آخر 10 مشاركات
كل المنــــــى أنتِ للكاتبة / سراب المنى / مكتمله (الكاتـب : اسطورة ! - )           »          همس الشفاه (150) للكاتبة: Chantelle Shaw *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          وأغلقت قلبي..!! (78) للكاتبة: جاكلين بيرد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          فرسان على جمر الغضى *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          قيود العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : pretty dede - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          زَخّات الحُب والحَصى * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree56Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-02-20, 11:06 PM   #11

S44

? العضوٌ??? » 443432
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 159
?  نُقآطِيْ » S44 is on a distinguished road
افتراضي


نورتي المنتدي
الف مبرووووك ياقلبي علي الرواية 😍😍
بالتوووووووووفيق ❤❤❤❤


S44 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-20, 02:19 AM   #12

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ع عبد الجبار مشاهدة المشاركة
سلمت اناملك الذهبية ابداع جميل جدا بانتظار الفصل القادم لا تطيلي الغياب دمت بخير، 🌸
تسلمي يااارب إن شاء الله يعجبك


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 05:11 PM   #13

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي


تغلق الرواية لحين عودة الكاتبة لانزال الفصول حسب قوانين قسم وحي الاعضاء للغلق

عند رغبة الكاتبة باعادة فتح الرواية يرجى مراسلة احدى مشرفات قسم وحي الاعضاء (rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065, ebti ، رغيدا)
تحياتنا

اشراف وحي الاعضاء


قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 27-07-20, 01:45 AM   #14

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

ليلتكم سعيدة.... تم فتح الرواية بطلب من الكاتبة لاستئناف تنزيل الفصول....

ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 28-07-20, 10:54 PM   #15

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ebti مشاهدة المشاركة
ليلتكم سعيدة.... تم فتح الرواية بطلب من الكاتبة لاستئناف تنزيل الفصول....
شكرا حبيبتي على ذوقك


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-07-20, 10:57 PM   #16

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الخامس


ليست الكلمات فقط هي ما تُفسر كعهود
ففي عقيدة حواء
النظرة وعد
واللمسة وعد
وإذا لم يُسطركل ذلك في عهد فهو قطعًا
كان محض وهم !
.............................
بين عائلتها وشعور بالضياع يكتنفها ولا يفارق ، تائهة بلا إرادة كتلك الذرة السابحة بين العوالم ..
حول مائدة الطعام كانت ليلى وعائلتها ملتفين ، نديم وزوجته في زيارة أسبوعية لهم ورائحة شواء والدتها الشهي تفوح من أطباق المائدة وتعد هي المقبلات بذهن شارد ، أجواء مرحة لا تغريها يعج بها البيت في وجود الأخ المشاكس الذي جلس ساعة تناول الطعام في المقعد المجاور لها والذي أيضًا
لكزها في ذراعها
ـ عاملة إيه من غيري في الشقة أكيد مفيش حد تزعجيه .
التفتت بكليتها إليه في استفزاز وتصنعت تنهيدة ارتياح في محاولة للتصرف بطبيعية
ـ مرتاحة جدًا والبيت هادي
تعالت الضحكات المرحة فتدخل الأب قائلًا بأسى
ـ بكرة هي كمان تتجوز والبيت يفضى عليا أنا وليلى .
قالها مشيرًا إلى زوجته التي ابتسمت له بمودة مشجعة إياه ليكمل فاستدار إلى ابنته
ـ دة طبعًا بعد ما تقابلي العريس إللي متقدملك .
انتبه الجميع وتركوا الطعام منتظرين باقي التفاصيل بينما تحفز جسد ليلى لما قاله والدها ونقلها عنوة من حالة الشرود إلى
حالة التأهب القصوى، انحسر الهواء من حولها واختنقت ،
تدخلت أروى زوجة نديم تحثه على أن يكمل
ـ مين العريس دة ياعمو ؟
والأب كان مصدومًا من انقلاب
حال ابنته كما انتبهت له أمها أيضًا،
كانت ملامح ليلى متجعدة مفضوحة لهم ، ألم يكن كل شيء مفضوح منذ البداية وهم من آثروا إعطائها الفرصة !!
الجميع خيم عليه الصمت الذي قطعه نديم ببساطة
ـ اسمه محمود صادق والده صديق قديم لبابا يا أروى ليلى تعرفه .
قالها وعيناه لم تفارقا خلجات أخته الصامتة كمدينة مات سكانها ،
استحثتها أمها لتنطق وتهدم هذا الجدار الشاهق من الجمود
ـ ساكتة ليه يا ليلى ؟ هتقابلي محمود زي ما بابا عايز ولا إيه رأيك ؟
انقلب جمودها إلى نفورًا طفحت به ملامحها ، لسانها انعقد وكأن الكلام يجافيها هي تود صراخًا لا رفضًا عاديًا، من قبل كان الحديث في تلك الأمور سهلًا كما الرفض تمامًا ولكن هذه المرة مجرد التخيل أثار فيها الجنون ،هي وعدت نفسها لأول من لمس كفها بحميمية ، عند ذلك الخاطر ارتعدت أوصالها وأمام عينيها جُسدت اللقاءات ..
أجل فبعد اللقاء الأول كان هناك ثاني وثالث وسابع وعندما لامس أناملها متعمدًا لم تمانع ، بعدها تلاقت الأيدي في احتضان كلا لم يكن، هو كان التحامًا!
توهجت الخواطر في عقلها وقلبها المتورط أعلن تذمره ، والدماء تدفقت إلى وجنتيها فهربت هي من تفحصهم ، نهضت بجسد متحفز ونبرتها احتدت على غير العادة
ـ مش هقابل حد يابابا .
قالتها واستدارت تندفع
نحو غرفتها ونظراتهم المبهوتة تشيعها ، حدتها المستحدثة أودعت الضيق في نفوس أهلها
...
وفي غرفتها كانت تروح وتجيء بتوتر ربما طلب محمود لم يعجبها ولكن رفضها غير مدعوم بأسباب قوية ، هي تعرف الشاب جيدًا على خلق وعائلته جيدة ولكنها هي من لاتصلح له ، قلبها قد تعلق بشباك حذيفة منذ مدة بالرغم أن علاقتهما مازلت في طور مموه لا مرسى له ..
عرض الزواج مرفوض بالنسبة لها لكنه في لحظة أغراها لتستخدمه كورقة ضغط عليه عله يأخذ خطوة جدية أو ينطلق لسانه بما يريح خافقها ، وبعد عزمها التقطت هاتفها وأرسلت رسالة إليه
( نتقابل بكرة ؟ )
أجابها سريعًا
( أنا كمان عايزأشوفك )
تلك الثقة التي دومًا ما تنضح من عباراته المختصرة استجلبت إلى ثغرها ابتسامة خجول وأغمضت عينيها تحلم بتفاصيل ترضيها ..
..........................
أمام حوض الأطباق كانت أمها تجلي صحونها شاردة تنهيدة زوجها الثقيلة جعلتها تلتفت إليه ليبادر هو
ـ كنا غلط لما سيبناها براحتها .
أومأت مؤكدة كلامه
ـ أيوة يا مختار كنا غلط ، استنيتها تحكي وهي سكتت .
حك جبهته في ندم
ـ دي حتى مش متقبلة مجرد كلام عن عريس .
اقتربت زوجته منه تمسد ذراعه بحب
ـ يمكن إحنا فاهمين غلط سيبني أكلمها أنا ، لو هي مجتش من نفسها دوري أنا أقرب منها وأديها فرصة تتكلم ..
..................................................
وقفت تتلفت حولها مندهشة ، المكان الذي دعاها إليه تلك المرة غريب ، يبعد ساعة كاملة عن منزلها في منطقة غير مأهولة بسكان أو مقاهٍ حتى ،كانت منطقة مزارع ، ابتلعت دهشتها عندما وجدته أمامها مباشرة يصف سيارته على جانب الطريق ويترجل منها بابتسامة واسعة ، رفرفت أهدابها ومن ثم انتقلت عدوى الابتسامة إلى ثغرها هي الأخرى
تقدم نحوها بخطوات وئيدة حتى وصلها سائلًا إياها
ـ اتأخرت كتير ؟
التمع في عينيها بريق آسر خُلق من أجله خصيصًا
ـ المهم إنك جيت .
استشعر بحدسة تورية جملتها ومدى ارتياحها لوجوده ،
رق قلبه لها بلا إرادة وانحني قليلا مقربًا عينيه من خاصتها هامسًا
ـ طيب يلا تعالي
أغمضت عينيها تخفي طيفه بين رموشها وهزت رأسها مرتين وتبعته ،
كانت خلفه مباشرة حينما دلف عبر
أحد البوابات العملاقة المزدانة حوافها بالنباتات المتسللة التي التحمت لتصنع قبة خضراء امتدت للأمام لتغطي الممر بطوله من السقف معتمدة على صفي الاشجار المتوازيين بطول الممر
أزكم أنفها عبق تطاير من اختلاط ذرات التراب بالماء ، دفقة من السعادة لا تعلم مصدرها اجتاحت صدرها.
الممر طويل على جوانبه المتوازية أشجار عالية وشجيرات متوهج خضارها في ذلك الوقت الخريفي من العام كانت الأرض ندية نوعًا ما فانزلقت قدمها واختل توازن جسدها لتتشبث بقميصه من الخلف ، فالتفت لها يدعم جسدها ويتلاقى جسديهما في نصف احتضان توقف على إثره كل شيء إلا حفيف الأشجار وهسيس الأنفاس التي تعانقت متراقصة على عزف أوتار القلوب ..
جسدها كان يختض بين كفيه فهمست اسمه بضياع ، وكان هومسحورًا بعبق الجنة مكبلًا بأسر عينيها فهمس
ـ عنيكِ بتسحرني ياليلى .
وليلى ضاعت تلاشت انحسر الهواء عن رئتيها وشحب وجهها ، استفاق لنفسه فدعم جسدها لتقف ثابتة وارتد للخلف بحدة قائلًا بتوتر وندم
ـ أنا آسف .
وإن كانت تستطيع النطق لفعلت ،
كان الجو مشحونًا حولهما فاستدار يكمل
طريقه
ببطء لتتبعه هي ، هي التي كانت غارقة في تلابيب ذكرى أول لمسة حدثت في الماضي بينهما التي فعليًا لم تكن الأولى ولكنها من فرط روعة إحساسها بها عدتها الأولى
كانت جالسة جواره في السيارة في أحد لقاءاتهما الأولى ، وقتها مر بالسيارة على أحد متاجر المثلجات الشهيرة قائلًا
ـ البنات بيحبو الأيس كريم أجيبلك شيكولاتة ؟
نفت هي بابتسامة ناعمة
ـ لا بحب النكهات المنعشة ممكن فانيلا أو فراولة أي نوع بس يكون منعش .
لحظتها ابتسم ابتسامة
حقيقية
شقت صدرها هي شقًا قبله
ولم تعلم سرها حتى ولو سألته لأجاب أن كل ما فيكِ منعش ..
التفت أناملها حول كوب المثلجات بعدما ارتعشت من لمسته المتعمدة عندما أعطاها كوبها بينما سلط نظراته في عينيها فلم تسحب هي يدها
أبعد أصابعه ببطء وأمهلها حتى أكملت مثلجاتها ومن ثم كانت يدها الرقيقة مأسورة بقبضته في تملك وهي كعادة كل قرب بينهما ولو عرضيّ تغمض عينيها ولا ترفضه ..
توقفت في ممر المزرعة حينما توقف هو وتلاشت الذكرى ليحتل الواقع بروعته كيانها نظرت أمامها بانشداه ،
كان المكان حولها كنفحة من الجنة
قطعة أرض مربعة محفوفة بأشجار تنتظم في تصميم هندسي لتبدو كجدران لتلك الأرض
و أزهار في كل مكان وشجيرات صغيرة مرصوصة بترتيب أنيق نباتات متسلقة معلقة حولها
دارت حول نفسها مأخوذة بما تراه ، كان في المنتصف تمامًا طاولة مستديرة ومقعدين ملونين فقط حولها كأنها جلسة وسط الورود صُنعت خصيصًا لعاشقين
في خضم تأثرها لم تعِ أنها كانت تدور حول نفسها في مدار هي شمسه وكان هو واقفًا خارج جنتها يطالعها مأخوذًا بسحرها ، طولها الفارع وخصلاتها البنية الداكنة التي يتخللها خصلات نحاسية كالكراميل مع برونزية بشرتها كل تفاصيلها محفورة في عقله ، هي ليست كأجمل امرأة تراها عيناه لكنها أنثى جذابة تسحره وأطلقت على قلبه تعوذيتها الخاصة حينما اقتربت وبدون ترتيب همست
ـ حذيفة أنا بحبك !


قالتها بكل إحساس سكن قلبها نحوه في يوم وفي عوالم موازية يزيل الاعتراف
بقبلة على الشفاة تليها أخرى فوق الجبين ويسطر وعد باللقيا أبد الدهر أما في أسطورة بطلها وغد يكون الوعد مبتورًا كنصف عهد ، يتملك كفها ويعتصره بينما عيناه تموج فيها المشاعر سافرة لكنه يبخل تلك المرة ولا يجود على الأرض بالغيث يضغط على كفها أكثر فتتألم ولاتبالي ولو أنها تعلم لأدركت أن ما تزرعه معه اليوم ستجنيه في الغد حنظلًا يكوي حلقها بأنات الفقد ..
سحب كفها إلى الطاولة وأجلسها وجلس أمامها فسألته متشبثة بأذيال الحالمية
ـ إللي بينا اسمه إيه ؟
أجاب بعين نصف مغلقة ونبرة يحسده الثعلب على إتقانه فيها المكر
ـ إللي بينا جميل أوي بلاش نسميه دلوقت الاسم هيضيع جمال إحساسنا
............
بعد مرور عدة أيام


في المركز التجاري خطواته المتمهلة لم تستطع اللحاق بزوجته المتعجلة فتركها أشرف الذي يحمل صغيرته كندة وصعد بها إلى الطابق الثاني ليتفحص واجهات المتاجر الخاصة بملابس الأطفال بعد الملل الذي أصابه من أمل في السوق التجاري الضخم في الأسفل ،
فر بحنق فالعطلة التي انتظرها ليقضياها معًا في المنزل ينعم معها بساعات هانئة بعد عملها المستمر وعمله هو أيضا ضيعتها هي في التسكع بين أروقة المركز التجاري تنتقي عبوات الحليب وأنواع الجبن
كانت كندة تعبث بياقة قميصه فتشتت تركيزه الذي انتبه في لحظة لأكثر ما كان يؤرقه الفترة الماضية بل وتوقع حدوثه بحذافيره ...
......
في جهة أخرى من المركز التجاري
..
جذب كفها بحدة هاتفًا
- كفاية بقى تعبتيني وكمان مبحبش مشاوير البنات .
التفتت إليه بعدما توقفت عن السير رفعت حاجبها .
وسألته بريبة
- أنتَ عرفت مشاوير البنات إمتى عشان متحبهاش أنت معندكش أخوات بنات أصلًا
لغيظها لم يتلعثم وأجاب بلا مبالاة
- بس عندي أم .
ابتسمت بمودة
-مامتك جميلة قوي وأنا بحبها .
كان جافا في رده
-شكرًا
رفعت طارف شفتها العليا في تعبير أثير عن الحنق و السخرية
- شكرا !.. لو مكنتش أعرفك كنت صدقت أنك هترد وتقول شكرًا ومش هتقولي وأنت كمان جميلة ..
فاضت من عينيه نظرة تعرفها جيدًا حينما يتجعد جانب عينيه قبل ابتسامة رائقة من ثغره
هو لا يعلم أن ابتسامة عينيه تطيح بكامل ثباتها ..
لم يصمت قليلا إلا وتغزل
-أنت كمان جميلة .
كادت أن تتقافز بسعادة كطفلة تسلمت لتوها حلوى العيد لكنها حبست السعادة بداخلها موقنة أن كل لحظات تقضيها بجانبه هي دقائق من العمر تتلون بألوان العيد ..
استندت على الحائط بجانبه تتطلع له في توق لم يخفى عليه وقالت بعزم تنافى مع نظرة عينيها
-حذيفة أنا متقدم لي عريس وأهلي عايزيني أقابله .
وفي لحظة تشبه انطباق السموات فوق الأرض أرجفها حينما قطع المسافة بينهما وترك الفاصل خطوتين فقط ليشرف عليها من علو مستندًا بكفه على الحائط بجانبها
وعيناه تسلطت عليها في تعبير جعله لأول مرة يبدو كمجرما متأهبها لاقتناص روحها وهمس بخطورة أخافتها
-وهتعملي إيه ؟
والأنثى مهما وصلت براءة نواياها وقلة خبرتها هي متلاعبة بالأصل
نفضت عنها رداء الخجل وكل ما قد يبعدها عنه و تقدمت خطوة تاركة بينهما مقدار أنفاس لاهثة وهمست بشغف
-حبيبي أنتَ بتغير !
أي غبية هي لتقف أمامه بكل تلك الثقة تدعوه بكلمة حب مقرونة بملكية وتؤكد ماهو حقيقي بالفعل !
أجل وتبًا هو يغار ويعلم أن مايحدث قد تعدى كل فواصل الصواب والخطأ .
وتلك هي قوة الحب ، أن تدق في عقلك كل نواقيس الخطر أن تبتعد وأنت كالأبله لا تقوى على فعلها ..
انتشله من هوة أفكاره صوت حاد كالسيف شق طبقات الغلاف الجوي آتيًا من مجرة مجاورة كل سكانها متنمرين حينما نطق متهكما
- أنتَ وصلت للغيرة ؟
التفت الاثنان لصاحب الصوت
ارتعدت وأخفت عينيها بأحد كفيها ،
أوجعه أن يضعها في ذلك الموقف أمام صديقه فتقدم للأمام بتحد وأخفاها هي خلف ظهره في حماية أشعلت في قلبها النبضات
سلط عيناه المتبجحة على أشرف الغاضب في سخط دام لثواني قبل أن يجذب الطفلة من أبيها ويستدير ليعطيها ل ليلي التي تلقفتها منه وهي مطرقة لا تقوى على مواجهة عيني أشرف .
خاطب صديقه بصوت مكتوم
-تعالى لو سمحت نتكلم على جنب .
سبقه أشرف وتوقف على بعد عدة أمطار
وصل إليه حذيفة وواجهه بثبات وعينين لا تهتزان
بينما بادره الآخر بنبرة مشمئزة زاجرة بحدة
-هي عارفة هي رقم كام ؟
زعق حذيفة بحدة أكبر
-أشرف !
تقدم أشرف نحوه مغتاظًا
-يبقى متعرفش .
زفر حذيفة بقنوط منهيًا الوضع المتأذم
-لو سمحت يا أشرف ممكن نأجل كلام دلوقت في أي حاجة ونمشي و كفاية عليها الإحراج دة كله .
أومأ أشرف متفهما على مضض
-تمام نتكلم بعدين
وصلا إليها بوجوه غير مفسرة
تحدث أشرف أولًا
- متقلقيش يا ليلى أنا أخوك
أنهى كلمته زاجرًا الآخر بنظرة حارقة
لم ترفع عينيها فرفع عنها الحرج وتحدث بمرح مصطنع
-بكرة عيد ميلاد كندة وكانت أمل هتكلمك تعزمك هنتسناك
أجابته بخفوت
-أوك هحاول أجي .
مد يده إلى طفلته التي ارتمت في أحضانه وودعهم بكلمات مقتضبة .
..
بعدما غادر أشرف طلب منها بنبرة حنونة متفهمة
-ارفعي عيونك وإوعي تبصي للأرض وأنا معاك .
رفعت عينيها إليه على استحياء فاحتوتها النظرة الحنونة في عينيه
- مش عارفة هواجهه هو وأمل إزاي ؟
غص قلبه لانكسار نبرة صوتها الخافتة فقبض كفه بغضب
-ليلى ..واجهيهم عادي وكأن محصلش أي حاجة وأنا هتصرف .
أومأت بطاعة ولسان صامت
فجذب كفها برقة
-يلا عشان أوصلك .
.............


ترفل بثوبها الكريمي الناعم كلاسيكي التصميم وتبرجها المخملي المتقن إلى الحفل
ولرجل اقترب حد أن اقتنص عذرية القلب فهذا حقا صعب ،
صعب أن تتغنج أنثاه هكذا بلا قصد
ف يهوى قلبه صريعًا تحت قدميها بينما يعصاها العقل ..
ولنفسه سخر متهكمًا
أي عقل ذاك يارجل
فتلك الطاغية أمامك تدغدغ فيك قلب الراهب ويشتهيها الماجن فماذا بعد !


وعنها هي كانت تغرق في خجلها من أشرف وتحاول ألا تظهر أمام عينيه ففضلت بعدما اختلست النظرة إلى حذيفة أن تهرب إلى المطبخ متصنعة مساعدة أمل في إحضار المشروبات الباردة ،
لحق هو بها بعدما لاحظ خروج أمل من المطبخ
دلف إليها بخطوات متثاقلة بعد أن راقبها بشرود لبعض الوقت بينما هي توليه ظهرها
كانت منشغلة بترتيب الأكواب حتى توقفت أناملها فجأة عندها دغدغ أنفها وحواسها عطر تعرفه جيدًا
التفتت إليه فتناثرت ثورة من خصلاتها حول وجهها وجيدها ،
اقترب هو مأخوذا كما عادته في حضرتها
أسلبت أهدابها منتظرة منه بداية
فنطق بخفوت قاتل
-أنت غيرتي وشم الفراشات ؟
بأنامل مرتجفة مترددة أزاحت خصلاتها المتناثرة حول جيدها ورتبتهم على أحد أكتافها ليظهر وشم القلب بالجانب الآخر من رقبتها قريبا من موضع وريد فاض به النبض ،
كانت مسبلة أهدابها لم تواجه عينيه لخوفها مما قد تراه فيهما
وهو الآخر كان قد زلت قدماه إلى بئر آخر تلتف حوله جدارن الذنب ،
حقًا هي لا تستحق أن يؤلم قلبها الذي منحته إياه طواعيةً
وصوته خرج مرتجفًا أول مرة مفعمًا بإشارات العشق رغم كل محاولاته لكبته
-ليه غيرتيه وعملتي دة ؟
وشجن صوتها كان كقطرات مياه باردة أنعشت فيه الحياة بعد طول صيف
-كنت عاملة فراشات طايرة عشان كنت بحب الحرية لكن دلوقت..
وصمتت ترفع عينيها إليه تكتب بأحبار العشق ملحمة تحتل بها القلب
فتحركت شفتيها في عذوبة بلا صوت
-بحبك !
لدهشتها لم يقترب ولم يتحرك من جسده المتصلب إلا عيناه التائهتين
بل إنه للمرة الأولى من وقت ما عرفته يستدير للخلف ويهرب ...
..........
كان مستلقيًا فوق السور العلوي لبناية أشرف يراقب السماء وما تحويه من أسرار ينفث دخان لفافته المحشوة بصمت يخيل له أن الرياح تحمله إليها فيتداخل مع خيالاته صوت صديقه الغاضب
-كملت بالحشيش كمان يا دكتور ..
وهو تجاهل وواصل حبوه بين أروقة التيه متعمدًا
فأصر الآخر بحنق
- ليه بتشربه ياحذيفة ؟
وهذه المرة استفزه أن يجيب
-بتوقف الدوشة إللي في دماغي .
سخر أشرف بلذوعة
-طيب ما تشد بودرة .
قهقه حذيفة بلا مرح
-عايز أوقف الدوشة مش أوقف دماغي نفسها ..
وصديقه كان غاضبًا منه فانتابته الحمائية نحو ليلى التي يعتبرها أخته الصغيرة فسأل بحدة
-إيه بيحصل بينك وبين ليلى ؟
وكأنه يتحدث عن الطقس أجاب
-بحبها .
كانت إجابته متوقعة لصديقه والأدهى أنه يعرف أن ما من شيء يدعو للتفاؤل ..
قطب أشرف مواصلًا استجوابه
-جاوب على سؤالي إللي سألته في المول ، ليلى تعرف كل حاجة عنك ؟
غص قلب حذيفة وأجاب بمرارة واقتضاب
-لاء
زفر الصديق بسخط وأكمل أسئلته
-هتتجوزها ؟
والآخر أجاد الالتحاف ببلورة ثلج تخفي انقباضة قلبه عند ذكر الاقتران بها فأجاب بخفوت موجوع
-لاء
وخياله المتمرد لم يبخل عليه بهدية كان فيها متمرغًا في دفء أحضانها ..
وهنا كان انفجار أشرف وتناثر الشظايا فزعق فيه
-ليه ؟ تفرق إيه عن الاتنين إللي اتجوزتهم قبلها ؟
أدرك أشرف أنه أصاب هدفًا عندما تلونت ملامح حذيفة باليأس وبالفعل كان الآخر حزينًا عندما خرج من إطار الصورة وصدمته بشاعتها من الخارج
فنهض بتثاقل ليجلس فوق السور ، أطرق قليلًا وأجاب بأنفاس ساخنةً محترقةً وصوت ترقق من فرط الحنين
-بحبها يا أشرف .
والساخط استشاط غضبا
-مش هتتجوز إللي بتحبك وبتحبها وعادي اتجوزت قبل كدة مرتين جواز متعة ؟ فين المنطق هنا ياحذيفة فهمني ..
ذنبها إيه تعلقها كدة وليه بتعمل في نفسك أنت كمان كدة ؟


والتائه ألقى ما تبقى من اللفافة المحترقة بين أصابعه بعيدًا باستسلام غريب عن شخصيته المعتدة مجيبًا بصوت بارد بعيدًا كليًا عما يعتريه
-المرتين إللي اتجوزت فيهم في ألمانيا مكانش بيني وبين أي واحدة مشاعر ، مجرد وقت بقضيه ولما بحب أنهيه بينتهي زي أي اتفاق ، لكن مع ليلى الوضع مختلف
في حب ..مشاعر ..أنا كلي متورط فيها ..وعارف إني ورطها معايا لكن هقف عند النقطة دي ومش هكمل ..
والآخركان يحاول فهم أفكار صديقه الغربية
-ليه مش هتكمل ؟ دى المرة الوحيدة إللي الجواز فيها هيكون صح مش عقد متعة مشكوك في صحته ..
وحذيفة كان مصرًا على هدم آخر ذرات التعقل لدى أشرف
-جوازي منها يعني مسئولية وبيت ونعمل عيلة ونخلف وأنا آخر راجل في الدنيا ممكن أوفر ليها دة لو كان في طريقة أكون معاها من غير مسئولية مكنتش أترددت .
وأشرف أصاب عقله الهياج وتهيأ للكمة تطرح صديقه الغبي أرضًا
-أنتَ اتجننت ؟ .. دي .
وتلعثم
- دي أخت صاحبك !
وسكت برهة وأجاد تصويب السهم القاتل
- وبتحبك .
أغمض حذيفه عينيه وجذب كل ما استطاع من هواء يملأ به صدره عل اللهيب فيه يهدأ
وخرج صوته خافت بقنوط
-عارف
والآخر جن جنونه فهتف غاضبًا
-وهتعمل إيه ؟
واليأس زحف في خلايا المارق فجمد أوصاله
-هسافر ..
وهم بالمغادرة لينتاب أشرف حمى شد أزر الصديق فقال بخفوت
-ياحذيفة إللي حصل لأخوك زمان مكنش ذنبك ..هو قدره كدة ..متوقفش حياتك لمجرد خوفك من المسئولية .
اجتاحت حذيفة أعاصير من ألم سكنت روحه قبل ذلك سنوات طويلة لتأتيه هكذا دفعة واحدة اليوم
-لاء كان ذنبي لوحدي وهفضل مخنوق بذنبي ده لحد ما أقابله ، ومش هربط نفسي ب ليلى عشان أنا مش هقدر أحافظ عليها وهضيعها زي ما ضيعته .
أنهي حديثه ينهت وترتخي حصونه فيكاد يسقط حتى أنه ترنح قبل أن يشد جسده ويواصل خطواته الراحلة التي قطعتها شهقة مكتومة ود لو يموت قبل أن يسمعها
انتهى الفصل قراءة ممتعة


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-07-20, 11:03 PM   #17

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس

عشاق الطفو لا يسكنون الأرض..


وكأن الذي كان ودكّ حصون الكيان .. أبدًا ماكان ..


تطلعت في أثره الهارب ببلاهة ، أليس من حق عاشقة اعترفت بالحب مرتين أن يُرد لها الاعتراف !


وخصوصًا أنها تشعر به يبادل حبها بمثله..


خرجت من المطبخ بعد


عدة دقائق إلى حفل ميلاد الصغيرة كِندة ، بحثت بعينيها عنه فلم تجده فراحت تداعب الطفلة لبعض الوقت ، تساءلت أين يكون قد ذهب ؛ تذكرت أنه حكى فيما مضى عن عشقه لتأمل القمر فهداها عقلها إلى أن عاشقًا للقمر مثله حتمًا سيكون فوق سطح البناية خصوصًا أنه في تلك الليلة كان بدرًا


تركت الحفل واتجهت للدرج تصعده متوترة وفي نفسها أقرت أنها ستسأله في الأمر صراحةً


هل يحبها أيضًا مثلما تفعل هي ؟


تعلم أنها اندفاعية ولا تفكر بمنطق حد أنها معه تُنحي كرامتها وكل ثوابتها جانبًا ، وصلت إلى أعلى درجات السلم ونظرت حولها بتوجس المكان مُضاء إضاءة خافتة والقمر ساطع متربعًا في السماء بجبروت الملوك


وقبل أن ترفع صوتها منادية إياه أتاها حديثه مع صديقه فجمدها


(هتتجوزها)


(لاء)


(تفرق إيه عن الاتنين إلي اتجوزتهم قبلها)


أي اثنتين ومن الذي تزوج


ليأتيها صوته مبحوحًا بغصة


(بحبها ياأشرف)


كلا ما يحدث لا يخصها ، استندت إلى الحائط بجانبها تلهث ، تقسم أن قلبها احترق فتهدمت جدرانه الهشة واستحالت إلى رماد عندما سمعته يستطرد


متورط فيها


مش هكمل


عقد متعة


جوازي منها مسئولية


آخر راجل أوفر لها دة


طريقة أكون معاها فيها من غيرمسئولية


هسافر..


لماذا إذًا ؟


لماذا ورطها فيه هي الأخرى


هي التي تموت من أجل طلة عين وهمسة عشق منه


أهكذا يكون مقابل الحب اللامشروط !


إحساس بالدونية اكتنفها لكونها في قائمته مجرد رقم ..


ليته يعي وقوفها هناك فيصمت ، ليته يرحمها ويتلاشى


وصلتها باقي كلماته وصديقه متقطعة


أخوك


مسئولية


ذنب


الطنين في أذنيها عرقل عليها سماع البقية


رئتاها اللتان افتقدنا الشهيق استجدتاها فشهقت بينما تجثو على ركبتيها في رد فعل مسرحي لامراة تشعر بالغدر


وفي لحظة خاطفة كان هو أمامها يهمس اسمها بهلع


كانت أمامه ترتكز بركبتيها وكفيها على الأرض خصلاتها الحريرية الطويلة تغطي كتفيها وظهرها ليتدلى بعض منها أمام وجهها كخيمة


ظلت تشهق وجسدها يختض بلا توقف فجثى أمامها كالجبل الذي تهدمت أركانه


هل تصدقه إن أقسم أنه يشاركها الوجع ؟


همس بتوسل


ـ ليلى


فرفعت وجهها إليه


ليخترق صدره منها سهم مشتعل فتشب في عمق خافقه النيران هاله حقًا بؤس قسماتها المنكسرة


عيناها ذات اللون المميز انطفأ منهما البريق وصارتا كبركتي مياه استحضرتا من الليل عتمة وسواد وشفتيها استحكم فيهما الارتعاش


وجسدها يهتز للأمام والخلف


ياإلهي ماذا فعل بها


كان أشرف قد وصل إليهما فاستند برأسه وكتفه بقلة حيلة للحائط ينظر إليهما بعين نصف مغلقة


مشفقًا عليهما معًا


وعنها هي عندما رفعت عينيها إليه كانت ضائعة مستسلمة لأمواج بحر هادر بلا مرسى


نظرت في عينيه المملؤتين بالأسف ومدت أناملها المرتجفة نحو صدره لتستقر سبابتها فوق موضع قلبه المتمردة خفقاته ، رفرفت أهدابها بتثاقل وهمست بصوت مبحوح


ـ أول مرة أسمعك بتقول إنك بتحبني ياحذيفة


لم يصلها منه رد سوى ثورة من ليل عينيه المرصعة بالنجوم وأخرى في نبضاته وصلت حد الجنون


يداه تحركتا نحوها في بادرة لجذبها لتستقر في أحضانه وتبكي خذلانه ، لكن كف صديقه الحازمة أوقفته وفاضت عيناه بنظرة محذرة فيغمض حذيفة عينيه متنهدًا بقنوط


لتعاود هي نظم سيمفونيتها المذبوحة


ـ المفروض أحتفل.


عيناه تستنكر وجسده يتصلب


وقلبه يتمرد


لم تهتم بوقع كلماتها عليه فأردفت وجسدها لم يتوقف عن الاختضاض ولا صوتها من الحشرجة


ـ أيوة هحتفل ..حبيبي إلي محبيتش غيره واديته قلبي ولو طلب عمري مكنتش هتردد ثانية هو كمان بيحبني !


ضحكت من بين دموعها كالبلهاء في آخر كلمة


ليعاود هو همسه المتوسل باسمها


ود لو يعتذر


لو يقسم أنها حبيبته الأولى والوحيدة


وأنه يتوق لضمها وينسى وينسيها كل علقم تذوقه أحدهما في يوم


ود كل شيء ولم يسعفه لسانه ليقول أي شيء..


قمر السماء لا يهبط على الأرض حتى لو كانت جنة.


تناوبا تشييد الجدار بينهما


هو بالصمت وهي بالنزف


أمالت رأسها جانبًا في لحظة تشبه الجنون وقالت بعين متسعة باردة التعابير


ـ بس حبيبي ندل !


وصلتها أنفاسه حارة من عمق الجحيم كما توقعت ولم تهتم


ـ ندل وخبى عليا حقيقته وعايز طريقة يكون معايا فيها من غير مسئولية ..


حاول مقاطعتها


ـ ليلى اسمعيني


أوقفته بكفها بحزم قاتل


ـ سمعتك وانتهينا ياحذيفة .


أسبلت أهدابها وأكدت


ـ انتهينا


صمت كل منهما يتطلع في الآخر بلا تعبير مفهوم


كأن كل منهما يرى الآخر للمرة الأولى ..


قطع صمتهم الشارد صوت أمل المصدومة مما تشاهده


ـ في إيه بيحصل هنا ؟


عاجلها صوت زوجها قبل أن يصل إليها ويمسد كتفيها


ـ أنا هفهمك كل حاجة يا أمل.


تركته واندفعت نحو ليلى تسألها بهلع عجزت عن كبته


ـ مالك ياليلى بتعيطي كدة ليه فهميني كل حاجة


أسرع زوجها خطواته إليها


ـ يا أمل اهدي شوية وهفهمك أنا.


صرخت فيه زوجته


ـ تفهمني إيه يا أشرف .. صاحبك ده عمل إيه.. وليلى مقهورة ليه كدة؟


أنهت سؤالها ترمق حذيفة الحانق بغضب جم


وأكملت بسخط أكبر


ـ أخوها نديم ومراته تحت فهموه بقى هو كمان معايا .


أحاطت ليلى جسدها المختض بكلا ذراعيها وأغمضت عينيها فأشفقت على حالها واحتضنتها أمل التي سمعتها تهمس


ـ أنا همشي .


زفرت أمل قبل أن تقول لزوجها في عجالة


ـ هات لي ويبس من تحت لو سمحت يا أشرف أمسح الميكب إللي بهدل وشها ده


أومأ بلا كلمة وانصرف سريعًا


تقدم حذيفة منها بخطوات ثقيلة يعلم أن اعتذاره الواهي لن يكفي فتتسع عينا أمل عندما تراه يحاول أسركف ليلى التي ارتدت للخلف تنظر له بجفاء من خلف رموشها المبتلة قائلة


ـ مش حاسة بأمان ياحذيفة اوعى تمسك إيدي .


ضربته في مقتل فتصلب جسده وعيناه اشتدتا ظلمة


بينما هي أخذت تهذر بنصف وعي ومازالت تحتضن جسدها بذراعيها وصديقتها تربت على كتفها وتشعر بها مرتجفة مهزوزة النبرة والمشاعر بينما عيناها لا تفارقانه


ـ انسى إنك قابلتني وأنا هنسى .


وكأني محبيتكش وكأن قلبي متوجعش


قالتها وغصة حلقها وصلته كأنما شُق صدرها بسيف الوجع


كان أشرف قد وصل وفي يده علبه من المحارم المبتلة فالتقطتها ليلى وأولتهم ظهرها لتمسح تبرجها في عجالة وتنصرف دون أن تلتفت لثلاثتهم..


وهم شيعوها بنظرات متفاوتة


إحداهن محتارة


وأخرى مشفقة


وثالثة نادمة متألمة !


........


اندفعت مغيبة إلى بيتها كالمدعومة بقوى الدفع الخفية ، أقسمت ما إن ولته ظهرها ألا تشعر


وفور دخولها غرفتها وإغلاق بابها على نفسها حنثت ، قبل ذلك ارتقت الدرج بخطوات ميتة فتحت باب المنزل بمفتاحها الخاص ودلفت ..


لحظها الجيد كان الأب في الخارج وأمها في غرفتها ، ما إن وصلت غرفتها حتى انهارت


خلعت عنها ثوبها وألقته على الأرض بلا اكتراث ،


دلفت إلى حمامها الخاص وتركت العنان لماء المرش البارد رغم أن الفصل كان خريفًا ، جافتها الدموع وكأنها تحجرت ،طال وقوفها المتصلب تحت المرش حتى ارتعدت أوصالها من البرودة،


سحبت بشكيرًا ضخمًا ولفته حول جسدها وشعرها المبتل الذي تقاطرت منه الماء على جانب جيدها تركته بلا تجفيف ، تحركت بخطواتها غير متزنة نحومرآة الغرفة أمام فراشها تتطلع في هيئتها..


تساءلت ماذا ينقصها بحق السماء


اندفعت إلى عقلها كلماته فحررت سيول العبرات فوق وجنتيها ،


اختنقت يخاصم رئتيها الشهيق فمسدت موضع خافقها بألم ،


حاولت النظر لحالها بتجرد


كيف لفتاة مثلها قدمت الحب وما نالها منه إلا الغدر أن تثق بحالها فيما بعد..


تتألم بشدة لأنها حتى لم ترتقِ لمرتبة غانية تزوجها يوما من أجل متعة جسدية ،


أيكون الحب بذلك الرخص فيتخلى عنه بتلك البساطة؟


تنهدت باستسلام غريب وقامت تخلع عنها البشكير وترتدي قميصًا قطنيًا فضفاضًا أبيض اللون بنقوش زرقاء طويل يصل حد الكاحل ، وتركت شعرها منسدلًا يغطي ظهرها ومازال نديًّا ،


نظرت إلى عينيها المتورمتين في المرأة فغص قلبها ألمًا


حذيفة يستحق أن تبكيه ..


اندفعت إلى مساحيق تجميلها التي لا تستغنى عنها


المرأة تحب أن ترى نفسها جميلة حتى في أصعب أوقاتها


في يسراها قلم حمرة وفي يمناها مكحلة شرعت في وضع لمساتها السحرية على وجهها لوهلة شعرت بغرابة ما تفعل


الوقت وقت فراق هل لها أن تتجمل !


شهقت عند مرور خاطر الفراق بعقلها فألقت أدوات زينتها أرضًا بعنف بل وفتحت أدراجها والتقطت كل ما كانت تقتنيه من مساحيق تجميل باهظةً وألقتها في صندوق جانبي عازمة على التخلص منها جميعًا


فاليوم قد تلطخ وجهها بألوان التجميل جراء دموعًا ذرفتها حرقة في حبه ،


إذًا ومن اليوم لن تتجمل لا لأجله ولا لأجل نفسها حتى


وعنه سيذكره التاريخ مرتين مرة كبطل جاور القمر في موضعٍ لم يمسسه أحد ومرة كنذل جعل فاتنة تعتز برونقها أن تتخلى عن مساحيق التجميل زهدًا في جمالها وإلى الأبد..


.........


تركت خلفها الغرفة غارقة في الفوضى واندفعت نحو الشرفة وفي يدها مقصًا بحجم متوسط وجدته في أحد الأدراج ، فتحت باب الشرفة فأطلق أزيزًا خافتًا ، تطلعت حولها في يأس فاستقرت عيناها على نقطة معينة وتحديدًا كانت لفافة تبغ مشتعلة في شرفته هو


لقد كان واقفًا ينظر إلى شرفتها وانتفض حينما وجدها أمامه في جنتها المضاءة


هو في جوف العتمة وهي يحفها النور لكن القلوب على ذات الحال متألمة !


تجاهلت صخب نبضاتها وشرعت في تنفيذ ماعزمت ، اندفعت نحو نبتاتها الأثيرة وقصت سيقانها من فوق الجذور مباشرة


لو سيظل متربعًا في عليائه ولن يسكن جنتها


إذًا فلتمت تلك الجنة


التفتت إلى آخر نبتاتها وكانت الجورية التي أهداها إياها


قبضت على ساقها فوخزتها الأشواك وتذكرت همسته الخشنة قرب وجهها


( أنا بهديكِ الجوري عشان يعيش )


أقدمت على قص الساق ولكن قبضتها حول المقص ارتعشت ؛ أبت أن تقتل الأمل فأغمضت عينيها الفائض الدمع منها وانزلق من يدها المقص مع شهقتها المكتومة وجسدها يميل فوق النبتة ليتمرغ وجهها بالزهوروتسقيها بعبرة مالحة هامسة باسمه في غياب روح


ـ حذيفة !


رفعت وجهها بعد مرور عدة دقائق طويلة


نهضت بحدة تفتح أبواب أقفاص العصافير واحدًا تلو الآخر وتحررها ، بعد ذلك تطلعت حولها في لحظة تشبه انفصال الروح عن الجسد جنتها صارت على عروشها خاوية وبفعل يدها ، شهقت باختناق


هي اليوم إما أن تموت كمدًا أو تُجن..
تركت الشرفة وعادت إلى غرفتها باندفاع ،التقطت هاتفها و تجاهلت كم مهول من الرسائل والمكالمات منه ومن أمل وبحثت عن رقم بعينه وصلها الرد الناعس رُغم أن الساعة لم تتعد العاشرة بعد


ـ أيوة يا ليلى أنا نايمة .


من بين أنفاس متقطعة جعلت الأخرى تنهض من فراشها مندهشة قالت ليلى


ـ عزة تعالي باتي عندي النهاردة.


استفهمت عزة ولكن ليلى في عجالة ألقت ما في جعبتها


ـ ياعزة هحكيلك بس اتصرفي بشكل طبيعي قدام ماما وتعالي أوضتي أنا مش هخرج ..


أنهت كلامها لاهثة وأغلقت الهاتف دون أن تستمع لرد الأخرى


.....................


لطالما كان رده حاضرًا إن سألوه عن الحب أجاب ببساطة دون دراماتيكية مستهلكة


الحب !


دعونا لا نتحدث عنه


ماذا عن الغريزة


أليست المُحرك الأساسي لخطوات الرجل نحو أنثاه ؟


أنا وهي تحت غطاء الغريزة


بلا مسئوليات


ولا مُنغصات ..


لكن مع ليلى الأمر مختلف


الحب طرف فاعل في تلك المعادلة


وهو ماجذبه إليها وجعله ينحدر معها نحو طريق لن يكمله معها


رأها في شرفتها متألمة يعلم أنها احترقت بنيران الغدر عن آخرها ويده للحق مغلولة


لا يريد لها شقاءًا معه


نعم من فيض عشقها بأنانية فجة اغترف


وهي تستحق كل الحب


ليلى امراة أرضها خِصبة مكسوة بالخَضار مناسبة لاستراحة محارب استراحة أبدية


وإن كان هو رجلًا لامرأة كانت لتكون هي بلا شك ..


تهالك على مقعد في صالة شقته الخاصة بعدما راقب تدميرها لجنتها بأم عينيه


كيف كانت تقص سيقان النباتات وكيف فتحت أبواب الأقفاص للعصافير فتطلق لها العنان


هي متألمة وتمزق شباك الحالمية من حولها فالواقع حقًا أصعب مما تحتمله ..


أحرق من لفافات تبغه ما زاد عن الحد اليوم لاحيلة له فيما يحدث


رُغم فيض العشق بقلبه لها فالأمر محسوم


نهض بتثاقل والتقط هاتفه ومفاتيحه وانطلق نحو مرساه وواحته الأمنة


وصل خلال نصف الساعة إلى بيت عائلته ، لم يستغرق إلا ثوان وكان يدفن رأسه المثقله بالهموم بين أحضانها


كانت أمه المتفاجئة تمسد خصلاته بكف وبالآخر تربت فوق ظهره بحنانها الجم


لاتفهم ما يعتريه لكنها تميز نظرة الوجع في عينيه


جاءهم صوت حمزة من الخلف قلقًا


ـ في إيه ياحذيفة خير ..


لم يجب حذيفة إلا بتأوه خافت


اقترب حمزة القلق يجذب أخيه من ذراعه ليستقيم الآخر ومازال متشبثًا بأمه المتوجسة


التي تريد أن تسمع شكواه وفي ذات الوقت قلبها يحكي لها أنه ليس خيرًا على الإطلاق


بعد طول صمت وشرود قال حذيقة بتقرير


ـ أنا راجع ألمانيا ..


صمت الجميع مشدوهين عدا حذيفة الغامض


قطع صمتهم صوت أبيه الصارم القادم من على باب المنزل بحنق مشتعل


ـ خير هتهرب من إيه المرة دي؟


همست أنوار بغصة مريرة تتوسله


ـ لاء ياعزيز


وحمزة زوي ما بين حاجبيه غضبًا من تضخيم الجميع لكل شيء

أطرق حذيفة قليلًا ومن ثم عاد يرفع عينيه بنظرة شبه ميتة


ـ من نفسي يابابا ..ههرب منها يمكن أرتاح .


تهكم الأب بلذوعة


ـ ارتحت في هروبك القديم عشان هتهرب تاني ؟


تنهد حذيفة بتثاقل وصوت مسموع


ـ لو كنت ارتحت كنت رجعت زي الأول بس مبقاش يفرق .


هم بالرحيل بخطوات بطيئة


ـ بعد إذنكم هطلع أوضتي


رعد صوت الأب فجمد الأوصال


ـ هو صعب أوي تكون راجل وتواجه بدل ما تختار الحل الأسهل وتهرب ؟


التفت له حذيفه وملامحه مغلقة جاهد لإخفاء ما خلفها من ضياع


ـ مش عارف أعمل كدة يا بابا .


صمت برهة ثم همس بمرارة


ـ أنا آسف .


تهالكت أمه الصامتة بعين شاردة وحمزة يحتضنها ممسدًا ذراعها تارة ومقبلًا رأسها أخرى


همست بحزن دفين


ـ ليه كدة يا عزيز .. هيمشي تاني ويسيبني .


هتف زوجها بغضب بالغ ولمحة شجن


ـ عاجبك هروبه ده ؟ بدل ما يفضل جنبك ويعيش حياته بشكل طبيعي أسهل حاجة عنده أنا هسافر..


أجهشت في البكاء بصوت مرتفع قائلة بوجع لامحدود


ـ ولادي الاتنين هناك ياعزيز على الجبل


واحد روحه في السما والتاني روحه في الأرض ولسة متعلقين ببعض.


وهو كان في عالم آخر سحبته كلماتها إليه


أغمض عينيه في يأس مجروح متألم هي محقة


حذيفة لم يتحرر بعد ..


................


كانت عزة قد حضرت في وقت قياسي فوجدت صديقتها تبكي بحرقة منكبة على الفراش


اندفعت إليها في قلق جليّ هاتفة


ـ خير ياليلى في إيه ؟


رفعت ليلى رأسها إليها بتعابير منكسرة فشهقت عزة


فزعًا


ـ قولي لي ياليلى في إيه ؟


ارتمت الباكية على فراشها مرة أخرى


عيناها متورمتان ونيران الفقد تحرق جوفها كمدًا


وبعد إلحاح مُضني من الصديقة حادة الطباع قصّت كل شيء وعزة المذهولة كادت أن تصفعها بحدة لغبائها وقلة خبرتها فهتفت بغضب ولوم


ـ كنتِ بتعامليه بالأريحية دي إزاي ؟


ردت ليلى بصوت مبحوح


ـ مش عارفة ياعزة بس هو حبي الأول ومكنتش متصورة يخبي عليّ حاجة ويكون بيتسلى.


هتفت عزة التي فهمت ما كان يريده ذلك الشاب من ليلى ساخطة


ـ وطبعًا خبيتي عليا عشان عارفة رأيي من البداية


صمتت وأعادت الصراخ الحانق حينما طالعتها ليلى بعين ناعسة متألمة أشد الألم


ـ متبصيش ليّ بعيونك السهتانة وتقولي دة حبي الأول ، هو مش بريء زيك ، أنتم في الحقيقة كنتم زي ليلى والذئب .


وصمتت وهلة لتؤكد بعدها بصرامة


ـ مش دة الشخص المناسب ليكِ من الأساس .


أطرقت ليلى المكلومة والمتحجر الدمع في مآقيها ومن ثم سألتها


ـ افرضي في يوم حبيتي الشخص المش مناسب زي ما أنا حبيت يا عزة هتعملي إيه ؟


ضحكت عزة ساخرة


ـ مش أنا إلي أقع وقعتك دي !


والأرض كما يعلم الجميع كُرويّة للكل الحق في العيش عليها بسلام


المناسبون وغير ذلك ولا تعلم عزة قطعًا بوجود شخص غير مناسب في نصف الكرة العلوي حيث الثلوج تتساقط ، له اسم و جذورعربية وماعدا ذلك كله غربيّ يطلقون عليه اسم الماكينة الألمانية لأنه يديرجيشًا من الموظفين بكفاءة عالية ودقة كxxxxب ساعة وفي خلوته يمارس المجون بحذافيره كما خطه أول ماجن سكن الأرض كسيرة ذاتية على جدران كهف


فلتدعو الله ألا تقابله ولو صدفة !


........................................


تنفس الصبح أنفاسًا خريفية خانقة مؤكدةً نظرية أن في الخريف تموت الزهور!


استيقظت ليلى بجسد مجهد ،


وعزة من قبلها بنصف الساعة كانت تساعد السيدة ليلى في المطبخ لتحضير وجبة الإفطار ، لتعود إلى صديقتها فتجدها جالسة على الفراش بمزاجية مغلقة ، دلفت أمها لتراها للمرة الاولى فتشهق في توتر لمرأى ابنتها على تلك الحالة ، تقدمت منها في هلع وعجالة هاتفة


ـ مالك ياحبيبتي خير


زمت عزة شفتيها والتزمت الصمت وكان لزامًا على ليلى أن تبرر فنطقت بصوت خافت


ـ تعبانة شوية ياماما يمكن أخدت برد .


ارتدت رأس أمها قليلًا للخلف وناظرتها بتفحص


ـ برد إيه إلي مبهدلك كدة ، عيونك تعبانة جدًا وشكلك منمتيش ولا دقيقة .


وكانت محقة نومها كان غير مريحٍ تصحو وتبكي تسقط تعبًا لتنام نصف ساعة وتعاود الاستيقاظ مرة أخرى وظلت على ذات الحال طوال ليلتها ..


طمأنتها عزة التي تدخلت سريعًا


ـ هتاخد أدوية و تبقى كويسة ياطنط أنا هفضل معاها


طالعتهما الأم بشك وبعد ذلك تركتهما وذهبت تستأنف أعمالها المنزلية ...


وبعد وقت ليس بالطويل حضرت أمل تحمل طفلتها ودلفت إليهما


وجدت ليلى مستلقية على فراشها شاردة وعزة تعبث في الهاتف..


قطعت صمتهما بصوت اصطنعت فيه المرح


ـ صباح الخير يا بنات .


حدجتها عزة بغضب وقالت ساخرة


ـ أهلا يا دكتورة أمل .. كل ده يحصل وجوزك ميقولش حقيقة صاحبه ؟


نظرت أمل إلى ليلى الصامتة


ثم أغمضت عينيها ومن ثم افترقت أجفانها وتحدثت في هدوء في محاولة للتصرف بعقلانية


ـ أشرف للأسف مقالش أي حاجة عشان مش بيتدخل في خصوصيات حد .


لوت عزة شفتيها غيظًا هاتفة


ـ بس كان عارف إن الندل التاني بيستغل الساذجة دي ، وياعالم كان هيحصل إيه لو مكانتش سمعتهم .


نفت أمل بتأكيد


ـ مكنش هيحصل حاجة أكتر ياعزة حذيفة بيحبها فعلًا .


قالتها ونظرتها تنحرف نحو ليلى الهادئة أكثر مما يجب


هي مدركة أنها استُنزِفت بالأمس وقضت ليلتها تنتحب فلم يدهشها ذلك الصمت وتقدمت إليها تمسد وجنتها بحنان


ـ أنتِ بخير دلوقت ياليلى ؟


نفت ليلى بهزة رأس قائلة


ـ عايزة أقص شعري يا أمل .


أيضًا لم تتفاجأ أمل التي تعرف طبيعة ليلى العاطفية بينما استنكرت عزة


ـ هو ده الحل ؟


التفتت إليها أمل وحدجتها بنظرة غاضبة


ـ سبيها براحتها يا عزة .


ووجهت حديثها إلى ليلى برقة


ـ هنيجي معاكِ يا لولو البيوتي سينتر وقصيه براحتك. .........................


الأنثى كائن باحث عن السعادة بطبعه ، إن فُطر قلبها لا تيأس


تقص شعرها


تركض


أوحتى ترقص


من المحتمل أيضًا أن تُكرس كل وقتها في عمل أو هواية


كل ذلك من أجل أن تتجاهل


توهم حالها أنها بخير


فتتظاهر أن كل ما كان لم يكن


لكن الصدف تحدث


ويحدث أنا تقابل عاشقًا مهجورًا بعد شهر من الفراق


كان الفصل خريفًا والوقت صباحًا استيقظت ليلى بمزاج مغلق تحضّرت للعمل


وغادرت المنزل


وعلى باب البناية توقف كل شيء


وتجمد هو الآخر عندما قابلتها عيناه


كانا متقابلين بانحراف بسيط كلٌ أمام بنايته يفصل بينهما الشارع


لم يرف له جفن وتفحصها بتمهل


خصلاتها البنية الناعمة أصبحت قصيرة جدًا لاتصل حتى لرقبتها


انحدرت عيناه إلى جسدها الذي


أصابه النحول الملحوظ ومن ثم عاد إلى وجهها


بشرتها شاحبة وعيناها مجهدة


ياالله كم هو مفضوح أنها تبكي وتسهر وتتألم


أغمض عينيه في أسف


يعلم ما يعتريها ويأمل أن تتجاوز و تنسى


فتح عينيه فجأة عندما وقعت مفاتيحها أرضًا


فوجدها قد انحنت برشاقة تلتقطها لتقف وتمنحه نظرة مبهمة


للمرة الأولى لا يفهمها أهي ندم أم تمني


كل ما فيها كان جامدًا إلا اهتزاز جفن طفيف حدث رُغمًا عنها وفضح تأثرها


لم يدم وقوفها قبالته كثيرًا وسارعت الخطى إلى سيارة والدتها تستقلها وتدير المحرك وتسير متجاهلة كل شيء تموت كمدًا من أجله


وكان هو مازال واقفًا رفع عينيه إلى شرفتها كما يفعل كل يوم


فينقبض قلبه كما انقبض أول مرة رأها تُخَربها بمقص ، من يومها لم تكلف حالها وتزيل الأغصان اليابسة وكأنها ستبقى شاهدًا على الخذلان طويلًا


شعر بالخواء بعد رحيلها فنظر إلى هاتفه وبرعونة مطلقة أرسل إليها تسجيلًا صوتيًا


وصلها وفتحته بعد لحظات بعدما أوقفت السيارة على جانب الطريق


ـ لو كنت أعرف أنك هتطلعي ورايا كنت حضنتك مرة قبل ما تسمعي ونتفارق !


وهي ليست أقل منه رعونة لتمسح سيل الدموع فوق وجنتيها بحدة وترسل تسجيلًا يفتحه في عجالة فيصله صوتها ملتاعًأ


ـ رجع الزمن وتعالى احضني ..


لتخاصمه نبضاته ويتوقف قلبه لثوان ومن ثم تعود إليه متسارعة مجنونة


وعنها فألقت الهاتف بعدما أغلقته وأعادت تشغيل محرك السيارة وانطلقت بها


وكأن الذي كان ماكان


رُغم أن ماكان قد كان وقد دكّ حصون الكيان!

انتهى الفصل قراءة ممتعة

ٱلاء and egmannou like this.

samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-07-20, 11:09 PM   #18

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السابع


أبغيكَ غازيًا محتلًا عاشقًا وتبقى دهرًا مستوطنًا


لا رحالةً يحط لحظات فوق واحتي زاهدًا


ليلى..


....


عذرًا ليلاي


لستُ قيسًا يهيم في البرية جنونًا مكبلًا بأسر عينيكِ رُغم أنها تستحق


ورُغم أني منجذبٌ فيكِ لأكثر من عينين .


حذيفة ..


.................


ـ رجع الزمن تاني وتعالى احضني !


وكلاهما يعلم أن الزمن لا يعود للوراء ولن تتحقق الأمنيات


فمضوا في طرق متعاكسة رُغم أن القلوب متعلقة


...


كان طيلة الشهر الماضي يحضّر الوضع من أجل الرحيل وتلك المرة انتواه بلا عودة


لم يشفع غضب أبيه


ولا توسل أمه


ولا إقناع حمزة


وحتى عمه محمد المتفهم دومًا كان أيضًا غاضبًا


فاعتزلهم جميعًا وانطلق يسبح في ملكوته الخاص


متألم للفراق نعم لكنه عاقد العزم أن يفارق إلى الأبد


ومن عمه كانت لاذعة متهكمة واليوم لاعبث


ـ محتاج تتعالج.


وزوى هو مابين حاجبيه رافضًا


ـ مش عيّان.


والأول أكدها


ـ لا عيّان . أنتَ مريض بالخوف .


والصمت هنا كان فرضًا


لا العم شاء إيلام الجرح ولا ابن الأخ جرؤ على النفي


وكلٌ أمام الحقيقة كان عاجزًا


.............


والصديق كان لعهد الصداقة حافظًا


قابله في الشهر المنصرم مرارًا


ونصيحته كانت صادقة


ـ متضيعش ليلى ياحذيفة . مش هتلاقى واحدة تحبك زيها .


وصاحب القرار كان جاحدًا بما يكفي ليضيعها


تجاهل النصائح كلها وكان يُنهي كل مقابلة بذات الجملة التي تئن حروفها رُغمًا عنه


ـ قول لها يا أشرف إن المشكلة كانت فيّ أنا مش فيها ، بس بعد ما أكون سافرت


وقولها كمان أنها تستاهل الحب إللي ميوجعاش ، وحبي كان ظالم لها .


....................


زيارات أمل لم تنقطع عن ليلى خلال الشهر ، شهدت مع عزة انهياراتها وأيضًا تماسكها الظاهري وتعلم جيدًا مدى الخراب الذي أصابها من الداخل وأنها بالفعل هشة


مدركة أن صديقتها الحالمة قابلت من الحب جانبه المظلم ومع ذلك مازال حيًا بداخلها


وليلى لا تحتمل الكتمان كثيرًا فقصّت عليها بشأن رسالته وردها عليه


ـ لسة بيكذب يا أمل.


هزت أمل رأسها نفيًا


ـ لا يا ليلى بيحبك فعلا .


رفعت ليلى عين باكية مستنكرة إليها


ـ لو بيحبني بيهرب ليه؟


ردت أمل بصوت خافت وغامض


ـ يمكن خايف .


زوت ليلى ما بين حاجبيها وسألتها بحدة


ـ خايف من إيه ؟


تنهدت أمل قائلة


ـ خايف يخذلك.


هتفت ليلى بغيظ مستعر


ـ وهو عمل إيه ؟


كان عارف إن دة هيحصل من البداية وإننا مش هنكمل ومع ذلك استمر وخذلني


تنهدت وأطرقت لحظات طويلة ومن ثم قالت بتأكيد


ـ كان بيقرب لكن مقالش بحبك ، موعدنيش بحاجة


وعيناها المحمرة تحكي قصة من دمار


ـ بس هو إللي بينا كان محتاج وعد ؟!


نظرته ليا وإنه يمسك إيدي كان إيه ..


اقتربت منها أمل هامسة بحنو


ـ حاولي تنسيه ياليلى


اتسعت عينا ليلى دهشة


ـ أنساه ؟


كدة ببساطة !


أنا همثل إني نسيته ياأمل بس أنا عارفة نفسي وعارفة إني هموت من غيره .


أغمضت أمل عينيها مشفقة


ـ كملي حياتك يمكن في يوم هو إللي يرجعلك بنفسه.


أشاحت ليلى وجهها وكان صمتها أبلغ رد


...........


صباح مكرر


جلسة فطور


أب وأم وابنة شاردة وحديث يبدو عفويًّا


ـ كلي كويس لونك مخطوف .


ـ حاضر.


تُحرك أصابعها ببطء ورتابة


شطيرة جبن وكوب من الشاى


تقضم من الشطيرة وبعده تشرع في الارتشاف من الكوب


يتبادل أبواها النظرات


نظرته مصممة ونظرتها تترجاه ألا يفعل


لا يأبه ويسأل في مباغته


ـ لسة مش عايزة تقابلي محمود ؟


ترفع أعينها المتعبة باهتزار ولا تنطق تترك مافي يدها وتتنهد ويدها تساوي خصلات شعرها القصيرة


أمها تنقل بصرها بين الابنة وأبيها وتبتهل أن يمر الأمر بسلام


والابنة رعناء غبية لا تفكر في عواقب


يصيبها حمى لحظية من نوع خاص تجعلها تتمنى الثأر


وتتبنى نظرية


(إن لم تكن لي ساكون لغيرك إذًا)


فينطلق لسانها بما أدهشها هي قبل الجميع


ـ موافقة أقابله .


شهقة استنكار من والدتها التي هتفت بغيط


ـ ليلى متقوليش حاجة أنتِ مش قدها.


والأب كان صامتًا ولاحظ توتر ابنته بعد كلام أمها وراقب أيضًا إصرارها المستحدث


ـ لا ياماما موافقة.


وتركتهم ذاهبة إلى غرفتها بعد استئذان سريع


وأمها لم تتركها تلك المرة ، هرولت خلفها وقبل أن تغلق ليلى الباب دفعته لتدلف خلفها وتغلقه عليهما


لم تمهلها لحظة وهتفت بصوت مكتوم


ـ هتقابلي محمود إزاي و أنتِ بتحبي حذيفة ؟


اتسعت عينا ليلى صدمة دارت بها الأرض وعادت مجددًا حيث تقف


أنفاسها تسارعت وازداد وجيب دقاتها والحُمرة القانية كست وجهها فهمست بذهول


ـ ماما إنتِ عرفتِ منين ؟


وأمها جذبتها وأوقفتها أمام المرآة وواجهتها


ـ بصي لنفسك بقيتِ عاملة إزاي ؟


قوليلى أنتِ كل الحكاية.


وخزتها العبرات فانطلقت مدرارًا فوق وجنتيها ورأسها يحيد نحو أمها


ـ مفيش حكاية يا ماما ، الحكاية انتهت قبل ما تبتدي ومفيش في إيدي حاجة.


مسدت أمها خصلاتها في حنان وقالت بصوت راسخ بينما عيونها الدافئة شملتها في أكثر من تفهم


ـ يبقى متقابليش حد غير لما ميبقاش ليه أي أثر.


ارتدت للخلف نافية بحزم


ـ لا يا ماما أنا محتاجة أعيش حياتي بعيد عنه.


لم تفلح الأم في إثناءها فاندفعت للخارج حيث زوجها الشارد


ـ مختار .. أنتَ إزاي تطلب طلب زي دة منها وأنت عارف كل حاجة .


واجهها بصوت رخيم


ـ أنتِ سمعتي بنفسك رأيها أنا مش بفرض حاجة.


هزت زوجته رأسها في خيبة أمل


ـ يا مختار البنت غير الراجل


هو بيكون بيحب وبيتجوز غيرها لكن الست مبتقدرش ، بنتك بتلعب بالنار .


تنهد بحيرة وقال في محاولة لطمأنتها


ـ دي مجرد مقابلة ولسة هنسيبها تاخد وقتها ومحدش مننا هيضغط عليها ..


..............


مر يومان بعد إصرارها على قرار مقابلة الخاطب المحتمل ، هو وسيم وفارس أحلام للكثيرات لكن من وقت مانطقت كلمة موافقة على مقابلته والصراع داخلها قد احتدم ..


بين حبها الكبير لحذيفة الذي يكاد يبتلع روحها ويزهق أنفاسها وبين نفسها هي وحقها في أن تكمل طريقها بعيدًا عنه ..


راحت سياط الغيرة تلسع قلبها على حين غرة


لقد كان يلمس يد امرأة قبلها وينظر في عينيها مثلما فعل معها


تبًا لم تكن واحدة بل اثنتين


وما يقتل حقًا هو أنه فعل ماهو أكثر من نظرة عين وضمة يد


اكتسى وجهها بحمرة الغضب والغيرة ضربتها في مقتل


لقد تزوج زواجًا فعليًا بأركانٍ مكتملة


وأفكارها هي حوله كانت دومًا بريئة لم تتجاوز الاحتضان


وليس كأيّ واحد


بل المُعبر عن فيض الحب فقط


وحينما تخيلت قبلة رقيقة على شفتيها كبتلة جوري ارتعدت أوصالها وهزت رأسها تنفي عنها التهمة .


جلست على فراشها تبعثر شعرها القصير وتجذبه بعنف من فيض غلها


قست عيناها لأول مرة بينما تتطلع إلى الفراغ بعين عازمة على المضي قدمًا في الخطبة


تخيلت وجهه عندما يعلم بشأن خطبتها وعادت ذكرى يوم أخبرته مرة في المركز التجاري


كان وقتها بدائيًا في غضبه


ورأت الغيرة لأول مرة في عينيه.


قالت لنفسها دون صوت


(فليحترق بنارها إذًا)


وبعد ثوانٍ لم تطل عاد اللين إلى قلبها العاصي


فاندفعت إلى الشرفة حيت نبتته الجورية


افترشت الأرض أمامها


وتفحصتها بأعين متوهج الدمع فيها


لقد أوشكت النبتة على الذبول التام


ففعلت هي ما تفعله كل يوم وسقتها بقطرة ماء واحدة فقط


متيقنة أن حبهما كتلك النبتة لو قويّ فعلًا بما يكفي سيعود حتمًا للحياة بعد طول الذبول .


...............................


اليأس والغباء متلازمان


في حيز ما في أحد الأحياء الهادئة كانت إحداهن تتجهز لمقابلة خاطبًا محتملًا ينتظرها في صالون منزلها تحت إشراف العائلة ، وقتها كان كل شيء مثاليًّا بشكلٍ مُفرط


ويبدو أن الجميع قد أغفل أصغر تفصيلة وأهمهم على الإطلاق


أن قلب العروس متعلقًا بوغد ما يسكن ذات الحي !


وأيضًا لم يحسبوا أن تقف أمام مرآتها تتطلع في هيئتها بضياع وعينين زائغتين وغصة يأس تستحكم بحلقها فلا تعرف نفسها حتى وفجأة أنارت في رأسها الحقيقة التي كانت تتهرب منها منذ قررت مقابلة آخر


أنها باتت بعشقه موصومة حد أنها لم تعد تصلح لغيره لا فوق تراب الأرض ولا حتى تحتها


اندفعت تخلع عن جسدها ثوبها الكلاسيكي الذي ارتدته منذ قليل وترميه فوق الفراش بقلة صبر وترتدي سرولًا من الجينز وسترة خريفية ناعمة لتخرج من غرفتها متسللة نحو باب المنزل وتغلقه بهدوء بعد خروجها ومن ثم تهرول نزولًا على الدرج كالتي تترك شعبًا من دمها خلفها وتندفع وحدها برعونة نحو الهاوية ، ولو تعلم أنها ستسقط لا محالة ما فعلت..


اندفعت من فورهبوطها الدرج إلى الشارع وتباطأت خطواتها نسبيًا أثناء عبورها للجهة الأخرى تتجمع قطرات العرق البارد فوق جبينها وتسري بأوصالها برودة متمردة قبل أوانها الموسميّ ،


عبرت الشارع غافلة عن الذي كان يصف سيارته في أوله ورأها لتتلون غيومه بلون الدم ويندفع خلفها وهي عند باب البناية الرئيسي توقف بها الزمن لوهلة يبعث في نفسها حدس صادق بأن مابعد تلك الخطوة لن يشبه أبدًا ماكان يسبقها ..


تجاهلت كل شيء وخطت تلك الخطوة كما تجاهلت الحارس الواقف يطالعها بوجوم متوجس وأيضًا الدرج المنزوع القوائم لعملية إصلاحات فيه وجملة الحارس التي نبهها فيها أن تأخذ حذرها أثناء الصعود لم تسمعها أيضًا..


صعدت تدوس على كل درجة فوق كرامتها ولم تبالِ


وصلت إلى الطابق الثاني وتوقفت أمام باب شقته ودقته بخفوت ، لا تنكر أن الخوف المبهم قد زارها في هاته اللحظة أكثر من ذي قبل فانتوت التراجع ولكنه كان قد فتح الباب قبل أن تفر هاربة..


ولا ينكر أيضا أنها صعقته بوجودها أمام باب بيته بهيئتها الفوضوية تلك


كان عارِالجذع لا يرتدي سوى سروالًا منزليًا فقط فأسبلت أهدابها خجلًا


همس باسمها في استفهام مستنكر فتقدمت منه خطوة مترددة تحدثه بصوت مهزوز وعبرة تتراقص في مآقيها

ـ في عريس في بيتنا مستني أقابله .


انعقد ما بين حاجبيه في غضب جم فأكملت بقلة حيلة وصوت مبحوح واهن


ـ اوعدني ياحذيفة وأنا هستناك ومش مهم كل إللي فات.


جفَّ حلقها فصمتت تمسد عنقها بعدما أبعدت خصلة نافرة من شعرها القصير لخلف أذنها وعيناها تعلقت به في حزن وأردفت بصوت ناعم


ـ مش عارفة أتخيل ..


قالتها وأخفضت عينيها خزيًا


وكانت مراجل الغضب تغلي في أوردته .

غضبًا من نفسه ومنها ومن وهنها ذاك فاندفع يجذبها نحوه بتملك


ويعتقل خصرها بإحدى قبضتيه والأخرى تسرح فوق عنقها وجيدها فشهقت يختل توازن عالمها من قربه ..


قربه حد عبقه وهدير قلبه وغليان الدم الحار في أوردته .


كانت تنتفض بين ذراعيه فهمس بصوت أجش وعينه تأسران عينيها كما تفعلان دومًا


ـ مش عارفة تتخيلي حد غيري في مكاني دة!


اومأت بلا إرادة مأسورة بسحره


فأكمل بحرارة أذابتها


ـ أنتِ عارفة إني بحبك يا ليلى ؟


انكمشت على نفسها تسبل أهدابها وكفيها بجانبها منقبضان في إحساس عجزت في وصفه ليعاود الهمس


ـ لو مكنتيش عارفة فأنا بحبك !


وأنهى همسته ينتهك عذرية شفتيها في قبلة كانت في بدايتها رقيقة ليتعمق بها وتغدو متطلبة فيرتشف جرة العسل عن آخرها ويحرمها رفاهية التنفس ؛ فقط يسبح بها فوق موج الرغبة وتحته وبين طياته..


أنهى قبلته ينهت قرب عنقها فزلزلها شغفه وأغمضت عينيها يغمرها الأمل أن كل شيء سيكون بخير وأنها أخيرًا قد باتت قربه ولكن في لحظة أخرى فاصلة في حياتها فتحت عينها على أقصى اتساع وتوقف خافقها عن النبض حينما غرس سهم كلماته المسموم في عمق ذلك القلب الذي يعشقه بقسوة فاضت من صوته وعينيه هامسًا


ـ هسافر تاني وأنتِ هتتجوزي ، تعالي نقضي يومين مع بعض قبل ما أسافر وتتجوزي راجل غيري ..


لم تدرِ بحالها إلا وقد نفضت نفسها من بين ذراعيه مرتدة للخلف ذاهلة وهو تركها حيث أن وقع كلماته كانت كما توقع وأراد تمامًا


كانت مذبوحة من الوريد للوريد ولن يعترف ماعاش أنه كان في تلك اللحظة مثلها تماما مذبوحًا بما نطق لسانه فيما أدركت هي متأخرة أن قربه الحقيقي مُحال كاستحالة نوم الشمس في أحضان البحر.


يأسها كان أسطورة وقسوته كانت ملحمة ،


سالت دموعها مدرارًا فوق وجنتيها وتبعثرت خصلاتها فوق جبينها ملتصقة بقطرات العرق البارد فوقه ويسراها كانت تمسد موضع خافقها بألم


ـ أنت بتقول إيه ياحذيفة ، أنت مكنتش بتبصلي كدة ..


ضحك بخشونة ونبرة ميتة


ـ أنتِ غبية لدرجة مش قادرة تفرقي بين نظرات الحب وبين نظرات راجل بيشتهيكِ وعايزك في سريره !


ياللسماء ستموت في تلك اللحظة بل تقطعت أنفاسها وماتت ألف مرة على عتبته


وهو أصلًا كان ميتًا من قبل والموتى في بعض الأحيان يشعرون ؛ يموت جزءٌ من أرواحهم في أزمنة بائدة ويبقى جزءٌ آخر فقط ليتألم ما حيّو


فكان مثلها موجوعًا إن صح أن يُدرَج ما تحسه هي تحت بند الوجع من الأساس


......


وعلى بعد عدة أمتار كان أخوها يتناوش مع الحارس الذي أخّره عن عمد عله يمنع كارثة على وشك الحدوث جاهلًا بأنها قد حدثت بالفعل .


وذاك الأخ المطعون نفض يد الحارس واندفع لأعلى فلحق به الآخر في عجالة


وصل نديم ليرى ما كرهته كل جوارحه ومقته خياله قبل واقعه فيظل سؤالًا بعد ذلك اليوم يتردد في مخيلته لسنوات طوال هل أتى في وقته حقًا أم تمنى ألا يأتي يومها أبدًا !


حيث تقف أخته تبكي في حالة مزرية تتوسل صديقه العاري الجذع على باب شقته تهز رأسها يمينًا ويسارًا في ذهول وما قتله بالفعل هو همستها المتحشرجة


ـ إللي بينا مش كدة ياحذيفة .


وحذيفة كان يطالعها بجمود وجسد متصلب


فاندفع إليها صارخًا


ـ إيه إلي بينكم؟!


ارتدت هي للخلف فتقدم حذيفة مدافعًا عنها


ـ اسمعني يا نديم.


صرخ فيه نديم بصوت غاضب


ـ مش هسمعك أنا بسأل الهانم إللي واقفة على باب بيتك بتتذلل .


دفع حذيفة للخلف واندفع نحوها


والجميع تاه عن إدراكه أن الدرج الذي يقفون عليه في الطابق الثاني من البناية كان منزوع القوائم


فارتدت هي للخلف بلا وعي بعيدًا عن قبضتي أخيها تغمض عينيها يأسًا ، قبل أن تزل قدماها ويستسلم جسدها بلا إرادة لجاذبية إجبارية ؛ فليس بعد ألم الذبح ما يوجع


ارتطم جسدها بالجهة المقابلة من الدرج ومن ثم احتضنته الارض الرخامية الباردة


ليصرخ حذيفة بلا وعي


ـ حمزة


ويرتد أخيها للخلف وكأنما أصابته الصاعقة.


صاحب الإدراك الوحيد في تلك اللحظة كان الحارس الذي منع حذيفة من أن يندفع خلفها وهداه سبيل الدرج


حذيفة الذي كان محبوسًا بين جدران سرداب مغارة ذات ظلام سرمديّ لا يسمع فيه شيئًا سوى صوت تهشم عظام حبيبته التي ما عشق امرأة في الكون سواها..


............


هل صادفت يومًا أن تجلدك أسواط الذنب؟


تكبلك أصفاد العجز


تلتف حول أطرافك وعنقك فتحرمك حق الثورة


تدُك الارض بكل عزمٍ فتابى هي أن تنشق


والسماء تلعنك وتبخل عليكَ بقطرات الغيث


والقلب آه منه يصرخ ولايُسمع منه إلا الصمت وتتقاطر من حجراته سيول النزف


ماذا إن تكرر الامر مرتين!


وكنت أنتَ السبب في فراق من تحب؟


وكان آخر ما تسمعه أذناك منهم هو همسة باسمك وأعينهم متعلقة بك وكأنك أنت الشمس وبالفعل كنت الشمس ولكن حينما ينطفئ منها وهج الضي ..


كان قد وصل إليها يشرف عليها من علو بعدما درات روحه أرجاء المجرة في لحظة لتعود به مدركًا أن الجسد المسجي أمامه هو جسد حبيبته ليلى المرتكنة جبهتها كحال جسدها فوق الأرض الرخامية ، أزاح خصلاتها المبعثرة بيده المرتجفة مثلما يرتجف كل جسده وألجمه لون الدم القاني الذي شوش رؤيته ولم يعد يميز حوله لونًا سواه ، انتفض كله في هلع وقلبه يتمرد على قفصه الصدري مبتغيًا تحطيمه ويديه توقفت في الهواء ذعرًا من لمسها فقطع نياط قلبه أنينها المبحوح وهمسها باسمه في ألم ودموعها المنحدرة على جانب عينيها التى تعلقت به في يأس قبل أن تغمضهما بلا إرادة ضياعًا منه ومن الواقع وليس جسد توأمه حمزة الذي مات يومًا في لحظة مشابهة تمامًا لتلك..


أخذ يدك الارض بقبضته وصراخه باسمها لا ينقطع فأمال إلى أذنها يرجوها بصوت مختنق يفيض توسلًا


ـ حاربي عشاني يا ليلى !


انتهت مناجاته لها بدموعه تغرق وجهها وعينيها لتختلط بدمعاتها ودمائها النازفة ، وكف الحارس تنبهه وتعطيه قميصًا قطنيًا قبل أن يساعده في ارتدائه ويطالعها هي بشفقة هامسًا له بخفوت


ـ الستر بيه !


ليضرب عقله دفعة واحدة إدراك هول ماهم عالقون فيه جميعًا


.....


إغماضة عين متثاقلة وبعدها راح الكون يسبح في عتمة .


ما أجمل أن تنتهي الحياة على ضفة نهر ؛


تختلط ملوحة دموع المحبوب بمائه العذب ، وتغتسل الروح برحيق الزهر؛ فتكون بخفة ريشة والقلب في وزن قطرة ندى


والروح الخفيفة تحملها الملائكة ، والقلب تائه يبحث عن معشوقه فيصله صوته من عالم آخر مُعذبًا مَهزوزًا تحمله أجنحة الفراشات مشبعًا بتوسل وابتهالات أن ابقَ معي ليس لقلبي سواك !


انتهى الفصل
ابتداء من الغد بإذن الله حنزل كل يوم فصل في التاسعة مساء عشان بعد جيران في مفاجأة جديدة 🌸


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-07-20, 11:10 PM   #19

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة s44 مشاهدة المشاركة
نورتي المنتدي
الف مبرووووك ياقلبي علي الرواية 😍😍
بالتوووووووووفيق ❤❤❤❤
منور بيكي والله😍


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-07-20, 08:53 PM   #20

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن


ما تلا ذلك كان ضبابيًا


تم نقلها إلى مشفى كبير


أطباء وتمريض وحالة هلع تصاحب الجميع انهيار عائلتها ووصول عائلته أيضًا وهو تداخلت في رأسه دوامات الماضي والحاضر


حمزة يسقط


ليلى تسقط


كلاهما يخسر


هو لا يتألم


هو مات هذه المرة عن آخره ولم يعد يشعر وما يقف هاهنا هو مجرد مسخ


نظرة خذلان من عيني أبيه أيقظت ما تبقى لديه من بقايا شعور يميزه كبشريّ مازال يتنفس


وهنا بيت القصيد ومنبع كل شيء


الحقيقة العارية تكمن في أن حذيفة عبد العزيز العجمي يعاني رُهاب المسئولية ..


المسئولية التي يحملها أبوه على عاتقه كاملة وبالمقارنة به يظل ضئيلًا جدًا لا يجيد الاعتناء بمن يحبهم ..


.................................................. ...


من يهمهم أمره كانوا يحاوطونه أبيه أمه وأخيه أعمامه أخواله وأبناء عمومته أيضًا وصديقه أشرف


وأشرف كان غاضبًا مؤازرًا في ذات الوقت


الجميع يسألونه نفس السؤال


هل أنتَ بخير؟


بماذا يجيبهم بحق السماء


عن أيّ خير يسألون ..


وأخيرًا حينما طمأنهم الأطباء عن استقرار طفيف لحالتها وسباتها الإجباري تحت تأثير العقاقير الطبية لتجنيبها ذاك الألم غير المحتمل


حبيبته تعاني كسورًا مضاعفة وكدمات متفرقة في أنحاء جسدها


قدمها اليسرى متضررة بشكل كبير وتحتاج لسلسلة من الجراحات وكسر في الحوض وآخر مضاعف في الذراع اليسرى .


وجرح في جبهتها حمدلله لم تتضرر جمجمتها بشكل كبير لأن ارتطام جسدها بالجهة الأخرى من السلم قبل السقوط خفف من سقطتها على الرخام مباشرة


....


انفرد به أبواه


أبوه الذي ظل صامتًا واجمًا لليلة كاملة وأمه التي لم تنفك عن سؤاله عن حاله ويهز هو رأسه بلا معنى


حتى أنها كررت سؤالها ما إن أُغلق عليهم باب إحدى غرف المشفى ليهتف بنفاذ صبر ونبرة ميتة


ـ لا ياماما مش كويس . ليلى بتموت بسببي.


كان ينهت وعيناه محمرتان عجزًا


تقدم أمامه أبوه الذي أزاح أنوار جانبًا وبعدما عقد ذراعيه أمام صدره قائلًا لحذيفة بصرامة


ـ أنا سامعك !


ارتعدت أوصاله كطفل مذنب يواجه عقاب أبيه وقال بصوت مهزوز لم يطل الوقت حتى احتد


ـ عايز تسمع من أول فين يا بابا .


لم يرد أبوه فأكمل حذيفة بتحشرج


ـ من أول ما إيده سابت إيدي ووقع من على الجبل ومات ولا من أول ما ليلى جت لي وخذلتها رُغم إن أنا إللي إديتها الأمل من البداية في حاجة بينا.


شهقت أمه لوعةً ، ثم أجهشت في بكاء مرير ؛ تبكي ولديها معًا الذي مات قديمًا والذي يموت أمام عينيها الآن


وعبد العزيز الذي لا تهزه الأعاصير اهتز


ابنه يعاني بل ويذبح فتاة بسكين ثلم لاذنب لها سوى حبه.


ويا لها من معضلة صعبة الحل
زاغت عينا حذيفة وأخذ يهذر
- مالكم ، مصدومين ليه ، ليه محسسيني أني الوحيد اللي كنت بخدع نفسي ،و كأن مش أنا السبب في موت حمزة ، و لا هي الحقيقة بتوجع .
دار حول نفسه يهتف بعجز
- إيه ، مش عارفين أنا كنت بهرب ليه ، مش حاسين أني كل ما ببص لنفسي في المراية بشوفه ، وأني مش قادر أرجع بيتنا بسبب كل ذكرى لينا فيه .
صمت بقهر يتجرع آلامه قبل أن يهمس بضعف
- إني بشوف خياله بيسبقني في كل خطوة ، حتى ليكم ..


وأنوار غرقت في بحر اللوعة بينما أغمض عبدالعزيز عينيه يغلبه صداع عنيف أصابه إثر صدمته في بكره المباغته ليفتح عينيه ويصرخ فيه بحدة


ـ وليلى ذنبها إيه في وجعك أنت ،
ليه محاولتش تحارب نفسك وخوفك عشانها ، طريقك ليها كان سهل من البداية.


أشاح حذيفة وجهه قائلًا بنبرة غادرتها الحياة


ـ عشان أنا مش عبد العزيز ، أنا مش عارف أشيل مسئولية يابابا.


هدر صوت عبد العزيز بقوة


ـ محدش طلب منك تبقى أنا .. أنا شيلت مسئولية عيلتي وإخواتي مع أبويا وكانت تقيلة وعشان كدة كنت عايز ابني يكون حر ويحقق إللي معرفتش أنا أعمله ..


رفّت أجفان حذيفة لا يدري ما ستؤول إليه تلك المشادة ولكنه صرخ بعزم ما فيه


ـ معرفتش أحافظ على حمزة ومعرفتش أديها هي أي حاجة


وهنا تقدمت أمه التي نهرته من بين دموعها ويديها تمسد ذراعيه بدفء


ـ لا ياحذيفة موت حمزة مكنش ذنبك هو إللي كان تعبان ومقدرش يمسك إيدك وأنا إللي غلطت إني سيبته وخرجت وشيلتك مسئولية كبيرة عليك.


أنهت كلماتها الموجوعة ويد عبد العزيز الحانية تربت على كتفها بينما عيناه ترسلان إليها مرسى تتكئ عليه وسط ألمها رُغم ألمه هو أيضًا ووجعه الذي يتشاطرانه سويًا


ـ مهما تقولو لي مش ذنبك هتفضل روحي متعلقة هناك على الجبل ده ، هفضل كل يوم الصبح أقول ياريتني عرفت أشده أو وقعت معاه ..


انعقد لسان الأب بينما الأم تصرخ وقبضتاها متشبثة به تهزه بعنف


ـ وتموت معاه ومين يفضل ليّ .. ربنا كان رحيم بينا وفضلت أنتَ ياحذيفة ..


لانت عيناها المتعلقة به


قائلة بقلب مجروح حزين رُغم ما تبثه من أمل


ـ زي ما اتوجعت على أخوك ربنا هداني وصبرني بيك.


أنهت كلماتها بصوت مكسورمتحشرج من فرط البكاء ويدها تمسد وجنته الخشنة


والأب الصامت كان يطالعهما وعيناه تحكيان من الألم أساطير


كانت دموع حذيفة قد أغرقت لحيته فاهتز جسده وهو يسرد ما ذبحه


ـ وليلى إللي جت لي وطلبت مني أكون ليها رغم إنها سمعت بنفسها إني اتجوزت قبلها اتنين وأنا قلت لها نقضي يومين وعاملتها زي المومس .


صُعق أبواه مما تفوه به فارتدت أمه للخلف تجلس على أول مقعد وجدته في جمود وعين متسعة صدمةً ، وأبوه استحالت نظرته إلى مستنكرة غاضبة فاقدة الثقة فردّ صدمته في صفعة كان مرساها وجنة حذيفة


الذي ارتد للخلف مبهوتًا وشهقة أمه قتلت السكون بعدها لتصمت تمامًا في وجل و يعاود بكرها عزف سيمفونيته ذات الوقع الشاذ على أذنيها بصوته المتحشرج ويده تمسد مكان الصفعة شاردًا في نقطة وهمية


ـ كنت عايزها تخاف وتمشي قلت أخذلها دلوقت وبعد فترة هتنسى بدل ما أخذلها وأنا عندي منها ابن .


واحتد صوته بمرارة


ـ عرفتو مشكلتي إيه !


أنا حتى مش عارف أبقى زي حمزة الصغير إللي أصغر مني ب 16 سنة وأهتم بأمي زيه


صمت بلا حيلة بعدما أفرغ نذر يسير مما يشعربه


سؤال أبيه الحازم الذي تلقى الحقائق كصفعات الواحدة تلو الأخرى أخرجه من صمته


ـ هتعمل إيه دلوقت


هتفضل تدور على أعذار للهروب ؟.


وقبل أن ينطق ابنه حسر خياراته في اثنين قائلًا


ـ قدامك حلين بس


يا إما تبقى راجل وتشيل مسئوليتك ومتسيبهاش لآخر نفس أو تسافر ومتجيش تاني .


نطق آخر كلمة بمرارة التقطتها زوجته التي تحفظ كل خلجاته فقامت تواجهه بعنف بعدما أزاحت ابنها خلفها


وقفت أمامه تتحداه بشموخ لبؤة تقاتل بشراسة من أجل صغارها


ـ ابني راجل ياعزيز!


تشاجر وتدلل يالها من امرأة تعرف مكامن ضعف زوجها، والصورة كانت رُغم الجدية مضحكة فالتي كانت تدافع بعنفوان تلك تبدو كاليمامة بينهما ؛ طفلها الذي تتحدث عنه ذاك رجلًا قد تعدى حاجز الثلاثين منذ سنة وأكثر ويماثل أباه طولًا وعرضًا ..


انطلق صوت الأب يرعد


ـ أنا مستني أعرف ابنك الراجل هيعمل إيه !


وانتهى كلامه الساخر بنظرة مزدرية .


وفي نفس اللحظة كان هناك ذِكرتان تحومان في ذات الغرفة


ذكرى لعبد العزيز زمنها نصف الساعة حينما أمال على أذنه أخوه محمد الذي لم يتركهم لحظة يحكي ما نشرته إحدى جرائد الفضائح


في عنوان مثير للجدل


عن سقوط إحدى الفتيات من طابق مرتفع في المنزل الخاص للابن البكر لأحد أقطاب مجموعة اقتصادية مهولة تسيطر على العديد من منافذ التجارة في هذا البلد


وأنباء أخرى تمس سمعة الفتاة التي تكون بالصدفة أخت صديقه ، وأنباء تالية عن سمعته هو أيضا وتكهنات بأنه يستخدم مسكنه الخاص ك مكان منعزل لسهراته الماجنة ...


وذِكرى أخرى ضبابية تكتنف عقل حذيفة لهمسة الحارس


ـ الستر يابيه !


تنهد حذيفة باستسلام


ـ ما بقاش ينفع يابابا متجوزهاش وأمشي


لو مش عشانها هي فأنا أناني وهتجوزها عشاني أنا .


أومأ عبد العزيز براحة طفيفة حامدًا الله في سره


فالوضع كان حقًا كارثيًا لأنه كان قد تم إبلاغ الشرطة بالحادث يتهمون حذيفة وأخاها في الأمر وهو لأول مرة يستخدم نفوذه ليجد سببًا مقنعًا لإبعاد أي شبهة جنائية عنهما وهو في الأساس كان قد قرر أن حذيفة سيتزوجها إن لم يكن برضاه فمرغمًا ليكون تبريرهم المقنع أن الفتاة خطيبته وكانت في زيارة مع أخيها ووقوعها كان حادثًا ليس إلا ..


..........


كان حمزة في انتظارهم خارج الغرفة وما إن فُتح الباب وخرج الأبوان يبلغان العائلة بما ينتوي حذيفة فعله حتى اندفع إليه يدعم رسغه هاتفًا


ـ هتعمل إيه ياحذيفة


ابتسم الأكبر بمرارة لتعلق الصغير به فبعثر خصلاته قائلًا


ـ هتجوز حبيبتي ياحمزة


اومأ الصغير موافقًا وقال بمحبة خالصة


ـ إن شاء الله هتكون بخير أنا بدعي لها


.. يونس جه من السفرالنهاردة وبيركن عربيته تحت .


هتف حذيفة مندهشًا


ـ بجد ياحمزة يونس هنا ؟


جائه الرد سريعًا في صورة رجل ذي هيئة خشنة وعينين بلون موج البحر الهادر قائلًا بتأكيد قبل أن يحتضنه بقوة


ـ عايز تكون في مشكلة وأفضل برة وأسيبك !


نفى حذيفة قائلًا بصدق


ـ كنت محتاجلك جدًا


ربت يونس الذي علم بأمر الزيجة من عمه على كتفه قبل أن يقول ممازحًا في محاولة لتخفيف الوضع


ـ مبروك ياحذيفة هتتجوز في مستشفى ؟ عيب على تاريخك يا ابن عمي ..


تنهد حذيفة الذي كان غارقًا في بئر عميق من كآبة


ـ ادعي لي يا يونس .


قبض يونس على ذراعه بقوة قائلًا بجدية


ـ دعيت لك ولسة بدعي .. كل حاجة هتكون بخير أنا واثق فيك .


وإن لم يكن توأمك هنا ليشدد عضدك فابن العم هاهنا يفعل!


خرجوا جميعا إلى الردهة فيما حاول حذيفة الاستعداد نفسيًا لما هو مقبل عليه


..........


مازالت الصدمة تتلبسه


صغيرته


القطيطة الناعمة التي كان أول من يحملها ويقبلها


أخته التي تربت بين أحضانه وكانت تتبع خطواته في منزلهم أينما ذهب من وقت ما تعلمت الحبو


تترك الجميع خلفها وتذهب لبيت صديقه خانعة وتدوس على كرامتها وكرامة عائلتها أجمعين وتعرّض نفسها لذلك الشك المقيت


بل وتسقط أمامه من ذلك العلو الشاهق ولا يسعفه عقله لانقاذها


دلف إليها ومازالت غافية تحت تأثير المخدر


حالة جسدها مزرية وأثارالدموع متعلقة بوجهها المحمر جلس جوارها بكآبة التقط كفها السليم بين كفيه وبكى بحرقة هامسًا بحشرجة


ـ كنتِ هتموتي ياغبية ..خفتِ مني بدل ما ترمي نفسك في حضني .


يقر لنفسه أنه لم يظن السوء فيها


صغيرته عفيفة ولم يمسسها بشر


هو فقط استنكر هوانها وضعفها المخزي الذي رأه في عينيها ولهذا كره حذيفة منذ تلك اللحظة وسيظل يكرهه


فهو كاد أن يفقد أخته الوحيدة بسببه وفي بيته


ويحمل نفسه الذنب الأكبر


كان عليه الحذر وجذبها نحوه قبل أن تهرع للخلف


يقتله ذنبه ذاك وتلبسته الحيرة


أهو أنقذها من مصير أسوأ أم عرضّها للأسوأ بالفعل !


..........................................


كان قد تم إخلاء الطابق إلا منهم


غرفتها في نهاية ممر طويل تغط في غيبوبة إجبارية


والدها جالس أمام الغرفة ورأسه مستكين بين كفيه في صمت كئيب ، أمها بجانبه تنتحب في مرارة لا منتهية ويدها تربت على كتفه برتابة وارتجاف ، وأخيها في جانب منعزل وصامت بتجهم مخيف ومزاج قاتم ولم تغادره الصدمة بعد


عائلة حذيفة جميعها كانت في الجانب الآخر من الممر


الصمت الكئيب كان يطبق على الطابق بأكمله


قطعه توجه كل من حذيفه وأبيه وعمه محمد ويونس وأشرف صديقه إلى الجهة التي يجلس فيها السيد مختار أمام غرفة ابنته


وصلوا إليه وتوقف الجميع على بعد خطوات بينما تقدم حذيفة ولم يفصل بينهما سوى خطوة


أخد ينظر للرجل في وجل لثوانٍ وأهدابه ترفرف وقبضة من جليد استحكمت بقلبه و بصوت خافت مهزور قال بعدما ازدرد لعابه


ـ عمي مختار.


لم يرفع الرجل رأسه وإنما خرج صوته بعد عدة دقائق مستسلمًا


ـ عايز إيه يا ابن العجمي ؟


والكلمة كانت تخص عبد العزيز نفسه الذي قبض كفيه بجانبه وتصلب فكه يفضح ضغطه عليه


تنهد حذيفة وانحنى يركع أمامه ليرفع السيد مختار وجهه إليه فيبادر حذيفة بلهجة مترجية


ـ بعد إذن حضرتك أنا عايز أتقدم للآنسة ليلى .


كان الانكسار جليًّا في عين أبيها وقد ازداد شيخوخة ولم يرد


ظل طلبه معلقًا في الهواء لثوانٍ استغرقها نديم حتى يصل إلى حذيفة ويجذبه من قميصه ويجبره على مواجهته فيكيل له لكمات لم يردها الآخركما تلقى وابلًا من السباب منه أيضًا


حاول يونس وأشرف التدخل وتخليص حذيفة من يده إلا أن يدا عبد العزيز منعتهما من التقدم خطوة مع أمره الحازم


ـ هيتحمل النتيجة لوحده .


وعن نديم فكان غضبه الأعمى هو ما يوجهه وما دفعه لأن يصرخ فيه


ـ جايب عيلتك تتحامى فيهم .. محدش هينقذك من إيدي.


وأنهى جملته بسبة ولكمة مستحقة لفك حذيفة الذي لم يرفع كفه حتى


وعاود لكمه لتتوقف يداه في الهواء مع جملة أبيه بصوت مذبوح


ـ أختك هي إللي راحت له بنفسها.


شهقات استنكار ورفض وبعدها


عم الصمت مجددًا مع اتساع أعين بين رافضة وغاضبة ونادمة تنبض بالألم


فيصرخ نديم


ـ بابا !


ليواجه الرجل ابنه بحزم


ـ لو مكنش جه بنفسه كنت طلبت منه أنا .. بنتي ما سابتش ليّ اختيار .


تسألون عن قهر الرجال ؟


هو ما يعتري ذلك الرجل في تلك اللحظة


وصل حذيفة والباقون المعنى كاملًا


فصرخ فيهم


ـ لاء


أنا مش بتستر على فضيحة


أنا جاي أتجوز البنت إللي بحبها ومحصلش بينا أيّ حاجة


نطق الأب بخنوع فاق الحدود


ـ هتفرق كتير؟


هتف حذيفة وغضبه من نفسه وصل عنان السماء


ـ تفرق كتير قوي


وفي تلك اللحظة تدخل عبد العزيز


موجهًا كلامه للسيد مختار


ـ بنتك أشرف بنت وكلنا متأكدين من كدة زيك بالظبط


وأنا بتشرف بنسبكم ، وابني مستعد لأي ضمانة تطلبوها منه .


هز الرجل كتفه نفيًا


ـ لله الأمر من قبل ومن بعد ..


............


وعبد العزيز كان يعلم يقينًا أن الأصعب لم يأتِ بعد فاتفق مع أمل التي تعمل كطبيبة في تلك المشفى أن تحضر معهم عند إخبار ليلى عن الأمر استعدادًا منهم لأي انهيارقد يحدث للفتاة


وبعد استئذان من والدها أن يكون معهم وزوجته أيضًا وقبل الدلوف وقفت أنوار متشبثة بذراعه


ـ أرجوك ياعزيز بلاش أدخل معاك .


والحنون في تلك اللحظة تلبسه شبح القسوة


ـ لا طبعًا لازم ..مش عايزة تشوفي ابنك سيد الرجالة عمل إيه ؟


وكان متهكمًا وهي لم تعد تحتمل


ـ حرام عليك يا عزيز متوجعش قلبي أكتر من كدة .


ولم يكن هناك خيار هو أصدر فرمانًا غير قابل للمعارضة فيه


ـ أنا وأنتِ هندخل ونشوفها ونسمعها وهي بترفضه ..ذنبها إيه عشان تتوجع لوحدها؟


غلطها الكبير إنها حبت ابن أمه نتحمل شوية معاها بقى.


ولأول مرة يتحدث عن حذيفة بهذه الطريقة متهمًا إياها بالتقصير في تربية ابنهما الذي خاب أمله فيه ويلومها فيما يحدث


تركها خلفه ودلف للغرفة خلف السيد مختار وزوجته


وأمل وصلتها فجذبت كفها باحترام هامسة لها في ثرثرة استرسالية


ـ ليلى تعبانة نفسيًا وجسديًا قوي ياطنط الصبح وهي بتفوق من البنج كانت بتعيط وبتنادي على حذيفة .
أجهشت أنوار في البكاء فرق قلب أمل لها واحتضنتها


ـ خلاص يا طنط ربنا يعمل لهم الخير إن شاء الله .


وأنوار للحق كانت تقف على قدميها بمعجزة إلهية


لم تستطع التقدم خطوة عندما وقعت عيناها على الفتاة فوق الفراش الطبي سرت قشعريرة باردة في أوصالها وهي ترى حال الفتاة وماحدث لها بسبب بكرها


كانت متسمرة على مدخل الغرفة تنظر لها ولحالة جسدها الخطيرة وعدم قدرتها حتى على البكاء وكيف سالت عبراتها وشهقاتها المكتومة ارتفعت عندما وقعت عيناها على أبيها المتجهم وأمها المنتحبة


ورُغمًا عن أنوار كان بصرها يزوغ حيث يقف حذيفة مستندًا بظهره على الحائط مغمض العينين ورأسه تتحرك برتابة وتصطدم بالحائط خلفه ، جزء منها خائب الأمل لم يشفق عليه وجزء آخر أكبر بملايين المرات يود لو يخفيه في صدرها ويمحو عنه مرارة الألم الذي استوطنه ..


وفي النهاية هي أم يئن قلبها على وليدها وتشفق على أم كادت تفقد ابنتها بسببه


وفي الداخل كان من الوجع ملحمة


ليلى التي ما تمنت شيء بعد حذيفة تتمنى الآن لو ماتت قبل أن تقابله


نظرة الخزي في عين أبيها قتلتها


قتلتها !


هل مازالت على قيد الحياة؟!


تركزت نظرتها فوق عين أمها محمرة الوجه من فرط البكاء وصوتها الذي بُح من الصراخ همست لها بلوعة


ـ كنتِ هتموتي يا بنتي


وابنتها مات جزء منها بالفعل


الكل بعدها التزم الصمت حتى تقدمت إليها أمل بحنوها البالغ تخبرها بخفوت مُشفق


ـ ليلى هما عايزين يقولوا ليكي حاجة مهمة.


رفعت أجفانها المنتفخة من شدة البكاء وخفت أنينها قليلًا


فبادرت أمل قبل أن ينطق أحد


ـ حذيفة طلب يتجوزك .


وصمتها الذي ماطال سوى بضع ثوانٍ قتله صرختها المذبوحة وبالخارج كان اصطدام رأسه بالحائط يشتد وابن عمه يدعم أحد ذراعيه وصديقه يدعم الذراع الآخر وحمزة الصغير يتمسك بكلا كتفيه و همساته لا تتوقف


ـ مش هينفع ياحذيفة أي انهيار دلوقت .


وحذيفة سقط بكلا ركبتيه على الأرض ورأسه استقرت فوق كتف أخيه فانتفضت أمه إليه تجذب رأسه المثقل إلى كتفها هي وسيول من عبرات غزت وجنتيها ولم يفارقها النشيج وهو كان في عالم آخر يختبر سقوطًا حرًا غير مكتمل تهوي روحه من قمة جبل ولا يرتطم بالأرض أبدًا


يظل في عذاب سرمدي ينتظر لحظة الارتطام عله يجد الراحة


ومن فرط الهزلية أن اللحظة لا تحدث


والذي يسقط هو توأمه


يقولون أن أرواح التوأم متعلقة من الحياة إلى الممات


وعقدة الذنب تزيد ذلك التعلق


ضاع حذيفة بين سراديب ذاكرته التي حاولوا طمسها بتغيير محل الإقامة وعدم الحديث عن الأمر


الكل أغلق قلبه على حزنه وهو حزنه تعاظم مع الوقت


طفلان في طور المراهقة مع أبويهما في عطلة عائلية


حمزة مَرِضَ فجأة وعادوا إلى المنزل وبعد عدة ساعات خرجت الأم والأب من أجل ابتياع بعض الأغرض وكلمة قالتها الأم قبل إغلاق الباب خلفهما ما فارقته طوال ستة عشر عامًا بعدها


ـ أخوك مسئوليتك ياحذيفة خلي بالك منه.


وبعد ربع الساعة استيقظ حمزة من فراشه وأصر على اللعب بالخارج


والخارج هو منطقة جبلية منعزلة وبعيدة مسافة ساعتين أو أكثر من أقرب متجر وأقرب جيران على بعد نصف الساعة ، حاول حذيفة في بادئ الأمر إثناءه لكنه ما استمع


وبعد مدة كانا يتشاركان اللعب


وعلى حافة الجبل لم ينتبه حمزة المريض في الأصل وانحرفت إحدى أقدامه وانحدر جسده فتشبث قدر استطاعته بالصخور ، في لمح البصر كان حذيفة يلتقط كفه محاولًا جذبه للأعلى ، بذل قصارى جهده ولم تسعفه قوته البدنية لجذب أخيه تجمعت قطرات العرق فوق جبينه وامتلأت مقلتيه بالدمع وصدى صراخه وصله وصم أذنيه


والآخر عرف أنها النهاية فابتسم ، تعلقت عيناه ب حذيفة ، قبض على كفه بقوة ونطق اسمه في محبة خالصة ومن ثم ارتخت قبضته واستسلم .


وتلك المعضلة أن تسقط ولا تسقط


تظل هكذا مُعذب لا روحك فارقت جسدك ولا به ظلت


.


بعد سقوط حمزة صرخ حذيفة كما لم يصرخ قبله ولا بعده أحد ولنصف ساعة كان جسده متصلبًا و يتردد صدى صراخه من حوله حتى كادت الصخور أن تتصدع بل هو من تصدعت أركان قلبه فسقط مغشيًا عليه


والنهاية جسدين مسجيين أحدهما فوق الجبل والآخر تحته ورحمة السماء تشملهما معًا.


وبجانب رُهاب المسئولية يعاني رُهاب السقوط فدائمًا وأبدًا كان ينظر للقمر ويتمنى أن يمتلك أجنحة فيسكن جواره عله يتناسى وجود الأرض .


فعاش طويلًا بجوار قمر السماء في عالم خاص لا يشاركه فيه أحد


ومع الأسف السقوط هذه المرة لزامًا عليه


حيث عاشقة سقطت فوق أرض رخامية من علو جرب السقوط منه نفسيًا مرات ومرات بعدما رأها تستسلم..


عاد من هوة ذاكرته السحيقة على صراخها الهستيري


ـ هموت يا بابا لو اتجوزته .


كانت عيناه متسعتين ولمحة من لون الدم تظلل بياضهما وأنفاسه متلاحقه ليقول بهمس مبحوح


ـ هموت أنا لو متجوزتهاش
انتهى الفصل قراءة ممتعة🌸💙


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:15 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.