بك .. عاصم بك "
تجاهلتها الحاجة ووقفت تستند على عصاها تتفحص تلك الفتاة الواقفة بحرج في زاوية الغرفة .. مسحتها بعينيها الزرقاوين الصغيرين من رأسها حتى أخمص قدميها قبل أن تقول " وهل هذه هي عروستنا أم أنا مخطئة ؟"


قال عاصم " أجل إنها ابنتي كارمن .. أعرف أنك لم تقابليها من قبل وأعتذر لذلك بشدة فأنت تعلمين وضعي الصحي "


ظلت الحاجة تتفحصها بتمعن .. شعرها البني الناعم وعيناها النجلاوان وقدها المتناسق في ذلك البنطال القماشي بتفاصيلها الأنثوية .. وبلوزتها القصيرة الأنيقة التي لم يعجبها قصرها ..


شعرت فريدة بالحرج من صمت والدتها المتفحص لكارمن .. وابتسمت لشويكار التي جلست على المقعد ترفع حاجبا مستنكرا تراقب الحاجة بامتعاض واضح .. مما زاد من حرج فريدة فمحت ابتسامتها وهمست لأمها " أمي! .. ماذا تفعلين؟؟ قولي أي شيء"
تكلم عاصم " تفضلي استريحي يا حاجة .. ( وتوجه لكارمن التي تتطلع منكمشة في أم فارس قائلا ) ألن تسلمي على حماتك يا كارمن "


تقدمت كارمن تداري ارتباكها وترسم ابتسامة جميلة تتقنها على شفتيها بينما تمتمت الحاجة وهي مازالت تتفحصها " أجل سأجلس .. لعن الله الروماتيزم .. بسم الله ما شاء الله .. لم أكن أعرف أن فارس لديه هذا الذوق الجميل في النساء "


اقتربت كارمن ومدت يدا رقيقة لأم فارس التي تشدها نحوها في جلستها على الكرسي لتقول " السلام على حماتك لا يكون هكذا"
مالت كارمن بفعل سحبها لتقترب الحاجة منها وتطبع سيلا من قبلات قصيرة وسريعة .. منغمة بصوت عال على وجنتها ختمتها بقبلة أخيرة شاردة عن سرب القبلات .. فاتسعت عينا كارمن باندهاش لكنها استقامت وهي ترفع شعرها خلف اذنها وتضحك ضحكة حقيقية هذه المرة .. شاعرة بدفء هذه المرأة وبساطتها المحببة .. بينما أكملت الحاجة وهي مازالت تقبض على كف كارمن في يديها " لم أقبل الوجنة الأخرى .. تعالي "


ضحكت كارمن ومالت تسلمها الخد الآخر .. لتقبلها الحاجة نفيسة بنفس الطريقة الغريبة على كارمن في التحية ..
رفعت كارمن أنظارها واستقامت لتسلم على فريدة الواقفة بجوار أمها وبدا الأمر بينهما مربكا حتى استقر على الاكتفاء بترحيب لطيف متحفظ بين الفتاتين ..


راقبت شويكار ما يحدث بقرف ثم اعتدلت على كرسيها تضع ساقا فوق الأخرى غير قادرة على استيعاب أن تكون هذه (الحاجة) حماة لأبنتها .. لاعنة للظروف التي اضطرتهما لذلك ..
تأملت عباءتها السوداء البسيطة .. ثم قيّمت ابنتها الواقفة بجوارها .. كانت ترتدي بنطالا من الجينز وبلوزة طويلة حتى ركبتيها وكأنها فستان قصير .. وقد بدا عليهما انهما من ماركة عالمية .. لكن اللمسة الشعبية افسدت الأناقة من وجهة نظر شويكار بذلك الوشاح الذي تلفه الفتاة حول رأسها كحجاب .. فمطت شفتيها بقرف تهمس في سرها " مهما اغتنوا وامتلأت جيوبهم بالنقود سيظلون من أصل وضيع .. وسيبقى ذا الأصل العريق شامخا بجانب قاماتهم القصيرة" ..


دائما ما تربط شويكار الحجاب بالمظهر الشعبي رغم أن كثيرات من صديقاتها من المجتمع المخملي من الأصول العريقة يرتدينه .. لكنها لا تستسيغ مظهره أبدا ..وتراه لمسه تفقد المرأة أناقتها .



همت كارمن بالابتعاد بعد أن تبادلت بعض العبارات القصيرة المجاملة مع فريدة التي بدت لها لطيفة وأنيقة وعصرية بشكل فاجأها بشدة .. حيث توقعت أن تكون فريدة بمظهر شعبي فوجدتها كأخيها الكبير أنيقة في مظهرها لكنها تختلف عنه في أنها لا تتكلم بلكنة شعبية مثله وإنما لهجتها عادية .


استوقفتها الحاجة نفيسة قبل أن تبتعد قائلة " إلى أين أنت ذاهبة يا عروس !!.. ألن تخضعي لاختبار حماتك أولا ؟"
عقدت كارمن حاجبيها بينما مدت الحاجة يدها في حقيبتها تكمل وهي تخرج شيئا " أحضرت بعض حبات من البندق مثل ماري منيب لأرى مدى قوة أسنانك "


اتسعت عينا كارمن مصعوقة ونظرت لأمها التي تحفزت في مقعدها ثم لفريدة التي ابتسمت لها ابتسامة متعاطفة محرجة وهي تجز على اسنانها وتهمس لنفسها " ستفضحنا نفيسة .. أين أنت يا أبيه ! "


بينما مدت الحاجة يدها لكارمن تقول "تفضلي "
حدقت كارمن بارتباك في يد الحاجة ثم رفعت حاجبيها الجميلين متفاجئة لتكمل نفيسة " هذه هدية بسيطة من حماتك .. فلم يتسنى لي أن أقدم لك هدية من قبل "


أخذت كارمن العلبة المخملية الصغيرة من يدها متفاجئة ثم فتحتها لتتسع ابتسامتها ضاحكة ليست من أجل الهدية ولكن من أسلوب المرأة الطريف .. بينما تطلعت شويكار باهتمام وفضول لتعرف ماذا بداخل العلبة .
أكملت الحاجة كلامها بابتسامة مليحة " هل صدقت أني قد اخضعك لاختبار البندق ؟؟؟ .. عموما لا مانع عندي إن أردت "


توردت وجنتي كارمن وهي تتطلع في الخاتم الألماسي شديد الرقة ثم تمتمت بالإنجليزية دون وعي " جميل جدا "
قالت الحاجة وهي تستند على عصاها " تكلمي معي بالعربية .. إلا اذا أردت ألا أفهمك مثلما يفعل يونس وفريدة معي .. يتحدثون أمامي بلغة أخرى حين لا يريدونني أن أفهم ماذا يقولون "


تطلعت كارمن لفريدة التي احمر وجهها حرجا ثم غمغمت بالعربية " أقصد جميل جدا .. شكرا لك "
علقت الحاجة " هذا ذوق ابنتي فريدة .. فهي بالطبع ستفهم ذوقك أكثر مني "
نظرت كارمن لفريدة نظرة شاكرة ثم مالت لتطبع قبلة رقيقة على خد الحاجة بلطف .


سألت شويكار بتعال "وهل تتحدثين الإنجليزية يا ... فريدة "
ردت فريدة ببساطة " أجل اتحدث الإنجليزية والفرنسية ويونس يتحدث الإنجليزية والفرنسية والألمانية "


تمتمت شويكار وهي تشيح بوجهها بعيدا " جميل حتى تعوضوا افتقار فارس لإتقان أي لغة "
رفعت أم فارس حاجبا أشقرا لتقول " فارس ولدي لم يكن لديه وقت ليتعلم في الجامعات .. كان ينحت في الصخر .. شقي وتعب من أجل أن يكون ما هو عليه الآن "


تنهدت شويكار وردت " مفهوم .. مفهوم "
بينما تحركت كارمن مبتعدة تشعر بالحرج والارتباك من فظاظة والدتها.
شدت الحاجة كم فريدة لتميل عليها فهمست " لماذا تلوي عنقها ( بنت سلطح بابا) هذه .. ألا يعجبها ولدي .. إن لم يكن يعجبها فلنفضها سيرة فهم لم يعجبوني أيضا"


ربتت فريدة على يدها وهمست " لاحقا يا أمي .. لا حقا نتحدث فلا يليق أن نتهامس أمام الناس "


تدخل عاصم بلطف " هدية قيمة يا حاجة سلمت يداك .. أريني يا كارمن الهدية "
تناولت كارمن الخاتم من العلبة وتحركت نحو والدها تريه إياه .. فتمتم بوهن" مبارك يا حبيبتي ذوق فريدة راقي جدا "


ابتسمت فريدة بحرج ليُسمَع طرقا حازما على الباب ويدخل بعدها فارس قائلا بصوته الرخيم " السلام عليكم "


اجفلت كارمن وارتبكت من ظهوره المفاجئ فسقط الخاتم من يدها ليتدحرج على الأرض حتى استقر بجوار حذاء فارس .. فمال الأخير يلتقطه واستقام يتطلع فيه لثوان ثم مد يده به لكارمن .. يحدق فيها بعينين صغيرتين حادتين وسط وجهه الجاد جعلها تطرق برأسها بارتجاف .. فتدخلت الحاجة هاتفة " لقد جئت في وقتك يا فارس .. ( وأكملت باستنكار ) ألن تلبسها الخاتم بنفسك !.."


فتحت فريدة كاميرا هاتفها وقالت بحماس " أجل يا أبيه ألبسها الخاتم "
تنحنح فارس ثم اقترب منها ببطء لترفع كارمن كفها بطريقة آلية هي الأخرى فادخل الخاتم في اصبعها بسرعة ثم نظر خلفها يقول " كيف حالك عاصم بك اليوم؟ "
رد عاصم " بخير يا فارس شكرا لك "


تنحت كارمن جانبا تفسح الطريق ووقفت تتطلع في الخاتم بمشاعر مختلطة لا تعلم أن كان عليها أن تفرح لأنه يتجنبها بشكل واضح ولا يثقل عليها بتقارب لن تتحمله بل ويتعامل معها برسمية لا تليق ( بزوجين ) أم تحزن من كونها ستظل مجرد ديكور جميل الشكل في حياة الأخرين ..


قال فارس بلهجة عملية " سأوصل الحاجة وأعود إليك عاصم بك فلدي أخبارا جيدة تخص العمل ( ونظر لأمه قائلا بلهجة ذات مغزى ) تفضلي يا أمي ستتأخرين على موعد دوائك "
اتكأت الحاجة على عصاها واستقامت تودعهم " ألف حمد لله على سلامتك يا أستاذ .. أقصد يا بك .. ( ونظرت لشويكار بامتعاض لتكمل ) ألف مبروك يا أم كارمن "


أمسكت فريدة بمرفق أمها تنبهها فأفلتت الأخيرة مرفقها من يدها بعند لتقول بكبرياء وهي تعدل حجابها " هيا بنا يا فارس يا بني .. استودعكم الله "


بعد دقائق في ممر المستشفى كان يونس يقهقه في الهاتف بينما الحاجة تتأبط ذراع فارس وقد سبقوا فريدة بعدة أمتار فقالت الأخيرة " تضحك ببساطة ! .. كنت سأموت من الحرج "


قال يونس من بين ضحكاته " نفيسة ومقالبها ! .. كلما أتخيل وجه العروس وقد صدقت أن أمك أرادت أن تختبر قوة اسنانها اضحك "


قالت فريدة وهي تسرع للحاق بفارس والحاجة وقد أصابها عدوى الضحك" صدقني اشفقت على الفتاة .. إنها رقيقة كالبسكوت .. وتلك المرأة المتعالية أمها امتقع وجهها حين لقبتها أمك بـ ( أم كارمن )"


عاد يونس يقهقه ثم تمتم " أعجبني أيضا لقب ( بنت سلطح بابا) لن تكف الحاجة (ناني) عن الشقاوة أبدا ( ثم سألها بعد أن هدأت ضحكاته ) هل تعتقدين أن تلك البسكوتة أعجبت امك ؟"


ردت فريدة مفكرة " أعتقد أنها اعجبتها وإلا لما أهدتها الخاتم (ثم سألته مغيرة للموضوع ) أخبرني أبيه أنك حجزت الطائرة على الخميس القادم "


تغيرت لهجته ليقول بعد تنهيدة " بإذن الله تعالى .. ( ثم غير نبرته ليقول بمرح ) اسمعي أنا حددت بالضبط الأكلات التي أريدك أن تحضرينها لي يوم الخميس .. كتبتها كلها على هاتفي سأرسلها لك حالا .. أذكر منها المحشي بكل أنواعه ومكرونة بالبشاميل .. و ذلك اللحم المقطع الصغير بالثوم الذي تطبخينه .. وأريد أيضا أرزا بالمكسرات .. صدور دجاج بانيه .. وبيكاتا بالمشروم .. و ..... "
قاطعته فريدة قائلها بلهجة منغمة كرسالة هاتف مسجلة " هذا الشخص غير متاح حاليا .. من فضلك لا تتصل به مجددا .. توووووت"
وأغلقت الخط تغمغم " من يعتقد نفسه ابن سعد الدين .. مَلِك سيام ! "
ثم دفنت هاتفها الذي يرن بإلحاح في جيب بلوزتها متجاهلة اتصالاته المتكررة واسرعت لتلحق بأمها واخوها .
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 01:04 PM   #49

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الثاني 4

الخميس :


تكلم الطيار في الإذاعة الداخلية يخبر المسافرين بقرب وصول الطائرة ويطلب منهم ربط الأحزمة .. فتأمل زياد عهد التي تنظر من نافذة الطائرة ببعض الوجوم تربط حزام مقعدها بحركة آلية ..


كلما تذكر أنها كانت تنوي البقاء في برلين حتى بعد أن قرر يونس العودة بسرعة بناء على أمر من أخيه.. يشعر بأن قلبه يكاد ينخلع من صدره .. يكفي أنها كانت تنوي البقاء مع يونس حين قرر هو العودة وحده .. وعلى الرغم من ثقته في أن يونس سيرعاها جيدا وسيحجِّم من طيشها .. لكن الفكرة في حد ذاتها .. فكرة الابتعاد عنها كانت موجعة ومرعبة .. حتى أنه فكر كثيرا أن يبلغ والديه بعدم رغبته في العودة للوطن لبعض الوقت .. لكنه تراجع حتى لا يحزنهم .. وحتى لا يهمل شركته الصغيرة كطفل مدلل .. فقرر قرارا مؤلما لقلبه بالعودة للوطن .. مع وعد بتوزيع وقته بين الوطن وبرلين حتى يستطيع الاطمئنان عليها ..


تأملها تجلس على يساره.. وجهها الأبيض وشعرها الكستنائي المموج حوله .. شاعرا بأن الثقل في قلبه يقتل أي شعور أخر بالفرحة بأنها انصاعت لضغطه هو ويونس بحتمية عودتها معهما .. لقد كانا معها حازمين واصرا ألا يتركاها وحدها كفتاة وحيدة في بلد أجنبي .. لكنه يعلم ما تخشاه جيدا بل ربما يكون هو الوحيد في هذه الحياة الذي يعلم بما تعانيه عهد الدهشان .. فعلاقتهما كل هذه السنين .. أصدقاء بنفس المدرسة ثم الجامعة جعله يطلع على بعض مما كانت تعانيه من غربة في بيت زوج أمها .. وكيف كانت علاقتها بوالدتها باردة فاترة وأنها لا تتحمل زوج والدتها رغم أنها لم تحك سوى القليل عن شجارها المستمر مع ذلك الرجل الذي كاد أكثر من مرة أن يتهور ويذهب ليضربه .. لكنه كعادته حتى في مراهقته كان عقله يتحكم في تصرفاته حتى لا يرتكب الحماقات .


زفر زياد شاعرا بالثقل في صدره .. هكذا هي عهد دائما عنيدة في تصرفاتها تؤلمه ظروفها .. لكنها طفلة من داخلها..
ماذا سيفعل الآن وقد أجبرها على العودة ؟
وكيف سيطمئن عليها .. حالتها تقلقه .


أخرجه يونس الذي يجلس على يمينه من شروده حين همس في أذنه ملقيا بتعليق وقح عن احدى المضيفات التي تتعمد التردد عليهما كثيرا باهتمام زائد عن الحد فكانا يقابلانه بالتفكه السري بعد أن تغادر .. فضحك زياد على ما قاله صاحبه الذي سرعان ما عاد ليرخي رأسه للخلف غارقا في أفكاره .. لا يقل شرودا عن عهد .. لكن هذه المرة لم يكن يعلم عما يدور في عقل يونس سوى القليل .. فهو كبئر عميق لأسرار يشعر أنها تؤرق نومه .. وربما هي سبب كوابيسه التي اعتاد بمرافقته له أن يسمعها منه أثناء النوم.


عند خروج ثلاثتهم من المطار بعد ساعة يستقبلون نسمات الوطن في صدورهم كان لكل منهم خلطة مشاعره وأفكاره الخاصة.
فيونس قتله الحنين والحب لعائلته .. يتملكه القلق والفضول من قرار فارس المفاجئ بالزواج بل وبهذه السرعة الغريبة في عقد القران ..
أما عهد فكانت تشعر بالاختناق .. تشعر بأن قلبها مقبوض وكأن للوطن أذرع كالإخطبوط ستستقبلها بالالتفاف حولها .. لتخنقها .. وتكسر عظامها .. بدون شفقة .



فتحركت بخطوات بطيئة تخرج من المطار وتتلفت حولها بين الدقيقة والأخرى لتتأكد أن رفيقيها خلفها .. لن يتركاها وحدها ..
قد لا يفهمها البعض ..



وخاصة هنا في الوطن .. حيث الأحكام المسبقة والقوالب الجاهزة لإصدار الأحكام ..لكنها تشعر بأنهما ..زياد ويونس .. عائلتها الوحيدة ..
صمام الأمان لها ..
راقيان .. متحضران .. لم تلق منهما إلا كل احترام ومودة .. ولم تشعر يوما معهما بأنها مهددة .. أو .. مستباحة .


كيف طاوعت زياد ورضخت لإصراره وعادت للوطن لا تعرف .. ألا يزال لديها أملا في يونس ؟ ..



هل تعتقد أنه قد يشعر بوجودها يوما ؟..
وإن لم يحدث.. كيف سيكون وضعها وكيف ستتحمل وجودها في بيت ( عبود )
ذلك الرجل الكريه زوج أمها ..


طمأنت نفسها تتحكم في توترها هامسة " فعلتيها يوما يا عهد وصعدت الطائرة إلى بلد أجنبي .. وتستطيعين فعلها ثانية إن لم تجدي الراحة هنا .. لكن هذه المرة ستصعدين الطائرة وحدك .. وتواجهين مصيرك وحدك بدونهما .. كما ستواجهينه بعد قليل حين تعودين لذلك البيت الخانق "



شهقت تطلب مزيدا من الهواء في صدرها المقبوض مندهشة .. أيعقل أن تشعر بتلك الغصة وذلك الخوف في وطنها ولا تشعر به في بلد أوروبي ؟!!.


لم يمنحها يونس فرصة للخوض في تحليل مشاعرها حين صاح مبتهجا عند رؤيته لزغلول والشيمي ينتظرانه بجوار السيارة ..فابتسما له في سعادة واسرعا إليه يحييانه ويسلما عليه بمحبة ودفء ..



قال الشيمي مبتسما من تحت شاربه الكث " ألف حمد لله على السلامة يا أستاذ يونس "
ضربه يونس على ذراعه المنتفخ بالعضلات بمحبة وهو يهتف بفرح طفولي " من أين جاءت (أستاذ ) هذه يا شيمي .. ألم أقل لكما مرارا أنني يونس .. يونس فقط .. ( ثم اقترب منهما هامسا يقول ) لا تصدقا خبر شهادة الماجستير هذه .. إننا ننول بها رضا الكبير لا أكثر ".


ابتسما كليهما بحرج ليضرب يونس على عضلات صدر الشيمي المنتفخة يقول بانبهار" ماذا تفعل يا رجل لتنتفخ عضلاتك هكذا !.. تعال يا زياد شاهد هذا المحظوظ كلما يأكل تنتفخ عضلاته أكثر .. بينما أنا وأنت مهما فعلنا في صالة الحديد نبكي بجانب العضلة الواحدة حتى تتنازل وتنتفخ سنتيمترا واحد "


اقترب زياد مبتسما يحيهما تاركا عهد الغارقة في قلقها ليقول زغلول مشيرا على زياد ويونس " لكنكما ما شاء الله عضلاتكما واضحة ومتينة وعنفوان الشباب يملأكما ( ثم حدج الشيمي بنظرة جانبية ليكمل بلهجة مستفزة متعمدة)
كما أن الأساس هو قوة العصب يا يونس فهناك عضلات منتفخة للزينة فقط لكن عند المواجهة يتحول الشخص لأرنب مذعور .. عندك أنا مثلا ليس لدي نصف ولا ربع عضلاته (وضرب على صدره بقوة ) لكن قلبي قوي من حديد"


رفع الشيمي حاجبا كثا ثم أمسك زغلول من ياقة قميصه وكأنه سيرفعه عن الأرض يسأله بلهجة خطرة " من تقصد بعبارة عضلات منتفخة للزينة ثم يتحول عند المواجهة لأرنب!!"


ابتلع زغلول ريقه بتوتر بينما انفجر يونس وزياد ضاحكين والتفت الأخير بحركة عفوية منه ليرى إن كانت عهد تضحك هي الأخرى.. فجاملته بابتسامة واهنة في الوقت الذي قال فيه زغلول مدعيا البراءة " لم أقصدك يا شيمي .. أنت حبيبي وصديق العمر "


ابتسم الشيمي ابتسامة راضية فظهر الضرسان الفضيان في فكه ليقول بعدها لزغلول بلهجة خطرة " اذهب وضع باقي الحقائب في السيارة"
ونظر ليونس يستفهم حول حقائب صاحبيه فقال الأخير " أجل ضعهما في السيارة سنوصلهما أولا ( وصمت قليلا ثم مال برأسه قائلا بتفكير ) بل سنمر على أمي أولا لنأكل كلنا ثم سنوصلهما إلى حيث شاءا "


ابدى زياد رفضه ونظر لعهد ليتفاجأ بالفرحة تكسو عينيها فلجم الاعتراض في فمه ليقول يونس بلهجة لا مبالية وهو يضع نظارته الشمسية الأنيقة على عينيه ويركب السيارة " كما تريدان .. عموما معنا الحقائب في السيارة فعودا لبيتيكما بدونها .. هيا انطلق يا زغلول ".


استدار زياد خلف السيارة متأففا وفتح بابها من الناحية الأخرى ليركب بجانب يونس ويتيح لعهد مساحة مريحة لتجلس بجواره.


لتنطلق السيارة بخمستهم تنهب الطريق حاملة قلوبا ..
انهكها الشوق ..
وفتتها القلق .


×××××


"نافيسااااااااه"


قالها يونس فاتحا ذراعيه بتهليل وهو يقتحم بهو الفيلا .. بينما تهرول والدته بوهن تساعدها خضرة وفريدة في التحرك في خطواتها الثقيلة المتعثرة بسنين عمرها وشقاء الماضي .. ليسرع إليها يونس يختصر المسافة حتى تتوقف عن الركض ويميل عليها يرتمي في حضنها ..


خلال ثواني .. كانت الحاجة نفيسة تجلس على الأريكة في صدر البهو ويونس مازال يمطرها بالقبلات .. وجهها ويديها وكتفيها ورأسها .. وهي غارقة في دموعها متمتمة بلوعة قلب أم مشتاق " يونس .. ولدي " ..
رفع وجهه ينظر لفريدة قائلا بمناكفة " كيف حالك يا عبد الجبار وكيف حال شواربك " .


أشاحت فريدة بوجهها بعيدا متكتفة بكبرياء تداري تأثرها بعودته أخيرا بعد ثلاث سنوات طويلة.. ولم ترد .. بينما ظل زياد واقفا عند باب الفيلا من الخارج ينتظر الإذن بالدخول ..
أما عهد فانكمشت في أول البهو بجوار الباب تتأمل يونس ووالدته .. فعادة ما تشعرها علاقة يونس وعائلته بالسعادة ..



هذه العائلة منذ أن عرفتها وهي تحسدهم على هذا الدفء الذي يسري بينهم ..
لقد قابلت والدته مرات قليلة من قبل في مناسبات متفرقة .. وسمعت عنهم الكثير والكثير من يونس ..


تأملت عهد ملابسها شاعرة بالارتباك ..
فلو كانت تعلم بأنها ستأتي مباشرة إلى هنا لارتدت ملابس أكثر حشمة .. فهي تعلم أن والدة يونس امرأة متدينة محافظة وتقليدية .


اختلست نظرة جانبية تتأمل فريدة التي تشاهد ما يحدث بين يونس ووالدته وتشيح بوجهها بين الحين والآخر لتمسح دموعا مصرة على التدفق .. فتأملت عهد وجهها الخمري المزين بحجاب وضع على ما يبدو بعجلة لحضور زياد المفاجئ مع يونس ..وملابسها الأنيقة المحتشمة .. ثم عادت تنظر لملابسها وبدأت بحركات خفية تمط في بلوزتها لتطيلها فتغطي أكبر قدر من وركيها المحددان في البنطال الجينز .


أما فريدة فتحركت نحو باب الفيلا المفتوح حين لمحت زياد واقفا .. وألقت في طريقها تحية باردة على عهد وكلتاهما تطالع الأخرى من رأسها حتى أخمص قدميها متزينة بابتسامة بلاستيكية فاترة ومجاملة ثم وقفت على الباب تقول بترحيب "كيف حالك يا زياد ؟"
اعتدل زياد في وقفته ليقول بتهليل وهو يثبت من نظارته الطبية الأنيقة " بخير يا وحش الشاشة وصاحب الصيت الدولي "
ضحكت فريدة برقة والتفتت ليونس تقول بتوبيخ " يونس نسيت ضيوفك "


بدا على يونس التذكر فاتسعت عيناه هاتفا " أدخل يا زياد ماذا تفعل عندك يا فتى ( وقال لوالدته ) هذه عهد الدهشان يا أمي بالطبع تذكرينها وبالتأكيد لن تنسي زياد وجدي "
مطت الحاجة نفيسة شفتيها تطالع عهد من رأسها حتى أخمص قدميها قبل أن تداري امتعاضها وتقول لعهد التي تقدمت نحوها بارتباك " أهلا بنيتي "


مالت عهد تقبل وجنتيها باحترام وهي تغمغم " اشتقت إليك يا خالة نفيسة "
ثم تراجعت بسرعة حين هللت الحاجة عند دخول زياد تقول " أهلا بالوجه السمح ابن الناس الطيبين "


كتم يونس ضحكته وتمتم وهو يرى زياد يتقدم ليقبل رأس الحاجة التي تطالعه بمحبة وحنان " قلت عليك ابن الناس الطيبين فلم يعجبك "
حدجه زياد بنظره نارية وتحرك ليجلس على الأريكة بجوار عهد التي همست له ببراءة " أتتضايق حين يخبرك بأنك ابن الناس الطيبين !"


تأمل زياد قبضتيها المضمومتين في حجرها متشنجة رغم السعادة التي لاحت على ملامحها منذ أن أصر يونس على حضورهما معه فدارى ضيقه ليقول " لا تركزي مع تعليقات يونس.. فهو يقصد معنى يختلف تماما عن المعنى الذي تقصده والدته "


لم تفهم عهد ماذا يعني بكلامه بينما قال يونس لوالدته " أتيت بهما لتطعمينا يا أمي اشتقنا لطعام الوطن ( ونظر لفريدة قائلا) ماذا ستطعمني من يديك يا عبد الجبار .. أنا متوقع مأدبة فخمة بكل ما لذ وطاب مما طلبته منك "
رفعت فريدة حاجبا وردت بكبرياء " ومن قال لك أني متفرعة لإطعام سيادتك .. "


لاحت نظرة خطرة في عيني يونس ليقول بلهجة مهددة " هذا الكلام لا يعجبني .. وصدقيني إن لم تكوني أنت من طبخت هذا الطعام لنتفت لك شعرك أمام الجميع "
ضربته أمه على كتفه موبخة " كف عن مناكفة المسكينة يا يونس"


انقلب وجه يونس فجأة ليقول بمسكنة طفل صغير معذب " تستغل ضعفي وقلة حيلتي وتتنمر عليّ يا أمي "
شهقت فريدة بينما قهقه الباقون فتدخلت خضرة الواقفة من بعيد تشاهدهم " والله البُنَيّة تطبخ منذ ليلة أمس وساعدناها أنا وشهد وشروق "


صاح يونس بلكنة الفلاحين مهللا " خاااااضرِة .. كيف حالك يا خااااضرِة اشتقت إليك.. وكيف حال زغلول معك؟ "
تحرجت خضرة فأمسكت بطرف طرحتها السوداء المعصوبة على رأسها لتغطي فمها وهي تتمتم ضاحكة " يسلم عمرك يا رب "
ثم اسرعت للمطبخ بوجه سعيد ..


بينما نظر يونس لفريدة متشفيا فيها .. فزفرت تتصنع الامتعاض ليكمل استفزازها الذي اشتاق إلى ممارسته عليها وجها لوجه " عفارم يا بنت عفارم .. الآن أنا راض عنك "


في المطبخ برطمت شروق الابنة الكبرى لخضرة وزغلول تقول " أجل الخدامين قاموا بالواجب وسهروا الليالي لإعداد مأدبة سعادة البك العائد من الخارج"


انفعلت خضرة وضربتها على ذراعها قائلة بتوبيخ " اغلقي فمك الذي لم يكف عن البرطمة منذ أن حضرت ليلة أمس يا شروق"
ردت شروق بحنق " لمَ تضربيني يا أمي؟!! .. أشعر بالغيظ أن آتي وأترك زوجي لأخدم في مأدبة البك العائد من الخارج.. ما ذنبي أنا في ذلك؟؟؟ .. أنا جامعية وزوجة موظف .. "


عوجت خضرة فمها بامتعاض ثم قالت " آخر مرة سأستعين بك يا شروق .. ونعتذر لك يا جامعية على أننا طلبنا منك المساعدة .. لكن ام إبراهيم التي اطلبها لتساعدنا في الولائم الكبيرة لديها حالة وفاة .. عموما لن نلجأ إليك يا بنت بطني مرة أخرى"


اقتربت منها شروق وقالت بحنق " تعلمين أني أكره استمرارك في العمل أنت وأبي عندهم يا أمي .. لم نعد بحاجة إليهم .. ويستطيع أبي أن يجد أي عمل آخر .. أكره أن تكون أمي خادمة في بيت وأنا جامعية وأحضر الماجستير "


أمسكت خضرة بالطبق تغرف فيه السلطة وتناوله لشهد ابنتها الصغرى ذات السادسة عشرة والتي تراقبهم من خلال زجاج نظارتها السميك جدا وقالت " هذا ( الجستير ) الذي تفعلينه هؤلاء الناس من لهم فضل بعد الله في انك وصلت إليه .. ففارس بك هو من انفق على تعليمك بعد أن كدنا نخرجك من المرحلة الثانوية وكدت أنت تقتلين نفسك حزنا .. وكما قلت لك مرارا وتكرارا وسأكررها لك نحن لسنا خدما هنا بل عشرة عمر ولم يعاملنا أحد من أهل البيت كخدم من قبل .. لمَ تصرين على هذه التسمية ! "


ردت شروق بحقد " وأنا من وصلت بمجهودي وتعبي لأن أكون من الأوائل دوما في دراستي وليس بأموال فارس سعد الدين "


تدخلت شهد موضحة " ولولا أنه كان يصرف على دراستك لما ذاكرت يا شروق .. هو ساهم وأنت اخذت الفرصة بجدية .. كما أنه من ساهم في نفقات زواجك من ذلك الموظف الذي تتباهين به وكأنك تزوجت من طلعت باشا حرب "


تخصرت شروق وردت بغيظ " أخرسي أنت يا ذات العوينات الكبيرة"


أطرقت شهد برأسها بحزن وتحركت تحمل الاطباق في صمت نحو السفرة بالخارج .. بينما اندفعت خضرة بغيظ تحمل حقيبة يد ابنتها وتدفعها إليها في صدرها قائلة بعصبية " اذهبي من هنا يا شروق .. اذهبي لزوجك ونحن نعتذر أن أحضرناك لتساعدينا يا برنسيسة "


صرخت شروق بغل " أ تطردينني يا أمي !! أنا المخطئة أن تركت زوجي ودراستي وجئت إليكم .. الحمد لله على سلامة المحروس "


تطلعت فيها خضرة بغضب حتى خرجت من باب المطبخ الخلفي واختفت من أمامها .. ثم تمتمت وهي تضرب كفا بكف " هداك الله يا شروق يا بنت بطني .. هداك الله "
فاقتربت منها شهد تربت عليها متعاطفة .


في بهو الفيلا الواسع مسحت الحاجة نفيسة بكفيها على وجه يونس متمتمة بالآيات القرآنية ترقيه أن يحفظه الله من شر العين .. من عينيها قبل عيون الآخرين وهي تراه مليح الوجه متألم الروح كعادته .. بينما يونس يميل برأسه لينام على صدرها من وقت لآخر مستمرا في المشاغبة وإلقاء النكات .. معيدا خلال تلك الدقائق القليلة لهذا البيت روحه المرحة التي اختفت منذ أن غادره منذ ثلاث سنوات .



ما فعلته الحاجة مع يونس أشعر عهد باليتم .. فحضنت نفسها وقد شعرت ببرودة مفاجئة .. بينما انهمرت دموع الحاجة نفيسة من جديد لتغمغم وهي تمسح على شعره الناعم المموج وتتلمس لحيته الخفيفة وذراعيه العضليين وكأنها تتمم عليه وتطمئن أنه عاد بالفعل إلى حضنها .. عاد إليها " هانت عليك أمك يا يونس .. ثلاث سنوات لا أراك فيها يا ولدي .. خشيت أن أقابل وجه كريم دون أن أكحل عيني برؤياك "


تأثر يونس بكلماتها وارتجف قلبه متهما نفسه بالأنانية لكنه ارتدى الوجه المتهكم ليقول بمسكنة طفل يتعذب " ابنك السبب يا أماه .. ابنك من منعني عنك كل هذه السنين .. (تأملته الحاجة تتحكم في ابتسامتها بينما أكمل يونس بلهجة مسرحية تراجيدية معذبة ) كلما أخبرته أني أريد العودة كان يتحجج بألف حجة وحجة ليمنعني عنك "


رفعت فريدة حاجبا مستنكرا بينما كتم الباقين ضحكاتهم ليكمل يونس بمسكنة " يغير مني يا أمي .. ابنك الكبير يغير مني ويتعمد أن يقصيني لأنه يعرف أنك تحبينني أكثر منه "


"وماذا بعد !! .. أكمل حديثك "
قالها فارس بصوته الرخيم وهو يدخل فجأة من باب الفيلا الذي لا يزال مفتوحا .. ليطل على المشهد بهيبته وحضوره الذي يفرض نفسه دائما ..





فقهقه يونس يداري رجفته عند رؤية فارس واستقام واقفا يحاول أن يتحكم في الولد الصغير القابع بداخله الذي يشعر برغبة ملحة في البكاء تأثرا لرؤية أخيه ..
بل أبيه ..
ومن علمه ما لم يتعلمه في المدارس والجامعات ..
سنده إذا مال ..
وظهره الذي لن يعرف الاستقامة بدونه .
جعد فارس جبينه يداري انفعالاته خلف ملامحه الجامدة تأثرا لرؤية ابنه الصغير أخيرا .. رغم أن فارق العمر بينهما لا يتعدى عشر سنوات ..



لكنه دوما كان وسيظل ابنه الصغير .
اقترب يونس مبتسما بعينين تلسعهما الدموع صائحا بلهجة مسرحية " كبير عائلة سعد الدين .. وعم الشباب "


ضربه فارس على مؤخرة رأسه بمحبة .. فأكمل يونس بصوت متأثر " أقدم لك النشيد الوطني الرسمي للعائلة ( ورفع يده يلوح بها هاتفا ) سعد .. سعد .. يحيا سعد "


ضربه فارس مرة أخرى على مؤخرة رأسه ليرتمي الثاني عليه يحضنه بقوة وكليهما يحاول التحكم في تأثره .


تمتم يونس هامسا " اشتقت إليك يا كبير "
رد فارس بحشرجة وهو يضمه بقوة " اخرس .. فحسابك معي عسيرا "


تقدم زياد نحوهما فافترقا يداريان انفعالاتهما ليقول الأخير مازحا " هل ستحبسني في الغرفة مرة أخرى أم ماذا يا كبير؟"


عقدت عهد حاجبيها ولم تفهم عم يتحدث زياد بينما سلم فارس عليه بمحبة ورد بجدية " افعل ما فعلت مجددا .. وسأجلدك بالكرباج لو تطلب الأمر .. لقد أعطاني والدك الضوء الأخضر أتذكر ؟!"
قهقه زياد واشاح بيديه يقول " لا لا .. كانت أول وآخر مرة "



نظر فارس لعهد التي وقفت تطبق كفيها لأسفل أمامها فحياها برأسه بهدوء ثم استدار لفريدة التي اقتربت منه مبتسمة ليبادرها بالقول وهو يفرد ذراعه على كتفيها " ماذا سنأكل اليوم يا ست البنات ؟"
ردت فريدة بسعادة "كل ما تريد"


تكلم يونس بامتعاض " هو تردين عليه بابتسامة .. بينما أنا تمطين شفتيك لي كضفدع المستنقعات"


صاحت الحاجة من مكانها " اسرعي يا خضرة"
أتى صوت خضرة من الداخل تقول" دقيقة واحدة فقط وكل شيء سيصبح جاهزا يا ست الحاجة "


سألته عهد عندما عاد ليجلس بجوارها على الأريكة " عن أي غرفة تتحدث يا زياد ؟"
دفع نظارته الأنيقة بسبابته وقال متنحنحا " موضوع قديم .. لا تلتفتِ إليه "





بعد قليل كان الجميع حول السفرة فقال زياد بإعجاب واضح " رائع يا فريدة .. فكرة انشاء ملجأ فكرة رائعة .. أحييك عليها"



ردت فريدة " في الحقيقة انه حلمي طيلة عمري .. وقد شجعني عليها يونس .. أما أبيه ( ونظرت نحو فارس الغارق في أفكاره بامتنان وأكملت ) فقد أعد لي كل شيء وتكلف كثيرا حتى ينفذ ما تمنيته "
ومدت يدها تلمس كفه الممدد على الطاولة برفق فانتبه فارس من شروده مانحا إياها شبح ابتسامة .


قال زياد بحماس " هل استطيع أن اتطوع ببعض الوقت لزيارة الملجأ؟ .. أشعر أن هذا الأمر سيكون رائعا "
ردت فريدة بسعادة " بالطبع .. سيكون من الجيد أن تتطوع بجزء من وقتك لهؤلاء الأطفال "


سألته عهد تداري شعور بالضيق " ماذا ستقدم للأطفال بالضبط؟؟"
تنحنح زياد وعدل من نظارته يقول " لا أدري لكني أريد أن اساعدهم "



ردت فريدة عليها ببرود " ليس بالضرورة أن يقدم لهم شيء .. يكفي تواجده معهم وشعورهم بالاهتمام من قبل الأخرين "



الاهتمام ..
كلمة أوجعت عهد ..
وماذا تعرف هي عن عدم الاهتمام وهي مدللة الجميع ! ..



ماذا تعرف عن ذلك الشعور المهين بأن تكون شخص زائد .. شخصا لا يملك أي مساحة في قلب أي انسان



قطعت الحاجة أفكار عهد حين سألتها بنظرة متفحصة " وأنت بنيتي هل تنوين العمل ؟"
رفعت عهد كوب الماء لترشف منه رشفة قبل أن تجيبها " بالطبع أنوي العمل .. ( وأضافت بلهجة ذات مغزى ) وسأبدأ من الغد بالبحث عن وظيفة "



امتقع وجه زياد حين أدرك ما تعنيه .. إذا فهي تتمنى أن تحظى بوظيفة عند فارس رافضة عرضه بأن تعمل عنده في شركته الصغيرة ..
تدخل يونس قائلا " ولماذا تبحثين!! .. عندنا مصنعنا .. وشركة زياد ( واستدار نحو فارس يقول ) ألا نستطيع أن نجد لها وظيفة في مصنعنا يا فارس ؟.. إنها عبقرية مثلك في الحساب والأرقام والأوراق النقدية "


رد فارس بهدوء " لا مانع .. حين تستلم عملك في المصنع تول أنت هذا الأمر "
صاح يونس " مبروك يا ست عهد ها قد حصلت على الوظيفة بأسرع مما تتخيلين .. لكن حاذري أنا يونس آخر غير الذي تعرفينه أثناء العمل"



انارت الابتسامة وجه عهد لأول مرة وتمتمت بسعادة " شكرا .. شكرا جدا "
ثم نظرت لزياد تمنحه ابتسامة سعيدة غير مصدقة فأطرق برأسه في حزن يلعب بشوكة الطعام في طبقه .



اختلست فريدة النظر نحو عهد ثم وضعت الشوكة في فمها بملامح ممتعضة بينما قال يونس للحاجة " لماذا لا تأكلين يا ناني ألا يعجبك طعام فريدة السيئ؟! "


ابتسمت نفيسة وربتت على كتفه بحنان قائلة " اشعر بالشبع الآن بعد أن رأيتك يا يونس "
أمسك بكفها من على كتفه يقبله ثم نظر ليدها الشقراء المتعرِّقة المكرمشة وقال " أين الخاتم الفضي الذي أهديتك إياه يا نفيسة؟؟ "
شهقت الحاجة وهي تنظر لأصابعها برعب ثم نظرت في الأطباق أمامها لتقول بعينين متسعتين " هل سقط في المحشو وأنا أساعدهما؟؟؟.."


انتقل الجزع لوجهي زياد وعهد الذين نظرا لبعضهما ثم تفحصا الطعام في طبقيهما بقلق بينما قال يونس باهتمام وهو ينظر في بعض وحدات المحشي " قلتِ ساعدتهما في المحشي فقط يا نفيسة؟"


قالت بوجه طفلة مذنبة " والحمام أيضا "
صرخ يونس بجزع " الحمام الذي التهمه زياد !!!!! "



نظر إليه زياد بعينين متسعتين .. لتسأله الحاجة بقلق " ألم تشعر بأي شيء معدني يا ولدي في الطعام "



راقبت عهد وجه زياد الأصفر بجزع وهو يحرك رأسه بلا بينما حك فارس جبينه في يأس وملل .. لتقهقه فريدة برقة وتقول " كفاكما يا أمي لقد صدقا المقلب "



انفجر يونس ضاحكا هو وأمه ومال عليها يقبل خدها بعنف متمتما من بين ضحكاته " اشتقت لشقاوتك يا ناني "


في الوقت الذي زفر كلا من زياد وعهد وضحكا بينما كانت نظرات يونس الساخرة تغيظهما بحاجبين متراقصين .


فهمس فارس لنفسه بامتعاض " اجتمعت الأم وابنها .. وسيتحفوننا بفقرات من السيرك القومي "
بعد قليل سألت الحاجة زياد باهتمام " ألا تفكر في الزواج والاستقرار يا زياد يا ولدي "
تنحنح زياد ودفع نظارته الطبية بسبابته للخلف يقول متحرجا " ان شاء الله .. حين يأتي النصيب "



فأضافت الحاجة نفيسة وهي تأخذ واحدة من الحمام وتضعها في طبقه متجاوزة يونس الذي يجلس بينهما " كل يا بني .. ألم يعجبك طعام فريدة .. إنها بسم الله ما شاء الله أورثتها كل أسراري في الطبخ وتفوقت علي أيضا بالأطعمة الحديثة "



احمر وجه زياد وتنحنح بينما رفع يونس حاجبا مستنكرا وهمس في سره " أسلوب رخيص ومكشوف يا نفيسة "
عادت الحاجة لتتطلع في عهد التي تراقب في صمت منكمشة فغلب حنانها الفطري على عدم استساغتها لتلك الفتاة المتحررة فاستقامت تعبر المائدة بذراعها لتسحب طبق عهد وتملؤه بالطعام وهي تغمغم " وأنت لمَ لا تأكلين مثل الناس "



بينما ضرب يونس فجأة على ظهر صاحبه بخشونة ليقول "أنرتنا يا زيزو .. ألا يكفي ما أكلت من الحمام .. وترينا عرض أكتافك "



××××


في نفس الوقت في أحد الفنادق الكبرى ..
وقفت كارمن توزع ابتساماتها المجاملة حولها لهذا وتلك وتنظر في ساعتها كل بضع دقائق .. تريد أن تعود لوالدها بالمستشفى فهذه أول مرة تتركه منذ أن قام بالعملية الجراحية ..


ولولا إصرار شويكار هانم على ضرورة أن تتواجد معها في الاحتفال السنوي للجمعية الخيرية التي ترأسها حتى تكذب الإشاعات وتثبت للجميع أنهم بخير .. وأن أخبار إعلان إفلاسهم ليست حقيقية .. وأن كارمن لم تتضرر من اعلان خطبة لؤي بل أصبحت زوجة لرجل أعمال بات حديث الأوساط مؤخرا .


تطلعت في الخاتم الألماسي الصغير في إصبعها وتحركت تبحث عن مكان هادئ تشحن فيه طاقتها .. ثم هاتفت والدها الذي طمأنها بصوته الواهن أنه بخير .


بعدها وقفت بجوار الحائط في أحد الممرات تتأمل درجات السلم أمامها التي تغريها بأن تجلس فوقها لتستريح قليلا وتتخلص من كعبها العالي ..


لكنها تراجعت ونفضت الفكرة من رأسها .. فكيف ستجلس على السلم بفستان السهرة ..


أسندت ظهرها على الحائط تستمتع بالهدوء وتستعيد ردود الأفعال المهنئة منها والساخرة .. فلم يغفل عليها ولا على أمها الهمس الدائر من خلف ظهريهما يتحدثن عن خلفية فارس وأصله وكيف كان مبلط رخام وكيف أنه لم يحظى سوى بتعليم متوسط يجعل العلاقة بينهما غريبة وغير منطقية مما يعزز الشائعات الخاصة بكونها قد تزوجته كصفقة لتسديد الديون .. خاصة بعد أن علم الجميع أن والدها قد باع شركته الخاسرة ودخل كمساهم في مصنع فارس.


فارس ..
لا تزال حتى الآن لا تصدق أنها أصبحت متزوجة .. خاصة وأن ذلك الرجل الغريب لا يشعرها بذلك .. فلا تراه إلا حين يأتي ليتحدث مع والدها الذي لا يزال راقدا في المستشفى .. متكلما بلكنته الشعبية الواضحة في لهجته عن العمل .. لا يتحدثون سوى عن العمل وقد بدا أن والدها بدأ يعتمد عليه ..


أما هي فلا تتلق منه سوى إيماءة سريعة من رأسه .. يتبعها بسؤال مقتضب عما إذا كانت بخير .. واليوم الذي لا يحضر فيه لوالدها يتصل بها بمكالمة سريعة تحمل سؤالا واحدا " كارمن .. هل أنت بخير؟ .. هل تحتاجين شيئا " فتشكره فيغلق الخط.


ولا تزال لا تعلم بالضبط .. أعليها أن تشعر بالراحة لأن هذا الرجل مشغول عنها.. أم تشعر بالحزن لأنها تزوجت من رجل ليس لها أي اعتبار في حياته ! .


ومما يزيد من غرابة هذا الرجل أنه أرسل لها مع الشيمي منذ أيام بطاقة بنكية وقفت تحدق فيها وهو يخبرها بأن فارس قد أرسلها لها لتشتري ما تحتاجه ..


وقتها لم تعرف بم ترد ..
لكن والدتها اسرعت تأخذ البطاقة لترد على الشيمي بترفع بأن يبلغ شكر كارمن له.
ياله من رجل غامض .. غريب ..



ولا تتخيل أبدا أنهما قد يجمعهما مكان واحد .. عازمة على إطالة فترة عقد القران بقدر الإمكان حتى تعتاد عليه ..
رغم أنها مدركة تمام الادراك .. أن حياتها القادمة لن تكون سهلة أبدا ..


تنهدت ثم غمغمت " يبدو أن حياتك لن تكون سهلة يا كارمن فات أوان السهل .. والقادم صعب .. صعب جدا "
"هل الأمر بهذه الصعوبة؟"


تفاجأت كارمن بالصوت بجانبها لتستدير مجفلة وتواجه ذلك الشاب الأشقر الواقف أمامها بحلة أنيقة ولحية شقراء .


ابتسمت بحرج واشاحت بوجهها بعيدا لتشعره بعدم رغبتها في تبادل الحديث .. إلا أنه قال وهو يتطلع فيها بعينين فيروزيتين "ممن تختبئين؟"
ردت بهدوء" لا أختبئ من أحد"


قال وهو يتطلع فيها بعينين لامعتين " لا يوجد شيئا صعبا.. وهانم مثلك ليس من المفترض أن تواجه الصعب .. أخبريني ما المشكلة وسأحلها لك مهما كانت .. فلا تحملي هما"
تنحنحت كارمن تقول بحرج " لا يوجد شيء أشكرك"


همت بالمغادرة فقال يعترض طريقها مادا يده " فهد .. فهد شكور رجل أعمال"
ابتسمت له كارمن بمجاملة ثم ردت بلباقة " كارمن..."


فقاطعها يكمل " كارمن السيوفي .. وهل يخفى القمر ! "


توردت وجنتيها وقالت بغمغمة " سعيدة بالتعرف عليك (وتحركت مبتعدة وهي تقول بلباقة ) عليّ الانضمام لأمي بعد اذنك"
لحقها بصوته يقول" آسف لإزعاجك .. لكنني أردت الاطمئنان عليك لا أكثر .. فلا أتخيل أن مثلك عليه أن يحمل هما "


تعجبت كارمن من لهجته .. لكنها اسرعت للانضمام للحفل .. وجملته تدور في رأسها بشكل عجيب ..


انه شعور جميل أن تشعر بأهميتك عند أحدهم .


كدمية جميلة تحركت تتعامل مع الجميع في الحفل ..
تدعي الاهتمام ..
تسأل ..
تجامل ..
تطمئن ..
وهي تشعر بعينيه تلاحقانها ..
فتساءلت ..
ماذا يحدث لها ؟؟..


هذه ليست المرة الأولى التي تستشعر بفراسة الأنثى بأن هناك رجلا يبدي لها اهتماما ..


بل قابلت هذا الأمر عدة مرات .. لكنها لم تكن لتهتم من قبل ..



ربما بسبب شعورها بالإحباط الذي يسيطر عليها في الفترة الأخيرة .. فمن ناحية تشعر بفشلها في إسعاد والديها فاضطرت للقبول بالزواج من رجل غريب عنها ..



ومن ناحية أخرى الطريقة التي يعاملها بها فارس وكأنها كائن لا محل له من الإعراب في حياته .



ليأتي هذا الأشقر الوسيم في لحظة احتياج يشعرها ببعض الاهتمام الذي تفتقده .. وهي بحاجة ملحة للشعور بأهميتها عند الأخرين وتأثيرها عليهم .



اقتربت والدتها منها تقول بمعنويات مرتفعة " أرأيت كيف أن ظهورك في هذا الحفل بالذات قطع كل الألسنة بأنك لم تتأثري بخطبة لؤي .. ( وتأملتها بفستانها الجديد باهظ الثمن وأكملت ) تبدين رائعة اليوم كعروس براقة ( وصمتت قليلا لتكمل بقرف ) لو لم يكن هذا الجلف الذي تزوجتيه سيفضحنا بلكنته الشعبية لكنا دعيناه للحضور .. ووقتها لكان حزب ثريا وشركائها قد فجر نفسه من الغيظ "


تطلعت فيها كارمن بذهول .. لقد أصبحت والدتها كثيرة التناقض مؤخرا بينما أكملت شويكار وهي تتابع بعينيها أجواء الحفل وتفاصيله بفستانها الأسود الأنيق وشعرها المعقوص للخلف بأناقة " ثريا لم تترك أحدا إلا وأخبرته عن خلفية فارس .. مؤكد هي ثريا ولا أحد غيرها "


شعرت كارمن بالاختناق من سيرة ثريا التي تحاصرها أينما ذهبت فأشاحت بوجهها لتتلاقى عيناها مع فهد مجددا الذي لم يشيح بنظراته هذه المرة وإنما استمر في التحديق فيها .. فتملكها الخجل وقبل أن تبعد ناظريها عنه تحرك نحوها مبتسما فشعرت بالارتباك وظلت محدقة فيه لتفهم علام ينوي بالضبط .
اقترب فهد بثقة ووقف أمامها فانتبهت شويكار لوجوده بينما قال فهد وهو ينظر لكارمن التي بدأت تشعر بالضيق من جرأته " أليست هذه سماعة هاتفك ؟"


حدقت كارمن في عينيه الفيروزيتين لثوان ثم نظرت لسماعة هاتفها التي تحتل كفه.. ثم مدت يدها تخطفها بسرعة متمتمة بعبارات شكر مرتبكة بينما استدار فهد لشويكار يقول "شويكار هانم الشبكشي أنا سعيد بمقابلتك "


لمعت عينا شويكار بانبهار وهي تتطلع لملامحه الارستقراطية وعينيه الفيروزيتين ولحيته الشقراء الأجنبية ومدت يدها إليه بكبرياء لتسلم عليه وهي تغمغم بالفرنسية " لم أتعرف عليك بعد "


رد فهد بالفرنسية " أنا فهد شكور سعيد بمقابلتك سيدتي "
حركت شويكار عيناها بينه وبين كارمن ثم قالت بتسلي " وماذا تعمل يا فهد شكور .. ( واستدركت لتقول ) لا تخبرني أنك من عائلة شكور أصحاب مجموعة شكور للإنشاءات "
ابتسم فهد واختلس النظر نحو كارمن التي اشاحت بوجهها بعيدا تدعي اللامبالاة شاعرة بلزوجته ورد بمرح " أجل سيدتي أنا هو "
هتفت شويكار وكأنها تذكرت " أنت والدتك فرنسية أليس كذلك "


أجابها بالفرنسية " أجل سيدتي "


قالت شويكار بالفرنسية " أنا سعيدة بمقابلتك .. ما رأيك بحفل الليلة ننتظر تبرعك بالتأكيد "
رد فهد مؤكدا " الحفل رائع ولقد وضعت مبلغا كبيرا في صندوق التبرعات .. لكن هناك أمرا واحدا أحزنني في هذا الحفل"
سألته شويكار باهتمام " ماذا حدث أخبرني فورا "


اختلس النظر نحو كارمن بشكل لاحظته شويكار بسهولة ثم قال " اليوم بكل أسف اكتشفت أني لست محظوظا "


نظرت إليه كارمن بفضول بينما قالت شويكار تحاول التحكم بانبهارها " كيف تقول ذلك وأنت بسم الله ما شاء الله وسامة وأصل عريق ومكانة اجتماعية رفيعة "


تكلم فهد متحسرا" لأني لم أحظى بمقابلتكما من قبل .. وللأسف قلبي سرقته أميرة جميلة يهنئونها بعقد القران.. أي شخص قليل الحظ تعس أنا "
تحركت كارمن وقد اشتعل وجهها فتمتمت بالفرنسية " من بعد اذنكما "
وابتعدت بينما اطلقت شويكار ضحكتها العالية وتمتمت " "يا جرأتك ! "


قال فهد وعيناه تتبعان كارمن باشتعال " صدقيني يا شويكار هانم أنا بالفعل أشعر بالحزن الشديد .. لماذا لم أقابلها من قبل .. (ووضع يده على صدره ليكمل بضيق ) صدقيني منذ أن رأيتها .. "


بتر عبارته وأطرق برأسه بحرج فأطلقت شويكار ضحكتها وهي تتفحصه بعينين لامعتين .. فرفع إليها عينيه الفيروزيتين ليقول " تضحكين على بؤسي يا شويكار هانم .. صدقيني أنا منذ أن دخلت الحفل وأنا أشعر أني قد اصبت بحمى ( وأخرج من جيبه بطاقة العمل ليقول ) هذا رقم هاتفي .. واسمحي لي أن أتصل بك من وقت لآخر يا هانم .. ( وأكمل هامسا بشقاوة ) وأخبريني اذا ما غيرت العروس رأيها بشأن العريس "


اقتربت ثريا تتطلع فيهما بفضول ثم قالت ببعض التهكم " الجميع في انتظارك لإلقاء الكلمة يا .. رئيسة الجمعية "


فابتسم لهما فهد واستأذن مغادرا بأدب فتبعته ثريا بأنظارها ثم سألتها بفضول " أليس هذا فهد شكور "


تطلعت شويكار للبطاقة في يدها ولاحت ابتسامة غامضة على وجهها وتمتمت " هو بعينه "


××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 01:05 PM   #50

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الثاني 5

أنزل زغلول حقائب السفر الخاصة بعهد أمام منزلها والتي وقفت تنظر لزياد الذي يقف أمامها مستشعرا قلقها وتشنجها .. فرفعت عهد ناظريها للبناية التي عاشت فيها معظم عمرها والتي هربت منها يوما تلحق بالشباب منذ ثلاث سنوات ثم عادت تنظر لزياد الذي بادرها بالقول " ستكونين بخير أليس كذلك ؟"
ابتسمت ابتسامة باهتة وهي تومئ برأسها فاستطرد زياد " أنا موجود يا عهد اذا ما احتجت أي شيء في أي وقت "
أومأت برأسها بصمت فاعتصر الألم قلبه .


أكان لزاما عليه أن يصر عليها بالعودة .. لكنه لم يكن ليتحمل أن يتركها وحدها .. ولم يكن يملك لأن يبقى ..
تصرف بأنانية .. هكذا يشعر .



اقترب حارس البناية يدقق في عهد قبل أن يصيح مرحبا ويقوم بحمل الحقائب فابتعدت ملوحة لزياد الذي تسمر مكانه يشيعها بنظراته وقلبه يتفتت حتى اختفت داخل البناية .
وقف ينظر حوله متسائلا
ماذا سيفعل الآن ؟


حين كانت في نفس المبنى كان شوقه إليها يضنيه .. فماذا سيفعل الآن وهي تبتعد عنه .. لتعود لأمها ؟.


تلك الغبية لو لم تكن مهتمة بيونس لكان طلبها للزواج فورا ولما احتاجت لأن تعود لأهلها أو لربما عاد معها ليخطبها منهم ..
لكن فات الأوان ..
فات الأوان يا عهد..
فكرامتي لن تسمح أبدا ..
حتى لو تخلصت مما في قلبك بشأنه فات الأوان .


اقترب زغلول منه بحرج يقول " هل ننتظر شيئا زياد باشا "
انتبه زياد لوقفته أمام البناية فدفع نظارته الطبية بإصبعه بحرج وغمغم وهو يتحرك نحو السيارة " لا شيء لا شيء يا عم زغلول هيا بنا "


فاستدار زغلول ليتخذ مقعده خلف المقود بينما ظلت عينا زياد متعلقة بالبناية حتى تحركت السيارة تنتزعه من أمام بيتها بكل قسوة وألم .


وهو يغمغم في سره " ماذا فعلت بنفسك وبها يا زياد ! "
في أحد طوابق البناية ..
ومع صوت جرس الباب الذي لم يتغير كحال كل شيء حولها وكأنهم اتفقوا جميعا على أن يذكروها بالماضي ..



وقفت عهد أمام الباب تنتظر أن يفتح .. وبمجرد أن فتحت لها احدى اخواتها الباب وخطت بقدمها للداخل .. احست بأنها قد دخلت زنزانة حديدية خانقة .


××××


وقفت كارمن تتحدث مع بعض الفتيات اللاتي كن يهنئنها بمناسبة عقد قرانها ووعدتهم بإقامة حفل قريب بهذه المناسبة حين يخرج والدها من المستشفى .. متحكمة في شعور بالضيق يسيطر عليها بسبب ذلك اللزج الذي لا يزال يحاصرها بعينيه في كل مكان .. مستنكرة أن يتعامل معها بهذه الجرأة وهو يعلم أنها على ذمة رجل آخر .. فاقتربت شويكار منها تبتسم للفتيات وتسحبها من مرفقها بعيدا تقول بهمس متحمس " يبدو أن ذلك الفهد معجبا بك جدا "



ردت كارمن بجمود " إنه جرئ مماه .. جرئ بشكل مقزز .. ألم يسمع بأني أصبحت على ذمة رجل آخر "
قالت شويكار من بين أسنانها " كفي عن الغباء إن كان صادقا بالفعل ومتيما بك فهذه فرصتنا الذهبية وقد جاءت إلينا "
عقدت كارمن حاجبيها وسألتها بانزعاج " عن أي فرصة تتكلمين مماه؟! "



قالت شويكار بغيظ " اسمعي يا غبية .. اذا كان فهد صادقا في اعجابه بك نستطيع أن نتخلص من هذا الجلف الذي تزوجتيه وترتبطين بفهد .. ( وأكملت بانبهار ) إنه من مجموعة شكور للإنشاءات .. مالتي مليونير ألا تفهمين ! .. نسب سنفتخر به طوال العمر وسيضرب ثريا في مقتل ( ثم جزت على أسنانها لتكمل بينما كارمن تحدق فيها بوجه شاحب كالأموات ) لو كنا انتظرنا بضعة أيام .. لما اضطررتِ للارتباط بهذا المبلط ولكنا نتمتع باهتمام فهد بكِ الآن "


هتفت كارمن بحشرجة " ماذا تقولين مماه !!! "


تكلمت شويكار والأفكار تتلاحق في ذهنها كمفرقعات العيد " اسمعيني جيدا .. لا أريدك أن تعامليه بوجهك الجامد هذا .. امنحيه الفرصة لأن يتحدث معك لنعرف إن كان مهتما بالفعل أم لا .. وإن تأكدنا .. أتركي مهمة التخلص من هذا المبلط عليّ "



تسارعت ضربات قلب كارمن بتوتر وذهول مما تقوله والدتها وما تعنيه .. فبلعت ريقها وقالت " هذا لا يجوز مماه لا يجوز"


عقدت شويكار حاجبيها وقالت " ما الذي لا يجوز بالضبط أنت ستتحدثين معه لا أكثر "



ردت كارمن بارتجاف مستنكرة " أنا متزوجة .. كيف أقف لأتحدث مع رجل وأنا زوجة لآخر !"
جزت شويكار على اسنانها وقالت " أتركي المثل العليا هذه التي يتشدق بها والدك جانبا وفكري فيما سنكسبه لو تخلصنا من هذا المبلط وارتبطت على سنة الله ورسوله من فهد .. تخيلي كيف ستكون حياتنا بعدها "



لمعت الدموع في عيني كارمن وهي لا تزال لا تصدق ذلك الجنون الذي تتفوه به والدتها فقالت " ألم يكن ذلك المبلط هو من قدم لنا يد المساعدة .. ألم يكن ذلك المبلط من دفع ثمن العملية الجراحية التي انقذت بباه !.. ألم يكن ذلك الرجل من بادر بحل أزمتنا مع البنوك في وقت أغلقت فيه كل الأبواب في وجوهنا !!! "



حركت شويكار كتفيها تقول بغيظ " ستظلين ساذجة وعاطفية .. انه أحد المتسلقين الراغبين في الاستفادة من اسمنا كأصهار له .. فمن سيرضى سوانا بأن يصاهره .. الأمر صفقة حبيبتي وكل طرف عليه أن يبحث عن مصلحته اذا ما تيسرت له صفقة أفضل "



صفقة !
هي صفقة !!
حتى لو كانت تشعر بذلك ضمنيا فتفوه والدتها بذلك في وجهها كان صادما ..
مؤلما ..
ومهينا .


ترقرقت الدموع في عينيها واستجمعت شجاعتها وردت " آسفة مماه .. لن استطيع "
سألتها شويكار بصدمة " لن تستطيعين ماذا؟ "



ابتلعت ريقها وأجابت بحزن " أنا أعرف أني احبطك .. وأني لا أجاري طموحاتك .. ( وحكت جبينها بيد مرتعشة وأكملت ) وأعلم أني فاشلة لم افعل ما يجعلك أنت وبباه تفتخرين بي .. لكن ضيفي على رصيدي من الفشل عندك أمرا اضافيا ..ألا وهو .. أني لن استطيع أن اتجاوب مع هذا الرجل وأنا أحمل اسم رجل آخر فهذا لا يرضي الله .. لكني أعدك اذا ما انفصلت عن فارس .. بأني سأحاول مع فهد. هذا . إرضاء لك "


حدقت فيها شويكار مذهولة .. فهذه هي المرة الأولى التي ترفض فيها كارمن لها أمرا .. بينما أخذ الهاتف في حقيبة كارمن يلح منذ مدة .. لكن كلتاهما ظلت تحدق في الأخرى لثوان ثم فتحت كارمن حقيبتها لتجد اسم ( الرجل الغريب ) على الهاتف فأجابت وهي لا تزال تشعر بالارتجاف " نعم "
هدر فارس بغضب " أين أنت ؟؟"


تفاجأت بلهجته فسحبت نفسا عميقا ثم ردت " في حفل الجمعية بأحد الفنادق "
قال بصوت أرعبها " وهل أخبرت زوجك قبل أن تخرجي من البيت وتحضري الحفلات "
نظرت كارمن لأمها التي استشعرت وجود مشكلة ثم قالت بارتباك " أنا مع مماه .. انه حفل الجمعية و .. "



هدر فارس بغضب " لا يهمني مع من .. ما يهمني أنك لم تخطري الرجل الذي تحملين اسمه قبل أن تغادري بيتك وتحضرين الحفلات وتتحدثين مع الرجال "



اتسعت عينا كارمن وسألته بارتباك " ماذا تقصد .. أنا في حفل عادي و .. "



قطع حديثها حين هدر آمرا بصوت مخيف أرعبها " بعد عشر دقائق تكونين أمام الفندق .. وسأمر عليك .. ولي بعدها كلام آخر مع عاصم بك "





نهاية الفصل الثاني ويليه الفصل الثالث مباشرة




Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:05 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.