آخر 10 مشاركات
حنين الدم ... للدم *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : رؤى صباح مهدي - )           »          وداعا.. يليق بك || للكتابة : إيناس السيد (الكاتـب : enaasalsayed - )           »          وآخرون يعشقون *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : انسام ليبيا - )           »          5 - الرجل السراب - جانيت ديلي - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : gasmin - )           »          جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          اللوحة الغامضة (48) للكاتبة: كارول مورتيمور .. كاملة .. (الكاتـب : cutebabi - )           »          وعد بالسعادة - قلوب النوفيلا - الكاتبة الرائعة :*سارة عادل* [زائرة]* كاملة &الروابط (الكاتـب : *سارة عادل* - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          4 - لعنة الماضي - بيني جوردان (دار الكتاب العربي) (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-01-21, 07:28 PM   #7451

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile25


الفصل الخامس والخمسون (المشاركة 3)
**********

هتفت مريم بعدم رضا وهي تراقب ثلاثة من النساء يحولن إحدى غرف منزلها لصالون كامل الأدوات والعناية النسائية: "لا أصدق.. حقاً لا أصدق.."
تحركت بدور ببطء تضع حقيبة أدواتها الخاصة على ذراع أحد المقاعد المريحة ثم قالت ببساطة بها بعض التسلط: "صدقي إذاً ...وكأني أحتاج لرأيكِ.."
هتفت من جديد وهي تتراجع مستندة على الحائط: "من منحكِ الحق لتحولي منزلي لراحتكِ الخاصة؟"
هتفت هناء وهي تقول بمرح محبب: "أنا من منحتها، بعد أن رأيت مظهركِ آخر مرة ،وكأنكِ لم تعتني بنفسكِ أو تذهبي لصالون التجميل منذ أشهر.."
عقدت مريم حاجبيها وهي ترفع ملابسها تشتمها بفضول ثم هتفت بخشونة: "رائحتي مثل الورد ..وأعتني بنفسي جيداً.. كفى افتراءً"
ضحكت هناء ببالٍ خالٍ ثم قالت بصراحة مطلقة: "لا يعجبنا حالكِ.. لم أعتد منكِ كل هذه العزلة ..فعندما اتصلت بي بدور لتبدي نفس القلق ..أخبرتها عن اقتراح شيء يخرجكِ من هذه الكآبة"
تنهدت بتعب وهي تقول: "لست كئيبة ..وإنما حامل يا معدومتي الإحساس منكِ لها.."
اقتربت هناء وهي تجذب خصلة من شعرها المشعث ثم قالت بتحذير: "عندما تتحدثين مع امرأة في مكانة والدتكِ انتقي ألفاظكِ"
تبرمت ولم ترد حتى لا تتفوه بشيء أحمق يغضبها..
قالت بدور وهي تفرد شعرها تسمح للمصففة أن تبدأ في الاعتناء به: "أخبري لوليتا أن تأتي ..لقد وعدتها بالمشاركة"
قالت مريم بضجر: "هل أنتِ جادة ..منذ الآن تطلعينها على هذه الأمور؟!"
رفعت بدور حاجباً واحداً وهي تقول بتعجب: "أي أمور ..العناية بالجمال لا يحتاج لسن سيدة مريم ..وابنتي يجب أن تتعلم كيف تكون أنثى مبهرة ومميزة منذ نعومة أظافرها.."
أطلقت مريم صوت غيظ عالٍ وهي تنصرف متجهة لصغيرتها مبرطمة بحنق: "لا أصدق ..حقاً أصبحت لا أصدق تسلطكِ ..حتى على الصغيرة التي تتحول يوماً عن يوم لشبيهة لكِ.."
هتفت بدور ببرود من ورائها :"هل أسمع اعتراض هنا؟!"
التفت مريم إليها وهي تقول صارخة بطفولية بحتة: "نعم ..أعترض وبشدة ..عودي لزوجكِ واصنعي ابنتكِ الخاصة يا برميل الجليد.."
انصرفت مريم بينما لم يظهر على وجه بدور المغلق أي مشاعر وهي تقول باندهاش: "هل لقبتني بالبرميل لتوها؟!"
جلست هناء في كرسي قريب ثم قالت بنبرة متآمرة هامسة: "بل عايرتك بعدم امتلاك ابنة.. وصغيرتي الحبيبة كانت رقيقة أيضاً لتمنحكِ الوصفة الوحيدة المتاحة لتحصلي على ابنة تخصكِ.."
نظرت بدور لأظافر يدها بشرود للحظة قبل أن تريح رأسها على المسند مستسلمة ليدي الفتاة ..ثم قالت بثبات: "لا تبدئي يا هناء ..لم أعد أحتاج لمزيد من التحفيز.."
إلا أن هناء لم تتوقف وقلبها بالفعل يتآكل من فرط الغيرة, قالت بنبرة رمادية: "ستتركينه لها إذاً بكل سهولة؟!"
لم تتحرك من مكانها إنشاً واحداً وهي تقول ببرود: "لا أملكه.. لأتركه بالأصل يا هناء"
جزت هناء على أسنانها من البرود والاستفزاز ثم هتفت: "لا بأس إذاً ..أوهمي نفسكِ أنه حقكِ وحاربي من أجل هذه الفكرة، ولا تكوني امرأة غبية تترك حب عمرها من أجل الكبرياء.."
أزاحت بدور يد الفتاة وهي تعيد رأسها تنظر إليها بدهشة ثم قالت: "أنظروا من تتحدث.. بالله هل هذه أنتِ؟ لقد لوعتِ الرجل لأكثر من ثلاثة وعشرين سنة من أجل كبريائكِ قبل الدفاع عن معتقدكِ.."
أخذت هناء نفساً حاداً قبل أن تسيطر على نفسها وهي تقول بهدوء مصححة: "بل عقيدتي كانت السبب الأول ..تبعها الكبرياء، إلا أني بالنهاية تمسكت بفرصتي بكل قوة.."
قالت بدور بتهكم: "بعد ثلاثة وعشرين سنة ..آه طبعا كم أنتِ متسامحة!"
قالت هناء بنفس النبرة من جديد: "لا وجه للمقارنة.. بالأساس يا بدور"
قالت بدور بخفوت: "آه نعم ..إلا أنكِ لا تستطيعي إنكار جزء الكبرياء ..أنا لا أحارب يا هناء ولن أفعل ..ليس لأني لا أحبه ولكن تستطيعين القول أن ناري لم تطفأ بعد ..ولن تطفأ أبداً ..لن أسمح بشعور الغيرة أن يحركني.. نقطة وانتهى السطر."
أخذت هناء نفساً عميقاً وهي تقول: "أدلين أخت زوجي.. أعرفها جيداً منذ أن كانت مجرد طفلة في العاشرة ..وأستطيع بكل قوة إخبارك أنها ليست بالسهلة أبداً ..عنيدة كالحجارة عندما يتعلق الأمر بشيء تريده ..وهي ترغب بكل ذرة فيها نزع حقكِ يا بدور ..إن كنت أنا أكاد أجن وأذهب إليها وأصفعها وأخبرها أن تحل عنا ولا تعود أبداً ..فكيف لكِ أنتِ أن تتساهلي هكذا؟!"
هزت بدور رأسها متصنعة الأسف ثم همست: "مبارك عليها إذاً ..إن كان بعد كل هذا رجلاً بهذا الضعف تتلاعب به تلك ال....."
توسعت ابتسامة كبيرة على وجه هناء شاعرة بالأمل ثم قالت: "ال ..ماذا؟ قوليها يا متبلدة أريحي قلبي.."
هزت بدور رأسها ضاحكة بيأس ثم همست بتواطؤ: "حية صفراء تظن أنها كأميرة تمتلك أمراً يتفوق عليّ"
قالت هناء بنفس التواطؤ والتضامن النسائي: "طبعاً ولا تحلم أن تصل لظفركِ يوماً ..باهتة العروق, منزوعة الدماء, ذات البشرة الباردة ..من هي لتعتقد أنها تتفوق على العرق المصري؟ إن كانت هي أميرة اسماً ..فنحن يجري في عروقنا دماء الملكات صفةً، ومعنىً، وأصلاً منذ قديم الأزل"
أطلقت بدور ضحكة رنانة طويلة وهي تقول: "أنتِ بِتِّ غير معقولة.."
قالت هناء بغضب :"بل أحترق ..لا أعرف ماذا حدث لي منذ عودة العاشق المجنون لحياتي.."
غمزت بدور بمداعبة وهي تقول وتتفحصها بتمهل: "امممم بدّل الكثير وكأنكِ صغرتِ عشرين سنة.."
ضحكت هناء بخفر ممتع ..إلا أن بدور ضيقت عينيها وهي تقول بعدم رضا: "ولكن ينقصكِ الخروج من ثوب الجدات هذا ..تحتاجين لبعض التعديلات"
وأشارت نحو شعر هناء الأبيض بقرف..
قالت هناء بصوت رخيم: "أنا امرأة أحترم سني.. ثم إن جوش يحبه"
قالت بدور بامتعاض: "وما دخل السن في الاعتناء بالنفس؟ ثم هل تصدقين هراء أنه يحبه يا هناء بالله؟!"
:-"أثق تماماً.."
تلاعبت بدور بها وهي تقول: "يخدعكِ يا حلوة ..لا يوجد رجل في العالم يحب الثبات وعدم التغيير كل حين من أنثاه.. وبالطبع موضوع الشعر الأبيض هذا خارج التصنيف.. لن أنكر أنه قد يحبه في لحظات معينة عاطفية، بمودة أنكما وصلتما لهذا السن بنفس القوة، والحب، متغلبين على الصعاب ..ولكن عزيزتي عند الأوقات الأخرى مؤكد هو يريد أن يشعر بصباه من خلالكِ"
نظرت إليها هناء بلا تعبير، لن تنكر أن جزءاً بداخلها ما زال يقيده الخجل فكرت فيما تقوله.. وعندما لفظته الآن صراحة أمامها جعلت الفكرة مقنعة.
إلا أنها لن تترك الفرصة هكذا إذ قالت بسخرية: "تعجبني حكمتكِ يا بدور ..صدقاً كم أنتِ ملهمة للنساء حولكِ ..حتى وإن أصبحتِ الآن الغبية الوحيدة بيننا.."
تأففت بدور بعدم رضا ثم قالت تنهي الموضوع: "لقد اقترب خطوات.. وبقي له خطوة أخيرة ليخلص كلينا من غبائه.."
تنفست هناء وهي تفك حجابها ببطء ثم قالت بهدوء شديد تضغط على كلامها حرفاً حرفاً: "لا تثقي في طيركِ زيادة عن الحد ..قد يعجبه التحليق بعيداً عنكِ معتقداً أن عشكِ ما عاد يحمل ودّاً ..فيسكن بيت غيركِ يمنحه ما تلوعينه ليتذوقه.."
فغرت بدور شفتيها وهي تنظر إليها بنوع من القلق ..أكملت هناء بهدوء: "مهما بلغ الحب، بالنهاية كثرة التشويق تجعل الطرف الآخر يمل ..الرجال عزيزتي أطفال ..والأطفال لا تحب إلا اللهو، وخوض المخاطر، و امرأة راغبة أخطر أنواع اللهو.."
تمتمت بدور وشيء في عينيها الكحيلتين يهتز: "لن يخاطر.. بعد كل ما خضناه.."
هزت هناء كتفيها بخبث وهي تقول: "هل أنتِ واثقة, بعد أن جوعتيه بالوحدة والحرمان؟! بدور الذكية هل تناسيت أن قانون صنع أشرس الوحوش تلويعه بالجوع والعطش ..حتى إن أطلقته ما عاد يفرق بين الممنوع والمرغوب ..بينما ما يفضله وما يقدم له على طبق من ذهب.. هو فقط سيمد يده وينهل ليسد جوعه وعطشه ويروي حرمانه أياً كانت الفريسة المقدمة؟"
قالت ببرود: "وهل هذا ما دفعكِ للعودة للبروفيسور؟"
قالت هناء بهدوء وثقة: "أخبرتكِ لسنا متشابهين، لم أعد لخوفي من أن يتزوج غيري.. وإن كنت عدت لأني اشتقته، فلماذا أحرم نفسي من تعويض كل ما فاتني.. جوش لم يرى غيري ليس لأنه أمر غير متاح ..بل لأن رجلي اختار عدم الخيانة"
هل تظن أن بقولها هذا تمنحها الطمأنينة.. لا والله بل هي باتت تخاف أكثر من ذي قبل..
*********
كانت هناء تقف بارتباك تشعر أنها بالفعل عروساً خجلة، وخرقاء، تنتظر رد فعله على شكلها الجديد وأيضاً العشاء الرومانسي الذي حضرته له بيديها ..وقد أغلقت جميع أنوار المنزل ..وأشعلت الشموع كما عطرت غرفة النوم ومفارش السرير بالبخور العربي المعتق...
دخل أخيراً وهو يبحث عن قبس الكهرباء قائلاً بتعجب: "أليس لدينا كهرباء؟"
امتعضت شفتا هناء رغماً عنها وهي تهمس بحسرة: "قلتها منذ زمن لا عربي نافع ولا أجنبي شافع، جميعكم عجينة واحدة من الحماقة الذكورية.."
وقفت من مكانها تمشي على مهل تاركة قميص النوم الواسع بحشمته يتحرك حولها بنعومة.. حتى أصبحت أمامه حركت يده بعيداً عن قبس الضوء وهي تقول بنبرة أنثوية بحتة: "لا أضواء الليلة.. أنا و أنت والشموع فقط"
رفع جوشوا كل وجهه بصدمة مرتدة ..وهو يتفحص الغرفة من جديد وبين الظلام مرتعباً من فكرة دخوله المكان الخاطئ..
"هناء.."
قالت ببعض الحدة: "لا عفريتها ..ومن غيري ستكون داخل المنزل وحجرة النوم أيضاً؟!"
على ضوء الشموع الخافت بدأ يعتاد درجة الإضاءة سامحاً لنفسه أن يتأمل ذلك الجمال على مهل..
الشعر الطويل الداكن الذي كان يعشقه عادت له الحياة من جديد، وكأنه رُوِيَ بعد طول عطش، وجهها هادئ الملامح زينته ببعض أدوات الزينة فمنحها طلة مختلفة لذيذة ..فمها كان محدداً بلون أحمر مغوي وشهي.. وقدها... آااه من جسد طال عطشه إليه، فأصبح كلما ينهل من صاحبته لا يشبع، بل يطالب من نهر الحياة بنهم..
هل ارتدت غلاله نوم له؟ حقاً تنازلت أخيراً وسمحت له أن يعيد ذكريات أول أيام زواجهما ..هل تخلت أخيراً عن فساد عقلها وحجة السن؟!
قال أخيراً بصوت مندهش: "احلفي بالله أنكِ هناء زوجتي.. أم حماري.."
أغمضت عينيها للحظة ..ثم فتحتهما وهي تقول بجفاء: "أتصدق، الآن عرفت فداحة ما فعلته لأجلك وندمت حقاً لتضييع شعرات هيباتي.. لأجلك أيضاً.."
فتح جوش ذراعيه كما صدره وهو يقول: "هيبات ماذا يا صاحبة الهيبة، بل أنتِ امرأة مذعورة من أن يقول الناس ها عادت لزوجها الذي تحب وتعوض كليهما ما فات.. بصراحة أنا لا أفهم منطقكم تحديدًا ..ما العيب في أن نفعل ما نريد بحرية طالما لم نؤذي أحداً؟"
عقدت هناء حاجبيها بقوة وهي تفغر فمها بذهول ثم قالت: "مهلاً ..هل تردح لي؟!"
كشر جوش بعدم فهم: "ماذا تعنين؟ هل تسبيني؟ أتسبيني يا هناء؟!"
هزت هناء رأسها بيأس متمتمة بحسرة: "لا فائدة جميعكم جنس بليد، مفسد اللحظات.."
فهم جملتها بسهولة عندما اقترب منها وهو يضمها إليه ثم قال أخيراً: "هل أحزنتكِ ..آسف حبيبتي لم أرغب بإفساد مفاجئتكِ.. ولكن الصدمة أكبر مني"
ارتفعت على أصابعها وطبعت قبلة على خده وهي تقول بنعومة من جديد: "لا بأس أعذرك.. لقد أهملتك كثيراً مؤخراً.. أنت محق طالما لا نؤذي أحد فنحن نملك كل الحرية لنعيش كل لحظة بما يسعدنا.."
هتف جوش غير مصدق وهو يمرر أصابعه بانبهار في طلة شعرها الجديدة: "حبيبتي ..أخيراً تخليتِ عن حمارية ابننا"
ضربت صدره بقبضتها بتمايل محبب ثم همست برقة: "حمارية! وأنا من تعبت طوال النهار في صنع كل وجباتك المفضلة ..وأيضاً أتيت بالتليسكوب خاصتك وجهزته لنشاهد القمر.."
أمسك جوش يدها يلفها حول نفسها يتأملها بحرية وهو يقول مغازلاً: "أي قمر ينافس جمالكِ بين ذراعي يا قمر؟!"
ضحكت برقة ووجنتيها تتوردان بالخجل: "توقف عن حلا لسانك، وتعال لنأكل.."
أمسك خصرها وهو يقول بينما يخلع قميصه بيده الأخرى سريعاً: "لاحقاً سنأكل ونراقب القمر.. الآن أريد أن أجرب تسريحتكِ الجديدة"
عبست بعدم فهم وهي تقول بجبين معقود: "تجرب شعري ..وكيف هذا؟!"
كان يتراجع بها للوراء وهو يعود يمرر كلا يديه في شعرها بانبهار ..ويميل يدفن وجهه في رأسها يتشممها بعمق: "سأخبركِ بالتفصيل الممل ..وأنتِ طالبة مجتهدة سيدة هابر تستوعبين الدروس سريعاً.."
ضحكت بشدة عندما لامس جسدها الفراش الناعم وغمرتهما الرائحة العبقة.. مطلة عليهم بسحر الأساطير عبر الشموع التي تتراقص وكأنهم فتيات أوبرا يقدمن عرضاً حول أبطال حكايا مشبعة بالغرام: "لم أعتقد أن مجرد صبغة تقلب حالك بهذا الشكل.. على أساس أنك أحببت خصلاتي البيضاء!"
رمى جوش بنطاله بعيداً ..ثم عاد يتلاعب في صدر غلالتها بعدم رضا وهو يقول بصراحة ووضوح: "كنت أجاملك ففي هذه الفترة لم يكن عليّ إلا مهادنتكِ، والكذب في أشياء حساسة كهذه ..بصراحة كرهته بتحديه الوقح لي.. أنا أراكِ صبية صغيرة, وأنتِ وخصلاتكِ البيضاء البليدة تصران على لبس ثوب انتهاء متع الحياة.."
قالت بغل مناقض لنعومتها وتعاطيها معه تحته: "أيها المخادع.. عديم الإحساس.."
عندما اجتاحت يداه بشرتها وغزت قبلاته البطولية كل إنش فيها.. كان يهدر: "بل أنا متفجر الإحساس وأصبى من ابنكِ نفسه في هذه اللحظة ..وسأمنحكِ الدليل القاطع...."
وبعد أن انتهت هذه الغيمة وعلمها عبر كل برهة مرت بهما كيف يجبر كل مظهر من أنوثتها, وكل وجه، وطلة واستقبلهم برحاب حبه وشوقه ورجولته.. انتهت ليلتهما جالسين على الوسائد المريحة بالطراز النوبي أمام الشرفة والقمر يطل عليهما، بينما يتناولان الطعام على مهل متبادلين كما الماضي أفكارهما العلمية، يتشاركان جانب آخر وشغف كانت افتقدته.. حتى انتهى الصخب وبقيت دقات القلوب.. وارتاح رأسها على صدره العاري وهو يضمها بذراعه إلى جانبه ..يدفئان نفسيهما بغطاء ناعم وبلون السكر مثلها.
*********

يتبع...


Nor BLack غير متواجد حالياً  
التوقيع
نور بلاك " نورا سليمان دقات محرمة
عادات خادعة
شظايا القلوب
همس الموج
رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 07:35 PM   #7452

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile25

الفصل الخامس والخمسون (المشاركة 4)
**********


بعد أسبوع...
فتحت إسراء الباب بلهفة وهي تقول بصوت قوي عاطفي: "أنرتِ بيتكِ.. لقد أقلقتني عليكِ.. أهذا ما تواعدنا عليه يا مريم تجافيني وترفضين اتصالاتي؟"
وقفت مريم مكانها متوترة الجسد, محبطة العزيمة ..ومتمزقة الروح، فأمسكت إسراء بيدها تسحبها بلطف كبير للداخل وهي تقول: "تعاليّ، المنزل خالي حتى مراد طلبت منه أن يتأخر بالعودة والأطفال مع المربية في الحديقة الخلفية، لن يزعجكِ أحد.."
رفعت مريم رأسها تنظر إليها بابتسامة أخيراً وهي تقول بهدوء: "إن خفت من الإزعاج ما كنت طلبت أن آتي بنفسي إليكِ.. أنا أحتاج الخوض في هذا الأمر بنفسي لنسدل الستار أخيراً من كل الأطراف على هذه النقطة.."
ترددت إسراء لبرهة قبل أن تقول بصوت جامد: "هو لن يأتي.."
أومأت مريم بلا معنى عدة مرات وهي تريح قدميها على أول أريكة قابلتها في حجرة الاستقبال.. ثم قالت بصوت بسيط: "ومن قال أني أرغب في مقابلته، عرفت ما أحتاجه من ناحيته.."
صمتت لبرهة وهي تضحك بخفة ثم أردفت: "كنتِ تحتاجين لرؤية وجه ابن عمكِ وأنا أجبره على سرد كل ما حدث منذ البداية.. لقد كاد أن يحطم رأسي عدة مرات.. نحمد الله على الحمل لقد حماني مرة أخرى من لحظات شرره النادرة.."
تنهدت إسراء وهي تجلس بجانبها، ثم سحبت طاولة زجاجية تقربها منهما.. وبعملية شديدة أمسكت الإبريق الساخن لتصب مشروب البابونج في كوبين.. منحتها أحدهما وهي تقول: "هيا.. دعينا نشرب شيئاً أولاً ..وبعدها سأستمع لكل ما تريدين قوله.."
التقطت مريم الكوب بكل ترحاب، بل ومدت يدها بكل أريحية تلتقط إحدى الكعكات المحلاة وقضمتها وهي تقول ببساطة: "لن أسترسل في الحديث ..لم آتي لأحملكِ فوق طاقتكِ.."
قالت إسراء بصوتٍ بدا هادئاً جداً، رغم تصاعد بخار المشروب نحو وجهها فمنحها صورة لامرأة تستشيط حواسها: "أنتِ أختي، لطالما كنتِ حتى رغم غبائي معكِ بالماضي ..لذا لا شيء قد يجعلني أغضب منكِ؛ بل سأتفهم جيداً ما تريدينه، وأحترمه حرصاً عليكِ.. هذا حقكِ عليّ"
قالت مريم بخفوت وهي تتفحصها بتمهل: "أتعلمين شيئاً ..أنا أحب عمي مراد جداً ..أعشق عائلته حتى لو لم أختلط بهم ..لأنهم نجحوا فيما فشل فيه الجميع ..غيروكِ تماماً وأنا سعيدة من أجلكِ، أنتِ استحققتِ فرصتكِ لإخراج معدنكِ الأصيل الذي لوثته فريال ووالدكِ.."
أطرقت إسراء بوجهها وهي ترتشف من المشروب الحار فيصل بقلبها للغليان.. ثم قالت بصوت مكتوم: "لقد عرفت أنها تتلطم في عدة وظائف كعاملة صندوق في المطاعم ..وكل وظيفة وأخرى لا تكمل فيها بضعة شهور وتفصل لسوء تصرفها مع العاملين والزبائن.."
لم تتغير ملامح مريم الباردة وتؤكد: "أعرف كما أعلم أن إيهاب يرسل لها بعض المال سراً ..ولم أهتم للحقيقة بتشجيعه أو منعه.. أنا لستُ مهتمة بمعرفة أي أخبار عنها"
تحولت ملامحها لصفحة باردة وهي تقول بصوت جامد: "أتفهم عدم غفرانكِ لها .."
حركت مريم كتفاً واحداً باستسلام ثم قالت بصوت خالٍ من الانفعالات: "أمر الغفران هذا عكس طبيعتي, أنا لا أمنح الفرص ..هكذا خلقني رب العالمين ..وبصراحة أنا مرتاحة مع الأمر جداً ..ليس جميع البشر يملكون قوة التحمل لتحرير نفوس أناس يحملون وزر جريمة ارتكبوها في حقوق الآخرين.."
لم ترد إسراء على الفور ..بل أطرقت برأسها فاهمة تماماً من تقصد..
همست مريم من جديد بخفوت حاد: "لستُ شيطان ..ولا ملاك بريء.. أنا فقط بشر ..وبالطبع ليست كل الجرائم يصلح فيها شفاعة.. أو نسيان"
أخذت إسراء نفساً عميقاً وهي تقول باختصار: "لقد غفرتِ لي.."
تنهدت مريم وهي تقول بسلاسة: "أنتِ لم تؤذني.. رغم تظاهركِ بمحاولة هذا ..إلا أنه كان هناك دائماً شيء بداخلكِ يمنعكِ.. فسرتها أنا على أنها مشاعر تحملينها لي.. ولكن الظروف وقتها كانت تمنعكِ.. أنتِ جيدة كوالدتكِ رحمها الله ..إلا أن ظروف تنشئتكِ الصعبة جعلتكِ تتصرفين بهوجاء.."
صمتت من جديد قبل أن تهمس بشرود: "ومن فينا لم يفعل.. كل إنسان له نقطة سقوط مستسلماً فيها لضلال نفسه ..المهم كيف النهاية وصعوده مجدداً.. العبرة بالنهايات، فالبدايات مجرد غوغاء لجذب الانتباه، للاعتراض على قسوة الحياة، بالضبط مثل الطفل الذي يولد لتوه فيستقبل العالم بصرخة مدوية معترضاً.. لماذا أتيتم بي لدنيا لا ترحم مهمتها سحق الأرواح؟"
أسندت إسراء الكوب وهي ترفع يدها سريعاً تجذبها بقوة إليها.. لم تعترض مريم مطلقاً بل بادلتها احتضانها بدفء ،عالمة أن لا أحد فيهما يتظاهر بالمحبة.. همست إسراء بصوت أجش: "أنا آسفة ..آسفة جداً ..أعرف أن الأمر ليس هيناً، ولن أجرؤ أبداً وأطلب الغفران في شيء كهذا.. هو يستحق ..يستحق كل غضبكِ وحقدكِ ..ولكن.."
أغلقت مريم جفنيها محررة دمعتين ..دمعتين فقط رطبتين أثقلتا جفنيها ولم تحاول ذرف المزيد ..عندما قالت بصوت متحشرج: "ولكن هو أخوكِ.. سيظل جزءاً منه ومنكِ متحدان برابط أبدي يصعب حله أو الهروب منه ..مهما غضبتِ، وكرهتِ أفعاله سيظل نفس الدم يجري بعروقكما ويجبركما على الحنين.."
أبعدتها إسراء عنها ليس لشيء إلا لتنظر بعينيها وهي تقول باختناق: "وأنتِ أختي أيضاً ..الاختيار بينكما ليس بسهل أبداً ..أنا مشتتة التفكير ..أريده.. وأريدكِ أيضاً"
ابتسمت من جديد بعذوبة ثم قالت: "كفته ترجح ..لستِ مطالبة أبداً بحرمانكم من بعضكما لصالحي ..من يعرف قد تكوني فرصته الأخيرة ليفهم أن الحياة بلا عائلة صعبة.. صعبة للغاية ولا تطاق.."
أفلتت ضحكة أشبه بحشرجة من فم إسراء.. وبكت.. بكت بألم حقيقي وهي تنظر إليها بتوسل لتفهم..
إلا أنها كانت تفهم ...تفهم جداً كل ما غاب عن ذهن الجميع نحوها.. تفهم معنى أن يحتضنها خالد في وقت أجبر إيهاب أن يكون بعيداً فيزيح عنها كل الغربة والوجع والحزن عندما اختارها هي من بين كل شقيقاته اللاتي يعانين موت والدهن في لحظة دفنه..
تفهم معنى أن يُقَبِّل خالد رأسها ويمنحها على كتفه مسنداً لا تخشاه ولا تنفر منه ..بل تتشبث فيه، تطلب منه ذلك الدفء الغريب الذي يتسلل لروحها فيشعرها بالقوة والثبات وقد وجدت ظهراً تستند عليه من غدر الزمان..
إنها تفهم جيداً.. عندما تراقب صغارها يتقافزون حول أخيها ينادونه (خالي).. لقب بسيط وربما للبعض لا يعني شيئاً ولكن من مثلها تقدر جيداً معنى أن يكون لأطفالها أب آخر يحنو، يدلل ويعلم..
من الغبي الذي اعتقد أنها لا تفهم؟! وقد تخلصت من عقدة كانت تجعلها تنفر من العلاقات الإنسانية السليمة.. إنها أخيراً تفهم معنى كل ذرة حب بداخلها تجاه أخيها..
عندما طال الصمت بينهما ..تحدثت مريم أخيراً وهي تقول مربتة على يدها بحنان ناقض نبراتها القوية الباترة: "سأخبركِ شيئاً ..ربما لن أتفوه به لأحد غيركِ ..أنا لدي أخ .."
تغضنت ملامح إسراء قليلاً بعدم الفهم: "خالد الراوي.. أعرفه"
أخذت مريم نفساً عميقاً ثم قالت: "لم أكمل كلامي.. أنا الأخرى لديّ أخ أشعر نحوه الآن بما تشعرين به أنتِ تجاه أخيكِ.. سأتقبل أي عمل منه ..سأتفهمه مهما كانت بشاعة أفعاله.."
قالت إسراء ببعض العصبية: "لم أتفهمه.. بل كانت جريمته في حقكِ أمام عينيّ دائماً، لقد عاقبته بطريقة ما أيضاً.."
قالت مريم بهدوء من جديد: "أنا إن ملكت الفرصة مع أخي لن أفعل مثلكِ ..بل سأمزق بأسناني من يحاول يوماً ليبعدني عنه.. عائلتي أصبحت لها الأولوية بحياتي ولا شيء أو شخص قادر على فصلي عنهم.."
:-"ونحن, ألسنا عائلتكِ؟!"
قالت مريم بهدوء شديد الرقة: "لطالما كنتِ الأخت التي أتمناها ..لذا عندما سمحت الفرصة تشبثت بها بكل ما أوتيت من قوة رغم تنافي المنطق ..ورغم أن زوجيْنا ما زال كل واحد فيهما يحمل تجاه الآخر شيء في نفسه.. إلا أني كنت جائعة بشراهة ..أحتاج لأن أشعر أن لدي عائلة كبيرة ..وأن إسراء أختي عادت لي وتحبني.. ولكن نحن لا نعيش في الدنيا وحدنا لنتصرف بكل أنانية.."
قالت إسراء بابتسامة جميلة: "بعض العلاقات تستحق الأنانية.."
قالت مريم بإصرار: "وبعضها يستحق التضحية ..ولا أعني التضحية من أجل كلب.. بل من أجلكِ أنتِ.."
رغم لمحة الغضب والاعتراض التي مرت في عيني إسراء البنيتين إلا أنها لم تتفوه بكلمة..
أطرقت مريم برأسها من جديد تتلاعب في ملابسها بشيء من التوتر حتى رفعت رأسها أخيراً لتقول باختناق: "هذا يفوق احتمالي كثيراً.. لستُ مؤهلة لأراه ولو صدفة مثلما حدث مع الصغيرة.. لذا أتيتكِ لأوضح موقفي ..لتفهمي لماذا أخذت القرار الصعب بالابتعاد.."
أمسكت إسراء يديها بلهفة وهي تقول بصوت قوي: "لا أريد خسارتكِ ..لم أعيده إلى هنا لأفقد جزءاً حيوياً من عائلتي.."
غطت مريم بكفها الحرة يديهما ثم انحنت برأسها قليلاً وهي تقول ببطء شديد: "لن تخسرينا ..ستجدين إيهاب دائماً عند حاجتكِ إليه ..بيتي مفتوح لكِ في أي وقت كما قلبي ..ولكننا يجب أن نضع قواعد ونشكل علاقتنا من جديد.. لا ضرر ولا ضرار .. لا نزاع لكِ ولا ألم لي.. حان وقت وضع كل
شيء في نصابه الصحيح.."
انحنت شفتا إسراء بألم وهي تقول: "هل تظنين أن تحجيم صلتنا ببعضنا هي الحل؟"
تأوهت مريم بصوت مختنق إلا أنها قالت بوضوح: "وهل تعتقدين أنتِ أن من العدل اجتماعنا في مكان سوياً ..إسراء سيظل الأمر يجلب لكِ الألم.. لأنكِ كل مرة ستكونين مجبرة على الاختيار من منا أحق بتواجده في حياتكِ أو بلحظاتكِ الهامة ..وسيكون جحيم لي عندما أفكر أنه من المحتمل التصادم معه.. وهذا غير عادل، أنا أستحق حياة هادئة، جميلة، خالية من النزاع، ومن قرف الماضي.."
ونفذ الكلام وأي محاولة ستكون حكماً جائراً..
وقفت مريم أخيراً من مكانها بتردد.. تضع كلا كفيها على بطنها وكأنها تستمد القوة ككل مرة من أطفالها لتحارب, تستمر ولتخلق عالمها الخاص..
ثم همست أخيراً: "كوني بخير ..ولا تترددي بالسؤال عني.. سأجيبكِ هذه المرة.. وليس معنى هذا أننا سنقاطع بعضنا.. الود سيظل محفوظ.."
تابعت تحركها نحو الباب ..فسمعت أخيراً إسراء تتبعها وهي تقول بنبرة لم تفسرها شجن أم تعجب: "لم أتخيل أبداً أن يكون رد فعلكِ بكل هذه الحكمة..."
ضحكت وهي تنظر إليها من فوق كتفها ثم قالت غامزة: "ليس وحدكِ من صدمته، هل تتخيلين أن الناعمة المتمايلة تحمل كل هذه المفاجآت؟"
قالت إسراء ببطء: "لم أتوقع أبداً أن تكوني عادلة رغم عدم غفرانكِ.."
قالت مريم بهدوء وهي تقف أمام الباب: "ليس عدلاً لأني لو ملكت حق إقامة العدالة مؤكد سأرميه منحور العنق في حفرة مظلمة لا يخرج منها أبداً.. ما أفعله هو فقط عقل ..عقل أصبح يوازن الأمور, يخبرني أني لا أعيش في العالم وحدي ..عين عقل ورحمة تجاه أمل وحدها.. ببساطة شديدة أمومتي من تتحدث، لن أقبل أن يعاني طفل بالعالم مثلما عانيت أنا.. كما لن أقبل على صغاري, وأيضاً معزتكِ أنتِ كانت سبباً فعالاً في معادلتي هذه.."
أومأت إسراء أيضاً ولم ترد.. راضية جداً عن كل حرف تفوهت به..
أمسكت مريم بإطار الباب ثم قالت: "وداعاً إسراء.. يجب أن أغادر, لقد تأخرت على إيهاب.."
سألت إسراء: "هل هو بالخارج؟!"
قالت بابتسامة ناعمة: "حقاً.. وهل اعتقدتِ أنه سيتركني أحضر إلى هنا بدونه؟!!"
:-"لا ..لن يفعل بالطبع"
تحركت مريم أخيراً تودعها, في عينيها ابتسامة مشرقة مرتاحة جداً وراضية عن قرارها ورد فعلها ..إلى أن خبط قدميها ذلك الكائن المندفع.. أخدت نفساً طويلاً جداً قبل أن تضع وجهاً محايداً ..ثم انحنت بما يسمح لها حملها توقف إيهاب الذي رأته يخرج سريعاً من السيارة بقلق..
"هل أتيتِ عندنا لترينني"
قالت مريم بمناغشة: "بالطبع فعلت ..ولكن العمة إسراء قالت أنكِ مشغولة فلم أرد إزعاجكِ"
قالت أمل باستياء: "أردت اللعب معكِ.. أين ابنتكِ صديقتي؟"
همست مريم بتلكؤ: "ليبرتا في المنزل، لديها دراسة تهتم بها ..أليس لديكِ دراسة؟"
قالت أمل بتذمر: "لا أحب المدرسة، ‏الأساتذة يصدعون رأس أمل"
ضحكت مريم بصفاء وهي تهمس مقلدة نبرتها: "لدينا عامل مشترك إذاً ..أنا الأخرى أكره المدرسة ..يصدعون رأسي"
ضيقت أمل عينيها قبل أن تقول: "ما اسمكِ.. أم أناديكِ خالتي؟"
أخذت مريم نفساً عميقاً ثم قبلت وجنتها وهي تقول بهدوء مشيرة لإيهاب: "لقد قابلتِ عمكِ هذا من قبل.."
تقافزت وهي تهتف مضيقة عينيها: "نعم.. عمي الطيب.."
همست مريم: "طيب جداً.. وأنا زوجة عمك الطيب هذا.."
"إذاً هل أناديكِ زوجة عمي؟!"
قالت مريم وهي تقف تبعدها عنها بلطف: "إن تقابلت طرقنا من جديد نادني بهذا.. وداعاً يا أمل.."
تركتها وتحركت ..بينما شعرت إسراء التي أتت مسرعة لتمنع تقدم الطفلة نحوهما من جديد..
همست مريم: "المحبة تولد معنا كما الطيبة.. بينما الكره يشترى من منابع شرور الإنسان.. آسفة يا أمل ولكن تقابلنا يوماً أو نسيان ما فعله والدكِ ليس مطروحاً على قائمتي نهائياً"
*********

رفعت بدور وجهها بحدة عن بعض أوراق العمل.. لترى من هذا الذي تجرأ واقتحم مكانها دون استئذان، وتوقف الاستياء مكانه وتصنعت الوجه البارد المعتاد، وهي تقول :"سمعت أنك أصبحت نشط على غير المعتاد، وبتّ تقتحم مكاتب الناس بدلاً من جلوسك كالملك لتأتي الرعية إليك!"
وضع راشد يديه في جيبي بنطاله وقال بجفاء: "طلبت جنابكِ منذ ساعة, لماذا تأخرتِ؟"
وضعت ساق فوق الأخرى فأصابته بغليان تلقائي، ثم قالت بكسل: "لديّ أوراق متراكمة تحتاج فحصها.. ثم أنك جئت بالنهاية, ما الفرق؟"
اقترب منها راشد بتمهل خطير، بتلك النظرة التي تشعرها أنها في مواجهة نمر جائع، وارتباك حدقتيها في مفارقة كونية مبدداً البرودة المعتادة كان كافياً ليشعر بالرضا.. ثم قال: "هذا بالضبط ما أردتكِ فيه.. أتفهم طبعاً حاجتكِ للتواجد مع ابنكِ سيدة بدور، ولكن نحن هنا لا نلهو، المؤسسة كخلية نحل كل واحد يؤدي الدور المطلوب منه بالضبط.. لذا ليس من العدل أن تلقي بمهامكِ على عاتق زوج ابنتي"
كتفت ذراعيها على صدرها تداري سخطها (هل أصبحت سيدة الآن، وخالد زوج ابنته؟ ما به هذا المجنون؟!)
"هو تحملها عن طيب خاطر كما ابنتك بالضبط, ما المشكلة إذاً؟"
قال مدعياً الدهشة والبراءة: "السفر المقرر لفرع لندن لقد تبرعتِ أنتِ بتحمل المسؤولية.. وأنا كرئيس بالنسبة لكِ غير راضٍ عن التضامن الأخوي.. هذه الأشياء تمارس خارج المجموعة.. وليس هنا.. هنا مكان عمل وفقط.."
عقدت حاجبيها بمزيد من التفكر هل يرد لها ضربتها السابقة لاعتراضها على تلك الـ..ثعبان..
إلا أنها قالت ببرود: "لستُ جاهزة للسفر.. ولكن إن أصررت مؤكد سأنصاع لطلب مديري المتجبر.."
صمتت قبل أن تقول بتلكؤ: "ولكن سوف آخذ ابني حبيب قلبي معي.. فهو أصبح لا يطيق البعد عني للحظة"
هل تغيظه؟ ممتعة.. ممتعة، مهلكة في عنادها، تلاعبها، طفوليتها الجديدة، وكأنها تخرج له لسانها المختبئ داخل هذا الفم المنتفخ وكأنه يدعوه للتقبيل والارتواء ..
أشاح بوجهه مبتلعاً ريقه بعنف.. مسيطراً على كل غريزة تتفاعل معها من أي فعل بسيط تبديه.. أصبح الأمر رغماً عنه، يشتاقها، يفتقدها بكل جموح عاطفي يهدر بداخله كموج البحر العاصف..
تماسك بإصرار، وسيطر على كل انفعالاته بمهارة، واقترب خطوة يضع يده على مكتبها.. ثم انحنى ليبقى قريباً جداً منها.. يده الأخرى تطاولت بمنتهى الأريحية، ومدها نحو ساقها يدفعها بعيداً وهو يقول بنبرة سلطوية: "عندما أتحدث معكِ أنزلي ساقكِ وتهذبي بجلستكِ سيدة بدور.. لا تنسي نفسكِ.. أسمح لكِ بالغرور لأنه يعجبني.. ولكن إلى هنا ويجب وضع حدٍّ لكِ"
شهقت بدور بعنف وهي تزيح يده ثم تراجعت بمقعدها للوراء وهي تهدر: "هل جننت؟؟"
رفع حاجبيه متلاعباً بهما بتحدي: "أنتِ لم تري من الجنون شيئاً بعد"
هدرت: "أنا أرفض التعامل معي بهذه الطريقة"
هدر بصوت أكبر: "اضربي رأسكِ بالحائط.. لأني سأفعل معكِ ما يحلو لي"
زمجرت: "لا تتحداني.. ستندم"
اقترب منها راشد أكثر، ثم أراح راحتيه على مسندي مقعدها الجلدي، فأصبح يحاصرها كالفريسة.. ويحاوطها برائحته الرجولية العميقة، والدفء..
(أفيقي يا مجذوبة) نهرت نفسها بعنف..
صوته المتلاعب كان الخيط المناسب ليشتتها عندما قال: "التحدي أنتِ من بدأته، أنا رجل مسالم بطبيعتي.."
تراجعت في مقعدها، وهي تضع ساعدها على صدرها، وكأنها تحاول حماية نفسها من خطوة أخرى، يلامسها فيها، ثم همست: "أي تحدي تتحدث عنه تحديداً؟"
قال بابتسامة زائفة: "تقليب حبيبة أبيها ضده.. أتخرجين ابنتي عن طوعي؟!"
همست بدور بشرر: "الخائنة باعتني سريعاً.. مهلاً يا سَبنتي عليّ"
كتم راشد ضحكته وهو ينظر إليها، ولأول مرة بدت طاووسه كفأر مبلول حرفياً..
(ممتعة شهية حتى في ضعفكِ, فمتى تليني وتستلقي على صدري بنعومتكِ؟)
تنحنح من جديد، ثم قال: "أخرجيها من الأمر ..هي لم تقل شيئاً.. الأحمق أخوكِ تكفل بتشتيت ذهنها حالياً.."
قالت بتشكك: "كيف عرفت إذاً؟"
حاصرها بشكل أكبر يحشرها حشراً في المقعد الذي شعر أنها ستتوحد معه.. ثم قال ببطء مخيف: "أخبرتكِ يا ملكة النساء.. أني سلطانكِ.. وإن لم أعرف كل همسة ونفس تخرجه مليكتي لا أستحقك سلطانة على قلبي"
قالت ببرود: "أنت لا تستحقها فعلاً منذ الأزل.. للحقيقة أنت سلطان خائب.. يا نمري"
نظرة عينيه كان فيها كل معاني الخطر، هدير قلبه العنيف تقسم أنها تسمع كل صرخة منه.. بينما وجهه الذي اقترب من أذنها يلفحها بأنفاسه الثقيلة أضاعها في لجة وغيمة ممتعة.. إن أراد في تلك اللحظة سحبها إليه لن تمانع.. تباً للغباء، ها هي تدخلها مع النساء في حياتها، يؤثر فيها، ذكرها بمشاعر اعتقدت أنها ماتت، لتكتشف الآن أنها تنبض بالحياة كطوفان يغرقها..
"قُلتِ نمري.. اممم اشتقتها منكِ لن أنكر.. وهذه الكلمة التملكية وحدها تكفيني، وتمنعني من أن أكسر عنقكِ الجميل.. كما تئن كل عضلة بداخل جسدي كي أفعل الآن بعنقكِ الأبيض الشهي.. يا سيدة بدور"
أغلقت عينيها سريعاً بينما فمها يشكل حرف o, زفرت نفساً ساخناً ..ولكنها لن تكون هي إن لم تضع بصمتها عندما أزاحته بعنف، واضعة وجه الجليد ثم قالت: "ليس هناك تملك أشعر به نحوك.. إن كنت لا تفهم دعني أوضح ..أنا كنت أسخرررر منك.."
وقف راشد ينفض شيء وهمي عن معطفه ثم قال بابتسامة الوحوش: "لا مشكلة.. لقد أصدرت فرماني أنها تملك.. سيدتي الجميلة التي لا مثيل لها على الأرض"
هتفت باستياء: "ماذا تريد؟ اللعب لم يعد يليق بكلينا.."
اللعب.. وهل رأت من اللعب بالأعصاب شيئاً؟! لقد ألقت في وجهه تحدياً وقحاً، وهو في الأيام الماضية مع كثرة المشاكل والكوارث كان في حالة ذهنية جعلته على غير طبيعته.. ولكنه الآن بفضلها استيقظ جيداً لها.. لذا فسترى جلمود الصخر التلاعب على أصوله..
"لا شيء أردت تنبيهكِ.. أي تغيب آخر لن أسمح به.. والسفر لن يحدث سأذهب أنا وأعود سريعاً.. لنكمل ما بدأناه"
عبست: "ما الذي بدأناه؟؟"
غمز بعينه قبل أن يقول ببراءة: "العمل.. والعائلة طبعاً.. وما الذي يربطنا غير هذا يا ابنة العم؟!"
رددت بذهول ودون سيطرة: "ابنة العم.."
أمسك وجنتها سريعاً وكأنه يداعب صغيرة تمردت، وزمجرت بشراسة يعشقها.. أبعدت يده.. سمعته يقول: "لا تغضبي يا عسلية.. يا أم ابني.. ولا شيء زيادة.."
وتوهجت شمساها بلفحة مستعرة إن تحررت لقتلته في توه.. أو لم تفعل بعد.. لقد قتلت كل ما تبقى من إرادة لديه نحوها محررة وحشاً مجنونًا لن يتوقف حتى يتذوق من العسل الناري نفحة..
لم يدرك في هذه اللحظة أن كل وجهه دفن في عنقها, يداه أمسكت كتفيها بإحكام.. شفتاه بالكاد بالكاد تلامس جانب نحرها الأبيض الناعم والطويل بشموخه ودمائه العلاجية المذهلة لكل سموم وجع الحب والحرمان..
لهثت بدور من فرط التأثر والحرب الشعواء التي تجعلها ترفض الضعف ولو للحظة وتترك نفسها تتنعم بالوصال ولو لبرهة ..ربما الشوق استبد.. إلا أنها لن تتنازل أبداً عن كبرياء أنوثتها.. هي ليست امرأة تستخدم كأداة لإطفاء اللهب..
"راشد" رغم ارتعاش نبرتها قليلاً إلا أن النطق باسمه وحده كان كافياً للتحذير وإفاقته..
"أريدكِ.. لا غيركِ" كان صوته الخشن متسلطاً كافياً لإرضاخ نساء الأرض.. ولكن ليس هي..
يداها ارتاحت على صدره بنعومة ومكر, بينما صوتها كان قوياً متحكمًا.. وهي تقول: "لن تحصل عليّ بهذه الطريقة وإن انطبقت السماء على الأرض"
نفس ساخن كالجمر لفح جانب نحرها بعنفه, أقسمت في سرها أن سيترك أثاره بسفور فوق بشرتها من مجرد نفس كما ألهب كل حواسها..
إلا أنه بالنهاية أعتدل ..وهو يسبل أهدابه يأخذ وقته أمامها دون أي حواجز حتى أعاد السيطرة على نفسه ..ورفع كفيها عن صدره الذي كان ينعم بهما فوقه ثم رفعهما يقلبهما ..ووشم بشفتيه بعمق معصمها الأيمن ثم الأيسر. مر طيف رائع على ملامحها وهي تضيق من كتفيها بتأثر..
ثم همس بصوت أجش به بعض الخبث: "لست أنتِ من أهينكِ يا ابنة العم.."
وكأن دلو بارد صب فوقها نزعت يدها بعنف وهي تنظر له بشرر جعله يقهقه وهو يغمز لها بطريقة خبيثة ثم تحرك من أمامها ..متجهاً الباب بكل ثقله ورزانته: "أترككِ الآن لأوراقكِ وصفقاتكِ و... وجليدكِ يا جلمود الصخر.. فلديّ موعد ينبض بالحياة.."
انتظر لحظة اثنتان لتسأل بأي فضول ولكن لا شيء إلا عينان ناريتان ووجه جامد..
"سأشرب القهوة مع عميلة مهمة علّنا نتوصل لعرض مغري ومريح لجميع الأطراف ..أنظري كم أنا مدير ديموقراطي وأخذت بنصيحتكِ على وجه الجدية"
تلكأ لبرهة ولكن لا شيء أيضاً ..لذا هز رأسه بيأس وهو يتحرك خارجاً ..وأخيراً أتاه صوتها الجامد بصراحة تامة: "لعبة الغيرة لا تليق بنا ..ولن تؤثر بي.."
أطرق راشد لبرهة ..قبل أن يقول بهدوء شديد: "أدرك هذا جيداً ..ولكن أخبريني كيف يصلح دليلكِ القاطع إن لم أسلك هذا الطريق؟"
:-"لستُ واثقة أنك ستفوز.."
قال راشد بصوت باتر وحاد: "ستكون غلطتكِ أنتِ إذاً ..لن أتحمل المسؤولية وحدي ..ما عاد في العمر بقية تهدر في المماطلة يا نصف عاشقة.."
صمت مبتلعاً ريقه قبل أن يقول من جديد دون أن يستدير إليها: "شبيهكِ سآتي لأخذه لقضاء الليلة معي رغم أنفه.. أي تدخل منكِ سيكون مرحب به.. سلام.."
عندما خرج ..جلست ببطء وذهول على مقعدها، ملامحها ثابتة مثال لامرأة لا يهزها شيء.. ولكن قلبها كما مشاعرها لم يكونا هكذا بالمرة..
*********
:7R_001::7R_001::7R_001::7R_001::7R_001::7R_001:

يتبع...


Nor BLack غير متواجد حالياً  
التوقيع
نور بلاك " نورا سليمان دقات محرمة
عادات خادعة
شظايا القلوب
همس الموج
رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 07:39 PM   #7453

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
افتراضي

الفصل الخامس والخمسون (المشاركة 5)
*********

بعد شهر...
خرج راشد من سيارته وهو يضع معطفه على ساعده وناول أحد رجاله حقيبة العمل الخاصة به بينما يتحدث في الهاتف قائلاً: "لقد وصلت الآن ...لا لم يكن هناك داعي لإخبارك.."
قال خالد بانزعاج: "كانت حجة جيدة لأخرج كائن الكوالا من سباته"
سأل راشد بحيرة: "من تقصد؟!"
تنحنح خالد قبل أن يقول بعملية: "سَبنتي هانم طبعاً ..هل أخبرتك أنها ألحت عدة مرات لنلحقك؟"
ابتسم بحنان وهو يقول: "أعرف ..لقد أخبرتني عدة مرات.. وصدقاً لم أتخيل أن يأخذ سفري كل هذا الوقت.. ولكن التنقل بين فرعيّ لندن وجورجيا ..وحضور بعض المؤتمرات الهامة أيضاً ..كان عامل فعال في بقائي بعيداً..."
قال خالد بهدوء يحمل بعض الفكاهة: "كنت بعيداً لكن أفعالك دائمة وخالدة.."
فتح راشد باب السيارة التي تنتظره يمسكه بقبضة من فولاذ ثم قال بقتامة: "أخبرني آخر تحركاته.."
رد الآخر بهدوء مبالغ فيه: "يسيران للشرك بكل وداعة.. مشكلة عزام وشريكه الخفي أنهما اعتمدا على ذكاء الثعالب متناسين أن الذئاب يمكنها اللعب بخسة أيضاً.."
تبسم بتلك الطريقة الشرسة ثم قال بفخر: "نمور ..تذكر أننا أحفاد النمور ..وسنورث هذه الجينات لأولادنا.."
تنهد خالد وهو ينظر لغرفتها القديمة التي عادت تحتلها منذ تلك الليلة وأصبح محرم عليه اقتحامها احتراماً لوالدته التي لن ينسى مطلقاً ما حيا يوم أن وقفت في وجهه تهدر بنبرة عنيفة: "عندما تعلم كيف تتعامل معها سأعيدها لك ..منذ الليلة هي ربيبتي وابنة عمك فقط ..لا شيء آخر.."
"أشك في موضوع أولادنا هذا ..يبدو أن سيد إياب سيظل متفرداً طويلاً"
لم يرد راشد بشيء للحظات، قبل أن يهمس بصوت جامد: "لقد أخبرتها قبل صعودي الطائرة ..ولكنها لم تخيب ظني كما توقعت الأميرة لن تهبط من عليائها.."
احنى راشد رأسه ليحتل مقعده ..وسمع خالد يهتف بشيء ما لم يصله جيداً إلا السخط منه ..إذ أن ما جعله يجفل للحظة وحاجبيه يرتفعان ببطء أخر شخص مرغوب توقع أن يجده في انتظاره وداخل سيارته الخاصة.. كيف تجاوزت الحراس بحق الله؟!
أغلق الهاتف ببطء دون سلام أو مزيد من الكلام.. فقط تساؤل حازم في عينيه ..قابلته هي بضحكة ساحرة، وهي تومئ بنعومة شديدة قائلة بالإنجليزية: "لست وحدك من يملك المصادر.."
ضاقت عينا راشد بعدم ارتياح وهو يقول ببطء: "ظننت أن السيد خالد منح الأمير إيفرست صفقة جيدة ..وأنتِ عدتِ للسويد.. وانتهينا.."
ابتسمت وهي تهز رأسها بطريقة لعوب ثم قالت: "لم ينتهي شيء, لدينا حديث لم يكتمل ..وأنا لم أعتد الهرب، لذا عُدتُ ليلة أمس.."
قال بجدية وهو يشير للسائق من زر جانبي أن ينطلق: "عدتِ من أجل زيارة أخيكِ.. إنه برفقة نزار وزوجته.."
عيناها الخضراوان كانتا تبتسمان كما فمها الذي افتر بابتسامة أنثوية عالية العذوبة وهي تقول ببساطة شديد: "عدتُ من أجلك وحدك.."
أخذ نفسًا عميقًا وهو يزم شفتيه قبل أن يقول بحزم: "لم أمنحكِ أي أمل لتطالبي به، ظننت أن آخر لقاء بيننا قبل أن أترككِ في نصف الموعد تماماً لأذهب لمقابلة ابني ووالدته أوضح الأمور.. سموكِ"
لم تنزعج، ولم يبدو عليها التأثر أو الغضب ..عندما قالت بصوت أجش: "اسمع ..لستُ فتاة صغيرة تلاحق حلماً وردياً ..ولا أنا مجرد امرأة تلاحق دنجوان عصره ..لتقضي معه بضعة أيام تخطها في مذكراتها بتفاخر ..أنا واقعية لحد لا تتخيله وصريحة بشكل أبعد من تصورك.."
سأل ببرود دون أن ينظر إليها: "بمعنى؟"
أجابت ببساطة مهلكة وهي تميل للأمام تلامس بإصبعها طرف ساعده الظاهر من تحت أكمامه المرفوعة لأعلى: "المعنى واضح لا يحتاج لأعمى لتبينه، والأمر سهل في عالمي عرض وطلب ..والنتائج محسومة لصالحي ..إذ أن كل الدلائل التي تحوم حولك توشي بهذا.. أعزب ..لائق اجتماعياً ..لن أنكر أنك وسيم وجذاب أيضاً ..والأهم أن الطرف الذي تريده غير مهتم بالمرة ..الطريق خالي ..أنا لا أسطو على أحد.."
كان صريحاً أيضاً عندما قال بتروي وهو يبعد ساعده عنها بلطف مبالغ فيه: "وإن كان القلب لا يرغب إلا بالطرف الزاهد؟"
ابتسمت من جديد ابتسامة أكثر بهاءً وجاذبية.. وهي ترفع يدها لأعلى ثم قالت بنعومة جديدة: "لا أؤمن بالحب الأول المستحيل وكفى.. يمكن للإنسان أن يحب مرة ويتعذب لسنوات.. ثم يحب بنفس القوة من جديد، بنفس اللهفة، ونفس الوجع الغادر.. ثم يتألم بنفس القوة وكأنه لم يحب قبلها قط.. دائماً هناك فرصة ثانية وثالثة حتى, طالما نملك الأسلحة الكافية ..ولطالما بقي داخل القلب نفس ليقاوم.."
ساد صمت طويل بينهما.. حتى قال هو بصوت غريب: "وماذا إن لم يرغب أحد الأطراف في إقحام قلبه بما لا يريد؟"
هزت كتفها بلا معنى ثم همست بنبرة مغوية: "ليس هناك مطلق أو حتمية لتجزم بهذا ..الفكرة كما قلت ماذا إن لم ترغب ..والإجابة سهلة الطرف الأكثر ترحيباً سيكسب الحرب بسهولة ويكسر القاعدة مثبتاً لك أن الفرصة الثانية أكثر جمالاً، وأقل تعذيباً ومراوغة ..القلب ما هو إلا مجرد عضلة تضخ الدماء.. السيطرة الحقيقية هنا.."
وأشارت نحو رأسها ثم غمزت وهي تقول: "لا أعتقد أنك ضعيف أو مشتت الذهن حد ألا تحرر عقلك أخيراً سامحاً له بفرصته الأخيرة.."
نظر إليها راشد طويلاً.. طويلاً جداً.. قبل أن يفتح فمه بتعجب ساخراً, ثم انطلق في الضحك الغامض..
ولم تنزعج أيضاً بل كانت مثالاً للصبر، والجمال, للذكاء والفطنة.. امرأة تعرف ما تريده وتقاتل لأجله أعتى الوحوش.. أو في حالته النمور!
"أنا لا أخسر أبداً يا راشد."
نظر إليها من جديد قبل أن يهز رأسه وهو يقول بنفس الغموض: "ولا أنا يا آدي.. ولا أنا وإن استمرت حربي لسنوات.."
شعرت للحظة أنها صفعت وبقوة، إلا أنها لم تكن من النوع الذي يسهل أكله عندما قالت بتلكؤ: "حربك تكسبها بعد سنوات وقد تقبل احتمالية الخسارة ..بينما حربي لا تستغرق زمناً قصيراً يكاد لا تلاحظه وفوزي مؤكد.."
نظر إليها بتمعن من جديد وأيضاً لم يرد بالمطلق ..وصمته الذي تجاوز الدقائق أصابها أخيراً بالحيرة والقلق..
حتى قال أخيراً: "هل أوصلكِ إلى بيت أخيكِ؟!"
قال بأناقة: "لا ..أنا أقيم في فندق...."
أمر السائق مباشرة أن يذهب للعنوان الذي تفوهت به..
سمعها تقول بعد برهة وهي تتفحص وجه بتمهل: "يبدو عليك الإرهاق ..يمكنك الارتياح حتى نصل ..وبعدها تفكر جيداً في حديثنا.."
ربما يحب الجرأة بالنساء.. ولكنه مؤكد زهد الملاحقات منهن..
أتطلب منه الارتياح ..ماذا هل تنتظر منه أن يضع رأسه على صدرها بكل وداعة؟!
لم يتفوه بكلمة أخرى بل أخرج هاتفه وادعى انشغاله ..حتى وصلا أمام بوابة الفندق الضخمة..
هبط السائق سريعاً ليفتح لها الباب بينما تلكأت هي لدقيقة ثم قالت بهدوء: "لماذا تعود لمنزلك بعد فترة غياب ..على حد علمي لا أحد لاستقبالك.."
رفع راشد رأسه وكأنه يحاول التفكير في العرض الذي ألقته متخفية!
وغموض قسماته لم يشي بأي تعبير ..عندما قال بهدوء شديد متمعن: "دور الاستراحة ما أكثرها يا آدي ..لن أخدعكِ لقد مارستها قبلاً، إلا أن الروح ما عادت ترغبها، جدران بيتي الخالي هي أفضل من ألف ونس عابر ..أنا أفضل أصول المنازل.. عن زائري النزل.."
أخفضت آدي وجهها المحمر بالكبت والغضب ..من الواضح أن كائن الدم البارد ليس من ذواتهم ..نقطة لصالحه سيجيد استخدامها ..إلا أنها رفعت وجهها تشمخ بأنفها ثم خرجت بأناقة من السيارة وهي تقول ملوحة: "أراك غداً, حتى تكون تشبعت من لعق جدران الأصول ..ليلة سعيدة عزيزي.."
:-"ليلة سعيدة لسموكِ.."
فور أن عاد السائق من جديد.. كان يفتح الشباك الفاصل بينهما وهو يقول بتوتر: "سيد راشد.. ليس لديّ ذنب ..إلا أن سموها..."
قال سريعاً بنبرة باردة رغم ودها، إلا أنها حوت بداخلها الكثير من القلق للشخص الذي يسمعها: "هششش, لا تبرر حتى أسألك.."
قال السائق بقلق: "في الواقع.."
قاطعه راشد من جديد بصرامة: "في الواقع هذا ما أردته أنا.. أنت لم تفعل شيئاً لم أعرفه قبل حدوثه.."
لم ينمحي خوف الرجل ..إلا أنه همس بقنوط: "هل نذهب للمنزل؟!"
ابتسم راشد أخيراً بتوسع ثم قال: "لا ..لدينا وجبة يجب أن تصل ساخنة ..لذا اذهب لبيت السيد خالد.."
أرسل رسالة موجزة: "أنا في الطريق إليك ..لا تخبر أحداً، وأعني بأحد الثلاثة الذين يخصونني.."
"في انتظارك.."
قرأ الرسالة ..قبل أن يضع هاتفه في جيب بنطاله ثم أراح رأسه للوراء مغلقاً عينيه للحظات، مفرغاً عقله من جانب العمل والمطاردة..
لينتبه لشيء واحد.. هي وصغيره المتمرد.. ولن ويكون خالي البال نسبياً من بعض الأمور التي بالكاد اعتدلت، وأصبحت في مسارها الطبيعي..
بالطبع فرعي لندن والقاهرة كانا متأثرين وبشدة بغيابه لسنوات.. غير عدم ظهوره بشكل مباشرة على الساحة، فخلال السنوات الماضية كان يدير كل شيء من خلال أشخاص موثوقين، ومدراء الأفرع ..لن يكذب بالطبع بكلمة "موثوقين"
لقد أصبح لا يثق بأي إنسان مطلقاً ..فأخوه خانه وطعنه في ظهره عدة مرات ..وعمه حاك المؤامرات ضده وآذى كل من يعنونه بمعنى الكلمة..
فكيف له أن يضع ثقته من جديد في مخلوق على وجه الأرض؟ من الجيد أن خالد خارج المعادلة, لطالما شعر تجاه الشاب بشيء من الأبوة..
ارتسمت ابتسامة رتيبة على شفتيه قبل أن يغلق عينيه تماماً متنهداً: "من الواضح أني أنجح بجدارة وسهولة في اكتساب ثقة من أتبناهم معنوياً ..بينما ذلك الكائن ذو الأربع سنوات لُعِنت بمناطحته.."
وعند هذه النقطة كان يشعر باشتعال عينيه تحت جفونه المغلقة بلون أحمر قاني.. ليس تعبيراً عن الغضب فقط، بل ذاك الذي يسكن عيون آلاف الذئاب، معلنين أنهم أعادوا سيطرتهم برابط الدم، ووشم القلب على القطيع خاصتهم..
وعند هذه النقطة من الانتشاء والتصميم تذكر جيداً آخر لقاء له مع إياب ووالدته، عقب انتهائه مباشرة من مقابلة أدلين التي حرص أن تكون في مكان معلوم ومكشوف من السهل جداً لأي عين صحفية تتبعه وإطلاق التأويل عن ماهية العلاقة..
وقد حصل على مراده بكل سهولة ..إذ أن الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي انقلبت حرفياً متنبئين بقصة حب مشتعلة بينه وبين الأميرة هابر التي لم يمضِ على توقيع عقد عمل ونسب بينهما إلا القليل ..ومن المؤكد طبعاً انتظار الجميع إعلانه ارتباطه بها رسمياً..
تمتم ببطء جاف: "طلبتها ونلتها حبيبتي ..فلما الغضب المكبوت الآن يا جلمود الصخر؟"
"لاعبها ببطء ..أخرج كل مكنوناتها إلى السطح ..تقبل كل انفجاراتها بصدر رحب ..ولا مانع من مساهمتك حرفياً في تغذية قنبلتها الموقوتة لتزودها بقوة خارقة للطبيعة.." كلام دكتورة ليلى..
"بالطبع وكيف أتوقع غير هذا من المرأة الوحيدة التي استطاعت السيطرة على الطاووس، ولو كانت سيطرة جزئية.. خبيثة.. وليست محترفة فقط.. بل أقرب لثعلبة الأساطير اليابانية.."
وبالعودة قليلاً لأول زيارة منفردة مع الطبيبة النفسية ليلى..
تذكر ضاحكاً مهاجمة المرأة له.. كما كان يتوقع ..بل شعر بها على وشك تحطيم وجهه بالمقعد خاصتها..
تذكر يومها قوله المستفز: "يفترض أنكِ دكتورة.. أتيت أنشد منها تلمس طريق سليم مع المجذوبة.. ولكن الآن اكتشفت بكل أسف أني دخلت خطأ مقر جمعية يا نساء العالم اتحدن"
الغضب كان يشع من عيني ليلى؛ إلا أنها ببساطة شديدة كانت تسيطر على اندفاعها، وهي تقول ببساطة وعملية: "سمعت عنك الكثير ..وعبرها عرفت الأكثر ،والأعمق لذا سأكون صريحة.. لماذا لا تتابع حياتك وتتركها خلفك؟"
وهو كان سلساً في إجابته ..حتى وإن حمل صوته الدهشة من إطلاق السؤال بالأصل: "لأني لا أريد غيرها.."
ردت ليلي وهي تشبك أصابعها أمامها: "بعض العلاقات لا تجلب سوى الألم والدمار ..ربما لا تستطيعا التخلص من هذا الحب.. إلا أنكما متضادان جداً.. كلاكما أجاد طعن الآخر ..بعض من أنواع العشق يتحول لسم زعاف يسري في الأوردة.."
كان ينظر لها مبتسماً.. ولم تكن ابتسامة هادئة أو ذات معنى ..بل كانت أشبه بمن يدرك جيداً كل ما تفوهت به، ويرحب بالألم حتى الموت عندما قال بصوت أجش: "وفي هذه الحالات الفراق يعني الموت أيضاً.. ولكنه لن يكون موتاً بسيطاً مسالماً ..بل احتراق ذاتي.. دمار لكل من حولنا وانصهارهم من شدة الوجع، كل من يحاول المساعدة بلمسة إصبع..."
قالت بهدوء وبطء: "لم يجب هذا على سؤالي الحائر.."
صمتت لبرهة قبل أن ترفع جفنيها، وهي تقول بقوة ودون التفاف: "كيف لرجل بتاريخك وسمعتك أن ينتظر امرأة لعشر سنوات كاملة؟ لماذا لم تتزوج بغيرها وتنهي عذابكما؟ أنت ربما بفرصة أخرى تجد فيها ما يرضيك ..وهي أن تقطع الأمل فيك نهائياً، وتشفي جراحها التي تتمسك ببعضها.."
أشار نحو قلبه قبل أن يقول بنبرة خشنة باترة: "تعني أن تشفي فؤادها؟ كيف ونصف قلبها ها هنا.. يعاني من غياب طيفها؟!"
ضحكت باستياء: "سيد راشد أنت تطلب مساعدة طبيبتها النفسية وليس وسيطة روحانية تقتنع ببساطة بكلام العاشقين.."
ضم فمه لأعلى بلا معنى ..ثم قال بصرامة كمن يلقي عليها تقريراً علمياً بحتاً ومنطقياً جداً: "ومن أخبركِ أني أحبذ أمور المراهقين ..أنا جاد فيما أقوله.. قلب بدور ليس معي ..وقلبي مؤكد ليس معها.."
ضيقت عينيها بعدم ارتياح ..إلا أنه قال بصوت خشن: "لقد تعاهدنا منذ زمن بعيد دون كلمات أو شعارات ننطقها حد أنها سلمتني نصف قلبها ليشكل مع نصف فؤادي عضو حيوي ينبض ويبقيني على الحياة، كما سلمتها أنا نصف قلبي ليتحد مع قلبها.. فنكتمل.. وعندما ابتعدنا حكم علينا بالفرقة فأخذ كل فرد فينا نصف قلبه، فَلُعِنَّا بالعذاب الأبدي.. أنا وهي بعيداً عن بعضنا نحتضر.."
فغرت ليلى فمها بذهول ..قبل أن تعبس بشدة وهي تتمتم: "هل أخبرتها بهذا ومازالت ترفض؟!"
ضحك بخشونة وهو يقول: "أنا وبدور لا نجيد تبادل الكلمات الغرامية ..فقط ما نبرع فيه هو رقص الوحوش.."
استرخت في مقعدها وهي تقول بتشكك: "بعد هذا الاعتراف.. ربما عليَّ المساهمة في فصلكما عن بعض.. إذ أن اتحادكما مخيف.."
صمت راشد للحظة قبل أن يقول بدون مقدمات: "وبما أني أرغب في استشارتكِ لا مساعدتكِ ..دعيني أكون واضحاً جداً معكِ.."
قالت بتهكم: "استشارة.."
قال بلا اهتمام: "لن أصفها بمساعدة ..لأني لا أحتاج للوصول إليها ...بكل الطرق هي ستقع في شركي من جديد.. ولكن هذه المرة أريدها بالطريقة الصحيحة ..أرغب في إخراج كل القيح من الجرح ..حتى أبدأ بالفعل كتاباً جديداً وكأننا شخصان بحلة جديدة وروح شفافة تقابلا لتوهما..."
تنهدت ليلى وهي تقول: "أسمعك.."
ارتاح ببطء في مكانه قبل أن يأخذ هيأته المخيفة ..ثم قال: "ستسمعينني وأريح فضولكِ ..ثم سأمتص منكِ كل ما أريده عنها دون لؤم ..أو مغالاة منكِ.. لأنكِ إن كنتِ بارعة في كشف خبايا البشر ..أنا أجيد التلاعب بهم وأحركهم كقطع الشطرنج، حتى أربح كل ما أريده أنا بالنهاية ..وكل القطع تصبح مجرد جنود في يدي أضحي بهم عندما أمنح أنا الإشارة.."
مؤكد ما فكرت به ليلى في هذه اللحظة أن راشد الراوي من النوع الذي ربما يعجبك على أغلفة المجلات.. ولكن مؤكد لن تتمنى أبداً الجلوس معه ..أو يضعك الحظ العاثر في طريقه، لتصبح أحد جنوده الذين يحركهم ليخدموا رغباته..
*****
ابتسم من جديد بتلكؤ وهو يعيد تلك الجملة التي ختمت الحديث بكل وداعة.. هو بالعادة لا يحب إرهاب الأبرياء ..ولكن أي شخص من طرف أنثى الطاووس لا مشكلة في التسبب له ببعض الكوابيس ليلة أن يراه...
وصلت السيارة أخيراً ..فهبط منها، وفور أن أصبح داخل أسوار المنزل وجد خالد في استقباله.. بادله التحية قائلاً: "افتقدناك.."
قال راشد مشاكساً: "رأيتك آخر مرة منذ أسبوع في ذلك المؤتمر بدولة.. عربية.."
فتح خالد ذراعه مرحباً ثم قال: "‏وتفاجأت من رؤيتك هناك.. صحيح ماذا كنت تفعل؟ لم أملك الوقت حينها لسؤالك.."
هز رأسه بلا تعبير ثم قال باقتضاب: "لي حاجة خاصة في هذا البلد.. لذا تواجدي كان تحصيل حاصل لدعمنا طبعاً.. وكان تفكيري في محله.. السيد حميدة لن يسهلها علينا.. الرجل تقريباً كان على استعداد لوضع كل ما يملك، فقط ليخسرنا التحالف مع الشركة العربية هناك.. وليس لمجرد رغبة في الكسب.."
همس خالد بجمود: "ستصدم، أشياء أخرى عرفتها من مصدر موثوق لما يخطط له.."
نظر إليه راشد بطرف عينه مستفسراً، وإن كان خمن الاسم..
رد خالد مختصراً: "بالضبط.. ولكن شرط المصدر أن لا يزج اسمه مطلقاً وتحت أي ظرف"
أومأ وهو يقول: "مفهوم ..من الطبيعي أن يخاف، إن لم يكن من بطش حميدة.. فمن أجل علاقته به.."
قطع حديثهما ..زوجة عمه التي استقبلته مرحبة وهي تقول برفق: "حمداً لله على السلامة، ممنونة أنك اخترت القدوم إلى هنا.. أطلت الغيبة"
قبل راشد يدها وهو يقول برقة: "اشتقت لكِ.. فلم أفكر وعرفت أنكِ لن تفزعي لقدومي بهذه الساعة"
لم تسأل عن التفاصيل، ولم ترغب بإخباره أنها تفهمه من مجرد نظرة عينيه التي يخطف بها نظرات سريعة متوارية في المكان ..ليرى من اشتاقها حقيقيةً..
:-"أخبرت خالد أن يجهز لكَ الغرفة الخالية في الجناح خاصته ..لن أتركك الليلة, ستبيت هنا .."
نظر إليها بامتنان شديد ثم قال: "وددت لو أفعل هذا.. ولكن أعتقد أنه لا يصح.."
قالت منى بحنان:- "قد يكون المنزل من حق عمك كما تراضى هو ووالدك قديماً.. لكنه سيظل بناءً على وصية جدتك لي، بيت لجميع آل الراوي.. أي أنه بيتك"
رفع راشد يدها المرتاحة في كفه ثم قبلها من جديد، وكأنه يقبل يد والدته ثم قال بصوت خشن: "لم يحن الوقت بعد.. ولكن أعدكِ أن يكون مبيتي هنا مقبولاً قريباً.."
توترت منى بشكل ملحوظ إلا أنها لم تتخلى عن قناع الرزانة وهي تقول بهدوء: "إياب لم ينم بعد ، سمعت صوته لتوي يتشاجر مع والدته لسماع حلقة أخرى منpaw patrol.. هل استدعيه لك؟"
انعقد حاجبي راشد وارتفعا بشدة بينما سمع خالد يهمس بامتعاض وتهكم: "آاااه لقد أصبحنا خبراء في هذه البرامج المقيتة، حد أني رغبت في تكسير كل أجهزة التلفاز لدينا ..أو حاسوب الهانم سَبَنتي التي تسايره أيضاً.. كما بدور.."
قالت منى بجفاء غير مبالية إن عرف راشد أم لا : "لا يخصك مطلقاً أي أمر يدور حولها، هي حرة في فعل ما تريده تحت حمايتي.."
ولم يهتم راشد بمهاراتهما الآن حين سأل بصوت جامد: "هل إياب مستيقظ حتى هذه الساعة؟ ويسمح له بمشاهدة التلفاز أيضاً.."
أخفضت منى وجهها كاتمة ضحكة بريئة من الشماتة ..ثم قالت بخبث: "إنه لا ينام إلا فجراً ..وليت الأمر يقتصر على هذا فقط.."
لم يحتج لكثير من التفسير عندما تابعت بنفس النبرة: "إنها تبالغ في تدليله ..وتفقد سيطرتها عليه.."
قال خالد بتهكم: "الأمر لا يحتاج إلا دمعتين وحضن من المبجل الصغير، يتبعها أحبكِ ماما ..فتصبح بين يديه كاللعبة.."
يده التي تستريح بجانبه كانت تتقبض أصابعها وتفتح بشكل لم يغفل عن ملاحظته أحدهما.. حتى قال أخيراً بصوت أجش: "أحتاج لرؤية سَبنتي أولاً ..ثم أبلغ أختك أني أريد..... أعني أريد إياب الليلة.."
قالت منى: "من الأفضل أن تصعد لسبَنتي بنفسك ..ستكون مفاجأة حلوة لها.."
أوقفها راشد عن اصطحابه وهو يقول بتودد: "رجل الأمن يحمل بعض الأشياء ..إن لم يكن به تعب لكِ أريدكِ أن تأخذينها أنتِ رجاءً ..وخالد سيوصلني إليها.."
أومأت منى براحة.. بينما تحرك هو وخالد نحو الدرج..
سبقه خالد على السلم الدائري.. فأوقفه راشد وهو يقول بتفكه: "والدتك اقترحت أن أبيت ليلتي في جناحك.. وهذا لا يوحي إلا بشيء واحد.. سيد خالد.."
انسحب شيء من اللون من وجهه ..ثم قال بفظاظة: "ما وصلك صحيح تماماً.. المبجلة تهجرني، ليس في الفراش فقط، وإنما في كل نواحي الحياة حرفياً.."
ورغم الوصف الفج ..وجد راشد يقهقه بقوة ثم قال: "تهجرك! أليس هذا عقاب ذكوري بحت؟"
نظر إليه خالد متأففاً ثم قال: "وكأنك لا تعرف الطين الذي صنع منه نساء العائلة.. على كل حال دعنا نغلق الموضوع.. فأنت لا ترغب في سماع الملابسات.."
قال باقتضاب: "شيء خاص"
لم يستطع إخفاء تنهيدة ارتياح فلتت منه وهو يجيب باختصار: "نعم.."
سأل راشد وهو ينقل خطواته للأعلى :"والدتك تعرفه؟!"
:-"خمنت ..لم يبح أحدنا، إلا أنها سمعت مشاجرتنا ..ومن يومها تعلن حمايتها.. أصدُقك القول لم أود السطو عليها من جديد فأنا أحاول منحها الوقت لتعتاد على عودتها للأجواء القديمة.. كما أنها.."
صمت مكفهر الوجه حتى قال راشد بإقرار: "تذهب للطبيبة.. ولكن لا تقدم ملحوظ.."
نظر إليه خالد من خلف كتفه وهو يقول بتجهم: "هل تطلعك على المستجدات, فهي ترفض بشكل غريب منحي أي معلومة؟!"
زفر راشد زفرة خشنة ووجع ثم قال بصوت أجش: "لا ..لن أحاول التدخل هذه المرة.. ولكن إن كان حدث أي تغيير ما كانت لتبتعد عنك حتى اللحظة على الأقل ..وبالطبع من خلال حديثها القليل معي.. جعلني أجزم بهذا دون استخدام أي ذكاء.."
هز خالد رأسه ولم ينطق بحرف ..بينما وضع راشد يده على كتفه وهو يقول: "إن أخبرتني أنك تعبت ..لن أغضب أو أحاكمك، فليس من العدل أن تعاني في فترة يفترض أنها أسعد أيام في حياة أي شاب.."
أطرق خالد بوجهه للحظة قبل أن يقول بصوت صارم: "أنا لست أي شاب.. هي مسؤوليتي قبل أن تكون زوجتي، والفتاة التي أحب, أنا سأمررها لك هذه المرة ..ولكن مرة أخرى إن كررتها لن يعجبك ردي.."
شد راشد على كتفه بشدة ..ثم همس: "إن كان هناك شيء واحد ممتن لوالدك عليه فهو إنجابك أنت فقط وتركك لوالدتك لتزرع فيك ما شاءت.."
هز خالد رأسه دون إجابة وتركه يفتح الباب أخيراً ليواجه ابنة قلبه...
********

انتهى
قراءة سعيدة
ما تنسوش الفصل السادس والخمسون اليوم الساعة ١٢ بتوقيت مصر ❤️


Nor BLack غير متواجد حالياً  
التوقيع
نور بلاك " نورا سليمان دقات محرمة
عادات خادعة
شظايا القلوب
همس الموج
رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 07:49 PM   #7454

لميس رضا

? العضوٌ??? » 470392
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 68
?  نُقآطِيْ » لميس رضا is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور في الانتظار

لميس رضا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 08:02 PM   #7455

Rosyros

? العضوٌ??? » 456127
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 47
?  نُقآطِيْ » Rosyros is on a distinguished road
افتراضي

💞💞💞💞💞 تسلميلنا يا نور 💞💞💞💞💞

Rosyros غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 08:05 PM   #7456

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 309 ( الأعضاء 75 والزوار 234)
‏اجزخنجية, ‏soosbat, ‏Rosyros, ‏شيرين الحق, ‏Atesbocegi, ‏نورالهداا, ‏Dreamdida, ‏بشرى الخيرات, ‏maha elsheikh, ‏دانه عبد, ‏سمراء جنين, ‏اسمااء محمد, ‏نونه بدران, ‏قمر صفاء, ‏yasser20, ‏Amira fares, ‏Kendaaaa, ‏zezeabedanaby, ‏besomahd, ‏Aya yoga, ‏براءة م, ‏ميمو كوكي, ‏نيفين الحلو, ‏lotus baka, ‏ريهام حمدى, ‏Romareem, ‏ImaneAlkoush, ‏Fayza Elkady, ‏دموع ال, ‏Emaimy, ‏yara elmniawy, ‏لميس رضا, ‏Zozaaaaa, ‏نصيبي و قسمتك, ‏S.F.MOHAMED, ‏سهام زيد, ‏ونلقي, ‏dr.raniakadry, ‏مطر الصيف, ‏frau zahra, ‏Nody k, ‏الشفاه الغليظة, ‏زهره الافندر, ‏Um-ali, ‏ghada89, ‏اميررررا, ‏سماح خلف, ‏سيف وعمر, ‏Ghada.j, ‏Nor BLack+, ‏حنين سليمان ع, ‏Aengy, ‏imy88, ‏Sea birde, ‏مريم مري, ‏dm992, ‏Omsama, ‏نورا كمال, ‏هديل الصفدي, ‏ملاك وشيطان, ‏مها العالي, ‏Hoda.alhamwe, ‏mariamsh94, ‏نسرين كامل سعيد, ‏ملاك العمرو, ‏سمر فاضل, ‏Dalia Huzaien, ‏om ahmed altonsy, ‏emytroy2, ‏Ayaomar, ‏Lobna hanafy, ‏eglal Mohammed, ‏فاطمة علوش, ‏Heba hamed2111, ‏Hoba Nasry


اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 08:32 PM   #7457

Zozaaaaa

? العضوٌ??? » 427865
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 80
?  نُقآطِيْ » Zozaaaaa is on a distinguished road
افتراضي

ان شاء الله نقرأ الفصل وكالعادة فصولك كلها مفررررقعات يا كل الفنوار 😂😂💖💖💖💖دمتى مبدعة 😘😘😍

Zozaaaaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 08:33 PM   #7458

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 464 ( الأعضاء 99 والزوار 365)
‏اجزخنجية, ‏تمام1234, ‏ساره فهمي, ‏sira sira, ‏ريمةمف, ‏رقيةرقية16, ‏د/منار منير, ‏darkfury, ‏Amira fares, ‏ines e, ‏سمراء جنين, ‏maha saloum, ‏leria255, ‏ديانا الحوت, ‏قمر صفاء, ‏Samaa Helmi, ‏Zozaaaaa, ‏Heba hamed2111, ‏k_meri, ‏ام عبدالرحمن2009, ‏مها العالي, ‏لميس رضا, ‏منالب, ‏frau zahra, ‏هناء عبدالله, ‏مريم مري, ‏دره بارق, ‏Kendaaaa, ‏maha elsheikh, ‏روهي, ‏نورا كمال, ‏Naira r, ‏Abcabc, ‏Fayza Elkady, ‏Emaimy, ‏Um-ali, ‏Agaiaa, ‏Dreamdida, ‏Hoba Nasry, ‏مطر الصيف, ‏Princess rahom, ‏neno 90, ‏Koch, ‏جنا احمد, ‏imy88, ‏S.F.MOHAMED, ‏نجوى على اسماعيل, ‏هديل الصفدي, ‏Lobna hanafy, ‏لايوجد اسم, ‏ملاك وشيطان, ‏ديدي امبابي, ‏Aengy, ‏Dalia Huzaien, ‏الشفاه الغليظة, ‏دودو مجدى, ‏[email protected], ‏dm992, ‏Aya yoga, ‏soosbat, ‏Rosyros, ‏شيرين الحق, ‏Atesbocegi, ‏نورالهداا, ‏بشرى الخيرات, ‏دانه عبد, ‏اسمااء محمد, ‏نونه بدران, ‏yasser20, ‏besomahd, ‏براءة م, ‏ميمو كوكي, ‏نيفين الحلو, ‏lotus baka, ‏ريهام حمدى, ‏Romareem, ‏ImaneAlkoush, ‏دموع ال, ‏yara elmniawy, ‏نصيبي و قسمتك, ‏سهام زيد, ‏ونلقي, ‏dr.raniakadry, ‏Nody k, ‏زهره الافندر, ‏ghada89, ‏اميررررا, ‏سماح خلف, ‏سيف وعمر, ‏Ghada.j, ‏Nor BLack+, ‏حنين سليمان ع, ‏Sea birde, ‏Omsama, ‏Hoda.alhamwe, ‏mariamsh94, ‏نسرين كامل سعيد, ‏ملاك العمرو, ‏سمر فاضل


اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 08:33 PM   #7459

ساره فهمي

? العضوٌ??? » 474125
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 19
?  نُقآطِيْ » ساره فهمي is on a distinguished road
افتراضي

تسلم الانامل مقدما يا نوارة قلوبنا واثبات حضور لحين القرأءة بمخمخة 😍😍😍😍😍😍😋

ساره فهمي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 08:46 PM   #7460

maha elsheikh
 
الصورة الرمزية maha elsheikh

? العضوٌ??? » 385704
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 116
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » maha elsheikh is on a distinguished road
Rewitysmile2

كل مرة بيزيد الفضول نعرف الحكاية الغامضة لمرح وتميم.
بالرغم قدرة مريم على التعامل مع صدمتها بس زعلت على قرارها بتحجيم علاقتها مع إسراء بالرغم أنه منطقى جداً💔
يا سلام على نصائح بدور لهناء كلها فى مصلحة جوش فى الأخر يعنى مفيش بعد كدة دلع 😁😉
راشد 😍😍😍 بس هى آدي هتعدي إحراجها وكسفتها كدة بسهولة🤔
هنشوف راشد هيعمل ايه علشان بدور تحن عليه.
بس متشوقة أشوف اياب هيقابله ازاى.


maha elsheikh غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:31 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.