آخر 10 مشاركات
ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          91-صعود من الهاوية - بيتي جوردن - ع.ج ( إعادة تصوير )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1161Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-10-19, 01:06 PM   #51

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الثالث 1




الفصل الثالث



إنها تلك اللحظة التي تشعر فيها أنك تائه
غريق في عرض البحر ..
لا تعرف الاتجاهات.
حتى المنارات المحيطة بك .. بت تشعر بأنها مجرد سراب
أو ربما تشك في أنها لم تعد بعد وجهتك الصحيحة.
وبرغم كل الضغط على كارمن .. والهزات الأرضية المتتابعة التي تزلزل حياتها منذ سنوات ..
إلا أن ما قالته .. وما طلبته .. والدتها منها كان صادما .. مؤلما لها .. ولم تتوقعه .

تسارعت ضربات قلبها بتوتر وذهول تقول " هذا لا يجوز مماه لا يجوز "
عقدت شويكار حاجبيها وقالت " ما الذي لا يجوز بالضبط ؟!! .. أنت ستتحدثين معه لا أكثر "

ردت كارمن بارتجاف مستنكرة " أنا متزوجة مماه .. كيف أقف لأتحدث مع رجل وأنا زوجة لآخر !"
جزت شويكار على أسنانها وقالت " أتركي هذه المثل العليا التي يتشدق بها والدك جانبا .. وفكري فيما سنكسبه لو تخلصنا من هذا المبلط .. وارتبطت على سنة الله ورسوله بفهد .. تخيلي كيف ستكون حياتنا بعدها "

لمعت الدموع في عيني كارمن وهي لا تزال لا تصدق ذلك الجنون الذي تتفوه به والدتها فقالت بعدم فهم " ألم يكن ذلك المبلط هو من قدم لنا يد المساعدة ؟! .. ألم يكن ذلك المبلط من دفع ثمن العملية الجراحية التي انقذت بباه ! .. ألم يكن ذلك الرجل من بادر بحل أزمتنا مع البنوك في الوقت الذي أغلقت فيه كل الأبواب في وجوهنا !!! "

حركت شويكار كتفيها تقول بغيظ " ستظلين ساذجة وعاطفية .. إنه أحد المتسلقين الراغبين في الاستفادة من اسمنا كأصهار له .. فمن سيرضى سوانا بأن يصاهره .. الأمر صفقة حبيبتي وكل طرف عليه أن يبحث عن مصلحته إذا ما تيسرت له صفقة أفضل "

صفقة !
هي صفقة !!
حتى لو كانت تشعر بذلك ضمنيا فتفوه والدتها بذلك في وجهها كان صادما ..
مؤلما ..
ومهينا .

ترقرقت الدموع في عينيها واستجمعت شجاعتها تقول " آسفة مماه .. لن استطيع "
سألتها شويكار بصدمة " لن تستطيعين ماذا؟؟؟ "

ابتلعت ريقها وأجابت بحزن " أنا أعرف أني احبطك .. وأني لا أجاري طموحاتك .. ( وحكت جبينها بيد مرتعشة وأكملت ) وأعلم أني فاشلة لم أفعل ما يجعلك أنت وبباه تفتخران بي .. لكن ضيفي على رصيدي من الفشل عندك أمرا اضافيا ..ألا وهو .. أني لن استطيع أن أتجاوب مع هذا الرجل وأنا أحمل اسم رجل آخر فهذا لا يرضي الله .. لكني أعدك إذا ما انفصلت عن فارس .. بأني سأحاول مع فهد هذا .. إرضاء لك "

حدقت شويكار فيها مذهولة .. فهذه هي المرة الأولى التي ترفض فيها كارمن لها أمرا .. بينما أخذ الهاتف في حقيبة كارمن يلح منذ مدة .. لكن كلتاهما ظلت تحدق في الأخرى لثوان .. ثم فتحت كارمن حقيبتها لتجد اسم ( الرجل الغريب ) على الهاتف .. فأجابت وهي لا تزال تشعر بالارتجاف " نعم "

هدر فارس بغضب " أين أنت ؟؟"
تفاجأت بلهجته فسحبت نفسا عميقا ثم ردت " في حفل الجمعية بأحد الفنادق "
قال بصوت أرعبها " وهل أخبرت زوجك قبل أن تخرجي من البيت وتحضري الحفلات ؟؟؟!!!"
نظرت كارمن لأمها التي استشعرت وجود مشكلة ثم قالت بارتباك " أنا مع أمي .. إنه حفل الجمعية و .... "

هدر فارس بغضب " لا يهمني مع من .. ما يهمني أنك لم تخطري الرجل الذي تحملين اسمه قبل أن تغادري بيتك وتحضري الحفلات وتتحدثين مع الرجال "
اتسعت عينا كارمن وسألته بارتباك " ماذا تقصد .. أنا في حفل عادي و .. "

قطع حديثها حين هدر آمرا بصوت مخيف أرعبها " بعد عشر دقائق تكونين أمام الفندق .. سأمر عليك .. ولي بعدها كلام آخر مع عاصم بك "

بيد مرتعشة نظرت للهاتف الذي أغلقه فارس في وجهها وانتفض قلبها يضرب في صدرها بعنف .

سألت شويكار باهتمام "ماذا يريد؟"
فابتلعت كارمن ريقها وقالت بصوت متحشرج "غاضب لأني خرجت دون أن أخبره"
هتفت شويكار باستنكار "ماذا !! .. ماذا يظن نفسه ابن مقاول الانفار!!!!!"

ما تشعر به كارمن من ارتباك .. وما سببته لها والدتها من ألم .. وما تقوله الآن .. أشعرها بأنها على وشك الاغماء
فتحركت تقول " عليّ أن أكون أمام الفندق فهو قادم بعد دقائق"

سحبتها شويكار من مرفقها توقفها قائلة " لا تجعليه يعتاد على ذلك .. عليك أنت من تكونين متحكمة في الأمور
"

قالت كارمن بحنق " الكلام سهل مماه لكن تنفيذه صعب .. صعب جدا خاصة حين يكون هو على صواب"
هتفت شويكار باستنكار " على صواب!! .. أنت خرجت معي وهذا حفل الجمعية السنوي عن أي صواب تتحدثين؟؟!!"

ردت كارمن بسخرية مُرة " أتحدث عن كوني زوجة وعليّ أن احترم ذلك"

حاولت التحرك فهتفت شويكار" كارمن !! هل ستتركيني وأنا أتحدث معك !!"
استدارت إليها تقول بلهجة باكية " ماذا عليّ أن أفعل مماه؟ .. أخبريني .. ماذا عليّ أن افعل؟؟؟؟ "

نظرت إليها شويكار مفكرة ثم قالت بتحدي " لا تخرجي إليه .. وأنا سأجعله يدرك حدوده جيدا"
وقفت كارمن مترددة تحدق في الأرض بمقلتين مرتعشتين.. وجسد ينتفض من التوتر والخوف .. لا تعرف كيف تتصرف فاقترب فهد منها يهتف بجزع" هل حدث شيء ؟؟؟.. هل أنت بخير يا كارمن؟"

اقتراب فهد منها جعلها تتحرك للخلف وكأنها تريد الابتعاد عن أمر مقزز .. فالصورة التي صورتها والدتها عن رغبتها في أن تتحدث معه لمعرفة نيته .. جعلتها تشعر بالاشمئزاز
فتكلمت بالفرنسية تقول بحدة " من فضلك لا تتدخل "

امتقع وجه فهد واقترب أكثر بجرأة فابتعدت كارمن للخلف ليقول باندهاش " آنسة كارمن أنا فقط أطمئن "

تدخلت شويكار قاطعة عليه الطريق للتقدم أكثر نحو كارمن لتقف أمامه وهي تقول بابتسامة متوترة " اعذرها قليلا يا فهد .. يبدو أنها على خلاف مع زوجها (واكملت بلهجة ذات معنى ) كما تعرف هناك اختلافات اجتماعية بينهما .. وقد حاولنا أن نتجاوزها لكن يبدو أننا فشلنا في تقريب وجهات النظر .. وبصراحة إن استمر عدم التفاهم بينهما بهذا الشكل ستنفصل عنه بالتأكيد"

اتسعت ابتسامة فهد ونظر خلف شويكار حيث تقف كارمن تشيح وجهها بعيدا وهي تنظر بتوتر للهاتف الذي يرن في يدها .. ثم نظر لشويكار بابتسامة سعيدة فقالت الأخيرة لتبعده " اذهب الآن ودعني اتفاهم معها وليفعل الله ما يريد"

تكلم فهد بابتسامة سعيدة " يبدو أن حظي سينقلب سعيدا قريبا .. (واستدرك وكأنه تذكر شيئا) بالمناسبة أنا سمعت أن عاصم بك يتعرض لبعض المشاكل مع البنوك "

امتقع وجه شويكار فاستطرد فهد " اخبريني مع أي بنك تتعاملون .. ولا تحملي هما ( ونظر مرة أخرى خلفها حيث لازالت تقف كارمن وهي تتكلم في الهاتف وأكمل ) من أجل عيون من سرقت قلبي في أقل من دقيقة أنا تحت امركم"

ابتهجت شويكار وردت بسعادة " إن شاء الله ينقلب حظك وحظنا قريبا.. قريبا جدا"
نظر إليها فهد ممتنا ثم تحرك متململا ليبتعد .. فاستدارت شويكار نحو كارمن بعد أن ابتعد تطلق زفرة محبوسة في صدرها .. ثم اقتربت من ابنتها التي كانت تقول في الهاتف "مماه تقول أنه ليس من اللائق ان اترك الحفل و ... "

خطفت شويكار الهاتف من يدها ووضعته على اذنها تقول بتحفز " أنا لا أجد مشكلة في أن تحضر كارمن لحفل للجمعية .. إنها ابنة رئيسة الجمعية ومن الطبيعي أن تحضر "

هدر فارس فأبعدت الهاتف عن أذنها بانزعاج " وأنا زوجها ولابد أن أعرف بتحركاتها قبل أن تخرج من البيت .. من تعتقدينني يا هانم !!"
أعادت شويكار الهاتف على أذنها وقالت بملل تنهي الحديث " اسمع سنتحدث لاحقا في هذا الأمر .. أنا لدي حفل وضيوف"

هدر فارس بعصبية جعلت يد شويكار تتشنج على الهاتف " بالتأكيد سنتحدث لاحقا يا شويكار هانم .. فيبدو أن كريمتكم لا تعرف واجباتها جيدا .. عموما أنا أمام الفندق.. أخبريها أن تنزل حالا "

هتفت شويكار باستنكار وقد انفلتت أعصابها " كيف تتحدث معي بهذا الأسلوب؟؟ !! هل نسيت من تكون ومن أكون ؟؟!!"
امتقع وجه كارمن من حدة والدتها بينما أبعدت شويكار الهاتف عن أذنها وتطلعت فيه باندهاش ثم أعادته مرة أخرى تقول
" آلو !!! "

أعطت الأخيرة الهاتف لكارمن بعد أن تأكدت من أنه قد أغلق الخط.. لتقول كارمن "ماذا سنفعل الآن ؟.. لقد كنتِ حادة معه جدا "

اعترفت شويكار في سرها بأنها قد انفعلت بالفعل وتهورت في حديثها معه فتمتمت لنفسها " اهدئي يا شويكار ولا تتصرفي بحماقة .. مازال فارس هو الورقة الرابحة حتى الآن ومن الغباء أن تفقديها .. أما فهد فلايزال قيد الدراسة ولن تكوني غبية حتى تبتاعين سمكا يعوم في الماء "

تحركت كارمن تضع هاتفها في حقيبتها بسرعة وهي تتمتم "


سأخرج له يا مماه ولننهي هذا الأمر عند هذا الحد .. فلا أريد أن يحضر إلى هنا وتصير فضيــ ..."

قطعت عبارتها حين وجدت فارس آتيا من بعيد نحو باب القاعة .. وما أن تلاقت عينيهما حتى أدركت أنه غاضب .. غاضب بشدة ..

تحركت نحوه بخطوات بطيئة ثابتة حتى تقابلوا على باب القاعة .. فوقف أمامها متخصرا محتجزا بيديه سترة حلته خلف ظهره وعيناه تموجان بالغضب .. فبلعت ريقها وقالت بخفوت " كنت آتية "

أشار بكف مفتوح نحو خارج القاعة قائلا بصوت خافت خطر " تفضلي معي "

كانت تنتفض ..
ولم تدري ماذا سيفعل معها بالضبط .. فحانت منها التفاتة سريعة نحو والدتها وكأنها تستغيث بها للتدخل فقالت شويكار" سنتحدث لا حقا في جواز أو عدم جواز خروجها من البيت بدون إخبارك يا فارس .. لكن أتركها الآن حتى لا يلحظ الناس اختفائها المفاجئ (وصمتت قليلا لتقول ببعض التردد بعد أن تأكدت أنه بمظهر لائق) وتستطيع الانضمام لنا إن اردت "

استمر فارس في وقفته المتخصرة دافعا سترته للخلف ورد بامتعاض " آسف يا هانم .. لم تتم دعوتي لهذا الحفل رسميا .. ولست في مزاج لحضور حفلات "

قالت شويكار بإصرار "قلت لا يمكن أن تأخذها الآن ف... "

قاطعها بلهجة حازمة " بل ستخرج معي الآن وفورا يا شويكار هانم "

لم تستطع شويكار ترويض نفسها أكثر من ذلك فلم تعتاد أن يقف أمامها أحد ندا بندا بهذا الشكل ليأتي ويناطحها هذا المبلط..
فرفعت سباباتها أمامها تقول من بين اسنانها بغضب " اسمع .. هذا الأسلوب الهمجي تمارسه في الشارع وليس هنا في هذا المكان الراقي"

أنزل فارس ذراعيه عن خصره ورد ببرود وهو يقطع المسافة بينه وبين كارمن ويمسك برسغها " جميل.. دعيني أريكم بعضا من أسلوب الشوارع الهمجي "

اتسعت عينا شويكار باستنكار تداري ارتعابها منه بينما أكمل فارس وهو يهم بجرها " واقترح عليك أن تطلبي الشرطة بهذه المناسبة لتكون الفضيحة أكبر وأكبر "

غمغمت شويكار بالفرنسية بغير تصديق " يا إلهي .. لا استطيع أن اصدق ..هل ستأخذها عنوة !!!"

قال فارس بلهجة خطرة " تحدثي العربية كي أفهمك و.... "

بتر عبارته حين حررت كارمن رسغها من يده الخشنة بانفعال وتحركت تتركهما مسرعة .. فاستدار متفاجئا وتحرك ليلحق بها مناديا عليها .. لكنها استمرت في الهرولة قاطعة بهو الفندق الكبير .... غير قادرة على تحمل المزيد .

اعصابها على وشك الانهيار ..
تشعر بالاختناق ..
الجميع يتحكمون فيها ..
يقررون من أجلها ..
وكأنها دمية ..
وكأنها ليست موجودة ..
يكفي هذا القدر ..
لم تعد تحتمل المزيد .

وقفت أمام الفندق تنظر حولها لتحدد وجهتها .. فوقفت سيارة فارس أمامها بسرعة يقودها زغلول ليترجل منها الشيمي بسرعة ويقول بأدب وهو يفتح باب السيارة الخلفي "تفضلي يا هانم "

قالت كارمن وهي تمسد ذراعيها إثر رعشة اصابتها لا تعرف إن كان مصدرها داخليا أم خارجيا " هل من الممكن أن تجلب لي سيارة أجرة من فضلك؟"

حانت نظرة مختلسة من الشيمي لفارس الذي وقف لثوان على باب الفندق يراقب المشهد على بعد أمتار وكعادة الشيمي أن يفهم رئيسه من نظرة عين .. فحانت منه ايماءة طاعة ليقول بلطف لكارمن " اعتبريها سيارة أجرة آنستي .. تفضلي وسنوصلك إلى حيث تشائين"

نظرت كارمن للشيمي .. ثم أدارت وجهها نحو فارس الذي ظل واقفا متخصرا أمام باب الفندق لتركب بعدها السيارة باستسلام متوقعة أن ينضم إليهم فارس .. لكنها فوجئت بالسيارة تتحرك بدونه .. غير انها لم تكن في حالة تسمح بالتركيز في أي شيء .. بل زفرت براحة حين انطلقت السيارة بدونه .. فلم تكن ترغب في التواصل مع أحد .. أو تبرير أي شيء .. أو سماع المزيد عما فشلت في أن تقوم به ..

قاطع الشيمي افكارها يسألها بهدوء "إلى البيت يا هانم؟"
ردت وهي تتطلع في سكون الليل خارج السيارة وتمسد ذراعيها لتجاري ارتعاشها " بل الى المستشفى ..
إلى أبي "

×××××

وقفت عهد تضم قبضتيها بجانبها رافعة ذقنها بتحد ظاهري تخفي خلفه ضيقها من عودتها لهذا البيت .. بينما والدتها التي أبدت ترحيبا عاديا وكأنها قد عادت إليها بعد ليلة واحدة باتتها عند صديقتها وليس ثلاث سنوات كاملة بعيدا عنها.. كانت تجلس بترقب تنظر لزوجها الذي يمط شفتيه ممتعضا وهو يجلس بفانلته الداخلية البيضاء ذات الحمالات على الاريكة في غرفة المعيشة رغم برودة ليل الخريف ..
تمنت أن يطردها ..
أن يرفض استقبالها ..

هكذا تمنت من كل قلبها لتعود من حيث أتت.. أو حتى تبحث لها عن فندق لتبيت ليلتها ..
تكلمت أمها مدافعة " كانت تدرس يا عبود وعادت بشهادة الماجستير في إدارة الأعمال "

تكلم عبود وهو يتأملها متفحصا " معلوماتي أنها سافرت مع شابين ثريين للخارج أحدهما ابن وزير سابق فأي ماجستير بالضبط حصلت عليه "

اطبقت عهد على أسنانها تحاول التماسك وعدم الانفعال بينما قالت والدتها بعدم فهم إلام يرمي " ماذا تقصد يا عبود ؟ .. هي قالت أمامك أن تخصصها في إدارة الأعمال"

لم يرد عبود وإنما استمر في التحديق فيها فقالت عهد كاذبة " كان ذلك ضمن بعثة تابعة للجامعة بصفتنا من الأوائل "

ردت الام" أرأيت الجامعة أرسلتها لبعثة للخارج ( واستدارت لعهد تقول ) كان من الواجب اخبارنا يا عهد قبل سفرك لا أن تبلغينا بمكالمة حين وصلت لألمانيا "

نظر عبود لزوجته شذرا وقال " أعدي لي كوبا من الشاي "

انخرست زوجته وقامت على الفور بينما عاد عبود يتأمل عهد بنظرات لطالما أصابتها بالغثيان والتوتر.. يمسح على تفاصيلها بجرأة مقززة وهو يقول " وهل صرفت كل الوديعة التي تركها لك والدك للسفر والتنزه في المانيا و ...... إدارة الاعمال ؟ "

ردت عهد بهدوء ظاهري وهي تتمنى أن تتخذ ساتر من نظراته الغير مريحة " الوديعة تركها لي والدي حتى أصرف منها على دراستي وقد فعلت ذلك "

قال عبود " اذن صرفت الوديعة كلها ( وضرب كفا بكف يكمل باستهجان ) كل هذا المبلغ يذهب في الدراسة بدلا من أن يستثمر بفائدة حقيقية أي عقل هذا يا عالم !"

ظلت عهد صامته والثواني تمر بطيئة دون أن تعرف مصيرها .. بينما عادت أمها تحمل كوب الشاي ووضعته أمام زوجها وهي تقول " والدها كان دوما يرغب في أن تتعلم.. لهذا ترك لها الوديعة يا عبود .. حتى تستطيع أن تدفع مصاريف مدرسة اللغات الراقية التي تعلمت فيها "

رد عبود مستخفا " بدلا من أن يترك لها xxxxات أو مصوغات ترك لها وديعة بمبلغ من المال من أجل الدراسة !! .. ألا يكفي أنها لم ترث أرضا من الأراضي الشاسعة التي تركها والدها واستولى عليها أعمامها مكتفيا بوديعة في البنك !! ( واكمل بتهكم ) من أجل التعلم في مدرسة لغات ! .. أنا اتحسر كلما تذكرت المبلغ الذي ضاع على التعليم في مدرسة وجامعة بمصاريف كبيرة وفي النهاية تجهز على باقي الوديعة بذهابها لألمانيا مع شابين "
قالت أمها مبررة "أسرة والدها لا يورثون الأرض للنساء يا عبود لهذا ترك لها الوديعة كما تعرف ..لمَ تعيد هذا الكلام الآن؟! "

صرخ عبود بغل " ولمَ تدافعين عن زوجك المتوفي أمامي؟؟؟!!!"

استدركت أم عهد بسرعة تقول وهي تربت على صدره " اسم الله عليك .. لمَ سأدافع عنه وأنا معي سيد الرجال كلهم .. حفظك الله لنا من كل شر أنا فقط كنت أوضح لك الأمر "

مط عبود شفتيه بقرف فاستدارت أمها تقول منهية الحديث" اذهبي للداخل يا عهد لابد أنك متعبة من السفر "

حملت عهد حقيبتها الثقيلة تنسحب للداخل وعبود يشيعها بمزيد من النظرات المختلسة ثم قال لزوجته " أعدي الحمام أريد أن استحم "

تهللت أسارير أم عهد وقالت تضربه على كتفه العاري " الأولاد مازالوا مستيقظين يا رجل "
حدجها بنظرة ممتعضة ورد بإصرار " سأسبقك للداخل لا تتأخري "

فتحت عهد غرفتها القديمة لتفاجأ بوجود سرير واحد فقط كبير بدلا من الأسرّة ذات الطوابق التي كانت تتخذ واحدا منها بينما أختيها كانتا تحتلان الطابقين الاخريين ويزن الصغير كان ينام في غرفة أخرى .. فوقفت تحاول استيعاب الموقف .. لتتخصر أختها الأصغر وتقول " هذه أصبحت غرفتي وحدي"

عقدت عهد حاجبيها وقالت " وأين تنام ميّس "
ردت أختها ببرود " تنام مع يزن في الغرفة الصغيرة تستطيعين أن تنضمي إليهما "

عبست عهد وردت بغضب " ماذا تقولين أنت!! .. بل أنت التي عليها أن تذهب لتنام معهما "
صرخت اختها " أمي ... أمي .. ( وخرجت للممر تصرخ ) أنت يا أمي "

خرجت الأم تلملم في مئزرها وتقول مرتعبة " ماذا حدث يا رحاب؟؟ لماذا تصرخين هكذا ؟؟؟ .. أبوك سيخرج ليهدم البيت فوق رؤوسنا "

قالت رحاب بعصبية " ابنتك العائدة من الخارج تريد أن تطردني من غرفتي "
قالت عهد بعصبية " تكلمي بأدب معنا أنا لم أطردك "

قالت رحاب ترفع سبابتها لأمها مهددة " اسمعي يا أمي إن لم أحظى بغرفة وحدي كما اتفقنا لن اذاكر ولن احصل على مجموع في الثانوية العامة وسأحملكم جميعا أسباب فشلي "

ضربت أم عهد على فمها عدت مرات وقالت " أششش .. اخفضا صوتيكما لا أريد أن يغضب عبود وتنقلب ليلتنا بانقلاب مزاجه"
ودفعت ابنتيها لداخل الغرفة بخشونة ودخلت خلفهما.. فصرخت رحاب " هذا كان شرطي مع أبي حتى أركز وأحصل على مجموع عال"

نظرت عهد للغرفة الفارغة من أي علامة تذكر تدل على الاستذكار .. وللهاتف الذي يزن كل دقيقة بتنبيه مميز لأحد مواقع الدردشة .. بينما قالت أم عهد لرحاب " حاضر اخرسي واخفضي صوتك ( ثم اتجهت لعهد الذاهلة تنتحي بها جانبا وهي تقول بحرج ) لا تؤخذيني يا عهد .. عبود خصص هذه الغرفة لرحاب حتى تركز في دراستها آملا أن تدخل كلية الطب "

رفعت عهد حاجبا بينما أكملت أمها بحرج " تعالي مؤقتا لتنامي في غرفة يزن وميس "
شعرت عهد بالإهانة فصاحت بغيظ " ماذا تقولين يا أمي ! .. هل سأنام أنا في غرفة الصغار بينما أختي الأصغر ......."
قاطعتها أمها تربت على كتفها قائلة " تعالي يا عهد أريد أن أقول لك كلمتين "

انتحت بها جانبا وقالت بصوت خافت " عليّ أن أذكرك أن هذا البيت بيت عبود وأنه من حقه أن يقرر ترتيب الأمور فيه .. أنت عاجلا أم آجلا ستتزوجين وتستقلين ببيت لك .. وهو يرغب في أن تحظى ابنته الكبرى بغرفة وحدها .. ( واطرقت برأسها تكمل بحرج ) ولا تؤاخذيني يا حبيبتي من حكم في ماله فما ظلم "

حدقت فيها عهد مصدومة وقالت بحشرجة " لكن يا أمي أنت لن يرضيك أن تنام هذه المراهقة في غرفة مستقلة بينما أنا انحشر في الغرفة الأصغر مع اخوتي الصغار ! "

أتى صوت عبود صارخا " سعاد .. أين أنت يا سعاد "

صاحت سعاد " حالا يا عبود حالا ( وعادت لتقول بصوت خافت ) اذهبي للغرفة الأخرى مؤقتا ولنتحدث في هذا الأمر فيما بعد (وتحركت مبتعدة.. ثم ترددت قليلا وعادت لعهد التي وقفت تحدق في الأرض تستوعب الوضع وقالت وهي تفرك كفيها بارتباك ) عهد .. أريد أن أتحدث معك في أمر آخر .. ( وابتلعت ريقها ) أرجو أن تكون رحلتك لألمانيا قد جعلتك أكثر نضجا وحكمة وهدوءا .. وأن تكفي عن استفزاز عبود .. فلا أريد أن تعود تلك الأيام المتوترة في البيت بسبب شجارك معه "

اتسعت عينا عهد لتقول غير مصدقة " أنا يا أمي استفزه؟!!! .. ألا ترينه يحشر أنفه في كل شيء .. ألا تشعرين به ( وصمتت قليلا تشيح بوجهها تقاوم رغبة في البكاء ثم ابتلعت ما كانت ترغب في قوله وأكملت ) إذن أنت ترين أني اتعمد الشجار مع زوجك وبسببي يقلب البيت فوق رؤوسكم !"

صرخ عبود من الغرفة الأخرى " أنت يا امرأة يا ( .......... )"

اشمأزت عهد من السبة الوقحة التي أطلقها عبود بينما صاحت سعاد " حالا يا عبود ( وعادت لعهد تقول بسرعة ) ما أقوله أنه في مقام والدك وعليك بطاعته.. ان كان يدقق في هذا وتلك فيما يخصك قولي حاضر .. طيب .. ودعي الحياة تمر فلن يرضيك أن يطلقني ويرميني أنا واخوتك في الشارع ... تعرفينه عصبي مزاجي "

دعي الحياة تمر
دعي الحياة تمر.

رددتها عهد بينما أمها تنسحب بسرعة من الغرفة وهي تقول " أنا واثقة من أنك لن تعودي لعهد القديمة ولن تستفزيه من أجل مصلحة اخوتك "

غادرت أمها الغرفة بينما وقفت عهد تحدق في الأرض لا تعرف كيف تتصرف ..

فقالت رحاب متكتفة " أرجو أن تستمعي لما قالته أمي جيدا فلسنا على استعداد للعودة لأيام شجاركما مجددا "

رفعت عهد نظراتها إليها تتأملها بشرود فأكملت رحاب " من بعد اذنك أريد أن أنام "
ابتلعت عهد ريقها مع الإهانة وتحركت تحمل حقيبتها المثقلة بالخيبات تخرج من الغرفة ليأتيها صوت صفعة الباب خلفها تؤلم كرامتها .. فأغمضت عينيها لثوان تمنع نفسها من البكاء ووقفت في الممر تفكر ..
ما الذي اعادها إلى هنا ؟..

لماذا عادت بقدميها لهذا البيت؟؟؟
هل خوفها من أن تغضب زياد منها هو ما أحضرها للوطن؟؟
أم أملها الضعيف في أن يلتفت إليها يونس؟ .

هل عليها أن ترضى بهذا الوضع من جديد؟؟ ..
هل تستقل بحياتها كما عاشت في ألمانيا ؟
وإن فعلت هل سيقبل الناس أن تسكن وحدها ؟

فركت جبينها ..
ماذا عليها أن تفعل الآن؟؟؟
تحركت نحو الغرفة الأخرى لتجد أنها تحتوي على سريرين كل سرير لفرد واحد فسألتها ميّس بعفوية " هل ستنامين معنا؟"
ابتسمت عهد ابتسامة مُرة ووضعت حقيبتها تفكر في أن تقضي الليلة ثم تقرر في الصباح ماذا عليها أن تفعل ..
لكنها وقفت في حيرة ..
هل تحشر نفسها في أحد الأسرة
أم تفترش الأرض لتنام ؟؟!

××××


يتبع











Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 01:06 PM   #52

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الثالث 2



قبّلت كارمن جبين والدها الغارق في النوم في ذلك الوقت المتأخر من الليل وقررت أن تبيت على الكرسي بجواره في المستشفى غير راغبة في العودة للفيلا ولا المواجهة مع شويكار هانم .



لقد استنزفت طاقتها اليوم .. بل إنها توشك على الانهيار عصبيا بعد ما حدث ..

الحفلة وازعاجها .. ووالدتها وتحكماتها .. وهذا الرجل اللزج فهد الذي حتى لو كان صادقا في اعجابه بها فما فعله جعلها تشعر بالاشمئزاز ..

كيف يبدي اعجابه بفتاة على ذمة رجل آخر ! ..

شعورها الدفين برغبتها في الحصول على الاهتمام حاول اقناعها بأن ما فعله فهد يدل على مدى اعجابه بها .. وقد غازل ذلك الشعور أنوثتها ..

لكن الشخصية المحافظة المتأصلة بداخلها كانت تناطح هذا الغزل وترفضه ..



أما فارس ..

ذلك الرجل الغريب الذي فاجأها اليوم بانفعاله مثيرا بداخلها العديد من التساؤلات التي لا تجد أجوبة صريحة عليها ..



والسؤال الأهم بينهم ..

كيف علم بأنها في حفل وأنها تتحدث مع رجل ؟؟؟..

هل يراقبها ؟؟

لماذا ؟؟

ما الداعي لذلك ؟؟

إن كان في الأساس لا يوليها اهتماما.



ولماذا عرض المساعدة على والدها من الأساس ؟؟ ..



أهو وصولي كما قالت والدتها يرغب في مصاهرة عائلة كبيرة لتوطيد وجوده في العالم المخملي.. خاصة وكما تقول والدتها .. لن يجد سواهم وبظروفهم من يقبل بمصاهرته من العائلات الأرستقراطية؟ .



خلعت كارمن حذائها ذا الكعب العالي وجلست على الكرسي تمسد قدميها بالتناوب مستمتعة بملمس السيراميك الأملس البارد تحت قدميها وهمست في سرها " حتى لو كان ارتباطه بك صفقة يا كارمن .. فانت أيضا ترتبطين به لنفس الغرض .. اذن عليك أن تجدي طريقة للتواصل مادام الله قد قسم لك أن تتزوجيه .



عادت للشك من جديد ..

هل فارس فعلا هو نصيبها الذي قسمه الله لها ؟

أم إن شويكار الشبكشي ستحاول التخلص منه؟؟...

فما حدث منها اليوم مع فارس جعلها تدرك أن فهد هذا قد حاز على اعجاب والدتها ..

فهل ستعمل أمها على التخلص من فارس؟؟ ..



والسؤال الأخر... هل سيقبل فارس بهذا ؟؟.. فتلك الهيئة التي ظهر بها اليوم كانت غريبة ومرعبة وتؤكد احساسها بأنه شخصية ليست سهلة كما اعتقدت أمها .



قطع أفكارها صوت الهاتف فأسرعت تغلق الصوت قبل أن يستيقظ والدها لتحدق في الشاشة فتجد اسم لؤي .



بلعت غصة مسننة في حلقها وقررت ألا تجيب لكنه كرر اتصاله بإلحاح ففتحت باب الشرفة بهدوء وخرجت تلفحها نسمة الخريف الباردة لتجيب بصوتها الرقيق وسط سكون الليل " نعم لؤي ألم نتفق على ألا تتصل بي مجددا ؟! "



جاءها صوت لؤي يقول " اشتقت اليك كوكو "

بلعت ريقها وردت " قل ماذا تريد يا لؤي لابد أن اغلق الخط "



قال لؤي بصوت اجش " ذهبت إلى الفيلا فلم أجد أحدا وتذكرت أن اليوم حفل الجمعية السنوي .. وعلمت من مصادري هناك أنك غادرت الحفل فخمنت أنك في المستشفى بجوار والدك.."



قالت بعصبية تجاهد ذلك الشعور بالحنين لشخص إن لم يكن حبيبا فقد كان رفيقا يوما " قل ما تريد يا لؤي وإلا سأغلق "



تكلم لؤي بتأثر " هل بالفعل أصبحت ملكا لرجل آخر يا كارمن؟ .. هل تزوجت رجلا غيري ؟"



تملكها الغيظ وكأن يومها يحتمل أن تسمع هذه الكلمات من لؤي في هذا التوقيت فصاحت " اتزوج أو لا أتزوج هذا أمر لا يخصك .. وأنا لست ملكا لأحد يا لؤي .. ( وأضافت بمرارة ) بالمناسبة مبارك على الخطبة "



قال لؤي بسرعة " أنا فقط اهادن والداي المصران على أن ارتبط بابنة الشهاوي .. لكني لا انوي الاستمرار في الخطبة "



ردت كارمن وقد بلغ بها الاجهاد النفسي مبلغه " هذا شأنك وحدك يا لؤي .. لا علاقة لي به .. أرجوك لا تتصل بي مجددا فكما قلت لك من قبل طرقنا أصبحت متوازية ولن تلتقي أبدا "



صرخ لؤي قبل أن تغلق الخط " كارمن اسمعي أرجوك ..

أنا أمام المستشفى .. أريد أن أراك لبضع دقائق "



ردت كارمن بحدة " هل جننت يا لؤي ! .. كيف سأقابلك في هذا الوقت من الليل ؟..بالإضافة لأني أصبحت زوجة لرجل آخر كيف تطلب مني أمرا كهذا؟!! "



قال لؤي باستعطاف " بضع دقائق فقط يا كارمن لقد اشتقت لك .. أنا حاولت أن ابتعد لكن صدقيني لم أقدر .. فتركتك لتستريح أعصابك لكني فوجئت بخبر عقد قرانك.. اشعر أني سأجن .. أرجوك يا كارمن بضع دقائق فقط أريد أن أراك "



شعرت بالشفقة عليه لكنها قاومت شعورها لتقول بحزم " آسفة .. آسفة جدا لا استطيع .. وأرجوك لا تحاول الاتصال بي مجددا "

وأغلقت الهاتف تمسك برأسها الذي سينفجر من الصداع النصفي .. متمتمة لنفسها" فعلت الصواب يا كارمن .. فعلت الصواب .. فحتى لو كنت تشفقين على حالته .. فقد فعلت الصواب "



رفعت رأسها للسماء تطالع النجوم وحسدتها على ذلك الهدوء الذي تسبح فيه .. ثم ضغطت على رأسها بقوة تقاوم المطارق وهي تتمتم " يا رب .. دبر لي أمري يا رب "



××××

أمام المستشفى شتم لؤي وحاول الاتصال بها مجددا لكنه وجدها قد أغلقت الهاتف تماما .. فوقف متخصرا يشعر أنه على وشك الجنون .. غير مصدق أن كارمن قد تزوجت من رجل غيره ..

لطالما شعر بأنها حق مكتسب له .. لن تذهب بعيدا عن متناول يديه .. لم يتوقع أن تنقلب الأمور بهذا الشكل فجأة رأسا على عقب ..

وكان يعتقد أنه بعد تركها لتهدأ قد يستطيع اقناعها بالعدول عن فكرة الانفصال .. ولن ينكر أنه توقع أن ترضخ له بعد الحالة التي وصل إليها وضعهم المالي فلربما وافقت على أن تنتظره حتى يسوي الأمر مع والديه بشأن الخطبة .. رافضا الاعتراف أمام نفسه أنه كان يخطط اذا ما وجد معارضة شديدة من والديه أن يستغل حالة كارمن ووضع اسرتها لترضى به كزوجة ثانية.. فهذه هي الخطة البديلة التي أهداه عقله إليها لإرضاء جميع الأطراف .



ضرب كوبا بلاستيكيا ملقى على الأرض بغضب وهو يتمتم " لماذا لم تخبرها أنك حاولت الابتعاد والانصياع لوالديك ولم تقدر على التحمل يا غبي ! "

نظر حوله مفكرا .. هل يرشو أمن المستشفى ويصعد إلى غرفتها؟..

لمعت الفكرة في عينيه وهم بتنفيذها ..

لكن فجأة ..

انفجرت قبضة في فكه أوقعته أرضا فمنعته من التنفيذ .

تفاجأ لؤي رافعا وجهه مرعوبا ليواجه ذلك الرجل الذي يشرف عليه من علو لكنه تجاهل الشراسة التي تطل من عيني الأخير حين ألحت عليه غطرسته ليصرخ فيه " ماذا تفعل يا غبي ! "



في الثانية التالية كان يُرفع من ياقته ليلتصق بالحائط وعينان متأججتان بالغضب تواجهانه بينما صوت ذلك الشرس يقول " ماذا تفعل أنت هنا في هذا الوقت من الليل وفي هذا المكان"

قبل قليل أمام المستشفى :



ترجل فارس من سيارة الأجرة بعد أن طلب من زغلول والشيمي عدم العودة إليه بل هو من سيلحق بهم ..



وبعد أن استقر في مقعده الخلفي في سيارته ذات الزجاج الأسود تردد في الاتصال بها .. ليحسم أمره بعد قليل.. لكنه وجد أن هاتفها مغلقا .. فأمر زغلول بالمغادرة..

بمجرد أن ابتعدوا قليلا استدار إليه الشيمي يقول والهاتف على أذنه " لؤي عظمة أمام المستشفى "

صاح زغلول مندهشا "في هذا الوقت المتأخر !!"

بينما قال فارس بصوت مخيف " عد بنا فورا يا زغلول "

حين اقتربت السيارة من الوصول وقبل أن تتوقف تماما كان فارس يقفز منها غاضبا ويتبعه الشيمي .. ليبادر فارس بإهداء لكمة مباغتة للؤي وينقض عليه بعدها فهتف الأخير بغطرسة " ماذا تفعل يا غبي ! "

سحبه فارس من ياقة قميصه وقال بغضب مستعر " ماذا تفعل انت هنا في هذا الوقت من الليل وفي هذا المكان بالذات؟"

تدخل الشيمي بسرعة يخلص الرجل من يد فارس قائلا " فارس باشا اتركه لي .. فارس باشا اهدأ أرجوك ( وتكلم بخفوت) دع الأمر لي فليس من اللائق أن تظهر أنت في الصورة "



تمتم لؤي رغم رعبه " فارس ! .. أنت فارس سعد الدين ؟"



رد فارس ساخرا وهو لا يزال مادا ذراعه عبر كتف الشيمي ممسكا بياقة لؤي " أنا هو يا حبيب والديك ..( وهدر بصوت مرعب ) لم تجب على سؤالي ماذا تفعل هنا ؟؟"



صاح لؤي مراوغا " ولمَ تسأل؟؟ هل أنت صاحب المستشفى؟"



ترك فارس ياقة لؤي فجأة وغمغم وهو يخلع ساعته " سأعرفك حالا من أنا "

همس الشيمي الذي يقف أمامه واضعا يده على رسغ فارس يثنيه عما ينوي" فارس باشا ..لا ترخص نفسك وتخوض في هذا الأمر الحساس .."

حدق فيه فارس لثوان وصدره يعلو ويهبط من الانفعال محاولا كبح جماح نفسه .. ثم تحرك مبتعدا يعيد إغلاق ساعته .. بينما وقف لؤي منكمشا شاعرا بالرعب .. خاصة وهو يعلم علم اليقين شكل الفضيحة التي ستحدث وماذا يمكن أن يحدث له من ذلك الهمجي ورَجُله لو اثبت فارس ما كان ينويه..



بينما اقترب الشيمي يقول لفارس بهدوء" أنا لا أحبذ العراك معه يا باشا لأنه قد يدخلنا في تحقيقات الشرطة وفضائح ستضر بك وبسمعة الهانم .. ومع هذا إن أردت تأديبه .. فدع الأمر لي "

سحب فارس نفسا يحاول تهدئة غضبه الذي يفتته مستعينا ببعض التعقل رغم أنه يتمنى لو لم يكن متعقلا .. بينما هتف لؤي متصنعا الشجاعة ينكر معرفته بصلة فارس بكارمن وسبب انفعاله " أنا لا أفهم ماذا تريد مني يا هذا وسأبلغ الشرطة "



وهم بإخراج هاتفه فأمسك الشيمي برقبته ليصرخ لؤي" ماذا تريدون مني ؟"

فتح فارس هاتفه وهو يطحن أسنانه ثم قال بعد ثوان " صفوت بك .. ابنك معي هل تحب أن تلقي عليه بتحية المساء؟ "

جحظت عينا لؤي بغير استيعاب لعلاقة فارس هذا بوالده بينما صاح صفوت برعب عبر الهاتف " ماذا تريد من لؤي ؟؟؟؟"



قال فارس بلهجة خطرة ذات مغزى " ابنك يقف أمام المستشفى التي يرقد فيها عاصم السيوفي .. وللمصادفة الغريبة ابنته التي تكون زوجتي موجودة مع والدها الآن "



قال صفوت مهددا " ابتعد عني وعن ابني يا فارس واذهب وبث حقدك في مكان آخر .. ومن تزوجتها للانتقام ستحمل ذنبها تأكد من ذلك .. وإياك أن تمس شعرة من ابني أنا أحذرك"



هدر فارس منفعلا فانتبه أمن المستشفى الواقف على بعد امتار وبعض المارة في هذا الوقت المتأخر من الليل " لا تتحدث عن الذنوب ومن يحملونها يا صفوت بك فأنت أدرى بذلك مني "



قال الشيمي بهدوء يحاول تنبيهه لانفلات اعصابه في الشارع "فارس باشا ! "

سحب فارس نفسا عميقا ومرر أصابعه في شعره محاولا التحكم في أعصابه وأشار للشيمي الذي ترك لؤي بعد أن ربت على عنقه بتهديد ضمني ليقول فارس في الهاتف " لو كنت أنوي أذيته اليوم لما اتصلت بك لأحذرك من أن يتواجد ابنك في محيط زوجتي.. سأعتبرها صدفة هذه المرة .. وإن تكررت لا تلومني بعد ذلك .. سلام "

أغلق فارس الخط فصاح لؤي حانقا ببعض الشجاعة المزيفة "ما علاقتك بأبي .. وما دخله بكار .. "

يد فارس اندفعت بسرعة لتستقر حول عنق لؤي عبر كتف الشيمي الذي وقف حائلا بينهما فجحظت عينا لؤي من الاختناق وهو يحدق في عيني فارس الجاحظة غضبا ليقول الأخير بفحيح مرعب" إياك .. إياك أن تنطق باسمها على لسانك أبدا .. وإلا تأكد من أنك لن تعود لوالدك على قدميك"

تجمع بعض المارة وأفراد أمن المستشفى فتكلم الشيمي بهدوء يحاول إقناعه " فارس بك أرجوك "



بينما تدخل زغلول يبعد لؤي الذي حررته يد فارس على مضض ليأخذه إلى سيارته التي ترابط بالقرب ويدخله فيها وتراشق النظرات لا يزال متبادلا بينه وبين فارس ..



قبل أن يجلس لؤي أمام مقعد القيادة رفع سبابته مهددا دون كلام ثم استقر أمام المقود وانطلق بسيارته بسرعة .. بينما وقف الشيمي يفرق بعض المتجمعين حولهم قبل أن يفتح باب السيارة لفارس.



بعد نصف ساعة كانت السيارة تركن أمام فيلا سعد الدين ويترجل منها فارس شاردا .. منهكا .. شديد الغضب ..

ليتفاجأ بيونس ينتظره في حديقة الفيلا والذي بادره قائلا بقلق " ما بك يا فارس؟ ولمَ خرجت متعجلا ولم ترد على اتصالاتي ؟؟؟ وزغلول والشيمي راوغاني حين سألتهما عما يحدث معك !.. "



ربت فارس على كتف أخيه ورد بصوت خافت منهك" لا شيء يا يونس .. لا تشغل بالك .. اذهب لغرفتك لتستريح .. وفي الصباح أريدك أن تحضر اجتماعا هاما بدلا مني لأني احتاج للذهاب لموعد هام "

عقد يونس حاجبيه وقد استشعر حالة أخيه الغريبة لكنه فضل ألا يضغط عليه فرد وهما يعبران باب الفيلا للداخل " لا تقلق يا كبير سأكون في المصنع صباحا "



صعد فارس درجات السلم القصير المؤدي للطابق الثاني حيث الغرف بينما ظل يونس واقفا فاستدار له فارس يسأله " ألن تنام؟!"

رد يونس واضعا يديه في جيبي بنطاله الرياضي " اتخذت الغرفة الأرضية بجانب غرفة الحاجة ناني"



رفع فارس حاجبا ورد " ولماذا تختار غرفة أرضية؟ .. أمي لا تستطيع صعود السلم كل يوم ماذا عنك؟ .. الجانب الآخر يحتوى على غرف كثيرة"

أجاب يونس مازحا " أريد أن أكون بجوار ناني حتى أزعجها كلما أردت "

ليشيح فارس بيده مستسلما واستدار يكمل صعوده حيث جناحه الخاص يسار السلم .

بينما ظل يونس يحدق في ظهر أخيه متسائلا متى سيتخلص فارس من همومه .



×××

صباح اليوم التالي :



وحشتيني .. وحشتيني

سنين بُعدك على عيني

ليالي كنت مش عايش

ومستنيكي تحييني



دندن يونس مع الاغنية التي يصدح بها الهاتف بجواره وهو يرتدي سترته ويتأمل أناقته في حلة رسمية لا يرتديها إلا عند الذهاب للعمل ..



طرقات على الباب قطعت دندنته ليسمع صوت فريدة تقول " يونس هل أدخل ؟"

سألها بصوت عال " هل الفطور جاهز؟ "

بغيظ اقتحمت الغرفة صائحة " كل ما يهمك هو الفطور .. أهضمت وليمة الأمس بهذه السرعة !! "



ضيق عينيه ورد بتوبيخ " لا تقتحمي غرفتي مرة أخرى بدون أن آذن لك (وأشار بيده متصنعا القرف) هيا .. هيا انتظريني بالخارج "

صمتت قليلا ثم تغيرت ملامحها لتخلع سترة جلدية كانت ترتديها وتضعها على أقرب كرسي وهي تقول " حسنا .. لا أريد هديتك شكرا "

انصرفت غاضبة .. فتفاجأ يونس وهتف خلفها " أنتِ يا مختلة ! "



حين لم ترد أنهى ما يفعله بسرعة ليذهب وراءها ملتقطا السترة الجلدية من فوق الكرسي والتي اشتراها لها ضمن عدد من الهدايا.



بعد دقيقة دخل غرفة المعيشة ليجد والدته تتربع على الأريكة في مكانها المفضل وفريدة تناولها الدواء فصاح متحفزا " هل أنتِ مختلة ؟... يا بنت !.. ماذا حدث ؟؟!!"

لم ترد عليه وإنما استمرت فيما تفعل متجاهلة إياه .. فوقف متخصرا عابس الوجه يقول بلهجة حازمة موبخة " أنا أتحدث معك يا فريدة !"

قوست شفتيها لأسفل بحركة لا إرادية وهمست تقاوم البكاء "لم يحدث شيء "

هدر يونس بصرامة" فريدة أنا سألتك سؤالا "

تدخلت الحاجة تقول مستفهمة وهي تحرك ناظريها بينهما " ماذا حدث يا أولاد؟ "

فجأة دفنت فريدة وجهها في كفيها وأجهشت بالبكاء فأنزل يونس ذراعيه بجانبه رافعا حاجبيه بتفاجؤ .. بينما صاحت الحاجة بجزع وهي تسحبها إلى حضنها " بسم الله الرحمن الرحيم .. ماذا فعلت يا يونس ؟!! .. "



لم يفهم لماذا تبكي لكن قلبه لان لها فرد باندهاش "لم أفعل سوى بعض المناكفة العادية "



قالت الحاجة وهي تمسد على ظهرها بحنان " أقسم بالله يا يونس أن ابكيتها مجددا لن اتحدث معك أبدا "

قال بحنق" يونس مظلوم ولم يقترب من مدللتك الغالية "

ثم انقلب وجهه للجدية مجددا ليجلس على عقبيه أمام فريدة التي لا تزال جالسة بجوار الحاجة تدفن رأسها في حضنها وقال مداعبا معترفا في قرارة نفسه أن قلبه يضعف أمام هذه العفريتة " ضفدع المستنقعات"

صرخت أمه في وجهه " يونس !! "



زم شفتيه واطرق برأسه في بؤس طفولي لثوان ثم عاد يرفعها ويقول "عزيزة "

رفعت فريدة وجهها بعصبية تنظر له بعينين حمراوين ناريتين وتقول بغيظ " اسمي فريدة "

قهقه ضاحكا .. فهبت تصرخ في وجهه " أنت كريه يا يونس كريه"

واستقامت .. فارتد للخلف يستند على ذراعيه متسع العينان يكتم الضحك بينما وقفت فريدة تمسح دموعها وتعدل من حجابها استعدادا للخروج ..ليستقيم يونس بدوره ويقول" لمَ تبكين يا مختلة ؟"

تكتفت تقول وهي تشيح بوجهها عنه باعتراض " لم أعد أحتمل فظاظتك .. عموما كنت أريد أن أريك السترة التي اشتريتها لي وأنا أرتديها .. لكني عدلت عن رأيي ولن أريك إياها ..(وضيقت عينيها مفكرة ثم قالت ) أتعلم سآخذها حتى لو لم أرتديها سآخذها غيظا فيك "

شدت السترة من يده بغيظ فانقلبت ملامحه يدعي التأثر وقال بعينين حزينتين متهكما " يالي من شخص سيء الحظ! .. ضيعت من يدي فرصة ذهبية بأن أرى ضفدع المستنقعات بالسترة الجلدية التي اشتريتها لها ..(وضرب على جبهته يتصنع الندم) كيف سأعيش حياتي الآن ! "

ازداد غيظ فريدة فتحركت مغادرة تقول بحنق " سأغادر يا أمي"

أسرع يونس وراءها ليلحق بها خارج غرفة المعيشة وأمه تصيح " بالله عليك لا تضايقها يا يونس "

أمسك الأخير بمرفقها يوقفها قائلا بضحك " حسنا .. حسنا .. لا تقلبي وجهك .. ما بك حساسة اليوم ! "



حدجته بنظرة نارية فتطلع لوقفتها متكتفة باعتراض طفولي لتتسع ابتسامته ويضيف " حسنا لا تغضبي .. يا بنت أنا لم اشتريه إلا وأنا متأكد أنه سيكون عليك رائعا "



لانت ملامحها لكنها بقيت مشيحة بوجهها بتمنع .. فابتسم يناغشها قائلا " هل أعجبتك باقي الهدايا؟ .. خاصة ذلك الفستان المنقوش عليه أميرات ديزني "

استمرت على وقفتها مشيحة بوجهها لثوان ثم حركت مقلتين تتراقص فيهما القلوب الحمراء نحوه لتقول وهي تتحكم في ابتسامة سعيدة تريد أن تعلو وجهها " رائع .. فستان رائع "



اتسعت ابتسامته قائلا بتهكم " كنت أعلم أنك لا زلت طفلة"



استدارت له تهتف بحماس وقد أشرق وجهها الخمري من جديد "من أجل هذا الفستان سأسامحك ( وتطلعت في أناقته لتسأله باندهاش ) إلى أين بالحلة الرسمية ؟"

رد عليها واضعا يديه في جيب بنطاله " أخاك يريدني أن أسلم نفسي للعمل في المصنع اليوم دون أي تأخير .. "

علقت متفاجئة " بهذه السرعة ! .. متى ستغادر ؟"

رد عليها وهو ينظر في ساعته " بالكاد أتناول فطوري .. أمامي عشر دقائق.."

امسكت فجأة بطرف سترته تسحبه خلفها تقول بحماس " لا وقت للإفطار تعال لأريك شيئا "

هتف معترضا " إلى أين .. أريد أن أفطر!!! .."



استمرت في سحبه فمر على منضدة السفرة ليصيح قائلا " الطعام .. يا بنت .. الفول سيفوتني الفول .. سترتي يا مختلة!"



قطعت فريدة حديقة الفيلا وخرجت من البوابة وهي تعدل من حجابها بحركة لا إرادية تتأكد من تغطيته لمقدمة شعرها ثم توجهت يمينا حيث الفيلا المجاورة ملوحة في طريقها لزغلول والشيمي الواقفان بجوار السيارة.. فحياها بابتسامة متسعة وهما يشاهدان يونس مسحوبا من طرف سترته .. ليحييهما يونس سريعا قبل أن يلاحظ شهد ابنة زغلول التي رسمت بالطباشير على اسفلت الشارع ثلاث مستطيلات ملتصقة ومربعين .. واقفة على ساق واحد تضع أمامها قطعة من الحجر صغيرة تدفعها بقدمها التي على الأرض .. فأبطأ من حركته يقول " شهد .. كيف حالك يا بنت ؟.. لقد كبرتِ "



نظرت له شهد عبر نظارتها السميكة وتمتمت " الحمد لله "



فتأمل ما تفعله وقال صائحا " هل تلعبين لعبة( الأولى ).. هنا! .. سأبلغ عنكم مجلس المدينة "



ردت شهد بتفزلك " أليس بالمدينة فتيات مثلي تردن لعب لعبة الأولى "

رفع يونس حاجبا بينما هدر زغلول موبخا ابنته " قلت لك توقفي عما تفعلينه يا شهد "



أكملت فريدة سحب يونس تخترق بوابة الفيلا المجاورة التي يقف عليها شابين من الحراس يرتديان حلات سوداء ونظارات سوداء وسماعات لا سلكية مثبتة في أذنيهما .. فنظر إليهما يونس وهتف متعجبا " ما هذا؟!! .. هل نحن في فيلم أكشن!"



دخلت فريدة و تبعها يونس فوقف أحدهما يعترض طريق يونس قائلا "من الأستاذ؟ "

رفع يونس حاجبيه مندهشا وشاركته فريدة الاندهاش بعد أن وقفت تنظر للشاب ببلاهة بينما صاح الشيمي بغيظ " ماذا تفعل يا غبي؟ انه يونس باشا "

تحرك الشاب فورا كالمصعوق.. فاستدار يونس ينظر للشيمي بعينين متسعتين .. لينظر إليه الأخير بحرج واعتذار .. فعاد يونس وقد انقلب وجهه ليربت على وجنة الشاب بتحذير بارد قبل أن يترك نفسه لفريدة تسحبه مرة أخرى ولكن هذه المرة من كم سترته .

اقترب الشيمي من الشاب الذي تصبب عرقا وقال من بين أسنانه " فريدة هانم تدخل مع رجل .. فماذا تعتقد برأيك؟ .. حتى لو لم يكن من أهل البيت فبالتأكيد هو ضيفها لماذا اعترضت طريقه يا أذكى أخواتك ؟!!!".

هرش الشاب في رأسه بغباء ولم يرد .. فحمّر الشيمي عينيه ليقول بنظرة خطرة للشابين " شغلا عقليكما أريد يقظة بدون غباء "

وقف الشابان بانضباط احتراما للشيمي الذي نظر نحوهما ممتعضا ثم تحرك عائدا لزغلول الذي يقف يسند بمرفقه على السيارة يناظره بتهكم .. فتجاهله الشيمي ونظر في ساعته قائلا " أمامنا حوالي نصف ساعة قبل أن ينزل فارس بك .. لقد تأخر اليوم في الاستيقاظ .. "

تمتم زغلول وقد اختفت النظرة المتسلية من عينيه ليقول " بالطبع لقد عاد متأخرا ( ثم اعتدل واقفا وقال وهو يتوجه لمقعده في السيارة) تعال أريد أن أريك شيئا بالسيارة .."



في الداخل وقف يونس يديه في جيبي بنطاله يستمع إلى فريدة التي تتحدث بحماس شديد يلاحقها بعينيه وهي تتحرك هنا وهناك وتلقي بكلمات متلاحقة " في الحديقة ستكون تمارين الصباح ... "

فأكمل لها " ومكان إقامة الحفلات "



بلعت ريقها وقالت " أجل .. وهنا (وسحبته من كم سترته مجددا فتحرك معها مطيعا لتدخل في داخل المبنى وتشير للممر) هذه الناحية غرف البنات .."

فأكمل لها " وكل غرفة مسماه بأسماء أميرات ديزني "

فقالت بحماس " بالضبط "

ابتسم يونس لتكمل فريدة " والناحية الأخرى غرف البنين (واتجهت يمينا مسرعة تشده فنظر لساعته لتشرح فريدة ) كل غرفة بها أكثر من سرير بالداخل "

رد يونس بهدوء " أعلم يا فريدة لقد اخبرتيني عن هذه التفاصيل على الهاتف مرارا وهاتفي امتلأ بصور الدار .. وغرف الدار وديكورات الدار"



ضحكت وردت" لكني أردت أن أريك المكان على الحقيقة"

قال بلطف وهو ينظر في ساعته " اعدك أني سأتفقد الدار شبرا .. شبرا حين أعود .. لكن عليّ أن أذهب للعمل الآن لأن فارس سيتأخر في الذهاب "

قطبت جبينها تسأل " لمَ سيتأخر ؟!!"



حرك يونس كتفيه قائلا " لا أعرف لكني أعتقد أن الأمر له علاقة بتلك الزيجة المفاجئة الغريبة "

سألته باندهاش " ماذا تقصد بالضبط؟"

تحرك مغادرا " لا أعرف لكني لا أشعر بالراحة تجاه هذا الأمر"

هتفت باعتراض طفولي تضرب بقدمها في الأرض " يونس ! .. لم ترى باقي الغرف !!"

استدار يقول " حين أعود يا فريدة إن شاء الله أعدك أن أرى الدار التي احفظها بالفعل من كثرة صورها وفيديوهاتها التي أرسلتيها لي عنها"

صاحت تقول وهي تلحق به" وأريد اقتراح بأسماء لغرف البنين .. لم استطع تذكر شخصيات كارتونية تصلح للبنين"

استدار يقف أمامها قائلا " حاضر سأرسل لك بعض الأسماء على الواتساب"

قالت بسرعة " الكثير .. ارسل لي الكثير من الأسماء لأختار"



مد يده نحو جبينها ممسكا اصبعه الوسطى بإبهامه ثم أفلت وسطاه ليلسع جبينها بحركة مؤلمة صرخت منها.. فقهقه مغادرا بينما صوت فريدة يلاحقه معترضا " يونس أيها الفظ ! "

××××




يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 01:07 PM   #53

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الثالث 3



بعد قليل :

قال سائق سيارة الأجرة بتأفف " يا أستاذة نحن ندور في نفس المنطقة منذ مدة والمدينة هادئة في هذا الوقت من الصباح ولم نجد أحد لنسأله عن فيلا سعد الدين "

عدلت رفيدة من نظارتها الطبية وقالت وهي تبحث في تطبيق الخرائط الالكترونية على هاتفها " الهاتف يقول انها ناحية اليمين "

استدار الرجل ليقول باستنكار "مزيدا من اليمين !"

صاحت رفيدة بحزم فاجأ الرجل" لمَ أنت معترض منذ أن ركبت معك؟؟!.. إن لم تكن تريد إيصالي فاعتذر من البداية ولا تزعجني طوال الطريق ببرطمتك عن المعيشة وغلاء الأسعار ومشاكل الضرائب والتراخيص والآن تتأفف من المكان (وأخرجت من حقيبة يدها نقودا ومدتها إليه بعصبية لتكمل ) تفضل حسابك "

اخذ الرجل النقود منكمشا بينما خرجت رفيدة من السيارة بعصبية.. فانطلق الرجل بسيارته بغيظ تاركا إياها في تلك المدينة الجديدة التي لا تحتوي إلا على فيلات راقية ووحدات سكنية فاخرة ..

جاءها اتصال من أخيها فأجابت " نعم عمر "

قال عمر " أنا أسف رفيدة لم استطع ايصالك اليوم فكان لابد أن أوصل حمواي لمشوار مهم اليوم وأعرف أنك ستستطيعين التصرف "


ستستطيعين التصرف ! ..

رددتها رفيدة في سرها بضيق ..

دائما هي في نظره لا تحتاج لأي مساعدة .. إنها دوما الشخص الخارق في نظره .. أخته التي ربته فأصبحت عنده شخص خارق لا يحتاج لمساعدة أبدا رغم أنه أصبح رجلا ومسئولا عن أسرة ولم يعد طفلا صغيرا ..

لكن الأمر أصبح مؤخرا مربكا .. هل عليها أن تفرح أم تحزن لكونها شخص خارق؟!! .

تمتمت بهدوء " لا بأس يا حبيبي .. كما قلت أستطيع أن أتصرف "

قال عمر بعجلة " حسنا موفقة بإذن الله .. علي أن أذهب مديري يناديني "

تمتمت قبل أن تغلق الخط " أن شاء الله "

وقفت تنظر حولها في المكان الهادئ تبحث عن فيلا سعد الدين حيث يقع ملجأ " دار السعد للأيتام " ..

على بعد أمتار كان زغلول يقود السيارة في الشارع الخالي بطريقة مموجة متعرجة وهو يقول للشيمي الذي يجلس بجواره" ما رأيك في ( وِزَّة ) وهي ترقص .. استطعت أن أُرَقِصها "

رد الشيمي باستهزاء " أين الرقص ؟؟!!!!.. هل السير متعرجا يعد رقصا !!.. أنت فاشل من الأساس في القيادة لولا أن فارس باشا يعطف عليك يا مسكين ويوفر لك عملا "

لفت انتباهه رفيدة التي تمشي ببطء تنظر في هاتفها ثم تتطلع في الفيلات حولها ..

فقال آمرا وهو يتجاهل حنق زغلول اعتراضا عما قاله " توقف قليلا لنعرف من هذه "

شعرت رفيدة باقتراب سيارة خلفها فاستدارت براحة ترغب في أن تستوقفها لتسأل المساعدة .. فأشارت للسيارة التي توقفت وطل منها رجل مفتول العضلات بشكل مبالغ فيه وشارب كث كقوس على جانبي فمه يظهر سلسالا فضيا غليظا حول عنقه يختبئ تحت طيات ملابسه .. فقالت بتحفظ " أين من الممكن أن أجد فيلا سعد الدين من فضلك؟ "

تطلع فيها الشيمي لثوان من رأسها لأخمص قدميها ثم رد " وهل هناك من لا يعرف أين فيلا سعد الدين ؟! "

ردت عليه باستخفاف ساخرة " الحقيقة اني ألف في المنطقة منذ ربع ساعة ولم استطيع العثور عليها فمن الواضح أنها ليست بالشهرة التي تقصدها "

ترجل الشيمي من السيارة فتوجست رفيدة خيفة من هيئته وارتدت للخلف قليلا بتحفز بعد أن دست يدها في حقيبتها تمسك بالصاعق الكهربائي دون أن تخرجه .. بينما قال الشيمي بهدوء " هذا لأنك تبحثين في المكان الخطأ .. فلو دخلت من الناحية الأخرى من الشارع لاستطعت الوصول بسهولة ( وفتح لها باب السيارة يقول ) تفضلي سنوصلك فنحن نعرف المكان جيدا" .

ابتلعت رفيدة ريقها وقالت بحزم " فقط صف لي المكان من فضلك ولا أريد توصيلي.. شكرا "

رفع الشيمي حاجباه وقال " ولمَ تسيرين على قدميك ونحن نستطيع ايصالك ! "

تحركت رفيدة مبتعدة وهي تتمتم وقد بدأ قلقها يزداد بتوجس من نية هذا المنفوخ العضلات" شكرا سأجده بنفسي أشكرك "

صاح الشيمي خلفها قائلا " اتخذي اليمين القادم .. آخر الشارع ستجدين فيلا سعد الدين "

لم ترد عليه مبتعدة في توتر وعادت لتنظر لهاتفها تتبع تطبيق الخريطة الالكترونية التي أشار لها أنها في الاتجاه الصحيح .

بعد دقيقة مرت من جانبها تلك السيارة وقال الشيمي " آخر الشارع.. وسننتظرك هناك "

ازداد توترها لكنها صدرت وجهها الجامد ولم تنظر أو ترد عليه بل أخذت تتلفت حولها في تلك البقعة الهادئة تتمنى لو ترى أي انسان يشعرها بالألفة .

في السيارة اطلق زغلول ضحكة خشنة متهكمة وهو يقول للشيمي غائظا " المسكينة خافت من هيئتك .. وربما تخيلتك مجرما أو مغتصبا يا مفتول العضلات !"

لم يرد الشيمي وهو يركز في مرآة السيارة على يمينه ويتابعها مفكرا بأنها قد تتعثر وتقع إن استمرت في النظر في هاتفها غير منتبهة لطريقها ..

استمر زغلول في الحديث وهو يركن السيارة " من تعتقد أن تكون هذه السيدة؟ .. وماذا تريد من فيلا سعد الدين ؟"

قال الشيمي وهو مستمر في مراقبتها " آنسة .. اعتقد أنها آنسة "

استدار زغلول ينظر إليها عبر زجاج السيارة الخلفي وهي آتية من بعيد ثم قال " كيف آنسة !! تبدو في أواخر الثلاثين على ما أظن .. بالتأكيد متزوجة ولديها أطفال "

رد الشيمي بهدوء وهو مازال يتتبعها في المرآة الجانبية " احساسي وتفاصيل جسدها تقول أنها آنسة "

ضحك زغلول وقال متهكما " حبيبي يا حساس ! .. المهم أخبرني ماذا فعلت مع الفتاة التي تحدثها على الفيسبوك .. والتي ستكتشف إنها رجل إن شاء الله وتحلق شاربك وفقا لرهاننا "

اتسعت عينا الشيمي فجأة وفتح السيارة يترجل منها حين شاهد رفيدة التي انحشر كعب حذائها في قضبان البالوعة الحديدية في الشارع .

وقفت رفيدة ترفع قدمها بدون الحذاء تستند على القدم الأخرى شاعرة بالحرج الشديد .. خاصة وهي تلمح ذلك المخيف آتيا نحوها .. فاحمر وجهها الخمري وبدأت تتصبب عرقا وهي تحاول التوازن على قدم واحد .. ثم انحنت تحاول نزع الحذاء بعصبية من بين حديد البالوعة ..

اقترب الشيمي وقد استشعر توترها ليقول بهدوء بعد أن بدأت تتعامل بعصبية مع الحذاء " اهدئي يا أستاذة ولا تنحني بهذا الشكل في الشارع "

استقامت رفيدة تعدل من حجابها في حرج رغم احتفاظها بوجهها الجامد متمتمة في سرها " يا الله ! ما هذا الموقف السخيف "

انحنى الشيمي يضع بجوار قدمها المرفوعة جريدة ورقية وهو يقول " اسندي قدمك عليها من فضلك "

ابتلعت رفيدة ريقها ونفذت في صمت بينما نزل الشيمي يجلس على عقبيه يتعامل مع الحذاء المحشور برفق وهو يقول " تعاملك معه بعنف قد يكسر الكعب وتخسرين الحذاء كله "

راقبت يده الضخمة المليئة بخواتم فضية تتعامل مع الحذاء ليخرج في يده من بين القضبان فوضعه أمامها واستقام.. فاطرقت برأسها حرجا تدعي انشغالها بلبس الحذاء .. ليبتعد في صمت تاركا إياها تعدل من حلتها الرسمية الرمادية قبل أن تستجمع شجاعتها وتتحرك لتقترب من زغلول والشيمي وتتمتم بعبارات شكر وهي تتجاوزهما لتكمل طريقها .. فقال زغلول مناديا " يا أستاذة .. ألم تسألي عن فيلا سعد الدين . نحن أمامها إلى أين أنت ذاهبة ؟!"

نظرت رفيدة للفيلا التي يقفان أمامها ثم ابتسمت بحرج ولاحظت الفيلا الأخرى الملاصقة لها وعليها اسم ( دار السعد للأيتام ) فاتجهت مباشرة لتتجاوز الحارسين اللذان يقفان على بوابتها ..

ليهب نفس الحارس يعترض طريقها بحدة .. فأجفلت وارتدت للخلف برعب..

ضرب الشيمي على جبهته بغيظ ثم هتف هادرا" أترك الأستاذة تدخل يا غبي ! "

ارتبك الحارس قليلا ثم تنحى يفسح الطريق لرفيدة المتسعة العينين تمسك بتلابيبها في انكماش.. فاستدارت تنظر للشيمي الذي ابتسم لها في حرج من تحت شواربه ثم ابتلعت ريقها وعبرت البوابة نحو الداخل .

اقترب الشيمي من الحارس يمسكه من رابطة عنقه قائلا بتوبيخ " ألا يوجد لديك أي تمييز ؟!"

ابتلع الشاب ريقه وقال بتردد " لقد قلت لنا ألا نسمح للذبابة أن تدخل دون أن نعرف من تكون "

رد الشيمي من بين أسنانه " لكن لابد من التمييز يا غبي ..لقد أرعبت الأستاذة واعترضت طريقها بعنف غير مبرر .. أتحسب نفسك تلعب بلاي ستيشن !.. "

ابتلع الشاب ريقه ونظر لزميله ليضيف الشيمي وهو يترك رابطة عنقه" شغل مخك قبل أن تهجم على النساء بهذا الشكل المخيف .. أنت مهمتك تأمين المكان وليس ترويع الناس "

أومأ الشاب برأسه عدة مرات بسرعة علامة على الطاعة فزفر الشيمي بيأس بينما قال زغلول من خلفه متهكما وهو يلمع السيارة " مادام رئيسكم هو هذا الشيمي فالحراسة والفيلا والملجأ إذن في خبر كان "

لم يرد الشيمي على مشاكسته بل ظل شاردا بنظراته إلى داخل البوابة وسؤال يلح في رأسه " من تكون هذه الاستاذة؟"



××××

بعد الظهر

تكلم فارس منفعلا" أنا لا أقبل بهذا يا عاصم بك .. ولا أعتقد أن سيادتك توافق على ما حدث"

رد عاصم بهدوء "لديك كل الحق يا فارس .. وكارمن أكدت لي أنها لم تقصد وانما سقط الأمر منها سهوا فهي لم تعتاد بعد على كونها متزوجة .. ولاحظ أن ظروف زواجكما قد حدثت بسرعة "

قالها وهو ينظر لكارمن المنكمشة بجواره تتحاشى النظر نحو فارس.. لا يعلم أن كان حرجا أم رعبا فشجعها بنظراته على التحدث لكن شويكار استلمت دفة الحديث تصيح باعتراض " ما الذي تقوله يا عاصم .. لم يبق إلا أن تنشر له اعتذارا في الجريدة الرسمية .. ( وضربت كفا بكف تكمل باستنكار ) عجيب والله .. عليّ أن استأذن قبل أن آخذ ابنتي معي لأي مكان !"

طحن فارس ضروسه محاولا ألا تنفلت أعصابه كما حدث ليلة أمس بينما قال عاصم بحزم " أرجوك يا شويكار لا نريد أن نعقد الوضع من فضلك "

صاحت بغيظ " الوضع تعقد بالفعل فما فعله السيد المحترم في حفلة أمس كاد أن يفضحنا "

وقف فارس يطالعها بعينين تشتعلان غضبا واضعا يديه في جيب بنطاله لكنه قال بهدوء ظاهري " الوضع تعقد لأن ابنتك رفضت أن تخرج لي أمام الفندق "

صاحت شويكار " ماذا تعتقدها ؟! .. جارية عندك تأمرها أن تخرج فتخرج !! .. ( ورفعت سبابتها أمامها تكمل بعصبية ) اسمع ابنتي لابد أن تعامل باحترام .. وأن تقدر جيدا ابنة من هي .. وان كان هذا هو الأسلوب الذي تعاملون به نسائكم فنحن لا نقبل به ابدا "

صاح عاصم منفعلا فخرج صوته مبحوحا " شويكار !!! ماذا تفعلين!! "

ربتت كارمن على صدر والدها تقول بخفوت " بباه أرجوك اهدأ"

ونظرت لفارس ترى كيف سيتصرف مع استفزاز والدتها فوجدته مطرق الرأس يغمض عينيه بقوة قاضما شفته السفلى وكأنه يتحكم بصعوبة في غضبه ..

فاستشعرت أن شويكار هانم قد بدأت ترجح كفة فهد شكور .. فهذا ما يظهر لها من مجاهرتها بمعارضة فارس ومحاولة اختلاق المشاكل بهذا الشكل الفج .. وتعجبت من أن تبدأ في ازعاج فارس بهذه السرعة ..

أهي متأكدة إلى هذا الحد من فهد هذا !..

وأنت يا كارمن .. ما هو رأيك في الجدل الدائر ؟؟؟!!!

سؤال طرح نفسه بإلحاح في رأسها ..

هل ستظلين كالدمية المتحركة تتناولك الأيدي وتحركك الخيوط .. فتذهبين للجهة التي يريدها المتحكم فيك .. !! .

رفع فارس رأسه ليقول بهدوء مصطنع " نحن نعامل نسائنا بكل احترام يا هانم .. ولكن دون أن يتعارض ذلك مع كرامتنا .. وأرجو أن تتركي لنا ( وشدد على الحروف) -أنا وهي - هذا الأمر لنتفق فيه على وضع يرضي الطرفين .. فهذا يخصنا وحدنا (من فضلك ) "

قال العبارة الأخيرة محاولا استحضار كافة قواعد الأدب متحكما في أعصابه بينما ابتلعت شويكار لسانها غيظا ثم قالت مضيقة عينيها " ماذا تعني بأنه يخصكما وحدكما ؟!! ما دامت ابنتي لا تزال في بيت أبيها فليس لك عليها سلطان"

تأملها فارس بريبة محاولا فهم سببا منطقيا لانقلاب هذه المرأة عليه .. فبرغم من صلفها وتعاليها في التعامل معه إلا أنها منذ ليلة أمس وهي تتعامل معه بطريقة توحي برغبة في افتعال المشاكل لفسخ الارتباط .. وهذا لا يشعره بالراحة ويقلقه من أن تعرقله في تحقيق ما يسعى إليه.. فتساءل في سره هل حدث شيئا ليلة أمس في ذلك الحفل؟ .. إن الشخص المراقب لهما أخبره أن كارمن ووالدتها قد ذهبا إلى حفل في أحد الفنادق فلم يشعر بنفسه إلا وهو يتصل بها منفعلا ..

رد فارس وهو يطحن ضروسه" آسف يا هانم هذا الوضع لا يناسبني .. ولا يتفق مع شخصيتي وطباعي .. زوجتي تطيعني أينما كانت ".

ساد الصمت لبرهة بترقب بين ثلاثتهم وسؤال واحد يدور في عقولهم عن معنى عبارته ( أن هذا الوضع لا يناسبه ) حتى شويكار نفسها رغم رغبتها في الانفصال ابتلعت ريقها وقد شعرت بالرعب لوهلة أن يقرر فارس الانفصال قبل أن تتأكد من نوايا فهد.. فتخسر كل شيء .

بينما وقفت كارمن حائرة ..

هل تنصاع لمخططات والدتها وتتحمل معها النجاح والفشل أم تمضي قدما بزواجها من فارس ؟..

لو كان بينها وبين فارس أي تفاهم لكان الأمر اسهل عليها في القرار لكن الأمر الأن صعب ..

بل شديد الصعوبة ..

ما بين رجل هي أصبحت زوجته ولا يوجد بينهما أي مساحة مشتركة.. بل لا تعرفه بالمعنى الحرفي.

وبين رغبة والدتها في أن تطلقها لتزوجها من هذا اللزج فهد الذي هو أيضا نواياه غير موثوق بها ..

اهتز الهاتف في يدها معلنا عن استقبال رسالة فنظرت فيه لتجد رقما غير مسجل بعث لها يقول " صباح الخير على أميرة الأميرات .. آسف على التطفل لكني لم انم طوال ليلة أمس قلقا عليك فهل طمأنتني من فضلك .. فهد شكور "

جحظت عيناها من جرأته .. ودفنت الهاتف في جيبها بسرعة بينما سأل عاصم بك بلهجة متحفزة يداري قلقه " ماذا تعني بكلامك يا فارس ؟.. هل هذا تهديد !!"

استدار فارس قائلا بهدوء " حاشا لله يا بك .. ما قصدته بكلامي أني أرغب في التعجيل بالزفاف "

تفاجأت كارمن بينما صاحت شويكار باستنكار " تعجل بالزواج!!!.. كيف ونحن لم نتفق على تفاصيله بعد!!"

حدجها فارس بنظرة نارية لكنه رد متمسكا بهدوئه " نتفق الآن يا هانم (واستدار لعاصم يقول ) طلباتكم يا عاصم بك "

تنبيه على هاتف شويكار لتجد رسالة من فهد الذي سجلت رقمه ليلة أمس يقول " صباح الخيرات .. أردت الاطمئنان على الأميرة والملكة والدتها"

اتسعت ابتسامتها شاعرة ببعض الاطمئنان ثم اطبقت على الهاتف بيدها تقول قبل أن يفتح عاصم فمه " أهم شيء متى ستشتري الفيلا التي ستسكن فيها ابنتي ؟"

أغمض عاصم عينيه بيأس ممسكا بصدره يشعر بالألم بينما نظرت كارمن لأمها رافضة للفكرة فهي تفضل شقة صغيرة عن فيلا واسعة تشعر فيها بالوحدة وحدها ..

أما فارس فرد بصوت خال من أي ملامح "موجودة يا هانم .. أنا أسكن في فيلا حديثة في أحد المدن الجديدة ذات الوحدات السكنية الفاخرة التي تليق بمقامكم "

ردت شويكار متسعة العينين " هل تقصد أن كارمن ستسكن مع والدتك وأخوتك !! .. ابنتي !! .. ابنة عاصم السيوفي وشويكار الشبكشي سليلة الباشوات تعيش في فيلا مشتركة مع أسرة زوجها !!"

أغمض فارس عينيه وثنى رقبته يمينا ويسارا يحاول السيطرة على أعصابه ثم سحب نفسا عميقا ورد " أجل يا هانم لدي جناح كبير خاص بي ( واستدار نحو كارمن يقول ) تستطيع كارمن أن تغير فيه ما تريد"

اسمها منطوقا على لسانه بدا غريبا .. وغير تقليديا أرسل رجفة لبدنها ..

فبعيدا عن كونه ينطقه بطريقة غريبة ..

لكن ذكره لاسمها أربكها

و..

أشعرها أخيرا أنها طرف أساسي في هذه المباراة التي تدور بينه وبين والدتها ..

فأطرقت برأسها تهرب من عينيه المحدقتين فيها .. تفكر في حسم الجدل الدائر ..

فلا يمكن أن تستمر هذه المهزلة لأكثر من ذلك ..

أعصابها لم تعد تتحمل تلك التقلبات من والدتها ..

ولن تتحمل الوقوف في مفترق طرق لفترة كبيرة ..

تريد أن تستريح وتستقر شعوريا وذهنيا ..

تريد أن تحسم دوامة الأفكار والمخاوف التي تعصف بها منذ مدة ..

فإن كان لابد من أن تضحي بنفسها لا محالة فليحدث ذلك عاجلا لا آجلا .. فالأمر هذه المرة كما كان يقول والدها ليس فستانا أو قصة شعر ستقررها والدتها نيابة عنها .. وليس شهادة ستحصل عليها أو حفلة ستحضرها على مضض لتسعد والدتها بضع ساعات ثم تعود بسرعة لغرفتها ملاذها الآمن ..

الأمر الآن مصيري ..

يتعلق بها هي كارمن ..

ويتعلق أيضا بعائلتها ومصيرها ..

وهي اختارت حين وافقت على هذه الزيجة أن تتوكل على الله وترتبط بفارس في وضع فرضته الظروف .. مقابل أن يساعدهم في تخطي الأزمة ..

لا تنكر أن الامر يشعرها بالإهانة وبأنها صفقة ..

لكن عليها أن تنضج وتعترف أن ليس كل الزيجات تتم بعد قصة حب ..

هذا أن كانت فكرة الحب الخرافية لها وجود من الأساس ..

اذن عليها أن تقرر مصيرها بما يتفق مع السبب الرئيسي الذي من أجله وافقت في الأصل على الارتباط بفارس.. ألا وهو انقاذ العائلة .. فلو كانت حرة اليدين لاختارت أن تنفصل عن فارس وتعمل بوظيفة تعيش منها هي ووالديها .. لكنها الديون هي ما تمنعها .. فأي وظيفة مهما كانت .. ستغطي نفقاتهم بالكاد خاصة مع اعتيادهم على العيش في مستوى معيشي مرتفع ..

من ناحية أخرى رأت كارمن أن هذا ليس عدلا .. أن تطلب من فارس بعد أن بادر بدفع نفقات المستشفى وساعد والدها في بيع الشركة بأقل خسائر ممكنة .. وساعده في الاتفاق مع البنك .. أن تطلب منه الانفصال .. فحتى لو كان يحاول تعزيز وجوده في المجتمع المخملي بالزواج منها فهذا ليس عيبا وعليه كما قدم عرضه في تلك الصفقة أن يحصل على مبتغاه وهو الارتباط بها ..

الصفقة !

إنها تلك الكلمة المهينة البشعة مجددا ..

قطع صوت والدتها شرودها حين قالت " ولمَ لا تسكنان في فيلا السيوفي معنا !!"

حدق الجميع في شويكار التي أكملت ببرود " ما دامت فكرة المشاركة واردة اذن أنا وعاصم وحدنا في فيلا شاسعة .. الآلاف يتمنون أن يقضوا ليلة واحدة فيها ( ونظرت لفارس نظرة ذات مغزى وأكملت ) تخيل أن يعرف الجميع أن عنوانك هو (فيلا السيوفي ) التي هي في الأصل قصر عبد القادر السيوفي باشا "

وقف فارس متخصرا دافعا طرفي سترته للخلف وقال بلهجة حاسمة " شكرا يا هانم على هذا العرض المغري الذي لا احتاجه .. فأنا لن أعيش مع زوجتي إلا في بيتي أنا .. وسط أهلي.. وهذا ما اتفقنا عليه أنا وأخي.. أن نتزوج في نفس الفيلا.. ولو استطعنا أن نقنع زوج أختي المستقبلي بأن يستقر معنا سيكون ذلك رائعا (واستدار لعاصم يكمل ) أنا صممت الفيلا بنفسي لتخدم هذه الفكرة يا عاصم بك .. وجناحي الخاص كبير وبه أكثر من غرفة وكذلك الجناح المخصص ليونس .. ولن استطيع أن ابتعد عن والدتي وأنا ابنها البكر .. ( ورفع انظاره نحو كارمن الواقفة بجوار والدها وأكمل ) ولن أجبرك على حياة مشتركة معهم .. تستطيعين الاستقلال في كل شيء إن أردت وكأنك في شقة منفصلة "

ابتلعت كارمن ريقها وحدقت فيه هذه المرة بحيرة.. واكملت تحليل الوضع آملة في أن تصل لقرار حاسم ..

"إذن يا كارمن حسمتِ حتمية موافقتك على الارتباط بسرعة من شخص سيساعد عائلتك لعبور أزمتها فأيهما ستحسمين أمرك تجاهه ؟؟..

(وعادت لتنظر لفارس الذي كان يتبادل الحديث مع والدها مصرا على ما يقوله وقالت في سرها ) من ستختارين يا كارمن؟؟ ..فهد اللزج الجريء الذي يتودد لامرأة على ذمة رجل آخر .. والغير مؤكد النوايا .. لكنه من نفس مستواك المعيشي والاجتماعي والثقافي ويبدو مهتما .. أم فارس الغامض الذي يبدو صعب المراس .. والمختلف عنك كليا لكنه لا يظهر أي اهتمام خاص بك قد يشجعك على المضي قدما في الارتباط به ! (تطلعت لوالدتها واكملت ) تسعدين والدتك التي باتت تتصرف في الفترة الأخيرة وتحت الضغوط بشكل ترفضينه أخلاقيا ودينيا أم (وتطلعت نحو والدها الذي يتحدث مع فارس ممسكا بصدره كلما تدخلت أمها في الحديث بينهما واكملت في سرها) أم تثقين في نظرة والدك في الناس فهو يبدو مرتاحا منذ أن عقد قرانك على فارس بل يخيل إليك أنه يشعر بالراحة حين يقف فارس في وجه شويكار هانم وتعنتها "

لهجة فارس المعترضة افاقتها من شرودها وهو يقول بانفعال " أنا أرفض هذه الطريقة في الحديث عاصم بك .. ولهذا أنا مضطر للمغادرة فورا .. وأصر على طلبي في تعجيل الزواج خلال أسبوعين لا أكثر بمجرد خروج سيادتك من المستشفى .. سأنتظر ردكم بالموافقة.. ( واستدار مغادرا ) استودعكم الله "

" أنا أوافق "

قالتها كارمن بشجاعة وصوت واضح وهي تقبض قبضتيها بجانبها فتشنج كتفي فارس .. الذي استدار إليها بوجه جامد الملامح عاقدا حاجبيه .. بينما همست شويكار متفاجئة" كارمن ماذا تفعلين !!! "

تحاشت كارمن النظر في عيني والدتها التي استشاطت غضبا واستدارت نحو والدها الذي قال بسعادة لم يستطع أن يخفيها " حقا يا كارمن هذا قرارك بنيتي ؟"

ابتلعت كارمن ريقها واختلست نظرة سريعة لفارس الذي يقف متخصرا يبعد طرفي سترته للخلف لتقول لوالدها باضطراب " أجل يا أبي خير البر عاجله .. ستكون مناسبة مفرحة للجميع بعد تلك الفترة الصعبة التي مررنا بها ..أليس كذلك؟"



×××××

بعد يومين :

جلست تداري ارتباكها في مكتب سكرتيرة يونس سعد الدين تنتظر أن يسمح لها بالدخول .. تتابع بذهول السكرتيرة التي تهمس لصديقتها بعبوس "إنه فظ .. ولا يتهاون في أتفه الأخطاء"

اتسعت عينا عهد متفاجئة فهذه هي المرة الأولى التي تتعرف فيها على وجه يونس أثناء العمل فهو دائما صديق الدراسة المرح كثير المزاح .. لا تنكر أنه كان يظهر جدية تجاه الدراسة لكنها لم تحتك به في الفترة التي سبقت سفرهم والتي كان يعمل فيها في المصنع وتعمل هي في إحدى الشركات رافضة عرض زياد بالعمل معه في شركته ..

استرقت السمع لرد الفتاة الأخرى على السكرتيرة تقول بهيام "لكنه وسيم .. وسيم جدا ( وتنهدت ) من أجل وسامته هذه قد أتحمل أي شيء "

كتمت عهد ضحكتها ليرن الهاتف الموضوع على مكتب السكرتيرة التي التقطته مرتعبة تقول " نعم يونس بك "

أشارت برأسها بطاعة وكأنه يراها ثم أغلقت الخط تقول لعهد " آنسة عهد تفضلي مكتب يونس بك آخر الممر "

رفعت عهد حاجبا واستقامت تتجه نحو المكتب تكتم ضحكتها متمتمة " يونس بك !"

حين دخلت المكتب كان يونس يتكلم في الهاتف بملامح جادة جدا مرتديا حلة ورابطة عنق ويبدو رسميا بشكل غريب عليها ..

راقبت لهجته الحازمة المتعالية بعض الشيء في حديثه مع أحد الموردين .. واسلوبه في التفاوض المغلف بالجدية والحزم والذي انتهى برضوخ الطرف الآخر على ما بدا لها لينهي الحديث بعد أن أشار إليها أن تجلس .

وضع يونس السماعة واستدار إليها يمنحها ابتسامة واسعة أعادته يونس الذي تعرفه قائلا بلهجة متهكمة وهو يتصنع النظر في السيرة الذاتية الخاصة بها أمامه " أهلا آنسة ...عهد الدهشان؟ .. هل معك واسطة للتعيين لدينا "

ضحكت عهد وردت " أنت مدير صريح جدا .. تطلب الواسطة صراحة قبل التعيين "

تأرجح في كرسيه يمينا ويسارا وهو يقول " نحن لا نعين في مصنعنا إلا بالواسطة .. من واسطتك؟ "

ردت من بين ضحكاتها " انا من طرف يونس سعد الدين يا سيادة المدير "

رد عليها بسرعة " ما دمت من طرف يونس العظيم فمقبولة بالتأكيد"

قالت وهي تتأمله " أنت تبدو مختلفا في العمل .. هذا جانب جديد لم أره منك من قبل .. رغم أن زياد أخبرني أنك جاد جدا فيما يخص العمل بل وقاس أحيانا "

رد يونس مازحا " كااااذب .. زياد هذا كاذب ويطلق عليّ الشائعات المغرضة ( ووضع يده على صدره يقول ) أنا انسان لطيف المعشر "

قهقهت عهد وردت " أجل بدليل السكرتيرة الحانقة بالخارج التي تريد أن تضربك بالنار لفظاظتك"

رفع يونس حاجبا وعاد وجهه لجدية خطرة فقالت عهد بسرعة " البنت لم تقل شيئا .. يبدو أني فهمت بالخطأ .. أرجوك يا يونس لا تضايق أحد بسببي لا أقصد أن أؤذيها "

رن هاتف يونس لينظر للسماء بيأس ثم يقول قبل أن يجيب "إنه زياد .. اتصل بي عشر مرات يسأل إن كنتِ قد حضرت لمقابلة العمل أم لا .. هل اشتريت خط هاتف محلي حتى تعطيه الرقم فيحل ابن وجدي بك عن رأسي؟ "

ردت عهد بسرعة وهي تخرج هاتفها من حقيبتها " أجل اشتريت خطا محليا في طريقي إلى هنا وكنت أنوي الاتصال به بعد أن أنهي المقابلة معك "

فتح يونس الخط يقول ممتعضا " يا بني صدقني لست متفرغا لتلقي اتصالاتك كل عشر دقائق وكأنك عشيقتي ...... أجل عهد أتت وأمامي الآن حية ترزق ... ستتحدث معك من رقمها الجديد فارحمني ودعني أعمل ( واكمل بلهجة مستنكرة ) ألا يوجد لديك عملا يا زياد !! .. سلام "

وأغلق الخط فابتسمت عهد لمزاحهم الذي يشعرها بدفء تفتقده في حياتها.

قال يونس بجدية" حسنا يا عهد الدهشان ( وكتب شيء على الأوراق أمامه وهو يقول) ستعينين في القسم المالي وأرجو أن يكون التعاون بيننا مثمرا .. تستطيعين استلام عملك من الآن"

استقامت عهد تمد يدها ليونس قائلة بسعادة " شكرا يونس شكرا جدا"

منحها ابتسامة مشجعة فاستدارت مغادرة تطير من السعادة لكونها أخيرا في وظيفة حقيقية وليست مؤقتة كالوظائف العديدة التي عملت فيها منذ أن تخرجت حتى الآن .

××××

في آخر اليوم وقف زياد أمام المصنع بجوار سيارته ينتظر خروج عهد .. التي اتصلت به أخيرا بعد يومين قضاهما في قلق وشوق إليها راغبا في الاطمئنان على الأقل أن أمورها في بيت والدتها جيدة ..

سحب نفسا عميقا يقول لنفسه مهدئا "من الجيد أنها لم تقبل العمل معك يا زياد .. فلو قبلته لازداد الامر صعوبة .. فكيف ستتخطاها كما وعدت نفسك وهي معك في نفس الشركة "..

قارعته كرامته " وماذا تفعل هنا إذن أن كنت تنوي بالفعل تخطيها حفاظا على كرامتك ؟؟!!"

رد على نفسه يقنعها " أنت هنا لتطمئن عليها فقط .. إنسانيا لا أكثر .. لكن خطتك في تخطيها كما هي يا زيزو "

"زيزو "
قالتها عهد وهي تخرج إليه من بوابة المصنع الضخمة فتسارعت دقات قلبه ..

يحب حين تناديه بـ ( زيزو ) .. يحب ذلك جدا .. يفرح كطفل صغير أهدى قطعة شيكولاتة .. لكنها تناديه بها على فترات بعيدة .. فقط حين تكون سعيدة .. مثل هذه اللحظة التي هلت عليه فيها ترتدي حلة رسمية سوداء تحتها قميص حريري أبيض وتعقص شعرها الكستنائي للخلف على هيئة ذيل حصان منخفض.. فظهرت ملامح وجهها الأبيض وصدغيها العريضين .. وبدت بشكل عملي محترف وبهيئة جديدة عليها أحبها ..

أحبها جدا ..

اقتربت عهد منه تتأمل أناقته وهدوءه وهيئته الارستقراطية يقف كأمير بجوار سيارته.. فابتسمت له بسعادة ليبادرها بالقول بابتسامة متسعة يأكلها بعينيه" مبروك الوظيفة آنسة عهد "

رفعت إليه انظارها بابتسامة سعيدة وتمتمت " شكرا زياد "

هل سيكون أبلها لو قال أن هذه اللحظة من أحلى لحظات حياته وهو يرى السعادة في عينيها بهذه الطريقة حتى لو كانت هذه السعادة تعني الابتعاد عنه والاقتراب من صديق عمره أمام عينيه وفي حضوره .

قال بصوت متحشرج بانفعالاته " كيف هي أمورك ؟"

أومأت برأسها وقد فترت ابتسامتها وغمغمت "بخير "

قال مستفهما سبب فتور ابتسامتها فجأة " هل أمورك في بيت والدتك بخير ... أخبريني أرجوك "

تصنعت ابتسامة بدت له غير حقيقية وردت " أحاول التأقلم لا تشغل بالك أنت بي .. كيف حال الشركة ؟"

زفر قائلا "بخير هناك أمور كثيرة تعطلت بسفري ومتابعتي لها من بعيد .. لكني أحاول تقييم الوضع وتحديد نقاط الضعف لطرح الحلول "

ردت بجدية " هل تريد المساعدة ؟.. تستطيع أن ترسل لي الموقف كاملا على البريد الالكتروني و .. "

قاطعها قائلا بكبرياء " لا تشغلي بالك( ثم عاد يقول بمرح ) هل نحتفل بوظيفتك الجديدة ؟.. سأدفع أنا "

ابتسمت وردت معتذرة " آسفة زياد لا استطيع .. أنت تعلم لم نعد في ألمانيا "

اطرق بحزن لكنه عاد يقول " على الأقل دعيني أوصلك "

تأملته قليلا ثم قالت " هذا أيضا لا أستطيع أن أفعله .. أنت تعرف أن هذا غير مقبول هنا مثل ألمانيا "

شعر بالندم أن أجبرها على العودة فها هو يُحرم منها.. وها هي يسكن عينيها حزن لا تريد البوح به ..

على الأقل له ..

سألها " هل أحضر لك سيارة أجرة؟ "

قالت ترفع قبضتها بشجاعة مازحة " لا لسيارة أجرة خاصة يا فندم سأركب سيارة أجرة جماعية "

نظر لملابسها الرسمية وسألها " كيف ستركبينها بهذه الملابس؟ .. أقصد لماذا ستركبينها ؟"

ردت عهد ببساطة " علي أن اقتصد في المصروفات حتى أحصل على أول راتب يا فندم"

قال زياد بقلق " هل صرفت كل أموال الوديعة؟ .. هل تحتاجين لنقود؟"

ردت عهد مبتسمة" لم اصرفها كلها لا تقلق ..لكني لا أريد أن أصرفها فهي كل ما أملك .. الشيء الوحيد الذي أملكه في هذه الحياة "

قال في سره " وتملكين قلبي يا قلبي لكنه عندك ليس له قيمة "

تنحنح ينفض عنه مشاعره وقال مستسلما " كما تحبين .. ولكن عديني أنه في أي وقت تحتاجين لأي شيء ألا تترددي في طلبه مني .. وعد يا عهد ؟"

ابتسمت له تقول " وعد يا زياد ( وتصنعت المرح ترفع يدها نحو رأسها بتحية الكشافة وتقول ) إلى اللقاء يا صديقي "

ابتسم لها ابتسامة باهتة فاستدارت تبتعد سائرة على قدميها حتى أول الشارع لتنتظر سيارة أجرة جماعية تأخذها إلى ذلك البيت الكريه .

بينما وقف زياد يشيعها بعينيه مغمغما " لو لم يكن من تتمنينه هو صديقي الصدوق يا عهد لربما استطعت أن أبادر بعرض الزواج عليك وأن أتحمل وجود شخص آخر في قلبك حتى لو على حساب كرامتي حتى أطمئن عليك .. لكنك يا بنت الناس تصعبين الأمر عليّ .. تصعبينه جدا.. يا عهدي "

××××


يتبع





Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 01:10 PM   #54

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الثالث 4



جحظت عينا شويكار وهتفت غير مصدقة " ماذا قلت يا عاصم؟؟؟.. ماذا قلت ؟؟؟ !!!.. الفيلا .. فيلتنا .. فيلا السيوفي مرهونة لفارس سعد الدين !!.. كيف ومتى !!"



رد عليها عاصم وهو يقف بجوار الشرفة في غرفته بالمستشفى "حدث ذلك قبل دخولي للعمليات بساعات .. أتاني المحامي يخبرني أن رجل الأعمال الذي رهنت له الفيلا لأدفع أحد أقساط البنك يطالب بنقوده أو تؤول له الفيلا رسميا فبادر فارس بعد أن لمس تأثري بضياع فيلا أجدادي من يدي وخوفي من ألا أخرج من غرفة العمليات حيا وتصبحين أنت وكارمن في الشارع بأن يدفع له مبلغ الرهن .. ولهذا أصريت أن يؤول الرهن له حتى لا أشعر بأني بعت ابنتي .. صحيح أنه ساعدني في بيع الشركة وساعدني في التدخل لدى مسئولي البنك لجدولة الديون لكن هذه المرة دفع من جيبه حتى لا نلقى في الشارع ليمد فترة الرهن لفترة أخرى جديدة لهذا أصريت أن ينتقل الرهن له حتى لا أشعر أنه قد اشترى ابنتي .. فإن خرجت وتحسنت حالتي الصحية والمادية سأستعيدها منه وإن لم أخرج كنت قد تركتها لزوج ابنتي "



صرخت شويكار " لماذا لم تخبرني يا عاصم لماذا لم تستشيرني؟؟ "



رد بانفعال بح صوته بسببه " وماذا كنت ستفعلين حينها؟؟ .. الواقع فرض نفسه ولم أرد اخبارك حتى لا يضغط الأمر أكثر على كارمن وتشعر أنها مديونة لهذا الرجل .. ( ورفع سبابته محذرا ) إياك أن تخبريها إياك .. يكفي الضغط الذي تقع تحته المسكينة .. يكفي أنها تحمل مشاكلي ومشاكلك فوق ظهرها "

هتفت شويكار باستنكار " مشاكلي أنا ؟؟!!! .. أنا كل ما أفعله من أجلها .. تفكيري لا يهدأ أبدا لأحضر لها أفضل الفرص .. "



فرك عاصم وجهه بكفيه يحاول ألا ينفعل حتى لا يزداد الألم في صدره ثم نظر لها يقول " لا تتحدثي يا شويكار فأنت لا ترين سوى نفسك .. نفسك أولا وأي شيء يأتي بعد ذلك "

صرخت شويكار في وجهه " الآن شويكار أصل المشاكل!!! .. ألا يكفينا فشلك في إدارة أموالك حتى وصلنا لما نحن فيه الآن!! .. "



قال عاصم بانفعال " وحفلاتك وبذخك وترفك والبهرجة الكاذبة التي كنت تمارسينها ...ماذا كان يا هانم!! "



صرخت شويكار مستنكرة " إذن أنا السبب الآن فيم نحن فيه! .. "



قال عاصم محذرا "اسمعي يا شويكار .. أنا اخبرتك بهذا الأمر لأثبت لك أن الشاب خلوق ومحترم .. ووقف بجانبنا وقفة سأظل ممتنا له بسببها حتى أموت .. وكبر في نظري أكثر حين لم يتحدث بشأن الفيلا والرهن حين استفزيتيه بحديثك معه أول أمس بل وتعمدت إهانته .. لكنه ظل متماسكا ولم ينزلق للفخ الذي كنت تنوين الإيقاع به فيه .. لهذا احذرك من أن تحاولي الضغط على كارمن كعادتك لتغيير أيا مما اتفقنا عليه .. وما تخططينه من أجل فهد شكور هذا أنا غير موافق عليه ولا أراه مناسبا لابنتي حتى لو جاءني متوسلا "



صاحت شويكار باستنكار "وهل قابلته لتحكم عليه إن كان مناسبا أو لا !!"

صرخ عاصم في وجهها منفعلا "ولن أقابله .. ابنتي تزوجت وانتهى الأمر .. ابتعدي أنت عن الموضوع يا شويكار .. خففي من ضغطك على كارمن ولا تحاولي اقناعها بالانفصال أنا أحذرك"



أمسك عاصم بصدره وبدأ ينهت طالبا للهواء فاندفعت شويكار نحوه بجزع لينفضها عنه غاضبا ..بينما اقتحمت كارمن الغرفة تقول برعب " ماذا حدث يا مماه؟؟؟؟ ماذا حدث يا بباه ؟؟؟ صوتكم عال جدا اسمعه من آخر الممر "



واندفعت نحو والدها حين لاحظت إعيائه بينما جزت شويكار على ضروسها وابتعدت عن زوجها الذي غمغم بخفوت لابنته "لا تقلقي حبيبتي أنا بخير ساعديني لأعود للسرير "



بعد دقائق كانت عيني كارمن تتجولان بين والدها الذي يغلق عينيه بوهن وأمها التي تقف تطرق بعصبية بمقدمة حذائها على الأرض ..



وبالرغم من أنها لم تعرف تفاصيل الشجار لكنها خمنت أنه بسبب رفض والدتها زواجها من فارس أو على الأقل تأجيله .. وتعرف السبب بالتأكيد .

طرقة على الباب أتبعها دخول الممرضة تحمل سلة ورد فخمة تقول " لقد جاءك هذا الورد يا عاصم بك سأضعه خارج غرفتك "



توجهت شويكار لتنتزع البطاقة من السلة قبل أن تأمر الممرضة بغطرسة أن تضعه خارجا وقرأت البطاقة لتجد فهد قد كتب "مع تمنياتي الحارة بالشفاء العاجل فهد شكور "



زينت ابتسامة زاوية فمها لتقول لزوجها " أنا سأحل لك موضوع الفيلا إن كان هو السبب "

فتح عاصم عينيه وحدجها بنظرة محذرة فتجاهلته وقالت وهي تلتقط حقيبتها" سأعود بعد قليل "



نظرت كارمن لأثر والدتها الذي اختفى ثم لوالدها تقول " ماذا تقصد بموضوع الفيلا بباه "



أغمض عاصم عينيه وتمتم " لا تشغلي بالك يا حبيبتي .. شويكار قد جُنّت تماما .. اسأل الله أن يهدي لها نفسها "



××××



بعد أقل من ساعة كانت شويكار تقتحم مكتب فهد شكور تطلب مقابلته فسألتها السكرتيرة بأدب " هل هناك موعد سابق؟"



ردت شويكار بغطرسة " حاولت الاتصال به في طريقي إلى هنا لكن هاتفه كان مشغولا ( وأضافت بثقة ) عموما أخبريه أن شويكار هانم الشبكشي تريد مقابلته "



ابتسمت لها السكرتيرة ودعتها للجلوس فاستقرت شويكار على الأريكة الجلدية الفخمة تضع ساقا فوق الأخرى لتقول السكرتيرة وهي تضع سماعة الهاتف " يبدو أن لديه مكالمة على الهاتف المحمول لهذا لم يرد عليّ سأخبره بتشريف سيادتك بعد قليل "

أشارت لها شويكار بتفهم وشردت في المكتب الفخم حولها .. ترسم الأحلام بنَسَب وشيك مع مجموعة شكور للإنشاءات..



عليها فقط أن تتخطى العقبة الحالية وهي ذلك المبلط وامتلاكه لرهن الفيلا ..



أفاقت من شرودها حين وضعت السكرتيرة السماعة تقول باعتذار مؤدب " مازال لا يرد ( واستقامت من مكتبها تضيف ) دقيقة واحدة وسأعود "



خرجت السكرتيرة بينما واصلت شويكار التفكير ..



لا تعرف ماذا ستفعل بالضبط .. فصدمة امتلاك فارس لرهن فيلا السيوفي كانت قوية عليها .. خاصة وأنها ترسم الامنيات منذ أن ظهر فهد والذي يلح باتصالاته عليها مبديا عشما في أن يكون له نصيب مع كارمن ..



استقامت تحدق في اللوحات الديكورية التي تزين جدران المكان مبدية اعجابها الشديد بها وهي لا تزال تفكر ..



كارمن الغبية التي وافقت على التعجيل بالزواج من هذا المبلط!..



ما تخطط له أن تعرض على فهد التدخل لمساعدتهم في شراء رهن الفيلا .. فإن أبدى استعدادا فسيكون ذلك كضرب عصفورين بحجر واحد ..



الأول أن تتخلص من امتلاك المبلط لرهن الفيلا مما سيسهل عرقلة موضوع الزفاف..

والثاني هو التأكد من جدية فهد في رغبته في مصاهرتهم .



ضحكة عالية منفجرة جعلتها تنتبه أنها أصبحت بجوار مكتب فهد بالضبط .. فابتسمت بالتبعية سعيدة متمنية أن تتم المصاهرة بسرعة ..

لكن تلك الابتسامة تجمدت فجأة على وجهها وشعرت بالشلل في أطرافها .



ماذا يحدث ؟!!

هل تهلوس ؟؟!!

لقد سمعته يقول (ثريا هانم )!!!

بكل تأكيد قال ثريا هانم إنها لا تخرف !!!!!

اقتربت أكثر من الباب فسمعت فهد يقول " لا تقلقي قلت لك يا هانم كل الخطة تسير كما نريد .. صحيح الفتاة متعنتة قليلا لكن مع شويكار التي سال لعابها بمجرد أن أبديت اعجابي بابنتها عندي أمل كبير أن تضغط بشدة لإفساد الأمر "



شعرت شويكار وكأن دلوا من الثلج قد ألقى فوق رأسها .. فكتمت شهقة بيدها ..

شهقة متألمة ..



شهقة مصدومة غير مستوعبة ..

جاء صوت فهد " لا تقلقي أستطيع أن اخلص نفسي منها بطريقتي الخاصة بمجرد أن يتم المراد وتنفصل عن ذلك الرجل .. لا تقولي هذا يا ثريا هانم جمائلك أنت وصفوت بك كثيرة ..(صمت قليلا ثم أكمل مقهقها ) لا تخافي لن أتورط مع الفتاة وإن كان من الجميل التورط معها .. صدقا ذوق لؤي على أعلى مستوى.. اللئيم .. لا أعرف كيف استطاع الرضوخ لكم وتركها .. ( انفجر ضاحكا ) لا تنفعلي لا تنفعلي .. صدقيني لا أنوي التورط معها إنها وأمها لن يرضيا إلا بالزواج وهذا الأمر ليس من ضمن اهتماماتي .. لمَ أقيد نفسي بواحدة وهناك الكثيرات أمامي بدون قيد !! "



تسارعت أنفاس شويكار وتأججت النار في صدرها ..



ثريا الفالح !!..

لن تخرجها من رأسها ثريا الفالح ..

أمسكت بمقبض الباب في غل تنوي اقتحام المكتب .. لكنها تراجعت ووقفت تتصارع مع أفكارها لثوان لاهثة ..



ثم خطت خطوة للوراء وهي تغمغم بأنفاس متسارعة " لا .. لن أجعلها تشعر أنها نالت مني .. لن أجعلها تراني منفعلة أبدا.. سأريها من ينتصر في النهاية .. لم تنتهي اللعبة بعد يا ثريا .. لم تنتهي "



واستدارت مغادرة تجر أذيال الخيبة



××××



بعد أسبوعين :



توقفت سيارة فارس أمام فيلا السيوفي المزينة بالأنوار .. وترجل منها جاد الوجه كعادته بينما زغلول والشيمي يرتديان حلات أنيقة تليق بحفل الزفاف رغم أنهما سينتظران بجوار السيارة إلا أن سعادتهما كانت واضحة على وجهيهما ..



خرجت ريتا من سيارتها بكامل أناقتها هي الأخرى تتأمله في تلك الحُُلة .. حُلة العريس التي كادت أن توقف قلبها من أناقته ووجاهته .

كان أنيقا إلى حد مذهل ..

غامض الوجه ..

ارادت أن تراه وحده أولا بدون الجميع .. وبرغم شعور الألم الذي يتملكها إلا أنها لم تستطع ألا تحضر حفل زفافه .. يتملكها الفضول لترى عروسه عن قرب .. وأن ترى كيف سيعاملها ..



هل يحبها ؟

هل يحب تلك الصغيرة؟ ..

لماذا لا تستطيع قراءته؟ ..

ولماذا لا تستطيع أن تحدد أمنياتها بهذا الشأن؟

.. فجانبا منها تعلمه جيدا يحترق بداخلها .. يرغب في أن يكون ارتباطه بها لسبب آخر سوى الحب .. وجانب آخر يتمنى له أن يسعد .. أن يغرق في حضن امرأة تضمد جراح سنوات طويلة قضاها وحيدا .. تتمنى أن ينعم بحب امرأة تدخل البهجة على روحه الشائخة .. تريه طريق الضوء في ظلام العتمة ..

امرأة تعلم أنها لن تكون هي أبدا ..



لكنها كما قررت منذ سنوات .. منذ أن شعرت بتلك المشاعر التي تحركت بداخلها لهذا الشاب الثائر الذي قابلته في طريقها يوما..

أنها ستتمنى له السعادة حتى لو مع غيرها ..

تحركت بأناقة نحوه قبل أن يدخل للفيلا لتصيح بإعجاب "فارس حبي .. ما هذه الأناقة يا عريس "



رد فارس بهدوء" أهلا ريتا هل وصلت للتو؟"

اقتربت منه ولم تقدر على التحكم في نفسها فأمسكت برابطة عنقه تعدلها ليبتعد فارس برأسه للخلف قليلا قائلا بجمود "ريتا ماذا تفعلين؟؟؟! "



ردت ببرود متجاهلة ردة فعله الفظة التي تعلمها مسبقا في مقابل لمسه لثوان " أعدل لك رابطة العنق يا عريس "



ابتعد فارس أكثر عن مجال يديها ليقول بصرامة " تعلمين يا ريتا أني لا أحب هذه الطريقة في التعامل فأرجو منك احترامي "



تأملت وسامته الخشنة وردت بابتسامة مُرة باهتة " حسنا .. لا تغضب ... تعلم أني اشاكسك لا أكثر "



عدل من رابطة عنقه قبل أن يسمع صوت يونس يأتي من خلفه بعد أن ركن سيارته خلف سيارة أخيه وترجل منها أنيقا بحلة رسمية تنافس أناقة أخاه الأكبر بينما فريدة تقف بجانبه وتحيي زياد بابتسامة الذي كان ضمن موكب العريس بسيارته هو الآخر " ريتا ... ريتا الجميلة "



استدارت ريتا مهللة تهتف بدلال " يونس حياتي .. ها قد حضر الشاب الوسيم أخيرا "

اقترب يونس يسلم عليها ورفع يدها يقبلها وهو يقول مغازلا " تزدادين جمالا يا ريتا حاذري أن تحسدك البنات "



اطلقت ريتا ضحكتها سعيدة ثم قالت " أنت مجرم يا يونس ويا ويلها من ستتزوجها "

مطت فريدة شفتيها ممتعضة فقالت ريتا لفريدة " فريدة الحلوة كيف حالك ؟"



سلمت عليها فريدة بابتسامة مصطنعة تتمتم بالحمد قبل أن تتحرك وتعدل لفارس رابطة عنقه وتتأمله في سعادة بينما نظرت ريتا لزياد تقول " من هذا الوسيم؟ "



تقدم نحوها زياد مادا يده يقول بلطف " زياد وجدي صديق يونس "

تأملته مبتسمة وهتفت " أها ! .. تذكرت أنت ابن الوزير "



سلمت عليه قبل أن تعود لتنظر ليونس قائلة بشقاوة " العقبى لك يا يونس .. هل ستتأخر في الزواج حتى تصبح عجوزا مثل أخاك "

قهقه يونس ضاحكا وهو يحدج فارس الجامد الوجه بطارف عينيه ثم قال بلهجة متسلية " لا لا .. لست بطلا في الصمود مثله .. ( وغمز لها قائلا بتسلي) لن أتحمل أن أعيش بدون كائنا انثويا ناعما في حياتي "



قهقهت ريتا بينما تأبطت فريدة ذراع العريس وهي تقول بابتسامة صفراء " هيا يا أبيه لندخل لن نمضي الليل كله على باب الفيلا نسمع كلاما مسفا "



حدجها فارس بنظرة معاتبة فقالت وهي تتحرك معه للداخل "أتمنى أن تكون الحاجة نفيسة قد أجزلت العطاء في رقيتها لك اليوم من شر حاسد اذا حسد.. فأنت تخطف الانفاس بحق "



حان شبح ابتسامة على زاوية فمه وهو يرمقها بنظرة حانية في طريقهم للداخل بينما تأبطت ريتا ذراع يونس بدلال ليتحرك هو الآخر واستدار لزياد يسأله " ألن تدخل معنا ؟"

رد زياد بهدوء " سأنتظر وصول عهد لقد اقتربت "



قال يونس " هل رفضت أن تقلها أنت أيضا .. صدقني لقد عرضت عليها أن أرسل لها سائقا يقلها فرفضت حتى لا يسئ أحد الظن بها تعلم أننا لسنا بألمانيا "



ابتسم زياد بينما قال يونس وهو يدخل " سنسبقك للداخل "



نظر زياد في ساعته متعجبا أن رفضت عهد من يونس أيضا أن يرسل لها سيارة تقلها .. فقد كان يتوقع أن ذلك الرفض يستثنى منه يونس .. لكن على ما يبدو أنها بالفعل ترفض الأمر حتى لا يساء الظن بها.



بعد قليل ترجلت عهد بأناقة من سيارة الأجرة تلوح له بابتسامة فتسارعت دقات قلبه وهو يتأملها .. بسيطة ذات جمال حزين .. ترتدي فستان نبيتي طويل أنيق يحدد خصرها بحزام من نفس اللون فغار عليها من جمال مفاتنها أن يراها الناس.. تتحلى بأكمام طويلة منتفخة قليلا من عند الرسغ وبضفيرة تنام على كتفها الأيمن مزينة بوردات بيضاء .. فبدت كحورية بحر ساحرة ..



اقترب منها مبتسما متحكما في رغبة ملحة لأخذها بين ذراعيه شوقا ..

لقد مر أسبوعان منذ ذلك اللقاء أمام المصنع .. اضطر بعدها السفر إلى والديه في احدى دول الخليج.. وها هو قد عاد يضنيه الشوق إلى حد يوشك أن يذبح بسببه كرامته ويدلي باعترافه أمامها.. متوسلا .. متذللا .. أن ترحمه .. أن تعطيه فرصة ليهتم بها .



قالت عهد بصوتها ذي البحة الطبيعية " مرحبا زياد "

اتسعت ابتسامته مرددا " مرحبا عهد ( وأشار لها أن تتقدم أمامه وهو يكمل ) كيف حال العمل ؟"

ردت بابتسامة " لا بأس به الحمد لله "

قال زياد وهو يسمح لها بدخول الفيلا " ووالدتك وزوجها؟ "



تغير وجهها واختفت ابتسامتها تقول " أحاول التأقلم .. "

قال وقد دخلا بهو الفيلا الواسع المقام فيه الحفل " خشيت ألا تحضري اليوم "

رفعت انظارها نحوه وغمغمت " استطعت تدبر أمري لا تشغل بالك "



ولم ترغب في أن تخبره أنها أوشكت أن تيأس من إمكانية الحضور .. فزوج أمها كان متعنتا جدا ومعترضا ليس لسبب غير التلذذ بتعذيبها رغم أنها كذبت وأخبرتهم أن مدير المصنع دعا الموظفين كلهم للحضور لكنه رفض .. أما والدتها فكالعادة ما يشغلها هو خوفها من أن يقرر عبود في أي وقت تركها وأولادها غاضبا بسببها .. تتوسل لها في كل مرة ألا تكون سببا في خراب البيت .. وأن تنصاع لأوامر عبود .. وأن تقبل بمعاملته الفظة معها .. خاصة بعد أن كذبت عليه بأنها قد صرفت كل الوديعة حتى ترحم نفسها من اقتراحاته المتكررة بمشاريع للاستفادة من المبلغ .. وعلى ما يبدو أنها لم تعد ذات فائدة له لهذا بات يتعمد اهانتها وتجريحها أكثر من ذي قبل .. لكن ليس هذا هو الشيء الصعب ..

الشيء الصعب هو تحملها لنظراته الوقحة التي تطالها كلما سنحت له الفرصة لذلك.. مما يجعلها تنزوي في الغرفة معظم الوقت الذي تمكث فيه في المنزل اثناء وجوده .

سألته باهتمام تنفض عنها الكآبة " كيف حال والديك؟ "



غمغم وهو يدفع نظارته الأنيقة بسبابته " بخير والحمد لله .. مازالا يمثلان فيلم طائري الحب "

اطلقت عهد ضحكتها فغردت لها دقات قلبه ثم قالت " أنا اشعر بالسعادة كلما حكيت لي أنهما مازالا بعد كل هذا العمر يجمعهما الحب الشديد "



وضع يديه في جيبي بنطاله فتأملت وسامته وحلته التي تضفي على وجاهته سحرا إضافيا ليمط زياد شفتيه قائلا " يشعراني أني عزول بينهما أقسم بالله "

عادت لتضحك وقالت " احكي لي .. أحب سماع قصصهما "



على بعد أمتار وقف يونس وفريدة التي قالت وهي تتأمل الحفل " من الجيد أن أمي أصرت على عدم الحضور .. فحفل ارستقراطي كهذا بموسيقى كلاسيكية لشوبان لم تكن ستعتبره حفل زفاف أبدا "



رد يونس بهدوء " ناني فطنة وتعلم جيدا أنها لن تكون مناسبة في هذا الحفل الذي له طابع خاص يختلف عن طبيعتها لهذا أصرت ألا تحضر مكتفية بالمباركة لفارس قبل خروجه من المنزل "



قالت فريدة متعاطفة ترسم فمها كقوس مقلوب " أشفق عليها ألا تستطيع حضور حفل زفاف ابنها البكر ( ثم قالت باهتمام بعد أن لمحت ريتا عن بعد منطلقة مع الحضور ) هذه المرأة التي تدعى ريتا لا تعجبني لا أدر لمَ .. واتعجب من أن يظل أبيه على صلة بها "



قال يونس ساخرا " أنت دوما لا يعجبك العجب يا فريدة .. بت كالعجوز الشمطاء .. "



ردت باستنكار " أنا يا يونس عجوز شمطاء !!"

قال ببرود " المرأة شريكة أخيك في المصنع وهي من وقفت بجانبه ومن أدخله عالم رجال الأعمال وشجعته كثيرا ولولا مساعدتها له بعلاقاتها القوية لم يكن ليصل لما وصل إليه في هذا الوقت القصير "



ردت مدافعة " ووالد زياد ساعده أيضا .. كما أن أبيه تعب ودفع من عمره سنوات طويلة في عمل متواصل حتى يصل لما وصل إليه الآن "



تنهد يونس يائسا ثم قال " يا بنت افهمي .. لا ننكر أن فارس قام بعمل خرافي في أن يصل لما وصل إليه في هذا العمر .. ولا ننكر أنه يعتبر حالة خاصة جدا .. وأنه بذل مجهودا خارقا .. لكننا لابد أن نعترف أن ريتا سهلت عليه الدخول في عالم رجال الأعمال وقصرت عليه المسافات .. وأن والد زياد حين كان وزيرا ساعده بقدر المستطاع بعلاقاته دون أن يتعارض ذلك مع منصبه "



مرت من جانبهم شويكار فقالت فريدة "علينا المباركة لشويكار هانم .. لا يصح"

فاقترب الاثنان من الأخيرة التي نظرت لفريدة تقول بتعال "أهلا فريدة العقبى لك"

واستدارت ليونس ترمق وسامته بإعجاب فمد يده لها مصافحا يقول بلباقة " شويكار هانم أنا يونس سعد الدين أخو فارس "



تأملته مرة أخرى وقالت بالفرنسية " أنت من كان يدرس في ألمانيا "



رد عليها يونس بالفرنسية " أجل سيدتي ولي الشرف بمقابلتك "



لمعت عينيها تقول " تتحدث الفرنسية بطلاقة .. أدرك ذلك من اللكنة الصحيحة .. تعرف ليس الجميع يتقنون اللكنة كما يجب "



اتسعت ابتسامته ورد بالفرنسية " الفرنسية والانجليزية (وأكمل بالألمانية ) والألمانية أيضا "



ضحكت شويكار وقالت " لا أتقن الألمانية .. ماذا قلت ؟"

قال بالعربية وهو يضع يديه في جيبه " كنت أقول أني اتحدث الألمانية أيضا"



شعرت شويكار بالحسرة..

لمَ لم يكن هذا الشاب الوسيم المتعلم هو زوج ابنتها .. كانت ستفتخر به جدا متغاضية عن بساطة أصله .. فهتفت بإعجاب " بشهادة الماجستير التي حصلت عليها ولغاتك تستطيع أن تعمل في شركات مالتي انترناشيونال"

اتسعت ابتسامته ورد ببساطة" لكني غير مهتم .. سأكتفي بعملي في المصنع .."



قالت وهي تسحبه من يده مبتعدة " عليك أن تكون طموحا يا يونس وأن تفتح لنفسك مجالات عمل أوسع من مجرد المشاركة في إدارة مصنع للرخام ( وتأبطت ذراعه ) تعال لأعرفك على صديقاتي سيسرهن جدا التعرف على شاب وسيم متعلم مثلك "



تحرك معها يونس بينما وجهه للخلف ينظر لفريدة التي وقفت مستنكرة قلة ذوق المرأة التي تجاهلتها وأخذت يونس..

فارتسمت ابتسامة متسلية على شفتيه ورقص لها حاجبيه قبل أن يعود لينظر أمامه يرحب بضيفات شويكار اللاتي تهافتن عليه يرمقنه بنظرات الإعجاب ..



تأملته فريدة يمارس سحره عليهن وخفة ظله .. ويستعرض امكانياته أمامهن بعد أن لاحظ افتخار شويكار به أمام صاحباتها ..



فتلفتت فريدة تبحث عن فارس لتجده يقف بحلته الأنيقة يتحدث بجدية مع بعض رجال الأعمال.. وعلى ما يبدو أن الحديث يخص العمل فزفرت في يأس وتطلعت في ساعتها تتساءل لم تأخرت العروس في النزول كل هذا الوقت .. وهمت بأن تذهب لتفقدها والاطمئنان عليها .



لكن سرعان ما ظهرت العروس تدخل القاعة وسط عدد من الفتيات .. فنوع الحفل لم يكن تقليديا وانما على الطراز الغربي حيث موسيقى كلاسيكية غربية هادئة وموائد مرتفعة تحمل بعض المقبلات والمشروبات .. والعروسين منطلقان بين الضيوف .



دخلت كارمن القاعة بفستان زفاف ذا طابع كلاسيكي .. كان بسيطا ناعما .. خاليا من البهرجة .. يعكس الحزن الساكن في عينيها ..

حيك معظمه من الساتان الأبيض الناعم كشخصيتها ويزين الجزء العلوي منه طبقة أخرى فوق الساتان من الدانتيل المخرم يغطي الأكتاف والأكمام حتى رسغيها .. بياقة مرتفعة قليلا فبدت وكأنها من رموز الجمال في الاساطير القديمة .



شعرها البني الفاتح كان بسيطا في عقدة عالية بعض الشيء وتضع طوقا رقيقا من الياسمين الأبيض فوق رأسها .



كانت رائعة الجمال بحق ..

وكانت ..

مرتبكة ..

بل مرتعبة ..

ربما احست بهذه المشاعر من قبل.. أن تحضر حفلا دون أن يكون لها رغبة حقيقة في حضوره .. لكن الأمر هذه المرة ليس كالمرات السابقة .. فلن تنهي الحفل طال أم قصر لتعود إلى غرفتها مكانها المفضل لتختبئ فيها بين عالمها الخاص الهادئ ..



هذه المرة لن تعود لتنام في سريرها جزيرتها المريحة..

هذه المرة لن تكون وحدها بل لن تكون وحدها بعد ذلك ..

رفعت انظارها نحوه فارتجف قلبها .. شاعرة بالخوف..

أجل الخوف ..

عليها أن تعترف بذلك ..



هل كان عليها ان تتريث قليلا قبل أن تخاطر بالموافقة على تسريع الزفاف ؟ .. أ كان هناك فرصة لتجنب تلك الزيجة لكنها استسلمت؟ ..

ادارت وجهها تبحث عن والدها ربما شعرت ببعض الطمأنينة فوجدته يقف ببقعة ما بعيدا عن التجمعات يستند على عصاه صامتا يرد المباركات بإيماءة هادئة من رأسه ويتبادل عبارات مقتضبة مع من يهنئونه من رجال الأعمال ..



تلاقت عينيهما لثوان قبل أن تقترب منها والدتها لتقودها بخيلاء أمام العيون الكثيرة المتباينة الألوان .. المتفحصة بفضول بشري أصيل لكل إنش فيها باعتبارها العروس ..

ولم تنس شويكار أن تلكزها بحركة صامتة فهمتها فورا فتحركت شفتيها بشكل آلي لترسم ابتسامة بلاستيكية تتقنها جيدا لم تصل لروحها .. قبل أن تتجمد تلك الابتسامة وهي تراه يقف أمامها بوجهه الجاد .. ليخترق والدها المشهد يأخذ يدها من يد والدتها ببعض الخشونة احرجت شويكار ويطالع كارمن بحنان لم تكن ترغب في استقباله منه هو بالذات حتى تتماسك ولا تنهار بالبكاء ..



قبّل عاصم جبينها بصمت .. غير قادر على قول أي شيء .. وأي قول يمكن أن يقال في موقف كهذا ؟!.. ثم استدار لفارس الذي مازال واقفا ينتظر أن يستلم عروسه .

يستلم!

ابتسمت ساخرة للعبارة ..

فبرغم كل شيء ..



وبرغم قرارها الذي لم تجد منه مفرا.. لكنها لا تستطيع محو فكرة كونها صفقة من رأسها .



سلام دافئ بين والدها وفارس أعاد إليها بعض الطمأنينة ليس ثقة في فارس وإنما ثقة في والدها .. لتجد بعدها يدها قد انتقلت من يد الأخير ليد أخرى فاقشعر بدنها للمسة يده.. الخشنة ..



بعد قليل وقفت فريدة بابتسامة مليحة بجوار أخيها تحمل علبة مخملية كبيرة الحجم تطلعت لها الرؤوس بترقب .. لتفتحها على طقم من الألماس لم تنكر كارمن أنه .. كان رقيقا وثمينا ..



فاستسلمت ليده التي ألبستها الخاتم ثم الاسورة.. وتلا ذلك عقدا من الألماس شعرت أثناءه بأنفاسه الدافئة بجوار أذنها قبل أن تتدخل أخته بعد أن لكزها يونس قائلا " تدخلي فأخوك مرتبك وسيفضحنا "



ساعدته فريدة في تثبيت قفل العقد فاختلست كارمن النظر لفارس لتجد وجهه جادا .. بينما رفعت والدتها ذقنها بفخر أمام أعين بعض الحاضرات اللاتي استطعن من نظرة واحدة تقييم هدية العريس ووضع تقدير تقريبي لثمنها .. وكان ذلك التقدير كفيلا لأن تلمع اعينهم اعجابا أو حسدا أو حقدا ..

لتتوالى المباركات من الحاضرين على كارمن التي استسلمت لها كعروسة ماريونت مشدودة بخيوط وإن كانت الخيوط هذه المرة مؤلمة أكثر من أي وقت مضى .. بينما وجدته يبتعد مستقبلا مباركات الرجال ..



اقترب يونس من فريدة يمسك بمرفقها قائلا " أنت يا نجمة الحفل .. لم هذا الشعور بالتفوق الذي تتصرفين به؟.. انظري لنفسك وانظري للفتيات في الحفل حولك ستدركين الحقيقة بسهولة"



رفعت فريدة حاجبا وقالت " وما هي هذه الحقيقة؟ .."



تطلع إليها لثوان ثم رد بابتسامة صفراء مستخفة " بأنك تشبهين ضفدع المستنقعات "

اكفهر وجهها لكنها استطاعت السيطرة على غيظها وقالت وهي تهم بالابتعاد "لن أعلق على كلامك فيكفيني ما أعرفه عن نفسي وما أراه من إعجاب في عيون الآخرين "



قطب جبينه وامسك بمرفقها قائلا بلهجة متحفزة " هل عاكسك أحد هنا؟"

شمخت بأنفها وردت متخصرة " ومن سيتجرأ على فريدة سعد الدين "



لاحظته يتأمل فستانها الأبيض والمشغول بطبقة إضافية مفرغة من الورود السوداء المشغولة فوق القماش تغطي جذعها حتى الخصر الذي يزينه شريط ساتان وفيونكة سوداء .. تنسدل بعدها تنورة من الساتان الأبيض مزينة عند الأطراف بنفس الورود السوداء .. بينما أكمام الفستان كانت ناصعة البياض .. أما حجابها فكان يمتزج فيه اللونين الأبيض والأسود بشكل أنيق..



فوقفت متخصرة لتقول باستعراض " لم تخبرني برأيك في الفستان "

رفع حاجبا ثم رد " جميل الأبيض والأسود معا يذكراني بسيارة الأجرة "

امتقع وجهها وهتفت بحنق " يونس!!"

تأمل ملامحها الطفولية الغاضبة وقال بهدوء " لا تنفعلي لستِ كسيارة الأجرة .. بل كرقعة شطرنج مبهرة ( وحين جزت على أسنانها بغيظ قال متصنعا البراءة ) ما رأيك كالكلب مرقش المرقط؟"



قالت من بين أسنانها " وما أدراك أنت بالأناقة يا بقلظ أفندي (واكملت بكبرياء ) لست بحاجة لرأيك من الأساس .. "




رد عليها
باستخفاف" اصبحت أكثر غرورا يا ضفدع المستنقعات ..( وأكمل بلهجة ذات مغزى وعيناه تراقب إحدى الفتيات من بعيد ) أنا يونس العظيم يا بنت .. أستشعر الجمال عن بعد كالرادار "




واطلق صافرة اعجاب .. لتتطلع فريدة إلى حيث يحدق بعينين تتفجران منها القلوب لتجد فتاة ترتدي فستانا ورديا رقيقا وحجابا .. فمطت شفتيها بامتعاض وهمت بالابتعاد فأوقفها بلهجة خطرة " انتظري لم انتهي من حديثي بعد "



وقفت متكتفة أمامه فأكمل وهو يعيد النظر لفارس ولكارمن الواجمة تقف بعيدا عنه في وسط بعض من معارفها " هناك أمر غير طبيعي يحدث .. فلا يبدو أخاك سعيدا ولا تبدو عروسه كذلك"



ردت فريدة بقلق " أنا أيضا أشعر بوجود أمر غير طبيعي في هذه الزيجة حتى اني خمنت انها زيجة مصلحة من أجل العمل .. ولو هذا التوقع صحيحا سأحزن كثيرا على أبيه "



رد يونس مستهجنا الفكرة " أي مصلحة ! .. ما سمعته أن والدها كان على وشك إعلان إفلاسه فماذا سيستفيد أخيك إن لم يكن يريدها لشخصها"



لم ترد فريدة بل وقفت ساهمة تتأمل العريس والعروس .. فاكمل بلهجة متسلية " عموما لا جدال في أن عروسه جميلة جدا .. هذا النمس صام عن النساء وأحسن اختيار فطوره"

ضربته على ذراعه ضربة آلمته فالتفت لها متألما ليجدها ترمقه بنظرة موبخة وهي تقول بغيظ" ابعد عينيك عن عروس أخيك "



رد عليها مغتاظا وهو يمسد على ذراعه متألما " يدك تلسع كمضرب الذباب ! كيف سأنظر لعروس أخي أيتها المختلة !! هل أنا في نظرك بهذه الدناءة ؟!!.. أنا أتحدث عن جمالها كإنسانة"



شعرت بالندم لتسرعها في اتهامه بهذا الشكل فهي تعلم جيدا أنه ليس هذا الشخص النذل لكنها رفضت أن تعترف فعوجت فمها ليشيح يونس بيده قائلا بقرف "هيا أغربي بهيئة ضفدع المستنقعات المرقط هذه عن وجهي "



احتقن وجهها وهمت بالابتعاد فقال مستدركا "كلا لا تبتعدي حتى لا يعاكسك الشباب .. فلست في مزاج لضرب أحدهم الليلة ( واشار بيده بتعال ) التصقي في أي ركن حتى تنتهي الليلة وأوصلك للبيت وأسلمك لنفيسة كما تسلمتك منها "



ردت باستخفاف "هل تسمح لي فخامتك أن اذهب وأقف مع العروس؟"



أشار بيده بغطرسة وهو يضع سيجارة غير مشتعلة في فمه ويقول ممسكا السيجارة بأسنانه "أسمح لك .. اذهبي وسأخرج أنا لأدخن قليلا "


يتبع










Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 01:11 PM   #55

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الثالث 5



على بعد أمتار كان فارس يقف مع بعض رجال الأعمال يتناقشون بأمر العمل وحالة السوق ووقف معهم عاصم بك يستند على عصاه يتأمل فارس الذي يناقش بجدية أحد الأمور .. فأكثر ما يعجبه في هذا الشاب أنه معتزا بنفسه واثقا فيها .. لا يشعر بأي نقص في وقفته مع رجال أعمال مخضرمين .. وما لمسه بالاحتكاك معه أنه تاجر بالفطرة لديه موهبة فذه في الحسابات والأرقام .. موهبة تتخطى من درسوا في الجامعات ,, ولم يخفى عليه احترام معظم من تعرفوا عليه هذه الليلة له ولم يخف عليه أيضا نظرة الاستخفاف التي يتعامل بها بعض المتغطرسين معه حتى أن أحدهم تعمد التحدث بالإنجليزية متعمدا وهو يوجه الحديث لفارس فوضع الأخير يده في جيبه وقال بهدوء "تحدث العربية كي أفهمك يا مراد بك"



وقتها ابتسم شاعرا بالفخر أن نظرته لن تخيب ان شاء الله في هذا الشاب .. واستدار ينظر لابنته الواجمة من بعيد شاعرا بوخز في قلبه .. بألم لن يهدأ إلا بعد أن يراها سعيدة .. وهذا أمر صعب المنال حاليا .. لكنه لم يجد بدا من الموافقة على تسريع الزفاف .. حتى يبعدها عن شويكار ..

لم يعد يتحمل جنون زوجته وتحكمها وضغطها عليها .. يريد أن يبعدها كليا عن الحفلات والسهرات وما إلى ذلك .. حتى لو اضطر لاقتلاعها من أرضها في بيته وزرعها في بيت آخر .. بيت طيب أصيل هادئ .. آملا أن يمد الله في عمره حتى يراها تتفتح بسعادة وراحة بال..



يعلم أنها ليست كأمها .. بل إنها أقرب لشخصيته المحبة للهدوء والبساطة والجلسة الدافئة في بيت مريح .. فكارمن لا تمتلك طموح شويكار المتطرف ولا تنبهر بالمظاهر مثلها ... وقد حاول مرارا أن يمنع تحكم أمها فيها لكنها بحبها الشديد لوالدتها كانت لا تخالفها ولا تعارضها أبدا .. لكن حين بدأت تتخذ قرارات شجاعة بمخالفة والدتها والموافقة على الإسراع بالزفاف من فارس شعر بالراحة..



لكنه يعلم أن ابنته لن تشعر بالسكينة الآن بل سيحتاج الأمر لبعض الوقت .. آملا أن يكون قراره صحيحا واقتلاعه لها من أرض خربة كانت ستسممها عاجلا أم أجلا ووضعها بغتة في أرض أخرى خصبة كان في صالحها ..

رفعت كارمن أنظارها نحوه وابتسمت له ابتسامة هادئة تتصنع سعادة هي أبعد ما تكون عليها فأرسل لها ابتسامة حانية يداري بها وخز قلبه .



أما ريتا فوقفت من بعيد تتأمل كارمن ..

رقيقة ..

جميلة ..

لا تنكر.



وحزينة أيضا ..

لم يفتها ذلك .



حاولت قراءة ملامح فارس لكنها تاهت ولم تستطع أن تكتشف مشاعره ..

دوما هو غامض..

لكن الليلة عينيه أكثر غموضا ..وملامحه أكثر تحفظا وجمودا ..

لن تنكر أنها شعرت بالراحة حين استشعرت أنه ليس متيما بعروسه كما استشفت ..

لكن ذلك الجانب منها الذي يتمناه سعيدا كان حزينا عليه .. يتمناه أن يغرق في العسل ..

عسل امرأة تعوضه عن صومه عن النساء حتى هذا العمر .



تمتمت في سرها "أهو انتقام يا فارس أم ماذا؟ .."



ثم عادت توبخ نفسها

" من الأفضل ألا تعلمي يا ريتا ففي كلتا الحالتين ستتألمين "



تأملت العروس من جديد .. وقررت أن تذهب إليها ..

لتهنئتها..



ظالمة هي الدنيا ..

قاس هو الشعور بأنك وصلت في الوقت الخطأ..

مميت هو الشعور بأنك الشخص الخطأ ..

الشريك الخطأ .



مؤلم هو التمني المصاحب لليأس من الوصول ..

ومُعَذِب هو اشتهاء فاكهة محرمة عليك ؟



خطت خطوات ثابتة نحوها بعد أن مسدت بكفيها بحركة تلقائية جانبي فستانها الأسود الأنيق الفاتن بشهادة الجميع .. لكنها ولأول مرة تشعر بأن هناك من تفوقت عليها ..

لأول مرة تغار من .. طفلة بالنسبة لها ..



اقتربت من كارمن التي تتجمع حولها الشابات وقالت بمرح مصطنع " ألف مبروك يا عروستنا "

انتبهت إليها كارمن تُهديها احدى ابتساماتها المتقنة لتكمل ريتا "سأعرفك بنفسي مادام أبو الفوارس لم يعرفنا "



أبو الفوارس !



تطلعت فيها كارمن بنظرة متفحصة .. ولم تدر لمَ توقفت عند هذا اللقب الذي خرج من فم المرأة ..



بينما أكملت ريتا " أنا ريتا زيان .. سيدة أعمال وشريكة زوجك"



شريكة !!

لمَ بدت هذه الكلمة غير مريحة !



"ولمَ أهتم؟!!!"

قالتها كارمن في سرها وهي تسلم عليها وترد ببعض العبارات اللبقة ..

قالت ريتا بلؤم لم تستطع السيطرة عليه " أوصيك بأبي الفوارس .. فهو يستحق السعادة عن جدارة واستحقاق بعد سنوات كثيرة من الشقاء"



شعرت كارمن بعدم الفهم ..

وعدم الراحة ..

لكنها لم تكن في حال يسمح لها بالتدقيق فابتسمت لها ابتسامة مجاملة لا تحمل أي معنى ..لتنسحب ريتا بعد أن أهدتها ابتسامة مصطنعة وهي تتمتم في سرها " لئيمة أنت يا ريتا .. من الجيد أنها لم تنتبه لما كنتِ تهذين به "

في حديقة الفيلا كان يونس يدخن سيجارته حين لمح تلك الفتاة ذات الفستان الوردي تتحرك ببطء تنظر في الأرض وكأنها تبحث عن شيء .. فلمعت عيناه واقترب منها بهدوء يقول " مساء الخير .. هل تبحثين عن شيء ؟"

رفعت الفتاة وجهها الأبيض تطالعه بعينين خضراوين وقالت بصوت رفيع رقيق ناغش ذكوريته" ابحث عن قرط صغير"

ابدى اهتمامه وبدأ يبحث في الأرض معها قائلا" أي قرط وأنت محجبة"



رفعت إليه رأسها ترمش ببعض الغباء ثم تكلمت بنفس الصوت الرفيع " القرط يخص أختي الصغيرة"

حرك يونس رأسه علامة على الفهم وفتح كشاف هاتفه المحمول يبحث معها مختلسا النظرات نحوها لتأتي فتاة أخرى من داخل الفيلا تقول بحماس " وجدناه .. وجدناه يا لوليا "



ظهرت الابتسامة على وجه لوليا واستدارت تقول له بلهجة ممتنة "شكرا لك أتعبتك معي "

وتحركت مسرعة .. فتأملها بنظرة مقيمة وهو يغمغم "لا شكر على واجب يا ... لوليا"

ثم سحب نفسا عميقا من سيجارته وأطلقه في الهواء متسليا .



بعد قليل عاد يونس لبهو الفيلا حيث حفل الزفاف ليمر على زياد وعهد الذين يتبادلون الحديث فوقف يشاكسهما حتى جاءت احداهن تقول بتهليل " زياد .. كيف حالك يا حبيبي "



ابتسم زياد ورد بلطف " أهلا ( تونت كوثر ) كيف حالك؟ "



نظرت كوثر ليونس الذي تعرفت عليه منذ قليل تقول" هل أنتما أصدقاء؟ "

مط يونس شفتيه ورد مازحا " لم يسبق أن رأيته من قبل "

فلف زياد ذراعه حول رقبة يونس ضاغطا وهو يقول " إنه صديقي يا تونت "

ضحكت كوثر وقالت " ناهد اخبرتني أنك كنت تزورهما منذ أيام ( ونظرت لعهد التي تطالعهم بصمت وسألت ) من هذه الحلوة ؟.. صديقتك يا زياد ؟"

رد زياد يعرفهما " عهد الدهشان زميلة الدراسة .. وهذه يا عهد كوثر هانم صديقة أمي "

رحبت بها عهد فهتفت المرأة بإعجاب " تليقان ببعضكما "

تنحنح زياد متحرجا لتقول كوثر وهي تسحب يونس " تعال يا يونس فشويكار هانم تريدك"



ابتسم يونس لها مجاملا وامسك بذراع زياد ليأخذه معه لكن الأخير أفلت منه بقوة .. فتحرك يونس خلفها ثم استدار يتوعد زياد الذي رفض أن يأتي معه .. فوقف زياد يتطلع فيه ببرود واضعا يديه في جيبي بنطاله يرقص حاجبيه من خلف نظارته بتسلي .. لتطلق عهد ضحكتها التي غردت في أذن زياد قبل أن تقول" صدقا أنتما طفلان "



انضم يونس لبعض السيدات صديقات شويكار يمازحهن بخفة ظله فوقفت شويكار تتأمله بإعجاب وحسرة .



لكن مع هذا فهي سعيدة أن اتمت زواج ابنتها قبل زواج لؤي

وأنها أفسدت لثريا مخططها حين أعلنت فجأة للجميع موعد العرس الوشيك .. حتى فهد شكور حين اتصل بها عندما علم بحضورها وانصرافها دون مقابلته أخبرته بكل تماسك أنها كانت تحمل له دعوة فرح كارمن لكنها اكتشفت أن بطاقات الدعوة قد نفذت من حقيبتها .. وحين ابدى فهد بعض الخيبة المصطنعة مستمرا في تمثيله ردت عليه شويكار بضحكة متهكمة قبل أن تقول " حظ سعيد يا فهد بك في المرة القادمة "



تأملت جمال ابنتها وتفاصيل الحفل والحضور فخورة بنفسها وغمغمت في سرها " ليس آخر المطاف يا شويكار .. ليس آخر المطاف المهم أنك انتصرت على بنت الفالح هذه المرة أيضا .. تخيلي وجهها حين وصلتها دعوة الزفاف .. لابد أنها كانت ستموت من القهر "



اقتربت فريدة تحي الجميع بابتسامة مجاملة ثم سحبته من ذراعه معتذرة لهن مبتعدة ووقفت بعدها تقول " يونس .. هل تعرف ماذا تفعل هذه المرأة ؟؟.. إنها تعرف صديقاتها عليك بدلا من فارس .. وما تفعله معهن تسرق به الأضواء من العريس (ونظرت نحو فارس المندمج في الحديث واكملت بإحباط ) لا تكن لئيما وحجم شعبيتك قليلا واعطه الفرصة لأن يكون نجم الحفل .. أنا مذهولة من عدد المعارف الذين قابلتهم هنا والعدد الذي تعرفت عليه لأول مرة !"

قهقه يونس وقال " أنت ساذجة ولا تفهمين ماذا أفعل منذ بداية الحفل "

تخصرت تسأله باستخفاف" ماذا تفعل يا عبقري"

قال يونس بهدوء " أولا .. لا يمكن لأحد أن يسرق الأضواء من فارس سعد الدين لا أنا ولا أي شخص آخر مهما كان .. ففارس يفرض وجوده في أي مكان .. ثانيا ( وبدأ يخلع سترته الأنيقة ويناولها إياها ) أنا منذ بداية الحفل أفهم ماذا تفعل شويكار بالضبط وأتركها تتفاخر بي هنا وهناك معدا لبنت سلطح بابا مفاجأة ستخرج من أذنيها "

تناولت فريدة السترة محدقة فيها ثم قالت باندهاش " علام تنوي يا مجنون؟؟؟ "

رد عليها بابتسامة واسعة غامزا لها بعينيه " Show Time "



راقبته فريدة بذهول وهو يتحرك ناحية السماعات الكبيرة المثبتة في الحائط لينزع منها السلك الذي يبث الانغام الكلاسيكية الهادئة ويوصل اسلاك السماعات بهاتفه بينما صمت الجميع في ترقب ليهتف يونس " اسمحوا لي .. أنا لا أتخيل عرس أخي دون أن أرقص له .. وهذه الموسيقى الكلاسيكية لشوبان لا تصلح للرقص .. ولهذا اسمحوا لي أن ارقص على انغام أغنية أخرى "

سرت الهمهمات بينما تحمس الشباب وتجمعوا للمشاهدة فشعرت فريدة بالحرج وهي تتلفت حولها متسائلة في سرها "علام ينوي هذا المجنون !."



ابتسمت شويكار لصديقاتها تقول "رائع .. هذا الشاب رائع بمعنى الكلمة .. متعدد المواهب .. بالتأكيد تعلم بعض الرقصات الغربية أثناء وجوده في ألمانيا"



فابتسمت صديقاتها يوافقنها بينما صدحت كلمات أغنية عربية جعلت شويكار تجعد جبينها لتستوعب



وقف يونس والاغنية تملا المكان بإيقاع غربي ثم تحرك ليقف أمام فريدة التي تمنت لو تنشق الأرض وتبلعها من أفعال هذا المجنون .. الذي بدأ بالرقص بحركات غربية مثل مايكل جاكسون .. ناظرا إليها بتسلي غامزا بعينه .



أنا .. لو خس جسمي..

كفاية اسمي..

ومجنون رسمي ..

بس ابن حلال.

ابتسمت شويكار بسعادة وهي تسمع تعليقات صديقاتها على مدى روعته شاعرة بغصة مسننة في حلقها وتتحسر .



وفي الأصول..

بمشي معدول.

ما بعيشِ الدور وبتاع افعال.



انقلبت الأغنية فجأة لأغنية تحمل نغمات شعبية عربية راقصة لينقلب معها يونس برقص شعبي .. مبرزا حركات رقصة المطاوي الشعبية مشيحا بيديه وذراعيه ومستخدما جذعه في بعض الأحيان ..وكأنه يشهر مطواه في وجع الجميع راقصا .

وماليش أنا في القََيامَة

مرسوم على وشى الابتسامة

وفي أي بلد ليا علامة

والبركة في حب الناس

عدل ياقة حلته بوجاهة غامزا لفريدة

ولا عمري أنا قولت عِيبَة

ولا حصل مني افعال غريبة

علشان ماتحطش في مصيبة

و دايما بالناس حساس.



وتحرك يتراقص أمام فريدة ملعبا حاجبيه والتي تلفتت حولها بحرج لترى الوجوه المتباينة الانطباعات ما بين مستنكر ومنبهر ومعجب ومتسل وضاحك ومستمتع .. بينما تطلعت كارمن بصدمة ليونس من بعيد وبحثت عن وجه والدتها ولم تخطئ رصد امتقاعه من هذا البعد بينما كان والدها مبتسما ..



أما فارس فبرغم جدية ملامحه إلا أنها لمحت نظرة متسلية في عينيه وهو يشاهد شقاوة أخيه.



أما شويكار الشبكشي فجحظت عيناها واصفر وجهها خاصة بعد أن اطلقت إحدى الحاضرات ابتسامة شامتة كاشفة عن كونها من حزب ثريا الغائبة عن الحفل ..

قالت إحداهن بالفرنسية بقرف " يا الله أليست هذه الأغنية شعبية وهذا رقص حواري "

ردت صاحبة الضحكة بتسلي " رقصة السنج والمطاوي في الحواري الشعيبة يا حبيبتي .. اصهاركم مسليين جدا شويكار هانم "

اتبعت كلامها بضحكة رنت كلسعات النحل في أذن شويكار .. بينما قالت أخرى بإعجاب " الشاب مميز جدا .. أحببت هذا المزج الثقافي "

ولا خنت مرة ولا جيت على حد

انا كنت بقدّر أنا أي حد.

إذا كان قديم ..أو مستجد.

والبركة في حب الناس

البركة في حب الناس.



وقف زياد يصفق على أنغام الأغنية الراقصة ويضحك على أفعال صاحبه المجنون وشاركته عهد التصفيق وهي تقول ضاحكة " ماذا يفعل هذا المجنون لقد قلب الحفل من شوبان لرقص المطاوي "

قال زياد من بين ضحكاته "غالبا يجلط بنت سلطح بابا"

استدارت إليه عهد مندهشة تسأله " من !! "

أشار لها زياد بعينيه على شويكار الشبكشي ومال عليها ليقول هامسا" والدة العروس .. حكى لي أنها متعالية ومتغطرسة جدا "

كتمت عهد ضحكتها وهي تحرك نظراتها بين شويكار ويونس الذي بدأ يقترب منهما راقصا ثم سحب زياد من طرفي حلته الأنيقة ليستسلم له الأخير حتى وصلا للساحة التي تحولت لساحة رقص شعبي ووقفا أمامه راقصا ... ليفاجئ زياد الجميع بمجاراته للرقص أمام يونس.. ولم يكن مجرد رقص وإنما رقص شعبي.. رقص المطاوي متقن وكأنه قد تربى في الساحات الشعبية .. فضحك يونس جزلا بينما وضعت فريدة يدها تغطي فمها تغمغم في ذهول " لا حول ولا قوة إلا بالله .. يونس أفسد الشاب المؤدب .. ( وأكملت لنفسها مستنكرة ) رقص المطاوي يا زياد !!"



أنا جدع ..

أيوة أنا جدع ..

في مرة حد .. مني اتوجع؟ ..

ولا لساني نطق بكلمة ورجع

واللي يقول غير كدة كداب

أنا أشرّف في أي حتة

ولا بتهز من أي جِتَة

وفي أي بلد أنا رجلى حاطة

وليا في كل مكان صحاب .

صرخت كوثر مستنكرة " زياد !! .. ابن الوزير .. يا الله ابن الوزير السابق رأفت وجدي .. لا أصدق !!! ( وأخرجت هاتفها تفتح الكاميرا ) لابد أن تعرف أمه بهذه الفضيحة .. لابد أن أرسل لناهد ماذا يفعل ابنها في غيابها "



شعرت شويكار بالإعياء فجلست على أقرب كرسي تحاول سحب دفعات مجزية من الهواء لداخل صدرها بينما ردت سيدة أخرى بلهجة سعيدة " أرى أنكم تعظمون الأمور .. ماذا حدث أن رقص هو أو يونس رقصة شعبية .. العالم أصبح منفتحا والثقافات تداخلت .. وكما نقلد الغرب نقلد من هم مختلفون عن ثقافتنا .. انظروا للساحة هل يونس المسئول عن نزول كل هؤلاء الشباب والبنات لمشاركته ؟.. اتركوا الشباب يمرحون فبالتأكيد زماننا ليس كزمانهم "

قالت ثالثة " أتفق معك يا دكتورة سحر .. الشباب ظريفون وقد قلبوا أجواء الحفل "



استمر يونس يرقص أمام زياد بينما عهد تشاهد كليهما بسعادة أدخلت الدفء على قلبها .. رغم صدمتها وهي تشاهد اتقان زياد لرقص الحواري .





أنا لما بصاحب .. أصاحب التمام

الصحبة التمام.. بتجيب قدام

و اصحابي بتوع فعل.. و مش كلام

مسا مسا على اجدع صحاب



ولا عمري أنا بصيت في رزق حد

ولا حياتي وقفت يوم على حد

ماسبتش حد أنا وقت الجد

ولا عمري قفلت الباب

ولا وعدت وعد .. وخليت بيه

ولا كان مبدئي أساسي الجنيه

تقدير الناس .. كان عندي أساس

و كسبت أجدع صحاب

كسبت اجدع صحاب



راقبت كارمن يونس الذي توجه مجددا لفريدة واستدار يوليها ظهره ثم يميل عليها بجذعه رافعا وجهه لأعلى ..

انا جدع ..

أيوة أنا جدع ..

في مرة حد مني اتوجع ؟..

ولا لساني نطق بكلمة ورجع

واللي يقول غير كدة كداب

أنا أشرّف في أي حتة

ولا بتهز من أي جِتة

وفي أي بلد أنا رجلى حاطة

وليا في كل مكان صحاب

أخرجت فريدة التي تكتم ضحكتها ورقة نقدية من حقيبتها ولصقتها على جبينه متهكمة .. فاعتدل يونس يمسك بالورقة ويلصقها على جبينها قبل أن يتركها عائدا للساحة .. التي تجمع بعض الشباب وصغار السن يملؤونها بالرقص الشعبي .. منهم المتقن ومنهم الذي يحاول التقليد باستمتاع ..

فغمغمت كارمن في سرها وقد بدأت تسترخي قليلا " يبدو أن يونس هذا شديد التعلق بأخته .. ليتني رزقت بأخ مثله في حياتي"



أما عهد فأطرقت برأسها وقد كسى وجهها الحزن تغمغم بإحباط" استسلمي يا عهد .. فليس لك مكانا في هذه العائلة "



بعد قليل وقف أحد الشباب يتتبع فريدة بعينيه .. وقال معجبا "من هذه الفاتنة السمراء "

رد صاحبه "إنها فريدة سعد الدين أخت العريس "

تأملها متمتما باسمها " فريدة .. جميل فريدة.. حاولت ابداء اعجابي بها لكنها عبست في وجهي وكشرت عن أنيابها "

رد عليه صاحبه" إن كانت هي قد كشرت عن انيابها فحاذر يا سهيل يا عزيزي أن تؤكل حيا "

لمعت عينا سهيل وقال " أهي خطيرة إلى هذه الدرجة !!"

رد صاحبه " بل يونس سعد الدين يا خفيف من سيأكلك حيا إن اقتربت منها "

قال سهيل " هل تعرفهما عن قرب؟ "

فأجاب صاحبه " إنهما زملاء الدراسة ومعنا في شلة المدرسة الثانوية "



فتطلع سهيل لفريدة التي تتبادل بعض العبارات مع العريس وتمتم " النية خير بإذن الله "



في ركن من القاعة اقترب يونس من المائدة المفتوحة يتأملها قائلا " خسئت يا فارس خسئت .. هل هذه مائدة طعام أم عينات في المتحف للزينة .. كان لابد أن تكون أكثر صرامة مع بنت سلطح بابا على الأقل ليجد الشخص منا فخذ ضأن يمنحه بعض الطاقة وتسكت الغربان التي تنعق في معدته "



سمع ضحكات مكتومة بجواره فتنبه ليجد لوليا والفتاة الأخرى والتي لم يكن يعرف إن كانت صديقتها أم أختها تقفان أمام المائدة واستشعر بفراسته الذكورية أنهما يتغامزان عليه .. وتأكد حين لكزت الفتاة لوليا وتركتها .. لتنتفخ أوداجه ويقترب منها نافشا ريشه يقول بلطف " مساء الخير "



استدارت لوليا ترفع إليه وجها مخضب بالحمرة وردت السلام بخجل فسألها " أهو بخير ؟"

رمشت بعينيها عدة مرات بعدم فهم ثم قالت

"من؟!!"

قال وهو يرمش بعينيه يقلد حركتها " ذلك القرط .. كنت أريد أن اتأكد أنه بخير بعدما تاه المسكين بعيدا عن صاحبته "



انفجرت ضحكتها فابتسم يونس وهو يقيمها بنظرة ذكورية لتجيبه لوليا "أنت ظريف .. لا تقلق إن القرط بخير "

رد يونس " أنا قلبي رقيق يقلق على الألماس.. "



تخضبت بالحمرة وارتبكت فقالت وهي تهرب من نظراته المحدقة فيها " أنا أحب الأغاني الشعبية وأحببت الأغنية التي رقصت عليها "

ابتسم يونس ورد" وأنا أحبها أيضا ..لكن هذه ليست أغنية شعبية"

اتسعت عيناها وسألته " من أي نوع هي؟ "

رد بثقة " يلقب المؤرخون هذا النوع من الأغاني باسم أغاني المهرجانات ( وحين وجدها ترمش عدة مرات بعينيها بدون فهم أوضح ) أغاني الحارة الحديثة التي تسمعينها في التكاتك (ورمش بعينيه عدة مرات مقلدا حركتها وسأل ) هل تعرفين التوكتوك ؟!"

انفجرت لوليا ضاحكة وردت " رأيته في التلفاز "



وضع يونس يده على صدره وقال بثقة " يونس سعد الدين .. وأنت لوليا أليس كذلك ؟"

أومأت بخجل ليلاحظ يونس عهد وزياد مغادران فسألهما " إلى أين ؟"

ابتسمت عهد له ابتسامة حزينة بينما قال زياد " لابد أن تعود عهد فلن تستطيع أن تتأخر أكثر من ذلك "



ابتعدت عهد مغادرة فاقترب يونس من زياد يسأله "هل ستوصلها؟"

رد الأخير بأسف " مصرة على أن تستقل سيارة أجرة "

قال يونس " وحدها في هذا الوقت ؟"

تكلم زياد وهو يبتعد "سأقود السيارة خلف سيارة الأجرة حتى تصل للبيت .. ابلغ اعتذاري لفارس .. سلام "

عاد يونس للوليا التي تحركت تنسحب فقال ليوقفها " هل استطيع أن أخذ رقم هاتفك لأطمئن على القرط ؟ "

××××

فتحت عهد باب الشقة بيد ثقيلة لتخطو بخطوات مثقلة بالكآبة إلى الداخل .. لكن توقفت قدميها متسمرتان بعدما أغلقت الباب واكتشفت أن عبود كان يجلس على الأريكة المقابلة للباب في انتظارها مرتديا فانلته البيتية الأثيرة ذات الحمالات وبنطال بيتي قصير يطالعها بنظرات متحفزة ..



ابتلعت ريقها وطحنت ضروسها تداري رغبتها الملحة في ضرب هذا الرجل وقالت " مساء الخير"

قال عبود وهو يتأملها بنظرات تشعرها بالقشعريرة والاشمئزاز متأملا تفاصيل جسدها " لماذا تأخرت يا ست البنات ؟.. وأين كنت بالضبط ( وأكمل بكلمات بطيئة تخرج من بين شفتيه لزجة كريهة ) بهذه الأناقة "



ردت تتصنع الهدوء تذكر نفسها بكلمات والدتها المتوسلة إليها بألا تثير غضبه من أجلهم " كنت كما أخبرتك من قبل في حفل زفاف صاحب العمل وكل الموظفون كانوا حاضرين "

رد وهو مستمر في مسحها بعينيه " لكننا اتفقنا على أن تعودي الساعة العاشرة "

نظرت عهد في ساعتها وقالت بأنفاس متسارعة تحاول السيطرة على انفعالها حتى لا تصرخ في وجهه " الساعة العاشرة و عشرون دقيقة .. تأخرت بسبب الزحام "

أطال عبود النظر في تفاصيلها ثم قال " وماذا سيقول الجيران حين يلمحونك آتية في هذا الوقت ترتدين هذا الفستان الذي يبرز مفاتنك .. الـ ... مثيرة "

ازدادت ضربات قلبها بقوة وتوترت فحضنت نفسها بحركة تلقائية حين وجدت عينيه قد استقرتا بكل وقاحة على .. ثدييها.

فغمغمت "أنا متعبة وسأنام "



قالتها بسرعة ثم اندفعت هاربة نحو الداخل متقبضة حتى لا تهاجم هذا الرجل بكل الغل المكبوت في صدرها وتقتله

فصرخ عبود معترضا " عهد .. عهد أنا أتحدث معك يا عهد .."



خرجت زوجته من غرفة نومها تقول بفزع" ماذا حدث يا عبود لماذا تصرخ هكذا"

قال عبود بجبين يتصبب عرقا من رغبة محمومة بداخله غير قادر على اشباعها " ابنتك المصونة .. عادت متأخرة .. وتركتني اتحدث وانصرفت بكل وقاحة .. هل أنا ( أراجوز ) في هذا البيت!! "



حاولت سعاد تهدئته واخذت تتأسف وتراضيه بشكل أغاظ عهد التي جلست في الغرفة الصغيرة بجوار سرير اخاها يزن تفترش الأرض .. حيث المكان الذي تتخذه للنوم منذ أن عادت من الخارج .. فلفت الملاءة حول جذعها بإحكام متدثرة بها تقاوم الارتجاف .. وتغطي على صيحات الوعيد والاسترضاء التي تأتيها من الخارج .. فأخذت تدندن وهي تحتضن ركبتيها مائلة بجذعها للأمام والخلف بحركة رتيبة .. بينما دموعها تنهمر في صمت ..



دندنت أغنية كان يدندنها لها والدها رحمه الله :

في البحر موجة.. بتزق موجة
و الشط زحمة .. و زعيق و هوجة
و ( دوددا) تضحك .. و تقول لـ بابا
يا بابا هات لي .. بسكوت و نوجة



مسحت دموعا انسابت بغزارة واكملت تطمئن نفسها :

و بابا طبعا .. عايزها تكبر ..

و تبقى اكبر .. و تبقى احلى
و تبقى يعني ..


في جمالها وردة


في البحر سمكة..


بتزق سمكة
عالشط واقف


صياد بشبكة



××××



يتبع










Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 01:12 PM   #56

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الثالث 6



في آخر السهرة فتح فارس باب سيارته لكارمن التي شعرت بالبرودة بمجرد أن خرجت من فيلا السيوفي بعد أن أجبرت نفسها على الابتعاد عن حضن والدها الدافئ الذي كان متأثرا وهو يحتضنها بقوة .. فتطلعت حولها تبحث عن والدتها فلم تلمحها.

كانت المطارق تضرب في رأسها بنوبة صداع نصفي بدأت منذ بداية الحفل فعادت تحدق في والدها الذي يسلم على فارس بحرارة قائلا " ابنتي أمانة في رقبتك "
لاح بعض التأثر على وجه فارس – أو هكذا خيل إليها – وهو يسلم عليه بحرارة متمتما " لا تقلق عليها يا بك "

قبل أن تدخل السيارة اقبلت شويكار تمسك بهاتفها قائلة " انتظري يا عروس لأصورك في آخر لقطة لك وأنت تغادرين فيلا والدك .. ستكون صورة مؤثرة جدا حين ننشرها على الفيسبوك "

تسمرت كارمن لثوان وودت لو تستبدل هذه الصورة المؤثرة بعناق طويل مع والدتها .. لكنها تدرك أنها قد خيبت أمل أمها كالعادة حين اختارت أن تكمل مع فارس مُفسِدة مخططات والدتها وأمنياتها مع فهد شكور .. الذي توقف عن مراسلتها لحظها السعيد بمجرد أن تم اعلان موعد الزفاف ..

لكن والدتها كانت حزينة .. حزينة جدا لعدة أيام بعد تحديد موعد الزفاف .. فحمّلت كارمن نفسها ذنب شعور والدتها بالإحباط بسببها ..
ابتسمت كارمن للكاميرا في يد والدتها لتلتقط شويكار عدة صور لها ثم تقترب منها تطبع قبلة جافة لم تروي ظمأ كارمن و التي تمتمت متأثرة وقد بدأت الدموع تتدفق من عينيها " آسفة مماه .. آسفة جدا .. كنت أتمنى أن أسعدك لكن هناك أمور لم أستطع فعلها صدقا .. آسفة "

ارتعشت نبضة في قلب شويكار وبدأت تتخلص من تأثير الحفل وحالة التفاخر والمباهاة والرغبة في افحام الأخريات اللاتي يرغبن في الشماتة فيها .. لتدرك أخيرا انها تودع ابنتها قبل أن تذهب لبيتها .. في اعتراف متأخر بأمومة غلبتها الأنا .. شاعرة ببعض الذنب الذي يلوِّح من زاوية بعيدة جدا متواري خلف شغاف قلبها .. تجاه طفلتها الوحيدة ..
لكنه ادراك متأخر ..

فقد دخلت كارمن سيارة عريسها ليستدير فارس من خلف السيارة ويركب بجوارها ثم يجلس الشيمي في المقعد الأمامي بجوار زغلول ..
وتنطلق بهم مبتعدة .



بمجرد أن تحركت السيارة أخرجت كارمن رأسها من السيارة تنظر لوالدها الذي يمسح دموع أب متأثر ولوالدتها التي استوعبت أخيرا أنها تُزوِج ابنتها ..

لكنه إدراك متأخر لا يفيده الندم .. ولا ينفع فيه الاستدراك .



على الطريق كان الطرق في رأس كارمن على أشده .. وبدأ ينتقل بخبث تدريجيا الى عينها .. وازداد وقعه حين بدأ زغلول يتراقص بالسيارة يتبعه يونس بسيارته مع فريدة يضغط على بوق سيارته عازفا نغمات متقطعة تخص الأفراح ..

حركة السيارة يمينا ويسارا لم تؤثر على المطارق في رأسها فقط بل امتدت لمعدتها فشعرت برغبة في التقيؤ .. إنها أعراض نوبة صداع نصفي حادة تجتاحها بقوة ..
لاحظ فارس تقبضها وتشنج كتفيها ثم راقب جبينها الذي تمسده بألم فتكلم أخيرا لأول مرة منذ بداية السهرة يقول بصوته الأجش " ما بك هل أنت بخير ؟"

مسدت كارمن جبينها مجددا في ألم فهدر فارس فجأة فأجفلها وجعل ضربات قلبها تتقاذف في صدرها حين قال لزغلول " توقف عما تفعله يا زغلول وقد السيارة دون لعب الأطفال هذا كدت أن تصنع بنا حادثا أنت و ( وأشار نحو سيارة يونس واكمل ) وهذا المختل الذي سأقطع يده التي يضغط بها على بوق السيارة "

مسدت كارمن كتفيها هذه المرة تداري انتفاضها بينما أمسك فارس بهاتفه يطلب يونس فانتبه الأخير ليقترب بسيارته من سيارة العروسين .. فأخرج فارس رأسه منها يقول بتوبيخ" توقف يا يونس وكفى جلبة وإلا سأدق عنقك "

ضحكت فريدة متشفية في يونس الذي قهقه وقال صائحا " آسفين يا كبير "

وانطلق بسيارته يبتعد عنهم بينما كتم الشيمي ضحكة متشفية في زغلول الذي شعر بالحرج ليهمس له الشيمي
"فاشل"

أما فارس فخلع سترته وأحاط بها كتفي كارمن التي تفاجأت ورفعت إليه عينين حمراوين ليقول بهدوء " البسي هذه .. فانت ترتجفين "

أمسكت كارمن بالسترة شاعرة ببعض الدفء يتسلل إليها فأغمضت عينيها تصارع تلك المطارق التي تضرب في رأسها .



في سيارة يونس لمحت فريدة من النافذة عندما ابطأت السيارة سرعتها بسبب زحمة المرور شحاذا يجلس على الطريق يتشح بسواد الليل فقالت بسرعة " انتظر يا يونس انتظر أرجوك "

بدا على يونس الاهتمام فنظر للناحية التي تحدق فيها لتقول له بمسكنة " يبدو مسكينا يا يونس دعني أعطيه شيئا "

مط يونس شفتيه بامتعاض وبدأ في تغيير اشارات السيارة للاتجاه يمينا حتى استقرت السيارة بجانب الرصيف ففتحت فريدة حزام مقعدها تهم بمغادرة السيارة ليوقفها يونس صائحا باستنكار " إلى أين يا حلوة الملامح تعتقدين أنك ذاهبة في ثوب الباندا هذا !!"

ضربت فريدة كفا فوق كف وردت ساخرة " إلى هذا الشحاذ يا خفيف الظل "
أمسك بالسيجارة المشتعلة بشفتيه وفتح حزام مقعده ليترجل من السيارة قائلا " مُتعِبَة أنت .. مُتعِبَة يا بنت سعد الدين "

استدار حول مقدمة السيارة يفتح حافظة نقوده فصاحت بمجرد أن اقترب من نافذتها " أنا أريد أن أعطيه من نقودي أنا يا يونس "

عوج شفتيه بالسيجارة المعلقة في فمه ممتعضا ثم فتح لها كفه لتضع فيه مبلغا من المال ليأخذه واضعا مبلغا من عنده وهو يبتعد ..

أخرجت رأسها من النافذة صائحة تستفزه " لا تنظر في نقودي حتى لا تقل بركتها "

فاستدار يرسل لها وجها مستخفا قبل أن يكمل طريقه نحو الشحاذ الذي تبادل معه بعض العبارات قبل أن يعود لسيارته ولكن هذه المرة ليفتح حقيبتها الخلفية .. فنظرت فريدة للخلف تسأله بتعجب " عم تبحث ؟"
قال من خلف السيجارة المثبتة بشفتيه " أتذكر أني تركت هنا سترة قديمة "

ثم صاح بانتصار حين وجدها ..فراقبته وهو يعود للشحاذ ويجلس على عقبيه أمامه يناوله السترة ويتبادل معه بعض العبارات .. ليتدفق الحزن من تلك البقعة المجهولة في قلبها التي يداري كل أفراد عائلة سعد الدين الحزن فيها فيغرق قلبها بذكريات غير سعيدة .

عاد يونس لمقعده أمام المقود فتطلعت لملامحه التي اكتست بالحزن وعلامات اللامبالاة التي عادة ما يصدرها للجميع .. لكنها من القلائل الذين يعلمون ماذا يكون خلف تلك اللامبالاة المصطنعة .. وندمت أن استوقفته أمام ذلك الشحاذ لكنها عادت ووبخت نفسها أن تندم على صدقة قد ترفع عنهما بلاء .. فاستسلمت لذلك الشعور الذي تكابد حتى لا يطفو على السطح واستسلمت للذكرى ..
ذكرى معينة تحررت من الصندوق الأسود المعتم بداخلها مع مثيلاتها من ماض كان يحمل بين طياته القسوة وكسرة النفس .. والألم

ألم الروح قبل ألم الجسد ..

قالت بشفقة وهي تتطلع إليه بتعاطف " هل تذكر تلك الذكرى بالذات مثلي "
حرك السيارة ثم سحب نفسا طويلا من سيجارته وغمغم وهو يشيح بوجهه بعيدا عنها ليتطلع من النافذة مخرجا ذراعه بالسيجارة نافثا دخان سيجارته في الهواء ليقول " تقصدين ذلك اليوم في السوق ؟!.. واستدار يسألها كم مضى . ؟؟ .."

ردت بخفوت تتأمله " ثمانية عشرة عاما تقريبا "

منذ ثمانية عشر عاما :

تحركت فريدة الصغيرة التي تبلغ من العمر ست سنوات في الشارع .. في تلك الحارة حيث المنازل يوشمها الفقر بوشمه القبيح..
ترتدي مريلة مدرسة قديمة فوق قميص أبيض بينما شعرها الأسود ينام بضفيرتين منكوشتين على كتفيها ..

وقفت في الساحة بملل تترقب أول الشارع لربما عادت والدتها من العمل أو عاد فارس .. لكنهما لم يعودا بعد .. ومعدتها تؤلمها من الجوع .. لم تأكل طيلة اليوم .. وتلك المرأة الممتعضة دوما التي تستضيفها هي ويونس بعد أن يعودا من المدرسة حتى تأتي والدتها من العمل .. لا تبادر أبدا بمنحها حتى ولو كسرة خبز ..

على سيرة كسرة الخبر في مخيلتها والعصافير التي تزقزق في معدتها لمحت كسرة خبز ملقاة في الأرض فسال لها لعابها .. لتتطلع حولها وتتأكد أن لا أحد يلاحظها وانحنت تلتقطها وتنفض عنها التراب .. لكن قبل أن تصل لفمها كانت يده تمسك برسغها بحزم فاستدارت له لتسمعه يقول " ماذا تظنين أنك فاعلة .. أتركي هذا القرف من يدك "

صاحت بمسكنة " انها صالحة للأكل يا يونس "
نظر إليها يونس ذو العشر سنوات بوجه عابس وعينين عسليتين غاضبتين وقال وهو يلقي بكسرة الخبر أرضا " هل ستأكلين من القمامة "

اطرقت برأسها تقول بلهجة باكية مزقت نياط قلبه الصغير " أنا جائعة وأمي تأخرت "
سحبها بخشونة من يدها وهو يقول " تعالي معي "

صاحت معترضة " لقد ألقيت بالخبز في وسط الشارع .. يونس .. يونس سيدعس عليه أحد المارة بحذائه .. أمي تقول هذا حرام "

تجمد مكانه يكتم غضبه ثم استدار بوجه مكفهر ليعود إلى كسرة الخبز ويلتقطها ويقبّلها ثم يلمس بها جبينه باحترام للنعمة كما علمته أمه .. ويتحرك ليضعها بجوار الحائط قبل أن يتحرك مسرعا يلتقط رسغ فريدة مرة أخرى مبتعدا ..

في السوق الشعبي البسيط .. أوقفها في أحد الزوايا بجوار الحائط قائلا بلهجة آمرة " انتظري هنا .. وإن حدث أي شيء عودي إلى بيت الخالة و انتظري هناك عودة أمي "
حدقت فيه بعينيها البنيتين ثم راقبته ببراءة وهو يبتعد محدقا في البائعين في السوق وكأنه يحدد احداثيات المكان ..

بعد قليل تحرك يونس بخفة مائلا بجذعه للأمام ليقترب من بائع التفاح دون أن يراه ويختبئ تحت عربته الخشبية من الجهة التي لا يراها صاحب العربة.. وأمام أنظار فريدة المصدومة على الجهة المقابلة من الشارع مد يده بسرعة وجبينه يتصبب عرقا فسحب تفاحة قبل أن يشعر بالرجل يتحرك حول العربة فقبض على ما جنته يده ليسرع بالهرب منحنيا بجذعه حتى ابتعد عن مجال رؤية صاحب التفاح .. مقتربا من فريدة يقبض على رسغها ويسحبها خلفه بسرعة هاربا ..

حين اقتربا من الحي وقفا يلهثان من العدو .. ليمسح التفاحة في ملابسه ويدفعها لها بخشونة قائلا " كُُلي "
بلعت فريدة ريقها وقالت بتردد " ولكنك سرقتها .. أمي ستغضب "
قال بلهجة خطرة ومن سيخبرها (وتطلع فيها مستفهما بنظرة خطرة قائلا ) هل ستخبرينها؟؟؟؟؟"
حركت فريدة رأسها بسرعة بلا فقال بخشونة" إذن خذيها"

طالعت التفاحة مجددا وقالت بتردد " لكن الله رآك يا يونس وأمي قالت السرقة ذنب كبير "
ضيق عينيه العسليتين ثم قال وهو يشيح بوجهه" هل أنت من اقترف الذنب أم أنا؟"
ردت ببراءة "أنت"

قال ببساطة وهو يحرك كتفيه " إذن أنا من سأعاقب عليه وحدي ..كُُلي "

اقتنعت فريدة الصغيرة وأخذت التفاحة بلهفة تقضمها بجوع مؤلم قضمات متتالية.. فتتطلع فيها بحنان يناقض وجهه المتجهم العابس.. ثم أشاح بوجهه بعيدا لتقول فريدة بفم ممتلئ وقد شعرت بالذنب " ألن تشاركني فيها؟ "
نظر للتفاحة وابتلع ريقه يقاوم الغربان التي تنعق في معدته ثم أشاح بوجهه مجددا يقول " كُُليها أنت فلست بجائع "

تعلقت بذراعه تلح عليه بدلال" أرجوك يونس فلنتشارك فيها أعلم أنك جائع مثلي "

استدار إليها يحدق فيها قليلا ثم نظر للتفاحة التي أتت على نصفها بالفعل ومال عليها فجأة يقضم منها قضمة كبيرة متوحشة أتت على ربع آخر منها ..

فضحكت فريدة بسعادة قبل أن تقول " هل أعترف لك بسر؟"
تطلع فيها يونس لتقول ببراءة " لقد كنت اشتهي التفاح منذ وقت طويل "



هتفت فريدة من مقعدها في السيارة مازحة في محاولة لتبديد شبح الذكرى " يا سارق التفاح "
لانت ملامحه في محاولة مستميتة منه لطرد شبح الذكريات المؤلمة من عقله ورد مجاريا مزاحها " حتى تعرفين أن لحم أكتافك من خيري .. بدوني كنت ستأكلين من القمامة "
قالت مغيرة دفة الحديث لاتجاه آخر بعيدا عن حلقة الذكريات " لماذا انسحب زياد من الحفل مبكرا ؟"

رد وهو يحرك نظراته بين الطريق أمامه ومرآته الجانبية "ليوصل عهد لبيتها حتى لا تتأخر "
قالت ساخرة وهي تشيح بوجهها نحو نافذتها " جميل والله أنها تعرف بما يجوز ومالا يجوز "
سألها عاقدا حاجبيه " لماذا تعاملين عهد ببرود ؟"

تفاجأت فريدة بالسؤال فمطت شفتيها وقالت " لا تعجبني جرأتها حين سافرت معكما للخارج "

رفع حاجبا ليقول باندهاش " البنت ذهبت لتكمل دراستها !"

قالت فريدة تقارعه " ذهبت مع شابين"
قال بلهجة مستنكرة " لسنا مجرد شابين .. فإن لم تثقي فيها فلابد أنك تثقي فينا "
تكتفت وأشاحت بوجهها تتطلع في النافذة وغمغمت " أنا أتكلم على المبدأ "

رد عليها بإصرار " وأنا أتكلم على التفاصيل "

حين لم ترد عليه قال بهدوء " اسمعي يا فريدة .. أنا أكره القوالب الجامدة في التفكير والاحكام المطلقة على البشر .. ولا أعتقد أنك ضيقة العقل إلى هذه الدرجة ! .. وعائلتنا مثال حي لعدم تصنيف الناس تحت فكرة واحدة جامدة أو خلفية معينة .. لا أنكر أن ما فعلته عهد كان جريئا ولا يتماشى مع مجتمعنا وتقاليده لكن هذه النظرة الخاضعة للتقاليد نتركها للآخرين الذين لا يعرفون شخصية عهد وظروفها ولا يعرفون يونس وزياد.. لكن أنت على الأقل تعرفينني جيدا وأني لن أقبل بمرافقة فتاة منحلة .. أعتقد أنك تدركين جيدا أنني لست هذا الشخص"

دوما هو يقنعها بمنطقه ..
وينبهها لما يغيب عنها ..
فقالت وهي تداري شعورها بالحرج من نفسها ومن تسرعها في الحكم على عهد "أنا لا أعرف ظروفها "

مد يونس يده نحوها ممسكا اصبعه الوسطى بإبهامه ثم أطلقه لاسعا جبينها وهو يقول بلهجة موبخة بعد أن أطلقت صرختها المتألمة " ولأنك لا تعرفين ظروفها كان عليك أن تسألي قبل أن تصدري احكامك عليها وتضعينها في خانة من تمطين شفتيك عند رؤيتهم "
صاحت بحنق " وما هي ظروفها التي تجعلك تتعاطف معها بهذا الشكل ؟"



ركز في الطريق أمامه وقد دخل بالفعل للمدينة التي تقع فيها فيلاتهم وقال" أنا لا أعرف التفاصيل .. لكن أعلم أن علاقتها بوالدتها فاترة .. وأنها تعيش حياة غير مريحة في بيت زوج والدتها منذ صغرها .. وأنهما كثيري الشجار .. إن عهد تشعر بالغربة في بيتها لهذا قررت السفر .. وقبل أن تعترضي على ما فعلت .. ( ونظر إليها واضعا يده على صدره ) أؤكد لك أنا يونس.. واعتقد أنك تثقين في حكمي على الناس ونظرتي كرجل في الاناث.. أن عهد فتاة تستحق الاحترام .. شريفة .. معتزة بنفسها وجادة في حياتها ..( وركز في الطريق أمامه ) لا أنكر أنها متهورة بعض الشيء وعنيدة لكنها صفات بشرية لا تعيب كونها فتاة محترمة .. وأتمنى أن تجد رجلا يعوضها عما افتقدته في حياتها (واستدار يحدق في وجهها ليقول بلهجة ذات مغزى ) وان سألتني عن أمنيتي الحقيقية التي ستسعدني .. فأنا أتمنى أن يكون نصيبها مع زياد .. فهو قادر على حمايتها والحفاظ عليها"
عقدت حاجبيها وتمتمت " أمر غريب ! .. ظننتك تتمناها لنفسك"

انفجر يونس ضاحكا وصاح " من ؟؟؟ أنا وعهد !!! .. لا لا .. خيالك خصب يا ضفدع المستنقعات .. ألم أقل لك أنك مختلة .. عهد أختا لي لا أكثر( وغمغم يقول بلهجة متسلية) من تقصدينها اسمها لوليا "

سألته بحاجب مرفوع " لوليا من ؟؟؟... الفتاة التي كنت تحدثها عند مائدة الطعام؟ "

رد بغرور ذكوري منتشي وهو يركز على الطريق " أجل وقد حصلت على رقم هاتفها بالفعل "

أشاحت فريدة بوجهها نحو النافذة لتقول بلهجة متهكمة " مبارك عليك الست ( لوبيا ) "

حين وصلا للفيلا بعد دقائق كانت أمه تقف على باب الفيلا الخارجي وخضرة تشق زغرودتها صمت الليل .. فترجل بسرعة من السيارة يقول " نفيسة خرجت لتستقبلهم بنفسها "

نظرت الحاجة نفيسة لولدها البكر تتطلع فيه بعينين دامعتين ومسدت على صدره العضلي من فوق قميصه الثمين ثم دفنت وجهها فيه باكية وهي تتشبث بملابسه وتغمغم " رأيتك عريسا الحمد لله يا فارس .. رأيتك بحلة الزفاف قبل أن أموت يا ولدي.. "

تمتم فارس بصوت متأثر لاحظته كارمن رغم مطارق الحدّاد التي تدق في رأسها " أطال الله في عمرك يا أم فارس .. وزادك بركة "
قالت وهي تمسح دموعها بطرف حجابها الطويل " ورزقك بالذرية الصالحة يا ولدي .. ومنحك كل ما تتمناه"

واقتربت من كارمن تقبلها بتلك القبلة التي تُضحِكها على شكل سرب من القبلات الصغيرة المتسارعة ذات الصوت العالي على كل جانب تختمها بقبلة مستقلة قوية.. فابتسمت كارمن بدفء رغم آلامها متمنية لو تبقى هذه الليلة بجوار هذه السيدة الطيبة ..

أخذت الحاجة نفيسة تتمتم ببعض الآيات القرآنية وهي تضع يدا حانية على رأس كارمن التي أغمضت عينيها بتأثر.



كانت الأجواء مشحونة بالعواطف ففريدة وخضرة تبكيان وزغلول والشيمي متأثران وكارمن تشاهدهم بعين واحدة صالحة للرؤية وهي تتشبث بطرفي سترة فارس غير قادرة على السيطرة على ارتجاف جسدها ليقطع يونس تلك الوقفة الدرامية قائلا " لم أسمع دعوة تخصني يا نفيسة .. "

مسحت دموعها المتدفقة وقالت " ربي يستجب لي يا يونس فيما أدعوه لك يا ولدي قادر كريم يفرح قلبي به وبك"
وقف واضعا يديه في جيبي بنطاله يقول بسعادة " كثفي الدعاء أن يكون جميلا ورقيقا ومائعا .. أحب المائعات "

اشاحت فريدة بوجهها بحرج بينما هدر فارس موبخا بصوت خافت " يونس !"

رد عليه يونس يتصنع البراءة " ألا تحب المائعات؟! "

حدجه فارس بنظرة نارية قبل أن تعود خضرة من الداخل تحمل في يدها كوبا من اللبن وتناوله للحاجة .. فنظر لها فارس قائلا بحاجب مرفوع" ما هذا يا أمي؟؟!!"
قالت أمه بحزم " دعها تشرب نصف الكوب واشرب بعدها الباقي "

تطلع للكوب بعبوس ثم نظر حوله ليقول باستنكار "هنا !!.. في الشارع يا أمي !! .. هلا دخلنا أولا من فضلك "
قالت أمه بإصرار "نفذ يا ولدي الله يرضى عليك "

أمسكت كارمن بالكوب وكأنها تريد لهذا اليوم أن ينتهي وشربت نصفه على دفعات رقيقة مقاومة رغبة ملحة في التقيؤ بسبب الصداع الذي يفتك برأسها ثم ناولت فارس الكوب الذي أخذه على مضض بعصبية وسكبه دفعة واحدة في فمه ليلقي بالكوب بعدها في يد خضرة ثم يسحب كارمن من رسغها متجاوزا والدته ويقول " لا تؤخذونا .. تصبحون على خير "

جرت كارمن خلفه تقاوم مطارق الحَدّاد وهي تمسك بذيل فستانها تقطع الحديقة بينما زغاريد خضرة تشيعهما بسعادة تنطلق حتى نجوم السماء .



بعد دقائق دخلت فريدة الفيلا حافية القدمين تحمل حذائها ذا الكعب العالي في يدها متعبة وتوجهت نحو غرفة المعيشة فقالت والدتها بحزم" ماذا ستفعلين؟"
حركت فريدة مقلتيها يمينا ويسارا وقالت" سأشاهد التلفاز قليلا قبل أن أصعد لغرفتي"
قالت الحاجة بحزم "اذهبي إلى غرفتك فورا ( واستدارت ليونس تقول بنفس اللهجة الحازمة ) وأنت أيضا "

هتفت فريدة حانقة " أريد أن اشاهد التلفاز لا أريد النوم .."
بينما قال يونس "وأنا جائع هلا أطعمتني يا فريدة"

ردت تغيظه " أمي قالت ممنوع السهر الليلة "
واخرجت لسانها له قبل أن تهرول صاعدة للسلم بينما قالت الحاجة ليونس وهي تشيح بيدها " قلت لا تتواجد هنا في بهو الفيلا اما ان تذهب لغرفتك أو تجلس في الحديقة حتى يأتيك النوم "

قلب يونس مقلتيه قائلا" تطردينني حتى تخلو الأجواء لأبنك يا نفيسة .. عموما سأخرج وأتركك لضميرك يعذبك طوال الليل أن طردتِ ابنك الجائع المحروم من النساء من أجل أن يخلو الجو للعريس "

لكزته بعصاها وقالت موبخة وهي تتحكم في ابتسامة ملحة " تعال إلى المطبخ سأحضر لك شيئا سريعا لتأكله"

قال بعند وهو يخرج من باب الفيلا " كلا أنا مصر أن أتركك لضميرك حتى يعذبك .. ولن أحكي لك ماذا فعلت ببنت سلطح بابا في الحفل"
صاحت خلفه قبل أن يغلق الباب ورائه" سأحضر لك الطعام وأناديك لا تبتعد "



في جناح العروسين فتح لها فارس باب الغرفة فدخلت بسرعة تبحث عن الحمام.. فانزلقت سترته من على كتفيها أرضا مهرولة ووقفت فترة تحاول التقيؤ لكنها لم تقدر .

دخل فارس وراءها بسرعة فوجدها تستند على الحوض مائلة بجذعها في إعياء فهتف بغيظ " اهدئي يا كارمن .. اهدئي أرجوك .. لمَ هذه الحالة ؟.. ولمِ كل هذا الرعب؟ .. أتحسبين أنك قد تزوجت حيوانا ؟.."

استدارت إليه تحدق فيه بنصف عين غير قادرة على فتح عينيها بينما أكمل بلهجة مُرة وهو يقف على باب الحمام متخصرا " أنا أعرف أن ظروف زواجنا كانت غريبة .. واعلم أنك لم تعتادي عليّ بعد .. ولو لم تحدث تلك المواقف التي لم تعجبني ولم تتماشى مع شخصيتي لكنت أطلت فترة عقد القران .. لكن الأمر حتم على أن تكوني في بيتي بسرعة .. لكني بالطبع متفهم لوضعك ومتفهم أنك لم تعتادي عليّ بعد .."

حدقت فيه تحاول استيعاب ما يقول ليستمر فارس في حديثه لها ولكن بلهجة أهدأ " لم يتسن لي أن أخبرك بذلك قبل هذه اللحظة .. لأنني أرفض أن تشاركني شويكار هانم أسراري مع زوجتي .. فأنا أراك تطلعينها على كل شيء .. لذا فضلت أن أنتظر حتى تكوني في بيتي لأخبرك بأني لن أضغط عليك في أي شيء وسأترك لك الفرصة الكافية لأن تعتادي علي ّ أولا .. أرجوك ثقي بي ولا تخافي بهذا الشكل المرعب وكأني سأكلك حية.. أنا لست همجيا يا كارمن "

حاولت التكلم شاعرة بالذنب والفشل حتى في أن تكون عروس تسعد زوجها فقالت بصوت واهن" أنا أعاني من نوبة صداع نصفي حاد سامحني أرجوك"

قال فارس" هدئي اعصابك وثقي بي .. واعلمي أني لن أقترب منك إلا برضاك "
ابتلعت ريقها مذهولة ليمسك بالمنشفة ويناولها إياها قائلا " بدلي ملابسك ونامي "

قالها وتحرك مغادرا لتبقى متسمرة لثوان تحدق في الفراغ خلفه قبل أن تسمع باب الجناح الخارجي يغلق .. فتحركت بصعوبة ..فلم تكن حالتها تسمح لها بتحليل أي شيء أو التفكير في معنى ما تفوه به منذ ثوان .. سوى أنها..
مرهقة ..
متعبة ..
مستنزفة ..
متألمة إلى حد البكاء ..

راغبة في شيء واحد فقط .. أن تغلق الضوء الذي يؤذي عينيها وتنام.
جرجرت فستانها الذي لم تقدر حتى على تبديله ..لتدخل تلك الغرفة الغريبة عليها .. وتتجه نحو ذلك السرير الجديد ..
فخلعت حذائها ذا الكعب العالي..

وغاصت بفستانها تحت الغطاء بعد أن أغلقت الضوء ..

تشعر بالمطارق من جديد تدق في رأسها وعنقها وعينيها .



في الخارج قطع فارس الحديقة بعجلة مارا على يونس الذي يجلس فوق سور الفيلا القصير الذي يفصل بين مبنى دار الأيتام وفيلا سعد الدين يتحدث مع زياد في الهاتف ..

والذي رفع حاجبيه مندهشا وهو يصيح متهكما "إلى أين يا عريس ؟؟.. ياللفضيحة ! هل قصرت رقبتنا بهذه السرعة !"
انفجر زياد في الضحك فشاركه يونس وهو ينفث دخان سيجارته ..

لتعود بعد وقت قصير سيارة فارس .. ويركنها في مكانها أمام الفيلا ثم يترجل منها على عجل فهتف يونس " هل قررتما عدم الانجاب فجأة؟ .. لا بأس يا أخي لو كنت استشرتني لكنت أخبرتك بأن تحضر ما يلزم لتنفيذ ذلك .."

أتبع ذلك انفجارا في الضحك من زياد على الجانب الآخر من الهاتف بينما نظر إليه فارس بعينين ناريتين وقال وهو يمر من أمامه "أغلق فمك الوقح هذا واذهب لتنام "

قال يونس صائحا " عموما لو لم تجني سوى خُفيّ حُنَيّن اليوم لأي ظرف طارئ .. فيمكنني أن استضيفك بجانبي هنا على سور الحديقة .. فالهواء في هذه البقعة عليل يا أبا الفوارس وسيطفئ نار احباطك بالتأكيد "

استدار فارس يرسل له نظرة نارية متوعدة بينما يشارك يونس زياد الضحك .

دخل فارس الفيلا ليجد أمه تخرج من المطبخ تقول باندهاش " أين كنت يا فارس ؟.. هل تركت عروسك في ليلة زفافها؟! "

رد بهدوء يطمئنها " خرجت لأبتاع دواءً للصداع لكارمن "

ربتت على صدره تقول بحنان " برفق يا فارس يا ولدي .. فهي تبدو رقيقة للغاية ومرهفة .. فكن معها صبورا "

غمغم فارس بالطاعة ولسان حاله يقول " أكثر من ذلك ! " فلثم يد أمه ثم صعد نحو غرفته .

حين فتح الباب وجد الغرفة مظلمة.. إلا من ضوء الحمام .. فاقترب منها بخطوات مترددة .. ليتفاجأ بأنها مازالت بفستان الزفاف .. فانحنى بجذعه وقال بخفوت " كارمن .. كارمن هل نمت ؟"

غمغمت بكلمات غير مفهومة فقال برفق " أحضرت لك دواء للصداع النصفي .. الصيدلي يقول أن مفعوله سريع وقوي "

فتحت كارمن دون وعي نصف جفنها فأخرج حبة دواء وقربها من شفتيها لتأخذها بطاعة .. ثم ناولها كوبا من الماء فشربت رشفة واحدة منه .. لتعود برأسها الثقيل على الوسادة مرة أخرى .. فهمس فارس " ألن .. ألن تبدلي هذا الفستان .. كيف ستنامين بهذا الثوب الغير مريح ؟"

قالت وهي لا تزال تصارع المطارق القاتلة " أريد أن أنام ..(وخلعت عن رأسها طوق الياسمين وأكملت ) آسفة .. آسفة جدا .. أنا دوما أحبطكم .. اعتذر للجميع"



ومدت يدها تلقي بطوق الياسمين بعيدا عن رأسها التي ستنفجر
ليسقط الطوق من يدها التي استسلمت للنوم.

فتلقته يد فارس بسرعة
تقبض عليه برفق
قبل أن ..
يلمس الأرض ..
××××




نهاية الفصل الثالث

خالص تحياتي

شموسة








Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 02:08 PM   #57

حلا المشاعر
 
الصورة الرمزية حلا المشاعر

? العضوٌ??? » 403837
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 481
?  نُقآطِيْ » حلا المشاعر is on a distinguished road
افتراضي

صباح الخير شموسة شكرا على الهديتين 😍😍😍

حلا المشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 02:36 PM   #58

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصلين جمال ياشموستي😍 ..من كارمن الي راحت الحفلة من غير ماتقول لفارس وهو يااختاااي راجل وحمش وفوق ده مز وانا قلبي ضعيف قدام المزز 💝💝..شويكار الي مشقادرة الاقي وصف لأخلاقها الزبالة😠 الحمدلله كارمن مخذتش جينات امها الزبالة ..يونس العسل ..ولا زياد ياعيني الميت على عهد وهي في عالم تاني مسكينة احساس الامانةعندها معدوم بعد موت ابوها وجوز امها الواطي المعفن عبود يخرب بيته نظراته حقيرة زيه وامها المستسلمة كل همها ترضي جوزها . روووعة الرواية حبيبتي دايما يارب متألقة ومبدعة 😘😘

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 04:31 PM   #59

AdamDado

? العضوٌ??? » 401658
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 161
?  نُقآطِيْ » AdamDado is on a distinguished road
افتراضي

مش عاجبك المبلط ياست شويكار 😑😑هو في زي فارس حبيب الكل😘😘

AdamDado غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-19, 04:34 PM   #60

AdamDado

? العضوٌ??? » 401658
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 161
?  نُقآطِيْ » AdamDado is on a distinguished road
افتراضي

طوق الياسمين 😭😭
اااه ياشموسة احلى زخات والله تسلم ايدك ياقلبي


AdamDado غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:48 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.