شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء) (https://www.rewity.com/forum/f518/)
-   -   نوفيلا فرحة * مميزة ومكتملة * (https://www.rewity.com/forum/t467338.html)

heba nada 18-01-20 10:16 PM

نوفيلا فرحة * مميزة ومكتملة *
 

بقلم هبة ندا

مواعيد التنزيل في العاشرة مساءًا بتوقيت القاهرة

أيام السبت و الثلاثاء و الخميس من كل اسبوع



https://upload.rewity.com/do.php?img=150955





إهداء

إلى من كُبحت أحلامها
و كُبلت بألسنة المجتمع
إليكِ أُهدي كلماتي
علكِ تجدين بها طوق نجاة

***

اسمي فرحة
أطلقه عليَ أبي عند مولدي
أخبرني أنني وُلدتُ لأكون فرحة عمره
حدثتني أمي أنني كنت طفلة كنسمة صيف لم تشعر بها
رغم ولادتي عقب ولادة أخي عادل بأقل من عام
لم تحظ أمي بقسطٍ من التعليم ولم تكن تعرف شيئا عن وسائل تنظيم الأسرة حتى ولدتُ أنا و كنتُ وأخي كتوأم فأشفقت عليها جارة لنا تعمل بالتمريض واصطحبتها للوحدة القريبة من حينا .
أخي عادل ،
اسمه فقط يجلب الابتسام لشفتيَّ ويبعث الطمأنينة لقلبي ليت الدنيا كلها كعادل.
أتممتُ منذ أربع سنوات تعليمي المتوسط
كنت فخر أمي وفرحة أبي...
كنت...فقط كنت... حتى اليوم المشئوم....!
***

البداية
هل عدتَ يوما بذاكرتك للخلف ؟
عد قليلا..
هل خُذلت يوما؟
خاب ظنك في أقرب الأقربين ؟
من كان يفُترض بهم منح الآمان فإذا هم أول من سلبوك إياهُ !
والآن تقدم قليلا بذاكرتك..
هل تتذكر تلك اليد التي امتدت لك في أقصى لحظات ضعفك ؟
ذلك القلب الذي ربت على فؤادك فداوى جرحك وألقى إليك بطوق نجاتك الذي لولاه لكنت لازلت غارقا بأحزانك أو ربما لم تكن الآن على قيد الحياة.
تلك اليد لطالما امتلكتُها أنا رغم غفلتي عنها في لحظات ضعفي .
فابحث عنها حولك وإن لم تجد فكن أنت طوق نجاتك .
أنا اليوم أجلس في مشغلي الصغير لا يعتبره الكثيرين مشغلاً ، لكنه كان حلمي الكبير فهو عبارة عن غرفة بأحد xxxxات حينا العتيقة تضم ثلاث ماكينات للحياكة ، واحدة أعمل عليها والآخرتان تخصان أمل و وفاء،
صديقتاي اللتين التحقتا بمشغلي منذ افتتحته قبل شهر.
أمل ووفاء هل استغربتم الاسمين مثلي أم مرا عليكم مرور الكرام ككثيرين ،
لم يعد شيء يمر عليَ مرور الكرام.
لا أعلم هل اسميهما صدفة ، قدر أم رسالة من الله.
أعمل الآن على حياكة أول فستان عرس،
العروس الصغيرة منحتني قصاصة أقتطعتها من إحدى المجلات وأصرت على رغبتها بأن يكون هذا فستان عرسها بعد أن أنهيت حياكة ثيابها الجديدة كاملة.
ورغم خوف أمها من ضيق ذات اليد و تعنيفها لصغيرتها لأن ما دفعه عريسها نظير ثوب الزفاف لن يكفِ ثمن الأقمشة ،
لكن الصغيرة أصرت والأم رضخت ناعتة إياها بمدللة أبيها.
كما كنتُ أنا يوما...
الفصل الأول
نحن نجيد دور الناصح الأمين حين لا نكون أصحاب المشكلة ، لكن ماذا إن مس سوء أقرب الناس لقلوبنا !
أترانا نحتمل ؟
حين ندرك أن القوة فرض عين رغم الحزن الذي يقتاتُ على فؤادنا،
حين نصبح السند الوحيد فالانهيار إذا رفاهية لا نمتلكها.
طرقات خافتة على باب المشغل المفتوح دلف بعدها عادل حاملا بيديه أكياس الطعام ، توجه لأخته التي كانت تواصل عملها خلف ماكينة الحياكة وانحنى مقبلا رأسها:
-جبتلك كشري عارف أنك بتحبيه
اتسعت إبتسامة فرحة لحنانه الذي لم يبخل به يوما وهي تراه يسحب الطاولة الصغيرة من ركن الغرفة ويخرج علب الطعام فيضعها عليها ثم يمسك بيدها لتقف فيحرك مقعدها ويضعه أمام الطاولة ويلتفت موجها حديثه للفتاتين:
-تعالي يا أمل أنتِ ووفاء أنا عامل حسابكم
-يالا متتكسفوش علشان يبقى عيش وملح
استجابت الفتاتين بخجل فسحبت كل واحدة منهن مقعدها ووضعته أمام الطاولة ليتشاركوا جميعا وجبة الغذاء قبل أن يعود عادل لعمله بالورشة المجاورة لهم.


قبل عام
قالوا قديما الرجال معادن
بعضهم ذهب فتمسك به ،
بعضهم فضة فكن على مقربة منه ،
وبعضهم معدن زائف يخدعك بريقه فإذا ما أقتربت منه لطخك صدأه فأحذره.
جميعنا مثالي حتى لحظة الأختبار،
حتى لحظة الأختيار،
بين نبل أو جبن،
بين دعم ضعيف أو خذلانه ،
بين جبرٍ لكسر أو الضغط عليه لإلتهام حطامه،
وتبعاً للأختيار يكن معدن الرجال.
دخل إلى منزله كعاصفة ملقياً بورقة في وجهها
في البداية لم تتبين ماهيتها ولكن عند بداية حديثة أدركت ما هي:
-ورقتك أهي أنا كدة عملت بأصلي معاكِ للآخر
انحنت لتلتقطت الورقة الملقاة تحت قدميها و ناظرته دون انفعال بينما يكمل صراخة بوجهها
-أرجع البيت ملاقيكيش فرحي الخميس الجاي والعروسة عايزة تيجي تنضف الشقة
و رمقها باذدراء من رأسها لأخمص قدميها مكملا حديثه الغاضب:
-لو شلتي قشة غير هدومك هسجنك أنتِ و أبوكِ
وكما دخل كعاصفة خرج بعد أن أنهى زواجه منها.
فور سماعها لصفق الباب تنفست الصعداء ، سحبت حقيبة سفر كبيرة وكما أمرها بدأت بجمع ملابسها بها. هل هي حزينة لانتهاء كابوسها المسمى زواج ؟
لا.
هي فقدت كل قدرة على الحزن منذ تلك الليلة،
فقدت القدرة على الشعور بأي شيء كان،
منذ بداية كابوسها كانت تتحرك كآلة بأيديهم،
يقررون عنها حياتها..!
مُسَيرة دون إرادة منها.
تركت لهم دفة القيادة يوجهونها كيفما شاءوا وعليها السمع والطاعة و لذا فقد نفذت الأمر الصادر لها بعودتها لبيت والدها ضاربة عرض الحائط بأحلام نسجها خيالها لتستيقظ فتكتشف زيفها ،
أغلقت باب ما كان يُفترض أن يكون بيتها لتواريها الثرى للأبد .
سحبت الحقيبة الثقيلة تنزلها على الدرج تحملها درجتين وترتاح قليلا حتى وصلت للطريق بصعوبة لتقابلها تلك الجارة المتطفلة:
-على فين يا فرحة بشنطتك ؟
فلم تجد بدا من إجابة مقتضبة تخرسها:
-بيت أبويا
لكن تلك المتطفلة لن تكف حتى تعلم أصل المشكلة:
-كفا الله الشر يا بنتي أنتِ إتخانقتي مع ياسر ؟
ده أنتم لسة عرسان .
لم تجبها فرحة وحمدت الله أن وجدت سيارة أجرة تُقلها بالجنيهات القليلة التي كان يمنحها لها أخيها في زياراته المستمرة لها.

***
داخل أحياء القاهرة المزدحمة بملايين البسطاء،
من يجدون قوت يومهم بالكاد و غاية أملهم حرفة للصبي و ستر للفتاة تحت مسمى زواج .
بأحد تلك البيوت الشعبية تعيش أسرتها على هامش الحياة .
وفي ليلة شتوية عادية كان عادل يتناول طعامه بعد عودته من عمله بينما أمه ترتق أحد أردية أبيه الذي يؤدي صلاة العشاء.
فُتح باب بيتهم على غير المتوقع ليجد ثلاثتهم فرحة و هي تجر حقيبتها الثقيلة بصعوبة،
تحرك عادل مسرعا فساعدها بينما عينيه تتساءل عن سبب حضورها لتضع قسيمة طلاقها بيده .
طالع عادل الورقة بحسرة فهمها والده الذي نهض لتوه عن سجادة الصلاة فهز رأسة بأسى وتمتم:
-كتر خيره لحد كده
ولم يعقب بعدها فيحمل مسبحته ويتجه لغرفة نومه مُنكس الرأس .
ودت فرحة لو ينظر بعينيها ، لو يحتوي كتفيها كما اعتادت ، لو أسند رأسها يخبرها أنه هنا من أجلها ، أنها فرحته التي كانت وستظل ، لكنه لم يفعل .
منذ تلك الليلة ولم تلتقِ أعينهما للحظة ، سُلبت أمانها حين سلبها دفء أحضانه ،
تابعت أختفاء أبيها بغرفته بأعين كالحجارة بعد أن جفت بها الدموع منذ شهور،
لتنتبه على أخيها يسحبها لصدره ،
كأنه قرأ حاجتها دون طلب ،
يحتوى ضعفها، يهدهد ذلك الحزن الدفين بروحها ، يخبرها أنه كان وسيظل لأجلها:
-حمد لله على سلامتك يا فروحة ، البيت كان وحش من غيرك
لم تجبه وتركت نفسها له يربت على ظهرها ويسحبها لغرفتها القديمة
-الاوضة زي ما سبتيها مفيش حاجه اتغيرت
-ارتاحي دلوقت يا حبيبتي
حقا لم يتغير شيء بغرفتها، جدرانها كما هي وقد تآكل طلائها بفعل الزمن حتى أثر مخدع عادل القديم لايزال على الحائط يجاور مخدعها وكأنه يرفض انتقال المخدع وصاحبة لصالة بيتهم عندما بدأت أنوثتها في الظهور ليُفضل عادل منحها خصوصية لا تمتلكها الكثيرات ممن يسكنّ مثل منزل أسرتها الصغير،
الغرفة كما تركتها تماماً قبل ستة أشهر لكن صاحبتها تغير بداخلها كل شيء، فما مر عليها كثير.
تركت حقيبتها التي وضعها أخيها جوار باب الغرفة واتجهت لخزانتها القديمة، أخرجت أحد مناماتها القديمة و ارتدتها كأنها تحاول إيهام نفسها أن شيئا لم يتغير حقا، أن فرحة عائلتها قد عادت،
اضجعت على مخدعها القديم تحاول استرجاع تلك الصغيرة التي كانتها ،
تبحث عنها بين عبق أغطيتها، أغمضت عينيها تحاول استحضارها، تمني نفسها بنهاية كابوسها،
لكن صرخة من الغرفة المجاورة ،
أهتزت لها روحها أجبرتها على تفريق جفنيها بعنف ،
ومع تكرار الصرخة جزعت لمصدرها لتكتشف أنها لن تعود يوما بعد الآن فرحة أبيها
فأبيها غادرهم للأبد...




فصول الروايه

الفصل الاول .... اعلاه
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس والسابع نفس الصفحة
الفصل الثامن

رابط التحميل
https://www.mediafire.com/download/04puh4c7cfbqrnu



اللوتس 12 19-01-20 12:11 AM

رائعه يا هوبا ابدعتي
مستنييين ابداع اكتر واكتر

قصص من وحي الاعضاء 19-01-20 01:22 AM

اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...

للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html



واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء

نهاد على 19-01-20 11:41 AM

هبه أنا أول مرة أتابع معاكى ومش عارفة إذا كنت كتبتى قبل كده و لا دى أول مرة بس الحقيقة بداية النوفيلا " فرحة " بداية موفقة جداً و مبشرة بكاتبة واعدة .
نيجى بقى لروايتك
فرحة و هى فرحة والديها لكن واضح أن فى أحداث اجبرتها على أنها تكون مسيرة و غير مخيرة حتى انتهت بالطلاق .
طبيعى الطلاق بيكون صعب على أى واحدة بس واضح أن الطلاق هنا كان متوقع و هى كانت منتظرة السند و الاحتواء من والدها لكن اخوها كان العوض الجميل .
هبه بتمنى ليكى التوفيق و إن شاء الله اتابع معاكى

heba nada 19-01-20 12:43 PM

شكرا على كلامك الحلو جدا🙈🙈🙈
فرحة أول عمل طويل ليَ على هيئة فصول هي مش طويلة قوي بس تقدري تقولي هي بدايتي
في قبلها قصتين قصيرتين بس و كتبت نوفيلا بعدها لكن اقصر منها ففرحة بعتبرها اول عمل حقيقي🙊

نهاد على 20-01-20 10:20 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة heba nada (المشاركة 14729282)
شكرا على كلامك الحلو جدا🙈🙈🙈
فرحة أول عمل طويل ليَ على هيئة فصول هي مش طويلة قوي بس تقدري تقولي هي بدايتي
في قبلها قصتين قصيرتين بس و كتبت نوفيلا بعدها لكن اقصر منها ففرحة بعتبرها اول عمل حقيقي🙊

بالتوفيق إن شاء و مبروك أول عمل طويل ليكى حبيبتى

um soso 20-01-20 11:20 AM

صباح الخيرات

مبروك اول خطواتك في وحي الاعضاء

بدايه موفقه

لانزال بالبدايه ولا نعرف تفاصيل زواج فرحه ...

هل كانت لاتزال قاصر عندما تزوجت ؟؟
ولماذا كل هذا الحقد ممن تزوجها ليطلقها وه مستعجل باحضار الزوجه الجديده رغم انه لم يتزوجها الا 6 اشهر

الحمد لله عرفنا ان فرحه وجدت مايسليها واصبح لها عمل يشغلها

هل فكرة الروايه تعالج حال المطلقه ونظرة المجتمع لها ؟

بانتظار ان نتعرف اكثر على حكاية فرحه



um soso 20-01-20 11:21 AM

درس تعليم مجاني اقدما دون سؤال ههههههههه
اذا اردتي الرد على تعليق بروايتك اضغطي

https://www.rewity.com/forum/rewity/...tons/quote.gif
كي يظهر لك التعليق بالاعلى وتردين عليه تحته

كي يعرفون القراء ردك كان لمن

heba nada 20-01-20 02:10 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso (المشاركة 14730882)
درس تعليم مجاني اقدما دون سؤال ههههههههه
اذا اردتي الرد على تعليق بروايتك اضغطي

https://www.rewity.com/forum/rewity/...tons/quote.gif
كي يظهر لك التعليق بالاعلى وتردين عليه تحته

كي يعرفون القراء ردك كان لمن

جزاك الله خيرا مكنتش اعرف فعلا

heba nada 20-01-20 02:14 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso (المشاركة 14730880)
صباح الخيرات

مبروك اول خطواتك في وحي الاعضاء

بدايه موفقه

لانزال بالبدايه ولا نعرف تفاصيل زواج فرحه ...

هل كانت لاتزال قاصر عندما تزوجت ؟؟
ولماذا كل هذا الحقد ممن تزوجها ليطلقها وه مستعجل باحضار الزوجه الجديده رغم انه لم يتزوجها الا 6 اشهر

الحمد لله عرفنا ان فرحه وجدت مايسليها واصبح لها عمل يشغلها

هل فكرة الروايه تعالج حال المطلقه ونظرة المجتمع لها ؟

بانتظار ان نتعرف اكثر على حكاية فرحه



شكرا على تعليقك ووقتك سبب الطلاق و لماذا كان متوقعا و موقف الاب و سببه إن شاء الله سيتم توضيحه تباعا في الفصول القادمه
فرحة تناقش حالة و قضية هامة لكن مش حال المطلقة عموما هنتظر رأيك في الفصول القادمة إن شاء الله

heba nada 21-01-20 10:14 PM

الفصل الثاني

الحقيقة أنني أنهار يوميا عدة مرات و أنهض،
أرمم روحي دون أن يدري أحد بما يجري داخلي
و هذة ميزة أن تتقن التظاهر بالثبات.
د.أحمد خالد توفيق
التظاهر،
كثيرا نحتاج إليه لستر عورات قلوبنا عن العالم،
ندفن أحزاننا فنبتسم بوجه من نحب،
نخفي انكسار نفوسنا بينما نؤدي واجباتنا المفروضة علينا،
نواري موت أرواحنا بينما نحن ندعي الحياة.
طوال ستة أشهر هي أتقنت التظاهر،
قامت بدور العروس السعيدة و الزوجة المطيعة كما طُلب منها تماما،
لكنها اليوم بعزاء والدها لا تعلم كيف تستمر بالتظاهر أنها على ما يرام،
خاصة و مع انتشار خبر زفاف زوجها السابق بعد أيام و سمعتها التي بدأت النسوة تلوكها بأنها سبب وفاة والدها كمدًا،
أليست النسوة على حق؟
ألم يكن طلاقها سبب وفاة والدها؟
هل أُضيف ذلك الذنب لتلك الذنوب التي لم تقترفها؟
كل هذا لا يعنيها حقا قدرشعورها أن والدها مات غير راضٍ عنها،
ليتها فقط جَرُأت على التحدث معه قبل وفاته،
لو كان جبنها رجلا أمامها الآن لقتلته جلدا كما يجلدها ذنبها.
استطاعت إنهاء أيام العزاء بصعوبة متجاهلة النظرات الموجهة إليها بين شامتة و متحسرة و أخرى مُتهِمة.
أمها غارقة في أحزانها تعتزلها معظم اليوم ،
أخيها بين عمله معظم ساعات النهار في إصلاح السيارات و بين محاولات للتخفيف عنها و التظاهر بأن شيئا لم يكن
و هي لازالت تدعي الحياة....
***

هل تتكفل الأيام بمداواة جرح القلب؟
الحقيقة أننا بمرور الزمن نتعايش مع آلامنا ثم...
يأتي الصمود لنخطوا فوقها نكمل حياتنا كما كنا نتمنى،
نتمسك بحلم كان يوما ما سراباً فإذا بالحلم المفقود من بين أيدينا هو السراب،
ما كنا نعتقد أنه ملك يميننا فانساب من بين أصابعنا بلحظة نظن بها أننا فقدنا كل شيء فإذا بالمفقود نكرة أمام ما بلغناه و ما كنا ببالغيه لولا ما قاسيناه.
وهي عاشت حلمها و تمسكت بتحقيقه،
انهت المرحلة الاولى من حياكة ثوب العرس
أيام و هي تعمل لأكثر من عشر ساعات بين قص للقماش و حياكة أولية فاليوم ستحضر الصغيرة لتجربة ثوبها المُنتظر لأول مرة و كما توقعت لم تتأخر عن موعدها،
أرتدت الصغيرة الثوب الذي احتضن جسدها الصغير ليبرز انحناءاته الأنثوية ،
صدر عاري ستتكفل هي بإكمالة ليليق بحجاب الفتاة،
و ثوب ينسدل من أسفل صدرها ليحتضن خصرها النحيل و يتسع قليلا عند أردافها ليضيق ثانية قبل الركبتين ثم يزداد اتساعا بدوران يمتد خلف العروس بدائرة كبيرة نسبيا.
راجعت كافة مقاسات الصغيرة بين تمتمات والدتها السعيدة لتتحدث فرحة:
-الفستان مقاسه مظبوط أنا همكن على كدة وابدأ في التطريز بعدها
فتبتسم الام بسعادة
-تسلم ايديكِ يا فرحة بس هتعملي التقفيلة أمتي؟
فتجيبها فرحة بثقة:
-بعد ما أخلص تطريز هبدأ في التقفيلة التل ، متقلقيش هعملها كذا طبقة زي ما وصيتي
أبتسمت الأم بينما تمنح فرحة جزء من الثمن المتفق عليه معتذرة لضيق ذات اليد واعدة إياها بزيادة المبلغ في الزيارة القادمة بينما فرحة تطمئنها:
-ولا يهمك يا أم منة أحنا أهل و منة زي أختي
ربتت أم منة على كتفها داعية لها بالبركة و سعة الرزق قبل أن تصحب أبنتها و تنصرف
***


قبل عام و ثلاثة أشهر

عندما يتلاشى الفارق ما بين الأبيض و الأسود أمام أعيننا ،
و يتساوى أمامنا الليل بالنهار،
تحتل قلوبنا عتمة لا يجدي معها شعاع من ضوء يتكسر على صخر أيامنا فيتركنا حطاما نطويها علها تنقضي .
و ككل يوم تلجأ لروتينها الذي اعتادته طوال عمر زواجها القصير،
انتهت من إعداد طعام الغذاء الذي طلبه زوجها فياسر يعمل بدوامين
يحضر للمنزل لساعة بينهما لتناول الغذاء وهي تحاول إتقاء نوبات غضبه إذا لم يكن الطعام حاضرا في موعده
و كعادته دخل ياسر للمنزل دون حديث و اتجه لأخد حماما ساخنا و تبديل ملابسه بينما فرحة ترتب أطباق الطعام على الطاولة
أنهى إرتداء ملابسه و جلس لتناول غذائه، تذكرت فرحة أنها لم تُحضر الحساء الساخن فقد خشيت أن يبرد إذا ما تأخر ياسر عن الطعام
همت بالتوجه للمطبخ فتعثرت بقدم الطاولة لتستند بجسدها إلى كتف ياسر و منتصف جسده فينتفض واقفا مبعدا إياها:
-سهوكة الحريم دي مش عليا إنتِ فاهمة
ليكمل وصلة توبيخة :
-إياكِ تلمسيني تاني أنا بقرف
لتظهر على وجهه علامات الأشمئزاز و يطالعها بإحتقار واضح ، هو ممزق بين حياة كان يود أن يحياها معها وبين واقع فُرض عليه ولا يمكنه تجاوزه ،صوت خافت من بقايا ضمير يدعوه للغفران وأده في مهده يقاوم أي ضعف أمامها :
-وآدى أكلك مش عايزينه
ليتركها مع الطعام الذي لم يُمس و ينصرف سامحا لها بتحرير دموعها التي أقسمت ألا يراها أحد منذ اليوم المشئوم ، يوم أُجبرت على كبحها عُنوة و اِدعاء الفرح،
منذ تلك اللحظة وهي تتقن الادعاء أمام الجميع
وحدها فقط تسمح لدموعها أن ترثيها
ترثي كرامة مهدرة،
حياة كانت تتمناها،
زوج و أسرة و أطفال،
و بيت دافئ بسيط كذاك الذي تربت فيه
و سُلبت أمانه دون جريرة.
بعد عدة ساعات كانت قد استعادت خلالها رباطة جأشها و لملمت كرامتها التي لا يتوانَ زوجها عن إهدارها ليل نهار.

عاد ياسر بينما كانت تنتظره لتُلبي طلباته كما أكدت عليها أمها مرارا و تكرارا،
مهما فعل عليكِ الاحتمال، مهما أسمعكِ من توبيخ لابد من تمرير الأيام ،مهما تطاول واجبكِ أن تؤدي طلباته دون رد ،
دون اعتراض.
دور موكل لها ضمن أحد الأدوار العديدة التي صارت تجيدها.
تقسم أنها تستطيع أن تحوز الأوسكار بعد ما أكتسبته من مهارات التمثيل في شهور قليلة هي عمر زواجها،
عمر كابوسها.
عاد ياسر دون كلمة و لم ينسَ منحها إحدى نظراته المحتقرة قبل أن يدخل لغرفته دون طلبات .
بعدها تنفست الصعداء و اتجهت للغرفة الأخرى التي اتخذتها كغرفة خاصة بها منذ عُرسها،
يقول أنه يشمئذ من ملامستها ، سخرية مريرة مرت على نفسها وابتسامة باهتة لم تتعد شفتيها،
و كأنها تسعى لتلك الملامسة، لا يعلم أنها هي الأخرى تنفُر منه و من أشباهه جميعاً.
ليتها تصرخ بوجهه طالبة الخلاص من عقد بات يطوق جيدها بحبل من نار.
لكن من قال أنها تملك من أمرها شيئا، في عرفهم هي لا تملك سوى الطاعة العمياء
هم من حاكموا و أصدروا الحكم و بيدهم النفاذ ووحدهم قادرين على العفو وإطلاق سراحها.
دخلت لمخدعها تدثرت جيدا علها تخمد أفكارها الثائرة لتسحبها خيالاتها بعيدا قليلا،
لذاك اليوم قبل عرسها بشهرين
طرقات على باب غرفتها جعلتها ترد بسعادة فهي تعلم وقع طرقاته:
-اتفضل يا عادل
و ما إن سمع اسمه و إذنها بالدخول حتى دلف و تقدم ليجاورها في جلستها مبتدئًا الحديث:
-ياسر جالي النهاردة و طلب إننا نكتب الكتاب
أمعن النظر بها ،لاحظ خجل نظراتها لكن يشوبها التردد و.. الارتباك قبل أن تسأله:
-بابا رأيه إيه؟
منحها نظرته الحانية قبل أن يجيبها:
-المهم رأيك انتِ
لتشرد بنظراتها قليلا قبل أن تعود إليه:
-مش عارفة أنتَ شايف إيه؟
أمسك بكفيها يحتضها يمنحها أمانه:
-يعني إيه مش عارفة أنتِ مش بتحبي ياسر؟
أخفضت نظراتها فامتدت أناملة ترفع وجهها تجبرها على النظر لعينيه التي أعادت عليها السؤال لتجيب:
-لا بحبه ولا بكرهه ببقى مرتاحة و أنا بتكلم معاه بس خايفه
ابتسم عادل بحنان ليربت على وجنتها:
-الخوف طبيعي قوي و طالما مش بتكرهيه يبقى كتب الكتاب هيقرب بينكم أكتر
تمسكت بنظراته المطمئنة فلطالما كان هو توأمها وإن سبقها بالميلاد فقط تثق برأيه و تمنحه دفة القيادة بحياتها:
-أنت شايف كدة؟
أومأ برأسه إيجابا بينما يكمل
-أنتم بقالكم سنة مخطوبين و الفرح بعد شهرين ده توقيت مناسب لكتب الكتاب
-ها موافقة؟
أومأت برأسها إيجابا بخجل و أرتباك و بعض من خوف قبل أن يحتوي عادل رأسها بين يديه مقبلا جبينها:
-ألف مبروك يا حبيبتي



نهاية الفصل

um soso 22-01-20 10:53 AM

بدأت الاسرار تنكشف بالتدريج

ياترى ماذا حصل لفرحه ليتغير ياسر معها

فكرت وبصرت كثيرا ولكني لم اجد تفسير مقنع عندي
قلت ربما تعرضت لاعتداء ولكن لو حصل لماذا يتزوجها ياسر اصلا اذا لم يكن ينوي ان يستر عليها ولماذا يعاملها بهذا الكره والاشمئزاز

اكيد هناك سبب وهو لايعرفه احد اي ليس فضيحه بحيث ياسر تزوجها لفتره وطلقها

اشك ان الامر فيه سوء ضن وفرحه بريئه

ياترى ماذا حصل

الجواب عند هبه

heba nada 22-01-20 01:20 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso (المشاركة 14734023)
بدأت الاسرار تنكشف بالتدريج

ياترى ماذا حصل لفرحه ليتغير ياسر معها

فكرت وبصرت كثيرا ولكني لم اجد تفسير مقنع عندي
قلت ربما تعرضت لاعتداء ولكن لو حصل لماذا يتزوجها ياسر اصلا اذا لم يكن ينوي ان يستر عليها ولماذا يعاملها بهذا الكره والاشمئزاز

اكيد هناك سبب وهو لايعرفه احد اي ليس فضيحه بحيث ياسر تزوجها لفتره وطلقها

اشك ان الامر فيه سوء ضن وفرحه بريئه

ياترى ماذا حصل

الجواب عند هبه

شكرا لمتابعتك و اهتمامك إجابة كل أسئلتك في الفصلين الثالث و الرابع إن شاء الله دول ذروة النوفيلا و كشف الأسرار :6[1]:

نهاد على 23-01-20 05:13 AM

الفلاش باك سلاح ذو حدين إما بيشوق الأحداث أو بيربك القارئ و يفقد اهتمامه بمتابعة الرواية و لغاية دلوقتى انت مشوقانا نعرف ايه اللى حصل لفرحة و كسرها بالشكل ده .
بالتوفيق يا هبه

heba nada 23-01-20 05:42 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهاد على (المشاركة 14735482)
الفلاش باك سلاح ذو حدين إما بيشوق الأحداث أو بيربك القارئ و يفقد اهتمامه بمتابعة الرواية و لغاية دلوقتى انت مشوقانا نعرف ايه اللى حصل لفرحة و كسرها بالشكل ده .
بالتوفيق يا هبه

فاضل فصلين بس في الفلاش باك اهم حاجه متكونوش متلخبطين
شكرًا على اهتمامك و كلامك الحلو

heba nada 23-01-20 11:03 PM

الفصل الثالث

إبرة و خيط و خرز،
واحد، اثنان ، ثلاث،
و غرزة و تكرار،
واحد، اثنان ،ثلاث،
على طول محيط الصدر تثبت الخرزات تنحني صعودا و هبوطا في خطوط متوازية لتشكل موجات الصف تلو الآخر تحتضن القماش في تناغم يعزف مقطوعة فرح
تنحني في عمل دءوب تصل الساعات ببعضها تنهي الموجات فتنشر خطوط الخرز،
تجمعها في نقطة و تفرقها في أخرى لتتداخل،
و تكمل احتضان الجسد حتى الخصر
أرهقت يديها حتى ارتعشت
فانغرست الإبرة بإصبعها،
ليتلوث الثوب الأبيض ببقعة دم...

***

يوم العرس

تولد الأنثى لتُعد كعروس منذ أول ساعات لها بالدنيا
ومع صوت قرع الهاون يوم سبوعها ترتدي ثوب عرس صغير يكبر معها قليلا في عيد مولدها الأول ليُضاف لرأسها طوق من وردات بيضاء يزينها كتاج
و مع كل عرس تُدعى له عائلتها يكبر معها ثوبها و يتطور التاج من وردات لحبات لؤلؤية بيضاء و ربما خرزات فضية تضاف لها طرحة من التل الصغير
تكبر الفتاة فتتخلى عن الثوب الأبيض في الأعراس ولا تتخلى عن حلمها بارتدائه مرة أخرى فى عرسها الخاص
تُعدها أمها للقيام بمهام الزوجة انتظاراً لتحقيق الحلم،
يدللها أباها و يدعوا الله أن يرزقها بزوج يكمل دلالها،
يحيا كل أبوين أنجبا أنثى ليريا يوم عرسها،
يتلقيان الدعوات برؤية ابنتهما عروس مؤمنين عليها،
و يوم أن يتقدم من يرتضونه زوجا لابنتهما يبذلان في سبيل تجهيزها كعروس كل نفيس حتى مع ضيق ذات اليد
ربما استدانا لإكمال عُش الزوجية ليليق بابنتهما ،
كل صعب يهون في سبيل تحقيق الحلم بيوم العرس.
وعائلتها البسيطة أوشكت على رؤية حلمها بعرس فرحتهم، فرحتهم التي جافاها النوم طوال ليلة العرس،
تزرع المنزل ذهابا و إيابا في محاولة لإخفاء توترها الذي لم يخف على شقيقها فلم ينم هو أيضاً و أخذ على عاتقه مهمة إزالة توتر العروس،
لا يكف عن إلقاء النكات تارة و استعطافها لتطهو له حبات الذرة تارة أخرى :
-عيني عليك يا عادل مين هيعملك الفشار الفجر كده بعد ما فرحة تسيبك
ابتسمت لمداعبته وهي تلتقط حبات الذرة فتملأ فمها:
-أنا محدش يقدر ياخدني منك أبداً
ربت على كتفها بابتسامة و أتبع:
-سنة الحياة يا حبيبتي
-يالا بقى لازم تنامي الساعة داخلة على ستة
اعترضت بدلال تلوي شفتيها مدعية بكاء الأطفال:
-مش جايلي نوم يا عادل
جذبها من كفها حتى باب غرفتها آمراً ببعض الحسم:
-لازم تنامي أنا عايزك أحلى عروسة شافتها الحارة
أطاعته كعادتها و دلفت لغرفتها مغلقة بابها و ما إن استلقت على فراشها حتى فُتح الباب مرة أخرى لتجد رأس عادل مطلة عليها :
-بقولك إيه يا فروحة ما تسيبك من الواد ياسر ده و خليكي معايا
قهقت ضاحكة لتجيبه:
-روح نام يا عادل عندك حاجات كتير تعملها قبل الفرح
ليستجيب و يغلق الباب مرة أخرى و يتجه لمخدعه في محاولة لأخذ قسط من النوم. عقب خروج عادل تململت في الفراش تحاول جاهدة التغلب على توترها و الاستسلام للنوم علها ترتاح قليلاً لا تدري متى غفت حقاً و لكنها استيقظت على صوت الزغاريد، فتحت عينيها لتجد أمها تقف جوار سريرها و بيدها مبخرة تتلو عليها آيات تحميها من الحسد و أدعية تحصنها ضد أعين الجيران و أهل الحي و كل من رأها اليوم كعروس، نهضت لتقبل أمها بدلال :
-ما تسيبيني أنام شوية يا ماما
لتجيبها أمها :
-خلصي إللي وراكِ و نامي تاني
أطاعتها فتوجهت وأنهت حمام العروس عقب خروجها بحثت عن أمها فوجدتها بالمطبخ تتابع تنظيم المأكولات و المشروبات التي أرسلها ياسر ليتم توزيعها على المدعوين للعرس.
العرس في هذا الحي الشعبي عبارة عن سرادق كبير يفترش منتصف الحي يتصدره مسرح يحمل منصة العروسين و مقاعد للفرقة الموسيقية بينما يمتلئ السرادق بالمقاعد و بعض الطاولات القليلة للمدعويين.
همت فرحة بمساعدة أمها بتنظيم صناديق المياه الغازية لكنها نهرتها فهي اليوم عروس و يجب أن ترتاح تماما ولا تفكر إلا بزينتها، سمعتها جارتهم أم أحمد حيث دخلت من باب البيت المفتوح لتشترك بالحديث :
-أمك معاها حق يا فرحة أنتِ عروسة النهاردة
أتبعتها بضحكة قبل أن تكمل عرضها:
-خدي فستانك وكل حاجتك وتعالي البيت عندي لحد الفرح، وابعدي عن دوشة هنا
همت فرحة بالرفض لكن أم أحمد عاجلتها بتأكيد:
-متتكسفيش يا حبيبتي أحمد مسافر و البيت فاضي النهاردة
-كان نفسه يحضر فرحك ويقف جنب عادل بس أنتِ عارفة يا بنتي أكل العيش مبيرحمش
لترد أم فرحة بتأكيد:
-واجبه وصل يا أم أحمد
ثم توجه حديثها لابنتها مشجعة:
-اسمعي كلام خالتك أم أحمد يا فرحة و أنا لما صاحبتك مروة تيجي هبعتهالك تمكيجك هناك.
أذعنت فرحة لرغبة أمها، جمعت متعلقاتها و حملت فستان زفافها الذي طالما حلمت بارتدائه،
قامت برسم تصميمه البسيط بنفسها و سلمته لخيّاطة بحي مجاور لتتسلمه كما حلمت به تماماً،
صدر و أكمام من التل الأبيض تتناثر عليهم وردات صغيرة تتفرق بعشوائية لتتجمع الوردات و تزيد أسفل الصدر تتجاور لتحتضن خصرها ثم تعود لتتفرق مرة أخرى و تتناثر على طول دوران الثوب بنعومة كنعومة صاحبته ليطابق ثوب أحلامها الذي تمنته.
اتجهت مع جارتها التي أدخلتها غرفتها الخاصة فوضعت فرحة أغراضها بينما أم أحمد تطمئنها :
-خدي راحتك يا فرحة البيت بيتك وأنا هروح أساعد أمك وأبقى أرجعلك تاني
لتتركها الجارة تاركة باب بيتها شبه مغلق و تتوجه لبيت أهل فرحة ، بينما تعلو زغاريد الفرح في البناية ويشترك الجميع بالتجهيزات -كعائلة واحدة- فُتحت لأجلها كل الأبواب احتفالا بذلك اليوم.
***
عقب خروج جارتها استسلمت للنوم اللذيذ ، يبدو أنها كانت تحتاج للراحة بالفعل فأرقها ليلاً وإرهاق تجهيزات الزفاف وإعداد شقة الزوجية في الأيام الماضية قد استنزف قواها تماما
بعد وقت لم تستطع إحصائه سمعت صوت أقدام يأتيها من صالة المنزل ،
طالعت ساعة هاتفها المحمول لتجد أن موعد بداية عرسها لم يتبق عليه سوى ساعتين ، لابد أنها صديقتها مروة أو أم أحمد قد عادت ،
نهضت لاستطلاع الأمر ففتحت باب الغرفة ليصدمها من تواجد في صالة البيت سألته بفزع:
-أنتَ بتعمل إيه هنا و دخلت إزاي؟؟
طالعها من قدميها التي ترتدي خف بيتي وردي صعودا لساقيها المرمريتين الظاهرتين من أسفل جلبابها القطني المنتهي عند ركبتيها صاعدا ليحتضن جسدها بعد أن فشل في إخفاء منحنياتها الأنثوية ليستدير عند فتحة الصدر و تنتهي أكمامه أسفل كتفيها بقليل
ليكمل تفحصها بنظراته بينما يحك أنفه بإصبعيه و يجيبها:
-كنت جاي لأحمد
انتبهت لهيئتها أمامه فسحبت غطاء طاولة مجاورة و أحاطت به نفسها محاولة ستر جسدها عن مرمى بصره ،
أكملت عينيه التمتع بتفاصيلها أنف مدبب صغير ، شفاة ممتلئة تدعوه خيالاته لارتشاف رحيقها،
عينان حكيلتان يربكه لونهما بين خط بلون العسل المصفى و آخر بلون الزيتون فلا تدري أيهما يطغى على الأخر ولا تملك أمامهما إلا التحديق ، بشرتها الحريرية البيضاء، خصلاتها بلون حبات القهوة المنسابة بنعومة على كتفيها و التي طالما أخفتهم عنه بحجابها.
لاحظت تفحصه فعاجلته بالإجابة:
-أحمد مسافر يالا بقى من هنا
فاقترب منها وهو يواصل حك أنفه ممتعا نظراته بها فلطالما كان امتلاكها حلما بعيدا بالنسبة له، كان يتعمد دائما التعرض لها في طريقها
لولا أنها كانت تهرول هاربة إذا ما رأته لكان امتلكها منذ زمن
هي بطلة خيالاته المريضة التي ينسجها بعد سهراته الزرقاء التي يتخللها استنشاق مسحوقه الأبيض الذي يمنحه دور البطولة لتكون هي بطلته المُطلقة
تقدم خطوتين منها بينما يسأل:
-أمال أم أحمد فين؟
منحته إجابتها بينما تتراجع مرة أخرى للغرفة و تشير له بالخروج من المنزل:
-أم أحمد مش هنا اتفضل بقى
و كأن تراجعها مع إجابتها قد منحتاه الإذن بالتقدم أكثر، لمحت تقدمه و نظراته المشتهية التي لا تخفى على طفلة صغيرة فأسرعت بالاحتماء بالغرفة و إغلاق بابها
بينما كان هو أسرع منها فوضع قدمه ليمنعها من غلق الباب ،
-عايز إيه مني؟
دفع الباب بعنف بينما كانت تحاول التمسك بإغلاقه فلم تستطع مقاومة قوة دفعه، فاندفعت مرغمة للخلف و أسقطت الغطاء الذي سترت به نفسها، صرخت بوجهه مذعورة:
-اطلع برة يا مجنون
بينما هو لا يرى سوى رغبته القديمة بها :
-أطلع ؟!
-ده أنا ما صدقت لقيتك
اقترب منها محاولا إمساكها بينما هي هربت بأنحاء الغرفة، صرخت مستنجدة تارة و توسلته الابتعاد باكية تارة أخرى :
-حرام عليك
وهل يردع مثله التذكير بحرام ؟
رغبت بالفرار فأسرعت باتجاه باب الغرفة ليلتقط خصرها بذراعه القوية،
تسللت لأنفها رائحته النتنة التي اختلط بها عرق جسده برائحة مُذهِبات العقل التي يتعاطاها حاولت التملص من قبضته فدفعها،
لتقع على الأرض و تنكشف ساقيها فتزيد من جوعه ، أسرع بالهجوم عليها محاولا التمكن منها بينما هي تحاول الابتعاد:
-ابعد عني
تراجعت بجسدها للخلف مرة وحاولت ركله مرة أخرى
أمسك بقدمها تلك و جذب جسدها إليه لتستلقى على الأرض الخشنة، أرادت الصراخ فعاجلها بكفه الغليظة يكتم صرخاتها و بكفه الأخرى يتحسس مفاتنها
بينما هي دفعته بكل ما أوتيت من قوة تخمش وجهه بأظافرها، حاولت مرارا ركله بركبتيها لكنه كان يثبت جسدها بثقل جسده فوقها ، عضت كفه المُطبقة على شفتيها ليبعدها لثوان فتعاود الاستنجاد بأي كان ، اختلطت دموعها بصرخاتها لكن أصوات أغاني الفرح المتعالية من المسجلات الموسيقية تصم الآذان عنها :
-أبوس إيدك سيبني
كان آخر توسل نطقت به بيأس فريسة أيقنت من التهامها بين أنياب ذئب.
قبل أن يسحب غطاء رأسها المجاور فيلفه حول فمها يخرس به صرخاتها المستنجدة تماما
قاومت و قاومت قدر استطاعتها تقسم أنها قاومت حد الموت دون شرفها لكنها لم تستطع
ثبت يديها النحيلتان بأحد كفيه فوق رأسها بينما الأخرى تمزق ثوب عفتها ،
يجتاحها،
يعزف فوق جسدها سيمفونية خسة ،
انتهي منها و أنهاها و سفك دماء عذريتها و سالت معها دموعها بعينين جاحظتين تعلقتا بثوب العرس المُعلق بمقبض نافذة الغرفة صوب نظرها

***
جلبة بالخارج و أصوات الزغاريد لازالت تصدح بالبناية من كل مكان
و صوت أم أحمد يناديها لتستيقظ من نومها فقد حان موعد زينتها و صديقتها حضرت،
شعرت به ينهض عنها يسرع بارتداء بنطاله بينما يحمل سترته و يهرع لنافذة الغرفة
فتحها بعنف فوقع ثوب عرسها عن المقبض،
دهسه كما دهس صاحبته قبله و قفز هاربا من البيت الذي لم يكن سوى في الطابق الأرضي.
بينما هي ملقاة على أرضية الغرفة ممزقة الثياب جاحظة العينين كجثة فارقتها الحياة و لازال بصدرها أنفاس،
منفصلة عن عالمها تسمع صرخة أم أحمد،
هرولة مروة نحوها،
أسئلة ملقاة و ما تملك إجابتها
فالجواب أمامهم واضح وما من داعٍ للأسئلة.

نهاية الفصل

um soso 25-01-20 02:04 PM

لاادري ماذا اقول

انتهكت المسكينه فرجه دون اي ذنب

لكن هي تعرف من انتهكها

ولابد ان تتكلم على الاقل لياخذ جزاءه

ولكن ماذا يهم بعد ماحصل

بكل الاحوال هو انسان ساقط اخلاقيا مدمن لايناسبها

لذا لن اقول اتمنى ان يعود وصحح جريمته

من مثل اتمنى ان يرد الله مافعله بطريقه تجعله يتمنى الموت ولا يحصل عليه وان يكون عبره لمن اعتبر

ياسر رغم معرفته انها لاذنب لها لكنه لم يستطع تجاوز الامر ةتقبلها لذا طلقها

لاادري لماذا اشعر من اسلوب ياسر معها انه لايعتقد انها مظلومه ولا ذنب لها

ننتظر لنعرف رد فعل ياسر

وماذا ينتظر فرحه

احسنتي

heba nada 25-01-20 02:49 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso (المشاركة 14738808)
لاادري ماذا اقول

انتهكت المسكينه فرجه دون اي ذنب

لكن هي تعرف من انتهكها

ولابد ان تتكلم على الاقل لياخذ جزاءه

ولكن ماذا يهم بعد ماحصل

بكل الاحوال هو انسان ساقط اخلاقيا مدمن لايناسبها

لذا لن اقول اتمنى ان يعود وصحح جريمته

من مثل اتمنى ان يرد الله مافعله بطريقه تجعله يتمنى الموت ولا يحصل عليه وان يكون عبره لمن اعتبر

ياسر رغم معرفته انها لاذنب لها لكنه لم يستطع تجاوز الامر ةتقبلها لذا طلقها

لاادري لماذا اشعر من اسلوب ياسر معها انه لايعتقد انها مظلومه ولا ذنب لها

ننتظر لنعرف رد فعل ياسر

وماذا ينتظر فرحه

احسنتي

تسلمي عزيزتي على رأيك ياسر للاسف وضع في موقف أكبر منه هنشوف ردود الافعال في الفصل الرابع النهاردة ان شاء الله
اتمنى المعالجة في الفصول القادمة تنال رضاكِ

نهاد على 25-01-20 03:41 PM

المسكينة تم الاعتداء عليها و فى يوم فرحها و واضح من الأحداث أن ياسر كان معتقد إنها مذنبة.
سلمت أناملك يا هبه و متابعة معاكى إن شاء الله

heba nada 25-01-20 04:43 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهاد على (المشاركة 14738948)
المسكينة تم الاعتداء عليها و فى يوم فرحها و واضح من الأحداث أن ياسر كان معتقد إنها مذنبة.
سلمت أناملك يا هبه و متابعة معاكى إن شاء الله

تسلمي يارب على متابعتك و كلامك الحلو
اتمنى المعالجة في الفصول الجاية تعجبك

heba nada 25-01-20 11:06 PM

الفصل الرابع

على منصة العرس
كُبلت يدايَ وذُبحت
ولألسن لا تعرف سوى الجلد
قُدمت كقربان

***


كجثة فارقتها الحياة دون الروح تركني
تأتيني صرخات جارتي ،
نداء صديقتي بأسمي عن بعد ،
كأنني غصت في بئر سحيقة ما لها من قرار
أشعر بهلع مروة
هرولتها نحوي
حلت الوثاق عن فمي
تعيد النداء باسمي
تكرر السؤال عما حدث
ولا أقوَى على الاجابة
احتبست الكلمات بحنجرتي
و اختنقت الصرخات بصدري
شعرت بها تجذبني لأجلس على الأرض فتنهار جالسة جواري
تحتضنني و تبكي
هي تبكي بينما أنا لا أدري
أشعر بروحي تطوف في الغرفة تراقب المشهد المهيب من علوٍ و كأنني لستُ بطلته
وقع نظري على ثوب عرسي الملقى أرضا بينما مروة تجذب غطاء الفراش المجاور لتستر عري جسدي
و تبكي..
أرى جارتي تهرول لنداء أمي التي هالها ما رأت تدفعني بكلتا يديها صارخة تارة و مستفسرة تارة أخرى و في الثالثة تلطم خديها و تنهار جواري
أشفقتُ عليها و على نفسي
حضر أبي و أخبرتهم القطرات على أرضية الغرفة أنني فقدت توا شرفي
اختل توازنه و كاد يسقط أمامي و ذات السؤال المُعلق،
الجميع يسأل عن الفاعل بينما لا استطيع النطق
هل فقدت قدرتي على الكلام للأبد مع أنحباس صرخاتي
لا أدري!
و الطامة الكبرى،
استدعى أبي ياسر فلوهلة أعتقد أنه الفاعل
لكن ياسر هاج و ماج و اتهمنا أننا ندعي
أي ادعاء يقصد ؟!
لم أعد أدري !
ألا تخبرهم ثيابي الممزقة، زرقة فمي إثر تكميمه ،خدوش جسدي و كدماته في كل موضع بما حدث
و قبلهم ألا يخبرهم تاريخي معهم من أنا
هل أحتاج حقا لأدعي؟
و ماذا أدعي؟
أأدعي السقوط أم تراهم يعتقدون أنني كنت أدعي العفة!!
رفض ياسر تماما إتمام الزواج
-أنا مش هشيل شيلة غيري
بينما أبي يتوسلة لتدارك الفضيحة
-أعمل معروف يا ابني الناس تحت في الصوان
و ياسر مُصر على رفضة، يتهمني أنني من فرطت بشرفي!
من هذا؟
هل هو زوجي حقا ؟
من كان يُسمعني معسول الكلام و ينسج أمامي أحلام عشق لا تنتهي !
من وعدته بالوفاء ووعدني بالآمان !
من كنت سأمنحه نفسي راضية متمنية رضاه كل صباح و مساء،
من هذا؟
أنا لا أعرف هذا الذي يتحدث أمامي الآن؟!
-أنا راجل حر مليش في المستعمل
-أضمن منين أن دي مش تمثيلية عليا علشان تداروا فضيحة بنتكم
يغمرني بنظرات محتقرة أغمضتُ عينيَّ عنها فلم أعد أطيق كل هذا العبث
احتقار ياسر، توسلات أبي و انكسار أمي التي جعلها الهم تزداد عمرا على عمرها خلال دقائق،
انحنى أبي يقبل يديّ ياسر في مشهد لن أنساه ما حييت
لن أغفر لهما أن نكسا رأس أبي
-يا ابني تمم الجوازة قدام الناس كام شهر بس، دي بردو مراتك.
يذكره أبي أنني زوجته
شرفه الذي دُهس و تُحتم عليه رجولته أن ينتقم له أو على الأقل يحميه،
عرضه الذي أقسم أمام أبي يوم منحه كلمته أن يصونه،
لكن أي رجولة هذة التي تسمح له بالتلاعب بأبي هكذا و استغلال الموقف كأسوأ ما يكون
-لامؤاخذة تكتبلي تنازل عن كل حقوقها والقايمة اللي مضيتها تتقطع دلوقت
وافق أبي و كأنه وجد طوق النجاة لكارثتي:
-اللي أنت عايزة يا ابني بس أستر على بنتي
كتب تنازل عن جميع حقوقي ووقعه نيابة عني فلم أبلغ الحادية و العشرين بعد.
مزق قائمة منقولاتي مع اتفاق أنني لن آخذ عند طلاقي سوى ثيابي فقط .

و مع نهاية الاتفاق رأيتُ توأمي عند الباب
كان يُعد لعُرسي بالخارج ولا يعلم أن العروس ذُبحت ثم سُلخ جلدها فلا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها
تعلقت عيناي بنظرته الهلعة المُطمئنة و كانت أول لحظة حاولت فيها استعادة سيطرتي على جسدي،
لا أدري كيف علم كافة التفاصيل
ولا متى جذبني من بين أحضان مروة لأقف و يدفن رأسي بصدره
لحظتها عادت روحي من التحليق بالغرفة و اتحدت بجسدي مرة أخرى فقط لتستمتع بأمان ضمته
-مين اللي عمل كده؟
سألني بكل هدوء العالم و ثورته ،
تهدجت حروفة بكل حزن الدنيا و ليتني مِتُ قبل أن أكون سبباً لحزنه،
-متولي
همسة متحشرجة خرجت من لساني لم يسمعها غيره أخبرتني أنني لازلت قادرة على النطق
و أخبرته بالفاعل...
شعرت بجسده يختض و اشتعلت به نيران الغضب دون أن تحرقني
نيران أعلم أنها تستطيع إحراق العالم لأجلي
-و غلاوتك عندي لأدفعه الثمن غالي
وعد قطعه على نفسه لي
وعد أتمنى ألا يستطيع أن يفي به فلن أقوى على خسارته لأجل انتقام لن يُعيد ما سُلب

***
هل ندعي الحياة بإرادتنا ؟
أم ترانا مجبرون على ادعاءها؟
و لمَ ؟
هل يستحق العالم أن أمنع صرخة روحي لأجله ؟!

بعد أن أنهوا اتفاقهم
طلب أبي من مروة أن تُعدَني كعروس
مع رجاء لها و لأم أحمد ألا يخرج حرف مما حدث بالغرفة لخارجها ،
شعرت بها تجذبني من أحضان عادل بينما هو يربت على وجنتي يائسا مُطمئنا
تركني مُكرها و خرج مع من خرجوا
ألبستني ثوب عرسي و كفني
نفضت عنه ما علق به إثر حذاء قاتلي فعاد كأن لم يُدهس
تكفل ثوبي بستر جروح جسدي و كدماته
حاولت مروة تزييني بينما أري دموعها تجري
-بطلي عياط يا فرحة علشان أعرف أمكيجك
أدركت وقتها أن أنهار دموعي لم تتوقف منذ ذُبحْت،
أُجبرت على كبحها عُنوة و كانت أول دروسي في الادعاء
تكفلت المساحيق بإخفاء كدمات شفتيّ،
ألبستني طرحة العرس و أخفت بطرفها وجهي،
صنعت مني عروس و سلمتني لهم ليكملوا ما بدأوا.
عند الباب وجدت ياسر ينتظر و كم أجاد دوره
اِلتقط يدي فغدت لمسته كلدغة عقرب،
انتفضتُ مُبتعدة فزفر بضيق:
-عدي ليلتِك على خير
-أتكلم معاها عِدل
كانت غضبة داعمي المكبوتة و قد هم بالاشتباك مع ياسر
-إياك اسمع إنك زعلتها حسابك حيكون معايا
كان يمسك بمقدمة بذة ياسر عندما أمسك أبي بكفيه ليخلصها مهدئًا
-أعقل يا عادل مش عايز حد ياخد باله
ليبتعد عن الطريق مجبرا بينما ياسر يشير لي مرة أخرى
فمنحته يدي وكبحت نفور جسدي
فكانت ثاني دروسي في الادعاء
توجهنا لسرادق عرسي و عزائي
تصدح أغاني العرس من كل جانب فتصلني كطبول حرب تقرع بصدري
أبي يتلقى تهاني المدعويين لعرسي
فأراها تعازي المواسيين في مأتمي
أقتربت أمي فهممت بأن أرتمي بأحضانها و أبكي
مالت عليَ تدّعي تقبيلي بينما تهمس بأُذني:
-أفردي وشك الناس هتاخد بالها
فمثلتُ فرحة جسدي أُخفي نيران قلبي
فقط هو من لم تغفل عيناه عني، نظرتة المؤآزرة تكشف ما يعتمل بصدري
تخبرني عيناه أن احتملي صغيرتي فما باليد حيلة
تعلقتُ بأمان نظرته و أستمديت منه قوتي لأكمل إتقان دوري.
أنهينا مسرحية عرسي سريعا فجميعنا لم يقوَ طويلا على إتقان دوره
دس أخي دواءاً في يدي مؤكداً عليَ أن أبتلع قرصين فور استطاعتي
عقب دخولنا للبيت..
بيتي الذي حلمت يوما أن أدخله ملكة
ها أنا أدخله سجينة
كل ركن رتبته، كل مقعد و طاولة نظمت موضعها و نسجت أحلامي حولها ،
هنا سأحتسي الشاي مع ياسر مساءاً ،
هنا سنشاهد التلفاز بينما نتناول حبات الذرة،
يُصر ياسر على مشاهدة مباراة لكرة القدم و أنا أرغب بمتابعة مسلسلي التركي ،
هنا سيلعب أطفالي بالدمى بينما أنا أُعد لهم الحلوى.
كل هذا بات بلا معنى ،
كيف تحول حلمي الصغير لطوق يخنق أنفاسي
تركني ياسر و توجه لغرفتنا...
أو ما كان يفترض أن تكون غرفتنا
تبعته تلقائيا ليس رغبة بقربه فأوقفني بمنتصف الغرفة:
-أنت هتنامي في الأوضة الثانية
و أوعي تحلمي أنك هتكوني مراتي بجد
لم أجبه و اتجهت لخزانة ملابسي و حملت ما يلزمني،
دخلت لدورة المياه و خلعت عني كفني
تركت الماء ينساب على جسدي فاختلط بدموع عينيَّ و ما غسل نزف قلبي
استخدمت كل ما طالته يدايَ من مستحضرات اشتريتها لزواجي علّها تزيل دنسه عني،
كدت أنهيها عن آخرها فلاتزال رائحته النتنة تزكم أنفي،
آلمت جسدي من فرط فركه و كم وددت لو سلخت جلدي فلا أُبقي له أثرا،
لازلت أشعر بلمساته القذرة تدنس كل موضع به فتثير اشمئزاز نفسي،
أفرغت ما كان في جوفي و لم استطع إيقاف رعشة جسدي فدثرته بإزار
واحتميت بالغرفة الأخرى التي أحكمت إغلاق بابها و أتخذتُها ملجأي حتى حين.
نهاية الفصل

um soso 26-01-20 10:03 AM

ياترى فقط اخوها من عرف الفاعل ؟
ماذا سيفعل او فعل فقط مر فترة طويله على ماحصل

فرحه بريئه ومؤمنه ورب العالمين سيعوضها بمن هو افضل من ياسر الاستغلالي الذي لم يهمه شرفه الذي استباح ولم يحترم شيبات رجل مكلوم حتى لو كان في حالة صدمه لكن الصدمه لم تمنعه من التفكير بمصلحته

الله ياخذ حق فرحه منك لانك اتهمتها باطل ويارب اسمع عنك اخبار لاتسر وان تعظ اصابعك ندم على جوهرة ضيعتها من يدك بظلمك لها وعدم اعطائها فرصه تثبت بها شرفها وطبعها واخلاقها

بالانتظار لنكمل حكاية فرحه وماذا حصل لمتولي الكلب



heba nada 26-01-20 11:56 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso (المشاركة 14740293)
ياترى فقط اخوها من عرف الفاعل ؟
ماذا سيفعل او فعل فقط مر فترة طويله على ماحصل

فرحه بريئه ومؤمنه ورب العالمين سيعوضها بمن هو افضل من ياسر الاستغلالي الذي لم يهمه شرفه الذي استباح ولم يحترم شيبات رجل مكلوم حتى لو كان في حالة صدمه لكن الصدمه لم تمنعه من التفكير بمصلحته

الله ياخذ حق فرحه منك لانك اتهمتها باطل ويارب اسمع عنك اخبار لاتسر وان تعظ اصابعك ندم على جوهرة ضيعتها من يدك بظلمك لها وعدم اعطائها فرصه تثبت بها شرفها وطبعها واخلاقها

بالانتظار لنكمل حكاية فرحه وماذا حصل لمتولي الكلب



باقي 5 فصول هيكونوا معالجة إن شاء الله و اتمنى ترضيكي و تلاقي اجابه لأسئلتك
سعيدة بمتابعتك و اهتمامك

ع عبد الجبار 26-01-20 12:14 PM

جميلة جدا واسلوبك مبهر احزنني جدا فرحة لكن للأسف هذا واقع يحدث.... بانتظارباقي الاحداث دمتي بخير 🌸

نهاد على 26-01-20 01:46 PM

و ظهرت الحقيقة و من أصعب المشاهد مشهد تذلل أبيها للحقير ياسر ، و عادل اخوها عرف الحقيقة و إسم الجانى و لكن وكما قالت أم سوسو فى خلال العام الذى تلى تلك المأساة ماذا فعل عادل و هل إنتقم لأخته ؟
المشاهد كلها غاية فى الروعة و كل تشبيه تقومى بكتابته يحمل أكثر من معنى وبخاصة مشهد ثوب الزفاف و نقطة الدم اللى نزلت عليه و الفلاش باك كنتى موفقة جداً يا هبه فى إستخدامه فى المشهد ده بالذات .
انت هايلة يا هبه بجد و يا ريت تستمرى و تتابعى الكتابة فى المنتدى لإنك بإمانة مشروع كاتبة مميزة جداً .
بالتوفيق يا هبه

heba nada 26-01-20 04:38 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ع عبد الجبار (المشاركة 14740444)
جميلة جدا واسلوبك مبهر احزنني جدا فرحة لكن للأسف هذا واقع يحدث.... بانتظارباقي الاحداث دمتي بخير 🌸

تشرفت برأيك أتمنى الباقي يعجبك

heba nada 26-01-20 04:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهاد على (المشاركة 14740516)
و ظهرت الحقيقة و من أصعب المشاهد مشهد تذلل أبيها للحقير ياسر ، و عادل اخوها عرف الحقيقة و إسم الجانى و لكن وكما قالت أم سوسو فى خلال العام الذى تلى تلك المأساة ماذا فعل عادل و هل إنتقم لأخته ؟
المشاهد كلها غاية فى الروعة و كل تشبيه تقومى بكتابته يحمل أكثر من معنى وبخاصة مشهد ثوب الزفاف و نقطة الدم اللى نزلت عليه و الفلاش باك كنتى موفقة جداً يا هبه فى إستخدامه فى المشهد ده بالذات .
انت هايلة يا هبه بجد و يا ريت تستمرى و تتابعى الكتابة فى المنتدى لإنك بإمانة مشروع كاتبة مميزة جداً .
بالتوفيق يا هبه

تسلميلي يارب على رأيك و دعمك من أول فصل
إن شاء الله بعد ما اخلص فرحة انزل رواية هي قيد الكتابة حاليا

heba nada 28-01-20 08:20 PM

الفصل الخامس

ببطء و دقة ترتب طبقات من التل الواحدة فوق الأخرى لتصنع منها أكمام ، تجمع حبات الخرز في وردات صغيرة متجاورة على محيط المعصم و العنق ثم تنثر فراشات بعشوائية لتبدو متطايرة على طول الأكمام و الصدر.
برقة تلتقط القماش الهش كهشاشة روحها و تعلقه بعناية كانت تتوق لمثلها يوما ...
***
لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار و مضادٍ له في الاتجاه
قانون نيوتن الثالث للحركة
ينطبق تماما على حركة الأجسام ذات الكتلة،
و كثيرا ما نجده ينطبق على حياة بني آدم و ردود أفعالهم و لكن..
ماذا إن لم تستطع القيام بردٍ للفعل،
ماذا إن كان الفعل أكبر من قدرتك على التحمل،
أقسى مما جال بخيالك يوما،
ثم..
ثم كُبلتْ يداك و كُبحْتَ أنت عن إبداء رداً للفعل
أتُراك تحتمل؟!
و إلى متى؟!
أم أن قدرتك على التحمل ستتناقص
إلى أن تتآكل و تتركك لهشاشة روحك
ثم..
لا تجد سبيلا أمامك سوى الانهيار!

***
بعد الطلاق بشهر

ثلاثون يوما انقضت منذ نهاية زواجها
ثلاثون يوما منذ فارقهم أبيها للأبد
ثلاثون يوما قضتها في محاولات مستمرة للتماسك أمام المعزين
أمام حزن أمها على ما أصاب عائلتها الصغيرة
ثلاثون يوما و شريط مأساتها لا يتوقف عن العرض في خيالاتها صباحا و حتى أحلامها ليلا
عودتها لغرفتها القديمة ،
تربيتات أخيها التي لم تتوقف،
محاولة ادعائها أنها تخطت كل ما حدث ،
فهي أمام الناس قد سُتر شرفها بورقة و إن كانت كورقة توت لم تمنع الألسن أن تلوك سمعتها
خاصة مع تعمد زوجة طليقها إطلاق التعليقات و التلميحات المُبطنة منها و الصريحة ،
أنها لم تطالب بحقها إلا لأنها المَعيبة
و أن صمتها عن الطلاق و زواج ياسر السريع ما هو إلا صمت خزي .

كانت تعلم أن نسوة الحي يطعنّ في عرضها سراً،
لكن أن تسمع تعرضهن لشرفها وجها لوجه فهو ما لا يُحتمل.

كانت محاولتها الأولى للخروج من قوقعتها داخل منزل أسرتها ،
عندما استجابت لإلحاح شقيقها بمحاولة ممارسة حياتها كما اعتادت قديما فتوجهت لسوق حيهم القريب من منزلها لشراء بعض الحاجيات
عندما تعرضت لها تلك المرأة التي تعلم صلتها الوثيقة بزوجة ياسر الحالية رغم تجنبها للاحتكاك بأيٍ كان لكن يبدو أن الأخرى كانت مصرة و كأنها كانت تتحين الفرصة :
-صحيح اللي اختشوا ماتوا
ثم تكمل الحديث لمجاورتها متعمدة رفع صوتها ليسمعها من بالسوق:
-شوفي ياختي ولا هاممها أبوها مات بحسرته علشانها معمرتش، أكيد في إن، ربنا يستر على ولايانا
لقد طفح الكيل حقا لم تعد قادرة على التظاهر أكثر من ذلك
تجمعت العبرات المختنقة بأعينها ،أنفاسها تتسارع كمن تعدو بمضمار سباق،
لا، هي حقا تعدو فرارا من المكان تهرول نحو منزلها اصطدمت بأحدهم في طريقها،
هذة الرائحة تعرفها جيدا إنها رائحته النتنة،
لا ... هو وجه ياسر،
فزعت مبتعدة غير عابئة باعتذار الرجل عن اصطدام لم يكن سببا به،
لا... لم يكن هذا ،
هو هناك يتابعها بعينيه يراقب خطواتها استعدادا لمهاجمتها ،
هرولت أكثر،
ما بال الطريق لبيتها طال،
هناك أقدام تتبعها ،
تلك المرة سينقض عليها من خلفها التفتت للخلف برعب أنه هو... متولي،
أسرعت الخطى ،
و التفاتة مذعورة أخرى للخلف ووجه ياسر يلاحقها
ما بالهما يتبعانها في كل خطوة ،
أما يكفيهما ما نالته منهما حتى الآن !
ما بال الجميع حولها إما ياسر أو متولي !
أكملت طريقها عدوا حتى بيتها
توقفت قليلا عند مدخل البناية تلتقط أنفاسها بصعوبة و تسترق النظر للطريق،
هناك من هو قادم،
تستطيع رؤية خياله و سماع وقع خطواته تلاحقها ،
أكملت الصعود تقفز فوق الدرجات و أنفاسها المتقطعة تكاد تقتلها و ما إن أغلقت باب بيتها حتى أسرعت بالاحتماء بغرفتها، ملاذها الآمن متجاهلة نداءات أمها ،
جلست على مخدعها و انخرطت في البكاء ،
ضمت ركبتيها لصدرها محتضنة جسدها بذراعيها،
لقد فقدت كل قدرة ممكنة على الادعاء خارت قواها تماما فاضجعت بوضع الجنين و أنهار دموعها تحفر طريقها على وجنتيها،
استمعت لطرقاته التي تعرفها على باب غرفتها لكنها لم تقوَ على الإجابة،
علا نشيجها فلم ينتظر الإذن بالدخول،
هاله مرءاها بهذا الوضع فجلس جوارها مربتا على كتفها يناديها :
-فرحة ،إيه اللي حصل؟
لم تجبه إلا بمزيد من العبرات ، أمسك بكتفيها يجبرها على الاعتدال لمواجهته
يستجمع كل هدوء ممكن و بنبرة حانية:
-متقلقينيش عليكِ إيه اللي حصل رجعك جري كده؟
ازاداد نشيجها و هي تحاول التذكر تلتقط بعض أنفاسها لمحاولة النطق لتخرج منها كلمات متقطعة :
-بيجري ورايا... متولي... ياسر
لم يستطع وقتها إخفاء فزعه من مجرد احتمال بأن تتقابل أخته مع ذلك الحقير مرة أخرى لكنه حاول تغليب العقل في الحديث معها:
-أنتِ شفتِي متولي؟؟
جحظت عينيها التي ملأتها العبرات برعب حقيقي ، تهز رأسها إيجابا بتوتر واضح ،تشير بإحدى يديها لخارج الغرفة بفزع و هي تحاول تمالك أنفاسها و التحدث من بين شهقاتها بذات الكلمات المتقطعة :
-كان بيراقبني.... بيجري ورايا....شفته
من يقول أنه لم يرتعب عند وضع احتمال أن أخته لا تهذي فهو كاذب، و لا يستطيع إخفاء قلقه من الاحتمال الأقرب للصواب و هو هذيانها لكنه لم يجد حلاً سوى طمأنتها :
-متخافيش طول ما أنا عايش .
-الجبان ده فص ملح و داب من يوم عملته
علا نشيجها مرة أخرى تهز رأسها نفيا ترفض نفيه فما عاشته كان حقيقيا حد الفزع ،
انفلتت العبرات المكبوتة منذ شهور و كأنها أعلنت التمرد عليها
ليربت عادل على كتفيها مطمئنا مرة أخرى:
-أبوكِ الله يرحمه قلب الدنيا عليه في كل مكان ممكن يروح له و ملقاهوش
أخفض نظراته أرضا يحاول إخفاء ألمه عنها فما تحملته حتى الآن يكفيها و يزيد، لكنه لم يستطع إخفاء نظرة الخزي التي تذبح روحه منذ الكارثة.
خزي من لم يستطع حماية عرضه و الثأر له لكنها كانت بواد آخر عند ذكر أبيها و كأنه أيقظ جرحاً آخرغائراً بروحها :
-أبويا مات غضبان عليَ
برقت عيناه بفزع أهكذا قرأت صغيرته موقف أبيها ليصحح:
-أبوكِ مات غضبان ليكِ
ازداد انهمار عبراتها التي تأبى التوقف تهز رأسها نفيا ضاغطة جفنيها بعنف :
-من ساعة اللي حصل عينيه ماجتش في عنيا
-أبويا زعلان مني
-زعلان عليكِ
صرخ بها حاسما مصححا عبارتها ببعض عنف لم يخل من حنان:
-أبوكِ كان بيخرج كل يوم من الصبح يلف في الشوارع يدور على المجرم،
-ماسابش مكان ممكن يروح له،
-أي غرزة كان بيقعد فيها،
و هي لم تكف عن هز رأسها نفياً و تحول نشيجها لصراخ غاضب:
-أبويا ما لمسنيش من يوم اللي حصل ،
-ماجاش زارني ولا مرة،
و في التالية نكست رأسها مخفضة صوتها بأسى فالكلمات تمزق روحها بخنجر ثلم :
-كان قرفان و مستعر مني
أمسك بكتفيها يهزها بعنف يصحح لها كلماتها يزلزل أفكارها التي نهشت روحها لشهور فلا يجب أن تظلم أباها و هو في دار الحق:
-أبوكِ ماكانش قادر يبص في وشك علشان ماجابش حقك
-كان شايف نفسه ميستاهلش أنه يبقى أب علشان مانتقمش لشرفه
-فوقي يا فرحة أبوكِ عمره ما زعل منك
-أبوكِ زعل عليكِ
لم تجبه لكنها تركت نفسها بين أحضانه يحتوي رأسها بإحدى كفيه و يربت على ظهرها بالأخرى لتهمس من بين شهقاتها :
-نفسي أصدقك
ليكمل تربيته بحنان و يؤكد:
-صدقيني لأن دي الحقيقة متظلميش أبوكِ يا حبيبتي
أبعدها عن صدره قليلا ليتمكن من النظر لعينيها و احتوى رأسها بين كفيه يجبرها على مبادلته عمق النظرة بينما يؤكد :
-أوعي في لحظة تشكِ في حب بابا ليكِ
-أنتِ فرحته و لازم تفضلِي فرحته
ابتلعت لعابها بصعوبة محاولة التغلب على مر العبرات قبل أن تهمس بنبرة ذبيحة :
-فرحته اتسرقت
مسح دموعها بأنامله بينما يؤكد و قلبه يأن وجعا لأجلها :
-فرحته هترجع، لازم ترجع
طبع قبلة على جبينها قبل أن يحتوي كتفيها و يسحبها لخارج الغرفة حيث أعدت أمهما الطعام فأجلسها جواره قبل أن يداعبها :
-تعالِ بقى أفتحي نفسي على الأكل و بعدها نفسي في فشار، وحشني من أيديكِ
أجبرت نفسها على الابتسام مبتلعة باقي عبراتها و شاركته الطعام دون شهية تذكر فقط اسجابة له و لأمها التي جلست جوارها تربت على كتفها دون كلمات فالأخرى قد اقتات الحزن على قلبها لشهور ففرت منها الكلمات و هي تحاول التماسك أمام ابنتها مكتفية بدموع تذرفها وحيدة على وسادتها ليلا

***
بينما نحن نتلقى ضربات الحياة قد نتألم،
نهتز،
نتأرجح بين صمود و سقوط،
لكن عند لحظة فارقة نُجبر على اتخاذ القرار ،
و هو دون تردد اتخذ قراره بالصمود لأجلها متجاهلا نزف روحه التي تأن وجعا، و على أتم استعداد لتلقي المزيد من طعنات الدنيا فقط في سبيل عودتها،

رأته أمه بينما يفتح خزانتها ليحصي أمواله القليلة التي جمعها على مدار سنوات عمله دهشت لفعلته فهي المرة الأولى في تاريخه :
-خير يا ابني أول مرة تفكر تعد فلوسك
-كنت دايما تديلي اللي تقدر عليه أحوشه و عمرك ما سألت عنهم
هز رأسه بينما ينهي عده و يرتب الاوراق المالية جيدا ليدسها بجيبه:
-واضح أن جه وقتهم
لم تستطع أمه استنتاج مقصده فسألته ببعض الدهشة :
-قصدك إيه يا عادل دي فلوس جوازك يا ابنى
-هو ده وقته؟!
ابتسم عادل بأسى فالزواج آخر هم من هو في مثل موقفه زفر أنفاسه المحتبسة بصدره ببطء بينما يجيبها:
-جواز إيه بس يا أم عادل
-دي فلوس علاج فرحة لازم تروح لدكتورة نفسية
صكت صدرها فزعة رافضة لما تفوه به، تنهره بغضب واضح :
-أنت اتجننت يا عادل؟
-عايز الناس يقولوا جوزها طلقها علشان مجنونة ؟
عندها لم يستطع الصبر أكثر لقد ضاق ذرعا بالخوف،
إلى متى سيكبلونها بألسنة لا ترحم :
-الناس...الناس...الناس
-هيعملولنا إيه الناس لو بنتنا جرالها حاجة
-كفاية بقى خوف من الناس
مسح وجهه بكفية يستدعي هدوءا هو أبعد ما يكون عنه لكنه لا يرغب في رفع صوته عاليا حتى لا تشعر فرحة فيؤجج حزنها أكثر ليتابع إقناع أمه :
-يا ماما فرحة محتاجة دكتورة ،اللي حصلها مش قليل لازم نساعدها
-و عموما متخافيش محدش هيعرف موضوع الدكتورة ده ، أنا هآخدها كأننا خارجين و هرجعها تاني.
و قبل أن تسنح لها الفرصة لنقاشه انطلقت صرخة مدوية من غرفة فرحة فجزعا لها.

كانت تغط في النوم بينما تصارع أشباحا بأحلامها ،
على منصة عرسها جلست يحيطها قرع الدفوف بإيقاع منتظم يتسارع مع تسارع ضربات قلبها، يدان قويتان احاطتا بكتفيها فكبلتا حركتها، و رائحة تعرفها جيدا ازكمت أنفها،
التفتت لمقيدها فرأت وجهه وابتسامته المشتهة كشفت عن أنياب بلون الدم فتساقطت القطرات الحمراء تلوث ثوبها،
حاولت التخلص من قيد ذراعيه فرأت وجه زوجها يقترب، امتدت يدها تحاول التمسك به، تستنجده ليخلصها لكن نظرته الغاضبة بعثت الرعب بنفسها،
قشعريرة باردة سرت بجسدها وهي تتمسك بيده عندما امتدت كفه بسكين فنحرت عنقها بدم بارد.

حاول عادل إيقاظها فما إن لامس كفها حتى ازداد صراخها ،
-لأ...أبعد
حاول احتوائها فتحولت صرخاتها لضربات هيستيرية متتالية لصدره ووجهه
بينما ينادي عليها محاولاً إخراجها من كابوسها المزعج
كانت أمها عند الباب فلم تتمكن من تمالك عبراتها فما أقسى أن ترى نطفة قلبك تعاني وما تستطيع مداواتها،
توجهت لابنتها تحاول هي أيضا احتوائها،
تناولت كوب ماء من منضدة مجاورة فنثرته على وجه ابنتها في محاولة أخيرة لأفاقتها ،
فتحت عينيها فظهر بهما فزعها و ما تكبدته من معاناة بينما تلهث بكلمات متقطعه :
-دبحني....متولي...ياسر
احتواها عادل مهدئا مؤكدا لها نهاية كابوسها بينما يرفع عينيه لأمه بنظرة
المحق فأخفضت الأخرى نظراتها أسًى و حسرة على ما أصاب ابنتها، و قلبها يتآكل خوفاً من القادم.

نهاية الفصل

um soso 29-01-20 11:48 AM

جائزة فرحه الكبرى ان لها اخا يملك هذا العقل الكبير والتفهم

عادل انسان رائع يستحق كل خير

عرف الطريقه الصحيحه التي يخرج اخته من كابوسها

وواضح من النتيجه انه نجح بمسعاه واصبحت تخرج وتعمل ولها سمعه طيبه وزبائن ياتون اليها بالاسم ولا يزال يقف بظهرها سندا لها

واكيد رب العالمين سينصفها



نهاد على 29-01-20 01:07 PM

إيه كمية الوجع دى يا هبه
فصل موجع قوى و حجم الظلم اللى شافته فرحة كبير قوى و ربنا يمهل و لا يهمل .
تسلم ايدك يا هبه

heba nada 29-01-20 01:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso (المشاركة 14745589)
جائزة فرحه الكبرى ان لها اخا يملك هذا العقل الكبير والتفهم

عادل انسان رائع يستحق كل خير

عرف الطريقه الصحيحه التي يخرج اخته من كابوسها

وواضح من النتيجه انه نجح بمسعاه واصبحت تخرج وتعمل ولها سمعه طيبه وزبائن ياتون اليها بالاسم ولا يزال يقف بظهرها سندا لها

واكيد رب العالمين سينصفها



هم فعلا نجحو و الهدف الرئيسي من الفلاش باك كان ان يكون في أمل وسط الحزن اللي في الفصول هنشوف وصلوا للنجاح إزاي في الفصول الجاية

heba nada 29-01-20 01:33 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهاد على (المشاركة 14745676)
إيه كمية الوجع دى يا هبه
فصل موجع قوى و حجم الظلم اللى شافته فرحة كبير قوى و ربنا يمهل و لا يهمل .
تسلم ايدك يا هبه

تسلمي يارب على تعليقاتك

ع عبد الجبار 29-01-20 06:53 PM

ابدعتي كاتبتنا وجع وجع فرحه وأزمتها فعلا اخوها راجل اعتقد الي شافتو فرحه بشارع فعلا متولي مش خيال يمكن رجع لما عرف بباهامات..... بالانتظار لفصل القادم لا تطيلي الغياب دمت بخير وود 🌸🌸

heba nada 30-01-20 08:16 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ع عبد الجبار (المشاركة 14746162)
ابدعتي كاتبتنا وجع وجع فرحه وأزمتها فعلا اخوها راجل اعتقد الي شافتو فرحه بشارع فعلا متولي مش خيال يمكن رجع لما عرف بباهامات..... بالانتظار لفصل القادم لا تطيلي الغياب دمت بخير وود 🌸🌸

اللي شافته كان خيال فعلا خيالها يصور لها كل الوجوه ياسر أو متولي
ان شاء الله الفصل السادس انزله اليوم شكرًا لرأيك و متابعتك

heba nada 30-01-20 10:48 PM

الفصل السادس

هل اختبرت يوما الغرق !
تسلل الماء لرئتيك فتختنق الأنفاس بصدرك،
تناقص ذرات الأكسجين بدمك فتقل معدلات نبضك،
يصرخ مخك حاجة للهواء فيتراجع وعيك ،
وقتها ترفع رايات الاستسلام و تنتظر إعلان لحظة الوفاة و لكن...
هناك من يرفض خضوعك ،
يجذبك من هوتك السحيقة لتستعيد وعيك،
يعيد ضخ الاكسجين بصدرك فتسعل طلبا للمزيد،
حينها تدرك أنه منحك قبلة حياة .
***
عندما تمتد فترة اهتزازنا، نسقط فيبلغ منا الألم أقصاه حتى نظن أنها النهاية ولا خلاص لنا بعدها،
نصم آذاننا عن كل صوت يدعونا للنهوض،
نغمض أعيننا حتى يغشاها شعاع ضوء يجبرنا على رؤية الحلم ،
نتمسك بالكف التي امتدت فنتكئ عليها،
نتطلع نحو الأمل الذي يقترب كلما خطونا نحوه،
نخطو و قد نتعثر، نعيد النهوض و نتقدم بتؤدة
خطوة ، اثنان ، ثلاث،
تقوى أقدامنا وتتشبث بالأرض الصلبة ،
نتحرر من أغلال ضعفنا فنعدو ،
يمتلىء صدرنا بهواء الأمل فنحلق لنبلغ عنان السماء.

انتهت لتوها من تطريز القطعة العلوية من ثوب عرس الصغيرة،
الثوب الآن في انتظار العروس لتجربته للمرة الأخيرة
العروس التي فاجئت فرحة برغبة صديقاتها بتفصيل أثواب تليق بعرس صديقتهم.
عمل جديد،
و ساعات أخرى تقضيها بين أقمشتها مستمتعة بنظم الخرزات بصحبة أمل ووفاء اللتين أنهكهما العمل لساعات لتتحدث أمل و هي تحاول تمسيد عضلات ظهرها إثر طول انحناء:
-إحنا تعبنا قوي النهاردة يا فرحة
لترفع فرحة رأسها عن الثوب الذي تعمل على حياكته ناظرة لها ببسمة امتنان :
-عارفة يا أمل إني بتعبكم
ثم تعود لتخفض نظرها تجاه الثوب و صوتها ينضح بالفخر :
-بس مقدرش أرفض الشغل
فتعاجلها وفاء بمرح مصطنعة الغضب:
-يا ستي أنتِ واحدة مدمنة شغل لكن أحنا غلابة
فتكمل أمل حديث صديقتها بدهشة تملؤها من حال فرحة منذ عرفتها:
-صحيح يا فرحة مبتشوفيش نفسك و انتِ بتطرزي
-زي ما تكونِي بتتغزلي في الخرز و عينيكِ بتلمع زي الاستراس
ضحكت فرحة ملئ شدقيها قبل أن تؤكد كلام صديقتها :
-أنا فعلا بنسى الدنيا و أنا بشتغل
-يالا يا بنات مع السلامة أنتم علشان متتأخروش
لم تستطع الفتاتين إخفاء دهشتهما فمن أمامهم تعمل منذ التاسعة صباحا حتى أوشكت الشمس على المغيب لتعاجلها أمل بالسؤال:
-هو أنتِ لسه هتكملي؟
ابتسمت فرحة قبل أن تجيب بصوت ينضح بسعادة من عاد للحياة بعد طول انتظار:
-أنا لسه حكمل شغل لحد منة ما تييجي تعمل البروفة
-و حستنى عادل يخلص و نروّح مع بعض
أخفضت نظرها مرة أخرى دون أن تلحظ تورد وجنتيّ إحداهما مكتفية برد السلام ،
و انهمكت في عملها تغزل الخرزات كفنان يرسم لوحة لمحبوبته بعد طول اشتياق.

***
عودة للبداية

في لحظات الأختيار هناك من يتردد ،
قد يتراجع أو يُقدم بعد طول تفكير،
و قليلون هم من يحسمون اختياراتهم دون تردد ،
خاصة إن كان الاختيار بين نفسك و آخر،
و لكن هناك آخر بلغ من الروح منزلة تسمو فوق كل اعتبار، و هي كانت خياره دون تردد،
عودتها غايته التي لن يمل من بذل كل نفيس في سبيلها،
و بعد لقاء مع طبيبة نفسية شهيرة لم يتردد في تقديم ادخار عام كامل نظير جلسة خاصة معها،
فضل أن يجريها منفردا أولا قبل أن يصحب شقيقته للقاء طبيبتها،
لم يخبرها عن وجهتهما عندما طلب منها أن تصحبه في نزهة لتجد نفسها أمام البناية الشاهقة التي تعج بالعيادات الطبية،
تقلصت قبضتها في كف عادل و توقفت عند مدخل البناية لتسأله بتردد :
-أحنا جايين هنا ليه؟
احتوى عادل كفها أكثر يمنحها طمأنينة تستحقها قبل أن يهمس و عينيه تمنحها الأمان و تتوسل ثقتها :
-جايين لدكتورة نفسية
جحظت عينيها و هزة رأسها منحته رفضها قبل أن تلتفت لتخرج من البناية فأوقفها :
-أنت محتاجة تتكلمي مع حد و يسمعك
تجمعت الدموع بمقلتيها و توترت كفها بيده لترد بعصبية :
-أنا مش مجنونة
أقترب خطوة منها و لازالت كفه متمسكة بكفها و الأخرى تلامس وجنتها بحنان ليضيف :
-حبيبتي، ممكن تثقي فيَ ؟
رفعت نظرها إليه فمنحتها بسمته السكينة قبل أن تهمس :
-أنا ما بثقش غير فيك
-يبقى جربي علشان خاطري
جذب كفها برقة ليكملا طريقهما، دلفا لعيادة الطبيبة التي طغى اللون الأبيض على جدرانها و أثاثها إلا من بعض مقاعد باللون الأزرق الفاتح، خلت العيادة من زائريها لتعلم فرحة لاحقاً أن الطبيبة تمنح كل مريض موعد يكفل له خصوصية الزيارة .
و بعد قليل كانت فرحة أمام طبيبتها تتقدم خطوة و تتأخر الأخرى و لازالت كفها متشبثة بكف عادل الذي أجلسها بعد إلقاء السلام على الطبيبة و سحب كفه برفق يربت بالأخرى على كف شقيقته مطمئنا قبل أن يهمس :
-أنا مستنيكِ برة
أومأت فرحة برأسها إيجابا و امتدت يدها تعدل من حجابها منكمشة بمقعدها حتى ابتسمت الطبيبة قبل أن تبدأ بالسؤال :
-أسمك فرحة، عندك واحد و عشرين سنة صح كدة ؟
هزت رأسها إيجابا دون رد قبل أن تضيف الطبيبة :
-معاكِ دبلوم تجارة من ثلاث سنين و ماشتغلتيش
كررت فرحة هز رأسها و امتدت أناملها تمسح عرقا غير مرئي مع همسة موافقة فاتبعت الطبيبة :
-اتكلمي يا فرحة عايزة أسمعك
شردت فرحة في الفراغ و كفيها متشبثة بحقيبتها تلوي يدها يمينا و يسارا قبل أن تهمس بصوت لايكاد يُسمع :
-عايزة تعرفي إيه يا دكتورة ؟
همست الطبيبة مشجعة :
-عادل حكالي على اللي حصل بس أنا عايزة أسمعه منك
استطاعت بجملتها الاستحواذ على انتباه فرحة فوجهت أنظارها تجاه طبيبتها و بالكاد همست متلعثمة :
-أقولك ايه ؟؟
صمتت الطبيبة تمنحها فرصة الاستطراد فأكملت بنبرة ذبيحة :
-أقولك إن اليوم اللي بتحلم بيه أي بنت أتحول لكابوس،
صمتت قليلا واحتضنت حقيبتها كأنها تبحث عما تستمد منه القوة لتكمل :
-إن الراجل اللي وافقت أتجوزه و كنت هديله عمري باعني في لحظة و طعن في شرفي،
زادت من احتضان حقيبتها و انحنت بجسدها تكاد رأسها تلامس ركبتيها عندها أجهشت بالبكاء و اختنقت الكلمات مختلطة بعبراتها :
-ولا أقولك أن أبويا مات بحسرته لما اتطلقت
-ولا احكي عن الناس اللي بتجيب في سيرتي ليل نهار أقول إيه ولا إيه يا دكتورة ؟!
لم تستطع التحكم بعبراتها أكثر من ذلك فمنحتها الطبيبة محرمة ورقية تكفكف بها دموعها وانتظرتها حتى انتهت تماما و عادت انفاسها للانتظام مرة أخرى لم تغفل تجاهلها ذكر الحادث أو الإشارة لمغتصبها فآثرت توجيه الحديث لزاوية أخرى فسألتها:
-قوليلي يا فرحة موقف والدتك إيه من اللي حصل ؟
شردت فرحة مجددا في الفراغ قبل أن تجيب :
-أمي الحزن هدها
لتعيد الطبيبة السؤال مرة أخرى بطريقة أوضح
-تفتكري أنها بتلومك على اللي حصل؟؟
-لأ
كان ردها سريعا واضحا لتكمل:
-أنا عارفة أن أمى زعلانة عليا ،صحيح لما كنت بشتكي لها من معاملة ياسر كانت بتصبرني علشان استحمل بس أنا عارفة أنها عايزة مصلحتي.
وجدت الطبيبة عند تلك النقطة بداية الخيط لتستوضح :
-يعني أنتِ مقتنعه بأن اللي أهلك عملوه كان في مصلحتك؟؟
صمتت فرحة قليلا قبل أن تهز رأسها إيجابا بينما سيل عبراتها لا يتوقف ، تعدل من حجابها الذي لم يهتز مرة أخرى ثم تتبع لتوضح أسبابها:
-الناس مبترحمش يا دكتورة ماكانوش هيسبوني في حالي
شهقت فملأت رئتيها بالهواء و كأنها غرقت بذكرياتها و تحاول التقاط أنفاسها لتزفر ما برئتيها بتنهيدة طالت قبل أن تتبع:
-بس أنا تعبت، تعبت قوي يا دكتورة
ربتت الطبيبة على كفها قبل أن تؤكد:
-إنتِ ما أخدتيش حقك في الحزن من حقك تحزني ، تغضبي ، تثوري
تعلقت عينا فرحة بعيني طبيبتها ، لأول مرة تسمع من يتحدث عن حقها ،
و كأنها وسط غرقها قد تناست حقها مع من نسوه
ابتسمت الطبيبة بتفهم قبل أن تنهي جلستها الأولى :
-كويس قوي كدة النهاردة أشوفك الأسبوع الجاي
لمحت الطبيبة توتر فرحة و ارتباكها لتسألها :
-مالك يا فرحة في حاجة في كلامي زعلتك؟
حاولت فرحة التخلص من حرجها، فركت كفيها و عدلت من حجابها ثم عزمت أمرها أن تصارح الطبيبة بتخوفها :
-لامؤاخذة يا دكتورة أنا مش هقدر آجي لحضرتك تاني
هزة رأس مستفهمة من الطبيبة منحتها الإذن بأن تكمل :
-عادل صنايعي على قد حالة و ربنا عالم جاب ثمن الكشف النهاردة إزاي أنا مش هقدر أكلفه أكتر من كده
ابتسمت الطبيبة بحنان رغما عنها فمن أمامها تبهرها، قد تبدو ضعيفة لكنها تحمل من القوة ما لا تدرك كنهه لتطمئنها :
-متقلقيش من المصاريف هخلي السكرتيرة تتفق مع عادل أنك تجيلي مستشفى الصحة النفسية اللي بشتغل فيها الصبح
-التكاليف هناك أقتصادية ماتشيليش همها
تهللت فرحة و أشرق وجهها بفسيلة أمل انغرست بنفسها علها تنبت يوما ما.

***

نعمة هي أن تجد من يفكر بك،
يحفظك عن ظهر قلب ربما أكثر من نفسك،
يبحث بداخلك عن موطن قوتك،
يتلمسه برفق،
يضيء لك طريقا ربما لم تكن تفكر يوما أن تسلكه و لكن..
ما إن تضع قدمك بأوله حتى تعلم كم كنت غافلا عن نفسك.
جلبة بصالة بيتها لفتت نظرها و صوت عادل يتحدث لآخر!
ارتدت حجابها و تطلعت من باب الغرفة لتجد عادل بمساعدة الآخر يحملان صندوقا ضخما وضعاه بأحد أركان صالة بيتهم ،
ودع عادل الرجل شاكرا إياه ثم نادى أخته التي هرعت له غير مدركة لماهية ما في الصندوق :
-تعالي يا فرحة المفاجأة دي علشانك
تطلعت لأخيها بمزيج من الدهشة ، الحب و كثير من الامتنان عندما كشف عما بداخل الصندوق لتجدها ماكينة للحياكة قبل أن يتبع عادل بمرح :
-بصي يا ستي ده الكتالوج بتاعها هم قالولي إمكانيات كتير كده أنا مفهمتهاش،
-بس اللي دلوني عليها قالوا أنها أحدث حاجة رحت و جبتها على طول
أنهى جملته و هو يشير لها و يلتقط كفها ليجلسها خلف الماكينة و يضع أمامها بطاقة أخرى تطلعت لها لتجدها جدول مواعيد لم تفهم ماهيتها ليشرح عادل :
-ده بقى جدول حضرتك في كورس التفصيل اللي حجزتهولك ،هتبدأي من أول الاسبوع و مش عايز دلع

وقتها لم تستطع إخفاء سعادتها بما يفعله أخيها لأجلها رغم ضيق ذات يده :
-دة كتير قوي يا عادل
ابتسم بحنان مربتا على كتفها قبل أن يؤكد:
-مفيش حاجة تكتر على فروحة
-وعلى فكرة أنا مش هتنازل عن بدلة و كام قميص تفصليهم لي
فرت منها الكلمات فتعلقت برقبته و طبعت قبلة شكر على وجنته،
ربت على كتفها بحنان قبل أن يتركها و يتوجه لأمه التي كانت تتطلع لصغيريها عند باب المطبخ
لا تعلم أتفرح لرؤية بسمة ابنتها لأول مرة منذ كارثتها أم تحزن لعلمها ما تكبده ولدها في سبيل تلك البسمة،
أخرجها صوت ابنها من غرقها بأفكارها:
-طابخة لنا إيه يا أم عادل
طالعته بمزيج من حنان و فخر و بعض من أسى لتربت على كتفه قائلة :
-صرفت كل اللي معاك؟
ربت عادل على كفها و سحبها عن كتفه ليقبلها:
-مش مهم يا أم عادل المهم فرحة
مسحت على رأسه و لم تجد أجابة سوى دعوتها له بالبركة :
-ربنا يخليك لينا يا ابني
***
حين نُجرح قد نتجاهل الجرح،
نطمسه في أعماق روحنا علنا ننسى،
نهيل عليه تراباً مُدعين التئامه،
لكن الألم النابض دوما يفضحه،
يمتد تجاهلنا فيتقيح الجرح،
ينضح الصديد فلا نجد مناصاً من فتحه،
نغوص داخله ، ننظف ،يزداد الألم فنصرخ،
و بضمادة و مطهر يلتئم تاركاً ندبة،
يسكُن الألم و يظل أثره يخبرنا أنه كان هنا جرحًا.
اللقاء الثاني مع طبيبتها بمشفى الصحة النفسية كما اتفقا سابقاً ،
توجهت مع شقيقها بتردد أقل تلك المرة، و بارتياح لاستقبال طبيبتها البشوش جلست قبالتها لا تعلم من أين تبدأ حتى حثتها الطبيبة بسؤالها :
-نتكلم عن والدك؟
ارتبكت قليلا و ارتعشت الدموع بمقلتيها قبل أن تهز رأسها إيجابا لتتبع الطبيبة:
-قولي اللي ييجي في بالك يا فرحة بدون ترتيب عدلت من حجابها و تمسكت بيد حقيبتها تلويها يمينا و يساراً قبل أن تهمس :
-بابا مات بحسرته عليَ
استوقفتها الطبيبة لتؤكد :
-ده عمره و مش ذنبك
رفعت فرحة نظرها لطبيبتها بعينين ملأتهما الدموع و حسرة تعتصر قلبها ألما:
-كان نفسي ياخدني في حضنه
بدأ سيل دموعها في الهطول و تعثرت الأحرف على لسانها:
-حضنه وحشني قوي
منحتها طبيبتها هدنة تلتقط أنفاسها المتسارعة قبل أن توضح:
-أعذريه يا فرحة ، اللي حصل قاسي على أي أب
هزت فرحة رأسها إيجابا بتوتر ،و قبضت بيدها على حقيبتها قبل أن تنطق بصوت مرتعش:
-عارفه أن ممكن أب في مكانه كان يقتلني علشان يغسل عاره
- بس أنتِ مش عار يا فرحة
كانت حاسمة من الطبيبة قبل أن تتبع:
-والدك ما كانش شايفك عار
-أمك و أخوك مش شايفينك عار
-لأنك مش عار
تعلقت عينيها بطبيبتها تستمد بعض القوة، تعيد كلماتها داخلها جيدا حتى وقرت بنفسها فأهدتها بعض من سكينة تحتاجها.
ناولتها طبيبتها كوب ماء فارتشفت منه قليلا و تنهدت براحة قبل أن تسألها طبيبتها:
-نكمل؟
هزة رأس موافقة منحت طبيبتها الضوء الأخضر للغوص أكثر نحو عمق الجرح:
-نتكلم عن متولي؟
ارتعدت و سقط الكوب من يدها المرتعشة فانكسر و تطايرت شظاياه ليصيب البلل ملابسها ، قشعريرة باردة تملكت من جسدها لاحظتها طبيبتها لكنها عزمت على المضي قدما :
-كنتِ تعرفيه قبل الحادثة؟
انتفضت عن مقعدها مبتعدة و كل ذرة بكيانها تختض ، تهز رأسها نفيا بانفعال رافض قبل أن تجذبها طبيبتها برفق تعيدها لمقعدها و تربت بكلتا يديها على كتفيها و بنظرة مطمئنة حثتها على المُضي،
احتضنت حقيبتها في محاولة للسيطرة على ارتعاش جسدها لكنها لم تستطع السيطرة على رعشة صوتها لتنطق بكلمات متقطعة:
-كنت... كنت بشوفة في الحارة
-كنت...بخاف من نظراته و أهرب من قدامه
ناولتها طبيبتها كوبا أخر فارتشفت بعضا منه و بيد مرتعشة أعادت وضعه على المنضدة أمامها قبل أن تسأل:
-شفتيه تاني بعد الحادثة؟
شردت مجددا في الفراغ تحاول التذكر، يختلط لديها الواقع بالوهم فأجابت باضطراب واضح :
-مش عارفه!
تهز رأسها نفيا و تكمل:
-بشوفه كل ما أخرج من البيت
امتدت يديها تصم أذنيها و أغمضت عينيها تغوص في الذكرى:
-كل ما أسمع صوت حد ماشي بحس بيه جاي عليَ
شهقت من بين دموعها تحاول إلتقاط أنفاسها بصعوبة ،انتقلت يديها من أذنيها لرقبتها:
-كل ما أحس أن في راجل بيقرب لي في الشارع بشم ريحته بتخنقني

تقطعت أنفاسها و صدرها يعلوا و يهبط من فرط انفعالها ،
التقطت الطبيبة عصيراً معلباً ففضَّت مغلف الماصة و دستها بثقبه لتناولها إياه :
-اشربي يا فرحة و بعدين نكمل
تناولت المعلب بيد لم تعد قادرة على التحكم بارتعاشها فارتشفت منه ببطء تحاول استعادة بعضا من انتظام أنفاسها و عيني طبيبتها تحتوي ضعفها،
أكملت مغمضة عينيها و سيل دموعها لا يتوقف ، رفعت رأسها للسماء و يديها تحتضن جسدها في محاولة لدعمة :
-كل ما أغمض عنيا بحس بتقله مكتفني
ربتت الطبيبة على كفها تدعمها لتتمكن من المضي،
توقفت ،استقامت بظهرها قليلا و مرارة الذكرى لازالت حاضرة تذبحها في كل لحظة، ولحظاتها القاسية تعاد لتحياها بعرض مستمر دون انقطاع
-بشوفه بينهشني
لم تستطع السيطرة على ارتعادها أكثر فانتحبت و فكيها تصطكان ببعضهما ، فأحتضنتها طبيبتها بدفء في محاولة لتهدئة ارتعاشها ومنحتها محرمة تاركة لها الوقت الكافي لاستعادة السيطرة بينما تدون ملاحظاتها قبل أن تبتسم و تمنحها وصفة طبيه:
-كفاية كده النهاردة يا فرحة
-الدوا ده تمشي عليه و نتقابل الأسبوع الجاي
تناولت الوصفة من طبيبتها و التقطت بعضاً من أنفاسها الهاربة قبل أن تخرج لتلتقي شقيقها المُنتظر عند الباب،
و كأنه قرأ بصفحة وجهها ما عانته فاحتوى كتفيها قبل أن يضيف بمرح:
-أنا عازمك على أيس كريم ماحصلش
نعمة هي أن تجد كتفا تستند إليه حين تصفعك الحياة .


نهاية الفصل

ع عبد الجبار 31-01-20 03:39 AM

فصل جميل جدا ابدعتي... الأخ نعمه عندما يكون كعادل.... دمتي بخير بانتظارك لا تطيلي الغياب دمت بود 🌸

heba nada 31-01-20 12:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ع عبد الجبار (المشاركة 14748617)
فصل جميل جدا ابدعتي... الأخ نعمه عندما يكون كعادل.... دمتي بخير بانتظارك لا تطيلي الغياب دمت بود 🌸

أشكرك الفصل الجاي السبت إن شاء الله

um soso 31-01-20 05:44 PM

قيل في الامثال

الزوج موجود والابن مولود لكن الاخ مفقود
وفعلا عادل لفرحه هو نعم الاخ والسند والظهر والامان



نهاد على 01-02-20 01:55 PM

كل التعليقات بتشيد بعادل و دوره فى مواجهة مشكلة أخته و فعلاً بعد الأب ييجى الأخ السند .
فصل جميل يا هبه و بدأت مرحلة العلاج و بعدها الشفاء .

heba nada 01-02-20 10:50 PM

الفصل السابع


تنويه

قصص الفتيات الواردة بهذا الفصل من الواقع قمت بنقلها كما هي فقط ببعض التصرف لتناسب الحبكة



رحلة هي حياتنا،
نلهث خلف مرفأ سلامنا،
نرتكن بأحد محطاتها محبين،
نتعثر بأخرى مُكرهين ،
نتألم، نلتقط الأنفاس،
نكمل طالما ظل بصدرنا أنفاس ،
لتستمر الرحلة .

***
قليلون هم المحظوظون بالوصول لمرفأ سلامهم أو لنكن أدق ما يعتقدون أنه مرفأ سلامهم ،
أتوقف اليوم لألتقط أنفاسي بعد الركض طوال عام كامل
أجل كنت ألهث بحثا عن ذاتي التي كُبحت و كنت أظن أنني قد واريتها الثرى،
لا أنكر أنني في البداية دُفعت دفعا بفعل عادل،
كنت أتلكأ في الذهاب لدورتي التدريبة فيزجرني حانياً تارة مهدداً بغضبه الذي لا أقوى عليه تارة أخرى،
أجبُن عن حضور الجلسات مع طبيبتي فيدللني كطفلة أغراها أباها بالحلوى لتؤدي فروضها،
لكن بعد فترة وجيزة أدركتُ أنني خطوت أولى خطواتي نحو حلمي الذي كنت غافلة عنه، أتدرون أن عادل لم يختر دورة التفصيل إعتباطا إنما كان يرى داخلي ما كنت أجهله أو أتجاهله ،لا أدري،
نعم كنت أهوى رسم الثياب بل و أرسم ما أرغب بحياكته دوما متعللة أنني لا أجد ما يروقني بالمحال،
حتى أنهيت أول شهر من دورتي ووجدت متعتي في حياكة ثوب جديد حتى مع فشل أولى محاولاتي و التي كانت تخص عادل بالطبع،
أتذكر أني حكتُ قميصاً لأجله لكن قياسه كان يصغره بخمس درجات على أقل تقدير فبدى كدمية كرتونية عند ارتدائه وبالكاد استطاع إغلاق أول زرين بينما القميص يكاد يتمزق و نهاية الأكمام تصل لمنتصف ساعديه بمعجزة،
لم أتمالك نفسي عندما انفجرت ضاحكة لهيئته بينما يداعبني:
-أنا محتاج أخس شوية بس مش عارف أأقصر ايديا إزاي

بعدها و مع ثاني محاولاتي بحياكة عباءة لأمي كانت مهارتي قد تطورت و لأن قميص عادل أصبح من نصيب أحد أبناء جيراننا فقد بدأت طلباتهم لحياكة الملابس تأتيني على استحياء،
لم أكن أتقاضى أجرا فقد كنت أخشى أن أُفسد أقمشتهم، حتى أتقنتُ عملي و زادت طلبات أهل الحي فتقاضيت أول أجر نظير حياكة ثوبين لجارتي
أتدرون معنى الكسب الحلال ؟
رغم أني دوما كنت أمتلك بعض المال و إن قل ،
منحة من أمي أو تدليلا من أخي،
و لكن تلك الجنيهات المعدودة كان لها مذاقًا خاصًا،
لذا كان لزامًا على قلبي أن أنفقها لأجل أحب الأشخاص إليه.

في اليوم التالي تسللتُ خفية قبل موعد نهاية دورتي التي يصطحبني إليها عادل ذهابا و إيابا،
يخشى عليَّ الهواء و أنا أخشى العالم دونه،
كانت المرة الأولى التي أسير فيها بالطرقات وحدي،
استجمعت شجاعتي و استرجعت كلمات طبيبتي أعيدها بأذنيَّ لتمدني بالقوة،
تطلعتُ في وجوه المارة و لأول مرة لم أرَ وجه ياسر أو متولي
رأيت كلٌ يسبح في طريقه، خطّت الدنيا على الوجوه الكثير،
أتساءل ماذا تخفي تلك الوجوه خلفها ، أتخفي وحوشًا من نوع آخر أم أناس دقّتهم الدنيا بين رحاها فصاروا فتاتًا يحاول النجاة قبل أن تذروه الرياح، توجهتُ لأحد محال بيع مستلزمات إصلاح السيارات،
أعلم أن عادل يعاني عند تنظيف محرك السيارة لذا وددتُ بشراء الجهاز الخاص بذلك لأعينه قليلاً
لكني صدمت عندما علمت أن نقودي لا تفِي بنصف الثمن المطلوب ، رجوتُ البائع أن أسدد باقي الثمن على أقساط لكنه بالكاد وافق على حجز الجهاز نظير ما معي حتى أُكمل المبلغ:
-هعتبر المبلغ ده عربون لكن مش هقدر أحجز الجهاز أكثر من أسبوع
وعدته أنني سأكمل الثمن قريبا وانصرفت متجاهلة نظراته المُقلقة، لا أعلم هل يرتابني البائع حقًا أم أنا من ترتاب الجميع،
عدتُ سريعا لمكان دورتي حيث سينتظرني عادل ،
أعلم أنه يتكبد الكثير و يضطر لتعويض ساعات غيابه أثناء اصطحابي بزيادة ساعات عمله مساءًا و بالكاد يستطيع الراحة لبضع ساعات ليلًا قبل أن يعود لروتينه.
أتساءل كم من أناس حولنا يحملون قلب عادل، و كم منهم ياسر أو متولي، كم من فتاة مثلي ساقها قدرها لمثل ما عشته ثم لم تجد من يمد يد العون لها،
أتدرون أنني كنت سعيدة الحظ حتى أثناء مأسآتي لكنني لم أدرك ذلك إلا عندما قابلت من هن أتعس حظًا مني،
فبعد عدة جلسات منفردة مع طبيبتي دعتني الطبيبة لحضور جلسات علاج جماعي مع فتيات خضن مثل مأسآتي،
كنت أستمع كل مرة لقصة جديدة ترويها صاحبتها بكل ما بها من قهر و ألم،
رأيتُ هدية ،صغيرة لم تتعد السابعة عشر من عمرها، يحمل وجهها لون طمي الوادي الخصب علمتُ بعدها أنها هاربة من الجنوب بعد أن اغتصبها أبن عمها ليقوم أهلها بتزويجهما، فمن سيتقبلها زوجة غيره !
لتحيا معه لعامين كاملين ذاقت فيهما ويلات القهر و الظلم و تكرار الاعتداء من ذئب و المسمى زوج حتى هربت في لحظة يأس للعاصمة التي لم تكن تعرف أحدًا بها سوى سيدة نزحت من بلدتهم منذ زمن مكتفية بزيارات خاطفة لمسقط رأسها فكانت هدية تساعد أمها في تنظيف منزل عائلة السيدة عند زياراتها السريعه للبلدة، استنجدت هدية بها فآوتها،
و حاولت تقصي الوضع بالبلدة عن بعد فأدركت أن هدية بهروبها قد أُهدر دمها و لا مجال لعودتها أو حل وضعها إلا بمعجزة إلاهية.

لأسبوع كامل ظللت أُفكر بهدية علني أجد لها مخرجًا و لم أجد،
أقصى ما تستطيعه أن تظل في كنف سيدتها التي حاولت تقديم الدعم و علاجها حتى يقضيَ الله في أمرها،
أخرج من جلستي تتقاذفني الأفكار فيتلقفني عادل بنزهة اعتدتها عقب كل جلسة،
لأعود مع جلسة جديدة وقصة جديدة تعيد ترتيب أفكاري،
زينب ،فتاة في النصف الثاني من عقدها الثالث تمتلك من الجمال قدراً لا بأس به و تمتد قصتها لستة أعوام مضت،
البداية كانت عندما سُلبت شرفها بواسطة قاطعيّ طريق عند عودتها من جامعتها ليلا لينهار عالمها بين ليلة و ضحاها.
تركت دراستها بإحدى كليات القمة و نزحت مع عائلتها للعاصمة تخفيا من سياط المجتمع،
تلبست خاطبها روح الشهامة لشهرين لا أكثر ثم اعتذر عن إكمال الخطبة،
فاعتزلت العالم ببيت اسرتها لأعوام و لولا خشيتها من الله لأنهت حياتها دون تردد،
ما بال الدنيا تعاقب الضحية بينما الجناة يعيثون في الأرض فسادًا،
للحظة فكرت أن أحدهما ربما كان متولي ولو نال جزاءه لما كنت أنا ضحيته الجديدة،
ثم عدت أدرك أن الذئاب كثر و لايزالون يلهثون خلف ضحاياهم طالما أمنوا الجزاء.

أتدرون، أن ياسر ربما أسدى لي معروفًا و إن أتبعه بالمن و الأذى.
أتساءل إن كان الموقف حقا فوق قدرة احتماله أم أن الفضل كان يملي عليه تصرفًا آخر،
ألن يكُف عقلي عن طرح أسئلة لا أملك إجابتها!
أم أنني سقطتُ أسيرة للأفكار مع كل قصة لفتاة جديدة،
نادية، بعينين سوداوين انكسرتا قهراً بدأت تتلو قصتها التي إن شاهدتها بفيلم سينمائي لما صدقت حقيقتها،
نادية تنتمي لأسرة من أب انفصل عن أمها تاركًا عبء أربعة أطفال على كاهل الأم، لتضطر الأم للخروج للعمل معظم ساعات النهار غافلة عن أبنائها نادية و أخ يكبرها بعدة أعوام و أخوين أصغر،
بيدين مرتعشتين و جسد منكفئ على نفسه بدأت بذكر بداية قصتها عندما
كانت بالثانية عشر من عمرها، طفلة دعاها أخاها الأكبر للعب الأوراق و الفائز يطلب أي شيء وعلى الخاسر التنفيذ،
خسرت، طلب منها أخاها أن تخلع سروالها و تستلقي على السرير ليعيث بجسدها كما يرغب،
لم تكن تعي ما يحدث،أو لمَ، و مع عدم اكتفائه بمرة أولى حاولت الرفض ليسحب سكينًا على عنقها مهددا بقتلها إن لم تستجب،أو إن أخبرت أحدًا،
استمرت اعتداءات أخيها لسبع سنوات كلما سنحت له الفرصة أثناء غياب أمهما بالعمل،و غفلة الطفلين الأصغر عما يحدث،
جسدها كان يختض يقص سبع سنوات من القهر ، الخوف، و الانتهاك،
لا تحسبوا أن الأم ظلت على غفلتها !
لكن بمجتمعنا سمعة العائلة، و مستقبل الأبن الأكبر، أهم من حياة فرد كنادية التي قرروا تزويجها بابن عمها،
تشرُد قليلا فىي الفراغ قبل أن تستعيد لحظة هلعها التي دفعتها لمصارحة صديقة لها و بالتالي الأخصائية الاجتماعية بمدرستها التي أوصلتها بأحد أفراد جمعيات دعم المرأة المُعنفة،
كانت نادية في البداية لا تقوى على الهرب من بيتها لكنها ظلت على تواصل مع مسئولة الجمعية،
بالطبع لم تكن تستطيع التحدث و لكنها كانت تلجأ لدورة المياه لأرسال الرسائل و استقبالها،
و في كثير من الاحيان كانت تضطر للمبيت بدورة المياه هروبا من انتهاك أخيها الذي لم يترك فرصة سانحة إلا و كرر فعلته،
ظلت على تواصل مع مسئولة الجمعية حتى استطاعت الهرب لتبدأ رحلة تعافيها الطويلة و الصعبة،
ما بال الفتيات مصرات على زعزعة أفكاري و إثارة الزوابع برأسي،
أيمكن لأخ ألا يكون كعادل،
يبدو أن في زماننا كل شيء ممكن،فقط أنا من لا تصدق.

نعم لازلت لا أصدق كيف لأب أن يطلب من المُغتصب أن يتزوج ابنته بل و يمنع ابنته من تقديم شكوى ضده كما فعل والد حنان،
الشابة ذات العشرون ربيعا التي كانت ضحية لذئب بشري لكن لا تعلم أكانت سعيدة الحظ لمعرفتها لشخصه أم أن هذا لسوء حظها،
بعد أن أخبرت أهلها بما حدث و إصرارها على تقديم بلاغ ضد الجاني و الثأر لشرفها فما كان من ذويها إلا التجمع و إجبار الذئب و الضحية على الزواج لأشهر ثم الطلاق،
صحيح أنهم كانوا من الرأفة بابنتهم ألا يسمحوا للجاني بالزواج الفعلي و لكن هل تستحق ورقة التوت التي يبغونها لستر العرض السماح للذئب بالفرار!
كانت حنان تعاني أثر انتهاك الروح قبل الجسد لا أعلم هل الجاني حقا هو مُغتصبها أم أن المجتمع و العرف هم الجناة !

أرهقَت ذهني قصصهم و استنزفت الباقي من تعقل لديّ،
ترحمتُ على أبي الذي أثق الآن أنه لم يكن ليُضيع حقي إن استطاع ،و إن كان ينوي القصاص بطريقته .
كانت تلك الجلسات بمثابة الوقود الأسبوعي لحياتي
نتقاسم ألآمنا فتتناقص تدريجيًا و إن لم تتلاشى.

ثم أعود لأكمل حصص دورتي التدريبة و أستمتع بعملي في الحياكة الذي أتقنته و حرصت على زيادة ساعات عملي لأنهي الاثواب المطلوبة مني خلال أسبوع على أكثر تقدير فأتقاضى أجري الذي كنت أتوق له،

و يوم اكتمل بيدي الباقي من ثمن الجهاز لم استطع الانتظار،
فور أن أوصلني عادل لمكان دورتي و انصرف هرعت للبائع و معي الثمن المطلوب فنقدته إياه و استلمت الجهاز،
لا أنكر أن سعادتي جعلت البائع يندهش لأمري فما حاجة فتاة مثلي لجهاز كهذا،
حسنًا هو حقا يرتابني ولا يُخيل لي ، إذًا فليفعل.
حملت الجهاز الثقيل نسبيًا لفتاة ضعيفة الجسد مثلي و لكنني تحاملت حتى وصلت لمكان لقائي بعادل فهو يستحق تلك المفاجأة التي قرأتها على وجهه فور رؤيته للجهاز و هو يسألني بمزيج من الدهشة و الفضول و السعادة:
-جبتيه إزاي يا فرحة
لأقص عليه ما فعلت معتذرة عن الذهاب بمفردي دون علمه ليحتوي كتفي مؤنبًا بحنان:
-رغم إني سعيد إنك بدأتِ تمشي و تتصرفي لوحدك لكن قلقي عليكِ يخليني أزعل أنك ماقلتيليش
حتى في عتابه حانيا رقيقًا مما دفعني للتعلق برقبته و تقبيل وجنته معتذرة:
-أنا آسفة بس كنت عايزة أعمل لك مفاجأة
ربت على وجنتي مطمئنا و هو يحمل الجهاز عن الأرض :
-سماح بس ماتعمليهاش تاني
-انتِ كنتِ شايلة كل ده إزاي؟
فانفجرت ضاحكة فأنا لا أعلم حقا كيف حملته ليمازحني :
-بس انتِ كده ضيعتي فسحتك النهاردة ما هو مش هنتفسح و أحنا شايلينه
***
بعد عدة أشهر كنت قد أنهيتُ دورتي التدريبة بالحياكة،
ذاع صيتي بحينا و الأحياء المجاورة فكنت أعمل طوال ساعات النهار و لجزء من الليل لاستطيع الوفاء بالعمل المطلوب مني
حتى فاجأني عادل للمرة التي توقفت عن عدها عندما اصطحبني لغرفة بxxxx قديم مجاور للورشة التي يعمل بها و ما إن دخلت حتى وجدت ماكينتين للحياكة ليوضح عادل و هو يخرج بعض الأوراق فيضعها بيدي :
-شوفي يا ستي أنا أجرت الأوضة دي و دفعت لك شهرين مقدم
-و المكنتين دول أنا دفعت المقدم بتاعهم و حضرتك عليكِ الأقساط و الإيصالات معاكِ
-صحيح أنا اللي ماضي عليها بس انتِ حرة بقى لو ترضي أخوكِ يتسجن متدفعيش
احتضنته فرحًا و خوفًا و عرفانًا بجميله الذي إن عشت عمري رغبة بسداده لن أفيه حقه ليوقفني مكملا:
-مطلوب من حضرتك تشوفي بنتين يشتغلوا معاكِ من بكرة و حنقلك الماكينة اللي في البيت هنا
نظر للسماء كمن نفذت منه الحيل ليكمل بفكاهة:
-و أمري لله هجيبك و أروحك معايا
هل عجز لسانك يوما عن النطق بما هو مناسب حقا،
هربت اللغة و فرت المعاني أمام ما تراه من حب يغمرك دون مقابل،
حب لو وزع على أهل الأرض لما وجد بها حاقد،
لأول مرة أتذوق دموع الفرح عندما عجز لساني عن شكره فألقيت بنفسي بين أحضانه شاكرة له،
شاكرة لله أن وجدَ بحياتي:
-الحمد لله إنك أخويا
-ربنا يخليك ليَ
لتكون البداية لفرحة جديدة غير تلك السابقه بصحبة أمل ووفاء اللتين تعرفت عليهما خلال رحلتي .
***




نظرة في قوانين بعض دولنا العربية

مصر: قامت مصر عام 1999 بإلغاء المادة التي تسمح للجاني بالافلات من العقوبة إذا تزوج المُغتصبة و رغم أن تعديلات القانون تقف في صف الضحية إلا أن العرف و الخوف من الفضيحة لازال هو الحاكم في هذه القضايا

الأردن: قامت الأردن عام 2017 بإلغاء المادة التي تنص على إعفاء الجاني من العقوبة إذا تزوج الضحية

لبنان: يواجه المُغتصب عقوبة السجن 5 سنوات وما لا يقل عن 7 سنوات إذا كان سن الضحية أقل من 15 سنه و قامت لبنان بإلغاء المادة التي تعفي الجاني من الملاحقة عند زواجه بالضحية عام 2017

سوريا: ينص القانون على أنه يعاقب كل من أكره غير زوجه على الجماع بالاشغال الشاقة 15 عاما و يُعفى الجاني من الملاحقة إذا ما تزوج المجني عليها

ليبيا: تسقط المادة 424 جريمة الاغتصاب و توقف إجراءات التقاضي إذا تزوج الجاني المجني عليها و يزول الايقاف قبل مضي 3 سنوات من تاريخ الجريمة في حال طلاق المجني عليها دون سبب وجيه أو صدور حكم بالطلاق لصالح الزوجة

البحرين: يعاقب كل من واقع أنثى بغير رضاها بالسجن و بالسجن المشدد إن كانت الأنثى دون السادسة عشر و يُعفى الجاني من العقوبة إذا عقد قرانه على الضحية

السودان : تواجه المرأة الملاحقة القضائية في حال عدم إثباتها الواقعة، حيث تُطالب الضحية بإثبات أن اللقاء لم يكن بموافقتها فإن فشلت واجهت عقوبة الزنى

الجزائر : يعاقب الجاني بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات و تشدد العقوبة للسجن من 10 إلى 20 عام إذا كانت الضحية دون الثامنة عشر و يسمح القانون للجاني بالافلات من العقوبة إذا تزوج المجني عليها

اليمن : لا يوجد تعريف واضح لجريمة الاغتصاب و تخشى الضحية من تحويل القضية لقضية زنى إذا فشلت في إثبات عدم رضاها
المغرب : وافق البرلمان المغربي عام 2014 بإلغاء المادة التي تعفي الجاني من الملاحقة إذا تزوج المجني عليها بعد إقدام إحدى الفتيات على الأنتحار بعد إجبارها على الزواج من مغتصبها

حكم الاغتصاب في الإسلام : يعتبر الاغتصاب جريمة مركبة يستحق مرتكبها حديّ الزنى والحرابة حتى و إن لم تتم واقعه الزنى يظل الجاني مُستحقًا لحد الحرابة و للحاكم استخدام التعزير في تغليظ العقوبة بما يردع الناس و لا عقوبة على المغتَصبة

( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) سورة المائدة (33)
منقول من عدة مصادر بإختصار

وما بين أعراف بالية لا أصل لها و قوانين وضعية بعيدة كل البعد عن الدين لازالت الذئاب طليقة

نهاية الفصل


الساعة الآن 08:09 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.