آخر 10 مشاركات
7- جنة الحب - مارى فيراريللا .. روايات غادة (الكاتـب : سنو وايت - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          409 - غدا لن ننسى - تريزا ساوثويك (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          أنتَ جحيمي (82) للكاتبة المُبدعة: Just Faith *مميزة & مكتملة رابط معدل* (الكاتـب : Andalus - )           »          من يقنع الظلال ؟ أنك فـ أهدابي.*مكتملة* (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          الصقر (50) The Falcon للكاتب اسمر كحيل *كاملة* (الكاتـب : اسمر كحيل - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          يبقى الحب ...... قصة سعودية رومانسيه واقعية .. مميزة مكتملة (الكاتـب : غيوض 2008 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-06-20, 11:38 PM   #4191

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7


تابع الفصل الاريعون

بعد ليلة...

دخل إيهاب منزله وهو ينادي طفليه بصوت رخيم حتى ينبه ضيفته بوجوده "إياس.. لوليتا.. أنا هنا.."

اندفع طفلاه بصخب معتاد يتعلقان بساقيه يتصارعان من سيحصل على عناقه ورفعه لأعلى.. حاصلين على مداعبة أبيهم القصيرة أولا.. ابتسم إيهاب بطريقة متكلفة لمزاجه مؤخراً رغماً عنه لا يسمح له بالبهجة إلا أنه يعلم بأن لا ذنب لطفليه الجاهلين أن يريا مزاج عكر منه... تدحدر خطوة وهو يضع أكياس الطعام الجاهز بحرص جانباً ثم عاد ليتحكم في وقفته وهو ينحني يرفع كلا طفليه لأعلى وهو يقول "كيف حال أبطالي، هل أحسنتم مجالسة صديقكم؟!"

قال إياس بهدوء متعقل يصبح مستفز أحيانا "إنه أخينا كما قالت ماما بدور وليس صديقنا"

قبل إيهاب جبهة ابنه ثم قال "أحسنت يا حامي والدك هو بالفعل أخيك"

بينما تبرمت مائعته بدلالها كالعادة وهي تقول "هو ليس كذلك، أنا أملك إياس فقط هو أخي المفضل بينما ذلك الفتى مزعج لا يحب لوليتا"

نقل إيهاب وجهه وطبع قبلة مراضاة على وجنة مدللته ثم قال بحزم "بل هو كذلك, هل تريدين أن تحزني ماما بدور؟!"

هزت رأسها بأن لا.. فتابع إيهاب بهدوء "إنه صغير يا لوليتا كما أنه حزين الآن، وماما أتت به إلى هنا لنساعدها في إبهاجه"

هزت كتفيها باستسلام وهي تقول "ولكنه رفض مشاركتنا الألعاب والطعام أيضاً، حتى عندما أخبره إياس أننا نملك غرفة ألعاب عند حوض السباحة ويمكنه مشاركتنا هناك رفض وبقي بجانب والدته"

قال إياس سريعا مصححاً "إنها أخته يا حمقاء، سَبنتي صغيرة مثل شوشو"

تخصرت وهي تقول بغضب "بل أنت الأحمق, هو يدعوها ماما.. كيف تصبح أخته؟!"

قال بذكاء "محدودة عقل، كما ندعو خالتي بدور ماما.. ولكنها ليست ماما"

قالت باستفزاز "يروقني أن تكون بدور ماما فهي على الأقل لا تحاول أن تسرق بيبي مني..."

نظر لها إياس غاضبا بينما هي رفعت كفها ذو الأساور الذهبية برسوماتها الطفولية نحو وجه أبيها وهي تقول بدلال "أليس كذلك بيبي أنت تحب لوليتا أكثر من المزعجة مريم؟!"

ضحك إيهاب بهم قبل أن يعود ليضع كلاهما أرضاً ثم قال "أفكر في أن أخبركِ أنكِ لا حتى تضعي حرف الحاء في مكانه؟!"

عقدت حاجبيها غضباً.. ولكنه على غير العادة لم يراضيها هذه المرة.. ربما خالد وإياس أيضاً محقان ليبرتا يجب أن تعامل بنوع من الحزم...

خرجت مريم من غرفة المعيشة تنطر إليه باضطراب ثم اقتربت تطبع قبلة روتينية على وجهه وهي تهمس "ربما كان إصرارنا على قدومها إلى هنا خاطئ, فهي لا تتحدث معي مهما حاولت أن أتجاذب معها الحديث وأيضاً عندما اقترحت عليها أن نعود لزيارته رفضت تماما، كما أنها لم تأكل شيء منذ أتينا"

تنهد إيهاب بتعب وهو يخلع سترته ثم يعلقها في مشذب خشبي طويل مستند جانب باب المنزل وهو يقول "لا أعرف ما حدث وأوصلها لتلك الحالة ولكن مما فهمت من بدور عندما أخبرتني مقتضبة أن كلتيهما تشاجرتا بطريقة قاسية.. ربما هذا ما ساعد أن تصل سَبنتي إلى تلك الحالة من الصمت"

دفعت مريم صغيريها نحو الأعلى بعيداً عن حوارهما ذاك وهي تقول "إنها لم تبكِ حت، هل هذا طبيعي، ظننت أنهما مقربين حتى أنها لا تدعوه أخيها بل أبيها.. هدوءها يصدمني صراحة.."

قال إيهاب بهدوء وهو يجلس على أقرب مقعد ويشرع في خلع حذائه "لا أحد يشبه رد فعل أحد, كل فرد منا يعبر عن حزنه وما يؤلمه بطريقة تناسب شخصه، فهناك من ينوح دون توقف.. ومنهم من يتظاهر بالبرود والجمود وكأن الأمر لا يعنيه بينما هو يحترق داخلياً بعنف, يرتعد ذعراً وخوفاً كبدور مثلاً.. ومنهم من يصمت تماماً محاولاً أن يتعاطى مع الحدث بإنكار حدوثه أصلاً والتفوه بأنه شيء تافه لا يستدعي القلق وسيصلح سريعاً كحالة تلك الفتاة التي بالداخل"

قالت مريم ببهوت "ألا تستطيع أنت التحدث معها.. لقد وعدت خالد أنك ستعتني بها.. ربما ما كان يجب أن تجبرها لترك جانبه.. إذ أنها ربما لو بقيت لكانت أفضل حالاً واستطاعت التعاطي مع الأمر.. أنا قلقة.."

أمسك إيهاب ساعدها وشدها إليه بلطف حتى أجلسها على ركبتيه، ثم مسح على جانب شعرها برقة وهو يقول "لا أعرفها كفاية حتى أجد مدخل مناسب قد يساعد في إخراجها من حالة الجمود... أما عن إصراري وتقديم العون لخالد لنأتي بها إلى هنا بالأمس فثقي بي هذا لصالحها... أما عن قلقكِ عليها فأنا أعلم تماماً الآن من القادر على تخفيفه"

"لا أفهم!"

قال بهدوء "ستفهمين بعد قليل"

أراحت مريم رأسها على كتفه ثم أطلقت زفرة طويلة مهمومة قبل أن تسأل بخفوت "وهو كيف حاله، ألم تتقدم حالته؟!"

حرك إيهاب يده على كتفها بهدوء ثم قال بصوت أجش مداعبا "ظننتكِ تكرهينه ولا تهتمين لأمره؟!"

قالت مستنكرة "ربما صحيح.. ولكن ليس لحد أن أتمنى مكروهاً يصيبه.."

صمتت قبل أن تتابع بصوت خفيض "أنظر بصراحة أنا لا أحبه مطلقاً.. لا أعرف هناك حاجز بيني وبينه منذ أن قابلته أول مرة..إلا أنه أيضاً بطريقة ما نال احترامي ليس لما يقدمه لأخوتي فقط.. ولكن لاهتمامه بتلك الفتاة اليتيمة.. رجل غيره لا يهتم في الأساس ويعيش حياته مكتفياً بما يقدمه لها من مال.. مثل ذلك المدعو عزام"

قال إيهاب بصوت رخيم" وماذا عن التضامن الأنثوي لرابطة أخوات بنات الراوي؟!"

رفعت مريم رأسها لتسمح لعينيها أن تحدق داخل عينيه ثم همست ببساطة "ما زال قائماً، ولكن أيضاً أنا نضجت كفاية لأقتنع أن بدور بطريقة ما أخطأت في كل ما فعلته معه.. أنت تذكر جيداً غضبي الشديد منها بل ومخاصمتي لها وقتإصرارها على أن تتزوج ذاك الحقير.."

أومأ إيهاب ولم يعلق مكتفياً بابتسامته العطوفة الفخورة بشكل ما بحكمتها الجديدة.. عقدت مريم حاجبيها للحظة ثم قالت "لقدأخبرتها أنها كانت جبارة وغبية في رد فعلها.. خانكِ رجلكِ تخطيه، أتركيه خلفكِ.. لا أن تظلي ترتكبين حماقة تتبعها أخرى لتنال من شخصكِ أنتِ وكبريائكِ وسمعتكِ.."

قال بهدوء "أذكر هذا صغيرتي"

تنهدت مرة أخرى قبل أن تقول بمرارة "ولكن هذا ليس مبرر مطلقاً لحرمانها من إياب.. لقد بكى قلبي بعنف فجر الأمس عليها عندما رأيت كيف رفضها ابنها وعاد لعدم الشعور بالأمان والثقة معها"

قال إيهاب برزانة "وأنا أيضاً أرفض ما فعله.. ليس من حق أحدحرمان طفل من أحد أبويه.. أما عن موضوع إياب فبدور ما كان عليها أن تعيش في الحلم السحري الجميل.. إياب لن يتعلق بها أو تكسب ولاءه بطرقعة إصبع.. ما زال دربها معه طويل مليء بالعثرات والمعوقات.. وإن كانت تغيرت فعلاً فلتثبت الآن وتفكر بتروي كيف تعود لاكتساب صحبته خاصة بعد أن رآها الفتى تتشاجر مع أبيه ثم بوالده يسقط كجثة هامدة بين يديها"

اغرورقت عينا مريم بالدموع ثم قالت "إذاً هل أصبح بخير؟!"

وجم إيهاب وهو يقول بأسى "ما زلنا لا نعرف.. الطبيب قال إنالخطر لم يذهب بعد إذ أنه لم يفق حتى هذه اللحظة وما زال تحت أجهزة تساعده على التنفس وتنظم ضغط دمه وضربات قلبه... كما أيضاً أنهم سيضطرون لإدخاله لجراحة صغيرة غداً لفحص شرايين قلبه أولاً ثم توسيعها أو دعمها عبر تركيب شبكيةللأوعية الدموية.. شيء من هذا القبيل"

شهقت مريم وعيناها تتوسع بحزن "يا إلهي.. ألهذا الحد؟!"

قال إيهاب بشرود "هذا الأمر شائع بين رجال الأعمال.. وإن كان لا يصيب صغار السن إلا نادراً خاصة مع رجل كراشد يهتم بصحته وسلامته الجسدية.. إلا أن الوضع المضطرب والضغوط العملية والأسرية يعد مبرر لما أصابه.. خاصة كما اتضح أنه بالفعل سقط من قبل بشيء مشابه وإن كان أقل حدة.."

همست مريم ويدها تلقائيا تستند على قلبه ضامة نفسها إليه بقوة "الله ستار.. إن شاء الله سيشفى، ولن نجرب حزن آخر أبداً.. إن لم يكن من أجله فالله لن يوجعنا على فقد أبالصغار.."

ربت على رأسها وهو يؤمن برقة يدرك ماهية أفكارها في هذه اللحظة عن ابن عمها الراقد تحت الأجهزة "إن شاء الله.. صغيرتي.."

*****

بعد وقت.. جلست مريم بأريحية مربعة الساقين على وسائد حريرية ناعمة على أرض الغرفة الخاصة بالدور العلوي.. ثم بدأت في فتح المعلبات تمنح كل واحد طبقه وهي تقول مدعية الغضب "يصر على أن يأتي بعشاء جاهز رغم أني أجيد الطبخ أفضل من أي ربة منزل"

قال إيهاب بهدوء رغم السخرية المبطنة منها "بالطبع حبيبتي، مؤكد سَبنتي جربت طعام الغداء الذي أعددته بنفسكِ، ولهذا عكفت عن شرب المياه حتى من مطبخكِ"

قال ليبرتا ضاحكة بقوة "طعام مريم أكثر شيء بشع أعرفه.. إنه يشبه الأشباح"

قال إياس "حمقاء, ليس هناك طعام يدعى بالأشباح بل طعام ماما يشبه ماء المرحاض"

هتفت مريم بغيظ "توقفا يا مزعجين وإلا عاقبتكما بإطعامكما من يديّ فقط لمدة شهر كامل، وبالطبع لن يكون هناك المربية التي ترمي الطعام من خلف ظهري وتعد لكما غيره"

هتف الصغيران برعب "لا ماما أرجوكِ.. أنتِ أفضل إنسان كما طعامكِ"

قال إيهاب مبتسماً برزانة "هذا أبشع عقاب هددتِ به من قبل.. قدراتكِ التربوية تتطور بمهارة تحسدين عليها.. أليس كذلك يا سَبنتي؟!"

نطر إليها أيهاب أخيراً مراقباً انكماشها في ركن متوارية وكأنها تحجب نفسها عنهم بإصرار.. زائغة النظرات حزينة العينين وفاقدة الروح بطريقة بشعة تجلب الدمع للعين...

لم ترد فقط أومأت بهدوء شارد، وماذا قد تخبرهم وهي لا تعرف شيء عنهم.. بل المؤلم في تلك اللحظة اكتشافها أنها لم تعرف أي شخص على الإطلاق.. بأنها بالفعل كما قال ياسر نبتة شيطانية لا تنتمي لمكان أو أشخاص أو حتى عائلة وإن كانت تحمل لقبهم..

وقف إيهاب من مكانه ممسك بين يديه بعض الطعام المغلف.. ثم جلس بجانبها ببطء مسند يده على المقعد المنخفض حتى ساوى جلستها تاركاً مسافة آمنة بينهما وقال بهدوء "الإضراب عن الأكل لن يعيده سريعاً.. كما أن إياب يستحق منكِ أن تبدي بعض الفاعلية فهو يقلدكِ في رد فعلكِ"

لم يبدو على صفحة وجهها البارد أي نوع من المشاعر ولكنها تناولت أخيراً وهي تقول بتقطع خشن "كيف.. هو.. هل أخبرك متى سيأتي ليأخذنا؟!"

أخذ إيهاب نفساً طويلاَ ثم أطرق بوجهه نحو الأرض وهو يقول بخفوت "يقولون بأنكِ ذكية.. أذكاهم جميعاً.. لذا أعتقد أن سؤالكِ غير صالح على الإطلاق، على الأقل لا يجب عليكِ قوله على مسمع أذني إياب"

قبلت رأس الصغير الذي يجلس على ركبتيها, ظهره مستند إلى صدرها.. ينظر أيضاً إليهم بصمت مريب لمن في عمره.. ثم قالت "أنا أحاول طمأنته بسؤالي، إذ أن راشد لا يملك خيار آخر غيره من أجل ابنه على الأقل"

رسم إيهاب ابتسامة شاردة على فمه قبل أن يقول "إجابة منطقية ذكرتني بقول أخرى في الماضي وإن اختلفت الحالة"

ارتبكت للحظة بعدم فهم.. ولكنها قالت بنبرة خفيضة مهتزة "الجلوس هنا ومراقبة فرد ينتمي لآل الراوي بطريقة ما جعل عقلي يطرح سؤال غير محبب طرحه"

قال إيهاب بفضول مرحب "يمكنكِ التحدث بصوتٍ عالٍ بكل ما يشغلكِ، أعدكِ أن هنا بالذات لن يحكم عليكِ لمجرد أفكار تدور في رأسكِ تعززها مشاعر وتجارب عايشتها ونجهلها نحن تماما"

قالت بخفوت "كنت في الماضي مراهقة فضولية أكثر من اللازم.. أبدي تركيز ومراقبة للكبار بطريقة دمرتني للحقيقة ..ما أريد قوله أني أعرف القشور من قصتكما"

التفتت إليها مريم بنوع من الحدة ولكن إيهاب تدارك الموقف عندما قال بهدوء "أي ثنائي يدخل في علاقة يكللها رابط الزواج بالطبع يمران بأزمة قاسمة لا محالة.. إلا أنها بطريقة ما تصبح اختبار حاسم لعلاقتهما إما يخرجا منه سالمين منتصرين ليؤسسا حياتهما بقوائم قوية وقوانين داعمة... أو يخسرا كل شيء عندما يتضح مما لا يقبل الشك إنهما لن يفلحا ليستمرا بجانب بعضهما أبداً.."

صمتت سَبنتي للحظة قبل أن تقول بوجوم "تقصد أنه ذلك النوع من العلاقة الذي رغم عشقهما الشديد لا يسببان لبعضهما إلا الألم؟!"

قال بهدوء حاسم فاهم ما تفكر فيه "نعم, عنيت هذا"

حدقت فيه لبرهة قبل أن تقول بمرارة "إذاً لماذا لا يبتعدا فقط، ويكفا عن أذية بعضهما ومن حولهما.. ألا يدركان بعد كل هذا أن كل ما يفعلانه يدفع ثمنه أفراد أضعف من أن يقاوما طغيانهما؟!"

هز إيهاب كتفيه بقلة حيلة قبل أن يقول "هذا سؤال هما فقط من يملكان الإجابة عليه.. وإن كنت أظن أنهما عاجزين عن فعل هذا.. فراقهما عن بعضهما كما اقترابهما موت يا سَبنتي"

أخفضت وجهها قبل أن تقول بنبرة قاربت التوسل "لا تقل موت.. لا تذكره.. أرجوك"

ابتسم إيهاب في وجهها بطريقة تبث الاطمئنان قبل أن يقول "لا تدعي ما وراء الصورة يخدعكِ، كل فرد عانى بطريقته.. هي حكمة الخالق "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ".. إلا أنه من الرحمة أن يرسل الفرج بعد طول ضيق، وأن يطيب الفؤاد بعد جرحه، نصيبكِ وغيركِ من السعادة والاستقرار والرضا ما زال عنده وإن لم يحن وقت حصولكِ عليه بعد"

هزت رأسها هامسة "ونعم بالله.. شكراً لك"

قال إيهاب "الشكر لصحبتكِ.. تمنيت لو كانت في وقت أفضل، إذ أن أحاديث خالد والعائلة عنكِ أثارت فضولي"

قالت بتهكم "لا أعتقد أنها أحاديث جيدة حد أنها ترعى فضولك للتعرف عليّ!"

قال بدهشة "لما كل هذا الغضب الكامن وانعدام الثقة، إنهم عائلتكِ شئتِ أم أبيتِ، وإن كنتِ تشاجرتِ معهم أو اختلفتِ هذا لا يمحي أنهم يهتمون بكِ ويحبونكِ.. لقد رأيت هذا ليلة عقد قرانكِ على خالد، ورغم الظروف وقتها إلا أني عرفت بما لا يدعو للشك أنكِ كنتِ وما زلتِ المفضلة راضيين عن تواجدكِ وعودتكِ لهم.. إذ أني بالطبع قارنت ردود أفعالهم ليلة خطبته للفتاة الأخرى.."

تغضنت ملامحها بطعنة صعبة ولكن شيء ما أخيراً يخبر بأنها ما زالت تشعر, تغضب وتحزن ولا تحتاج إلا لسبب مباشر لتنفجر..

لم ترد بالطبع بل عادت للصمت.. فقال إيهاب بهدوء مخاطب إياب هذه المرة بنبرة مرحة بها رفق كما يخاطب صغاره "على فكرة لدينا بيرجر وبطاطا مقلية ومخفوق حليب رائع.. ما رأيك أن نجرب؟!"

لم يرد إياب فقط توسعت عيناه بنهم وبدأت معدته تطالب بالطعام غالبه صغر سنه أخيراً.. أوقفته سَبنتي بعيداً عنها دافعة إياه نحو إياس وليبرتا وهي تقول "ولديهم أقلام تلوين وورق رسم أيضاً.. لقد رأيت مريم تسندهم بجانبها، ما رأيك إن ذهبنا إليهم نشاركهم مرحهم؟!"

أومأ إياب بتردد بسيط قبل أن يقترب من إيهاب يمسك بكفه متقبلاً مداعبته..

*******



"دخل خالد للمشفى الذي ترك فيه بدور وحدها صباحاً مسيراً وليس مخيراً، بعد أن أتته أخبار مؤكدة بتحرك ابن عمه الخسيس مستغلاً انشغالهم مع سقوط راشد الذي سربته الصحف رغم محاولته التكتم، فاضطر ليحجم حطامهم الخاص وتحرك إلى الفرع الرئيسي ليحجم تحركات عزام، مرسلاً إليه عبر ما اتخذ من قرارات بأنه مارد هنا.. فارس الراوي الذي يهب عند كل انهيار لهم ويرمم تصدع جدرانهم حتى ترمم تماما عند نهوض أقواهم من جديد..

لقد أصدر عزام عبر المصنع الذي منح والده له إدارته قرار بوقف الإنتاج بل وتسريح بعض العمال لأجل غير مسمى.. أي دمار وخسارة كبيرة لن تتحملها الشركة في هذا الوقت إذ أن منافسيهم وعلى رأسهم والد "لانا" الذب أخذ من فسخه لخطبة ابنته حجة وذريعة لمحاربتهم بكل شراسة.. كما أن راشد كان منذ وقت ينفذ مخطط دؤوب يتلاعب فيه بأسهم الشركة موهم شركائهم الذين أراد التخلص منهم بأنهم مهددين بخسارة وانهيار ليس منه قومة.. ولمن في الحقيقة كل الأسهم التي طرحت بثمن بخس واشترتها الشركة الأجنبية سراً لم تكن إلا اسم زائف أسسه راشد منذ زمن وتنتمي إلى فرع لندن.. رسمياً طرح والد لانا كل الأسهم التي كان يمتلكها معهم وسارعت شركتهم الوهمية لشرائها.. كما اتخذ كل المساهمين الصغار مأخذ والد لانا.. ما عدا تميم بالطبع الذي صمم أنه ما زال معهم قابل هو بخسارتهم كما مكاسبهم.. بينما حتى اللحظة لم يطلعه أحدهم على الحقيقة وإن كان بالطبع سيعلمه بها قريباً بعد أن يتأكد من نجاح ما فعلوه...

بالطبع هو عندما قضى يومه المرهق كله في مكتبه يلاحق هنا وهناك يناقش هذا ويرد على ذاك مكمل ما بدأه راشد كتماناً يلزم دوره أخيراً مقر بكل سخرية وصدق أن والده كان محق في وضع راشد من جديد لدعمه وتعليمه كيف يتسلل إلى دهاليزهم السرية الماكرة دون أن يفقد نفسه، أو يفعل أمر ضد مبادئه وأسسه.. وبالطبع كان قراره الصادم اليوم الذي جعل عزام يجن تقريباً ويأتي لأول مرة محاولاً اقتحام الشركة ومقابلته هو إصداره كرئيس مجلس الإدارة فرمان فوري بتعليق كل مهام عزام مثله مثل أي موظف لديهم... كما أرسل لائحة جديدة صارمة بأن إصدار عزام قرار بتسريح العمال في إجازة مفتوحة مع أجورهم لاغي تماما وبأن كل من يتقاعس عن العمل يعتبر نفسه مفصول دون أي تعويضات مادية...

"الكلب لم يستطع أن يأتي إلى هنا شامتاً, بالطبع حتى لا تراه بدور بصورته الحقيقية كما يعتقد إذ أنه حرص طوال عمره أن لا ترى بعينيها وجهه القبيح.. ها وكأنها تهتم أصلاً.. لقد نسيت حتى حروف اسمه وإن تذكرتها لا تتذكرها إلا رغبة في قتله والتمثيل بجثته.."

خلع خالد معطفه مسنده على ساقيه وهو يجلس بجانبها أخيراً محاول التقاط أنفاسه ثم قال "هل هناك أخبار جديدة؟!"

حركت رأسها نفياً دون أن تنظر إليه ثم سألته بهدوء معتم "ماذا فعلت مع الحقير؟!"

قال ببساطة "تصرفت، لا تقلقي بأن يسبب حالياً أضرار أخرى"

سألته بنفس مكتوم "علمت أنه اقتحم المقر محاولاً مقابلتك بل وهددك مباشرة"

قال خالد ببرود "رفضت مقابلته، ليس لدي وقت لأضيعه معه أو غيره.. إلا أنه أرسل لي تهديده هذا بالقضاء عليّ.. وذكرني بأنه يملك أسهم مثلي مثله، بل وأن منصبي الذي لا أستحقه وورثته كفتى مدلل لوالدكِ وراشد من حقه وحده.."

نظرت إليه بوجوم وحقد لا يخنها أبداً عند تذكر خطأها الأكبر في الانجرار لفخ هذا الحقير.. ثم قالت بوضوح تذكره "لا يملك أي أسهم إلا شيء زهيد في ذاك المصنع.. تذكر أبوك كان من الخبث أن يساومه لأن يتنازل عن كل أسهمه ومنحه مكانها أموال نقدية.. بالأساس عزام لم يمتلك الكثير إذ أن عمك عند وفاته منح راشد كل الأسهم المجمدة بينما عزام حرص على أن يترك له ميراثه في صورة xxxxات وأموال سائلة في البنوك"

أومأ خالد موافقاً ثم قال باقتضاب "أتذكر بالطبع وتصرفت على هذا الأساس.. إلا أني لا أفهم لماذا لم يبعده عنا وهجره من البلد كلها؟!"

قالت بدور بتهكم حزين "الصورة المثالية للعائلة العظيمة، هذا كل ما كان يفكر فيه أبوك.. وأنت خير من يعلم إذ أنك أعظم ضحاياه و.. زوجتك"

أغلق خالد جفنيه بقوة متنفس بطريقة متعبة وأمام عينيه آخر صور سَبنتي المعتادة..

وكأنها فهمته عندما قالت بقهر "لم أقصد.. خالد.."

"هشش.. لا توضحي من فضلكِ، كلتاكما تمنحان نفس الحجة بعد أن تدمرا بغباء كل شيء.. لا تقصدان؟!"

أخفضت رأسها بإحباط قبل أن تقف من جواره تطل على الزجاج الذي يعكس تمدده بالداخل.. تحدق في جسده السكان بغمامة سوداء تفضح مدى خوفها وكسرتها..

بدور بها شيء ملموس تغير، شيء لم يعهده رغم تغيرها كثيراً بعد موتها وإحيائها من جديد عبر حرمانها من ابنها... هناك أمر آخر جديّ وطارئ جدّ مع انهيار راشد إذ أنه توهم للحظة بأنه يرى إنسانة أخرى من بين عينيها.. من بين الندم والوجع.. من بين انهيارها عليه وتصميمها على أن تجاوره ولا تتركه للحظة، لقد لمس خالد روح أخته القديم تنتفض بقوة من بين رمادها..

"لا أفهم, لقد قال الطبيب أن بعد أربعة وعشرون ساعة سيفيق ويزول الخطر؟!" قالت بدور بصوت باهت بدا بعيداً كبعد أقطاب الأرض..

نظر إليها خالد بأسى قبل أن يقول "وقال أيضاً إن هذا النوع من الانهيار لا يتوقعوا فيه رد فعل واحد"

أومأت قبل أن تقول بصوت أجش "اذهب أنت.. سأبقى معه"

قال خالد بتردد "لماذا لا أبقى أنا وتذهبين أنتِ لتطمئني على ابنكِ؟!"

الوجع كان يعصر فؤادها بطريقة أشعرتها أنها تنزف دمائها من جديد قطرة قطرة.. وهي تقول بمرارة "إني آخر شخص يريد ابني رؤيته أو التفاعل معه الآن، لقد ظن بأنني السبب.. لقد رأيتها في عينه يا خالد عندما راقب أباه ينهار وأنا أصرخ في وجه راشد"

أخذ خالد نفساً عميقاً وهو يغمض عينيه.. وكأن مجرد التنفس يسبب له الألم غير المحتمل ثم قال "عقب أن ينتهي كل هذا ويرى والده كما عهده دائماً سينسى"

لمح خالد حنجرتها تتحرك وكأنها تزدرد ريقها الجاف ثم قالت أخيرا "الأوجاع التي يتسبب فيها الآباء لا تنسى مهما طال الزمن.. اسألني أنا خير من يعرف"

أطبق خالد فمه قبل أن يقول بصوت واضح ومباشر "لا أظنه كان يعلم مكانهم على وجه الدقة"

لم تلتف وتدور بل قالت بنفس الوضوح بينما يداها تتحرك على ملامحه البعيدة من وراء الزجاج "ولكنه ملك الخيط الذي يقودنا إليهم، كان يستطيع مهادنة سَبنتي قليلاً مستغلاً مبادراتها في الوصول لي.. ولكنه كان أكثر أنانية وأشد قسوة من أن يفعل ومن أجل ماذا.. زواجك من فتاة لا تكن لها عاطفة بالأصل وها أنت بالنهاية تركتها واخترت جانب من دق لها قلبك!"

تشنج جسد خالد بشكل واضح وكأنها بذكرها مجددا

عاد جرح بدور القاسي لسبنتي يسيطر على غضبه وآلامه، ولكن رأفةً بها لم يعاتبها ليس الآن على الأقل لذا قال "لا أملك ما أدافع به عنه.. كما لا أستطيع اتهامه وهو بين يدين ربه الآن وكل ما أقدر على فعله هو طلب الرحمة من أجله"

رمشت بدور بعينيها وكأنها تصر أن تحجب دموعها التي تهدد بالسقوط مرة أخرى ثم قالت بشحوب "ومن رحمني أنا يا خالد.. من منكم فعل.. حتى أختي الصغيرة التي كانت بمثابة ابنة لي، لم أقدم لها إلا كل دعم ومحبة جرحتني للصميم وغدرت بي، ما يزيد عن العامين منذ عودتها للحديث مع رفيقتها تراقبني أئندون أن تتفوه بحرف واحد يرحم لوعتي"

قال بهدوء "لا تحكمي عليها وتعاقبيها بالهجر.. حاولي السماع منها ربما ملكت ما يدعم موقفها"

إفتر جانب فمها عن ابتسامة ميتة وهي تقول "ما عادت تفرق.. وما عاد شيء يصدمني فيكم.. ولما ألوم راشد فيما فعل إن كان أبي وأخواتي ملكوا من القسوة أن يراقبوني أتعذب دون أنيقدموا أي نوع من المساندة؟!"

أخفض خالد وجهه دون أن يعلق ليس لعجز عن الإجابة ولكن أي ما قد يقوله الآن لن يضمدها أو يؤثر فيها...

عادت مرة أخرى إليه وربتت على كتفه بحنان قبل أن تقول بتفهم "اذهب إليها وقدم ما تستطيعه, لا تتركها تأن بجرحها وحدها.. ثق بي هي تنتظرك أنت بالأخص, خاصة بعد اندفاعي الغاشم وغير الأخلاقي عليها"

أومأ قبل أن يقف محرك خطواته المترددة ثم عاد إليها وهو يقول "اذهبي أنتِ، سأبقى بجانبه.. تحتاجين بعد ليلتين صعبتين لأن تغيري ملابسكِ وترتاحي قليلاً"

أطلقت بدور تنهيدة شاردة قبل أن تقول بهدوء "لن أترك جانب راشد حتى يفيق وأعيده بنفسي لابني"

قال خالد بيأس "بدور!"

كررت "قل ما شئت.. ظن بي ما تريد.. إلا أني لن أترك جانبه حتى يفتح عينيه وأحدق فيهما من جديد"

قال خالد بخفوت "سأبقى بجانبكِ إذاً حتى تأتي نوة"

نظرت إليه متسائلة إذ أنه قبل مغادرته صباحاً أصر على الجميع أن يعودوا للمنزل لأن وجودهم الآن لا يعطي قيمة حقيقية.. وأوكل أمر انصرافهم لمدحت زوج نوة الذي أتى مسرعاً مع مالك فور أن علما بالخبر..

أوضح خالد بهدوء "لقد أخبرني مدحت بأنه سيأتي ليقضي الليلة بجانبه إذ أنه غير قادر على تحمل قلق الانتظار في المنزل.. فطلبت منه أن يأتي بنوة وتحضر لكِ بعض الملابس.. كما أني حجزت لكِ غرفة مرافق.. لن تبقي هكذا في الطرقات طوال الوقت.."

عادت بدور تراقب بعينيها تنفسه الرتيب ودقات قلبه غير المنتظمة تحت الأجهزة من الزجاج العريض ثم أومأت موافقة غير راغبة في مجادلته وهي تقول "اذهب إذاً.. لا تتأخر عليها.. و.. وإن استطعت إقناع إياب بضمه إليك أخبره أن بدور ليست شريرة.. بأن صديقته ما زالت تحبه"

اقترب خالد محاولاً أن يحتويها داعمها فرفضته سريعا وهي تقول "لا تعلق.. اخرج.. اذهب من هنا"

تردد مرة أخرى ولكنه حسم أمره واستدار ينوي المغادرة ولكن بدور أوقفته مرة أخرى وهي تقول "خالد.."

التفت إليها من فوق كتفه متسائلاً...

"بمقدار الحب يكون الألم.. نار الخيبة كالحصى المتجمر تسكن الحشى ولا تنطفئ أبداً... فلا تمنحها خيباتك ولا تصدق مطلقاً رفضها الجارح... فجرحها أكبر من التغلب عليه وإخبارك أنها لا تريد إلا ذراعيك وحنانك لتداويها!"

تجمد خالد مكانه للحظة قبل أن يستدير إليها ببطء ينظر إليها بعاطفة أخوية بلغت مداها وتجاذبت أقطابها بشكل منافي للطبيعة.. ثم دون تأخير كان يندفع جاذبها عنوة لتستقر بين رحاب حنان كان يجب أن تحصل عليه من أبيهم عله يداوي شيئاً فيها.. ثم همس وهو يدرك انتفاضها المكتوم وتبادلها عناقه بقوة ضعف قوته "ومن سيداويكِ أنتِ.. متى يستقر فؤادي من أجلكِ يا بدور؟!"

********



عندما دخلت بدور الحجرة بخفة ترتدي ملابس معقمة كما أصرالطبيب الذي رضخ لطلبها بعد جدال بلغ أشده معها.. ولكنها انتصرت عليه بالنهاية وفرضت ما تريده هي... كان خالد قد انصرف بالفعل منذ وقت وأتت نوة مع زوجها وبقيا بالخارج.. دائماً هي تستطيع الانتصار وفرض آراءها ونيل ما تريده، لا تتنازل ولا تخضع، غير مجبرة على التظاهر أو إخفاء مشاعرها أو ما تفكر فيه.. إلا معه هو.. "دائماً كنت أنت الوحيد الذي هزمني ومثّل بي"

اقتربت بدور من الفراش المتقدم طبياً تنظر لصدره العاري الموصول بأسلاك عديدة.. كما وضع على وجهه قناع التنفس مخفي شحوبه.. ببطء وحرص جلست على طرف الفراش بالكاد أسندت إحدى ركبتيها ثم أخذت تحدق فيه بعينين جامدتين رغم الدموع الشديدة التي تهدد بالهبوط في أي لحظة، وتحرق جفنيها المنتفختين..

منذ متى لم ترى ما خلف واجهته.. خلف قناعه الساخر والشرس.. وراء واجهته التي عاد بها مترصداً لأفعالها مداعباً لمشاعر يظن أنها ما زالت باقية بداخلها لحنين بلغ حد عاصف بين أضلعها حتى ما عادت تحتمله؟!! كيف لم تلاحظ أن حربهما طالت منه الكثير كما حطمتها.. لقد بدا وجهه الخالي من الحياة الآن عجوز، ليس ذلك النوع من الكهولة، ولكنه عجز الفعل وعجز تصحيح الأخطاء.. عجز التظاهر والبقاء على الصمود!!

دموعها أخيراً بدأت في الهبوط مرة أخرى.. رافضة أن تستمر في كبحها.. أناملها المرتعشة لمست يده المستريحة بجانبه بخفة ثم همست أخيرا باستسلام منهزم "فقط أصمد من أجلإياب..."

أغلقت جفنيها بقوة وأخذت نفس مشحون مضني قبل أن تكمل بتقطع "أصمد من.. أجلي.. من أجلي أنا.. فلم أكتفي بعد.. لم أحصل منك على مواجهة ترضيني كما وعدت.. لم تفي بجانبك من حكايتنا بعد... أفق أرجوك حتى وإن كنا لن نتجاوز ما فعلناه ببعضنا يوماً.. حتى وإن كان الأمل في منحك غفراني منعدم.. أفق واصمد.. أنا لا حياة لي بعدك يا راشد.. الطاووس المجروح لن يقاوم ويصمد إن غادره نمره الغادر.."

************



إتبع خالد مريم بخطوات رتيبة، يسمعها وهي تهمس بالقول "تتظاهر بالنوم، لكن عندما أطل عليها لأطمئن أجدها مستيقظة تحدق في الفراغ بشكل مغيظ ومقلق أيضاً!"

قال خالد بهدوء "لقد أخبرني إيهاب لذا أتيت ربما تتجاوب معي"

فتحت مريم كفيها وهي تقول ببساطة "دائماً رأيه يصيب.. أنا أيضاً عندما أغضب أو أحزن أو يصيبني التوتر لا أهدأ إلا عندما يضمني إليه.. أتعلم أمراً عجيب ما نحصل عليه منكم كيف نكرهكم بطريقة بشعة ولا نطمئن إلا على صدوركم؟!"

أخفض خالد رأسه مبتسم بنوع من الخجل لصراحتها الفجة بالنسبة إليه إذ أن أخواته رغم جرأتهن إلا أنهن لا يصرحن بعلاقتهن بأزواجهن بذلك الوضوح إلا أنه أيضا يدرك أن تنشئة مريم تختلف.. قال أخيراً بخفوت "ما تقولينه يستدعي سؤال عالمي لم يجد أحد له إجابة.. (ما الذي تريده النساء)؟!"

ضيقت مريم ما بين عينيها وكأنها تفكر بشكل عميق لتجيب معضلته حتى قالت أخيراً بسلاسة أظن أن لا أحد سيجد إجابتهيوما ..إذ أن النساء أنفسهن لا يعرفن ماذا يردن"

قال خالد بتهكم "إجابة مبشرة بالخير خاصة أنني مقبل على كارثة.. طمأنكِ الله بالخير دائماً!"

قالت ببلاهة "أنت على الرحب.. إن لم أساعد أخي وأُفيده بخبرتي لمن سأفعل؟!"

ابتسم بأسى مرغماً قبل أن يدفعها بخفة أمامه وهو يقول "دليني عليها.. إذ من الواضح أن تأخركِ في النوم يؤثر على معدل تفاعلكِ لتفهمي بأنني أسخر منكِ"

قالت بدهشة "حقاً تفعل؟!.. عار عليك!"

همس خالد بتضرع لخالقه "رباه ما هذه الكارثة.. خمس أخوات وزوجتي فوقهن.. ولا توجد بينهن عاقلة مريحة في الحديث أو اللقاء.. اللهم لا اعتراض على قدرك"

في آخر الرواق فتحت مريم بهدوء الباب أمامه ثم همست "هنا.. ابقى الوقت الذي تريده لن يزعجك أحد.. تصبح على خير"

دلف خالد أخيراً ليجد الغرفة أنيقة المحتوى غارقة في الظلام تماماً عدا عن مصباح صغير من ذلك النوع المخصص للأطفال، إذ أنه يعكس شكل النجوم في سقف الغرفة.. تحرك ببطء نحو الفراش يطل عليها فلم يجد إلا إياب يجلس هناك منكمش على نفسه دافن رأسه داخل ذراعيه وكله ينتفض.. اندفع بلهفة يلتقط الصغير على صدره والذي بادله لهفته منتفض بهلعه وهو ينفجر في صراخه وبكائه "أريد بابا.. أين أختي؟!"

الإجابة المجهولة لم تكن أقل قسوة على خالد الذي تحرك بهلع للخارج مرة أخرى وهو يهتف "مريم.. أين زوجتي؟!"

لم تكن مريم قد ارتاحت بعد في مكانها عندما فتحت باب غرفتها سريعاً تنظر إليه بقلق وهي تقول "عندك, لقد كانت هنا منذ ساعة.. لقد اطمأننت عليها بنفسي, كانت نائمة"

خرج إيهاب على أصواتهم يقلب نظراته بين قلق زوجته، واضطراب أخيها المرسوم على وجهه ببشاعة "ما الذي يحدث؟!"

نظر إليه خالد بعينين لا تريان وهو يسلم إياب الباكي ليد مريم التي فردتها طواعية ملتقطة إياه وضمته إلى صدرها وشرعت في تهدئته "لا أجدها، لقد قلت أن بيتك محصن ولا أحد قادر على التسلل منه، وبأنك سترعاهم بنفسك يا إيهاب!"

تحرك إيهاب سريعاً نحو هاتف داخلي يطلب حراسه بالخارج يسأل أحدهم مباشرة "هل خرج أحد من المنزل؟!"

أتته الإجابة القاسمة "نعم السيدة الصغيرة خرجت مع سائقها"

"تباً.. تباً، وأنت ما عملك تحديداً.. ألم أحذرك أن لا يدخل أحد أو يخرج إلا بأذني؟!"

لم ينتظر خالد أكثر بعد أن عرف بالإجابة، بل اندفع على الفور ينهب الدرج نهباً، منطلق إلى الخارج وهو يستل هاتفه يجري اتصال على الحارس الذي زرعه من أجلها بحجة أنه سائق خاص، سأله عن مكانها وإن كان يعرفه مسبقاً..

كان يجب عليه أن يعرف مسبقاً بأنها أكثر اندفاعاً وحماقة لأن تبقى في مكان يعرفه هو ..بأنها لن تبقى وتنتظره.. خاصة بعد أن سمع اعترافها الميت وهي تردد بأنها سبب كل ما يجري حولهم "غبية.. قاسية أنتِ"

بينما وقفت مريم هناك تحدق في أثره بذهول ورعب تربت على الصغير طواعية.. وهي تسمع إيهاب يسب بعنف ثم يلتفت ناوي هو الآخر ملاحقته همست وهي تزدرد ريقها "هل.. هل يمكن أنها ذهبت إلى المشفى في هذا الوقت المتأخر؟!"

ردد صوت إيهاب خلف ظهرها "لا أعتقد أنها فعلت إذ أنكن اكثر جنون يا عائلة المعاتيه.. بلا, زوجة أخيكِ هربت... هربت رافضة الانتظار والمواجهة فهذا أكثر شيء تجدنه إناث هذه العائلة"

"حسناً, ها هو يشحن ضدها منذ اللحظة ..فماذا إن عرف بفعلتها؟!"

قبلت رأس ابن أختها مجدداً وهي تهمس له بحنان ورقة "أنا معك حبيبي لن أترك جانبك ..وقريباً ربما سآخذك وأمك واختفى منه مجدداً ربما وقتها يستطيع أن يحجم غضبه مني.. ولا يزعجني , وبدور ترتاح قليلاً من وجوههم العكرة !"

********

يتبع الان :7R_001::7R_001::7R_001::7R_001::7R_001::7R_001:


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-06-20, 11:56 PM   #4192

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

تابع الفصل الاربعون

كان يقود بتهور على الطريق السريع الخالي من السيارات إلا قليلها في هذا الوقت ممسكاً الهاتف على أذنه بعصبية وهو يصرخ بحدة في الحارس المسكين "ما الذي يعنيه تحديداً أنها أصرت على أن لا تخبرني؟!"

قال الرجل "سيد خالد لقد هددت إن لم آخذها للمكان الذي تريده دون أن أتصل بك ستخرج بطريقتها وتجد أي سيارة أجرة"

هتف في الرجل بانفعال "لقد حذرتك أني لا أريد مبررات.. كل تحركاتها يجب أن أعلم بها قبل أن تخطوها، هذا عملك الوحيد الذي كلفت به.."

قال الحارس بقنوط "الآنسة يصعب ترويضها أو إقناعها... سيد خالد..."

أطلق خالد صوت مستنكر ساخر قبل أن يغلق الخط بينهما "يصعب ترويضها.. وهل أنت من سيخبرني؟!" لماذا بدأ يشعر باليأس, أن سَبنتي التي كان يعرفها ذهبت وتبخرت بالفعل وأن من تزوج منها الآن هي مخلوق غريب، ومقلق لا يفهم شيء من تفاصيلها.. بكل الوجع عليه أن يعترف بأن الكائن الملون المبهج استحال لشخص سوداوي مظلم، يتخبط هو بين دروبه وتنطفئ كل شمعة يحاول أن يقتحمها بها لتنير عتمتها..
لقد كانت فاجعة اخرى بها اكدت افكاره السلبية تلك عندما اخبرته فى وقت سابق بكل شئ حدث معها وبمطاردت عزام التي انتهت بذبحها لراشد على مقصلتها وحدها

...............

بعد وقت

أحس خالد بأطرافه تتجمد، وبروحه المستسلمة تعلق في حنجرته وكأنها تصارعه للخروج، ليس للاستسلام الموت حاشا لله أن يقنط يوماً رغم كل ما يجري.. ولكنها كانت تنغزه لتسبقه إليها مرفرفة حولها علّ روحه تحميها من تعثر نفسها...

نفس الجلسة القديمة ونفس التوهة والتوسل من أموات رحلوا عن دنيانا "الإجابة"..

"سَبنتي.." همس بهدوء مسيطر على احتراقه حتى لا تجزع متمنياً من الله أنها لم تدخل في غيبوبة أخرى بين أشباحها...

ولحسن حظه وتسكيناً للوعة قلبه رفعت وجهها من جلوسها مفترشة الأرض أمام قبر أبيه وعمه.. وهي تقول بخفوت "كنت أعلم أنك ستجدني!!"

يا الله.. أغمض عينيه وقلبه يهدر بعنف بين أضلعه متذكر جملة قديمة مشابهة همستها من بين انهيارها.. اقترب خالد تاركاً الباب الحديدي الكبير للمقبرة ثم ركع على ركبتيه جوارها.. وبحرص كان يقول "لماذا عليّ دائماً أن أجدكِ هنا يا بقة؟!"

كانت نبرتها ترتجف وهي تقول دون أن تنطر إليه بل يدها أخذت في ترتيب بعض الأزهار فوق الشاهد الرخامي برتابة مهيبة وقالت "ربما لأن هنا كان يجب أن يكون مكاني ووالدتي قبل أن أولد.. ليت هذا الرجل لم يخرجنا لأجدادي الذين ظلمونا"

الكلام كالرصاص فانتبه على قلب من تطلقها وهي كما نالت منه الآن يعرف يقين أن الجميع دون تفريق نال منها "لما تصرين على تعذيبي؟!"

التفت إليه بدهشة وهي تهمس بعجب "أعذبك أنت؟!"

قال بجفاف "نعم، ومن تعتقدين ستغتالينه إن نالكِ دمار توجهينه لنفسكِ؟!"

لم تعلق على كلماته على الفور بل ظلت تحدق في الفتحة الصغيرة للقبر بقتامة خالية من أي مشاعر.. حتى همست أخيراً بقهر "أتيت لأسال أباك وجدي ماذا جنى كلاهما الآن بعد أن دمرونا جميعاً.. رغبت أن أعرف من ياسر الراوي بالذات لماذا أذاني وحمّلني جريمة لم أكن أنا من افتعلها.. لقد.. أنا أردت.."

اختنقت وارتجفت ولكنها رفضت البكاء أيضًا كاتمة أنفاسها كما مشاعرها معاندة تلك الدموع التي تملؤ مقلتيها مهددة بسيل قريب يحرق كل دوافعها..

حرك خالد يده ببطء وحرص وأحاط كتفيها ولراحته أنها كانت أكثر رأفة بحاله إذ أنها لم تدفعه بل أسندت رأسها على كتفه متقبلة وجوده "لم يكن يحاربكِ أنتِ، بل أشباحه فيكِ"

لم تنتبه لتفسيره الغريب إذ أنها أكملت بحرقة "لقد كبرت في منزله، نشأت على يديه كما بناته، كنت أناديه عمي معتقدة أنه بديل لأبي المتوفي.. لقد أحببته، أنا أحببته مثلكم يا خالد.. فلماذا عند الاختيار اغتالني دون رحمة، ليس ذنبي أني ابنة... ز... خطيئة..."

أوقفها سريعاً واضعاً يده على فمها بإصرار ثم قال بصرامة "إياكِ وتكرارها"

هتفت بقهر "إنها حقيقتي، لماذا تتهرب منها؟!"

قال بحزم "أعرفها جيداً ولكني لا أريدها ولا تهمني, بل أنتِ الوحيدة التي تعنيني"

ارتجف صدرها وهي تضم كلا ذراعيها بطريقة شابهت طفل يفتقد أمان واحتواء ذويه.. ثم حشرت رأسها في صدره أقوى وأصابعها تتشبث في قميصه مختبئة من ظلمها في نوره ثم قالت أخيراً بتحشرج "عندما كانت تأتي بي والدتك إلى هنا كان النظر للقبور يريحني، لم أعرف سر ارتباط روحي الغريب بمنظر البيوت الترابية الساكنة والخالية من الحياة.. أنا.. أنا لم أخبر أحد بسري الغريب من قبل.."

حسناً الفتيات في العادة يريحها النظر للزهور، ربما صوت البحر أو رحلة تسوق.. ولكنه من أجل حظه العظيم زوجته المدمرة أصلاً يريحها ويبهجها سكن الأموات الدائم... يا لَ الروعة!!...

كبح خالد جماح رعبه وسخريته السوداوية..

"ليس غريباً.. كلنا أرواح هائمة تسبح بحملها في الفضاء الفسيح، تسأل خالقها النجاة، فيرسل لكل نفس فينا ما يهدأ روعها يا بقة"

رفعت عينيها الواسعتين الزائغتين نحو وجهه المطل عليها بحنان ثم همست بشفتيها المرتجفة "حكمة الحياة والموت دائماً كانت تحيرني.. لماذا نولد إن كنا سنعذب، ولما لا نصلح من أعمالنا ونترك أثر جيد في نفوس أحبائنا إن كنا نعلم جيداً بأننا جميعاً مصيرنا هذا السكن الصامت الخالي من كل سلطة وبذخ.. هنا في هذا المكان الجميع متساوي!"

يده تحركت على شعرها بهدوء ثم قال برفق "لم نخلق لنعذب، بل كل إنسان ولد بقدره المكتوب، ليس ليعاني وإنما بتلك العثرات التي نجدها في طريقنا نستدل بها لندرك حقائق الأمور.. لنعرف أن الله موجود قابض وباسط على دنيانا ومصائرنا، من طبيعة الحياة أن تتقلب علينا، والاختبار الذي يضعنا به الخالق لندرك بأن ذلك لا يؤثر على سلامة ونقاء أرواحنا... المهم أن نرضى بالعسر قبل اليسر"

لم تتغير نظراتها وإن كان لمس الاهتزاز الشديد لمقلتيها وهي تقول بعذاب "عسري طال.. طال جداً يا خالد"

همس خالد لعينيها "إياكِ أن تقنطي من رحمته يا بقة"

لم ترد على الفور بل ظلت ساكنة تحدق فيه برهبة حتى قالت أخيراً "قرأت مرة بأننا لم نولد أحراراً قط، بل إنه محكوم علينا بالحياة، قبل أن يكون محكوم علينا بالموت.."

أغمض خالد جفنيه بقوة عارف أنها تتهرب بتناقلها المضطرب في الحديث حتى لا تمحنه إجابة شافية لاختيارها هنا بالذات كملتجأ حتى وهي لا تسأل عن الراقد بين الحياة والموت...

"بقة.."

هزت رأسها بقوة وهي تهمس مسترسلة "يومها رفضت تلك الحكمة ولكن بداخلي وافقتها بشدة إذ أني أرى الحكمة الحقيقية بين الحياة والخوف من الموت... أنا لا أخاف الموت يا خالد.."

ضمها إليه.. ضمها بقوة وهو يهدر شاعراً بقلبه يرتجف بعنف بين أضلعه "أنتِ تخفينني أنا الآن"

همست وكأنها تصر على تعذيبه "إن كليهما ارتاح هنا، بينما كل ضحاياهم يعانون.. لم يأبه أحدهما بمصائرنا.. بينما جميعناً كنا نكن لهم جانب قوي من الحب وتوسل الرفق بنا يوماً.. ليتهما يخرجا رأسيهما الآن ويطلان على خرابهما.."

كانت كل مشاعره انتهت بحق، وما عاد لديه قدرة على رؤية تذبذبها وهذيانها أكثر لذا لم يتردد في أن يقف سريعاً من مكانه يسحبها معه.. ضربته في فؤاده بحق عندما انهارت ركبتيها للحظات تتعثر وكأنها ما عادت قادرة على الاستقامة، فانحنى دون كلمات يوازنها بين يديه حاملها على صدره..

"اتركني أنا بخير"

سيطر على نفسه وهو يقول بحزم "لا, أنتِ لستِ كذلك"

قالت ببهوت "أنت محق، أنا لم أعد جيدة، اعتقدت بأني مت منذ تلك الليلة, حتى التسلل لبلال الراوي أرقد بين ذراعيه لأخبره أن كل ما فعله لإنقاذ ابنه وحفيدته لم يفلح بل ها أنا بالنهاية نلت مكانتي المتوقعة.. ليس كل ميت يصبح جثة هامدة فقط، بل هناك أحياء يلفظون أنفاسهم كل لحظة، يمارسون ترف الحياة بلا حياة"

كان قد خرج من المكان وفتح باب سيارته مشيراً برأسه للحارس الذي رافقها أن يتبعه.. ثم أجلسها على المقعد المجاور له وجذب حزام الأمان يربطه حولها.. ثم استقام قليلا ولكنه بقي مشرفاً عليها وهو يمسك وجهها بين يديه ثم قال ببطء حازم "عليكَ أن تتعلمي من جديد إذاً كيف تعيشين الحياة يا سَبنتي، لأني هنا أطالبكِ بحقي فيكِ... كما أخاك الصغير الذي يتشبث في ذيلكِ وكما راشد الذي سيطالب بابنته لتسانده من جديد فور إفاقته.."

ارتجف شيء من ملامحها الشاحبة، وهددت قطراتها بالسقوط وهي تهمس باختناق "لم أعد أصلح لشيء.."

قال خالد برفق "عليكِ أن تتعلمي إذاً... إذ أنكِ لم تعودي ملك نفسكِ حبيبتي، هناك أرواح معلقة على وجودك أنتِ "

انتفضت وشفتاها ترتعشان من جديد ثم همست بصوت واهي برجاء مضني "لا ترسلني إلى هناك وتغادر"

ابتسم بمرارة ثم قال "سأبقى معكِ طوال الليل, حتى تسكن روحكِ الهائمة "

"ضمني" همسها لسانها قبل أن يستوعبها عقلها حقيقة.. توسعت عيناها برهبة وهي تحدق في صدمته الخفيفة ولكن قبل أن تسحب زلتها كانت ذراعيه تختطفها إليه ليسكنها بين ربوع حاضرها ومستقبلها الآمن الذي تمثل فيه..

"أنا أحبكِ يا بقة.. ودونكِ ضعت.. فلا تهدديني بفقدكِ مجدداً "

*****

عندما عودتهما لبيت إيهاب أصرت بقوة أن لا يحملها، بل صعدت على الفور رافضة التفسير لأخته وزوجها حيث أخبرهم باختصار عن وجهتها مستقبلاً ذهول كليهما من زيارتها للمقابر في هذا الوقت.. ثم بعد اعتذاره منهما صعد خلفها على الفور.. دخل إلى الغرفة وأغلق الباب ورائه بإحكام ليجدها بنفس الفستان الذي كانت قد ألبسته إياها نوة منذ ليلتين.. المغبر بتراب ورائحة الموت.. شعرها الأحمر مشعث بفوضوية على الوسادة.. ظهرها منحني للأمام وركبتيها ترفعهما لأعلى بينما ذراعها مفرود تحت رأس إياب المندس فيها متشبث بكلا كفيه بملابسها.. من الواضح أنها استعادته مجدداً من المكان الذي اهتمت به فيه مريم أثناء غيابهم..

أحس خالد بدموع رجولية تحرق عينيه وإن لم تغادر أبداً حدود مقلتيه وهو يراهما بهذا الشكل.. كانا ضعيفين للغاية، وحيدين ويتيمين دونه بالفعل.. الآن هو يعلم سر تعلقها الشديد به، حتى عندما كانت صغيرة تمرح في منزلهم وهو مسافر بعيداً عنها.. دائماً كانت تأخذ من اسمه وحده ستار وسند قوي تتسلح به من أي ما يهدد سلامها وأمانها..

ترى بماذا تفكر الآن.. ما الجحيم الذي تحمله بداخلها.. خاصة أن شيماء أخبرته بجدالها معه.. والكلام الذي ماثل الرصاص الذي أخبرته له قبل سقوطه..

اقترب خالد ثم جلس بجانبها وخلع حذائه ووضعه بنظام على الأرض.. قبل أن يفرد جذعه مستريح أخيرا بجانبها، في الواقع هي لم تقم بأي رد فعل يوحي بأنها تكترث، بل وكأنه ما عاد شيء يفرق معها وكأن الوقت الذي قضياه وسؤالها لضمها منذ وقت قصير جدا لم يكن..

سحب الغطاء واندس جانبها ليقرب نفسه منها، ثم بحرص كان يضع ساعده أسفل ساعدها المستند على خصرها وهمس بهدوء "رد فعلكِ يقلق, لم تلتفتي حتى لتعرفي من تجرأ عليكَِ ربما لم أكن أنا وأختي وزوجها دخلا ليطمئنا عليكِ!"

لحسن الحظ لم تتمسك بالصمت بل أجابته بصوت أجوف "لا أحتاج لأعلم إنه أنت, دائماً ما كنت غبية كفاية لأستشعر طغيان وجودك وأنت على بعد أمتار مني"

"رغم قسوتكِ.. ولكنها إجابة مريحة يا بقة"

"آخر ما أرغب فيه هو منحك بهجة أو راحة.. لذا من فضلك كفاك فضائح وانسى كل ما حدث هناك.. غادر من هنا قبل أن يأتيراشد ويراك!"

قال خالد بهدوء "إنكار الواقع لن يفيدكِ.. يفترض بأنكِ طالبة صيدلة وتعلمين جيداً ماذا تعني حالته الآن!"

صمتت.. صمت طال وطال.. فقط بدا جسدها يرتعد بشكل بسيط جداً ثم أخد في الارتفاع شيئاً فشيئاً حتى قالت أخيراً بنبرة ضائعة مقرة أخيراً بما تتهرب منه "التشخيص غير صحيح.. أو ربما هو دفع للطبيب لكي يقول هذا حتى يعاقبني على ما قلته.."

استغل خالد تخبطها البادي ورفع رأسها قليلاً ليدس ذراعه تحتها.. حتى تصبح أخيراً كلها محتواة بين حدود شريانه وحنانه ثم سأل بصوت أجش قاصد استفزاز مشاعرها "وما الذي قلته ليدفعه ليلاعبكِ بهذا الشكل غير اللائق.. بأنكِ لستِ ابنته.. ولكنها الحقيقة هو لا يملك عليكِ سلطان، مجرد رجل رباكِ وها هي مهمته قد انتهت!"

مرتجفة مصدومة.. كانت تهمس بذهول "لا.. غير صحيح, كيف تجرأت على قول هذا.. عن وصف رابطي به.. أنا ابنته.. بكريته.."

قال خالد بصوت رخيم "في الواقع أنا لم أحكم عليكما بشيء بل استخدمت حرفيا بشاعة ما أخبرتني به ..هل تذكرين اتهامكِ له بتقديمك أضحية؟!"

"إخرس.. إخرس.." همست بخشونة دافعها الألم

همس خالد بجانب أذنها وهو يعيد سيطرته عليها بينما عينيه على إياب الذي انتفض قليلاً ثم عاد للاسترخاء تحت أنامله التي طالت جانبه مربتاً عليه "هششش.. إهدئي, نحن في بيوت أناس غرباء، كما أن إياب يحتاج للسكينة بعد ما عاناه، يكفيه استيقاظه ليجدكِ قد هربت من مسؤوليتكِ اتجاهه.."

سكنت بالفعل ترفع وجهها لتلتقي عيناها في عينيه, تحدق فيه على ضوء النور الشحيح بشيء أشبه بالمناجاة والاستجداء.. حتى ارتعشت شفتاها أخيراً وهي تهمس بضياع "لم أعني حرف مما قلت, لقد رددت كلمات بشعة أخبروني بها.. أنا فقط رغبت في حمايته هو.. وفي الهرب منك أنت.. أنا لا أريدك يا خالد، أرجوك انسى ضعفي الغبي هناك, ذاك المكان يجعلني أهذي بأشياء توسوسها لي أشباحي"

"الآن فقط أنا أحببت أشباحكِ، ولم أعد أريد محاربتها إذ أنها تحبني أكثر من زوجتي"

لم ترد, فقط تنظر إليه بعينيها البائستين..

فرفع خالد كفه ثم مررها على وجهها ببطء حتى أمسك ذقنها يضغط عليه برقة بينما سبابته تتحرك علي شفتها السفلىبنعومة وهو يقول "وقت الاختيار قد فات.. ربما أنت لا تريدني إلا أنني لا أستطيع التنازل عن حمايتكِ، عن محاربتكِ حتى تعودي دعسوقتي الملونة التي أعرفها.. أريد أن أشعل روحكِ التي أُطفئت من جديد يا بقة"

انكمش كتفيها وتشنج صدرها بعلو وارتفاع فبدت كأنها تكتم انفجار بكاء هائل بأعجوبة حتى قالت أخيراً "وأنا أريد راشد كما عهدته دائماً .. أعده لي"

"أزيلي عنكِ الوهن إذاً.. سيفيق إذ إنه أكثر عناد من أن يستسلم دون معارك يكون الفائز فيها"

حدقت فيه من بين الظلام مرة أخرى ثم أخيراً كان يلوح من بين بنفسجها قطرات ندية لتعاسته أبهجته..

"رباه، هذا أبشع أمر رأيته في حياتي، عندما سقط أول مرة كنت وحدي أتخبط وأصرخ في جدران المنزل الخاوي يا خالد دون أن أجد أي أحد ليدعمني ويطمئنني, يفهمني ما يحدث.. وبعدها عندما أفاق قال إنه لن يسمح بحدوثه مرة أخرى إذ أن روحي خرجت مني... وها هو حدث مرة أخرى لم يقدر على منعها وبسببي... أنا لا أجلب إلا الدمار... أنا..."

وضع خالد كفه على فمها سريعا كاتم كلماتها المتخبطة من الخروج ثم همس برقة "يا عبثية بل أنتِ بهجة لكل ناظر وتميمة العارفين.. ما حدث قدر كتب فوق جبينه ربما صفعة إفاقة له هو قبلنا ..كفاكِ جلد لنفسكِ.. واحتسبي واصبري، وإدعي له كأيابنة صالحة.."

هزت رأسها برفض لم يفهمه قبل أن تغلق جفنيها أخيراً وتسحب وجهها للناحية الأخرى.. وعندما اشتد عناقه حولها مشكلاً جسدها الضئيل عليه مجدداً حتى أصبحت كفأرة صغيرة تختفي فيه.. همست بضعف قطع نياط قلبه "اقرأ لي آيات قرآنية، لقد افتقدتها بصوتك.. أريد أن أنام.. أن أرتاح من عذابي"

أغمض عينيه وهو يبذل جهداً خرافياً بأن لا ينهار بعاطفته نحوها ثم دون تردد كان يستعيذ من الشيطان الرجيم ويشرع في ترتيل آيات من الذكر الحكيم... انفجرت أخيراً في البكاء إثر صوته وإثر الآيات التي انسابت على أذنيها... بكاء طال وطال بشهقات متقطعة تكتمها في ذراعه دافنة كل وجهها فيه قارضة بأطراف أسنانها جلده... وكلما اشتد ارتعادها.. كان هو يشدد في احتضانها حتى ما لم يعد هناك المزيد.. ممتزجة كلها فيه, مستمر دون انقطاع في ترتيل الآيات... وبتناغم رتيب ولحظة بلحظة مع مرور الدقائق كان كل شيء يختفي تماما.. لا أثر للوجع ولا للتيه وكأن مسكنها المؤقت الذي طلبته أثلج صدرها وهدأ من روعها، توقف خالد مصدق على ما تلاه.. شاعر بالنصر الجارح لحصوله على انفجار مشاعرها.. حتى انتظمت أنفاسها مع مرور الوقت ليرتخي وجهها من على ساعده وإن كانت ما زالت شفتاها فاغرتين قليلاً سامحة بين كل لحظة وأخرى لخروج شهقة متقطعة ونهنهات خافتة حزينة تهمس برجاء يضيع في غيبوبتها الإرادية "ضمني، لا تتركني.."

بينما عيناها المطبقتين لم تتوقفا مطلقاً عن ذرف الدموع...

وضع خالد ذقنه فوق رأسها متلمس بشفتيه نعومة خصلاتها .. شاعر بخفقات قلبه البطيئة تتوافق أخيراً مع نبضاتها الرتيبة مجيب توسلها بالفعل لا الكلمات وهمس لنفسه "السؤال المعلق لم أجد إجابته بعد, منذ وجدتكِ في المقابر أول مرة يا سَبنتي.. ماذا أنا فاعل بكِ حبيبتي، كيف السبيل لمحو كل كلمة جارحة.. اغتالوا روحكِ الملونة بها صابغين إياكِ بالسواد"

ومن بين نعاسها همهمت مرة أخرى بنبرة ضائعة بين النوم والهذيان "لقد كنت أناديك أنت وقت سقوطه لتأتي وتنجدني، وتدعمني.. كنت أردد اسمك وحدك دون استيعاب, مناجاتي لكِ عند كل رصاصة تغالتني"

ضغطها اكثر إليه شاعر بجسدها الرقيق يتشكل على جذعه وكأنه خلق من أجل أن يحتويها هي فقط من بين ربوع العالمين... كما هي خلقت خصيصاً من أجله وهمس بعاطفة مشحونة "وها قد وجدتكِ أخيراً ملبياً ندائكِ.. ولن أترك نجدتكِ أبداً حبيبي"

******

انتهى

قراءة سعيدة





Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-06-20, 11:58 PM   #4193

ملكه الحياه
 
الصورة الرمزية ملكه الحياه

? العضوٌ??? » 474469
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 36
?  نُقآطِيْ » ملكه الحياه is on a distinguished road
افتراضي

شظايا القلوب رواية تستحق كل التقديرات فهى رواية متميزة وكما عهدنا نور بلاك كاتبة متمكنة فى طرح مواضيعها و قوية فى سرد حبكتها واقوى فى معالجاتها فهى من المفضلات عندى دائما وابدا ستظل من المفضلات فهى من صنعت قصة بنتى التى اعتز بها واحبها وكأنها شخص فى عالم الواقع وهذا بفضل نور التى اتقنت صنع الشخصية وطرحها دمتى مبدعة ومتميزة وقديرة وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

ملكه الحياه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-06-20, 11:58 PM   #4194

ام جواد
 
الصورة الرمزية ام جواد

? العضوٌ??? » 443659
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 778
?  نُقآطِيْ » ام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond repute
افتراضي

لي عودة بعد القراءة

ام جواد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-20, 12:10 AM   #4195

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 512 ( الأعضاء 134 والزوار 378)
‏aber alhya, ‏حنين سليمان ع, ‏الطيبات, ‏رغيدا, ‏منال كلكل, ‏ولاء مبروك, ‏رغد ورؤي, ‏yasser20, ‏sara fathi, ‏داليا حسام, ‏Hoba Nasry, ‏هناء عبدالله, ‏دعاء سعده, ‏رضوى مجدي, ‏همسة الحنين., ‏نسيم88, ‏Zozaaaaa, ‏Roowidaa, ‏Nsro, ‏اسمااء محمد, ‏Afaf231, ‏Aengy, ‏Asmaa mossad, ‏ياسمين عزمي, ‏Autumn in my heart, ‏darkfury, ‏رندوش9, ‏Ayaomar, ‏zezeabedanaby, ‏fatma ahmad, ‏نورين نشأت, ‏Iraqi1989, ‏Bata1997, ‏Lulu9, ‏Dalia Huzaien, ‏Marwa merw, ‏موجة هادئة, ‏saro22, ‏k_meri, ‏شقشقة, ‏لولو73, ‏املي بالله كبير, ‏om elez, ‏MohgaMaher, ‏ملكه الحياه, ‏maha elsheikh, ‏hodaelnour, ‏ريمةمف, ‏Diego Sando, ‏princess sara, ‏ام جواد, ‏Menna23, ‏رحمه السماء, ‏دلال الدلال, ‏Shoshoh, ‏ميادة عبدالعزيز, ‏basama, ‏besomahd, ‏نورالهداا, ‏Nor BLack+, ‏nourelhayat233, ‏Ririi, ‏نونا لبنان, ‏Rania nabile, ‏أميرة صابرة, ‏ندى أحمد عبد الفتاح, ‏Tokagahrieb, ‏قمر صفاء, ‏sira sira, ‏هبة الله 4, ‏homsaelsawy, ‏الطاف ام ملك, ‏hajer ilahi, ‏فراقيعو, ‏Marwa Gehad, ‏Lutesflower, ‏اسماءعلام, ‏مها العالي, ‏أحمد نورا, ‏دره بارق, ‏Emaimy, ‏ميمو٧٧, ‏Dreamdida, ‏لصق, ‏Agaiaa, ‏Roha15, ‏راما الفارس, ‏ذسمسم, ‏كوريناي, ‏لولوn, ‏tafanegm, ‏Manonasser, ‏Nagat farouk, ‏إسراء عثمان, ‏Time Out, ‏Omsama, ‏ساره عبد الله, ‏Alaa95, ‏رسوو1435, ‏Dr Nada Baghdady, ‏basmat amal, ‏مجد صالح, ‏أمل رياض, ‏الاء ابراهيم, ‏imy88, ‏Zhoor211, ‏jewa, ‏kokyyou, ‏Dodowael, ‏awttare, ‏توتى على, ‏Hoda.alhamwe, ‏حبيبيه, ‏سالي فؤاد, ‏Sahar Slipe, ‏ولاء محم, ‏BASRI, ‏شاكره لله, ‏Abeer gazal, ‏fatma r, ‏bella vida, ‏زينب عبد الوهاب, ‏راندا علي غانم, ‏Samsam ahmed, ‏هوس الماضي, ‏Amal Essam, ‏مريم المقدسيه, ‏omar alaa, ‏hedia1, ‏rahasff, ‏رهف أوس, ‏هبة الله العواد, ‏TOULIP, ‏الحامدة لله


aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-20, 12:35 AM   #4196

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
افتراضي

لذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 694 ( الأعضاء 167 والزوار 527)
‏Nor BLack, ‏أميرة صابرة, ‏mariam sayed, ‏راما الفارس, ‏هوس الماضي, ‏om elez, ‏Hoda.alhamwe+, ‏Agaiaa, ‏Saraa Hasan, ‏Mai aboelmaged, ‏رنا عزت محمد, ‏Koch, ‏sira sira, ‏ذسمسم, ‏خجوله الملامح, ‏Asmaa mossad, ‏حبيبيه, ‏darkfury, ‏ريمةمف, ‏Alaa95, ‏املي بالله كبير, ‏Mony Daib55, ‏يارا نفوس, ‏Samah Ali1, ‏جنا احمد, ‏BASRI, ‏Mariam Mohamedh, ‏توتى على, ‏Donia Hamdy, ‏aber alhya+, ‏Alnajlaa, ‏هند حمزة, ‏Shoshoh, ‏ندى معتز, ‏وسام عبد السميع, ‏dm992, ‏الطاف ام ملك, ‏وجدان1417, ‏Sana bark, ‏tafanegm, ‏ديما دمدومة, ‏Malak assl, ‏Shemo nada, ‏Nagat farouk, ‏ميمو٧٧, ‏دره بارق, ‏nourelhayat233, ‏Noor Alzahraa, ‏لولوn, ‏2792000+, ‏rere star, ‏هناء عبدالله, ‏ساره عبد الله, ‏راندا علي غانم, ‏marwa kh, ‏Lutesflower, ‏كنزة ملك, ‏Esraa Yacoub, ‏قمر صفاء, ‏zohorat, ‏shammaf, ‏lotus baka, ‏Diego Sando, ‏حنان حرب, ‏فاطمة اهينى, ‏Ayamohame, ‏Saro7272, ‏Abeer gazal, ‏علا سليمان٢, ‏اسماءعلام, ‏اميرة بأخلاق, ‏Rasha elmofty, ‏اهات منسية, ‏د. منى خلوى, ‏ImaneAlkoush, ‏tahany gomaa, ‏homsaelsawy, ‏ساره احند, ‏نسيم88, ‏شقشقة, ‏نورا كمال, ‏سلمى خلف, ‏Marwa Gehad, ‏ولاء مبروك, ‏بوسي شريف, ‏shereen.kasem, ‏Zozaaaaa, ‏رغيدا, ‏Nona.Mohamed, ‏سحر احمد حسين, ‏رقيه95, ‏فراقيعو, ‏حنين سليمان ع, ‏الطيبات, ‏رغد ورؤي, ‏yasser20, ‏sara fathi, ‏داليا حسام, ‏Hoba Nasry+, ‏دعاء سعده, ‏رضوى مجدي, ‏همسة الحنين., ‏Roowidaa, ‏Nsro, ‏اسمااء محمد, ‏Afaf231, ‏Aengy, ‏ياسمين عزمي, ‏Autumn in my heart, ‏رندوش9, ‏Ayaomar, ‏zezeabedanaby, ‏fatma ahmad, ‏نورين نشأت, ‏Bata1997, ‏Lulu9, ‏Dalia Huzaien, ‏Marwa merw, ‏موجة هادئة, ‏saro22, ‏لولو73, ‏MohgaMaher, ‏ملكه الحياه, ‏maha elsheikh, ‏hodaelnour, ‏princess sara, ‏ام جواد, ‏Menna23, ‏رحمه السماء, ‏دلال الدلال, ‏ميادة عبدالعزيز, ‏basama, ‏besomahd, ‏نورالهداا, ‏Ririi, ‏Rania nabile, ‏ندى أحمد عبد الفتاح, ‏Tokagahrieb, ‏هبة الله 4, ‏hajer ilahi, ‏مها العالي, ‏أحمد نورا, ‏Emaimy, ‏Dreamdida, ‏لصق, ‏Roha15, ‏كوريناي, ‏Manonasser, ‏إسراء عثمان, ‏Time Out, ‏Omsama, ‏رسوو1435, ‏Dr Nada Baghdady, ‏basmat amal, ‏مجد صالح, ‏أمل رياض, ‏الاء ابراهيم, ‏imy88, ‏Zhoor211, ‏jewa, ‏kokyyou, ‏Dodowael, ‏awttare, ‏سالي فؤاد, ‏Sahar Slipe, ‏ولاء محم, ‏شاكره لله


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-20, 12:43 AM   #4197

نورين نشأت

? العضوٌ??? » 470365
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 25
?  نُقآطِيْ » نورين نشأت is on a distinguished road
افتراضي

وجع وجع وجع بدور وسبنتي😭😭😭😭😭

نورين نشأت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-20, 12:46 AM   #4198

اهات منسية

? العضوٌ??? » 377814
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 432
?  نُقآطِيْ » اهات منسية is on a distinguished road
افتراضي

مشكورين على المجهود فصل رائع

اهات منسية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-20, 12:48 AM   #4199

darkfury

? العضوٌ??? » 381578
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 535
?  نُقآطِيْ » darkfury is on a distinguished road
افتراضي

رائع كالعاده حقيقي كل مره بتبهريني بكم المشاعر الموجوده في الفصل شكرا علي الروايه دي بجد😍💞

darkfury غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-20, 12:50 AM   #4200

Asmaa mossad

? العضوٌ??? » 429548
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 818
?  نُقآطِيْ » Asmaa mossad is on a distinguished road
افتراضي

مبدعه سلمت يداااااك

Asmaa mossad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:50 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.