آخر 10 مشاركات
همس الجياد-قلوب زائرة(ج1 سلسلة عشق الجياد) للكاتبةالرائعة: مروة جمال *كاملة&الروابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          605-زوجة الأحلام -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          دموع بلا خطايا (91) للكاتبة: لين جراهام ....كاملة.. (الكاتـب : *ايمي* - )           »          74 - السر الدفين - ماري ويبرلي - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          ألم في الصدر -ج4 من سلسلة نعيم الحب- للكاتبة الرائعة: زهرة سوداء *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          بين نبضة قلب و أخرى *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          شيوخ لا تعترف بالغزل -ج3 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          62 - قل كلمة واحدة - آن ميثر - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : pink moon - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree277Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-12-20, 12:04 AM   #1301

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي



صباحكم / مساءكم ورد وريحان ❤

بعد انقطاع دام لشهور أعانني الله على العودة ، ليس للرواية فقط بل للحياة عامةً ، لن اذكر تفاصيل تعبي خلال تلك الفترة ، لكن احمد الله انها مرت رغم آثارها الباقية.

شكرا لكل مَن سأل عني ، مَن انتظرني ، مَن اشتاق للرواية ، شكرا لكل رسالة وكل كلمة وكل اهتمام من القلب.
هذا الحب هو مكسبنا جميعا معا في هذا العالم الالكتروني

دمتم بكل الخير والسعادة ❤

موعد تنزيل الفصول المعتاد الاثنين من كل أسبوع الساعة ١١ بتوقيت ألماسة الفؤاد مصر





البريق الثالث والعشرون



" قولي شيئا .. أريد أن اسمع الحروف العربية وهى تتكسر بين شفتيكِ "
راغباً بطعم الذهب ولمس السمرة ..
افترقت تلك الشفاه لحظة .. واقترب وجهه أكثر من لحظة !

نظرت إيزارا أرضاً ونشوة الإحساس تدب بجسدها فتهرب منها بالقول

" أنا آسفة حقاً إني أتيت دون استئذانك على الأقل "

رفع وجهها بين يديه ينجذب لملامحها بجنون قائلا

" أنا الآسف لإني كنت أعمى ! "

أبعدت إيزارا يديه عن وجهها وهى تسحب نفسا مرتجفا لتهمس

" لا افهم "

قالتها مصرية عامية كأنها فقدت التحكم بلسانها فخرجت الحروف كموتور سيارة دار لحظة ثم تحشرج !.. فمال شهاب برأسه مبتسماً قائلا بعجب

" نعم ! "

تداركت نفسها لتكرر بلغة فصحى

" لا افهم سيد شهاب "

ضحك ضحكة غريبة كأنما كانت مكتومة داخله ووجدت مَن يدفعها لتكسر باب الكآبة وتخرج ، وبلا إرادته يدفعه جسده للمسها مجددا فيحيط خصرها يضمها لصدره قائلا

" وأنا أيضاً لا افهم "

تحاول إبعاده بحذر وهى تائهة في مدار رجل شرقي لا تترجم مشاعره إلا بعد تحاليل ثلاثية مستعصية !.. وشهاب برغم طرافته ولطفه إلا إنه غامض المشاعر بلا شك .. حين تنظر لرمزي تعلم أنه لا مكان للنساء بحياته .. حين تنظر لفؤاد تعلم أن صولاته لا تُحصَى .. أما شهاب فهو القطب النافر من كل شيء .. مسافر في الدنيا .. حر كطير يهاجر بإرادته
لا يستجيب لابتعادها وهو يلامس نعومة شعرها بوجهه لتسمع صوته الغريب

" لأول مرة اكتشف إني ... "

صمت .. لأنه كان سيقول كلاماً عجيباً لمشاعر أغرب .. لأول مرة يكتشف أنه يحب هذا اللون الأسمر !.. لم يدرك أنه قد يكون لسمراء لامعة هذا التأثير المثير عليه !.. مثير لدرجة الرغبة لتذوقه بكل شكل !
والأغرب أن قلبه ينتفض ويضخ الدماء لكن .. لا يدق !
ابتعدت إيزارا بجسدها لتقول بنبرة جادة

" أنا .. ساجلس قليلا ثم اغادر .. آسفة إني استخدمت تذكرتك مرة أخرى "

تجاوزته وهى تلقي على وجهه الذي يتأملها نظرة أخيرة وتفرض لنفسها إنه ثمل أو ليس بوعيه بطريقة ما !
وقفت مع صديقتها تختلس النظر إليه وهو لا يبعد عينيه عنها مع اصدقائه بالجهة الأخرى .. تعابير وجهه جادة وغريبة كسهام متشابكة الأسفار

وبتلك الجهة كان يراها وسط الحاضرين وحدها .. الوحيدة المميزة بلونها الإفريقي وسط فتيات مصر بين اللون الأبيض والقمحي والخمري
مميزة بجمال من الشيكولاتة مع جرعة من هرمونات السعادة الحصرية فيها .. دوبامين يسري بالجسد لتحفيز كل شيء به دفعة واحدة !..

وهذا ما جعل أحد أعضاء الفرقة ينزل إليها من المنصة ليعزف بالجيتار جوارها نغمة بدت من إحدى دول إفريقيا متغزلا بجمالها وهى تضحك راقصة مع صديقتها .. ربما ظنها سائحة جاءت خصيصاً لفرقتهم !

انتصف الليل .. ومرت ساعة الحفل سريعة للغاية لتنهض إيزارا مودعة صديقتها دون أن تنسى إلقاء نظرة حيث كان يقف شهاب فلم تجده
خرجت بفستانها الذهبي باحثة عن سيارة أجرة لتسمع صوته الآمر وهو يقف أمامها

" ستغادرين معي .. ليس كالمرة السابقة "

لم تعجبها نبرته التملكية .. أن تعمل عندهم ويأمرها بعملها شيء ، وأن يأمرها خارج عملها شيء آخر غير مسموح به لديها
تجلد وجهها بحزم قائلة

" شكرا لك سيد شهاب .. أنا ساعود وحدي "

بينما كان يتذكر يوم الندوة حين رآها كطالبة وشعرها كذيل فرس هائج ، فعادت عيناه ترى تفاصيل الذهب البراق على جسدها .. كيف تتبدل هكذا من عاملة إلي طالبة إلي فاتنة سمراء ؟!

شعر بالعناد يضرب رأسه ليمسك بيدها يسحبها ورائه بأمر آخر

" هيا إيزارا "

اندفعت خلفه حتى كادت التعثر بكعبي حذائها ليفتح لها باب السيارة فركبت بالأمر الواقع وهى تنظر له بغضب
اتخذ شهاب مكانه ليقود بصمت ناظرا أمامه وبين كل دقيقة وأخرى .. يلتفت للبريق الذهبي شاعراً برغبة عنيفة إليه .. رغبة لم يجربها كرجل من قبل .. وكل لحظة يتأكد أنه بالفعل يميل للونها الأسمر بشكل غريب .. مبهم كالـ .. كالوهم !
التفت وجهها إليه لتنطق باستغراب

" سيد شهاب !.. هل أنت بخير ؟! "

حدق بعينيها الواسعتين المضيئتين حول لونهما الأسود ليتوقف بالسيارة جانبا ويسأل

" مَن أنتِ إيزارا ؟! "

اتسعت عيناها أكثر وافترقت شفتاها البرونزية .. وهبة نسيم منتصف الليل داعبت غرتها الطويلة على جانب وجهها فحركتها بلطف جعله يشعر بالغيرة وهى تهمس بتوتر

" ماذا ؟! "

كحالة طقس غير مستقرة .. مكان جديد لم يرشد إليه من قبل .. كمدينة لم تطأ قدماه شوارعها .. أثر سياحي لم يقرأ حكايا جدرانه بعد ..
تنتابه حالة الاستكشاف التي تحفزه كل مرة يسافر فيها لكن الليلة .. يشعر بغربة غير طبيعية !

نزل من السيارة متجهاً إلي سور حديدي للكوبري الذي يسير عليه فوق البحر وتوقف ناظرا للأمواج المظلمة يحاول فهم نفسه .. فلم يستنتج إلا أن هناك موجات مماثلة داخله .. تقاومه ولا يقاومها
شعر بخطوات إيزارا خلفه ورائحة العطر الشجري المثير فعاد يسأل

" مَن أنتِ ؟! "

وقفت جواره ودهشتها تتصاعد لكنها أجابت برسمية

" أنا إيزارا كوامي .. قدمت إلي مصر للعمل .. من جمهورية زنجبار .. وتحديدا من قبيلة في جزيرة تومباتو "

رفع شهاب رأسه للسماء التي لاحت فيها نقاط الضوء من بعيد .. نجوم تشع حرارة ونورا أقرب للحمرة كأن النجم المسمى بـ ' قلب العقرب ' قرر أن يناور الليل .. الليلة ..
صوت الأمواج يعلو ويصفو بهدوء الوقت .. لا بشر بالشارع .. مجرد سيارات تمضي لتعود ديارها
استدار شهاب نصف استدارة قائلا

" لم اقصد هذا إيزارا .. وبصراحة ليس لدي مخ الآن لمناقشة أي شيء ... "

غمر يديه بشعرها مجددا مقتربا كالخطر يهمس

" إلا جمالكِ هذا "

واتتها الشجاعة لتبعده بلا ذرة صبر زائدة هاتفة بحدة

" سيد شهاب ماذا تفعل ؟!.. لقد قلت لك إنني فتاة مسلمة ولنا عادات وقيم ونفهم الحلال والحرام .. ماذا يحدث لك اليوم ؟ "

ابتعد عنها وصدره ينتفض بين خواء بلا وجهة ورغبة تنهش به قائلا بتشوش

" أنا آسف إيزارا ... حقاً آسف .. لا ادري ما بي .. تعالي لنعد للبيت وأرجوكِ تقبلي اعتذاري "

أشار لها بكفه لتتقدمه قائلا بنبرة مهذبة

" تفضلي "

لكنها لم تتحرك معه بل راقبت الطريق السريع لحظات بغضب حتى لمحت سيارة أجرة فخطت على الرصيف مسرعة وأشارت إليها ثم ركبتها وذهبت أمام عينيه ..
فنفخ شهاب ممررا كفه بشعره وهو يتلقى رسالة على هاتفه قرأها ليجدها إعلاماً بموعد رحلته القادمة .. ولأول مرة يرد بهذه السرعة معتذرا انه لن يذهب ..
اعتذاران في دقيقة واحدة !.. ولا يفكر إلا في إنه ليس بخير مطلقاً .. والفستان الذهبي !.







استيقظ راشد في موعده المعتاد للذهاب إلي المشفى .. وكما اعتاد أيضا ذراعه تمتد لجانب رنوة فيجده خالياً بارداً ليفتح عينيه ملقياً نظرة ناعسة على الغرفة فلمحها على كرسي بالشرفة
أنزل ساقيه عن السرير وظل جالساً قليلا يفكر بليلة أمس وكيف هزمه الغضب .. هزم صبره وتحديه لكل صعب .. هزم جمالها المذهل .. وهزم فرحته بنجاحها ونجاح تقى ..

نهض متجهاً للشرفة فوقف ببابها يراها وهى بإزار الصلاة رأسها منحني قليلا في سبات مباغت .. تشبه الزهور المزروعة حولها بالشرفة
زهرة بيضاء من براءتها صنع نداها عطورا .. وتشبه الاستكانة في عطر الندى ، وهبة الحياة في الوقت شبه الضائع
مال راشد يربت على كتفها يناديها برفق

" رنوة "

بالكاد رفعت رأسها بلا إدراك فيمسك يدها ليجذبها قليلا بالقول

" حبيبتي انهضي .. ألم تنامي ؟!.. إنها السابعة صباحاً "

لاحظ سخونة يدها فرفع كفه يتحسس جبهتها ليهتف بقلق

" رنوة حرارتكِ مرتفعة .. منذ متى تجلسين هنا ؟ "

ردت بتعب واضح

" سمعت آذان الفجر .. صليت ثم جلست هنا ولم اشعر بالوقت "

مد يديه يلمس وجهها ورقبتها وهى تزدرد ريقها بألم بسيط بحلقها وتحاول النهوض بعينين مغلقتين رغبةً بالنوم ، فحملها بين ذراعيه للسرير متسائلا بضيق

" كيف تفعلين هذا بنفسكِ ؟! "

اعتدلت على الوسادة مغمضة عينيها وهو يجلس أمامها يفتح درجاً جانبياً يبحث فيه حتى أخرج علبة دواء أخذ أحد أقراصها ووضعه على شفتيها قائلا

" خذي هذا "

بلا جدال فتحت فمها وأخذته لتجد حافة كوب الماء على شفتها فشربت ما يكفي ليطير النوم من عينيها !.. ثم أرجعت وشاح إزار الصلاة على شعرها للخلف لتقول بخفوت

" شغل مكيف الهواء .. الجو حار "

لا تفتح عينيها لتواجهه لكنه يراقب حركة أهدابها وهى تختلس النظر إليه كطفلة ترى حالته إن كان ما زال غاضباً
مد يده يلامس وجهها مجددا فارتجفت عاقدة حاجبيها بترقب فيقول بهدوء

" مكيف وأنتِ مريضة هكذا ! "

فجأة شهقت وفتحت عينيها السوداء وهو يجذبها إلي صدره من يديها ثم يرفعها قليلا ليخلع عنها إزار الصلاة ثم يعيدها للوسادة قائلا

" هكذا ستعتدل حرارتكِ "

مرر عينيه على نفس الثوب الأحمر الصارخ لليلة أمس المبتورة لينتبه لآثار باقية من ظلال الزينة تحدد عينيها فيضيف دون أن يبتسم

" وترتفع حرارتي ! "

تحاول رنوة تغطية ساقها اليمنى وغلق فتحة عنقها بلا جدوى وهى تزفر بحنق لأنها لم تغير ثوبها بعد نومه فيسأل راشد بنفس النبرة التي تحب اتزانها منه

" كل هذا لإني غضبت منكِ قليلاً ؟! "

انقلبت رنوة على جانبها هاتفة

" اريد أن أنام "

انتقل راشد ليجلس جوارها مبتسماً وقبل أن يتكلم رن هاتفه فنهض ليحضره ثم يستمع إلي محدثته قليلاً ليعود جوار رنوة يتلاعب بخصلات شعرها وهو يستمع ثم رد

" شكرا دكتورة تهاني .. ساتعبكِ معي "

فتحت رنوة عينيها لاخرهما وهى تنتبه للاسم لتجذب شعرها من يده بحدة حتى أنهى مكالمته ثم قال بنبرة مستفزة

" هناك نساء بمائة رجل عند الحاجة ! "

اشتعلت بداخلها نار الأنثى التي اكتشفتها بالأمس ، نار تحرق وهى تتصور ملامح النساء في حياته .. طبيبات مميزات مستقلات واجهات مشرفة .. لا مجرد طالبة صغيرة لا تليق بمقامه العالي !!
اقترب راشد برأسه منها هامساً

" رنوة "

رأى ملامحها الجامدة وعينيها المغلقة وبأنفاسها الثائرة علم أنها تغار فسأل ضاحكاً

" هل أنتِ الغاضبة الآن ؟! "

لم ترد فحاول أن يديرها على ظهرها لكنها تصلبت على جانبها لتخفي وجهها في الوسادة أكثر فلمح اللون الذهبي بعنقها ليقول

" لم تخبريني رأيكِ في هدية نجاحكِ "

يدها لمست السلسال على صدرها بغضب أفكارها حين غطتها كفه وأطبقت عليها بطريقة حسية مثيرة جعلت قلبها ينتفض لترد بجفاء

" جميلة .. شكرا "

شعرت بشفتيه على عنقها تنثر رقته اللا منتهية هامساً

" هكذا فقط ؟! "

سكنت ثوانٍ لهذا الفيض المسكوب على جسدها ناراً وثلجاً .. نار شفتيه التي تهديها نعم الإدمان المحلل .. وثلج يده الباردة الذي ناسب ارتفاع حرارتها بالتعب قبل الإحساس ..
ثم ابتعدت قليلا لتسأل

" ألم تتأخر على المشفى ؟ "

رد راشد وهو قريب من أنفاسها

" دكتورة تهاني ستأخذ مكاني اليوم ولعدة أيام قادمة "

هبت رنوة جالسة لتفقد أعصابها وتصيح بجنون

" حسنا يا راشد .. ماذا تريد الآن ؟.. اعتذرت لك وفعلت ما استطيعه لأرضيك وظللت غاضباً .. لماذا لا تتركني بحالي الآن ؟ "

ظل صامتا لدقيقة ينتظرها تهدأ ناظرا إليها نظرة ذات مغزى فهمت منها ما أراد إيصاله بوضوح .. فهمت شعوره بالأمس فعلياً .. وفهمت تحذيره ألا ترفع صوتها عليه مجدداً ..
ثم بمنتهى التعقل سأل بجدية

" هل تريدين الذهاب إلي طبيبة النساء اليوم أم بعد عودتنا من السفر ؟ "

أثار انتباهها لترفع عينيها له تتساءل بلا فهم

" أي سفر ؟! "

لف خصلة من شعرها على اصبعه مجيباً بتلك النبرة التي تخفي مشاعره بمهارة

" ألستِ عروساً من حقها أن تتمتع مع زوجها قليلا ؟!.. والدليل على كلامي هذا الثوب الأحمر الذي لا تظهر له معالم ! "

نظرت لثوبها بارتباك دون أن تفهم تماما فيتابع راشد بهدوء

" أضعتِ عليّ رؤيته جيدا بالأمس !.. المشكلة أنكِ لم تختاري الوقت المناسب لتطلبي الذهاب إلي طبيب .. كنت سانسى غضبي كما قلت لأجل نجاحكِ وما إن قلت أنكِ تبدين مختلفة وجدتكِ .... تتحدثين في موضوع صعب احاول تجاوزه إلي اليوم "

أخفضت وجهها بالذنب فانحدرت أصابعه يرفع ذقنها يلمس جمالها الذي ملكه بعينيه ثم قال بلين وحنان

" رنوة ... اريدكِ أن تعلمي أني أثق بكِ تماما .. لكن مؤكد لا أثق بالناس .. خروجكِ مع أصحابكِ بدون علمي ضايقني .. ضايقني جدا .. أنا لا اعلم كيف ينظر هؤلاء الشباب إليكِ وخاصة أنكِ صرتِ متزوجة ولم تعودي تلك الآنسة البعيدة عن أمور الزواج .. مؤكد تفهمين كلامي "

مؤكد تفهمين !!.. تلك الكلمة التي تعشقها في تعامله معها كامرأته قبل صغيرته
اومأت برأسها ببطء تتأمل وجهه الوقور وحكمة ملامحه وهى تفهم نظرته للأمور الغائبة عنها ، ممتنة أنه ناضج كفاية ليحتوي ما تسهو عنه ويكسبها خبرة حياته شيئا فشيئا
أحاط جانب وجهها بيده ممررا إبهامه تحت عينها ليتابع

" أنا بطبعي رجل غيور رنوة .. متملك جداً لما يخصه .. إلي اليوم لا اريد أن اظهر لكِ ذلك بشكل تختنقين منه .. لكن أنا لا اترك ما اريده حتى أصل له وإلا ما كنت وصلت لهذه المكانة الآن "

ضحك ضحكة صغيرة ليغير الموضوع مكتفيا بما قال للفت نظرها والحنين يلون صوته الهادئ

" أتعرفين .. أيام شبابي كنت اذاكر على ضوء أصفر لمصباح قديم في غرفة ضيقة أموت فيها من البرودة شتاءً .. واختنق من الحرارة صيفاً .. كنت اعمل بجانب دراستي وأمامي هدف أن أصبح طبيبا و.... "

قاطعته رنوة وهى تمد يديها حول رقبته ناسية أي شيء آخر تسأل بألق نظراتها له

" انتظر .. لم تحكِ لي كل هذا ... ماذا كنت تعمل ؟ "

اتسعت ابتسامته وهو يطالع انبهارها به كأعظم مَن عرفت .. ذلك الانبهار الذي كان سبباً لينتبه إليها .. منذ قدمته تقى إليها أنه والدها وطل نفس الانبهار لشكله وجاذبيته وحفاظه على لياقته ومركزه .. ويبدو أنه لم يخفت بعد .. وهذا ما يخاف أن يحدث يوماً !
أجاب سؤالها وهو يقترب مجددا

" منذ صغري لا احب العمل عند أحد .. لذلك كنت اشتري بضائع مثل الملابس والأغذية وغيرها ثم ابيعها "

لفت ذراعيها حول عنقه لتقول بنبرة جميلة خافتة

" أنت تاجر أيضاً ... وما زلت بشبابك على فكرة ! "

لم يحتج لأكثر من كلمتها ليراضي أنوثتها التي حزنت بالأمس ، يراضي شفتيها التي لم يروها .. ويداه تطوف على ذراعيها حتى خصرها .. يسألها برغبة تتقد بكل نظرة لها

" لم تخبريني أين تريدين السفر ؟ "

عيناه بنظرتها الرمادية التي تجعل من كل لحظة معه نبضاً متجددا .. تلمسها وتجيب

" أي مكان تختاره أنت .. المهم أن أكون معك "

ابتسم لعينيها العاشقة وهى تتلقى قبلاته الرقيقة كأنه يستعيد لحظة فتح الباب بالأمس ورآها فتنظر لسقف الغرفة مبتسمة ثم تنادي

" راشد "

رفع رأسه متسائلا بعينيه اللامعة باشتهاء صريح ودرب آخر لأنثى تتبدل بخطوات ثابتة على هواه لتقول برجاء

" أنا أيضاً أريد منك شيئا .. ألا تغضب دون أن تسمع مني أولاً .. ولتعلم إني لن اقصد أن اغضبك أبداً .. لكن أحيانا افعل اشياءً سهواً أو بلا علم فلا تحاسبني هكذا ... وأيضاً حين تغضب مني واناديك أو تناديني .. وقتها ننسى كل شيء .. وحين نتشاجر .. نستيقظ صباحاً وننسى كل ما كان بالأمس كهذه المرة "

ابتسم راشد فخورا بما تكتسبه وينعكس على روحها بنقاء فهمس فوق جبينها

" اتفقنا "

حرارة أنفاسه على وجهها ذكرتها بتعبها فتدفعه خوفاً من العدوى عليه قائلة

" راشد ابتعد .. أخاف أن أعديك "

عاد يشير برأسه موافقا مكرراً همساً بابتسامته

" اتفقنا "

لفت ذراعيها بحب – كما يحب – حول خصره وهو يقبل هذه الشفاه الوردية دون أن يترك إحدى بتلات زهرتها البيضاء بلا مساس .. يتنفس أنفاسها الحارة دون أن يخشى مرضاً .. فرجل مثله لا يقتله إلا حبٍ يأتي على حين غفلة
حب يخترق مساماته الكونية في ظاهرة فلكية لمرور مذنب يعتقده الجميع النهاية فينشغلون بدعوات النجاة .. إلا هو .. دعوة حياة
لكنها بغتةً أبعدته بنظرة مجنونة لتهتف بغضب

" لكن لماذا الدكتورة تهاني تحديدا هى مَن تعوض غيابك بالمشفى ؟! "

اتسعت عيناه للحظة وهو يراها أجمل مما قد يراها يوماً .. ثائرة لأجله .. فاتنة لأجله .. امرأة لأجله .. ثم ضحك عالياً وهو يضمها لحضنه.




يتبع ....




نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 22-12-20, 12:04 AM   #1302

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي




بدأ الفصل الدراسي الصيفي لمَن يعيد مادة المصريات أو قام بتأجيلها ، لأول مرة تشرحها بلا شغف .. انقضت خزائن الشغف بعدما استهلكها ميزان الهوى المائل الذي قارنت به كمياتها العقلية بـ .. طلاء أظافر الأنوثة !

وللعجب .. رجحت كفة الألوان الحديثة .. لا الأبيض والأسود الذي تعيش فيه ثم .. بدون سابق إنذار انسكبت كل الألوان ليظل الأسود كالكتل الصخرية التي تجتث روحها بكل نفس
عدلت فجر نظارتها لتغلق حاسوبها في مدرج الكلية ثم نظرت إلي طلاب المحاضرة أمامها بعينين غائمتين لتتابع بصوتها المرهق

" وهكذا نكون قد أنهينا جزء الفن التطبيقي في مصر القديمة .. من تصوير ونحت ونقش وصناعات يدوية بها فن مميز ورأينا عمليا براعتهم في الرسم على الجدران من خلال رحلتنا إلي الأقصر ... الآن سنراجع جزءا آخر وهو أشهر ملوك وملكات الفراعنة الذين تركوا بصمة حتى اليوم "

استندت بيديها متعبة على الطاولة التي تقف خلفها وورائها لوح الكتابة الأبيض ثم تحاملت على الألم لتؤدي واجبها فتبدأ

" الملك مينا موحد القطرين .. حيث استطاع أن يوحد المملكتين بالشمال والجنوب في مصر .. ولقب لهذا بعدة ألقاب مثل ملك الأرضين وصاحب التاجين ونسر الجنوب وثعبان الشمال .. ويعتبر هو مؤسس الأسرة الأولى الفرعونية "

صفوف المدرج الخلفية تجذب عينيها لتذكرها بجلوسه هنا يوماً ما .. هو الحرية .. هو انتظار الموت بلا خشية .. فهل ناله ؟!
تحاول التركيز فيما تقول فترمش عيناها تصد دموع الخوف وتكمل

" كل أسرة بعدها كان بها ملكاً ترك بصمة حقيقية .. مثل الملك خوفو .. في عهده بُني الهرم الأكبر وكان أضخم بناء حجري في العالم في ذلك الوقت .. وإلي اليوم بناء الأهرامات يُعَد من الإعجاز الفرعوني حيث لم يؤكد أحد كيفية بنائها بذلك الارتفاع الشاهق ووضعوا لذلك نظريات عديدة مختلفة .. لذلك يعتبرونها لغزا يحير العالم كله إلي اليوم رغم تقدم التكنولوجيا والبحث إلا أن تأكيد إحدى النظريات لم يحدث .. وأيضاً الملك أحمس .. هازم الهكسوس وهم قوم أتوا من الشرق ليحتلوا مصر إلى أن تم طردهم على أيدي حكام الجنوب الذين تمكنوا من إقامة جيش قوي بقيادة الملك أحمس ومحاربتهم وتحطيم كل ما يمت لهم بصلة حتى يتم محو ذكراهم من نفوس الشعب .. لكن وجود الهكسوس جعل من الشعب المصري للمرة الأولى في تاريخه شعبًا محاربًا ومنتصرًا في سبيل الحرية "

قلبت فجر أوراقها وهى تشعر أن الدنيا من حولها تتهامس عليها .. تترجم أكبر مخاوفها حين تتعلق بشيء ما فيغيب عنها غياباً موجعاً إلي حد رغبتها الانسحاب من الحياة بعده
عادت تنظر إلي الوجوه المنصتة لعلها تستمد أي طاقة تحارب بها خوفها وتقول

" بعدها توالت الانتصارات كلما أراد أي قوم احتلال مصر .. الملك رمسيس الثاني انتصر في معركة قادش على الحيثيين وهم من قبائل قارة آسيا .. وحكم مصر لمدة ستة وستين عاماً ليلقب بفرعون المجد والانتصار وفرعون الحرب والسلام وأشهر ملوك الفراعنة لأن عصره كان عصر بناء وازدهار لمصر .. وبذكر رمسيس الثاني لابد أن تُذكَر قصة حبه لزوجته نفرتاري .. وكما قلت برحلتنا للأقصر أنه بنى لها أجمل مقبرة في التاريخ ليؤكد إخلاصه وحبه الأبدي لها .. كما جعل تماثيلها بنفس حجم تماثيله لأول مرة بعهدهم .. وبنى لها معبدا خاصا جوار معبده أبو سمبل .. ويظهر حبه لزوجته فيما وصفها به على جدران معبدها بأنها ربة الفتنة والجمال وجميلة المحيا وسيدة الدلتا والصعيد "

تحركت بخطى بطيئة من خلف الطاولة لتنزل درجة واحدة بملامح تكاد الانهيار ثم سارت أمام الصفوف تشرح

" أما عن الإعجاز التاريخي لمعبد أبو سمبل فذلك لأن الشمس تتعامد على وجه تمثال رمسيس الثاني مرتين بالعام .. بيوم الثاني والعشرين من شهر أكتوبر وهو يوم ميلاده ويوم الثاني والعشرين من شهر فبراير وهو يوم تتويجه ملكاً على عرش مصر .. حيث تخترق آشعة الشمس مسافة ثلاثمائة مترا داخل المعبد حتى حجرة قدس الأقداس لتنير وجه رمسيس الثاني في ظاهرة تدل على عبقرية المصريين القدماء في علم الفلك والهندسة .. فلقد اكتشفوا الحقيقة العلمية أن الشمس تمر مرتين بكل نقطة من الأرض من كل عام وتابعوا انحراف الآشعة وصمموا المعبد .. والجدير بالذكر أنه كان يُحتَفل بهذه الظاهرة يومي الواحد والعشرين لكن بسبب نقل المعبد لحمايته من الغرق بسبب بناء السد العالى تسبب النقل في تأخر حدوث الظاهرة يوما واحدا لتكون يومي الثاني والعشرين "

عادت تستدير لتخفي وجهها عن العيون المحدقة بها وأطبقت جفنيها بقوة وهى تفقد نفسها في ذكرياته الفوضوية .. هو الفوضى .. التي تضرب كل شيء بأعماقه دون الخوف أن تُرَد له الضربة بأقوى منها .. فأين هو الآن ؟!
خافت التورط فيه أكثر .. خافت ألم الفقد مجددا .. خافت أن تستيقظ ولا تجده وها هى .. وحدها مرة أخرى

ظلت واقفة لحظات كأنما أنساها الألم مكانها ثم تقدمت لتصعد تلك الدرجة نحو الطاولة كصعود إلي معبدها هى .. وعودة لتلك الأيام الخاوية
مات صوتها وهى تواصل بلا روح

" حتشبسوت .. يراها التاريخ من أقوى النساء .. أشهر ملكة جلست على عرش مصر .. كانت وصية على أخيها الأصغر فحكمت ما يقارب من عشرين عاماً .. وكانت تضع تاج الفراعنة واللحية الملكية المصنوعة من الذهب في المناسبات .. وتحت صولجانها .. استطاعت مصر أن تغتني وتزدهر وقامت المباني والمنشآت .. وتوالى مسير السفن في النيل والقوافل المحملة بالمحاصيل الثمينة .. وكونت أكبر أسطول بحري في المنطقة .. لكنها أحبت "

خفق قلب فجر بعذاب وهى تستدير لهم بالقول

" أحبت مهندساً يدعى سننموت ومنحته أكثر من خمس وسبعين لقبا ملكيا .. وهو أحبها لدرجة أنه صمم لها أجمل معبد جنائزي في تاريخ الفراعنة .. ومَن يزور معبد حتشبسوت يلمس حالة حبهما المُصوَرة على الجدران .. وصمم سرداباً يوصل بين مقبرته ومقبرتها ووضع اسمه وصورته خلف أحد أبواب المعبد .. وصمم لها أجمل مسلتين لا تزال واحدة في معبد الكرنك بالأقصر .. والثانية استولى عليها نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية على مصر وهى الآن في ميدان كونكورد في باريس "

قبل أن تدخل بالنقطة التالية شعرت بباب المدرج الخلفي يُفتَح .. وارتج قلبها ينبهها لتنظر بعيدا نحو خيال أضخم من أي تجاهل .. فاتجهت عيناها نحوه كأنها منجذبة بلا رادع لهذا الحائل الذي وقف يتأملها بابتسامته المفتَقدَة ..

واندفعت ومضات البرق داخلها مهرجاناً ينير عقلها المموه .. إنه حي !.. قبل أن تصدح نبضات الرعد لتحفز كل قطرة دماء بها بشرره العابث
تقدم زايد بجسده الضخم ليجلس بأخر صف من المدرج فارتبكت حروفها وتاهت منها المحاضرة لتضطر للنظر إلي أوراقها لتتذكر ثم قالت بارتجاف

" ‏اخناتون .. وزوجته ‏نفرتيتي أشهر ملكات الفراعنة واسمها يعني الجميلة أتت لتميزها بجمال كبير .. وهى الزوجة الكبرى للملك أمنحوتب الرابع أو اخناتون كما يطلق عليه .. وتعتبر سيدة عصرها المعروف بالعمارنة .. وكان لها دور كبير في مساندة زوجها وأيدته ونصرته .. وعبر اخناتون لها عن حبه على جدران المعابد والمقابر الأثرية قائلا .. ( اقسمت بك يا إلهي أن تجعلها نوراً في قلبي لا ينطفئ .. وتجعلني عوداً في ظهرها لا ينكسر .. فهي مني وأنا منها .. وكلانا سر وجود الآخر ) "

نظرت إليه دون أن تخفي لهفة عينيها .. نظرة أم تتأمل طفلها الأول .. ووطنها الآخر .. بعد أن كان وطنها واحداً ..
نظرة حبيبة طليت أظافرها حديثاً معه .. اهتمت بأنوثتها فقط له .. وكتبت قصائد العشق سحرا به
وإذ بها ترغب في إنهاء كلامها سريعا فدخلت للنقطة التالية

" كليوباترا .. كثيرون لا يعلمون إنها ليست مصرية .. كليوباترا من السلالة اليونانية التي حكمت مصر في فترة ما .. وعلى عكس معظم حكام تلك الفترة بدءا من بطليموس الأول والذين احتفظوا بالأفكار والثقافة اليونانية .. فقد كانت كليوباترا مختلفة فبذلت جهودا كبيرة لدراسة وفهم الثقافة المصرية .. وتعلمت اللغة المصرية وأحبها المصريون للأمان والرخاء الذي تحقق في عهدها .. لدرجة اعتبارها اخر ملوك الفراعنة "

ابتسم زايد وهو يستمع إلي صوتها الذي تزين بنعمة الإلقاء .. صوت يدخل إلي القلب ويستقر فيه ثم يتحول لإدمان للأصالة .. هو المغترب دوماً الكاسر لكل أعراف الكلاسيكية .. يدمن حفيدة للفراعنة !
واصلت فجر كلامها وعيناها لا تحيد عنه

" وكما ذكرنا قصص حب سابقة .. فلن ننسى كليوباترا وانطونيو .. أو ماركوس أنطونيوس الامبراطور الروماني .. والتي انتهت بانتحار كليهما بعد هزيمتهما من امبراطور روماني آخر يدعى أوكتافيوس بعد انفصال روما إلي قسمين .. حيث طعن انطونيو نفسه بعد تلقيه خبراً كاذباً أن كليوباترا ماتت .. فانتحرت كليوباترا بأفعى سامة حثتها على لدغها حزناً على حبيبها وخوفاً من الأسر بعد فشل المفاوضات مع أوكتافيوس "

قرأت فجر شفتيه وهى تتحرك بالشوق بعد أيامٍ طويلة صعبة .. عيناه شقيتين كما هما .. مخادعتين بمكر لذيذ مغوٍ
كيف له أن يكون بمثل هذه الراحة بعد أن سلبها الروح كل تلك الأيام ؟!
كيف له أن يكون حراً بعد أن أسرها في ظنون الموت والعالم الهمجي الذي تركه ؟!
اختفى زايد .. فاختفى كونها الجديد الذي لونها
ظهر زايد .. فعادت الحياة تدب في كيانها
أخفضت عينيها لتنهي محاضرتها بالجزء الأجمل

" وهكذا كان الحب بمصر القديمة .. وتشهد قصائد كثيرة على لقاء المحبين مدونة على الجدران وبالبرديات التي وصلتنا .. إذ يرى العاشق حبيبته كأنها الطبيعة توقع في شركها مثل صائدة الطيور .. وترى العاشقة حبيبها أنه الحياة بالنسبة لها .. والنصوص المذكورة في الكتب مثل قول المصري القديم .. ( إنها الحبيبة المثلى ليس كمثلها أحد .. إنها أجمل النساء .. انظر .. إنها كالنجم المشرق في مطلع سنة سعيدة .. إنها متألقة وكاملة .. بشرتها نضرة .. نظرات عينيها فاتنة .. تسحر بكلمات شفتيها ) .. وتسجل عبارات أخرى كلمات المرأة عن حبيبها كهذا القول .. ( أنا صديقتك الأولى .. انظر.. أنا كالبستان الذي زرعته زهورا بكل أنواع العشب العطر الرقيق .. جميل هو المكان الذي أتنزه فيه عندما تكون يدك في يدي .. قلبي مبتهج لأننا نمشي معا .. أنا أحيا بسماع صوتك .. وإذا نظرت إليك فكل نظرة بالنسبة لي أطيب من المأكل والمشرب ) "

رفعت عينيها إليه فرأت تعبيرا ظريفا ساخرا على وجهه كأنه يخبرها .. نحن رجال أفعال لا أقوال !
أغلقت أوراقها وجمعتهم بتماسك قائلة بنبرتها الجادة

" وكل هذه القصص بتاريخ لا نهاية له .. هناك أقاويل وإشاعات ولا يمكن الجزم بصحة كل ما وصلنا لأنه بالتقدم تظهر أساليب أكثر تطورا تكشف لنا أسرارا جديدة .. الآن تفضلوا وأراكم في المحاضرة القادمة وستكون اخر موعد لتقديم الأبحاث المطلوبة عن اسم مصر "

التقطت القلم الأسود لتستدير للوح الكتابة وتكتب الاسمين بخط كبير متسائلة عن نقاط البحث

" هل أصل الاسم هو مصر أم ايجيبت ؟!.. وكيف سميت مصر باللغة العربية .. بينما سميت ايجيبت باللغة الانجليزية ؟! "

أخذ الطلاب يخرجون ببطء كأنهم يتعمدون الفصل بينها وبينه ، بينما تظاهرت هى بالانشغال حتى لا تثير تساؤلات عن عدم خروجها ، أما هو فقد ظل مكانه باخر المدرج ملفتاً للنظر بشكل مستفز لا مبالٍ ..

وما إن خرجت اخر فتاة حتى هدأت الضوضاء تماما ، ونهض زايد ينزل الدرجات العريضة وهى ترفع وجهها إليه تراه بخير .. هل هو حقاً بخير ؟!

اعتادت عيناها على حجمه العملاق بالنسبة لها فكانت تقيس إن نقص منه شيئا !.. إن غاب عنه طيف واحد يلمع بعينيه .. كان كما هو أو .. كما تركها !
ظلل الضعف ملامحها لتسأل بصوت مرهق متلهف

" أين كنت .. كيف تختفي هكذا .. ألا تعلم كيف كانت حالتي ؟ "

قرأ بعينيها أكبر مما كان يتصور .. لهفة واشتياق لكل شيء .. نهم للحب نفسه .. فإن ظن أنها مجرد مُحبة فهو مؤكد مخطئ ، فهذه الأنثى التي ما اصطادها أحد من قبل كانت بموسم صيدها تماما .. وعلى مسافة هرب آمنة ألا تشعر بالذعر نحوه ..
وما بخل عليها بمشاعره وهو ينطقها صدقاً

" اشتقت إليكِ يا مصرية "

صمتت فجر قليلا تتذوق حروفه بكلمة تسمعها لأول مرة ثم سألت بقلق

" هل أنت بخير ؟ "

طال نظره إليها ثم اومأ برأسه مبتسما ..
وهذه الأنثى .. التي مرت بمواسم عدة بلا صياد ماهر لفرعونيتها .. بلا حل لرصدها الفرعوني الموصد بإحكام .. ودون أن تنتفض عروقها لصحوة موميائية تستحق القيام بعد رقاد
هذه الأنثى .. هى ملاذ الأنصاف التي انتظرها ، لأنه هو نصف من كل شيء .. نصف غيمة .. نصف مطر .. نصف صاعقة .. نصف بركان .. وكل ما آل إليه الفشل والإحباط يوماً .. لكن ..
على جفنيّ عينيها الفرعونية شاطئيّ نجاة يعدانه بشروق شمس مبهر من بين أهداب حفيدة الفراعنة

أخفضت فجر عينيها خجلا من نظراته وتورد وجهها بحرارة لذيذة تحيي روحها قائلة بتردد

" ظننت أنهم ... وصلوا إليك "

ضحك زايد بلا صوت ليرد بشقاوة

" ظننتِ أنهم قتلوني ! "

رفعت عينيها له تقول بصرامة وتوتر

" توقف عن المزاح .. لقد كدت ... "

كادت تقول أنها كادت تموت !.. لكنها لن تكون البادئة .. وماذا إن اخبرها أنه يحتاجها ؟!.. وماذا إن اخبرها أنه ليس لديه سواها ؟!
فمثلها لا يرضيها إلا اعتراف صريح على كل حرف به نجمة تلمع .. ومسلة تُرفَع !.. هل هى أقل من حتشبسوت ؟!
بنفس بساطة تقبل المصير رد

" لأول مرة أراكِ خائفة يا حفيدة الفراعنة ! "

كررت بنفس النبرة

" توقف عن التحدث بهذه البساطة "

تحرك ليقف أمام لوح الكتابة الأبيض يرى اسمي مصر وايجيبت قائلا

" أنا لا أخاف من الموت يا فجر "

استدارت بوجه محتقن تهتف بخفوت

" لكن أنا أخاف من الفقد "

ظل يوليها ظهره ثم التفت يواجهها مقتربا لينزع نظارتها يسأل بابتسامة ماكرة

" هل تناولتِ إفطاركِ ؟! "

ابتعدت فجر للخلف ناظرة حولها بارتباك ثم عادت عيناها إليه فناولها النظارة قائلا بمكر محبب

" تبدين كمَن لم يأكل منذ أيام !.. كما انني أريد إخباركِ بشيء هام "

لطالما كرهت اللف والدوران إلا معه !.. يريد أن يخبرها أنها مكشوفة له ، وأن قلقها عليه أكبر من أن يمر عابرا !
أخذت نظارتها بثقة ، فضحك وهو يبسط كفه لتتقدمه ليخرجا من الكلية.


وقفت فجر أمام أحد المطاعم تراه وهو يطلب الشطائر بعدما فضلت أن تتناولهم وهى تسير بالقرب من البحر ، شعره الطويل مربوطاً كذيل الفرس ، والنظارة السوداء على عينيه تكمل مظهره الغربي الملفت للنظر
اقترب زايد يناولها الطعام يسير جوارها وهى تسأله

" لم تخبرني لماذا اختفيت ؟ "

يأكل من شطيرته مجيبا

" كان لابد أن اختفي لفترة لأنهم صاروا يتتبعونني بدقة واصبح وصولي لشقتي صعباً "

هواء البحر يتلاعب بحجابها الرمادي كما يفعل بقميصه الأبيض محددا عضلاته يسمع سؤالها المنزعج

" إلي متى سيستمر هذا ؟.. عليك أن تبلغ الشرطة ليتصرفوا "

ضحك زايد ضحكة غريبة ساخرة يرد على سذاجتها

" بالطبع لا .. وكأني اخبرهم مكاني رسميا !.. هؤلاء لهم أذرع كالاخطبوط بكل مكان يا فجر .. هكذا سيصلون إليّ قبل أن تبدأ الشرطة بمجرد التحقيق "

شعرت بشيء خاطئ !.. حدس ما أخرسه اشتياقها إليه وهى تنظر أمامها متسائلة بنبرة يأس

" إذاً ما العمل ؟.. هل ستقضي عمرك هارباً ؟ "

نظر جانبا بطرف عينه إليها من تحت النظارة صامتا قليلا ثم أجاب

" لا .. لدي حل سيوقفهم .. لا تقلقي "

تساءلت بنفس النبرة

" ما الحل ؟ "

ظلت ابتسامة على شفتيه وهو يأكل ، صارت تتخلى عن حذرها معه ولو قليلا ، صوت الأستاذة يخفت معه ، ونظرتها الصارمة تلين إليه
وعلى مهل تسير خطواتهما قائلا

" لا تشغلي بالكِ فجر .. المهم إني رأيتكِ أخيرا "

وصلا تحت الجسر بديع الطراز فيلفت المتواجدون نظرها بين مصور فوتوغرافي يحمل آلة التصوير بحثاً عن جمال لقطة ، وبين رجال يصطادون بحثاً عن سمكة
توقفا عند السور الحديدي ليشاهدا البحر أسفل الجسر ثم سألته

" هل ستعود إلي شقتك ؟ "

اومأ برأسه مؤكدا فعادت تسأل

" لكن كيف ؟!.. قد يصلون إليك "

رفع قدمه على درجة منخفضة أمام السور وهز رأسه نفيا يجيبها

" لا يعرفون مكانها .. قصدت الاختفاء الفترة الماضية حتى يفقدوا اثري .. حين أتوا للبناية ظنوا إنني صعدت إلي السطح لأهرب "

نظرت له بصمت قلبها يؤلمها بطريقة لن يتخيلها يوماً ، ألم قلب أم على طفلها الوليد ، ولم يحدث أن اثار شيء أمومتها قبلاً
نزع نظارته ينظر إليها فجأة فسأل بوجوم

" هل هذه نظرة شفقة ؟ "

أجفلت فجر من شرودها ضيقاً أن مشاعرها مجددا مكشوفة فأسرعت تجيب

" لا .. بالطبع لا "

أدار زايد وجهه قائلا بلا مبالاة

" No problem "

تأملت ملامحه الوسيمة طويلا وقلبها ينبض بقوة ثم قالت

" صدقني لم اقصد هذا .. ولن تفهم ما شعرت به "

توقعت سؤاله الفضولي

"!? why "

لم تجد إجابة فهزت كتفها مبتسمة وهى تتناول شطيرتها فوضع ذراعه على رأسه كعادته متسائلا

" متى سيكون تدريب فرقتكِ ؟!.. اريد أن احضر "

استدارت إليه تخرج شيئا من حقيبتها ووجهها يشرق وهى تتحدث بحماس قائدة

" ذكرتني .. لقد انتهى التدريب وتحدد موعد الحفل .. ها هى دعوتك "

أخذ الدعوة يقرأها ثم نظر إليها قائلا

" واثق أنكِ ستكونين رائعة كعادتكِ "

ابتسمت بخجل وعادت تسير لكنه توقف مستنداً على السور العريض للجسر متسائلا

" هل يمكنني أن اسألكِ سؤالاً ؟ "

منذ متى يستأذن ؟!.. توقفت منتظرة فسأل

" هل أحببتِ من قبل يا فجر ؟ "

أخفت ابتسامتها وسألته مراوغة

" هل أحببت أنت ؟ "

تذكر شيئا من تدريب الفرقة يرد

" لا تهربي من السؤال بآخر .. Answer me "

أخفضت عينيها أرضاً تتصنع الجرح قائلة

" بالطبع أحببت "

‏عبس بلا تصديق مخفضاً رأسه يسبر كذبتها فأكملت بجدية زائفة

‏" أحببت أبي .. وأمي .. وفرقتي .. وأولا وأخيراً .. وطني "

قال يائسا وهو يرفع عينيه للسماء ‏

‏" آآه .. منطقي جدا !! "

‏ضحكت بلا صوت والألوان تعود مجددا تمنحها السعادة بعد وحدة طويلة ، وتأكدت حين سأل فجأة

‏" ومصطفى ؟! "

‏نظرت إليه بتعجب انتباهه لمصطفى خصيصا عاقدة حاجبيها بجدية ثم ارتدت نظارتها ذات الإطار الأسود ترد

‏" مصطفى قائدنا ويخاف علينا جميعا .. هو الأب للصغير والأخ للكبير .. لا أكثر "

هز زايد رأسه ناظرا أمامه كطفل مدلل متمتما

"! Good "

ابتسمت وبداخلها إحساس كل أنثى تشعر بقيود الغيرة تنفتح بحذر وتناديها لتضع يديها بإرادتها ، شعور لذيذ عذب ينعش الروح ما فقهته قبلا
لكن إثارته لأمومتها يزداد بكل خطوة بمشوارها معه فتقول بحنان جاد خائف

" زايد .. عدني أنك ستنتبه لنفسك .. وستكون بخير وتبتعد عن الخطر .. وتتوقف عن تلك اللا مبالاة التي تأخذ بها الأمور "

ابتسم لاهتمامها ناظرا جواره إليها يرد استخفافا

" !! I'll try "

عادت نظرة الأستاذة وهى تقول بحزم

" لا لن تحاول .. ستفعل .. عدني "

امتعضت ملامحه بثقل زائف ثم وعدها على مضض

" Promise "

هزت رأسها عجباً من طيشه وسارت خطوات تنظر لكليتها البعيدة ثم تذكرت لتسأل

" ما الشيء المهم الذي أردت قوله لي ؟ "

بدا أنه تذكر ثم أخذ لحظات يفكر ويجمع كلماته ثم ابتسم ليخطف يدها يشدد عليها غير مباليا بنظرتها الصارمة مقترباً بعينيه الشقية ينظر لعينيها الفرعونية قائلا

" اقسمت بك يا إلهي أن تجعلها نوراً في قلبي لا ينطفئ .. وتجعلني عوداً في ظهرها لا ينكسر .. فهي مني وأنا منها .. وكلانا سر وجود الآخر "

رافعة عينيها لعينيه تسمع صوته بقول فرعون القدماء .. يجمعها .. يبعثرها .. ويُذيب في دمائها هيروغليفية الحب ، وحكاية قديمة تعاد جديدة على نفس الأرض
بنبضات مضطربة سحبت يدها من يده ببطء وابتعدت بأنفاس مخطوفة تهمس

" أنت تحفظ سريعا "

مال رأسه بفخر مغرور ثم سأل

" هل يمكنني أن اسألكِ سؤالا آخر ؟!.. يحيرني حقاً منذ رأيتكِ اليوم "

اومأت برأسها قبولا وما زالت بتلك الدوامة المذهلة فضيق عينيه بتفكير يسأل بتعابيره المضحكة

" هل أصل الاسم هو مصر أم ايجيبت ؟! "

ابتسمت متفاجئة لحظات تستعيد نفسها ثم مالت نحوه قليلا تقلد لهجته بأن يبحث هو

" search it "

حك زايد رأسه نافخا بتذمر وكمعظم الشعب .. لن يبحث !.




يتبع ....



التعديل الأخير تم بواسطة نورهان عبدالحميد ; 22-12-20 الساعة 12:22 AM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 22-12-20, 12:05 AM   #1303

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي




جالساً خلف مكتبه يحدق في صورة كريم التي تبقت له ، طفل ضاحك منير الوجه جاء خطفاً ورحل قمراً .. خطفه من نفسه وتعشَّق بأي مكان صغير لضوء داخله ليفجره بوجه الخطايا .. لكن القمر كان لليلٍ واحد لا أكثر

حادت عيناه نحو الأريكة الجلدية حين تذكرها مجددا ، تذكر حلم اليوم .. كانت تسير جوار رجل في أرض مظلمة ، ذاك المنظر كان كفيلاً أن يجعله يحترق غضباً شعر قوته رغم نومه .. بعيدا عنها يراها بفستان أسود يتطاير حولها وبعنقها تلك القلادة لكنها لم تكن ناقصة الحجر .. الحجر كان بها مكتوباً عليه بخطوط مضيئة ( ألماسة الفؤاد ) !

وفجأة اختفى ذلك الرجل لتظل ألماسة وحدها تواجه رياحاً شديدة .. ثم وقعت .. ورغم المسافة بينهما تلقى سقوطها على صدره ، واستيقظ !

مسح وجهه زافرا بعدم ارتياح ثم رفع سماعة الهاتف الداخلي يسأل سكرتيرته

" هل جاءت المهندسة ألماسة اليوم ؟ "

استمع إلي ردها المؤكد ثم أغلق الخط وأشعل سيجارة ، يحتاج إلي حجة لرؤيتها ! ، هل يحبها ؟!
للمرة الأولى يسأل السؤال لنفسه صريحاً ، مثله لا يستطيع الحب ، هو ليس عماد ، هو لا قلب له ، لكن إن لم يكن حباً فماذا يكون ذاك الاجتياح ؟!

ليس رغبة أو شهوة يعرفها جيدا ، بل مناورة بدمه تلف كل جسده مع شرايينه وتستقر بمنتصف القلب تؤلمه ذبحاً .. هكذا هى

طرقات على الباب ثم انفتح ، وظهرت .. جعلت عينيه تتسعان كأن قوة أفكاره جلبتها إليه لكن .. بلون أسود والقلادة !!

أغلقت ألماسة الباب وتقدمت بثقة حتى جلست أمام مكتبه ورفعت يديها تنزع القلادة وتضعها أمامه تسأل بجفاء

" متى ستعيدها إليّ ؟ "

للحظات توقف الكلام بحضرة جمالها ، مرت عيناه مشتعلة على جيدها مكان القلادة ثم سترتها السوداء فازدرد ريقه وأخذ نفسا طويلا من سيجارته قبل أن يطفئها مستعيدا مراوغته بالقول

" في الوقت المناسب "

تقبضت يدها تطرق على حافة المكتب بسرعة ثم قالت بغضب مكتوم

" اريدك أن تعيد لي شيئا آخر "

لاحظ ثورتها الظاهرة على غير عادة التحكم المستفز فتهكم

" على حد علمي لم آخذ منكِ شيئا آخر .. لكن بما أنكِ تنبشين بحقوقكم فربما تذكرتِ شيئا .. اتحفيني "

نطقت الكلمة قاطعة بقوة

" سمعتي "

تلاشت السخرية عن وجهه وصدره ينقبض بسيئات الماضي يرد بقتامة

" لقد رددتها بالفعل حين ذهبت إلي شيخ المسجد "

توقفت يدها عن الحركة الثائرة لتنتقل لملامحها قائلة بحدة

" أنت جعلت الشركات التي كانت تتعامل مع عملي القديم ترسل إنذارات ليتم فصلي من العمل .. الجميع عرف سمعتي الفاسدة "

عبس فؤاد ناهضا ليلف حول المكتب يجلس أمامها بانتباه متسائلا

" ما الذي ذكركِ بهذا اليوم ؟! "

ردت ألماسة بانفعال

" مصانعنا هى التي تورد خامات معظم تلك الشركات .. وقد بدأ أمر عملي هنا ينتشر بينهم ويتساءلون عن سبب وجودي بمصانع رافع .. وربما تكون إحدى صفقات السوق السوداء التي عرضتها عليك قد نجحت ووظفتني في مصانعك !! "

ظل يفكر لحظات بين عنف عينيه وخطر جاذبيته وتجهم ملامحه يسأل

" مَن اخبركِ بهذا ؟ "

زفرت تحاول استعادة هدوء أعصابها مجيبة

" الشركة التي وقعنا أمر التوريد لها أرسلت مندوبها للاستلام وسمعت إنه يسأل عني .. كأن شركته كلفته بالتأكد من الأمر .. وبعدها اخبرتني السكرتيرة أنها تلقت أكثر من اتصال من شركات مختلفة يسألون عني .. راجعت اسماءها ووجدت أنها نفس الشركات التي كنا نتعامل معها "

طال صمته المفكر ثم نهض بطوله المهيب وضخامته عضلاته القاسية تتحفز بكره ذاته وما فعل قائلا بجدية

" أنا سأحل هذا الموضوع .. لا تقلقي "

أوقفته كلماتها العنفوانية الحرة قبل أن يعود لكرسيه متجهما

" لست قلقة .. لكن يجب ألا يبدو الأمر اني خائفة واسعى لإصلاح سمعتي وكأني ارتبكت جريمة "

أمسك فؤاد هاتفه وعيناه تطلق شرراً يقصد كل مَن يحاول إيذائها وأولهم نفسه ، كتب رسالة ما قائلا

" مجرد ظهوركِ معي ومعرفة أنكِ من الرافعين سينهي كل هذا "

ردت بنبرتها العائدة كرهاً

" أنت السبب في كل هذا "

رفع رأسه ينظر إليها بنظرة غريبة مظلمة معترفاً

" صحيح "

حاجباه ينعقدان بألم أخفاه حين أوجعته نظرتها على غير توقع ، لطالما تقبل نظرة الكره في عينيها لكن اليوم .. كونه ينقلب وخيوط كيانه من بين أصابعه تنفلت متابعا

" ولن أتوقف عن إيذائكِ "

استغربت ملامحها بلا فهم قبل أن يميل رأسها وهى تلمح ضحكة صبي لترى الصورة فتسأل

" هل هذا هو ؟ "

نظر فؤاد لولده مشعلاً سيجارة أخرى يسألها

" ألم تنتبهي للصورة من قبل ؟ "

استكان وجهها الفاتن بتعاطف رحيم تجيب بهدوء

" لا .. دائما نجلس على طاولة الاجتماعات "

هز رأسه بحركة طفيفة وهو يشرد في الصورة بوجهه الصخري المنغلق فقالت بخفوت

" رحمه الله .. هو في الجنة "

نفث الدخان يلبد وجهه بضباب يستر وجعاً فوق وجع متصنعا لا مبالاة سوداء قائلا

" هذا أفضل له من الحياة مع واحد مثلي "

حين يرسم الألم وجهه وتتآمر لحيته مع إعلان الحداد ليكون مثالا للحزن يتبدل بين شمسٍ وضحاها .. يثير العطف فيها رغم كل ما يفعل فتقول لطفاً

" لا تقل هذا .. كلنا لنا أخطاء .. لست وحدك "

رد فؤاد شاردا بعد صمت

" لكن أخطاء عن أخطاء تختلف كثيرا "

تذكرته على فراش المشفى والحروق تغطي جسده ويصلح خطأه بحقها فتقول باهتمام

" ربما لم اعرفك إلا في فترة قصيرة صعبة .. عيناك لم ترَ إلا الانتقام والشر .. لكنك أصلحت ما تستطيعه .. لذا لا تقس على نفسك .. يكفي حمايتك لي رغم كل كرهك لنا .. هذا لا يمكن أن يكون من رجل سيء "

رفع نظره إليها ونَبَض القلب بجنون السؤال

" مَن قال اني أكرهكِ ؟ "

بدا لها أنه أجفل مما نطق ، ظل ينظر إليها بنظرته المخيفة المعتادة وهى تتلقى من عينيه تلك الرسالة البعيدة التي تهمس لها ، همساً مشوشاً مجهولاً .. لكن حدسها يدرك أنه خطر !
عادت عيناه للصورة وضحكة كريم المنيرة يمرر ما قاله بالقول

" هو أيضا قال لي شيئا كهذا .. أن احاول إصلاح اخطائي ... ثم انساها لكن أتعلم منها "

ساد صمت قاتم وهو يعقد حاجبيه بتصلب ملامحه كأنه تفاجأ مجددا ثم همس بصوت مسموع

" يبدو انني كنت أنفذ وصيته دون أن ادرك "

وكان يدرك أكثر من هذا ، يتذكر كلامه مع بركة يوماً


( هذه المرة نارك اخرها الدم )
( ربما .. مثلما كان أولها الدم )
( دمك غالي يا وليدي )
( دمي أنا ؟! )
( يا مغيث يا مغيث يا مغيث ... )



هل هذا ما قصدت ؟.. هل كان تحذيراً له ؟.. هل هذا هو دمه المراق ؟.. ولد من صلبه يموت
راقبته ألماسة على مساحة تعبير حر لمشاعر أبوته ، ترى لمحاته الإنسانية المدفونة ، وتشعر قلبه المكوم كرصاصة في خزانة سلاحه

وعيناه .. عيناه المتقدة دوماً بالحرائق اطفأتها دموع لامعة عاجزة ، ما إن لاحت حتى استدار بكرسيه يواجه الجدار ثم علا صوته الباتر فجأة آمرا

" اخرجي "

للمرة الأولى لم تغضب من أمر له ، وقفت بهدوء .. ثم ابتسمت برفق !
ابتسمت لأنها شهدت هذه اللحظة الخاصة به .. بكاء قلبه وإحياء إنسانيته ، لكن شيئا ما قبض روحها يهمس مجددا .. الآن تغير كل شيء
ما تتمنى أن ينهزم الجبل وينهار الطود وتصبح القوة ضعفا .. بل تتمنى عائلة .. سنداً .. وظهراً
تحركت حتى باب المكتب ثم وقفت لحظة و ..

" آآه "

استدار فؤاد بصوتها المتأوه فيراها تمسك جبهتها بيد واليد الأخرى تستند على الباب فاطفأ السيجارة ونهض سريعا إليها .. تردد لحظة وذراعه تلقائيا تتوقف بالهواء قبل أن تحيطها ، ولم يمسك إلا معصمها يدعم وقوفها متسائلا

" نسيتِ دواءكِ مجدداً ؟! "

هزت رأسها نفياً وهو يحثها على السير حتى أجلسها على الأريكة ثم اتجه لطاولة الاجتماعات يسكب كوب ماء وعاد إليها يجلس جوارها يقربه من شفتيها بالقول

" اشربي "

شربت الماء وظلت تتنفس بعمق مغمضة عينيها لحظات وهو يتأمل خضوعها الممتع ، كفه تطبق على الكوب بقوة ملامسا أثر شفتيها بإبهامه
حتى شعرته ينهض لمكتبه ثم عاد إليها قائلا

" خذي "

فتحت عينيها تنظر ليده فوجدت شريط أقراص الدواء !.. نظرت إلي وجهه لحظة ثم أخفضت وجهها تسأل ببرود

" لمَ هذا الدواء معك ؟ "

أطبق فؤاد يده على الشريط يرد كذباً

" أمي تأخذ نفس الدواء "

صحيح أن تحية تأخذه للسكري لكن هذا ليس مبرراً أن يحضره لمكتبه ولصندوق الإسعافات بالمجموعة كلها !
ابتسمت ساخرة بمرارة

" لا عجب إذاً .. المرض وراثة لنساء الرافعين .. أمي كانت تتساءل كيف أصبت به ؟ "

نار مفاجئة ضربت جسده كالسوط فأغمض عينيه لحظة ثم عاد يجلس جوارها متنهداً يمد لها الشريط مكررا

" خذي "

هتفت ألماسة بحدة

" قلت لك لم انسه .. أخذته في موعده "

أشار نحو الباب وصوته يعلو بعصبية

" ما الذي حدث لكِ منذ قليل إذاً ؟ "

لم ترد للحظات ثم نفخت وأجابت بضيق

" أنا فقط .. تناولت كعكاً بالشيكولاتة "

لم تكن تنظر لوجهه الذي اهتاج بالغضب لكنها انتفضت فجأة وهو يرمي الشريط من يده صائحا بغلظة

" أنتِ مجنونة ؟!.. كيف تفعلين ذلك وأنتِ تدركين أنكِ ممنوعة من هذا ؟!.. ماذا كان ليحدث لو خرجتِ أو كنتِ وسط العمال في المصنع ؟!.. هل هذا تصرف عاقلة ؟! "

لإدراكها خطورة ما فعلت لم تجرؤ على الرد بكلمة ، ابتلعت غضبها وهدأت كرامتها ونهضت بصمت مترفع لتغادر لكنه وقف متحركاً أمامها هاتفاً بخشونة

" أنا لم انه كلامي "

رفعت ألماسة وجهها بصمت منتظر وهى تتمالك أعصابها بأعلى درجات التحكم ليتابع بتسلط

" تصرفاتكِ الغير مسؤولة تجعلكِ كل مرة عرضة للسقوط وفقدان الوعي .. وكما قلتِ لي من قبل لن تكون ذراعكِ ممدودة حين تقع الجبال .. فأنا أيضاً لن أكون موجوداً كل مرة لتلقي سقوطكِ بين ذراعيّ "

تندلع ثورة عينيها ويهتاج تراب ما بعد المطر الحنون لكنها صامتة قوية .. شامخة تنظر لوجهه بلا تفاجؤ أو حركة
كتمثال منحوت بدقة يستسيغ وقوفه أمامه ، تحيد عيناه لشفتيها فتفترق شفتاه نافخاً بقوة وهو يبتعد عنها شاتماً بسره
ما إن ابتعد اتجهت للباب بنفس الحالة الجامدة المنحوتة من قوة كبرياء ، لا يعلم أحد بانهيارات أعماقها

نقطة ضعفها هى هذا المرض .. رغم رضاها بالابتلاء لكنها لم تتقبل أوامر المنع .. مهما كبرت ونضجت تكسر الممنوع وتتمرد على جسدها
هى التي كانت متعتها الوحيدة صنع الحلوى وتناول الشيكولاتة ، اليوم تُحرَم من هذا الفن المبهج
توقفت يدها على المقبض وهى تسمع صوته

" أنتِ تكرهين مرضكِ .. أليس كذلك ؟.. يؤلمكِ كثيراً أن جسدكِ لا يتحمل قوتكِ وعنفوانكِ ويخذلكِ في أوقات صعبة .. لكن هناك أمور عليكِ الاستسلام لها حتى تصبح طوع أمركِ .. ليس كل الاستسلام ضعفاً "

اشتدت يدها مرتجفة غضباً وإعصار عينيها يتدافع على وجهها الصارم وهى تستدير رافعة سبابتها بتحذير

" لا تتجاوز حدودك فؤاد .. ولا تعش بدور الناصح لي "

ابتسم فؤاد ساخراً ليخفي خواطره المستحيلة وقلق القلب ورد باستهزاء

" أنا لا أنصحكِ .. أنا انبهكِ فقط لما يمكن أن يحدث لكِ من وراء تصرفاتكِ .. ثم إن تكرار هذا الأمر يضر بصورة المجموعة كلها "

عقدت حاجبيها باستنكار ترد بثقة

" أي تكرار ؟!.. لم يحدث لي هذا أمامك إلا مرتين .. وفي المرتين تعرضت لضغط لا يُحتَمل وليس من وراء تصرفاتي الطائشة "

وضع فؤاد يديه بجيبيه يرتفع ذقنه مؤكداً باستفزاز

" واليوم المرة الثالثة .. وربما الرابعة ستكونين وحدكِ بالشارع أو تقودين السيارة أو تقفين مع عمال المصنع "

ظلت تنظر لوجهه الواثق العنيد لحظات والغضب من صحة كلامه يعميها بلا وعي فقالت بنبرة قاسية

" كلامك واضح ووصل .. لا تقلق على صورة المجموعة .. أنا قوية وأقوى مما تتخيل .. عامةً شكراً على النصيحة التي لن اقبلها .. أنت اخر واحد بالكون يمكنني أن اتقبل منه نصيحة .. اذهب وانصح نفسك أو أختك التي .... "

انقطع الكلام وحده ، من قسوته انحشر في حلقها مسنناً مؤلماً لها قبله ، أيقظها بقوة بسهم يرتد إليها بعد أن نفذ برجولته .. بكرامته
انقبض قلبها مختنقا وبالكاد لمح رجاءً خفياً بملامحها قبل أن يأمر مجددا بنظرة مخيفة وصوت متشنج

" اخرجي "

وكان أمره سهما أقوى .. أكثر صلابة وكبرياء .. للمرة الأولى ترى ملامحه الحادة تقاوم طباعه وحريق صدره ونار عينيه

للمرة الأولى يعلو بنظرها احتراماً .. منظور آخر لرجل لا تعرفه حقاً ..

وللمرة الأولى تنخفض عيناها أمام هيبته الجاذبة برهبة

استدارت وخرجت مباشرة إلي مكتبها تتوقف بمنتصفه نادمة .. لقد وضعت نفسها موضع خطأ للمرة الأولى أيضا

وفي مكتبه .. هبت نار عاتية بصمت شرس .. بين جنون وجنون وقف فؤاد يتنفس بعنف وعيناه تستعر ، وبكل غضبه أمسك بثقل كريستالي للأوراق على مكتبه وألقاه بكل قوته الهائجة على الجدار .. والقلب .. ولد عاق !.







التعديل الأخير تم بواسطة نورهان عبدالحميد ; 22-12-20 الساعة 12:26 AM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 22-12-20, 12:06 AM   #1304

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي




دثرت صدفة جدتها بعد إطعامها ونومها كالمعتاد ، لكن هى .. لم يكن شيء بها بخير
حب !.. ما تلك الكلمة التي جعلتها تتنازل عن كل شيء ؟! ، عن نفسها ومبادئها وأفكارها .. تكاد القول عن كرامتها واحترامها لولا خوفها من نطقها

كيف يمكن لرجل يمارس الديكتاتورية بحرفية جراح أن يملك قلب أنثى لدرجة أن يحييه ويميته بقربه وابتعاده ؟!
وكيف تعمي هى عينيها عن اخطائه ومكره وخداعه .. عمىً عن عمد مع سبق الإصرار والتعلق ؟!

خرجت إلي الصالة حيث يجلس والدها على أريكة جانبية متهالكة ، وبعمق إحساسها بتعبه انحنت تقبل كتفه بالقول

" أبي .. الحمد لله أنك صرت أفضل "

ربت المهدي على يديها قائلا

" الحمد لله .. تحدثت إليهم بعملي وساعود غدا .. الجميع يسأل عن صحتي ولا اعرف كيف استطعتِ الذهاب إليهم وطلب اجازة لمرضي .. فعلتِ خيرا أنكِ أخفيتِ عنهم ما حدث "

جلست صدفة على الكرسي المجاور للأريكة بملامح مرهقة شفافة الهموم ترد

" لقد كبرت يا أبي واستطيع تدبر بعض الأمور وحدي "

مشكلة والدها كمشكلة معظم أهالينا ، أنه يعتقدها صغيرة مهما كبرت ، لا يعطيها حق التصرف وهو يحيا في عالمه القديم ، فلا تقدم تكنولوچي يشعره ولا تغير طباع يغيره .. كما تَربَى يُربِي .. محتفظا بأصوله الريفية وعاداته العتيقة

وهذا يجعلها تميل أكثر لعالم عماد الغريب المبهر ، فتذكر نفسها أنه ليس الحب فقط .. بل السند والحماية ، حين ارتعشت كف والدها كان عماد ظهراً .. جداراً لا يبخل ولا يغيب
هز المهدي رأسه ثم ضاقت عيناه ليقول باستغراب

" لكنكِ ذهبتِ إليهم بعد القبض عليّ مباشرةً .. كنتِ تثقين إنني ساخرج براءة ! "

على وجهها شرود أخفض صوتها وهى تفكر كيف تفتح الموضوع معه

" أثق في قدرة الله أنه لن يحملنا ما لا طاقة لنا به "

أغمض عينيه متنهدا براحة كلماته

" ونعم بالله "

ظل كلاهما صامتاً لدقائق ثم أضاف

" الحمد لله أن ذلك الرجل أيقظ ضميره واعترف بالحق "

ازدردت صدفة ريقها بغصة خانقة وقلبها يطرق بعنف البدايات الشائكة لتقول أخيرا

" لم يوقظ ضميره ... لقد أُجبِر على ذلك "

انعقد حاجباه متسائلا دون أن يغفل كلمة منها

" ماذا ؟! "

أخفضت عينيها الزرقاوتين وهو يسأل بلا فهم

" هل تتحدثين عن الرجل نفسه الذي وضع المخدرات بشقتنا ؟! "

اومأت صدفة بملامح مشوشة فاعتدل على كرسيه يسأل منتبها

" ماذا تعني ؟! "

تضاربت خلاياها بخوف وتوتر ورمشت تمنع الدموع المنتظرة على حافة جفنيها لترد

" هناك مَن أجبره بالمال ليعترف "

تجعدت ملامحه أكثر بين غضب واتهام وصرامة اسئلته

" مَن هذا ؟!.. وكيف عرفتِ ذلك ؟.. ما علاقتكِ بالأمر ؟! "

ومشكلة أخرى أنه يخاف عليها لدرجة أنه أبدى استياءه يوماً من جمالها ولون عينيها حتى لا يطمع أحد بها ، ثم استغفر الله سريعاً وحمده على نعمته
أجابت صدفة بصوت مهتز

" هو شخص لجأت إليه .. كما افعل دائما وأجده معي .. و .. يريد .. الزواج مني "

صمت لحظات ليستوعب لجوء ابنته لغريب ثم قال بنبرة اتهام

" تكلمي مباشرةً "

بأنفاس مضطربة أخفضت عينيها حياءً وقالت

" هذا الشخص الذي ساعدنا بهذه المحنة ... ودفع إيصالات الأمانة لشقتنا ومزقها أمامي ... "

قاطعها المهدي بتفاجؤ

" ماذا ؟!.. هل دُفِعَت إيصالات الأمانة التي كتبتها لعفيفي ؟! "

بالكاد حركت رأسها والكلمات تمتنع عن الخروج فتدفعها بقلق وتردد

" دفعها وأخذها من زوجته ومزقها .. و ... ساعدني من قبل حين وقعت جدتي وأخذنا إلي المشفى ... ودفع تكاليف المشفى و ... العملية الجراحية لجدتي لكنك ... رددت له ماله "

خيم الصمت !.. كان الاستيعاب أشد شراسة من النطق لكنه قالها بذهول

" السيد عماد !.. عماد نفسه !!.. لكنه متزوج ! "

أطبقت صدفة شفتيها بخوف تنتظر توابع الكارثة التي فجرتها ، قلبها ينتفض والرسالة هذه المرة مميتة ( لا تخبريه يا أمواجي .. بل ابتلعيني في صمت )

تسمع نبضها في أذنيها وهى تنظر أرضاً وأطرافها مثلجة مرتجفة حتى علا صوت أبيها مصدوماً

" لا حول ولا قوة إلا بالله .. اللهم لا اعتراض .. كلما خرجت من مصيبة ادخل بغيرها .. لهذا كان يساعدنا بهذه الطريقة وأنا اقول أنه شهم ورجل بحق !!.. لكن اتضح أن عينيه الفارغة عليكِ ! "

أنهى كلامه صارخا فانتفضت قبل أن يهدر بغضب لم تره منه سابقا

" كيف تعرفين رجلا متزوجا ؟.. هل ربيتكِ هكذا ؟.. هل هذه أخلاقكِ ؟ "

شحب وجهها وسالت أول الدموع على بهائه وظلت صامتة صاغرة مذنبة في عين نفسها قبل عينيه حتى صرخ

" ردي "

استجمعت قدرا ضئيلا من شجاعة متآكلة لترد بارتجاف باكٍ وعجز بغيض كرهته

" زواجه له ظروف .. وأنا .. لم أكن اعرف بالبداية .. اقسم لك أنني ابتعدت لكن القدر جمعنا مجددا ... كلما حدث لي شيء أجده بجواري .. لا يتأخر أبدا .. وبعد رفض طويل وجدت أن كل الطرق تؤدي إليه "

احتقن وجهه بغليان دمائه ونهض فجأة لينزل بكفيه الاثنتين على رأسها وكتفها يضربها بكل عزمه حتى تخدر جسدها هادرا

" يا للمصيبة .. هل فقدتِ عقلكِ .. ماذا فعل بكِ ؟.. تريدين أن تصبحي زوجة ثانية ؟!.. كنا وافقنا على عفيفي إذاً !.. وأنا الذي اتباهى بأخلاقكِ وعقلكِ .. ضاعوا .. ضاعوا "

صوت جرس جدتها يعلو بذعرها وهى تستيقظ على الصوت وصدفة مكومة على جانبها على الأريكة تخفي وجهها وتبكي بحرقة ما جلبته لنفسها .. خطأ خلف خطأ وهى مَن قررت القبول .. وما كرهت بحياتها كما تكره هذه اللحظات التي وضعتها موضع استصغار وهى العاقلة الواعية

الآن تعترف لنفسها إنها فقدت كرامتها واحترامها لذاتها ولكي يكون موتا أخيرا قالت بنشيج مبحوح

" لن أكون الثانية .. عماد .. عماد متزوج من ... ثلاث "

جحظت عينا المهدي أكثر وحُبِسَت الدماء بملامحه المخيفة المصدومة وهو يمسك برأسها يهزه بين يديه بقسوة صائحا

" زوجة رابعة !.. زوجة رابعة !.. يا خراب بيتي ومصيبتي في ابنتي "

ارتجت الدنيا حولها حتى تشوشت رؤيتها فألقى رأسها ليلكمها في كتفها بلا احتمال لما اساءت به لسمعتها ولأخلاقها وإليه
توقف عن ضربها بأنفاس لاهثة كادت تقضي عليه وهو يضع كفه على صدره المتشنج وظل يبحث يمينا ويسارا بعينيه حتى وجد هاتفه وهو يصيح بجنون

" اريد أن اقابل ذلك القذر .. اريد أن اقابله ليجمع شياطينه ويبتعد عنكِ .. لابد أن اقابله "

بحث في الهاتف القديم عن رقم عماد الذي سجله حين رد له مال العملية الجراحية وهو يقول بصوت أخافها قدر ما أوجعها

" والقذر كان يعطيني المال ويقول أنا مثل ابنك .. ظننته يفعل خيراً لكنه كان يشتريكِ وأنتِ وافقتِ أن تبيعي نفسكِ "

اعتدلت صدفة جالسة تمسح دموعها تراقبه بعينين متورمتين وهو يتصل وينتظر ثم يهتف

" بدون ترحيب .. اريد أن اقابلك .. لي كلام معك "

استمع المهدي لثوانٍ ثم أغلق الخط وهو ينظر إلي الهاتف الصغير بذهول قائلا

" لقد قال سيأتي لي غداً بعد المغرب .. سيأتي إلي هنا ! "

التفت برأسه إلي صدفة يطالع وجهها الباكي ثم سأل بوجه ممتقع

" هل يعرف العنوان هنا أيضا ؟! "

حاولت أن تؤثر عليه بأي تفصيل صغير للحكاية المستحيلة عله يسمعها

" لأنه أحضر لي حارساً شخصياً بسيارة خوفا أن يفعل عفيفي لي شيئا حين قُبِضَ عليك .. وأنا مَن طلبت منه أن يجعله يغادر حتى اخبرك بالأمر رغم إصراره ألا اتحرك دون حراسة "

لم يهتم المهدي بما تحاول إيصاله إليه بل كان في قمة ذهوله وهو يعي المستوى الذي تنظر إليه ابنته فيتساءل عن الأمر كأنه أمر سينمائي لا يُعقَل

" حارس بسيارة لابنتي أنا !.. هل وصلتِ لهذه الدرجة ؟! "

تعرف مقصده وأفكاره العتيقة ولا تلومه لكنها بكل الألم لخصت الحكاية

" لم افعل شيئا خاطئا صدقني أبي .. أنا ابتعدت عنه .. وأعادتني كل الطرق إليه رغم تغيير عملي .. والسفر .. وذهابنا إلي بلدتنا .. عدت .. وجاء لمكاني بدون أن يعرف انني هناك .. عدت .. وعدنا "
سكاكين حادة كانت تخرط صدره بقولها فغادر إلي غرفته قبل أن يحدث له شيء ، انقباض قلبه يخاف الويل القادم ، فليعترف بكل قلة حيلته وعجزه أنه يخاف .. من عماد !.








وضعت فجر حجابها متجهة نحو باب شقتها تنظر من العدسة الكاشفة للخارج لتسرع بفتح الباب هاتفة بصوت منخفض

" زايد !.. ماذا تريد ؟ "

تراجع خطوة ناظرا حوله ثم عاد لوجهها الطبيعي ناعم الحسن قائلا

" هكذا مباشرة !.. Good evening, Fagr "

طلت برأسها من الباب نحو درج البناية ثم سألت بخفوت

" هل خرجت من شقتك لتقول لي مساء الخير ؟! "

مرر عينيه على طاقمها البيتي الوردي فضاقت شرراً راغباً وهو يتنحنح معدلا ياقة قميصه بالقول

" ! Ah, I got it"

هزت رأسها وهى تنظر ببلاهة إلي حدة عينيه وصدره الذي يتنفس بوضوح تسأله

" ما الذي فهمته ؟! "

ابتسم بغيظ يجيب باستياء

" حركات مصريين كالعادة !.. لا يصح أن اطرق باب شقتكِ ولا يصح أن ادخل وأنتِ وحدكِ "

نفخت بتذمر ساخرة همساً

" جيد !.. هل أتيت لتناقشني في الأصول يا .. متحضر ؟! "

وضع كفه على الباب يفتحه أكثر وباليد الاخرى أخرج علبة بيضاء أنيقة قائلا بابتسامة

" Happy birthday, Fagr "

‏تفاجأت ملامحها وقلبها يعلو نبضاً تنقل بصرها بينه وبين العلبة ثم سألت

‏" كيف عرفت أن اليوم عيد ميلادي ؟! "

‏أجابها زايد بنبرة عادية

‏" ذلك اليوم حين ركبت معكِ بالسيارة لمحت بطاقتكِ الشخصية وعرفت التاريخ "

لكنها لم تكن عادية لها ، لمحها فحفظ التاريخ !.. وسمع قول اخناتون عابراً في المحاضرة فحفظه !.. ‏ذكي ولماح وسريع الحفظ والبديهة .. فهل يدرك كم سيكون ناجحاً إن عزم على شيء هادف وحقيقي بحياته ؟!

عقدت حاجبيها استغراباً فقطع أفكارها الأمومية وهو يمد لها العلبة مشيرا بعينيه أن تفتحها
وما إن فعلت حتى تلون محياها انبهارا وظلت محدقة بالعلبة لثوان ثم قالت

‏" جميل .. جميل جدا "

سوار ذهبي يحمل نقوشا فرعونية كُتِبَ تحتها أحرف هيروغليفية ميزتها بدراستها انها اسمها
‏رفعته أمام عينيها ‏اللامعة بالحياة فابتسم زايد هامسا

‏" يليق بكِ يا فرعونية ! "

‏وله ذوق في فن انتقاء الهدايا !
يداها تشبثت بالعلبة أول وأغلى ما ملكته منه قائلة بامتنان حقيقي ‏

‏" شكراً زايد .. وشكراً أنك تذكرت "

‏وشكراً أنك في حياتي .. أرادت قولها بنهم سنوات عاشت هذا اليوم وحيدة ، تحتفل مع فيلم قديم على التلفاز ووجبة معلبة لا تشعر بطعمها
‏وبمناسبة طعم الحياة الذي يتبدل للأجمل قالت مبتسمة

‏" انتظرني لحظات .. لكن لا تنتظر أمام باب شقتي .. اذهب نحو شقتك "

‏رفع عينيه للسقف ممتعضاً فأغلقت الباب ضاحكة ، ثم فتحت بعد دقيقة تراه وقد امتثل لأمرها بالفعل أمام باب شقته
معها طبق به قطعة كعك عيد ميلادها أعطته له وهى تتأمل وجهه المبتسم قائلة

‏" كل عام يمر هذا اليوم بلا جديد .. لا احتفل .. وأحياناً لا اتذكره .. لكن هذا العام صار له معنى "

‏تناول زايد قطعة وهو يستند بكتفه لبابها ممازحاً

‏" معنى فوضوي وأسود وبلا قيمة ولا يعرف الأصول وأفسد حياتكِ كلها يا أستاذة ! "

‏ضحكت فجر بلا صوت مندهشة لترد

‏" لكن له فضيلة .. الاعتراف بالحق !! "

أخفض رأسه قليلا ليقترب منها هامساً بابتسامته الشقية

‏" جيد اني امتلكت فضيلة واحدة تشبهكِ "

‏ارتبكت فجر بقلبٍ يتوتر بأقل كلمة منه ، فنظرت نحو الدرج لتطمئن لعدم صعود أو نزول أحد من الجيران ثم قالت

‏" هيا اذهب إلي شقتك الآن حتى لا يرانا أحد .. الأيام القادمة سأكون منشغلة بين مراجعة تحضيرات الحفل والكلية .. لذلك قد لا استطيع رؤيتك "

‏يتناول الكعك بلا اكتراث لاحد يراهما متسائلا

‏" ما الذي ستقدمونه في الحفل ؟ "

‏تنهدت مستسلمة لذاك الضجيج الشبابي المشاغب الذي اعتادته معه لتجيب

‏" منذ البداية وضعنا نظاماً لفرقتنا الموسيقية لكي تكون مختلفة .. كل حفلاتنا بها تنوع في الأغاني أو الأشعار التي نلقيها .. عن الحب والدنيا والأمل والطموح والشباب .. قصائد بالفصحى نعيد توزيعها الموسيقي واحيائها .. قصائد تستحق الغناء ولم يقترب منها أحد .. وبالأساس فرقة ثورة تكونت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير .. لذلك كل حفل يجب أن يبدأ بجزء عن الوطن وتذكير بالثورة "

‏توقف زايد عن الاكل ناظراً لها بغضب للحظات تمالك الكلام ثم هتف ساخطا

" ‏وطن وطن !.. حتى حفل الموسيقى عن الوطن !.. أي وطن تتكلمين عنه ؟!.. ألا ترين القمامة في الشوارع والحيوانات النافقة في الطرق والسلوك الهمجي للبشر .. مخالفة القوانين ممَن وضعوا القوانين أنفسهم والزحام الخانق .. مَن يقضي حاجته بالشارع أمام باقي الناس وحجته انه يوليهم ظهره .. الفساد والرشاوى والإدمان والمستوى التعليمي الهابط وأطفال الشوارع "

توقف متنفسا بقوة ثم قال بنبرة قاطعة

" استيقظي .. توقفي عن السذاجة وافتحي عينيكِ فجر .. الصورة حولكِ خير دليل "

جمدت ملامحها مصدومة وعيناها تظلم بطعنة عيد ميلادها .. هل كانت غبية لهذه الدرجة لتصدقه ؟!.. يرى في قناعاتها سذاجة !

لقد مات والدها في يوم نزل فيه طامعاً في كرامة وطن .. دم أبيها عنده هدر
لقد صدمها بنفسها مرتين .. اكتشفت انها تخاف قبلا ، واكتشفت انها غبية اليوم

وكانت هذه هديتها السوداء الحقيقية
رفعت رأسها متراجعة خطوة ثم قالت بهدوء

" شكرا على الهدية "

أغلقت الباب فقبض زايد يده ليطرقه مجددا لكن يده توقفت .. بالفراغ.





يتبع ....



التعديل الأخير تم بواسطة نورهان عبدالحميد ; 22-12-20 الساعة 12:31 AM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 22-12-20, 12:06 AM   #1305

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي




أنهت صدفة صلاة المغرب ثم جلست أمام جدتها التي رفضت الطعام طوال اليوم تسألها بحزن

" أنتِ أيضاً غاضبة مني ؟ "

أغمضت نجية عينيها بإشارة رفض وعتاب فاتجهت صدفة للنافذة تنظر للشارع بقولها

" أنا أيضاً غاضبة من نفسي .. لم أتوقع أن يحدث معي هذا .. كنت أتعجب حين تقولين لي أن الدنيا مليئة بالكثير وعجائبها لا تنتهي .. وها هى تحدث معي إحداها .. يتقدم لي رجل متزوج من ثلاث نساء .. والعجيب إنه يحبني .. والأعجب إني موافقة رغم كرهي للوضع "

التفتت إلي جدتها تزفر باختناق وتحاول إقناع نفسها قبلها

" لكن كل شيء سيكون أفضل .. أنا لن أترككِ .. ستعيشين معي في شقتي .. وساجعله يحضر لكِ ممرضة خاصة حين أكون في عملي حتى لا أقلق عليكِ .. سننتقل لمكانٍ أجمل وأعالجكِ عند أفضل الأطباء و... "

صمتت حين فتحت نجية عينيها بنظرة اعتراض وصلت حد الاشمئزاز فعادت صدفة تنظر للشارع بصدر متألم وتواصل همسا حائرا

" والحقيقة انني لا يهمني كل هذا .. الحقيقة انني أحبه لدرجة اني راضية أن أكون على ذمته ولو بالاسم فقط مثل غيري .. أثق انه سيكون لي وحدي .. أو ربما أخدع نفسي لأتقبل ما لا يُعقَل .. هو المخطئ ولست أنا .. هو مَن جاء بطريقي .. لقد جننت تماما "

لمحت سيارة عماد تدخل الشارع فوضعت يدها على فمها شاهقة وقلبها يطرق بقوة ، ابتعدت عن النافذة خطوة شاعرة بالحصار ، وما هى إلا دقيقة وسمعت طرقاته على الباب
نهض المهدي حيث كان ينتظر بالصالة يتأهب للقاء ، يرتب كلماته لحماية ابنته وكثيرا ما يحل عليه العجز وقلة الحيلة .. وخوف لا يظهره

فتح الباب وللوهلة الاولى سرت رجفة في جسده وهو ينظر لوجه عماد الواثق وهو يبادره

" السلام عليكم "

ظلت عيناه بعينيه حتى ابتعد المهدي باسطا كفه وما إن دخل عماد خطوة حتى سمع

" لولا خوفي أن يسمعنا أحد ما كنت أدخلتك بيتي "

توقف عماد مكانه وقد بدأ العداء مبكراً فرد بهدوء

" معك حق .. لو كنت مكانك لفعلت أكثر "

تقدمه المهدي حتى جلس على الكرسي المقابل فتبعه عماد يفتح زر سترته جالساً على الأريكة بثقة واعتداد يليق به .. فخر واضح رآه المهدي وهو ينظر لفخامة حلته الزرقاء ، وفخامة التفاصيل الغالية من ساعته وحتى حذائه ، دوماً خاف من هؤلاء الرجال ، دوماً ظن أن شرفهم مصطنع ، لا يأمن إلا للبسطاء مثله ..
حتى رقي تعابيره وهدوئه وهو يتحدث يريبه

" أولا أحب أن اعرفك بنفسي .. أنا عماد رشاد زين الدين .. من .... "

قاطعه بنبرة جافة لا ترحيب بها

" لا داعي .. ليس بيننا إلا نقود الدَين الذي دفعته لهذه الشقة وسأردها لك .. أما ما دفعك شيطانك لتتمناه فعليك نسيانه تماما والابتعاد عن ابنتي .. لا تظن لاني مدين لك فستضغط عليّ وتلوي ذراعي "

انعقد حاجباه ببداية متوقعة لكنه جهز نفسه لها طويلا قائلا بجدية

" أنا لا أريد مالاً منك .. ولم أسدده حتى تصبح مديناً لي فاستطيع الضغط عليك به .. لان ابنتك أغلى عندي من كل مال الدنيا .. ورغم كل الظروف التي تمنع زواجنا لكن أنا اعتبر أن كرامتها وكرامة أهلها من كرامتي .. لذلك لا يمكن أن ألوي ذراعك كما تقول يا عم مهدي .. أنا فقط أريدك أن تسمعني قبل أن تحكم على الأمر "

اتسعت عيناه ذهولا من الرد الذي لم يتوقعه وفهم ماذا فعل هذا الرجل بابنته !.. إن كان لديه مثل هذا اللسان المعسول الخادع فإن ابنته الصغيرة لن تقاوم جاذبية الانبهار
هتف بانفعال كاره

" هل تجرؤ أن تحدثني عن كرامتنا التي تريد إهدارها ؟!.. أنت متزوج من ثلاث نساء .. اتق الله واتركنا لحالنا "

رد عماد برفق متفهما حالته

" سبق وقلتها لصدفة وساقولها لك .. هذا الوضع أُجبِرت عليه ولم اختره .. لكنه لن يطول .. صدفة عاجلا أو آجلا ستصبح زوجتي الوحيدة .. أنا طلبت منها فقط أن تصبر قليلا .. كان بإمكاني الانتظار حتى أنهي كل شيء ثم اطلب يدها منك .. لكن موضوع عفيفي جعلني أتحرك الآن لأني أخاف عليها .. ولك ولها كل الحقوق والضمانات التي تجعلكما مطمئنين لي "

ضرب كفاً بكف يحاول أن يتمالك أعصابه قائلا

" ضمانات !.. تقصد مالاً !.. لم ازوجها لعفيفي حتى لا ابيعها ولأنه متزوج واحدة فقط .. والآن تريدني أن ابيعها لك ؟! "

خرجت صدفة من الغرفة ووقفت بنهاية الممر القصير تراقبهما فرآها من خلف كتف أبيها مكررا

" تبيعها ! "

رفع المهدي سبابته كقسم صارم محذرا

" اسمع يا مَن جئت تشتريها بالمال .. بنات الناس لسن لعبة بيديك لكي تضع الثمن الأعلى وتحمل بضاعتك وترحل .. بنات الناس غالية .. وابنتي أغلاهن "

كانت شاحبة .. تائهة .. عيناها خائفتين ، والأمواج فيهما راكدة بلا حياة
أين طوفان العشق ؟!.. أين بريق الغضب ؟!.. أين انتفاضة المقاومة ؟!
عيناه تصل لعينيها البعيدة يطمئنها ويشهد لها

" اعلم .. ولأنها لم تكن أبدا لعبة ويشهد الله اني ما فكرت بها هكذا يوماً .. فأنا اليوم اطلب يدها منك على سنة الله ورسوله "

هز رأسه بلا تصديق للاصرار الذي يسمعه بصوته وبدأ صدره يتشنج وجعاً فلوح بيده مستهجناً

" هذا لن يحدث .. ألا تدرك وضعك في مجتمعنا وكلام الناس عن أمثالك ؟.. هل تتقدم الدنيا أم تعود للوراء ؟!.. كيف تريدني أن اوافق على رمي ابنتي هكذا ؟! "

أعاد عينيه إليه قائلا بتصميم هادئ

" في مجتمعك أنت .. لكن عندي أنا هناك أفكار لا تتغير مهما تقدمت الدنيا .. في بلدتي يعتبرون الأمر عزوة وعائلة .. وأنا ابن الشيخ كبير العائلة وقبيلتنا لها جذور من شرق الأرض إلي غربها .. ومع ذلك فأنا لا أريد هذا الوضع وأريد بيتاً واحداً واستقراراً .. أنا فقط اخبرك لتطمئن لوضع صدفة مع أهلي مستقبلا .. هى بينهم ستكون معززة مكرمة كل ما تطلبه مجاب "

سكت لحظات يستوعب ثم هتف بدهشة غاضبة

" قبيلة !.. تريد أن تأخذ ابنتي لبلدة بعيدة وتنزع جذورها من هنا لتغرسها في أرضك هناك ؟!.. تريد أن تعزلها عنا كأن لا أهل لها ! "

من خلف كتف المهدي تعلقت عيناه بها وهى تراقبهما بقلق ، تنساب الأفكار داخله بمشاعر تزلزل كيانه ..
أرى الموج داخل عينها يتحرك ببطء .. أو ربما غلالة الدموع التي عكست لي حياتي داخل دائرة سماوية من خلف ستار جفنيها الذي أغلقته لحظة .. ثم فتحته بدمعة أكثر كثافة حتى خيل لي إنها تخفي خلفها كنزاً .. وإن نزلت .. ستشرق الشمس حتماً من جبهتها النورانية .. ثم تغرب .. فيظلم كوني ظلاماً دائماً !..

ولكي ألحق تلك الدمعة أن تسيل تحولت مائة وثمانين درجة فقمت بوضع كل ما أملك رهن إشارة وليها ..
وقبل أن تنتهي أفكاره .. على طبق من فضة الصدف كان يقدم فروض الطاعة والولاء .. وحياته أن أمكنه قائلا

" بالطبع لا .. قلت لك اخبرك لتطمئن .. أنا أعيش هنا وتعلمت هنا .. وكما قلت أنت إنها أغلى البنات .. والغالي للغالي .. اشتريت لها شقة بأحدث وأفخم برج تم بنائه بالعاصمة .. وساكتبها باسمها ضماناً لها .. ولها مني أرض تطرح أجود أنواع الفاكهة ببلدتي .. بالوادي .. بستان فاكهة سيكون ملكها وأوراقه باسمها .. وإن أردت ضماناً أكبر فلها ما تطلب "

نظر المهدي إليه بذهول الغضب ثم بسط يديه المجعدتين أمامه يرد بتصميم أكبر وأبوة محاربة

" ما زلت تحدثني في الضمانات !.. والله إن وضعت الدنيا في كفيّ هاتين ما وافقت أن توضع ابنتي بوضع كهذا .. أو أن تشتريها بالمال كما تفعل الآن "

ولم تكن دهشتها أقل من أبيها وهى تسمع العرض لأول مرة ، وكما قال لها أن المال والخوف أسلحة العالم اليوم .. فها هو قد قدم المال والآن دور الـ... !
ترقبت صدفة بانتباه للقادم فجاء رد عماد مهذباً منافياً لأفكارها

" اسمعني يا عم مهدي ... أنا شرحت لها ظروفي وما حدث لأكون بهذا الوضع .. وهى وضعت شرطاً أن اطلق الثلاثة وأكون حراً قبل أن أتزوجها وأنا وافقت ثم تراجعت هى عن شرطها .. اسألها إن أردت .. وإن وضعت أنت لي هذا الشرط مجددا ساوافق لاني كما قلت أرغب بحياة مستقرة بعد التشتت الذي أعيشه بسبب ظروف أُجبِرت عليها "

ظل المهدي صامتاً مستنكرا فتابع بصدق

" اقسم لك برب الكون ما فكرت يوماً أن تكون هذه حياتي ولا خططت للزواج بأكثر من واحدة ولم أكن أبداً من راغبي التعدد .. كل ما حدث كان قدراً وضميري لم يسمح لي أن افكر في نفسي فقط واترك كل شيء خلفي .. تحملت مسؤولية عن عائلتي كلها ثم عن أسرة بسيطة ستضيع بهذه الدنيا وهكذا حدث ما حدث "

طال الصمت حتى ظن عماد أن هناك أملاً لأي تفاهم لكن قتله المهدي قائلا بجمود

" حتى لو صدقتك .. أنا الذي لم اظلم أحداً بحياتي تريدني أن اظلم ابنتي أكبر ظلم ستراه في حياتها ! "

زم شفتيه وهو ينقل نظره بينها وبين أبيها ، وللحظات تذكر يوم تقدم لروينة ، كانت الكلمة كلمته وكلمة ماله ، ويعترف أنه ظن الأمر مماثلاً وأن العقبة في صدفة لا بأبيها ، فإن وافقت هى وذلك الجزء الذي نجح فيه فإنه بقادر على إقناع أبيها لكنه اكتشف خطأه !
الغضب بداخله يصل أقصاه لكنه يقبضه كالعادة عائدا لمحاولة أخيرة مهذبة

" قلت لك هذا الوضع مؤقت .. حياتي لن تستمر هكذا وسيكون لها ما تريد "

هز رأسه نفيا بملامح مكفهرة ليغلق له كل الطرق بالقول

" وإن طلقت كل نسائك لن أوافق أيضاً .. لن يقال عن ابنتي إنها الرابعة في حياة زوجها أو أن زوجها طلق قبلها ثلاث ومصيرها مثلهن "

مسح عماد وجهه بكفه زافراً بعمق مرهق قاتم ، كيانه كله كسيارة نقل اصطدمت بجدار سد .. حدثت الكارثة ولا تراجع ولا تقدم وفقط .. سـد !

أشاح المهدي بوجهه يرفض النظر إليه كرفض قوله

" تفضل الآن .. طلبك مرفوض .. وإياك أن تعترض طريقها مجددا "

استندت صدفة برأسها لإطار باب الغرفة وقلبها ينسحق ببطء مؤلم ودوي صاخب ، رآها عماد فابتسم ليقول بهدوء مريب

" شكرا أنك قابلتني .. واعترف أن معك كل الحق في رفضك .. فرغم حبي لها والذي أثق فيه أكثر من نفسي لكني ادرك أنك تفكر بالمستقبل .. ومستقبلها معي ملئ بالأقاويل والمتاعب حتى لو وفرت لها راحة مادية ... لكن أيضاً هناك شيئا آخر يجب أن تعلمه وأثق به تماما "

وقف فجأة فوثب قلب المهدي فزعاً ورفع رأسه لطوله السامي يطالع جسده القبلي الشديد وملامحه التي تجهمت وهو يتابع بأصل لهجته .. ونبرة هادئة واثقة .. مخيفة

" صدفة لن تكون لغيري مهما طال العمر .. ولو أوقفت حالها بيدي وظلت هكذا .. لكن أبداً لن تكون لغيري أنا .. وهذا وعد مني .. وعد من ابن كبير الزِيِن .. وما أدراك بوعود رچال القبائل "

انكتم الكلام بفم المهدي وظل ثابتاً رغم الخوف الذي يخفيه بمهارة عمره ، فألقى عماد نظرة أخيرة عليها حملت وعداً ووعيداً .. قبل أن يغادر بكل هيبة ملوكية مغلقاً الباب خلفه

يوماً ما أسرتها تلك اللهجة وهو يتغزل فيها سحراً .. وإن كنت داراً للهوى .. فيا ليت في عينيك السكنى

ظلت عيناها بالباب الذي خرج منه كما دخل .. واثقاً رصيناً .. حتى بغضبه لا يفقد أعصابه .. وله ذلك السحر الرجالي الذي يطلقه حين يريد ، كأنه ملكاً يأمر ويطاع

حتى سمعت والدها يستجير

" حسبي الله ونعم الوكيل "





يتبع ...



التعديل الأخير تم بواسطة نورهان عبدالحميد ; 22-12-20 الساعة 12:35 AM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 22-12-20, 12:07 AM   #1306

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي





تاهت ملامحها في شرود قلق وهى تقف على الرصيف المواجه للبحر .. تنتابها خفقات القلب ملونة بزخرف الحب و.. لكن .. ثلاثة أحرف تجعل من الكون مكاناً محدودا لضيق صدرها

هذا المكان الذي تتلاقى أمواجه بأمواجها في تنافس غير محتمل .. يهدر ارتياحاً وتهدر عذاباً
تسأل قلبها ونفسها .. هل فقدتِ أنا يا أنا ؟!

سمعت صوته الهادئ المشتاق وهو يقف جوارها

" صدفة "

وكان الجواب يخبرها وينفيها .. ينفي اسمها ليبقى قدراً كما اختاره هو .. نعم فقدت أنا الصدفة .. لا وجود للصدفة بهذا الكون ، كل شيء قدر مكتوب على جبين لم يرَ النور بعد
التفت وجهها تطالعه يهون عليها وقع حياتها ويزيد الخوف والحيرة ، وجهه الذي يخصها به لا وجه الأمس المهدد

يتأمل الجمال الرباني المحاط بحجابه فيشفق على سهر عينيها الواضح قائلا

" تبدين متعبة "

هزت رأسها إيجابا وهى تخفض عينيها معترفة

" لست بخير "

استدار عماد يستند بظهره للسور القصير متسائلا

" ماذا فعل والدكِ معكِ بعد مقابلتي ؟ "

ردت صدفة بلا حيلة

" يقاطعني "

ظلت صامتة لثوان وهو يفكر ثم نظرت للبحر تتابع متنهدة

" معه حق .. لقد خذلته .. ظن إنني عاقلة وواعية كفاية كي لا أقع بخطأ كهذا "

لمس مرفقها لتنتبه إليه مؤكدا بجدية

" ليس ذنبكِ .. لم تعلمي .. لكنكِ عاقلة وواعية كفاية بالفعل وإلا ما أحببتكِ وتمسكت بكِ لهذه الدرجة "

عادت تنظر لعينيه السوداء المطمئنة ، حبيبة القلب وخادعته ، لطالما كانتا ماكرتين غامضتين .. لكنها لم تظن الغدر أبداً ، ومع ذلك .. هما كل الحنين اليوم
معهما .. وهو معها يمازحها مشيرا لعقله

" تعرفين أن الطريق لقلبي هو عقلي وليس معدتي !.. وقد أقنعتِ هذا العقل تماما "

ظلت ملامحها كما هى بلا تعبير سوى الانطفاء فقال مبتسما بعفوية

" هل تتذكرين حين كنتِ تشرحين لي برامج التأمين في الشركة التي كنتِ تعملين بها قبل سفركِ ؟.. كنتِ تتكلمين بسلاسة وفهم وتضعين بصمتكِ الخاصة بالكلمات .. ترسمين لي مخططات الأعوام القادمة والتغيرات التي قد تطرأ على السوق .. جعلتِني افكر بكل كلمة من جديد بعد أن كانت الفكرة مجرد تأمينات للموظفين "

من ميزات عماد التي ربما لن يلاحظها أحد .. تعابير وجهه اثناء الحديث .. إن كان صادقاً كل ما به يتفاعل ، تحب حركة حاجبيه صعودا ونزولا .. عينيه اتساعا وضيقا ، وإن كان كاذباً يكون هادئا جامدا بارداً بلا مؤشر ولا قراءة
ترى وجهه وتتذكره ذلك اليوم قبل أن يحلق لحيته فيغلبها الحنين بالقول

" كنت أول شخص اشرح له وأتجنب النظر في عينيه ... لأنك كنت ... "

وتحب ذاك الاتقاد بملامحه حين ينسى بالنظر لعينيها كل الكلام .. والخوف المباغت يطل منهما أن تضيع منه .. الآن فهمت سر ذلك الخوف القديم ، والآن أيضا يطل الخوف برغبة امتلاك لا رادع لها ، وشعور لا إرادي بأن هناك قبضة وهمية تطبق عليها لن تفلتها
أكمل عنها ما قطعته وإحساسه يعلو بكل حرف صدقا

" كنت أركز بعينيكِ ولونها .. بحركة شفتيكِ مع الحروف .. بملامحكِ .. كأن القمر أنار وجهكِ بعينيّ .. بلا إرادة مني .. واقسم لكِ ما نظرت لامرأة هكذا منذ وقت طويل ... لكنني اخبرتكِ من قبل .. نظرت لعينيكِ وإذ بي أجد عمري الضائع يعود حراً بين كفيكِ "

بالماضي كانت تستطيع الحب بمصطلحات الذكاء الأنثوي وضبط المسافات ومعدل الأشواق واللهفة .. كانت تهدد .. ستعاقبك الأمواج بفقداني
الآن .. صارت متلقية بامتياز .. تتلقى سحرا وكلمات وهى مخدرة .. ما عادت بقادرة على مزج الأسرار وحل الألغاز العشقية
صارت تريد أن تضيع في عينيه .. تموت وترتاح .. في عينيه
حركة المارة خلفها أيقظتها من السحر المخدر فعادت للواقع متسائلة

" كيف تهدد أبي بأنك ستوقف حالي وتمنعني من الزواج بغيرك ؟ "

رد عماد بمنتهى الهدوء وذاك السحر الملكي

" هذا ليس تهديدا .. هذا ما سافعله .. لقد اقسمت أنكِ لن تكوني لغيري ... هل تذكرين ؟ "

وكل ما يقوله الآن صدقاً .. وكم صارت قراءته إجادة قلبية لا تصدق حدوثها
إجادة تجعل القلب يصرخ ، والعشق يطفو لحظات لتنطق تائهة

" عماد .. أنا ... "

وأحبك .. أكثر من كل ما تمنيته يوما
وأحبك .. وما لي هادٍ ولا طريق إلا وينتهي إليكَ

قرأها بعينيها .. اقترب خطوة وصوته يخفت بإلحاح حار

" قوليها صدفة ... لم اسمعها منكِ منذ وقت طويل "

ارتجفت شفتاها لتنطق وهى تخسر أمام عينيه لكن رنين هاتفه أجفلها فابتعدت قائلة بارتباك

" عماد .. نحن في الشارع "

ابتسامة صغيرة زينت وسامته ثم أخرج هاتفه ينظر لشاشته فلمحت اسم روينة ، وتأكدت حين ابتعد خطوة ناظرا إليها بتوتر يفتح الخط مستمعاً ثم يرد بخفوت

" لن اتأخر .. حسنا ساحضره معي .. نعم .. اتمنى .. لا لا .. لا مشكلة .. أي شيء .. سلام "

اشتدت يدها على السور بلا احتمال لتتحرك بالقول

" أنا ساذهب "

أمسك عماد مرفقها يوقفها قائلا

" لا انتظري .. لم نتحدث في أمر والدكِ بعد .. ستتناولين الغداء معي "

لم تنظر إليه وصدرها يشتعل ناراً تتوهج حرارتها بوجنتيها فترد غضبا

" لا استطيع .. تأخرت وقد يظن أبي إني ... "

قاطعها وهو يقف أمامها ضاغطا على مرفقها باحتياج صوته

" لأجلي صدفة .. ظلي معي قليلا اليوم "

رفعت عينيها الغاضبة لوجهه و .. تذكرت ميزة أخرى .. يجيد سكب الماء على النار جيداً !



جلست بنفس المطعم الأثري الذي كانت تأتيه لتتذكره ولا تطلب فيه إلا القهوة التي صارت صديقتها الأثيرة
كالمعتاد أمسك قائمة الطعام يقلب صفحاتها ويسألها أولا

" ماذا اطلب لكِ ؟ "

كانت تتأمل فيه أيامها السابقة والحلم الوردي الذي رسمته واختفى ، ثم عاد على موعد .. على شوق .. على قدر
أجابت بعد لحظات تمنع الدموع عن عينيها بالقوة

" لا أريد طعاماً .. قهوة فقط .. رأسي يؤلمني "

وكالمعتاد يختار الأحلى والأغلى ويفرضه فرضاً قائلا بأريحية

" هناك نوع من الأسماك أريدكِ أن تتذوقيه .. سيعجبكِ "

نفخت صدفة تنطق بحدة

" عماد ! "

وكالمعتاد أيضاً لا يعير اعتراضها اهتماماً وهو يشير للنادل ثم يمليه الطلبات ثم يقول مبتسماً

" ساطلب لكِ القهوة بعد أن تتناولي شيئا "

انقبضت يدها على حافة الطاولة وهى تقول باختناق حاد

" تعرف إني لا أحب فرض الرأي هكذا في أي شيء .. اختنق "

استند لظهر كرسيه فاردا ذراعه على الطاولة ينظر لوجهها الثائر ورد فعل انفعالي حقيقي يخرج منها أخيراً .. يعلم إنها مختنقة ولم تعد تحتمل ضغطاً ولا كلمة .. عزاؤه الوحيد سينتهي كل هذا العذاب بعد زواجها منه !.. أو ربما يتمنى هذا !!

طال الصمت قاسياً بنظرة تذيب ما تبقى منها .. تزلزل الثابت فيها ، وتهلك كيانها المتهالك مسبقا بحبه الجارح .. حتى فتح يده على الطاولة يطلب يدها هامساً

" هل يمكنني أن ألمسكِ ؟ "

خفق قلبها سريعا فرفعت يدها تضغط عضلات عينيها التي تشنجت من منع الدموع وتضايقت ملامحها هاتفة بنبرة منخفضة غاضبة .. عاجزة

" لا تفعل هذا .. عقلي مشتتاً من كثرة التفكير ولأول مرة في حياتي أجد الخطأ واتجه نحوه .. المشكلة إني مفتوحة العينين بل وأجد الصواب في هذا الخطأ ولا اعرف كيف ؟! "

ظلت كفها على عينيها لحظات تنظم أنفاسها المضطربة وهو يراقبها بحنان دافق ثم نظرت إليه لتواصل بصوتها القاتم المشوش

" اشعر ... اشعر بالانفصال عن العالم .. ذلك البرج العالي الذي أريتني إياه .. أريد الانعزال فيه ولا يراني أحد .. وكلما فكرت في ذلك الخطأ اسأل نفسي .. هل سينظر سكان تلك المنطقة للموضوع بنفس نظرة الحي الذي أسكنه ؟!.. وأهلك .. هل سيكرهونني أم يعتبرونني من العائلة الكبيرة والسند والعزوة التي يقدرونها في بلدتك كما تقول؟!.. ثم افكر فيما يهون عليّ الأمر حتى لا ينفجر رأسي .. افكر أن في ذلك البرج .. الكل منشغلا بحاله .. بماله .. المال يسكت الأفواه .. وأصبح المنظر الاجتماعي هو الأهم مما وراء الأبواب المغلقة .. لا يهم إن كنت الرابعة .. وربما لن يعرف أحد إنني الرابعة .. المنظر سيقول إنني زوجتك .. وكفى "

بدون أن تشعر كانت تلمس جرحا من جراح التعدد التي أصابته هو أيضاً .. نظرة طبقات المجتمع.
التعدد للرجل .. سند وعزوة في طبقة .. وشهوة ونساء في طبقة ..
اقتدار وترف في طبقة .. ونقص وإهانة للنساء في طبقة
والتعدد للمرأة .. ضعف واحتياج وقلة حيلة في طبقة .. وخاربة بيوت وخاطفة رجال في طبقة .. وجنون ونقص عقل في طبقة
وتبقى الاسئلة !!

أطبق عماد يده ورفعها يحركها على ذقنه ثم سأل بلا تعبير

" هل ظلمتكِ معي لهذه الدرجة ؟! "

سحب نفساً عميقاً يعود مستنداً بذراعيه على الطاولة ليسرد بصدق

" حين رأيتكِ صدفة .. لم افكر إلا في شيء واحد .. هذه الفتاة أحببتها وأريدها .. أخيرا بعد تسع سنوات عاد قلبي ينبض .. كأني ما عشت إلا ما قبل تلك السنين .. ثم حدثت فجوة ابتلعتني في دوامة لا خروج منها .. ثم فجأة ظهرتِ أنتِ لأخرج منها .. استفيق .. اعيش مجدداً .. وأسامح نفسي "

شعوره بكل كلمة يجعله بأصدق لحظة بحياته وهو يصفها .. حياة من نقطتين وفجوة .. سلاف نقطتها الأولى .. وفجوة التسع سنوات اللاحقة .. وصدفة نقطتها الثانية .. المنقذة ، وكان أدق وصف لحياته

تابع بمرارة صوته العميق

" وبعدما تعرفنا .. بدأت كل العوائق تأتي بذهني .. أحيانا تمنعني عنكِ بالمستحيل .. وأحيانا تشعرني بالذنب لما ساترك خلفي إن طاوعت نفسي .. كأن تلك الدوامة تقاومني لتسحبني كلما تمسكت بكِ .. أنا أيضا افكر كثيرا ورأسي سينفجر صدفة .. لستِ وحدكِ "

نظرت إليه بصمت طويل تفتش بين الكلمات عما قبض قلبها ثم سألت

" ماذا تقصد أنه بعد تسع سنوات عاد قلبك ينبض .. وأنك ستسامح نفسك ؟! "

جاء النادل يضع الطعام بينهما فأخفى وجه عماد الذي رأته يتبدل بسؤالها
تخدشها أظافر الشك مجددا فتكرر بجدية

" ماذا تقصد بما قلت ؟ "

بدأ بتناول طعامه مجيبا بلا اكتراث

" لا شيء "

ردت بنبرة قاطعة وسماء عينيها تتعمق داكنة

" ماذا تخفي عني مجددا ؟.. لأني إن عرفت إنك أخفيت عني شيئا آخر لن أسامحك أبداً بعدها .. سيكون فراقاً لنهاية عمري "

ابتسم عماد قليلا يسأل بعبث

" هل هذا معناه أنكِ سامحتِني أخيرا ؟! "

نهضت بلا تردد فأمسك يدها يرفع رأسه لوجهها مجيباً

" لم اقصد شيئا محددا .. قصدت أن أسامح نفسي على ما فعلته بها في التسع سنوات عمر ثلاث زيجات بحياتي "

بل أكثر .. وإحساس الذنب لموت سلاف وهى قادمة إليه ، ربما لهذا اختار جميع نسائه هكذا
نظرت صدفة إليه لحظات تشعر بضغط يده على معصمها ثم قالت بريبة

" لا اصدقك "

لاحظت توتر فكه بحركة ضيق تعرفها ليرد

" سأظل كاذبا مخادعا في نظركِ طويلا صدفة .. لأنكِ صادقة جدا ستهول نفسكِ الأمر كثيرا .. لا بأس .. أنا أتفهم هذا "

ارتمت على الكرسي باستنكار تسحب يدها منه تسأل بنظرة مجنونة

" هل تراني أهول الأمر ؟!... حقا ؟! "

هز عماد رأسه نافياً

" أبداً .. الأمر كبير وسخيف ولكِ كل الحق لتغضبي .. أنا معترف ! "

تتسع عيناها ذهولا من بساطته المعهودة فرقت ملامحه أكثر هامسا

" أنا آسف ... والله آسف "

أجاد سكب الماء مجدداً !.. لا تعرف كيف يفلح ؟!.. ولكنها حرفياً نار تهب ثم تنطفئ بنظرة أو كلمة منه
أطرقت طويلا تتنفس بصوت مسموع لها كبقايا سحب دخانية تؤلم صدرها وتهول الأمر أكثر وأكثر فتسمع صوته

" تناولي شيئا صدفة .. من فضلكِ "

عضت على شفتيها تقبض رجفة اهتمامه ثم نظرت إليه تسأل

" ماذا سافعل .. مع أبي ؟ "

ضحكة خافتة صدرت منه وهو ينظر إليها باستغراب متسائلا

" لحظة واحدة !... هل ستكونين زوجتي قريباً ؟! "

شرد في عينيها لثوانٍ قائلا بابتسامة ذاهلة

" كنت افكر إننا دوما في حالة قلق وتوتر وغضب .. لم نفرح ولو لدقائق "

تبسمت حسرةً أرهقت قلبها ، ومرارة تخبرها حقيقة وجودها مع رجل متزوج بمنتهى الخطأ تسأل

" هل ترى فرصة للفرح ؟! "

أمسك عماد كوب الماء يشرب نصفه وتركه في يده ينظر إلي النصف الممتلئ يجيبها

" نعم صدفة .. عودتنا فرصة فرح .. موافقتكِ فرصة فرح .. وجودنا الآن معاً فرصة فرح .. إذا أردنا نحن .. سنجد أكثر من فرصة "

توقف ناظرا إليها فنظرت في ساعتها بارتجاف تأثرها ثم قالت بامتعاض تخفي به صرخات قلبها

" عماد أنا تأخرت .. ومرهقة لدرجة أن الكلام صار مجهوداً بالنسبة لي "

لم يرد حتى رفعت وجهها بحذر فوضع الكوب بملامح قاتمة متهكما ببرود

" سابقاً كنتِ تكرهين النظر إلي ساعتكِ معي .. كان تعب العمل والاعتناء بجدتكِ يضيع وقت رؤيتي .. اليوم أصبح الكلام معي مجهوداً !! "

أدارت وجهها المعذب للجهة الأخرى فتغير صوته وهو يسأل بجدية

" هل تغيرت مشاعركِ نحوي صدفة .. بعد غيابكِ .. وبعد معرفتكِ للحقيقة ؟ "

طعنة مثالية في توقيت الموت حتماً ، لتواجه مرآة روحها ، تواجه كرامتها الأبية .. التي كانت أبية !.. فتموت مرتين ، وتحب مرتين ، وتكره مرتين
صوتها الناعم يترقق بالحزن ويتمزق بالغضب مجيبة

" نعم تغيرت .. أصبحت أحبك وأكرهك في وقت واحد .. وأكره ضعفي نحوك .. وأكره كل الطرق التي تنتهي إليك .. وقاربت على كره نفسي "

وكسرت المرآة بعدما رأت ظلاماً ، ليت عذابها كله مرضاً وشقاءً ، عذابها في نفسٍ ما ظنت سيضعفها حب دنيوي لهذه الدرجة
نظرت إليه بغضب تشير لصدرها تقول باحتراق

" بعدما وضحت الأمور تغير كل شيء .. المفترض أن أظل بعيدا كما فعلت من قبل لكن الآن .. اشعر اني عالقة في حلقة مفرغة .. مَن تعرف رجلا متزوجا يطلقون عليها خاربة بيوت .. لكن أنا .. ما تصنيفي وأنا اعرف رجلا متزوجا من ثلاث ؟!.. إحداهن ابنة خالته .. من عائلته ومن دمه "

ذكر ليلة أظلم وجهه أكثر فيزداد تملكه لصدفة وألم قلبه معها قائلا بالأمر الواقع

" على الأقل ما زلت نفس الشخص الذي تخبرينه بما تشعرين .. أتفهم تماما كل ما تقولينه صدفة .. لن تتقبلي الأمر أبدا وهذا حقك .. وذنبي .. تكفيني كلمة أحبك التي قلتِها منذ لحظات .. عامةً كل شيء سينتهي قريبا كما تريدين .. توقفي فقط عن تعذيب نفسكِ "

أسندت جبهتها على كفها ترد بحيرة

" تعذيب نفسي !.. أنا حائرة وخائفة .. خائفة من اقترابي منك وخائفة أكثر من ابتعادي عنك .. أخاف الندم في كل الحالات .. أخاف أن أدخل بقدمىّ إلي النار .. وأخاف إن ابتعدت أن تضيع الفرصة التي حلمت بها لسنوات "

أمسك معصمها ليبعد يدها عن رأسها فتطالع وجهه متسائلا بهدوء

" أي فرصة ؟! "

سلمت أسلحتها للحظات واعترفت بألم

" فرصة الحلم المثالي .. الحلم الوردي الذي حلمته كل فتيات العالم .. فارس الحصان الأبيض .. الشاطر حسن .. رجل يحبها ويحضر لها نجوم السماء بإشارة منها .. حياة رائعة وأسرة كبيرة وأطفال جميلة مميزة .. راحة .. لا مشاكل ولا هموم ... لقد كبرت وصدقت انها قصص أطفال ليست موجودة بالواقع .. مَن أنا ليأتيني كل هذا ؟.. رضيت وقنعت .. حتى جئت أنت .. الحلم المثالي .. لكن للأسف "

تعانقها نبضات قلبه بلا مساس ، نفس طويل خرج من عمق صدره تأثرا بها بلا إرادة ، وصوته يتحشرج بالقول

" أنا ما زلت أنا صدفة .. وسيكون لكِ كل ما حلمتِ به .. ما زالت هذه الفرصة بين يديكِ .. ملككِ .. وستكون لكِ وحدكِ .. وفوقها الحصان الأبيض ونجوم السماء إن أردتِ "

مالت شفتاها بسخرية بسمة للسعادة المبتورة قبل أن تصمت مترددة ثم تقرر بنبرة جامدة

" لدي شرط آخر "

رد عماد تلقائيا

" قلت لكِ اني موافق على كل شروطكِ وبلا نقاش "

ذكرى قبضتها على السور وهو يكلم زوجته منذ قليل ، تلك النار التي نُفِخَت بصدرها ، فأطبقت على يدها بالأخرى لتقول

" إن لم احتمل .. وطلبت منك الطلاق يوماً فلتفعل دون نقاش أيضا .. وتأكد انني حينها سأكون قد فكرت ألف مرة .. ووصلت لاخر احتمالي فلا تزيد ألمي بمماطلتي أو تعليقي على ذمتك "

أنهت كلامها وظلت عيناها تواجه وجهه الذي تجمد بقناع غاضب ، وجها أسود لم تره إلا عندما يغار .. عندما يذكر كلاماً عابراً عن الشرف .. عندما يمس أحد ما يخصه ، يعود لأصله القبلي
تحترق شمس الحضارة بملامحه الصحراوية لتهب الرمال بجذوة اللهب .. همجية

تجزم أنه يتمالك غضبه خاصة حين أخفض عينيه عن رؤيتها طويلا صامتا ، ثم قال كأن لم يكن شيء

" فكرت كثيرا في أمر والدكِ ووصلت إلي شيء واحد .. ساخبركِ وإن وافقتِ سننفذ فوراً "

عاد يتناول طعامه بضغط عصبي تشعره حولهما فآثرت تأجيل إصرارها لتهمس

" ماذا ؟ "





يتبع ...



التعديل الأخير تم بواسطة نورهان عبدالحميد ; 22-12-20 الساعة 12:41 AM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 22-12-20, 12:08 AM   #1307

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي





بعد أيام

جالساً أمام الحاسوب يطالع أسعار بيع الماس والمجوهرات ، وخاتماً بألماسة خضراء يشبه حلي الملكات على الشاشة يلمع
يدخل إلي حساباته البنكية يرى ما تبقى له من مال فيها ليتصرف ، ابتسامة ماكرة تلوح على ملامحه وهو يخطط للقادم !

تعالت طرقات على باب شقته فنهض يفتحه ثم هتف مندهشاً

" فجر ! "

رفعت رأسها تنظر إليه بشموخ يأسر في محيط عينيها الغاضبة ، وكأن كلمة وطن منطبعة كالنسر فوق جبهتها .. وجناحيه هما رموش عينيها الجارحة
لم يعرف زايد هل يدعوها لتدخل أم يخرج هو قائلا بحرج مما فعل

" لم أتوقع أن تكوني أنتِ .. خاصة هذه الأيام ! "

مدت فجر يدها بقرص ضوئي للحاسوب ثم قالت بسمو مقامٍ رفيع

" قلت لي أن انظر حولي .. لذلك وجدت أن الصورة حقاً خير دليل "

أخذ زايد القرص بلا فهم وقبل أن يسأل عادت فجر إلي شقتها وأغلقت الباب !.

دخل يتفحص القرص باستغراب ثم عاد مكانه يضعه بالحاسوب ليطالع عرضاً عن .. دول العالم !

بدأ العرض بصور عن أحياء في أكبر مدن العالم كساها الفقر لتصبح صورة متطابقة مع العشوائيات التي نعرفها

يقرأ زايد وعيناه تتسعان للمغزى .. وتحت كل صورة كتبت فجر عنوان مقال ما ..


( دراسة على مستوى الاتحاد الاوروبي تشير أن نحو خُمس سكان ألمانيا مهددون بالفقر أو التهميش )

( اوكرانيا وفق الدراسة تحتل المركز الأول في مستوى الفقر بين الدول الاوروبية على الرغم من وفرة الموارد فيها )

( الأمم المتحدة تتهم ماليزيا بالتلاعب بمؤشرات الفقر لتبدو بلا فقراء )

( ثروات أغنى أربعة رجال في اندونيسيا تفوق ما لدى أفقر مائة مليون مواطن في جزر آسيا )

( نيودلهي عاصمة الهند الأكثر ضوضاءً والأكثر تلوثاً وفقاً لدراسة منظمة الصحة العالمية ، ومومباي الأكثر ازدحاماً بالسكان )

( موسكو عاصمة روسيا الأكثر ازدحاماً مرورياً وفقاً لشركة تكنولوجيا الملاحة الهولندية )

( روسيا البيضاء " بيلاروس " تعاني تفكك الاتحاد السوفيتي إلي الآن )

( عشوائيات كانيادا ريال باسبانيا فوضى بلا طرق ممهدة ، والبيوت من الصفيح أو الاسمنت وسط أكوام القمامة ، تريد السلطات هدمها بلا مأوى للسكان الذين يدفعون الضرائب دون أي خدمات ، لدرجة أن بعض الجهات حاولت تقديم الحي على إنه حي إجرامي لحشد الرأي العام لهدمه بدلا من إيجاد الحلول للسكان )

( الألماني كريستوف بوترفيغي في كتابه " الفقر في دولة غنية " : الأطفال المهملون نتيجة الفقر في ألمانيا هم قنابل موقوتة قد تنفجر في وجه المجتمع في أي لحظة ، والفقر يخضع لعوامل عدة منها عدم قدرة الفرد على تحمّل تكاليف شراء السلع الأساسية )

( جورج مينارشيه خبير مجلس الاقتصاد الأوروبي : بات السكن حلماً للكثير من الشباب الأوروبي )

( أسباب ازدياد الفقر في أوروبا أبرزها البطالة في صفوف خريجي الجامعات والمعاهد ، قلة الأجور ، الفساد الإداري ، تحايل الشركات والمؤسّسات الخاصة على القوانين ، تراجع الاستحقاقات الاجتماعية ورواتب التقاعد ، وارتفاع تكاليف للسكن )

( التفكك الأسري والانسياق خلف الغرائز في المجتمع الامريكي وانجلترا أكبر المشاكل الاجتماعية )

( الولايات الامريكية واسبانيا واستراليا الأكثر في نسب الإدمان وفقاً لصحيفة " تلغراف " البريطانية )



وغيرها الكثير أنهاه زايد بلا ملل في عرضها ، أن تبذل هذا المجهود في البحث لتوصل له الفكرة عملياً وهو يتحدث عن فكرة واحدة مُخزَنة فيهين وطنها الذي هو وطنه .. لكنه نسى .. نسى انه خرج من بلده مكرما ليسكن مكاناً قذراً ويعمل بالممنوع في بلاد الحرية

أغلق الحاسوب وتراجع مستنداً على الأريكة يبتسم بانتشاء غريب

فقر وتلوث وضوضاء وازدحام وتفكك وعشوائيات وبطالة وفساد وظلم وإدمان .. لقد لخصت فجر الأمر !

في مكاننا الثابت نسمع دون أن نرى .. وما أسهل التصديق .. نلمح البريق اللامع الذي يتم تصديره باحتراف فنستسلم للانبهار ولجرعة التحضر والمدنية التي تُبَث ببطء في العروق لندمن الفكرة .. فكرة تصغير قيمتنا وارتفاع قيمة الغير دائما

والحقيقة أن العيب في الأشخاص لا في الأرض التي تضمهم ، جميع الأوطان تستحق الإجلال
الأشخاص هم مَن دفعوا بوطن ليتقدم في كل شيء ، وآخرون دفعوا بوطن ليتأخر عن العالم

كل بلاد الدنيا بها الصلاح والفساد بنسب متغايرة .. فأي عقول تلك التي تأخذ من الفساد شعارا لوطنها تاركين الأفضل فيه ؟!

دوماً كان من تلك العقول المريضة التي تعلق فشلها على اسم البلد ..
فشلت إذاً اخبرني جنسيتك !!.. لا ماذا فعلت أنت !!

لقد كان يخطط ليراضيها غداً بعد حفل فرقتها .. لكنه الآن مدين لها باعتذار.








مساء اليوم التالي

ارتفعت الأنوار الزرقاء كاشفة للمسرح الكبير .. وتعالى التصفيق

في صفوفٍ تجلس ألماسة والزهراء ، جمال وروان ، زايد ، وكل مَن له قريب يشارك بعرض الفرقة ، وكل متابع لنشاط ( ثورة ) منذ بدأت

على المسرح انتظمت الآلات الموسيقية ، بيانو مصطفى وعود أمجد وكمان دموع وتشيللو ندى وغيرهم ، وخلفهم فرقة الأصوات الغنائية سيرددون ، ينتظر كل منهم دوره بعد أكرم الذي سيفتتح العرض ليثبت انه وجه جديد جدير بالاهتمام

وقف أكرم جوار فجر بمنتصف المسرح ينتظر بداية لحن القصيدة .. سيتناغم صوته مع إلقاء فجر مع عزف الموسيقى
( مصر تتحدث عن نفسها ) لشاعر النيل حافظ ابراهيم

أما هى .. بكلماتها هى .. ستلازمه بإلقاء الحكاية .. ستزامنه جراحاً وحروفاً وأنينا .. وبصوتها بدأ الحفل



" أنا الفجر
أنا الفجر الذي لم يرَ الشروق يومها
‏قالوا ربيعاً عربيا
قالوا إعصاراً غربيا
‏قالوا مؤامرة
‏لكني مجرد فتاة مصرية عادية
لم انزل عن مؤامرةٍ يا سادة
‏كانت لي ثورةً حقيقية
‏نزلت بحثاً عن الحرية
‏وآلاف مثلي بحثاً عن كرامة إنسانية "


( وقف الخلقُ ينظرون جميعاً
كيف أبني قواعد المجد وحدي
وبناة الأهرامِ في سالفِ الدهرِ
كفوني الكلام عند التحدي
أنا تاجُ العلاءِ في مفرقِ الشرقِ
ودراته فرائد عقدي
إن مجدي في الأولياتِ عريقٌ
من له مثل أولياتي ومجدي )



" لم يكن يتصورها أحد
كانت فكرة لا تزيد
فكرة بدأت بخالد سعيد
قبله فساد واستبداد كتمه الشعب سنين
وتونس الحرة نجحت قبلنا في الميادين
شرطة وسياسيين
جيش ومتظاهرين
مؤيدين ومعارضين
وفمعركة الجمل .. أنا الفجر الحزين
مات أبي هاتفاً وطنكِ يا فجر
ظلموك يا جمل .. يا رمز السلوى والصبر "


( أنا إن قدَّر الالهُ مماتي
لا ترى الشرقَ يرفع الرأسَ بعدي
ما رماني رامٍ وراح سليماً
من قديم عناية الله جندي )


" شهيد ومصاب وإلي اليوم بالإرهاب نعاني
لا عليك يا وطن
منذ زمن قلنا والله زمان يا سلاحي
هل سمعتم عن أحمد بسيوني ؟!
منظار الميدان بعدسة آلة تصويره
وقناص في انتظاره برصاصة يصيبه
الشهيد اسم أم رقم يُعَد ويُنسَى ؟!
حتى مَن يُسمَى المنسي لن يُنسَى
ميادين جديدة وقديمة تلونت مثل سيناء
سالت على أرضها مختلف الدماء
فليجرب مَن يحاول إسقاطها .. ونحن بالمرصاد "


( كم بغت دولةٌ عليّ وجارت
ثم زالت وتلك عقبى التعدي
إنني حرةٌ كسرت قيودي
رغم أنف العدا وقطعت قيدي
أتراني وقد طويت حياتي
في ميراث لم أبلغ اليوم رشدي

أنا تاجُ العلاءِ في مفرقِ الشرقِ
ودراته فرائد عقدي
إن مجدي في الأولياتِ عريقٌ
من له مثل أولياتي ومجدي )



انطفأت الأنوار .. وعلا من جديد تصفيق حار.




انتهى

ملاحظة : مصادر كل معلومات الرواية ستكون موجودة بنهاية الكتاب الالكتروني بعد الانتهاء

قراءة ممتعة


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 22-12-20, 12:44 AM   #1308

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 107 ( الأعضاء 36 والزوار 71)
‏sandynor*, ‏الجوزاء●°, ‏mango20103, ‏الق الزمرد, ‏هنا بسام, ‏Dalia.7rb, ‏Dreamdida, ‏Manar saif, ‏نوره صانع, ‏Amanykassab, ‏Mini-2012, ‏Jourialem, ‏قمر صفاء, ‏نوراااا, ‏Seham elhenawy, ‏أمل و ترقب, ‏ريم الحمدان, ‏ayaema, ‏Moon roro, ‏amira bacha, ‏soosbat, ‏ريماسامى, ‏asaraaa, ‏Just give me a reason, ‏Nidal Bayrakdar, ‏نوارة البيت, ‏Amira fares, ‏hadeer22, ‏منارًً, ‏nada alamal, ‏safoo85, ‏bas bas, ‏وعدي الابدي, ‏ام امامة
أدوات الموضوع إبحث في الم


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 22-12-20, 01:08 AM   #1309

amira bacha

? العضوٌ??? » 395233
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 282
?  نُقآطِيْ » amira bacha is on a distinguished road
افتراضي

الحمد لله على سلامتك يا ساندي، والله فرحت كتيييير يرجوعك، اتمنى تكوني في صحة جيدة ياا رب.
مشكورة جدا على الفصل


amira bacha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-12-20, 01:55 AM   #1310

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 127 ( الأعضاء 43 والزوار 84)
‏sandynor*, ‏Elhouda, ‏سمارة طوقان, ‏Soomi, ‏الثقلين, ‏Alanoud., ‏ام سليم المراعبه, ‏نفوسا, ‏لميس رضا, ‏Fraha Ragab, ‏ساكا, ‏شانزز, ‏نور المعز, ‏ورد الجناين, ‏حبيبيه, ‏ام الارات, ‏هنا بسام, ‏أميرةالدموع, ‏جنة سعيد, ‏منارًً, ‏حوراء ١, ‏nanash, ‏فله بنت احمد, ‏دينا باسل, ‏عاشقة الحرف, ‏فديت الشامة, ‏همس البدر, ‏Betos, ‏Reem salama, ‏amira bacha, ‏ايمان حمادة, ‏nevoo, ‏hafodha, ‏As.S, ‏سويتي شام, ‏يمنى ام تميم, ‏ayaema, ‏blue fox, ‏الجوزاء●°, ‏Dalia.7rb, ‏Dreamdida, ‏نوره صانع, ‏Amanykassab


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:59 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.