آخر 10 مشاركات
410 - عائد من الضباب - ساندرا فيلد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          361 - جزيرة الذهب - روايات أحلامى (كتابة فريق الروايات الرومانسية المكتوبة /كاملة*) (الكاتـب : taman - )           »          489 - ضياع في العاصفة - ديانا بالمر ( عدد جديد) (الكاتـب : Breathless - )           »          رواية لن أتخلى عنك { الحصن سابقاً } ... مكتملة (الكاتـب : أم ساجد - )           »          غدر زوج- قلوب قصيرة [حصريًّا] للكاتبة Hya SSin *مكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          7 - غراميات طبيب - د.الأمين (عدد حصري)** (الكاتـب : سنو وايت - )           »          عروس المهراجا (163) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          الحالمة - لورا آدامس - عبير الجديدة (حصريا)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          خذني ..؟ -ج1 من سلسلة عشقٌ من نوعٍ آخر -قلوب قصيرة - للرائعة ملاك علي(كاملة& الروابط) (الكاتـب : ملاك علي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-05-22, 03:24 AM   #21

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


(19)

بوح جدائلي!!

دخلا إلى مطعم افتتح في الأعوام الأخيرة ، كان معرضا للتحف والشرقيات وبعض الوثائق الصحفية القديمة .. ابتاع صاحبة منّ محمود أبو الجدايل لوحتين صغيرتين ،وكان يزوره بين فترة وأخرى .. إلى أن فوجئ ذات يوم ببيع المحل وتحويلة إلى مطعم .
كان المطعم خاليا من الروّاد .. جلسا إلى مائدة متطرفة .. جاء النادل وقدم لهما كرّاسا يحتوي على قائمة بالمأكولات والمشروبات .. لم تفتح لمى الكراس وألقته جانبا .. ألقى محمود نظرة خاطفة على المأكولات .
- ماذا تحبين ؟
- ما تحبه أنت !
- ما رأيك بقطعة فيليه بالبهارات !
- ممكن!
- وماذا تشربين ؟
- ماء فقط .
- وأنا كذلك كما يبدو، رغم رغبتي بكأس من البيرة ، لكني توقفت عن تناول الخمور حين وجدت أن أسعارها جنونية هنا .. وأنا مشرد من دمشق ونقودي تنفد كل يوم . والدعم الذي يأتيني من الصندوق القومي الفلسطيني تبتلع معظمه أجرة البيت . وسوق الفن ميت .. والأدب والفكر أساهم في نشرهما دون أي مردود يذكر .
- هل وضع الكتاب والفنانين مثل وضعك ؟
- وربما أسوأ .. في دمشق كان لدي معرض دائم ، وأقمت معرضا ثانيا ، وكنت أصرف النقود دون حساب.. هنا اختلف الأمر.
- استاذ محمود أنا لدي نقود ويسرني أن أكون أنا الداعية وأن تتناول ما تشتهي.
- أشكرك عزيزتي ليس الأمر بهذا السوء فما يزال لدي نقود ، مشكلتي أنني أفكر في المستقبل القريب وشيخوختي بشكل خاص . التشرد وعدم الاستقرار في مثل عمري مشكلة .. تشردت في شبابي كثيرا .. لم أكن أكترث للأمر لأن في مقدوري أن أعمل أي شيء . أما الآن فالأمر مختلف ، إضافة إلى التخوف من مرض يقعدني ولا أجد أحدا إلى جانبي.
- لذلك أرجو أن تتقبل دعوتي، وسأشاركك تناول البيرة .
- اضطر محمود إلى الموافقة أمام اصرار لمى .
طلبت إلى النادل أن يحضر زجاجتين من أفضل بيرة لديهم .
أحضر النادل زجاجتي أمستل وملأ كأسيهما .. تبادلا الأنخاب.
تساءلت لمى متابعة حديث محمود عن الوحدة:
- لماذا تعيش وحيدا؟
- لأنني أعشق حريتي وأعشق الوحدة أيضا لما تتيحه لي من هدوء وتأمل وإمكانية للعمل . وقد يكون الأمر مؤسفا لتأخري في تحقيق ذلك .
- لماذا تأخرت في تحقيق ذلك ؟
- لأننا نعيش في مجتمعات تقوم على مبادئ متخلفة بحيث لا يستطيع المرء بشكل عام، أن يختار نمط حياته وتحديد مستقبله ، وقد يجد نفسه غارقاً في ما لا تحمد عقباه .
- هل لك أن توضح لي ذلك ؟
- مثلا عدم وجود حريّة جنسية قد يدفع المرء لأفعال شاذة تتناقض مع الأعراف الاجتماعية والأخلاقية، كممارسة الجنس المحرّم مع الأخوات والأخوة أوالآباء مع بناتهم، وقد يدفعه إلى الزواج حتى دون أن يعرف شيئا عن الجنس وعن الحياة الزوجية . وعدم الاختلاط أو صعوبته يرغم المرء على اختيار زوجة من أقرب معارفه ، وفي الغالب قد لا يتوفر لدى هذه الزوجة الحد الأدنى من المعرفة .. ليجد المرء نفسه يغرق في مجموعة من المسائل المعقدة التي يصعب حلها ، فإما أن يستكين للأمرالواقع وإما أن يسعى لحل ما قد يكون مدمراً للمرأة أو للطرفين أحيانا .. مجتمعاتنا تسير بتقدم سلحفائي وفي الغالب تتقهقرإلى الخلف بدلا من أن تسير الأمام ، رغم التقدم الهائل الذي تشهده الحضارة . يحضرني هنا قول لجبران " مأساتنا هي أننا نتزوج ولا نحب، نتكاثر ولا نربّي، نبني ولا نتعلم ، نصلّي ولا نتقي، نعمل ولا نتقن ، نقول ولا نصدّق"
أدخل محمود بحديثه لمى في عمق مأساتها وودت لو في مقدورها أن تبوح له ولو بالحد الأدنى من جراح عمرها . كبتت ما يعتمل في نفسها .. وتساءلت :
- هل أفهم من كلامك أنك تزوجت وطلقت ؟
- أجل يا عزيزتي تزوجت مرّتين وطلقت مرتين أيضا ولم أستطع أن أعيش كما أطمح إلا في منتصف الأربعينيات من عمري، دون زوجة ودون نساء إلا من مغامرة عابرة أوعلاقة تدوم لبعض الوقت .. لكني أنتجت منذ ذلك الزمن بعض ما كنت أطمح إليه وأفكر فيه ..
- هل في الامكان أن أتدخل في خصوصياتك وأسألك لماذا تزوجت اثنتين وطلقتهما؟
- هذا الأمر يحتاج إلى رواية يا عزيزتي وهي بالتأكيد ليست ككل الروايات من حيث وقائعها والصدق إلى حد كبير فيها .. لا تصدقي ما يتناوله الروائيون في رواياتهم .. في الغالب يتناولون القشور دون أن يغوصوا في أعماق الحياة .. أنا شخصيا بات لدي عقدة من الحياة الزوجية بحيث أصبحت أنكرها وألغيها من حياتي أحيانا، بعد أكثر من ربع قرن من حياة الوحدة والحرية ..
الأسباب كثيرة دون شك .. بدءا بالمسألة الجنسية مرورا بالثقافة ومتطلبات الحياة وبناء أسرة، وانتهاء بقدرة الزوجين على تفهم بعضهما..
- ماذا لو تطرقنا للمسألة الجنسية ولو نظرياً؟
- أشرت إلى عدم الحريّة في مجتمعاتنا وإلى محدودية اختيار شريكة العمر ، التي تتم بشكل خطأ ، وتكون في الغالب نتاج الحاجة إلى الاكتفاء الجنسي ، وليس بدافع الحب كما يعتقد كثيرون.. وبعد الزواج يكتشف المرء أنّه لم يحقق له الحد الأدنى من الاكتفاء، وفي الغالب يجد نفسه في وضع ينبغي أن يراعي فيه مسائل كثيرة خلال الممارسة، يتوافق عليها الزوجان وإلا سينتج عن ذلك مشاكل ليس لها حدود، يكون أولها طيران ما يعتقد أنه حب ! إضافة إلى مجموعة المسائل الحياتية الأخرى.. المرأة غير الواعية لحقوقها في الممارسة الجنسية قد تتقبل الرجل على علّاته الذكورية ، وتتكيف مع نزواته مهما كانت !
- الحق معك . المسألة تحتاج إلى رواية لتفيها من كافة جوانبها ..
- افكر في أن تكون روايتي القادمة عن هذه المسألة ، وخاصة في ما يتعلق بحياة المثقفين !
حضر الطعام .. وشرعا في تناوله ؟
تناول محمود قطعة صغيرة من الفيليه ولاكها في فمه متذوقاً :
- لا بأس بها .. هل أعجبتك ؟
- تبدو لذيذة ..
استأنفا تناول الطعام دون كلام ! شعرت لمى أنه في مقدورها أن تبوح لمحمود بكل مكنونات دخيلتها، وأنه أهل لكي يتقبل وضعها ، وقد يساعدها على تحمل أثرالآلام التي تضج بها دخيلتها ، غير أنها أحست أن الوقت غير مناسب لذلك ، وربما يحتاج الأمر للتقرّب إلى محمود أكثر .. راودها شعور بإمكانية إقامة علاقة معه رغم شيخوخته .. لكنه قد لا يقدم على ذلك رغم أنها أعطته الضوء الأخضر من هذا اللقاء، لكنه لم يهتم للأمر كما بدا عليه .. حاولت أن تهرب من وضعها وأن تهرب إلى عالم آخر يغني ثقافتها .. كلام محمود عن قائم بالخلق مطلق المحبة والخير والعدل والجمال مشكلة محيرة ، فلماذا لم يتحقق إلّا الحد الأدنى من هذه الغايات ؟ سألته . أجاب :
- لأن عملية الخلق ما تزال تحبو في بدايتها كما أشرت من قبل. ولن يتحقق ذلك إلا بإدراك البشرية للغاية من وجودها وأن الخالق يكمن فيها كما يكمن في الوجود كله وكل كائن فيه . ثمة آية جميلة في القرآن تشير إلى أن الله لا يغير البشر ما لم يغيّروا ما في أنفسهم " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"( الرعد 11) العلماء فسروها حسب فهمهم للألوهة ، سواء كان التغيير في اتجاه الخير أو في اتجاه الشر. أما أنا فأفسرها باتجاه الخير فقط ، واتجاه الشر لا علاقه له بالألوهة ، غالبية سكان الأرض يسيرون في اتجاه الشر حتى يومنا ، ولو كان القائم بالخلق قادرا على تحويل سلوكهم نحو الخير لفعل ، ولن يحدث ذلك ما لم يدركو هم بأنفسهم أنهم من ينبغي أن يقوموا بالتغيير والتحول إلى عمل الخير، بدلا من الإقدام على أعمال شرّانيّة . القتل والفظائع في الحروب مثلاً، فاق طاقة الإنسان العاقل على التحمل!
ضحكت لمى وهي تهتف :
- وهل من يقومون بالقتل في الحروب وغيرها غير عاقلين ؟
- أكيد غير عاقلين ولو من وجهة نظري! الإنسان العاقل ينبغي ألا يعمل غير الخير . نحن أمام بشرية لا تخلو من توحش.. أستثني بعض الدول التي جهدت لأن تخرج من تخلفها وتساهم في صنع حضارة انسانية حديثة بعد أن عانت من الصراعات والحروب كثيرا ..
- وماذا عن العبادة ؟
- أي عبادة ؟ إذا كان فهم المعبود خاضع لاجتهادات خاطئة، فلن تكون العبادة إلّا مضيعة للوقت وهدرا لطاقة البشر لا طائل منها ، وخاصة تلك التي تتطلب صلوات كثيرة في اليوم، وإن كانت تؤدي إلى راحة نفسية لدى من يومنون بها بصدق لا بتقية ونفاق ووظيفة!
فرغا من تناول الطعام . أصرت لمى برجاء حار على دفع الحساب. وافق محمود على الأمر .
أمام المطعم تبادلا القبل وافترقا على أمل اللقاء ثانية .

****



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-22, 03:25 AM   #22

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

(20)

هواجس انتحارية وفلسفية !


وهو يستلقي في السرير بعد غدائه مع لمى ، متأملا وضعه الحالي وبعض ملامح حياته الماضية ، تذكر محمود أبو الجدايل مسدس الانتحار الملفوف بقميص قديم وملقى بين مجموعة من الملابس المكومة في قعر الخزانة .. تذكر المسدس لأن مساعدة أل 500 دولار تأخرت حتى الثالث عشر من آذار هذا العام ، فالصندوق القومي مفلس كما يبدو ، والسلطة الفلسطينية تعاني من ضائقة مالية بعد أن قطعت عنها المساعدات الخارجية ، وزاد نتنياهو الطين بلة حين اقتطع من ميزانية الضرائب الفلسطينية مخصصات الأسرى والشهداء .. ورفضت السلطة استلام الأموال ما لم تكن كاملة ! هذا الأمر أعاد محمود إلى التفكير في الانتحار إذا ما ضاقت كل الخيارات الممكنة أمامه ، ويأتي في مقدمتها هذا المبلغ الذي يحتمل أن ينقطع في أي وقت ، رغم أنه لا يكفي لحياة مستقرة ، وفلوسه تنفد كل يوم . سوق الرسم معدوم والكتابة الروائية لا تدر شيئا ، بل وفكر في التوقف عن الاستمرار في كتابة رواية " زمن الخراب " التي شرع في كتابتها منذ ستة أعوام ، ثم تخلى عنها ، ليعود إليها هذا العام ، في محاولة لإكمالها. فكر في أن يحمل بعض اللوحات في حقيبة ويدور على بعض الفنادق والشركات لتسويق لوحاته، وإذا لم ينجح المسعىى ليس هناك إلا المسدس . سينتحر بالتأكيد. لا يتصور أن يجد نفسه وهو في هذا العمر خاليا مما يفيه قوت يومه !" لا لا قد ينجح في إيجاد وسيلة لبيع بيته في دمشق ، وجلب مقتنياته ولوحاته .. ربما يتمكن من الذهاب بنفسه إذا ما تغير الحال هناك .. وربما يوكل ابنته في الأمر. وربما يقبل ابنه العاق بالذهاب .." أطلق نفسا عميقا محاولا الهروب مما يدور في خياله .. تعرفه إلى لمى خارج العالم الافتراضي أراحه بعض الشيء، هو يحتاج إلى صديق يجده إلى جانبه في وقت ما .. حين مرض بالتهاب القولون قبل عامين وتوقف عن تعاطي الحبوب المنومة والمهدئة ، أصيب بارتكاسة شديدة أرغمته على السير كالسلحفاة ، ولم يجد من يأخذه إلى الطبيب غير أحد البقالين الذين يتعامل معهم في المحيط. الأصدقاء الذين يزورونه ويسهرون في بيته تذرعوا بانشغالهم ، رغم وعودهم بمساعدته في أي أمر إذا ما احتاج ! لم يجد ولو واحدا بينهم يصحبه في سيارته إلى طبيب. الصديق الذي قبل أن يصحبه مئات الأمتار إلى البنك ليسحب نقودا ، تأخر أكثر من خمس ساعات عن الموعد المحدد . ولم يذهب دون تناول الطعام لأنه كان جائعا. صدق الشافعي حين قال "ما أكثر الأصدقاء حين تعدهم .. ولكنهم في النائبات قليل " لمى ليست كذلك كما هو واضح من سلوكها . إنها أول فتاة تدعوه إلى الغداء في حياته .. هذا مؤشر على كرمها ونبلها ." لكن ماذا تخفي هذه الفتاة بحق السماء .. لماذا تتخوف من إطلاعي على ما يعتمل في نفسها .. لا شك أنه أمر مخيف . وعلى الأغلب يتعلق بالجنس . فهي تبدو غير متزوجة رغم أنها ربما تجاوزت الثلاثين من عمرها .. هذا يعني أنها عانس.. لن ألح عليها لمعرفة أي شيء .. سأتركها على سجيتها إلى أن تشعر أن في مقدورها البوح لي .. آه آه يا محمود .. آه يا زمن .. "
حاول أن يهرب من هذا العالم ليتابع بحثه عن جوهر الخالق .." إذا كان الخالق طاقة حسب ما يتصور، فهل لديه وعي مطلق وقدرة مطلقة . لم يتصور أن يكون هناك خالق دون وعي ، مهما كان شكل أو لا شكل عقله ومادته ، ومن ماذا يتكون ؟ فهذه مسألة مفروغ منها . الإشكالية تكمن في حجم الوعي وقدرته على الفعل ، توصل في تفكيره إلى أن امكانية الإطلاق مستحيلة، وإلا لما استغرقت عملية الخلق قرابة أربعة عشر مليارا من الأعوام ، الإمكانية الواردة هي تطور نسبة الوعي وإمكانياته عبر الزمن. فكّر في طرح بعض الأسئلة على محرك البحث جوجل لعله يجد إجابة ما ، رغم إحساسه أنه لن يجد إجابة شافية بين إجابات كثيرة قد يجدها تدور حول الطاقة . لم يستطع النوم كما يحدث كثيرا في قيلولاته . نهض . حضّر شايا وجلس إلى الكومبيوتر، فتح النت على جوجل وكتب في محرك البحث : الطاقة والوعي ؟
فوجئ بوجود أكثر من تسعة ملايين نتيجة تدور حول الطاقة والعلاج بها وما إلى ذلك . الطريف أن أحد مقالاته عن الطاقة احتلّ الفقرة الثامنة في الصفحة الاولى !! لكن ليس هذا بالضبط ما يبحث عنه . ومع ذلك راح يستعيد قراءة المقال الذي يستند إلى مقال منشور في موقع اسلامي تنويري كما يبدو:
*الطاقة الكونية بين الوعي والفعل .
من تابعوا بعض مقالاتي المتعلقة بالخلق والخالق والمادة والطاقة لمسوا إلى أي حد أوغلت بعيدا حين لم أضع الخالق نفسه خارج الطاقة ، بل اعتبرته الطاقة نفسها السارية في الوجود والمتجلية فيه بكل كائناته ومكوناته ! وإن عبرت عنه بمفردات مختلفة كالخالق أو القائم بالخلق أو المطلق الأزلي ، أو الله ! ولا شك أن مذهب وحدة الوجود الذي أنتهجه ، يقوم على مبدأ لا يختلف في أهم مدارسه عن فهمي لهذا المذهب ،حتى وإن كان فهم التجلي الإلهي في الوجود لدى بعض هذه المدارس يختلف عن فهمي بتنزيه الذات الإلهية عن الوجود رغم تجليها فيه ! بينما لم أنزهها أنا إلا بمفردة لغوية هي الخالق أو القائم بالخلق أو حتى الله أو أي اسم آخر.
ترى ماذا يقول المسلمون المتنورون عن الطاقة ؟ بحثت على النت لأجد الكثير، وقد اخترت لأصدقائي هذا المقال من موقع اسلامي يدعى رام رام !! ولم أتدخل فيه ولو بكلمة ،حتى أنني أبقيت على معظم الأخطاء الإملائية والنحوية دون تصحيح !( قام بتصحيح الأخطاء خلال هذه القراءة ) وأعتقد أنه أجمل وأرقى ما أنتجه العقل التنويري الإسلامي، رغم أنني أختلف حول بعض القليل مما ما جاء فيه .
الطاقة و الوعي !
لقد توصل علم الفيزياء الحديثة إلى أن جوهر ومنبع الطاقة موجود فيما وراء كل من الزمان والمكان والصفات .
ففي الفضاء اللامحدود طاقة لا تضاهيها طاقة أخرى هي الطاقة الكونية أو طاقة الخلق طاقة الحياة( البرانا)
تتجسد هذه الطاقة في الكون تحت اسم الوجود
و تتجسد على الأرض تحت اسم الطبيعية
و في الإنسان تحت اسم الحياة
توجد هذه الطاقة في إحدى طبقات الفضاء اللامتناهي وهي مخصصة و مكرسة لتغذية الإنسان و الطبيعة والعالم بخصائص الوجود والاستمرارية و قوة البقاء
و تدخل هذه الطاقة كيان الإنسان باستمرار لتحافظ على وجوده وهي التي تقوم بالوظائف اللاإرادية كنبضات القلب و جريان الدم والتنفس
و تنفذ هذه الطاقة إلى كيان الإنسان عبر منفذين في رأس الإنسان الغدة النخامية والأنف بواسطة التنفس
الطاقة التي تدخل عبر الأنف هي التي تزود الكيان بالحيوية و نَفَس الحياة واستمرارية العيش و الطاقة التي تدخل عبر الغدة النخامية تزود القلب بحركته والدم بالحياة وبالعناصر الصحية الكامنة فيها كما تمد بقية الأعضاء اللاإرادية بحيويتها و نظامها
إن الطاقة الكونية هي قوة الحياة في هذا العالم
الطاقة الكونية أساسية في حياتنا و بنيتنا فهي تحيطنا من الخارج و تتغلغل في أجسامنا من الداخل .
و حتى ندعم ونقوي أجسامنا نحتاج إلى إدخال الطاقة الكونية الأثيرية و طاقة الأرض .
و يتم امتصاص هاتين الطاقتين من خلال الشاكرات ( الغدد الباطنية ) ثم توزع هذه الطاقة على أجزاء جسم الإنسان الباطنية وإلى كل خلية من خلايا جسمه .
أهم صفات الطاقة الكونية :
1- أنها لا يمكن أن تدمّر
2- قابلة للتحول أو التغيّر
3- هي عبارة عن ذبذبة أو اهتزازة
4- لا يوجد لها خاصية ، فهي دون شكل دون زمن دون أبعاد
5- لا نهائية، لا محدودة، لأنها من مصدر ذي قوى لا محدودة، هو الله سبحانه وتعالى .
كما أن الطاقة هي الجوهر النقي للحكمة و الوعي لأن الوعي والحكمة هي صفات فيما وراء الزمان والمكان .
عندما نعلم أن الجسم المادي ليس هو الذي يصنع حقل الطاقة، بل الطاقة هي التي تخلق الجسم المادي. وما نشاهده كجسم مادي هو النتيجة النهائية لعملية تبدأ في الوعي وفق المخطط التالي :
1-تغير في الوعي يخلق تغيراً في حقل الطاقة.
2- تغير في حقل الطاقة يحدث قبل التغير في الجسم المادي.
اتجاه الظهورأو التمثل هو من الوعي ، خلال حقل الطاقة ، إلى جسم الإنسان الفيزيائي.
الوعي ----- حقل الطاقة .........الجسم المادي
كما يؤكد لنا علم الفيزياء الحديثة أن كل شئ في الكون هو طاقة، حتى ما نعتقد نحن أنه مادة صلبة هو في الحقيقة حالة معينة للطاقة، والوظائف الفيزيولوجية والحيوية ترتكزعلى مستويات الطاقة المختلفة.
والصحة هي نتيجة إدخال التوازن على مستوى الطاقة ، وأي خلل في هذا التوازن ينتج عنه إما زيادة أو نقص في النشاط، الذي يتجسد بالتالي مع الوقت في شكل مشكلة صحية.
و كل شئ في الكون سواء كان حجراً أو نباتاً أو حيوان أو إنسان، هو محاك في نسيج وظائفه الأساسية الجوهر الأصلي للحكمة والوعي. حتى على مستوى المخلوق الواحد، فالوعي والحكمة الموجودان في خلية الدم أو خلية المناعة أو بلورة الماء أو وعي الإنسان نفسه، هما في الحقيقة نفس الجوهر الأصلي ولكن يعمل في وظائف مختلفة .
نهاية المقال.
****
كان الإنسان يبحث عن الخلود لعدم معرفته للغاية من الوجود ، أي كان يبحث في الطريق الخطأ ، وظل الإنسان يبحث في الطريق نفسه ، إلى أن حل الإشكال بالجنة الموعودة بحورياتها الفاتنات حسب المعتقدات التي ترى نفسها سماوية ! وما يزال الإنسان يغرق في الأفكار نفسها ، لأنه لم يدرك معنى الوجود والغاية منه ، وما هي الطاقة الكامنة خلفه . الموت ليس نهاية الحياة . بل مرحلة ضرورية لتجدد المادة والطاقة واستمرارالحياة لتحقيق الغاية من الوجود وهي إقامة الحضارة الإنسانية وتحقيق قيم الخير والعدل والمحبة والجمال . الإنسان شريك في عملية الخلق في حياته الدنيوية وشريك فيها في حياته الأخروية كمادة وطاقة متحدتين مع الطاقة القائمة بالخلق ،وهي ما عبر عنه المقال "بالجوهر الأصلي للحكمة والوعي ".أي ما يطلق عليه البشر الألوهة . هذا ما يجب أن يدركه الإنسان ويعمل عليه حتى لو لم يكن حقيقة مطلقة، لأن أي عمل خيراني أو إنساني أو جمالي ، لن يكون إلا في اتجاه بناء الحضارة الانسانية والحقيقة المطلقة التي ينشدها الخالق.
*******
لاحظ محمود من خلال حديث الكاتب مغفل الإسم عن الوعي والحكمة الموجودين في خلايا جسم الإنسان ووعيه وحتى بلورة الماء، وإعادتهما ، إلى الجوهر الأصلي نفسه أي الطاقة ، أنه لم يبق أمامه إلا أن يقول أن الألوهة تكمن في هذه الطاقة ، وأنها تسري في الوجود كله ! تابع تصفحه ليجد النص في صفحات أخرى تحت اسم رمزي " العقل الكوني " ولديه صفحة على الفيس بوك .
لم يعثر على ما يضيف إلى فهمه. شعر بالنعاس. أغلق الكومبيوتر وعاد إلى السرير. ما أن استلقى في السرير حتى وجد أن النعاس قد جافى عينيه . حاول استعادته بأن شبك أصابع يديه فوق رأسه ، وضم قدميه إلى بعضهما ليجعل دورة الطاقة تكتمل في جسده وتتلقى الطاقة المحيطة به . أطبق عينية وأغلق عقله بإبعاد أي صورة من دماغة . الإحتفاظ بالحالة مسألة ليست سهلة على الاطلاق. شغل نفسه بالشهيق والزفير لبضع دقائق ولم يعرف كيف نام ، كما لم يعرف كيف وجد نفسه يحلم بأنه يكتب مقالا بعنوان:
*"الدخول في الأسئلة الصعبة حول إمكانية وجود ألوهة " يقول فيه :
الدخول في الأسئلة الصعبة مسألة معقدة جدا بالتأكيد ، لأن الإجابة عنها أكثر تعقيدا ، خاصة وأننا مهما اجتهدنا في الإجابة لن نتوصل إلى حقيقة مطلقة . غير أن عدم التوصل إلى حقيقة مطلقة ينبغي أن لا يثنينا عن خوض غمار طرح الأسئلة والإجابة عنها ، فقد نتوصل في أحسن الأحوال إلى حقيقة نسبية ، وفي أسوئها إلى اكتشاف خطأ الإجابة أو حتى خطأ الطرح ، مما يقودنا إلى إجابات مختلفة لمفكرين قد ينتج عنها حقيقة نسبية تساهم في إغناء الفكر الإنساني ، أو إلى طرح الإسئلة بشكل مختلف يؤدي إلى نتائج مختلفة قد تساهم في إغناء الفكر الإنساني أيضا .
إذا اتفقنا على أن الوجود مكون من مادة وطاقة ولا شيئ غيرهما : مادة ينتج عنها طاقة، تعيد تشكيل وخلق المادة في ملايين الأشكال المختلفة من كائنات في الوجود ، تقوم بدورها بإنتاج طاقة ينتج عنها خلق وإبداع ينتجان حضارة ، فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا من أسئلة في هذه الحال : هل هناك ألوهة أم أنه لا يوجد ألوهة على الإطلاق، وإذا كان هناك ألوهة فهل تتمثل في المادة والطاقة أم أنها خارجهما؟ والأهم من ذلك هل تعي الألوهة وجودها كألوهة في المادة والطاقة أم أنها لا تعيها ؟ وهل ترى أن التمظهرات المادية والأفعال الناتجة عنها في الكائنات كلها هي تمظهرات وأفعال لها أم لا ؟ هذه هي أهم الأسئلة التي يمكن أن يطرحها المرء . سنستبعد إمكانية وجود ألوهة خارج المادة والطاقة سواء قبلهما أو بعدهما لأن ذلك لا ينسجم - كفكرغيبي لا يستند إلى أي منطق - مع تفكيرنا . وسنشرع في الإجابة استنادا إلى المنطق الثاني أي إمكانية وجود ألوهة في المادة والطاقة ، وفي الإمكان استباق الإستدلال لنقول، إذا كان ثمة ألوهة في المادة والطاقة فإن وجودنا المادي وفعلنا الطاقوي لا ينفصلان عن وجودها كمادة وطاقة وبالتالي فإن الألوهة موجودة فينا أيضا كما هي في كل خلق مهما كان، كون كل خلق هو مادة وطاقة . وبهذا نريح أنفسنا من أي منطق آخر للإستدلال .لا، لن نكتفي بهذا القدر من الإستدلال لإمكانية ألا تدرك الألوهة أنها ألوهة وبالتالي لا يوجد ألوهة على الإطلاق.
لقد سبق وأن تحدثنا عن أن مفردات لغوية من نوع إله ورب وخالق وخلق وألوهة لم توجد قبل اختراع اللغة من قبل الإنسان في زمن قريب جدا من عمر الخلق لا يتجاوز سبعة آلاف عام في أحسن أحواله ، في الوقت الذي يوجد فيه عملية خلق قائمة منذ أربعة عشر مليار عام ، وهذا يعني أنه لم يكن هناك خالق مهما كان يخضع لمفهوم لغوي قبل اختراع اللغة ، وبما أن اختراع اللغة هو فعل طاقوي إنساني فإن اختراع مفردات لغوية تعبر عن ألوهة ما هو فعل بشري إنساني ، وفي هذه الحال تكون الألوهة وكل المفردات المعبرة عنها نتاجا إنسانيا وليس إلهيا .
لكن مهلا . ليس الأمركذلك رغم ما يبدو من منطقية الإستدلال. فما تم هو نفي وجود مفهوم لألوهة وليس نفيا لمفهوم وجود خلق، كذلك ليس نفيا لوحدة مادة وطاقة موجودة قبل اللغة لم يتم التعبيرعنها لغويا إلا في القرون الحديثة ، كما تم تناول المسألة بمعزل عن عملية الخلق القائمة منذ قرابة أربعة عشر مليار عام ، والتي يأتي خلق الإنسان كذروة تطورها . فإذا ما ذهبنا في هذا الإتجاه فإننا سنجد أن خلق الإنسان هو نتاج فعل مادي طاقوي قائم منذ بدء عملية الخلق ، شكل خلق الإنسان ذروة تطوره ، وأن اللغة اعتبرت هذه العملية الجارية المتحولة خلقا، استدعت بدورها وجود خالق أو ألوهة ، أطلقت عليها اسم الخالق أو الله كمفردة توصلت إليها اللغة، لم تجد حتى الآن أفضل منها للتعبير عن عملية الخلق . ونظرا لأن الإنسان غير معزول عن عملية الخلق هذه كمادة ينتج عنها طاقة ، وطاقة ينتج عنها مادة ،فإن الألوهة كمادة تتمظهر فيه كما تتمظهر في كل كائن، وأن طاقة الألوهة تسري فيه كما تسري في كل كائن ، وبالتالي فإن كل ما ينتج عنه يمكن اعتباره نتاجا إلهيا ، وأن اختراع اللغة وإنشاء مفردات تعبرعن الألوهة هو اختراع من قبل الألوهة نفسها ممثلة في جانب متمظهر منها في الإنسان ، كون تمظهر الألوهة هو تمظهر في كل شيء في الوجود حتى في الكواكب والنجوم . وبالتالي فإن هناك ألوهة ! ولقد أثبتت الفيزياء الكمومية ( الكوانتية )أن الراصد والظاهرة المرصودة متكاملان أو متكافلان ، ولا يمكن معرفة أحدهما دون معرفة الآخر . وهو ما شرحناه بقدر مقبول من التفصيل في تحليلنا للعلاقة بين الخالق والمخلوق أو الطاقة والمادة ! فالكل خالق والكل مخلوق ، والكل مادة والكل طاقة في الوقت نفسه .
والألوهة إضافة إلى ما تطرقنا إليه من كونها مادة وطاقة ، فهي من حيث المبدأ ، أوجدت نفسها بنفسها لنفسها منذ الأزل وما زالت توجد نفسها بنفسها لنفسها دون أن تصل إلى كمال ما مطلق . وبناء عليه يمكن اعتبار اللغة ومفهوم الألوهة مرحلة في تطورفهم عملية الخلق وفهم الألوهة لنفسها ، وإدراكها لوجودها، لكنها ليست الفهم الأخير المطلق وليست الإدراك الوجودي المطلق.
نستنتج مما سبق وتحديدا عن المرحلي والمطلق ، أن عملية الخلق لم تخرج حتى الآن عن مفهوم النسبية ، سواء في إدراك الألوهة لوجودها أو وعيها لنفسها . وأن الإدراك المطلق لن يتم دون إدراك الألوهة لوجودها المطلق ، وأن وعيها لنفسها لن يتم دون إيجاد الوعي المطلق . ويمكن تعريف الوجود المطلق بأنه الوجود الذي ليس بعده وجود ، وأن الوعي المطلق هو الوعي الذي ليس بعده وعي . وهذان الأمران في الحالتين شبه مستحيلين على المدى المنظور والممكن تبصره، إلا إذا اعتبرنا أن وجودنا ووعينا ( الإلهيين ) مطلقان. وإذا ما انتقلنا إلى الغاية من الوجود فإن استحالة التحقق في الحقب القريبة القادمة تغدو شبه مؤكده . فإذا كانت الغاية من الوجود هي تحقيق قيم الخير والعدل والمحبة والجمال وبناء الحضارة الإنسانية الإلهية ( إن شئتم ) فإنه لم يتحقق من هذه القيم إنجاز على مستوى أممي يدعو للفخر . وإذا ما ذهبنا إلى عملية الخلق بحد ذاتها فإننا نجد أنها غير مكتملة من نواح كثيرة ،كخلق مخلوقات ضارة ، وخلق الإنسان غير الكامل ، وغير ذلك كثير .
لكل ذلك يمكن القول إن عملية الخلق ما تزال في بداياتها ،وإن كمالا ما لن يتحقق على كافة الصعد ما لم يتحقق كمال الخلق في كافة الجوانب المتعلقة بعملية الخلق.
وإذا أردنا أن نوجز الإجابات عن الأسئلة التي طرحناها ، فإننا نقول حسب مفهوم نسبي غير مطلق :
- نعم يوجد ألوهة ، وأنها تتمثل في المادة والطاقة وتتمظهر كمادة في كل شيء ،وأن أسمى تمظهر لها هو في الإنسان ، وأنها كطاقة تسري في الكون والكائنات كلها ،وأنها تدرك وجودها المادي لأنها تحتويه وتتمظهر فيه ، وتعي وجودها الطاقوي لأنها تنتجه.
*****
لم يعرف كم نام حين استيقظ . ما كتبه في الحلم أمر لا يصدق . نظر إلى الساعة كانت تقارب التاسعة والنصف ليلا .. لقد نام أكثر من ساعتين ..
نهض . حضر ابريقا من الزهورات .. أشعل سيجارة في محاولة لتناسي البايب .. وجد أنه لم ينجح .. تدخين البايب يملأ الدماغ .. سارع إلى تنفيذ الأمر .. شغل الكومبيوتر .. فتح الوورد ليعيد كتابة المقال الذي كتبه في الحلم . طالعه مقال في الصفحة التي يفترض أنها بيضاء .. حدق مندهشاً ، ولا يمكن لكل لغات العالم أن تعبر عن دهشته ، حين وجد أن المقال الذي كتبه في الحلم قد نسخ في الوقت نفسه على جهازه. أطبق بيديه على صفحتي رأسه ، وشرع في شكر الله مرددا " شكرا يا إلهي" بضع مرات ، وهو يدرك بشعور تام أن ما جرى هو فعل إلهي طاقوي اعجازي خارق للمألوف .
*******
سارع إلى نشر المقال على الفيس بوك وفي " الحوار المتمدن " ومنتديات أخرى. تلقى ردودا مختلفة .. بعضها من منطلقات دينية مسيحية أو اسلامية ترفض افكاره بشكل مطلق ، وبعضها مؤيد ومعجب ، وثمة من لا يتقبل الأفكار رغم أنه علماني. وهذا ما دعا محمود أبو الجدايل إلى أن يمضي يومين آخرين في البحث والتفكير للرد ، في محاولة لإقناع العلمانيين بصواب تفكيره .
ومما كتبه:


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-22, 03:27 AM   #23

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

(22)

انتصار الخير!


خابرته لمى متسائلة عما إذا بإمكانها الحضور إليه . رحب بها . حضرت . بدت منشرحة ولا يبدو أي أثر لحزن على ملامح وجهها.
- جميل أن أراك مبتهجة بعض الشيء.
- إن شئت الحق مجرد قرار إرادي!
- ماذا تقصدين ؟
- ليس هناك ما يدعوني للبهجة فقررت أن أتناسى كل ما يكدّر حياتي ولو لساعات.
- أتمنى أن تبقي كذلك دائما .. الحياة صعبة ومتعبة لنا ولأمثالنا ..
- أشكرك .. لا تعرف كم يريحني اللقاء بك .. قرأت مقالاتك الأخيرة بعمق واستمتعت بها .. أنت ترغم كل صاحب عقل حر على التفكير حتى لو كان يخالفك الرأي..
- هل في الامكان متابعة الحوار معك حول آخر ما نشرته ؟
- أكيد ..
- تتحدث عن كل عمل إن كان خيرا أو كان شرا كفعل إلهي وتستشهد بأفكار منسوبة إلى ابن عربي .. وكأنكما أنت وابن عربي تشرحان الآية 17 من سورة الأنفال الواردة في القرآن " وما رميت إذ رميت إن الله رمى " السؤال هل يمكن أن يكون الخير والشر من فعل الخالق؟
- أنت تضعيننا أمام الاسئلة الصعبة التي حيّرت الناس ، وفكروا فيها منذ زمن بعيد . لقد أجبت على ذلك ضمن المقال . فهذه الآية تحتمل أكثر من تأويل. فهل الرامي هو المقصود ، أم الطاقة التي تحركه ، أم الاثنين معا؟ كان أيوب أول من تساءل عن المسألة في سفر أيوب حسب النص التوراتي .. بعد أن أنزل الله به المصائب وشل حركته ، في محاولة لاختبار مدى ايمانه ، على أثر رؤية شيطانية انصاع لها الله ، تشير إلى أن أيوب لم يؤمن بالله إلّا لأنه أغدق الخير عليه، وفي حال نزع هذا الخير عنه ، سيتخلى عن الأيمان وسيكفر بالله . دمرّت حياة أيوب إلى حد فظيع ، بحيث بات الدود ينخر جسده وهو طريح الفراش ، مما دفعه إلى التساؤل عمّا إذا كان الشر من عند الله أيضا ، ليخلص إلى مخاطبة الله ناعتاً إياه بالظلم ، ومطالبا بأن يرفع عصاه عن رأسه !
و في بدايات الحكم الاسلامي سار المعتزلة على الطريق نفسه في مواجهة الجبريين، الذين كانوا يرون أن أفعال الإنسان مقدرة من الله ، وأنه مسيّر وغير مخيّر، لتبريرأعمالهم ، عكس ما كان يرى المعتزلة من أن الانسان مخير بين الخير والشر وأنه مسؤول عن عمله. الأمر الذي لا يصدق أن الفكر الجبري ما يزال ساريا في العالم الإسلامي حتى يومنا .. حتى مقتل الآلاف في الأعاصير والفيضانات والحروب والحوادث تعزى إلى قدر إلهي ، وحتى غضب من الله كما في الأعاصير والزلازل ! وقد قضي على المعتزلة وفكرهم منذ ذلك الزمن ..
يمكن أن أختصر لأقول إنّ فهم البشر للمسألة ناجم عن عدم فهم لماهية وجوهر القائم بالخلق أو الألوهة ، كونها طاقة سارية في الكون والكائنات ومتجسدة فيهما، لا يمكن دونها القيام بأي فعل مهما كان ، دون أن تكون هي مسؤولة عن الفعل ، وبهذا أتفق مع المعتزلة في أن الإنسان مخيّر وغير مسيّر، ويتحمل مسؤولية أفعاله ، والنظر إلى أي فعل يقوم به الإنسان كفعل إلهي ، هو مجرد مسألة مجازية كونها ناجمة عن طاقة سارية . ولنأخذ مثلا بالحافلة . فإذا اصطدمت الحافلة بحافلة أخرى أو بجدار وأودت بحياة بعض الناس ، فهل يقع اللوم على السائق أم على الطاقة التي تسيّر الحافلة ، وهي هنا البنزين ؟
- على السائق بالتأكيد ، لكنه بدوره مسيّر بطاقة الخالق !
- نعم مسيّر بطاقة الخالق لكنها لا تتحكم به . ويبدو لي أن ابن عربي كان يجب أن يوضح هذه المسألة حين جعل كل فعل هو فعل إلهي مهما كان .
- أكيد لا يعقل أن يرى ابن عربي أن أفعال الشر من الخالق ، وترك الفهم للناس أوأنه وضح الأمر في كتاب آخر من كتبه الكثيرة لم يصل إلى زمننا. أو أن الباحثين لم يتطرقوا للأمر.
- صحيح . إذن كفانا أن نعزو كل شيء إلى الله ونحمّله مسؤولية أفعالنا !
- وماذا عن الأعاصير والزلازل وغير ذلك؟
- كل فعل يقوم حسب قوانين مادية طاقوية وضعت في المادة منذ مليارات السنين ، وأي خلل في هذه القوانين ينتج عن عوامل مادية مختلفة ، يؤدي إلى نتيجة ما قد تكون إعصارا أو زلزالا أو طلقة تقتل انسانا ! وقد تكون العوامل ايجابية ومنضبطة لا تشذ عن القوانين فينتج عنها ما هو خيراني كالمطر وحتى القُبَل البشرية ! والله هنا ليس كائنا يقف على رأس كل كائن في الوجود ليراقب فعله ويسيّر عمله . هذا تخريف عقلي !
- لماذا لا يستطيع الله أو القائم بالخلق التحكم بكل شيء ، رغم ادراكي أنه طاقة سارية متمظهرة في مادة حسب فكرك؟
- لأنه لم يتوصل إلى ذلك حتى يومنا ، وقد لا يتوصل بالمطلق ! فالمسألة أكبر من كل قدرة حتى لو كان القائم بالخلق إلهاً ، أو ما هو أكبر من إله ، أو مجموعة آلهة ، كما في العبادات القديمة .
- هل هذا يعني أن الخير والشر سيستمران إلى الأبد ؟
- بشكل نسبي نعم . لكن الخير سيتفوق في النهاية للوصول إلى قدر أكبر من تحقيق قيم الخيروالعدل والمحبة والجمال ،وبناء الحضارة الإنسانية .
- كيف .
- واقع الحياة يشير إلى أنها تسير في تسارع بين الخير والشر، وأن الخير يتقدم على الشر . وأن القوانين بدورها تتطور، فهي ليست قوانين ثابتة وتتطوردائما نحو الأفضل ..
- اضرب لي مثلا .
- لو لم يتقدم الخير لدمرت الحياة .
- لم أفهم !
- لو افترضنا أن الموت مهما كانت أسبابه من قتل أومرض أو كوارث أو حوادث، شراً ، واعتبرنا الحياة بما فيها من ديمومة لبقاء الإنسان والحيوان والنبات والطبيعة بكل تجلياتها خيراً .. لوجدنا أن الخير متفوق على الشر بدليل وجوده حتى اليوم ، ولو لم يكن الأمر كذلك ، أي انتصار الشر، لكانت الحياة قد دمرت منذ زمن ، ولما وجدنا بشرا مثلا ! فالبشر يزدادون كل يوم رغم كثرة الموت وأنواع الجرائم والقتل والحروب ..
- على ماذا نراهن لتقدم الخير؟
- نراهن على تقدم الإنسان بالدرجة الاولى وعلى طفرة نوعية في قوانين الطبيعة .
- أرجو توضيح الأمر .
- الإنسان يتقدم كل يوم في فهم الوجود والغاية منه .. ومعتنقوالديانات على اختلافها باتوا يتقربون من الغايات الإنسانية كالمحبة والتعاون بين الأمم ، وينبذون الحروب والشعوذة والدعوشة والتخلف العقائدي . الدين القادم للبشرية وخلال قرون سيكون دين الإنسان . دين المحبة والتعاون بين البشر.. ومن لم يسر مع الأمم سينقرض. زمن الخراب هذا لن يدوم إلى الأبد .. انظري إلى أوروبا كيف تخلت عن الحروب خلال عقود قليلة ، وصنعت عالما حديثا بكل معنى الكلمة ، تسود فيه المحبة والعدالة والحريّة إلى حد كبير .
تنهدت لمى بعمق وهتفت ربما دون كامل وعي منها :
- آه ليتني أموت اليوم وأنهض من موتي بعد قرون لأعيش في هذا الزمن الأجمل الذي تتحدث عنه .
تفاجأ محمود بالأمر . تساءل :
- لقد بدوت منشرحة فلماذا تتمنين الموت الآن ؟
- ليتني أستطيع أن أحدثك عن مأساتي ؟
- لماذا لا تستطيعين يا عزيزتي ؟
- لأنها أكبرمن قدرة العقل على التحمًل ! ولا أريد أن أثقل عليك بها ، كما انني أريد لها أن تبقى سراً لتخوفي من أن تشاع !
- لن ألح عليك رغم إحساسي أن مشكلتك ليست كما تتصورين ، فهي بالتأكيد مشكلة شخصية لا يمكن أن تقارن بمآس كثيرة تعيشها البشرية. وأعتقد أنك ستبوحين لي بكل شيء ذات يوم .
- آمل ذلك !
- أنا لا أعرف حتى اليوم إن كنت متزوجة أو مطلقة أو أي شيء آخر ! هل لي أن أعرف؟
- أنا أي شيء آخر !
- ماذا تقصدين ؟
ترددت في الإجابة . ثم هتفت " متزوجة " وشاءت أن تتابع غير أنها ترددت .. تابعت بما لاتريد أن تفصح عنه :
- متزوجة وغير متزوجة !
تساءل محمود بدهشة :
- نعم ؟
- هذه هي الحقيقة !
- أية حقيقة هذه ؟
صمتت للحظات وملامح وجهها تفصح عمًا قد يكون بركاناً تكبته في دخيلتها ، جاهدة بكل قوتها لأن تبقيه مكبوتا في نفسها ، غير أن الصراع راح يحتدم في دخيلتها بين تفجير البركان وبين الإبقاء على كبته .. غيرأن إرادة التفجيرانتصرت ـ ربما لثقتها بالشخص الذي تتحدث إليه ، فانفجرت في بكاء فظيع وهي تهتف بانفعال:
- أنا متزوّجة من .. من أبي !
فتح محمود فمه والدهشة ترتسم على وجهه، فيما هي تهم لإلقاء نفسها على صدره، في محاولة للاحتماء به عمّا تعتبره عارها! .. أشرع محمود ذراعيه لها .. ألقت رأسها على صدره وهي تنتحب من أعماقها ..راح يضمها بشدة ويربت على ظهرها دون أن يتفوه بكلمة .
هتف بعد لحظات في محاولة لتهدئتها:
- هذه مشكلة بسيطة يا عزيزتي مرت بها البشرية ، وحتى الأنبياء وكبار رجال الدين والملوك والآلهة ، وما زال بعض البشر يمارسونها سرّا ، وأدرك تماما دون أن أعرف التفاصيل أن والدك هو المسؤول عن الأمر ! وأدرك أيضا أنك لا تقصدين زواجا بالمعنى الحقيقي للكلمة .. تقصدين علاقة جنسية مع أبيك ، شرع هو بالتأكيد في إقامتها معك ، وعلى الأغلب منذ طفولتك المبكرة .
قالت بصوت متهدًج وهي تنشغ وتنتحب " صحيح "
- اذن اهدأي الآن وحاولي أن تنسي الأمر أو تتناسيه على الأقل .
- ألا تريد أن تعرف كيف حدث الأمر ؟
- لا ! لا أريد أن أعرف وأنت في هذه الحال . يمكن أن أعرف حين أرى أنك تفوقت على واقعك بشكل جيّد ، وأصبحت قادرة على التحدث عن المسألة بشبه حيادية ودون بكاء ونحيب.
- وهل يمكن أن يحدث هذا ؟
- طبعا ممكن.. لا أريد لحياتك أن تدمر نتيجة لصراع متأجج في دخيلتك ! هناك ملايين البشر مرًوا في ظروف أصعب بكثير وتجاوزوها .. تعرفت إلى سيدة أوروبية ذات يوم ، أخبرتني أن أباها كان يمارس معها ومع اختها الجنس منذ سن الحادية عشرة . واستمرت العلاقة بينها وبينه حتى كبر وشاخ ، وحاولت الممارسة معه في عيد ميلاده، لكن لم يحدث معه انتصاب !
- هل هذا يعني أنها كانت تحبه وتشتهيه ؟
- أجل !
- وماذا أيضا ؟ أريد المزيد من هذه الأحاديث عن البشر والآلهة كما ذكرت !
- حسنا يا عزيزتي ! هذه مشكلات عابرة في حياة بعض الناس ولا يمكن مقارنتها بقتلى الحروب ومشرديها الذين تغرق خيمهم بالثلوج والأوحال ... ربما سمعت بعقدة لوليتا ؟
- سمعت لكني لم أعرف عنها شيئا سوى حب البنت الصغيرة لأبيها ومحاولتها البحث عن رجل يكبرها للتقرب عبره من صفات أبيها .
- صحيح . هي رواية للكاتب الروسي فلاديمير نابوكوف تتحدث عن بطل يعشق ابنة زوجته وهي مراهقة في الثانية عشرة من عمرها ، ويقيم معها علاقة جنسية . وهناك العشق المضاد المتمثل في عقدة أوديب حيث الابن الذي يقع في عشق أمه . كما صورها الكاتب اليوناني سوفوكليس في مسرحيته( أوديب الملك) . غير أنها أكثر تعقيدا من عقدة لوليتا ، كونها تقوم على قدر إلهي ، فقد تنبأت عرّافة المعبد بأن ابنا سيولد لملك طيبة ( لايوس ) سيقتل أباه ويتزوج من أمًه الملكة ( جوكاستا ). وينجب منها! وهذا ما حدث .
لقد أصبح هذان العملان الأدبيان عنوانين رئيسين لفرعين نموذجيين في علم النفس ، قد يحتاج كل من يمرض بأحدهما إلى العلاج النفسي.
- وماذا عن الملوك والآلهة :
- في مصر الفرعونية تشير المدونات إلى أن الزواج من البنت أو الأخت كان شائعا .. فرمسيس الثاني تزوج من ابنته ميريت أمون، والملك سنفرو تزوج من ابنته نفرت كاو، وتوت عنخ آمون تزوج من أخته . وإيزيس تزوجت من أوزيريس وأنجبا حورس ، وتزوجت كليوباترا من أخيها.

وعند الإغريق كانت قوانين أثينا تسمح بزواج الأخ من أخته ، فتزوج بطليموس الثاني من أخته أرسينوس. وكبير الآلهة زيوس اغتصب أمًه " ريا " وزنى الإله أبولو بأخته أرتميس، وأم الآلهة " كابل " زنت مع ابنها وعشيقها " آتيس ! والأمر نفسه عند الفرس والرومان والهنود ومعظم أمم الأرض.. فعند العرب في الجاهلية كان الرجل لدى بعض القبائل يجوز على نساء بيته كلهن !
وإذا ما ذهبنا إلى الأنبياء سنجد أن النبي لوط زنى بابنتيه لتنجبا منه موآب ( جد االموآبيين ) وبني عمي ( جد العمونيين ) حسب النص التوراتي !
- بجد ؟
- هذا ما تقوله التوراة فأنت كعمونية من سكان عمان تنتمين إلى جد ابن زنى وإن كان قديما !
انفرجت شفتا لمى عن ابتسامة تغرق بالدموع !
- وتذكر التوراة أن النبي ابراهيم كان متزوجا من أخته من أبيه ، وقد قدمها لفرعون ملك مصر على أنها اخته ! وكذلك للملك الفلسطيني ( أبيمالك ) ورؤابين بكر يعقوب زنى بسرية أبيه وأم أخوته " بلهة "، وتزوج يعقوب من اختين هما راحيل وليئة ، وتزوج عمران من عمته يوكابيد لتنجب موسى وهارون . واليهود يسمحون حتى يومنا بالزواج من ابنة الأخ أو ألاخت أو العكس !
والإمام الخميني في كتابه " تحرير الوسيلة " يبيح الزواج من طفلة في الثالثة من عمرها ، شريطة عدم فض بكارتها إلا في التاسعة ، كما قيل عن النبي محمد أنه تزوج من عائشة في السادسة وافتضها في التاسعة أو العاشرة ، وأنه كان يفاخذها قبل ذلك ..
قصص زنى المحارم وغيرها، كثيرة في التوراة اليهودية ، فمثلا الملك داود أمر بقتل محارب في جيشه " اوريا الحثي " ليتسنى له الانفراد بزوجته " بثشبع " تزوجها بعد مقتل زوجها وأنجبت منه سليمان النبي عند المسلمين.
وعند المسيحيين طال زنى المحارم البابوات أنفسهم ، فيروى أن البابا اسكندر السادس ( 1942-1503) كان على علاقة غرامية مع ابنته لوكريزا، وكان ابنه سيزارعلى علاقة معها أيضا !
وربما سمعت الأخبار التي تحدثت منذ زمن قريب عن رهبان في الكنائس والأديرة يزنون مع أطفال، وقد أوحى لي ذلك الأمر بكتابة فصل في إحدى رواياتي الأخيرة . ولو عدنا إلى بدء عملية الخلق حسب مفهوم ديني بدأ العملية بذكر وأنثى ، سنجد أن وجود بشرية لم يتم إلا بعدم وجود تحريم على الإطلاق .. يفترض أن أبناء وبنات آدم تناكحوا، وربما أيضا تناكح ابن مع أمه أو العكس ، وكذلك الأب ربما نكح ابنته ، ولا يمكن فهم تكاثر البشرية إلا بإباحية الجنس كغريزة ،وقد دامت هذه العملية لعشرات آلاف السنين .. التحريم ظهر في عصور قريبة مع ظهور بعض الديانات .. وحتى اليوم يختلف التحريم من ديانة إلى أخرى . فهناك ديانات تبيح ما تحرمه ديانات أخرى .. وإذا ما تجاهلنا التحريم في زمننا فإن الأمر لا يتعدى الأعراف الاجتماعية . وليس بالضرورة أن تكون هذه الأعراف مبنية على مفاهيم صحيحة ، وخاصة إذا ما تساءلنا عن فعل الجنس بحد ذاته ، فهل هو خيرأم شر؟ محبة أم لابنها مثلا وممارسة الجنس معه ، هل تندرج في إطارالمحبة والخيرأم في إطارالشر؟ فإن كانت خيرا ومحبة فما الذي يمنع أماً من أن تمارسها مع ابنها ، أو أباً من أن يمارسها مع ابنته ؟!
توقفت لمى عن البكاء وإن كانت تنشغ بين لحظة وأخرى ..
- آه كيف أنت الآن ؟
- أشكرك.. لقد خففت قصصك وفهمك الكثير من معاناتي. وقد أتمكن بمساعدتك من التخلص منها كلها، وأضع حداً لهذه العلاقة الشاذة مع أبي التي ينبذها المجتمع .
- سأحاول قدراستطاعتي ، وآمل أن يكون أبوك على استعداد لأن يتوقف عن هذه الممارسة معك
- أعتقد أنه سيتوقف إذا ما ووجه بإصرار مني . فهو يعاني من المسألة أيضا وربما أكثر منّي ، ثم إنه في الستينيات من عمره الآن ولم تعد الرغبة فيّ تلح عليه كما من قبل !
- هذا جيد !
- وماذا الآن . الساعة تقترب من الثامنة مساء ، هل تتأخرين عن البيت ليلا في العادة ؟
- لا لا أتأخر، قد أبقى حتى حدود االعاشرة أو أكثر قليلا ..لكن في بعض الأحيان أنام عند صديقة لي بعد أن أخبر أبي. هذا اليوم حين اتصلت بك، كان لدي رغبة أن أنام عندك إذا توافق ، فأخبرت أبي إذا لم أعد أنني سأنام عند صديقتي.
- أوه ! يبدو أنك خططت لهذا اليوم !
- تقريبا!
- أنا أسهر الليل كله وأنام في حدود السادسة صباحا ، هذا إذا نجحت في مراودة النعاس ! وإذا لم أنجح ،قد لا أنام إلا في ساعة غير محددة خلال النهار ، ولفترة لا تزيد على أربع ساعات .
- كم يسرني أن أسهر معك الليل كله .
- آمل أن لا تملًي .. على أية حال يمكنك أن تنامي إذا شعرت بالنعاس.
- لن أمل . أنا واثقة من ذلك .
- لا بد من عشاء! تغديت بضع لقيمات فقط .
- سأدعوك إن أحببت لنتعشى في مطعم !
- لا أحب الجلوس طويلا في المطاعم ، ونحن نريد أن نتحدث أيضا لا أن نأكل فقط .. سنعمل هنا عشاء أفضل من أي مطعم .
- ماذا لديك ؟
- لدي لحوم منوعة من غنم ودجاج وسمك . ماذا تحبين ؟
- ما تريده أنت .
- ما رأيك بشواء من الدجاج؟
- ممكن!
- هيّا إلى المطبخ ! يفضل أن تغسلي وجهك لتمحي آثار البكاء.
- سأفعل .
- اسمح لي أن أشكرك من أعماق قلبي لأنك تقبلت وضعي وقدرت ظروفي ولم تغيّر نظرتك إليّ بعد أن عرفتها.
- يا عزيزتي خبرتي في الحياة وحتى في المعرفة والعلاقات الاجتماعية وغيرها تتيح لي أن أحكم على أي مسألة بعقلي وليس بعواطفي إن أردت !
وشرعت في تقبيل محمود امتناناً له.

******


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-22, 03:28 AM   #24

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

(23)

شواء جدائلي!


شرع محمود في فرم بصل وثوم وفلفل أخضر حار بشكل ناعم .. رأسان كبيران من البصل وخمسة فصوص ثوم وقرنا فلفل. وضع الخلطة في وعاء مجوّف . وراح يضيف إليها تشكيلة عجيبة من البهارات : شطة . فلفل أسود . كاري. قرفة ناعمة. قرنفل. مطحون . كمون. بهارات مشكلة . سمّاق . زنجبيل. مزج الخلطة بملعقة .. أخرج الفروج من البراد وشرع في تقطيعه .. سأل لمى قبل أن يضيف الفروج إلى الخلطة :
- عذرا لم أسألك إن كنت تحبين البهارات .
- أحبها كثيرا .. ولولا ذلك لأخبرتك ..
أضاف الفروج المقطع إلى الخلطة ، وسكب فوقه قليلا من زيت الذرة،وشرع في خلطه ودعكه بيديه وهو يقول :
- في العادة أترك الفروج أو اللحوم أو السمك مكمورا بشكل جيد لليوم التالي ، كي يتشرب التوابل .. هذا اليوم لن ننتظر..
غطّى الفروج وشرع في عمل سلطة . بندورة خيار خس بقدونس بصل ثوم .. ساعدته لمى فقط في تقشير الثوم .. أضاف إليها معظم البهارات السابقة والنعنع المجفف. إضافة إلى الليمون وزيت الزيتون .. حركها جيدا وتركها ..
- سنسلق بعض الخضار!
قال ذلك وهو يضع ماء في طنجرة ويضعها على نارالغاز .. أعطى لمى ثلاث حبات بطاطا لتقشيرها ، وأخرج من البراد بضع جزرات... شرعا في التقشير معا مستخدمين قشارتين . قام بتقطيع الجزر ووضعه في الطنجرة .. ألحقه بالبطاطا .. أخرج كوسا وباذنجان وقرنبيط من البراد . شرعت لمى في غسل هذه الخضار فيما هو يقطع ويضع في الطنجرة التي امتلأت ..
- الآن إلى الشواء!
ذهب إلى الشرفة حيث كانون الشواء . ملأ وعاء مثقبّاً بالفحم لإشعاله . وعاد إلى المطبخ ليضعه على الغاز .
شرعا في تحضير المائدة بالصحون والشوك والسكاكين والملاعق والكؤوس . واضعين طبق السلطة أيضا .
- للأسف لا يوجد خمر . يوجد برتقال للعصير .
- إذا تريد سأذهب لابتياع بيرة أو أي شيئ آخر .
- لا لا أريد , اعتدت تناول غدائي مع عصير البرتقال بعد أن ساءت الأحوال . هل تريدين أنت ؟
- ممكن فيما بعد ..
أخرج برتقالا من البراد وقدم عصارة إلى لمى طالبا إليها أن تعصره . ليتابع هو تجهيز الشواء والفحم .
أخرج من خزانة في المطبخ شبكا حديديا وشرع في فرد قطع الفروج عليه .
اشتعل الفحم . ألقاه في الكانون واضعا عليه كمية أخرى من الفحم . أضاف أيضا قليلا من الكحول الطبي على الفحم ليشتعل بسرعة .. تذكر بعد ذلك أن لديه نفطاً يستخدمه في الرسم !
فرغت لمى من العصير ووضعته في ابريق زجاجي. تذوقت الخضار لتجد أنها أوشكت على الإستواء .. خففت النارعلى الآخر ! توقفت للحظات تفكر في أمر ما .. تنبه محمود لها ..
- فيه شي ؟
- أفكر في كأس خمر .. ليس من المعقول أن نمضي الليل على عصير البرتقال .. ثم إنني أريد أن أحتفل معك ..
- ليكن سنفكر في الأمر بعد العشاء طالما أننا شرعنا فيه .
فرد محمود الفحم في الكانون ووضع شبك الفروج عليه .
******
" لم آكل فرّوجا مشوياً أطيب من هذا في حياتي " هتفت لمى .
" صحة " قال محمود !
" والسلطة ينطبق عليها الوصف نفسه "
" صحتين " قال محمود وتابع " للأسف أنا شخصيا لم أعد أشعر بالنكهة نفسها بعد انتشار الزراعة في البيوت البلاستيكية .. أيام زمان كانت الخضار أشهى وألذ وخاصة الخيار والبندورة . كان صحن السلطة هو المفضل لدي ، ولم يعد كذلك اليوم رغم أنني أحاول أن أجعل له نكهة خاصة بما أضيف إليه من توابل . المزارعون يسمدون التربة بمواد كيماوية بعضها ضار بالصحة ويسبب السرطان .. معظم مأكولاتنا أصبحت صناعية وضارة . المأكولات الطبيعية أصبحت شبه معدومة . وبتنا نتخوف من السرطان أن يبغتنا في يوم ما !"
- نفَسَ الطاهي هو الذي يمنح الطهي نكهته الفريدة ! حتى الخضار المسلوقة عندك نكهتها تختلف!
- المسألة تتعلق بطريقة الطهي وليس بنفس الطاهي كما أظن ! فهناك طاه يخبص عالماشي كما يشاء، يريد أن يخلص من الطبخة في أسرع وقت ، وهناك آخر يعمل كل شيء بعناية واهتمام ، بما في ذلك درجة حرارة النار، وهذا ما يطلق عليه نفس الطاهي !!
- صحيح !
رفع محمود كأس العصير ليقرعه بكأس لمى وهو يهتف " بصحتك " رفعت كأسها بدورها وقرعته بكأسه " صحة " !
- كيف أنت الآن ؟
- بوجودك أنا سعيدة جداً.
- أرجو أن تبقي كذلك .. الحياة زائلة ومصيرنا إلى الموت .. قد لا يخلو انسان من مشكلة ما ستهزمه إن لم يتصدى لها .. حتى أنا الذي أرى في الموت مرحلة إلى حياة طاقوية أخرى ، يزعجني أن أتوقع مواجهة هذه اللحظة إذا نفدت نقودي، ولم يعد لدي دخل يكفيني لحياة مستقرة ولو بالحدود الدنيا ! فأفكر في الانتحار .
- لن أدع نقودك تنفد طالما أنا على قيد الحياة .
- أشكرك ! لا أعرف إلى أي حد أنت ثرية ؟
- لست ثرية بمعنى الثراء الفاحش . لكن لدي نقود وضعها أبي في البنك باسمي ، ربما ليكفر عن ذنوبه وخاصة تجاهي.
- وهل هو ثري؟
- ورث أرضا باعها بمئات الآلاف . بنى عمارة من أربعة طوابق . يؤجرمعظم بيوتها .. وأقام بعض المتاجر لبيع مواد البناء والأدوات الكهربائية والالكترونية وغيرها، كما لديه مزرعة في الأغوار. ثم بنى بيتا خاصا لنا .. دخله ممتاز .
- هل هو متعلم ؟
- المرحلة الاعدادية فقط .
زم محمود شفتيه وهو يحرك رأسه أعلى وأسفل متوقعا أن يكون عدم إكمال تعليم الأب أحد الأسباب التي دفعته لممارسة الجنس مع ابنته .
أدركت لمى معنى حركته ومع ذلك تحاشت الحديث في المسألة وسألته :
- ماذا تقصد بقولك ، الموت مرحلة إلى حياة طاقوية ؟!
- مرحلة إلى جوهر عملية الخلق التي بدأنا بها ومنها .
- وما هي ؟
- الوعي والحكمة الممثلان بالطاقة الخالقة!
- كيف ؟
- المسألة لا يعرف تفاصيلها إلا الخالق نفسه . لكن يمكن القول إن الإنسان بعد الموت يتحلل جسده إلى العناصر الأولية التي خلق منها .. هذه العناصر تندمج بتحللها مع التربة لتغنيها. أي أنها تصبح سمادا للأرض ولولا ذلك لما استمرت الحياة ، بل لفنيت ، لأن الإنسان يخلق من التراب أي من مواد الأرض المختلفة ، كما أنه يستغل ثروات الأرض المختلفة ، ولو لم يكن هناك موت وتلف لما يصنعه الانسان ويستهلكه من ثروات الأرض ، لأصبحت الأرض فقيرة جدا بموادها ومواردها وربما يؤدي الأمر إلى موتها .. وموت الأرض يؤدي إلى موت الإنسان الذي لن يعرف أين سيعيش وكيف، في حال فقر الأرض أو موتها ، فالموت في هذه الحالة ضرورة لإغناء ثروات الأرض وتجديدها باستمرار . وبما أنه لا يوجد مادة في الوجود إلى وينتج عنها طاقة كما لا يوجد طاقة إلا وينتج عنها مادة ، فإن اختلاط جسد الميت بمواد التراب يعني الإختلاط بمادة وطاقة الكون المتصلة القائمة بعملية الخلق كلها ، التي ينتج عنها الخلق والوعي والحكمة !!
الوعي والحكمة هما جوهر المادة والطاقة . ولو لم يكن هناك وعي وحكمة لما كان هناك خلق كما نراه وكما هو عليه .
- الآن فهمت مقالك بشكل أفضل عن الطاقة الكونية !
- المؤسف أن الإنسان لا يعرف حتى اليوم الغاية من وجوده ! فهو ما يزال ناقص الوعي وبالتالي ناقص الحكمة أو شبه معدوم منها.
- وهل سيأتي يوم يعرف ذلك ؟
- أكيد . لكن ثمة أمم ستنقرض قبل ذلك !
تخيلي لو لم يكن هناك موت منذ بدء عملية الخلق فكم سيكون عدد البشر والحيوانات والنباتات، وأين ستعيش كل هذه الكائنات وكيف ؟
- قد يحتاجون إلى عشر كواكب أخرى !
- وإذا لم يكن هناك كواكب أخرى صالحة للعيش ؟
- يكون الموت على كوكب الأرض ضرورة لاستمرار الحياة !
- أحسنتِ. تخيلي كم المعادن والمواد التي يصنع منها الانسان ما يحتاجه وخاصة ما يصنعه للبناء والحروب وغيرهما. الحروب تحتاج دبابات وشاحنات وطائرات وسفن وطوربيدات وصواريخ وأسلحة مختلفة . إذا ما استمر الحال على ما هو عليه سينضب مخزون الأرض من الثروات شيئا فشيئا ، وتصبح عملية الخلق فقيرة ، فيأكل البشر ثمارا ولحوما ناقصة الغذاء ، وبالتالي سيجد البشر أنفسهم أمام خلق مشوه لهم . وآمل أن يصحوا على أنفسهم قبل أن تحدث الكارثة التي قد تفني الحياة ، لأن ما يخرج من باطن الأرض قد يفوق كثيرا ما يعود إليها ليغذيها. إنهم الآن يتحدثون عن ثقب الاوزون والمناخ ، ولا يعرفون أنهم قد يجدون ذات زمن أجساد أحفادهم هشة ، ينقصها الحديد والكلس والكربون والكبريت والفسفور وغيرها..
- هل يعني هذا أنه على البشر أن يتعاملوا في المستقبل مع الطبيعة حسب منهج علمي قدر الامكان ، حتى لا تفقد توازنها وتدمر ؟
- أكيد ..إنهم يغترفون الآن من خيراتها دون أي حساب للمستقبل .. لا أحد يعرف ما الذي سيحدث حين يصبح باطن الأرض خاليا من النفط والغازوالحديد والكلس وغيرذلك على سبيل المثال .. ربما تحدث زلازل أو انهيارات جوفية كبيرة تؤثر على بعض المناطق في االكوكب.
- وإذا تنبه البشر لذلك ، هل سيتوقفون عن انتاج معدات الحروب مثلا ؟
- يفترض ذلك ، أو الحد منها على الأقل . والمسألة تتعلق بكل ما يستهلكه الإنسان من الأرض، وليس ما ينفع معدات الحروب فقط . وتبقى مسألة الخوف من الموت في حياة البشرقائمة ومتعددة الأسباب. المؤمنون وغير المؤمنين يكرهونه . لم يرتبط الموت بحياة أخروية راغدة في جنة مع حورعين طاغيات الجمال، وإلا لما كره إلى هذا الحد ..لا أحد يتذكر الجنة عند الموت إلا بالتمنيات للميت بأن يكون من الخالدين فيها . حتى أنا الذي حاولت قدر الإمكان في فلسفتي أن أرى في الموت ضرورة لتجدد الحياة واستمرارها ، كما أسلفت ، أخاف من الموت ، ولا أستطيع كبح حزني لرحيل إنسان ، رغم أنني أوغلت فكريا في جعل الطاقة الناتجة عن عناصر الجسد المتحلل تتحد مع الطاقة الخالقة لتغنيها وتقوم بدورها في عملية الخلق والخلود إلى الأبد في الذات الخالقة .. وهذا أعظم ما يطمح إليه أي مؤمن متصوف ، أي أن يكون جزءا من الذات الخالقة نفسها باتحاده معها .. فلماذا كل هذا الخوف من الموت والحزن على الميت ؟ رغم أن الموت حق في الفكر الديني ؟ كثيرا ما أنعى راحلا بأن أتمنى له خلودا جميلا في المطلق الأزلي الذي لا يموت ، أي في الألوهة !
- قرأت لك بعض المقالات سابقا تعود فيها إلى أبحاث تاريخية حول نشأة الاسلام ، ترى أن الاسلام نشأ كمذهب مسيحي لتطوير الديانة المسيحية وأن الكعبة كانت في البتراء، وأن شخصية النبي محمد التي وصلت إلينا ليست الشخصية التاريخية ، وأن معاوية كان مسيحيا وكذلك عبد الملك بن مروان وحتى الأمويين، وأن النص القرآني الأول كتب بالآرامية ، وحين تمت ترجمته إلى العربية جرى فهم خطأ للغة الآرمية فترجم العنب الأبيض على أنه حورعين !!
- صحيح . هناك أبحاث تاريخية كثيرة معظمها لمستشرقين ترى في نشأة الاسلام ما لا نراه نحن اليوم . وهذه الأبحاث لا يمكن التأكد من صحة ما يرد فيها إلا بالمزيد من البحث والتقصي .. أنا أتعامل مع الحاضر بغض النظر عما تقوله الأبحاث ، وأتعامل معه بمنظور فكري مختلف تماما عن الفهم التاريخي مهما كان .فأنا لا أبحث عن عقيدة عشتارولا عن عقيدة المسيح ومحمد. أنا أبحث عن الألوهة لأعرف ماهيتها وجوهرها إن كانت موجودة. فأنا أشك في أن القائم بالخلق المتجلي في المادة والطاقة يعتبر نفسه إلها .. وما تأليهه إلا نتاج للفكر البشري الذي أنتجه ، وإن كان الفكر نتاج الطاقة القائمة بالخلق كونها مصدره .
******
فرغا من تناول الطعام .. نهضت لمى وشرعت في جمع الصحون وأخذها إلى المطبخ . نهض لمساعدتها . أصرت عليه أن يبقى جالسا ..
- يكفي أنك طبخت ! أنا علي التنظيف والجلي.
- كما تشائين مع أننا طبخنا معاً . سأشاهد الأخبار إلى أن تنتهي .
لم يكن هناك ما يسرعلى الاطلاق .. أخبارعن الحروب والقتل والإرهاب والجوع والخراب في سورية وليبيا واليمن وفلسطين وأماكن أخرى... وأخبار عن االمهجرين الذين تبتلعهم مياه المتوسط بالمئات .. أغلق التلفاز حتى لا يصاب بالجلطة وهو يلقي شتيمة على العالم الذي يتفرج دون أن يفعل شيئا مجدياً ، وراح ينتظر لمى إلى أن تفرغ من الجلي، مفكراً في أمرها ، دون أن يراوده أي شك في أن تقربها منه يمكن أن يكون لغايات خبيثة أو عدوانية .

*****


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-22, 03:30 AM   #25

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

(24)

لغة الله !


فرغت لمى من الجلي . وقفت في مواجهة محمود في الصالون . بدت وكأنها تفكر في أمر ما .
تساءل :
- فيه شي؟
- لا أظن أننا سنمضي االسهرة على الشاي والقهوة بعد عصير البرتقال ! وخاصة في هذه الليلة التاريخية !
- يبدو أنك تفكرين في الخمر.
- أجل .. لو سمحت سأذهب لأبتاع بعض الخمور.
- ممكن ..سأذهب معك .
- لا داع لذلك !
- الدنيا ليل !
- ولا يهمك أنا أخت ارجال. بعدين معي سيارة.
لم تتأخر أكثر من ربع ساعة لتعود بزجاجة وسكي فاخر إضافة إلى زجاجة عرق وزجاجة نبيذ فاخرين أيضا ، وكم من علب البيرة، وكغم من الموالح المختلفة ، وبعض الثلج.
- ما هذا يا مجنونة ؟
- ألن نحتفل ؟
- كما تشائين !
- ماذا سنشرب ؟
- ما ذا تفضلين ؟
- وسكي!
- ليكن !
أحضر محمود كأسين . فتح زجاجة الوسكي وسكب فيهما ، ثم أضاف الثلج ، فيما كانت لمى تضع مقدارا من الموالح في صحنين صغيرين ، وتجلس إلى جانبه .
رفعت كأسها لتشرب نخب محمود الذي رفع بدوره كأسه ، وهو يحاول أن يجعله منخفضا عن كأسها كدليل على احترامها ، غير أنها أدركت قصده وجعلت كأسها أدنى من كأسه وهي تقرعه .
أدرك محمود بدوره خبرتها في المجاملات . أخذا جرعتين من كأسيهما . مد محمود يده على الكنبة خلف كتفيها ، سارعت هي إلى القاء رأسها عليها وهي تتنهد بعمق وتهتف:
- لم أشعر بهذه الطمأنينة في حياتي .
ولم يجد محمود إلا أن يشكرها .
- أشكرك!
- وأنت ؟ هل أنت مطمئن ؟
- أنا انسان قلق وإن كنت أشعر بالطمأنينة معك .
- ما الذي يقلقك ؟
- مسائل كثيرة .. أهمها حاليا لوحاتي المبروزة التي وضعتها تحت الأسرة في بيت دمشق، لعلها تنجو إذا ما سقطت قذيفة طائشة على البيت .
- وماذا عنها الآن ألا تسأل عنها؟
- لا أعرف لأنني لا أسأل .. تركت الأمر لابنتي. سكن البيت أكثر من عائلة ولا أعرف ماذا جرى لمحتوياته . ربما شطفوا الارض بالماء ونزعوا اللوحات ،وربما سلبوا بعضها .. على أية حال مصيبتي تهون أمام مصائب ملايين السوريين .. أحاول أن أتجاهل الأمر كلما تذكرته ..
- ألن تذهب لترى إذا ما تغيرت الأحوال ؟
- أشك في أنها ستتغيرعلى المدى المنظور ، بل تسيرمن سيء إلى أسوأ ! لننس الموضوع ..ونطرق مسألة أخرى .. هل تحبين الموسيقى ؟
- أحبها كثيرا ، لكني أريد التحدث إليك والإستماع إلى ما تقوله ، قد نسمع في الأيام القادمة .
- عن ماذا تريدينني أن أحدثك ؟
- أفكر في مصيري بعد الموت حسب تحليلك !
- إلى ماذا توصلت ؟
- أريد أن أعرف منك !
- ألم تعرفي بعد ؟
- حسب ما فهمت من فلسفتك أنه لن يكون هناك حساب وعقاب في الآخرة .
- أكيد !
وهل ينطبق هذا على جميع البشر؟ الصالحين والطالحين ؟
- أجل !
- لماذا ؟
- لأنه ليس هناك من يحاسب !
- وماذا عن القائم بالخلق إن كان الوهة ما ؟
- هو يسمو فوق الحساب والعقاب وهو في حاجة إلى مادة أجساد الجميع لديمومة الحياة .
- وإذا كان هناك إله حسب المفاهيم الدينية ولنأخذ الاسلام على سبيل المثال فهل سيكون لديه جنة للمؤمنين ونار للخاطئين والكافرين ؟
- هذه اجتهادات العقل البشري في فهم الدين وليست شرائع إلهية .
- ألا يمكن أن تكون بعض هذه الاجتهادات صحيحة ، خاصة وأنها لا تتم دون طاقة الخالق؟
- تطرقنا للأمر. الخالق موجود في الخلق وخاصة الانسان كطاقة محايدة يوظفها الانسان ليفعل ما يريد، إن كان خيرا وإن كان شراً، وإن كان فكرا أو كان لهوا ، والخالق ليس مسؤولا عن ذلك . ولو كان في مقدوره أن يجعل البشر مثلا لا يفعلون إلا ما هو خير، ولا يجتهدون إلا بما هو حقيقة ومنطق لفعل . ألم أضرب مثلا بالحافلة والسائق والبنزين ؟! إن المسألة لا تتعدى حدود الاجتهاد حسب زمنها ، وكل المؤشرات تقود إلى ذلك ، فهل يعقل أن لا يسمو الخالق العظيم فوق الحساب والعقاب؟
صمتت لمى للحظات لتسأل بعد ذلك:
- طيب ماذا عن اللغة ، هل يتحدث الخالق لغة ؟
- لو أننا سألنا أي جماعة بشرية تتبع معتقدا أو دينا ما ، هل يتكلم الخالق لغة ما ، لأجابت كل طائفة بأن الخالق يتكلم لغتها . ولو أن سومريا حضر في زمننا وسألناه عما إذا كان إنكي وإنانا كأبرز إلهين سومريين يتحدثان اللغة السومرية ؟ لأجاب بالإيجاب مؤكدا ذلك ، والأمر نفسه ينطبق على البابلي أو الكلداني ولغة الربة عشتارمثلا ، وسينبري العبراني ليقول لنا إن يهوة خاطب آدم بالعبرية وأتاح له أن يطلق أسماء على الحيوانات. والمسيحي سيقول لنا بل باللغة الآرامية لغة الرب يسوع المسيح ، وقد يشهر المسلم سيفه في وجوهنا ليقول لنا " وعلم آدم الأسماء كلها " بالعربية، وهي لغة الله ! لنخلص إلى نتيجة مفادها أن الله يتكلم آلاف اللغات . وما قد يتبادر إلى الذهن هو سؤال يطرحه المؤمنون دائما ، وهل يصعب على خالق الكون والكائنات أن يعرف جميع اللغات أو حتى أن يخترعها ؟! يمكن تقبل هذا الكلام لو أن الخالق فعلا كما اعتقده العقل البشري قادر على أن يقول للأشياء كوني فتكون . غير أن واقع الحال يشير إلى غير ذلك . فعملية الخلق قائمة منذ قرابة أربعة عشر مليار عام، ولم يخلق الإنسان إلا منذ بضعة آلاف معدودة من السنين ، وأن الخلية الحية نفسها لم توجد إلا منذ قرابة خمسمائة مليون عام . وهذا يعني أن الخالق مهما كان جوهره ، ومهما كانت ماهيته أو طبيعته ، أمضى أكثر من ثلاثة عشر مليارعام في خلق البيئة المناسبة للحياة، وأمضى أكثر من ذلك بكثير جدا حتى خلق الكائنات الحية ليخلق أخيرا الإنسان أرقى ما خلقه . نستخلص من هذه المقدمات أن عملية الخلق لم تنته بخلق الإنسان وأنها ما تزال قائمة ومستمرة إلى ما لا نهاية ، وأنه ليس لدى الخالق وقت لتعلم لغات البشرية التي لم تتم إلا بفعل طاقته السارية في الخلق والكون . ولو أننا تناولنا الأمر من ناحية فلسفية حسب ما أشرنا إليه لوجدنا أن كل ما يخترعه الإنسان بل وينتجه هو من الخالق وله ، رغم أنه اجتهادات للعقل البشري المستقل نسبيا عنه ، فوجوده لا ينفصل عن وجودنا ، بل إن وجودنا مرهون بوجوده . وبناء على هذا يمكن ولو مجازيا اعتبار كل اللغات لغته كما أن كل الوجود وجوده . وهذا لا يعني أن هذه اللغات ستستمر كلها إلى الأبد .. مستقبل البشرية قد ينتهي إلى لغة واحدة أو لغات محدودة جدا ، تتمثل في الأشهر منها . المسألة تتعلق بتطور الخلق ، واللغات غير منفصلة عن هذا التطور.
- ويظل السؤال قائما، أليس لدى الخالق لغته الخاصة التي تختلف عن كل اللغات التي أبدعها مخلوقه الإنسان ؟ وإلا كيف يبدع الخلق ؟ هل يبدعه دون لغة ؟ وهل يمكن ابداع خلق دون لغة ما ؟
- تعالي لنتأمل هذه المكتشفات العلمية التي ترد في الكثير من المواقع على شبكة النت :
الخلية : هي وحدة بناء الأحياء من نبات أو حيوان أو إنسان . صغيرة الحجم ولا ترى بالعين المجردة .
- عدد الخلايا في جسم الإنسان : 60 تريليون خلية .
- عدد الخلايا العصبية 28 بليون خلية .
- خلايا الشم في الأنف 100 مليون خلية .
- عدد العظام في الجسم 206
- العضلات 656
*الخلايا العصبية في جسم الإنسان لا تقبل التغيير !
* نواة الخلية تحمل في داخلها خمسة آلاف مليون معلومة . اكتشف العلم منها حتى اليوم 800 معلومة فقط قابلة للتوريث!
من يتخيل أن هذه الخلية التي لا ترى بالعين المجردة تحمل في نواتها هذا الرقم الهائل من المعلومات ، التي يبقى الإنسان عاجزا أمامها !
السؤال الذي يطرح نفسه هل دونت هذه المعلومات الهائلة في نواة الخلية وفي الجينات الوراثية، دون لغة وأرقام ورموز؟! ليس في الإمكان القول إنها دونت دون ذلك، ولو أننا تأملنا تفاعلات وعمل الخلية تحت المجهر لوجدنا أنها تتحرك وتتفاعل حسب معادلات دقيقة ورموز معينة منتظمة في غاية الدقة ، لتقوم بوظيفتها على أكمل وجه ، محيلة الهيولى إلى خلق ، ولأمكننا القول إننا أمام لغة الخالق ، أم اللغات كلها ، التي لن يتوصل العقل البشري إلى معرفتها إلا بعد عناء وبحث طويلين ، وقد لا يتوصل ، طالما أنه لم يستعمل حتى اليوم إلا القليل جدا من القدرات العقلية التي منحها الخالق له . يروى عن ألبرت أينشتاين أنه لم يوظف من طاقاته العقلية أكثر من 6 إلى 10% ! هذا ما اتفق على أنه أكبر علماء العصر، فكيف هي الحال مع الإنسان العادي ، متى يعرف نفسه، ويدرك أن الغاية من وجوده التي لا غاية غيرها للخالق ، هي المساهمة في عملية الخلق ، وتحقيق قيم الخير والمحبة والعدل والجمال ، وبناء الحضارة الإنسانية ، الحضارة التي يطمح إليها الخالق ، والتي لن تبلغ عملية الخلق كمالا ما إلا بها .
- وماذا عن العقل ، فإذا كانت لغة الخالق هي أم اللغات كلها ، فهل عقله هو أب العقول كلها ؟
- أجل يا عزيزتي . عقل الخالق هو العقل الكوني ( الكلي ) الذي جاءت منه جميع العقول وتتصل به . ويشمل ثلاثة أقسام :
* العقل الكوني ينتج عنه الوعي الكوني والخلق الكوني . وهو المتعلق بالألوهة بمعناها المنزه الأسمى، حتى نتجاوز ولو مجازا مسألة المادة والطاقة. البشرية تحب تعبير الله والألوهة والخالق كونها غيبية وغير مشخصة !
*العقل البشري . ينتج عنه الوعي البشري بمجمله ، وما يحققه في مضمار الصناعة والزراعة والثقافة والعلوم والحضارة بشكل عام .
* العقل الشخصي . هو عقل الفرد في المجتمع . ينتج عنه وعي الشخص نفسه ، وما يحققه في حياته !
وكل هذه العقول متصلة طاقويا بالعقل الكوني عبرالطاقة المنتشرة في الكون والهالة (الطاقوية) المحيطة بجسم الإنسان ، لتتكامل عملية الخلق وتحقق رقيها وغاياتها . فالحضارة لا تبنى دون تضافر الجهود والعقول وتطور الوعي .. وما كل هؤلاء بما في ذلك الأجرام والكواكب والمجرات وكل الكائنات إلّا تجسيداً لكينونة واحدة أطلق عليها البشر اسم الخالق ، أو الله ، أو الألوهة !
- ولماذا كل هذا التنوع والاختلاف في العقول وما ينجم عنها من وعي ؟
- في هذا الاختلاف يكمن سر التطور . فلا يعقل أن يفكر جميع البشر بشكل متشابه وكأنهم خلية نحل لا تجيد غير صنع العسل !
- هل هذا يعني أن اتفاق جماعة بشرية على فكر محدد يعتبرتخلًفا في مرحلة ما من عمر هذه الجماعة .
- أكيد ، فما يمكن أن يعتبر تقدما في مرحلة ما ، يمكن أن يعتبر تخلفا في مرحلة لاحقة ، ولو في بعض جوانبه . وهنا تكمن مشكلة العقل الديني الذي يريد أن يبقى في الماضي ، وينظر إلى الحاضر بثقافة الماضي . من هنا تأتي أهمية فكر ابن عربي حين يعتبر الإلحاد إيماناً . لأنه مع العقل المتحول الذي ينشده الخالق لبلوغ كمال ما ، أو شكل أرقى من الحضارة الإنسانية . الخالق خلق الإنسان من ذاته، أو من روحه كما يرى بعض الحكماء، ومنحه عقلا من عقله، عقلا مطلق الحرية لم تفرض عليه وظيفة محددة . عقلأ يتمتع بطاقة خارقة قادرة على أن تصنع المعجزات وتحقق غايات الخالق من عملية الخلق برمتها.
- ومتى ستتحقق هذه الغايات وتنشأ حضارة انسانية ؟
- التحقق بشكل مطلق قد يكون مستحيلا . بشكل نسبي ممكن خلال بضعة قرون أو بضعة آلاف من السنين .
- كيف تتوقع أن يكون شكل الحضارة .
- أعتقد أنه سيقضى على الفقر ويحد من الثراء الفاحش وتسود المحبة بين البشر حين يدركون جميعا أنهم من ذات الخالق وأن الخالق فيهم .
- وما مستقبل الدين وما يتعلق بالمسائل الروحية ؟
أعتقد أن العلاقة بين الإنسان والخالق ستصبح علاقة شخصية كل إنسان سيتواصل مع الوجود بطريقته الخاصة ومتى يريد . ويكون التواصل للإحساس بالوجود والقائم به في النفس الانسانية. العبادات الجماعية كالصلوات وغيرها يمكن أن تنقرض لوظيفيتها.. لأنها مجرد تمثيل وظيفي سيء شبه معدوم الإحساس . يمكن أن تبقى في حال تطورها وشعور الإنسان العميق بأن وجوده في مسجد هو وجود في الألوهة نفسها ..
- وماذا عن الأسرة ؟
- أعتقد أن المؤسسة الأسرية ستظل قائمة بحدود ما ، لكن مع تحديد النسل أو حتى عدمه ، وفي هذه الحال لا بد أن يلجأ المجتمع إلى وسائل مختلفة للنسل حتى لا ينقرض البشر!
- هل سيكون هناك نسل صناعي مثلا ؟
- أجل وبطرق مختلفة . كأن يصبح حمل امرأة ما عملا مؤسساتيا تتقاضى عليه المرأة راتبا جيدا ! وقد يكون الحيوان المنوي الذي يستخدم في التخصيب مدروسا بعناية ومستوفيا للشروط الجيدة .. وقد يكون هناك رجال مختارون يؤدون هذا العمل مقابل راتب لهم !
و قد تتغير شروط الزواج والحب ، كأن يكون هناك زواج مدني حر . يمكن الإنفصال عنه متى شاء المرء. والجنس سيكون متاحا للجميع ذكورا وإناثا .. وقد تخف أو تقتل مسائل الغيرة عند البشر .
- وماذا عن جنس المحارم وكل جنس ينبذه المجتمع ؟
- أعتقد أنه سينتفي بقدر كبير من المجتمعات حين يكون الجنس متاحا للجميع وبيسر . وقد لا يخلو الأمر من فتاة تعشق أباها أو العكس ، أو أم تعشق ابنها أو العكس أيضا .. أو رجل يغتصب طفلة ، وما إلى ذلك. ومسألة جنس المحارم قد لا تكون جريمة أو عاراً لدى فاعلها، أو حتى لدى المجتمع ، لكنها قد تظل غير محموده ، كما أنها لا تشجع على الانجاب نظرا للتشابه أو التقارب في الجينات الوراثية مما ينتج عنه أمراض وتشوهات .. ومسألة زواج الأقارب قد تنقطع نهائياً.
- يحيرني عقل الانسان هل له مكان محدد في الدماغ !
- للأسف لم يكتشف العلم مكانا محددا خاصا بالعقل في الدماغ .، وإن توقع بعض العلماء أن يكون في القشرة الدماغية. بعضهم اعتبر العقل ينتج عن القلب ، وآخرون عن الدماغ ، وغيرهم عن القلب والدماغ والأعصاب! دون أن يكون هناك مكان محدد بالضبط للعقل في هذه الأعضاء. العقل هو أساس الوجود كله ، ولا يستطيع أحد أن يحدد مكان عقل القائم بالخلق .أنا شخصيا أظن أنه في الطاقة نفسها. وأعتقد أن الدماغ البشري ينطوي على العقل (كوعي) بإنتاجه له ، وأن الوعي ينطوي على الدماغ ( كمادة ) بإدراكه له .
- وماذا عن القلب والأعصاب؟
- يمكن أن يكون للقلب والأعصاب دور ، لكن ليس بقدر دور الدماغ.
- أليس هناك فرق بين العقل والوعي؟
- هما كالمادة والطاقة متلازمان . الوعي نتاج العقل ..وهو يتطور بقدر ما يكتسب الإنسان من معرفة وتجارب في الحياة . وهنا تكمن مأساة أمتنا ، أي في عقلها ووعيها ، فهي لم توظف عقلها على الوجه الأكمل لتحصل على حالة متطورة من الوعي .. نحن ما نزال نعيش في وعي متفاوت عمره أكثرمن ثلاثة آلاف عام ! لا نريد أن نتعب عقولنا في التفكير لإنتاج وعي متقدم ينتمي إلى العصر الذي نعيش فيه ، وينتج ثقافة معاصرة تنتمي إلى المستقبل.
- تستوقفني مسألة اتصال العقول بالعقل الكوني! فكيف يتم ذلك .
- أعتقد أن الأمر يتم عبر الطاقة المحيطة بجسم الانسان والمتصلة بالطاقة المنتشرة في الكون ، المتصلة بدورها بالعقل الكوني ..
- أنت تركز في مقالاتك وأبحاثك على الغاية من الوجود ، وهي بناء الحضارة الانسانية ، أو الكونية إن شئت . فعلى ماذا تستند لتثبت ذلك ؟
- أستند إلى جمال الوجود . المتمثل في جمال الكون والطبيعة ، وجمال الانسان ، وجمال عملية الخلق كلها .. أقف أحيانا مشدوها أمام جمال وردة. إن من خلق هذا الجمال وهذا الوجود والإنسان العاقل بهذا العقل ، لا بد وأن يكون له غاية ، ومن هو على هذا القدر من العقل والجمال والحكمة ، لا يمكن أن يكون له غاية أخرى غير إقامة حضارة كونية .. ليرى ذاته فيها على الوجه الأكمل أو الأكثر كمالا ، كون الوجود كله لا ينفصل عنه .

******


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-22, 03:31 AM   #26

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

(25)

وقع الأساطير!!


احتست لمى كأسين من الوسكي خلال ما يقرب من ساعة من الزمن دون أن يبدو عليها أي أثر لثمل ، نزعت غطاء رأسها وأسدلت شعرها ، وفكت أزرار قميصها رغم أن الطقس كان معتدلا. حسرت ثوبها إلى ما فوق ركبتيها وهي تثني ساقيها . أخذت جرعة من كأسها وأراحت رأسها ليتكئ قليلا على ذراع محمود .
- يبدو أنني سأحتاج إلى مائة محاضرة منك لأتخلص نهائياً من سحر الأساطير وتأثير الدين علي !
- أية أساطير تقصدين ؟
- أساطير كثيرة ، ربما أكثر من أن تحصى .
- أكيد المسألة ليست سهلة على انسان ينشأ على ثقافة معينة ليفاجأ فيما بعد بوجود ثقافة تتعارض مع ثقافته ، بل وليكتشف أن ثقافته خطأ !
- أكثر ما كان يقلقني هو رؤية نفسي معلقة من شعري في جهنم ودماغي يغلي دون أن أموت ! كيف سأحتمل كل هذا العذاب؟
- لماذا لم يخطر ببالك صورة مناقضة للخالق تزيح عن كاهلك هذا القلق؟
- ماذا مثلا ؟
- إنّه رحمن رحيم وستطالك رحمته !
- لم أفكر في الأمر . كنت اعتقد أن اثمي أكبر من أن تطاله رحمة مهما كانت!
- كيف لم تجنّي في هذه الحال !
- أعتقد أنني مجنونة ! أمارس حياة شاذة عن الخلق، وأفكر في عواقبها..
- أعتقد أنك كنت تشكين في قرارة نفسك أو في لا وعيك بوجود مثل هذا العذاب الفظيع ، وإلا لحاولت التوقف عن نمط حياتك ، أو سعيت إلى تغييره !
- أعتقد أن الظروف كانت أقوى مني ! تبدو لي المسألة كمن يدمن على شيء ولا يستطيع التخلّي عنه بسهولة، كالتدخين والكحول والمخدرات . على أية حال لا أنكر وجود صراع في دخيلتي بين الشك واليقين ، الشك هو الذي يمدني بطاقة المقاومة ، للتغلب على ما هو يقين ولو بحدود . وكلما قرأت مقالا لك ازداد تقبلي للشك ، بحيث لم أعد أتخوف منه كما من قبل ! نمت الحالة شيئا فشيئا في دخيلتي ، إلى أن أصبحت أنتظر مقالاتك بفارغ الصبر.
- ومع ذلك لم تتخلصي نهائيا من الغيبيات كلها ..
- أجل، وإن كنت أضع كل شيء الآن تحت المجهر.
- هل وضعت اسطورة نقل عرش بلقيس إلى سليمان تحت هذا المجهر؟
- للأسف تقبلت الأمر ولم أفكر فيه، والأمر نفسه ينطبق على اسطورة شق البحر الأحمر أمام اليهود بضربة من عصا موسى، وغرق المصريين فيه وغير ذلك من الأساطير كغروب الشمس في عين حمئة !
- يا عزيزتي لم يثبت أي وجود تاريخي لا لسليمان ولا لبلقيس ، ولم يرد ذكرهما إلا في التوراة اليهودية ، وهي نص غير تاريخي على الإطلاق ، مجرد أساطير ملفقة . ثم إن إمكانية نقل بلقيس بعرشها من أقصى جنوب شبه جزيرة العرب إلى شمالها مسألة لا يتقبلها لا المنطق ولا العلم ، حتى لو لم يتم النقل بسرعة لحظية ، بل على السفن ومن ثم الإبل والخيول والحمير!
- تقصد بالسرعة اللحظية سرعة الضوء ؟
- السرعة اللحظية حسب فهمي يفترض أن تكون أقوى من سرعة الضوء . أي في اللحظة نفسها التي يتخذ فيها القرار يتم المثول في المكان الآخرالمفترض حتى لوكان على بعد مليار سنة ضوئية ! الباحثون عن العلم في النصوص الدينية لجأوا إلى الفيزياء الكمومية ليثبتوا أنه في الامكان تحويل العرش وبلقيس نفسها إلى طاقة فوتونية ونقلهما وإعادة تشكيلهما أمام سليمان خلال طرفة عين !
- لكن هذا الأمر يتطلب أن يكون الجني الذي قام بالعملية عالماً بالفيزياء الكمومية !
ضحك محمود بملء فيه :
- وتحويل المادة إلى طاقة يحتاج إلى علم هائل ومختبرات ومفاعلات ومولدات ،أي أن الأمر قد يستغرق بضع سنين ! وليس بالسهولة التي يتصورها الجهلة الذي يظنون أن تحويل المادة إلى طاقة يتم بفعل كن فيكون.. يضحكون على البشر ليقنعوهم بوجود العلم في الدين .
- والأهم إعادة تحويل الطاقة إلى مادة وهي هنا بلقيس وعرشها ! يا لهذا الجني الرهيب! لعله إله !
- وجود جن وملائكة من تصورات العقل الإنساني ولم يثبت علميّاً أي وجود لهم. وحتى الخالق نفسه كي يشكل طفلا في رحم أم يحتاج إلى تسعة أشهر وعشرة أيام ، غير الزمن السابق على العملية من تشكل بويضة في جسد الأنثى وحيوانات منوية في جسد الرجل ، ووقت المضاجعة ! أي أن العملية لا تتم لحظيا ، وليس ب كن فيكون ! ويحتاج المولود إلى ثمانية عشر عاما ليكتمل نموه !
- وماذا عن غروب الشمس حيث قيل عن ذي القرنين أنه بلغ مغرب الشمس فوجدها تغرب في عين حمئة !
- ذو القرنين هذا اتفق الباحثون على أنه الإسكندرالمقدوني ، أي أنه كائن بشري اكتسح بجيوشه جزءا من أوروبا وأجزاء كبيرة من آسيا قبل الميلاد ببضعة قرون.. وسار على الأرض ولم يسر في السماء. ثم ألم تقرأي في المدرسة أن الأرض تدور حول نفسها وحول الشمس في الوقت نفسه ؟
- بلى قرأت !
- وهل قرأت أن النهار يحدث حين يكون جزء من الأرض في مواجهة الشمس ، وأن الليل يحدث على الجزء نفسه حين يبتعد عن مواجهة الشمس؟
- أكيد قرأت !
- هل قالوا لك في المدرسة أن الشمس تغرب . وأنها تغرب في عين حمئة !
- لا أذكر أنه قيل لي ذلك .
- إذن كيف تصدقين أن الشمس تغرب بغض النظر عن مكان غروبها ؟
- في الحقيقة لم أفكر حينذاك ، مثلي مثل الناس الذين ما زالوا يصدقون ذلك ..
- وصدقت أن رجلا سار حتى بلغ مغربها!
- للأسف صدقنا كل شيء وقد نحتاج إلى معجزات للتخلص مما رسخ في أذهاننا ..
- رغم احترامي للنصوص الدينية مهما كانت كونها اجتهادات للعقل البشري لمعرفة الوجود والغاية منه ، إلا أنني لا أحبذ تقديسها والأخذ بكل ما ورد فيها، بل وينبغي تهذيبها من كل ما يتناقض مع المنطق والعلم. ولا يحتاج المرء إلى معجزات كما أرى ، يحتاج إلى قليل من التفكير ليكتشف أن الخالق ليس على هذا القدرمن الجهل ليقول لنا أن الشمس تغرب في عين حمئة ، وأن هناك من سار حتى بلغ مغربها .. إلى آخر الخرافة .. خالق الكون والكائنات ليس على هذه الدرجة من الجهل .. كل ما في الأمر أنه على الانسان أن يدرك أن هذا نتاج فكره هو ، نتاج اجتهاد عقله ، وليس نتاج عقل الخالق، وإن كان الخالق قد سهل له سبل التفكير ومنحه قدراً من طاقته ليكون بدوره مساهما في عملية الخلق نفسها ، وليس مجرّد متفرّج عليها ، ومطبق للشرائع والقوانين .. لو أن الإنسان بقي متفرجا ومطبقا للشرائع والقوانين لكنا ما نزال نطبق شرائع حمورابي ونعبد الربة عشتار، أو الشمس، أو إيل ، أو اللات والعزّى . تعبير الغروب والشروق هو تعبير مجازي لظاهرة حدوث الليل والنهار. تقدم البشرية ورقيها لن يتما دون الخلاص من الفكر الغيبي بكل أشكاله الدينية وغير الدينية ، والسعي إلى إقامة حضارة إنسانية علمانية ترضي الخالق. حتى حضارة الصواريخ والقنابل النووية كما أرى ليست حضارة إنسانية كما هي الحال مع الفكر الغيبي.. عبرت عن ذلك في مقطع من إحدى مطولاتي الشعرية ، التي أحاور فيها محمود درويش حول أشعاره في ديوان " لماذا تركت الحصان وحيدا "
- أرجوك اسمعني هذا المقطع !
- لا أعرف إن كنت أحفظه بشكل جيد . بدا محمود متفائلا بالمستقبل في قصيدته، بينما كنت أنا في غاية التشاؤم ، حيث قلت :
أي تلة أعدت لميلاد النيروز يا محمود؟
بعد أن غسلوا أيديهم بدماء الحلم
وأعدموا سنابل القمح
على المقصلة
وشنقوا اللوز على سياج الكرم
وصلبوا الزنبق على جدار الحديقة
وشبحوا الأيائل على أسلاك الحدود
وسيرونا حفاة في طريق
الجلجلة!!
فأي رياحين
وأي دخان لازوردي
وأي خبيزة وكنائس
ونساء صارخات
وسنديان وآلهة؟!
فلن ينبثق في المدى فجر
ولن تتألق شمس
ولن يحلق في سمائك قمر
ولن تتمخض شقوق المكان
عن زنبقة
ولن نجد حتى سعف نخيل
نفيء به مواكب جنازاتنا
إلى المقبرة!!
لا تنتظر يا محمود ميلاد عشب
فالأديم لا يخفي حمله
ولا حورية تحل ضفائرها للغيوم
ولا مهرة تعدو في الضباب
ولا صهيلاً يجلجل في الأودية
ولا برقا يلوح في الأفق
فلا خير في فجر ترسمه
قنبلة!!
لا خير في فجر يرسم بقنبلة
تقابلها قنبلة!
ولا خير في أمم
صنعت التاريخ بالسيوف
فصار حاضرها
مهزلة !!
وأهلا بأمم قد تأتي يوما
لتصنع تاريخها بالقبل!!!!!
وترسم خيوط فجرها بالسنابل
كل سنبلة تقابلها
سنبلة!!!!!
- يا ألله ما أجمل هذه الصور.. صناعة التاريخ بالقبل ، ورسم خيوط الفجر بالسنابل ! بصحتك !!
شربا نخب صحتيهما ..
- هل تخبرني أنت كيف تخلصت من الفكر الغيبي؟
- المسألة بسيطة .. أنا نشأت على ما نشأت أنتِ عليه، فنحن ننتمي إلى البيئة نفسها، ربما مع بعض التفاوت في كيفية التنشئة. لكن حب المعرفة لدي الذي رافقني في سن مبكرة لعب دورا في المسألة .. إضافة إلى أنه أتيح لي أن أتعرف إلى أشخاص يفكرون بمنطق وعقلانية وعلمانية إلى حد كبير .. رحت أبحث عن نفسي في هذا العالم متعدد الثقافات ، وأسعى لإيجاد موضع لي فيه.. نميت معرفتي وطورت ثقافتي بكثرة القراءة والإطلاع والتأمل والتفكير ، إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه . لم أقرأ كتابا منذ أوائل عشرينيات عمري إلا بعين نقدية ، لا للفائدة فحسب ..على أية حال معظم قراءاتي في هذه الفترة كانت أدبية ، لأنني كنت أسعى لتطوير موهبتي في كتابة الرواية .. قرأت بعض الكتب الدينية أيضا في هذه المرحلة لكن تأثري بها كان محدودا وإن أعجبت بشخصية النبي محمد . غير أن هذا الإعجاب لم يدفعني إلى التقيد بالدين ، فلا أذكر أنني صليت ولو مرة واحدة في عمري. الصلاة الوحيدة التي أتذكرها هي صلاة عصر جماعية في الصف الأول الاعدادي في ساحة المدرسة ، فرضها علينا المعلمون ، ولا أذكر منها إلا ضحكي المكتوم على ما كان يتحدث به التلميذان الساجدان إلى يميني، فقد كان أحدهما يسأل الآخر عمّا تغداه ذلك اليوم ، فأجابه : مرقة عدس ! ولم أستطع ان أمسك نفسي عن الضحك .. الأساتذة الحمقى يريدون أن يطبقوا شرائع الدين على الأطفال بإجبارهم على الصلاة ، ولا يدركون أن الأطفال لم يتفهموا الدين بعد . الأمر نفسه لا يختلف عن صوم رمضان ، فلا أذكر أنني صمت يوما كاملا .. كنت آكل في غفلة من امي وأبي ، رغم أنهما لم يطلبا إلي الصوم . فالأمر لم يكن ملحا لديهما، لكني كنت أسعى لأن أفعل ما يفعلان ربما لنيل ثنائهما ! المسألة ليست أكثر من تقليد من قبل الصغار للكبار، لتصبح الحياة الاجتماعية كلها مجرد تقليد ،لا علاقة لها بالايمان ولا حتى بالدين ..حين أمر من أمام بعض المساجد وأرى كم الأطفال المشاركين في الصلاة لا أندهش لأنني أدرك أن الأمر مجرد تقليد بائس حتى من قبل الكبار أنفسهم ، وثمة من لا يمارسون هذا التقليد إلا يوم الجمعة ، ليروا الناس أنهم مؤمنون ! وابني أحد هؤلاء ، فهو لا يصلي إلا يوم الجمعة ، وأشك في أنه توقف عن مهزلة التقليد المؤقت هذه ! فهو يحرص على أن يبدو مؤمنا أمام الناس وكنت أتمنى لو أنه أخذ على الأقل بالنص الديني الذي وضع الوالدين في مرتبة أقرب إلى القداسة ، وهو من أجمل ما جاء به النص الديني على الإطلاق" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إيّاه وبالوالدين إحسانا، إمّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما ، فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما، وقل لهما قولاً كريما ، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا "

- هل تستمعين إلي يا لمى أم أنك سكرتِ؟
- بل أستمع بكل حواسي ولم أسكر بعد .
وإمعانا في الراحة رفعت لمى ساقيها ووضعت قدميها على مقعد صغير إلى جانب الكنبة وثنت ركبتيها لينحسر فستانها عن فخذيها ، وهي تهتف" بعد إذنك "
- خذي راحتك ، بعدين افخاذك حلوين !
- تشكر..
ومدت يدها لتأخذ يد محمود من خلف كتفها وتقبلها.. سارع هو إلى ضمها ليتبادلا القبل ويتابع محمود حديثه وكأن أمراً لم يحصل.
في الرابعة والعشرين من عمري شرعت في كتابة أول رواية لي ، لم أكتب قبل ذلك إلا بعض القصص والأشعار الرديئة . وكنت حينها قد أصبحت على قطيعة شبه مطلقة مع المعتقدات كلها ، وحسمت الأمر بأنها فكر بشري وليس إلهيا .. لكني لم أحسم فهمي للقائم بالخلق ، فكنت أقرب إلى الالحاد . واستغرق الامر أربعة وعشرين عاماً أخرى لأبدأ بحسم الأمر في اتجاه التصوف وتأسيس مذهب صوفي جديد أسميته " الصوفية الحديثة " تبلور في الأعوام اللاحقة ، وما يزال التعمق فيه قائما لدي! ويمكنني أن أقول أنه تطوير لمذهب وحدة الوجود.
- فكرك كان يتطور بسرعة كما يبدو .
- إلى حد ما صحيح . فلم يكن من الصعب علي أن أرى أن الله إن كان هناك إله ، ليس حسب ما صوره العقل البشري.. بدءا بعملية الخلق في ستة أيام وانتهاء بالجنة والحساب والعقاب.. أذكر أن حديث النمل عن جند سليمان من المسائل الاولى التي استوقفتني. وكنت في الأعوام السابقة قد قرأت الكتاب المقدس بعهديه . إضافة إلى بعض الأساطير وتطور المعتقدات .. ولم يختلف موقفي من العقائد الأخرى عن موقفي من الإسلام .. وإن تأثرت بحدود بقصة المسيح التراجيدية . ولا شك أن قصته مؤثرة رغم موقفه المتزمت من المرأة والجنس.
- هل تعتقد أن شخصية المسيح حقيقية ؟
- يمكن أن يكون لها أصل واقعي ، خاصة وأن الأبحاث التاريخية تطرقت إلى أكثر من مسيح جاءوا قبل المسيح المفترض. ويمكن أن تكون القصة عن مسيح جديد ظهر حينذاك، ويمكن أن يكون الخيال الشعبي قد نسج القصة استنادا إلى قصص المسحاء السابقين الذين أعدم الرومان معظمهم .. على أية حال لا يوجد نص تاريخي معتمد عن وجود المسيح كشخصية تاريخية وجدت فعلا. كتبت بحثا عن المسيح بعنوان " ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة " خلصت فيه إلى الرؤية الصوفية في قصته . ولا أعرف إن رأى أحد فيها ما رأيته.
- وماذا عن قصة شق البحر الأحمربضربة من عصا موسى ؟
- لا يمكن لأي عقل سليم أن يصدق هذه الأسطورة أو يصدق وجود موسى نفسه تاريخيا .. فبغض النظرعن عدم تطرق المدونات الفرعونية إلى أي وجود لليهود في مصر ، يمكن النظر إلى الأسطورة بعين العقل :
يبلغ أقصى عرض للبحرالأحمر355 كم ، ويبلغ متوسط عمقه 490 م . بينما يبلغ أقصى عمق 2211 م .
سأكتفي بعرض 300 كم كمتوسط عرض، وأفترض أن الإله يهوه اختار المكان الأقل عرضا لشعبه المختارليعبر منه . ولأفترض أن يهوه حين شق الماء بعد ضربة موسى بعصاه، جعل عرض الشق ألف متر، وأوقف الماء على الجانبين بطول 300 كم! ولن أتطرق إلى امكانية حدوث فيضان على شاطئي القسم الجنوبي نظرا لانحباس الماء وعدم وجود متسع للمياه المتدفقة من الخليج . ولأفترض أن يهوه اختار الإنحدار الأقل عمقا إلى البحر وهو ال 490 م.. لم يتطرق النص التوراتي إلى هذه التفاصيل المفترضة واكتفى بشق البحر ليعبر بنو اسرائيل ، وليتبعهم الجيش الفرعوني عبر الشق ، ليطبقه يهوه عليه .
لنتصور الآن 600 ألف انسان مع أحمالهم ودوابهم وأغنامهم وإبلهم سينحدرون قرابة 500 متر ليبلغوا أرض العمق، عبر منحدر أرضي غير ممهد ، فهو على الأغلب وعر جدا، ويحتاج إلى وقت وتمهل لنزوله . مما يتيح للجيش المصري أن يلحق بقسم كبير من الحشد قبل أن يشرع في النزول.
والحال نفسه ينطبق على مسافة ال 300 كم التي سيقطعها الحشد ، فهي ليست ممهدة كما المنحدر، وبالتأكيد في تضاريسها مرتفعات ومنخفضات وصخور مرجانية وأخاديد وبرك ماء ومستنقعات وما شابه من الكائنات والتضاريس البحرية .. فكيف سيعبر شعب يهوة هذه الأرض كلها ، إذا جازفنا وافترضنا أن يهوه شق البحر فعلا ؟ فلو قطع الحشد 30 كم يوميا ، لاحتاج إلى عشرة أيام ليقطع المسافة ، وسيحتاج الشعب ومواشيه إلى ماء وطعام ، ولن يكون من السهل الحصول عليهما .. وسنتجاهل الحاجة إلى الراحة والنوم ، فقد يتسنى له أمرهما خلال الليل . وسنذهب الآن إلى قائد الجيش الفرعوني الغبي! فكيف لم يفكر هذا القائد حين رأى وهو يقف بجيشه أعلى جروف البحر من الغرب، أن الماء يقف على الجانبين ، مما يشير إلى تدخل رب بني اسرائيل في الأمر، وأن أية مغامرة للنزول إلى عمق البحر ومطاردة الحشد عبر الشق لن يكتب لها النجاح ، لأن الرب قد يطبق الماء على جيشه دون بني اسرائيل .
ولنفترض أن الأمر تم دون تصوراتنا هذه .. وتم نزول المنحدر من قبل جميع اليهود وأنهم قطعوا مسافة كبيرة في طول الشق قبل أن يلحق بهم الجيش المصري .. السؤال : حين أطبق يهوه البحرعلى الجيش المصري، هل أطبقه من جانبي الجيش فقط ، وهو ما ينبغي أن يكون قد تم، وهذه معجزة ثانية لا يمكن تصديقها بسهولة . فلم يحاول كاتب النص التوراتي توضيحها وإن حرص على أن يخبرنا بحماقة أن بني اسرائيل رأوا جثث المصريين على الشاطىْ وكأنهم على بعد أمتار منه ، في الوقت الذي يفترض أنهم قطعوا بضعة كيلومترات في الشق، وبستحيل أن يروا الشاطئ من مكانهم..
في النصوص التوراتية قبل أسطورة شق البحر ، كان التعبير السائد عن السفرمن فلسطين إلى مصرأو العكس، هو مفردتي النزول والصعود ، وكأن فلسطين على مرمى حجر من مصر، فلماذا غير كتبة التوراة رأيهم وجعلوا يهوه يقود شعبه المختارعبر البحرالأحمر إلى الصحراء. والأدهى من ذلك ، أن يضيعه في تيه صحراوي يمتد لأربعين عاما .. أيهما الغريب والعجيب أمرالكتبة أم أمر يهوه نفسه ، الذي شق البحرلشعبه المختار بينما لم يفعل شيئا له ليخرجه من الصحراء، ولو مجرد ارشاده إلى الطريق الأفضل لاجتيازها، مع أن الأمر لا يحتاج إلى معجزة كما فعل للبحر؟!
******
بدت لمى وكأنها ثملت ،فقد ألقت رأسها على فخذ محمود ورفعت ساقها اليمنى لتلقيها على ركبة ساقها اليسرى المتكئة على المقعد ، ولتنحسر تنورتها عن كامل فخذيها ، ليبدو كيلوتها الصغير بالكاد يغطي فرجها ..
ملس محمود على شعرها وهو يتساءل:
- لمى هل سكرتِ؟
- لا أعرف! عندي رغبة لأن أنسى كل شيء إلا أنت ! أريد أن أكون معك ، ومعك فقط !
- لكن إن سكرتِ لن تتذكريني !
- لن أنسى وجودك معي حتى لو شربت كل ما أحضرته من خمر !
- ماذا في وسعي أن أفعل لك ؟
ولم تتريث ولو للحظة لتجيب:
- ضاجعني!
- مجنونة ! ألم تجدي غير عجوز مثلي لتمارسي معه الحب خارج نطاق علاقتك بأبيك ؟
- لا أحب الشباب ، ولا أحب الكهول الأغبياء .. ربما رأيت فيك شيئا من أبي الذي لم أمارس الجنس مع غيره .
- لكن أباك انسان عادي كما فهمت منك ، وربما متخلّف!
- وربما رأيت فيك ما ينقص أبي.. كنت أتمنى لوأن أبي يحمل جزءا يسيرا من ثقافتك !
- هل تحبينه ؟
- أعتقد ذلك، وإن كنت في بعض الأحيان أجد نفسي واقعة في مشاعر متناقضة تجاهه!
- عذرا لسؤالي الغبي !
- لا أعتقد أنه سؤال غبي!
- هل لي بسؤال شخصي؟
- اسأل ما تشاء!
- منذ متى وأبوك يمارس الحب معك ؟
- منذ طفولتي المبكرة ربما كنت في سن الرابعة أو الخامسة ، فهو من كان يحممني بعد أن فطمتني أمي كما أعتقد ! وبدأ الجنس معي في الحمّام !
لم يصدق محمود ما سمعه .. ولم يجد نفسه إلا وهو يهتف :
- يا إلهي ! أي مجنون هذا هو أبوك ؟
ولم يدرك محمود أنّه بسؤاله وردة فعله على إجابة لمى ، قد نكأ الجراح العميقة في دخيلتها. فقد غيرت من وضع استلقائها وانكفأت على وجهها وشرعت في البكاء وهي تحاول أن تغمر رأسها بين فخذيه.
راح محمود يملس على شعرها وقد أدرك سوء سؤاله .
- آسف لمى !
- لا تتأسف! أنا مجرمة أيضا بقبولي بهذه العلاقة الشاذة ، وهذا ما أكرهه في نفسي وفي أبي ، وأعيش في صراع بين القبول والرفض. محبة أبي وكرهه . ومحبتي لنفسي وكرهها .. ليتني أستطيع أن أنتحر لأخلص من عاري!
- ليس في الأمر جريمة وأنت لست مجرمة . انزعي فكرة الجريمة من دماغك .
ظلّ محمود يمسد على شعرها ويربت على ظهرها ويمسح دموعها إلى أن هدأت .. طوقت جسده بيديها وأراحت رأسها على ملتقى بطنه وفخذيه وغرقت في نوم عميق وهو يملس على شعرها .
انتظر إلى أن شعر أن النوم قد استولى عليها . سحب جسده بهدوء من تحت رأسها ، وأحضر مخدة وضعها تحت رأسها . أسدل تنورتها ليستر فخذيها وساقيها . وأتى بحرامين غطاها بهما .. انصرف إلى غرفة نومه . استلقى في السرير. أخذ كتابا من على المنضدة إلى جانبه . وشرع في القراءة إلى أن نعس ، أطبق الكتاب وألقاه إلى جانبه . أطفأ النور وحاول أن ينام محاولا قدر الامكان أن يطرد مأساة لمى من مخيلته .

*****


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-22, 03:32 AM   #27

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

(26)

حالة صحو !


استيقظ محمود على هديل مزعج ليمامتين بريّتين حطتا على نافذة غرفة نومه. أخذ كرة الشرائط التي عملها من قبل ويضعها في العادة على المنضدة إلى جانب السرير لهذا الغرض، وقذف بها زجاج النافذة .. طارت الحمامتان وابتعدتا غير أنه لم يتمكن من العودة إلى النوم . هذا الحمام غبي جدا فرغم أن وقوفه على حافة النافذة وإطلاق هديله المزعج يعرّضه في العادة لخبطة على النافذة ، فيتجنب الوقوف عليها لبضعة أيام بعد بضع خبطات ، لكنه ينسى ليعود ويحط عليها .
نهض. وجد لمى تحتسي القهوة في الصالون . صبّح عليها وبادلها قبلة وذهب إلى المطبخ . وضع ماء على النار وذهب إلى الحمام ليغسل وجهه.
- هل أساعدك ؟
- ليس هناك ما هو في حاجة إلى مساعدة . مجرد عمل كأسين من الشاي الأخضر والزعتر.
- هكذا تبدأ نهارك ؟
- أجل !
- والقهوة ؟
- بعد الشاي والزعتر!
- أظن أن هذا مفيد صحيا أكثر من البدء بالقهوة .
- أكيد . هل تشربين معي ؟
- ممكن وإن كان بعد القهوة .
******
سألته وهما يحتسيان الشاي:
- يبدو أنني سكرت في الليل .
- ربما!
- ألا تعرف ؟
- لم يبد عليك أنك فقدت وعيك ؟
- لكني لا أذكر كل ما حدث!
- ماذا تذكرين ؟
- أذكر أنني طلبت إليك أن تضاجعني ، وأذكر أنني بكيت ولا شيء غير ذلك !
- أنت تذكرين جيدا ! فلم يحدث شيء مهم غير ذلك . ظللت أملس على شعرك وأربت على ظهرك إلى أن غفوت .. غطيتك وانصرفت إلى غرفة نومي.
- لماذا لم تضاجعني ؟
- هههه! ليست المسألة بهذه البساطة ! فأنا رجل عجوز قد لا أستطيع تلبية رغباتك . ثم لوكنت واثقا من ذلك فأنا لن أضاجع فتاة مخمورة قد لا تعي ما تفعل . كما أنني شخص لا ينتهز فرصا .. رغم أنني ندمت مرّات كثيرة على فرص أتيحت لي مع فتيات جميلات ولم أنتهزها !
- لماذا ندمت؟
- ربما لأن الفرص لم تتكرر!
ثمة فرصتان تركتا في نفسي أثرا سلبيا لأنني خذلت فتاتين ولم ألبي رغبتهما في ممارسة الحب معي نتيجة للظرف غير المناسب الذي كنا فيه ! مما دفع الفتاتين فيما بعد إلى الاعتقاد بأن لدي مشاكل مع الجنس!
كانت إحداهما قد جاءت لتنام عندي لكنها سكرت لكثرة ما شربت ، نيمتها في السرير دون أن أفعل معها شيئا .. الأخرى كانت متسرعة لتعود إلى عملها بعد الغداء وأنا كذلك ولا وقت لدينا للحب . حتى أنني لم أقبلها حين مدت رأسها لتقبلني ، لأننا كنا نقف في المطبخ ونحضر الغداء والنافذة مفتوحة على وسعها والجيران يروننا من النافذة المقابلة !
- ماذا لو طرحت الأمرعليك الآن وأنا لست مخمورة ولا أحد يرانا!
- أكيد لن أفعل للأسباب التي ذكرتها وغيرها.
- ولن تندم فيما بعد ؟
- أكيد أيضا لن أندم .
- لماذا ؟
- لأنني لست الآن هذا الشاب أو الرجل الشهواني الذي كنته ذات يوم .
- لكن قد يترك رفضك أثرا سلبيا على نفسك لعدم تلبية رغبتي !
- لا ! الآن لي مبرراتي التي قد تقنعك وليس كما في الحال مع الفتاتين . أتذكر الآن حالة نادرة من حالات حدثت مع من لا يفوتون الفرص ، وكنت موافقا عليها وشاهدا أيضا!
- ما هي ؟
- كنت سهران وصديق لي مع سيدة أوروبية. طالت السهرة وبدت السيدة ثملة ومتعبة .. كانت سمينة بعض الشيء . طلبت إلى صديقي أن يحملها معي لنمددها في السريرفي غرفة النوم . حملناها . وبينما كنا نمددها في السرير رفعت ساقيها وثنت فخذيها ونزعت رداءها الداخلي. فوجئنا بالأمر. تطلع الصديق في وجهي متسائلا . لم أعرف ماذا أقول أمام امرأة تشرع جسدها لممارسة الجنس . لم أفكر في أنها ثملة قد لا تعي ما تفعل. قلت لصديقي ضاجعها إذا تريد . وانصرفت إلى الصالون. لم يضيّع صديقي الفرصة . واقعها وانصرف إلى بيته.
في الصباح سألتني بعد أن استيقظت :
- محمود هل كنت أحلم أم أن صديقك نام معي ؟
- بل نام معك. وحدثتها عمّا فعلته.
لم تنزعج . بل وأصبحت صديقته فيما بعد!
ضحكت لمى وراحت تجوب بنظراتها أرجاء الصالون .سأل محمود:
- أظن أن اليوم الجمعة ماذا لديك لتفعليه!
- لا شيء! وأخبرت أبي أنني سأتغدى مع صديقتي وقد نذهب إلى البحر الميت .
- ألا يشك أبوك في قصص غيابك عند صديقتك .
- لم يكن يشك لأن لي صديقة فعلا وكنت أذهب إليها وأنام عندها أحيانا . لكن بعد أن تعرفت إليك قد يختلف الأمر ويشك ..
- ماذا لو اكتشف أنك تكذبين وأنك تلتقين بي.
- أعتقد أن ردة فعله قد تكون عادية أو حتى لن يهتم ! فهو يقدر وضعي لعلاقتي معه . ويمكن القول أنه يدللني قدر الامكان .
- هل تشعرين أنه يحبك كثيرا ؟
- هكذا أشعر .
- هل يغار عليك ؟
- أعتقد أنه يغار قليلا ..
- هل تشعرين أنه يعاني من هذه العلاقة ؟
- أشعر أحيانا أنه يعاني بقدر ما أعاني !
- غريب أمركما . تعانيان من العلاقة ولا تقطعانها.
- لأننا وجدنا نفسينا متورطين فيها .
- كيف؟ هل توضحين لي؟
- أدمنا عليها كما سبق وأن أشرت. ربما كان أبي يعتقد أن العلاقة ستنتهي بعد أن أكبر، لكنه وجد أنني متشبثة به وغير قادرة على قطع العلاقة معه ، ولا أستطيع تخيل رجل غيره ينام معي !
- وماذا عن صراعك مع نفسك بين قبول العلاقة ورفضها .. كيف توفقين بين الحالتين؟
- انا لا أوفق وأعيش في خضم الصراع ، ويبدو أنني اعتدت عليه ! في السرير مع أبي أكون راضية ، وخارجه أكون رافضة !
- وهل تخلصت من عذاب جهنم ؟
- إلى حد كبير وخاصة بعد الإطلاع على مقالاتك . ما لم أتخلص منه هو رؤية المجتمع للمسألة وهذا أكثر ما يترك ألماً في نفسي !
- يبدو لي أنك في السرير تتعايشين مع الغريزة وتلبين رغباتها . وخارجه تفكرين بعقلك فترفضين الحالة وتعانين منها !
- يبدو أن الأمر كذلك .
- هل حاولت استشارة طبيب نفسي ؟
- لا أتقبل مجرد التفكير في الأمر . لا أستطيع أن أتصور نفسي جالسة أمام طبيب نفسي أحدثه عن ممارسة الجنس مع أبي.
- لكن يفضل أن تفعلي بل ويجب إذا تريدين أن تتخلصي من الوضع .
- أنت أفضل طبيب لي بعد أن عرفت مشكلتي وتفهمت وضعي وقبلت أن أبقى صديقتك ، وأن نحيل صداقتنا من صداقة افتراضية إلى صداقة عملية وواقعية .
- لكني لست فرويد ولا كارل غوستاف يونغ لأعالجك ! والعلاج النفساني مسألة صعبة وغير سهلة. رغم أنك كما يبدو لي تتفهمين وضعك . وأكاد أجزم أنه بإمكانك أن تتخلصي من المعاناة
إذا ما اعتبرت أنه ليس إثما يتطلب عقوبة اجتماعية وربانية عليه . انزعي العقاب الاجتماعي والجهنمي من خيالك . وحاولي أن تتوقفي عن هذه العلاقة .
- لكني قد احتاج إلى بديل يغنيني عن أبي !
- حاولي أن تتوقفي أولا والبديل مسألة سهلة حسب ما أعتقد !
- حتى لو كان البديل أنت !
- هه! رغم أنني قد أكون أسوأ بديل على الإطلاق ، إلا أنني سأفكر في الأمر من أجلك !
وضمت رأس محمود إليها وقبلته على خده وهي تهتف :
- ياه ! أشكرك ! سأقدم على الأمر بجديّة وأنهي الأمر مع أبي مهما كان الثمن.
- هل مارست العادة السرية في حياتك ؟
- نادرا ! لم أحبها كثيرا . لم أستطع تخيل شخص غير أبي يمارس معي الجنس!
- يمكنك أن تستعيني بها في البداية !
- هل تسمح لي أن أتخيلك خلال ممارستها ؟
- هههه! لست في حاجة إلى أن تستسمحيني طالما أنه مجرد خيال ! لو أنني كنت أطلب سماح أي فتاة أو امرأة أتخيلها لما مارست العادة السرية في حياتي. والأمر نفسه ينطبق على البشر جميعا. العادة السرية السبيل الوحيد السهل للبشر للتعبيرعن مكبوتهم الجنسي ، ولتلبية رغباتهم وغرائزهم.
- لا أتصور أن أخدعك في المسألة .
- هذه ليست خدعة ! مارسيها باطمئنان وتخيليني كما تشائين واخبريني إن كنت لائقا وممتعا معك !
- ههه .. سأتخيلك الأمتع في الوجود كله .
- طيب. حدثيني الآن عمّا لا أعرفه عنك . أنت خريجة تجارة كما عرفت من مراسلاتنا على الفيس .
- صحيح .
- ولا تعملين إلا في مصالح أبيك ،
- صحيح ! أراقب الحسابات أحيانا لكسلي ! وأحاول أن أكتب قصصا أوشعرا أحيانا ، لكني كاتبة فاشلة .
- وماذا عن أخيك ؟
- يشرف على محلات أبي ويقوم بالمشتريات .
- وماذا عن أبيك ماذا يفعل ؟
- يدير مصالحه ويبحث عن مشاريع جديدة !
- كم عمره ؟
- في حدود االرابعة والستين .
- هل هو متدين ؟
يصلي مرة أو مرتين في الشهر، في الغالب يكون يوم جمعة ، فيصلي الظهر مع الجماعة في المسجد !
- ذكرني بابني! عرفت من مراسلاتنا على مسينجر الفيس أن أمك متوفاة !
- صحيح . أمي رحلت وهي في ريعان الشباب!
- نتيجة مرض ؟
- أصيبت بالسرطان وهي في الثلاثينيات من عمرها .
ألقت رأسها على ذراع محمود . تنهدت بعمق. قالت :
عندي رغبة لأن أحدثك عن قصتي من البداية إلى الآن . أرجوك أن تسمعني .
أطرق محمود قليلا . تنهد بدوره .
- ليكن يا عزيزتي . لكن حاولي أن لا تنفعلي . اجعلي من نفسك روائية تتحدث بحيادية أو شبه حيادية .
استجمعت لمى قواها وشحنت ذهنها ، واستنهضت ذاكرتها ، وشرعت تتحدث :
****


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-22, 03:33 AM   #28

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

(27)

عشق وألم وبوح !


"أقدم صور ترتسم كطيف في مخيلتي . هي صورة أبي وأمي عاريين يمارسان الجنس وأنا أحبو إلى جانبيهما، وصورأخرى باهتة خلال الاستحمام مع أحدهما دون أن أتذكر من هو منهما. وثمة صور بعد هذه يبدو أبي فيها عاريا وهو يليّف بين فخذي ، ويبدو أنني كنت أستشعر متعة ما . لكن الصورة التي انطبعت في ذاكرتي بشيء من الوضوح خلال الإستحمام، هي ذكَرأبي المنتصب وهو يداعب بحشفته شفري فرجي صعودا ونزولا . لا أعرف كم كان عمري بالضبط ، ربما كنت في السادسة . لا أتذكر صورا قبل هذه من هذا النوع.. من هنا بدأ تعلقي بأبي حسب ما أعتقد. دأب أبي على تحميمي أكثرالأحيان ، دالكا بين فخذي بأصابع يده الغارقة بالصابون أحياناً ، وبحشفة ذكره أحيانا أخرى ، خاصة حين كنت أنا أطلب منه ذلك إن لم يفعل .. يبدو أن ذكره كان يستهويني ، وأنني كنت أستشعر متعة تدفعني إلى طلب ذلك . وهذا ما عرفته لاحقا حين كبرت.
لم يكن أبي قد ورث بعد لينشئ ثروته . وكانت أمي تعمل ممرضة في مستشفى . ولا أعرف لماذا أخذ أبي يحممني بدلا منها .. بالكاد أتذكر طيفها معي في الحمام . لكني أذكر فيما بعد أنها أرادت ذات مرة أن تحممني لانشغال أبي خارج البيت ، فقلت لها " بدّي بابا يحممني " لا أظن أنها شكت في السبب الذي يدعوني إلى ذلك .، ربما قالت إنّ أبي في الشغل. أدخلتني الحمام وشرعت في تحميمي لتستحم هي بدورها معي.أذكر طيف جسدها . وتنبهت إلى أنّه ليس لديها ما لدى أبي. ربما بدأت تشك في الأمر، حسب ما أعتقد ، حين طلبت إليها ذات مرّة وهي تليّف بين فخذي أن تدلك دحنوني كما يفعل أبي"
كم كان بود محمود أن يقاطع حديثها ليعلق على فعل الأب، غير أنه لجم انفعالاته حتى لا يثيرشجونها . وفضل الاستماع دون أي تعليق ، وإن كان يود أن تروي لمى ما كان يحدث معها في طفولتها دون أن تبدي وجهة نظر في ما يحدث معها أو في انطباع أمها غير المعلن .
تابعت لمى حديثها :
" لا أذكر ردت فعلها . ولا أذكر أنها استجابت لي . فقد أنهت حمامي دون أن يطرأ أي تدليك يشبه ما يفعله أبي، أو حتى مجرد مداعبة ! ما بالكاد أذكره ، أن شجاراً نشب بين أمي وأبي يتعلق بتحميمي، لكني لا أعرف بعد كم من الزمن حدث ذلك . وربما أصبحت في السابعة من عمري أو في بداية الثامنة. وأذكرأن أبي لم يعد يحممني في أغلب الأحيان إلا بصحبة أخي الذي يصغرني بما يقرب من عامين. وكان يترك باب الحمام مواربا . وحين يحدث ويحممني وحدي كان يتلافي أن يفعل ما يفعله ، ويكتفي بدلك فرجي بالليفة دون استخدام أصابعه وحدها ، ولم يعد ينزع كيلوته . وحين طلبت إليه ذات مرة أجاب بأن الأمر "عيب" وأنه ينبغي التوقف عنه. كما أنه أخذ يخرجني من الحمام حين يفرغ من تحميمي ليستحم وحده. ولو أردت أن أحلل سلوكه على ضوء ذكرياتي ومعرفتي الآن ، لقلت أنه ربما كف عن الأمربعد مشاجرته مع أمي، وأنها أدركت على الأقل أنه كان يداعب فرجي . وأنها نجحت في إقناعه بالكف عن فعله، وأنه ربما كان يعاني في دخيلته بين الرفض والإقدام ، ونجح في التغلب على نفسه وكبح شهوته.
مرت فترات بعد ذلك كنت فيها خلال جلوسي أضع يدي فوق فرجي ، فتنهرني أمّي حين تراني " عيب الله بيحطك في النار" لم أكن أعرف العيب وما هو الله ولماذا سيضعني في النارالتي كنت أعرف أنها تحرق! فهل مجرد وضع يدي فوق هذا المكان في جسدي يستوجب الحرق ؟ وكنت أرفع يدي وأسدل تنورتي إذا كانت مرفوعة. غيرأنني وخلال استلقائي في السريرعند النوم لم أكن أتنبه لنفسي إلا وأنا أضع يدي فوق فرجي ، فتسارع أمي إلى ضربي على ظهر يدي وتحذيري من فعل ذلك . والحق إن كل تحذيرات أمي لم تنفع ، فقد أصبح الأمر عادة عندي ، بل وانتقل من العفوية إلى القصدية حين تتاح لي الفرصة وخاصة قبل النوم وبعدم وجود أمي أوعدم تنبهها ، ليتحول إلى عادة سرية فيما بعد ، أي حين أصبحت في التاسعة أو العاشرة ..
دخلت المدرسة في السادسة حسب ما أعرف . وظلت علاقتي بأبي تتوطد وتدخل حالة حميمية لا يكاد أبي فيها يشبع من تقبيل خدّي وفخذي . وأنا أتمتع بضمّه إلي وتقبيله بدوري.. ولم يتجاوز الأمرهذا الحد . ولم يعد يحممني إلا نادرا.
أظن أنني كنت في الثامنة من عمري ، حين كنت أنام إلى جانب أخي في غرفة النوم، فزلقت كيلوته من تحت الغطاء ورحت أداعب زبرته إلى أن انتصبت ، التصقت به ورحت أحك بها فرجي. بعد ذلك رحنا نلعب أنا وأخي لعبة أمنا وأبينا - التي طالما شاهدناها لمرات كثيرة - كلما أتيحت لنا الفرصة . ويبدو أن عقوبة من نوع الحرق بالنار والعيب ، دفعتنا إلى الإبقاء على سريّة اللعبة ، إلى أن ضبطتنا أمي ذات ليل حين دخلت الغرفة وأشعلت النورلتطمئن علينا ، ولتجدنا عاريين تماما وفوق الغطاء وليس تحته ! وقفت مبهوتة للحظات وما لبثت أن انهالت علينا ضربا وهي تهتف " إلهي يغضب عليكم ، شو بدي أسوي فيكم؟ " وأخذت أخي لينام في غرفة نومهما هي وأبي، بشكل دائم، ما أتاح له أن يستيقظ أحيانا على تأوهاتهما وهما يمارسان الحب ، ليأتي ويخبرني ماذا رأى حين ينفرد بي . وكان أكثر ما أثار فضوله هو رؤيته لأمي تمص ذكرأبي، فقد جاء ليهمس لي " أمي ترضع زبرة أبي " ! وكنت قد رأيت ذلك من قبل بدوري. قلت له إنهما يلعبان لعبتهما ! فتساءل عن سبب منعنا من ممارسة اللعبة . أخبرته لأننا صغار ولا نعرف كيف نلعب. وسنفعل ذلك حين نكبر ونتعلم ! ولا أنكر أنني وددت في دخيلتي أن يتاح لي أن أجرّب مص ذكر أبي كما تفعل أمي !
أصبحت أنام وحدي في الغرفة، مما أتاح لي أن أعبث بفرجي وأمهد السبيل للعادة السرّيّة ، التي أجدتها في العاشرة ، وأدمنتها وأنا أستشعرمتعة لذيذة بتخيّل رضع ذكرأبي أو مداعبته لشفري دون الإيلاج ، الذي لم أعرف كما يبدو كيف يكون وماذا ينتج عنه ! ولم أكن أنتهي من ممارسة إلا لأشرع في أخرى ، إلى أن أنعس وأنام.. وقد انتهى العبث بيني وبين أخي منذ أن أصبحنا ننام مفترقين .
في المدرسة وربما بعد الصف الخامس الابتدائي حين أخذ الدين يحتل مكانته في تعليمنا ، بدأت أعرف القليل عن الله والجنة والنار والحرام والحلال ، مما سبب لي قلقا ، لعلاقتي المحرمة مع أبي التي ما يزال طيفها يراود مخيلتي ، وإن كانت ممارسة سطحية وغير مكتملة كما أعتقد . وقد يشمل التحريم ممارستي مع أخي .. ولم أعرف إن كانت العادة السريّة التي أمارسها وحدي يشملها هذا التحريم ، وبالتالي ينبغي العقاب عليها من الله .. وظل القلق يراودني بضعة أعوام ، عابراً أحياناً ، وبشدة في أحيان أخرى، إلى أن استمعت إلى محاضرة رهيبة من أستاذة الدين في الصف الأول الاعدادي ( السابع ) تتحدث عن عذاب المرأة في جهنم . وكيف أنها تعلق من شعرها ودماغها يغلي والنار تحرق جسدها .. وأن جلدها يستبدل بجلد آخر كلما احترق لمعاودة الحرق إلى ما لا نهاية ! ولا أعرف كيف ضبطت نفسي ولم أنهض لأصرخ لشدة الرعب الذي انتابني وأنا أتخيل نفسي معلقة من شعري والنار تلتهم جسدي. وكم عانيت من كوابيس فظيعة بعد ذلك ما زال بعضها يداهمني حتى اليوم .
في هذه الفترة مات جدي لأبي ليرث أبي مع أخت له أرضا من عشرات الدونمات، وبيارة للخضار والفواكة في غور الاردن، إضافة إلى بيت وبعض الأموال .. من هنا جاءت ثروة أبي فيما بعد .
في الفترة ذاتها بدأت الدورة الشهرية تأتيني.. وبدأ جسدي يتأجج شهوة ، ولم أكن أمل من ممارسة العادة السريّة ، سواء في الحمام أو قبل النوم ، وكان اشتهائي لأبي يزداد ، ضاربة عرض الحائط بالحساب والعقاب في جهنم .. فقد كانت شهوتي تطغى على كل ممنوع وغير مرغوب، ولم أكن أترك فرصة يضمني فيها أبي أو يقبلني ، إلا وأستغلها قدر الامكان ، إلى أن جاء يوم ذهبت فيه أمي وأخي لزيارة أهلها وبقيت وحدي مع أبي في البيت . أظن أنني كنت في الثالثة عشرة .. وقد برز نهداي.. كان أبي يجلس على أريكة في الصالون يستمع إلى أخبار التلفزيون .. وكنت أراجع بعض دروسي دون أن افهم شيئا لاضطرام شهوتي ، والتفكير في أبي الجالس وحده في الصالون ! أغلقت كتابي ودخلت إلى الصالون لأجلس على فخذيه وأقبله .. ضمني إليه بشدّة وشرع في تقبيل خديّ وعنقي ، وما لبث أن التهم شفتي وأدخل لسانه في فمي ليدور به حول لساني ويشرع في مصّه . أظن أنني ذبت فيه وذاب هو فيّ، حين شرع في رضع نهدي الصغيرين، ومن ثم عرّى فخذي وشرع في تقبيلها، ليطرحني بعد ذلك على الأريكة ، وينزع كيلوتي ويثني فخذي ليقبل فرجي الصغير، ومن ثم يخرج ذكره ليداعبني به ويلجني، لأغرق في نشوة طويلة ..
يمكن القول يا عزيزي أنني منذ ذلك اليوم أصبحت متزوجة من أبي الذي لم أمارس الجنس في الواقع مع غيره ً.
ابتاع لي حبوبا لمنع الحمل كنت آخذها أحيانا . وحين لا آخذها كان يستخدم واقيا، أو يقذف خارج فرجي أو في ..في ..أماكن أخرى !!
ولأول مرة يضحك محمود ويقاطع لمى متسائلا :
- بعد كل هذا الحديث الصريح وجدت ما تخجلين من ذكره !
- يبدو أن ثمة ما قد يخجل الانسان أحياناً حتى لو كان ممكناً وممتعاً في الممارسة الجنسية !
- ذكرتني بشبابي حين كنت شهوانياً مثلك !
- يا ليت الشهوانية تعود إليك!
- غير ممكن ..فالعمر ولّى .. بإمكانك متابعة حديثك .. عذرا للمقاطعة !
- أمر عادي عزيزي .. لم تجر الأمورعلى ما يرام لأن أمّي بدأت تشك في علاقة بيني وبين أبي . فهي كانت تلمس أن تعلقي بأبي وتعلق أبي بي يزداد كلما كبرت .. كما أنها لاحظت التغير النسبي في سلوكي والتكتم على بعض المسائل أو الكذب ، للتأخر في العودة من المدرسة مع أبي فقد كان يصحبني بسيارته إلى منطقة خالية من الناس ويضاجعني في السيارة أو في الطبيعة . ويبدو أن مواقعات أبي لها قد قلّت إلى حد يثيرالشبهة ، وحتى الغيرة، وهو ما أخبرني به أبي. وقد لا حظت بدوري أن أمي بدأت تغارمني وأن غيرتها تزداد يوما عن يوم . وأن الأمر يقلقها إلى حد التأثيرعلى صحتها فقد بدأ وزنها ينقص. وجاء يوم يبدوأنها خططت فيه للأمر .. فقد ذهبت للإطمئنان على أمها المريضة وأخذت أخي معها ، وقالت أنها قد تنام هناك إذا ما وجدت أن صحة أمها تتطلب ذلك .
كالعادة استغلينا أنا وأبي الفرصة .. ولم نتوقع أن تأتي أمي في الليل ، بعد أن تجاوزت الساعة العاشرة ولم تعد . ومع ذلك أغلقنا الباب من الداخل احتياطا ، فهي لديها مفتاح . كنا قد فرغنا للتو من الممارسة حين قرع الباب. واضح أنها جربت مفتاحها ووجدت الباب مغلقا من الداخل . هتف أبي " جاءت . البسي بسرعة واذهبي إلى غرفتك" أية سرعة هذه ؟ التأخر لدقيقة واحدة في فتح الباب قد يزيد الشك ، والتذرع بالنوم مسألة واهية ، فالوقت ما يزال مبكرا ولو نسبياً على النوم .. حملت ملابسي على عجل وركضت إلى غرفتي وانزلقت عارية في السريروتدثرت بالغطاء. لا أعرف ماذا ارتدى أبي فيما أمي تواصل قرع الباب، وما أن فتح لها حتى اندفعت بسرعة إلى غرفتهما لتجد السرير وكل شيء في الغرفة مبعثراً . وسارعت إلى غرفتي التي كان بابها مفتوحا أيضا والنورمضاء، فلم يتسنّ لي لا أن أغلق الباب ولا أن أطفئ النور، رفعت الغطاء عني لتجدني عارية ونائمة على جنبي.. لم تنجح التمثيلية ! فقد هزتني من كتفي وهي تردد "منذ متى تنامين عارية يا بنت أبوك " ؟! وانصرفت لتعود بعد لحظة وهي تحمل كيلوتي بسبابة يدها وترميه على وجهي ، وهي ترتجف من قمة رأسها إلى أخمصي قدميها .. ولم أجد نفسي إلا وأنا أبكي .. لا أعرف إن كان الكيلوت قد سقط مني أو أنه كان ملقى إلى جانب السرير ولم أره حين حملت ملابسي. ويبدو أن أمي لم تعد قادرة على الكلام من أثرالصدمة. فما تأكدت منه أكبر من كل كلام لأن يعبرعنه ، فقد ارتمت على أريكة في الصالون وهي ما تزال ترتجف ، وتطبق راحتيها على جانبي رأسها، وجسدها يرتج بشدة . ولم يعد أبي قادرا على فعل شيء .
تخوفنا من أن يكون في الأمر جلطة ما .. فكرأبي في أخذها إلى المستشفى .. لكنها رفضت بإصرار دون أن تتكلم .. حملناها أنا وأبي ومددناها في السرير بعد أن أعطاها أبي حبوبا مهدئة كانت تتناولها في الأشهر الأخيرة ..
في الصباح بدت أفضل قليلا ، لم تعد ترتجف ، لكنها ظلت تصر على عدم الكلام . فكر أبي في أخذها إلى المستشفى ، لكنها رفضت أيضا ، وكأنها تدرك أنهم في المستشفى قد يدفعونها إلى الاعتراف بما جرى معها حتى أحجمت عن الكلام ، أو لم تعد قادرة عليه. وهذا ما كان أبي متخوّفا منه ..
أحضر أبي لها أدوية من طبيب نفساني ذهب إليه عبر صديق ، معترفا له بجانب من الحقيقة ، وهو شك أمي في علاقه بينه وبين ابنته حين وجدتهما يتبادلان القبل في غرفة الأب ! . اعتبر الطبيب أنها ربما تعرضت لصدمة نفسية قوية أثرت على أعصابها .. وكتب له أدوية على هذا الأساس ..
أمضيت قرابة عشرة أيام متغيبة عن المدرسة لأعتني بها .. متمنية لو في مقدوري أن أودي بنفسي إلى التهلكة مقابل أن تعود لأمي صحتها وتتخلص من معاناتها .. كنت جادة في الأمر. وحين لمحت لها بذلك أنّت من أعماقها وهزت رأسها بعنف ، وأشرعت صدرها لاحتضاني ، ألقيت نفسي على صدرها وشرعت في البكاء .. أمي الحبيبة يا محمود دمرنا أنا وأبي حياتها.. ضحت بنفسها، وكانت ترفض الذهاب إلى المستشفيات أو مقابلة أطباء حتى تسترعلينا ولا تفضح عارنا! أحضر أبي خادمتين للإعتناء بها وبنا وبالبيت .. أخذ جسدها يذوي شيئا فشيئا ، وقد فقدت شهيتها للطعام ... وتبين أنها أصيبت بسرطان المعدة والأمعاء.. كنت أشعر بقلبي يتمزق وأنا أستمع إلى أنينها المؤلم . حاول أبي انقاذها من السرطان دون جدوى . رحلت إلى العالم الآخر بعد قرابة شهرين من الحادثة وهي في منتصف الثلاثينيات من عمرها. حددت عليها بلبس السواد والحجاب لأربعين يوما .. لا يمكن تصوّر مدى حزني وإحساسي بالذنب . ولم أمارس الجنس مع أبي طوال ستة أشهر . وكم كنت أتمنى لو في استطاعتي أن أقتل الرغبة الجنسية إلى الأبد ، وأن أقطع فرجي وعضو أبي أيضا .. استأنفنا الممارسة بيسر وحرية إلى حد كبير ، حين وجدنا أن الكف عنها أمر ليس سهلا على الإطلاق ، وخاصة أنا التي كنت أجد في تعلقي بأبي مسألة مصيرية لا يمكن تصور علاقة غيرها ..
أنهيت الثانوية ودخلت الجامعة ، وتخرجت . وأنا الآن أشرف على بعض العمليات الحسابية لأعمال أبي. أخي لم يدخل الجامعة وتفرغ للعمل مع أبي . هو متزوج الآن ويقيم وحده مع زوجة وطفلين .
كانت الساعة قد قاربت الثانية ظهرا حين فرغت لمى من سرد ملخص قصتها . أسئلة كثيرة خطرت لمحمود حول الأمر، لكنه فضل تجاهلها إلى حين آخر ، وفكر في أمر الغداء. تساءل :
- ألن نتغدى ؟
- ما رأيك بغداء على شاطئ البحر الميت ؟
- البحر الميت ؟ لم أتغدّ هناك إلا مرة واحدة دعاني فيها صديقي التشكيلي محمد نصر الله .
- أنا سأدعوك كل أسبوع إن شئت !
- يوه! يبدو أنك ستعيدنني إلى حياة الترف بعد أن كنت أفكر في الانتحار إذا ما ضاقت الدنيا علي.
- أرجوك أن تنسى الأمر .
- لا قدرة لي على تحمل كرمك الزائد !
- اعتبره واجبا وليس كرما !
- كيف ؟
- واجب الصديق الثري تجاه صديقه الأديب والفيلسوف الذي يستحق أن يعيش الحياة بكرامة وأن يتوفر له ما يدرأ عنه العوز ، لكي يتفرغ لأدبه وفكره.
- تعرفين ؟ لو أنك لم تكوني بجسدك حقيقة أمامي ، لقلت أنك مجرد شخصية متخيلة لي ربما تشبه نورالسماء وما أنا الآن إلّا الملك لقمان !
- ههه ! كم هذا جميل يا جلالة الملك فما أنا إلا محبوبتك ومليكتك ونور سمائك .. هيّا لننهض! ولنعش كما في الخيال، وليذهب الواقع إلى الجحيم !!

****


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-22, 03:34 AM   #29

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

(28)

وليمة ملكية !


يستلقي الماء هادئا في أعمق أعماق الكون كوجه مرآة ، ونسمات موج خفيفة تنساب على سطحه لتلثم صخور ورمال وحصى الشاطئ ، فيما محمود يتأملها بشغف مستعيدا بعض ذكرياته مع هذا البحر الفريد الذي لا حياة لكائنات فيه لملوحة مياهه. كان مقاتلا في ريعان الشباب ويحلم بتحرير فلسطين كأي فلسطيني أو عربي يحلم بذلك ، وكان مستعدا لأن يضحي بنفسه من أجل هذه الغاية ، لذلك أهمل حينها التفكير في مستقبله ، فهو على الأغلب سيستشهد ، وإن لم يستشهد ، فإما أن يظل مقاتلا ، أو أن يبحث عن عمل آخر في المستقبل ..
كان يتأمل البحر من إطلالة متنزه أقيم على الشاطئ ، فيما لمى تتحدث إلى نادل طالبة كماً هائلا من المأكولات والمشروب. مر في مخيلة محمود شريط ذكرياته مع البحر وهو يعبره ليلاً على قارب مطاطي إلى فلسطين مع مجموعة من المقاتلين ، ويعود عبره وحيدا في ظلام دامس بعد أشهر، جالسا في دولاب شاحنة ، والأمواج تتقاذفه طوال الليل لتقذف به على الشاطئ الشرقي بعيد الفجر.
- أين أنت يا حبيبي الملك؟! هتفت لمى .
- حبيبك الملك ؟
- ألست الملك لقمان يا حبيبي هل نسيت ؟
- هه.. ليكن أيتها الملكة ، كما تشائين .. كنت أتذكر حياتي الواقعية وكيف اجتزت هذا البحر ليلا قبل قرابة خمسين عاما ممتطيا دولاب سيارة ..
- جميل أن يمتزج الواقع بالخيال حبيبي! ثم إننا نحتفل بتطهيري أمامك من الآثام التي كانت تخفيها سريرتي.
- لا أصدق أنني ما أزال على قيد الحياة وأنني عشت حتى اليوم. أتذكر الآن كيف استلقيت على الشاطئ مطلقا العنان لانهياراعصابي التي طبطتها طوال ليلي في البحر.. وحين بزغ النهارسحبت أقسام بندقيتي وشرعت في اطلاق النارعلى سفح الجبل الشاهق الذي سأبدأ في تسلقه للخروج من أخفض موقع على الكرة الأرضية .
- لماذا أطلقت النارعلى الجبل ؟
- ربما لأحتفل بنجاتي من سلطات الاحتلال ومن البحر أيضا ، ولأقهر الجبل الذي لن يكون صعوده سهلا علي !
- وقهرته بالتأكيد !
- أجل قهرته ، فصعوده أسهل من عبور البحر، ولا يحتاج إلى ضبط أعصاب ، يحتاج إلى جهد جسدي ، وهذا ما لم أكن في حاجة إليه وانا أعبر البحرجالسا في دولاب.
- إذن دعنا نحتفل اليوم باليوبيل الذهبي لذلك اليوم أيضا !
- يا الله كم من الأحداث والوقائع مرت على ذلك اليوم .. كنت مجرد مقاتل بدماغ فارغ تقريبا !
- وأنت الآن الملك لقمان الذي يحكم الكون يا حبيبي!
ضحك محمود وهو يتساءل :
- وكأنك قرأت " الملك لقمان " أو" أديب في الجنة " ؟
- أجل قرأتهما يا حبيبي، وإلا كيف أعرف الملك لقمان والملكة نور السماء ؟ لقد أخبرتك على الفيس !
- نسيت !
أحضر النادل زجاجة وسكي فاخر وبعض علب البيرة . وشرع في سكب البيرة والوسكي في كؤوس ؟ تساءل الملك لقمان :
- ماهذا أيتها الملكة ؟ بيرة ووسكي؟
- حبيبي الدنيا حر هنا ! بالبيرة نطفئ الظمأ وبالوسكي نثمل !
- الحق معك ، لكن أين الملك شمنهور ؟
- صرفته هذا الجنّي فنحن لسنا في حاجة إليه ، فكوكبنا آمن هنا !
- آمن ونحن على بعد أميال من اسرائيل ؟!
- تكفي قوانا الخارقة يا حبيبي إذا ما عرفت اسرائيل بوجودنا هنا وحاولت الاعتداء علينا!
- لن تفعل لأنها تعرف مقدار قوانا بجن أو بدونهم يا حبيبتي !
ضم نادلان طاولتين إلى طاولتهما . تساءل الملك ؟
- ماذا يفعل هؤلاء؟
- يوسعان المائدة يا حبيبي لتكون مائدة ملكية!
أدرك محمود أبو الجدايل أن لمى تسعى لأن تدخله في حالة أقرب إلى الخيال ، وهي ربما تدرك خلال قراءتها لبعض أعماله ومتابعتها لكتاباته أن عالمه المتخيل يشكل جزءا من دخيلته وقد يتقمصه لبعض الوقت إلى حد ينسى فيه واقعه. شعر براحة نفسية ومحبة جارفة للمى التي تريد أن تعيشه في عالمه وتعيش معه .
رفع كأسه وشرب نخب الملكة . خاطب نادلا كان يضع بعض المكسرات من فستق حلبي ولوز وجوز وبندق على المائدة :
- متى تفرغون من إعداد المائدة التي أمرت بها جلالة الملكة ؟
ويبدو أن النادل قرر الدخول في الحالة ولو من باب المسايرة :
- خلال نصف ساعة على الأكثر ستكون المائدة جاهزة جلالتكم !
مدير المطعم ارتاب في الأمر حين أطلعه رئيس الندل على قائمة الطلبات التي تكفي لأكثر من عشرة أشخاص ، وفكر في أن يكونا مجنونين، أو ربما ينتظران أحدا ما .. ثم هل يحملان نقودا لتسديد ثمن الفاتورة؟ طلب إلى رئيس الندل أن يستفسر منهما .
- لكنهما سيدي يتحدثان مع بعضهما كملك وملكة !
- ماذا ؟
- هذا ما أخبرني به الشباب.
- لعلهما ممثلان يقومان ببروفا على مشهد سيؤديانة على المسرح أو في فيلم ؟
- لا أعرف سيدي !
- هيا اسبقني واسألهما عما إذا يصرّان على هذا الطلب .. وإذا أصرّا أخبرهما أن ثمن الطعام قد يبلغ قرابة ألف دينار!
اقترب رئيس الندل من المائدة ومدير المطعم يقف على مسافة قريبة خلفه . بدا الرئيس مترددا في السؤال . تساءل الملك:
- هل هناك شيء !
- عفوا جلالتكم ، جلالة الملكة طلبت طعاما يكفي لأكثرمن عشرة أشخاص، هل تنتظرون أحدا؟ !
ضحك الملك لقمان بملء فيه :
- ههه ! ألم تعرف بعد أن جلالتها طلبت مائدة ملكية ؟
تردد الرئيس وهو يهتف :
- لكن ..لكن ..
- لكن يتوجب عليك تنفيذ أمر جلالتها دون أسئلة. هل فهمت ؟
أدركت الملكة نورالسماء أن رئيس الندل يريد أن يطمئن على الحساب. سارعت إلى إخراج بطاقة البنك من حقيبتها وقدمتها لرئيس الندل قائلة :
- هاك ! احسم ألف دينارعلى الحساب ولا تزعج جلالة الملك بأسئلتك !
. أخذ رئيس الندل البطاقة وانحنى أمامها وهو يهتف : عفوا مولاتي صاحبة الجلالة، ثم أمام الملك لقمان : عفوا جلالتكم!
وانصرف عائدا خلف المدير .
- واضح أنهما ممثلان ! هتف المدير!
- بل مجنونان سيدي!
- لا يبدو عليهما أنهما مجنونان ! ثم إنك دخلت معهما في الحالة وخاطبتهما كملكين !
- وهل تريدنا أن نصطدم مع مجانين ! هكذا تصرف معهما الشباب!
أعطى المدير البطاقة للمحاسب الذي اقتطع ألف دينار من الرصيد البنكي.
أعاد رئيس الندل البطاقة وفاتورة المبلغ المقتطع ضمن حافظة من الجلد وضعت على صحن مزخرف ، وهو يعتذر عمّا جرى :
- عذرا جلالتكم لتصرف الإدارة غير اللائق بحقكما !
- لا عليك فأنتم لا تعرفون أننا ملكان ! أجابت الملكة .
. وقام رئيس الندل بنفسه بالإشراف على تجهيز المائدة . ووضع قرابة عشرين نوعا من المقبلات عليها ..
هتف الملك لقمان وهو يتأمل امتداد أطباق المقبلات :
- منذ زمن لم نقم مائدة كهذه جلالتك !
- أنت تمضي وقتك في التأمل والبحث عن الله جلالتك ولا تتيح لنا أن نتمتع بالحياة .
- الحق معك . لنتمتع إذن . بصحتك .
- بصحتك .
شرع نادل في تضييفهما بسكب ما يرغبان من المقبلات في طبقيهما..
اكتفى الملك في البداية بالقليل من السلطة والتبولة والحمص والمتبل ، والكبّة النيئة. فيما امتلأ صحن الملكة بقطعة واحدة من كل نوع من مأكولات نباتية وحيوانية . فطر. أرضي شوكي . بيض غنم. كبد . كلية . حلزون . قريدس. .
سرح الملك لقمان للحظات . تنبهت له الملكة .
- أين سرحت يا حبيبي؟
- أتذكر المشردين والفقراء كلما عشت لحظات مترفة . وحزين جدا على الشعب السوري . لا أستطيع أن أنسى مأساته . أصبحت تقلقني أكثر من المأساة الفلسطينية .
- نحن في زمن الخراب كما تقول أنت يا حبيبي وتذكر المشردين والفقراء لن يخلصهم من معاناتهم .
- صحيح .. آه آه!
- بصحتك حبيبي وصحة الشعب السوري وكل الشعوب المغلوبة على أمرها !
شربا النخب واستأنفا تناول المقبلات ..أعادت لمى/ الملكة، محمود / الملك ، إلى أفكاره في القصيدة التي يحاور فيها درويش:
- هل تظن حبيبي أنه سيأتي يوم تعم فيه المحبة العالم ويسود السلام الأبدي، كما وددت في قصيدتك التي تحاور فيها درويش؟
- أعتقد أنه سيأتي لكن بعد أن يبلغ الدمار ذروته!
- كيف ؟
البشرية منذ أن وجدت حتى اليوم وهي تعيش في حروب وأمم وأقوام . وكل أمة أو قوم تسعى لأن تسود على آخرين ، حتى في الأمة نفسها تجدين فئة تتسلط على الشعب.. فالتسلط والحروب والصراعات بكافة أشكالها ما تزال قائمة . ولا أحد يفكر في وحدة العالم بمعنى أعمق وأشمل مما هو قائم من افكار متخلفة ممثلة في مؤسسات دولية مهيمن عليها ولا تستطيع أن تفعل شيئا ، حتى لكيان مغتصب ومتمرد على كل القوانين الدولية مثل اسرائيل .. بعض الدول تفتعل الحروب والصراعات لتسويق أسلحتها .. وماذا عن هذا السلاح المكدس وخاصة النووي منه . هناك من يفكر في توظيفه بأي شكل إن لم يكن بيعا فبالحروب .. أعتقد أن الزمن القادم سيشهد أهوالا فظيعة قد تباد فيها شعوب بالسلاح النووي، وتنقرض إلى الأبد ، ولن يبقى غير الأقوياء مما يضطرهم بعد حقبة زمنية أن يتحدوا للحفاظ على بقائهم ، وليتخلصوا من زمن الحروب والصراعات . وآمل أن يتمكن هؤلاء من إقامة حضارة انسانية تسود فيها العدالة والمحبة .
- متى سيحدث هذا حسب اعتقادك ؟
- على الأغلب خلال الألف الثالثة هذه التي تمر فيها البشرية .
- وماذا عن الذين انقرضوا؟
- سيكون في انقراضهم فائدة لإغناء المادة وانتاج الطاقة . أي أن الباقين سيفيدون من فنائهم بتوظيف ما ينتج عن مادتهم في بناء الحضارة الانسانية .
- وعملية الخلق ألن تفيد منهم !
- طبعا ستفيد .. ولو أن الكائنات التي تفنى لا تعود إلى أصلها المادي الطاقوي لفنيت الحياة وانتهت عملية الخلق برمتها !
- بما في ذلك القائم بالخلق ؟
- القائم بالخلق ستضعف قدراته إن لم يفنى هو الآخر . لكنه بوضع هذه القوانين للخلق حافظ على بقائه بإعادة عملية الخلق وتجديدها لتظل مستمرة ..
- وكأن عملية الخلق أشبه بعملية تدوير ؟
- هي كذلك فعلا .
- وهل الخلق المدور من الانسان يشعر بوجوده الطاقوي .
بوجوده الطاقوي أجل لأنه يصبح جزءا من الطاقة الكونية ، أما عن وجوده الانساني السابق فلن يعرفه إلا بالوعي المجرد. أما الانسان الباقي القادم فسيعرف ماضي الانسان المنقرض من مدوناته وأرشيفه التاريخي للوجود.
- أليس هناك شيء من التناسخ في العملية وخاصة ما يسمى بتناسخ الأرواح ؟
- أكيد لا . الروح هي الحياة السارية في الكائنات وفي الوجود . وهي لا تموت بموت الكائن كحياة . فإن ماتت في الكائن فهي باقية في الكائنات الأخرى وفي الوجود . أما أن تنتقل حياة ومكتسبات انسان محدد إلى آخر، فهذا مجرد اجتهاد من اجتهادات العقل البشري في بحثه عن سر الوجود ،ولا حقيقة له على الاطلاق. وإلا لكنا نرى أنبياء ومفكرين وفلاسفة يتجددون، فلم نر لا أفلاطون ولا محمد ، ولا أرسطو ، ولا غاندي يتجددون! كأن نرى أحدهم يدعي أنه أرسطو في صورته الجديدة ، ويخبرنا عن فلسفته وأين عاش ومتى وكيف ! يعجبني الاجتهاد الهندوسي في التناسخ
حيث تحل روح الانسان التي هي من روح براهمان في كائن جديد بعد الموت ، لكن حسب عمل الميت في حياته ، فإن كان صالحا ، تحل روحه في انسان أرقى ، وإن كان طالحا ، تحل روحه في كائن أدنى كأن يكون جرذا !! فتخيلي أن يعرف الجرذ أنه كان الانسان كذا وأنه الآن مجرد جرذ نتيجة أعماله الطالحة !
ضحكت الملكة وهي تقول :
- لكن هذا أفضل من الحرق في جهنم !
- أكيد طالما لا يوجد حرق واستبدال جلود وأدمغة تغلي!
بدأ الندل يحضرون أطباق الشواء وهي في سفافيدها أو على شبك :
طبق قطع كباب من لحم الخروف (شقف) وطبق كباب آخر لحم مفروم. وطبق ضلع خروف.
طبق فروج. طبق حمام . طبق فر . طبق كبد. طبق كلاوي! طبق كبّة.
كاد محمود أبو الجدايل أن يخرج من شخصية الملك لقمان ليعود إلى شخصية محمود أبو الجدايل المشرّد في عمان، ويعيد لمى إلى شخصيتها شبه العبثية حين هتف :
- ما هذا يا مجنونة ؟ المقبلات وتقبلناها، لكن هذه اللحوم من سيأكلها ؟!
- لا عليك جلالتك ! سيأكلها العمال! ولن يذهب الجنون الملكي سدى!
التقط بعض الندل صورا لهم وللمائدة دون أن يتنبه لها الملك والملكة . وأعطت الملكة هاتفها المحمول إلى نادل ليأخذ لهما بعض الصور مع المائدة . التقط النادل قرابة عشر صور من نواح مختلفة .
" بصحة جلالتك "
"بصحتك ! لكن لا تشربي كثيرا لأنك ستقودين السيارة "
" كثيرا ما قدتها وأنا ثملة ولم يحدث شيء"
" ليس في كل مرّة تسلم الجرّة .. كما يقولون ! "
يصدح صوت أم كلثوم عبر مكبرات الصوت :
والهوى آه من الهوى
سهران الهوى، يسقينا الهنا .. ويقول بالهنا .. يا حبيبي
يلّه نعيش في عيون الليل
ونقول للشمس تعالي تعالي بعد سنه .. مش قبل سنه
دي ليلة حب حلوه بألف ليله وليله ..
بكل العمر .. هو العمر إيه غير ليله زي الليله
إزاي أوصف لك يا حبيبي إزاي؟
قبل ما أحبك كنت إزاي يا حبيبي ؟
أحست لمى وهي تتمايل مع الموسيقى أنها في حاجة إلى الرقص ، فنهضت لترقص كما لم ترقص من قبل في حياتها ، لتثير رغبة بعض الفتيات والنساء في المنتزه للرقص ، فنهضن وشرعن في الرقص، ليتحول اليوم إلى يوم فرح ، يفرح به جميع من كانوا في مطعم المنتزه، وقد عرفوا من الندل أنهم في حضرة ملك وملكة وإن كان تمثيلا لا حقيقة ! وما أن فرغت أم كلثوم من ألف ليلة وليلة ، حتى وضع مديرالمنتزه موسيقى هادئة للرقص. انحنى الملك لقمان أمام الملكة وهو يمد يده لها طالبا مراقصتها . وهكذا فعل معظم من كانوا في المنتزه . وقد أخذت الكثير من الصور الثابتة والمتحركة للراقصين وخاصة الملك والملكة !
ما أن انتهت الرقصة حتى انحنى الملك أمام الملكة وقبل يدها شاكرا ، وقادها ليعيدها إلى مقعدها ، وهذا ما لم يفعله الآخرون .

****
طلبت الملكة فاتورة الحساب .. لم تكن تتجاوز ال 800 دينار .. أعاد رئيس الندل مبلغ مائتي دينار للملكة ، لكنها تركتها للندل والعاملين .
وهما يهمان لمغادرة المنتزه . أمر مدير المنتزه أن يودّعا كملكين . اصطف الندل والعاملين في صفين لوداعهما ، وأحنوا رؤوسهم احتراما لهما وهما يمران بينهم محيين وشاكرين.

*****


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-22, 03:36 AM   #30

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

(29)

الجدائلي الأخير محمود أبو الجدايل !


والمقصود بالجدائلي الأخير من حيث فهمه المتطور لمذهب وحدة الوجود وكونه ما يزال على قيد الحياة خلال كتابة هذه النصوص ، وليس لعدم قدوم جدائليين بعده . فالجدائليون لن ينقرضوا من الحياة البشرية طالما هي قائمة ، وسيظل دأبهم البحث والعمل على ما هو أرقى وأجمل للحياة البشرية إلى أن تبلغ الكمال!
كما أن محمود أبو الجدايل لم يكن يشبه كثيرا من الجدائلين السابقين عبر التاريخ . فأحد الجدائليين على سبيل المثال كان من صحابة النبي محمد، بإيمانه برسالته وإخلاصه له ، وتشرده معه ، وحتى خوض حروبه فيما بعد من بدرإلى فتح مكة ! وحظي بحصة من الغنائم والسبايا من النساء ، وكان لا يقبل إلا العذراوات ، ما عدا مرة واحدة قبل فيها أن تكون محظيته ثيبا ، فقد كانت إحدى جميلات بني قريظة وقد أعدم زوجها مع المئات الذين قطعت رؤوسهم وألقيت في خندق بعد استسلامهم ، وكان لسطوة جمال المرأة أن الجدائلي لم يمهلها لتخرج من حالة الحزن على زوجها ، فاقتادها إلى ما وراء كثيب في الصحراء وشرع في مواقعتها، وظل يواقعها لثلاثة أيام إلى أن افتقده الجيش عند انطلاقه . تزوج منها فيما بعد لكثرة ما عشقها، لتصبح الزوجة السابعة عشرة له، ولينجب منها جدائليا أصبح في سن الشباب واحدا من أشجع فرسان المسلمين، وخاض حرب الجمل مع عائشة ، وبعض حروب معاوية مع الخوارج وقيل أنه فكر في الاستيلاء على الخلافة ، فبلغ الأمر إلى يزيد بن معاوية ، فأحضره وأمر بقطع رأسه أمامه وهو جالس على كرسي الخلافة ! وما أن تم ذلك حتى نهض يزيد وركل الرأس المقطوعة بقدمه !
جدائلي آخر تعيس الحظ اتهم بحديث الافك حول أم المؤمنين عائشة وصفوان بن المعطل ، في غزوة بني المصطلق، كونه كان أحد أصدقاء عبد الله بن أبي سلول ، الذي تولى الافك حسب صحيح البخاري ، غيرأنه هرب وتاه في الصحراء حتى لا يطاله عقاب الجلد مع من جلدوا .. فنحل جسمه لسوء التغذية وكاد أن يموت جوعا، لو لم تهاجمة بعض الضباع ليلا وتفترسه.
أحد الجدائليين الآخرين كان من قادة جيش موسى بن نصير الذين أوكل إليهم قيادة الجيش المرافق لثلاثين ألف بكرمن بنات ملوك القوط وأعيانهم، أرسلهن موسى سبايا إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك لينعم بجمالهن ! وكان هذا الجدائلي يختاركل يوم ثلاث أبكارعلى الأقل ليضاجعهن ،وحين وصل إلى دمشق بعد قرابة شهرين كان قد افتض بكارة أكثر من مائة عذراء من أجمل الفتيات ، وراح يتمنى أن لا يقع اختيار الخليفة على إحدى اللواتي افتض بكاراتهن ، فتخبر عنه ، ولحسن حظه أن الخليفة مات قبل أن يجتمع بأي من السبايا .. فتحولن للورثة ! وحين استلم سليمان الحكم بعد أبيه عزل موسى بن نصير، لأنه كان على خلاف معه ، فاتهمه باختلاس الأموال ووضعه في السجن ،ولم ينقذه سوى شفاعة يزيد بن المهلب لدى سليمان ، ليقضي باقي حياته بلا مجد ، وبرفقة بعض الأصدقاء ومنهم ذاك الجدائلي!
معظم الجدائليين الآخرين كانوا أقرب إلى الجدائلي الاخير محمود أبو الجدايل ولو بطموحهم الفلسفي . حتى أن أحدهم ادعى أن أرسطو كان جدائلياً ! وأول عقلاني وقف إلى جانب المعتزلي واصل بن عطاء، وقدم العقل على النقل، والتفكير قبل السمع ، ورفض الأحاديث التي لا يقرها العقل، ومعرفة الله بالعقل، وجعله حاكما على النص، لا مجرد وسيلة لفهم وتأويل ما هو مسطور في النصوص، كان جدائليا أصليا من نسب الجدائليين الاوائل الذين اكتشفوا النار والزراعة والصناعة فيما بعد واخترعوا العجلة وبناء السفن ، وألفوا الأساطير حول الخلق في بلاد الشام والعراق وفارس ومصر ، وجاءوا بالفلسفة اليونانية وغيرها من الفلسفات المثالية وشبه المادية في الهند والصين والأمريكيتين ، وأستراليا وبعض دول افريقيا .. ولم يكن معظم من جاءوا فيما بعد في بلاد المسلمين وغير المسلمين إلا من هؤلاء الجدائليين ، الذين اعتمدوا العقلانية في فهم الوجود والغاية من الخلق ليتوجها محمود أبو الجدايل باجتهاده المميزكما يعتبره ، وهو أن الوجود هو الواجد وأن الغاية منه هي بناء الحضارة وتحقيق قيم الخير والعدل والمحبة والجمال بين بني البشر.
ومن الجدائليين من كانوا من أتباع أشهر المتصوفة كالحسن البصري ورابعة العدوية والبسطامي والحسين بن منصور الحلاج وذي النون المصري والغزالي وابن عربي والسهروردي وجلال الدين الرومي والشيرازي والشمس التبريزي وابن الفارض وعبد القادر الجيلاني وابن عطاء السكندري وعبد الكريم الجيلي وغيرهم ..
ومنهم من كانوا من أتباع العلماء والفلاسفة كابن رشد وابن خلدون والفارابي والكندي وابن سينا وابن الهيثم وابن باجه والخوارزمي والبيروني والخازني وغيرهم.
وقد ساهم معظم هؤلاء في فهم وتطوير فلسفة وعلوم اليونان لتنتشر في العالم . ويروى عن هؤلاء أن الغرب لم يفهم فلسفة أرسطو إلا عبر شرح ابن رشد لها .
*****
يوم الغداء الملكي على شاطىء البحر الميت، أعادت لمى محمود أبو الجدايل إلى البيت وانصرفت .. أحس برغبته في نوم عميق بعد هذا اليوم الحافل . استلقى في السريرمتمنيا أن لا يداهمه كابوس ما من أكثرالكوابيس التي يراها في نومه ، كرؤية بيتيه في دمشق وعمّان منهوبين من كل شيء ، حتى من بعض الجدران وهو نائم ! أو مطاردة مخابرات وجيش الاحتلال له ، أو فقدان حقيبة الكتف التي تحوي الهوية وجواز السفروبعض النقود ، أو كوابيس ثمن التحرر الجنسي الذي منحه لبعض من أحبهن في حياته ، كأن يراهن يمارسن الجنس مع آخرين! أو كابوس فقدان الطريق إلى بيته ، ورؤية نفسه محشورا في جرف شاهق من الصخور لا يعرف كيف يخرج منه، والحلم بالطيران الذي رافقه لبضعة عقود لم يعد يظهر للأسف ، وإذا ما ظهر فلن يكون قادرا على الطيران كما من قبل . كوابيس كثيرة يداهمه أحدها بين فترة وأخرى خلال النوم ، وأكثرها رؤية له هو سرقة بيتيه ! وكي يضمن ولو بحدود أن لايرى ايأ من هذه الكوابيس في نومه ، ابتلع حبة دواء منومة واستنهض شخصية الملك لقمان من دخيلته ، وتخيله نائما على صدر الملكة نور السماء ، وما لا يصدق أنه تخيلها في شخصية لمى ، ليغفو دون أن يدري كيف غفا ، ليرى أجمل حلم شاهده في حياته ، فقد رأى نفسه يواقع نور السماء في شخصية لمى وهو بشخصية الملك لقمان ، لينام أطول وأجمل نوم نامه في حياته ، وحين استيقظ قبيل الفجر لم يصدق أنه نام قرابة ثماني ساعات .. فقد كان يحسد نفسه حين ينام أربع ساعات دون أن يستيقظ !غسل وجهه بماء بارد ، وحضر كأسا من الشاي الأخضر، وجلس إلى طاولة الكومبيوتر وهو يفكر في كتابة مقال عن الخلق والخالق ، لينشره على الفيس بوك وفي المنتديات المشترك فيها .
مسائل فكر فيها كثيرا خلال تأمله ومطالعاته للفلسفة والتصوف وما بلغته علوم الفيزياء، فكتب :
*الوجود الوهم تمظهرمجسّد للوجود !
"كان بودي أن يكون مقالي إجابة عمّا توقعه علماء الفيزياء حول إمكانية أن يكون العالم وهماً وأنه ليس إلا صورة ليزرية ثلاثية الأبعاد نراها حقيقية ، لكن وللأسف أجلت الأمر لكثرة الأفكار التي تتصارع في دماغي فارتأيت أن اورد مقولات مختصرة حول الأمر نفسه دون الغوص في متاهة المقدمات المؤدية إليها ، على أمل أن أتمكن من ذلك في وقت قريب ، وهي بالتأكيد مقولات نتاج تأمل في الثصوف والفلسفة والعلوم الفيزيائية :
جدائليات :
1322- لو أن خالق الكون أقصر توظيف الطاقة في جسد الإنسان على أفعال محددة ، لما كان هناك ابداع ، وبالتالي ، لما كان هناك شيء اسمه حضارة !
1323- محنة عقل الإنسان حتى اليوم أنه لم يدرك الغاية من وجوده .
1324- حين يدرك الإنسان ، أن الغاية من وجوده هي مشاركة الخالق في عملية الخلق ، بتحقيق قيم الخير والمحبة والعدل والجمال وإقامة الحضارة الإنسانية ، يكون قد وضع عقله وعمله وقدمه على الطريق الصحيح لإقامة الخلق الكامل . وهذا يعني أن عملية الخلق الحقيقية التي ينشدها الخالق ، لم تبدأ بعد !
1325- الوجود حتى اليوم ما هو إلا صورة متمظهرة لمتخيّل الخالق ، أراد لنا أن نراها مجسدّة وحقيقية ، لكي نقوم بدورنا في إغناء تصوّر المتخيّل الإلهي ، نحو الأمثل والأجمل والأكمل ! فذات الإنسان من ذات الخالق ، حسب رأي أسلافنا المتصوفة ، وما أثبتته علوم الفيزياء بوحدانية الوجود دون التطرق لوجود إلهي !
1326- المتصوّفة وخاصة في بعض مدارس مذهب وحدة الوجود ، ساروا حسب ثقافة زمنهم على ما يمكن أن نعتبره الطريق الصحيح نحو المعرفة الوجودية ، لكنهم تعثروا كثيرا، وكثيرا جدا، خاصة حين اعتبروا أن الخالق خلق الخلق وانتهى الأمر ، وهو الآن مستريح في امتداد اليوم السابع ... وثمة عثرات أخرى كثيرة جدا، بحيث لم يستطيعوا الخروج بالمطلق عمّا سبقهم من أفكار حول الوجود والغاية منه .
نشر المقال على الفور بعد الانتهاء منه . لتنهال الردود . منها ما هو مؤيد ومنها ما هو معارض . لكن بعض المعارضين من استعانوا حتى بالعلوم الفيزيائية لاثبات وجود ألوهة ، ما اضطر محمود أن يباشر بكتابة مقال يرد فيه على بعض الآراء :
*هل يصبح وجودنا يوما حقيقة واقعية ؟!
أسئلة كثيرة خطرت لي وأنا أتابع الردود في المواقع المختلفة ، وكدت أن أذهب في رحلة مع الفيزياء الكمومية ، انسجاما مع فلسفتي القائلة بأن الخالق طاقة سارية في الخلق ولا شيء غير ذلك ، كون الوجود مكون من مادة وطاقة ، وكلما تحركت المادة أو تفاعلت أو انطلقت بسرعات هائلة تفوق كثيرا سرعة الضوء تحولت إلى طاقة وكلما أبطأت من حركتها تحولت إلى مادة .ورغم أن هذه ليست أكثر من نظرية عامة إلا أن علوم الفيزياء لم تنقض صحتها .
تطرق أحدهم ردأ عليّ إلى الطاقة الهولوغرامية التي رأى مكتشفوها أن الوجود وهم وأن ما نراه بأعيننا ليس الحقيقة ، فنحن حين نرى ، نرى الوجود الإفتراضي الوهمي المقررأن نراه وليس الوجود الحقيقي الذي لا نعرف ما هو ! وهذا ما ذكرني بقول ابن عربي الذي رأى أن الوجود وهم انطلاقا من فكر صوفي يرى أن الوجود الحقيقي هو لله وحده وما تبقى هو حالات افتراضية وهمية ليس لها أي وجود حقيقي.
لقد سبق وأن خالفت ابن عربي في ذلك رغم أنني قلت في بعض شطحاتي " حياتنا كلها افتراضية وحين يتوقف الله عن خياله الإفتراضي سينتفي وجودنا " النظرية الهولوغرامية في الفيزياء تكاد تقول أننا لسنا موجودين حتى افتراضيا !
إن مسألة تخيل أن تكون موجودا وغير موجود في الوقت نفسه مسألة عصية على العقل البشري أن يستوعبها ولا نعرف ما تبطنه الفيزياء من أسرار قد تتكشف للبشرية في العقود المقبلة ونأمل أن يكون ثمة خطأ في النظرية يتقبل وجودنا أوعلى الأقل وجودنا المؤقت كحقل تجارب لمستقبل خلق حقيقي أكثر تحضرا وإنسانية وجمالا وكمالا ..
لم أغص في متاهات الفيزياء وتحولات المادة والطاقة حين وجدت نفسي مدفوعا للكتابة عن الموضوع . فكتبت سابقا في صفحتي على الفيس تحت عنوان " يكفينا ما فينا من جنون " ما يلي :
أنا في رحلة مع الفيزياء الهولوغرامية وهذه مسألة تجنن فلا تسألوني عنها لأنني لا أريد لأصدقائي أن يجنوا..من يتصور مثلا أن أقول لحبيبة قلبي أنت لست موجودة يا حبيبتي وأن وجودك لا يتجسد إلا عندما أنظر إليك بعيني الثاقبتين وأشكلك في دماغي بسرعة هائلة تفوق أضعاف سرعة الضوء ، وما أن أزيح نظري عنك حتى تختفين وتذهبين في العدم الهولوغرامي ! في الفيزياء الهولوغرامية ؟!
اقتباس من صاحب المقال الذي كنت اقرأه في منتدى اللادينيين ( بقلم السرداب ) :
"لقد أصبحت أطروحات الكون الهولوغرامي من القوة بمكان بحيث أن أطباء الاعصاب بدأوا يتعاملون مع مرضاهم على أساس أن الكون الهولوغرامي حقيقة لا تقبل النزاع وأن أدمغتنا صُممت لترى كونا هولوغراميا وليس كونا حقيقيا.
يقول ستانيسلاف جروف Stanislav Grof أنه على مستوى الهولوغرام تستطيع استيعاب كل مباحث الباراسكيولوجي "
( الباراسيكولوجي) علم ما وراء الطبيعة !
اقتباس من مقال السرداب أيضا :
"ما هو الهولوغرام ؟؟ الهولوغرام هو صورة ليزرية ثلاثية الأبعاد مجرد صورة شبحية ..."
تعقيبي على المقال في منتدى اللادينيين :
" المقال يريد أن يثبت وجود خالق بطرقه للنظرية الهولوجرامية التي لا تثبت ولا تنفي وجود خالق . إنها تثبت وجود طاقة هائلة خلف الوجود وهذا أمر ليس جديدا . فالوجود مكون من مادة وطاقة ولا شيء غيرهما. وهذه الحال ليس بالضرورة أن تكون إلها أو بفعل إلهي ، وهي بالتأكيد ليست دينا ، فلا علاقة لها بالديانات البشرية التي أنتجها العقل البشري ، حتى لو ثبت أنها طاقة إلهية .وسنظل نقول إن الحقيقة المطلقة لم يتوصل إليها العقل البشري بعد وقد لا يتوصل على الإطلاق ، لأن الحقيقة المطلقة قد لا تكون ثابتة وقد لا تكون موجودة "
وعلق الصديق أمين صدقي بما يلي:
"أذكر كدارس فنون عندما تطرقنا لفلسفة الفن و علم الجمال فى الدراسات العليا أن الحديث امتد بنا الى هذا الموضوع وأن مانراه بعيوننا وتترجمه عقولنا ليس مطابقا لما هو موجود في الواقع والحقيقة ، وحتى لمس الأشياء وتحسسها باليد انما يترجم فى العقل الى ما عرفناه ذهنيا، فلا المكعب مكعب ولا الكرة كرة وحتى الخط المستقيم لا وجود له فى الحقيقة بالفعل لأنه ليس مستقيما بل خط منحني فى الواقع ...
وحتى الجمال ليس له تعريف فيزيائى ثابت وإنما هى نسب متفق عليها تختلف مع الزمن ومن حضارة لأخرى ومن شخص لآخر، وكلها صور للأجسام تتكون داخل عقل الفرد يشعر بها عند النظر اليها (يحسها) أكثر من أنّه يراها فعليا بشكلها و حجمها الحقيقى! فعلا موضوع معقد جدا "
وعلق الصديق مازن شنارعلى الفيس بوك بما يلي "
"أتيت إليك محمود المثير دائما للعقل: كلام بمنتهى الدقة ، والأصل هو طاقة، وتكاثف الطاقة هو الذي يمكننا من التعامل مع المادة المتشكلة والتي نحن جزء منها، نحن نرى الأحمر ليس لأنه أحمر، بل لأن كوده أو كول موجته بحدود الميكرومتر، فالألوان هي أمواج، والأمواج هي طاقة تتناسب مع ترددها ، وكل تردد يخلق عالما مختلفا من اللون أوالصوت أو المعلومة، في النهاية هناك وعي إنساني هو الذي يصنع المعنى أوالحقيقة النسبية، والوجود ليس كما نعتقد، بل هو معلومات مكودة من خلال ترددات ذات قيم تنقل إلى أدمغتنا كودات المعلومات من المشاهد والأصوات والإثارة والجنس والحب والحنين وغيره... مجموع الأمواج وتكاملها يشكل مايسمى القوى ويرسل إشاراته إلى وعينا لنراه كما أراد المصمم أن نراه ، والوعي يعتمد على الاستجابة الزمنية، فلو أن استجابتنا الزمنية تضاعفت لتضاعف اليوم وأصبح بمقدار 48 ساعة، ولو نقصت الاستجابة الزمنية للنصف لنقص اليوم لدينا إلى 12 ساعة... يعني هذا أن شعورنا بالوقت هو الذي سيتغير وإنجازاتنا هي التي ستزداد ، أو ستنقص..... وبالتالي هناك لعبة كبيرة تتحكم بكيفية وجودنا ، مؤثرة على نظرتنا وتفاعلنا مع الكون.. فالوجود هو وهم وهو ليس حقيقة بل إخراج لحقيقة .. وتحيتي لك"
واختتمت أنا بعد شكر المعقبين بالقول:
"سأحتفظ برأيي الذي يشير إلى أن الطاقة الكامنة وراء الخلق ما تزال في مرحلة تجارب لخلق الإنسان الحقيقي الكامل . وآمل أن لا يطول انتظار ذلك الزمن "

*****


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:35 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.