آخر 10 مشاركات
[تحميل] مهلاً يا قدر ،للكاتبة/ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          At First Sight - Nicholas Sparks (الكاتـب : Dalyia - )           »          مهلاُ يا قدر / للكاتبة أقدار ، مكتملة (الكاتـب : لامارا - )           »          وكانت زلة حياتي(111)-قلوب شرقية[حصريا]للكاتبةفاطمةالزهراء عزوز*الفصل14ج1**مميزة* (الكاتـب : Fatima Zahrae Azouz - )           »          عروس دراكون الهاربة(157)للكاتبة:Tara Pammi(ج3من سلسلة آل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          إِفْكُ نَبْض (2) *مميزة & مكتمله* .. سلسلة عِجَافُ الهوى (الكاتـب : أمة الله - )           »          Wed for the Spaniard's Redemption by Chantelle Shaw (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          صدمة الحمل(32)للكاتبة:Lynne Graham(الجزء الأول من سلسلة طفل دراكوس) *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          سحر الانتقام (13) للكاتبة المُبدعة: بيـــــان *كاملة & مميزة* (الكاتـب : ورد احمر - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2430Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-12-20, 10:53 PM   #3621

Freespirit77

? العضوٌ??? » 438407
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 48
?  نُقآطِيْ » Freespirit77 is on a distinguished road
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
في انتظار الفصل
تسجيل حضور


Freespirit77 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 10:54 PM   #3622

مّ .

? العضوٌ??? » 479034
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 19
?  نُقآطِيْ » مّ . is on a distinguished road
افتراضي

مساء الخير ❤❤.
للحين مش مصدقه ان حنا وصلنا لنهايه الرحله 👩🏽‍🦯.
يعز علي والله انه اخر بارت


مّ . غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 10:54 PM   #3623

samar mohammd
 
الصورة الرمزية samar mohammd

? العضوٌ??? » 396381
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » samar mohammd is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
انتظرتك بـ أمل في قلبـ♥ ـي .. ان تقتحم تلك السدود لتترأس أنت فوقها،، وتقل ها انا.. انتصرت وفزت بــقلبــ♥ــك وحطمت احجاره،، لكنها فقط #أحلام
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


.

تسجيل حضور تاني..
.



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 420 ( الأعضاء 147 والزوار 273)
‏samar mohammd, ‏شهدsoso, ‏Lutesflower, ‏safiato966, ‏ايميلي انا, ‏جنغوما, ‏بتو خليفه, ‏33Zain, ‏fathimabrouk, ‏yaser74h, ‏ميمو٧٧, ‏طوطه, ‏meryamaaa, ‏هدى هدهد, ‏Soaad yamen, ‏Shammosah+, ‏dodoalbdol, ‏لمعة فكر, ‏احب القراءه, ‏نور الفردوس, ‏nashwaalsaeed, ‏منالب, ‏Rasha.r.h, ‏مونى جيسى, ‏laila2019, ‏نيرو نانا, ‏tamy, ‏rasha moner, ‏غفران96, ‏هبة الله العواد, ‏Mayaseen, ‏ريعان مصطفى, ‏حسناء_, ‏markunda, ‏فاتن حسن, ‏داليا أمجد, ‏احلام العمر, ‏مالي عزا من دونك, ‏Samaa Helmi, ‏Salma62014, ‏نجوم1, ‏ghader, ‏redrose2014, ‏bochraa, ‏SORAYA M, ‏kozmo, ‏Dudy-nb, ‏فياصل, ‏bataomar, ‏linda sabry, ‏Sara Ali❤️, ‏ايثو كردم, ‏زهرة البست, ‏شوقا, ‏mamanoumanoul, ‏وردة البوفارديا, ‏قربي عمران, ‏همهمات صاخبة, ‏محبة التميز, ‏سويتي شام, ‏Rashaa84, ‏سمني هجران, ‏الق الزمرد, ‏فاطمه أأ, ‏عمرااهل, ‏مكيال, ‏MerasNihal, ‏Aisha Hamza, ‏اسراءالرسول, ‏ساره عادل محمود, ‏طابعة الحسن, ‏حبيبة اميري, ‏leria255, ‏هدوء الصمت222, ‏روفان11, ‏ميمات4, ‏سوووما العسولة, ‏وصال م, ‏طارق صلى, ‏Yahi, ‏منو6, ‏ريما الشريف, ‏غروب الامل, ‏Heckenrose, ‏Omsama, ‏SN Al, ‏كادىياسين, ‏فليفلة, ‏زهرة ميونخ, ‏لؤلؤة الأقصى, ‏أمل 1, ‏رودى رامى, ‏ميمو كوكي, ‏..هناك أمل .., ‏samam1, ‏بشرى *, ‏ام تالا و يارا, ‏SA99, ‏فاطمة٢٢٦, ‏asmaaasma, ‏Alaakhmh, ‏ام تسنم, ‏رمز الأمل, ‏Hadjer27, ‏Fatima hfz, ‏احلام حزينة, ‏Nana96, ‏أم سيف, ‏Nesma96, ‏فاطمة توتى, ‏موضى و راكان, ‏منى محمد, ‏سوسو ١٥٦, ‏الروح الهائمه, ‏بنت السلطانه, ‏ميرا عبده, ‏ضوى عبدالله, ‏19nour, ‏ميره مير, ‏Sama h, ‏دعاء المدثر, ‏samah gad, ‏ام ندى ويوسف, ‏نجمة جزاءرية, ‏يود البحر 7, ‏غرام العيون, ‏ذا رؤى, ‏رودى مطر, ‏DodeShady, ‏عماد فايز, ‏الفجر الخجول, ‏مى نبيل4, ‏Suzi arar, ‏NJN, ‏deva8, ‏dr.marwaalsokkary, ‏جواهر الخليج, ‏مطر الصيف, ‏اديم الروح, ‏Roooooby, ‏نور ابراهيم عبدالله, ‏S.F.MOHAMED, ‏هند عثمان, ‏ksuhaila, ‏ارورتي, ‏مروان مؤمن, ‏strom






samar mohammd غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 10:56 PM   #3624

ميره مير

? العضوٌ??? » 479464
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 168
?  نُقآطِيْ » ميره مير is on a distinguished road
افتراضي

بالانتظار بستنا الفصل عنار كل شويه رايح جاي

ميره مير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 10:57 PM   #3625

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 1

تنويه/
اليوم سيتم تنزيل آخر فصلين وهم 44و45 والخاتمة ان شاء الله الجمعة (بعد) القادم



الفصل الرابع والأربعون


(1)


وكأنه قد بقي في قلبها مكانا للحزن .. وكأن الفواجع هي قدرها .. أو ربما كانت على موعد مع اختبار قوتها النفسية .. مع اختبار مدى صلابتها بعد فترة من التعافي.. بعد سنين من جلد الذات ..أو ربما كانت رحمة بها للتوقف عن جلد الذات ..فالرحمة أحيانا تأتينا من رحم المصائب !.
كان اسم نجمة هو ما جمد يدها على الباب الذي فتحته تنوي أن تقبض عليهم متلبسين بجريمة الهروب من التجمع العائلي ليبقى الباب مواربا وتتخشب هي خلفه.
قال علي بانفعال " اسمعوا كل هذا لابد ألا نسكت عليه ..ما هذه الوقاحة والجرأة؟!!.. يتسببون في قتل نجمة ثم يهددوننا كي لا نفضح أمرهم!"
قال أكرم" اهدأ يا علي فالأمر ليس هينا وليس بسيطا أن نقدم بلاغا للشرطة نتهم فيه والد نجمة بالتسبب في موتها"
استطاعت أخيرا منح جسدها أمرا بالقيام بشيء ففتحت الباب في الوقت الذي قال فيه بشر لعلي" لاحظ أن بلاغا مثل هذا سيجلب الكثير من الألم لمليكة في قضية وتحقيقات فهل هي على استعداد لذلك ..."
"مليكة!!"
قالها مفرح مفزوعا وهو يسرع إليها فسقطت قلوبهم جميعا بين أقدامهم ..وساد صمت مرتبك .
خرج كلامها من فمها بصعوبة شديدة "ممممماذا.. نجمة قُـــ تــ لت "
أحاطها مفرح بذراعه المرتعش يسندها ويراقب ملامحها بجزع فقد كان معارضا قبل دقائق للرأي الذي يقول بأنها لابد أن تعرف وكان هذا الرأي بزعامة علي الذي هتف بحمية أخ مقهور على أخته" أجل يا مليكة هذه هي الحقيقة خالد الباجوري هو بالتأكيد خلف هذا الأمر فكل الشواهد تدينه وتثبت بأن الحادث كان بفعل فاعل وليس لأنها حاولت الخروج من أجلك.. "
رفعت قبضتها وضربت على قلبها برتابة تحاول استيعاب ما يقال فأضاف علي بسرعة وهو يقترب منها " لست مذنبة يا مليكة انفضي عنك هذا الشعور وتوقفي عن جلد ذاتك"
استمرت مليكة في الضرب على قلبها وهي تحدق فيه ثم في الوجوه الأخرى بذهول بينما قال أكرم هادرا في أصغر اخوانه" اسكت يا علي"
قال الأخير متألما "عليها ان تنفض عنها الشعور بالذنب ..عليها أن تعرف أن ابنتها قتلت وأنها لم تقصر في حقها "
أطلقت آهة متوجعة وهي تضرب على صدرها بشكل أقوى لا تعرف إن كانت بذلك تفيقه من الصدمة أم توقف شعورها بالوجع فيه .. في الوقت الذي أحس فيه مفرح بأنه سيصاب بنوبة قلبية خوفا عليها .
ساد الصمت المرتبك فلم يكونوا مستعدين بعد لإخبارها فظلت مليكة تضرب على صدرها مصدرة آهاتها ليقول مفرح" تعالي لترتاحي .. فلا تعلمي ما حكمة أن تظهر هذه الحقيقة الآن"
" آاااااه "
آهة أخيرة قالتها مليكة قبل أن تسقط مغشيا عليها.
××××
"باسمة"
"حبيب باسمة"
سألها كامل على الهاتف بخفوت " كيف حالك؟"
ردت تبذل جهدا كي لا تبكي " بخير يا كامل لا تحمل همي "
صمت كامل يفكر فيما علمه ظهر اليوم وفي الصدفة الغريبة التي حدثت له .. ولم يعرف ما تفسير ذلك بالضبط.. وما الحكمة من أن يكون خلاصه في يد غريمه؟ .. وهل سيقبل سيد بأن يشهد معه؟ .. هل سيقبل بعد ما بدر منه تلك الليلة أن ينقذه ؟.. أم أن عقابه على أفعاله مستمر .
يعرف أن شامل لن يستسلم وسيذهب إليه ليقنعه بكل الطرق حتى لو اضطر للتوسل له وهذا يغضبه وكأن العقاب لم ينته بعد .. لكن مفرح كان واثقا وهو يتحدث عنه بأنه سيأتي وسيقبل بالشهادة .. وهو يثق في نظرة مفرح في الناس.. فهل يجرؤ على التفاؤل أم انه سيؤذي نفسه إن فعل؟.
"كامل هل أنت معي؟.. هل تسمعني؟"
خرج من شروده يقول" حلمت بكِ ليلة أمس"
سألته" خيرا إن شاء الله ماذا رأيت؟"
ضحكة خافتة جاءتها فأصابتها بعدوى الابتسام ثم قالت" قل يا كامل "
نظر لزملائه في عنبر المساجين خلفه ثم قال بهمس أجش" لا ينفع الشرح حاليا يا باشمهندسة"
تراقصت ابتسامة على شفتيها مشفقة عليه .. بينما تغضنت ملامح كامل وقال بهمس ملتهب" أشتاق إليك بشدة يا باسمة شوق يكويني"
سقطت دمعة حارة من عينها مسحتها وهي تقول" اللهم قرب البعيد يا رب"
سحب نفسا طويلا ثم قال" لابد أن أغلق الآن.. اسمعي موال لكاظم الساهر اسمه (البارحة بالحلم) سيحكي لك تفاصيل الحلم الذي رأيته"
قالت بسمة وهي تمنع نفسها من البكاء لأنه سيغلق الخط "حاضر"
فأضاف كامل " واهتمي بنفسك وبابني من أجلي يا باسمة أرجوك"
ردت بخفوت "حاضر ..وأنت أيضا اهتم بنفسك من أجلي ..واعلم بأني سأنتظرك "
سألها بخفوت " حقا يا باسمة ستنتظرينني؟"
ردت بتأكيد " مهما طال الوقت .. هل لديك أي شك في ذلك؟"
رد بصدق " ليس عندي شك ..لكني أردت أن أسمعها منك كي تواسيني "
قالت بلهجة باكية " سأنتظرك مهما طال الوقت ..سأنتظرك للأبد يا كامل"
شعر بالاختناق فغمغم بسرعة "سلام"
نظرت بسمة في الهاتف وتألم قلبها .. إنها تحاول التأقلم على الوضع الجديد.. وتحاول فلسفة الأمر مع نفسها ..تخبرها بأنها على الأقل تستطيع سماع صوته لدقائق.. تخبرها بأن هذا اختبار لحبها لكامل في السراء والضراء .
فتحت الهاتف وبحثت عن الأغنية وشغلتها وانفجرت في البكاء بعدها وهي تسمع كلماتها.
البارحة بالحلم محبوبي باحضاني
بوسني من وجنتي وطفالي نيراني
قلتله حبيبي اقترب عوض لي حرماني
هل تقبل مروِتك تتركني وحداني
اموت حسرة وقهر لو لحظة تنساني
اقبل اعيش بسجن لو انت سجاني
يا عمي هذا الحلو للموت مشاني
هو ال حرق مهجتي وهو اللي داواني
الشفة فستق حلب والدلع صبياني
ما نريد يطلع صبح نورك علي كافي
مادام عندنا الحلو خلو الضوا طافي
ميت على شوفتك ولحضنك الدافي
وصحيت من نومتي صحيت وأنت ببلد ثاني
غمغمت من وسط بكائها" الصبر من عندك يا رب أنت وحدك تعلم"
××××
"مليكة ..مليكة ردي علي"
كانت في حالة ما بين اليقظة والحلم تبكي بانهيار صامت ولا تستجيب لأي من حولها.. فجلس أكرم على السرير بجوارها لينفجر فيه مفرح بعصبية" لا تلمسها ولا أحد فيكم يلمسها"
كان مرعوبا عليها يخشى أن يفقدها .. وسيطرت عليه رغبة قوية لحظتها لقتل خالد .. ذلك الكائن الذي تسبب ولا يزال يتسبب لهما في المصائب .
ناظره أكرم بنظرة صارمة صامتة بينما تدخل عمار ليسحب مفرح بعيدا عن مليكة قائلا بهدوء "مفرح أرجوك تماسك"
هدر الأخير منفعلا" أنا لا أريد أن أتماسك أريد أن آخذ زوجتي وأرحل من هنا وإلا سأرتكب جريمة قتل (واختنق صوته مضيفا) أريد أن أعود بها للعاصمة كي تراها طبيبتها النفسية"
دخلت ملك ابنة أكرم تقول بسرعة " أبي ..جدي يا أبي"
أسرع أكرم بترك مليكة واللحاق بابنته بينما تساءل اخوته إن كان الرجل العجوز قد سمع شيئا.. وتحيروا مع من يبقون فقرروا اللحاق بأكرم حينما سمعوا نداء منه لعمار من الطابق الأرضي بينما بقي مفرح مع مليكة.
وقف أدهم وإياد عند باب الغرفة المفتوح يراقبان من بعيد بعد أن صرف أدهم أحفاد الصوالحة الأصغر منه سنا الذين كانوا يراقبون ما يحدث معهما في الوقت الذي رفع مفرح فيه جذع مليكة وحضنها وهو يقول" ردي علي يا مليكة ردي أرجوك"
كانت الدموع لا تزال تنهمر من وجهها فقال مفرح يحاول لملمة شتات نفسه حتى يسندها في مصابها" أعلم بأن الخبر صادم .. لكنك لا تعلمين ما الحكمة في أن يظهر الأمر الآن .. ربما أراد الله أن يخفف عنك إحساسك بالذنب.. كان الله يختبر إيمانك يا مليكة بالسنوات الماضية من الحزن وحين نجحت في اختباره أظهر لك ما يخفف عنك.."
بقي جسدها مرتخيا كليا وهو يحضنها مستمرا في دعمها وقال " قدرها أن تموت .. بأي حال كانت ستموت في تلك اللحظة ..لكن الله أراد أن يزيح حمل ذنبها من فوق اكتافك ..كل الدلائل تشير لأن أبوها حاول سرقتها عن طريق أخيه سامح"
انتحبت مليكة هذه المرة بصوت مسموع بينما اتسعت عينا أدهم ونظر لأخيه فقال مفرح وكأنه يرد على سؤال لم تسأله" سأخبرك بما حدث كي أثبت لك أنه بالتأكيد هناك رسالة أو معنى من وراء ذلك"
في الدور الأرضي كان أولاد الصوالحة يهرولون لنقل والدهم للمستشفى بعد أن سمع الرجل العجوز بعض العبارات التي قالها مفرح بانفعال وهم ينقلون مليكة للطابق العلوي معنفا علي لأنه أخبرها عن أن موت نجمة كان بفعل فاعل .
أما في الدور العلوي اقترب أدهم وأغلق الباب على أبويه بهدوء بعد أن سمع القصة التي قصها مفرح عن الدلائل التي تشير لتورط خالد والحارس السابق للسرايا ورواية ونس والصورة التي رسمتها للجاني ..فناظره إياد يقول والدموع تنهمر من عينيه "لماذا هي تتعذب كل هذا العذاب؟.. إن مليكة شخص طيب.. إنها أفضل شخص رأيته في حياتي .. أليس الأشرار هم من يعذبون؟"
كانت أسئلته البريئة صعبة الإجابة حتى على أخيه الأكبر منه بعام فسحبه ليعودا للطابق الأرضي ..بينما قال مفرح لمليكة التي تنتحب في حضنه بصوت عال دون أي قدرة على التعبير اللفظي عما تشعر به لحظتها " لو تريدين مني أن أقتله من أجلك.. من أجلنا .. من أجل نجمة سأفعل .. سأفعل أي شيء من أجلك يا مليكة لكن أرجوك تماسكي "
كان قلبه مفطورا عليها يحاول جمع شتات عقله فاستقام واقفا يقول وهو يحملها "دعينا نرحل من هنا ..سنرحل"
تشبثت به تهز رأسها رافضة بينما انتبه هو لأنها لا ترتدي ملابس محتشمة كي يخرج بها فوضعها على السرير مرة أخرى وحضن وجهها الباكي يرفعه إليه قائلا" أنا أشعر بوجعك لكني سأذكرك بما تقولينه للجميع وقت المحن" أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ..وأشهد أنك من خيرة الناس"
انتحبت تمسك بقميصه فتوجع لوجعها وحضنها يشاركها البكاء شاعرا بالعجز عن مساعدتها ومتوعدا خالد في سره .
بعد ساعة اقتربت ابتسام زوجة أكرم من باب الغرفة وطرقت عليه بحرج فترك مفرح مليكة التي استسلمت للنوم وفتح الباب .
قالت له" أكرم يريد أن يطمئن على مليكة وأنت لا ترد على هاتفك"
تحسس مفرح جيوبه ثم رد عليها بذهن مشتت "لا أعرف أين هو"
أعادت السؤال "كيف حالها"
رد عليها "لقد استسلمت للنوم قبل قليل"
غمغمت" الحمد لله فأنت تعلم أنها لا يمكن أن تتناول المهدئات بسبب الحمل"
شعر بالخوف على طفله الذي ببطنها ورد" أجل أعلم ذلك (ثم سألها وكأنه قد انتبه للتو) أين الجماعة؟ هل الحاج عبد الغني بخير؟"
ردت ابتسام "لقد تعرض لأزمة قلبية ونقلوه بسرعة إلى المستشفى"
تفاجأ بالخبر وقال" حقا لم أدر بذلك والله "
قالت ابتسام بسرعة "أكرم يخبرك أن تبقى بجوارها ولا تتركها أبدا حتى يعود"
سألها" وكيف حال الحاج؟"
ردت مطمئنة " الحمد لله حالته مستقرة ..إن احتجت لأي شيء أخبرني ..نحن ساهرون ..ولا تقلق على الولدين إنهما مع أحفاد الصوالحة كلهم يلعبون البلايستيشن"
هز مفرح رأسه فابتسمت له مشجعة وتحركت مغادرة .
اغلق مفرح الباب ثم عاد ليجلس بجوار مليكة النائمة ويتحسس بطنها بقلق ثم غمغم" اللهم الطف بنا في قضائك وقدرك يا كريم وحسبنا الله ونعم الوكيل "
××××
صباح اليوم التالي
قام مفرح مفزوعا من النوم على صوت هاتف مليكة الذي يرن فنظر حوله ولم يجدها .. أسرع بالبحث في الحمام ثم خرج من الغرفة مهرولا ..
لقد نام بعد شروق الشمس .. نام بعد أن ظل يتحدث طوال الليل مع شامل من هاتف مليكة .. كان بحاجة للفضفضة أو ربما لرأي أخر .. فالرغبة التي كانت بداخله لقتل خالد كانت قوية ومؤذية .. لكن شامل ظل يهدئ من انفعاله يذكره من مغبة الغضب ويذكره بما حدث لكامل وبأن الموضوع قد انتهى رغم ألمه ووجعه وأن الماضي لن يعود .
نزل شاعرا بالحرج حين وجد نفسه أمام زوجة بشر وأولادها ولم يعرف أين الجميع وهل عاد الرجال من المستشفى أم لا فسألها" أين مليكة؟"
اتسعت عيناها وقالت" ماذا تعني بهذا السؤال؟.. أليست بالغرفة بالأعلى"
قال لها بتوتر " هلا بحثت عنها في السرايا من فضلك ..وأنا سأبحث في الحديقة"
أسرعت نحو الطابق العلوي لكن ابنها الصغير أوقفها حين قال" عمتي خرجت" استدارت إليه بعينين متسعتين بينما أمسك مفرح برأسه كيف نسى أن يغلق باب الغرفة بالمفتاح فهرول نحو الخارج والطفل يكمل " رأيتها وأنا العب في الحديقة تركب سيارة عمي مفرح وتغادر "
سقط قلب مفرح بين قدميه و خرج إلى الحديقة مهرولا وتأكد من أن سيارته غير موجودة فأمسك برأسه واستدار يقول لزوجة بشر التي وقفت على باب الفيلا "اتصلي بإخوتها إن كانوا لايزالون بالمستشفى وأخبريهم أن يبحثوا معي"
ردت وهو يسرع بالعدو خارج البوابة" بشر بالأعلى سأوقظه"
وضع مفرح نفسه في أقرب توكتوك وهو يوجهه للذهاب إلى خارج القرية إلى المكان الأقرب للمنطق لأن تكون قد ذهبت إليه مليكة .
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 10:57 PM   #3626

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2

(2)



الرغبة في الانتقام .. نار تأكل في العقل وتوغر الصدر .. يغذيها الشعور بالألم.. والألم في صدرها عظيم .. ألم يفوق الحدود ..
لم تعرف في هذه اللحظة هل كانت تفضل ألا تعلم بالحقيقة وتبقي على إحساسها بالذنب أم لا.. لكن الحقيقة أحيانا تكون أصعب من الاحتمال.. أصعب من التصديق .. وأصعب من التعامل معها ..
وهي قررت ماذا ستفعل .. قررت الانتقام لابنتها ..
هذا هو ما كان يسيطر على عقل مليكة وهي تقود سيارة مفرح وتخرج من القرية .. لقد استيقظت لتجده ينام بجوارها بملابسه فبدلت ملابسها ونزلت وهي تعلم ماذا ستفعل بالضبط ..
أمام بيت كبير عاشت فيه ذكريات مقبضة تصارع فيها مشاعر الذنب لأنها لم تستطع أن تحب رجلا كان زوجها ركنت السيارة بعد قليل في منتصف الشارع ونزلت تدفع البوابة التي تُركت مفتوحة في هذا الوقت من الصباح ..
تحركت بهدوء غريب قد يجعل من يعرفون بمرضها يشكون بأنها سائرة وهي نائمة لكنها لم تكن كذلك .. كانت واعية وهي تتحرك في ساحة البيت .. وبدلا من أن تتجه نحو باب البيت الداخلي اتجهت يمينا إلى باب تلك الغرفة الأرضية التي تطل نافذتها المفتوحة على ساحة البيت والتي لها بابان باب من ممر جانبي وباب أخر من داخل البيت .. اتجهت إلى تلك الغرفة التي تعلم بأنها غرفة المكتب الخاص بخالد .
حين اقتربت سمعته يتحدث بالداخل وصوته وحده جلب عليها ذكريات علاقة سيقت إليها وهي ابنة السابعة عشرة.
بمجرد أن خطت لتدخل الغرفة تجمد خالد واتسعت عيناه ثم سقط الهاتف من يده .. هل يراها؟.. هل يراها حقا أم أنه يهلوس؟ .. هل مليكة تقف أمامه الآن ؟!!.
غمغم بفم جاف وضربات قلب لم يتب أبدا عن حبها تضرب في صدره "مليكة؟"
تطلعت فيه وهو يخرج من خلف مكتبه ويقترب عدة خطوات منها يناظرها بنفس تلك النظرات المهووسة التي تعرفها .. فدقق فيها خالد بعدم تصديق .. كانت أمامه ترتدي عباءة بيتية سوداء فضفاضة وتلف وشاحا أبيضا حول رأسها .. ورغم السنين التي مرت وجدها أحلى من ذي قبل .. تحيطها تلك الهالة من الجاذبية التي لم ير مثلها عند امرأة غيرها .. بل هي ستظل شخصا استثنائيا بالنسبة له ..
بادرته بالقول "أنت قتلت ابنتي"
لم يعرف إن كان سؤالا أم خبرا ولم يتفاجأ فبالتأكيد إن كانوا قد علموا بالأمر فستعلم هي فرد "إنها ابنتي أيضا"
هدرت غير مصدقة "قتلتها !!"
تألم قلبه وقال وهو يقترب منها لربما نجح في لمسها لو لحظة "كان حادثا غير مقصود "
صرخت بذهول والجنون يتراقص في عينيها "أرسلت سامح ليخطفها!!!"
رد بحشرجة متألمة" لم يكن أمامي إلا هذا"
ضربت على قلبها قائلة " أن تخطفها لتحرق قلبي!!"
رد بسخرية مُرة "يكفي على قلبك حب مفرح"
وضعت يدها في جيب عباءتها وأخرجت مسدسا أخذته من مكتب والدها وصوبته نحوه فتفاجأ خالد لكنه حافظ على هدوءه وقال "هل ستقتلينني؟ …لا بأس .. ستريحينني من العذاب .. ( وتطلع فيها بتدقيق مضيفا ) فيالها من ميتة على يديك .. فإن لم أستطع أن أحيا على يديك فأهلا بالموت"
قالت باتساع عينيها الذاهلتين" لا اصدق أنك تقول هذا الكلام بهذه البساطة وأنت السبب في موت ابنتك"
انهار فجأة وصرخ فيها "ها أنت قلتها أنا السبب .. (وضرب على صدره) أنا السبب في موت ابنتي .. أنا السبب فيما حدث لأخي الصغير الذي انجرف للإدمان وأصبحنا ننتظر كل يوم خبر وفاته بجرعة زائدة (وتطلع في عينيها قائلا بجنون) ألا يكفيك هذا العقاب؟.. ألا يكفيكم كلكم فتريدون إبلاغ الشرطة .. (وارتعش صوته مضيفا بلهجة متألمة وهو يمسك برأسه) ألا يكفيكم ما عشته وما أعيشه من معاناة أضيفت لعذابي معك "
هتفت باستنكار" أنت من عذبت نفسك هذه هي الحقيقة التي لم أستطع وقتها أن أخبرك بها .. أنت من عذبت نفسك حين تزوجتني وأنت تعرف علاقتي بمفرح"
رفع سبابته مشيرا عليها قائلا بحقد "وأنت تزوجتني وأنت تحبينه"
ردت بثقة ونضج تواجه أفكاره الملتوية " كنت تعلم ملابسات ما حدث جيدا والضغط الذي تعرضت له ومع هذا تزوجتني ..لكني لم أكن أعرف حين تزوجتك بأنك تعرف قصة حبي لمفرح ..ظننتك صديقا عاديا له ..ولم أعرف إلا منك بعد الزواج أنك تعرف بقصتنا بكل تفاصيلها"
هتف متألما بلهجة اتهام وهو يضرب على صدره" ومع هذا لم تقدري تضحيتي به من أجلك"
لم تؤثر فيها لهجته .. كانت تعرفه يلوي ذراع الحقيقة دوما ليظهر في ثوب الضحية التي تستحق الشفقة فقالت صارخة "تقصد لم أقدِّر خيانتك له واستغلالك للظروف .."
تكلم مبررا" كنت ستتزوجين على أي حال ..كانوا سيزوجونك بسرعة ..فلماذا لا أحصل عليك أنا"
سحبت صمام أمان المسدس وقالت " أنا هنا من أجل نجمة .. أنا هنا كي أنتقم لابنتي"
قال منفعلا "اقتليني .. إن قتلتني ستريحينني من عذاباتي صدقيني .. ستريحينني من حياة ليس لها معنى .. لكن هل سترتاحين بعدها خاصة حينما تبرري سبب قتلك لي ويتم التحقيق في الأمر والنبش في الماضي .. هل سترتاحين حينما يعاد فتح الجرح ؟ .. (وفتح ذراعيه أمامها قائلا ) افعلي يا مليكة ..افعليها ..فلن يضير الشاة سلخها بعد ذبحها"
"مليكة!!!!"
قالها مفرح وهو يهرول نحو باب الغرفة بعد أن لمحها من النافذة الأرضية لكن الأخيرة لم تلتفت ولم تهتز .. ظلت ممسكة بالمسدس تحاول أن تأمر نفسها بالضغط على الزناد بينما هتف خالد وهو يناظر من كان يوما صديقه الصدوق
"مفرح"
حدجه الأخير بنظرة خاطفة وعاد لينظر لزوجته التي توجه المسدس لخالد وراقب إصبعها على الزناد قائلا بهدوء حذر "مليكة"
قالت بلهجة متألمة وهي لا تحيد عينيها عن خالد" سأتخلص منه"
أخذ مفرح في الاقتراب وهو يقول بحذر داعيا في سره ألا تضغط على الزناد" مليكة لا تتهوري فلن تستفيدي شيئا"
نظرت إليه فتأكد من عينيها اللتين تحدقان في عينيه أنها ليست نائمة وقالت "سأشفي غليلي ..سآخذ بحق ابنتي ..بحق سنوات عمري التي ضاعت وأنا أشعر بالذنب وأعذبك معي"
وقف مفرح أمامها يقول" هذا لن يحييها .. أعطني المسدس"
صرخت في وجهه "قلت ابتعد يا مفرح"
قال يقنعها وعيناه تتحركان بين وجهها والمسدس "مليكة فكري في طفلنا ..فكري في أدهم وإياد .."
سقطت دمعة فمسحتها بسرعة فأضاف" فكري في عوض الله"
قالت تقاوم ترددها" ابتعد يا مفرح سأقتله"
نظر ليدها على الزناد وبلع ريقه بينما ابتعد خالد من خلفه شاعرا بالحقد وهو يراهما حتى في موقف صعب كهذا يبدوان متفاهمين .. روح واحدة في جسدين كما كان يراهما قديما .. شعر بالحقد من كلمة (طفلنا) فوقف في جهة أخرى خلف مفرح وأمام فوهة المسدس يقول بلهجة متألمة" لو موتي سيخلصك من عذابك فهو أيضا سيخلصني من عذابي ..فافعلي ما تريدين لأني غير قادر على قتل نفسي"
استدار إليه مفرح وأمسك بتلابيبه ووجه لكمة انفجرت في وجهه حتى يكف عن تشجيعها وهو يصيح "أخرس أنت"
في نفس الوقت الذي دخل فيه سامح من الباب الداخلي يصفق بيديه تصفيقا رتيبا وهو يقول ساخرا "مؤثر جدا هذا المشهد .. هي تريد أن تقتل أبا ابنتها ..وهو يريد أن يموت على يديها ..وزوجها يقف أمام المسدس مضحيا بحياته كي لا تفعلها"
تجمد المشهد وكل العيون تحدق فيه بينما وجه سامح أنظاره نحو مليكة
ليقول خالد" سامح!"
كان الأخير عائدا للتو من سهرة طويلة .. وكان منتشيا .. فرآها .. وسمعها .. وتعرف عليها .. لكنه سيطر على انفعاله .. متخذا من انتشائه ستارا كما يفعل دوما لإخفاء مشاعره المعذبة ..
ابتعد مفرح عن خالد الذي كان مائلا عليه فوق المكتب وتطلع في شكله
.. كان نحيفا بشكل ملفت .. تحت عينيه الغائرتين سواد شديد.. وكذلك فعلت مليكة وتألم قلبها من هيئته .. هل هذا هو الصبي الضاحك المشاكس ذو العاشرة الذي قابلته أول مرة في هذا البيت؟ .. هل هذا هو المراهق ذو السابعة عشر الذي كانت علاقتها جيدة به حتى بعد حتى طلاقها؟.
اقترب منها سامح يتطلع في وجهها .. يواجهها.. يواجه أسوأ كوابيسه لحظة أن تعرف مليكة بأنه الجاني .. وبأنفاس متسارعة تظهر على صدره الذي يعلو ويهبط قال "إن أردتِ الانتقام فوجهي فوهة مسدسك نحو الفاعل الحقيقي"
قالها بملامح خطرة وهو يمسك فوهة المسدس ليوجهه إلى صدره ويقول لها آمرا "اضربي ولا تترددي ..هذا هو المكان الصحيح"
نظر مفرح لفوهة المسدس ولإصبعها الذي من ضغطة صغيرة سيحدث كارثة ولذلك المجنون الذي يناظرها دون أن تحيد نظراته عن وجهها وأسرع نحوهما ليضع يده هو الأخر فوق المسدس يقول بترجٍ وهو يمارس أقصى درجات ضبط الأعصاب" حلفتك بالله أن تفكري في أولادك .. وأن تفكري في أن نجمة لم تكن تحب أن تفعلي هذا.. هاتي المسدس يا مليكة "
كانت تتطلع في عيني سامح .. وما رأته من ألم كان هائلا ..وكم أوجعها ما آلت إليه حالته بينما اقترب خالد يقول لأخيه "ابتعد من أمامها"
قال مفرح لمليكة ويده لا تزال على المسدس "أولادك في انتظارك يا مليكة .. طفلنا الذي تحملينه في بطنك يريد أن يخرج إلى الدنيا"
فُض تشابك الاعين بين مليكة وسامح حينما نظر الأخير لأخيه قائلا بانزعاج "ابتعد عني ..سأخلصكم جميعا مني ومن عاري "
في نفس الوقت ترك إصبع مليكة الزناد أمام عيني مفرح المركزتين عليه فأسرع بسحبه من يدها متنفسا الصعداء وبدأ في إخراج خزينة الرصاص.
تركت مليكة المسدس وهي لا تزال تنظر لسامح وسألته ذاهلة " كيف اقنعتها بالذهاب معك؟"
ترقرقت الدموع في عينيه ورد بحشرجة "أوهمتها بأنني الأمير الذي سيخلصها من السجن وبأنها مغامرة سنخبر بها الجميع بعد ذلك ..ولم تكن تعلم بأنها لن تعود لأن خالد كان سيأخذها للعاصمة ليستقل الطائرة مسافرا بلا رجعة"
صفعة هوت على وجهه من يدها فظل واقفا يحدق فيها دون حراك .. وبالرغم من أن قلبها موجوعا عليه هو الأخر.. لكنها نبشت بأظافرها في وجهه تقول بحرقة قلب "لماذا .. لماذا يا سامح ..كانت تحبك .. كانت متعلقة بك"
انتهى مفرح من تأمين نزع الرصاص من المسدس ووضعه في حزامه وتحرك ليطوقها بذراعيه ويخلص وجه سامح الذي يناظرها بجمود والدموع تنهمر من عينيه مستسلما لعل ما تفعله يخلصه قليلا من عذابه فحاول مفرح ابعادها لكنها قاومته تحاول تخليص نفسها منه وهي تصرخ بهيستيريا" لماذا يا سامح؟.. لماذا أنت بالذات كانت تحبك .. وكنت أنا أيضا أحبك"
حاول مفرح السيطرة عليها بينما دخلت زوجة خالد تصرخ وخلفها ابنه فاستدار إليها الأخير ناهرا" اخرسي ولا تفتحي فمك"
كتمت فمها تتطلع في المشهد الغريب فصرخ فيها" اذهبي للداخل "
و تحرك خالد يبعد سامح الذي لا يزال متجمدا وأثار أظافر مليكة تدمي وجهه لكن الأخير دفعه بعيدا يقول" ابتعد عني"
اشفق خالد على حالة أخيه الذي بقي واقفا متقبضا جاهزا لتلقي العقاب ومليكة لا تزال تقاوم مفرح بكل قوتها .. بكل حرقة قلبها .. ليقول خالد صارخا "هل حالنا هذا مرضيا لك يا ست مليكة ؟..ألا يكفيك انتقام الله منا؟ .. اذهبي وانعمي هيا بقصة حبكما العظيمة؟"
افلتت مليكة من مفرح حينما فقد الأخير سيطرته على أعصابه لوهلة .. فاندفعت هي نحو سامح واندفع هو يمسك بتلابيب خالد ورفع قبضته التي تجمدت في الهواء وتواجها .. بكل مرارة الماضي تواجها .. بحب لا يزال مترسخا في قلبيهما تحول لغابات من الألم والحسرة تواجها .. تطلعا في عيني بعضهما وصور كثيرة من ماض كان ولا يزال ذكرى لأجمل أيام الصبا والمراهقة .. ذكريات كلاهما حاول محوها ولم ينجح .. ورغم ذلك ناظره خالد بحقد وتطلع فيه مفرح بحسرة ثم قرر أن يلجم غضبه .. أيقظه عقله أن يضع حدا لهذا الموقف الهستيري فتركه وأسرع نحو مليكة التي كانت تصفع وتضرب سامح المتخشب أمامها وهي تصرخ" لماذا.. لماذا ..لماذا؟"
سحبها مفرح فكانت هي الأخرى قد أصابها التعب والانهاك وبدأت قواها تخور ومقاومتها له تضعف فأسرع بحملها .. وتحرك إلى الخارج .. فشيعتهما عينا خالد بحقد على صاحب وحبيبة لا يزال يتألم قلبه على فراقهما.
حين خرج مفرح من بيت الباجوري كان علي يخرج من سيارته بعد أن أخبر بشر الجميع وذهب يبحث في أماكن أخرى بينما حضر هو لبيت خالد.. فوضعها مفرح في سيارته التي تركتها مليكة مفتوحة وساعده علي ثم قال متوعدا وهو يتوجه نحو بيت الباجوري" الانتقام سيكون على يدي أنا"
أسرع مفرح بمنعه هادرا "يكفي هذا .. عد .. يكفينا هذا من أجل مليكة ومن أجل الجميع.. "
حاول علي الاندفاع لكن مفرح كان حازما وقال" انتظر قرار اخوتك ولا تعقد الأمر أرجوك"
على مضض ومدفوعا من زوج أخته ركب علي سيارته بينما تحرك الأول نحو سيارته هو الأخر فوجد مليكة متقوقعة على نفسها تبكي .
ركب بجوارها وانطلق عائدا وهو يتمتم "يا رب لا ملجأ لنا منك إلا إليك"
××××
عند الظهيرة
"وماذا كان يفعل كامل عندك ؟"
سؤال سأله وكيل النيابة فرد سيد بهدوء " هناك صفحة مزيفة باسمي قيل فيها أمورا على لساني تخص السيدة زوجته التي كانت زوجتي وانفصلنا قبل أربع سنوات.. هو تصور أن الكلام على لساني وجاءني منفعلا وعلا صوتنا فأخبرته بأن الصفحة مزيفة وتدخل الشباب لإقناعه بالرحيل"
تدخل عمرو قائلا وهو يعطيه بعض الأوراق " وقد تم تقديم شكوى لإدارة فيسبوك طبعتها لسيادتك وتم إبلاغ شرطة جرائم الانترنت واغلاق الصفحة"
أضاف سيد "وأنوي ان أقيم دعوى قضائية إن تم التوصل لصاحب الصفحة"
صمت وكيل النيابة ينظر في الأوراق ثم سأله" ومتى بالضبط كانت زيارته في أي ساعة؟ "
رد وائل " وقت المباراة بالضبط والمقهى كان مليء بالزبائن الذين سمعوا جانبا من المشاجرة ورأوا كامل"
أضاف سيد" كما أن كاميرات المقهى سجلت دخوله وخروجه"
وأعطاه عمرو اسطوانة مضغوطة يقول "وهذه نسخة من تفريغ الكاميرات لكن التسجيلات الأصلية تستطيع النيابة الاطلاع عليها في أي وقت"
تدخل محامي كامل يقول " كما رأيت سيادتك هذا يثبت أن موكلي لم يكن بالقرية من الأساس وقت وقوع الجريمة"
قال وكيل النيابة" ولماذا لم يذكر هذا في التحقيق؟"
رد المحامي "موكلي لم يكن يعلم موعد وقوع الجريمة بالضبط فقد مر عليها ما يقرب من شهرين الآن وكانت التواريخ مختلطة في رأسه وظن أن المباراة كانت يوم الرابع من ديسمبر وليس الثالث .."
نظر وكيل النيابة في الأربعة رجال أمامه أحمد الصامت ووائل وعمرو وأخيرا سيد ثم قال " وقعوا على أقوالكم إن لم يكن لديكم أقوال أخرى؟"
بعد قليل كان أحمد يقول بامتعاض وهو يخرج من مبنى النيابة "هيا اسرعوا فلست متفرغا يكفي اليوم الذي ضاع"
قال سيد بغيظ "ومن جاء بك من الأساس؟.. كان ثلاثتنا كافين للشهادة وأهل الحي موجودون إن طلبوا المزيد من الشهود.. هل غصب عليك أحد للمجيئ (واستدار لوائل يسأله ) هل طلبت منه المجيء للشهادة "
هز وائل رأسه نافيا فسأل عمرو" هل طلبت منه يا عمرو"
رد عمرو وهو يتفحص أحمد السائر بجواره " من هذا ؟.. أنا لا أعرفه أصلا ..هل تعرفه يا وائل؟"
هز الأخير رأسه بإنكار فناظر أحمد ثلاثتهم بامتعاض وتحرك أمامهم يخرج من المبنى يديه في جيبي بنطاله ..ليغمغم عمرو يقلده " قرف.. أقسم بالله قرف"
انفجروا ضاحكين فتجاهلهم أحمد .. ليغمز سيد لصاحبيه ثم يناديه" يا أبا عز الدين ما رأيك أن تدعونا على حسابك على أحد الكافيتريات على الطريق لنتناول فطورنا؟"
لم يرد عليه أحمد بل توقف وأخرج يديه من جيبيه حينما وجد غنيم واقفا خارج المبنى فاقترب منه يسلم عليه وتبعه أصدقائه يسلمون عليه هو وشامل فقال غنيم وهو يشدد على يد سيد بين يديه" أنا عاجز عن شكرك يا بني جزاك الله كل الخير على قدر أخلاقك وشهامتك أنت وأصحابك"
غمغم سيد بحرج شديد " لا تقل هذا يا غنيم بك أي شخص مكاننا كان سيفعل بالمثل هذه أمور ليست فيها نقاش"
قال غنيم وهو لا يزال يشد على يده" وأعتذر لك عما بدر من كامل ربما هو متهور قليلا لكنه يغار على زوجته جدا طبعا هذا ليس مبررا لكن.."
قاطعه سيد وقد ازداد حرجه من الرجل الأكبر سنا " انتهى الموضوع يا غنيم بك ليس هناك داع لفتحه فليرده الله إليكم سالما بإذن الله"
تكلم شامل قائلا لسيد "بالمناسبة يا سيد مفرح الزيني يقرؤك السلام ويخبرك بأنه سيتصل بك فيما بعد ليشكرك بنفسه ..لأنه لم يستطع الحضور اليوم لظرف شخصي"
قال سيد مبتسما "الباشمهندس مفرح من خيرة الرجال ابلغه سلامي "
سأل غنيم "وأنت كيف حالك يا أحمد؟"
رد الأخير "بخير الحمد لله "
تكلم غنيم بامتنان "شكرا لك أنت أيضا فلن ننسى معروفك هذا أبدا أنت وأصحابك "
قال أحمد بصدق " استغفر الله! .. لا أحد يستطيع أن يكتم شهادة حق يا غنيم بك"
نظر غنيم لوائل وعمرو قائلا "جزاكم الله خيرا"
رد وائل "جزانا وإياكم"
قال سيد وهو يتحرك "علينا أن نغادر فلدينا أشغال مهمة بالعاصمة"
اعترض شامل قائلا "لا ..لم نضيفكم على الأقل"
وأضاف غنيم يقول لأربعتهم" ما رأيكم أن نذهب لمكان ونفطر .. أو أن تتفضلوا معنا في مطعمنا ؟"
قال سيد معتذرا وشاعرا بالحرج " شكرا غنيم بك ولكن علينا الذهاب فورا"
غمغم غنيم معترضا" لكن.."
ربت سيد على يده وهو يسحبها للسلام مودعا وقال "إن شاء الله تطمئنون على كامل ..هيا يا شباب"
لم يترك لغنيم وشامل الفرصة بل تحركوا نحو سيارة سيد التي تقلهم عائدين للعاصمة فحياهم غنيم وشامل والأول يتمتم متأثرا" الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه"
نفس العبارة كان يرددها سيد بصوت عال في طريقه للعودة فسأله وائل الذي يجلس بجواره" هل تشعر بالراحة الآن؟"
قال سيد " الحمد لله أن أعطاني الفرصة لأسدد ديني تجاه بسمة بشكل عملي ..لن أدعي المثالية.. ولن أقول أني لم أمنع نفسي أكثر من مرة من أجلها عن الرغبة في تلقينه درسا كلما تذكرت جرح بطني.. لكني الآن حين أفكر في الأمر أجد أن قدر الله قد منحني فرصة كي أسدد دينها الذي في رقبتي .. أتمنى لها السعادة مع الرجل الذي يحبها كل هذا الحب"
غمغم عمرو من المقعد الخلفي" ربك لطيف دوما بعباده لو نفهم رسائله .. الحقيقة ما أصاب كامل محنة كبيرة وأن يدبرها الله بهذا الأمر ليخرجه منها فهو لطف منه ..ومع هذا أشفق عليه بصراحة "
تكلم أحمد بصدق فرضته اللحظة" أنا أيضا رغم أني لا أطيقه لكني أشفقت عليه من دخول السجن ظلما في جريمة كبيرة مثل هذه "
أسرع عمرو بالقول مهللا بلهجة متهكمة " الكونت نطق يا رجال .. ابن سماحة تكلم أخيرا ونزل من برجه العاجي.. تصفيق حار لهذه الكلمات المؤثرة "
صفق هو ووائل بينما صفر سيد مهللا فناظرهم أحمد بامتعاض ليقول سيد بلهجة شقية "وبهذه المناسبة السعيدة سيدعونا الكونت على حسابه على أفخم فطور على الطريق"
غمز له وائل يذكره باسم استراحة على الطريق ليقول سيد "سيدعونا للإفطار الفخم في قرية( …) السياحية"
ناظرهم أحمد بطرف عينه بينما صفق وائل وعمرو وصفرا هاتفان" تحية للكونت نصير الشعب الجائع "
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 10:59 PM   #3627

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3

(3)



بعد العصر
"سيد!!! .. كامل كان عند سيد تلك الليلة؟!!"
قالتها بسمة باتساع عينيها بذهول ليقول شامل لها " هذا ما حدث ..وتشاجرا وجرحه كامل للأسف"
أمسكت بسمة بساعده تقول" أنا سأذهب لسيد هو لن يتأخر أنا أعرفه جيدا .. سأذهب إليه وأترجاه لو لزم الأمر"
قال شامل بحزم شاعرا بالانزعاج من مجرد الفكرة رغم أنهم ليسوا بحاجة لتنفيذها "لن تذهبي لأي مكان يا بسمة.. أنسيت أن هذا سيثير حفيظة كامل؟.. عموما أنا ذهبت إليه بنفسي يوم أمس"
ناظرته بترقب وهو يضيف" وذهب هو وأصحابه الثلاثة للنيابة وأدلوا بشهادتهم اليوم"
اتسعت عيناها وأطل منهما الأمل ليقول شامل "وصدر أمر بالإفراج عن كامل"
شهقت متفاجئة وهي تضع يدا على فمها وترتكن بالأخرى على منضدة السفرة بجوارها .. ثم تسمرت تناظره والدموع تنهمر من عينيها هامسة وقلبها يكاد أن يتوقف في صدرها " الإفراج!!"
أولاها شامل ساعده لتمسك به قائلا" تماسكي ..فالفرح آت يا زوجة أخي"
سألته بلهفة" ولماذا لم يأت معكما؟"
ابتسم قائلا "الافراج عنه من السجن يحتاج بعض الإجراءات يقوم بها المحامي "
هتفت ونس باتساع عينيها "ثجن كامي بايثجن؟!!"
(سجن كامل بالسجن؟)
استدار إليها شامل متفاجئا بوجودها وقال مازحا" هذه السماعات تعمل بكفاءة شديدة يا ونس"
سقط عنه المزاح وتحرك نحوها حين قالت له بوجه مزرق كمن يعاني من صعوبة في التنفس "كامي بايثجن ايمثكين بايثجن"
(كامل بالسجن المسكين بالسجن)
اسندها شامل قائلا "سيخرج إن شاء الله اليوم فقط ثبتت براءته وسيخرج"
لانت ساقا ونس وتمسكت به ليقول شامل ساخرا "سأسند من أم من يا جماعة قفا طابور ولا يغشى عليكما مرة واحدة (وتحرك بها ليجلسها على كرسي السفرة التي تقف بجواره بسمة وقال مطمئنا وهو يتطلع في وجهها المرفوع إليه) إنه بخير يا ونس وسيخرج سريعا جدا لقد ثبتت براءته اليوم يا ونوسي"
قالها ثم مال وطبع قبلة على خدها فسألته بسمة التي لا تزال ترتجف غير مصدقة "هل حقا سيخرج كامل يا شامل ؟..احلف بالله "
ابتسم قائلا والدموع تقرص عينيه" سيخرج بإذن الله"
قالت ذاهلة تحاول الاستيعاب " وسيد صبرة ..هو من شهد ليخرجه!!"
هز شامل كتفيه وقال" هذا حقيقي ..سبحان الله صدفة غريبة أو بمعنى أدق تدبير للقدر بالتأكيد له مغزى"
غمغمت متأملة ما حدث "إن الله أراد لسيد أن يسدد دينه لي .. (وأضافت بحشرجة) ولقد سدده اليوم .. (وانهمرت دموعها ) لقد سدده بإعادة كامل لي ولابنه"
قال شامل مضيفا " وهناك دليل أخر ظهر لبراءة كامل "
نظرت له بسمة وونس ليقول شامل "لقد أفاد تقرير المرور أن سيارتنا كان السيد المبجل كامل نخلة يقودها بسرعة جنونية تلك الليلة ..وقد سجل له الرادار أكثر من مخالفة لتجاوز السرعة "
غمغمت بسمة" الحمد لله ..الحمد لله قضاء أخف من قضاء"
سألته ونس "هي ثوثو تعيف؟"
(هل سوسو تعرف؟)
قبل أن يرد سمعوا صوت سوسو من الداخل تصيح بذهول" ماذا قلت؟.. ماذا قلت يا غنيم؟.. ابني في السجن؟؟.. ابني سلم نفسه؟؟؟"
غمغم شامل "ها قد أخبرها أبي( وأضاف ساخرا ) على أن أستعد لأحملها هي الأخرى… حمال هذا البيت أنا ؟!!!"
××××
في المساء
بعد نوم عميق دام لساعات طويلة كان مفرح ملازما لها.. أحست فيه بأن أكرم قد زار غرفتها مرة أو مرتين فتحت مليكة عينيها وتطلعت حولها وتفاجأت بالمنظر .
كان مفرح نائما وهو جالس على مقعد بجوار السرير بنفس ملابسه التي حضر بها صباح أمس بينما إياد ينام ممددا بجوارها على السرير وأدهم ينام على الأريكة ..
تحركت بصعوبة تشعر بالدوار وبأن عضلاتها تؤلمها وغادرت السرير لتغطي أدهم بالغطاء الذي كان مستقرا بجواره أرضا فاعتدل مفرح يقول بصوت أجش من أثر النوم "مليكة"
ردت عليه بصوت مبحوح دون أن تنظر إليه" لا تقلق أنا لست نائمة "
قالتها ثم دخلت الحمام ..
بعد قليل دخل إليها مفرح يناولها ملابس نظيفة حين سمعها تغتسل فأخذتها منه ترتديها ثم تحركت معه مستندة على ساعده ليعودا إلى غرفتها في صمت .
سألها حين جلست على السرير " هل ما في بطنك بخير؟"
رفعت إليه وجهها وردت" لا أعرف"
قبّل رأسها ..ثم تطلع في حالتها الصامتة تحدق في الفراغ وشعر بالقلق .. لكنه لم يكن يعلم أنها لم يعد لديها دموعا لتذرفها .. أنها وصلت لحالة لم تعد تجدي معها الدموع .
قالت مليكة بعد فترة من الصمت " أنا أعلم بأني لن استطيع تناول المهدئات .. فانصحني بشيء يخفف عني ما أشعر به"
رد مفرح " حين اتصلت بطبيبتك قالت أنه إن اضطررنا سنعطيك نوعا خفيفا من المهدئات "
هزت رأسها تقول بتصميم " لن آخذها .. والله وحده المستعان"
مسد على رأسها يقول" ما رأيك أن نقرأ القرآن؟"
هزت رأسها موافقة فتحرك يحمل ابنه من فوق السرير ليضعه على أريكة أخرى وغطاه ثم عاد إليها فقالت له "بدل ملابسك لشيء مريح"
غمغم وهو يجلس بجوارها على السرير ويسحب المصحف الذي كان يقرأ فيه في الساعات التي مكثها بجوارها" لا يهم"
نامت على صدره فقبل رأسها وفتح المصحف فسألته "هل ذهبتُ لخالد صباح اليوم أم أني أهلوس؟"
هز رأسه وقال يؤكد لها " نعم فعلتِ (وأضاف ) واخوتك منقسمون ما بين اتخاذ خطوة تجاه خالد أو الاكتفاء بالعقاب الإلهي ..وانتهى الأمر بأن يتركوا لك القرار ..خاصة وأن فضح الأمر سيتطلب فتح القبر وتشريح الجثة "
همست بحشرجة متألمة "اقرأ يا مفرح .."
هز رأسه وأحجم عن إخبارها بأن والدها قد بات في المستشفى ليلة أمس وعاد عصر اليوم .. لم يرغب في تحميلها المزيد من الضغوط فأحاطها بذراعه وهي لا تزال تنام على صدره وبدأ في تلاوة القرآن بينما هي تحدق في الفراغ بعينين قد نضب منهما الدمع .. تستعيد ما حدث منذ ليلة أمس .
××××
بعد يومين
الصباح الباكر
سحب زين طبق البيض المسلوق ناحيته قبل أن تأخذ منه أم هاشم واحدة ثم وقف يحشر الطعام في فمه في عجلة من أمره ..فطالعه جابر وأم هاشم بذهول بينما قالت أمه "اجلس يا بني ولا تأكل وأنت واقف"
غمغم بفم ممتلئ وهو يشرب رشفتين سريعتين من كوب الشاي" لا يوجد وقت يا حاجة"
قالت أمه "لا يزال الوقت مبكرا "
تكلم وهو يحشر لقمة أخرى في فمه" لدي أشياء كثيرة لأفعلها قبل موعد ذهابي لاصطحاب إسراء من صالون التجميل "
غمغمت داعية " أتم لكما الله على خير وعَمّر بيتكما بالسعادة والذرية الصالحة .. والله فرحتي لا توصف .. رغم أنك ستتزوج وتسافر بعد وقت قصير لكني كنت أحزن على شقتك المغلقة لسنوات طويلة"
اتسعت ابتسامة زين ورفع كوب الشاي على فمه بينما قالت أم هاشم متهكمة بلهجة ذات مغزى "حمدا لله سنتخلص من القطط الماكرة التي تختبئ في الشقة لتنقض على القطط الأخرى المسكينة وتجعلها تفر منها هاربة"
غمغمت نجف باندهاش "هل رأيتِ قططا في الشقة !!"
ردت أم هاشم مسبلة أهدابها تلعب بالطعام أمامها " شعرت قبل يومين حين جاءت نصرة وإسراء هنا بوجود قط ماكر في الدور العلوي.. حتى أن المسكينة نزلت مسرعة تكاد تموت من الفزع"
سعل زين بقوة وناظرها بوجه ممتقع فظلت مسبلة أهدابها بينما راقبهما جابر بتدقيق.
قالت نجف "ربما أفزعها ذلك القط يومها على السلم ..لماذا لم تخبريني يا أم هاشم علينا بطرده إن عاد"
غمغمت بابتسامة شقية وهي تنظر لطبقها" أتوقع أنه سيكف عن الشقاوة من الآن فصاعدا يا خالتي ..وسيهدأ ويستقر في مكان"
تطلع جابر في وجه زين فتلاقت أنظارهما ليسرع الأخير بالهرب بعينيه ويقول وهو يضع طبق البيض أمام أم هاشم "كُلي .. كُلي واتركي القطط في حالها ... ألا يؤلمك فمك من كثرة الثرثرة"
رشفت من كوب الشاي دون أن تنظر إليه وعلى وجهها ابتسامة منتصرة بينما هرب زين إلى غرفة الضيوف التي يبيت فيها منذ أيام قائلا " سأعد نفسي وأرى ماذا ينقصني "
بعد قليل تركت نجف السفرة وتحركت لتحضر شيئا من غرفتها فسأل جابر أم هاشم "ما الأمر؟.. شعرت بأنك ترمين بعض الكلام المبطن على زين"
ضحكت فأنارت أسنانها اللؤلؤية وجهها وهي تقول " قبل يومين جاءت إسراء ونصرة لتضعا شيئا بالشقة فوقفت نصرة تثرثر معنا بينما صعدت إسراء وحدها ثم نزلت بعد دقائق ترتعش من الارتباك وأخذت أمها بسرعة ورحلت فشككت بالأمر وظللت أراقب الباب حتى رأيت أخاك ينزل من الشقة يتسحب كاللصوص مغادرا"
اتسعت عينا جابر ثم ضحك قائلا" الوقح اللئيم "
ضحكت أم هاشم فزينت غمازتيها جانبي وجهها ..ليفرد جابر ذراعه على ظهر الكرسي خلفها قائلا بهمس" أنا ملتزم الأدب لأكثر من أسبوعين حتى الآن .. وليلة أمس حين عدت أخر الليل وجدتك نائمة يا نذلة"
ناظرته بطرف عينيها البنيتين الدافئتين تلملم ابتسامة شقية تتراقص فوق شفتيها فأضاف جابر هامسا وهو يمد يده ليتحسس بطنها العالي " أعلم بأنك أُجهدتِ الأيام الماضية في ترتيبات زواج زين ..وليلة أمس في ضيافة أقاربي الذين جاءوا ليحضروا ليلة الحناء ثم قضيت السهرة في ليلة حناء العروس ..لكن ماذا أفعل والشوق ذباح يا بنت شيخي"
تراقصت ضربات قلبها وذلك الدفء الذي يتوهج بينهما يقضي على برودة الطقس حولهما ..وتطلعت في وجهه المشع بالضوء أمام عينيها .
كانت تعلم بأنه مشتاق لكنه كان يشفق عليها من كدماتها ..وكانت هي أيضا تشفق عليه من كدماتها ..فقالت بطريقتها الخاصة في الحديث "أنا بالفعل كنت أنتظرك ليلة أمس .. ليس من أجل هذه الأمور.. تعرفني مؤدبة ولا أفكر فيها .. لكن لا أعلم ماذا حدث وفُصِلت الكهرباء عني فجأة فنمت"
قهقه جابر ضاحكا وقال وهو يضربها على رأسها " مؤدبة جدا ..أشهد لك بذلك وأبصم بأصابعي العشرة"
ضحكت وعلقت وهي تسبل أهدابها وترشف من كوب الشاي " أهم شيء الأخلاق "
قال جابر بهمس ساخن وهو يقرب رأسه منها قليلا ويكبح جماح نفسه حتى لا يمد أصابعه ويتحسس شفتيها " الليلة .. الليلة لن أقبل أية أعذار ..فهاتان الماكرتان تعذباني كلما نظرت إليهما .. سنعود معا إن شاء الله بعد الحفل فإياك والنوم"
رغم مهرجان الرقص الشعبي الذي يحدث في صدرها إلا أنها تمتمت بلهجة تمثيلية مطيعة " حاضر أمرك يا أبا هاشم فالمرأة لا تملك إلا إطاعة زوجها "
غمغم جابر قائلا بلهجة ساخرة" ما شاء الله على الأدب !..ما شاء الله على الطاعة!.. محظوظ أنا والله ..لكن حين أقول لك أمس اتركي النسوة اللاتي جلبتهن للمساعدة في ضيافة الضيوف وطبخ الطعام ولا تجهدي نفسك ..كلامي لا ينفذ"
وضعت يدها على صدرها تقول مستهبلة" أنا فعلت ذلك !!"
ضحك جابر وضربها على رأسها قائلا "لا .. بل أنا من فعل ذلك"
ردت ساخرة "لماذا فعلت إذن يا جابر !.. لماذا لا تسمع الكلام ..تعبت قلبي"
رن جرس البوابة فقضم شفته السفلى واستقام واقفا يقول بوعيد" حاضر صبرك عليّ أنت ولسانك الطويل هذا حين أنفرد بك في المساء "
خرجت أمه من الغرفة تقول "يبدو أن خالاتك وعمتك قد وصلن"
قال جابر "بصراحة لا أعلم لماذا لم يبتن .. لماذا يتعبن أنفسهن بالذهاب لبيوتهن مساء والعودة مرة أخرى صباحا ..البيت واسع ويساع الجميع"
غمغمت نجف تدعو خلفه بعد أن خرج " وسع الله رزقك وأبقى بيتك مفتوحا بوجودك فيه يا جابر يا ابن بطني "
فأمنت أم هاشم خلفها "آمين آمين آمين"
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 10:59 PM   #3628

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 4

(4)



العاشرة صباحا
الفرج قادم .. مهما طال الوقت .. يكفي أن هناك وعدا بالمجيئ .. ولهذا الوعد وعلى هذا الأمل ..هي على استعداد للانتظار مهما طال الزمن .. وحمدا لله فالزمن لن يطول والفرح آت والفرج آت والحبيب على وشك الوصول.
وقفت بسمة أمام بوابة السجن .. أو بمعنى أدق على الجانب الأخر من الطريق بينما غنيم وشامل ومفرح يقفون أمام البوابة في انتظار خروجه ..
لقد أصرت على الحضور لتختصر الوقت حتى تراه .. ومنذ أن علمت بما فعله زوجها السابق وهي لا تزال مصدومة .. مصدومة من تلك الزيارة التي قام بها كامل لطليقها دون أن يخبرها ومذهولة من التوقيت .. تشعر بأنها معقودة اللسان .. لكنها ممتنة لرب العالمين وممتنة لسيد .. حتى كامل هي ممتنة له أن كان خارج القرية ذلك الوقت .. ممتنة وسعيدة وتشعر بأن هذه المحنة قوّت علاقتها بكامل.. وأثبتت لها إلى أي حد هو مجنون بها وإلى أي حد عوقب على تطرفه في حبه لها ..وأثبتت لكامل أنها متمسكة به مهما حدث .. كانت دوما تخبره بأنها تتمنى أن تجد الفرصة كي تثبت له بالدليل العملي أنه ليس مجرد فرصة جيدة لها ..وها هي الاختبارات تتوالى عليهما ..لكنها قوية ..صلبة ..تستمد شعورها بالثقة من متانة علاقتهما ..وهذه القوة والصلابة والثقة لم تأت من وعود حالمة رومانسية تطير مع أول هَبّة ريح ..ولكنها ثمرة نبتة نضجت وأشتد عودها فاضحت كجذع شجرة متين مد جذوره تحت الأرض وكلما مرا بمحنة ازداد امتداد الجذور .. وغَلظ الساق واشتد العود ليقاوم الريح والهزات والمحن.
انفتحت أبواب السجن فازداد تسارع ضربات قلبها وشعرت بالتقلص المفاجئ في رحمها حين رأته .. رأت كامل يخرج من البوابة فاستندت على مقدمة السيارة تقاوم هبوطا في قلب تركها وهرول إليه .
بملابس رياضية خرج كامل من بوابة السجن نحو الحرية يسحب نفسا عميقا إلى صدره .. ليجد والده يقف في استقباله فمال على يده يلثمها .
دمعت عينا غنيم وربت على ظهر ابنه فرفع كامل رأسه وقبل كتف والده لتنهمر دموع غنيم وهو يربت على جانب وجهه.. دموع غالية لم يرها كامل من قبل فتماسك هو عن البكاء وحضنه هامسا "سامحني يا أبي "
ربت غنيم على ظهر ولده يقول" يعلم الله أني لم أغضب عليك أبدا يا بني كي أسامحك"
تدخل شامل قائلا "أنا الذي عليك أن تطلب منه السماح وتتذلل له"
استدار كامل لتوأمه يتطلع فيه ..مستردا أخيرا نصفه الأخر ..فحضنه حضن رجولي مفعم بالعاطفة ليتشبث به شامل بقوة .. و تسقط عنه كل مقاومته .. كل تماسكه .. كل تحمله ..ويتشبث بنصفه الأخر فاستند بجبهته على كتفه وغلبه البكاء الصامت لم يشعر به إلا توأمه الذي كان أكثر منه تماسكا ..فربت على ظهره بخشونة قائلا بتهكم ليداري رغبته في مجاراته في البكاء" انتظرت منك يا نذل أن تقول بدل معي يا أخي الملابس وسأسجن بدلا منك .. انتظرت أن تقول عبارات من نوع سأعترف للشرطة أني من أطلقت النار على بدير وعش حياتك أنت يا توأمي كما يحدث في الأفلام .. لكن ماذا نفعل ..لم يعد هناك توأم يضحي من أجل الأخر في هذا الزمن"
توقف عن لهجته الساخرة حين لمحها تقف على الناحية الأخرى من الطريق وتفاجأ بوجودها فازدادت ضربات قلبه وأشاح بعينيه لبرهة لا يصدق أنه خرج وسيلمسها بعد دقائق .. دقائق ستمر عليه كالدهور منذ اللحظة ..
حين غاب شامل في تشبثه بأخيه غمغم كامل متهكما" يا عم شامو هل نمت على كتفي"
رفع شامل جبهته وأولى ظهره للطريق ومسح عينيه الحمراوين فقال كامل متهكما وهو يهم بالسلام على مفرح وفكره مشغول بتلك الفاتنة التي تقف على الناحية المقابلة بالشارع "يا حبيبي يا حساس البكاء لا ينفع الآن"
ضربه شامل لكمة مفاجئة في بطنه فانحنى كامل للأمام متوجعا ليحاول شامل مهاجمته بغيظ بينما الأخر يبتعد للخلف ثم هرب ناحية مفرح الذي يضحك وهو يقول" يا غبي نحن أمام السجن سيعتقلونك بالداخل (ونظر لمفرح يقول وهو يسلم عليه سلاما رجوليا ويحضنه) وأنت تضحك وتتركه"
غمغم مفرح متأثرا" ألف حمدا لله على سلامتك يا وحش"
ربت كامل على ظهره ثم نظر لشامل الذي كان لا يزال يرغب في ضربه وقال" لجم هذا الثور يا مفرح بالله عليك"
قالها وهو يسرع نحو الطريق ليعبره .. ليعبر إليها .. حتى لو كانت بينهما البحور لخاضها ليصل إليها .
تأملته بسمة آتيا ...لحيته طويلة غير مشذبة وتعجبت انه يتركها بهذا الشكل .. ويبدو عليه خسارة بعض الوزن .
وتأملها كامل وهو يعبر الطريق .. ترتدي سترة أرجوانية طويلة فوق بلوزة عاجية اللون وبنطال من الجينز ووشاح يغطي رأسها.
اقترب ووقف أمامها فتكحلت الأعين برؤية الحبيب واستفاق القلب من نوبة إغماء لحظية وتراقص بهياج..
وقف يتأملها يخشى من اختصار الإنشات الباقية ..يطلب من نفسه مالا تطيقه .. يطلب منها الصبر ..لكن بسمة لم تستطع التحمل فألقت بنفسها عليه .
كيف يتسع الكون في حضن! .. وتتلاشى برودة الطقس في حضن!. ويكون الملجأ من العالم حضن !!..
انتحبت بسمة ..بكت بقوة وهي تتحسس عضلات ظهره وتشتم رائحته وكأنها تريد أن تتأكد أنه حقيقة .. أنه واقع ملموس بينما دفن كامل وجهه بين كتفها ورقبتها وانعقد لسانه يستشعر دفئها بين ذراعيه .
ماذا يقول؟ وبم يواسيها؟ وكيف يشرح لها شعوره؟..
كيف يخبرها بأنها بالنسبة له وطن وأرض زرع فيها بذرته؟..
وكيف تخبره أنه بالنسبة لها أرض مدت فيها جذورها حتى اشتد عودها بعد أن كان ضعيفا لينا ؟.
كيف يشرح لها حال لياليه بعيدا عنها ؟.. وكيف تخبره عن حال أيامها بعيدا عنه ؟
للحظات فقدا الشعور بأي شيء حولهما ..أحاطتهما فقاعة تفصلهما عن الواقع وأخذا يقاومان رغبة في السقوط الحر من فوق جبل شاهق متعانقان لا يفرقهما أي شيء حتى يسبحا معا في فضاء سرمدي .. وعناق أبدي .
تدخل صوت شامل ليخترق تلك الفقاعة .. يفقأها بصوته وهو يقول" كامل نحن في الشارع وسنتأخر على أمك .. كما أني سأعاود للسفر مرة أخرى بعد أن أخذ ونس لتحضر حفل زفاف قريبتها "
أبعدها كامل مرغما لكنها ظلت تلقي عليه ثقلها وكأن ساقيها كانتا من هلام فأسندها وتحرك معها نحو السيارة التي استقر والده في مقدمتها فأجلسها في المقعد الخلفي ثم ذهب ليسلم على مفرح الذي أخبره بأن عليه العودة لمليكة لظرف خاص سيعرفه من بسمة أو شامل فحضنه كامل وقال" شكرا يا صاحبي على كل شيء"
ربت مفرح على كتفه وغمغم" لا حرمني الله من وجودكما في حياتي"
كانت عينا بسمة الباكيتان تراقبانه من نافذة السيارة وكأنها تخشى أن يغيب عنها أو أن تكتشف أنه ليس حقيقة وأنها تهلوس .. تابعته وهو يترك مفرح ويستدير حول السيارة ثم يدخل بقامته الطويلة ليجلس بجوارها .. فتحرك حجري الفيروز في عينيها فوقه فخفق لهما قلبه المنهك ثم سألها متهكما وهو يتطلع في وشاحها "ما هذا الأدب نحن لسنا بالقرية؟"
غمغمت بابتسامة ضعيفة "عودة للجذور "
ابتسم وحضنها .. فقال شامل من أمام عجلة القيادة وهو يتحرك بالسيارة" بالله عليكما نكتفي بهذا القدر من الأحضان فنحن على الطريق فارحموني"
أبعدها كامل ولم يعقب على ما قاله أخوه بل مال بجذعه ونام برأسه على فخذ بسمة عاقدا ذراعيه أمام صدره ..فنظر شامل في المرآة الأمامية وقال" إلى أين ذهب؟"
نظر غنيم خلفه وابتسم ليقول شامل مبرطما " يا ربنا .. هل قدري أن أقود لهما السيارة مرة وهي ملفوفة بالملاءة ومرة وهو نائم على حجرها !.. يا أستاذ كامل هلا تعاونت معنا لنصل لبيتنا سالمين؟ "
لم يرد كامل وإنما عدل موضع رأسه على فخذها ليتخذ وضعا أكثر راحة وأغمض عينيه فمسدت بسمة على ذراعه بحنان جارف وعلى شعره الطويل ثم مالت لتطبع قبلة على رأسه فسحب كامل نفسا عميقا ثم استرخى.
بعد قليل قال شامل باستفزاز "أنت يا بني آدم!"
تكلمت بسمة بحشرجة " نام يا شامل .. كامل يغط في نوم عميق "
نظر غنيم خلفه ثم قال لشامل "دعه ينام لبعض الوقت"
أما بسمة فاستمرت في التمسيد على ذراعه ورأسه وهي تتمتم في سرها" اللهم لك الحمد والشكر ..اللهم لك الحمد والشكر "
××××
بعد ساعتين
توقفت السيارة في المرآب وسوسو وونس التي تحمل رضيعها تقفان في استقبالهم فلم تستطيعا الصبر حتى يدخل إليهما بل أن سوسو اتصلت بهما أكثر من مرة أثناء الطريق فخرج إليهما كامل الذي أيقظوه قبل قليل.. في نفس الوقت كان نباح شهبندر يأتي من الحديقة وهو يبحث عن مكان ليدخل منه لكامل.
انهارت سوسو عند رؤية ابنها ..فعانقها كامل يحضن قامتها القصيرة بين ذراعيه ومال عليها يقبل رأسها لترفع إليه سوسو وجهها وتتأمل ملامحه المرهقة وتمسد على لحيته قائلة" لماذا تطلق لحيتك بهذا الشكل غير المهندم يا كامل ؟!"
لم يرد عليها وإنما مال يحضنها من جديد فأكملت سوسو بكائها في حضنه وقالت وهي تضربه على ظهره بقبضتها "لن انسى لكم أنكم أخفيتم عني"
وقف الجميع يراقبوهما لتقول سوسو باكية "حماتك أرسلت بط وحمام ومحشي صباح اليوم .. وأنا وافقت على دخول البط والحمام من أجلك فقط (وابتعدت تقول وهي تتأمله ) تبدو هزيلا ..ألم تكن تأكل من الطعام الذي يرسله شامل لك؟"
لم يكن قادرا على الحديث فقال بخفوت "أنا بخير يا سوسو لا تقلقي"
ربتت على صدره فتألم لذبولها وأضاف "محنة ومرت وأعدك لن تعود"
ثم نظر لونس التي تناظره بعينين باكيتين ومد يده يربت على رأسها فمدت ذراعيها بالسرير المحمول لتريه الصغير..
تطلع كامل في الصغير باتساع عينيه فاقترب شامل يحمل السرير من ونس ويعطيه لتوأمه فتطلع فيه كامل بنظرات متأثرة بينما راقبته بسمة وهو يميل ليقبل جبينه .
قال شامل" خرج أمس من الحضانة وهذا أول يوم له بالبيت .. أرأيت مدى ارتباط ابني بعمه؟"
ابتسامة حانية زينت شفتي كامل ..ابتسامة لا تخرج إلا للكائنات الصغيرة ومال يطبع قبلة أخرى على جبين الصغير وهو يقول" ما شاء الله"
حين دخلوا الفيلا قالت ونس "شهبندي ثيجن بايخايج "
(شهبندر سيجن بالخارج )
أسرع شامل بفتح باب الفيلا الذي يخربش فيه شهبندر لينطلق الأخير متجاوزا شامل الذي رفع حاجبا ويدخل كالطلقة نحو كامل فاستقبله الأخير وهو يميل عليه ليداعبه ويدلك له فراءه بينما قال شامل متوعدا" تتجاوزني يا كلب من أجله !"
بعد ساعة وفي إحدى الغرف الأرضية دخل شامل وأغلق الباب خلفه ثم تأمل ونس التي ترضع صغيرها فغمغم ضاحكا " لازلت حتى الآن غير مستوعب لأننا أصبحنا ثلاثة ولا لأنك أم"
رفعت إليه وجهها تردد خلفه بابتسامة واسعة" أنا أم"
جلس بجوارها ومال يقبل رأسها ثم قال" لم نحتفل بولادتك أيتها الأم المناضلة.. لابد أن نقيم حفلا من أجلك فقد كسبت جائزة عالمية وولدت أول أحفاد عائلة غنيم"
ضحكت ونس وقالت" ثوثو تنوي أن تقيم حفيا هي أخبيتني بذيك"
(سوسو تنوي أن تقيم حفلا هي أخبرتني بذلك)
هز رأسه ثم قال " علينا أن ننتهي من الطعام بسرعة حتى نستعد للسفر "
كانت بسمة تقف في المطبخ وقد انتهت من تحمير البط والحمام فنادت على شامل كي يقلب لها حلة المحشي الكبيرة فوق صينية ثم تركته وتسللت للطابق العلوي بحجة أن تخبر كامل بأن الغداء جاهز ..
إنها منذ أن صعد ليغتسل وهي تتحرق شوقا للصعود خلفه تريد أن تلمسه .. تحضنه .. تقبله .. تذوب في جزئياته لكنها كانت تعد له الطعام من ناحية وتشعر بالحرج من تركهم والصعود خلفه من ناحية أخرى.
هرولت على السلم والشوق يسبقها واقتربت من غرفتهما لكن الباب كان مغلقا من الداخل فطرقت على الباب طرقات خفيفة وانتظرت و لم تجد ردا فمطت شفتيها بإحباط وعادت لتنزل من جديد .
نزل كامل بعد قليل بعد أن اغتسل وبدل ثيابه لكنه أبقى على ذقنه كما هي فقالت سوسو باعتراض" لماذا لم تهذب لحيتك؟"
غمغم قائلا "فيما بعد يا سوسو فيما بعد"
قطعت ونس طريقه ورفعت أمامه لوحتها التي رسمتها وكتبت عليها عبارة ( ماذا بعد ) وقالت" ما يأيك ؟"
(ما رأيك ؟)
تراقصت عيناه فوق اللوحة ثم تنحنح يخفي تأثره قائلا" رأيي أنك كالعادة ترسمينني أقل وسامة من شامل ( وأخذها منها يضعها جانبا وهو يضيف ) عموما سآخذها منك وأعلقها في المطعم مجاملة لك"
هتفت باعتراض "مجامية !!.."
(مجاملة !!..)
رد بهدوء مستفز " أجل فلا أريد أن أردك خائبة"
قالت باستنكار "ألن تشكيني"
(ألن تشكرني)
"لماذا؟"
قالت متنهدة " يا كامي الانثان يابد أن يشكي الناث عيى ما يقدمونه يه حتى يو كان شيئا بثيطا حتى يو كان يم يعجبك يبما أنا أتحمي فظاظتك يكن الأخيين ين يتحميوا"
( يا كامل الإنسان لابد أن يشكر الناس على ما يقدمونه له حتى لو كان شيئا بسيطا ..حتى لو كان لم يعجبك ..ربما أنا أتحمل فظاظتك لكن الأخرين لن يتحملوا )
طقطق كامل رقبته يمينا ويسارا وتقبض بينما جاءهما ضحك شامل من عند منضدة السفرة ليقول كامل بهدوء وهو يتجاوزها نحو المطبخ " شكرا يا ونس على النصيحة "
هتفت خلفه "وعيى اليوحة !"
(وعلى اللوحة !)
رد مناكفا دون أن يتوقف أو يستدير إليها " حين أعلقها في المطعم سأشكرك إن شاء الله"
استدارت تنظر لشامل عابسة ثم غمغمت وهي تقترب منه" فظ"
وقف كامل على باب المطبخ يتطلع في بسمة التي كانت توجه زيلا ثم قالت تعطيه الهاتف الذي تضعه على أذنها" أمي تريد التحدث معك"
أخذ منها الهاتف ورد" كيف حالك يا حاجة فاطمة"
جاءته زغرودة قوية تبعتها عدد من الزغاريد المشاركة في الخلفية فابتسم بينما وقفت بسمة تتأمله ..
إنه منطفئ هذا ما تشعر به .. هادئ أكثر من اللازم ..حتى عنجهيته ومشاكساته غير موجودة .. كان به شيئا مختلفا أو ربما ضائعا .. وكأنه مثقل الروح.
قال كامل "بارك الله لك يا حاجة الحمد لله"
تكلمت فاطمة باكية "والله يا حبيبي قلت لهم كامل لا يفعلها أبدا ..كامل ابن أكابر وابن ناس محترمين وليس مجرما"
غمغم متأثرا" أعزك الله يا حاجة"
استرسلت فاطمة وهي تنهت من الانفعال" ومبارك لك أن ربك عوض صبر بسمة وصبرك بالذرية .. والله يا كامل فرحتي .. فرحتي ..."
اجهشت بالبكاء فنظر كامل لبسمة كي تنقذه وهو يقول" الحمد لله أن أكرمنا الله وشكرا على الطعام كنت أشتهيه...سأزورك قريبا أنا وبسمة إن شاء الله"
أخذت بسمة منه الهاتف وطلبت من أمها ألا تبكي بينما وقف كامل يتأملها بشوق كبير .
حين أغلقت الخط سألته بخفوت "لماذا كنت تغلق عليك الباب من الداخل؟"
تأملها بعينيه الجريئتين بنظرة مدققة من رأسها حتى أخمص قدميها ثم رد بخفوت "لأنك لو دخلت خلفي لن أغادر الغرفة قبل ثلاثة أيام على الأقل"
ترقرقت عيناها بالدموع بينما قال كامل بمشاكسة تخرج من روح مرهقة بشدة "لقد زاد وزنك قليلا"
قوست شفتيها لأسفل فمد يده يتحسس بطنها فلم تستطع بسمة الصمود فقالت باكية وهي تتمسك بملابسه "يا الهي أنت هنا .. أنت هنا وأنا لا أهلوس"
لم يعرف من منهما الذي حضن الأخر أولا .. فاتسعت ابتسامة زيلا وتحركت تحمل طبق السلطة وتغادر المطبخ بينما قالت بسمة باكية وهي تشتم رائحته وتتمرغ في حضنه" كنت أعد نفسي لغياب طويل وحرمان منك لفترة"
غمغم كامل وهو يغرق في حضنها" وأنا أيضا ولهذا كنت أموت ببطء في كل لحظة تمر عليّ بدونك"
دخل شامل يقول "ما شاء الله ما هذا الذي يحدث ..هيا أنا جائع وأنوي أن آكل طعام الأيام الماضية كلها .. كما أن أمامي أنا وونس سفر "
كانا يبذلان جهدا للانفصال وكل طرف ينتظر من الأخر فعلها قبل أن يستجمع كامل قواه ويبعدها ثم يمسح عنها دموعها .. فاقترب شامل وسحبه قائلا "ليس هذا وقت الغراميات البط والحمام ينتظروننا يا كيمو"
حين خرج كامل مع شامل من المطبخ كان غنيم يقول لسليمان الوديدي في الهاتف" بارك الله فيك يا حاج سليمان"
تحكمت بسمة في مشاعر الاستياء التي تريد أن تظهر على وجهها عند سماعها لاسم والدها وتحركت نحو منضدة السفرة بينما قال سليمان وهو يقف أمام بيته وخلفه فرقة شعبية تعزف وعمال مزرعة المواشي يوزعون أكواب الشربات على الناس "هل تسمع الاحتفالات ببراءة ابننا كامل يا غنيم بك؟"
قال غنيم مجاملا رغم تخمينه لموقفه السابق بعد عودة بسمة تلك الليلة بعد منتصف الليل " بارك الله فيك يا حاج سليمان أشكرك على شعورك النبيل"
غمغم سليمان وهو يسلم على أحدهم الذي يبارك له" لا تقل هذا يا غنيم بك نحن أهل .. هل كامل بجوارك كي أبارك له"
غمغم غنيم" طبعا "
بعد قليل قالت سوسو وهي تتطلع في السفرة التي يتجمع حولها الجميع كاملين غير منقوصين" لا حرمنا الله من جمعتنا ولا فرق بيننا أبدا"
أضاف غنيم" وزادنا من فضله ومن كرمه ..وأبعد عنا شياطين الإنس والجن"
تطلعت بسمة في كامل الهادئ الذي لا يأكل بشهية ويلهو بطعامه ووضعت له صدر البطة تقول" لماذا لا تأكل؟"
ناظرها قائلا "لم استعد توازني النفسي بعد"
ابتسمت له ابتسامة حانية فتأمل وجهها الفاتن وعينيها الزرقاوين وشفتيها وطابع الحسن بينما قالت سوسو لونس باعتراض "هل ستأكلين وأنت تضعينه على حجرك بهذا الشكل؟!"
قالت ونس "إنه يبكي كثييا كيما تيكته يييد أن ييتثق بي"
(إنه يبكي كثيرا كلما تركته يريد أن يلتصق بي)
ربت شامل على ظهرها ثم ساعدها في وضع الطعام في طبقها بشكل سهل التناول بيد واحدة في الوقت الذي قالت فيه سوسو بتفاؤل" علينا إقامة حفل .. فلم نحتفل لا بجائزة ونس ولا بولادة آسر والآن خروج كامل من محنته"
رد كامل بهدوء" لست في مزاج للتواصل الاجتماعي حاليا يا سوسو احتاج لفترة لاستعادة توازني النفسي"
تدخل غنيم قائلا "اتركيه حتى يعود لطبيعته يا سوسو"
غمغمت الأخيرة" ولكن عليك بتشذيب هذه اللحية المقرفة يا كامل "
ابتسم كامل ولكنه لم يرد.
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 11:00 PM   #3629

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 5

(5)



عند صلاة العصر

قالت أم ياسين عمة جابر بقرف "تستحق الفضيحة بنت الـ (×××) ليته أبلغ عنها الشرطة"

لكزتها نجف مشيرة بعينها على ميس الواقفة بعيدا على باب غرفة جدتها مرتدية فستان منفوش بينما أم هاشم تصفف لها شعرها فقالت أم ياسين بغيظ "و الله كلما أتذكر يفور دمي "

قالت نجف بيقين صادق "أنا وأم هاشم احتسبنا ما حدث عند الله والله يمهل ولا يهمل"

سُمعت جلبة بالخارج بينما قالت إحدى بنات خالة زين "وصل العريس"

دخل زين ليسلم على أمه ببدلة العرس الأنيقة فانفجرت الزغاريد من حوله بينما انفجرت نجف في البكاء.. فمال عليها يحضنها قائلا "جئت حتى تريني بالبدلة يا نجفة لا لتبكي "

أخذت تمطره بالقبلات ثم دعت له بكل الدعوات التي خرجت من قلبها فلثم يدها ثم تلقى التهاني من عمته وخالاته وأم هاشم قبل أن تقترب منه ميس قائلة "وااااو تبدو عريسا "

قال ضاحكا "وأنت تبدين عروسا"

فقالت "أريد أن التقط صورة معك يا عماه"

ترك زين لإحداهن التقاط صورا له معها ومع أمه وخالاته ثم تحرك يستعد للمغادرة حتى يحضر إسراء من صالون التجميل فقالت ميس "أنا سعيدة جدا لأنك ستتزوج من أبلة إسراء"

رد زين بلهجة شقية" وأنا الحقيقة ..أكثر منك سعادة "

انفجرت الزغاريد بقوة حوله وانفجرت معها دموع الفرح والدعوات بالسعادة

××××

دخلت نصرة لصالون التجميل لاهثة وتحركت بعباءتها المطرزة ووجهها الأحمر نحو الغرفة التي تقودها إليها نسمة حتى ترى إسراء في الثوب الأبيض.

هل سيصدقونها إن قالت أنها تحلم بهذه اللحظة منذ أن حملتها أول مرة بين ذراعيها وتطلعت في وجهها الصغير؟ .. اليوم بالذات تذكرت كل مراحل حياتها .. وكيف كانت فتاة ذكية عاقلة منذ صغرها.

فتحت الباب فقالت إسراء بلهفة" أمي"

تغضنت ملامح الأخيرة ووقفت تتطلع فيها والدموع تنهمر من عينيها فتزيد من احمرار وجهها الممتلئ .. إن الغالية إسراء ترتدي الثوب الأبيض أخيرا فقالت" أعوذ برب الفلق من عيني ومن عين كل من رآك ولم يصل على النبي"

أسرعت إسراء إليها بفستانها المنفوش وحضنتها .. هل سيصدقون إن علموا أن جزء من فرحتها هو تحقيقها لحلم أمها بأن تراها عروس ؟.. وتحمد ربها أنها لم تفعلها فقط كي تحقق حلم أمها ولكنها فعلتها لأنها قالت (أوافق ) وبصمت بأصابعها العشرة .

علت الزغاريد الآتية من الخارج ودخلت أم هاشم ببطنها البارز من عباءة فاخرة باللون الأسود ومطرزة بالورود الزهرية بأكمام واسعة وتمتمت وهي تقترب لتقبل العروس "اللهم صل على النبي"

باركت لإسراء ووقفت تثرثر قليلا ثم قالت وهي تضرب على رأسها " نسيت أن أخبر العريس بأن يدخل "

قالتها وهي تفتح باب الغرفة فانفجرت زغاريد الفرح وبرز زين عند باب الغرفة طويلا أنيقا مبتسما ابتسامته الساحرة فخطفت إليه إسراء نظرة خاطفة قبل أن تخفض نظراتها.

اقترب بقلب يتراقص من الفرح على أنغام دقاته وتأمل هالتها البيضاء بفستان بقماش كله مطرز بالورود البيضاء البارزة ينزل باتساع وحجاب أبيض حول رأسها ورقبتها ..وطرحة صغيرة فوق رأسها.

وقف أمامها فظلت مطرقة برأسها يكاد قلبها أن ينفجر من الطرق في صدرها .. ليمد يده ويرفع ذقنها كي تنظر إليه فأسرعت بإنزال وجهها ..

عاد لرفعه قائلا "لا أريد سوى أن أطلب منك محبسي .. أعطني المحبس وإلا سأرتكب فضيحة"

كانت حلوة .. حلوة كأحلى حلم مر في خياله .. تكاد أن تصيبه بأزمة قلبية من حلاوتها .. وكان وسيما .. وسيما إلى حد الإغماء .

تحركت إسراء تطلب من أختها همسة الواقفة متأنقة بجوارها والتي تحمل لها حقيبة صغيرة بها هاتفها فناولتها الحقيبة وأخذت منها المحبس وأعادتها إليها

فمد زين يده لها لتلبسه المحبس ..

شاكسته تقول بكبرياء" وهل أنا من جعلتك تخلعه حتى ألبسه لك!"

عيناها كانتا مكحلتين بالأسود فتألق اللون الكموني فيهما أمامه وهو يقول بحاجب مرفوع" إن لم ترغبي في أن أقوم بأي خطوة مجنونة أمام الناس ألبسيني إياه فورا"

احمرت وجنتاها وأمسكت بيده اليمنى لتلبسه إياه ..فسحب يده يقول شاعرا بالإهانة " اليمنى .. ستلبسيني إياه في اليمنى!! "

احمرت وجنتاها خاصة مع ضحك الواقفات وأسرعت بالإمساك بيده اليسرى ووضعت فيه المحبس .. فأمسك يدها ورفعها إلى شفتيه يقبلها.

تنهدت أختاها بهيام بينما أطرقت إسراء رأسها بخجل شديد تغطي باليد الأخرى عينيها.. فأمسك زين برأسها وطبع قبلة على جبينها ثم حضنها وانفجرت الزغاريد من جديد.

حين خرجت الزفة من صالون التجميل استقبل هلال ابنته بكريته وفخره بالأحضان ثم طبع قبلة على جبينها وسلم على زين بحرارة يوصيه عليها بينما ساعدت أم هاشم حماتها على الخروج من المقعد الأمامي لسيارة العرس المزينة بالورود التي يقودها أحد أصدقاء زين ..فتوجهت إليها إسراء تقبلها بينما العجوز تمطرها بالدعوات .

تحرك العروسان ليجلسا بالمقعد الخلفي في الوقت الذي ذهبت أم هاشم لتجلس في المقعد الخلفي لسيارة جابر التي يقودها هلال بينما جابر في القرية يستقبل الضيوف .. فجلست نصرة بجوار زوجها بينما استقرت همسة ونسمة وكريم بجوار أم هاشم .. أما ميس فأصرت على حشر نفسها بجوار جدتها في سيارة العريس ..

لينطلق موكب كبير من السيارات الخاصة وسيارات الأجرة لنقل الضيوف إلى القرية .

××××

أغلق كامل باب الغرفة فاستدارت بسمة إليه ترتدي القميص البرونزي شعرها الأسود مسدلا على ظهرها وبطنها ظاهرة من القميص الضيق كالكرش الصغير.. كانت فاتنة إلى حد يفوق احتمال جائع مثله وعيناها كانتا حكاية أخرى حكاية تحتاج لقصيدة غزل لهما وحدهما .

تخضبت بالحمرة تقول" لم أرغب في ارتداء قميص جديد ..أحببت أن ارتدي شيئا تحبه ..لكن أعتقد أنك على حق ..فقد اكتسبت بعض الوزن"

اندفع كامل يقطع الخطوات بينهما وحضن وجهها يقبلها بشوق يكاد أن يذبح قلبيهما .. يقبلها باحتياج .. برغبة في التعافي من السقم ..وخرجت من حنجرته آه متوجعة.

حين أطلق سراح شفتيها حضنها بقوة هامسا من بين قبلاته التي يوزعها على عنقها وكتفها "باسمة مهما وصفت شوقي إليك ستخرج الكلمات ركيكة .. أنت يا باسمة .. أنت"

"بسمتي أنت .. ووجعي ..وجنوني والصاعقة التي شطرت قلبي إلى نصفين"

قالتها بسمة مرددة قصيدته لها فابتسم وهو يرفع وجهها إليه ثم أطبق على شفتيها يقبلها بقبلة عنيفة مثل مشاعره ..ومال يضع ذراعه تحت ركبتيها وحملها .. وسقط معها على السرير ..

سقط في بحر عينيها .. فاغتسل وتطهر من آثامه .. وضمد جراحه .. وتحت ظلال رموشها اعترف بأخطائه وهزائمه.. وعلى باب قلبها طلب الصفح فلم يرد خائبا .. فغزل فوق جبينها من الوعود الجميلة تاجا ..ومن آهات الشوق قصيدة .. وقدم قلبه إليها قربانا .

بعد بعض الوقت قبل بطنها من تحت الغطاء عدة قبلات ثم غطاها ودفن رأسه في حضنها يسألها "متى سنذهب للطبيبة؟"

ردت وهي تقبل رأسه" متى شئت"

غمغم مسترخيا "أشعر برغبة في عدم الخروج حاليا .. لكن هذا المشوار بالذات لن أستطيع تأجيله "

دلكت ظهره تقول "خذ وقتك يا كامل ولا تتعجل ..طبيعي بعد ما مررت به أن تحتاج لبعض الوقت حتى تستعيد حياتك .. الحقيقة ما حكيته لنا بعد الغداء عما مررت به احزنني بشدة"

غمغم وهو يعتدل على ظهره ويدس ذراعه تحتها ويسحبها لتنام فوق صدره "أهم شيء ألا تبتعدي عني يا باسمة احتاج إليك بشدة"

(احتاج إليكِ)

هزتها العبارة وأثرت فيها ..فلم يحتجها أحد من قبل .. وحين يكون حبيب العمر.. كامل نخلة بكل اعتداده بنفسه وعجرفته من يحتاجها .. فهي على استعداد لتقديم روحها كي تساعده.

رفعت رأسها ومسدت على لحيته غير المشذبة تقول بهمس" أنا وما أملك لك يا كامل ..وحبي لك لن يهتز مهما حدث.. وسأبقى معك تحت كل الظروف ..وكنت مستعدة لانتظارك طوال العمر"

سألها بصوت مبحوح " هلا طلبت منك طلبا؟ "

قالت وهي تصفف شعره بأصابعها " أشر بخنصرك "

بلع ريقه فتحركت تفاحة آدم في عنقه وقال " هلا أغلقنا أي حديث عن الشخص الذي شهد ببراءتي .. فهذا الموضوع كان وسيظل يشعرني بعدم الراحة وما حدث نال من كبريائي "

هزت رأسها وقالت " لك ما تريد .. أتمنى فقط أن نطوي هذه الصفحة للأبد "

قالتها ثم مالت على شفتيه تقبله فاعتصرها بين ذراعيه .

××××

في المساء

أمام الصوان الكبير الذي يتحدث عنه كل أهل البلدة وعن الذبائح والولائم التي يقيمها جابر دبور احتفالا بزواج أخيه توقفت سيارة شامل في زيارة سريعة من العاصمة لتحضر ونس حفل العرس فترجلت هي ورضيعها من السيارة وترجل معها أيضا عيد القللي الذي مروا عليه وأخذوه في طريقهم.

قال عيد لونس يأخذ منها سرير آسر المحمول " اتركيه معي وأذهبي فأخشى أن يصيبه شيء من الزحام"

ترددت ونس وتطلعت في وجه شامل فقال لها مطمئنا" إن سيادته نائم نوما عميقا .. اذهبي ولا تقلقي ودعي الهاتف في يدك حتى أطلبك حين يستيقظ"

تطلعت في آسر فقال عيد بعصبية" اذهبي هل سنأكله!"

ابتسمت لوالدها وتحركت أمام عيني شامل تخترق تجمع السيدات بعد أن ضبطت سماعتيها على وضع يسمح لها باستيعاب هذا الكم من الأصوات العالية المختلطة ..فتطلعت فيها بعض الفتيات لتقول إحداهن "تبدو ناضجة انظري لملابسها الأنيقة .."

كانت ترتدي فستانا باللون الأزرق السماوي وحذاءً أبيضا ذا كعب عال علمتها سوسو كيف تسير به باستقامة ويغطي رأسها وشاح أبيض ناعم فبدت ناضجة ومختلفة كليا عن تلك الفتاة المتمردة غريبة الأطوار التي كانت عليها قبل ما يقرب من عام .

اقتربت بثقة واتزان نحو إسراء فهللت هي وصاحباتهما منذ أيام الدراسة يرحبن بها فحضنتها إسراء بسعادة تقول "أهلا بصاحبة الجوائز العالمية"

قالت ونس بصوت عال "مبايك يك إثياء أتمنى يك الثعادة"

(مبارك لك إسراء أتمنى لك السعادة)

صرخت الفتيات من الفرحة حين سمعنها تتحدث فضحكت ونس وغطت وجهها بكفيها بحرج ثم أشارت لهما على السماعتين الحديثتين بفخر .. لتقول إحداهن بمحبة "والله حين أرتنا إسراء المقطع المصور وأنت تستلمين الجائزة وتتحدثين شعرنا بالفخر أنك بنت قريتنا .. ربك عوضك خيرا الحمد لله"

سألتها إسراء" هل خرج آسر من الحضانة ؟"

أشارت لها ونس تقول" أجي .. إنه مع أبي (ثم نظرت حولها تسأل) أين نثية "

(أجل .. إنه مع أبي ..أين نصرة)

سلم شامل وعيد على جابر وهلال ومصطفى الزيني وجلسا في مجلس الرجال فراقب شامل عيد الذي يحضن سرير حفيده ويتطلع فيه بملامح سعيدة وراقبه وهو يرحب بمن يمر به ثم يشير على حفيده قائلا بفخر "هذا حفيدي .. ابن ونس "

ربت مصطفى الزيني على فخذ شامل يخرجه من شروده حين قال " مبارك لكامل براءته البلدة ليس لها حديث إلا هذا الخبر "

ابتسم شامل وقال براحة " الحمد لله أن أظهر الحق "



أما جابر وهلال الواقفان على باب الصوان فتطلعا في العدد الكبير من المدعوين وأغلبهم من أصحاب زين الذي يتوسطهم الأخير منهمكا في الرقص على الأنغام العالية ..ليقول جابر وهو يضرب كفا بكف" لا أفهم كيف ومتى دعا كل هؤلاء في أسبوع واحد!"

ضحك هلال وقال "حمدا لله أن الذبائح كافية وأنك أحضرت اثنين من الطباخين ليقدموا الطعام "

رد جابر "بصراحة أمنت نفسي .. حين قال هذه المرة كثيرون أمنت نفسي حتى لا ننفضح"

ربت هلال على كتف صاحبه يقول" حفظكم الله من الفضيحة"

ناظره جابر قائلا بمحبة" صرنا أصهار يا صاحبي هل تصدق؟"

رد هلال بتأثر" أنت وعائلتك دوما زاد الخير علينا "

قال جابر بلهجة صادقة "يعلم الله كم أدخلت هذه المصاهرة من سعادة على قلبي يا صديقي"

لوى هلال شفتيه وقال متهكما" ظننت أن علاقتك بمصطفى الزيني هي فقط ما تسعدك"

قهقه جابر ضاحكا ثم قال" هل تغار كالحريم يا هلال!"

لوى الأخر فمه ممتعضا فربت جابر على ظهره .. ثم تعانقا عناقا رجوليا يحمل محبة صادقة صنعتها سنين طويلة .

في جانب النساء عادت نصرة لتقبل ونس من جديد وهي تقول بسعادة "ما احلاك يا ونس.. إياك أن تسافري قبل أن أرى الصغير ..(وأضافت بلهجة متعاطفة) والله كنت أريد أن أزورك لكن هلال منعني بسبب تلك الظروف التي حدثت لأخي زوجك"

ردت ونس بحمائية" إنه مظيوم وثبتت بياءته"

(إنه مظلوم وثبتت براءته)

ربتت عليها نصرة تقول "ما شاء الله وأنت تتحدثين ...ما شاء الله" وأطلقت زغرودة.



اقتربت إحدى النساء من نصرة تبارك لها ثم قالت وهي تنظر حولها "ما شاء الله يا أم كريم ..تمم الله لها على خير ..إسراء تستحق كل خير"

غمغمت نصرة بالحمد لتضيف المرأة غامزة" بالمناسبة صاحبتك ستموت قهرا ..وصلني من واحدة مقربة لها أنها ستموت قهرا لأن اسراء تزوجت من هو أفضل من ابنها مئات المرات بينما هي ابنها بعيدا عنها"

غمغمت نصرة غير راغبة في تعكير مزاجها" أصلح الله لها حالها بعيدا عنا"



في ناحية أخرى قالت إحدى صاحبات إسراء لها بجرأة وهن يتابعن زين يرقص وسط الشباب "هل أنت متأكدة أنه لن يسقط نائما بمجرد أن يدخل الشقة؟" لكزتها إسراء بحرج بينما حمل عدد من الشباب زين وأخذوا في رفعه في الهواء وتلقيه على سواعدهم عدة مرات والأغنية تعزف ..

آدي الزين .. وآدي الزينة

قالوا الجنة هي جنينة

ع الياسمينا نشوف أسامينا

لو زفينا الزين ع الزينة

×××

وقفت نصرة على باب الشقة تبكي وتحضن إسراء بعد أن دخلت معهما ومكثت بعض الوقت تحضر طعام العرسان على السفرة تخلله أحضان وقبلات لإسراء وتوصيات لزين بأن يهتم بها.. وانتهى بها المطاف لوقفة طويلة على باب الشقة تحضن ابنتها وتبكيان فجاء صوت إحدى أخوات نصرة من الطابق الأرضي والتي تشعر بالحرج من الصعود" هيا يا أم كريم لا يصح هذا"

قالت نصرة غير قادرة على تحريك قدميها "حاضر ..حاضر (ثم قالت لزين ) ترفق بها يا زين.. ولا تحزنها ..واحفظها في عينيك ..إنها غاليتي جوهرتي الثمينة"

هز الأخير رأسه مطمئنا بينما اخترقت أم هاشم أخوات نصرة الواقفات عند السلم وبنتيها وقالت بعصبية" دعوني أمر لقد فقدت صبري "

قالتها وصعدت وهي تمسك ببطنها بينما قالت نجف من الداخل" ترفقوا بها يا جماعة إنها بكريتها"

اقتربت أم هاشم وهي تلهث فسحبت نصرة من يدها وهي تقول" تصبحان على خير"

تحركت معها نصرة وهي تقول باكية" لن أوصيك يا زين"



تنفس الأخير الصعداء وقال بعد أن خرج يودعها على الباب "لا تقلقي (واستدار ليجد إسراء قد اختفت فغمغم بعبوس) أين ذهبت؟!"

في غرفة النوم فكت إسراء حجابها واستدارت تتطلع في قميص النوم والروب المفرودين على السرير عاقدة حاجبيها وانحنت تتفحصه بعناية وقد تعرفت عليه .. إنه القميص الذي أعجبها ذات مرة حينما كانت هي وأمها تشتريان الملابس لونس فدمعت عيناها وغمغمت بتأثر" فعلتها يا نصرة!"



أسرع زين نحو باب غرفة النوم فوجده موصدا من الداخل فطرق عليه قائلا" أبلة سراء ألم تنسي أحدا خارج الغرفة قبل أن تغلقيها من الداخل !"

قالت بتوتر" أريد أن أبدل ملابسي"

رد عليها وهو يفك ربطة عنقه "وأنا أيضا أريد أن أبدل ملابسي ..لماذا تستأثرين بالغرفة وحدك!"

قالت بعصبية "اتركني على راحتي يا زين"

صاح معترضا " لااااااااا ..لم يكن هذا اتفاقنا .. لو تركتك على راحتك سأبيت على الأريكة"

جاءه صوتها من الداخل يقول "أنا لم اتفق معك على شيء"

قال بلهجة متسلية وهو يخلع سترة البدلة ويلقي بها هي وربطة العنق على أحد المقاعد ويشمر ساعديه " ابتعدي إذن عن الباب"

جاءه صوتها تسأل بتوجس" لماذا؟"

رد عليها وهو يفتح أزرار القميص العلوية ويخرج أطرافه خارج البنطال "لأني أنوي أن أكسره"

هتفت من خلف الباب "وهل هناك عريس متحضر يكسر الباب على عروسه!!"

رد عليها "وهل هناك عروس تفهم في الأصول تغلق الباب عليها من الداخل"



ساد الصمت وطال انتظاره فعقد زين حاجبيه ثم طرق على الباب يقول وقد ذهب عنه المرح "إسراء"

صوت فتح القفل جاءه ثم ساد الصمت بعدها فامسك بمقبض الباب وفتحه و وقف على باب الغرفة متخشبا.

كانت تقف بعيدا بجوار طاولة الزينة ترتدي روب أبيض طويل شعرها بنيا فبدى شكلها غريبا بدون الحجاب ..

فركت إسراء كفيها بتوتر واضح ثم أشارت على شعرها تقول" قصير .. إنه قصير ..لا أعرف إن كنت تحب القصير أم لا.. لكن شعري لا يستطيل إلا بصعوبة ..ومزينة الشعر اضطرت لقص أطرافه فأصبح أقصر "



شعرت بأنها حمقاء بعد ما قالته خاصة وهو يحدق فيها متخشبا قبل أن يقترب منها ببطء وعيناه تتفحصان وجهها وشعرها الذي يلمس بالكاد كتفيها وبدون أن يتفوه بشيء حضن وجهها بكفيه ومال يطبق على شفتيها بقبلة حارة جائعة.

ارتجفت إسراء وأصابتها نفس الحالة من الاستسلام دون مقاومة ..ليرفع زين وجهه عنها بعد قليل ويقول لاهثا "أنت مصرة على أن تفاجئيني بأشياء لا أعرفها عن نفسي .. فلم أكن أعرف بأني أحب الشعر القصير إلا الآن"

أراحها رأيه فمهما حاولت أن تتصنع التعقل ..بداخلها أنثى تحب أن تكون جميلة ومرغوبة في عيني زوجها و… حبيبها .

قال وهو يبتعد عنها ويتطلع فيما ترتديه" تعال لنصلي أولا.. قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة "

بعد قليل خلع زين قميصه بعد أن فرغا من الصلاة والدعاء وراقبها وهي ترفع عنها اسدال الصلاة فسحبها إلى حضنه يقول وهو يتأملها بدون حجاب" تبدين مختلفة ..لست الأبلة الناظرة"

عبست ملامحها فمنحها ضحكة أبهجت قلبها ثم مال يحضنها بقوة وهو يقول " أنت أقصر مما اعتقدت هل كنت تغشينني في طولك أم أنا الذي أشعر بك بدون الحجاب والملابس الفضفاضة فتاة في السابعة عشر؟"

لم ترد كانت تشعر بالخجل والخدر والحرج وكل المشاعر المرتبكة.. فأبعدها قليلا وألصق جبينه بجبينها يقول بهمس حار" لماذا ترتجفين؟"

قالت مجادلة "لا أرتجف"

قال لها وهو يميل ليقبل عنقها ويده تتحسس جسدها "أنا الذي اختض إذن فهلا حضنتني حتى أشعر بالطمأنينة "

لم ترد فرفع رأسه يقول مناغشا ومشفقا عليها وهي ترتعش بين ذراعيه "أنا خائف يا أبلة سراء هلا حضنتني بذراعيك"

هزت رأسها رافضة بخجل فضحك وقال بهمس "يا قاسية القلب"

ابتسمت وأسبلت أهدابها وتوترها يزيد وهي تستشعر لمساته الرقيقة على جسدها فسألها زين" هل أنت جائعة؟"

ردت بما تشعر به" لا أعرف"

ضحك مجددا فساهم هو وعطره ودفؤه في زيادة توترها قبل أن يسألها" لا تعرفين إن كنت جائعة أم لا؟"

ظلت صامتة فرفع ذقنها بأصابعه وهمس " يا الهي أنت جميلة جدا "

ومال يلتهم شفتيها بقبلة أكثر سخونة وعمقا ويده تزيد في جرأتها ..

حين أطلق سراح شفتيها حملها فوق ذراعيه فازداد توترها وهمست معترضة "زين!"



وضعها على السرير وخيم فوقها قائلا فأنفاس ساخنة متسارعة" أنت متوترة للغاية وكلما ماطلنا ستزدادين توترا دعيني أخلصك من ذلك الخوف بأن آخذك إلى ذلك المجهول الذي تخشين الذهاب إليه.. كي أثبت لك أنه لا يوجد ما يستدعي خوفك "

قالها ولم يعطها فرصة للاعتراض بل مال عليها يقبلها ويدغدغ مشاعرها بأحاسيس تشعر بها لأول مرة .. فاستسلمت له تماما دون مقاومة تذكر وكأنه يسيطر عليها بسحره كلما اقترب منها.

××××

نهاية الفصل الرابع والأربعون

ويليه مباشرة

الفصل الخامس والأربعون والأخير










Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 11:01 PM   #3630

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 6

(6)



الفصل الخامس والأربعون والأخير
اليوم التالي
العاشرة صباحا
تأملت نومته وابتسامة تتراقص على شفتيها ثم مدت إصبعها تتحسس فكه وذقنه وهي تبتسم بخجل .
ماذا دهاها؟.. إنها تذوب كحلوى الهلام وتتصرف كالمراهقات ولا تعرف هل هذا جيد أم سيء .. إنها لم تتعود على ذلك.. تعودت أن تكون الكبيرة العاقلة الرزينة ..جزء هو تكوين فيها والباقي اكتسبته خلال نضوجها المبكر .
لكنها مع زين تبدو مختلفة.. تتصرف بطفولية وحماقة أحيانا.. حين تستعيد حالتها بين ذراعيه أمس وكيف كان معها رقيقا وحازما في نفس الوقت .. خاصة مع توترها الشديد تضحك على حالها .. هي المعلمة الحازمة كانت كعصفور يرتجف في يوم ماطر .. ضاعت هيبتها أمام زين الذي خرج من حلم جميل ليحول كل شيء حولها ليكون جميلا مثله .
لقد وقعت في حبه هذا ما أخبرت به نفسها خلال فترة خطوبتهما رغم أن علاقتهما كانت عن بعد وتأكدت من هذا الشعور حينما عاد على حين غرة كعودة المطر بعد سنين عجاف ..
لم تتخيل يوما أنها ستقع في الحب .. إنها شخص عملي واقعي والزواج عندها يعني مودة ورحمة والتزام لمشاركة شخص أخر الحياة ..ولم تكن تعرف قبل أن تقابله أن مشاعر المراهقات حقيقية والتعلق برجل يمكن أن يحدث لها مثلهن .
هل غاب في النوم؟ .. نظرت في الساعة وضحكت على نفسها لقد ناما بعد الشروق .. بعد أن ظل طوال الليل يشاكسها تارة ويغازلها تارة أخرى.. ولم يتركها إلا بعد أن نفضت عنها توترها وشعرت بالاطمئنان فتناولا الطعام عند الفجر ثم استسلما للنوم بعد الشروق ..ورغم إرهاقها الأيام الماضية إلا أنها لم تنم إلا ثلاث ساعات .
تململ في نومته وراقبته يفتح عينيه ويتطلع حوله ثم يرفع أنظاره نحوها فانكمشت في نفسها بحركة عفوية جعلته يرفع حاجبا ويقول" هل رأيت زومبي؟! .. هذا هو شكلي حين استيقظ من النوم عليك الاعتياد على ذلك .."
تطلعت في شعره الناعم المنكوش فتحرك زين وانقلب على بطنه يدفن رأسه في حجرها ويعود للنوم
قالت له "هل ستكمل نومك؟"
همهم بالإيجاب فقالت" أمي بالتأكيد على وشك الوصول"

غمغم بنعاس "نامي يا إسراء لن نفتح لأحد"
عبست تقول باستهجان" لن تفتح لأمي!!"
همهم بالإيجاب وأضاف "أنت مخطوفة ومحبوسة في هذا البيت ولن يراك أحد"
قالت بغيظ" زين كف عن الفظاظة"
انقلب على ظهره ليكون رأسه على فخذها ورفع إليها أنظاره يقول" كم ستدفعين؟"
راقبت نظراته الشقية فأشاحت بوجهها بوجنتين مشتعلتين فأضاف وهو يمد ذراعه لأعلى ليمسك بأطراف شعرها القصير" أبلة سراء"
حين لم ترد اعتدل جالسا ومد يده ليدير وجهها المتورد إليه قائلا" قلت كم ستدفعين لأقوم واستعد لاستقبال الزائرين؟"
رمشت تقول وهي تتصنع الجدية "وهل ستطلب شيئا مقابل كل شيء تفعله؟!"
هز رأسه بالإيجاب وأضاف "معك سأقبل بالرشاوي والمكافآت والمنح وكل شيء"
قالت بحاجب مرفوع وهي تقاوم خفقان قلبها المتسارع "ولكن هذا استغلال"
مال بوجهه يقول بلهجة حارة أمام شفتيها" وأنا أجيد الاستغلال خاصة حينما يكون لشخص بهذا الجمال وهذه الحلاوة .."
عاودها التوتر لكنه هذه المرة من النوع المدغدغ للأعصاب بينما أطبق زين على شفتيها وحاوطها بذراعيه ثم سحبها ومال بها ليستلقيا على السرير..
غمغمت باعتراض من بين هجوم شفتيه "ولكن أمي على وشك الوصول"
قال لها ويده تتسلل تحت ملابسها "قلت لك أنت مخطوفة وأسيرة هنا فكفي عن التوتر"
بعد قليل سُمعت الزغاريد آتية من الطابق الأرضي فخرج زين من الحمام ليجدها واقفة بجوار طاولة الزينة يبدو عليها التوتر فألقى بالمنشفة على السرير واقترب منها يسألها" ما بك ؟..لماذا أنت متوترة بهذا الشكل؟"
ردت عليه "لا أعرف لست معتادة ..وأشعر بالخجل الشديد ..لا أعرف"
ضمها زين إلى صدره مطمئنا وطبع قبلة على رأسها قائلا" لا بأس ستعتادين على الحياة الجديدة بسرعة"
اقتربت الزغاريد شيئا فشيئا حتى رن جرس الباب ..فتركها وخرج ليفتح فقابلته حماته بالزغاريد تدخل بصينية طعام الصباحية وخلفها أمه وأم هاشم وخالات العروس.
رحب زين بهن وتحرك بعد أن أمطرته أمه بالقبلات ليحضر إسراء التي رفضت الخروج معه فاتسعت عيناه قائلا "لا يصح"
قالت بعناد طفلة صغيرة" أريد أمي"
ضرب زين كفا بكف وقال ضاحكا "من منا شخصيته متقلبة الآن ..سألتقط لك صورا وأنت منكمشة بهذا الشكل خلف الباب وأريها لتلامذتك في الفصل"
بعد قليل خرج إليهم يقول "أم كريم ابنتك لا تريد الخروج وملتصقة خلف باب الغرفة محرجة"
ضحكت الموجودات فقالت أم هاشم لنصرة التي ترص الطعام على السفرة "ادخلي لابنتك يا أم كريم ودعيني أنا أرص الطعام"
حين دخلت نصرة ألقت إسراء بنفسها عليها فحضنتها نصرة تزغرد باكية فشاركتها إسراء البكاء تقول" أشعر بالحرج الشديد يا أمي"
تطلعت فيها الأخيرة ضاحكة ثم دققت في الروب الأبيض الذي ترتديه وقالت باكية" بسم الله ما شاء الله وكأنه صمم لك"
تكلمت إسراء بتأثر" لم يكن عليك شراءه إنه غالي الثمن"
قبلتها نصرة تقول "وهل هناك أغلى منك يا نور عيني هيا إلى الخارج لا يصح .. ضيفاتك ينتظرنك "
قالتها وهي تسحبها لخارج الغرفة وترفع المزيد من الزغاريد.. فوقفت خجلة تتلقى التهاني من الموجودات بينما زين يجلس على السفرة يمسك بورك بطة ويأكله فاقتربت تقول له من بين أسنانها بهمس " هيبتي ضاعت بسببك "
غمغم ضاحكا " لا إله إلا الله .. ألف سلامة عليها "
عبست وسألته" من!"
رد عليها ضاحكا " هيبتك"
بعد قليل وبعد أن غادرت الضيفات خرجت إسراء إلى الصالة بعد أن اغتسلت و بدلت ملابسها لقميص أخر رقيق فتأملها زين الذي يجلس بجوار منضدة السفرة ثم ربت على المقعد بجواره ..
اقتربت لتجلس وتطلعت في ملامحه الجادة بترقب فاسند ذراعه على ظهر مقعدها وأمسك باليد الأخرى كفها قائلا وهو يتطلع في وجهها "من هذه اللحظة أحمل هم تركك بعد ثلاثة أسابيع .. الأمر سيكون صعبا عليّ وأشفق عليك من الآن ..لكن أعدك بأني سأرسل لك في أقرب فرصة"
هزت رأسها فقال" أعلم أيضا أنك مرتبطة بعائلتك فدعينا نتحمل الغربة معا حتى آخر العام ..فكما تعلمين أني لا أنوي إضاعة سنوات عمري بالخارج لهذا أضغط نفسي كثيرا حتى أعود واستقر ببلدي ..لكن مع نهاية العام سنقرر معا هل نكتفي بهذا القدر ونعود أم نستمر عامين أو ثلاثة أخرين نزور فيهما الوطن في الإجازة الصيفية ..وأعدك أن يكون القرار مشتركا"
هزت رأسها موافقة وقالت " أنا معك في أي مكان "
تأملها قليلا ثم مال يحضنها قائلا "إسراء"
"نعم"
"أنا أحبك"
××××
عند الظهيرة
"هذا ما أذكره سيادتك عن ليلة الحادث "
قالها بدير لوكيل النيابة الذي حضر مع قوة عسكرية لأخذ أقواله مرة أخرى بعدما ثبتت براءة كامل .. فناظره وكيل النيابة بنظرة طويلة مدققة ثم أسبل أهدابه بينما الأخر يحبس أنفاسه ويداري اضطرابه خلف وجه بارد الملامح .. فقال وكيل النيابة" ألا ترى أن القصة تتشابه مع ما حدث في المشاجرة التي قبلها؟"
استمر بدير في كذبه قائلا "صدقني يا باشا هذا ما يتذكره عقلي"
سأله بشك "هل تعني بأنك قد فقدت الذاكرة عما حدث ليلتها؟"
ادعى بدير التشوش وقال "لا أعرف يا باشا "
سأله وكيل النيابة "ولا تذكر مع من تشاجرت على مسدس كامل نخلة فأُصِبت في فخذك؟"
بلع بدير ريقه وبرغم شعوره بالراحة أن تبرأ كامل من القضية لكنه لم يكن ليعترف على نفسه وعلى أخيه ويدخلان السجن بعد أن يتم معرفة نشاطهما المشبوه وتشرد عائلتيهما ويوصم آل العسال كلهم بالعار حتى الأجيال القادمة فقال "أنا لا أذكر شيئا يا باشا صدقني"
استقام وكيل النيابة واقفا وأشار لمرافقيه للتحرك وهو يقول" حسنا يا بدير إن تذكرت أي شيء أبلغني"
خرج وكيل النيابة من غرفة بدير فقال عماد الذي كان يقف متوترا خارج الغرفة " أنرتنا يا باشا لماذا لا تبقى حتى نضيفك؟"
سأله وكيل النيابة" أنت عماد العسال أليس كذلك؟"
غمغم الأخر يداري ارتباكه بإجادة أقل من أخيه الأكبر" أجل أنا هو"
هز وكيل النيابة رأسه وتحرك مع عماد لينزل للطابق الأرضي فوقفت كاميليا أمام نافذة غرفتها تنظر لوكيل النيابة الذي يغادر بعد أن أوصله عماد لسيارته وعادت تقضم ظفر إبهامها بتوتر ..
إنها لا تزال حائرة محاصرة من عماد الذي أمهلها حتى بعد غد كمهلة إضافية ..هذا بعد أن تشاجرا أمس وضربها بعصى المكنسة في ذراعها حينما رفضت أن تذهب للبنك لتسحب منه المبلغ الذي دفعه لجابر ..لكنه لا يتفاهم وتعلم أنه سيعذبها لتدفع ولا تعرف ماذا تفعل .. لقد دخلت لبدير صباحا وبكت واشتكت له ووعدها بأنه سيتصرف معه .. لكنها في قرارة نفسها تشعر بأنه لم يعد يملك السيطرة على عماد خاصة وهو طريح الفراش بهذا الشكل بالإضافة لأنه مثل عماد يرى أنها لابد أن تتزوج بدون تأخير مصرا مثل عماد على أن تختار من آخر عريسين تقدما لها والاثنان أسوأ من بعضهما ..واحد بلغ الخمسين من العمر أرمل ولديه ثلاثة أولاد ومن قرية مجاورة.. والثاني على ذمته زوجة أخرى ويرغب في التعدد ..والأسوأ أن الاثنين مستواهما المادي لا يرقى لطموحها أبدا .
على سيرة الطموح أخرجت هاتفها وفتحت فيسبوك مجددا على تلك الصفحة الخاصة بوكالة اكتشاف المواهب وتطلعت مرة أخرى في عنوانها في العاصمة الذي باتت تحفظه عن ظهر قلب رغم أنها لا تعرف كيف تذهب إليه وراودتها نفس الأفكار الشيطانية التي تشجعها على أن تهرب من البيت وتذهب للعاصمة .. بعد أن تأخذ كل شيء يخصها ..ذهبها وملابسها وبطاقتها البنكية وتهرب إلى العاصمة .. لكنها عادت وذكرت نفسها بأنها إن خاطرت بفعل ذلك سيكون من أجل الذهاب لتلك الوكالة .. ولو نجحت ستعمل بالتمثيل وهذا معناه أنها ستكون مشهورة وأهلها سيستطيعون الوصول إليها ومعاقبتها على هروبها..
أي أنها لن تستفيد شيئا بهروبها ..كما أنها مخاطرة كبيرة قد تعرضها لانتقام عماد الذي لا يرحم.
ماذا ستفعل؟.. ولماذا الأيام أضحت من سيء لأسوأ ..فلم يكتفي القدر بالمصائب التي تنهال فوق رأسها ..ولا بحديث أهل القرية عن غيرتها من السوداء التي جعلتها ترسل لها من يحاول اسقاط حملها .. ولا بالمبلغ الكبير الذي دفعه آل العسال تعويضا .. والمشروع الخيري الذي أصبح اسم بنت الشيخ زكريا من كبار مساهميه .. لم يكتفي القدر بذلك لتعرف بأن الخبر الوحيد الذي كان يشعرها بالشماتة والتشفي أن زوج بسمة هو من حاول قتل بدير وسبب له عاهة مستديمة وأنه سيقضي عددا كبيرا من السنوات مسجون وبالتأكيد ستطلق منه بسمة وتصبح مطلقة للمرة الثانية .. هذا الخبر تم نفيه وتمت تبرئة زوج بسمة ..هذا ما علمته من الأخبار التي تدور بالقرية وبأن سليمان الوديدي وابنه أقاموا الاحتفالات ووزعوا الشربات احتفالا بالخبر .
إنها في حالة مزاجية سيئة ..وباتت لا تطيق البيت ..ولا تطيق حياتها ..خاصة وان عماد أمرها بأن تنزل مع وجدان وهدى للمشاركة في أعمال البيت وهي لم تفعل وتعرف بأن الشجار بينهما سيحدث من جديد لا محالة.
لماذا هي قليلة الحظ؟.. لماذا خلقت في مكان ليس مكانها؟.. مع أناس لا يقدرون جمالها ولا يضعونها في المكانة الصحيحة؟ ..وماذا ستفعل تجاه العريسين ؟..عليها أن تعترف أنها تخاف من أن يؤذيها عماد أكثر مما يفعل لقد هددها المرة الماضية بتشويه وجهها وأحداث عاهة مستديمة لها.
تلمست بحركة تلقائية وجهها متسائلة هل من الممكن أن يكون صادقا في تهديده؟ ..
بعد بضع دقائق من التفكير جاءتها الإجابة التي أراد عقلها ذو المخاوف تصديقها بأنه شرس ولن يجد من يوقفه عند حده ويحميها.
أخرجها من شرودها وقوف بسطاويسي أمام البوابة يتحدث في الهاتف فسألت نفسها هل يكون هو منقذها؟ .. هل تقلل من سقف طموحاتها فتستغل ما تملك من جمال لتحقيق طموحها المادي؟
في غرفة بدير قال الأخير منفعلا" نفذ ما أقوله يا عماد"
قال الأخر بملامح شرسة" ما هذا الذي تهذي به؟.. أية تجارة التي سأوقفها لبعض الوقت؟!!"
كان الطمع يشل تفكيره بعدما نال ما سعى إليه بعد صبر طويل فقال بدير من بين أسنانه" يا غبي افهم ..الشرطة الآن تبحث عن الجاني بعد براءة كامل نخلة ..وبالطبع سيبحثون حولنا ..لهذا لابد أن نوقف تجارتنا الممنوعة بعض الوقت.. مُر الرجال بأن يتفرقوا ولا يتواصلوا معنا إلا بعد أن نخبرهم ..وأغلق على البضاعة ولا تقترب من مكانها أبدا لفترة ..علينا ألا نثير الشك"
أطرق عماد برأسه متقبضا يطحن ضروسه فقال بدير شاردا بنظراته" وأنا سأظل أدعي عدم التذكر حتى تيأس الشرطة مني (ونظر لأخيه مضيفا بسخرية مُرة ) وطبعا هذا ليس من أجلك ..ولكن حفاظا على اسم العائلة وعلى ألا يشرد أولادنا"
بلع عماد ريقه وأدرك بأنه لا مفر من تنفيذ ما يقوله بدير خوفا على صيده الثمين فتحرك يخرج من الغرفة عابسا ليوقفه بدير قائلا " هناك شيء أخر ..لا تأخذ من كاميليا مبلغ التعويض فهذا سيؤثر كثيرا على المبلغ الذي تملكه"
هتف عماد بشراسة "أليست هي المتسببة في فضيحتنا ؟..أنت لا تعلم ماذا يقول أهل البلدة"
قال بدير بإنهاك نفسي وهو يستند برأسه للخلف على ظهر السرير" أعلم كل شيء فليس لأني حبيس هذا الفراش يعني أني لا أعلم"
قال عماد باستهجان " وتريدني أن أدفع أنا من جيبي هذا المبلغ الكبير نيابة عنها!!"
حدجه بدير بجانب عينيه بنظرة حادة أشعرت عماد بأنه قد استعاد روحه الثعلبية ثم سأله" ماذا فعلت بثمن البضاعة التي بعتها للتجار الذين أخبرتك عنهم؟"
تأتأ عماد قليلا ثم رد" نصيبي صرفته على تسديد ديوني"
سأله الأخر ببرود مخيف "ونصيبي؟"
غمغم عماد "بالطبع سأعطيه لك هل تحسبني سآكل حقك!"
ضحكة قصيرة ساخرة خرجت من حنجرة بدير ثم أظلم وجهه وقال" ادفع من نصيبي تعويض كاميليا ..والباقي تضيفه على حسابي بالبنك هل فهمت؟"
انقلبت مقلتا عماد يحاول استشعار مدى قوته ليضيف بدير بتحذير" واحذرك من التلاعب معي وإلا سأهد المعبد على من فيه وسأسلم نفسي وأبلغ الشرطة عنك"
امتقع وجه عماد وهتف بغيظ" هل هذا معناه أنك ستتركها بدون زواج أيضا حتى تتعطف سيادتها وتختار فارس الأحلام الذي لم يسبق له الزواج ؟..لقد رفضت فرصا جيدة قبل ذلك.. وإن بقيت أكثر من هذا ستفضحنا إنها مهووسة بنفسها وتعاني من الفراغ"
قال بدير "لا لن أتركها على هذا الحال فهي بالفعل ستفضحنا ..( وغمغم من بين أسنانه ) ليتنا لم نبلغ بسطاويسي برفضها وتركنا الباب مواربا معه"
عقد عماد حاجبيه وسأله "ولماذا بسطاويسي بالذات؟!"
قال بدير مفسرا "لأنه ابن عمنا يا ذكي ..وسيتحمل بلواها من أجل العائلة ولن يطلقها مهما فعلت ..كما أنه سيضعها عند حدها إن جنت"
قال عماد "وهل ستتحمل أختك الحاجة عَوالي زوجته الأولى؟.. لقد رفضت أكثر من عريس حتى قبل زواجها من جابر من أجل أمهاتهم لعدم رغبتها أن يكون لها حماة ..فما بالك أن تكون ضرتها بمقام حماتها"
قال بدير "هذا الكلام لن يفيد الآن فها هي قد رفضته ولن نستطيع أن نطلب منه نحن أن يعود لطلب يدها ..المهم سنضغط عليها لتختار من العريسين الأخيرين"
عض عماد على قبضته يقول "الغبية أضاعت علينا الفرص لمصاهرة من هم أكثر ثراء من هذين العريسين"
أما بدير فاستند برأسه على ظهر السرير وأغمض عينيه متسائلا ..لماذا لا يزال يشعر بعدم الراحة حتى بعد براءة كامل نخلة .. ما به.. ماذا يحدث معه ؟.
في الدور الأرضي وبالتحديد في ساحة البيت وقفت كاميليا تسمع صوت بسطاويسي الذي لايزال يتحدث في الهاتف ففركت شفتيها ببعضهما لتوزع ملمع الشفاه الذي وضعته قبل دقائق وأبعدت الوشاح ليكشف عن غالبية شعرها ..في الوقت الذي أنهى بسطاويسي الحديث في الهاتف وهو يدفع البوابة ويدخل ثم وقف متسمرا يتطلع فيها وهي مطرقة الرأس تتفحص هاتفها مدعية الانشغال ..
تحركت عيناه عليها بدءا من شعرها الذي صبغته بالأحمر ثم عباءتها البيتية التي تحدد قوامها الممتلئ وذراعيها الأبيضين مكشوفي الساعد فبلع ريقه وقال "كيف حالك يا بنت عمي؟"
بحركة تمثيلية ادعت التفاجؤ وقالت بلهجة هادئة وهي ترفع وجهها إليه" أبو محمد"
اقترب منها يسألها" لماذا تقفين بهذا الشكل؟"
ردت بمسكنة "انتظر فتى الصيدلية ..طلبت منهم مرهما لأدهن ذراعي"
سألها عاقدا حاجبيه "وما به ذراعك"
تغضنت ملامحها وقالت بلهجة حزينة" ألا تعلم؟"
تكلم بسطاويسي قائلا "لا .. لا أعلم"
قالت بمسكنة " ألا تعلم أن عماد قد أخذ من مالي غصبا ليدفع مبلغ التعويض؟"
رفع بسطاويسي حاجبا فقالت وهي ترفع ساعدها لتريه كدمة زرقاء" هذا بعد أن ضربني ضربا مبرحا .. انظر .. أيرضيك هذا يا ابن عمي؟"
عبس بسطاويسي ثم قال "لا يرضيني طبعا ..لكنك يا كاميليا أحرجتنا كلنا بما فعلت"
ردت لتصحح صورتها أمامه "إياك أن تتصور مثلما يقول أهل البلدة أني فعلتها غيرة على جابر من تلك السوداء"
لاح الاهتمام على وجهه فأضافت" أنا لو كنت أريد العودة لجابر لما كنت أصريت على الطلاق من الأساس ( وناظرته بعينين مسبلتين وأردفت ) أنا كنت انتقم منها لأسباب قديمة كانت تفعلها بي وتسلط عليّ من يؤذونني لأن عينيها كانتا على جابر منذ فترة طويلة ..وتفعل الأفاعيل للوصول إليه ..والآن تعذب ابنتي كلما ذهبت إليها والبنت تخاف من أن تخبر والدها"
لم يكن بسطاويسي ساذجا ليصدقها لكنه قال " عموما يا كاميليا التفتي لحياتك من الآن فصاعدا "
قالت بحزن " حياتي!.. أين هي حياتي ؟ .. تقصد التي أحياها هنا في عذاب عماد أم الحياة التي ستفرض عليّ حينما أغصب على الزواج من واحد من الاثنين المتقدمين لي.. واللذين لا يوجد فيهما من يملأ عيني.. ولا من يحميني من بطش أخي"
قال بسطاويسي بلهجة ذات مغزى " لو كنت وافقت على الزواج مني كنت استطعت التدخل ..لكني للاسف تدخلي محدود ..حتى لو كنت ابن عمك"
قالت بدلال "لديك ثلاث نساء يا أبا محمد"
بلع ريقه الجاف وهو يتطلع فيها عن قرب وقال " قلت لك لن أستطيع أن أطلقهن وأشرد أولادي هذا مستحيل"
حركت كتفها تقول بغنج " أنا أيضا مستحيل أن أكون ضرة لثلاث نساء"
قال بلهجة حارة وعيناه تأكلانها أكلا " ستكونين الرابعة والأخيرة ..ولن تأتي واحدة بعدك .. لك شقتك في بيتي الكبير ..ولك كل ما تطلبين من مال ودلال يا ست الناس"
ناظرته مترددة وتطلعت في جلبابه التقليدي لمن هو في سنه والذي يختلف حتى عن جلباب جابر الأبيض الشبابي ونظرت إلى بنيته الممتلئة و كرشه العالي فأصابها الغثيان بينما أضاف بسطاويسي بحنكة التاجر وهو يدقق فيها بعينيه" قولي نعم وسيكون بسطاويسي رَجُلِك الذي سيدافع عنك وستكون لك شقتك في الدور الرابع في بيتي .. ولك ذهبك ومصروفك الخاص"
هل تملك خيارا ؟ ..هل حظها العاثر يعطيها فرصة الاختيار؟.. إن لديها الآن ثلاثة عرسان.. كل واحد منهم أسوأ من الأخر ولا يرقى لطموحاتها ..وأخواها يريدان اخراجها من البيت بأقصى سرعة وكأنها تجثم فوق صدور الجميع .. والهرب غير مضمون العواقب خاصة وأنها لا تعرف أحدا بالعاصمة لتلجأ إليه .. الميزة الوحيدة التي تجعل بسطاويسي متفوقا عن منافسيه هو ثراءه ..فهل تستطيع التغاضي عن عيوبه خاصة وهو متزوج ثلاث غيرها ؟.
جاءها الجواب في عقلها أنها ربما كانت ميزة وليس عيبا ..ففي هذه الحالة ستوزع أيام الأسبوع بين زوجاته.. وسيكون نصيبها قليل ..بدلا من أن تكون زوجته الوحيدة التي تخدمه.. بل سيكون لها وقتها الخاص لتدلل فيه نفسها .. ومع هذا لا تزال كرامتها أمام أهل البلدة مجروحة من أن تتزوج من رجل لديه ثلاث نساء فقالت بدلال" لو لم تكن متزوجا من ثلاث "
قال بسطاويسي بلهجة جادة" لست أول ولا آخر من يفعل ذلك يا كاميليا"
تحدثت تجس نبضه "إن وافقت على هذا الوضع عليك بتعويضي لأنني ضحيت وقبلت بهذا"
قال ملهوفا لاستدراجها إلى مصيدته" لك كل ما تريدين من تعويض"
تنهدت تضع شروطها لترى ردة فعله" أولا مبلغ كمبلغ التعويض الذي دفعته لجابر يكون مهري (وخافت أن يأخذه عماد و يأخذ منها المبلغ في نفس الوقت فقالت) وتعطيني إياه بنفسك"
بدأ يشعر بدنو الفوز فهز رأسه يقول "لك هذا"
زادت من شروطها بما تحاول به ارضاء كرامتها المجروحة فقالت "وشبكتي لن تقل عن أغلى شبكة جاءت لأي فتاة بالمحافظة كلها"
مجددا هز رأسه يقول "حاضر ..رغم أن هذا سيكلفني كثيرا خاصة مع زوجاتي الأخريات اللاتي سيطالبن بالمساواة لكن من أجل عيونك أوافق حتى ترين كيف يقدرك ابن عمك"
لم يكن هذا كافيا ليحفظ كرامتها أمام أهل البلدة فأضافت" ويقام لي حفل عرس تذبح فيه الذبائح ويعرف الجميع قدري عندك"
على الرغم من أن ما تطلبه كان مبالغا فيه خاصة وأنها ليست زيجتها الأولى لكن رغبته في الحصول عليها وامتلاكها كانت أقوى فقال" موافق (وأسرع في اتمام الصفقة قبل أن تزيد عليه من شروط قائلا ) هل أعيد طلب يدك من أخيك؟"
بلعت ريقها مترددة وظلت تحدق فيه صامتة فأسرع هو بوضعها أمام الأمر الواقع قائلا بابتسامة سعيدة " السكوت علامة على الرضا (وضرب كفيه ببعضهما ينادي ليسمح له بالدخول ) يا علاء .. يا علاء"
خرج له أيمن ابن بدير الاوسط فقال له" الحاج بدير ينتظرني"
بعد دقائق كان بسطاويسي قد دخل مع أيمن ليسمح له بالصعود إلى بدير بعد أن طالعها بنظرة شهوانية يدقق مجددا فيما سيحصل عليه مقابل ما سيدفعه بينما وقفت كاميليا مترددة ..حائرة.. مفزوعة.. تتساءل ..أي مصيبة فعلتها في حق نفسها بهذا القرار؟
ولكن هل كان هناك فرصة أفضل من ذلك وهي ذات حظ قليل في الحياة؟! .
××××


يتبع





بقية الفصل على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t464653-364.html



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 04-12-20 الساعة 11:16 PM
Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:29 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.