آخر 10 مشاركات
بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          فى مهب الريح " متميزة " ... " مكتملة " (الكاتـب : الزينب - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          تنظيف كنب بالخبر (الكاتـب : صابرين المغربى - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          الإغراء المعذب (172) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 2 سلسلة إغراء فالكونيرى ..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          588-المساومة -ديانا هاميلتون -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )           »          انتقام عديم الرحمة(80)للكاتبة:كارول مورتيمور (الجزء الأول من سلسلة لعنة جامبرلي)كاملة (الكاتـب : *ايمي* - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree56Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-07-20, 11:41 PM   #21

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل التاسع


جديلةٌ طرفاها العاشقان ..تراهُما افترقا .. إلا ليلتحما


في ضمة تُرجع الدنيا لسنتها .. كالبحر من بعد موسى عادَ والتأَما


تميم البرغوثي


...........


ـ حذيفة طلب يتجوزك


همسة قالتها أمل بحذر فزادت من اشتعالها اشتعالًا


الحب وما يخصه صار أمامها مشوهًا كوحشٍ ضارٍ ينهشها


فصرخت صراخًا هستيريًّا لم بيدو أنه سينتهي أبدًا


تهذر بكلمات بلا معنى


تسب نفسها


تهدأ لحظة


تلتقط أنفاسها شاهقة


وتعاود الصراخ


تصمت وتئن


تبكي وتنتحب


تموت وتحيا


يؤكدون ألا أحد يموت من الحب


لكن هناك من يموتون من الحزن أو القهر


من الندم أو الخذلان


وكلها توابع للحب


أمازال لا يقتل ؟!


وجهت حديثها إلى أبيها المتصلب الجسد والملامح


ـ مش عايزاه يابابا.


فصرخ فيها بحدة


ـ لو مش عايزاه رُحتي بيته ليه يا متربية .


يقسو ويتألم مثلها وأكثر وآخر ما كان يود قوله هو ما نطقه لسانه الآن


ومن بين الأنين والشهقات صرخت بصوت خرج مبحوحًا


ـ لو اتجوزته هموت يابابا .


وأبيها لحظتها قُدت حجرات قلبه من فولاذ فهمس بتضرع


ياريتك مِتِ قبل ما تخرجي من بيت أبوكِ


وما قاله أبوها أرداها قتيلة فعم صمت قاتل على الجميع وهي أولهم


لم تعد تحتمل بل لم تعد تشعر أصلًا


قالت باستكانة ماقبل الاستسلام للهاوية وصوت غريب عنها


ـ قال لي تعالي ..


قطع استرسالها صوت غريب على أذنيها يخص رجلًا ذا هيبة وعيون دافئة عرفته أنه أباه وعيناه كانت ترجوها ألا تكمل


نبرته الحنون احتوتها


ـ اهدي ياليلى.


وللغرابة كان يرسل لها مرسى لتتكئ عليه ولكنها تجاهلت أية إشارة منه


والتفتت إلى صديقتها التي كانت قد احتضنتها قبل دقائق ولم تشعر بها قائلة بتوسل


ـ خليني أنام يا أمل مش عايزة أحس بأي حاجة.


وأمل الباكية استقامت تحقنها بمخدر غيبها عن وعيها فاستسلمت أجفانها المتورمة للقيا تتابعها عينا أمها من زاوية الغرفة وأنينها لم يهدأ بينما نظر أبيها إليها نظرة ميتة وانصرف


تاركًا عبد العزيز يطالع الغافية أمامه محطمة بنظرات أسف وإشفاق جم.


.......................


خرج أبوها بخطواته الثقيلة وتوجه من خلال الرواق إلى الدرج نزولًا إلى الطابق الأرضي وتجاهل المصعد حتى وصل إلى باب خروج المشفى الرئيسي كانت خلفه زوجته وخطواتها لا تقل كآبة عنه استقلت السيارة بجانبه دون أن تنطق ، كلاهما كان يتيه في أحزانه


عادا إلى بيتهما بعد ليلة ونصف مكثاها بالمشفى


والعودة كانت هروبًا من ضغط نفسي تعرضا له لساعات طويلة


تهالك السيد مختار على أقرب مقعد من الباب بينما تبعته زوجته وجلست على الأريكة


كلاهما مذبوح ومكلوم


شردت في أحداث الأمس هلعها على أولادها وهرولتها حافية القدمين إلى الشارع


والمشهد القاتل الذي دحر كل تعقل فيها وفي زوجها


انتبهت من شرودها المقيت على صوته المختنق ببوادر بكاء


ـ كانت هتموت في بيته يا ليلى.


كان مقهورًا خائب الأمل لحظتها


وهي اقتربت منه ببطء تمسح آثار العبرات فوق وجنتيها و بيدها المرتجفة مسدت كتفه


تردد بعض الابتهالات بخفوت


وهو كان متنائيًا عنها يتخيل لحظة خروج صغيرته من المنزل


ولحظة دلوفها بنايته


ولحظات تالية لها بالداخل


واللحظة القاتلة


لحظة السقوط


كيف طاوعها قلبها وعقلها أن تخذلهم وتُدنّي شأن نفسها هكذا


وإضافة إلى ذلك ابن صديقه الذي تركته ينتظرها واندفعت نحو آخر ، صديقه السيد صادق وعائلته كانوا في منتهى اللطف واللباقة في تناول الأمر ، حيث حضروا المشهد من بدايته ورأوا جارهم الذي سقطت في بيته وانهياره في المشفى من أجلها وقدوم عائلته واحدًا تلو الآخر، لم يحتج الوضع إلى تأويل بعدها ، العروس تحب جارهم ويحبها هو أيضًا ، طالع محمود حذيفة أمامهم بنظرة طويلة وألقى تحية احترام لبقة للجميع وانصرف مع عائلته ، وبعدها اكتفوا بالسؤال عنها هاتفيًا ..


اختنق صوته بغصة مريرة


ـ كانت هتموت في بيت راجل غريب عنها .


صمت يرتشف خيبة أمله رويدًا


ـ وأنا بنفسي إللي سيبتها تعمل كدة في نفسها وفينا .


تهدجت أنفاسه وارتخى بجسده يغمض عينيه بلا حيلة


والأم كانت غارقة في ذكرياتها البعيدة القريبة


ذكريات ميلاد طفلتها


أول خطوة وأول كلمة


وأول ضحكة رنانة


الصغيرة التي ولدتها بالأمس صارت صبية جميلة ورقيقة


بل ورعناء غبية تترك العالم خلفها من أجل رجل


دفنت وجهها بين كفيها وبكتها وكأنها فارقت الحياة بالفعل


طفلتها الرقيقة ذات القلب البريء


تتحمل ألمًا جسديًا غير محتمل


وعيناها تحكيان ألف قصة تحطيم


لم تتحدث بلسانها ولكن الخواء الذي اكتنفها يحكي


بل والأصعب أنها اختبرت لحظات موت وفي بيت رجل غريب عنها


رجل غريب وتحبه !


ألف اتجاه يشرد إليه عقلها


وقلبها يكذبها كلها


ويؤكد أنّ


الطفلة بريئة من كل دنس .


..................


إذا بكت امرأة رجلًا تعشقه في محرابك لا تقاطعها أرجوك


دعها تفرغ شحنتها ولا تعلق بكلمة


فقط بين الحين والآخر أعطها مِحرمة ..


وعبد العزيز يعلم طبيعة النساء المائلة إلى العاطفية جيدًا


لهذا ما إن استفاقت ليلى كان أول من يطلب زيارتها


وحدسه كان صحيحًا كانت تنظر للفراغ بنظرة خاوية


ومع وقع خطواته الرزينة انتبهت


ألقت عليه نظرة بلا تعبير وعادت إلى شرودها مجددًا سألها بلطف


ـ ممكن أدخل ؟


أومأت بالإيجاب فتقدم حتى وصل إلى جانب فراشها


أمل أبلغته أنها تحت تأثير مسكن قوي حتى تتحمل صحوتها


جذب كرسيًّا وجلس جوارها


لاحظ شحوب وجهها وتورم أجفانها وبضع خدوش فوق شفتيها من فرط ضغط أسنانها عليها لاحظها أثناء مواجهة أبيها


حاول جذب انتباهها فسألها بمودة لا يدّعيها


ـ إزيك ياليلى.


هزت رأسها بلا معنى كأنها لاتمتلك جوابًا


وكان مُراعيًا فسألها بصوت حنون


ـ مستعدة تتكلمي ؟


وهي التفتت بعينيها وراحت تنظر إليه لدقيقة كاملة قبل أن تنخرط في بكاء مرير


لا تعرف لمَ ارتخت حصونها التي ما انفكت تشيدها منذ استيقاظها قبل ساعتين


أيعود لهالة السكينة والاطمئنان حول الرجل أو لإحساس الأمان الذي تسربل إليها منه


آه من الأمان الخادع الذي غمرها به ابنه


فتشبثت بأحباله الواهية وبنت منها جسرًا تعبره إليه فلم يتحملها الجسر الواهي وسقطت


بكت طويلًا ولنصف ساعة كاملة وهو لم يقاطعها بكلمة ، وظل مُحترِمًا قدسية حزنها


تعرق جبينها والتصقت به بعض خصلاتها رُغم أن الشتاء كان قد اقترب يدق الأبواب بسقيعه


أزاحتهم للخلف بأنامل يمناها النصف سليمة وراحت تنهت من بين بكائها


وهمست بخفوت


ـ أنا السبب !


انتبه إليها وأولاها كامل تركيزه


هز رأسه في تفهم ولم ينطق فتابعت هي بغصة وصوت مبحوح


ـ دوست على كرامتي عشان كنت بحبه .


توهم نفسها أن الحب قد انتهى ويفهم ويتفهمها كذلك


أسبلت أهدابها تسأل بغرابة


ـ الحب يشفع لي ؟


ابتسم لها ابتسامة صغيرة تفيض بالشجن


تلك الفتاة ذات قلب طيب وفتيُّ للأسف لم تتحمل لوعة الفراق فاندفعت


لم تنتظر إجابة وأكدت


ـ الحب قتلني.


رفعت عينيها تحدق فيه بصلابة وتعابير باردة


ـ أنا مش هتجوز إللي عاملني بالرخص دة .. وبالذات وأنا في وضعي دلوقت .


أسبل أهدابه لوهلة ومن ثم رفع عينين مصممتين إليها


ـ هتتجوزيه


قست عيناها وسألته بغل


ـ غصب عني ؟


أكد بنبرة حنون خافتة


ـ برضاكِ


ضيقت عينيها وأظلمت تعابير وجهها نفورًا فأردف بتبرير


ـ مش عشانك ولا عشانه.


صمت يُحضّرها لما ستسمع جيدًا


ـ عشان نديم أخوكِ


استفهمت مندهشة


ـ ماله نديم؟


نظر لوهلة إلى وجهها المتورم وأنفها المحمر وأهدابها المتعلق الدمع فيهما واستكمل حديثه


ـ في بلاغ ضده في النيابة بيتهمه إن هو السبب في اللي حصلك .


شهقت بصدمة واتساع عين مذهول


ـ لا مش هو أنا وقعت وكان بعيد عني وهشهد بكدة.


هز رأسه بالموافقة ومن ثم


سأل بترقب


ـ وحذيفة ؟


كزت على أسنانها واشتعل بريق القسوة في عينيها


ولم ترد


فأضاف هو


ـ حذيفة كمان متهم مع نديم.


هتفت بغلٍ وتشفٍ


ـ وأنا هشهد ضده .. حذيفة هو السبب في الحادثة .


كان متأكدًا أنها ستقول ذلك فمط شفتيه سائلًا إياها بروية


ـ وهتقولي هو ليه عمل كدة ؟


توترت حدقتيها فاسترسل


ـ إيه الدافع بتاعه ؟


وكمان هل الناس في الحيّ أو خارجه هيعدوا الموضوع كدة ببساطة ؟


لنفترض إن فعلًا الأمور مشيت في المنحنى دة


باباكِ وأخوكِ موقفهم هيكون إيه؟


كانت ملامحها تتلون بالقهر رويدًا رويدًا


وبوادر من ظلال الظلام تكسو عينيها


ليقول مباغتًا


ـ الناس هتسأل عن دافع حذيفة وهتسأل عن سبب دخولك بيته وساعتها مفيش حد هيكون عنده مبرر والناس هتختلق قصص،


تحجر الدمع في عينيها وتجعدت قسمات وجهها نفورًا وعجزًا ، التحفت ذبذبات صوتها باليأس لتقول بخفوت وقلة حيلة


ـ موافقة.


هز رأسه بالإيجاب وقال لها بوعد مؤكد


ـ وأنا من النهاردة هأيد أي قرار تشوفيه يناسبك


بعد ما تتعافي بإذن الله.


لو طلبتِ الطلاق من حذيفة هينفذه في نفس اليوم من غير مناقشة ولكِ عندي أمان وحماية منه ومن أي حد .


لم تعلق وتعانقت أجفانها في استسلام


ليستقيم هو ويربت على كفها مطالعًا وجههًا في شفقة وحمائية


ولنفسه أقسم أنه لن يمسها سوءً بعد اليوم طالما في قلبه نبض


تلك المستسلمة استنفرت حمائيته وانتهى الأمر .


.................


واللحظة المسماة بتتويج الحب كانت باهتة


في إحدى غرف المشفى الشاسعة في الطابق الذي احتلوه تقريبًا كان الرجال من الطرفين بعضهم يجلس في مقاعد جانبية والبعض الاخر ملتفين حول طاولة دائرية بجانب المأذون الذي يجهز أوراقه


كانت حالة من التجهم والوجوم مكتنفة الجميع


وحينما طلبوا هوية نديم الشخصية للشهادة على العقد رفض بحدة مبررًا أن أخته لا تحتاج للزواج واقترح أن يسافر معها للخارج لتتلقى العلاج وتستقر معه ومع زوجته لكن أبوه هو من رفض فاستسلم نديم والتزم ركن الغرفة يناظرهم بنظرة مفعمة بالذنب والغضب


قدم كل من محمد العجمي وأشرف صديق حذيفة هوياتهما


كان عبد العزيز جالسًا بجانب السيد مختار يجدد طلب الزواج باحترم وتبجيل للرجل رافعًا من شأن ابنته


ونظراته غامضة نحو حذيفة


حذيفة الذي اختبر واحدة من أصعب لحظات حياته


حينما تلاقت كفه مع كف والدها المرتجفة


الرجل كان يعاني ويتعرض لضغط يفوق الحد ولحظة أخرى فارقة كان إحساسه بها شديدة الغرابة على قلبه لم يكن يصدق أنه سينطقها يومًا


جملة مختصرة رنانة قالها في وجل وغصة استحكمت حلقه


ـ قبلت زواجها!


أجل هي المعشوقة التى كان يهرب منها والقدر قد جمعهما رُغم أنفه


وبعد تمام العقد كانت المباركات ثقيلة في إعطائها وتقبلها فالتزم الجميع الصمت مؤَّمنين على دعوات المأذون لهما


استقام حذيفة وتقدم من أبيها وقال بصوت يفيض تقديس


ـ ليلى في عيوني وقلبي ياعمي .


ولحظتها لم يمهل نديم الذي تدخل أبيه لينطق وهتف موجهًا سبة لحذيفة وأكد بصوت حانق


ـ اوعى تحلم ، هتطلقها أول ما تخرج من المستشفى .


قست عينا حذيفة وهم يواجهه كإعصار


ولكن نظرة محذرة من عين أبيه أردعته فاكتفى بقبض كفيه بجانبه


تجهُم وجهه وتصلُب فكيه كان مفضوحًا للجميع


ومع ذلك أطرق وقال بصوت ثلجي يحيط بجمرة نار قبل تمام الانصهار أو الانطفاء


ـ تحت أمركم !


انفض الجميع من حولهم وبقى مع والده فقط


نهض عبد العزيز وتوجه نحو حذيفة الواقف قرب الباب مستندًا للحائط والذي اعتدل في وقفته عند اقتراب أبيه الذي ولأول مرة منذ ماحدث تلين نظرته له بل ويربت على كتفه ربتتين فتتسع عيناه على إثرهما وتزداد الدهشة مع جملة والده المقتضبة

ـ مبروك ياحذيقة ..حافظ على مراتك!


ارتد حذيفة للخلف يتنفس بصعوبة


ـ بابا


أغمض أبوه عينيه وقال


باستسلام


ـ كنت مستنيك تيجي تقولي أنك عايز تتجوزها وأنتَ مجيتش وسيبتها تحارب لوحدها ،


اتسعت عينا حذيفة وقال مصدومًا


ـ ح.. حضرتك كنت عارف ؟


فتح الأب عينيه وواجهه


ـ ايوة كنت عارف ومحمد اقترح نتدخل ونحطك قدام الأمر الواقع وأنا إللي رفضت .


حك حذيفة جبهته تعبًا


ليستكمل الأب


ـ سبيتك تاخد قرارك بنفسك زي ما سيبتك قبل كدة ..وبقولك إني دلوقت بندم.


رفع حذيفة عينيه إلى أبيه بألم


فقال بلا ترتيب ويده تجذب خصلاته بيأس


ـ تعبت قوي يا بابا .. تعبت عشان حمزة وتعبت تاني عشان ليلى.


اقترب عبد العزيز منه ووضع يده على كتفه قائلًا بتقرير وصوت لين


ـ عارف إنك تعبت ولسة تعبان .. لكن أنوار بتقول إن ابنها راجل وواثقة فيه ..


ليتطلع له حذيفة بتركيز فأردف أبوه


ـ هتخذلها ؟


لينفي حذيفة بجدية وثقة


ـ مبقاش ينفع.


فتنهد عبد العزيز وابتسامة رضا صغيرة شقت ثغره


ـ هدومك وكل إللي هتحتاجه في الأوضة إللي جنب أوضة ليلى .


دهشة حذيفة كانت جلية


فيربت الأب على كتفه وتركه لدهشته ورحل


..................


من ضياعك جئت


مُشيدًا كل حصونك ضد الحب


وفي لحظة غفلة أنت عشقت


من ضعفك خفت


من القدر هربت


وفي حرب هروبك ماتت كل جيوشك


فاستسلمت
.


في شرفة غرفته بالمشفى المجاورة لغرفة ليلى كان حذيفة جالسًا على كرسيه مستندًا بجذعه للخلف ، يغطي عينيه بذراعه وقدميه ممددتين على الطاولة أمامه ، وأشرف صديقه مستندًا بجذعه على سور الشرفه ينظر إليه بصمت ماطال حتى سأله


ـ الجو برد أجيب لك الجاكيت بتاعك من جوا ؟


لم يرد حذيفة فتنهد أشرف باستسلام وعاد لشروده المختنق في الأفق ، قطع صمتهم وصول يونس ببعض الشطائر للعشاء


بعد تمام العقد انفض الجميع وتركوهم معه اعتدل أشرف في وقفته وهم بالرحيل أمسك يونس ذراعه سائلًا


ـ هتمشي ليه يا أشرف


رمق أشرف حذيفة بنبرة محبطة قبل أن يقول بصوت متحشرج


ـ هروح أشوف صاحب عمري إللي اتطعن في ظهره.


تعالت أنفاس حذيفة وتصلب جسده ولم يرفع ذراعه


حاول يونس التخفيف من وطأة الوضع محذرًا أشرف بعينيه


ـ دة كمان صاحب عمرك زيه.


من جوف الشتات خرج صوته متهكمًا


ـ صاحب عمري إللي انتهك حرمة صاحبه؟!


صمت وبالندم عاد يهذر


ـ والمصيبة إني شفت البداية وكنت عارف ، لا منعت ده ولا نبهت التاني


لم يقاطعه أحد فاسترسل بضعف


ـ كنت فاكرها هتعرف ترجعه.


تحرك منتويًا الرحيل وقبل رحيله ألقى الحقيقة المؤلمة في وجوههم


ـ ابن عمك كسر ضلعه الأعوج يا يونس ياريته يكون رجع من غربة نفسه ومتكونش روح المسكينة اتشوهت على الفاضي


ولوح لهم مغادرًا


ـ خليك أنتَ معاه أنا يومين ههدا وأجيله.


راقب يونس رحيل أشرف بنظرة لاتقل أسفًا عن التي رمق بها حذيفة المتسارعة أنفاسه


وضع الشطائر على مقعد جانبي وسحب آخر وجلس قبالة ابن عمه ، ابن عمه الذي أزاح ذراعه عن وجهه بتمهل لتظهر عينيه المحمرتين وقسمات وجهه المتعبة


قائلًا بصوت أجش عائد من جوف القبور


ـ أنا ما انتهكتش حرمة صاحبي يا يونس ، أنا انتهكت حرمتي أنا.


وتمهل في الصمت يتجرع ما صنعته يداه


ـ ليلى كانت ليّ من البداية ، من أول لحظة سابت لي نفسها.


اختار يونس الصمت تاركًا لحذيفة طريق البوح


وحذيفة كان حمله ثقيل فأردف


ـ في مرة سألتني حبيبي أنتَ بتغير؟ ، كنت في لحظة همسك إيدها وأروح لأبوها وأقوله أني مش همشي من غيرها.


وشرد في الأفق المظلم حولهما


ـ أصعب حاجة إنها كانت متأكدة طالما هتدخل بيتي يبقى خلاص هعمل إللي كان المفروض يتعمل.


تنهد بعمق والنيران في جوفه اشتدت


ـ كانت ضعيفة قوي لحظتها ؛ وكنت عايز أصرخ فيها وأقولها اهربي مني أنا أسوأ من كل إللي تتخيليه


امتدت يد يونس لقبضته المضمومة وربت عليها وأغمض عينيه ولم يعلق وسيل البوح لم يتوقف


ـ كنت عارف إنها هتقولي لا مش همشي وسيب لحبنا فرصة


تجمدت أوصاله عند تخيل وهنها


ـ لقيت نفسي بشدها في حضني وبوجعها بأصعب طريقة ممكنة


رفع كفيه يفرك جبهته بعنف وما يعتريه كان مأساة


ـ حسستها بالضآلة قدام نفسها كأني بعاقبها إنها حبتني


ورفع عينيه لعيني يونس المستاء بصمت


قائلًا بتمني


ـ كنت عايز أطبطب عليها وأنا بغرس سكين في قلبها


وكنت عايز أقولها أنا ندل بس بحبك.


لفحات الشتاء حولهما لم تخمد من لهيبه شيئًا ، كان صدره يعلو ويهبط بانفعال مُحبط


ـ أنا لسة بخاف ، ولسة بقول ياريتنا ما اتقابلنا .


حمحم يونس قبل أن يتحدث بعقلانية


ـ أنا مش بتمنى لأي بنت إلي حصل لها ، لكن يمكن دة تدبير من ربنا عشانك


وفرد قبضتيه كلٌ في اتجاه يسرد بمنطق


ـ كل واحد منكم كان في اتجاه.


وقابل قبضتيه ببعضهما بعنف في المنتصف


ـ كنتم محتاجين ارتطام.


استنكر حذيفة بصوت مسموع فبرر يونس


ـ الارتطام بشع عارف بس نزلك لها الأرض.


تحشرجت أنفاس حذيفة وغاصت عيناه وسط غيمات الحزن


ـ ليلى بتتألم قوي ، وملهاش أي ذنب في كل ده .


نفى يونس بحزم


ـ لا هي كمان غلطت ، حبتك من غير عقل.


سأله حذيفة


ـ هو الحب محتاج عقل؟


ابتسم يونس بتهكم


ـ لا حبوا بعض بغباء أنتم الاتنين وتحملوا النتيجة.


زفر حذيفة وصدره بالألم مُعتل


ـ خلاص حبينا بعض والكارثة حصلت ، ومبقاش في رجوع بالزمن ولا علاج.


زم يونس شفتيه شاردًا في الأفق لبعض الوقت ومن ثم وواجهه بأصل العلة


ـ هربت بالدراسة وهربت بالحشيش والحريم ، كنت بتعمل كل حاجة فيهم وكأنها أهم حاجة يمكن تداويك وفضلت بعلتك.


وفي عمق عيني ابن عمه ركز نظرته مؤكدًا


ـ والحب مرجعكش بس الصدمة رجعتك


هز حذيفة رأسه يمينًا ويسارًا يأسًا


ـ رجعت بعد فوات الأوان.


نفى يونس بعقلانية


ـ لسة آخر نفس ياحذيفة ، داويها وهتلاقي فيها علاجك.


ارتد حذيفة بجذعه للخلف وأغمض عينيه يغطيهما بذراعه ولم يعقب


فشاكسه يونس بمرح مصطنع


ـ بما أننا في البلكونة والجو برد وقاعدين قاعدة رومانسية عايز أكلمك في موضوع


رفع حذيفة ذراعه عن عينيه وسأله بنبرة مهتمة


ـ خير


ارتد يونس يسترخي في جلسته على المقعد


ـ حمزة جونيور.


ضيق حذيفة عينيه المتعبتين قائلًا بترقب


ـ ماله؟


تنهد يونس


ـ بقى استرونج حمزة قبل آوانه.


زوى حذيفة ما بين حاجبيه بلا فهم ليوضح الآخر


ـ سيبته عنده سبع سنين وسافرت.


حذيفة مش هنا ليه


عشان بيخاف وبيهرب


اتسعت عينا حذيفة ويونس يسترسل


ـ يبقى الحل إيه عشان حذيفة يرجع ؟


حمزة يبقى كبير ومسئول ؛ يحتوي ماما


يناقش بابا بالعقل


يكون موجود عشان يدعم الجميع ، وبنات عيلتنا حدث ولا حرج .


وصفعه بالحقيقة في لحظة


ـ حمزة كبر قبل آوانه بسبب هروبك أنتَ ، جميل أنه ناضج لكن إللي مش جميل إنه عمل تجاهل لمراهقته عشان يخفف عنك العبء وترجع.


وحذيفة اعتدل بكليته عندما استفزه الحديث ، يونس وضع يده على نقطة مهمة لم يكن حذيفة يدركها بل كان سعيدًا بنضج حمزة المبكر وأنه خليفة عبد العزيز بدلًا منه


ابتلع ريقه بتمهل قائلًا بتروي


ـ بس مكنتش أقصد أضره كدة يا يونس أنتَ عارف


أومأ يونس بتأكيد


ـ عارف يا حذيفة وبقول كلامي ده دلوقت تحديدًا لأنه أكتر وقت هتستوعب فيه الحقيقة


وعيناه الزرقاوتين توهجتا بعزم


ـ مش ليلى بس إللي محتاجالك ، أخوك كمان محتاجك


خد دورك كابن عبد العزيز الكبير وسيب أخوك يعيش سنه .


................................................


الأسوأ من السقوط هو أن تعيشه في خيالك مرارًا وتكرارًا


تسقط وترتطم بسطح صلب وتتهشم عظامك


والاصعب أن تتهدم جدران قلبك قبلها ..


ومن بين كوابيسها كان واحدًا غير مكتمل امتدت فيه يد ناعمة دافئة حنون قبضت على كفها فمنعتها الارتطام الأخير


افترقت أجفان ليلى فتشوشت الرؤية ليظهر رويدًا رويدًا سقف الغرفة الأبيض


هي مازالت تتنفس إذًا


شعرت بيدها مأسورة في قبضة ناعمة دافئة فالتفتت تنظر إلى كفها وترتفع نظراتها إلى صاحبة اليد


وكانت صدمتها كبيرة


رأت أمه جالسة على مقعد مجاورٍ لفراشها تنظر إليها بعين مُعذبة


توجست ليلى من تلك الزيارة وهمت بجذب كفها إليها لكن أنوار شددت عليه ولم تتركه
وأنوار كان قلبها ينزف على الفتاة شفقةً ، تلك التي مانالها من حب حذيفة سوى ناره ، وما بيد الأم حيلة فما حدث قد وقع بالفعل ولا مرد للقدر


تنهدت ليلى بتعب وأغمضت عينيها


لتبادر أنوار بصوت حزين مُتمني


ـ سلامتك يا ليلى .. إن شاء الله هتكوني بخير


ردت ليلى بوهن


ـ الله يسلم حضرتك ياطنط.


لم تجد أي منهما سبيلًا للحديث رُغم إن القلوب معتلة فتشاركتا جلسة رثاء صامتة كل منهما في محراب نكبتها تبتهل


...........


بعد ربع الساعة خرجت أنوار من الغرفة لتجد بكرها في انتظارها فالتقط كفها بيمناه سائلًا بلهفة


ـ صحيت يا ماما ؟


أومأت برأسها وتنهدت


ليسألها بترقب بعدما ازدرد لعابه وعيناه على الباب المغلق خلفها


ـ بتتألم ؟


رفعت أمه كفها الحر وساوت بها خصلات شعره النافرة ونظرت في عمق عينيه سائلة


ـ بتحبها قوي ؟


ارتد للخلف عدة خطوات واستند للحائط من خلفه مغمضًا عينيه


عقد ذراعيه أمام صدره وفتح أعينه بتباطؤ


ـ لسة بتسأليني ؟


قطع رد أنوار عليه عاصفة هوجاء تتمثل في فتاة محجبة ومتحفزة الجسد تقف قباتله وتوجه إليه سؤلًا متهكمًا


ـ أنتَ بقى البشمهندس حذيفة ؟


أولاها اهتمامه قائلًا باحترام


ـ أيوة يافندم أنا .


هتفت بغل وعيناها تتهمانه


ـ ارتحت دلوقت ؟


زوى مابين حاجبيه وسألها بتوجس


ـ حضرتك تقصدي إيه ؟


لم تهتم بإيضاح وواصلت أسئلتها ولم يفارق صوتها الحدة


ـ من البداية إديتها أمل ليه وأنتَ مش ناوي تكمل ؟


أغمض عينيه وزفر بغضب بعدما أدرك أنها حتمًا صديقة مقربة من ليلى


وهي لم تتوقف


ـ وبتتجوزها دلوقت ليه وأنتَ مش قد المسئولية؟


أنهت آخر جملتها متهكمة بلذوعة


فاغمض عينيه وتصلب فكه ولم يرد بينما يتطلع إلى السقف متجاهلًا إياها لتكمل هي بقية مافي جعبتها


ـ ليلى إللي جوا دي خسارة فيك ، حظها السيء وقعها في واحد معندوش ضمير ومُستغل زيك.


شهقت أمه المراقبة للوضع من البداية ولم تتدخل


وهو تنهد بتعب فدون إسهاب في السرد الفتاة مُحقة ، يسمعها تلومه


ـ ليلى متستحقش كل دة عشان حبتك .


وصلهم صوت ليلى من الداخل واهن مكسور جاهدت لرفعه فكان متقطع كتقطع أنفاسها تمامًا


ـ أنا أستحق يا عزة.


لتندفع صديقتها إليها تمر عبر باب الغرفة وتصل إليها هاتفة في لوعة لتقول بتقرير


ـ لا يا ليلى متستحقيش إللي حصلك .. غلطانة عشان رحتي بس هو السبب من البداية


أنهت جملتها وتقدمت نحو ليلى الباكية تقبل وجنتها ومن ثم تحتضنها


وهو وقف أمام بابها جوار والدته المتأثرة ولم يجرؤ على التقدم خطوة واحدة ووقف كشيطان منبوذ على باب جنة كانت سُكناه فيما مضى


وهي رأته أمامها واققًا يطالعها ولأول مرة بعجز فأخفت عينيها منه في كتف صديقتها رفضًا له وأجهشت في بكاء مرير .


.............


البداية


حب


دقة قلب


بعدها اندفاع


تلاه استسسلام


وقرب


ف قبلة


وعبق


تبدد الاندفاع والاستسلام والقرب والقبلة في سقطة وبقى الحب مُعتل في طور احتضار وتعلق بأنفها العبق


عبقه الذي اختلط بأنفاسها ولم يفارقها تنام وتصحو به حتى والحادث قد مرعليه شهر.


شهر كامل


تشعر بأنها مُحتلة


الاحتلال الذي تمنته منه جاءها في أسوأ صوره


كرهت نفسها ولعنت رعونتها وعنده هو توقفت كرهه ليس بتلك السهولة


ما انفكت أمل عن ملازمتها وشهدت كل ما مر بها


من ارتجاف جسدها عندما تم الأمرو قد باتا زوجين


رأتها كيف حاولت الصراخ وما أسعفتها الحُنجرة كيف حكّت إبهاميها بكل أناملها علها تزيل الحبر من عليهما


ولم تفلح فتوسلتها أن تحقنها بما يغيبها عن الوعي واستسلامها البائس للنوم تحت تأثير العقاقير الطبية


وشهر قد مر على الحادث وجاءتها تطمئن على حالها دثرتها أمل بغطاء ثقيل


ـ الجو برد يا لولو.


والأخرى سألتها بصوت لا يشبهها


ـ حذيفة برة ؟


ضيقت أمل عينيها


ـ عرفتِ منين؟


قالت بصوت ميت


ـ من ريحته


رفعت أمل أحد حاجبيها مندهشة


ـ بتعرفي ريحته !


أغمضت ليلى عينيها نفورًا


فابتلعت الطبيبة ريقها


ـ محصلش بينكم حاجة ياليلى صح


تغضن جبين ليلى وتهدجت أنفاسها


ـ قال تعالي تقضي يومين يا أمل


وأمل شهقت حقًا لم تعد تفهمه فاندفعت إلى صديقتها واحتضنتها برقة تعارضت مع قولها القاسي


ـ ياريت هو إللي وقع مش أنتِ


والعاشقة روحها هجرتها لمجرد التخيل فأغمضت عينيها بقوة تمحو الأثر ..


.........


لم يبرح باب غرفتها ولمدة شهر كامل إلا ليغتسل ويبدل ملابسه ويتناول النذر اليسير من الطعام ، قد نحل كثير ونمت خصلاته و لحيته بشكل غير مرتب ، كان موضع نومه أريكة وثيرة موازية لحائط غرفتها بجانب بابها مباشرة كانوا قد أحضروها له ما إن طلبها ، لم يطاوعه قلبه النوم في الغرفة المجاورة فاحتل الردهة


كانت تلك الأريكة هي موضع جلسته ونومه وعمله إن طلبوا منه التواصل من أجل أمرمهم يخص العمل


وعرفه العاملون بالمشفى بأنه الخطيب المخلص المطرود من الجنة


استمع لنحيبها وحيدة مرارًا وأنينها صم أذنه وانزلق كمعدن مصهور فوق قلبه لليالٍ طِوال


استرق منها احتضان في غفوتها وأول مرة كان الوقت قد تعدى منتصف الليل بعد عقد القران بليلة واحدة ، استغل نومها تحت تأثيرالعقاقير ودلف ، في بادئ الأمر وقف مستندًا بظهره على الباب الذي أغلقه خلفه ، ولسخرية الموقف كان لأول مرة يُغلق عليهما بابٌ ، ثبّت قدميه على الأرض لدقائق وقلبه يتوسله أن يهرع إليها فلبى نداءه وتحرك باتجاهها بخطوات متمهلة


كانت غافية تمامًا ورأسها مائل قليلًا


تئن بين الحين والآخر أنَّة خافتة من بين شفتيها المنفرجتين قليلًا


وجهها بدى شاحبًا وأجفانها مرتخية باستسلام


اقترب منها وجذب خصلة قصيرة وانحنى يتشممها ويغمض عينيه ليتنهد بعدها بقوة


اقترب وقبَّل جبهتها بتقديس فتصلب جسدها ومازالت نائمة ليعاود الارتخاء مجددًا


عندما تجمد جسدها ارتعدت أوصاله وتنهد مع اطمئنانه أنها مازالت نائمة


وبعدها تمهل إبهامه فوق وجنتها برقة وعيناه يفيض منهما الحنين


إحساسه بالحنين إليها حقيقي وليس فارغًا ، يشعر بها جزء منه حقًا


انحنى يحتوي جسدها في احتضان رقيق جدًا يعامله كحفنة من بتلات الجوري الناعمة


أغمض عينيه وتشمم عبقها وكاد يتأوه عشقًا لولا بقايا تعقل ألجمه .


ويبدو أنه أدمن ضمها إليه فكرراحتضانها غافية


والتكرار لم يكن في صالحه لأنها في المرة الأخيرة لم تكن غافية


فبعدما قبل باطن كفها وجبهتها اقترب واحتضنها ولكن صوتها جاءه من عمق جب سحيق مشحونًا


ـ ابعد قلبي بيوجعني .
انتهى الفصل...قراءة ممتعة💙🌸


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-07-20, 10:54 PM   #22

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل العاشر


مؤسف أن تسكن جنة خربة


والأكثر أسفًا هو أنها خُربت بفعل يديك ،


وما يؤلم في الأمرحقًا أنها أينعت فيما مضى لأجلك وحدك وأنت من تخاذلت ..


.........


ـ ابعد قلبي بيوجعني


ارتج قلبه في صدره وأصاب دقاته جنون كأمواج البحر الثائر


فارتد للخلف لتتلاقى العينان بعد طول هجرعيناها تنفر وعيناه تتوسل


يخذله لسانه فيصمت


تلتقط هي حبل الصمت المعلق وتلفه حول رقبته بقسوة


ـ جاي ليه ؟


همس بضعف لم تصدقه أذناها


ـ وحشتيني.


وبالاستهزاء غلفت صوتها الحاد


ـ وحشتك ؟ إيه إللي وحشك بالظبط؟


عيناه استسلمت للضياع فيها بدون حواجز فاتشحت مقلتاها بالقسوة


ـ مبقيتش مناسبة عشان تشتهيني زي الأول .. أنتَ شايف أهو هطول كتير كدة واحتمال ما أخفش كمان .


قالتها مشيرة لنفسها بيمناها السليمة بمرارة لتردف ضاغطة على عنقه بكلماتها المسمومة


ـ وشكرًا إنك اتجوزتني وسترت الفضيحة .


تصاعد الدم إلى رأسه بغتة فهتف


ـ أنا مسترتش فضيحة .. اتجوزتك عشان عايزك .


قهقهت ساخرة وقالت بقسوة


ـ عايزني !


وهو اقترب من فراشها خطوات وبات مقابلًا لها وأكد بثقة


ـ أيوة عايزك ياليلى .


التقطت نفس السكين الثلم الذي ذبحها به قبلًا ومررته ببطء فوق رقبته قائلة بتهكم


ـ وهنقضي يومين في سريرك إزاي يا .. حبيبي .


وكأنها تبصقها في وجهه حينما وصفته بالحبيب


ليسأل بنبرة مهزوزة خافتة وعين مترجية


ـ أنا لسة حبيبك ؟


لا تنكر أنه باغتها فاجتاح رأسها دفعة من ألم وكأنها سقطت مجددًا


ـ لو لسة قلبي بيحس يبقى أنتَ لسة حبيبي !


أغمض عينيه متنهدًا بعمق فهو أكثر من يعلم أن قلبها يحتضر


أخفى انهياره الداخلي ببراعة يعلم كم تتألم هي ويدرك كيف وصلت من أقصى درجات الوله والاستسلام لأقصى درجات الألم والنفور، حدثها بثبات مُسطرًا فصلًا جديدًا في مشوارهما معًا


ـ أنتِ حاربتِ عشاني لوحدك لوقت طويل وأنا كنت غبي بما يكفي وضيعتك ، وتنازلتِ برده وأنا مكنتش أستحق .


صمت لثوانٍ يتفحص وجهها المتجهم وعينيها الشبيهتين بالزجاج الفاقد للإحساس وبعدها استطرد بهمس أجش


ـ لكن دلوقت جمدي قلبك إللي لسة بيحس وبيوجعك و استعدي عشان هحاربك أنتِ ؛ عشان ترجعي ليّ زي الأول.


انصرف تاركًا إياها غاضبة نافرة كارهة للوضع برمته .


..................................


رأى أسوأ كوابيسه أمامه ببث حي تتحقق


رأها تضيع أمام عينيه


رأى نفسه يفلت يدها في عز احتياجها


خسر الحرب بلا نزال


عقد هدنة


طلب جولة


ولنفسه أقسم أنه لا عودة


بلا نظرة الوله التي خصته بها أول مرة


جلسة نفسية تأخرت ستة عشرعامًا جلس فيها أمام كهل يطالعه من خلف عوينات شفافه باهتمام


وهو لوهلة تاه ، أخذ ينظر حوله بضياع


سأله الطبيب بنبرة عادية عن بياناته فاسترسل حذيفة بعدما استعاد تركيزه ، ديباجة عادية عن شاب من عائلة كبيرة أتى بعد سفر طويل والطبيب التقط اهتزاز صوته ثلاث مرات بينما يعرّف عن نفسه ؛ مرة بالألم الخالص عند ذكر أنه كان لديه توأمًا مات مراهقًا وثانية بالحيرة عند ذكر أن لديه أخ أصغرلديه نفس اسم المتوفى وثالثة بالشجن عند ذكر زوجته ..


حدسه نبأه أن سبب الزيارة يخص الثلاثة والترتيب الزمني يُرجح أن البداية كانت وقت فقدان أخيه التوأم


تفحص الطبيب هيئته عن كثب ، يبدو كمغبّر سار مسيرة مائة عام رغم أناقة هندامه ، ورُغم سفره الطويل وعودته إلى ربوع الوطن مازال على وجهه طيف غربة .


حمحم الطبيب بوقار مسترقًا انتباهه


ـ تحب تتكلم عن حاجة معينة يا بشمهندس في البداية ولا نكتفي بالتعارف في الجلسة الأولى؟


وسؤال الطبيب أجبر ذهن حذيفة على التركيزفي سبب الزيارة مباشرة


فعاد بذاكرته إلى ذلك المراهق الذي ارتدّ إليه وعيه وصدم عينيه نورشديد ومن يومها كره النهار ، زهد النور كله إلا نور القمر


همس بضعف مذبوح


ـ أنا كنت السبب في موت أخويا .


قالها وصمت تتقطع أنفاسه وكأن كل صخور ذلك الجبل جثمت فوق صدره تعاقبه على الحياة


لم يطاوعه لسانه فتلعثم ، ارتجفت أنامله فقبضها ، جف حلقه فرفع إحدى قبضتيه إلى فمه وأغمض عينيه ولم يستطع السيطرة على اهتزاز جسده


استحثه الطبيب لينتبه إليه


ـ لو مش قادر تكمل ممكن نأجل الجلسة


فتح عينين معذبتبن إليه يناظره بلا استيعاب لما سمعه


دارت عيناه في الغرفة ولم يرَ منها شيئًا بل رأى غرفة فسيحة مطلية بالأبيض بها فراشين منفردين وكل شيء آخر مزدوج ، بها مراهق منزوي في أحد أركانها متسع العينين بانشداه يقبض أكفه حتى أدمت أظافره باطنها ، ومن خارج الغرفة صراخ أمه كاد يصم أذنيه


ـ عايزة ابني ياعزيز ، هات لي حمزة في حضني .


وقتها اشتد ضغط أظافره وتصلب فكه ، روحه من الداخل مشتعلة تتلظى في الدرك الأسفل من الجحيم وواجهته الخارجية متصلبة باردة


داخله وخارجه قد فقدا الاندماج لحظتها


هو المذنب الأول ، حرم أمه من أخيه وحرم روحه السلام .


وقتها تساءل لماذا لا يأتي الموت بالتمني


لماذا أتيا إلى الدنيا معًا ورحل الأحق بالحياة


انتشله الطبيب من غياهب ذكراه بزعقة باسمه


انتبه لمكانه وزمانه وانعقد لسانه عن البوح.


والطبيب الذي تابع الظلمة على وجه مريضه ووصولها حد القتامة تنهد بتثاقل قائلًا


ـ كفاية يابشمهندس النهاردة ونأجل شوية للجلسة الجاية


وحذيفة كان عاجزًا عن النطق وقتها فاستقام بآلية ورحل دون تحية .


........................


عاد إلى بابها وعاد أنينها الليلي وحيدة يصم أذنيه ، قلبه تتمزق أنسجته كمدًا عليها وعلى نفسه ، كلاهما في حب الآخر مغترب


وقتها تيقن أنه لا وطن لأحدهما دون الآخر ، والوطن يستحق كفاح ومعاناة من أجله فعاد بعد عدة أيام إلى الطبيب مجددًا


في الجلسة الثانية كان أكثر عزمًا رُغم ارتجاف جسده وتهدج صوته وتوقفه بين الحين والآخر يلتقط أنفاسه جو الألفة الذي صنعه الطبيب ساعده


فحكى كما لم يحكِ من قبل


سرد تفاصيل متعلقة بذاكرته عنوة


اختلط الذنب بالسرد فخطّ بأحبار العذاب ملحمة


ـ أنا مبكيتش على حمزة ولا مرة ، ستاشر سنة بحاول ومش عارف.


استجدى أنفاسه ألا تخذله وتتوقف الآن


ـ بس بكيت عليه لما ليلى وقعت .


استفهم الطبيب بعينيه فأجاب بغصة


ـ ليلى هي حبيبتي واتجوزنا قريب.


ازدرد لعابه بعسر مردفًا


ـ أنا بحبها قوي وكانت ..كانت هتموت زي حمزة بسببي وبنفس الطريقة.


غامت عيناه بالمرارة والحزن الدفين


ـ وقعت من مكان مرتفع زيه .


عبراته بللت لحيته غيرالمشذبة وتلاحقت أنفاسه


ـ هي مش عارفة أني ما أنفعش أحميها .


أطرق مختنقًا بالندم


ـ كسرتها وأنا بهرب منها.


وأنهى أخر فصول ملحمة وجعه


ـ عايز أخف ؛


عايز أحبها وأحميها زي ما تستحق .


حمحم الطبيب في وقار يليق به ورتب الأوراق في رأسه بالمنطق


ـ ذنب موت أخوك مش لازم حد يشيله ، زي ما حكيت ، كان مريض وأنتَ لو كنت قادر تحميه مكنتش اترددت.


انكمش قلب حذيفة في صدره مشكلته الأزلية تتلخص في أنه لم يستطع فعل ما يتوجب عليه فعله وقتها


فظل إحساس العجز والخوف من الفشل ملازمه طوال الوقت .


استطرد الطبيب المراقب لوقع كلماته على حذيفة


ـ المشكلة إن الفكرة ترسخت في عقلك الباطن أنك السبب رُغم إنك حاولت بكل جهدك تنقذه وكبرت بالعقدة دي .


ازدرد حذيفة لعابه بغصة والتمني يعاود احتلاله ، ليته استطاع الصمود أكثر وجذب يد حمزة بقوة أكبر


لوح الطبيب بيده في الهواء يستكمل


ـ لكن الحقيقة إن دة قدر؛ حتى لو كنت قادر تنقذه وقدره يموت هيموت .


وأخيرًا أكد بثقة


ـ كون أنك وصلت لنقطة أنك محتاج العلاج وشايف إن دة حل مشكلتك مع مراتك دي بداية مبشرة يا بشمهندس.


زم حذيفة شفتيه مفكرًا هو بالفعل يحتاج العلاج من أجل ليلى ومن أجل نفسه


لن يعطيها شيء مادام لم يزل خوفه بعد لم يعقب حذيفة على كلام الطبيب فاستطرد الآخر


ـ وعمليًّا أنتَ تعرضت لجزء من العلاج قبل ما تيجي


رفع حذيفة عيينه لعيني الطبيب مستفهمًا


فابتسم الأول بمهنية جادة


ـ الصدمة ، أنتَ تعرضت لنفس الظروف إللي كنت بتهرب منها .


أومأ حذيفة بتفهم ليسمع الطبيب يكمل


ـ دلوقت محتاج تساعد نفسك ودة طبعًا بدعم إللي حواليك وعندهم ثقة فيك.


ولوح بكفيه في الهواء يفند


ـ محتاج تتعلم إزاي تبطل خوفك وتتغلب عليه ، الهروب خلى المشكلة تتفاقم وناس غيرك اتأذت .


وأكد بينما عيناه تستهدف عمق عيني حذيفة


ـ ناس بتحبك طالها الآذى.


تنهد حذيفة وأغمض عينيه


ـ للأسف ناس ملهاش ذنب.


ابتسم الطبيب بهدوء


ـ سيب الماضي هو خلص وانتهى ، المهم النهاردة
.

انتقلت البسمة لثغر حذيفة وابتسم بأمل


ـ وأنا مستعد


وعاد القنوط يتملكه فتنهد بيأس


ـ بس خايف أفشل.


اتسعت ابتسامة الطبيب المطمئنة


ـ أولًا هتتعرف على ناس مرت بظروف مشابهة لِك وقدروا يتغلبوا على الفوبيا وتعايشوا بعد الصدمة بسلام.


ازدرد حذيفة لعابه قبل أن يقول بترقب


ـ بجد يادكتور في ناس فعلا اتغلبت على الفوبيا واتعايشت ؟


أكد الطبيب


ـ ملايين يا بشمهندس تغلبوا ، أنتَ محتاج عزم ، قوة تمحي خوفك.


تنهد حذيفة وتهدلت أكتافه بيأس


ـ ما أنا كنت بحبها .


اتشح وجه الطبيب بالجدية


ـ حبك مكنش كافي ، لكن الرابطة كافية ، عشان كدة اوعى تسيبها تحت أي ظرف .


حك حذيفة فروة رأسه وتحدث مغمضًا أحد عينيه وشبح ابتسامة مستحية


ـ أنا فعلا قلت لها قوي قلبك عشان هحاربك.


قهقه الطبيب بإعجاب


ـ ماشاء الله ابتديت خطوات العلاج من نفسك .


تتابعت جلساته مع الطبيب بعدها وشعر ببادرة أمل تعيد لحياته السكينة .


...............................................


في أوقات متقاربة كان يزورها زائر غير مألوف


مراهق وسيم المُحيا هادئ الطباع


أتاها مرة يثرثر بود فتجاهلته


ومرة بهدية فرفضتها


طلب صداقة فعاملته بفظاظة


ومرة ردت تحيته بمثلها


وأخيرًا تقبلت صداقته


حواء ترضخ للإلحاح صحيح!


كانت ترد باقتضاب ولا تستسرسل في حديث وفي إحدى زياراته المتكررة قالت بشرود


ـ أنا فاكراك ياحمزة .


وحمزة تصنع عبوس الملامح والتأفف


ـ لو هتفكريني أنك كنتِ عشر سنين وأنا شهور وكنتِ بتزوري ماما وتبوسيني وتعضي مكان البوسة متكمليش


اتسعت عيناها للذكرى وسألته


ـ عرفت إزاي؟


ضحك بانطلاق


ـ ماما قالت لي .


ابتسمت برقة ابتسامة صغيرة جدًا تكاد لا تُرى


فقفز قفزتين مهللًا


ـ ضحكتِ .


تغضن جبينها


فقال بسعادة


ـ أنا فرحان قوي أني أول حد تبتسمي له بعد الحادثة ، وهوثق اللحظة دي .


أتبع جملته بسحب هاتفه من جيب سترتة


رفضت هي فألح مما جعلها توافق على مضض


التقط الصورة بعدما كررت ابتسامتها كما طلب ،


كانت تبتسم بارتعاش مجرد انثناء لحافة شفتيها فقط ،


ضحكة مبتورة لم تصل لعينيها ولكنها تبقى ابتسامة


اقترب منها ليريها إياها قائلًا


ـ هسيب الصورة عندي عشان..


تدارك نفسه سريعًا ليس من الحكمة ذكر حذيفة الآن فبدّل مسار حديثه


ـ عشان لما تتعافي وتخرجي معايا..


قطعت حديثه بهتافها الحاد


ـ مش هخرج مع أي حد من عيلتكم أبدًا .


أومأ برأسه متفهمًا رُغم صغر سنه وقال بخيلاء وصوت دافئ حنون


ـ أنا مش أي حد أنا حمزة العجمي وكل بنات عيلتنا بيخرجوا معايا !


صمتت لحظات وهذه المرة ابتسمت ابتسامة متشككة


ـ في بنات في عيلتكم صغيرين كتير؟


أجابها ببساطة


ـ في سنك وأكبر أو أصغر


مسدت بيمناها مكان الضمادة فوق جبهتها حائرة


ـ طيب بيخرجوا معاك ليه


ففرد كفه بمحاذاة كتفه مغمغمًا ببديهية


ـ عشان أصدقاء !


........................


خرج حمزة إلى أخيه في الردهة ، استقبله حذيفة ببسمة هادئة بترها عندما بادر حمزة


ـ عيونها حزينة قوي


حدجه حذيفة بشر


ـ كان عندي خطط لِك ولغيتها كلها


اتسعت عينا المشاكس الصغير وسأله بتهكم


ـ ليه


قبض حذيفة على جانب قميصه القطني فوق كتفه هاتفًا يعدد على أصابع اليد الأخرى


ـ أولا عشان عيونها ، مالك بعيونها ياطفل أنتَ


وثانيا عشان شعر عبد العزيز إللي معصبني ده


وأنهى كلامه يبعثر خصلات حمزة


ضحك حمزة من قلبه هاتفًا


وكفه الأيسر مفرودًا بجانب كتفه


ـGuess what


ـ التوت شفتي حذيفة وسأله بلا مبالاة مصطنعة


ـwhat


تنهد حمزة باستسلام مسبلًا أهدابه


ـ أنتَ كمان شعرك زي شعر عبد العزيز ، بس تقريبًا بتنسى تسرحه


رفع حذيفة يديه إلى رأسه مبتسمًا بيأس


ـ تقريبًا ياصديقي كل الطرق تؤدي إلى عبد العزيز .


باغته حمزة بذكاء


ـ خليتها تبتسم !


تبع جملته برفع الهاتف أمامه بصورتها التي التقطها قبل دقائق


تهدجت أنفاس حذيفة واهتز جسده تأثرًا


ـ الخطط كلها رجعت تاني ، أنا بحبك ياحمزة.


وأنهى جملته يحتضن أخاه الذي ضحك بسعادة من عمق قلبه .


وحذيفة شرد مبتسمًا بشجن ف حمزة الصغير لم يأخد ملامح توأمه ولكنه كمن ورث قلبه المحب للجميع وحرفته الأولى كصانع للبهجة وتذكر حينما كان يراهنه وهم في طور الطفولة أيهما سيرسم البسمة على وجه أمهما أولًا، ودومًا كان حذيفة يفشل وينجح الآخر فتحتضنهما معًا كجائزة


عاد من شروده لحمزة المتساءل عن الخطط فابتسم له بامتنان لوجوده لأنه أخيرًا أيقن بمقولة أمه الشهيرة أن حمزة الصغير هو تعويض القدر وهديته للعائلة ..


..........................................


منهمك في الرد على بعض المراسلات التي


تخص العمل في جلسته على الأريكة أمام غرفة ليلى


في يده حاسوبه اللوحي وأمامه كوب القهوة النصف ممتلئ


جلست بجانبه بهدوء وهالة البراءة والدفء خاصتها تحفها


شعرها حالك السواد معقوص وثيابها البسيطة غير المتكلفة تعطيها هيئة هادئة تفضح انطوائها


وهي انطوائية مع الجميع إلا هو حد اندهاش العائلة لقربها منه


رفع عينيه عن حاسوبه لتتسع ابتسامته الدافئة لها


ـ ليلى !


ابتسمت له بسعادة


ـ عامل إيه هنا لوحدك


هز رأسه وتنهد بعمق


ـ بتدعيلي ؟


رفرفت أهدابها وابتسمت بحنان


ـ عندك شك ؟


هز رأسه نفيًا


رمق الباب بجانبه سائلًا إياها بخفوت حذر


ـ جاية تزوريها ؟


نفت بابتسامة مستحية


ـ أنت مش ناقص أخي العزيز


اجتاحته دفقة سعادة لنعتها له بأخي


تلك الكلمة التي كانت تخص بها حمزة في طفولتها على طريقة الأفلام الكرتونية وباتت تخصه وحده بها بعد رحيل حمزة


هي الصغيرة ابنة خاله التي لا تمتلك أخوة ولا أخوات سوى توأمتها ليليان فقط ، وليلى السعيد تلك متفردة عن بنات جنسها يعاملها ببراءة كأخت حقيقية ودّ دومًا لو أنها كانت أخته بالفعل فأخذها معه حينما ترك البلد بما تحويه من ذكريات ورحل من قبل ،


جميع من في العائلة ظن أنهما حبيبين حد أن البعض بارك علاقتهما وتمنى لهما الزواج السريع ، لكنهما نفيا ذلك فاقتنع الكل أن ما يجمعهما هو رابط أُخوة مقدس وذكريات تشاركاها في طفولتها ومراهقته مع حمزة


بللت شفتيها بطارف لسانها وسألته باقتضاب


ـ عملت لها إيه يا حذيفة ، موسى حكى لي أن أخوها اتخانق معاك كتير وإن الوضع مكنش طبيعي.


كز على أسنانه بغيظ


ـ موسى!


ضحكت بخفوت


ـ فضحك.


زم شفتيه ومن بعدها زفر بندم


ـ عكيت يا ليلى ، وأي واحدة في مكانها مش هتكرهني بس هتموتني كمان.


غمغت ليلى


ـ مش هتكرهك .. أنتَ عارف إن الحب والكره مفيش ليهم أزرار نضغط عليها عشان نحب ونكره ويمكن مشكلتها دلوقت إنها مش عارفة تكرهك .


جعد مابين حاجبيه


ـ عرفتِ إزاي كل دة؟


أقرت بتأكيد مشيرة إلى باب الغرفة


ـ الآنسة ليلى إللي أنا لسة مشفتهاش سابت عريس في بيتها وجت لك.


صمتت ومن ثم تهكمت بالتواء شفاه ساخر


ـ دة مبيأكدش لك إنها سابت الدنيا وراها عشانك !


شرد في الفراغ متذكرًا هيئتها يوم جاءت بيته


قطع شروده صوت متسلي


ـ شايفه إللي أنا شايفه؟


والصوت جاءه من الخلف فابتسم حذيفة ل ليلى قبل أن يلتفت قائلًا


ـ إوعي يكون إللي في بالي .


ضحكت ليلى بخفوت وقالت بمشاكسة وغمزة عين بعيدة عن انطوائيتها


ـ هو!.. عمو سكار .


تلك التسمية أطلقها حذيفة على عمه قديمًا وعمه وقتها تهكم قائلًا


ـ (وسيمبا بقى هو النسخة المعدلة من عمو سكار؟)


نهض حذيفة واقترب يقبل كتف عمه محمد باحترام ويلتقط كف زوجة عمه اللطيفة ويقبله بتبجيل


ليباغت عمه بجذب كفها منه بحدة مصطنعة


ـ إيدك ياابن عبد العزيز.


ضحك الجميع فيما استأذنت زوجة العم مع ليلى السعيد التي اضطرت للإذعان وزيارة ليلى ، طلبتا إذن الدخول للزيارة في غرفتها ..


فأوقفهما حذيفة مرتبكًا ووجّه كلامه إلى ليلى السعيد


ـ متقوليش إن اسمك ليلى.


أولاه الجميع اهتمامهم بأعين متسعة ترقبًا


فأطرق قائلًا باستحياء


ـ أصلي قلت لها إني بحس بالحنين لها عشان اسمها


شهقت ليلى بدهشة


ـ نعم !


رفع عينيه المذنبة لها ضاحكًا


ـ كنت عايز أثبّتها وقتها.


اقتربت ليلى منه تكز على أسنانها


ـ أنتَ مجنون يابني! ، وأقولك حاجة كمان ؟


أنت تستاهل رميتك دي على باب أوضتها.


التفتت تجذب يد زوجة محمد العجمي التي تبادلت مع زوجها ضحكات عابثة.


شاكسه عمه مشيرًا إلى الباب أمامه


ـ عايز حاجة أجيبهالك من جوا.


استنكر حذيفة حانقًا


ـ جوا فين يا حاج محدش مننا هيعدي الباب دة .


وضع محمد كفيه في جيبي سرواله قائلًا بتعالي


ـ مين هيمنعني ؟


جذب حذيفة خصلاته التي استطالت بعنف قائلًا بحنق


ـ أنا جوزها هااا سامعني جوزهااا، وأفضل شهر على الباب ومدخلش أشوفها وحضرتك هتيجي ببساطة كدة وتشوفها؟


استدار محمد ليهُم بالدخول وقال باستخفاف


ـ هبقى أسلم لك عليها .


جذب حذيفة ذراع عمه بغير حدة


ـ لو سمحت أنا بغير عليها .


شهق محمد بمسرحية


ـ بتغير من عمك حبيبك .. وبتبوس إيد مراتي ولا كأنها الست أنوار.


أسبل حذيفة أهدابه مبتسمًا فاستفزه عمه بتسلية


ـ وعايزني أصدق أنك بقيت شهر وعشر أيام على باب أوضتها كدة من غير ما تكسر أي قوانين؟


تأفف حذيفة قائلًا بصوت خافت كتلميذ مذنب


ـ دخلت الأوضة 28 مرة


ضيق محمد عينيه الرمادية


ـ والمرة 29 ؟


كزحذيفة على أسنانه وقبض يده بجانبه وغمغم


ـ كانت صاحية.


قهقه محمد بصوت مرتفع فابتسم حذيفة يحك أذنه


وأطرق قليلًا


فاستكمل محمد استجوابه


ـ مش هتقول لي هببت إيه يومها؟


غامت عينا حذيفة بمشاعر شتى


ندم واستياء وغضب


وصمت يواري سوءة نفسه


فاستدرك عمه


ـ بوستها ياابن عبد العزيز .


رفع حذيفة عين مصدومة لعمه الذي قال وكأنه يحكي روتين يومي


ـ لعنة العجمي ( قبلة الحب ) لو بوست حبيبتك لأي سبب يبقى أبشر ..
هتوصمها بيك!


ابتلع ابن الأخ غصته بعجز وتمتم


ـ بس أنا كنت..


عاجله محمد بالرد


ـ كنت بتخوفها ياحذيفة .


هتف حذيفة بصوت مرتفع


ـ مش معقول بقى دي كمان عرفتها !


ضحك محمد من قلبه قائلًا بتأكيد وعيناه شاردة بحنين نحو الباب الذي تخطته زوجته للتو


ـ عملتها قبلك ياحبيبي!


اليوم لن يندهش أكثر من ذلك


اقترب منه العم وسأله بخفوت


ـ هاا كمل حصل إيه تاني؟


ـ أغمض حذيفة عينه وزم شفتيه وكأنه يرفض الذكرى


فربت عمه على كتفه باصطناع للود


ـ بس متقولش . ربنا يرحم المسكينة . شوف لها دكتور نفساني .


................


بعد مرور أكثر من شهرين كانت جروحها قد التئم الكثير منها حتى أنها تخلصت من جبيرة يدها اليسرى التي تحتاج لبعض جلسات العلاج الطبيعي


كان أكثر ما يؤلم قلبها هو غضب أبيها وحزن نديم الدفين والعتاب الصريح في عينيهما، والأب كان حنونًا بما يكفي ليزورها يوميًّا


لكنه لم يسامح ولم يسمح لها أن تتحدث وتبرر


فقط كان يجلس بجانبها متجهمًا


تبكي هي بصمت ولا ينطق


يربت على رأسها ويرحل


وأمها تحتويها بحنانها رُغم غضبها هي الأخرى ولكنها طمأنتها أنهم يحبونها وسيحبونها دومًا مهما حدث ، ونديم كان يحدثها طوال الشهرين باقتضاب وغضبه منها لم يغادره..


وافق طبيبها على عودتها إلى منزلها فتم نقلها إلى غرفتها أخيرًا


مع ممرضة تتابعها يوميًا وزيارة المشفى بانتظام ، عادت إلى المنزل وما كادت تنام في فراشها حتى رن هاتفها فالتقطته من فوق الكمود بجانبها لتجدها أمل


فتحت الخط وردت تحية أمل التي اندهشت ليلى من لهفتها


ـ أنتِ كويسة؟


أجابتها ليلى بصوت عادي


ـ أيوة ياأمل خلاص أنا في بيتنا ونمت في سريري متقلقيش أنا بخير الحمد لله.


صمتت أمل ومازال الهاتف مفتوحًا


لتسأل ليلى بتوجس


ـ أنتِ متوترة ليه يا أمل في إيه؟


تمتمت أمل بخفوت


ـ حذيفة.


قطبت ليلى التي تجاهلت وجوده في حياتها وحمدت الله أنها لم تقابله أثناء رحيلها من المشفى قائلة بتأفف


ـ ماله ؟


استطردت أمل بهمس مشفق بعد صمتها


ـ جاي بيتكم دلوقت وهيعمل مشكلة .


صرخت ليلى بعد استيعابها


ـ إييييييييييه!


زفرت أمل


ـ اهدي بس .. أنا في المستشفي ومش هعرف أجي دلوقت عايزاكي تتعاملي من غير انفعال لحد ما أجي لك .


وبينما تلقنها أمل بعض النصائح لتسيطر على غضبها


وصلها صوته المرتفع من الخارج بجملة جمدت أوصالها وأرسلتها إلى قطب الجليد


ـ بنتكم إلي جوا دي مراتي ، يا أخدها دلوقت بيتي يا أجي أنا أعيش معاها هنا في أوضتها !


وبينما هي كانت متجمدة بالكامل في الداخل


وصل الموقف بالجمع في الخارج حد الغليان


وأبوها يطرده بفظاظة مستخفًا به أمام الباب ووالدتها تحاول التهدئة


وحذيفة لم يخفض صوته


ـ أنا مش هامشي من هنا من غيرها .


ارتفع صوت والدها أكثر


ـ لا هتمشي ومش عايزين نشوفك تاني وورقة طلاقها تيجي في أقرب وقت .


لم يرتد للخلف ولم يهتز بل وقف صامدًا وبداخله كان في قمة الأسف لتلك الفظاظة وقلة التهذيب منه ولكنه يعلم إن ابتعدت وساعدها أهلها لن يكون له موضع قدم في حياتها بعد ذلك ، فقررأخذ ما يحق له في نظره بالقوة وبطريقة بدائية لا تمت للأخلاق بصلة


ـ هاخدها بالعافية لو موافقتوش !


تدخلت والدتها بحكمة وصوت لائم


ـ عيب ياحذيفة تكلم عمك كدة .


فانحنى لهم باحترام وأسف وقال بصوت مبحوح


ـ أنا عارف أنكم هتساعدوها وهتبعدوها عني ، ونديم مش هيسيبها لي .


صمت برهة ومن ثم رفع عينيه إليهما


ـ أرجوكم سيبولي فرصة واحدة معاها.


زفر الأب بحنق ودفعه لخارج المنزل فلم يقاوم حذيفة وارتد للخلف بإذعان حتى خرج تمامًا منه


ومن ثم أغلق السيد مختار الباب في وجهه بعد ابتسامة سمجة مغتاظة


وحدج زوجته المتساهلة مع حذيفة بسخط


فتصنعت حنقها من حذيفة هي الأخرى


بداخل غرفتها اندهشت ليلى من انتهاء الجلبة تمامًا بسرعة فائقة ، وسخرت بداخلها مؤكدة أنه جاء لافتعال مشكلة ورحل كأن شيئًا لم يكن ، ولم تكن تدري أنه جالس أمام باب الشقة يعطيهم بعض الوقت لاستيعاب الأمر وبعد نصف الساعة استمعت إلى جرس المنزل يدق بقلة صبر


فتحته أمها التي لم تندهش


وجدته يبتسم لها بود


ـ لو سمحتِ يا طنط ساعديني .


تنهدت بقلة حيلة


ـ يعني إللي بتطلبه دة منطقي ؟


رفع أنامله إلى جبهته يحكها بتعب


ـ عارف إنه مش منطقي بس هي مراتي وكل الناس عارفة ده .


صححت له


ـ عاقدين بس يا ابن أنوار ودخولك بيتنا وتبات في أوضتها معناه مختلف .


كان يفهم ما ترمي إليه فلوح بكفيه في الهواء


ـ هتفرق إيه ، الكل برده عارف وضعها الصحي .


زمت شفتيها بغضب قائلة


ـ وبعدين معاك ياحذيفة ، امشي دلوقت وتعالى زورها كل يوم ..


ارتكن إلى الحائط قائلًا بقلة تهذيب


ـ أنا مش ضامن أي حد بصراحة .


حدجته بغضب وأغلقت الباب في وجهه


جلس مجددًا يعبث في هاتفه لبعض الوقت ومن ثم أعاد الكرة وهذه المرة فتحه الأب بوجه جامد


ـ خير!


بعينين مترجيتين قال


ـ بعد إذن حضرتك اسمحلي أدخل ، مش هعدي خطوة غير برضاك .


جاءت أمها ووقفت جوار أبيها قائلة بنزق


ـ أنت مجنون يا بني إزاي عايز تعيش معاها من غير فرح ولا إشهار.


قال بصوت واثق


ـ قولوا لكل الناس دلوقت وبعدين أنتو متضايقين من إيه


ليلى مراتي وعايز أعيش معاها .


نهره الأب بصوت غاضب


ـ تعيش معاها فين هي سايبة ولا إيه؟


ارتفع صوت حذيفة الحانق


ـ أنتو رافضين ليه ، أنا جوزها وعايز مراتي دلوقت ولا فاكرين هسيبها ليكم تغسلو دماغها وتطلب الطلاق .


واشتد بريق الشراسة في عينيه


ـ انسوا بنتكم مش هتكون لغيري ولو فكرت هموتها بإيدي .


تطلع الزوجان أمامه لبعضهما بصدمة ومن ثم ارتدا للداخل وأغلقا الباب في وجهه للمرة الثالثة


لم يمهلهم لحظتها الوقت ودق الجرس مجددًا فلم يعيره أيهما اهتمامًا


وفي هذه الأثناء تحدثت الزوجة مع زوجها بعقلانية


ـ لو مدخلش هياخدها بجد.


ضيق الأب عينيه وزفر بغضب


ـ عارف .


تشجعت لتتقدم نحوه ومسدت ذراعه بحنان


ـ بيحبها يامختار ومش هيعمل اعتبار لحد حتى أهله وبنتك أنا وأنت عارفينها كويس.


تهالك على مقعده فجلست أمامه على الأرض تتوسله بعينيها المتعبة


ـ إديله فرصة يصلح إللي كسره .


هز رأسه بالإيجاب


ـ افتحي له


نهضت مسرعة إلى الباب وفتحته


وجدت حذيفة واقفًا بتأدب


قالت بصوت مُحذر


ـ هتدخل وتحترم كل إللي في البيت .


كست الفرحة العارمة مُحياه وسألها بتشكك


ـ عمي وافق؟


رفعت عينيها إلى السقف بترفع


ـ تقريبًا كدة.


استرق هو النظر عبر فتحة الباب فوجد الأب يطالعه بصلابة وثبات فتقدم للداخل بخطوات بطيئة بعدما أفسحت له الأم الطريق


وقف أمام الرجل يحدثه بتقدير


ـ أنا آسف ياعمي على إللي بعمله ، مش هتقدم كمان خطوة غير برضا حضرتك..


أشاح السيد مختار وجهه إلى اليمين وأشار بيده إلى اليسار فتطلع حذيفة إلى حيث يشير فوجد بابًا في آخر الرواق مغلقًا ،


ابتلع ريقه وتهدجت أنفاسه ولم ترحمه دقات قلبه التى تآمرت عليه


سأل بتمهل متوجسًا


ـ حضرتك وافقت!


زفر الرجل بحدة قائلًا بتهديد


ـ لو مش عايز يلا مع السلامة ..اقفلى وراه الباب بعد ما يمشي يامدام ليلى


رفع حذيفة يديه ولوح بهما في الهواء قائلًا بسرعة وتأكيد


ـ أمشي فين لااء


هتف بها واقترب يقبل رأس السيد مختار بتبجيل فدفعه الرجل للخلف بحدة مغتاظة لا تفتقر إلى بعض اللين ،


ابتسم حذيفة لهما بامتنان واندفع نحو باب غرفتها ودق الباب لعدة مرات فلم ترد ويعلم أنها تجاهلته لعلمها أنه في الخارج كما أنها لم تستمع إلى موافقة أبيها


عندما طال تجاهلها فتح الباب بغتة لتشهق هي في هلع ويغلق الباب فور دلوفه


وكما توقع الأب والأم تمامًا علا صوتهما ووصلهم التراشق بينهما ..


وفي الداخل عندما أغلق الباب خلفه ارتكن بجسده عليه يطالعها بثبات وهي لم تمهله لحظة إلا وصرخت فيه بثورة عارمة


ـ أنتَ بتعمل إيه هنا اطلع برة.


وهو كان مستعدًا لها تمامًا فبادلها بصراخ كالرعد


ـ لو صوتك علي أكتر والله ما هتنامي النهاردة غير في بيتنا.


شهقت مستنكرة وانكمشت على نفسها


رأت الجدية في عينيه فخافت منه وارتعدت أوصالها لكنها واجهته بصوت مهزوز


ـ جاي ليه ياحذيفة ؟ عايز إيه تاني؟ .


لانت عيناه وتقدم نحو فراشها


جلس بعدما سحب مقعدًا


كان ينظر إلى الأرض لا يقوَ على مواجهة عينيها


قال بصوت دافئ عميق


ـ أنا هنا مش لأي سبب في الدنيا غير إني بحبك .


انقبضت كفها على الفراش بجانبها وأنفاسها تسارعت حد الاختناق


رباه لم تعد تحتمل


لماذا لم يمهلها حتى تبني السد كله وتحصن قلبها منه


لماذا جاءها بفيضانه يتبجح بحب تشك في صحته وعقد امتلاك كانت تنتظر لبعض الوقت وتطالب بالتحرر منه ،


غصة ألم استحكمت بحلقها فقالت بصوت مختنق


ـ امشى ياحذيفة كفاية أنا مش حمل وجع تاني .


تطلع إليها بعينين يظللهما سحاب الحزن قائلًا بهس حنون


ـ فاكرة لما قلتِ لي اوعدني !


صمت يبتلع لعابه وقال بتمهل يضغط على كل حرف مغمضًا عينيه


ـ أنا جيت لك أهو .


صرخت بصوتها المبحوح ونذير بكاء


ـ بعد إيه؟


هز رأسه يمينًا ويسارًا قبل أن يقول بترجي


ـ اوعديني أنتِ يا ليلى تكوني لي وهستناكِ عمري كله .


تبًا حصونها تكاد ترتخي ،


كيف لقلبها أن ينتفض مطالبًا إياها أن ترضخ


أليس هذا من ذبحها وأهانها وحقرمن شأنها أمام نفسها


استفاقت من ضعفها سريعًا


ستثأر لكرامتها التي بعثرها تحت قدميه وساعدته هي بغبائها


لا تدرى من أين جاءها العزم فصرخت فيه


ـ لا مش هوعدك ، وعمري ماهكون ليك واطلع برة حالًا .
توحشت نظراته ببريق غضب قاسٍ فلم تهتم وأردفت بندم تقاطر من بين حروفها


ـ غلطة عمري كانت في غبائي ، من البداية اديتك فرصة ورا فرصة وأنت متستحقش.


انتفض من جلسته واستقام يواجهها ، انحنى واعتقل كفها في قبضته لتقبضه هي وتحاول تخليصه منه فتعجز


باغتها بتهكم وقسوة من بين حروفه تتقاطر


ـ حلو الحلال ياريتنا استنيناه !


شهقت بصدمة وارتدت رأسها للخلف تلهث فلم يرحمها واقترب أكثر حد اختلاط الأنفاس ومازال معتقلًا كفها في قبضته


وكي يتجنب موقع الدفاع اختار الهجوم حتى يشتت أفكارها وهمس بفحيح


ـ وافقتِ تقابلى واحد تاني بعد شهر واحد من فراقنا ؟


اكتسبت عيناه شراسة قرصان


ـ أنتِ مش عارفة أنتِ تخصي مين ولا إيه ؟


صرخت فيه بحدة


ـ أنا مخصش حد ياحقير.


وزعقته شبيهة الرعد زلزلت جدران المنزل


ـ أنا الراجل هنا وإياكِ تعلي صوتك تاني .


ازدردت لعابها بذعر ، بريق القسوة في عينيه لا ينذر بخير فانكمشت على نفسها أكتر وهمست بخفوت مشحون بالسخط


ـ أنتَ السبب ، أنتَ إللي هربت ، وأنا من يأسي منك عملت كدة .


ومعندكش حق تلومني أصلًا.


هم بالرد عليها لكن كان قد حان موعد المواجهة الأكثر عنفًا والتي كان ينتظرها منذ البداية حينما اندفع الباب بحدة ودلف نديم متأهبًا لاقتناص روحه ..
انتهى الفصل قراءة ممتعة💙🌸
في انتظار تعليقاتكم🥺


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-20, 11:35 PM   #23

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الحادي عشر



الوغد الحقيقيّ لا يتصنع نبلًا


وخانة صاحب الحق تقوي شوكته


وإن دقت ساعة الحرب


إذًا فلترقد الشهامة جوار المنطق في سلام ..


.........
كان قد حان موعد المواجهة الأكثر عنفًا والتي كان منتظرها ومستعدًا لها منذ البداية حينما اندفع الباب بحدة ودلف نديم متأهبًا لاقتناص روحه .
دلف نديم في سرعة فهد متأهبًا للقتال مع حذيفة الذي ترك يدها بسرعة وأولاها ظهره ، قابل الآخر في منتصف الغرفة وبادر نديم بلكمه قرب عينيه فردها حذيفة له بفكه ليتعالي الصراخ الغاضب بينهما ،


عينا نديم اتشحتا بالقسوة وخاصة حذيفة بالتحدي
والحدة كانت قاسمًا مشتركًا


تقابلا كثورين لديهما نفس الاندفاع والعزم على ساحة نزال..


اللكمة باللكمة والرد مكفول


وجوههما على ذات التصلب وأكفهما مضمومة بقوة فكادت سُلامياتها أن تبيض
عروق الجباه نافرة وحمرة الغضب تكسو الملامح
لم يكنا في هاته اللحظة رفقاء عمر ،
بل صديقًا مغدورًا وزوجًا موصومًا بعشق وخيانة عهد صداقة ،
كلاهما يدافع باستماتة عما يعتبره حق..


صرخت ليلى وشعورها بالعجز و أنها مُكبلة بعلة جسدها في الفراش زاد من حدة صراخها


دخل الأبوان وهدر فيهما الأب فابتعدا يلهثان وصرخة نديم بكلمة


ـ طلقها.


لم تهز في حذيفة شعرة


التفت حذيفة إلى ليلى الباكية وحدّثها بلين رُغم الصراع المحتدم داخله


ـ متخافيش ياحبيبتي مش هطلقك .


بدى للجمع المتجهم أنه يطمئنها بل وأنهما على وفاق ، صيحة استنكار من ليلى التي فهمت مقصده و كادت أن تخرج عيناها من محجريهما صدمةً أججت العزم لدى أخيها الذي انطلق إلى حذيفة يجذب مقدمة سترته الشتوية هاتفًا بشر


ـ أنتَ فاكر إن ملهاش رجالة ولا إيه ؟


دفعه حذيفة للخلف قائلًا بغطرسة وعين شرسة


ـ أنا راجلها.


صرخ فيه نديم بسخرية واستخفاف


ـ مش لما تبقى راجل الأول؟


انقض عليه حذيفة بقوة وغضب جم يلكمه في فكه فردّها له نديم مضاعفة


احتدم الشجار بينهما والأب والأم يخلصانهما بلا جدوى


صرخت فيهما ليلى العاجزة عن الحراك بهستيريا وصوت مذبوح


ـ بس اطلعو برة أنا مش عايزة حد .


توقفا الاثنان مبهوتين من يأسها ورأوا كيف انسحبت منها الأنفاس وابيضت شفتاها فانطلقا إليها مُسرعين وأبيها وقف صامتًا يقيم الوضع


يراقب وقفة كل منهما المتحفزة على جوانب الفراش


أمها اقتربت منها بقلبها المرتجف واحتوت وجنتيها بين يديها قائلة بدفء


ـ اهدي يا حبيبتي، كل حاجة هتكون بخير ياماما .


أغمضت ليلى عينيها وتنفست بهدوء حتى استعادت بعض الدماء لوجهها،


جلس نديم بجانبها على الفراش وأحاطها بذراعه الأيمن ومن ثم اجتذب كتفها بحنان إلى صدره فتجمدت خائفةً وجسدها مرتجف ليمسد كتفها الآخر فتستكين وحذيفة المُتحسر بلوعة في الجهة الأخرى توقفت يده في الهواء بارتجاف قبل أن تصلها وعين الأب لم تغفل انفعاله


أراحت ليلى رأسها على كتف أخيها وراحت تبكي في صمت


قطعه نديم قائلًا بحزم


ـ قولي أنك مش عايزاه وعلى جثتي لو بقي لحظة هنا .


سرت القشريرة الباردة فجمدت أوصالها وانكمشت في أحضان أخيها متعمدة عدم النظرجهة حذيفة قائلة بخفوت متمهل


ـ مش عايزاه .


قالتها وانفجر البركان فتناثر ثبات حذيفة كحمم النيران وانطلق صوته متأججًا يرج المنزل بما فيه


ـ انطقيها تاني وربي إللي في السما ماحد هيرحمك مني.


وهنا الأب لم يمهلهم لحظة الا وهتف بصوت حاد خاطف كالرعد


ـ علي صوتك على أي حد في بيتي كمان مرة ومش هتشوف مراتك تاني ولا حتى بالصدفة .


زم حذيفة شفتيه وأطرق صامتًا وعيناه مازالت على حدّتها


والأب توجه بالحديث إلى ابنه بحسم


ـ اتفضل يانديم معانا برة وسيب أختك مع جوزها .


وهنا بدلًا من نديم المصدوم شهقت ليلى بهلع وجسدها لم يتوقف عن الارتجاف


ـ لا يا بابا مش عايزاه .


والتفتت إلى حذيفة المتجهم قائلة بعذاب مستعر تهديه يأسها وكبتها وضياع الحلم في جملة مذبوحة


ـ طلقني ياحذيفة لو ليّ أي مَعَزَّة عندك .


شدد أخوها من احتضانها فيما أولاهم حذيفة ظهره
وتصلب جسده المندفعة الدماء الساخنة تغلي في أوردته قائلًا بحسم رُغم اهتزاز صوته


ـ ليكِ أكبر مَعَزَّة في الدنيا بس مش هطلقك.


صمتت مبهوتة وكانت على وشك الصراخ فيه


لماذا إذًا


أين كانت تلك المعزَّة وأنا على بابك خانعة؟


سمعته يرجو أباها بهدوء حذر


ـ أنا عايز مراتي يا عمي وبعد إذن حضرتك مش هسيبها هنا لوحدها .


في هذه الأثناء كانت قد اقتربت الأم تمسد خصلات ابنتها الباكية وتهمس في أذنها بعض الكلمات المطمئنة ،


التفت السيد مختار إلى ابنته ، رمقها لحظات ثم سألها مباشرة دون مواربة


ـ ليلى لو قلتِ دلوقت إيه سبب رفضك في المستشفى إنك تتجوزيه ورفضك دلوقت تعيشي معاه، اعتبريه طلقك ومش هتشوفيه تاني.


وكأن الجمع تلاشى من الغرفة وماكادت تحوي إلا ليلى التي التفتت تنظر في عيني حذيفة المترقبة ، انفرجت شفتاه هو في لهاث متمرد يطابق ثورة القلب


تعالى الطنين من حولهما وارتفع هسيس الأنفاس فقط


تلك اللحظة الفاصلة التي ستفرقهما إلى الأبد أو توحدهما إلى الأبد


انكمشت قبضتها فوق الفراش بجانبها وانكمش كل جسدها عيناها مظللة بسحابة تيه وضياع


هربت من عينيه وأخفت وجهها المتورم من فرط البكاء في كتف أخيها الصامت في غضب مستعر وعيناه تطلقات سهام من نار إلى حذيفة الذي لا يرد له حقد النظرات


قطع صمت الجميع همس ليلى المعذب


ـ مش عايزاه وخلاص وندمت على كل خطوة مشيتها له ، ولو عقابي إني ممشيش تاني أنا راضية .


حينها أصدر الأب فرمانًا غير قابل للنقاش


ـ عقابك أنك تعيشي معاه.


كان قراره كالصاعقة فجمدت حتى ذرات الهواء من حولهم


والتفت بعدها إلى زوجته وابنه المصدوم يأمرهما بحسم


ـ من غير ولا حرف اتفضلوا معايا برة.


حاول نديم فرض رفضه هاتفًا


ـ يابابا إزاي هيعيش معاها هنا أنا مش موافق على الوضع دة.


قست نظرات أبيه بصرامة


ـ أنا أبوها ودة جوزها.


قالها مشيرًا إلى حذيفة المُطرِق برأسه في أسف


انفعل نديم بغضب


ـ وأنا أخوها كمان ومش موافق.


هدرالأب بصوت مرتفع


ـ لما أموت ابقى تعالى اتحكم مكاني


شهق الجميع بصدمة ومن ثم قال نديم بإذعان رُغم فورة غضبه


ـ تمام يا بابا ، إللي حضرتك شايفه .


خرجت الأم بعدما قبَّلت وجنة ابنتها وهمست لها أن تطمئن


والأخ شدد احتضان جسدها المتصلب ثم أفلتها وحدج حذيفة بنظرة نارية نفاه بها خارج المجرة وانصرف


أُغلق الباب عليهما


وهي لم ترتخي عضلات جسدها التي تصلبت بعد حكم أبيها أغمضت عينيها في طلب للضياع من الواقع ومازالت وجنتيها ندية من أثر الدموع ،


تقدم حذيفة إليها وجلس مواجهًا لها على طرف فراشها ولم يفصله عنها الكثير


اعتقل كفها المنقبضة في كفه فلم تقاوم


وهنها من كلمات أبيها كان أقوى من عزمها هي


همس اسمها في خفوت ففتحت عينيها الشبيهتين بمحيطين من الحليب المشوب بالدم متمركز فيهما جزيرتين من الشيكولا الممزوجة بالعسل مظللتان بستار شفق


داكن حزين وكأنها النهاية


نظرت بها في عمق الليل في عينيه اللامعة نجومه بلا تعبير


من عينيها هربت الحياة فازداد مقته على حاله مقت


تنهد وسألها


ـ ليه مقولتيش.


وانفعالها كان ثورة ،هبَّت ثم خفتت ولم تريحه بإجابة ولم يكن ينتظر


رفع قبضتها فقبلها بعشق جارف مغمضًا عينيه فاغمضت عينيها ولم تسحبها


همس بصوت أجش


ـ أنا هنا عشان حبي يقويكِ ..


فتحت عينيها على اتساعهما قائلة بتحدي وقد جذبت كفها منه بحدة


ـ مش هكون ليك.


ولعجبها ابتسم قائلًا بوله


ـ مش عايز غير قلبك.


والقسوة فرضت نفسها وتوهج على إثرها بريق شرس وهتفت


ـ حذيفة !


وهو اقترب لتختلط أنفاسه بخاصتها وباغتها بما يشبه أول ضمة في الكون وآخرها


ـ ليلى أنا بَحبِك .


أغمضت عينيها بقوة وأنفاسها تعثرت كأن قلبها قد اصطدم بحائط صخري وارتد لها نازفًا فثبَّت رأسها بين كفيه عنوة وقبّلها قبلة عميقة طويلة تفوح بالقدسية ليرتجف جسدها رفضًا للمسته وعاد يرفع ذقنها متحديًا رفضها فتفرقت أجفانها وناظرته بعينين معذبتين


فاستطرد هو بتأكيد


ـ عارف إنك في أسوأ حالاتك وإن إللي بطلبه صعب بس الصعب النهاردة بكرة هيكون مستحيل لو نفذت رغبتك ومشيت.


هزت رأسها برفض وانعقد لسانها


فأكمل بعينين تبتلعانها عشقًا ونبرته تفيض بالترجي


ـ سامحيني إني بستغل الوضع عشان تكوني ليّ ، وسامحيني على إللي بعمله وهعمله بس اوعي تغفري إللي عملته قبل كدة .


من بين أجفان متثاقلة وبأعين محمرة ناظرته بوهن وخرج صوتها مهتزًا من بين شفتين مرتجفتين


ـ ـ أرجوك امشي ، حبنا مريض .


والدموع آن لها أن تسيل


ـ قلت لك بحبك وأنت سكت .


وتعثرت أنفاسها


ـ سألتك إللي بيننا اسمه ايه قلت لي إنه جميل وبلاش نسميه وأنا صدقت .


وفاض كيلها فصوتها احتد


ـ قلت لك بحبك تاني وأنت هربت !


واكتنفها العجز فخفت الصوت


ـ غلطي أني حلمت .


ولوحت بكفها في الهواء تسرد بفيضان حزن


ـ حلمت بينا .. بيت وولاد وزرع .


والشجن أصبح رفيق الدرب


ـ كنت شايفة في عنيك الحب .


وباليقين أنهت الفصل


ـ بس عرفت ؛ عرفت أن كان كتير عليّ الحلم .


وإللي حسيته وشوفته في عيونك مكنش حب .


وعيناه الحزينتان راقبتا ذبيحته كيف تئن ، يتلفح صوتها بالندم وبالقسوة والعجزوالحزن يشتد فيفرد من قلبه واحة تاركًا صحرائه ورائه مُترجيها أن اسكنيها بدلًا من أرض خذلاني


ـ إللى حستيه و شوفتيه في عنيا كان حب .


استنكرت ففرد كفيه أمامها بلا حيلة


ـ أنا كمان حلمت


وخفت صوته وظللته سحابات العشق


ـ حلمت بيكِ في حضني.


والتمني فاض من ذبذبات الصوت


ـ حلمت ميكونش في حاجز يبعدني عنك.


والشجن كان رفيقهما في ذات الدرب


ـ أنا كمان حلمت بينا .


والاعتراف كان فرض عين


ـ بس خفت.


وهنا اكتفت فصرخت


ـ خفت من إيه؟


زم شفتيه وأغمض عينيه وأنفاسه تعثرت


ـ خفت أسيبك في بيتنا لوحدك ومعاكِ ابننا وأخذلك.


سألت بسخط ولم تعير خوفه اهتمامًا


ـ عملت فينا كدة ليه؟


وسخرت من ذاتها


ـ عارف ليه ؟ .. عشان إللي بتحبك كانت مندفعة وغبية ومعندهاش كرامة.


فتح عينيه على اتساعهما وزفراته كان أسواط من نار


وهي ببأسها أججت الحمم


ـ عارف يعني إيه اسمعك بتقول اتجوزت اتنين وأنك هتمشي وتسيبني وكأني مليش قيمة ؟


صدره كما صدرها كان يعلو ويهبط ولا يمتلك إلا أن يصمت فاستطردت


ـ عارف يعني إيه أقول موافقة أقابل غيرك !


رفعت كفيها واحتضنت جبهتها وأنامها المرتعشة استكانت بارتجاف فوق خصلاتها


ـ بلاش كل دة؟


ولان صوتها بوهن وعيناها تقاطر منهما الألم


ـ عارف يعني إيه آجيلك !


والندم أبى إلا أن يفرض دوره


ـ دوست علي كرامتي وكل خطوة مشيتها كانت إهانة ليّ ولأهلي.


رفعت عينيها تسأله بصراخ يشبه القذيفة


ـ وأنتَ عملت إيه ؟!


وهو جفّ حلقه وسواد عينيه ازداد قتامة


فأقرت باشمئزاز وحاجبيها معقودين


ـ لبست حبي ثوب قذرياحذيفة.


عضت شفتها في خزي واحتضنت نفسها بارتجاف


ـ شوهت اللحظة إلي بتحلم بها كل بنت


وملحمته هو كان بطلها العجز لم يقوَ على احتواء ضياعها ولا تطييب جرحها فتنهد بيأس وقال بصوت حنون


ـ أنتِ محرقتيش أخر سفينة بيننا ومن شوية رفضتي تقولي كل حاجة وتنتقمي مني رُغم أني أستاهل .. وسيبتي لنا فرصة للرجوع .


وهتافها كان حاد


ـ مش عشاننا ؛ عملت كدة عشان بابا.


وخفت صوتها بخزي


ـ حرام يعرف إن الراجل إللي بنته اتغابت وراحت له واتفضحت عشانه عاملها بمنتهى الرخص زي ما أنتَ عملت .


............


وفي غرفة أخرى بعيدة نسبيًا عن غرفة ليلى دلفت السيدة ليلى بعدما ودّعت ابنها الغاضب ، تقدمت نحو زوجها الجالس على طرف فراشهما الوثير المواجه للباب على بعد مناسب منه في غرفتهما الفسيحة والمفروشة برقي كلاسيكي


تقدمت بضعة خطوات وكانت أمامه تمامًا سحبت كرسيها وجلست مقابلة له ، كان مهمومًا متهدلة أكتافه بثقل الهموم ، تعلم جيدًا ما يعتريه ويتظاهر أمام أبنائه بالقسوة


تنهدت برقة قائلة بخفوت


ـ بتربيها بيه.


رفع رأسه إليها وناظرها للحظات بفورة مشاعر أبوة متألمة


ـ الاتنين


ضحكت زوجته بخفوت


ـ بتربيها وبتراضيها !


ابتسم بمراراة


ـ بنتك عاطفية ، هتسيب نديم يتصرف وتطلق وبعدها هتفضل سنين قافلة على نفسها وإحنا هنحاول ونحاول وهي هتقولنا أنا كويسة .


وتنفس بعمق


ـ وفي الحقيقة هتكون بتموت بالبطئ.


أومأت زوجته وشردت قليلًا هي أكثر من يعلم ذلك وهو ما دفعها للوقوف بجانب حذيفة حتى وإن لم تظهر ذلك علنًا


محادثتها الطويلة مع أمه كشفت لها مشكلته النفسية ومراجعته للطبيب وما جعلها تتخذ جانبه في ذلك الوقت هو أن كل ما يفعله هو من أجل ابنتها فقط ،


حك السيد مختار جبهته متعبًا وأخرجها صوته الواهن من الشرود


ـ بديها هي فرصة وبعدها لو لسة مش عايزة تكمل مش هفرضه عليها.


نهضت زوجته وجلست بجواره تدلك كتفيه بحنانها المعتاد


ـ أنا مش فاهمة إزاي عملت كل دة عشانه ودلوقت رفضاه بالشكل دة .


تصلب جسد الأب وزفر بغضب


ـ لو عرفتي ليه نديم مُتحامل على صاحبه أكتر من أخته هتفهمي .


توقفت يديها مستريحة على كتفيه وسألته بتوجس


ـ تقصد إيه ؟


نفي ما تلاعب بعقلها


ـ بنتك مدخلتش شقته ، أخوها وصل وهي على الباب.


ازدردت لعابها ومن ثم سألته


ـ ليه نديم واخد منه الموقف ده ؟


قال الزوج بتأكيد كئيب


ـ عشان حذيفة آذاها وأضعفها


أدارت جسده برقة إليها فاستجاب وسألته بلا استيعاب


ـ وأنتَ اديته فرصة ليه ؟


اتشحت ملامحه بالجدية


ـ عشان لسة بينهم شعرة ، هديله فرصة يا إما يبني عليها جسر أو يقطعها .


.................................................. ....


كانت المواجهة حامية الوطيس فاشتعلت النيران في قلوبهما رُغم برودة الطقس فاستنزفتهما ، أغمضت عينيها فدثرها بغطائها السميك وجلس على الأريكة الوثيرة بالجانب ،


أخذ فرصته في تفحص الغرفة الفسيحة ، كانت واسعة بشكل ملفت ،


مطلية باللون الكريمي والخزانة والفراش وإطار المرآة باللون البني القاتم ، وعلى الحائط بجانب الفراش كانت الأوراق البيضاء الملطخة بالألوان العشوائية ، الغرفة حوله مرتبة بشكل مغيظ هو مرتب أيضًا ولكن ليس إلى ذلك الحد، كان قد خلع سترته الشتوية وحذائه الرياضي بقي فقط بقميص قطني أبيض وسروال من الجينز ، أفزعته من جلسته المرتخية فوق الأريكة دقات عنيفة على الباب افترقت على إثرها أجفان ليلى التي كانت متصنعة النوم ،


نهض بتثاقل وفتح الباب ليجد صديقتها عزة تحدجه بشراسة هاتفة


ـ بتعمل إيه هنا ؟


عاد أدراجه بلا مبالاة وجلس على الأريكة مجددًا يتجاهلها ، فتقدمت بخطوات غاضبة تحفر الأرض حفرًا


ـ أنت شايف لسة فيها باقي وجاي تكمل عليه؟


وصمتت تلتفت نحو ليلى لتهتف بحدة


ـ مش شايف آذيتها إزاي؟


وليلى كانت صامتة جامدة عيناها تراقبهما بلا انفعال


لانت عيناه عندما التقت بعينيها


ومن ثم أعاد عينيه إلى عزة قائلًا بصوت واثق


ـ حقي المشروع إني أكون مع مراتي في مكان واحد.


سخرت منه بصوت مرتفع


ـ مراتك مين ياجوزالتلاتة ، أنتَ نسيت ولا إيه ؟


التفت إلى ليلى التي بادلته نظرته الحادة بأخرى متهكمة وشبح ابتسامة ساخرة فازدادت حدة نظراته وعيناه أطلقتا شررًا


كان صدره يعلو وينخفض فعاد إلى عزة بصلف


ـ استفزيني أكتر وهتكوني الرابعة .


شهقت عزة مصدومة وليلى اتسعت ابتسامتها الساخرة قبل أن تقول


ـ أنتَ أي حقير اتجوزته ؟


عاد إلى عينيها يبتسم بشراسة


ـ أحقرهم على الإطلاق ، الحقير إللي بيحبك يا مولاتي.


التوت شفتيها وشردت أمامها


ـ عقابي المناسب .


ابتلع غصته بصمت ومن ثم فاض من صوته الوله


ـ ويمكن قدري أنا


تكوني حب عمري .


انكمشت مرتجفة تغمض عينيها والبرودة تسري بأطرافها


هتفت عزة التي رأت كم تأثرت صديقتها به


ـ أنتَ بتثبّتها وأنا واقفة ، هتعمل إيه لما مشي منك لله يا حذيفة يا ابن حوا وآدم.


أنهت هتافها وكفيها مرتفعتين للسماء في تضرع


وعادت تحذره


ـ أنا مش ماشية من هنا.


وأتبعت جملتها بسحب مقعد والجلوس بجانب فراش ليلى التي قبَّلتها قبل أن تجلس


ـ عايزة أشوف هتنام فين ، الكنبة هتنول الشرف ولا الأرض الباردة.


رفع كفه الأيمن يغطي به فمه متصنعًا الصدمة باتساع أعين وارتفاع حاجبين


ـ أوووه فكرتيني.


سحب هاتفه من جيب سرواله وضغط عدة أرقام ، وقال لمجيبه بصرامة


ـ أنا مستنيك.


وبعد دقيقتين خرج من الغرفة واتجه نحو باب المنزل قاطعًا الرواق بخطواته الهادئة ، وجد السيدة ليلى تقف في صالة المنزل الفسيحة تطالعه بتساؤل فأجابها ببسمة ممتنة ويده تتمسك بمقبض الباب


ـ في حاجات هجيبها من برة وسرير ليّ


أومأت متفهمة وانصرفت إلى الجهة الأخرى


فتح هو الباب بهدوء ووجد أحد العمال أخذ منه بعض الأغراض وأغلق الباب بعدما عاد للداخل ، كان حريصًا ألا يُدخل المنزل أحدًا غيره طالما ائتمنوه على بيتهم وابنتهم ، عاد إلى الغرفة بعدة أجزاء تُشكِل إن تجمعت فراشًا يكفي فردًا واحدًا


كان يبتسم لصدمتهما بسماجة


عينا الفتاتين كانت تروح وتجيء مع حركاته من وإلى الغرفة لأنه كان ينقل الأجزاء على مراحل ويغلق الباب فور دخوله كل مرة


وأخيرًا بعدما نقل كل الأجزاء مع حقيبتين سفر وبعض الأغراض تنهد بابتسامة عريضة


وفي عدة دقائق أخرى كان قد ترك بين فراش ليلى والفراش الجديد مسافة المقعد الذي تجلس عليه عزة


أنهى تركيب الفراش بسرعة ومهارة بل وفرشه بمفرش أنيق ووضع عليه غطاءًا أيضًا


جلس عليه متربعًا وقال بنبرة مُغوية


ـ إيه رأيك في سريري ياآنسة عايدة.


اتسعت عين عزة وشهقت بفزع تنظر أمامها بانشداه بينما صرخت فيه ليلى الساخطة


ـ حذيفة!


رفع عينيه المتمركزة على عزة إلى عين ليلى قائلًا بابتسامة رائقة


ـ عشقه.


هتفت عزة فيه بغضب مستعر


ـ والله قلت عليك قتم وسخيف وبارد من قبل ما أشوفك.


نظر إليها ببراءة مصطنعة وزم شفتيه وبعدما رفرف بأهدابه عدة مرات في وداعة وسألها


ـ ودلوقت ؟


أكدت له ساخرة


ـ أنت مصيبة ياحذيفة ، كارثة مُتحركة.


فرد ذراعه الأيمن للأمام وأحنى رأسه بمسرحية


ـ أشكرك على إحساسك ده .


قالها وهبط برشاقة واقفًا على الأرض


واستكمل بنبرة ملتوية وهو يلتقط علبة تبغه وولاعتة من فوق الأريكة


ـ خدي راحتك في أوضتي !


وأنهي جملته بغمزة خص بها عزة


وهذه المرة صمتت عزة تفغر فاهها بصدمة واستنكرت ليلى من بين أسنانها وحمرة الغضب تكسو وجهها


ـ أوضتك ؟!


عض شفته السفلى وعيناه تغازلان عينيها ومن ثم همس بصوت أبح


ـ أوضتنا .


كانت تعلم أنه يتلاعب فضيقت عينيها التي لم تفارق عينيه ، التوى ثغرها ببسمة هازئة ووجهت الكلام إلى صديقتها


ـ روّحي أنتِ ياعزة عشان حبيبي ياخد راحته .


قهقه بانطلاق


وغمرها بنظرات سعيدة ملوحًا بسبابته في تتابع دائري


ـ حلو الأداء ده استمري .


وعزة التي كانت تنقل عينيها بينهما بانشداه صرخت فيهما


ـ في إيييييييه.


فلوح لهما بيمناه وذهب نحو الشرفة فتح بابها ودلف ليغلقه خلفه


تركهما ليلى تكزعلى أسنانها وتسب نفسها تود لو تخنقه وتتخلص منه إلى الأبد وقلبها ينقبض برفض لما يدور في رأسها


انفجرت عزة ضاحكة


ـ لولو إيه الوقعة السودة المنقطة أسود دي ، أنتِ بتحبيه إزاي ده .


التفتت ليلى تحدجها بغيظ مستعر


ـ بطلت أحبه وعايزاه يمشي ويخرج من حياتي كلها .


سألتها عزة بترقب


ـ هو الحب عامل إزاي يالولو؟


رمقتها ليلى بنظرة باردة ولم تجيبها ، لتقوم عزة وتجلس بجانبها تتمسك بكفها البارد


ـ أقصد كنتِ الأول بتحسي ناحيته إيه.


زفرت ليلى بعنف وتلبّست عينيها أشباح القسوة


ـ تصدقي إني مبقيتش فاكرة كنت بحس بإيه ناحيته ، في غيمة سودة غطت على إحساسي القديم لدرجة مش قادرة أفتكره.


أمالت عزة رأسها جانبًا وسألتها بجدية


ـ كرهتيه ؟


نفت ليلى بتأكيد


ـ مش بالسهولة دي ، لسة بحبه ياعزة بس بإحساس جديد.


استفهمت عزة


ـ جديد إزاي؟


ـ بحبه حب ملوث إللي حصل بينا زي الحبر إللي غير لون المية ونقائها ، المية موجودة لكن فقدت جزء من خواصها واكتسبت خواص جديدة .


ازدادت عينيها قسوة


ـ خواص جديدة سيئة خلتها مش صالحة لأي حاجة .


رفعت عزة المصدومة يديها للسماوات تناجي


ـ منك لله ياحذيفة جننت البنت إللي كانت من كام شهر بتقولي ده حبي الأول.


التمعت عينا ليلى بشراسة أعجبت عزة


ـ ماهو فعلًا حبي الأول.


وأكدت بثقة


ـ والأخير!


قهقهت عزة


ـ لازم يكون الأخير ، أنا متأكدة إن هو كرهك في كل الذكور إللي على الكوكب .


لم تكد تنهي جملتها وتصمت إلا وجاءها صوت حذيفة من خلفها لاذعًا


ـ أنتِ بتتكلمي عن ذكور الكوكب في أوضتنا ليه يا آنسة عايدة ؟


التفتت إليه متهكمة بحدة


ـ اسمي عزززززة ، وكنت بقولها إنك كرهتها فيهم كلهم.


غمغم من بين أسنانه


ـ ما تكرههم إيه المشكلة دي مراتي أنا .


وقبل أن تقولها ساخرة أكدها هو


ـ الثالثة .


وابتسم أكثرالابتسامات سماجة


ـ عقبالك !


وهنا ابتسمت ليلى ابتسامة باردة وعزة صرخت فيه


ـ بعد الشرعني أنا اتجوزك أنتَ ؟


أسبل أهدابه وتعلقت بثغره ابتسامة عاشقة


ـ نتجوز وتكوني ضرة لولو بس مش هعرف أحبك زي مابحبها ، للأسف حبنا أنا وأنتِ مفيهوش حبر وأنا بحب الحبر زي لولو.


غطت ليلى وجهها بكفيها بيأس بينما عزة رفعت كفيها فوق رأسها وعيناهما كانتا تتنافسا في الاتساع ،


تنهد بصوت مسموع فعضت ليلى شفتيها وأغمضت عينيها خزيًا من خلف كفيها


وجه حديثه إلى عزة


ـ عايز أنام .


حدجته بازدراء


ـ وأنا أعملك إيه ؟


لوح لها بكفيه ببراءة


ـ متعمليش حاجة


وأنهى جملته يخلع قميصه القطني


لتصرخ بهستيريا وترفع ليلى كفيها عن وجهها وتطالعه بانشداه


كان عاري الجذع أمامهما ، فانطلقت عزة بثورة غضب مشتعل لخارج الغرفة وأغلقته خلفها بحدة


وليلى المصعوقة حدجته بنظرة نارية وصرخت


ـ إيه إللي عملته ده ؟


عاد يرتدي قميصه القطني مجددًا وأجابها بلا مبالاة


ـ هي إللي مستفزة


واقترب منها يغازل عينيها ونطق بتمهل


ـ يا ل ..و..ل..و


هزت رأسها يمينًا ويسارًا قائلة بضياع


ـ أنا حبّيتك إزاي ؟


رد متهكمًا


ـ مراية الحب ضلمة ياعشقي .


كان يتحدث ببساطة ووجوده ليس هينًا ، هي تعاني في حضرته ولا تقوى على الرفض ، تخاف من رد فعل أبيها وتعلم أن حذيفة لن يستسلم بتلك السهولة ،


التقط المقعد بين الفراشين ووضعه في أحد الجوانب وقام بضم فراشه الموازي لفراشها له بسلاسة


ليصنع منهما واحدًا ضخمًا متجاهلًا صدمة عينيها التي كادتا أن تخرجا من محجريهما


عندما انتهى نظر في عمق عينيها قائلًا بعشق لا محدود


ـ بقينا لوحدنا!


ابتلعت صدمتها و كان قلبها يختض خلف ضلوعها بارتياب وسألته بتهكم مُزدرٍ في محاولة لتخفيف وطأة ما يعتريها


ـ مش قلت مش عايز غير قلبي !


قفز برشاقة وجلس على الجزء الخاص به وعيناه تأكلان تفاصيلها بتعبير ملتوي


ـ وصدقتيني ؟ !

انتهى الفصل قراءة ممتعة🥰
منتظرة تعليقاتكم ❤❤

salwa habiba and egmannou like this.

samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-20, 12:34 AM   #24

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني عشر



إذا وطأت أقدامك بستانك لأول مرة


لا تطمع في أكثر من زهرة


لأن الخطوة الخطأ في فخ التهورتعيدك للخلف عشرة .
....


ـ وصدقتيني !


تجهمت ملامحها وفاض من عينيها السخط جوار الندم


ـ أبقى متعلمتش الدرس.


هاجمته بعين شرسة


ـ حذيفة إللي بتعمله دة مش هيجيب نتيجة مسألة وقت وهنتطلق .


لم تتغير تعابير وجهه المتفحصة لها رُغم تمام اشتعاله من الداخل يشعر بالرهبة لما يمران به ، لايكاد يصدق أنه يجلس بجانبها فوق فراش مقابل لباب غرفتها المغلق في هاته اللحظة زاره خاطر بأنه من الممكن أن ينتشي بدون لفافاته المحشوة ، لم تعِ ما يعتريه فأردفت هي غافلة عنه بفيض تأكيد ويمناها تتوقف مفرودة بينهما كمزيد من الحواجز


ـ مفيش حاجة هتجمعنا تاني


لم تفارق عيناه خلجاتها ، كان يراقبها بصمت مشحون يريد ضمها ويعلم أنه في ذلك الوقت مُحال ، عقابه الأصعب ؛ أن تكون معه وحدهما في خلوة وهي زوجته حلاله ولا يحق له لمس أناملها !


اقترب قليلًا يميل برأسه نحوها وعينيه تفيضان بالاحتياج ، قرأته في عينيه فارتجف جسدها وارتدت للخلف بذعر


فقال بعبث مقصود


ـ متخافيش وتبعدي ؛ أكيد مش هغتصب واحدة مفيهاش ولا حتة سليمة .


صاحت فيه واشتعال أعصابها وصل قرب الرماد
ـ أنتَ وقح ، حد قالك كدة قبلي؟


عاد يجلس على فراشه مستندًا بجذعة للخلف وعيناه متسلطة على الباب المغلق أمامه قائلًا بنبرة ملتوية


ـ كل إللي اغتصبتهم قبلك قالوا لي كدة.


أظلمت تعابير وجهها واحتل عينيها طيف الوجع فآلمه قلبه


كان يود مد جسور الحديث معها لا إيلامها هكذا فعاد يتصنع العبث


ـ بس أكيد اغتصاب حبيبتي هيكون ممتع أكثر .


شعرت بالإهانة والنفور


ارتفع الدم إلى قمة رأسها وأنفاسها تقطعت


أما عن عينها فاتسعتا بصدمة


فصرخت فيه بحدة


ـ متحلمش أكون واحدة في الصف ياحذيفة.


لانت النظرة في عينيه وترقرق فيهما التوله


ـ كل إللي بقوله مش حقيقي.


وصوته ازداد دفئًا وعمقًا


ـ عمرك ما كنتِ ولا هتكوني في صف ،


وعيناه هبت فيهما رياح العشق عاتية


ـ أنتِ حبي الأول .


انتاب جسدها قشعريرة باردة رُغم شرارة الناربقلبها والتي تحارب كي تزداد اشتعالًا، وقتها تساءلت ليلى لماذا يأتي الغيث بعدما تكون بذور الأمل قد ماتت؟


سخرت من ذاتها عند ذلك الخاطر فالحقيقة غيرالمرحب بها هي أن


هناك بذرة تحت الركام بالفعل ولكنها تكافح بكل كيانها كي لا تنبت تلك البذرة من جديد


كزت على أسنانها بحدة فافتضح بتصلب فكها ، أنفاسها تعثرت وهو رأي تعاقب المشاعر في عينيها برق ورعد وعواصف


قبس من حب اشتعل لحظات وخفت واحتل مكانه إعصار من ألم وضياع وبعدها شعاع القسوة قال كلمته


ـ وكنت بتتجوز إزاي ؟


تجهم وجهه رفضًا لنبشها المتعمد في الماضي ،


فعاد يعتدل في جلسته وحافظ على مسافة مناسبة بينهما قائلًا بتهكم وأعين باردة


ـ لما تكبري هقولك .


تخضبت وجنتاها بحمرة الغضب والخجل معًا لم تعد تمرر تعليقاته ببساطة ، كل ما يقوله تؤوله بمعانٍ ملتوية كما أنه الآن يتقصد المعنى غير اللائق فزفرت بحرج وزمت شفتيها بعدها وصمتت


اتشح وجهه بالجدية المطلقة وفاض من صوته الحزم


ـ ممكن أطلب منك تخلي إللي بينا يفضل بينا ؟


لوت شفتيها باستهزاء


ـ إيه إللي بينا أصلًا ؟


تنهد بعمق


ـ مش دي مشكلتنا دلوقت .


ورفع حاجبيه بجدية


ـ صديقاتك العزيزات ليه بيتدخلوا في حياتنا الخاصة ؟


لوحت بكفها في الهواء والاستنكار غلف ملامحها وصوتها


ـ الخاصة !


وهو سلك درب العبث بطيب نفس


ـ مش الخاصة قوي.


وغمزة ماجنة تلاها بسمة عين وثغر


ـ الخاصة نص نص .


زوت ما بين حاجبيها وزمت شفتيها رفضًا


فعاد يتلحف بالجدية


ـ اتعلمي متقوليش لصاحبتك كل حاجة .


أنهى جملته بعتاب طفيف من عينيه


أشاحت بوجهها وأسبلت أهدابها قائلة بنبرة ثلجية


ـ مراتك الرابعة!


وهنا انفجر ضاحكًا لأول مرة وتنهد براحة مسبلًا أهدابه


ـ بتغيري عليّ يا حبيبّتي ؟


وكان يقول حبيبتي بالفصحى ولها وقع خاص على أذنيها بل وقلبها الذي ارتجف بذعر خلف ضلوعها


خائفًا ألا يصمد طويلًا أمام فيضانه،


لم تعد إليه بعينيها فأعطاها فرصة للهروب برهة ومن ثم عاد يغزو أرضها بصوته الأجش


ـ أنتِ الأولى في قلبي والأخيرة على ذمتي ياليلى .


تأوهت رُغمًا عنها بخفوت وعادت تنظر إليه تحتضن نفسها بذراعها وقالت بشبه حزم


ـ مش عايزة أتكلم في الموضوع ده ، حياتك متخصنيش .


وهو مازال يتفحص ملامحها وجوانب عينيه انكمشت ببادرة ابتسامة


فتحت فمها بعد ذلك لتتحدث وأغلقته أكثرمن مرة وفي النهاية انهت ترددها بعدما أزاحت خصلتها النافرة خلف أذنها


ـ الوضع مش مريح أبدًا ياحذيفة ، مش هينفع نعيش مع بعض وأنا مش عايزة نكمل .


وهو كانت أنامله تستريح فوق لحيته ورأسه يميل قليلًا وعيناه تراقبان خلجاتها


ـ هنتعود ؛ إحنا الاتنين محتاجين نتعود !


النظرة الهادئة بشرود في عينيه أججت فيها عواصف جديدة


لماذا لم يتركها لحالها ويمضي ، هتفت فيه بسخط


ـ نتعود على إيه بقولك مش عايزة ، هتفرض وجودك بالعافية ؟


تنهد بعمق وأجابها بهدوء وعيناه تحوطانها بدفء يضاهي دفء صوته


ـ مش همشي وأسيبك تعيطي لوحدك.


ازدردت لعابها بعسر وانسدلت غلالة دموع شفافة فوق مقلتيها


صوتها المهزوز أغضبها ، باتت تكره ضعفها الذي كانت تبرره من قبل


نبرتها المستهزئة لم تشف غليلها لكون الضعف يتخللها


ـ هتعيط معايا ؟


ابتسم بشجن لنعومتها تلك التي تشبه الحلوى القطنية في رقتها ورُغم الأذى الذي نالها منه مازالت تُسيل لعابه


نحى خواطره بعيدًا وتنهد


ـ همسح دموعك.


صرخت فيه بشراسة جديدة عليها


ـ أنت السبب في دموعي دي.


لم يمهلها لتسترسل وأكد


ـ كنت ، لكن دلوقت مش هسيبك .


وتلا جملته بغمزة أكمل بعدها


ـ ولا حتى في أحلامك .


صمت ثانيتن وعاد يتحدث وكأنه تذكر شيئًا مهمًا وعيناه متركزتان على عينيها


ـ حلوة!


عقدت حاجبيها وتصلب فكها في رفض فهتفت فيه غاضبة


ـ ملكش دعوة بعيوني ياحذيفة


انحدرت عيناه بتمهل إلى أسفل قليلًا وقال بهمس مبحوح


ـ شفايفك !


صرخت فيه بحدة مزدرية والحمرة القانية تغزو وجنتيها


ـ وقح !


لم يعقب على كلامها وصمت


قبضت كفيها بجانبها وتشبثت هي الأخرى بالصمت حتى لا يُفتضح تأثرها به المفضوح بالفعل


بعد برهة من الوقت


سألته متوجسة بهمس خافت بعدما أزاحت خصلاتها الشاردة عن عينيها مجددًا في حركة أسرته


ـ عمو عبد العزيز يعرف إللي أنت عملته ده ؟


أسبل أهدابه وطيف بسمة تعلق بثغره ، شرد في ساعات الصباح حيث كان يقطع الرواق بتؤدة إلى مكتب القطب الأكثر هيبة في المجموعة التجارية التي ينتمي إليها وصل إلى مديرة مكتبه التي استقبلته بابتسامة عملية قائلة


ـ مستر عبد العزيز مستني حضرتك يا بشمهندس حذيفة .


زوي حذيفة مابين حاجبيه دهشةً فأردفت هي


ـ أوامره إن حضرتك تتفضل تدخل أول ماتيجي النهاردة.


ازدادت دهشته أكثر عندما دلف ووجد أباه المنشغل في مطالعة أوراق تخص اتفاقية عمل جديدة كان قد أبدى ملاحظاته فيها من قبل


يترك مافي يده ويرتد في جلسته للخلف يقلب القلم بين إبهام وسبابة يمناه وعيناه الذكيتان لا تفارقان حذيفة المتوتر


والأب


يجلس بهيبته


كالأسد الحنون


ملك في عرينه


راعٍ يحمي أشباله


بين يديه شبله الأول العائد إلى دياره


استهل عبد العزيز حديثه ببسمة رائقة


ـ خير يا بشمهندس في حاجة في الشغل ؟


تقدم حذيفة ووقف أمام أبيه يفصل بينهما المكتب الضخم وكرسيين


كانت ملامح حذيفة مبهمة يحاول كبح جماح تعابيره ، ذلك الشعوربالضآلة والفجوة بينه وبين أبيه لم تعد موجودة من وقت عقد قرانه ومؤازرة عبد العزيز له


ودّ لو يقترب ويجلس أرضًا تحت قدميه ويستند برأسه إلى ركبتي أبيه ويقول ها أنا قد عدت .


لم يخفَ انفعاله الطفيف على أعين عبد العزيز الذي قال بنبرة لينة


ـ اتفضل اقعد.


زفر حذيفه أنفاسه الساخنة وجلس قبالته باحترام رفع عينيه لعينيّ أبيه بترقب


ـ حضرتك عارف أنا هنا ليه ؟


انحنى عبد العزيز بجذعه إلى المكتب ونقر بقلمه نقرتين عليه ، تنفس بعمق وضيق عينيه ناظرًا بهما إلى حذيفة قائلًا بتأكيد


ـ عايزها !


أطرق حذيفة وتعلقت عيناه بالسجادة الوثيرة أمامه ، شرد قليلًا قبل أن يرد


ـ أكيد .


لم يصمت قليلًا إلا واستكمل بعدما اعتدل بكليته يواجه أبيه


ـ هتخرج النهاردة من المستشفى.


فأكمل عبد العزيزعنه بنبرة ذات مغزى


ـ وخايف من نديم لأنه عارف عنك إللي باقي عيلتها ميعرفهوش !


هرب بعينيه من عيني أبيه المتهمة


ـ دة كله كان ماضي وأنا النهاردة مش عايزغيرها .


هز الأب رأسه موافقًا باستحسان


ومن ثم زفر بتثاقل


ـ أنا متأكد من ده ومش هلومك أكتر لأني مشترك في جرايمك كلها.


ازداد توتر حذيفة وتنحنح بانفعال مكبوت


ـ يعني حضرتك موافق ؟


لم تتغير تعابير عبد العزيز الغامضة وسأل متصنعًا الجهل


ـ على إيه ؟


اعترى حذيفة بعض التوجس من ردة فعل أبيه فصمت ينظر إليه بتوتر بينما قرأ الأب اختلاجاته فعاد يرتكن بجسده للخلف وعيناه الذكيتان اتقدتا ببريق خاطف


ـ عايز تروح تفتعل مشكلة وتاخدها بمنتهى الوقاحة قبل ما نديم يوصل تكون هي معاك وميعرفش يوصلك !


كان عبد العزيز يتحدث بثغر حازم وعين يتراقص فوقها طيف البسمة


فتشوش حذيفة المشدوه من صحة ما تفوه به والده


فأومأ معترفًا باستحياء ليسأله أبوه بجدية


ـ وأبوها وأمها ذنبهم إيه توجع قلبهم تاني؟.


نفى حذيفة بتأكيد وقلبه ينبض بعنف


ـ لا مش قصدي أذى أبدًا .


قلّب الأب كفيه في الهواء قائلًا بما يشبه رمي طوق نجاة لغريق


ـ عندي حل !


والغريق تلقف الطوق بلهفة وأنفاس متسارعة و استفسر


ـ حل إيه ؟


ضغط الأب على أحرفه


ـ تروح لأهلها تقول لهم إنك عايز مراتك ، وتثبت بكل طريقة ممكنة أنك مش هتسيبها .


اتسعت عينا حذيفة المترقب بوجل


ـ وبعدين.


ضحك عبد العزيز بمكر


ـ وبعدين تخيرهم يا تاخدها يا تبقى معاها !


سعل حذيفة بقوة وأصاب أوردته دفعة من الأدرينالين أشعلت حماسه فضحك بقوة حتى أدمعت عيناه


ـ حضرتك متأكد؟


اتشح وجه عبد العزيز بالجدية


ـ دة لوعايزهم يجو في صفك وبدل ما الكل يبقى ضدك كفاية عليك مراتك ونديم بس .


ارتاب حذيفة مما قد يحدث


ـ تفتكر أهلها ممكن يوافقو فعلًا


ركز عبد العزيز عينيه في عمق عيني ابنه وأكد على كل حرف


ـ لو أنتَ صادق هيوافقوا .


هتف حذيفة بحماس وكله متأهب


ـ طبعًا صادق يابابا ، أنا بحبها ،


كنت بهرب قبل كدة ولعترف بده لكن دلوقت لو وصل للحرب هحارب.


ابتسم الأب باستحسان والراحة تكسو ملامحه


فتنهد قائلًا


ـ بس إحنا محتاجين دعم داخلي .


عقد حذيفة حاجبيه بلا فهم فأوضح أبوه ضاحكًا


ـ مساعدة الست أنوار؛


تتوسطلك عند حماتك.


قهقه حذيفة بصوت مرتفع


ـ من الأول وأنا بتفائل بطنط ليلى والله .


هتف بها واستقام ليدور حول المكتب الضخم إلى أبيه مقبلًا كتفه فربت الأب على ذراع حذيفة وأجبره أن ينتبه عندما قال بعهد لا يقبل التراجع فيه


ـ لو ليلى طلبت الطلاق هتطلقها ياحذيفة !


ارتد حذيفة للخلف بحدة وتلبست عينيه أشباح الظلام لغة جسده كانت تفوح بالعدائية والرفض تهدجت أنفاسه ولو أن الحياة كلها لن تستقيم إلا بذلك الفعل لن يفعله


ـ لا مش هطلق.


أكد أبوه بصوت باتر كحد السيف


ـ وأنا وعدتها لو طلبت هحميها .


استنكر حذيفة بعينيه بل بكل ما فيه وصوته احتد


ـ مني أنا ؟


وعبد العزيزلا يتهاون في العهود


ـ ومن أهلها لو تطلب الأمر .


أولاه ابنه ظهره وتهدلت أكتافه ، حك جبهته بتعب وتعثرت أنفاسه وبعدها خفتت جذوة الضعف وسكنه مارد التحدي


ـ مش هتطلب.


التمع في عيني عبد العزيز مايشبه الإعجاب فهو ربط شبله المارق في صخرته التي سوف تثبت أقدامه في دياره بلا عودة لغربته والآن حان وقت تشبث الشبل


بأحبال الوصل .


وأخيرًا طلب منه آخر الوعود ، ميثاق شرف يخص الثقة ألا يتعدى كونه ضيف


إذا فتحوا له بيتهم وأئتمنوه فهي لن تكون زوجته فعليًا إلا في بيته بعدما تتعافى تمامًا وبإرادة حرة منها


ـ قبل ماتروح يا حذيفة عايز منك وعد .


قرأ حذيفة ما يطلبه أبوه في عينيه جليا فرفع يمناه بما يشبه القسم قائلًا بحزم


ـ أوعد حضرتك!


أعاده من شروده في ذكرى لقاء أبيه هتافها الحاد


ـ حذيفة روحت فين ؟


تنفس بعمق قبل أن يزفر على مهل ورد عليها بهدوء


ـ أنا هنا .


سألته مجددًا متأففة


ـ باباك يعرف ؟


أومأ بصمت وعيناه تنظران في عمق عينيها


وهي زحفت البرودة إليها فجمدت أوصالها


كانت متصلبة الجسد وعلى وجهها طيف الألم وكأن الكل يخذلها


قال بصوت رقيق مُهادن


ـ ليلى ، بابا عند وعده ليكِ .


رفعت عينيها إليه بسؤال غير منطوق فتنهد


ـ هطلقك لو طلبتِ منه إننا ننفصل .


كل ماحولهما استحال إلى فراغ وعلى قدر ترابط النظرات كانت القلوب النازفة متشبثة


جملته على بساطة حروفها لكن كأنها خطفتها من فوق قمة ناطحة سحاب وطرحتها أرضًا،


لم تعد تفهم أيهما مؤلم أكثر قربه أم فراقه


لم تفارق عيناه عينيها التي يقرأ ما تشعره من خلالهما


نطق مجموعة حروف شكلت جملة من أعجب ما سمعت


ـ بس عندك استعداد أتجوزك تاني غصب عنك ؟


راقب الاتساع التدريجي لحدقتيها


وكان يبغى الاتساع الأقصى لهما فأردف متمهلًا بما يشبه توثيق حق ملكية الكنز للقرصان


ـ عشان نربي ابننا مع بعض !


وصمت يراقبها بنظرة ثاقبة


دارت بحدقتيها المتسعتين في الغرفة عدة دورات قبل أن تعود إليه


رفرفة أهداب متكررة ، شفتين منفرجتين وأنفاس متعثرة ،وقلب خلف الضلوع تتفتت جدرانه ، تُكذب ما سمعت لنفسها وبريق العزم في عينيه يقسم أنه سيفعل


سألته بارتجاف


ـ تقصد إيه ؟


وعلى ذات التعبير الحازم قال بتأكيد


ـ المرة التانية هعمل الفضيحة عن قصد .


شهقت واحتقن وجهها بالحمرة القانية جسدها ازداد سخونة والسقيع حولهم لم يشفع في تخفيفها


هزت رأسها على الجانبين بنفي ما يجول بخاطرها


ـ لا مستحيل تعمل كدة .


ابتسامته الماكرة أرجفت قلبها


ـ جربيني يالولو !


أمال رأسه قليلًا قائلًا باسترسال


ـ اطلبي الطلاق دلوقت .


ارتخى بجذعه يستند بمرفقه عليه فوق الفراش بينما جانب لحيته يستريح فوق كفه المفرود وعيناه تناظرها بهدوء يشدها بروية نحو فخ الثعلب


ـ وهطلقك برده دلوقت .


تجزم أنها تتوهم ما تسمع عقلها لا يستوعب ما يقوله ذلك الوغد فتسمعه يكمل


ـ وهسيبك تتعافي.


صمت ثوان لتتعلق عيناها بخاصته في ترقب ليكمل بهمس خافت كأنه ينسج حولها خيوط عنكبوت فيما سكن عينيه طيف حنين


ـ وبعدين أرجعلك .


واحتل العزم مكان الحنين


والصوت على خفوته كان موثرًا


ـ بأي طريقة !


تنفسها توقف لثوانٍ بانشداه وقلبها كانت صرخاته تشتد


، ضاعت الأطياف من عينيه فباتت تناظرها بطريقة مبهمة


ـ ويا إما نرجع لبعض يا إما أنا وأخوكِ حد مننا يموت التاني وإحنا بنكتب كتابنا التاني وأنتِ حامل !


رباه لن تسعها الأرض مجددًا أي لعنة تلبستها ، من هذا الذى ترى ؟


ابتلعت غصتها بصمت وقلبها يحترق


مابال ذلك القلب مازال يتألم ؛ ألم يمت مرارًا من قبل ؟


صرخت بداخلها حتى اكتفت وصوتها خرج حادًا من دون اهتزاز


ـ لا مش عايزة أتطلق.


ابتسم بظفر وكاد يتنهد راحة فالمجهود الذي بذله يخفي به انفعاله كان مهولًا ولكنها أججت نيرانه بصوتها الراسخ


ـ الحقير اللي زيك يستاهل يموت على إيد واحدة بيقول عليها حبيبته أبشع موتة .


قهقه بسخرية من حاله ومن الموقف


ـ قلت لك هحاربك ، وآسف إني صدمتك بأسلحتي القذرة .


وأكد لها بكل مافيه


ـ كل شيء مباح في الحب والحرب وأنا بحب وبحارب .


حدثته بصوت هادئ وكأن كل ماحدث ولازال يحدث لا يعنيها


ـ إللي بيحب مش بيوجع ولا بيهين وحربك هتقضي على إللي باقي مني .


شعر بخوائها فآن له أن يلين


ـ مش عايزك تحسي بوجع يا ليلى .


رفعت عينيها لعينيه بلوم وشجن فأردف ينثر قطرات العشق الباردة فوق قلب أوهنه الهوى


ـ عايز أخدك في حضني وأحميكِ حتى من نفسي .


دمعة وحيدة انحدرت من طارف عينيها اليسرى فوق وجنتها لتزيد صحراء حبهما المزيد من العطش


ـ بطّل أحلام .


تنهد بتثاقل وأغمض عينيه


ـ حلمي بيكِ حدوده السما .


أرخت أجفانها فيما أمالت رأسها للخلف تستكين فوق الوسادة البيضاء


ـ اسكت ياحذيفة مش عايزة أسمعك .


أغمضت عينيها متصنعة النوم لمدة نصف ساعة وهو ارتخى في وضعية نوم على ظهره فوق الفراش ووضع كفه الأيسر فوق الأيمن تحت رأسه فوق الوسادة شاردًا في السقف هائمًا في أفكاره ولم يحاول مضايقتها مجددًا يعلم أنه يضعف عزيمتها ويستغل الوضع ولكنه متأكد أنها سوف تتألم في كل الأحوال


ويحتاج أن يكون جوارها كي يثبت أن مابينهما كان حقيقيًا ويستحق وبُعده سيفقدها الثقة في نفسها وفيه


يحتاج أن يثبت أنه لم يكن يراها بذلك الرخص الذي حسرها فيه وصدقته ، وحديثه لم يكن مؤلمًا لها وحدها بل تألم مثلما فعلت وجاهد كي يخفي انفعاله عنها ، كان وغدًا دنيئًا ويعلم لكن الحرب النظيفة كانت ستضيعها منه ومن الجولة الأولى ..


رن هاتفه مهتزًا بلا صوت فالتقطه من جانبه هاربًا من أفكاره ليجد عشرات الاتصالات من أمه فتحه وأجابها


ـ أيوة


الحمد لله


وأنتِ ياقمر وحشتيني


وهنا فتحت ليلى عينيها وفغرت فاهها بصدمة مزدرية


فتنهد بهدوء وعيناه تعلقت بها


ـ ليلى بخير ياماما الحمد لله .


أشاحت بوجهها للجانب الآخر وتجاهلته لتسمعه يضحك بخفوت قائلًا


ـ أنتِ خايفة على مين من مين يا أنوار ؟


استكمل حديثه معها يطمئنها وبعد عدة دقائق ناداها بهدوء


ـ ليلى.


التفتت إليه فوجدته يمسك الهاتف بيمناه ويسراه فوق الهاتف تعيق وصول الصوت لوالدته


وحدثها بلين


ـ ممكن تردي على ماما ؟


عايزة تطمن عليكِ .


استشعرت الترجي في صوته فأومات بصمت ليبتسم ابتسامة صغيرة ممتنة


حاولت أن تعتدل قليلًا وتسحب جسدها بتمهل لوضع شبه مريح وتسند ظهرها للوسائد من خلفها


سألها وهو يراقب حركتها البطيئة


ـ أساعدك ؟


زجرته بنظرتها فتفهم وأعطاها بضعة دقائق تعتمد فيهن على نفسها وتعتدل


فردت كفها الأيمن تجاهه فوضع فيه الهاتف وتعمد لمسة بدت عابرة


واللمسة العابرة المصطنعة تلك أشعلت شوقه إليها من جديد


أخذت الهاتف وأجابت أمه بتوتر وكان يبدو لعينيه تحفظها تحاول مدارة الغضب منه قدرالإمكان وتتحدث بهدوء حذر


تتنهد وتعيد خصلاتها المبعثرة لخلف أذنها وتبلل شفتيها بطارف لسانها ولا تنظر نحوه


رُغما عنه اقترب ، كان شبه ملتصقًا بها ووضعها النصف مستلقي أمامه يغويه


في لحظة غريبة على كليهما كان يرفع خصلة بنية ناعمة من خصلاتها ويتشمم فيها عبق يشبه المزروعات الخضراء في طور الجنين مشبعة بقطرات الندى..


غيابه في سحرها أغفله عن تصلب جسدها وتوقفها عن الحديث بل وعن انهمار سيل العبرات فوق وجنتيها وطيف الجنون في عينيها


وما أوضح له فداحة ما يفعل هو أجيج النيران في صوتها


ـ حبيبي .. أنتِ جاي تقضي اليومين في سريري أنا!


تبًا له
واللعنة على التسرع


ابتعد كالملسوع منتفضًا للخلف في لهاث


ـ ليلى أنا مقصدش .


كأنها لم تسمعه وواصلت الحبو بين سراديب جنونها


ـ أنتَ للدرجة دي قذر ؟ ومش مقدرعملت فيا إيه قبل كدة ؟


كان يهز رأسه رفضًا وحُنجرته لا تسعه ليصرخ بنفي ماتهذي به


عادت تضع فوق قلعة النفور لبنة بهمسها


ـ مش فارق معاك حتى وضعي دة ؟


أنهت جملتها بصراخ تشير إلى جسدها


استحال الوجع في عيني حذيفة إلى ملحمة قتلته بعدها


بهتافها


ـ نظرتك قذرة قوي وأنا مش عايزاك تشتهيني .


ونثرت رماد روحه المحترقة في حبها بتضرعها


ـ عايزة أموت ياحذيفة .


كانت تنتحب وجسدها يرتجف ، كل ما فيها كان توازنه يختل .
وبيمناه كان يجذب خصلاته ويكز على أسنانه في يأس


رباه لقد تعب ويكاد يضيع فرصته الوحيدة معها


اقترب قليلًا ورفع كفيه بالقرب من كتفيها المختضين دون أن يلمسها كانت مُطرقة برأسها وخصلاتها القصيرة تتدلى وتغطي وجهها ازدرد لعابه بعسر وقال مُترجيًا


ـ سبيني أحضنك ياليلى.. مرة واحدة بس .
كان يينمى احتواء ألمها


لكنها رفعت عينين متسعتين بجنون إليه


ـ لو عملت كدة هموتك وأموت نفسي .


انتفض قفزًا من فوق الفراش ووقف على الأرض الباردة يهادنها بصوت مطمئن


ـ خلاص بعدت مش هقربلك تاني بس اهدي .


رأى بريق الجنون في عينيها يخفت وتغلق عينيها فتنساب الدموع في صمت ، تنحدر بجسدها بهدوء وتسند رأسها إلى الوسادة ويعم الصمت


صمتٌ كئيب مُكللًا بالحزن


وهو شيء ما ذو ثقل كبير جثم فوق صدره ؛ شيء مؤلم يمنعه رفاهية التنفس رُغم وفرة الهواء حوله


ضاقت أنفاسه فانحنى يلتقط هاتفه من فوق الفراش ويندفع نحو الشرفة وقبل أن يفتح بابها ويخرج من الغرفة تمتم بخفوت


ـ ارتاحي .


وعلى الجانب الآخر كانت أمه المنسابة الدموع على وجنتيها تذرفها في صمت و تتشبث يمناها بهاتفها وما إن حل السكون من جانب ابنها أغلق الهاتف وتنهدت بتثاقل مهموم ..


.....


في الشرفة لفح جسده الدافئ برودة الطقس من حوله


شرفتها التي كان يتأمل سحرها عن بعد فيما مضى باتت الآن خاوية أضاء مصباحها فوجدها فارغة تمامًا إلا من الأصيص الذي أهداه لها فيما مضى لكن بنبتة جوري يابسة..


ابتلع غصته بصمت شاردًا في حبيبته المحطمة في غرفتها ،


وحبيبته تلك هي الوريثة الشرعية ل حواء الأم


حين الألم ف حزنها قُدَّ من أحجاره النقية


وحين العشق ف حبها خالص لا تشوبه شائبة ،


عيناها تفضحان شعورها له دوما


بمزيج ألوانها


الشيكولا والعسل والشفق


سمعها تقول لصديقتها أنها لم تعد تتذكر شعورها الأول نحوه ولكنه يتذكر جيدًا


بريق العسل الرائق والشفق الخافت


و عندما استحال حبها إلى ألم


خفت العسل وأصبح الشفق داكنًا


والشيكولا في الحالتين ثابتة


كان هناك كرسيًّا مريحًا في جانب الشرفة فجذبه وجلس عليه يعبث في هاتفه قاصدًا رقمًا بعينه ، فتح أحد برامج المحادثات ، أرسل له جملة واحدة ثم أغلقه وتنهد بيأس يشرد في السماء اللامعة نجومها بصمت


.....................


اتفقا أو اختلفا


توالت اللكمات وتبعتها اللعنات


كره أحدهما الآخر وتقبل ذلك الآخر الكره بصدر رحب


تقطعت بينهما أواصرالصداقة وانتهى الأمر


لكن سكينتها لكلاهما هي المبتغى ..


كانت مغمضة العينين وتدفن وجهها في وسادتها تسيل دموعها بصمت وبين الفنية والأخرى تشهق بعذاب واختناق


مر عليها بعض الوقت كانت فيه وحيدة بروح خاوية أحسّت وقتها أنها خلقت على الأرض بلا آخرون يؤنسون وحشتها


شعرت بيد صلبة تتسلل برقة تحت رقبتها حيث تستند فوق الوسادة إلى أن استكانت برأسها فوق ذراع رجولية عرفت هوية صاحبها من عطره قبل أن تتفرق أجفانها المحمرة ، ذراعه الأخرى أحاطت كتفيها يضمها إلى صدره في حماية


همست بضعف وعيناها الحزينتين ترسلان له اعتذرًا


ـ نديم !


رفع كفه يربت بها فوق رأسها ويناظرها بصلابة ممزوجة بطيف مُشفق


دفنت هي رأسها في صدره وسالت دموعها الصامتة


سألها بهدوء حذر


ـ مقولتيش سبب رفضك لبابا ليه ؟


تهدجت أنفاسها ولم ترد


عاد يحدثها بلين


ـ إيه سبب رفضك بعد ما أنتِ بنفسك إللي روحتيله ؟


وأيضًا لم تصله إجابة فباغت


ـ طب عارفة أنك مش الأولى؟


وارتفاع عينيها الخائفة وازى تصلب جسده واتساع عينيه


فهمس بذهول


ـ كنتِ عارفة ؟!


سكن عينيها الذعر واستشعر ارتجاف جسدها وتنفسها المتعثر ،


لقد كانت تعرف ومع ذلك تركتهم خلفها وذهبت إليه


وهنا توقفت أنفاس نديم المشدوه لبعض الوقت


كان قبل ساعات يرمي الذنب كله على حذيفة


وها هنا قد أدرك أن صغيرته لم تكن ضحية حذيفة وحده بل اشتركا في الذنب معًا ،


والهستيريا التي حدثت لها وجعلتها تهز رأسها فوق ذراعه أعادته للنظر إليها ، كان يطالعها بغرابة ويسمعها تتحدث بهذر محموم


ـ خلاص يانديم مش هعمل كدة تاني أبدًا ،


شهيق واحد


ـ مش هحبه .


وزفير بعده


ـ ولا هروح له تاني .


وما بين الشهيق والزفير الكثير من الأنين


كانت أهدابه ترفرف وقلبه يؤلمه ضعفها ذاك يقتله


أنينها المذبوح يقضي عليه ومازالت تواصل


ـ أنا آسفة يا نديم .


أنا مش عايزاك تكرهني .


ودموعها ورفرفة أجنحة الموت في عمق عينيها بعثرت ما تبقى


ـ هقوله يطلقني ومش هخرج من أوضتي بعدها أبدًا بس أنتَ سامحني .


زفر بسخط وأحاط خلف رأسها بكفه مجبرًا إياها أن تنتبه له وأكد


ـ عمري ما هكرهك يا غبية أنتِ ، أنا كرهت استسلامك.


ازداد الغضب في صوته المشحون


ـ أنتِ أكبر من إللي عملتيه في نفسك دة.


وأكد لها قيمتها الحقيقية


ـ أنتِ كتير عليه أصلًا وميستاهلش بصة واحدة منك .


كانت ترفرف بأهدابها كلما تحدث ، حزنها جليّ وحبها متوهج عنوةً كشموس تحتل السماء وإخفاء ضيها مُحال


، لانت عينيه بتعبير حنون وقال بصوت هادئ


ـ بس للأسف حبتيه !


تهربت من تفحص عينيه بإغماض أعينها المتعبة وتنفست بتثاقل قائلة دون فتح عينيها


ـ خلاص كل حاجة انتهت وبطلت أحبه .


ابتسامة مريرة شقت ثغره ليقول متهكمًا


ـ ولما بطلتِ تحبيه لسة بتعيطي عشانه ليه ؟


فتحت عينيها وأخذت ترفرف بأهدابها وشفتيها ترتجفان ، ازدردت لعابها واحتارت في إجابة فتنهد

ـ تقريبًا بابا عنده حق وأنا رأيي أنك في كل الأحوال ميتة خليه يتعذب وهو شايفك كدة .


والتوت شفتيه بتهكم لاذع


ـ يمكن يعمل حاجة واحدة عدلة في حياته ويخفف عنك إللي كان السبب فيه .


دفنت وجهها في صدره هروبًا منه فسمعته يردف بحزم


ـ بس كفاية خنوع أنتِ مش ضعيفة كدة .


أيضًا لم يجد ردًا لكن كلماته وجدت صداها في نفسها فأومأت واستشعر استجابتها باهتزاز رأسها فوق صدره فمسد خصلاتها بحنان


ـ نامي بقى وارتاحي شوية.


بعدما انتظم تنفسها وضع رأسها فوق الوسادة بهدوء واعتدل ينزل من فوق الفراش


ناظرها واقفًا في نومتها ومن ثم


تقدم نحو الفراش الجديد ، أبعده عن فراشها ووضع بينهما الكمود في إشارة ضمنية لحذيفة ألا يتعدى حدوده..


انطلق نحو باب الشرفة يفتحه ببطء لئلا يصدر صوتًا واجهه حذيفة الذي كان يستمع إلى الحديث فوجد ملامحه لأول مرة موجوعة لا يعلم إن كانت كذلك من قبل لكنه رأها في عينه واضحة وضوح الشمس


فسأله بتصلب


ـ أثق فيك تاني ؟


ارتد حذيفة للخلف خطوة


لاشيء في هاته اللحظة يكفي ، كلاهما يدرك فداحة ماحدث الاعتذار لن يكفي نديم ولن يريح حذيفة


فقط إيماءة صغيرة من حذيفة جعلت الآخر يردف


ـ لو هتفضل ندل امشي دلوقت .


كره نديم أن يحدثه من الأصل لكن أخته ومصيرها كله يظل شوكة في خاصرته


فقال بثبات وأعين شرسة


ـ أنا مضطر أسيبها أمانة مع أكتر واحد آذاني فيها ،


لكن عشانها برده هستنى وأشوف آخرة إللي بيحصل دة إيه.


قالها وخرج مسرعًا أشباح الصداقة المنتهك عهدها والأخوة القوية راوبطها تطاردانه ..


انتهى الفصل قراءة ممتعة💙🌸
في انتظار رأيكم❤


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-20, 11:41 PM   #25

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث عشر


منذ آلاف السنين كان هناك فاتنة ساذجة أحبت أول الأوغاد ومن صنيع الصدف أحبها هو الآخر


طالبته بحقها فيه فمارس أكبر هواياته وخذلها


تسلقت قمة أعلى الجبال وألقت بنفسها كرهًا في الحياة بدونه


فتناثر من احتراق روحها شظايا


وشظايا روحها المحترقة أصابت بنات حواء بلعنة إن عشقت الساذجة الوغد وعشقها ولم تزهق روحها فورًا فقدرها هو السقوط في حبه كل صباح ..


......................


رحل نديم وتركه شاردًا فيما حدث ، لقد استمع إلى كل ما تفوهت به،


كانت يائسة تتوسل أخاها كي يغفر لها حبها له ،


وآه من لوعة صوتها وهي تؤكد أنها ستطلب الانفصال عنه وتحتمي بغرفتها وهو أكثر من يعلم أنها ستفعل ذلك كي لا تترك له فرصة لينفذ تهديده القذر..


ذلك التهديد الذي أراد به إخافتها فقط وهي كالعادة غبية وصدقته ..


دلف إلى الغرفة فوجدها متدثرة بغطائها السميك تغط في نومها ولا يبدو عليها الراحة ، وجهها شاحب وهشاشتها تستفزه ليغرسها بين أحضانه ، تنهد بقلة حيلة والتقط غطائه من فوق فراشه ، رفع أحد المقاعد من على الأرض وابتعد بهما عائدًا إلى الشرفة مجددًا ، كان قد لاحظ ما فعله نديم بفراشه ووصلته الرسالة واضحة ،


لم يهتم كثيرًا لأنه سيحترم مايريده صديقه اليوم فقط وفي الغد سيعود ليزيل كل الحواجز..


جاء الغد عليه نائمًا في الشرفة في وضع جلوس على أحد المقاعد ، قدماه مرفوعتان على الآخر كانت ليلة باردة الطقس فاحتقن حلقه كبادرة لمرضه الوشيك استقام نافضًا عنه الغطاء ، دفع الكرسي ودلف إلى الغرفة


كانت نائمة وفتحت عينيها بغتة إثر سماعها أزيز الباب الذي فتحه وأغلقه ما إن دلف


أخذت ترمش بأهدابها في دهشة صامتة وهي تطالع دخوله إلى الغرفة ، نظرت إلى فراشه المرتب ومن ثم عادث إليه ، ودت لو تسأله كيف نام خارجًا في ذلك البرد القارص وثيابه خفيفة هكذا


لكن كبريائها قد منعها فأسبلت أهدابها ولم تبادر بحديث


كان هو على وقفته الصامتة وخلفه باب الشرفة المغلق ينظر إليها ويترك لها حرية تفحصه ،


ما إن أغمضت عينيها قال بنبرة متحشرجة نتيجة احتقان حلقه


ـ صباح الخير.


لم تعيره اهتماما فتحرك خطوتين إلى يساره حيث موضع حقائبه ، أخرج منهم بعض الأغراض ومنشفة وانطلق إلي دورة المياه الملحقة بالغرفة متعديًا فراشها تاركًا إياها خلفه


فتحت عينيها بعدما أغلق الباب خلفه وزفرت بقنوط ،


كيف يتطفل عليها ويشاركها حياتها وغرفتها بتلك البساطة ،


مرت ربع الساعة وخرج إليها يرتدي ملابسًا رسمية قلما رأته بها


سروال كلاسيكي أسود اللون وقميص أبيض ، عطره سبقه إليها فأغمضت عينيها التى تعلقت لوهلة بملامحه الجذابة بخشونة وسمرة رائقة ، عينيه سوادهما لامع بالإضافة إلى خصلاته المصففة ، طلته الراقية أعطته هيبة مغايرة لما كان عليه بالأمس ، ستنكر وتكذب على نفسها متحدية دقات قلبها الخائنة وستقسم أنه لا يؤثر فيها في كل حالاته ..


كان يطالعها بصمت تلك المرة ما دام حتى قال بمكر


ـ فرشة أسنانك لونها روز .


تخضبت وجنتاها بالحمرة فحمام غرفتها ذاك يحتوي على أغراضها الخاصة كلها ، تصنعت اللامبالاة فلم يُرد إحراجها أكثر
أدّى صلاته في أحد جوانب الغرفة الفارغة ومن ثم ذهب إلى حيث وضع هاتفه قبلًا والتقطه ، نقر عدة


أرقام وتحدث بصوته المتعب


ـ صباح الخير يايونس ، هاجي الميتينج متقلقش .


أنا الحمد لله بخير


التفت يرمقها بعبث متفحصًا إياها ولاحظ ضغطها الشديد على أجفانها


فقال بتمهل ملتوي


ـ الله يبارك فيك !


شهقت وفتحت عينيها على أقصى اتساع لتتسع ابتسامته السعيدة ومن ثم يعض شفته السفلى ويغمزها وتكتسي وجنتاها بالحمرة القانية ، فلم يرحمها وينهى تفحصه


كانت تكز على أسنانها وتستعد لتطلق عليه وابلًا من السباب الذي يستحقه لكن نقرات أمها على الباب أنقذته


أنهى مكالمته سريعًا وتقدم إلى الباب ، فتحه بهدوء ليقابل السيدة ليلى بابتسامة ممتنة ويحييها باحترام مُفسحًا لها الطريق،


دلفت بهدوء


ـ صباح الخير .. هزعجك شوية.


قالت جملتها بتهكم مبتسم


فابتسم هو الآخر


ـ اعتبري نفسك في بيتك ياطنط .


ضحكت السيدة ليلى بمرح


ـ كلك ذوق يا ابن أنوار ، كل يوم هزعجك في الوقت دة عشان أساعد ليلى تتحرك وتغير هدومها وتفطر ومواعيد أدويتها وكدة يعني .


فهم مقصدها وأومأ باحترام


ـ براحتك ياطنط مش هضايقكم خالص.


ابتسمت له بمودة قائلة


ـ الفطار جاهز وشكلك مستعد تنزل ، افطر واشرب معانا قهوة وبعدين انزل .


حكّ أذنه وأطرق مُستحيًا


ـ شكرًا لحضرتك مبفطرش بدري كدة .


رفعت حاجبها الأيسر بتهكم ولوت شفتيها


ـ مكسوف تفطر عندنا ؟


واستنكرت بطريقة مسرحية


ـ مين بقى إللي كان عامل غارة إمبارح واحتل بيتنا ؟


أغمض عينيه وحك جبهته مبتسمًا


ـ كنت همجي أوي ؟


هزت رأسها يمينًا ويسارًا قائلة بتأكيد


ـ أنتَ مش ابن عبد العزيز وأنوار أبدًا .


قهقه بشدة وفتح عينيه بأقصى اتساع ممكن قائلًا بعدما شهق بمسرحية


ـ هما اعترفوا وباعوني ؟


ضحكت السيدة ليلى


ـ لا أنا لمّاحة يا حبيبي .


ضحك بخفوت


ـ حضرتك إللي في العيلة دي يا طنط والله


قالها وعيناه حادت ترمق ليلى المتصنعة النوم من البداية فوجدها تفرق أجفانها وتقول بسخرية لاذعة


ـ كفاية هتدمر نفسك !


شاكسها ضاحكًا بأعين وقحة


ـ أنتِ هتغيري عليّ من مامتك ؟


شهقت ليلى باستنكار وردت عليه بوقاحة


ـ أغير على مين ؟ أنتَ مين أصلًا ؟ متحطش نفسك في مكان كبير عليك .


رفّت أجفانه بتثاقل وراح يطالعها بغموض مبتلعًا غصته في صمت ، استشعرت أمها ذلك التوتر الدائر بينهما فوجّهت حديثها إليه في محاولة للتخفيف


ـ العب بنضافة عشان مقلبش عليه .


عاد ينظر إلى السيدة ليلى وابتسم بثقة رُغم تألمه من تحقير ليلى لمكانته


ـ شكلي فعلًا محتاج أغير شوية خطط.


قالها والتفت يجمع أغراضه استعدادًا للرحيل


حياهما بسلاسة مبتسمًا ومن ثم غمزها في مشاكسة


ـ اعتني بنفسك لأجلي يالولو .


ضحكت السيدة ليلى وودعته وعادت تضحك مجددًا مُحدثة ابنتها المغتاظة


ـ أنوار لسة بتخليه يتفرج على سبيستون ، اعتني بنفسك لأجله يا لولو .


زفرت ليلى بحنق وهتفت


ـ مش طايقة أشوفه ياماما ومش فاهمة حضرتك بتعامليه كأنه واحد مننا ليه .


اتشح وجه والدتها بالجدية وركزت عينيها في عمق عيني ابنتها


ـ عشان هو واحد مننا فعلا .


نفت ليلى بحدة


ـ لا ده واحد بيفرض نفسه عليّ ووجوده مش مُرحب بيه .


ردت أمها بمزيد من الجدية


ـ احكي لي ياليلى .


وليلى انقبض قلبها والغصة المريرة استحكمت حلقها ، هي لن تحكي لأيًا كان مهما حدث ، أمل هي الوحيدة التي تعلم كل أبعاد الموضوع ولا تنتوي أن تزيد عليها أحد ، حتى عزة التي قصت عليها نصف حكايته معها وما حدث يوم ميلاد الصغيرة كِندة قد زادت الطين بلة عندما حدثته بقلة تهذيب ورد لها بضاعتها بوقاحة متعمدة.


تنحنحت ورفرفت أهدابها كالمذنبة وقالت بخفوت


ـ أرجوكِ ياماما مش عايزة أتكلم في أي تفاصيل تخصه .


تنهدت أمها بتعب وربتت على كف ابنتها


ـ مش هضغط عليكِ وهفضل مسنتياكِ تيجي تحكي .


تصنعت ليلى المرح وغيرت مجرى الحديث تهربًا من الاسترسال في تفاصيل


ـ هتفطريني إيه يامدام ليلى


ابتسمت أمها ابتسامة صغيرة


ـ كل إللي بتحبيه يا حبيبتي .


..............


بعدما ساعدتها أمها و أحضرت إفطارها دلف أبوها إليهما بابتسامة هادئة سحب كرسيًّا وجلس بجانب فراشها ، وليلى تركت الطعام وسعلت ، عيناها المتوجسة كانت تسترق النظرات إليه ، منحتها أمها كوب من الماء فشربت منه ووضعته بجانبها على الكومود ، كانت أمها صامتة تراقب الوضع وتجلس على الفراش بجانب ابنتها


تنحنح الأب قبل أن يسألها


ـ عاملة إيه النهاردة ؟


أطرقت وهمست بخفوت


ـ الحمد لله.


كانت ملامحها حزينة ووجهها شاحب ومن داخلها مجروحة من قرار أبيها التعسفي لكنها لا تمتلك رفاهية رفض قراراته وتلقت عقابه بلا اعتراض ، الأب يفهم ما يجول بخاطرها


ويتجاهل متعمدًا فسألها بهدوء


ـ نديم جه تاني بالليل ؟


أومأت بصمت فتفحصها كالعارفين ببواطن الأمور


ـ وحذيفة كان فين ؟


همست بخفوت


ـ في البلكونة .


فأكد بصوت واثق


ـ هو إللي كلمه يجي لك !


رفعت وجهها إليه بأعين متسعة صدمةً


لم تفكر للحظة أنه هو من دعى أخاها ، لكن الأب قد رأى الصورة من زاوية أخرى وأجبرها كي تراها بدورها


زفرت بصمت وأطرقت مجددًا لم تجد ما تعلق به


فسمعته يقول بصوت هادئ


ـ حاولي تفهمي سبب إللي أنا عملته .


ارتج خافقها خلف ضلوعها رهبة وقالت بصوت مهتز نادم


ـ حضرتك بتعاقبني .


تنهد بهدوء وسحب كفها يحتضنه بين راحتيه فارتجف جسدها وجلًا


استشعرت في هاته اللحظة حنوه اللامحدود وسبّت نفسها واندفاعها الذي كسره من قبل ،


سمعته يتحدث بمزيج الحنان والحزم


ـ بجانب العقاب بديكي و بديه فرصة .


تلألأت غلالة الدموع في عينيها وقالت بصوت خافت لائم على استحياء


ـ حضرتك اديته الفرصة وأنا مش عارفة أرفض .


قاطعها بقوة وعيناه لا تفارقانها


ـ مش عارفة ترفضي عشان معندكيش الشجاعة تحكي .


تهربت من عينيه ، وسرت شرارات الخوف نحو أوصالها


رباه لا تقوى على فعلها ، كسره قتلها من قبل


همست بضعف


ـ أرجوك يابابا .


رفع كفه أمامها لئلا تسترسل وقال بحزم لين


ـ مش هسألك بس يوم ما تيجي لك الجراءة أنا جاهز أسمع .


أنهى كلماته واستقام يمسد خصلاتها فأغمضت عينيها بفيض رهبة ووجل وقلب منكمش


هي كأي فتاة والدها هو فارسها الأول وفي حالتها هي فتاة كسرت الفارس ورُغم كل شيء مازال يدعمها إما خفية أو علانية .


تركها مع والدتها الصامتة منذ البداية تترك لهما المساحة الكافية ورحل


تدخلت أمها أخيرًا ومنحتها محرمة لتمسح دموعها التي سالت من إن غادرها والدها


قالت الأم بلين


ـ أنا شايفة حذيفة بيحبك ، ويستاهل الفرصة .


هتفت ليلى من بين دموعها


ـ أنا مش شايفة كدة ومش واثقة فيه بس مجبرة .


تقدمت أمها منها ، مسدت خصلاتها وناظرتها بحنان


ـ خدي شوية وقت اعرفيه عن قرب .


وأكدت لها بثقة


ـ مستحيل يأذيكي وأنتِ في بيتك ده .


تنهدت ليلى بتثاقل ودت لو تنهار بكاء وصراخًا


وتشكيه لأمها ولكنها في آخر لحظة تراجعت ، رفرفت بأهدابها المبتلة ، زمت شفتيها وأومأت بموافقة .


........................


تركها مُكرهًا وذهب إلى عمله وفي سيارته كانت رأسه تعج بذكريات الليلة الفائتة


بداخله جزء ممتن لتلك السويعات التي سيبعدها عنها حتى تأخذ هدنة صغيرة تعيد توازنها وتريحها من الوهن الذي استشعره منها يوم أمس


كلاهما قد تم استنزافه وهو حقًا تعب ؛


قتالها مُرهق له كثيرًا ، يسب غبائه الذي جعله يتعثر في الخطوة الأولى إليها ويَعِدُ نفسه أنه سيظل يحاول ما دام في قلبه نبض..


كان قد وصل إلى مقرالمجموعة الاقتصادية ، صف سيارته في عجالة ، التقط أغراضه منها وأغلق بابها ،


تطلع حوله فوجد بعض سيارات المدراء مصفوفة ،


اليوم سيتجمع كل أطراف الشراكة من أجل اتفاقية دولية جديدة..


دلف إلى المبنى الضخم وارتاد المصعد قاصدًا مكتبه ليجمع عدة أوراق وتصاميم هندسية مهمة قبل أن يذهب إلى قاعة الاجتماعات الكبيرة،


كان ألم حلقه يشتد ويزحف ألم الرأس بتمهل إليه ، ضغط على جبهته بأنامله وأغمض عينيه بقوة متنفسًا ببطء..


فتح باب مكتبه ودلف فوجد أمه التي كانت تقطع المساحة الفارغة في الغرفة تندفع إليه متلهفة وتحتضنه بموساة كأنه قد عاد من معركة حامية منهزمًا ، كاد يقهقه فهذا هو التشبيه الأقرب له رُغم أنه لم ينهزم تمامًا لكنه تراجع في طريق الانتصار بعض الخطوات للخلف .


رُغم ضآلة جسدها بالنسبة له كانت تحتويه و تفيض بحنانها عليه مربتةً على كتفه الأيمن من الخلف ربتاب رقيقة متتالية


عقد حاجبيه بغير فهم هي تغدق عليه من حنانها دومًا لكن هذه المرة كانت تغمره وتزيد


قبَّل رأسها فتراجعت للخلف قليلًا تسأله بلهفتها الأمومية


ـ أنتَ بخير ؟


أومأ مبتسمًا


ـ الحمد لله بخير .


مرضه المفتضح بهيئته المتعبة وصوته المتحشرج جعلها تشهق وتقترب تفرد كفها فوق جبهته


ـ حرارتك عالية وصوتك تعبان .


تنهد بتثاقل وطمأنها


ـ متقلقيش دي حاجة بسيطة هاخد أدوية وأبقى كويس إن شاء الله .


عادت تتراجع وتسأله بشفقة


ـ ليلى عاملة إيه؟


تدافعت ذكريات الأمس المرهقة إلى عقله دفعة واحدة ومن ضمنهم أن أمه كانت تحدث ليلى على الهاتف وقتما انهارت واتهمته باستغلال الموقف لتقضية الوقت معها .


كتم انفعاله ،عقد ما بين حاجبيه وأطرق صامتًا فتقدمت أمه تمسد كتفه برقة


ـ ارجع عيش معانا الفترة دي وسيبها براحتها ياحذيفة .


رفع إليها أعين مستنكرة برفض قاطع وهتف


ـ إزاي بعد كل ده ؟


تنهدت مشفقة عليه وعلى زوجته


ـ قضو السنة دي مخطوبين وابقى زورها ديمًا .


تقدم إلى والدته وأكد بعينيه قبل ثغره


ـ هي مش متقبلاني أصلًا بأي صورة.


تجمعت العبرات في مقلتيها وقلبها كان يلين بضعف أمومي


ـ عشان موجوعة منك ياحذيفة .


هدأ صوتها قليلًا


ـ سيبها تخف وبعدها روح اخطبها تاني من باباها .


وتخيله للوضع أجج في رأسه حمم الرفض هو لن يتراجع عن حربه خطوة للخلف بعدما زرع أوتاده في الأرض وخاض أول معاركه


ـ لو سيبتها هبقى بموت أي أمل بينا يا ماما وأنا ما صدقت أقاوم خوفي شوية وأتمسك بيها .


أنهى كلامه ينهت بضعف لن يخفي خوفه عن أمه مثلما فعل مع ليلى


هو مذعور من داخله ومازال يخاف من الفشل


لكنه بكل عزيمة يتمسك كما نصحه الطبيب ،


عاد يلوم أمه


ـ حضرتك إللي أقنعتي طنط ليلى تساعدني ، ليه دلوقت عايزاني أسيبها لوحدها ؟


تقاطرت العبرات على وجنتيها كما الأمس ومنذ أن أغلقت الهاتف بعدما سمعتهم وشعور الذنب والشفقة يعتريانها


ـ مكنتش أعرف أنكم هتتوجعو أنتو الاتنين كدة .


اللعنة لقد تجسدت في قلبه فورة العذاب كلها عندما سمح لنفسه أن يعيد ما حدث في عقله مجددًا


ـ أنا أساءت تقدير الوضع إمبارح بس هاخد بالي بعد كدة متخافيش .


كان يطمئنها وهو بحاجة لمن يطمئنه فزفر متهربًا من الإطالة ونظر في ساعة يده قائلًا


ـ يلا بقى الميتينج قرب خلاص هنتأخر.


أومأت بتفهم واستدرات تلتقط من حقيبتها محرمة تجفف بها عبراتها وتتبعه صامتة


وفي الرواق المؤدي إلى قاعة الاجتماعات الضخمة قابلهم عبد العزيز بنظرة ساخرة لم يحيهم حتى ، وانطلق يسبقهم نحو القاعة ، كزت هي على أسنانها فزوجها ذاك دوما يتهمها بإفساد ابنها بدلالها الزائد


وحذيفة أمال نحوها قليلًا وسألها بتوجس


ـ اوعي تكوني حكيتي له إللي سمعتيه إمبارح .


تنهدت وهزت رأسها نفيًا


ـ كان زمانه جابك من ساعتها .


تنفس الصعداء وابتسم بتحدي مصطنع


ـ طب يحاول كدة وأنا والله أفضحكم .


لكزته في كتفه ضاحكة برصانة


ـ اسكت يا حبيبي بدل ما أقومه عليك .


ابتسم يشاكسها بصوت خفيض


ـ وأهون عليكِ ؟


نفت بهزة رأس وابتسامة رائقة بحنو أمومي


هي ليست تلك الضعيفة هي قوية تضاهي جبل لكن المضغة خلف ضلوعها تتألم لأجله وتلين..


دلفوا إلى القاعة فوجدوا الجميع تقريبًا قد حضر


مجموعتهم تلك تسير بنظام حاسم ومحدد كخلية نحل كلٌ يعمل بجد ويكملون بعضهم البعض في النهاية


مرت عدة ساعات بين مفاوضات ومشاركات ،


انتهى اجتماعهم على خير وهو الصداع وألم رأسه اشتدوا ، تفرق الكثير منهم وكان حذيفة يجلس على كرسيه يفرد ذراعه الأيمن على الطاولة أمامه ويريح رأسه عليه بإعياء ، أمه كانت قد أمرت أحد العمال بإحضار بعض الأدوية التي نصحها بها الطبيب الخاص بالشركة مع المشروب الدافئ وبعض من قطع المعجنات


وضع العامل صينية عليها تلك الأغراض وانصرف بينما جلست أمه بجانبه ، أعطته قطعة من المعجنات أكلها بصعوبة وعلى مضض وبعدها التقطت بعض الأقراص وكوب من المياه من فوق الصينية وناولته إياهم..


تقدم محمد منهما وقال بصوت ممزوج فيه الشفقة والتهكم


ـ عملوا فيك إيه يا حبيب عمك !


سمعوا جميعًا قهقهة عبد العزيز من خلف محمد


لتحدجهم أنوار بشراسة وتهتف فيهم بغضب


ـ سيبوا ابني في حاله يا ولاد أكرم العجمي .


غطى حذيفة وجهه بكفه الأيسر وتأوه ضاحكًا..


صمت محمد يراقبهم بتسلية بينما تدخل عبد العزيز بتهكم بعدما جلس قبالتهم على المقعد وبينهم الطاولة ووضع هاتقه وبعض متعلقاته


ـ روّح مع مامتك ياحبيبي خليها تحضنك وتنيمك في سريرك بعدما ما تأكلك بإيديها الحلوين .


كز حذيفة المريض على أسنانه وصمت


بينما قهقه محمد وغطى عينيه بكفه


وأنوار المشتعلة أعصابها من برود زوجها رمقته بحدة وهتفت من بين أسنانها محذرة


ـ عزيز !


قبل أن يرد عبد العزيز عليها سأله محمد بجدية بعدما جلس على المقعد بجانبه


ـ حذيفة مش صعبان عليك خالص يا عبد العزيز ؟


أرخى عبد العزيز ظهره للخلف وسلط عينيه على ابنه وقال بصوت هادئ راسخة ذبذباته


ـ في بنت ناس طيبين نعرفهم قربت على تلت شهور عايشة على المسكنات .


تصلب جسد حذيفة واعتدل بجلسته فوق كرسيه ويقبض بكفيه على حافة الطاولة أمامه


ابتلع لعابه بعسر فآلمه حلقه أكثر، قبضت أمه الساخطة على زوجها فوق كف حذيفة بمؤازرة صامتة


كان محمد أيضًا صامتًا يزم شفتيه ويلعن نفسه أنه سأل


لم يعيرهم عبد العزيز اهتمامًا وقال دون أن يحيد نظره عن ابنه


ـ هو بيشيل شيلته يامحمد مش أكتر ، تعاطفنا معاه مش من حقه !


لم يتغير في ملامح حذيفة شيئًا عيناه مسلطة على عيني أبيه وإعياؤه يشتد والأب محق


هي مسئوليته ولا يستحق التعاطف


والأم قلبها على وليدها لين فزاد استنكارها وسخطها على الأب


ـ فين قلبك الحنين يا عزيز؟


نظر إليها باستخفاف


ـ ابنك عنده شوية سخونية والتهاب في حلقه يومين وهيخف بطلي دراما .


وهي تبادلت نظرات مبتسمة مع محمد الذي فهم مثلها أن عبد العزيز قد هاتف الطبيب الذي استشارته وعلم منه أن حذيفة يعاني من ألم الرأس والحلق والأمر ليس خطيرًا ولا يستدعي القلق عدة أيام فقط ويكون بخير ..


نهض حذيفة واستأذن من ثلاثتهم أن يرحل ثم أشار إلى يونس الذي كان يقف في أحد أركان القاعة يتناقش مع أحد العملاء..


أتى يونس بخطوات حثيثة إليه وسأله بقلق


ـ إيه يا بني أنت كنتَ نايم في البلكونة بجد ولا إيه ؟


من بين أعين نصف مغلقة نظر إليه حذيفة وسأله


ـ عرفت إزاي


قهقه يونس وربت على كتفه


ـ كلنا إمبارح كنا عند طنط أنوار وكانت قلقانة وعمي عبد العزيز قال زمانه نايم في البلكونة متقلقوش عليه وطبعًا جننها أكتر .


التفت حذيفة إلى الجمع من خلفه فوجد أباه يقلد صوت أمه قائلًا بسخرية


ـ ابني راجل ياعزيز


وعمه ينهار ضحكًا عليهما


فعاد لابن عمه يرجوه


ـ ممكن توصلني دلوقت وابقى ابعت لي أي حد بعربيتي بعدين ..


....................


حضّر العُدة والعتاد


أتي ليسبيّ أميرته ولن يرحل خالِ الوفاض


جائها عاشق مُحارب مفتقرًا لأخلاق الفرسان


طموحه باحتلالها بلغ من السماء العنان


سينتصر بأي طريقة وشكل


خصومه في تلك الحرب هما قلب وعقل


ولأن قلبها له منذ بزوغ للكون أول فجر


وعقلها لن يخضع له حتى وإن حاربه دهر


سيتآمر مع القلب ويتسلل إليها من خلال ثغرات العقل..


أوصله يونس إلى بيت ليلى ورحل ، صعد السلم ببطء
دق الباب ، فتحت له السيدة ليلى فوجدته يرتكن بجسده على الحائط ، تنهدت وطالعته بشفقة


ـ اتفضل ياسيدي ، الست والدتك وجعت دماغي وهي بتوصيني عليك .


اعتدل وابتسم ابتسامة صغيرة ثم حياها باحترام


أفسحت له الطريق ولم يدخل بل أطرق وحك جبهته قائلًا باحترام


ـ عمو مختار موجود ؟


ضحكت بخفوت


ـ بتسأل عنه ليه ؟


عاد يرفع عينيه إليها


ـ عشان أستأذن منه .


قهقهت بمرح


ـ أنتَ مجنون يا ابن أنوار وهتجننا كلنا .


تركته على الباب المفتوح وعادت أدراجها للداخل سمعها بينما تبتعد خطواتها


ـ عمك نايم شوية وقال لما البيه يجي دخليه وقوليله مش عايزين دوشة النهاردة .


ضحك بخفوت ودلف بدوره ، أغلق الباب فوجد نفسه وحيدًا والسيدة ليلى قد اختفت إلى الداخل


قطع الرواق المؤدي إلى غرفتها بتراخي ، كان الإعياء به مشتد فاستند بظهره إلي حائط الرواق بجانب باب غرفتها مباشرة


طرق طرقتين فلم ترد له جوابًا ، تنهد بتثاقل والتقط هاتفه من جيب سرواله ، أرسل لها عبر برنامج المحادثات


ـ ممكن أدخل ؟


وعنها هي كانت تنظر لرسالته في الداخل بعدم رضا ، كانت تعرف أنه بالخارج قبل أن يدق الباب


فقد استمعت إلى صوت الجرس قبل قليل


وصلته إشارة أنها رأت الرسالة فابتسم بتسلية ها قد بدأت معركة جديدة


الرسالة الثانية كانت سهم نافذ


ـ حبيبّتي!


رأتها وانكمش قلبها خلف ضلوعها وامتعض وجهها لكنها لم ترد ، ضيق عينيه وأرسل الثالثة بتركيز ما قبل الضغط على الزناد


ـ عيونك وحشتني .


استفزها فزفرت بغضب وقبضت بكفها فوق الهاتف وهنا ردت والرد كان يفوح منه الغل


ـ عيوني برده ؟!


بالخارج ابتسامته اتسعت لقد سدد وآن له أن يرفع الراية


ـ دفا قلبك !


وبالدخل وصلت هي حد الغليان فصرخت فيه بصوت غاضب مغتاظ مرتفع وصله بوضوح


ـ حذيفة !


وقتها فتح الباب مُلبيًّا وعلى ثغره ابتسامة ظفر


ـ عشقه !


شهقت وارتدت رأسها للخلف ، همت لتصرخ فيه ، توبخه بل وتسبه ومن ثم تطرده لكن خانها إدراكها لحظات فقد كان يبدو أنه ليس بخير ويعاني كي يقف على قدميه


رفرفت أهدابها عدة مرات وقالت متلعثمة


ـ ماما قالت لك العب بنضافة .


أجابها مؤكدًا بصوته المتعب


ـ لسة ملعبتش.


كان قد أغلق الباب فور دلوفه واستند عليه بظهره ، رفع قدمه وأسندها للباب وكان يطالعها بأعين نصف مغلقة يتأمل هيئتها الناعمة ، كانت مرتدية قميصًا أكمامه طويلة من القطن الشتوي الثقيل لونه وسط بين برونزية بشرتها التي تأسره والوردي الهادئ


لون يليق بها وتليق به


خصلاتها مصففة بعناية ومعقوصة فيما يشبه زيل الحصان الناعم ، وجهها الخالي من المساحيق بدت رقيقة تقاسيمه وناعمة


كان الوريد في رقبتها يفضح هدر الدقات في قلبها،


وكانت هي صامتة تزدرد لعابها وعيناها منشدهة به،


تقدم نحوها ببطء حتى وصلها عبر المسافة الفاصلة بين الفراشين


كانت ترمش بتواصل وترتد للخلف كلما تقدم نحوها ،


وضع متعلقاته على الكومود بعدما أزاح طبقًا من المُكسرات كان بجانب هاتفتها وغمغم بصوته المتعب


ـ وحشتيني .


لم ترد عليه واحتبس الشهيق في رئتيها ،


حاولت التغلب على ارتباكها قائلة


ـ أنتَ دخلت ليه من غير ما أقولك اتفضل ؟


ابتسم بوهن مسبلًا أهدابه قائلًا بصوت ثقيل


ـ ناديتني.


نفت بهزة رأس حادة


ـ محصلش.


اقترب من فراشها قليلًا وأجفلها عندما ثبَّت رأسها بين راحتيه وقبَّل أعلاها قبلة عميقة كانت رافضة لها في البداية وتحاول أن تبتعد عن مرمى كفيه وتفشل لكن عندما استشعرت حرارته المرتفعة لم تدر بحالها إلا وقد قبضت بأنامل كفيها على كفيه في فزع هاتفة بغير إدراك


ـ أنتَ بتغلي يا حذيفة !


عيناها المذعورتان تألقتا بوهج أسره وهي كانت تهذي بخوف جليّ


ـ حبيبي أنتَ تعبان قوي ، نمت في البلكونة في البرد دة وهدومك خفيفة .


كان صامتًا بأعين متعبة نصف مغلقة يتشربها يكاد يتأوه عشقًا ويضمها وافتعال الضمة لم يكن منه بل


جذبته هي دون وعي حتى بات قربها لا يفصلهما الكثير..


كانت تثرثر بلا معنى ، قُربها مثل بعدها كلاهما يرهق قلبه ، فرد كفيه باحتضان لكفيها فطاوعته دون وعي ، يمناه مفرودة أمام يمناها ويسراه أمام يسراها ، ضغط بأنامله العشرة برفق فوق أناملها فاستشعر نبض قلبها الهادر كما نبض قلبه عبر تلاقي الأنامل ، عيناها مأسورة بعينه ولا تقوى على ابتعاد ، ارتكن بجبهته المرتفعة حرارتها إلى جبهتها الدافئة فلم تمانع ، أغمضت عينيها وتأوهت بخفوت ارتجف له جسده وهمس بعشق جارف وأنفاسه الحارة تحرق شفتيها


ـ قلبك دة هو إللي هيرجعنا لبعض !


تفرقت أجفانها واشتد في عينيها البرق


وفي عينيه أمامها كان البريق كلمعان الشهب في الليل البهيم


يغزوها بإحساس مُسكر يشبه الوقوع في الحب ، يغويها بحلاوته كي تقع في غرامه ، وعن عاشقة مجروحة قد وقعت في حبه بالفعل فما بعد السقوط دونية ،


داخلها قلبٌ رابضٌ مرتجفٌ خلف ضلوعها وعقل بات يقف كحائل بينها وبين معشوقها الأول والأوحد ، يجلدها عقلها إن حنَّ له قلبها..


همست بضياع متقطع


ـ إبعد .. عني .


أعاد لها الهمس مغموسًا بطوفان العشق


ـ ابعديني أنتِ.


ابتعدت هي قليلًا عن مرمى كفيه وجبهته وأغمضت عينيها وقالت بحسم بعدما استجمعت القليل من قواها


ـ روح إغسل شعرك عشان حرارتك دي وخد أدوية ونام .


تنهد بصوت خافت والتقط يمناها يقبل باطنه فارتجف جسدها بعنف حرارة شفتيه وأنفاسه أحرقتها ، فجذبت كفها منه بحدة وتفرقت أجفانها لتحدجه بشراسة


ـ ابعد بقى ياحذيفة .


نهض من جلسته جوارها بتثاقل ، ذهب إلى المرحاض ، غسل رأسه بالماء البارد كما قالت ، جففه بمنشفة صغيرة وعاد يلتقط بعض الأقراص كان قد أحضرها معه ابتلعهم ببعض الماء من كوب كان بجانب طبق المكسرات ووضعه مكانه..


كانت مغمضة العينين تتلمس منه هروبًا،


فتح بعض الأزرار من قميصه الأبيض ،خلع حذائه وجوربه ثم تدثر بغطائه ونام في فراشه ،


همس قبل أن يغط في نوم عميق


ـ لو حسيتي بملل صحيني .


فتحت أعينها تنظر إليه بشفقة بعدما هدأت أنفاسه ، كان متعبًا جدًا حد أنه لم يقوَ على تبديل ملابسه قبل النوم ، كان الغروب قد حل والبرودة ازدادت وقد مرت عدة ساعات على نومه ، تململ في فراشه وتأوه بخفوت فانتبهت له بينما تراسل صديقاتها عبر الهاتف ،


وجدها تتكئ بشكل مريح على فراشها تتمسك بهاتفها وتقضم شفتيها مُحاولة أن تتجاهل النظر إليه وتفشل


رؤيته كانت مشوشة قليلًا فأخد وقته في استعادة تركيزه وسألها


ـ أنا نمت كتير ؟


أجابته بخفوت مستحي


ـ تلت ساعات وعشرين دقيقة .


ابتسم بوهن ودفع عنه الغطاء ، كان يشعر ببعض التحسن لكن بقايا العرق مازال معلقًا بجبهته نتيجة لأقراص خفض الحرارة التي تناولها قبل أن ينام ،


مد يده نحو الكومود ليلتقط علبه تبغه وولاعته فنهرته بصوت غاضب


ـ أنتَ مجنون ؟ هتدخن وأنتَ عيان ؟


تجمد كفه فوق علبة التبع ثواني قبل أن تعود إليه فارغة


جذب إحدى الوسائد وارتكن بذراعيه منعقدين فوقها ومن ثم أسند رأسه بوضع مائل عليهما أخذ يتأملها وهي تنظر إليه بطارف عينيها ، تعض شفتيها ويبدو أنها تسب نفسها وتلعن يومها كله ، سألها بهمس خافت


ـ مالك ؟


كزت على أسنانها أيسأل ما بها ؟


هل هو فعلا لايدرك أنها لا تتحمل وجوده المميت لكل عزيمة فيها ؟
خصلاته حالكة السواد المشعثة المتناثر منها فوق جبهته بعشوائية وقميصه محلول الأزرار بل وهيئته الفوضوية كلها وأيضًا نظرته الناعسة كل ذلك يزيد الطين بلة ويغويها لتزداد فيه غرقًا ..


لم ترد عليه وبقيت على حالها فقال بصوت خافت مزلزل


ـ أنا كنت عايش من غيرك إزاي ؟


رفعت كفها الأيمن تحك رقبتها بقلة صبر ونظرت لسقف غرفتها متمنية من ربها الثبات ،


انثنت جوانب عينيه وكتم ضحكته العابثة ،


تنهد بمسرحية وأزاح الوسادة ونهض من فوق الفراش واقفًا على الأرض الباردة


شعرت بوقوفه وهالة حضوره فرضت نفسها فنظرت نحوه ببريق خاطف هي لم تعد تحتمل وجوده معها وحتمًا ستنهار قريبًا


ـ وجودك بيضعفني .


ابتسم لها يطمأنها


ـ المفروض يقويكي ، تتأكدي أني متمسك بيكِ وتقوي .


هتفت فيه بحدة تداري بها فورة ضعفها المخزي


ـ لو عندك كرامة امشي .


التوى ثغره بسخرية


ـ كرامة !!


قبضت كفيها ، زادت فورة غضبها وقالت بفحيح يشبه غرس الخنجر في جرح مازال ينزف


ـ متعملش زي وتضيع كرامتك .


لحظتها حدث ما لم يمرعلى خاطرها يومًا


حيث ركع مستندًا على إحدى ركبتيه على الأرض أمامها ورفع عينيه يسبيها كما عادته


ـ بحاول أردلك جزء من كرامتك دي ، وجودي في بيت أهلك مُهين يا ليلى لكن هتحمل عشانك .


رفعت قبضتها لتستكين فوق موضع خافقها ،


انفرجت شفتاها بلهاث وعيناها كانت تلين وتنفجر فيهن أنهار الحب تباعًا


والتاريخ لن يغفل أن عاشق الطفو الأول قد سقط..
سقط يتوسل حبيبته هدنة سلام يعلمها فيها أن تثق ..


وعن حبها الملحمي أيضًا لن يغفل وسيخط حروف اسمها بين صفحاته كعاشقة تمتلك قلبًا من ذهب ..
...............

انتهى الفصل قراءة ممتعة💙🌸


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-08-20, 12:36 AM   #26

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع عشر


الحب هو


نشاز عازف


خطيئة راهب


توبة كافر


وحماقة فليسوف


هو كل ما كنت ترفضه وتحاربه بالأمس


وتفعله اليوم بطيب نفس


ولعشاق الطفو هو اعتزال التحليق والهبوط بإرادة كاملة فوق الأرض ..


كان جاثيًا على الأرض وعيناها تسطران حروف ملحمة من عهد جديد ..


وهي فاض بها الحب فلم تمتلك الرفاهية لتصرخ


تستنكر حتى أو ترفض


لم يسعفها قلبها لتقسو ومازال له ينبض


تنهدت وأغمضت عينيها طلبًا للتحرر من أسره


قالت بصوت مهزوز هاربة من زحفه البطئ نحوها


ـ لما تاخد شاور وتغير هدومك ابقى سرح شعرك .




سمعته يضحك بخفوت قبل أن يتطلع لملابسه الفوضوية ويمسك بعض خصلاته بسبابته وإبهامه وينظر إليهم قائلًا


ـ حاضر يا قمري .


نهض يندفع نحو ملابسه ، أخذ بعض الأغراض وذهب مجددًا نحو المرحاض ..


بعدما غادرها تنفست الصعداء فالثلاث ساعات والعشرون دقيقة التي اختطفه فيهن الوسن كانت تتأمله تارة وتلعن ذلة لسانها الذي نعته بالحبيب أخرى وتكاد تخنق دقات قلبها التي وشت بها عندما طابق كفيه فوق كفيها وأسند جبهته إلى جبهتها ،


رباه تحبه وتذوب فيه عشقًا قلبها يهفو لضمة منه وعقلها يحرمها قربه ،


والطامة الكبرى حدثت عندما ركع أمامها


في أعتى أحلامها لم تتخيل أنه سيفعل ، حبه صادق وقلبها يشعر به لكنها تعلمت بأقسى طريقة أنه ليس أهلًا للثقة ..


تنهدت والتقطت هاتفها ، بحثت عن رقم والدتها وضغطت زرالاتصال ،


أجابتها الأم فطلبت ليلى منها الطعام


بعد عدة دقائق طرقت الأم عدة طرقات على الباب فأذنت لها ليلى بالدخول ، فتحت السيدة ليلى الباب بيسراها وكانت تحمل في يمناها صينية عليها أطباق الحساء وكوبًا به مشروب دافئ تتطاير منه الأبخرة ارتسم على مُحياها ابتسامة جميلة بعدما دلفت


ـ عاملة إيه دلوقت؟


ردت عليها بخفر


ـ الحمد لله .


لاحظت الأم توتر أجفان ابنتها وقضمها لشفتيها فعلمت أن حذيفة قد غير بعض الخطط بالفعل ،


كادت تقهقه فهذا الداهية لا يضيع وقتًا ويبدو أنه قد استغل مرضه للضغط على قلب المسكينة الغارقة فيه وتنكر ذلك ..


وضعت الأم الصينية بما تحتويه فوق الكومود ، سحبت مقعدًا وجلست فوقه ، حدثتها بابتسامة مشاكسة


ـ كلي شوربة الخضار إللي حبتيها النهاردة فجأة كلها .


زمت ليلى شفتيها ونظرت لأمها بلوم ، لم ترد خيفة أن يسمعها ،


ابتسمت الأم بمكر


ـ كان في شوية شوربة خضارزيادة جبتهم عشان حذيفة .


زفرت ليلى وأغمضت عينيها فلم ترحمها أمها


ـ وعملت لك ليمون مع عسل ومية دافية تشربيه عشان الجو برد


احتدت عيني ليلى رفضًا واستنكرت بصوت مُحتد


ـ أنا مش عيانة ياماما .


أحاطت الأم ذقنها بأناملها في علامة للتفكير ، نظرت للسقف ومن ثم عادت لابنتها


ـ يبقى نديه ل حذيفة بدل ما نرميه .


استشاطت ليلى غضبًا وأخفت زفرتها غير الراضية ، حادت بعينيها يسارًا فوجدت مقبض باب الحمام يتحرك ببطء


كزت على أسنانها وأيضًا لم تعلق


خرج هو بهدوء وأغلق الباب ، كان هادئ التقاسيم ، ألقى التحية على السيدة ليلى باحترام مبتسم فردت له تحيته واستقامت تهُم بالمغادرة قبل أن تسأله باهتمام


ـ عامل إيه دلوقت ؟


لم تغب ابتسامته الهادئة


ـ الحمد لله أحسن .


كان قد تحسن نوعا ما لكنه يتضور جوعًا


استأذنت السيدة ليلى كي تغادر وأشارت إلى الطعام فوق الكومود قائلة بلطف أمومي


ـ اتفضل ياحذيفة شوربة خفيفة .. سلامتك الصبح هتبقى بخير إن شاء الله .


أطرق على استحياء


ـ شكرًا ياطنط .


خرجت السيدة ليلى وأغلقت الباب خلفها بهدوء تقدم هو حتى وصل إلى المنطقة الفاصلة بين الفراشين أمام الكومود وجلس على المقعد الشاغر الذي أتت به السيدة ليلى منذ قليل ، كانت ليلى وقتها تتصنع الانشغال عنه وقد اختطفت منه نظرة قبل أن يجلس ؛ ملابسه البيتية الداكنة وخصلاته الندية المصففة منحته طلة هادئة بعيدة عن طبيعته المشاكسة على الدوام ، حاولت تجاهله لكن كل شيء فيه يفرض نفسه حتى سائل استحمامه نفاذ الرائحة لا يرحم أنفها ، هي حقا تحتاج إلى بلورة من الثلح كي تحتمي بداخلها منه ؛ بلورة ثلجية عازلة للصوت حتى تمنع عنها همسه الأجش باسمها


ـ ليلى .


رفرفت بأهدابها ، زفرت وكزت على أسنانها وهو تركها تفرغ شحنتها ومن ثم أعاد همسه ، التفتت إليه ببطء ، نظرت في عينيه المتولهة فيها لحظات وأخفضتها هروبًا وليتها ما فعلت حيث أنها انحدرت إلى رقبته مرورًا بتفاحة آدم وصولًا إلى تلك الشامة في نهاية عظمة الترقوة خاصته من جهة اليسار


زفرت بحنق


مايحدث يضرها


بضع دقائق أخرى وتتوسله أن يضمها ..


قالت بحنق مشتد وأعين حادة بشراسة


ـ عايز مني إيه ؟


تطلع إليها كلها ، تمهل في تفحصها ومن ثم قال بهمس مبحوح


ـ كل حاجة فيكِ يا ليلى ..عايزك كلك !


وهنا فتحت ذراعيها على مصراعيهما قائلة بنبرة خاطفة كشرارة ماقبل الانفجار الأخير الذي من شأنه حرق الأخضر واليابس


ـ تعالى ياحذيفة .


وهو ارتد للخلف بغتتة يطالعها بانشداه ، لم يعلم وقتها أتتلاعب أم أنها ضعفت إلى ذلك الحد ، لن يكذب هو يود الغرق بين أحضانها لكنه ليس غرًا كي يفعل ؛ ما يحدث هوعبارة عن فخ .. فخ عفويّ أو متعمد لا يهم المهم أنه إن وقع فيه سيكون قد أحرق آخر سفنه معها


كانت تناظره بعينين من زجاج ومشاعرها مبهمة ،


رفرف هو بأهدابه وتنفس بتعثر لثوان قبل أن يجذب حقيبة صغيرة من على الكومود بجانبه ويفتحها في عجالة التقط منها شيئًا حدسه نبهه أن يشوشها قليلًا حتى تمر تلك اللحظات بدون خسائر كبيرة ، التهور ليس في صالحه ، أجل جاء ليحارب لكن ما يحدث هو قطعًا خدعة إن انساق خلف متعته الزائفة لن تدوم فرحة نصره إلا لحظات ويكون قد خسر الحرب بأكملها ..


جذب يمناها المفرودة في الهواء وفردها فوق راحة يسراه الدافئة وضع ما التقطه من الحقيبة فيها فتوترت قليلًا وهي تطالع ما وضعه في كفها باندهاش ضمت ذراعها الأيسرالمفرود في الهواء إليها وراحت تقلب بكفها سلسلة المفاتيح التى أعطاها لها ،


زمت شفتيها بتفكير فتنفس هو الصعداء وزفر ببطء ، رفعت عينيها عن السلسلة وسألت بتوجس


ـ إيه دة ياحذيفة ؟


أجابها بصوت راسخ وملامحه كلها ثابتة


ـ مفتاح بيتنا .


شهقت باستنكار وقالت بسخرية متعمدة بعدما رفرفت أهدابها بعد استيعاب


ـ حبيبي المارد بيحقق لي أحلامي ولا إيه ؟


اتسعت ابتسامتها الساخرة


ـ قلت لك إمبارح حلمت ببيت وبتديني مفتاحه النهاردة ؟!


ارتكن للخلف يستند بظهره للمقعد ، عقد ذراعيه فوق صدره ولم يتخلَ عن هدوءه


ـ لا ده هدية من بابا وكان معايا من قبل ما أجي هنا إمبارح.


عقدت حاجبيها وعيناها تعلقت بالمفتاح بين يديها


فاسترسل


ـ بيتنا مش بعيد عن هنا لو حابة تعالي معايا وهاخد إجازة من شغلي 6 شهور وأقضي كل الوقت معاكِ .


كان صوته يخفت بالتدريج وكلما خفت كلما أثر في نظم خفقاتها


سمعته يتنهد ويردف بعدما صمت لحظات


ـ بس أنا عارف إن العرض ده مش هيناسبك ولا هيناسب عيلتك فأنا معاكِ هنا دلوقت وهفضل معاكِ ديمًا .


رفعت عينيها من فوق السلسلة في يديها إليه ، طالعته لحظات ومن ثم مدت يديها بها إليه بعدما زفرت


ـ اتفضل ياحذيفة مفتاح بيتك ، جوازنا مش طبيعي عشان يكون لنا بيت ..


لم يجادلها لأن الجدال عقيم ، فرد كفه تحت كفها وتعمد ألا يلمسه هذه المرة حتى لا ينقلب حالها مجددًا وضعتها في يده فقبض كفه عليها وتنهد ..


فتح أحد أدراج الكومود ووضع فيه المفتاح ثم أغلقه مؤكدًا


ـ المفتاح هيفضل هنا لحد ما تبقي مستعدة .


لم تُعقب وحاولت التشاغل بهاتفها فجذب هو أحد أطباق الحساء ، التقط ملعقة وتناول منه البعض ، لم يشعر بمذاقه فوضعه في مكانه قائلًا بمكر


ـ الشوربة بتاعتكم حلوة ، كليها طالما حبيتيها فجأة .


التفتت إليه قائلة بسماجة


ـ شكرًا .


تعلم أن مذاقها سيئًا وأنه يتعمد تذكيرها أنها تهتم به وقد طلبت الحساء من أجله ،


نهض واستدار يجلس فوق الفراش ، رتب عدة وسائد واستند بمرفقه فوقهم ، تفحص الغرفة المبالغ في نظافتها حوله ومن ثم سألها


ـ مين نضف الأوضة وأنا برة ؟


لم تتوقف عن النقر على شاشة هاتفها وأجابته بلا اهتمام دون أن تنظر نحوه


ـ في واحدة بتيجي تنضف كل يوم ، ماما بتعمل الأكل بس .


تعلقت عيناه بأوراق الرسم البيضاء الملطخة بالألوان المعلقة فوق الحائط تكاد تخفيه من كثرتها


ـ رسمتي كل دول إمتى ؟


وهنا رفعت عينيها عن الهاتف نظرت نظرة طويلة شاردة نحو الأوراق ومن ثم عادت إليه قائلة بخفوت


ـ أيام الأجازات .


لم يسمح للاتصال البصري بينهما أن يضيع وسألها بهمس خافت


ـ كل دي أيام كنتِ فيها لوحدك ؟


ازدردت لعابها ، رفّ جفنها الأيسر وشردت قليلًا عادت لشعور الوحشة الذي لازمها طويلًا ، هي فتاة وحيدة لأبويها لها أخ واحد يحبها كثيرًا لكنه منشغل دومًا في عمله ومن بعده زوجته وأبواها يراعيانها أيضًا لكن كل ذلك يحدث من الخارج فقط


لا يبخلان عليها بشيء ، تجزم أنها تعيش بينهم كالأميرات لكن عمقها فارغ ، كانت تقضي جل أوقاتها بين جدران غرفتها فاتسعت بداخلها بؤرة الوحدة ، الآن أدركت أن وحدتها الداخلية تلك هي سبب اندفاعها الأهوج نحو حذيفة ،


أعادها من شرودها صوته المطمئن بذبذبات راسخة ضايقتها


ـ مش هسيبك لوحدك تاني !


ارتجف جسدها رفضًا هزت رأسها يمينًا ويسارًا وقالت برفض


ـ لا ياريت تسيبني لوحدي .


لم تتغير ملامحه الجادة لكن نبرته كساها الشجن وعيناه تعلقتا بها بتوسل


ـ بس أنا مش عايزأرجع تاني لوحدي !


وقلبها اللعين كان يتآمر عليها معه يكاد يفتت قفصها الصدري ويصرخ ، يلعن عقلها ويلعن كل شيء


همست وكل ما فيها في مهب رياح الضعف


ـ حذيفة .


ازدرد لعابه وراح يتأمل قسماتها ، يكره وحشته قبلها


ذلك الخواء الذي كان يسكنه ماعاد له وجودًا في قربها همس بحرارة أذابت بلورتها الواهية


ـ بتونسي قلبي يا ليلى .


وخز العبرات لم يرحم عينيها تحشرجت أنفاسها وروحها طافت حوله وعادت لها لتشهق بعنف وهو ارتج قلبه وارتمى صريعًا قرب قدميها


سمعها تهمس بيأس


ـ وأنا قلبي بيوجعني يا حذيفة ، على قد حبي بقيت عايشة في نار .


تهدلت أكتافه وزفر بقنوط ، يعلم أن مشواره طويلًا معها بل مشوارملغمة حوافه ويحتاج إلى الحذر ..


بعد فترة صمت قصير قال بصوت مترجي


ـ اديني فرصة أطفي النار إللي اتسببت فيها .


أغمضت عينيها ورفعت كفها تمسد خصلاتها المعقوصة وتتنفس ببطء


تعلم أنه يلعب بدناءة ويعرف نقاط ضعفها جيدًا


هي على دراية كاملة به وتعلم أنه يستطيع الأن إجبارها على الإعتراف بحبه ، لم ترد عليه وساد الصمت


وهو استشعر هروبها فقرر اللعب مرة أخرى بطريقة مختلفة عندما سألها بصوت عاديّ


ـ فين الكراميل ؟


فتحت عينيها بتساؤل غير منطوق ، أشار بعينيه إلى خصلاتها التي تقبض بيمناها عليها فأجابته


ـ دة لون شعري الطبيعي هو بني زي ما أنت شايف .


انحدرت عيناه من خصلاتها لعينيها مرت بشفتيها وتعلقت ثوان ثم مالت إلى رقبتها وجيدها تمهلت ثم انحدرت أكثر استقرت فوق مفاتنها لحظات


ومن ثم عاد لعينها المصعوقة من وقاحة نظراته قائلًا بتمهل بعدما ازدرد لعابه بتعمد


ـ كنت عارف إن كله تركيب !


جفّ حلقها ، تباطأت دقاتها وتجمد كل مافيها ، كان يراقب صدمتها بتسلية وبين لحظة دكّ حصنًا حصينًا بها ولحظة تسلمت هي منه الدفة انتقلت الصدمة منها ووصلت إليه على هيئة صاعقة


عندما تراقص طيف التلاعب في مقلتيها وحركت أناملها من شعرها حتى وريدها النابض برقبتها ارتدت رأسها للخلف بضع سنتيمترات ، همست بصوت ثقيل يقسم أنه لم يتخيل أن يسمعه منها في أشد لحظة حميمية من الممكن أن تجمعهما


ـ حذيفة !


كذّب أذنيه تهدجت أنفاسه وقبض بكفه فوق الفراش مع اتساع عينين مشدوهين


عضت شفتيها مثلما يفعل دومًا ويربكها ومن ثم قالت بغنج مقصود


ـ عملت فيك كل ده بحاجات كلها تركيب ؟


معقول !!


ازدرد لعابه بعسر ، تسارعت دقات قلبه وعقله كان يغيب في فخ من خيوط العنكبوت لحظات استسلم لغريزته وقبل أن يتوه تمامًا استوعب أنها أخذت موقع الهجوم المباغت حددت هدفها وسددت بقوة مثلما فعل من قبل


عندما طال صمته المشدوه استكملت تسديدها ،


تحركت ببطء لتترك مساحة بجانبها وعيناه هو كانت تناظر المساحة تلك وتناظرها بالتناوب


فقالت هي بذات الهمس الحميمي المتحشرج


ـ ممكن تيجي تشوف بنفسك أنه مش تركيب !


وهنا تأوه صدمة مافعلته أتى بثماره بالفعل وتأثر لكنه لم يأت ليقع في شرك كهذا ومن ثم يجد نفسه خارج الساحة منهزمًا بعدما تتهمه بالشهوانية واستغلال الوضع لتقضية الوقت ..


سيطر على انفعالاته قليلًا وقال بمشاكسة تعمدها ليغير من الطقس حولهما


ـ سيبي شوية حواجز أتعب فيهم بكرة ..


لم تغير من خطتها شيئًا وأكملت بذات الدلال بعدمًا غمزت له بافتعال


ـ أنا عمري تعبتك في حواجز ؟


وهنا قهقه من صميم قلبه ، لقد كشف خطتها كلها وقرأ ما يجول بخاطرها


هي ترد له تحايله على مشاعرها وتستغل نقاط ضعفه الجسدي تجاهها ، لكنها للأسف مازالت مبتدئة وكشفها بسهولة ..


تنحنح قبل أن يقول بنبرة عاشقة


ـ لا متعبتنيش في أول الحواجز عشان حبك كبير .


وغمزها بعبث قبل أن يردف بمسكنة


ـ لكن باقي الحواجز سبيهم ليّ ، بس لما أخف عشان أنا لسة عيّان ومش عايز أعديكي.


تخضبت وجنتاها بالحمرة القانية من تلميحه الصريح فأشاحت بوجهها ولم تُعقب حتى لا ينقلب السحرعليها أكثر من ذلك ..


وهو كاد يبتسم لكنه أخفى انفعاله ، انحنى قليلًا نحو الكومود بجانبه


التقط من فوقه بعض الأدوية وكوب من الماء تناولهم وأتبعهم ببعض الماء ، وضع الكوب مكانه وعاد يتدثر بالغطاء وهي كانت جالسة في مكانها وقد التقطت هاتفها تعبث فيه ، نادها برقة


ـ لولو .


التفتت إليه بعدما زفرت بحنق


ـ نعم !!


رفع أحد حاجبيه وقلد حنقها بهزة رأس


ـ نعم !!


لوح بيمناه في الهواء حتى تنتبه لما سيقول


ـ من دلوقت هنَّام ونصحى مع بعض ، محدش مننا هينام ويسيب التاني صاحي .


سخرت بعينيها وارتفع جانب شفتها العليا قليلًا قبل أن تقول بتهكم


ـ وإيه كمان؟


ضحك بانطلاق جعل قلبها يرتجف


ـ من النهاردة كلامي هو إللي هيمشي .


أخفت تأثرها به متهكمة


ـ ياسلام !


ابتسم بعذوبة وعيناه تغازلانها


ـ بس ممكن ترشيني وكلامك هو إللي يمشي ..


تضرجت وجنتاها بالحمرة القانية ، زمت شفتيها ولحظه السيء اتخذت وضع قبلة ، أغمضت عينيها ومن ثم زفرت


هل يجوز أن يقبل وجنتيها تباعًا وينظر في عينيها ثم يعترف بحبها ، هل ستصدق أن تفاصيلها قد محت أي تفاصيل أنثوية قبلها ؟


أخرجته من شروده فيها قائلة


ـ بالنسبة لكلامك إللي يمشي ده أكيد مش هيمشي عليّ في أوضتي إللي في بيت أهلي .


وناظرته بحاجب مرفوع قائلة


ـ وبالنسبة للنوم فأنا بنام بدري كل يوم ماعدا الأجازة .


كانت رأسة مستكينة فوق الوسادة يميل بها نحوها ويسمعها تتحدث بحزم مرة وباعتيادية أخرى ، سأل نفسه لماذا كان غبيًّا من البداية وضيّع على نفسه متعة حياة طبيعية معها ، كانت لتكون مستكينة فوق صدره وتتطلع إليه بوله الآن..


يقولون أن احتياج الرجل والمرآة متضادان احتياجها أمان واحتياجه متعة ، متعته تبدأ ب قبلة وأمانها يتلخص في احتضان


ماباله هو يتوق إلى الاثنين ، تشعل فيه شفتاها نيران الغريزة وفي أحضانها يرجوالأمان ..


تنهد قبل أن يقول بجدية


ـ لو على كلامي فهو هيمشي في أي مكان ، ولو على النوم فأنا بنام متأخر بس هعدل روتين نومي عشان يتماشى معاكِ.


أغمضت عينيها وضغطت على أجفانها بشدة ، تريد أن تصفع نفسها حتى لا تتأثر به هكذا ، يجذبها نحو الهلاك وقلبها أكثرمن مُرحب بذلك ،


لم ترد عليه و لم يُرد هو الضغط عليها أكثر وأغمض عينيه مغمغًا


ـ تصبحي على خير .


تجاهلت الرد عليه وزفرت بحنق قبل أن ينزلق جسدها ببطء وحذر لتستكين رأسها فوق الوسادة ، رفعت هاتفها تطالع محادثتها مع أمل وابتسمت فهي قد طلبت من أمل أن تنصحها كيف تقاومه وتمنعه إرباكها المستمر ،


وأمل قد ردت عليه بجملة مختصرة


ـ حاربيه بسلاحه ..


هنأت نفسها لإحرازها أهداف قاتلة في مرماه ، هي لم تتفوق عليه بشكل مطلق ولم تكن تطمح لكن تأثيرها عليه وضعها في موضع قوة جعلها تنتشي ، أدركت أنها ليست ضعيفة تمامًا ولا عزلاء أمامه بلا أسلحة كما كانت تتصور ..


وعنه هو كان في فراشه يبتسم ، حربه باتت أكثر متعة من ذي قبل ، رُغم أنه كاد ينخدع للحظات وتوقع به إلا أنه سعيد بمقاومتها تلك ..


...............................


وفي الصباح استقظت على حركة غير معتادة في غرفتها فرقت أجفانها فوجدته يجمع متعلقاته ، مُرتديًا ملابسًا عصرية مستعدًا للمغادرة بادلها نظرتها الصامتة بأخرى ، دارت عيناها في الغرفة فجذبها وجود خزانة جديدة بجانب خاصتها ، فهمت أنه قد أتى بها وأدخلها الغرفة أثناء نومها بل ورتب فيها كل ثيابه ، كانت الحقائب مستكينة فوقها أيضًا ، سألت نفسها كيف لم تشعر بكل ذلك


قرأ ما يجول بخاطرها فقال بمشاكسة اعتادت عليها منه


ـ نومك تقيل .


عادت بعينيها إليه زجرته بنظرتها ولم تعلق ، تنهد هو قبل أن يندفع نحو الباب مغادرًا وغمغم


ـ هتوحشيني ، عندي شغل مهم ومشوار كمان بعده فهتأخر شوية .


كان قد وصل إلى الباب وأمسك مقبضه ، فتحه وهم بالمغادرة


لكنه تسمّرعندما سمعها تسأله بدلال


ـ مش هتبوسني قبل ما تمشي ؟


تصلب جسده لوهلة وأعجبها تأثيرها عليه ، اشتدت قبضته فوق مقبض الباب ثوان قبل أن يغلقه ويعود أدراجه ..


عندما فعل ذلك ارتعدت أوصالها ذعرًا هي كانت ترد له استغلال مشاعرها فقط وتهربه منها بالأمس شجعها اليوم للتمادى .


كل خطوة يخطوها نحوها كانت تزيد من وتيرة خفقاتها ، ورأسها كان يتحرك بنفي صامت والرعب يتلبس مقلتيها دون أن تعي حتى ما تفعل ،


وصل إليها ودون مقدمات فرد كفيه واحتضن راحتا كفيها المستكينتين فوق الوسادة يداه احلتا يديها بدفء أرجفها ، أنامله تشابكت مع أناملها ولم تسعفها عزيمتها لترفض كان يشرف عليها من علو ويقترب منها ببطء قابلها عن قرب مهلك أرخى مقاومتها ، أسر عينيها بشلال عشق جارف وعند شفتيها أحرقها بأنفاس مشتعلة قبل أن يهمس بتمهل


ـ عايزة البوسة فين ؟


ارتعشت شفتاها ، ازدردت لعابها ببطء خائف وعيناها تتوسله بكل ما بينهما ألا يفعل


صوتها خرج مرتجفًا


ـ مش عايزة أي بوسة ياحذيفة .


قال بصوت خافت دون أن يبتعد


ـ بتلعبي بالنار ليه ؟


همست بتيه


ـ بحاول أقاوم.


لغة جسدها فضحت حربها عندما ارتفع كتفها قليلًا والتصق بصدره في ذات الوقت الذي كانت تغوص برأسها في الوسادة بعيدًا عنه


صراعها مع نفسها كان جليًا لعينيه


القلب يخونها ويقترب والعقل يتمرد ويبتعد


حسم هو الأمر بقبلة دافئة فوق جبينها فأغمضت عينيها واستنشقت رغمًا عنها عبقه ضغطت بأناملها فوق ظهر كفيه بخفة دون أن تشعر ، ابتعد عنها قليلًا ولم يترك يديها كانت ترمش بتتابع فابتسم بهدوء


تنهدت هي وغلالة الدموع كست عينيها قبل أن تقول


ـ أنا غبية ولسة بحس أنك بتحبني ياحذيفة ، نظرة عنيك مش بعرف أفرق هي حب ولا بتشتهيني بس قلبي بيحس بيك .


اقترب ومرغ أنفه بأنفها وهمس بطوفان احتلال


ـ قلبك صادق ، أنا فعلًا كنت ومازلت ولسة هفضل أحبك .


ابتعدت برأسها وسألته بصوت متهدج


ـ طب ليه ؟


زفر بقنوط بعدما شدد من احتضان راحتيها وعيناه مازالتا تمارسان عليها الأسر


ـ كنت بخوفك .


كانت تنظر إلى عينيه بينما تجعد ما بين حاجبيها


ـ مش فاهمة .


أغمض عينيه لوهلة ومن ثم فتحها ببطء


ـ مستاهلش تدوري لي على أعذار عشان تسامحيني .


اتشحت عيناه بشراسة


ـ طب جاي تعيش معايا إزاي من غير ما تطلب مني أسامحك .


ـ


أجابها بصوت خافت وقلبه خلف ضلوعه يئن


ـ أنا عايز فرصة عشان أكفر عن إللي عملته مش عشان تنسي وتسامحيني .


احتد صوتها وقالت بنزق


ـ مين قالك بدورلك على أعذار ، حتى لو عندك مش هسامحك.


لم يردعليها حتى لايزيد الطين بلة وانحنى يطبع قبلة أخرى دافئة فوق رأسها ويترك كفيها بتباطؤ


ابتسم بحب يجتاحها به وودعها بكلمات مقتضبة ورحل ،


بعدما أغلق الباب خلفه احتضنت هي نفسها وأغمضت عينيها بشدة ، قلبها اللعين يؤنبها أنها لم تخضع كليًا له .


.................


أمضى وقتًا لا بأس به في عمله وانصرف ، صف سيارته أمام متجر شهير للزهور ترجل منها ووقف أمام الواجهة الزجاجية له تتعلق عيناه بزهرة جورية حمراء ، التقط هاتفه وفتح محادثاتها وراح يجسد لها ذكرى قديمة بمفردات حب جديدة


كانت هي فوق فراشها تلتقط حبة المكسرات من طبق كبير وتمضغها بتمهل وأعينها شاردة في الفراغ تأخذ قسطًا من الراحة


بعد جلسة منزلية طويلة من العلاج الطبيعي


أضاء هاتفها برسالة من رقمه ففتحتها ليبدأ بينهما سِجال جديد


. ماذا عن القهوة والجوري ؟


. خاصمت عبق القهوة وماتت كل وردات الجوري في جنتي ، حتى ما أهديتني إياه يومًا قد مات كما فعل كل ما بيننا .


. وهل مات حقًا ؟


. دعني أكذب وصدق كذباتي .


. حسنًا شاركيني حياتي وأهديكِ قلبي .


.رُغم كل شيء أنا متيقنة أنك أهديتني إياه منذ دهر .


. تتحدثين عني بثقة !


. لأن حبي كان بذلك الصدق ..


عندما أرسلت له آخر رسائلها المكتوبة ضغط زر التسجيل بيمناه واستند بأصابع يسراه الخمسة يضغط بهم فوق الواجهة الزجاجية وسجّل بصوته رسالة توازي إعصار


ـ ليلى ، أنتِ حبيبتي وحتة مني ، هعمل أي حاجة وكل حاجة عشان ترجعيلي ..


سمعتها ليلى على الطرف الآخر ولم ترد ، احتضنت الهاتف وأغمضت عينيها لتتقاطر العبرات فوق وجنتيها تقطيرًا ، إن كان يستطيع اجتياحها بهذا الشكل ف هيتّ له وليته يتحمَّل لأن الدمار بداخلها كارثيّ !




نجحت المحاولة وربح أول جولاته لكن الحرب طويلة تحتاج إلى صبر وعزيمة ..


في عيادة الطبيب النفسي كان يجلس أمامه يفصلهما المكتب ، وككل مرة سابقة الطبيب هيأ له راحة البوح


استند حذيفة لظهر كرسيه باسترخاء وأخذ يسرد كل شيء من بداية دخوله بيتها وحتى اللحظة التي يجلس فيها أمامه والطبيب كالعادة كان يسجل ملاحظاته وينظر إليه باهتمام وتركيز


تنهد حذيفة بعدما أنهى كلامه


والطبيب علق بجدية


ـ الأزمة أزمة ثقة .


أومأ حذيفة بتأكيد


ـ بتثق إني بحبها لكن مبتثقش فيا ولا في الحب ده .


وضع الطبيب دفتر ملاحظاته على المكتب وأخذ يلوح بكفيه في الهواء ويشرح


ـ حقها متثقش ، هي مش حاسة بأمان أصلًا .


ازدرد حذيفة لعابة بندم فيما استرسل الطبيب


ـ في البداية حست بأمان ووثقت والنتيجة زي ما أنت شايف كدة .


اكتنف حذيفة الغضب من نفسه مجددًا فكل ما يحدث بسبب خوفه اللعين الذي يحارب نفسه كي يتخلص منه الآن


ـ طيب دلوقت أنا عايز أحتوي أي انهيار منها لوحدي من غير ما ألجأ لنديم تاني .


زم الطبيب شفتيه لبعض الوقت ومن ثم قال


ـ هي محتاجة مساعدة من أخصائي نفسي زيك ، إللي مرت بيه مش سهل .


وتنهد قبل أن يردف


ـ لكن هي هتنكر أنها محتاجة ده عشان كدة هنعتمد عليك أنت .


كان حذيفة يوليه جل تركيزه يناظره وأزهار الأمل تتفتح بداخله فسأل


ـ إزاي يا دكتور ؟


ارتكن الطبيب للخلف يجلس باسترخاء


ـ أولًا ممنوع الاقتراب .


استكر حذيفة واتسعت عيناه بينما كل جوارحه ترفض


ـ الطلب ده صعب .


ابتسم الطبيب بود


ـ قدر الإمكان لازم تحاول ، أنتَ عايزها تحس بالأمان .


تنهد حذيفة بقنوط


ولم يعقب فاستطرد الطبيب


ـ أي قرب يابشمهندس بيحسسها بالرخص ده حاجة ولو استسلمت هتكره العلاقة كلها ودي حاجة تانية وأصعب .


ارتكن بمرفقه للمكتب وقال بجدية


ـ طول ماهي مش حاسة بأمان مش هتثق وهتفضلوا تدورو في دايرة مفرغة .


انحني حذيفة بجذعه للأمام قليلًا


ـ والحل ؟


استند الطبيب للخلف وجلس باعتدال


ـ الحل أنك تفرض عليها وجودك لكن بشكل ممكن تتقبله .


ضيق حذيفة عينيه وسأله


ـ إزاي


ابتسم الطبيب ابتسامة حقيقية قبل أن يجيبه


ـ صديق أخ أو حتى حبيب بدون إرباك .


كان كلام الطبيب يجد صداه في نفس حذيفة الذي قال


ـ أنا فعلًا باخد حذري من وقت ما انهارت وهي بتكلم والدتي ، حسيت إني لما كنت بكلمها وأنا بعيد شوية كانت متقبلة نوعًا ما وجودي ، لكن لما قربت حصل النفور .


أنهى كلماته بغصة مريرة وألم سكن قلبه


التقط منه الطبيب الدفة وقال بضحكة رنانة


ـ كويس جدًا ديمًا بتسبق بخطوة .


ابتسم حذيفة دون أن يعلق فقال الطبيب


ـ حاول تخلق جو ألفة بينكم ، حاجات مشتركة ، أو وقت ممتع تستناه هي بالتدريج ومع الوقت الحواجز هتزول .


وأشار بسبابته بتأكيد


ـ لكن ديمًا تفكرها بطرق غير مباشرة أنك في الأصل جوزها لكن بتعمل كل دة عشان ترجع ثقتها فيك .


كان حذيفة يستمع بانتباه ويفند داخل عقل أوراقه


تركه الطبيب لحظات يستوعب حيثيات خطواته القادمة ومن ثم سأله بحذر


ـ في حاجة مهمة أنتَ بتتعمد تتجاهلها سواء في حياتك عمومًا أو هنا في الجلسة .


تهدلت أكتاف حذيفة وغيوم ذنوبه ظللت كيانه كله


تجسدت أمامه أشباح الخسة وبين جنباته أخذ مارد الخيانة يعربد


فيما تمتم بخفوت


ـ صاحبي !


حمحم الطبيب قبل أن يسأله


ـ بتتجاهل التفكير فيه ليه ؟


رفع حذيفة كفه وجذب خصلاتة بغضب من نفسه


ـ عشان معنديش مبرر للإلي عملته ، ويمكن عارف إني حرقت رصيدي عنده كله بعد إللي حصل ل ليلى .


كان الطبيب يباشر كل خلجاته بتركيز قبل أن يقول


ـ طيب ماهو إدالك فرصة زيهم بعد مافهم إنها عارفة ماضيك ومع ذلك جت بيتك .


بمعنى أوضح إنه شاف إنك مش المذنب الوحيد .


تنفس حذيفة بتثاقل فسمع الطبيب يقترح


ـ حاول معاه هو كمان . في رأيي هو جاهز يسمع .


سلط الطبيب عينيه عليه يراقب تيهه بين أروقة ندمه


رفع حذيفة راحتيه واحتضن بهما رأسه بقنوط


ـ أقوله بدل ما أحافظ عليها ، موتها بالحيا ؟


طيف مشفق سكن مقلتي الطبيب


ـ لا هتقوله إنك هتحافظ عليها وإنك بتتعالج عشانها .


حك حذيفة جبهته ، أطبق أجفانه وعاد إلى ذكريات صداقتهما الأولى ، وأنه ب غباء قد خسر صديق حقيقي لم يبخل عليه بالدعم يومًا ، ابتلع غصته بعسر ماباله يضيع من يحبونه تباعًا


ـ هقوله كل حاجة .


........................


ليلاي


اسمحي لي مولاتي أن أحتل


وأعدك ألا أتوه


ستكون عينيكِ بريتي وقلبك هو دليلي ومُهتداي ..

عاودها شعورها بأن روحها تزن ريشة لكن تلك المرة نسيم ضفاف النهركان مُعبقًا ب عبير الجوري


وكانت محمولة فوق بساط مخملي من البتلات ، يلتف تدريجيًا حولها ، وأنفها تلتقط عبق رجل تعشقه ؛




يتسلل الدفء إلى أوصالها فيمحو زمهرير الشتاء ، تشعر به يكبلها بقيود لا تضايقها وأنامله تعزف فوق بنصر يمناها سيمفونية امتلاك أبدي ..
فرقت أجفانها فوجدته يشرف عليها من علو بابتسامة عشق خالص ، رفرفت بأهدبها بعدم استيعاب ، لوهلة بين الصحو والوسن ابتسمت ، وبسمتها جعلت وجيب دقاته يرتطم بضلوعه فيزداد الصدى ، أغمضت عينيها وضغطت على أجفانها ومن ثم فتحتهما على أقصى اتساع ممكن ، تطلعت حولها فأدركت أنها تغوص بين شلال من وردات الجوري الأحمر ، كان مازال ينظر إليها بذات النظرة المتولهة ، بللت طارف شفتيها بارتجاف ومن ثم رفعت يمناها حيث ثقل طفيف يلتف حول بنصرها


توقفت أنفاسها لحظة وقلبها أعلن عصيان ،


كان يزين أصبعها خاتمًا كحلقة يعلوها حبتي من لؤلؤ إحداهما تتفوق على الأخرى في الحجم ويفصلهما مسافة ضئيلة ، أغمضت عينيها وأعادت ذراعها كما كان وأراحت كفها فوق الجوري الذي يحاوطها على الفراش باستكانة وكان هو يراقب توتر شفتين ، رفرفة رموش وإغماضة عين هاربة منه


انحني قليلًا دون أن يمسها


ـ مقلعتيهوش ورمتيه في وشي ليه ؟


فتحت عينيها وأرسلت إلى مقلتيه غيمة من ندم


ـ عشان كل يوم الصبح أفتكر ضعفي عمل إيه في أهلي .


لانت عيناه واتشحتا بالحنين


ـ وأنا لبستهولك عشان تعرفي إن حبك الكبير رجعني لنفسي ، ده تعبير عن امتناني ليكِ .


وهي كانت في حرب شعواء بين ما يهفو إليه قلبها وما يتمرد عليه عقلها


سألته بسخرية لاذعة


ـ المتجوزين بيلبسوا الخاتم في إيدهم الشمال .


سمعته يضحك بخفوت وعيناه تطوفان حولها كلها وبعدما فرض عليها الأسر غمزها بما يشبه تمام إحكام الأصفاد


ـ بحب مرحلة التجاوزات !

انتهى الفصل قراءة ممتعة
في انتظار تعليقاتكم❤❤
اذا في تفاعل مع الفصل حنزل بعد ساعتين ان شاء الله الفصل ال15🥰


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-08-20, 11:58 PM   #27

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الخامس عشر
على جبهة أنتَ عاشق وعلى أخرى أنتَ خائن ..
...........................................
هل سيمرر لها إن قالت أنها باتت تألف وجوده ؟
وأنها أصبحت تدمن تفاصيله
كيف يبتسم وكيف يغازلها بعينيه ؟
وأضحت تعرف متى يكون صادقًا ومتى يراوغ؟
والأدهى أنه بات يسد فجوة الخواء بداخلها
لكنها ستنكر كل ذلك بكل تأكيد ..
جالسة فوق فراشها يكتنفها الملل
راحت تقضم أظافرها وتشرد أمامها متجاهلة وجوده الطاغي فوق الأريكة الموازية للحائط بجانب الشرفة وهو رُغم انشغاله في إرسال بعض الملاحظات التي تخص مشروعًا جديدًا كان يرمقها بين الحين والآخر بطارف عينيه ويبتسم في داخله منها ، لقد اعتادت اهتمامه بها وانشغاله عنها يصيبها بالملل ..
سألها بصوت بدى عاديًا
ـ تتفرجي على فيلم ؟
التفتت نحوه قائلة بحدة
ـ شكرًا .
رد بهدوء غير مبالٍ
ـ عفوًا .
عاد إلى عمله متعمدًا عدم الضغط عليها ، وهي زفرت مغتاظة
فأعاد سؤالها بعد برهة من الوقت بصوت أكثر خفوتًا
ـ تاكلي شيكولاتة؟
لم ترد عليه تلك المرة فاستشعر أنها تكابر،
نهض تاركًا حاسوبه وتحرك بتثاقل بضع خطوات إلى الكومود ، فتح أحد أدراجه المكتظة بأنواع مختلفة من الشيكولا ، كان كل يوم يحضر نوعًا مختلفًا منها ويراقب أي نوع ستفضله لأنه يعلم أنه إن سألها لن تجيبه ، أخذ ينظر إلى ما يحويه الدرج فالتقط واحدة مرصعة بالبندق ، قد لاحظ من قبل أنها تأكل كميات كبيرة من المُكسرات ..
مدّ يده بها لها دون حديث فنظرت إلى يده الممدودة لبعض الوقت وبعد ذلك تنهدت والتقطتها فابتسم ، جلس على المقعد المجاور لفراشها وناوشها
ـ ما تيجي نتعرف.
لم يبدو عليها التعجب ، مزقت غطاء الشيكولا وقضمت منها قطعة صغيرة مضغطها بلا مبالاة بينما كانت تنظر أمامها ولا تلتفت له
بعد صمت ليس بطويل قالت بتهكم
ـ أنا ليلى .
ضحك بخفوت وأشار إلى فراشه
ـ وأنا جارك.
لم تتوقف عن المضغ
ـ 25 سنة .
وبألية تابع هو
ـ أنا 32
وأكمل بمرح طفيف
ـ الفرق بيننا 7 سنين يعني أنا كنت 15 أول ما سكنت هنا وأنتِ كنتِ 8 سنين .
وقتها التفتت إليه بحده وفي عينيها أضاءت شموس لوهلة وتدفق إليه من عينيها بريق من العسل الخالص وهو اتسعت عيناه لرؤيتها ترمقه هكذا بينما تمتمت هي بهذر محموم
ـ كنت لابس تيشرت أخضر وجينز أسود وشوز أبيض وكنت حالق شعرك كله .
أتمت جملتها وصمتت مصدومة مثله
كان حولهما كل شيء ساكن مثل التقاء العينين ،
جفّ حلقه كما حلقها ، تناغم هدر قلبه مع قلبها
سعلت فاستفاق والتقط كوبًا من الماء من فوق الكومود ، نهض يسقيها يرفع بيمناه الكوب إلى شفتيها ويسراه تستكين خلف رأسها وهي تركت الشيكولا وأمسكت بيده مغمضة عينيها ترتشف الماء بتمهل ،
بعدما انتهت ابتعد قليلًا بالكأس وسألها باهتمام
ـ أنتِ كويسة ؟
أومأت برأسها فعاد يضع الكأس مكانه ويجلس فوق المقعد مجددًا ، أدرك وقتها أن حبها ليس وليد الحاضر بل هو معتق وهذا ما زاده حلاوة ،
استشف بحدسه أنها ستثور عليه إن خاض في الأمر فلم يشأ أن ينهي حالة السلام بينهما ،
سألها بصوت جاهد ليبدوعاديًا
ـ دارسة إيه ؟
وهي قبضت كفيها بجانبها نظرت إليه وأهدابها ترفرف ، اندهشت أنه لم يضغط عليها أو يستغل الأمر ويتبجح بأن عقلها يخزن ذكرى قديمة جدًا تخصه
أجابته بعدما تنهدت
ـ Art
سألته بجدية
ـ أنتَ معاك دكتوراة بجد؟
ابتسم ابتسامة صغيرة
ـ شكلي فاشل ولا إيه ؟
هزت رأسها بلا معنى
ـ لا ، بس أنا استغربت لما عرفت أول مرة .
تنهد بتثاقل وعاد يرتكن بظهره للمقعد
ـ إيه المشكلة يعني أنا قعدت 7 سنين برة .
وقبل أن تسترسل في سؤاله عن حياته في الخارج سلك درب المشاكسة
ـ كنت قسم كهربا .
خفت صوته وقال بمكر
ـ ART أنتِ علميني
وأنا هعلمك التلميس
عقدت ما بين حاجبيها وسألته باهتمام
ـ إيه التلميس دة ؟
وقتها اقترب بسلاسة من فراشها ، جذب كفها برقة حاولت التملص منه فشدد قبضته والنظرة في عينيه تلين
كان يحتضن راحة كفها يبسراه وسبابة يمناه أخذت تمسد ظهر كفها برقة وعيناها تسيطران عليها بالكامل مع لمساته الرقيقة كان قلبها يخفق ووجنتيها تحترقان
رفرفت بأهدابها بتيه وسألته بذهول
ـ هتعلمني أتحرش بيك ؟
لحظتها اصطنع الصدمة ، شهق ووضع كفها فوق فخذها وتعمد لمسه ، اقشعر بدنها فشهقت مصدومة ، فغرت فاهها وراحت تراقب مسرحيته ببلاهة وهو نهض وأزاح مقعده بعيدًا قائلًا بصدمة مصطنعة
ـ أنتِ إزاي تفكري فيا كدة ؟
دار حول نفسه مرة وعاد ينظر إليها يوبخها
ـ أفكارك ملتوية يا ليلى صدمتيني فيكِ.
فرد كفيه في الهواء هاتفًا ببراءة
ـ وأنا عمري ما فكرت فيكِ بالشكل ده .
بلاهتها ازدادت حد أنها كادت تصدقه بينما سمعته يسترسل
ـ حتى يوم ما قلتِ لي تعالى اتأكد إنه مش تركيب .
أنهى جملته بعينين مستقرتين فوق مفاتنها
ـ مجتش أتأكد وعرفت لوحدي إنه مش تركيب
تهدجت أنفاسها صدمة وخجلًا وسألته بذهول
ـ عرفت إزاي ؟
وقتها سكن المكر مقلتيه وتمهلتا على جسدها كله
ـ خسيتي وبقيتي شاليمو ، لو مركبة حاجة مش هتخس .
صمتت وتخشب جسدها فلم يمهلها الوقت لتصرخ حيث التقط تبغه وولاعته وحياها ببساطة ملوحًا بكفه
ـ أنا همشي دلوقت يمكن أنسى صدمتي فيكِ يا آنسة ليلى .
رفع علبة تبغه يلوح بها
ـ هشرب كل علبة السجاير دي يمكن أنسى .
غمز لها قبل أن يوليها ظهره وينصرف نحو الباب
ـ هخلصها وأجيلك تاني .
فتح الباب خرج وأغلقه بهدوء
وكانت هي خلفه مازالت على صدمتها ، قالت بصوت باكٍ
ـ تعالى ياحذيفة عشان أقتلك بإيدي .
.......................
مرت عدة أيام كانت تتعمد فيها اصطناع النوم في حضرته حتى لا ينجح في نسج خيوطه حولها ، ضعيفة نحوه وتعلم
تهرب وهو أيضًا يعلم
كان قد وصل من عمله منذ أكثر من ساعة وهي خلف إغماضة العينين هاربة
وصله العون في هيئة طرقات حادة على الباب نظر إليها ، نومها المصطنع مفضوح ، أنفاسها ليست هادئة وأجفانها منقبضة ، تحرك بسلاسة نحو الباب فتحه بهدوء فقابلته عاصفة هوجاء ، غارة حرب لا تبقي ولا تذر
كانت عزة تقف أمامه بعنفوان
ـ أنتَ لسة هنا ؟
ضحك بحلاوة وليلى خلفه لم تستطع كتم ضحكتها فوصله صوتها الخافت
، أدار رأسه قليلًا ، نظر إليه مبتسمًا ومن ثم عاد إلى عزة ماكرًا
ـ آنسة عايدة !
تأففت عزة بنزق ودفعته بمقدمة حقيبتها فعاد عدة خطوات للخلف لتدلف بدورها ،
دخلت إلى ليلى التي فتحت عينيها واحتضنتها بمحبة خالصة
سألتها عن حالها وثرثرتا قليلًا وهوكان يقف على بعد مترين يراقبهما ، وهما انسجمتا وتركتاه دون اهتمام ،
قطع حديثهما المتبادل بمشاكسة عزة
ـ جاية تزوريني في أوضتي تاني ليه ياآنسة عايدة قبل ما أردلك زيارتك إللي فاتت في أوضتك؟.
التفتت إليه بأعين شرسة ومزاجية ثورية
ـ بصفتك إيه يافندم ؟!
ضحك بانطلاق فتعلقت ليلى بضحكته بقلب يرفرف
فيما أجاب هو بلطافة مصطنعة
ـ جوزك!
لم تتغير نظرة ليلى له وعزة استشاطت غضبًا وهتفت بغضب جم
ـ جوزي أنا ؟
ليه عايز تتقطع وتترمي في أكياس ؟
قهقه مجددًا وقال بعدما غمز لها
ـ لاء هروّض الشرسة .
كزت عزة على أسنانها غيظًا والتفتت إلى ليلى الصامتة
ـ أنتِ لازم تسبيه ياليلى ده مجنون رسمي .
وقتها تقدم منها خطوة وقال بعدما رفع أحد حاجبيه بإغاظة
ـ أنتِ بتقوميها عليا عشان أبقى ليكِ لوحدك ياآنسة عايدة ؟
استنكرت عزة بأعين متسعة وصوت غاضب بينما تدخلت ليلى ببرود
ـ أيوة فعلًا أنا بغير عليك منها وهي بتقومني عليك عشان عايزاك لها لوحدها .
وسخرت متعمدة
ـ أنا وهي بنحب سليمان القانوني بقى .
ولأول مرة تتشارك عزة مع حذيفة شيئًا حينما انفجرت مثله ضاحكة ومن ثم قالت
ـ أيوة كدة يا سلطانة لولو.
راقبها بتسلية ولم يُعقب فوجهت له عزة حديثها بنزق بعدما عاد إليها ترفُعها معه
ـ اتفضل مع السلامة عشان صحابنا جايين يزورو ليلى .
رفع حاجبيه مبتسمًا بشقاوة
ـ حلوين ؟
فردت عزة كفها نحو ليلى بشكوى
ـ شايفة خيبتك ؟
كزت ليلى على أسنانها وأعادت خصلاتها للخلف بيأس
ـ أنا عايشة مع خيبتي يا عزة غيري الموضوع ده .
ظل حذيفة على نظراته المتسلية ، التفتت عزة إليه بنزق مُستخف
ـ خلصت الأربعة وبتدورعلى ملك يمين ولا إيه ؟.
رد عليها بمرح مبالغ فيه
ـ اختاريهم على ذوقك يا سلطانة عايدة .
تطلعت إليه ليلى بعتاب مسّ قلبه فأطرق صامتًا
تنفست عزة بعمق ومن ثم قالت بجدية
ـ بعد إذنك يا بشمهندس صاحبنا جايين ومش عايزين فضايح .
شهق بصدمة حقيقية وقال بتوبيخ
ـ مش عايزين إيه ؟
وقتها تدخلت ليلى لتنهي شجارهما الحاد قبل بدايته عندما حدثته بتهذيب
ـ لو سمحت ياحذيفة صحابي جايين يزوروني ، ممكن أطلب منك تخرج شوية ؟
أنهت جملتها مسبلة أهدابها ، تعجبت من نفسها كيف تحدثه بذلك الود ، وهو قرعت في قلبه طبول تدعوه ليراقصها رقصة عشق تنتهي بعد احتراق الشمس .
وجدها أطرقت على استحياء ف نادى اسمها بصوت أجش
ـ ليلى .
رفعت عينيها إليه بتطلع خجول فقال بعدما ازدرد لعابه
ـ أنتِ اؤمريني مش بس تطلبي .
زمجرت عزة بنزق
ـ في أبجورة واقفة !
تنهد بعمق وليلى أغمضت عينيها تخفي عنه ثورة خفقاتها المفضوحة بالنظرة المتولهة
شد حذيفة قامته حياهما واندفع نحو الباب قائلًا ببساطة
ـ خدوا راحتكم هتأخر برة شوية ، والتفت نحو ليلى مبتسمًا برقة قبل أن ينصرف ..
.......................

صديقي العزيز
أنتَ خائن ..
فوق سطح بناية مرتفع في حيهم الذي تشاركوا فيه مراهقتهم وبداية الشباب
تجمع الأصدقاء بعد طول القطيعة ،
كان أشرف يقف مقابلًا لنديم المتجهمة تقاسيمه
وحذيفة مستندًا خلفهما إلى سور البناية وعيناه سابحة في السماء ،
والسماء كانت بنورها بخيلة والبرد مُشتد ، الظلام حالك والنجوم خافتة ، تبدو متباعدة بقصد أن تبعث له رسالة أنه اليوم قمرٌ مُعتمٌ بغير اكتمال ، أنه القمر في طور المحاق..
جمعهم أشرف بطلب من حذيفة والآن يحفهم الصمت ، صمت طال حتى قطعه حذيفة بصوت مختنق
ـ بحبها يانديم .
وقتها انفلت المارد من عقاله حينما قهقه نديم بسخرية وصوت جهوري محُدثًا أشرف
ـ بيحبها يا أشرف .
ورفع كفيه للسماء مناظرًا إياها بعينيه قائلًا بحرقة توازي ما يعتريه
ـ واتجوزها .
عاد ينظر لأشرف بتأكيد موجع
ـ صاحبك بيحب أختي إللي متعرفش حاجة برة أوضتها وصحابها وشغلها ، لاء واتجوزها غصب عني .
التفت إلى حذيفة متقصدًا ضربه في مقتل وقال بخفوت حاد
ـ بعد ما موتها بالحيا .
إيلامه له أتى بثماره حينما تهدلت أكتاف حذيفة واتشح وجهه بغيوم الحزن
لم يرد فاسترسل نديم يفرغ ما يضمره عندما التفت لأشرف
ـ صاحبك إللي شبع برة وجاي يحلي ، جه يحلي بأختي أنا ..
تقدم منه حذيفة وحاول الإمساك بساعده فنفضه نديم بغل
ـ وقفتها على بابك تقولك إن إللي بينكم مش كدة ؛ أنا عايزة أعرف إللي بينكم كان إيه؟ .
وقتها تقدم أشرف ووقف بينهما في محاولة لتجنب حدوث شجار
. ـ اهدا يانديم
ونديم دفع أشرف في صدره وأزاحه جانبًا ، تقدم إلى حذيفة وقبض على ياقة سترته الجلدية هامسًا قرب وجهه بفحيح
ـ كنت عايز تضمها لصف حريمك ؟
لم يرفع حذيفة يده ووقف ثابتًا بأعين جامدة ، حاول أشرف تخليصه من قبضة نديم وفشل بينما
قال حذيفة بصوت خافت
ـ كنت بخوفها مني عشان تمشي .
وقتها دفعه نديم للخلف بحدة قبل أن يصرخ فيه
ـ أختي كانت بترمي نفسها عليك ؟
تنهد حذيفة بقنوط وغضب من نفسه ومن مسار الحديث ، لم ينتظره نديم ليعقب وحدثه بأعين قاسية
ـ كنت جيت لي يا صاحبي من أول مرة رمت نفسها وقلتي لي ابعد أختك عني .
في تلك اللحظة تدخل أشرف بينهما نظر إلى نديم وسأله بصوت راسخ
ـ طب لو كان جالك يخطبها منك من أول يوم كنت هتوافق ؟
رمقهما نديم بتعبير بارد
ـ أنتَ عارف زيه أني مكنتش هوافق.
وحدج حذيفة بازدراء
ـ أختي نضيفة ؛ أسيبها تتجوزه ليه ؟
لم يقبل حذيفة الإهانة وصرخ فيه بحدة
ـ أختك دلوقت مراتي واخبط راسك في الحيطة
وريني بقى هتخلصها مني إزاي .
اندفع نديم إليه بصراخ مماثل متوازيًا مع اللكمات التي ردها حذيفة
ـ لا هي تترمل أحسن ما تبقى مطلقة .
تدخل أشرف يخلصهما وناله بعض اللكمات من الطرفين ، في النهاية استطاع إبعادهما عند بعضهما ووقفا كلٌ في طرف يلهث
وقف حذيفة يلتقط أنفاسه وعيناه تترقبان صديقه الذي طعنه في ظهره ، يعلم جيدًا أن نديم مُحق فيما يفعل ، كره نفسه مجددًا ، كيف يكون مذنبًا وبتلك الوقاحة ، قرأ أشرف ندم حذيفة في عينيه فآزره بعينيه خفية وتنهد
، تقدم حذيفة من نديم الذي استشعر تقدمه وتوجس منه
أمسك كتف نديم وعيناه بالندم فاضت
ـ أنا آسف يانديم ؛ عارف أن أسفي مش كافي .
ازدرد لعابه بعسر وقال بصوت مكتوم
ـ أنا قربت منها في الأول عشان حبيتها ، لو مكنتش حبيتها كنت بعدت .
تطلع إليه نديم بغرابة ولم يبعد يده ، استشعر صدقه رُغم أن ذلك الصدق لم يطفأ فورة الغضب بداخله إلا أنه خفف من وطأة رد فعله الحاد
غمغم نديم بصوت مشحون تفوح منه رائحة الذنب ولأول مرة يعترف
ـ إحنا الاثنين كنا هنموتها .
تقدم أشرف يسند جسد حذيفة الذي ترنح بينما غاب نديم في لحظة كاد يفقد أخته الوحيدة
ـ وقعت ومعرفش أمسكها ، خافت مني .
وواجهه باتهام صريح
ـ أنتَ إللي وصلتها للخوف ده .
ابتلعت حذيفة هوته السوداء وبتر هذر صديقه
ـ أنا إللي كنت هموتها مش أنتَ.
شدد أشرف على دعم جسد حذيفة بينما استفاق نديم على حقيقة كانت غائبة طوال الفترة الماضية ؛ هي أن حذيفة قد عايش الأمر مرتين ، بل وأخيه قد مات بالفعل ، شعر كيف تعرض إلى سقوط روحه دون ارتطام مميت مرتين وقتها علم ماكان يشعر به ولسنوات طوال كانت فيها العودة لما قبل لحظة السقوط مستحيلة
وكأنه وقف خارج الدائرة ليرى الصورة أكثر وضوحًا
حذيفة فقد أخيه وكاد يفقد حبيبته ، وهو لم يفقد أخته بالكامل بل مازالت على قيد الحياة وإن كانت رحلت لم يكن ليتحمل مرارة الذنب الكامل لحظة واحدة ..
توقف نديم متصلب الجسد وعيناه تلتقطان ضياع الآخر ودعم أشرف له فتقدم يقبض على كتفه قائلًا بجدية
ـ بس الحمد لله هي بخير.
تنهد بعمق قبل أن يقول مبتهلًا ويغمض عينيه متوسلًا الراحة
ـ إن شاء الله هتخف وهتبقى بخير.
هو صديقه رُغم كل شيء وليس قاسيًا بطبعه ،
رفع حذيفة عينيه عائدًا من ضياعه ، نظر إلى لين قسمات نديم وكاد يصرخ فيه ألا يكون كريم الأخلاق هكذا ،
لم يجد ما يرد به وبعد طول الصمت خلص ذراعه من يديّ أشرف الصامت طول الوقت مُفسحًا لهما المجال ليفرغا ما بقلبيهما
شد حذيفة قامته وغمغم
ـ أنا همشي .
تركهما خلفه وانصرف ، ونديم أغمض عينيه متنهدًا بأسى فبرغم غضبه يعلم أن ما حدث قد حدث ولا مرد للقدر..
................
الوقت قد تعدى منتصف الليل وهو لم يعد بعد ، استبد بها القلق عليه ، قضت وقتها في لعبة إلكترونية على الهاتف
لطخت أوراقها البيضاء بالألون ، حدثت صديقاتها وثرثرت بما يكفي وهو مازال غائبًا ، حرقة أصابت قلبها فاختنقت أنفاسها ، التقطت الهاتف
طلبت رقمًا
بعينه وبعد لحظات أجابها حمزة ببشاشة
ـ أخيرًا كلمتيني أنتِ.
صمتت تقضم شفتها السفلى بتوتر ، فاستشعر من صمتها شيئًا غير معتادٍ ، كان جالسًا بجوار أمه في استرخاء يشاهد مباراة لكرة القدم فاعتدل يسألها باهتمام
ـ خير ياليلى في مشكلة ؟
وقتها أولته أمه اهتمامها وزحف القلق إليها فأشارت له بيدها أن يتابع
كانت عيناه تناظرعينيها المتوجسة ويسأل ليلى التي طال صمتها
ـ أنتِ وحذيفة بخير ؟
على الطرف الآخر كانت ليلى تتنهد بضيق
ـ أنا قلقانة قوي ياحمزة ، مجاش لحد دلوقت .
انتقل قلقها إليه وبالطبع استقر من عينيه في قلب أمه
وعدها حمزة أن يحدثه ويطمئنها ، هو يعلم أن أمورها مع حذيفة ليست جيدة تمامًا ويعلم أيضًا أنها تستحي أن تبادر بمهاتفته
قبل أن يغلق سمعها تترجاه
ـ اوعى ياحمزة تقوله إني سألت عنه .
وقتها رد عليها حمزة بتأكيد
ـ لا متقلقيش مش هقوله .
أغلق الهاتف وأمه جذبت كفه وأمرته بقلة صبر
ـ كلم لي أخوك يا حمزة ليلى بتحس بيه هو أكيد مش بخير .
وحمزة أيضًا ازداد توتره مثلهما ، بحث عن رقم أخيه وطلبه ، وصله رنين بلا إجابة
ازدرد لعابه وخاف أن يزيد من رُعب أمه الذي لاحظه جليًّا على وجهها
، أعاد الرنين مرة وتالية وثالثة ولا مجيب

على الجانب الآخر كان حذيفة مستلقيًا فوق الجهة الأمامية لسيارته
يستند برأسه فوق ذراعه المستكين فوق الزجاج ويغطي عينيه بذراعه الآخر
رجله اليمنى مفرودة واليسري يستند بقدمها على سطح السيارة
تشبع جسده من البرد استحكم بقلبه الوجع وظلل حوله السواد
من وقت ماترك أصدقائه قاد سيارته إلى مكان منعزل نسبيًا وهو على وضعه ذاك ،
هو عاشق بلا أخلاق
سرق قلب بريء لا يعرف من المشاعر سوى حبه ،
الأناني الذي انتشى بسحر اللحظات المسروقة
هو الذي هدم المدينة بكل ما فيها
من حب وصداقة
كسر العهود ونال شرف الخيانة عن استحقاق ..
وصله أزيز الهاتف خافتًا ، نهض ونزل عن السيارة بتثاقل فتح بابها والتقط الهاتف ،
وجد عشرات المكالمات من أشرف وحمزة
أعاد الاتصال ب حمزة
الذي كان جالسًا أمام أمه يكاد يُجن مثلها
وصله الرنين ففتح الخط في عجالة
ـ أنتَ فين ياحذيفة قلقنا عليك .
وقتها جذبت منه أمه الهاتف بحدة وقالت
ـ مبتردش على أخوك ليه كل ده .
تنهد بعمق قبل أن يقول
ـ أنتو قلقانين ليه أنا الحمد لله كويس .
زفرت ولم تصدقه
ـ مش مطمنة يا حبيبي .
صمتت لثوان ومن ثم أمرته دون تورية
ـ روح لمراتك ياحذيفة .
على الجانب الآخر زوى حذيفة ما بين حاجبيه مندهشًا
ـ طيب هاجي لك الأول صوتك قلقان .
بترت أنوار محاولته بتصميم
ـ لا ياحذيفة روح لها الأول وتعالى لي الصبح .
كلمات أمه أرسلت مخيلته حيث حبيبته التي تركها طوال اليوم ، كان مُعتاد التطفل عليها ، أو إرسال لها رسائلًا صوتيةً مُشاكسة واليوم لم يفعل
زفر وودع أمه بينما يدخل السيارة ويغلق بابها وينطلق ،
وصل على باب غرفتها ، نقرعليه بخفوت فوصله صوتها المهتز الذبابات من فرط التوتر
ـ ادخل .
كان حمزة قد حدثها وطمئنها عليه لكن قلبها مازال على ذات الغصة ،
دلف وقرأت هي لمحة العذاب بعينيه فازدادت الوخزة بقلبها ، تلك الوخزة التي دومًا ما تنسيها ما فعل بها
قلبها إما أن يؤلمها لأجله حبًا أو تأثرًا بألمه ، واليوم لا تمتلك أمام نظرة عينيه سوى أن يتقطع من قلبها الأوردة ،
سألته دون وعي كامل بصوت متحشرج
ـ مالك ياحذيفة
أطرق مُخبئًا عنها عذباته وقال بصوت خشن
ـ أنا بخير متقلقيش .

وقتها انفجرت فيه بنزق وغضب دون ترتيب
ـ احكي مالك قلبي بيوجعني عليك .
وكعادة غبائها المتكرر بعده صمت ، تلعن فيه نفسها ويعرف هو ككل مرة كم هي شفافة ولا يستحق ذلك الحب الملحمي الذي تكنه له ..
تقدم إليها بعدما زم شفتيها بخطواته البطيئة المُتشحة بالكآبة
وقف أمامها مباشرة وقال بيأس
ـ واجهت صاحبي .
ارتجف قلبها كالطير المغدور فيما واصل هو يفند جرائمه واحدة تلو الأخرى
ـ خُنته .. حبيت أخته ، خرجت معاها من ورا ضهره ، وبعدين كسرت قلبها ..
زاد ارتجافها وازدادت وتيرة خفقاتها فصرخت فيه بعزم
ـ قوله أختك هي إللي سابت لي نفسها .
وهزت رأسها بعنف فشعرها تبعثر
ـ إحنا الاتنين أنانيين ياحذيفة .
هتف هو يسرد أول الحقائق بعروق نافرة
ـ مكنش المفروض أقربلك !
أعادت له هتافه بذات الحدة تكمل السرد إلى آخرهن
ـ مكنش المفروض أحبك.
وخفت صوتها بكلمة النهاية
ـ بس حصل ؛ أنت قربت وأنا حبيتك..
تهدلت أكتافة المثقلة بهموم أكبر مما تحتمل ازدرد لعابه بتكرار وعيناه بالضعف كانتا تفيض ، ضعفه يهز كيانها فلا تمتلك رفاهية تجاهله
جلس على الأرض بين الفراشين أولاها ظهره واستند على فراشها يثني ركبتيه ويضمهما إلى صدره ،
أوجاعه ازدادت اليوم واحدة
سأل نفسه بعد المواجهة الأصعب ، لماذا يكون نديم بذلك النبل وهو بتلك الخسة والحقارة ، ليته ظل متعنتًا دون أن يشفق ،
سمعته يهمس بخفوت مُعذّب
ـ ياريتني مارجعت ولا قابلتك
يتنهد بمرارة ويردف
ـ ياريتني ما خنت صاحبي ولا شوهتك ..
دموعها أغرقت وجنتيها ، مابال الوجع طال هكذا
وجدته يفرد جسده وينام في مكانه على الأرض تنهدت بقلب مثقل وصوت مسموع ، أنزلت نصف غطائها عليه في نومته على الأرض ومدت أناملها تربت بها على كتفه، تصلب جسده لوهلة ومن ثم استكان ، كلاهما سيمرر ماحدث في تلك الليلة العصيبة وسيعوا كما كانا دون حديث عنها في الغد ..
.................
في يوم آخر من المفترض أن يكون صباحه عابرًا استيقظ باكرًا أكثر عن المعتاد ، اكتسب منها عادة النوم المبكر وها هو يصحو قبلها بساعات ..
تمارين ضغط وحمام دافئ وبعدهما غاص في فراغ ، بعد كل بضعة دقائق تمر كان يسترق إليها النظرات وهي كانت غافية تحتضن وجنتيها براحتي كفيها تغط في نومها العميق ، يتخلل هدوء أنفاسها بعض التنهيدات .
ملَّ الحياة بدونها فالتقط سلسلة مفاتيحه وبين الفراشين حيث يقف أوقعها متعمدًا لتصدر صوتًا مُزعجًا ، أول مرة جعدت ما بين حاجبيها ولم تستفق وفي الثانية زمت شفتيها وأيضًا ظلت غافية وفي الثالثة فرقت أجفانها فوجدته يشرف عليها من علو لا يفصله عنها سوى بضع سنتيمرات ، كان مبتسمًا ويسكن عيناه هدوءً كسكون السماء بنجومها في جنح الظلام ، بادر كعادته مغازلًا
ـ صباح اللولي بوب .
وهي زمت شفتيها ولم ترد كمن تفشل في الدفاع والهجوم فتسلك درب الهروب
تنهد وحاول مد بينهما حبل وصال فبعد يوم مواجهته نديم وضعفها تجاهه أصبحت تنأى بنفسها بعيدًا عنه وهو رُغما عنه في عشقها منجرف
وُصِم بالنذالة ولن يضير شيئًا إن ظل نذلًا للنهاية
ولن يكون هناك فرقًا واضحًا بين نذلٍ يؤنبه ضميره ونذلٍ بلا ضمير..
نظر في عمق عينيها كما يفعل دومًا
ـ بتحضني خدودك وأنتِ نايمة.
أغمضت عينيها وشريط ذكريات الماضي في عقلها يُدار
ـ كنت بحضن خدود ماما وأنا صغيرة ولما بقيت بنام لوحدي بقيت بحضن خدودي أنا .
لان قلبه لها وترجم حلمه الجديد معها ببضع كلمات وصوت يتقاطر منه الصدق ممتزجًا بالعشق
ـ بكرة أيامنا الصعبة تنتهي يا ليلى ..
وأطاح بكيانها ببضع أُخريات
ـ وهيكون عندنا ليلى كمان ، هعلمها تحضن خدودك لما تنامي ..
كانت هي مع ذبذبات صوته الحاني تغيب
ـ هحبها زيك .
أنفاسها كانت تتنافس مع هدر الدقات
ـ وهي هتحبك زي ما بحبك .
تنهد وأردف بصوت مشحون
ـ بنتنا هتكون جميلة زيك وهتخطف قلبي وقلبك .
وقلبها المتمرد كرر العصيان لحظتها كرهت خنوع ذلك القلب الأبله فهتفت بغضب
ـ أيامنا الصعبة مش هتعدي .
كانت تغرس في خافقه خنجر يمر بقلبها قبله وبثورة عارمة تقاتله
ـ ومش هيكون عندنا بيبي .
برودة قاسية جمدت فيهما معًا الأوصال
ـ أنا بكره نفسي ، بكره ضعفي وبكره..
وقبل أن تقول بيأس أنها تكرهه وفيما لا يتعدى الثانية كان قد أزاحها قليلًا برفق وأفسح لنفسه مساحة يحتلها فوق فراشها ، ويلتقط ما تبقى من كرهها الواهي له في قبلة ، قبلة كنسمة عابرة تحت ضوء القمر
يحتوي بجسده جسدها كله فيجد ما لم يذقه من قبل من الراحة
كواحة من العشب مُشبعة بالظل..
يمناه احتلت يمناها باحتضان لم تقوَ على رفضه ويسراه كانت برقة تقبض فوق كتفها الأيسر باحتياج ، وهو كان يرتشف من بين شفتيها عذب النهر ووجنتيها كانتا تحتفيان بزخات البحر
كانت تبادله قبلته وتبادله الحب بالحزن ، دموعها الصامتة تقتله ببطء وهو عاجز عن البعد ، يغويه ينبوع الحب ويعيده ملح دموعها إلى أزهى عصور الظمأ
كانت بين يديه طيعة لا ترفض ، ابتعد قليلًا ينهت مثلها وقلبه يشارك قلبها العزف ، نظر إلى شتاتها بين يديه وعينيها التائهتين فيه ،
انحني يلثم رقبتها بقبلة أرجفت أوصالها ، أخذ يتشمم عبقها المشبع بالشجن
طال صمته وصمتها وكانت بين أحضانه منهكة ، أحرقتها دمعة ساخنة انسلت من عينيه قبل أن يهمس بألم
ـ العدل أن ميكونش لينا بنت ولا تسامحيني .
ولفحت جلدها سخونة أنفاسه
ـ العدل أني أبقى بحبك وبتحبيني ويكون بيننا كل الحواجز دي ..
.....
قضت يومها كله والمساء في عذاب مستعر تركها بعدها تحيا حربها وحدها ،
القلب أحمق يلين والعقل تبًا له رسم لها من بحار الرُخص أمواج والحظ لم يكن حليفه إذا قطع عمله في اليوم التالي في منتصف النهار وعاد إليها ، رأها لأول مرة بعد الحادث تقف على قدميها بارتعاب شفتين مزمومتين وحاجبين معقودين ، تقبض بيسراها على عكازٍ في محاولة للمشي معها والدتها و شابة عرفها أنها المعالجة الفيزيائية ..
ما إن رأها تكافح كي تقف وتزلزلت أعمدة ثباته ، قلبه لها وإليه هرب ، وقوفها هكذا أعطاه الأمل في أنها يومًا ما ستقف أمامه وتستجمع عزمها وبكل مافيها ستعترف بالحب مجددًا ، عبر الباب المفتوح بلا إرادة منه فانتبهن كلهن له
وهي ارتج جسدها عندما وقعت عيناها عليه ، ازدردت لعابها ، توترت فسقط منها العكاز ، استندت بكفيها فوق الفراش لتتلافى السقوط
وهو أعُيدت في عقله لحظة أن طلبت منه الوعد ، دون وعي كان قد اندفع نحوها ودعم جسدها لتقف وبعدها كانت كلها ساكنة في أحضانه يلف ذراعه الأيسر حول خصرها النحيل وكفه الأيمن يحيط برأسها من الخلف ويريح جبهتها فوق قلبه ، شقهت أمه والمعالجة ولم يكن في وعيه ليبتعد وهي غابت معه لكن ليس في تلك اللحظة بل للحظة تلتها كان يمرغ كرامتها وحبها في الوحل حينما دنسها بقبلة واحتضان مماثل أمام باب منزله
دفعته بعنف مُغيبة بظلال الذكرى السوداء هاتفة من عمق الظلام
ـ ابعد عني أن بقرف منك ومن نفسي ..
اقتربت أمها تدعمها محتضنة ظهرها تنظر إليهما بعدم فهم والمعالجة الفيزيائية استشعرت الحرج فتركت الغرفة لهم وذهبت إلى الصالة
كانت عيناه في عيناها تنطفئ نجومها وبالآلام تفيض ،
رأته كيف يزدرد لعابه ، يضيع منها ويضيع من نفسه
فصرخت بالتزامن مع لكم صدره بقبضتها
ـ امشي بقى كفاية كدة .
نفدت طاقته واكتفى تقدم خطوة وجذبها من بين كفيّ أمها ، احتضنها وشدد ذراعيه حولها يقاوم نفورها ورفضها ، أغمض عينيه وسمعته قرب أذنها يتأوه بخفوت ، قبل جبينها ومن ثم أعادها إلى أحضان أمها المصدومة مما يحدث
وهو نظر إليها بنظرة لأول مرة ميتة
ـ حاضر همشي ياليلى .
استدار وتركها خلفه تنسحب منها أنفاسها ويضيق صدرها ورحل
التفتت إلى أمها المصدومة وقالت بصوت مذبوح
ـ ساعديني عايزة أنام ، كويس أنه مشي مش عايزة أشوفه تاني ، ولاعايزة أتعالج

انتهى الفصل قراءة ممتعة💙🌸

salwa habiba and egmannou like this.

samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-08-20, 09:56 PM   #28

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

] .. الفصل السادس عشر
.........
كان ينتشي تحت ضوء القمر وكانت تتفتح مع أول خيوط الشمس
لا يبغيان إلا في مجرة سماواتها العشق في تمامه وأراضيها الرضا بألآمه
...........
تركها خلفه حُطام ، كانت بين أحضان أمها تغيب في سرداب من الوحشة
وكان هو يهرول للخارج ونظم خطواته مُحتد
وعند الباب أغلقه بهدوء وانصرف ، رأته المعالجة الفيزيائية قد رحل فدلفت مجددًا إلى الغرفة وجدت ليلى تكتم انفعالها رغم آثار التدمير في عينيها حدثت السيدة ليلى المشدوهة بلين
ـ ساعديني يامدام ليلى عشان تنام في سريرها .
تعاونتا وساعدتاها بينما هي أغمضت عينيها وغصة المرارة تحتل حلقها ، مذاق الحنظل كان يكويها ، حلَّ عليها الوسن فنامت وأمها ودعت المعالجة واحتضنتها في نومها المضطرب ، كانت عاجزة عن فهم أسباب ما رأته ، تعلم أن ابنتها مجروحة منه لكن ألهذه الدرجة قد آذاها ؟
كانت تشدد ذراعيها حول ليلى الغافية غارقة في كوابيس الفقد خاصتها
، حلَّ المساء بغيوم ليلية مُعتمة ، فرقت ليلى أجفانها فوجدت أمها تراقبها بقلق
تقدمت الأم تمسد خصلات ابنتها وتتلو عليها آيات من القرآن ، تنهدت ليلى بتعب
فسألتها أمها بحنوها المعتاد
ـ عاملة إيه دلوقت يا ليلى ؟
أسبلت ليلى أهدابها ، لم تجد ردًا مناسبًا فتنهدت بصمت
نهضت أمها ، أحضرت لها طعامًا فتناولته شاردة دون شهية ، لم ترفضه وكأنها مُسيَّرة تؤدي وظائفها فقط
تهالكت أمها على المقعد المجاور للفراش قائلة
ـ باباكِ جه وأنتِ نايمة وشافك .
توترت أجفان ليلى في جلستها ولم تعقب بينما أكملت الأم
ـ مقولتش له تفاصيل ، قلت له إن حصل خلاف بينكم وهو لقاكِ مش حابة وجوده ف مشي .
كانت غصة ليلى تتزايد كلما تحدثت أمها عن الأمر
عندما وجدتها الأم صامتة وبختها وكأن أملها فيها قد خاب
ـ أنا مربيتش بنتي تربية تخليها تهين جوزها كدة ، لا قدام الناس ولا حتى بينها وبينه .
زفرت ليلى وأيضًا لم تتخلَ عن صمتها
أمها لا تفهم ما تمر به ، قد رأت الموقف من الخارج وهي لن تحكي مهما حدث
حثتها على الخروج من قوقعتها الصلبة تلك
ـ اتكلمي يا ليلى واحكي لي إيه اللي حصل من البداية .
وهزت رأسها بعدم رضا
ـ مش ده حذيفة ؟
ولا اتغير!
ظلت ليلى صامتة كما هي فهتفت أمها بنزق
ـ ساكتة ليه ؟
بيحبك وبتحبيه ورغم إللي حصل كله أهلك وأهله لسة بيدوكم فرصة .
حاصرتها في ركن مظلم
ـ فين المشكلة دلوقت؟
وقتها كان بركان ليلى على حافة الانفجار فصرخت وخرج صوتها مبحوحًا
ـ أرجوكِ ياماما .
هتفت أمها بصبرنافد
ـ أرجوكِ أنتِ انطقي ، يمكن لما تحكي لي نلاقي حل .
انزلق جسد ليلى على الفراش باستسلام جذبت الغطاء وأغمضت عينيها بوهن
ـ سبيني أنام ياماما.
وأمها اقتربت منها بعدما نهضت
ـ وإيه حكاية مش هتتعالجي دي؟
فتحت ليلى عينيها بيأس
ـ مش هتعالج فعلًا ، أناعايزة أفضل كدة .
قالتها وكانت مؤمنة أن ذلك هو عقابها الأمثل ؛ ألا تعود للحركة الطبيعية مجددًا وأن يبتعد هو عنها كما حدث اليوم،
هتفت فيها أمها بغضب
ـ خلاص باباكِ يتصرف معاكِ
............
أيها المسخ
التائه بلا عون
لا تحدثني عن الصبر
بل غنِّ لي معزوفات المُر
ومزق كل عهود الحب
ليتك ما تركت عليائك ما سقط
ولا عن وهج القمر تخليت
أنتَ اليوم بلا عرش
لا السماء حملتك ولا تلقفتك أرض..


هرب من أشباح ضعفه اللعينة بعدما رأى الشمس في عينيها ترحل وينسدل الشفق ، بعدما رأى الغروب الذي يمقته يُخيم ، نزل درجات السلم مُتعجلًا يغلق على جوارحه التي تنازعه إليها الطريق ، وقف على باب بنايتها كغريب عن وطنه مُرتحل ، ترك قلبًا وروحًا معها وذهب
كان واقفًا و أمامه بنايته على بعد بنايتين من جهة اليسار ، فكر لوهلة ب سادية أن يدلف ويعذب نفسه بذكرى سقوطها لكنه قرر أن يحافظ على ما تبقى منه واندفع نحو سيارته ؛ قادها مغادرًا الحي كله
لم يكن بحالة تسمح له بالدوران بها فاتجه نحو منزل عائلته مباشرة
والمنزل كان فارغًا ، لأن الوقت كان لايزال نهارًا قابلته الخادمة في الرواق الفسيح وسألته عن حاله أومأ بلا معنى و باشر خطواته مغمغمًا
ـ محدش يصحيني .
ارتقى الدرج ، قطع الرواق العلوي ودخل غرفته في نهايته مغلقًا خلفه الباب بهدوء
خلع ملابسه وألقاها على الأرض بلا اكترث ، بقي فقط بسرواله الداخلي وتدثر بالأغطية على فراشه الوثير أطفأ الضوء إلا من مصباح خافت
ظل ينظر للسقف بتجهم كلما قفزت إلى عقله ذكرى نحَّاها
كان يتوسل النوم كي يسرقه ، إن ترك لمشاعره وذكرياته الاختلاط سيحترق
بعد وقت طويل اختطفه الوسن ، وأثناء غفوته طلت عليه أمه بعدما علمت بوجوده ، رأت كم هو متعب وملامحه تفضحه
استبد بها القلق فحدثت صديقتها السيدة ليلى التي أخبرتها أنه وابنتها قد تشاجرا ولم تمدها بتفاصيل ،
استيقظ حذيفة قبل بزوغ الفجر بساعتين برأس مثقل وجسد متألم ، هل الحزن يمنح الجسد علة كما يقولون ؟
نهض من فراشه ، ارتدى سروالًا بيتيًّا وخرج من غرفته عاري الجذع بخصلات مشعثة
نزل على الدرج قاصدًا المطبخ فرأته أمه الجالسة في الصالة الكبيرة تقرأ
نهضت في عجالة وهرولت إليه تسأله بلهفة
ـ خير يا حبيبي في إيه ؟
رفع عينيه الناعستين إليها بغرابة وقال بصوت أجش
ـ في إيه !
تقدمت منه أكثر تتمسك بكفه وسألته بتوتر
ـ إيه إللي حصل بينك وبين مراتك ؟
بعينين نصف مغلقتين ومزاجية قاتمة أجابها
ـ خلاف بسيط وسيبتها ترتاح شوية
استنكرت بصوت مرتفع وأعين رافضة
ـ شكلك كدة وخلاف بسيط ، أومال لو سيبتو بعض كان هيبقى شكلك إيه ؟
هو لم يرَ شكله ولا يعرف ما تراه أمه بالضبط لكنه وقتها سمح لشظية من عمق نيرانه أن تحلق
فقال بحدة قاسية
ـ أيوة سيبنا بعض .
وهي لم تتركه وشهقت ب هلع
ـ إزاي وأنتَ بتحبها ؟
احتد صوته الخشن أكثر وقال بتهكم
ـ أخدت فرصتي وفشلت .
وقبل أن تعاود استجوابها له كان قد انصرف نحوالمطبخ تاركًا إياها خلفه وغمغم
ـ مش عايز أتكلم تاني لا معاكِ ولا مع أي حد
وكان يقصد أباه وعمه محمد تحديدًا حيث أنهما لن يتركاه هكذا دون تدخل
..........................
في الصباح الباكر أيقظتها لأول مرة عصافير الحي
تذكرت جملته القصيرة ( نومك ثقيل )
اليوم مجرد زقزقة حرمتها ذلك النوم الثقيل
ظلت في فراشها لوقت طويل تشرد في فراشه المقابل لها ، واستعادت شكله أثناء نومه حينما كانت تختلس النظر إليه فقد كان يتململ كثيرًا دون أن يشعر أنها تراقبه ، أمالت عينيها نحو خزانته ومنها إلى سترته المعلقة على القائم بجانبها ، لابد أن تلك السترة مشبعة بعبقه
هل اشتاقت بتلك السهولة ؟
رفعت يمناها تنظرإلى الخاتم الذي لم تخلعه
وإن خلعته ما الذي سيختلف ، صاحبه يحتلها ولاتملك التخلص منه حتى وإن رحل
عادت بعينيها إلى الكومود بجانبها حركت جسدها ببطء واعتدلت قليلًا ، فتحت درجه الممتلئ بالشيكولا ، تنهدت وأغلقته وفتحت الدرج الآخر، شردت في محتوياته لعدة لحظات تحبس أنفاسها ، مدت يدها المرتجفة والتقطت سلسلة مفاتيح

كانت تحوي مِفتاحًا معلق بميدالية مكونة من خمسة قلوب مرتبطة ببعض بشكل طولي وعليها حروف اسمها بالترتيب ، لم تشعر أنها كانت تبكي إلا عندما أغرقت دموعها الميدالية في يدها
صوته أتاها من عمق الذاكرة يدغدغ حواسها ( دة مفتاح بيتنا)
أغمضت عينيها يعاودها حلمها الأثير؛
منزل يجمعها به مع أولاد منه وحديقة تحفها الشجيرات
شهقت باختناق لا إراديّ
ألقت السلسلة في الدرج وأغلقته بحدة
راحت تتنفس ببطء حتى انتظمت أنفاسها وجفت دموعها على وجنتيها
بعد ساعتين كاملتين من الشرود طرقت أمها على الباب فسمحت لها أن تدلف بصوت خافت ، دخلت السيدة ليلى وهي استسلمت لأناملها التي ساعدتها في روتينها الصباحي
ألبستها ثيابًا بيتية أنيقة وصففت لها خصلاتها وهي متجمدة كما هي بلا شعور
بعد نصف الساعة وجدت أباها أمام باب غرفتها المفتوح يبتسم لها ابتسامة هادئة
ابتسمت له بلا إحساس حقيقي فدلف بهدوء ، سحب كرسيًّا وجلس بجانب فراشها
طلب من زوجته أن تحضر الإفطار ليتناوله مع ابنته فانصرفت أمها الصامتة طوال الوقت نحو المطبخ
وهو تأمل هيئتها المنمقة وصمتها الكئيب ، شعر بأن قلبها قد وصل إلى الشيخوخة في أوج شبابها
كانت مسبلة أهدابها تنتظر منه المباردة وهو لم يطل صمته المتفحص لها وبادر بصوت لين
ـ ضيع فرصته ؟
رفعت عينيها إليه فوجدهما منطفئتين ، تلكما العينين كانتا تبحران في أطياف من الوهج فيما مضى
كان يعرفها جيدًا ويعلم أنه سيراها على تلك الحال ما إن حكت له زوجته أن ليلى قد تشاجرت مع زوجها ورحل
طالعته دون رد فأكمل
ـ خلاص هي كانت فرصة واحدة وأنا مش هديله غيرها .
رأي الحزن يسدل ستاره في عينيها أكثر دون أن يصل إلى رد فعل غير ذلك ، فقط يفيض في قلبها فتفضحه عيناها
جذب كفها يربت عليه ، هذه الفتاة هي علة قلبه وحزنها الصامت يقطع أنسجة خافقه
تنهد بتثاقل ومن ثم سألها
ـ كنتِ بتتعالجي عشانه ؟
هزت رأسها نفيًا فتبعثرت خصلاتها
أكمل أسئلته بصوت حزين
ـ بتعاقبي نفسك دلوقت ومش عايزة تتعالجي ؟
أطرقت بصمت خانق فأردف بصوت استشعرت منه الرجاء
ـ اتعالجي عشاني أنا .
عادت تنظرإليه ، تجمعت في مقلتيها بوادر العبرات وأنفاسها اختنقت
فاستكمل هو بمشاعر أبوة خالصة
ـ نفسي ترجعي تقفي على رجليكِ تاني وتقابليني على الباب زي زمان
وهنا لم تستطع كبح دموعها فسالت ، وقلبها الرابض خلف ضلوعها ازداد شيخوخة ، هذا الأب لا يستحق أن تؤلمه هكذا فرضخت
ـ حاضر يابابا ، لو ده هيريح حضرتك هكمل العلاج .
استقام يجذبها إلى حضنه فازداد بكاؤها وتعالى معه النشيج ، كانت أناملها المرتجفة متشبثةً بسترته بيأس هدأت فورة انهيارها ومن ثم قالت بصوت مبحوح
ـ مش قادرة أطلب منك تسامحني يابابا.
تنهد بتثاقل وربت على خصلاتها بحب قائلًا بحكمة
ـ المهم اتعلمي درسك ، وكفاية حزن .
التقطت أنفاسها بصعوبة ، مسحت عبراتها بأناملها وتنهدت
فيما قال هو بلهجة لا تقبل جدال
ـ أنا كلمت الدكتور وحددلك ميعاد العملية الأسبوع الجاي .
اتسعت عيناها برفض هي ليست مستعدة لتلك الجراحة في الوقت الحالي شعر باستيائها فحذرها بلين
ـ إحنا اتفقنا هتكملي العلاج ، أنا عارف إنك خايفة بس أنا ومامتك وأخوكِ جنبك .
توالت إلى قلبها رياح الفقد تباعًا عندما ذكر المؤازرين لها في محنتها وتجاهل حذيفة
عادت تلوم نفسها أليست هي من نبذته بنفسها ؟
في تلك اللحظة بالذات ترسخ في نفسها أن الحياة بحلوها ومُرها لا تستقيم بدونه ، لكنها اليوم ستدهس الحب تحت أقدام الكبرياء..
رأى والدها ماذا فعل بها تجاهله المقصود لذكر زوجها ، هي تعيش الخواء بدونه وتكابر،
قبَّل وجنتها ، ربت على كتفها ومن ثم عاد يجلس على مقعده مناديًا أمها كي تحضر طعام الإفطار..
............
عوقب إبليس المذنب بالطرد من الجنة وكان عبرة ؛
ماذا عن إبليس التائب ؟
أليس له جنة !
صباحه لم يختلف كتيرًا عن صباحها
بل كان مُختلفًا بعض الشيء فقد كان يشعل لفافة التبغ الجديدة من المستهلكة قبل أن يدهسها في المرمدة
منذ أن استيقظ قبيل الفجر لم ينم وأتاه الصباح فلم يشعر به حيث كانت نوافذ غرفته مغلقة وتسبح في ظلام ، كان جالسًا فوق فراشه وأمامه المرمدة الممتلئة بأعقاب التبغ،
الذكريات التى هرب منها قبل نومه تدفقت إلى عقله عنوة ، من اليوم الأول لنظراتها العاشقة ،
حبه لها الذي غافله وتسيد قلبه
ضياعها منه واستمرارها بين أروقة التيه
وأخيرًا نظرة النفور والاشمئزاز التي قضت على آخر بقايا صبره
هو رجل يحارب من أجل حبيبته للرمق الأخير ، لكنه لحظة الإهانة يستسلم
وها هو قد رفع الراية وتركها ..
سمع طرقات على الباب فأذن للطارق وكان حمزة الذي سعل بشدة قبل أن يندفع نحو النافذة المطلة ..على الحديقة ويفتحها
عاد إليه يهتف بنزق
ـ إيه ده كله ياحذيفة دة أنت مدخنة !
نفث حذيفة دخان تبغه بهدوء قبل أن يسأله بلا مبالاة بصوته الأجش
ـ الساعة كام ؟
أجابه حمزة بعدم رضا
ـ الساعة 8
دهس بقايا اللفافة في المرمدة ونهض يشد قامته ، تجاهل وجود أخيه الذي جلس على الأريكة الوثيرة بقرب النافذة واندفع نحو الحمام ، اغتسل بماء بارد غير مكترثٍ ببرودة الطقس عله يطفأ فورة غليانه ، خرج يلف حول خصره منشفة ، انطلق نحو غرفة تبديل الملابس ، ارتدى ملابسًا كلاسيكية أنيقة وخرج إلى حمزة المتوتر، لم يحدثه والتقط سلسلة مفاتيحه وهاتفه منتويًا الذهاب إلى العمل ودفن أفكاره كلها منشغلًا به ، يحتاج لأن يعمل ويشتت تركيزه المنصب عليها
نهض حمزة قاطعًا خطواته الراحلة سائلًا إياه بتوجس
ـ أنتَ سيبتها بجد ؟
زفر حذيفة بمزاجية قاتمة
ـ أيوة .
عاجله حمزة هلعًا بعدما قبض على معصم أخيه
ـ حرام عليك ياحذيفة ليلى محتجالك.
خلص حذيفة ذراعه من قبضة أخيه بلين ، كز على أسنانه وتصلب فكه
ـ مش عايز أتكلم ياحمزة .
عاد حمزة يقبض بكلا كفيه على ذراعي أخيه
ـ أنت قلت لي يوم ما اتجوزتها إنها حبيبتك ، وهي يوم ما أنتَ تأخرت كلمتني وكانت خايفة عليك .
وازدادت وتيرة توبيخه بصوت أكثرحدة
ـ سيبتها ليه وهي مش بتعرف تتحرك لوحدها ؟
وقتها اهتز جسد حذيفة قليلًا وأخذته أفكاره إلى عينيها في أوقات الحب والحزن ولحظات التماع الحلم
إلى تناقض البريق وصولًا إلى العجز
تأوه بصوت متعب ، ما هذا الظلم الذي تعرضت له
هي لم تفعل شيئًا سوى أنها أحبت !
جذب خصلاته بحدة ، يا إلهي لقد استوطنه اليأس
قد حاول أن يمحو عن قلبها الحزن ولم يحالفه الحظ
لم يمضِ إلا ساعات فقط وأوحشه قربها
قد أضحى غارقًا في بحار الشوق بلا شطآن تأويه .
بهدوء ابتعد عن مرمى قبضتي أخيه الذي تركه ما إن رأي الكآبة تعتصر قلبه
رحل حذيفة بخطوات ثقيلة مغمغًا
ـ عشان هي تعبت من وجودي معاها ياحمزة.
..............
ليس هناك فارق كبيرإن كان الوقت صباحًا أوحتى مساء هي في كل الأوقات عاجزة لاتقوى على حراك
الجميع يأتي ويذهب وهي في محلها ساكنة
أخ وعائلة وصديقات ، الجميع يتناوبون على زيارتها وتتفاعل معهم من على السطح وعمقها مغلق لا يحتوي على شيء من الأساس
الابتسامة لا تصل لعينيها ولا تمس قلبها والكل يلاحظ خفوت هالتها حد أنهم باتوا يؤمنون أنها فقدت الحياة عندما افترقت عنه ، معه كانت حزينة أيضًا لكنها بشكل ما كانت تعيش وتشعر بما حولها
كانت عزة تجلس مقابلة لها على نفس الفراش تحدثها بتوبيخ طفيف
ـ أنتِ غلطانة ياليلى إزاي تهيني جوزك كدة قدام مامتك والدكتورة .
كانت والدتها قد حدثت عزة وأمل تشكو لهما ما فعلته ليلى ، وطلبت منهن فهم ما تمر به وتعجز هي عن فهمه وأيضًا طلبت أن ينصحاها أن تساعد زوجها في ترميم الوضع بينهما
تأففت ليلى المستنزفة بنزق
ـ حتى أنتِ ياعزة؟
هزت عزة رأسها بعدم رضا وزمت شفتيها قبل أن تتحدث بعقلانية
ـ أنا أيوة مش بطيقه وهو سمج بس بصراحة أنتِ هينتي كرامته يا ليلى .
وأكدت لها ما شق قلبها بسكين حاد فبات ينزف
ـ أي راجل مكانه هيمشي وعمره ما هيرجعلك
عضت ليلى شفتيها تمنع نفسها الانهيار
أكملت عزة
ـ أنا عارفة إنه كان ضاغط عليكِ بوجوه هنا ، وبيأثر فيكِ غصب عنك.
تنهدت ومن ثم قالت بسفسطائية
ـ في مقولة بتقول لو معرفتيش تقاومي الاغتصاب استمتعي .
تطلعت إليها ليلى بعينين ذابلتين وقلب مُجهَد ومن ثم قالت بتهكم مرير
ـ وأنتِ لما حد هيغتصبك هتستمتعي؟
شدت عزة ظهرها ورفعت أنفها بشموخ
ـ لا أنا هقتله ..
وأشارت نحو ليلى بسبابتها
ـ أنا بتكلم عنك أنتِ..
زفرت ليلى بغضب وعيناها احتدتا
ـ ليه بقى بتتكلمي عني أنا ؟
فردت عزة كفها أمامها تسرد بتأكيد لا يقبل شك
ـ عشان بتحبيه قوي .
شبكت ليلى ذراعيها أمام صدرها وأشاحت بوجهها عنها فيما أردفت عزة
ـ ورُغم برده إني بشوفه شخص قتم لكن في الحقيقة هو بيحبك وبيحاول يصلح جزء من إللي حصل .
عادت ليلى تنظر إليها سائلة إياها بتهكم
ـ عرفتي كل ده فجاة كدة .
تنهدت عزة وصمتت لحظات
هي ولأول مرة تنصف حذيفة في شيء ، لقد رأت حبه لليلى جليًّا ، وترى الآن حالة ليلى المزرية ، تلك الباردة متجمدة المشاعر ليست صديقتها التي تعرفها
عادت تسرد ما تشعر به
ـ بيحبك وأنا متأكدة ، وساب بيته وجه يعيش معاكِ هنا عشان ميسيبكيش في أزمتك لوحدك .
أغمضت ليلى عينيها لا تريد التأثر لأنه سيوجعها وهي لم تعد تحتمل
تذكرت كلامًا مشابهًا لما تقوله عزة قد قاله فيما مضى زفرت وفتحت عينيها متنهدة ، الساعات تمر بتثاقل وهي رُغم الزحام حولها وحيدة ..
..........
ذهبت عزة وجاءت أمل وأمل أكثر تقديرًا للوضع لأنها مُلمة بمعظم جوانبه ، بالإضافة إلى أنها حنون وليست جافة المشاعر ك عزة فكانت أكثر لينًا في نصحها
ـ بتعاقبيه ولا بتعاقبي نفسك يا ليلى ؟
غطت ليلى وجهها بكلا كفيها تفرك جبينها وقلبها تتلكأ دقاته في رتابة
ـ بعاقب نفسي .
وقتها اقتربت منها أمل والتقطت كفها بين راحتيها تمسدهما بحنان فترسل إلى أوصالها الدفء
ـ كفاية عقاب يا ليلى .
وليلى زفرت قبل أن تتدرج وجنتاها بالحمرة القانية وتردف
ـ سلمت له من غير أي مقاومة .
تغورقت مقلتاها بالعبرات فيما أكملت تشير لنفسها بغضب
ـ مش عايزة أخف ، خايفة أخف عشان عارفة أني مش هقدر أبعده عني لو قرب أكتر.
صمتت تزدرد لعابها وتمسد جبهتها بضياع
ـ لما حضني محسيتش غير بندالته معايا ورُخصي أنا .
صمتت مجددًا تلتقط أنفاسها وتهدئ من روع دقات قلبها
ـ محستش بوجود حد معانا ؛ وقتها مشوفتش غيرنا ، حسيت متأخربإللي قلته لما حضني وبعدها سابني ومشي .
أنهت كلامها بنحيب جعل قلب أمل يتألم فاحتضنتها وأخذت تربت على كتفها بحنان
فيما قالت بعزم
ـ وإيه يعني لما جوزك يبوسك وتسلمي من غير مقاومة .
رفعت ليلى رأسها إليها تنظر بعدم فهم فأخذت أمل توضح بتأكيد
ـ دة جوزك مفيش حاجة بينكم اسمها رخص .
ازدردت ليلى لعابها بعسر قائلة
ـ حذيفة مش جوزي يا أمل ، أنا وافقت غصب عني .
جابهت أمل نظرات ليلى بتحدي
ـ طب هتموتي عليه ليه دلوقت .
أخفضت ليلى عينيها خزيًا ، فرفعت أمل ذقن صديقتها بسبابتها وإبهامها لتنظر في عينيها وتقول بتصميم
ـ عشان من جواكي عارفة إن هو ليكِ ، وإللي عمليته كله عشان إحساسك إن حذيفة حقك .
ازدادت وتيرة أنفاس ليلى وارتجف جسدها ولم تجد ما ترد به فأردفت أمل بقوة
ـ ودلوقت لما بقى حقك بجد بتبعديه ؟
زفرت أمل لتكمل بصبر
ـ حقك إنه يعوضك عن إللي فات أنتو محتاجين بعض .
أطرقت تقول بشفقة
ـ أشرف حكى لي عن كلامه مع نديم وأول مرة يقولي حاجة زي دي .
تنهدت تتذكر كيف جائها زوجها بشعور الضيق والشفقة على صديقيه ، سألته عما جرى فحكى كل شيء واسترسل ، تغلغل إليها اليقين بأن ليلى إن سمعت منه ذات يوم ستتجاوز جزءً كبيرًا من أزمتها
وليلى عادت إلى يوم واجه أخاها وجائها بقلبه المثقل بالهموم
زفرت بضيق وسألت أمل
ـ حكى لك إيه ؟
هزت أمل رأسها رفضًا للبوح
ـ هو يحكي لك ولازم تسمعيه ..
قطبت ليلى بغير فهم
ـ يحكي لي إيه يا أمل؟
تنهدت أمل بتثاقل
ـ ظروفه ياليلى جوزك محتاجلك زي ما أنتِ محتجاه ..
أغمضت ليلى عينيها بيأس واحتضنت رأسها براحتيها تقول بقلة حيلة
ـ أنا ضايعة يا أمل ومش فاهمة حاجة أبدًا .
قبضت أمل بأنامل كفيها على أنامل ليلى قائلة بهدوء حذر
ـ مش مهم كل ده ، المهم لو في يوم رجع لك إوعي تضيعي إللي بينكم .
ونظرت في عينيها بصلابة
ـ خدي حقك منه حب واهتمام ولو قرب إيه المانع .
ونقرت بسبابتها على رأس ليلى قبل أن تردف
ـ حتى لو وخلفتِ منه كمان بعد ماتخفي ، كرامتك مصانة عشان أنتم متجوزين وأهلك وأهله مش رافضين .
كانت ليلى تهز رأسها بنفي لا توافق أمل رأيها رغم دغدغة طفيفة انتابت قلبها عند تخيل حياة سوية معه
لكنها تعلم أن حرب الكرامة بينهما ذات قوى متساوية الأقطاب
مُهان الكرامة يعتنق البعد والمجروح بالعصيان يجود..
................
عند ارتفاع منسوب الحزن في القلب نعجز عن مشاركة الفرح مع من نحب
جالسًا أمامها يخبرها بفرحة منقوصة عن حمل زوجته
وهي للحق حاولت أن تبدي انفعالًا
لدقائق حاولت أن تفتح أبواب قلبها لبصيص خافت من السعادة لكن أبوابه كانت موصدة بقفل صدئ
كان نديم ينظر إليها ويرى في عينيها ما تعانيه
تلك المتجمدة أمامه كانت الفرحة تفيض من عينيها قبل ثغرها إن شعرت ببعض السعادة
واليوم هي تفتح فمها وتغلقه دون أن تستطيع تكوين جملة مباركة واحدة
عاجزة حتى عن إدعاء الفرحة
بعد عدة قائق كان انفعالها بكاء
ـ مش عارفة أفرح عشانك يانديم .
وتوسلته أن يتفهم
ـ أنا آسفة قوي .
تحشرج صوتها فيما قالت وهي تهز رأسها بلا معنى
ـ إن شاءالله أروى هتقوم بالسلامة وهيكون عندكم بيبي جميل .
وشردت في الفراغ قائلة بحسرة
ـ يمكن وقتها أقدر أفرح عشانك.
وكأن الفرحة تلتف حولها وساحرة تعتنق الشر تقف لها بالمرصاد
تنفست باختناق قائلة
ـ بس دلوقت مش قادرة .
تمنت لحظتها أن ينمحي العشق الملعون من قلبها أو تنمحي الآلام وتداوى جروحها بالنسيان..
كان يراقب شحوبها وعينيها الغائرتين بقهر
يراها مجروحة وقلبها مُعتل ، يداه مغلولتان لا يمتلك حيلة أو عصا سحرية تقتل في قلبها الحزن وتحيها من جديد ، ضمها إلى صدره بصمت وربت على رأسها بحنو فاستكانت ، تنهدت بعجز لا يقل عن عجزه شيئًا ولم يتحدث منهما أحد ..
........
أنتِ امرأة استثناية إن فتّش مفتون بكِ عن عبقك بين طيات الأعشاب ..
يفرد جسده باسترخاء ظاهري على الأرض العشبية لحديقة منزل والده الشاسعة ، شجن وغصة يحتلان قلبه منذ تركها ، كل النباتات حوله تذكره بها فيرى في جمالها تضادًا مع بشاعة ما اقترف ، هي امرأة روحها وارفة كأشجار البساتين وقلبها جنة مُحلاة برحيق الزهور وبين أحضانها عشب الأرض مُعبقًا بالنسيم ..
يعيش في بعدها كالمهزوم في حرب شنها بمهارة ولحداثة عهده كمحارب لم يسد ثغرة الضعف جيدًا فوقع ضحية ضعفه حين غفلة
يعلم أن القبلة هي أول هزائمه وآخرها
لم ينفذ نصيحة الطبيب بحذافيرها واقترب وليته ما فعل ،
كان قد مر أسبوع كامل على احتضان الوداع ، هاتفه لم يفارق يده إلا قليلًا ، روحه تنازعه أن يقتل الكبرياء .
لكن كيف يعود لها وهي منه ومن نفسها تشمئز
كتب رسالة ومسحها مئات المرات وعندها هي كانت تفتح محادثته وترى أنه يكتب ولم يرسل أي شيء مما كتب
رسالته لم تصل إلى هاتفها بل من قلبه إلى قلبها
لا تحتاج أحبارًا وأوراقًا
أُحبك ليلاي وأشتاق
اللعنة على عشق يوهن حصون القلب
اللعنة على الغضب
اللعنة على الكبرياء
اللعنة كل اللعنة على الفراق ..
من خلفه جلس نديم على مقعد هزاز يراقب استلقائه البائس على حشائش الحديقة ، تندر عليه بكلمات متهكمات
ـ كرامتك وجعتك !
انتفض حذيفة عندما سمع جملة نديم ، استقام يواجهه والآخر ظل جالسًا في مكانه يطالعه بصلابة
تقدم منه ووقف أمامه ، هيئته المزرية تفضح الوجع الذي استوطن قلبه
لم يجد حذيفة ما يقوله فقال نديم بتشفي
ـ تستحق .
أطرق حذيفة وزفر بقنوط فاسترسل نديم
ـ زي ما دوست على كرامتنا كلنا قبل كدة ، النهاردة تستحق إن ليلى تدوس على كرامتك .
تنفس حذيفة بصوت مرتفع ، كان مشحون العواطف غاضب وناقم على كل الوضع
قال بخفوت حذر
ـ عايز إيه يانديم ؟
وكز على أسنانه وتغضن جبينه بامتعاض قبل أن يردف
ـ جاي تطلب لها الطلاق ولا إيه ؟
نهض نديم يواجهه بعنفوان وعيناه تظللتا بأطياف التحدي
ـ عايز الدين إللي عليك !
جعد حذيفة ما بين حاجبيه واستفهم بعينيه
فأجابه نديم ببساطة
ـ رجعلي أختي.
كلا ليست بساطة في عمقها
بل هي تشبه الإمضاء على صك
صك غفران ربما لن يكتمل
لكنه أول طريق العودة إلى صداقة كانت قوية ومازال لها أحبالٌ وأواصر ..
قال جملته وقبل أن يرحل أتبعها بأخرى أكثر خفوتًا
ـ ليلى هتعمل العملية بكرة .
رحل وتركه خلفه لا تحمله قدماه وجلس متربعًا على الأرض
قلبه تضخم من فرط الضغط عليه ، كان يعلم بموعد الجراحة ويحاول صرف تفكيره عنها
يشعر بخوفها من الغد ، يعلم أنها تخاف من مجرد وخز الإبر حتى
تنهد بعمق ، التقط هاتفته وسجل لها رسالة صوتية بصوته الملتاع
( حبي مكنش كافي عشان إللي بينا يكمل ياليلى ؟)
وصلتها وهي متدثرة في فراشها تدَّعي أنها نائمة وتوهم الجميع أنها بخير والكل يعلم أنها أبعد ما يكون عن ذلك
كانت تقرب الهاتف من وجهها ليحرق ضوئه عينيها المتورمة من فرط البكاء فتغلقها بألم
فتحت عينيها وزفرت أنفاسها الساخنة والقلب بالوجع مُستوطَن
ردت له رسالته بصوتها الباكي
( حظنا وحش ياحذيفة )
........
بطل الأحلام فارس
وبطل الكوابيس وغد
وبطل الاثنين هو حبيب من أرض الواقع ..
وضعت الهاتف فوق وسادتها بعدما أرسلت رسالتها وأغلقته
تساءلت عن ماهية الحب
هل هو في كل أحواله مؤلم هكذا
أم أن القدر يدخر للعاشقين بعد الغرق في بحار الآلام مراسي ..
نامت ولم تنم
رأته في أحلامها كعاشق وفي كوابيسها كغادر
كانت مغمضة العينين وتشعر أنه أمامها ، عيناه الآسرتان تطوفان فوق حنايا وجهها
عبقه دغدغ أنفها فتأوهت ، ابتسم هو بحب
تلك الغبية تحبه أكثر مما يجب
فتحت عينيها فجأة فقلبها خلف ضلوعها ارتج
نظرت في عينيه بالتماع حطم السدود في قلبه فتدفق فيه عذب الحب
ابتسمت ابتسامة تحمل القبول والرفض في آن واحد فابتسم هو بتوجس
نهض يشد قامته فرفعت عينيها معه ولم تغب ابتسامتها ، ازدادت البسمة اتساعًا وحلاوة جعلته يقسم أنها الآن تخطط أن توقعه في فخ جديد
أزاحت جسدها ببطء كما فعلت من قبل وأفسحت له مكانًا
نظرت إليه وإلى المكان الفارغ تباعًا وتقلصت ابتسامة ثغرها وبالاحتياج كانت عيناها تفيض
ارتد هو للخلف بمسرحية وقبض مقدمة قميصه القطني قائلًا بهلع مصطنع
ـ أنتِ عايزة مني إيه ؟
أسبلت أهدابها وضحكت بخفوت قبل أن تنظر إليه مجددًا بابتسامة خاصة جعلت خفقاته تتمرد
ـ عايزاك كلك ياحذيفة !
وقتها تنهد بارتياح مصطنع وخلع سترته الجلدية وحذائه الرياضي واندس بجانبها قائلًا بشقاوة
ـ مش تقولي كدة من الصبح .
غطت وجهها بكفيها وعضت شفتيها خجلًا
فدغدغ حواسها بهمسه
ـ سريرك ضيق قوي ياآنسة ليلى .
من خلف يديها قالت بتردد
ـ ما أنتَ هتحضني .
شهق قبل أن يقول بصوت متهكم
ـ طيب استني أجيب موبايلي عشان أسجل كلامك عشان لما تتهميني الصبح بالتحرش الأقي أدلة تطلعني براءة .
أزاح كفيها عن وجهها ونظر في عمق عينيها بشجن قائلًا بصوت أجش
ـ وحشتيني!
كانت تنظر إليه وقلبها يهرع إلى أحضانه
وقتها شعرت أن الأمور كانت معقدة أكثر من اللازم
وأن الحب بسيط بساطة انزلاق قطرة ندى على حواف العشب
لا يحتاج إلى فلسفة أو مهاترات
هو تلك النظرة الخاصة التي تجعل القلب يدق ..
اقتربت الإنشات الضئيلة التي كان يحافظ عليها كبعد بينهما منذ استلقى بجانبها
التصقت به وتوسدت صدره برأسها لف هو ذراعه اليسرى حول خصرها النحيل وقربها منه أكثر فرفعت عينيها تنظر إليه وتتنهد
قبل رأسها واحتضن بكفه اليمنى وجنتها هامسًا بما يشبه نثر زهور الربيع بعد انقشاع شتاء الحب
ـ بحبك !
انتهى الفصل

salwa habiba and egmannou like this.

samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-08-20, 10:31 PM   #29

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

ليلتك سعيدة.... هل تريدين حذف اول مشاركة ل الفصل السادس عشر؟.....

بانتظار ردك....


ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 07-08-20, 10:33 PM   #30

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

أيوة ياريت بعد اذنك 💙
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ebti مشاهدة المشاركة
ليلتك سعيدة.... هل تريدين حذف اول مشاركة ل الفصل السادس عشر؟.....

بانتظار ردك....


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:32 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.