آخر 10 مشاركات
أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          52 - عودة الغائب - شريف شوقي (الكاتـب : MooNy87 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أسيرة الكونت (136) للكاتبة: Penny Jordan (كاملة)+(الروابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          605-زوجة الأحلام -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          ترافيس وايلد (120) للكاتبة: Sandra Marton [ج3 من سلسلة الأخوة وايلد] *كاملة بالرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          عِـشـقٌ في حَضرَةِ الـكِـبريآء *مميزة مكتملة* (الكاتـب : ღ.’.Hiba ♥ Suliman.’.ღ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1161Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-10-19, 09:41 PM   #71

سوووما العسولة
 
الصورة الرمزية سوووما العسولة

? العضوٌ??? » 313266
?  التسِجيلٌ » Feb 2014
? مشَارَ?اتْي » 928
?  نُقآطِيْ » سوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond repute
افتراضي


انا وقعت في غرام روايتك الاولى قلبك وطني بكل مافيها من ابطال بحبكتها باسلوبك باختلافها.. انتي مبدعة حقيقي كنت اتوقع معاد يطلع شي اجمل منها بس مازلتي تبهريني.. صورتي ضعف الانثى بكل حذافيره وقسوة الام والظروف لمن تحكم بجد.. سلمت يداكي ياجميلة..

سوووما العسولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-19, 01:57 AM   #72

ولاء نبيل

? العضوٌ??? » 432402
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 42
?  نُقآطِيْ » ولاء نبيل is on a distinguished road
افتراضي

جميل جدا الإبداع ده تسلم ايدك

ولاء نبيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-19, 11:30 AM   #73

طارق صلى

? العضوٌ??? » 325837
?  التسِجيلٌ » Sep 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,527
?  نُقآطِيْ » طارق صلى has a reputation beyond reputeطارق صلى has a reputation beyond reputeطارق صلى has a reputation beyond reputeطارق صلى has a reputation beyond reputeطارق صلى has a reputation beyond reputeطارق صلى has a reputation beyond reputeطارق صلى has a reputation beyond reputeطارق صلى has a reputation beyond reputeطارق صلى has a reputation beyond reputeطارق صلى has a reputation beyond reputeطارق صلى has a reputation beyond repute
افتراضي

ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر

طارق صلى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-19, 02:55 PM   #74

تالا الاموره

? العضوٌ??? » 320247
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,201
?  نُقآطِيْ » تالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلمي ع الفصول الجميله والمشوقه
متابعة معاك باذن الله❤


تالا الاموره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 12:30 PM   #75

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي


صباح الخير



ان شاء الله بعد حوالي نص ساعة موعدنا مع الفصل الرابع من

زخات الحب والحصى


بعتذر جدا عن عدم الرد على التعليقات لأنه عندي ضغط شغل جامد اليومين دول

بس ان شاء راح ارد عليها

وشكرا لكل الي ترك تعليق



اتمنى فصل اليوم يعجبكم

تحياتي

شيماء يسري شموسة











Dr. Aya likes this.

Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 01:01 PM   #76

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الرابع 1

الفصل الرابع



هرولت حافية القدمين ..
تائهة ..
مرتعبة ..
تبحث عن البيت ..
صوت لهاثها كان عاليا .. وملمس التراب والحصى تحت قدميها الرقيقتين كان مؤلما ..
ما يرعبها أكثر أنها في مكان لا تعرفه .. وترى وجوها لا تعرفها ..


استمرت في الهرولة في إصرار منها للبحث عن بيتها ..
لكنها انكفأت على وجهها فجأة .. ولم تستطع المضي أكثر لتكتشف أنها مربوطة..
أجل مربوطة بخيوط كثيرة متشابكة كخيوط الدمى المتحركة.


جاهدت بقوة لتقطعها وتخلص نفسها منها لكنها كانت حادة قوية أدمت كفيها ..
استمرت في المحاولة تقطع فيها بكفوفها غير عابئة بالألم ..
حتى تخلصت منها ..
أخيرا أصبحت حرة طليقة ..
حاولت الاستقامة والسير من جديد لكنها كانت مجهدة مستنزفة ..
فسقطت متألمة.


ليأتيها صوته خافتا " كارمن .. كارمن استيقظي "
فتحت كارمن عينيها الواسعتين فجأة تحدق فيه .. لتجده مشرفا عليها من علو .
امسكت بالغطاء بحركة تلقائية نحو عنقها تستوعب الزمان والمكان وهي ترى ذلك الرجل الغريب مائلا عليها بهذا الشكل .


استمرت في التحديق فيه ليقول فارس بصوت هادئ " أعلم أنك لم تنامي سوى أربع ساعات لكننا مرتبطان بموعد الطائرة أم أنك تريدين إلغاء السفر؟"
استطاعت إيجاد صوتها فغمغمت "لا داعي للإلغاء سيكون أمرا غريبا أمام الآخرين أن نلغيه "
رد عليها موافقا " اتفق معك "


ظلت تحدق فيه لثوان تنتظر أن يبتعد قليلا من وقفته أمامها حتى تستطيع مغادرة السرير .. لكنه ظل يتطلع فيها .. فقالت بارتباك " هل .. استطيع أن .. أقوم .. من فضلك "


رد فارس مستدركا وهو يبتعد " آه .. طبعا .. تفضلي .. أمامنا ساعة لا أكثر لتحضرين فيها نفسك "


اعتدلت في السرير شاعرة بالإجهاد الشديد وكأن عظامها قد سُحقت تحت عجلات قطار سريع .. لكن حمدا لله أن المطارق هدأت أخيرا ..


نظرت لفستانها الذي لا تزال ترتديه وتذكرت كل شيء عن ليلة الأمس .. فتملكها شعور بالذنب تجاهه .. فبرغم كل شيء وبرغم ما قاله الليلة الماضية لكنها مسئولة عن إضاعة ليلة زفافه .. حتى لو كانت مجرد صفقة له .. وحتى لو كان هو غير مهتم بها .


أهو بالفعل غير مهتم ؟
إن هذا الرجل محير جدا ..
محير وغامض .


غادرت السرير شاعرة بالحرج من تواجدها مع رجل في غرفة نوم .. ولاحظت أنه شعره رطب مصفف بعناية وتفوح منه رائحة منعشة مرتديا حلة كاملة بعد أن بدل حلة الزفاف .. فنظرت للساعة لتجدها الرابعة فجرا ..



توجهت للحمام مرجحة أنه لم ينم وهذا ما تدل عليه ملامح وجهه المجهدة .


في الحمام
حين نظرت لنفسها في المرآة كادت أن تصرخ فزعا.. فشكلها كان مرعبا.. صادما .. لا يمكن تخيله أبدا ..


وجهها ملطخ بمساحيق التجميل الممزوجة ببعضها مع سطوة اللون الأسود حول عينيها وكل خدودها بالكحل والماسكرا السوداء التي وضعتها لها الـ Makeup Artist ليلة أمس.. مما أعطاها هيئة مرعبة خاصة مع اتساع عينيها الطبيعي ..


فشعرت بالحرج أمامه .. إنها المرة الأولى التي تنام بدون أن تنظف وجهها من المساحيق وتضع الكريمات المخصصة لترطيب بشرتها ..
تحممت بسرعة وازالت تلطيخ وجهها ثم وقفت متحيرة أين من الممكن أن تبدل ملابسها .. تشتم نفسها أنها لم تحضر الملابس معها للحمام قبل أن تدخل .. فلم تعتاد بعد على أن تشارك شخصا آخر في غرفة نوم ..


ارتدت المئزر وحمدت ربها أنه طويل ثم وقفت عند الباب مترددة في الخروج .. تسأل نفسها سؤال برئ ..
هل يمكن أن تطلب منه أن يناولها الملابس؟!!
لتوبخ نفسها من جديد حين تذكرت أنها لم تحضرها من الأساس .


حاولت تشجيع نفسها بأنه زوجها وأن ما تخشاه سيحدث عاجلا أم أجلا.. رغم أنها لا تستوعب بعد كيف سيحدث وكيف يمكنها أن تتحمل حدوثه ..


تذكرت كلماته لها الليلة الماضية
"أنا أعرف أن ظروف زواجنا غريبة .. وأنك لم تعتادي عليّ بعد .. ولو لم تحدث تلك المواقف التي لم تعجبني ولم تتماشى مع شخصيتي لكنت أطلت فترة عقد القران .. لكن الأمر حتّم على أن تكوني في بيتي بسرعة .. لكني بالطبع متفهم لوضعك ومتفهم أنك لم تعتادي عليّ بعد .."
" لم يتسن لي أن أخبرك بذلك قبل هذه اللحظة .. لأنني أرفض أن تشاركني شويكار هانم أسراري مع زوجتي .. فأنا أراك تطلعينها على كل شيء .. لذا فضلت أن أنتظر حتى تكوني في بيتي لأخبرك بأني لن أضغط عليك في أي شيء وسأترك لك الفرصة الكافية لأن تعتادي علي ّ أولا .. أرجوك ثقي بي ولا تخافي بهذا الشكل المرعب وكأني سأكلك حية.. أنا لست همجيا يا كارمن "
" هدئي اعصابك وثقي بي .. واعلمي أني لن أقترب منك إلا برضاك "


هل تثق فيه بعد هذه الكلمات ؟..
لا تنكر أن موقفه منها ليلة أمس كان نبيلا ومتحضرا ..


أم أن هذا النبل لأنه غير مهتم بها كأنثى ؟.
نفضت عنها الحيرة وفتحت باب الحمام بترقب مستجمعة كل شجاعتها .. وأخرجت رأسها تبحث عنه لكن الغرفة كانت خالية ..


شعرت بالطمأنينة وخرجت بسرعة تبحث عن ملابسها لتلاحظ أنه يقف بالشرفة ..فأسرعت تخطف ما تحتاج من ملابس وتعود مجددا للحمام.. ولم تعرف أنه كان يتابعها بنظرات مختلسة عبر باب الشرفة الزجاجي ليشيح بوجهه بعدها يستقبل نسمات الفجر الباردة علها تهدئ انصهار أعصابه مغمغما لنفسه " ماذا فعلت بنفسك يا غبي !.. ماذا فعلت؟؟ "


أكملت كارمن ارتداء ملابسها في الحمام وخرجت للغرفة تنوي صلاة الفجر قبل الخروج .. لتجد فارس ساجدا على سجادة الصلاة ..
فتنبهت لحقيقة أنها لم تفكر من قبل عما اذا كان يصلي أم لا ..
سلم فارس من الصلاة وقال بهدوء وهو يتأملها " هل نصلي الفجر معا ؟"
تلعثمت وردت بغمغمة " كنت أنوي أن أصلي فعلا قبل أن نخرج "


أشار بيده وهو يستقيم واقفا وقال" هيا اسرعي حتى نلحق بموعد الطائرة "
بحثت عن وشاح تغطي به رأسها واقتربت يتملكها شعور غريب .. أن تصلي بجواره .


بعد السلام سجدت وأطالت في السجود تدعو ربها أن يهون عليها الأيام القادمة حتى تعتاد على الحياة الجديدة المختلفة عليها كليا ..وحين رفعت رأسها كان فارس قد اختفى من الغرفة .


بعد قليل كان الشيمي يحمل الحقائب من أمام باب الفيلا بينما الحاجة قد خرجت من غرفتها لوداعهم .. فقال فارس بلهجة عاتبة "لمَ أنت مستيقظة يا أمي حتى هذا الوقت"
ردت الحاجة وهي تتأمله بنظرة متفحصة " كنت أقيم الليل وانتظرت لأصلي الفجر واطمئن عليكما قبل السفر ( وأكملت بلهجة ذات مغزى ) هل كل شيء بخير ؟"
تنحنح فارس وقال بصوت خشن "الحمد لله يا أمي"


قالت بمكر" لا أدري لمَ اخترت رحلة طيران مبكرة بهذا الشكل أضعت عليكما ليلة الزفاف "
رد فارس مراوغا "كانت الرحلة
الوحيدة المتاحة فقد حجزنا التذاكر متأخرا .. هل صليت الفجر يا حاجة؟"
ردت والدته تربت على صدره بحنو "الحمد لله .. هل صليته أنت يا حبيبي"


غمغم فارس وهو يمسح على رقبته من الخلف " صليت الحمد لله .. أنا .. وكارمن "
قالت بحبور وهي تحرك سبحتها "تقبل الله منكما وجمع بينكما في الخير ورزقكما الذرية الصالحة "


نزلت كارمن تداري ارتباكها مرتدية بنطالا من القماش وبلوزة طويلة بعض الشيء وحذاء كلاسيكيا ذا كعب عال ..وقد عقصت شعرها البني كذيل حصان مزينة وجهها بالقليل من مساحيق التجميل ..


تأملتها الحاجة بصمت مستندة على عصاها .. فألقت كارمن التحية بخفوت لتردها الحاجة بلهجة سعيدة " ما شاء الله ..ما شاء الله عروسة ابني الجميلة "
تطلعت فيها كارمن بحياء .. ليقول فارس بهدوء "هل نذهب ؟"


أومأت برأسها شاعرة ببعض الهدوء الغريب تجاهه بعد تلك الدقائق التي جمعتهما على سجادة الصلاة .


مفكرة في أن أول ما جمعهما معا كانت صلاة أمام رب العالمين فهل هذه إشارة لشيء؟ ..
أعليها أن تتفاءل !


بعد ثلاث ساعات كان فارس يفتح باب جناحهما في الفندق في تلك المدينة الساحلية البعيدة عن العاصمة .


دخلت مرتبكة تتطلع في محتويات جناح العروسين وذلك السرير المزين بوريقات ورد حمراء على شكل قلب أحمر يتوسط السرير فوقفت متفاجئة فاغرة الفاه .. بينما تسمر فارس متخصرا يحدق في القلب قاطبا جبينه لثوان ثم تحرك ليفتح حقيبته ويخرج منها ملابسه .


ظلت كارمن واقفة لا تعرف ما القادم؟.. فقال فارس وهو يتلفّّت حوله "أين الحمام ؟"
تلفتت حولها تبحث معه لتتسمر فجأة ويصفر وجهها محدقة في شيء ما خلف فارس .. فاستدار قاطبا لجبينه ينظر لما تنظر إليه ليجد الحمام مكشوفا بجدار زجاجي شفاف لا يستر أي شيء.. فسعل فارس بحرج قبل أن يقول باستنكار " ما هذا بالضبط ؟؟"


نظرت اليه بعينين متسعتين وغمغمت وهي تعاني من صعوبة في التنفس " الحمام "
تحرك مندفعا نحو باب الجناح يقول "سأطلب تغيير هذه الغرفة"


همت كارمن بالكلام لكنه توقف بعد خطوتين يدعك جبينه بيده مغمغما "سيكون محرجا أن نطلب غرفة أخرى .. بحمام .. مستور .. ونحن أمام الناس من المفروض أننا .. ( تنحنح ثم استدار متخصرا يحدق في الحمام ليقول بعد دقيقة ) لا بأس سنتصرف في هذه المشكلة .. "


أومأت برأسها وهي لا تزال تقف مكانها تكور يدها في كفها الأخر حتى سمعا طرقا على الباب فتحرك فارس ليفتحه .. ثم يعود بعد ثوان بعربة إفطار مميزة تحية من الفندق للعروسين ..


ترك فارس العربة جانبا وبدأ في خلع سترته وفك أزرار رسغيه وقميصه الذي لا يرتدي عليه رابطة عنق كما لاحظت كارمن .. فليلة أمس كانت حلة الزفاف هي المرة الوحيد التي رأته مرتديا معها رابطة عنق .. فخمنت أنه ليس من هواة ارتداءها .


أشاحت بوجهها بعيدا ليقول فارس فجأة " كارمن .. أريد الحديث معك في بعض الأمور الهامة "


راقبته بقلب يقفز كالكرة المطاط وهو يتجه نحو السرير ويجلس ..


فاقتربت لتجلس بدورها في أبعد نقطة ممكنة ليقول فارس" أخبرتك ليلة أمس أنني مدرك لظروف زواجنا السريعة .. وأنني لست همجيا وطمأنتك أني لن أؤذيك .. لذا أرجو أن تخففي من النظرات المرتعبة التي ترمقيني بها من وقت لأخر ..


أنا سأترك لك الوقت لتعتادي عليّ .. وفي المقابل أطلب منك احترامي يا كارمن .. واحترام بعض الأمور التي هي بالنسبة لي خط أحمر .. أولها الاحتشام في الملبس .. أنا لن أجبرك على ارتداء الحجاب رغم أني لم أتصور أبدا أني اذا ما أقدمت على الزواج سأتزوج من أمرأه ليست محجبة .. لكني أطلب منك الاحتشام .. وبالطبع لن أسمح بارتداء ثوب سباحة عاري.. لديك هذا الثوب الخاص بالمحجبات لا أعرف اسمه فريدة ترتديه .. ويمكنني أن أدبر لك مسبحا خاصا بالنساء في أي وقت تريدين"


تكلمت بخفوت" اسمه بوركيني .. عموما لا تقلق أنا لم أرتدي ثوب سباحة عاري منذ سنوات طويلة بل أرتدي البوركيني .. قبلها كنت أرفض نزول الماء بثوب سباحة عار .. كما أن أبي لديه خطوط حمراء في ارتداء الملابس من ضمنها ثوب السباحة وحتى أمي لم تقدر عليه في هذا الأمر .. (صمتت قليلا ثم أكملت ) ربما أكون لست محجبة لكني لا أعتبر نفسي متحررة في ارتداء الملابس "


أكمل فارس بعد أن حرك رأسه متفهما " هذا الكلام مريح جدا .. أريد أن أخبرك أيضا أن بيننا اختلافا في كل شيء كما تعلمين ولن يستقيم الوضع بيننا إلا اذا اظهر كل طرف بعضا من المرونة والتفهم للأخر.. أنا من ناحيتي سأحاول أن أتفهم وضعك بقدر المستطاع .. لكن اذا ما اختلفنا في أمر ما فما سأقوله هو ما سينفذ دون أي نقاش"


لم تعجبها الجملة الأخيرة رغم أن ما قاله قبل ذلك أثار اعجابها أن يتحدث بهذا التفهم .. لكنها لم تكن مستعدة بعد للمواجهة لذا لم تعلق بل ظلت مطرقة برأسها تنظر ليدها المتكورة في حجرها .


ليكمل فارس" وسأذكرك بما ألمحت اليه ليلة أمس أن ما يحدث بيننا ممنوع أن يصل لطرف ثالث تحت أي ظرف .. مفهوم "
أومأت برأسها فما قاله بدا لها منطقيا رغم تحفظها على بعض النقاط التي قد تناقشه فيها فيما بعد.. فاستقام واقفا وهو يقول" هل ستفطرين ؟"
رفعت إليه رأسها لتجيب " لست جائعة يمكنك أن تفطر بدوني"


قال وهو يتحرك مبتعدا ويفتح باقي أزرار قميصه" لا أريد أن أفطر أريد أن أنام"
وتحرك من جديد ناحية السرير ينتزع وسادتين ويبتعد فقالت بعفوية" ماذا ستفعل ؟"
ألقى بالوسائد على أريكة قريبة ثم قال بلهجة جافة" قلت سأنام"
قالت بارتباك" أقصد .. أقصد أن السرير واسع نستطيع أن .. "


شعرت بغباء ما تلفظت به فبترت عبارتها شاحبة الوجه متسعة العينان.. لكنها كانت بكل صدق تشعر بالذنب من أن ينام على الأريكة بشكل غير مريح..


استدار فارس يحدق فيها لثانية ثم عاد يوليها ظهره وهو يقول " آسف .. لن اتشارك السرير مع فتاة غير راغبة في وجودي"
اجفلت وازدادت ضربات قلبها لتقول بارتباك " لم أقصد .. أنا قصدت ... "


خلع قميصه فجأة فنظرت لظهره العضلي وتفاجأت بالوشم الكبير الذي يغطي ذراعه الأيسر .. فبترت عبارتها وانتابها الفواق.
لم تتخيل يوما أن يكون من هواة رسم الوشوم .. خاصة مع ما ظهر من جانبه المتدين .


وضعت يدها على فمها وهي تشيح بنظراتها بعيدا عنه شاعرة ببعض الغرابة والخوف من شكل الوشم .. بينما ارتمى فارس على بطنه فوق الأريكة عاري الجذع .. فتحركت تنوي تبديل ملابسها لكنها تذكرت أمر الحمام المكشوف فقالت بتقطع تخلله الفواق وهي تتحاشى النظر إليه " ماذا سنفـ .. عل .. في موضوع الحمــ .. مام "


رفع رأسه يحدق فيها لثوان .. ثم اعتدل ليستقيم ويتحرك نحوها .. فتسارعت ضربات قلبها ولم تفهم علام ينوي ..
حدقت فيه بعينيها الواسعتين وانكمشت حين اقترب تحبس أنفاسها .. لكنها سرعان ما اطلقت زفرة حين تجاوزها نحو السرير ينزع عنه الملاءة بخشونة مبعثرا وريقات الورد الحمراء وساحقا للقلب الكبير .. لتملأ الوريقات الأرض قبل أن يفرد الملاءة بين يديه ويتوجه بها نحو الحمام .


راقبته باهتمام لتجده يتسلق حوض الاستحمام بقامته الطويلة ويقوم بتثبيت الملاءة على الحائط الزجاجي من الداخل بين الفراغات الموجودة بينه وبين السقف .
هتفت معترضة "سيكون شكل الملاءة غريبا لمن سيحضرون لتنظيف الغرفة "


ازاح جانبا من الملاءة ليقول بحاجب مرفوع " إذا كنت تريدين الحفاظ على الشكل العام بدون غرابة واستخدام الحمام بدون ملاءة أخبريني .. فأنا شخصيا ليس لدي أي مانع "
احمر وجهها وشعرت للمرة الثانية بغباء ما تفوهت به.. فحركت كفيها بسرعة أمامها تقول برعب " لا لا الملاءة جميلة جدا جدا "
بعد دقائق انتهى من تثبيت الملاءة ونزل .. فوجدها تقف عند باب الحمام تحضن ملابسها وتطالعه بعينيها الساحرتين فتحرك بجانبه متجاوزا إياها ليسمعها بعد ثوان تغلق الباب خلفه ..



اطلق فارس زفرة حارة من صدره وهو يمسح العرق من خلف عنقه وتحرك ملقيا بنفسه على بطنه فوق الأريكة يدفن وجهه في الوسادة وهو يغمغم في سره " نم .. نم فأنت من فعلت بنفسك هذا "


يتبع


Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 01:02 PM   #77

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2

حين خرجت كارمن بعد قليل كان فارس مستغرقا في النوم بعد ارهاق ليلة كاملة مستيقظا.. فتأملت جذعه العاري وعضلاته البارزة بتناسق رجولي بدا لها جاذبا جدا .. وذلك الوشم المخيف الذي يغطي ذراعه من الرقبة حتى الرسغ .. وودت لو تقترب منه لتتأمل تفاصيل ذلك الوشم لكنها خجلت.


نظرت للساعة فوجدتها التاسعة صباحا .. فقررت أن تنام هي الأخرى .. فغاصت في السرير تحت الأغطية وأولته ظهرها .
تشعر وكأنها قد انتزعت من أرض لأرض أخرى..


فمن كان يتخيل منذ بضعة أشهر فقط أن ينتهي بها الحال بهذا الشكل؟!.


من كان يتخيل أن تتزوج بهذه الطريقة وأن تقضي ليلة عرسها تعاني من نوبة حادة للصداع وصباحية عرسها تنامها مع رجل غريب في غرفة بفندق كل منهما بعيدا عن الآخر !.


شعرت بالبرودة ..
وكأن الأغطية لا تكفي لتدفئة روحها التي ترتجف من الداخل..
ارتجافة وحشة ..
ارتجافة خوف ..
ارتجافة ترقب لأيام قادمة ..


تشبثت بالأغطية أكثر واستدارت على الجانب الآخر تطالعه من هذا البُعد تتأمل خطوط ذلك الوشم .. لتغلق جفونها بعد دقائق مستسلمة للنوم .


حين فتح فارس عينيه الساعة الخامسة بعد العصر مفزوعا من جرس الباب خمن أنه قد أُُذِّن لصلاة المغرب بالفعل فشعر بالضيق أن فاتته صلاتي الظهر والعصر ..


تحركت كارمن تنوي فتح الباب بشعرها المبلل ترتدي حلة رياضية فقال بوجه عابس من أثر النوم " أنا سأفتح لهذا المزعج "
وقفت مكانها فاستقام وتحرك حافيا نحو باب الجناح يفتحه بغضب ليجد النادل فقال بتوبيخ " ألا توجد طريقة لطرق الباب سوى ذلك الصوت المزعج!"


انكمش النادل معتذرا ورد " آسف جدا يا بيك لكني لم أجد أي علامة لمنع الازعاج "
قال فارس بقلة صبر" قل ما تريد "
ليقول النادل بسرعة "عربة الإفطار "


فأشار له فارس بالانتظار ليجد كارمن تقوم بدفعها فأشار لها بأن تتركها ليجرها هو نحو النادل الذي أخذها من على الباب بسرعة وهو يكرر اعتذاره ثم فر مرتعبا .


حين أغلق الباب ناداها " كارمن "
توقفت عما تفعله أمام المرآة تحاول التركيز في السبب الذي يشعرها أنه ينطق اسمها بشكل مختلف عن الأخرين .. ثم ذهبت إليه ليقول بعبوس" أين ذلك الذي يخبرهم بعدم الازعاج إن صوت هذا الجرس مزعجا جدا وأنا أكره الأصوات العالية .."


اقتربت منه تشير لزر بجانب الباب واجابت" هذا الزر يعطل الجرس "
اسرع بالضغط عليه بخشونة .. ثم تركها متجها للحمام .


بعد ساعة كانا يجلسان على طاولة بمطعم الفندق فراقبته وهو يتحدث في الهاتف مع يونس يلقي له ببعض التعليمات التي تخص العمل ..


جاء النادل ليأخذ طلباتهم فأشار لها فارس وهو يدفع بقائمة الطعام نحوها" اختاري أنت فأنا لا افهم شيئا من المكتوب.. ولا تطلبي لي طعاما غريبا "


تطلعت فيه بحاجبين مرفوعين تشعر بالضيق من لهجته الحادة ثم دفنت رأسها في قائمة الطعام لتطلب بعدها لكل منهما شريحة من اللحم ونوعا من المعكرونة ..


تأملت رواد المطعم حولها لتجد معظمهم يرتدي ملابس رياضية مريحة تناسب وجودهم في عطلة بينما هو متمسكا بارتداء الحلة فبدا -هو وملابسه وحديثه في الهاتف منذ مدة - كرجل أعمال بحق وليس عريسا في شهر العسل ..


باغتتها صورة جذعه العضلي العاري وذلك الوشم المخيف الذي يغطي ذراعه فاحمرت وجنتيها واشاحت بأنظارها بعيدا عما تلتقطه عينيها تحت ياقة قمصيه من طرف الوشم على رقبته .


ترى متى رسم هذا الوشم ؟؟
ولماذا؟
حين وضع النادل الطعام أمامهما وغادر متمنيا لهما وجبة شهية كان فارس قد اغلق الخط أخيرا لينظر للطعام أمامه مجعد الجبين .


راقبته وهو يتفحص المعكرونة بالشوكة وتساءلت بقلق عن مدى اتقانه لأدوات المائدة خاصة حينما طلب منها أن تختار طبقا غير معقد .. لكنها تنفست الصعداء حين وجدته يمسك بالشوكة بيساره والسكين بيمينه فاطمأنت لأنه سيستعمل أدوات المائدة بشكل صحيح .. وإن بدا ذلك الأمر لها مثيرا للإعجاب .. لكنها في الثانية التالية عاد إليها القلق من جديد حين وجدته لم يقطع بالسكين قطعة واحدة من شريحة اللحم ويأكلها وإنما استمر في تقطيع الشريحة لقطع صغيرة حتى انتهى منها .. فلاح شبح ابتسامة على زاوية فمها عندما خمنت علام ينوي .. ليضع السكين جانبه ويتناول الشوكة بيمينه ويبدأ بالأكل .


إن هذه الطريقة تسلكها الكثيرات من صديقاتها الملتزمات بالأكل باليد اليمنى وفقا لوصية الرسول الكريم ولم تتوقع أن يتعامل مع الأمر بهذا الشكل .. ربما توقعت منه أسلوبا همجيا أو بعض الارتباك مع أدوات المائدة..
غمغمت لنفسها وهي ترفع الشوكة لفمها " يبدو أنك ستكتشفين الكثير في هذا الرجل الغريب يا كارمن في الأيام القادمة "
تجمدت الشوكة قبل أن تصل إلى فمها حين سأل فارس مجعد الجبين " ما هذا ؟ طعمها كالمعكرونة "


ازدادت ضربات قلبها توترا .. متسائلة ألا يحب المعكرونة؟
تكلمت موضحة" انها بالفعل معكرونة ولكن كالشرائط الكبيرة .. (واكملت ببعض التردد ) اخترت اقرب صنف للطعام التقليدي .. ألم تعجبك؟ "


قال فارس قبل أن يدس الطعام في فمه "على العكس لقد احببتها جدا .. ما اسمها؟ "
ردت وقد بدأت تهدأ " لازانيا "
قطب جبينه وأمسك بهاتفه يكتب وهو يسأل من جديد "أعيدي من فضلك "
كررت كارمن متسائلة عم يفعل فكتب شيئا ثم وضع هاتفه ليكمل طعامه .


اعترفت وهي تراقبه أنه لم يكن ملتزما بقواعد الاتيكيت على أكمل وجه لكنه لم يكن منفرا أبدا ..
كيف يمكنها أن تصف طريقة أكله ؟




وضعت قطعة صغيرة من اللحم في فمها تلوكها برقة وهي لا تزال تتطلع فيه باحثة عن وصف ثم همست في سرها " رجوليا .. إنه يأكل بشكل رجولي أنيق دون تحذلق "
تعجبت من ذلك الوصف وأسرعت بدفن وجهها في طبقها حين رفع عينيه إليها فجأة.


رن جرس هاتفه للمرة -ربما المائة - لكن هذه المرة كانت عيناه الجليديتان أكثر دفئا ليجيب " أهلا فريدة "
قالت فريدة " ما بها اللازانيا ؟"
قال ببساطة " أعجبتني أريدك أن تصنعيها لي "


قهقهت وردت بسعادة " ابني حبيبي يأمر أمر "
لم تفهم كارمن ماذا كانت تقول فريدة لكنها لاحظت جيدا ملامحه التي لانت مع أخته كما لانت ليلة أمس حين كان أخوه يرقص ..
قالت فريدة على الهاتف بعتاب " خرجت في الصباح دون أن أودعك أو اعطيك ( سُكر ) "
رد فارس وهو يلتقط قطعة من اللحم " كان موعد الطائرة مبكرا جدا ولم أرغب في أن أوقظك "


ردت بدلال طفولي " طبعا تزوجت ونسيت فوفو "
لاح شبح ابتسامة على زاوية فمه فاجأت كارمن ثم قال بصوته الجاد " لا يمكن لفارس أن ينسى فوفو أبدا "


همست كارمن لنفسها ساخرة " أهذا أقصى مستواه في التدليل .. ما شاء الله !"
أما فريدة فضحكت بسعادة قائلة " حسنا سأتركك يا عريس ولكن لابد أن أعطيك سكر أولا وأرسلت له قبلة وهي تقول " سكر ( وقبلة ) سكر (وقبلة ) سكر .. اعطيتك ثلاث قطع من السكر"


بعد أن أغلق الخط كانت كارمن تشعر بالضيق لا تدري لمَ .. فقالت وهي تمسح فمها بأناقة بمنديل السفرة " هل تعتقد أنه من اللائق أن تطلب من أختك أن تصنع لك اللازانيا أمام زوجتك ؟"


رفع إليها عينان غامضتان وسألها " هل تعرفين كيف تصنعين تلك المعكرونة ؟"
ارتبكت وردت بشموخ كاذبة " أجل "
قال بلهجة ذات مغزى " حين تصبحين زوجتي بالفعل سأطلبها منك أعدك بذلك "
تملكها الغيظ ..


إن هذا الرجل يشعرها بالغيظ .. لكنها قبل أن تتفوه كان يشير للنادل الذي اقترب يرفع الاطباق من أمامه فأمره " أريد كوبا من الشاي من فضلك ولا أريده في فنجان أنا لا أحب الشاي في فنجان "


تنحنح النادل ورد بأدب " تحت أمرك يا بيك لكن اعذرنا فالشاي يقدم في فناجين فقط "
عبست ملامح فارس ورد بإصرار" وأنا قلت أريد كوبا زجاجيا شفافا رفيعا وليس سميكا به شاي أحمر ثقيل"


فغرت كارمن فاهها ونظرت للنادل الذي جز على أسنانه ورد بإصرار " صدقني يا بيك ... "
قاطعه فارس بلهجة مخيفة " أين مديرك ؟"
تدخلت كارمن وقد لاحظت انتباه بعض رواد المطعم لما يحدث فقالت بخفوت " فارس من فضلك "


استدار ينظر إليها بنظرة حادة فانخرست .


كانت قد بدأت تشعر ببعض الراحة معه لكنه انقلب مخيفا مرة أخرى .


اقترب مدير القاعة بسرعة وعلى وجهه علامات الهلع يقول باحترام " ماذا حدث فارس بيك؟ "
رد فارس بلهجة صارمة" أعتقد أني لا أطلب طلبا غريبا اذا قلت اريد الشاي في كوب زجاجي "


تلعثم المدير وأشار بنظرة متوعدة للنادل أن يذهب ثم قال " حالا يا بيك نعتذر انه جديد هنا ولو جاءني لكنت تصرفت في الأمر .. سأخصم من راتبه"


شعرت كارمن بالشفقة على النادل رغم اعترافها أنه لم يكن لبقا مع فارس باعتباره نزيلا بالفندق .. واغتاظت في نفس الوقت من فارس لكن الأخير فاجأها حين قال " لا داعي لموضوع الخصم لا تؤذيه .. فقط نبهه أن يلجأ لمديره قبل أن يصر على الرفض "


استدار المدير لكارمن يقول " والهانم بم تأمر ؟"
ترددت قليلا وقد رغبت في طلب أي صنف من الحلو لكنها تراجعت ورفضت بلباقة فهي تحجم نفسها عن أكل الحلو حتى لا يزداد وزنها .
بعد أن انتهى فارس من ذلك الكوب الزجاجي من الشاي الذي اغاظها حين أصر عليه واحضره مدير القاعة بنفسه قال " هل تريدين السير قليلا ؟".


أجابته بنعم ..فسألها وهما يغادران المطعم " ألا يوجد لديك حذاء أكثر راحة ؟.. أنت دائما ترتدين الكعب العالي رغم أنك لست قصيرة القامة .. أنت... (و وقف متخصرا دافعا طرفي السترة للخلف يتطلع فيها من رأسها حتى أخمص قدميها فتوترت وتوردت وجنتيها ليكمل بعد ثوان ) حوالي مائة وخمس وستون سنتيمترا؟"


لمست كارمن رقبتها بحرج ليمد كفه أمامها يدعوها لمواصلة السير فتحركت وهي تقول بكبرياء " مائة وسبعة وستون سنتيمتر.. ولكن كيف عرفت ؟"


تطلع في عينيها البنيتين ثم أشاح بوجهه بسرعة ليجيب متنحنحا " بالتقدير .. فهذا مجال عملي .. قدرت طولك يوازي كم قطعة رخام "
"رخام!!!!! "



قالتها كارمن بخفوت مصعوقة بينما أوقف فارس أحد العاملين يسأله عن مكان لبيع الأحذية في الفندق فأخبره الأخير بوجود عدد من المحال التجارية التابعة للفندق في الطابق الأرضي .. ليقول بعدها وهو يسبقها ببعض الخطوات "تعال لنشتري لك حذاء مريحا "


تحركت خلفه شاعرة بالغيظ إن هذا الرجل يستفزها رغم أنها ليست سهلة الاستفزاز .


في محل الأحذية اختارت حذاء رياضيا أبيض اللون .. وكم كانت سعيدة شاعرة ببعض الحرية أن تكون بعيدة عن شويكار هانم وأن ترتدي حذاء رياضيا مريحا .. وندمت أنها لم ترتدي بنطالا من الجينز المريح قبل أن تنزل من الغرفة .


انحنى العامل يحاول مساعدة كارمن في ارتداء الحذاء وقبل أن تشكره رافضة بلطف كان فارس الأسرع حين ترك المكالمة التي يتحدث فيها ليفرد ذراعه ببعض الخشونة أمامها يمنع العامل الذي تحرج وابتعد .


نظرت إليه بغيظ فرفع لها حاجبا خطرا قبل أن يستدير ليكمل مكالمته .
بعد قليل كانت تسير بالحذاء الرياضي شاعرة بالراحة بينما فارس يحمل كيسا به حذائها ذا الكعب العال .


قالت له بشجاعة لم تدري من أين أتتها " لقد أحرجت الشاب "
رد ببرود وهو يضع يدا في جيب بنطاله" هل كنت تريدين أن أتركه يساعدك في ارتداء الحذاء أمامي؟!!"


تكتفت ورفعت انظارها إليه تقول بصوتها الرقيق " أنا كنت سأمنعه بلطف .. وليس بغلاظتك "
رد باقتضاب " جميل امنعيه المرة القادمة بشكل أسرع قبل أن اتدخل أنا"
زفرت كارمن وتولد لديها شعور غامض بالرغبة في العراك مع هذا الرجل ..



وياله من شعور غريب تجاه رجل أغرب مازالت تخشى من ردود أفعاله فأسرعت تقول " وهل كان لابد من اصرارك على طلب الشاي في كوب زجاجي أراك تعنت مع الشاب "
رد عليها بجمود " يا هانم أنا أدرى بنفسي .. أريد شاياًً في كوب زجاجي ولا أحب الفناجين ولا الأكواب الفخارية .. وإن لم أشرب الشاي كما أريد سأصبح عصبيا"


ردت برغبة ملحة للمشاكسة استشعرتها في نفسها جيدا ولم تجد الوقت لتحليل سببها " هذا على أساس أنك غاية في المرح الآن بعد أن شربته "


توقف عند باب الفندق .. فسقط قلبها في قدميها ناهرة نفسها أن تهورت بمشاكسته .. لكنها استجمعت شجاعتها واستدارت وهي تبتلع ريقها لتجده يقف متخصرا يتدلى الكيس من جانبه ينظر إليها قائلا بامتعاض " الفارق كبير في الطعم يا هانم .. فمن يعشقون الشاي مثلي يشعرون باختلاف طعم الشاي باختلاف الكوب"


ارتخت عضلاتها قليلا وقالت " أهو موضوع مهم لهذه الدرجة؟ "
رد عليها وهو يستأنف سيره "مهم جدا بالنسبة لي .. بالإضافة لأني لم اؤذي الفتى ولكن من حقي أن أحصل على ما أريد .. أنا أدفع مقابل الخدمة "
اقتنعت بوجهة نظره فغمغمت "اعلم ذلك .. لكني لا أحب أن أضايق أحد "


صمت قليلا دون رد وهو يسير بجانبها في هدوء الليل .. ونسمة الخريف الباردة ترسل رجفة إلى الأبدان .. ثم قال وهو يركز نظراته على الطريق أمامه " أحيانا التطرف في أي شيء يؤذي صاحبه يا كارمن حتى في اللطف تجاه الأخرين "


تأملته وهو يسير بجانبها وتذكرت أنها في مثل هذا الوقت في الليلة السابقة كانت تقف بصداع ينشر بمنشار في رأسها ترتجف من مجرد التفكير في أنها ستكون معه وحدها .


لا تنكر أنها قد بدأت تسترخي .. إلا من بعد اللحظات التي يصبح فيها مرعبا ..
أو غامضا ..
لا تستطيع أن تحدد بعد .. ربما بعد ما قاله ليلة أمس بدأت تشعر ببعض الثقة .. وهو جُل ما تتمناه في الفترة الحالية .


الثقة ..
بعد هذا العدد من الوجوه التي سقطت أمامها مؤخرا.
لكن السؤال الذي يقلقها هو .. إلى أي مدى سيظل محتفظا بوعده هذا .. وإلى أي مدى ستستطيع هي اجتياز حاجز الخوف وتسمح له بـ ..
ارتجف جسدها واشتعلت وجنتيها بشكل غريب عليها فنفضت عنها ما تفكر فيه .
قال فارس وقد لاح بعض الزحام القريب " انه السوق هل تريدين شراء شيء؟ "
قالت بحرج "لا أعرف "


تكلم فارس متخذا القرار لكليهما " سنذهب لنرى ما به"
لكنه توقف فجأة عن السير فنظرت إليه متوجسة ..
وقف فارس صامتا مطرقا برأسه وكأنه يرهف السمع واضعا يديه في جيبي بنطاله ..
قالت كارمن بتوجس " ماذا حدث يا فارس؟ "
وضع سبابته أمام فمه يأمرها بالصمت ليرفع رأسه بعدها يقول بصرامة دون أن ينظر إليها " أخرجا "


شعرت كارمن بالرعب فاقتربت دون وعي منه تنظر حولها في هدوء الليل وعتمته .. فكرر فارس بلهجة أكثر صرامة " قلت أخرجا من مخبأكما أعلم أنكما خلفي " .


اقتربت كارمن أكثر تلتصق به غير مدركة أنها قد أمسكت بقميصه ليتفاجأ فارس بما فعلت .. فوضع كفه على خصرها يقول بهدوء" لا تقلقي يا كارمن فأنت معي .. ( وعلا صوته يقول بلهجة غاضبة ) الهانم ارتعبت لذا لن أرحمكما فكفا عن ألعاب الأولاد الصغار "
وسط ذهول كارمن خرج زغلول من خلف سيارة مركونة وعلى وجهه ابتسامة مرتعبة يرفع كفه نحو رأسه بتحية.. بينما خرج الشيمي من شارع جانبي يهرش في رأسه بابتسامة محرجة ثم ضرب زغلول على كتفه بخشونة قائلا" أنت السبب في أن قُُبض علينا .. أنت فاشل في كل شيء .. "


حركت كارمن انظارها بينهما ثم تطلعت في فارس بعدم فهم لتجده مغلقا عينيه يطحن على ضروسه ..
تكلم الشيمي بابتسامة محرجة موضحا " كنا سنحرسك من بعيد اقسم بالله .. أردنا حمايتك فقط "


رفع إليه فارس أنظاره يحدجه بمقلتين مقلوبتين فتدخل زغلول قائلا " سنغادر حالا .. لم نرغب في ازعاجكما في شهر العسل .. ( وتوجه بالقول لكارمن التي مازالت تحدق فيهما ممسكة بقميص فارس واكمل ) لا تؤخذينا يا هانم لم نقصد أي ازعاج "


أما الشيمي فأحنى رأسه بإيماءة خفيفة لكارمن كاعتذار مهذب .. لتطلق الأخيرة ضحكة رقيقة قبل أن تكتمها بيدها انصهرت لها أعصاب فارس الذي جحظت لها عيناه وقال بخفوت موبخا " كارمن ! "
كتمت ضحكتها أكثر رافعة أنظارها إليه بأول ضحكة حقيقية لها منذ فترة لتقول " لا تغضب منهما .. أنهما ظريفان جدا "


نظر إليهما فارس ثم أخرج يده من جيبه المعلق في معصمه الكيس ليلقي به نحوهما بخشونة فيتلقاه الشيمي من الهواء ليقول الأول " لا تقتربا أكثر من عشر أمتار .. مفهوم "
اتسعت ابتسامتيهما ووقفا يلقيان التحية العسكرية فكتمت كارمن ضحكتها مجددا ورفعت انظارها لفارس الذي كان يحدق في يدها التي مازالت تقبض على صدر قميصه فانتبهت لوقفتها وابتعدت محرجة بوجنتين مشتعلتين..



مد فارس يده أمامه يدعوها للبدء في السير فتحركت تقبض يديها بجانبها وقد بدأت تتشنج عضلاتها من جديد .


كيف فعلت هذا بكل بساطة ؟؟؟ .. أليس هو من كانت ترتعب منه؟؟ .. ألم يكن ذلك الشخص هو نفس الشخص الذي كانت تنتفض من رؤيته ؟؟ .
اختلست إليه النظر تتأمل جانب وجهه الجاد الشارد ..متسائلة هل يستحق هذا الرجل أن تثق فيه .؟


بعد ساعتين كان زغلول والشيمي يحملان عددا من الاكياس بينما كارمن وفارس أمامهما قد دخلا لبهو الفندق ..
استدار فارس نحوهما نصف استدارة ويديه في جيبي بنطاله يقول " أين سينام الباشوات؟ هل حجزتما غرفة ؟"
رد زغلول ضاحكا " لا تشغل بالك بنا يا باشا سنتدبر أمرنا في السيارة ( وتردد قليلا ثم قال وهو يمسك ببطنه) فقط .. لو تأمر لنا بطعام .. فلم .. فلم نأكل من أول النهار "


لكزه الشيمي فصاح زغلول فيه " ماذا!! .. هل سنعود كل هذه المسافة للسوق مرة أخرى ؟؟!! .. طلبت منك أن نشتري طعاما ونحن هناك لكنك تحرجت " .


رد فارس ساخرا " ما شاء الله أتيتما بسيارتي لسبع ساعات على الطريق .. وتنويان الإقامة فيها أيضا أثناء الليل "
أطرقا برأسيهما كالأطفال لتراقب كارمن ملامح فارس وقد لانت قليلا رغم استمراره في التمسك بالعبوس.
تحرك فارس نحو مكتب الاستقبال وطلب لهما غرفة وعشاء قائلا في نهاية حديثه مع موظف الاستقبال " أريد عشاء حقيقيا يكفي لعدة أشخاص فهذا الشيمي لولم يأكل ويشبع قد ينزل ويلتهم الطباخ نفسه"


نظر موظف الاستقبال بفزع للشيمي الذي اطرق برأسه وعلى وجهه ابتسامة طفولية بريئة لا تتناسب مع ضخامته .


كتمت كارمن ضحكتها مجددا بعد أن أفلت منها صوتا رقيقا فاستدار فارس يحدجها بنظرة مخيفة لكن ..
لكن هذه المرة لم تنتفض رعبا ..


صحيح شعرت بغضبه وصحيح ازدادت ضربات قلبها وتوترت لكنها ولسبب مجهول لم ترتعب أو لم تخشى أن يؤذيها بالمعنى الأدق .
وهذا الشعور كان غريبا وغير منطقيا وهي تحلله في رأسها .


حين دخلا في المصعد يحملان الأكياس قال فارس بلهجة غاضبة وهو يضغط على رقم الطابق " هلا خففت من صوت ضحكتك أكرمكِ الله؟ .. فبالتأكيد لن تحبي أن تريني في ثورة غضب .. صدقيني أنا أفقد السيطرة تماما حين أغضب "


لم تعرف من أين أتت بالشجاعة لتستند بيد على خصرها وتقول بذقن مرفوع " وماذا ستفعل بالضبط إذا غضبت هل ستضربني .. افعلها وسأبلغ عنك الشرطة "


استدار إليها بكليته ثم اقترب منها.. فالتصقت بالحائط بتوجس .. ليضرب بكفه فجأة على مرآة المصعد بجوارها ...



أطلقت كارمن صرخة فزع قصيرة قبل أن يميل برأسه يحدق فيها عن قرب قائلا بلهجة صارمة " أنا لا أضرب النساء يا كارمن .. لكن لي وسائل أخرى أكثر همجية استطيع معاقبتك بها اذا لم تسيطري على صوت ضحكتك أمام الناس .. هل هذا واضح ؟" .


ازدادت ضربات قلبها توترا وهي تشعر به بهذا القرب .. وتملكتها مشاعر هي مزيج من الخوف والحرج وشيء أخر قد تسرب إليها ..
شيء لم تستطع تحديده لكنه ..
لكنه ..
يبدو حلو الطعم .


حلو وحارق في الوقت نفسه..
تأمل فارس ملامح وجهها وهو لا يزال مائلا عليها .. بينما عيناها النجلاوان المتسعتان تحتلهما لوزتان براقتان تحدقان فيه بنظرات خوف آلمته .


أما كارمن فغرقت بوجل للحظة في تلك الهالة التي تحيط به .. مدققة في ملامح وجهه الجادة وجبينه المجعد .. قبل أن تنتبه لأمر اكتشفته لأول مرة ..


أمر صعقها ..
كيف لم تلاحظ ذلك من قبل ؟!!!..


حدقت فيه مجددا لتتأكد .. ففُُتِح المصعد فجأة ليعتدل فارس بسرعة ويستدير ليجدا زوجان من الأجانب ينظران نحوهما بفضول .. فتنحنح ونظر لرقم الطابق ليتأكد أين هما بالضبط قبل أن يشير لها لتتقدم أمامه تخرج من المصعد ..
ظلت كارمن في طريقها للجناح تختلس النظرات نحوه بين الثانية والأخرى .. قبل أن يفتح هو الباب ويسمح لها بالدخول ..بينما هي تتمتم في سرها بذهول
" زرقاوان!!! .. عيناه زرقاوان !!!!"


تكلم فارس وهو يمسح على ظهر رقبته بكفه " سأكون في الشرفة .. أخبريني حين تنتهين من استعمال الحمام "
استمرت في التحديق فيه قليلا فحدق فيها بدوره لتطرق رأسها بارتباك وتتجه نحو حقيبتها .


في الحمام ظلت تفكر..
كيف لم تلحظ أن عيناه زرقاوان؟؟!!
إنهما ..
إنهما ..
أخذت تلعب برغوة الصابون وهي تجلس في حوض الاستحمام وكأنها طفلة صغيرة تلعب قبل النوم .


إن عيناه زرقاوان زرقة داكنة.. وربما لأنهما صغيرتان فغير واضح زرقتهما إلا لمن يدقق فيهما ..
أم أن الأمر قد لاحظه الجميع إلا هي؟ ..
لم تدقق في ملامحه من قبل لأنها كانت تخشى من وجوده ..
تخشى منه ؟ ..
تخشاه ؟!!


ظلت الكلمة تتكرر في رأسها .. ونظرت نحو حائط الحمام الزجاجي وتلك الملاءة التي تغطيها .. والتي لم تكن حاجبة كل شيء .. وتذكرت كلمته لها أنه سيكون بالشرفة ..
هل وثقت في كلمته ؟
هل وثقت فيه بهذه السرعة ؟!!


حدقت في رغوة الصابون التي كانت تتسلى بها في يديها وتعجبت أن تجلس في حوض الاستحمام عارية في غرفة مع رجل غريب أعطاها كلمته أنه سيكون بالشرفة ! ..
نفضت عنها الصابون مع دوامة أفكارها واستقامت لتنتهي من حمامها ..


في الشرفة كان فارس يمسك بسياجها الحديدي بقوة .. ليتحول الأمر بعد قليل لممارسة رياضة الضغط.. فأبعد قدميه عن السياج ليميل بجسده مفرودا نحوه مستندا بذراعيه يثني ويفرد.. مقربا صدره العريض للسياج ثم يبتعد .. واحد .. اثنان .. يجاهد في لحظات صعبة للتحكم في نفسه.


أخرجت كارمن رأسها من باب الحمام تبحث عنه لتطمئن أكثر أنه بالفعل بالشرفة .. ثم لملمت فتحة منامتها الفضفاضة واقتربت من زجاج الشرفة لتعقد حاجبيها متمتمة " تمارين رياضية بعد منتصف الليل !! "


نقرت على زجاج باب الشرفة نقرا خفيفا جعله يعتدل ويستقيم موليا لها ظهره .. وعدل من ياقة قميصه وتنحنح يستدير بهدوء فأشارت له من خلف الزجاج أنها انتهت .


أومأ لها متصنعا الهدوء وشاهدها تبتعد حافية القدمين على رخام الأرضية ..
قدماها كانتا صغيرتان رقيقتان..
وأظافرها لامعة ذات نهايات بيضاء ..
ظل يراقبها من خلف الزجاج حتى توجهت إلى السرير تندس تحت الأغطية بوضعية جلوس تسند ظهرها للخلف .. ففتح باب الشرفة وتحرك نحو حقيبة سفره يخرج منها بعض الملابس ..


قالت كارمن بلهجة طفل يشعر بالذنب " أريد أن أطلب طبقا من الحلويات .. حاولت الامتناع في المطعم لكني غير قادرة على الصمود أكثر .. أشعر بحاجة ماسة لالتهام شيئا حلوا .. هل أطلب لك معي؟ "


حدق فيها فهمست كارمن في سرها " إن عيناه زرقاوان بالفعل يا كارمن أمر غريب ألا تنتبهي لذلك .. "
سألها مجعدا جبينه " ولم لم تطلبيه في المطعم؟ "


ردت شاعرة بالذنب " أقلل من أكل الحلويات حتى لا يزيد وزني"
رفع حاجبا ومال برأسه قليلا يتطلع في جذعها الماثل أمامه في جلستها على السرير ..فرفعت الأغطية على كتفيها ليقول " اطلبي ما تشائين أما أنا فلا أريد شكرا "


تطلعت في عينيه .. اكتشافها المتأخر .. وقالت بحرج لا تعرف مصدره "هل تعتقد أن الشيف مستيقظ في هذا الوقت "
رد وهو يخرج بعض الأوراق ويضعها على المنضدة الصغيرة أمام الأريكة " حتى لو لم يكن .. عليهم بإيقاظه "


طلبت المطبخ واختارت من قائمة أصناف الحلو المتاحة طبقا لتضع السماعة وتتأمله قليلا ثم قالت باندهاش " هل ستعمل في هذا الوقت؟!!"


رفع ناظريه نحوها يقول " هل لديك طريقة أخرى لقتل الوقت سوى أن أراجع بعض أوراق العمل الهامة ؟"
امتقع وجهها وتدثرت بالأغطية تقول وقد عادت إليها الرجفة " ألم .. ألم تقل أنك تحتاج للحمام ؟!"


رد وهو يعود للأوراق أمامه " انتظر أن يأتي ما طلبتيه حتى أفتح له الباب "
شعرت برغبة في مشاكسته فقالت بذقن مرفوع " أستطيع أن أفتح الباب وحدي أنا لست صغيرة "


رفع ناظريه يحدق أمامه وكأنه يستوعب جملتها ثم استدار نحوها يقول " أنا لا أتحدث عن المقدرة ..اتحدث عن كوني لا أسمح لزوجتي بفتح الباب لرجل بعد منتصف الليل "
كلمة (زوجتي) بدت غريبة .. جعلت عينيها تتسعان أكثر من اتساعهما .. حتى سمعا نقرا خفيفا على الباب .. فاستقام أمامها فلاحظت طوله وجذعه الذي تبرز عضلاته من تحت قميصه وتحرك وهو يكمل حديثه " أما بخصوص استطاعتك فأشك في هذا فمنذ قليل كنت ستمزقين قميصي من الخوف "
قالها وهو يعبر من جانب السرير ليخرج من الغرفة .


شعرت كارمن بالغيظ وتمتمت " أيسخر مني !! "
تركت الاغطية وذهبت خلفه تصيح بصوتها الرقيق بمجرد أن أغلق الباب "أي شخص كان سيشعر بالخوف اذا توفقت فجأة عن السير وصرخت (وغلظت صوتها تقلده متهكمة ) أخرجا.. أخرجا فورا"


تطلع فيها من رأسها حتى أخمص قدميها البيضاوان الحافيتان .. فقاومت كارمن ارتجافها لتقف أمامه متخصرة ترفع ذقنها بتحد كاذب هامسة في سرها " عيناه كعيني أمه صغيرة كعيني السمك ..لكن أمه عينيها أكثر زرقة وصفاء بينما هو عيناه زرقتها داكنة .. "


نهرت نفسها عن تركيزها على أمر تافه كهذا وكأنها اكتشفت معجزة .. بينما قال فارس بهدوء مشيرا للطبق في يده "هل سنقف هذه الوقفة وقتا طويلا ! .. أتريدين الطبق أم أعيده للولد "


انتبهت للطبق المغطى أمامها ومدت يدها تخطفه بلهفة واضحة .. ثم عادت للسرير تكشف الغطاء وتبتهج ..
إنها السعادة ..
إنها الحياة تفتح ذراعيها بابتهاج لها .. حين تأكل صنفا حلوا ..
دست الملعقة في الطبق ووضعتها في فمها تغمض عينيها باستمتاع ..
راقبها فارس مجعدا جبينه يديه في جيبي بنطاله .. وتكلم بصوت متهدج " يبدو .. أنك تحبين الحلو "


تكلمت ترفع إليه عينيها الواسعتين وهي تلعق شفتيها لتقول ببهجة " أعشقه .. أعشق الحلو .. استطيع أن استغني عن الطعام في مقابل أكل الحلو ( ورفعت إليه الملعقة تقول ) هل تريد قطعة من الحلو ؟"


سعل فارس وتحرك مبتعدا عنها دون رد ليلتقط ملابسه ويتوجه للحمام متسائلا في سره ..
أيوجد في هذا الحمام ماء مثلج ليستحم به !
بعد قليل كانت كارمن قد انتهت من التهام طبق الحلو فتمددت بجلستها على السرير تحدق في سقف الغرفة ..
إن يومها كان غريبا..



بدأ برأس ذلك الرجل يشرف عليها من علو يوقظها فجرا..
وتذكرت وجهها البشع في المرآة ..
والطائرة ..
ونومهما طيلة النهار ..
والحذاء المريح ..
وذلك المشوار للسوق .
وتذكرت هذين الرجلين اللذان ظهرا من العدم . ..
إن هذا الأمر بالذات استوقفها وأثر بها كثيرا .. إنه يتعامل معهما كعائلة أو كمقربين وليست علاقة عمل أبدا..


وهما أيضا لو لا يشعران بالمثل لما أتيا خلفه كل هذه المسافة .
لكن السؤال الذي يفرض نفسه .. لماذا يحتاج رجل أعمال كفارس سعد الدين أن يستعين بحارس خاص كذلك الملقب بالشيمي ؟.
أهو على سبيل الوجاهة واظهار الأهمية من شخص محدث نعمة مثلا؟
محدث نعمة !!..


لا تعتقد أن هذا الوصف سيكون دقيقا معه فلم تشعر بأي تصرفات سلبية قد توحي بهذا الامر .. صحيح أنه متمسك بأصله وثقافته الشعبية .. وخاصة حين أصر على شرب الشاي في الكوب لكنها كلها تندرج تحت إطار التفضيل الشخصي .. بل إن تمسكه به وجرأته في فرضه على الأخرين يثبت أنه لا يشعر بالحرج أو بالنقص من أصله الشعبي .


هرشت في جبينها واعترفت لنفسها " عليّ الاعتراف بأن الأمر لم يكن بالسوء الذي توقعته ".


فكرت في أن تتصل بوالدها لكنها تذكرت أن الوقت قد تجاوز منتصف الليل بقليل .
لقد اتصلت به قبل أن تترك الغرفة وكان حديثهما سريعا واستشعرت من صوته أنه ليس بخير لكنه أخبرها أنه استيقظ للتو من النوم.


أما والدتها فلم تتصل بها .. لا تدري لمَ؟.. لكنها شعرت لأول مرة بأنها لا تريد أن تهاتفها ..
ربما لأنها كانت تشعر بمشاعر ضاغطة ولم ترد أن تنهار أمامها بعد أن خالفتها وأصرت على الزواج .


شعرت بالنعاس فسألت نفسها سؤال آخر يفرض نفسه ..
كيف ستستسلم للنوم وهو مازال مستيقظا ؟ .. بل كيف سينظم هذا الأمر بينهما ..
فحتى لو شعرت بالاطمئنان تجاهه لم تعتاد بعد على أن تنام في غرفة بها رجل ..


رجل عابس..
مجعد الجبين ..
فظ ..
غليظ..
ذو لهجة ساخرة ..
لا يشرب الشاي سوى في كوب زجاجي شفاف
يعامل مساعديه بطريقة آدمية ..
أصبح مغرما باللازانيا ..
جسده عضلي جذاب..
ولديه ..
وشم غريب ..
و..


عينان زرقاوان اكتشفتهما حديثا.


حين خرج فارس من الحمام يرتدي ملابس بيتية مريحة ويجفف شعره .. وقف متسمرا حين وجدها تنام وهي جالسة تميل على جانبها فوق الوسائد وشعرها البني يغطي وجهها ..
ظل يحدق فيها لثوان شاعرا بأن هذا الحمام البارد لم يفعل معه شيئا .


فزفر زفرة حارة واقترب منها ببطء يهمس " كارمن .. كارمن اعتدلي ونامي مستريحة "
حين لم ترد .. أمسك بالأغطية ليغطيها جيدا فرن هاتفها فجأة بصوت أجفلها لتفتح عينيها الواسعتين وتجده فوقها ممسكا بالأغطية ..
شعر فارس بالحرج فترك ما في يده ببعض الخشونة ليقول بعبوس " هلا أخفضت صوت هذا الهاتف أنا أنزعج جدا من الأصوات العالية .. ومن بالضبط الذي سيتصل بك في وقت كهذا !"


تحركت كارمن بسرعة تنظر في الهاتف وغمغمت " مماه !"


رد فارس بلهجة مستنكرة " في هذا الوقت !"
ردت كارمن عليها " نعم مماه .. كيف حالك .. ( ثم هتفت بجزع ) ما به بباه .. مماه أرجوك تكلمي ببطء لا أفهم "


خطف منها الهاتف بسرعة يقول " ماذا حدث شويكار هانم؟.. .. هل طلبتم الطبيب ؟..حسنا ..حسنا لا تقلقي .. سوف أرسل أحدا ليبقى معكما .. "


أغلق الخط ليجد كارمن قد انهارت في البكاء والتي رفعت إليه وجها مبللا بالدموع تقول "أرجوك فارس .. أرسل أحد ليبقى بجانبهما أرجوك أنهما وحدهما "
قال فارس بهدوء وهو يطلب رقما على هاتفه " لا تقلقي.. (وتكلم في الهاتف ) يونس .... "
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 01:02 PM   #78

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3

بعد ساعتين كان الشيمي يضع الحقائب في السيارة وقد تجاوزت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل.. بعد أن استمرت شويكار في اظهار قلقها ورعبها على زوجها .. رغم أن يونس أخبرهما أن الطبيب قد شخّص الحالة بوعكة بسيطة ..



إلا أن انهيار كارمن جعل فارس يقرر السفر فورا والعودة للعاصمة بالسيارة بعد أن وجدوا أن أقرب رحلة طيران لن تكون قبل اثني عشر ساعة ..

ركب فارس السيارة بجوار كارمن التي تجلس تفرك في كفيها بينما يونس يصرخ على هاتف فارس " لا أجد سببا يجعلك تقطع اجازتك لتعود يا فارس!! .. الطبيب طمأنني بالفعل وقلت لك لن أتركه لحظة "

نظر فارس لكارمن الواجمة ورد " كارمن تشعر بالقلق ولن تستطيع النوم "

شتم يونس وقال " صدقني إن بنت سلطح بابا تبالغ اقسم بالله "

تمتم فارس بخفوت " أتوقع ذلك .. على أية حال لقد خرجنا على الطريق بالفعل"



غمغم يونس مستسلما " في سلامة الله سأتابعكم أن شاء الله "

أغلق فارس الخط وقال لكارمن " حاولي النوم قليلا فأمامنا طريق طويل "

نظرت إليه بجفنين منتفخين من البكاء وهمست " أنا آسفة جدا"



ومالت على الناحية الأخرى تستند على ظهر المقعد متكورة وهي تلملم طرفي سترتها الجلدية .. لتتفاجأ بسترة فارس الدافئة تغطيها فتمتمت باعتراض" انا أرتدي سترة "



همس بجوار أذنها بلهجة صارمة وهو يميل عليها يدثرها بالسترة "نامي يا كارمن بدون اعتراض "

همست وهي تغمض عينيها " أنا آسفة جدا أن اضطررتكم للعودة بهذا الشكل"

مال عليها مجددا يهمس بلهجة متهكمة " أنا فعلا منزعج لأنك ضيعت عليّ الفراغ القاتل الذي كنت أعيشه في الفندق! "

ابتسمت بمرارة دون أن ترد ..

غير أن ذلك الإحساس بالفشل ..أطبق فوق صدرها من جديد .

××××



بعد عدة ساعات كانت تهرول في ممر المستشفى تبحث عن رقم غرفة والدها يتبعها فارس .. لتقتحم الغرفة بعد أن وجدتها .. فجحظت عينا عاصم متفاجئاً .. بينما يونس الذي كان يشاكس عاصم منذ قليل باعثا بعض المرح في الغرفة مط شفتيه وهو يسلم على أخيه ..



قال عاصم باندهاش وهو يحرك نظراته بين كارمن التي ارتمت على صدره وفارس وشويكار التي تقف متكتفة بجوار الشرفة " ما الذي أتى بكما ؟!!! ..( ونظر لزوجته ) من أخبرهما ؟.. (وانفعل ساعلا ) لماذا يا شويكار؟ .. طلبت منك ألا تخبري كارمن بشيء "

اسرعت كارمن تقول " نحن قررنا أن نعود بالفعل يا أبي لأننا.."



وصمتت لثوان تحاول إيجاد حجة فأسرع فارس يقول " لأنه ظهر لي اجتماعا هاما يا عاصم بك ( ونظر ليونس يطلب تأييد فرسم الأخير ابتسامة ممتعضة على وجهه ليكمل فارس ) كان لابد أن أكون في المكتب اليوم وبالطبع سأعوض كارمن فيما بعد "

رفعت إليه كارمن نظرات ممتنة بينما حدج عاصم شويكار بنظرة نارية غير مصدق لما تفوه به زوج ابنته .



همس يونس لفارس من بين أسنانه " هذه المرأة هي من هولت الأمر "

ربت فارس على كتف أخيه متفهما واستدار نحو عاصم يقول باهتمام " كيف حالك الآن عاصم بك ؟"

رد عاصم بإعياء " أنا بخير كانت وعكة خفيفة .. ولم يكن عليك القدوم يا فارس أخوك كفّّى ووفى بارك الله فيكما "



تنحنح يونس وقال بحرج " لا تقل هذا نحن في مقام أولادك (وقال لفارس ) سأنتظرك بالخارج .. ألف لا بأس عليك يا عاصم بيك "

قال عاصم بعد أن غادر يونس " خفيف الظل يونس وشديد الذكاء ما شاء الله سيكون رجل أعمال ناجح مثلك يا فارس "

لانت ملامح فارس قليلا وقال وهو ينظر في ساعته " أنا سأترك كارمن لتطمئن عليك يا عاصم بك وأذهب للمصنع فإذا احتجت شيء أرجوك أخبرني ( ومال يضع يده على كتف كارمن مقربا رأسه منها ليقول بخفوت ) سأمر عليك بعد انتهائي من العمل "

نظرت إليه ممتنة وأومأت برأسها .. فتحرك يترك الغرفة وهو يحدج شويكار - التي تراقبهم بذقن مرفوع- بنظرة جامدة فأرسلت إليه الأخيرة نظرة متسلية ..



بعد خروج فارس قال عاصم بغيظ " لا أفهم سببا لما فعلتيه يا شويكار .. لم يكن هناك داع لإخبار كارمن أبدا .. أنا تعبت .. حسبي والله ونعم الوكيل "

صاحت شويكار باستنكار " أتدعو عليّ يا عاصم!! .. تدعو عليّ لأني كنت قلقة عليك ولم أعرف ماذا أفعل ( وأكملت بلهجة متأثرة ) شعرت بالخوف وأنا وحدي أركب معك سيارة الإسعاف .. شعرت بالخوف فاتصلت بابنتنا ما المشكلة !"



تعاطفت كارمن مع أمها بعد أن تحاشت النظر نحوها بدون سبب حين دخلت منذ قليل .. كانت تشعر بغصة لكنها تدخلت قائلة " إهدئي مماه الحمد لله مرت على خير "

رد عاصم غاضبا " كان من الممكن أن تطمئنيها بمجرد أن طمأنك الطبيب يا شويكار "

ردت بغيظ وهي تهم بالهروب " نسيت .. كنت ملتهية بحالتك ونسيت ..( وغيرت الموضوع ) سأقوم ببعض الاتصالات الخاصة بالعمل والتي تعطلت بسببك "



قالتها وهي تفتح باب الشرفة وتخرج .. فحدقت كارمن في أثرها شاعرة ببعض الخيبة ..

إنها حتى لم تسألها كيف حالها ..

لم تطمئن عليها .

فأطرقت برأسها بحزن ..



هل تعاقبها شويكار الشبكشي لأنها خرجت عن طوعها وأصرت على الاستمرار في الزواج احتراما لكلمتها وكلمة والدها؟



أخرجها عاصم من شرودها وكأنه قد قرأ أفكارها ليقول وهو يمسح على شعرها " طمئنيني عليك يا حبيبة بباه "



احمرت وجنتي كارمن وغمغمت" أنا بخير بباه.. لا أنكر أني كنت متشنجة في حفل الزفاف.. لكن أنا أفضل الآن"

قال والدها بلهجة ذات مغزى " وفارس؟ كيف حاله معك؟"



أطرقت برأسها تفرك يديها بحرج شديد فقال عاصم وهو يحدج شويكار - التي تتمشى جيئة وذهابا في الشرفة تسند ظهرها بقبضتها وتتحدث في الهاتف - بنظرة نارية " أعرف أن هذا السؤال كان من المفترض أن تسأله لك والدتك لكن يبدو أن علينا أن نعتاد وضعنا الغريب في كل شيء .. اللهم لا اعتراض "



غمغمت بوجنتين مشتعلتين دون أن ترفع أنظارها نحوه " لا تقلق بباه فارس أخبرني من أول لحظة أنه متفهم للسرعة التي تزوجنا بها وأنه سيترك لي الفرصة لأعتاد عليه أولا.. (واكملت ببطء ) وينام على الأريكة "



أغمض عاصم عينيه براحة لثانية ثم ربت على رأسها يقول " اسمعي حبيبة بباه .. إياك أن تشعري بأنني قد ضحيت بك من أجل انقاذنا من الإفلاس .. انا كنت مستعدا لأن اقضي الباقي من عمري في السجن حتى لا أشعر أني قد ضحيت بك يا كارمن "

التمعت الدموع في عينيها وهمست " لا داعي لهذا الكلام بباه"



قال عاصم بإعياء وهو يختلس النظر ناحية الشرفة ليتأكد أن زوجته لا تزال بعيدة وأكمل " دعيني أقول ما أريد أن أخبرك به قبل أن تأتي والدتك .. أنا لم أوفق على فارس لأنه سيساعدنا في تخطي الأزمة المالية .. أنا وافقت عليه بكل اقتناع بعد أن توسمت فيه الخير والأصل الطيب ورجولة أولاد البلد .. وبعد أن سألت عنه وتأكدت من أن مصدر أمواله من الحلال وأنه استطاع أن يصل لما وصل إليه بكده وتعبه .. وبعدما رأيت منه أكثر من موقف يدل على النزاهة.."



تطلعت فيه كارمن تلتمس مما قاله بعضا من الطمأنينة والثقة ليكمل عاصم " أتعلمين أني أخبرته برفضك حين رفضتِ أول مرة؟ .. ومع هذا اخبرني بأن عرضه مازال ساريا بمساعدتي .. بل إنه استمر في اقتراح الحلول وحدد موعد بالفعل مع مدير البنك "



حدقت فيه كارمن متفاجئة فأكمل عاصم " أنا لم أضحي بك يا كارمن من أجل أن تُحل أزمتنا .. أنا أردت أن أطمئن عليك قبل أن أدخل غرفة العمليات بأنني سأتركك في عصمة رجل توسمت فيه الخير .. وكنت قلقا جدا من قراري هذا لكني لم أحب أن أتركك أنت وأمك للمجهول وسط الديون والمشاكل دون رجل تعتمدا عليه .. وأيضا لم أطمئن وأنا أتركك لشويكار (واختلس نظرة نحو باب الشرفة وأكمل ) أعلم كيف تتصرف تحت الضغط وتصورت ما ستفعل بك لتنجو من الغرق .. وما حدث مع فهد أكبر دليل .. فتوكلت على رب العالمين ووثقت به وزوجتك له .."



شعرت كارمن بالحزن ونظرت نحو باب الشرفة بشرود فقال عاصم " هي تحبك لكن بطريقتها ولن نستطيع تغييرها .. ما أريد أن أقول أن ما فعله فارس وما يفعله معك ومعنا يدل على أنه رجل راقِ ومحترم .. انفضي عنك تفاهات شويكار أنا أعلم أنك أعمق من هذا بكثير .. وقيمي فارس بنظرتك أنت .. وفي نفس الوقت لا تجبُني في طلب الانفصال إن قررتيه يوما"



همست كارمن بعينين متسعتين " ماذا تقول بباه!! "

ردا عاصم بإصرار " أنا أقول لك أنا اخترته لك ووثقت به لكن فرضت الظروف علينا أن تزفي إليه سريعا دون أن تتعرفي عليه كأي عروس عادية .. فاعطيه الفرصة الكافية بما أنه قد أصبح واقعا .. لكن إن لم تشعري أنه هو الشخص الصحيح .. لا تترددي في أن تخبريني .. ولن أكون ابن أبي لو لم أطلقك منه .. ولا أعتقد أنه قد يتمسك بامرأة لا تريده .. فقط كوني رأيك عنه بعيدا عن شويكار .. بل انني سعيد أنك ستتعرفين عليه بعيدا عنها "

هتفت كارمن تدافع عن نفسها " بباه! .. أنا لا أتأثر بآراء أمي ولكني كنت أحاول أن أسعدها "



رد عاصم بهدوء " جميل أن تبريها وتسعديها لكن ليس على حساب نفسك وسعادتها .. وأعلمي أنه أصبح عليك الآن تجاه زوجك واجبات وإسعاده بقدر استطاعتك هو واجب عليك كزوجة تخاف ربها "

أطرقت كارمن برأسها فربت على كتفها وأكمل مشجعا " أنا أثق بأنني قد زرعت فيك مخافة الله .. وفي الوقت نفسه أقولها لك لا تشعري بأنك مضطرة للبقاء معه اذا لم تحبيه "



رفعت إليه عينيها الواسعتين تقول " ولماذا تخبرني بهذا الآن .. وليس قبل حفل الزفاف؟ "



تنهد عاصم وأجاب " أولا لأني كنت أريد أن ابعدك عن شويكار بكل قوة .. ثانيا كنت أريدك أن تقرري وحدك وتتحملي تبعات قرارك كما قلت لك بدون أي تدخل منا .. ثالثا أردت أن أطمئن كيف سيتعامل معك فارس في الأيام الأولى ولم يخيب ظني فيه الحمد لله ..( ثم أغمض عيناه وتمتم ) الحمد لله أنا أشعر بالراحة الآن .. تخطينا الأزمة واطمأننت عليك .. أنه الآن طريقك وحدك إما أن تواصلي أو تقرري أمرا آخر وأنا معك فيما ستقررينه "

وضعت كارمن رأسها على صدر والدها تربت عليه وشردت فيما أخبرها ..

إن فارس يزداد غموضا وغرابة كلما عرفت عنه المزيد ..



بعد قليل خرجت لوالدتها في الشرفة تقاوم تلك الغصة التي تشعر بها تجاهها وقالت " كيف حالك مماه؟"

اقتربت منها شويكار تاركة الهاتف من يدها وطبعت قبلة على وجنتها تقول " بخير .. رغم أني امضيت الليلة كلها في فيلم رعب بسبب والدك "

تمتمت كارمن " الحمد لله أنه بخير "

تفحصتها شويكار ثم سألتها " وكيف الحال مع ذلك المبلط؟"



تألمت !.

تألمت جدا .

فإن لم يكن فارس يستحق هذا التهكم فهو الآن زوجها وما يعيبه يعيبها ..

واندهشت ! ..

اندهشت جدا أن ألصقت نفسها به بهذه السرعة ..



قالت بلهجة متألمة " أرجوك مماه فارس أصبح زوجي .. أصبح أمرا واقعا .. لذا أرجوك احترميه واحترميني "



تكلمت شويكار بجدية " اسمعي يا كارمن أنا لا أريدك أن تتخذي أمر زواجك هذا بجدية .. كما قلت لك الظروف حكمت أن ترتبطي به لكن هذا الارتباط ليس بالضرورة أن يكون دائما .. أنا كلي أمل أن نتخطى أزمتنا المالية قريبا .. ولن تكوني وقتها مضطرة للبقاء معه "



بهتت كارمن مما تقوله والدتها .. وتعجبت من هذا الذي يخبرها به والديها بعد زواجها بيومين لكن شتان بين ما يقصده كل منهما فقالت بضيق " الزواج ليس لعبة مماه وأنا لست دمية لأباع لأفضل مشتري "

أشاحت شويكار بيدها وقالت " أتركينا من تلك المبادئ البالية التي ملأ عاصم بها رأسك الصغير وأخبريني ( وأكملت بلهجة ذات مغزى ) ماذا فعل المبلط معك؟ "





تألمت كارمن أكثر .. فأطرقت برأسها بحزن.

طلاق

رأسها الصغير

مبادئ بالية

ومبلط



قرأت شويكار حزن ابنتها بأن فارس قد أتم الزواج بها فهتفت منفعلة " مبلط الرخام ..تربية الشارع .. لم يستطع الانتظار .. "



رفعت إليها كارمن نظراتها الذاهلة تراقب ردة فعلها وقد فهمت هي الأخرى ما فهمته والدتها بالخطأ بينما أكملت شويكار بغيظ " بالطبع لم يحلم يوما أن ينال بنت الباشوات .. ما هذا الزمان الذي يتجرأ فيه الرعاع على أسيادهم "

هتفت كارمن مصعوقة " مماه أنا زوجته "



قالت شويكار من بين أسنانها " أعلم أنك للأسف زوجته لكنك كالعادة فاشلة ( اتسعت عينا كارمن لتكمل شويكار بإصرار ) أجل فاشلة يا كارمن وستجلطينني ..متى ستتعلمين من أين تؤكل الكتف .. ألم تقدري على أن تعذبيه قليلا استسلمت بسهولة.. ألا تعرفين كيف تمثلين المرض.. الإغماء ..أي شيء .. ألا تعرفين كيف تتدللين وتتشرطين مثل الفتيات عليه حتى ينتظر ويشعر أن لديك سلطانا عليه .. ( ووضعت كفها على عينيها تقول بإعياء ) كيف سننتهي من هذا الكابوس يا الله ..وأنا محاطة بالضعفاء .. أنا تعبت والله تعبت "

كالعادة هي ضعيفة وفاشلة

وكالعادة تحزنها .. وتحبطها



لكنها لن تستطيع أن تفعل ما تقوله ..

فهذا غير صحيح

غير صحيح يا كارمن

ولا يصح إلا الصحيح



ابتلعت طعما مرا في حلقها وقالت بخفوت " شكرا مما على المباركة لي بالزواج .. سأذهب لأطمئن على أبي "



××××

في المساء :

ركبت كارمن في المقعد الخلفي تحتمي من النسمة الباردة في هذا الوقت من الليل .. ليجلس بجانبها فارس بينما الشيمي وزغلول في مكانهما في المقاعد الأمامية .



على الطريق سألها بصوت خافت " هل اطمأننت على والدك ؟"

أومأت برأسها وردت " كنت سعيدة أن عاد للبيت .. (وترددت قليلا قبل أن تكشف بعضا من مخاوفها له ثم غمغمت ) أنا فقط أقلق من شجار والداي في عدم وجودي فأخشى من أن تسوء حالة والدي "



احجم فارس عن الرد وأشاح بوجهه نحو النافذة متقبضا فسألته بدورها " كيف كان يومك ؟"



تفاجأ بالسؤال فاستدار إليها ورد باقتضاب " كان مشحونا بالعمل كالعادة "

سألته بفضول "ألم يكن من المفترض أن يسير العمل بدونك هذه الأيام "

رد عليها " كانت هناك أمور ستؤجل لحين عودتي وما دمت قد عدت فلم يعد لتأجيلها معنى "

قالت باندفاع " وكيف فسرت لمن حولك عودتك المبكرة ؟.. بالتأكيد كان الأمر غريبا "

حرك كتفيه ونظر إليها يقول " لا يهمني ما سيقال .. ولست مطالبا بإعطاء تفسير لأحد سوى من يهمني أمرهم .. عموما الجميع يعلم أني مدمن للعمل .. وغالبا معظمهم قد فسر الأمر على هذا النحو "



أشاحت بوجهها تتطلع لنافذتها مغمغمة في سرها " زرقاء .. زرقاء صغيرة ( لتعود تنهر نفسها ) ما بك يا كارمن ألم تقابلي رجلا بعينين زرقاوين من قبل؟؟!!! ( وفكرت قليلا ثم أضافت ) فهد كان ذا عينان فيروزيتان ( ثم نفضت رأسها بقوة تشعر بالغثيان على سيرة فهد لتقول لنفسها بتوبيخ ) ماذا حدث لك يا فتاة؟!! .. أين الاكتشاف الخارق بكون عيناه زرقاوين !.. منذ متى وأنت تهتمين بتلك التفاهات !! "



للمرة الثانية خلال أيام تدخل الفيلا في الليل .. وعلى ما بدا لها فهي حديثة الطراز تحتوي على حديقة أمامية وعلى اليمين بجوار مبنى الفيلا ممرا لحديقة جانبية فخمنت أن للفيلا حديقة خلفية أيضا ..



حين فتح فارس باب الفيلا بدأت تتوتر رغم أنهما لن يكونا بمفرديهما .. لتستقبلهما زغرودة تنفجر في وجهيهما من خضرة فأجفلت كارمن وأمسكت بكم قميصه قبل أن تنتبه لما فعلت وتترك ذراعه .. ليبدأ بعدها عزف جماعي بدندنة عالية لنغمة حفلات الزفاف الغربية الشيهرة من فريدة ويونس وشهد التي لم تعرف من هي " تارا تتا .. تاراتتا ..تاراتتا تاتا .. تاراتتا"

تفاجأت كارمن وغطت فمها بيدها تضحك وهي تتطلع في فارس الذي حك جبينه يغمض عينيه يائسا من أن يأتي اليوم الذي قد تتعقل فيه هذه العائلة المجنونة التي ابتلي بها .. فعادت تنظر لهم من جديد بعد أن انقلبت الأغنية فجأة لأغنية عربية " دقوا المزاهر يالا يا أهل البيت تعالوا .. جمع ووفق يالا وصدقوا اللي قالوا "

وضع فارس يده في جيبه وقال عابسا " متى ستنتهي فقرة السيرك القومي هذه ؟"



شعرت كارمن بفظاظته لكنها تفاجأت بأنه لم يتأثر أحد برد فعله ليقول يونس مازحا يوبخ فريدة وشهد " كفى .. الكبير قال كفى "

اقتربت فريدة من فارس تستطيل على اطراف أصابعها فمال نحوها بخده لتطبع عليه قبلة تبارك له ولم يفت كارمن تلك النظرة الحنونة التي لمحتها في عينيه بينما قال يونس مرحبا " أهلا ببسكوتة العائلة "



اتسعت عينا كارمن لتقول متفاجئة " هذا أنا؟ "

بينما رفع فارس حاجبا وقال ليونس" ما هذا الظُُرف!"



رد يونس ببراءة مصطنعة" لست أنا من أطلق عليها هذا اللقب بل فريدة"

هتفت فريدة صارخة" أنا يا كاذب؟!!!!"

فحرك يونس مقلتيه مفكرا ثم أنزل نظراته نحو شهد يقول "إذن شهد "

صاحت شهد من خلف نظارتها الغليظة " أتختبئ خلف فتاة صغيرة ضعيفة مثلي وأنت بهذا الحجم !!"

وتركتهم مبتعدة فصاح خلفها " بل فتاة متفزلكة خانقة (واستدار لفريدة التي تضحك يقول ) ما الذي تفعله هذه البومة في بيتنا ؟! "

ضحكت كارمن برقة ومدت يدها ليونس تقول " كارمن السيوفي الشهيرة بالبسكوتة "

قهقه يونس وقال " وأنا يونس العظيم "

بينما اقتربت منها فريدة تقبلها على وجنتيها مرحبة بدفء " أنا سعيدة بانضمام فتاة أخرى لعائلتنا حتى لا أكون وحدي "



دفء الاستقبال قلل من توتر كارمن واشعرها بالألفة .. فتساءلت بفضول " أين الحاجة نفيسة "

سأل فارس باهتمام" هل نامت أمي؟"

مط يونس شفتيه ورد متهكما " تلوي فمها عابسة منذ أن علمت بعودتك قاطعا عطلتك وتنتظرك يا حبيبي في غرفتها "

هرش فارس في مؤخرة رأسه يستعد لمحاضرة توبيخ وأمسك بمرفق كارمن يقول "تعال لنسلم على أمي"



قال يونس يعترض طريقهما " انتظر .. لم تلقي زوجتك بالنشيد الوطني للعائلة "

رفع فارس عينيه للسماء ينفخ بنفاذ صبر بينما سألت كارمن باهتمام" أي.. أي نشيد ؟"

صاح يونس بصوت أجش ولهجة مسرحية " فريداااا.. هيا نعلمها النشيد الوطني للعائلة الكريمة.. واحد.. اثنان.. ثلاثة "



سحبها فارس من مرفقها فأدارت رأسها تتابعهما محدقة فيهما باتساع عينيها وهي تشاهدهما يرفعا يدا وكأن كل منهما يحمل علما وهميا وهتفا في نفس واحد" سعد .. سعد .. يحيا سعد!"

انفجرت كارمن في الضحك على هذين المخبولين الظريفين بينما كشر فارس عن أنيابه وقال بنفاذ صبر وهو يشد كارمن " هيا يا كارمن .. فقرة القرود هذه مستمرة معنا لا تقلقي "



انفجر يونس وفريدة في الضحك وشاركتهما كارمن وهي تتطلع في فارس بجبينه المعقود تهمس في سرها " إنه يلقي بنكات دون أن يضحك عليها !"



بعد ثوان كانا يقفان أمام الحاجة نفيسة المتربعة على مقعدها الوثير في غرفتها ترفع ركبة تسند عليها ذراعها الممدود المتدلي منه سبحتها وهي تشيح بوجهها عابسة ..

شعرت كارمن بتوتر الأجواء ورفعت انظارها لفارس الذي كان يقف مطرق الرأس يديه في جيبي بنطال حلته .. فاقتربت من الحاجة تحاول تبديد الصمت ومالت عليها تطبع قبلة رقيقة على وجنتها وتتمتم كيف حالك يا ( وتلعثمت ونظرت لفارس ثم اكملت) يا حاجة "



قالت الحاجة بهدوء وهي تربت على ذراعها برفق " نحمد الله حبيبتي .. كيف حالك أنت ؟"

غمغمت كارمن " بخير "

تكلم فارس بهدوء " ما بك يا أمي؟ "



انفجرت الحاجة تقول بتوبيخ فاجأ كارمن فارتدت للخلف قليلا لتقف بجواره" ماذا تعتقد أنت؟ .. ما الذي جعلك تقطع عطلتك وتعود بعروسك لا أفهم! "

تنحنح فارس وقال لكارمن المنكمشة " انتظريني بالخارج يا كارمن من فضلك "

صاحت أمه بتوبيخ " لماذا تريد إخراجها ها ؟ حتى لا تعرف بحقيقة أنك مدمن للعمل "

همت كارمن بقول الحقيقة فحدجها فارس بنظرة محذرة وقال بهدوء " كما أخبرك يونس يا أمي كانت لدي صفقة مهمة وكان عليّ انهائها وإلا لكانت طارت من يدي "



هتفت الحاجة بغيظ "طارت أو انفجرت حتى ! .. فأنت عريس منذ يومين فقط !!. ( وضربت كفيها ببعضهما ) لا حول ولا قوة إلا بالله "

تطلعت إليه كارمن مصدومة وهي تراه يقف صامتا أمام أمه التي توبخه .. لم تتخيل قط أن هذا الرجل الذي كان يخيفها يقف يستمع لتوبيخ والدته مخروسا بهذا الشكل .



استدار نحوها فارس يقول بعبوس " ألم أقل انتظريني بالخارج من فضلك "

انسحبت ببطء لكنها.. توقفت عند الباب تدخل رأسها بفضول شاعرة بطرافة منظره في هذا الوضع وتملك منها شعور بالذنب .. والشفقة عليه .

جاءتها أصوات صياح حماسية من خلفها فخمنت أن فريدة ويونس يشجعان مباراة ما.



قالت الحاجة نفيسة بلهجة متحسرة " يا فارس يا بني لا توجع قلبي عليك .. إن لنفسك عليك حقا .. اعط لنفسك فرصة حتى تعيش وتتذوق السعادة .. ذق طعم الثمار التي زرعتها وراعيتها حتى انبتت وكبرت ونضجت يا فارس .. أرح بدنك قليلا يا ولدي لقد قمت بما عليك وأكثر والحمد لله نحن في نعمة كبيرة ألف حمد وشكر لك يا رب"



نظرت كارمن لفارس نظرة جديدة .. نظرة تكمل ما قاله والدها عنه اليوم.



نظرة معجبة .

أجل معجبة ومن لا يعجب بقصة نجاح ..

قصة كفاح ونجاح تفرض عليك احترام صاحبها .



سمعته يقول بصبر ليس من شيمته وهو مغمض العينين " حاضر يا أمي"

اشاحت أمه بيدها في يأس تبرطم " لا أسمع منك سوى .. حاضر يا أمي.. وفي النهاية تنفذ ما تريد .. وأنا تعبت من رأسك اليابس هذا"

فتح فارس عينيه واقترب منها ينحني ليقبل رأسها الذي شاب قبل أوانه.. فرفعت إليه عينين متوسلتين تمسك بصدر قميصه وتقول " برضاي عليك يا فارس .. أرح قلبي.. فأنا لست مرتاحة .. هناك ما يقلقني "

قال فارس بعد أن قبل رأسها مرة أخرى " حاضر يا أم فارس "



تمتمت باستسلام " اذهب لعروسك يا ولدي.. ولا تتركها فترات كبيرة وحدها ما زالت عروس لم يمر على زواجها ثلاثة أيام "



تحرك مغادرا فتأملته وهو يخرج من الغرفة ورفعت يدها للسماء تقول " يا رب لا ترني فيه ولا في اخوته مكروها واهد له نفسه وأسعد قلبه قادر يا كريم يا رب "



خرج فارس ليجد كارمن تقف عند الباب فتنحنح يقول بخشونة " لماذا تقفين هنا ؟"

ردت مراوغة "كنت انتظرك فما زلت متحرجة من التحرك في البيت وحدي "



أشار لها لتتقدمه فأتت صيحة انتصار عالية من غرفة أخرى أجفلتها فمط شفتيه وتمتم بامتعاض" قلت لك فقرة القرود مستمرة عندنا "

قهقهت برقة وهي تمد انظارها لغرفة المعيشة .. لتجد فريدة ويونس يلعبان أمام شاشة كبيرة لعبة قتالية ..يمسكان بمتحكم ألعاب الكتروني بيديهما.. تأملت فريدة التي تعصب رأسها بوشاح صغير على الطريقة الإسبانية .. وملابس بيتية من فستان قطني قصير بأكمام وبنطال فوجدتها تجلس فوق ظهر الأريكة ..بينما يونس يقف يحدق بتركيز شديد في الشاشة .. وتلك الفتاة الصغيرة ذات النظارة السميكة تجلس على السجادة ترتدي بنطالا من الجينز وبلوزة طويلة تنافسهما في اللعب وعلى ما يبدو أنها في فريق واحد مع فريدة ضد يونس فتوقفت كارمن فجأة تستدير نحو فارس متسعة العينان لتقول " هل لديك أختا ثالثة .. من هذه المراهقة ؟؟!!"

رد عليها موضحا " كلا .. هذه شهد ابنة خضرة التي تساعدنا في شئون المنزل وزغلول سائقي "



أومأت برأسها علامة على الفهم مبهورة من هذا التجانس وتحركت تعتلي سلما عريضا بعدد درجات قليلة ينقسم في نهايته ليمين ويسار وجناحها على ما تذكر كان ناحية اليمين ..

تذكرت صورته وهو يقف أمام والدته فاستدارت فجأة تقول وهي تكتم ضحكتها " كان شكلك طريفا وأنت بهذا الطول وتوبخك الحاجة نفيسة "

رفع فارس حاجبا خطرا واضعا يديه في جيبي بنطاله فنظرت إليه بتشفي متلذذ لم تعلم مصدره

ليرد عليها ساخرا " جميل أن سلينا سيادتك"



قالت وهي ترجع للخلف على السلم " فعلا كنتَ ملسيا جدا "



فجأة تعثرت وكادت أن تقع للخلف مطلقة صرخة قصيرة انقطعت حين لف فارس ذراعه حول خصرها بحزم ..فحدقت في وجهه مستشعرة عضلات صدره تحت مرفقيها فاقدة النطق لثوان قبل أن يقول هو بأنفاس ساخنة "احترسي "



تسارعت دقات قلبها شاعرة بوجهها وكأنه قد تحول لجمرة مشتعلة .. فتلوت بجسدها تفلت من ذراعه ثم تحركت مسرعة تسبقه إلى جناحهما .. بينما وقف فارس لثوان يستجمع أعصابه ويدلك رقبته من الخلف .

حبست كارمن نفسها في الحمام تحرك يدها أمام وجهها المتوهج تمنحه بعضا من الهواء .. وقد تملكها شعور لم تعرف كيف تفسره .. خاصة بامتزاجه بداخلها بالحرج الشديد .



أما فارس فتردد قليلا في دخول الغرفة وشعر أنه برغم إرهاقه في هذا اليوم الطويل بحاجة لممارسة بعضا من الرياضة العنيفة على الأجهزة الرياضية الملحقة بمكتبه الخاص بالأسفل عله يُنفس عن بعض الطاقة التي تلهب أعصابه.. لكنه عدل عن الفكرة حين تذكر أن البيت بالأسفل مملوء بالبشر وسيكون أمرا غريبا أن يترك عروسه لممارسة الرياضة في هذا الوقت من الليل .






يتبع








Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 01:03 PM   #79

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 4

بعد قليل خرجت كارمن من الحمام ترتدي منامة فضفاضة بأكمام طويلة لتجده جالسا على الأريكة أمامه بعض الأوراق يطالعها على المنضدة الصغيرة.. وهذه المرة كان يرتدي فيها نظارة للقراءة فحدقت فيه تتأمله بفضول متسائلة عما اذا كانت زرقة عيناه ستظهر من خلف زجاج النظارة أم لا ؟!..



حين لم يرفع أنظاره نحوها شعرت بالغيظ فقالت وهي تجلس فوق السرير تتدثر تحت الأغطية " ألا تفعل شيئا سوى العمل !.. والدتك كانت محقة حين قالت أنك مدمن له "
رفع وجهه ليقول متهكما " وهل لديك أي شيء آخر امضي فيه الوقت؟ "


شعرت أنه يلمح لمعنى وقح .. فاشتعلت وجنتيها وقالت مفسرة "أقصد تتحدث .. هل تعلم أنك خلال ثمانية وأربعين ساعة أمضيتها معك لم تتحدث سوى بضع كلمات .. أغلبها أوامر وتعليمات "


أطرق برأسه وغمغم " أنا لا أتعمد اعطائك أوامر أو تعليمات يا كارمن.. أنا فقط أضع بعض النقاط على الحروف بيننا حتى تحفظ كرامتي كزوج ..تقلل من حجم الاختلافات المتوقعة نظرا لظروف زيجتنا السريعة .. (وصمت قليلا ثم أكمل بخفوت ) بالإضافة لأني.. لا أريد أن أزعجك بأي ثرثرة مني قد لا ترغبين فيها .. "
كانت عبارته الاخيرة غريبة وغير متوقعة فقالت " لابد لنا أن نتحدث حتى تعرفني واعرفك يا فارس "


استمر في النظر في الأوراق وقال" أنا لست بارعا في الحديث عن نفسي يا كارمن .. لكن إذا اردت معرفة أي شيء اسألي وسأجيب"
قالت مشاكسة " بالطبع سأسألك .. وسأخضعك لاستجوابات كثيرة ..وسأزعجك بأسئلتي كما تزعجني بتعليماتك"
ومالت بجذعها تفترش ذراعيها فوق الوسائد وتنام على جانبها .. تتأمله وهو يحرك الأوراق ..


جانب وجهه ..
ويده التي تمسك الأوراق ..
وجذعه العضلي ..
وأطراف ذلك الوشم الغريب التي تظهر عند معصمه وياقة قميصه ..والذي ستسأله عن قصته يوما ما..
لكنها ..
لكنها تشعر الآن بنعاس ..
نعاس شديد ..


أغمضت عينيها وقالت بخفوت" فارس"
رفع أنظاره نحوها فأكملت من بين النعاس " أنا عرفت لماذا يبدو اسمي مختلفا حين تنطقه"
سألها بصوت خافت أجش " كيف أنطقه؟"
ردت مغمضة العينين" أنت تكسر الميم يا فارس"


جعّد جبينه من خلف النضارة وقال " أليست الميم مكسور في اسمك؟"
غمغمت وهي تضع يدها تغطي فمها وتتثاءب " أجل لكنك تكسرها بمبالغة .. تكسرها وكأنك تريد اخضاعها .. تضغط عليها بشدة .. كا..ر..مِن"
صمتت فجأة وانتظمت أنفاسها فعلم أنها قد نامت .. ليخلع نظارته ويستقيم مقتربا منها .. ويميل عليها يدثرها بالأغطية.


وقف فارس يتأملها لبضع ثوان .. ثم أخرج من جيب بنطاله .. طوق الياسمين يحدق به في كفه مغمغما بخفوت " ربما أضغط على الميم بشدة وأكسرها بمبالغة كما تقولين ..حتى لا أضغط على صاحبة الاسم فتنكسر بين يدي "
و تحرك نحو الحمام ينوي الحصول على حمام بارد .


××××
في اليوم التالي:


كانت كارمن تجفف شعرها أمام المرآة حين سمعت طرقا على الباب وصوت فريدة " كارمن هل أدخل؟ "
نظرت كارمن للأريكة التي ينام عليها فارس وتأكدت أن ليس عليها ما يثير الشك ثم قالت " تفضلي فريدة "
دخلت فريدة تقول بإشراق " صباح الخير يا عروس .. "


ابتسمت كارمن وردت" صباح النور يا أخت العريس .. استيقظت اليوم متأخرة "
ردت فريد بلهجة ذات مغزى " بالطبع ستستيقظ العروس متأخرة .. كان الله في العون "


احمرت وجنتي كارمن وأطرقت برأسها تمشط شعرها وغمغمت " وكنت سأنزل إليكم لكني كنت متحرجة"
ردت فريدة " أمي قالت أن نتركك على راحتك وأمرت خضرة أن تحضر لك الطعام في الغرفة متى تطلبين "


شعرت كارمن بالحرج .. بينما سألتها فريدة بفضول " هل هذا لون شعرك أم أنك تصبغينه ؟."


ردت بابتسامة وهي تتأمل الملابس البيتية المريحة التي ترتديها فريدة مزينة بشخصيات كارتونية بلوزة بأكمام طويلة وبنطالا قطنيا " إنه لون شعري الحقيقي .. لكني أحيانا اصبغه "


قالت فريدة " ما شاء الله لونه جميل انه بني فاتح ( فكت الإيشارب الصغير الذي تعصب به رأسها على الطريقة الإسبانية وفردت شعرها تقول ) أنا شعري أسود وللأسف يصعب صبغه .. جربت أكثر من مرة لكنه حين يستجيب للون يصبح بنيا لا أكثر من ذلك "


ابتسمت كارمن شاعرة ببعض الألفة من هذه الدردشة النسائية وردت " أنا أعرف صالون تجميل رائع استطيع أن أحجز لك موعدا معه أن أردت "
قالت فريدة" المهم أن يحتوي على قسم للمحجبات "
ردت كارمن " بالطبع لديه قسم كبير للمحجبات لا تقلقي أخبريني متى تريدين؟ "
قالت فريدة "فلنفعلها مع دخول الربيع بإذن الله فالشتاء قد بدأ وأنا أشعر بالبرد طول الوقت"


ضحكت كارمن وردت" أنا أيضا حين يأتي الشتاء أشعر أني أعيش في القارة القطبية رغم أن الباقين لا أجدهم متأثرون بالبرد مثلي"
غمزت فريدة تقول بوقاحة " لكن هذا الشتاء سيكون مختلفا"


احمرت وجنتي كارمن بحرج لما تشير إليه وقد ادركت أنها مشاكسة شقية ولكن بطريقة محببة فقالت مغيرة لدفة الحديث " شعرك جميل باللون الأسود كما أنه ناعم ما شاء الله "
ردت فريدة موضحة " أنا أحبه باللون الأسود ولكني احب تغيير لونه من وقت لآخر .. مشكلته الوحيدة أن به موجة .. لابد أن افرده بمجفف الشعر إذا أردت أن اخفيها "


تركت كارمن طاولة الزينة واقتربت منها تدقق في شعرها الذي فردته على كتفيها تقول " أين الموجة أنا لا أرى شيئا أم أنك فردتيه؟"
ردت فريدة تمسك بشعرها " لا لم افرده .. جففته سريعا بعد الحمام "


قالت كارمن مندهشة " أين الموجة إذن !! .. هل ما تقصدينه هو ذلك التموج البسيط ؟!! "
اطرقت فريدة برأسها يعلو وجهها ملامح بائسة تقوس شفتيها كقوس مقلوب كالأطفال .. فقالت كارمن ولم يغادرها الاندهاش بعد" أنت مجنونة يا فتاة إن فكرت بهذا الشكل .. انه تموج طبيعي يعطي للشعر شكلا طبيعيا .. معظم من ترينهم في التلفاز هذا ليس شعرهم على طبيعته بدون وسائل مساعدة"


قالت فريدة ببؤس طفولي "أعلم أني أضخم الامر لكن ذلك الغليظ يونس كان يسخر مني ونحن صغار ويخبرني أن شعري ليس جميلا وبه موجة .. "
ضحكت كارمن وهي تفكر في مدى غلاظة أخيها رغم أنه قد بدا لها شابا لطيفا .


قالت لتشجعها" اسمعي يا فريدة .. لا تأخذي كلام يونس على محمل الجد .. أنت قلت أن ذلك كان في الماضي وكنتما صغارا .. صدقا أقول شعرك رائع وناعم وهذه الموجة تعطيه طبيعية .. ولا تتوقعي أن كل الفتيات شعرهن كاليابانيين .."
ابتسمت فريدة وغمغمت بحرج " أعرف ذلك "
حاولت كارمن تشجيعها أكثر فقالت " هل أخبرك بسر؟ "


أومأت فريدة برأسها فأكملت كارمن " أنا شعري الحقيقي مجعدا واخضعه للفرد عند المتخصصين بطريقة تحافظ عليه من ستة أشهر لسنة مفرودا كما ترينه"
اتسعت عينا فريدة تركز في شعر كارمن فقالت الاخيرة" ادفع مبلغا كبيرا حتى يكون بهذا الشكل صدقيني "


سألتها فريدة " ألا تحبين الشعر ( الكيرلي ) اعتقد أنه من أحدث الصيحات هذه الأيام "
ردت كارمن " أمي كانت ترى وأنا صغيرة أنه ليس مناسبا لهذا اخضعه للفرد منذ سنوات طويلة .. وقبل أن تتوافر صالونات التجميل هنا في الوطن .. كانت أمي تنتهز فرصة سفرنا لأي دولة أوربية لأزور صالون التجميل هناك وأفرده"


سألتها فريدة بإصرار" وأنت ماذا تفضلين؟ .. هذا الشكل أم الكيرلي؟"
صمتت كارمن قليلا ثم ردت " لا أعرف لم أسأل نفسي هذا السؤال من قبل"
عقدت فريدة حاجبيها بعدم فهم فقالت كارمن مفسرة " أعلم أني أبدو غريبة .. لكني أعتقد أني في فترة اكتشاف للذات في الفترة الأخيرة .. فمنذ الأزمة المالية التي تعرضنا لها منذ سنوات انتبهت لأمور كثيرة في حياتي لم أكن أعلم عنها شيء أو أعدت النظر إليها من منظور مختلف "


قالت فريدة بتعاطف "أعلم شعورك جيدا أو دعيني أكون اكثر دقة لقد كنت صغيرة في هذا الوقت لكن ذاكرتي تحتفظ ببعض المشاعر والمشاهد المؤلمة عن الأزمة المالية التي تعرضنا لها قديما "
تملك الفضول من كارمن وهمت بسؤالها لكن فريدة أكملت بلهجة مشرقة تنفض عنها الكآبة " سأخبرك بما جئت إليك فيه .. ما رأيك أن تذهبي معي للنادي .. سنقضي وقتا ظريفا قبل أن ازدحم بمسئوليات دار الأيتام"
سألتها كارمن بعدم فهم " ماذا تعنين بدار الأيتام ؟"


قالت فريدة بسرعة " سأفتتح دارا للأيتام .. هذه قصة طويلة سأحكيها لك إذا وافقت أن تأتي معي "
ترددت كارمن قليلا وقالت" اشعر بالكسل .. دوما أنا بكل أسف أفضل التواجد في البيت معظم الوقت .. لكن لا بأس سأشجع نفسي وأخرج معك اليوم "


عقدت فريدة حاجبيها وردت " توقعي كان صحيحا (نظرت إليها كارمن بفضول فأكملت فريدة ) خمنت أنك انطوائية (introvert)"
ضحكت كارمن وقالت بحرج " للأسف نعم ولكن كيف عرفت؟ هل أبدو سيئة لهذه الدرجة "
تركت فريدة الأريكة واقتربت منها تقول" لا أقصد .. إن هذا الأمر ليس به شخص سيئ أو شخص جيد انه طبيعة شخصية .. أنا لاحظت بعض الأشياء فخمنت أنك انطوائية "
سألتها كارمن باندهاش "وكيف استطعت التخمين ؟"


أجابت فريدة موضحة وهي ترفع شعرها الأسود بعيدا عن وجهها " أنا مهتمة بمجال التنمية الذاتية و حضرت دورة تدريبية منذ فترة لبروفسير عالمي يتحدث عن علم تصنيف الشخصياتيطبق في بعض الدول الأوربية اسمه MBTI (مؤشر مايرز بيرجز للنوع ) .. كان ممتعا بحق "
بدا على كارمن الاهتمام فقالت وهي تجلس على السرير "أخبريني المزيد "


وقفت فريدة أمامها تشرح بحماس وتحرك يديها " هذا العلم يصنف الشخصيات لستة عشر شخصية ..كل منها يحمل أربعة أحرف.. أول حرف منها هل أنت انطوائي أم اجتماعي .. وهو يتحدث عن الشخصية التي نولد بها وليس الشخصية التي قد نكتسبها من الخبرة وتطويع الذات وهكذا .. مثلا أنت شخصية انطوائية .. تفقدين طاقة عند التعامل مع الآخرين وكلما كبر عدد الناس الذين تحتكين بهم يوميا كلما فقدت طاقتك بسرعة .. ولهذا أنت تفضلين التعامل مع عدد صغير من الناس وتفضلين الجلوس في البيت أو النوم لشحن طاقتك .. لكن الشخصيات الاجتماعية بطبعها ( وأشارت على نفسها ) مثلي أنا أشعر بالممل وحدي والاكتئاب .. كلما تعاملت مع الاخرين كلما اكتسبت طاقة .. احب التعامل مع الناس وافكر بصوت عالي .. ولهذا يونس الغليظ يتهمني بالثرثرة .. أنت مثلا كشخصية انطوائية تفكرين أولا ثم تتحدثين.. أما أنا اتحدث ثم أفكر فيما قلته بعدها .. "
"وماذا عن فارس "



قالتها كارمن دون وعي فردت فريدة " أبيه يميل للانطوائية مثلك لكنه بخبرته قد طوع نفسه .."
عقدت كارمن حاجبيها وسألت " ما معنى قد طوع نفسه؟!! . ألم تقولي إنها طبيعة شخصية ؟"


رفعت فريدة شعرها بكلتا يديها تثبته على هيئة عقدة فوق رأسها وهي تقول " الأمر ليس كذلك .. التصنيف هذا يخضعك أولا لاختبار بعدها تعرفين انت بطبيعتك تميلين لأي جانب فكل منا لديه الجانبين ولكن بنسبة يطغى فيها جانب عن الأخر هو طبيعته .. أبيه يميل للانطوائية والعزلة لكنه طوع نفسه كرجل أعمال لابد أن يتعامل مع الناس وله علاقات بأن يبدو معهم كشخص اجتماعي الى حد ما ( وتمتمت ضاحكة ) رغم عبوس وجهه ! .. أنت أيضا بالتأكيد كنت تدارين شعورك بالإرهاق وعدم الرغبة في التعرف على المزيد من الناس في الحفلات .. هذا بعد تدريبك لنفسك .. لكن لو خيرت هل كنت ستحضرين الحفل من الأساس؟"


حركت كارمن رأسها بلا فأكملت فريدة" الفرق بين الشخصية الحقيقية والشخصية التي طوعتيها لتتعامل عكس طبيعتها كالفرق بين أن تحاولي كتابة اسمك بيدك اليسري ويدك اليمني أيهما أكثر اتقانا؟"
ردت كارمن "اليمنى بالطبع باعتبار أني لست عسراء"
وافقتها فريدة " جميل هذا هو الفرق"
تكتفت كارمن تفكر قليلا وقد اعجبها هذا التفسير الذي يرفع عنها الإحساس بالذنب عند التقصير في عدم رغبتها في مجاراة شخصية والدتها الاجتماعية وميلها الطبيعي للعزلة ثم قالت " لكن هناك بعض الناس يستطيعون الكتابة بالاثنين بنفس الاتقان"
ردت فريدة " بدون تفكير ولأول وهلة أي يد ستستخدمينها بعفوية؟"
أجابت كارمن " اليد اليمنى لو كانت هي طبيعتي والعكس صحيح"
أومأت فريدة توافقها " بالضبط .. الشيء العفوي هو ما تفعلينه دون أي اعتبارات والآخر تفعلينه تطويعا لنفسك .. لكن عليك أن تفهميها أولا حتى لا تشعري بالذنب تجاه الآخرين "


سألتها كارمن بفضول "وماذا عن يونس؟"
لمعت عينا فريدة وردت بابتسامة " يونس متوازن الى حد كبير بين الطبيعتين لكنه يميل أكثر لأن يكون اجتماعيا مثلي .. صحيح أنا أكثر اجتماعية منه لكن الجانب الاجتماعي فيه أعلى من المنطوي "


شردت كارمن في كلامها .. هذا الكلام يفسر سبب عدم تحملها للكثير من التجمعات والحفلات وما إلى ذلك .. وهذا يعني أنها ككارمن ليس بها عيبا .. وانما هذه طبيعة شخصية بداخلها خلقت بها وفقا للنظرية التي تقولها فريدة .


نظرت إليها تقول " أخبريني أكثر عن MBTI وكيف استطيع أن أخضع للاختبار "
ردت فريدة وهي تأخذ الإيشارب من فوق السرير "هناك اختبارات مجانية على الانترنت واذا أردت تقريرا مفصلا فذلك سيكون باستشارة مدفوعة على الانترنت .. عموما سأخبرك بالمزيد اذا خرجت معي للنادي "
قالت كارمن بحماس "حسنا سأستعد خلال دقائق"


صفقت فريدة بسعادة ثم قالت " هل استأذن من أبيه لنا معا أم انت من ستقومين بهذا الامر؟"


أخفت كارمن ارتباكها وقالت بذقن مرفوع "سأتصل به "
فتركتها الأخرى وهي تقول بنشاط "اذن سأذهب لأستعد"
شعرت كارمن بعدم الراحة كونها ستضطر للاستئذان من فارس.. فهي لم تعتاد على الاستئذان سوى من والدها فقط .. لكنها تعقلت وطلبته في الهاتف .


كان فارس يستمع لأحد العملاء يشرح له أمرا هو وريتا التي تجلس تحتسي قهوتها وتستمع بإنصات واضعة ساقا فوق الأخرى بأناقة .. حين أخرج فارس الهاتف الذي يهتز من جيب سترته الداخلي فيجد اسم كارمن .. فتنحنح يقول " آسف عليّ أن أرد على هذا الاتصال .. أكملا نقاشكما من فضلكما "


استقام يقف عند النافذة يوليهم ظهره ويرد " نعم كارمن "
صمتت قليلا ثم قالت " هل قاطعت أي شيء مهم ؟"
رد عليها " ليس بالضبط كنت في اجتماع صغير مع أحد العملاء"
سألته ببعض الفضول " أنت ويونس؟ "
رد مصححا " أنا وريتا .. يونس لديه موعد شخصي "


رفعت حاجبا وسألته " ومن ريتا؟ "
أجاب بقلة صبر "شريكتي يا كارمن .. لماذا اتصلت "
لم يعجبها طريقته فردت " ما بك هل انت مستعجل للعودة لريتا؟"
قال بهدوء مصطنع " لست متعجلا يا كارمن لكني كما قلت لك معي أحد العملاء "
شعرت بالضيق لكنها لم تعرف سببه فهتفت " آسفة أني قاطعتك عد لاجتماعك "


قالتها وأغلقت الخط ترمي بالهاتف على السرير بينما وقف فارس يمرر أصابعه في شعره بتوتر موليا ظهره لريتا التي لم تعي شيئا مما يقوله العميل أمامها وهي تراقب فارس في محاولة لفهم ما يحدث .
تكتفت كارمن تهز ساقها بتوتر تطالع الهاتف.
لماذا انفعلت بهذا الشكل ؟
شعرت بانها بالغت قليلا في ردة فعلها ..وكأنها أرادت مشاكسته متعمدة وحين تعامل معها بقلة صبر
..غضبت ..
ما هذا الهراء الذي تفعله ؟.


هرشت في رأسها وقررت معاودة الاتصال به والاعتذار عن سخفها ..
لكنه سبقها واتصل ..
فاتسعت ابتسامتها وازدادت ضربات قلبها وهي تجيب بصوت أردته أن يكون واجما " هل انتهيت من ريتا ؟"


رفع فارس عينيه للسماء ثم قال بلهجة محذرة "آخر مرة تغلقي فيها الهاتف في وجهي يا كارمن "
رغم شعورها بالحرج مما فعلت فهي لم تكن أبدا غير لبقة من قبل .. لكنه حفز فيها الرغبة في المشاكسة فقالت " أعتذر كان تصرفا غير لائقا .. هل هناك المزيد من التعليمات"
غمغم بخفوت " يا كارمن أنا أكون عصبيا حين أكون مشغولا .. تفضلي ماذا كنت تريدين "
قالت بلهجة هادئة " أنا وفريدة سنذهب للنادي "


قال بهدوء " حسنا لا مانع فلن تظلي محبوسة في غرفتك بالتأكيد "
ردت متهكمة " لأن زوجي خرج للعمل في الأيام الأولى من زواجنا "
أجابها بلهجة غامضة وهو يضغط على حروف كلمة (زوجك) " اذا كنت تريدين من زوجك أن يأتي مبكرا عليك بإخباره بذلك حتى يعرف ..فأنت تعلمين جيدا لماذا عاد للعمل بسرعة "
اشتعلت وجنتيها وهي تستوعب إلام يرمي بحديثه فقالت بارتباك وهي تنهي المكالمة " فريدة تنادي عليّ الذهاب سلام "


أغلقت الخط وضربات قلبها تصم أذنيها ..
ماذا يحدث لها بالضبط؟ ..
هل ستستجمع شجاعتها قريبا وتطلب منه اتمام الزواج ..
كيف ستفعل ذلك ؟ كيف ؟..
إن الأمر محرج ومربك جدا ..
لكنها ستحاول الليلة أن تتشجع ..
متمنية ألا تنتابها شخصية الأرنب المذعور .
××××




ركنت فريدة السيارة أمام النادي وترجلت منها هي وكارمن التي استمعت إليها طوال الطريق عن تلك الدورة التدريبية التي حضرتها عن علم تصنيف الشخصيات وقررت أن تقرأ عنه باستفاضة على الانترنت .. ففكرة أن تكتشف نفسها فكرة شيقة وستجعلها تخفف الكثير من مشاعر الذنب التي تشعر بها عموما في علاقاتها.


عند البوابة أخرجت فريدة بطاقة العضوية وطلبت شراء تذكرة لكارمن بعد أن أخبرتها في الطريق أن بطاقتها لم تجدد هذا العام لهذا النادي الشهير .. لكن الحارس رفض السماح بدخول كارمن متعللا بوجود وفد رفيع في النادي لهذا يمنع استقبال غير الأعضاء هذا اليوم ..
شعرت كارمن بالحرج الشديد وقالت لفريدة " سأعود أنا للبيت ليس هناك مشكلة "
أمسكت بها فريدة تقول بإصرار "ما هذا الكلام .. أريني بطاقة العضوية القديمة الخاصة بك"
أخرجتها كارمن بحرج لتقول فريدة لفرد الأمن " هي عضوة في النادي لكنها لم تجدد الاشتراك امنحنا الفرصة لأن ندخل وأعدك أن نجدد الاشتراك الآن "


رد الحارس بإصرار "آسف يا هانم.. الآن فترة الراحة لقسم الاشتراكات و الفترة المسائية ستبدأ بعد ساعتين "
تكتفت فريدة وقالت" وأين سننتظر خلال هذه الساعتين؟ "
غمغمت كارمن بحرج متمنية أن تنشق الأرض وتبلعها " فريدة أرجوك سأعود أنا إلى البيت بسيارة أجرة "


أمسكت بها فريدة وهي تستمع الحارس الذي قال " حضرتك تستطيعين الدخول أما الهانم فلا أستطيع "
تقبضت فريدة أمامه تقول بعصبية " قلت لك إنها عضوة قديمة .. وهي ضيفتي .. وزوجة فارس سعد الدين "
تكلم الحارس الآخر بعد أن تفحص بطاقة عضوية كارمن " إن هذه العضوية عليها مديونية لاشتراكات من سنوات سابقة .. ولن نستطيع أ، ..."


صرخت فريدة تقول بصرامة " هل من الممكن أن اتحدث مع مدير النادي؟"
قال الحارس " مدير النادي حاليا مع الوفد رفيع المستوى تفضلي سيادتكم بالدخول لكننا نعتذر بالنسبة لضيفتك فنحن ننفذ التعليمات "
دخلت فتاتين تقطعان المشهد وتبرزان بطاقة العضوية بطريقة استعراضية للحارس الذي انتحى جانبا لتدخلا فقالت احداهما لكارمن بلهجة ساخرة " كارمن كيف حالك؟ .. هل هناك مشكلة ؟!"


حيتها كارمن بلباقة رغم شعورها بشماتتها بينما كشرت فريدة عن أنيابها بعد أن قرأت عيني الفتاة ولهجتها المتهكمة فصاحت بلهجة خطرة " انظري أمامك ولا تتدخلي فيما لا يعنيك "
تكلمت الفتاة الأخرى وابتسامة ساخرة تزين شفتيها " يبدو أن عريسها عامل الرخام لم يدفع لها اشتراك النادي "
قالتها وهي تتضاحك مع صديقتها مبتعدة داخل النادي فحدجتهما فريدة بنظرة متوعدة وأخرجت هاتفها تتصل بفارس .


أنه لشعور مذل أن تهان بهذه الطريقة أمام الآخرين ..
هكذا شعرت كارمن وهي تقف تمسد ذراعها بيدها الأخرى في حرج ورغبة في البكاء ..
فتحركت تشيح بيدها لفريدة تداري تأثرها وشعورها بالإهانة وغمغمت " أنا عائدة للبيت يا فريدة .. لقد غيرت رأيي .. "


أسرعت فريدة خلفها وهي تشرح لفارس على الهاتف ما حدث .. ثم أغلقت الخط لتلحق بها تقنعها بالعدول عن الفكرة .. لكن كارمن كانت مصرة على إيقاف سيارة أجرة فقالت فريدة " أبيه سيتصرف لا تقلقي يا كارمن "
قالت كارمن بضيق " أرجوك فريدة أريد الذهاب فورا من هنا"
قالت فريدة باستلام "حسنا تعالي لنعود سويا"


قالت كارمن "لا لا أرجوك لا تتقيدي بي"
ردت فريدة بضيق " حرقوا دمي .. أقسم بالله لولا أني أعلم أن يونس قد يكون عنيفا في ردة فعله لاتصلت به ليكسر عظامهم "
قالت كارمن " انهم ينفذون التعليمات يا فريدة ما ذنبهم "


شعرت فريدة بأن كلامها صحيحا فقالت " هيا بنا لنعود لقد انقلب مزاجي "




يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-10-19, 01:04 PM   #80

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 5



تحركتا نحو سيارة فريدة لكن قبل دخولها سمعت فريدة من يناديها فاستدارت لتجد مدير أمن النادي آتيا فهمست لكارمن بانتصار " ألم أقل لك أبيه سيتصرف "
اقترب مدير الأمن يقول " أنا أعتذر عما حدث .. ( واستدار لكارمن التي تحبس دموعها وقال ) نعتذر بشدة يا هانم الأولاد ينفذون التعليمات ولم يعرفوا شخصيتك ومن تكوني .. "
لم تجد كارمن ما ترد به فأشار لها مدير الامن لتتقدم أمامه هي وفريدة قائلا" أرجوك اقبلي اعتذار إدارة النادي عما حدث .. ولو تسمحين لي اعطيني بطاقة العضوية القديمة لنقوم بتجديدها واعطائها لسيادتك فورا "

تحركت فريدة وكارمن نحو النادي مرة أخرى تطالع ملامح الاعتذار على وجوه الحراس.. فشعرت بالحرج أكثر من هذا الموقف السخيف .. ليتركهما مدير الأمن داخل النادي وهو يقول "حالا سنجدد العضوية لسيادتك .. وأرجو ابلاغ اعتذاري وتحياتي الحارة لفارس بك على هذا الفصل السخيف "


ردت فريدة تشكره بلباقة بينما انخرست كارمن وقد انقلب مزاجها فربتت على كتفها تقول " لا تحزني .. موقف سخيف وارد حدوثه لأي شخص "
أومأت كارمن برأسها تحاول التحكم في شعورها بالضيق ورغبتها في البكاء لتجد فارس يتصل بها فغمزت لها فريدة قائلة" كان منفعلا جدا حين أخبرته.. ألم تري كيف كان مدير الأمن منزعجا مما حدث "
توردت كارمن وردت " نعم فارس "

قال فارس " هل أنت بخير؟.. هل دخلتما النادي ؟"
قالت بخفوت وهي تقاوم البكاء الذي ألح بشدة حين سألها عن حالها " أنا بخير لا تقلق كان موقفا سخيفا "
قال فارس بعصبية " لمَ لم تتصلي بي يا كارمن؟ .. لمَ تركت فريدة هي من تخبرني ؟"
غمغمت بخفوت " كنت أشعر بالضيق والحرج وأردت أن أبتعد عن المكان بسرعة "

قال بلهجة متعاطفة "حسنا انس ما حدث ولن يتكرر اعدك .. "
قالت بخفوت " شكرا فارس .. دوما أنا اتعب الجميع معي"
صمت قليلا ثم رد بصوت أجوف " لا داعي للشكر فأنت زوجتي وما يطالك يطالني ( ثم غمغم بسرعة ) سأذهب الآن لاستعد لاجتماع هام ..سلام "
أغلقت الخط فقالت فريدة وهي تشدها من ذراعها " تعالي لنبحث عنهم "
سألتها كارمن باندهاش "من؟؟"

ردت فريدة " هاتين الفتاتين .. حرقتا دمي ولابد أن أؤدبهما "
قالت كارمن بحرج " فريدة كفى فضائح"
ردت فريدة متخصرة "أنت لم تري الفضائح بعد .. (ثم هتفت بغيظ ) ولمَ لم تردي عليهما بأي رد يفحمهما ؟!!"
قالت كارمن وهي تشدها للناحية الأخرى "أرجوك اهدئي .. أنا لا أحب المشاكل .. كلامهما آلمني لا أنكر خاصة وأنهما كانتا منافستان لي أيام المدرسة .. لكني لن أنزل أبدا إلى مستواهما "
ردت فريدة بعند" لكن أنا سأنزل لأدنى من مستواهما .. لقد تهكما عليك وعلى أخي "

وسحبتها من يدها بخطوات غاضبة تبحث عن الفتاتين ..
بعد دقائق لمحتا الفتاتين تجلسان مع مجموعة من الفتيات .. فأمسكت كارمن في ذراع فريدة تمنعها .. لتفلت منها الأخيرة ذراعها وتتجه نحو طاولتهما وتنحني لتضرب عليها فجأة .. فانتفضت الفتيات الجالسات كلهن ..

صاحت احدى الفتيات التي تعرف فريدة من قبل " فريدة !.. ما بك يا فتاة وما هذا السلام!! "
نظرت الفتاتين لباقي الفتيات اللاتي بدا معرفتهم السابقة بفريدة بينما ركزت فريدة انظارها النارية على الفتاتين تقول " جئت لأتعرف على الوجهين الجديدين .. أنا فريدة سعد الدين أخت عامل الرخام الذي ذكرتي اسمه منذ قليل على البوابة .. وهذه ( وأشارت خلفها نحو كارمن التي تقف بحرج تمنح الجميع ابتسامة لبقة ) تكون زوجة عامل الرخام .. هذا ما سمعته منكما وأريد أن أتأكد مما سمعت "

توتر الجو ونظرت باقي الفتيات للفتاتين اللتان لم تتفوها بكلمة وهما تحدقان في فريدة وكارمن بوجه ممتقع .. فتدخلت إحدى الحاضرات تقول بلباقة " اهدئ يا فريدة بالتأكيد هناك خطأ "
ردت فتاة أخرى بإعجاب واضح " فارس سعد الدين .. إنه رجل عصامي أتمنى لو أتزوج رجل مثله ( واستدارت لكارمن تقول مهنئة ) مبارك يا عروس "

ابتسمت لها كارمن فتتابعت تهنئة الفتيات لكارمن يتمنين لها السعادة بينما .. فريدة لا تزال تستند على المنضدة تميل للأمام تحاصر الفتاتين بنظرة خطرة فتكلمت احداهما أخيرا تقول برعب " لم نقل أي شيء .. كنا نسألها إن كانت تحتاج للمساعدة لا أكثر .. لم نتكلم بخصوص فارس ... بك ... إطلاقا (ونظرت لصاحبتها ) أليس كذلك ؟"
ردت صاحبتها بسرعة الموافقة


استقامت فريدة ووضعت أصبعا في أذنها من فوق حجابها وقالت " يبدو أن أذني بها مشكلة واسمع هلاوس .. لابد أن أعرض نفسي على الطبيب "
كتمت كارمن ضحكتها بينما مالت فريدة مرة أخرى تضرب على المنضدة وتقول للفتاتين اللتان انتفضتا" لكني متأكدة أني لم أسمع تهنئتكما لزوجة أخي بالزواج الميمون "

أسرعت الفتاتين بالمباركة لكارمن بتلعثم فردت الأخيرة بابتسامة مجاملة ثم شدت فريدة لتغادرا فصاحت إحدى الحاضرات باعتراض "إلى أين يا فريدة!! .. ألن تجلسي معنا قليلا"
ردت فريدة بالإنجليزية متعمدة وهي لا تزال تحدج الفتاتين بنظرة مخيفة " آسفة عليّ أن ألحق بطبيب الأذن لأفحص أذني"
وانصرفت مع كارمن التي تشدها وهي تقول " ساعديني يا زوجة أخي لأذهب للطبيب "

بينما أصوات قهقهة الفتيات تأتي من خلفهما.
بمجرد أن ابتعدتا نظرت فريدة لكارمن وانفجرتا في الضحك لتقول الأخيرة من بين ضحكاتها " أنت مصيبة حقيقية .. الفتاتان كانتا مرتعبتين .. كان شكلهما كوميديا وعلامات الهلع على وجهيهما "
قالت فريدة ضاحكة "هذا النوع من المتعاليات قابلته كثيرا في المدرسة وكن يتنمرن عليّ لكني كنت أجبرهن على الابتعاد عن طريقي "
ضحكت كارمن وقالت " لستِ هينة أبدا يا فريدة "
علقت فريدة "هذا الذوق والرقي الذي تمارسينه مع الجميع سيضر بك .. لكل مقام مقال .. أبيه علمني أن الانسان المحترم نتعامل معه برقي والانسان الغير محترم لابد من إيقافه عند الحد المطلوب حتى لا يتجاوز "
ابتسمت كارمن توافقها الرأي.. ليتها تستطيع أن تواجه مثلها ..
قالت كارمن "أين سنجلس ؟"
ردت فريدة " هناك مكانا ظريفا على الجانب الأخر تعالي لنجلس فيه "
في طريقهما هتفت كارمن متفاجئة " أليس هذا يونس !"
استدارت فريدة باندهاش لترى يونس يجلس مع تلك الفتاة لوليا فوقفت متسمرة قليلا لتسألها كارمن مندهشة " هل كنت تعرفين بوجوده؟! "

طحنت فريدة على أسنانها وردت " اعتقدت أنه في المكتب "
سألتها كارمن وهي تتطلع للفتاة المندمجة في الحديث معه " "من هذه ؟ هل تعرفينها ؟"
ردت فريدة وهي تسحبها للاستمرار في طريقهما " هذه الست لوبيا "
رفعت كارمن حاجبيها ورددت" لوبيا !! هل هناك أحدا بهذا الاسم؟"
عبست فريدة وصححت "أقصد لوليا .. تعالي نختفي قبل أن يكتشف أني خرجت بالسيارة"
سألتها كارمن ببراءة "أليس معك رخصة قيادة؟"

ردت فريدة" معي بالطبع .. بل هو من علمني القيادة وساعدني في الحصول على الرخصة .. لكنه لا يحب أن أقود السيارة"
سألت كارمن باندهاش "لماذا؟!!"
أجابت فريدة بغيظ واضح "تسلط ذكوري متعفن"
فغرت كارمن فاها لتكمل فريدة وهي تمشي مشية عصبية " يترك أبيه غارقا في العمل وهو يتبختر هنا مع الفتيات في النادي"
ضحكت كارمن وقالت " هل سنسمع اخبارا حلوة قريبا؟ البنت تبدو لي من بعيد جميلة "
توقفت فريدة فجأة .. فوقفت كارمن تنظر لها بترقب لتقول الأولى بلهجة متوعدة " سأريه أنا كيف يترك فارس ليتمسخر مع البنات .. ابق مكانك وشاهدي ما سيحدث ولا تتدخلي "




قبل قليل :

قهقه يونس مستمتعا وهو يستمع لحديث لوليا التي قالت برقة " صدقني ساعتها شعرت أني في موقف حرج جدا "
تأملها بنظرة تقييمية ذكورية وقال" وهل لديك اخوة سوى الصغيرة صاحبة القرط ؟"
تخضبت وجنتيها بالحمرة وردت " فقط أنا وأختي "
ابتسم لها ابتسامته الجذابة فأطرقت برأسها خجلا ثم انتبهت لهاتفها الذي يرن .. فرمشت بعينيها عدت مرات وهي تقول " سأرد على أمي .. لقد .. لقد أخبرتها أني سأقابلك وأخبرتها أيضا .. عنك "

رمش يونس بعينيه يقلدها وقال " تفضلي "
تأملها وهي تشيح بوجهها المخضب بالحمرة وتضع يدها على فمها هامسة لأمها ببعض الكلمات وقال في سره " مناسبة جدا .. رقيقة .. من عائلة محترمة .. محجبة وهذا سيعجب ناني .. فها هي بسكوتة أخرى ستشرف بيت سعد الدين "
قفز قلبه كالكرة المطاط في صدره معترضا فنظر يونس لقلبه وقال له في سره" أخرس .. ألا أريد اعتراضا .. بسكوتة أم لا ؟! .. جميلة وفاتنة أم لا ؟ .. فيها كل الموصفات أم لا ؟! .. ( تصارعت ضربات قلبه وكأنها تعانده فوضع سبابته على فمه ناظرا لموضع قلبه يهمس) اشششش كف عن الاعتراض "

حدقت فيه لوليا ثم قالت ترمش بعينيها " يونس ماذا تفعل !!"
تنحنح وهو يعتدل في كرسيه يتمتم " كنت أهدئ قلبي الذي يدق مبتهجا "
احمر وجه الفتاة وأطرقت برأسها بخجل فأمسك بكوب العصير يرشف منه رشفة.. ليخيم فوق رأسه فجأة من يحجب عنه الشمس.. فرفع أنظاره ثم سعل وقال يمسح فمه بمنديل "فريدة!!"
وقفت فريدة متسمرة تطالعه بحزن شديد ..بينما قال يونس مستدركا " لوليا هذه فريدة سـعـ......"

تكلمت فريدة بصوت مسرحي بائس حزين " أجل فريدة .. فريدة أيها الخائن .. فريدة التي رميتها بعد أن ضحكت عليها وسرقت قلبها .. يا سفاح النساء .."
شهقت لوليا مصعوقة بينما تسمر يونس متسع العينان فاغر الفاه يحاول استيعاب الدور الذي تمثله تلك المجنونة .
اما كارمن فغطت وجهها بيديها تهمس بالإنجليزية " يا الله ! .. لا استطيع التصديق !! "
ثم رفعت يديها تنظر لوجه يونس المصدوم لتقول " كيف تفعل ذلك المقلب مع أخيها .. إنهما حقا مجنونان "
أكملت فريدة بملامح بائسة معذبة " ألن تعرفني على غريمتي .. التي ستضحك عليها هي الأخرى وتتركها مثلما تركتني .."
همس يونس بعينين جاحظتين " ماذا تفعلين يا مختلة!!"
استدارت فريدة للوليا تقول ما التقطته من طرف الحديث "



وبالطبع قال لك جملته الشهيرة
أنه كان يهدئ قلبه الذي يدق مبتهجاًَ.. ( جحظت عينا لوليا ونظرت ليونس ثم عادت تنظر لفريدة التي أكملت ببؤس مسرحي ) عموما مبارك عليك انسان الغاب طويل الناب .. ولن أقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل فيمن يغرر ببنات الناس "
وخبأت وجهها في يديها تدعي البكاء ثم استدارت تبتعد مهرولة .
استقبلتها كارمن بحالة من ذهول فانفجرت فريدة تضحك وامسكت بمعصمها تقول" هيا بسرعة علينا أن نهرب "
صرخ يونس خلفها وهو يراها تبتعد " أنت يا مختلة .. تعال .. "
ثم طحن ضروسه بغيظ وهو يلملم حاجياته من على المنضدة يركز نظراته على فريدة الهاربة والتي لمح معها كارمن وقد نسي للحظة وجود لوليا المصدومة ليغمغم " علي أن أذهب الآن يا لولــــــ.... "

بتر عبارته حينما رفعت لوليا الكوب من أمامها ورمته بالماء فأغرقت وجهه وأكتافه وهي تصيح " أنت حقير ووقح"
أغمض يونس عينيه يطبق على شفتيه بقوة متحكما في اعصابه ثم أخرج منديلا وبدأ يجفف وجهه بينما تحركت لوليا باكية فهتف يونس " لوليا .. لوبيا "
ثم سحب مفاتيح سيارته متوعدا لفريدة تسبقه شياطينه الغاضبة للحاق بفريدة..
هرولت كارمن مع فريدة وهي تقول غير مصدقة " أنت مجنونة .. أنتما مجنونان .. لم أتخيل مزحة جريئة كهذه أبدا "
قالت فريدة وهي تضحك " علينا أن نسرع قبل أن يلحق بنا ابن سعد الدين والا سيذبحني "
هتفت كارمن وهي تنهت " وما دمت تعرفين بأنه سيذبحك لمَ فعلت هذا العرض المبتذل؟ "

دخلت فريدة سيارتها تنهت وقالت وهي تربط حزام المقعد بسرعة لكارمن التي اخذت مكانها في السيارة تمسك بصدرها " لقد تسرعت دون تفكير بعمل ذلك المقلب .. ألم أقل لك أتحرك قبل أن أفكر ثم أعود لتقييم ما فعلته "
نظرت في نافذة السيارة الخلفية وهي ترجع بالسيارة للخلف فوجدت يونس يخرج من باب النادي على وجهه علامات الغضب فقالت مولولة " علم أني خرجت بالسيارة انا لله وانا إليه راجعون"
نظرت كارمن خلفها بتوتر بينما تحركت فريدة بالسيارة للأمام تضغط على البنزين .


أما يونس فرمى سترته الجلدية في سيارته وركبها بعنف يقول " وخرجت بالسيارة .. ليلتها سوداء ضفدع المستنقعات .."
على الطريق انفجرت كارمن في الضحك تقول "لا اصدق إلى أي مدى وصل جنونكما .. أنتما مصيبة حقيقية "
نظرت فريدة في مرآتها الجانبية بتوتر وقالت ضاحكة" يا الله لو رأيت وجهه عن قرب لقد جحظت عيناه .. وفغر فاهه وبدى كالمصاب بالجذام "






قهقهت كارمن وقالت " يا الله انا لم أضحك في حياتي كما ضحكت معكم أنتم عائلة غريبة جدا "
ضحكت فريدة وغمغمت " كما يقول يونس لن تجدي أغرب من عائلتنا على وجه الأرض ( وشهقت حين لمحت سيارة يونس خلفهما فدعست على البنزين وقالت) سيلحق بنا .. بقلظ سيلحق بنا يا ويلي .. يا ويلي !"
قالت كارمن من بين ضحكاتها وهي تلهث من الانفعال " بقلظ من؟ "


فردت فريدة وهي تتابع مرايا السيارة " بقلظ ابن الحاجة ناني "
وانفجرتا ضاحكتان حتى ادمعت عينيهما ..
لتجدا يونس قد اقترب بسيارته حتى كاد أن يكون بجانبها وصاح " اركني السيارة على جانب الطريق فورا يا فريدة "
صرخت فريدة " اقترب .. اقترب يا ويلي "
ثم دعست أكثر على البنزين فلاحظ يونس سرعتها ليغمغم " ماذا تفعل هذه المجنونة !.. "

هدأ من سرعة سيارته وتركها تبتعد قليلا .. وهو يحاول تحجيم غضبه واعلاء صوت عقله الذي يخبره بألا يجبرها على الإسراع .. وحاول الاتصال بها لكنها لم ترد فاتصل بكارمن ليطلب منها تهدئة السرعة .
قالت كارمن وهي تتابع سيارته " علام تنوين ؟.. كيف ستخرجين من هذا المأزق ؟"


قالت فريدة " نصل أولا إلى البيت ثم أدخل غرفتي حصني المنيع .. إنها المكان الوحيد الذي لن يستطيع أن يطالني فيه .. سأحبس نفسي فيها حتى يأتي أبيه حبيبي وينقذني من انسان الغاب طويل الناب ( والتفتت لكارمن تقول بهسترة ) انت لم تري كيف كان منظر هذه اللوبيا وانا ألقبه بإنسان الغاب طويل الناب .. أخذت ترمش بعينيها عدة مرات كعروسة الباربي الغبية "

قهقهت كارمن غير قادرة على استيعاب جنون ما يحدث لتجد هاتفها يرن ..
لمحت رقم يونس فقالت لفريدة بتوتر" انه يتصل "
نظرت إليها فريدة تقول بجزع" إياك أن تردي عليه انتظري حتى نصل و .. ....."


صرخت كارمن فجأة " حاذري يا فريداااااة "
وجدت فريدة فتى صغير يقطع الطريق فجأة بدراجته خارجا من طريق جانبي إلى الطريق السريع فغيرت المقود فجأة بقوة لتختل عجلة القيادة منها ..


اما يونس فصوت ومنظر الارتطام أوقف عضلة قلبه .. ليصرخ بقوة " فريييييدااااااااااااااااا اا "


×××××




نهاية الفصل الرابع

ارجو انه يعجبكم

تحياتي

شيماء يسري شموسة







Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:15 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.