11-07-20, 08:51 PM
| #658 | ||||
| كاتبة في قصص من وحي الاعضاء 
|  الفصل الخامس عشر من أجل عينيك عشقت الهوي من أجل عينيك عشقت الهوي من أجل عينيك عشقت الهوي بعد زمان، بعد زمان كنت فيه الخلي وأصبحت عيني بعد الكري تقول للسهيد لا لا ترحل يا فاتناً لولاهُ ما هزني وجد ولا طعم الهوي طاب لي هذا فؤادي فامتلك أمرهُ وأظلمه إن أحببت، إن أحببت أو فاعدل من بريق الوجد في عينيك أشعلت حنيني وعلي دربك أن رحت أرسلت عيوني الرؤي حولي غامت بين شكي ويقيني والمني ترقص في قلبي علي لحن شجوني. --------------------------------------- دوار الحاج سالم القاضي الملحق الخاص بالضيوف استيقظ من النوم صباحاً ليصله صوت الموسيقى القادمة من الخارج فاعتدل يجلس في الفراش لدقيقة واحدة يحرك عنقه يميناً ويساراً أكثر من مرة كتمرين لاستعادة نشاطه عند الاستيقاظ ثم سحب نفس عميق انتفخ له صدره وزفره ببطئ و نزل من الفراش ثم التقط الـ تيشيرت الخاص به من على المقعد القريب ولبسه و تحرك نحو باب غرفته التي نزل فيها بالأمس يفتحه وخرج يتحرك بهدوء نحو البهو- ليجد راجح يقف أمام لوحة يصب جم تركيزه عليها بشكل ذكره بشذى عندما تندمج في رسم لوحة ما ولكن شتان بين شذى وذلك الذي غير فكرته عن الفنانين تماماً. تحرك ركين حتي وقف خلف راجح الذي لم ينتبه له فقد كان يدندن بكلمات الأغنية التي يصدح صوتها من مشغل الأغاني الموجود بمكان ما بينما يده الممسكة بفرشاة تمشي بخفة على اللوحة والتي كانت مرسومة بشكل ثلاثي الأبعاد… للحظات كان ركين يتأمل اللوحة التي تنطق بالحياة وكأنها حقيقة بعيون ذاهلة ومستمتعة….فتاة تنطلق بلا قيود وسط حقول من الخضرة التي ليس لها حدود والتي أتقن راجح إبراز جمالها وروعتها بشكل يُشعر من يراها أنها تناديه أن يدخل فيها وينطلق مثل تلك الفتاة التي تطارد سرب من الفراشات بينما شعرها الاشقر الطويل يطير خلفها كما لو كانت فتاة حقيقة. Wow, it’s amazing! نطق ركين و عينيه مازالت ثابتة علي اللوحة التي يرسمها راجح والذي انتبه والتفت بينما إحدي يديه تمسك الفرشاة والأخرى حامل الألوان العريض وقال بابتسامة ودودة غير متكلفة "صباح الخير ركين...هل نمت جيداً أم وجدت صعوبة في التأقلم على المكان" هز ركين رأسه بخفة ومازالت عينيه ثابتة علي اللوحة دون أن تحيد عنها وقال "صباح الخير راجح...نعم نمت جيداً فأنا معتاد على التنقل بين الأماكن ...لا توجد مشكلة لدي في التأقلم على الأماكن المختلفة (صمت قليلاً ثم تابع وهو يشير بيده)إنها رائعة حقاً راجح" أومأ راجح برأسه والتفت يضع بعض لمساته على اللوحة قبل أن يلتفت ثانية ويقول بنفس الابتسامة الودودة "شكراً لك ركين...الحقيقة أن النوم قد جفاني بالأمس ولم أستطع النوم، لذلك فكرت في تسلية وقتي برسم لوحة جديدة اضمها للأخريات التي اجهزها للمعرض الذي ساعده قريباً إن شاء الله……...لقد بدأتها بالأمس فقط بعدما ذهبت أنت للنوم...وها أنا منذُ الأمس وأنا أرسمها وقد سرقني الوقت ولم أنم" ابتسم ركين وسأل بمكر مستنكر بينما عينيه تنظر في عين راجح "لا تقل لي أنك تعشق وهكذا كما اسمع من أصدقائي أن الحب يجعل النوم يهجر صاحبه ولا تحدثني أن هذه اللوحة رسمتها من أجل حبيبتك" رفع راجح إحدى حاجبيه باستهجان وسأل "هل أشم رائحة تهكم أو سخرية أو شئ من هذا القبيل" ضحك ركين بشكل لم يراه راجح سابقاً و قال "الحقيقة أنه عندما عرفت أنك فنان وتذكرت نظراتك التي كنت تطالعني بها كما المجرمين تماماً ضحكت كما الآن...ولكني معذور صدقني فقد كانت فكرتي عن الفن والفنانين متمثلة في شذي الصغيرة...أما أنت فلم أصدق أنك فنان لك أحاسيس مرهفة وأشياء من هذا القبيل….." انطلق ركين يضحك ثانية بينما تنحنح راجح والتفت بحجة وضع بعض اللمسات على لوحته خوفاً أن يظهر علي وجهه أي مما يشعر به في داخله وخاصة الآن عندما ذكر ركين اسمها أمامه مع هذا اللقب التحبيبي ...شذى الصغيرة ...صغيرة!!!....أي صغيرة تلك!!... وقد جعلته يفقد عقله غير قادر حتي الآن علي استيعاب أن الجنية التي سكنت أحلامه أصبحت حقيقة مجسدة حية يراها في صحوه بل وتسكن داره….يالله...يالله….حدث راجح نفسه وهو يُغمض عينيه لثواني محاولاً تنظيم دقات قلبه التي أخذت تتسارع كما لو كانت تعدو في سباق بعزيمة الفوز. "ها... لم تجيبني...هل أنت عاشق؟" سأل ركين بنبرة يغلبها الضحك لينتبه راجح الذي كز على أسنانه قبل أن يستدير ويرد له تهكمه "الحقيقة ركين أنا من صُدمت الآن عندما رأيتك تضحك ففكرتي عنك أنك بارد كالجليد...تخاف أن تضحك حتى لا يتجعد وجهك...لقد صدمتني الصراحة وانت تضحك هكذا مع هذا الكم من الظُرف اللطيف" انطلق ركين ضاحكاً بشدة وهو يحرك رأسه يميناً ويساراً مما جعل راجح يغتاظ وقال من بين أسنانه "يبدو أنك نمت جيداً بالأمس ولم تجد صعوبة في التأقلم على المكان كما قُلت بل أنك استيقظت ولك رغبة للمزاح والتفكه ايضاً" صمت راجح قليلاً ثم تابع "إذا كان كوني فنان يضحكك هكذا فيمكنني أن أريك مهارة آخري بعيداً عن الرسم والنظرات الإجرامية على حد تعبيرك" مط ركين شفتيه ثم قال قبل أن ينهض ويغادر "حسناً سأخذ حمام سريع وارتدي ملابسي ثم سآتي لأرى ما يوجد لديك من مهارات غير النظرات الإجرامية...أقصد الرسم المبهر" نظر راجح لظهر ركين المنصرف ثم هز رأسه باستغراب لرؤية وجه آخر لركين الألفي الذي لم يرى منه سابقاً إلا الوجه الجامد الصلب فقط، ولكن كما يقولون لا تعرف الإنسان إلا بعد عشرته. استدار راجح ينظر للوحته بعمق يتأمل الفتاة ذات الشعر الأصفر الذي يتطاير خلفها لتلمع عينيه وهو يتذكر شعر جنيته الذي كان يلمع تحت ضوء الشمس كسلاسل من الذهب المنصهر… انعقدت ملامح وجهه وهو يتذكر سؤال ركين المتكرر لها عن إذا ما كان ساقها يؤلمها...ليسأل نفسه بقلق هل ما زال يؤلمها قبل أن يلوم نفسه أيضاً عن الانصياع لها وعدم الذهاب للمستشفى القريب وخاصة أنه لاحظ مساء أمس عندما ذهبت مع والدته ونورس أنها كانت تستند علي ذراع الأخيرة وتتحرك ببطء يوحي بألم ساقها… تنهد راجح بضيق قبل أن يرفع عينيه فتقع على أدوات الرسم التي جهزها من أجلها، وارتسمت على وجهه ابتسامة مشرقة وهو يتخيل لحظة أن يقدمها لها بعد قليل...حتماً ستفرح بشدة.… تنهد بشجن وهو يردد كلمات الأغنية التي ما زالت تصدح في المكان بينما فرشاته تجري برشاقة على اللوحة. بعد قليل من الوقت خرج ركين من غرفته يرتدي تيشرت لونه ابيض وبنطلون من الجينز وحذاء رياضي بنفس لون التيشرت -ليجد راجح قد بدل ملابسه ايضا ويجلس على أريكة خشبية بشرفة المنزل الخارجية. تحرك ركين نحو راجح وجلس بجواره علي طرف الأريكة الأخر لحظات مرت من الصمت قبل أن يقول راجح وما زال ينظر إلي الأفق أمامه "احب دائماً لحظة الشروق هنا في الجنوب والتي تختلف عن أي مكان أخر(صمت قليلاً ثم تابع)...تعرف تلك اللحظة التي تبزغ الشمس من خلف السحب على استحياء فتهيمن بخيوطها الذهبية على السماء و تنشر في قلوبنا الدفء بسخاء و بضوئها يبزغ الأمل في عقولنا التي ملت من طول عناء." ابتسم ركين وسأل "هل هذه نظرة فنان لشروق الشمس كما يصورها في لوحاته" التفت راجح برأسه فقط دون أن يحرك جذعه وقال "ممكن….ولكن اعتقد أنه لايوجد احد علي وجه الأرض لا يحب الشروق" مط ركين شفتيه وهز رأسه ولم يرد فالحقيقة هو بطبيعته لم يحدث له سابقاً أن تأمل شروق الشمس أو فكر حتي فيه أو تخيله كما وصفه راجح الآن. "هل أنهيت اللوحة" سأل ركين ليهز راجح رأسه قبل أن يقول "نعم لقد انتهيت منها(صمت قليلاً ثم تنحنح وتابع)لقد جهزت مجموعة من اللوحات البيضاء والأدوات الخاصة بالرسم من أجل الانسة شذى ولكني لا أعتقد أنها ستتمكن من استخدام هذه الأدوات اليوم فأنا أنوي علي اصطحابكم لجولة سياحية بالجنوب" تنهد ركين بصوت عالي ثم قال "يمكنها استخدامهم غداً أو بعد غد أو طوال الأسبوعين القادمين" عقد راجح حاجبيه واستدار بجذعه في تساؤل خفي مُتمني، ولكن ركين كان شارد يسأل نفسه هل موافقته على بقاء شذى مع نورس صحيح أو خطأ… لقد وافق من أجل كلتاهما فمن ناحية هو لم يرى شذى سعيدة بهذا الشكل من قبل ولم يراها منطلقة في الحديث كما تكون في حديثها مع نورس، ومن الناحية الأخري نورس التي شحب وجهها بشدة عندما اخبرها بسفره هو وشذي ذلك الشحوب الذي تحول لفرحة حقيقية عندما بلغها أن شذى ستظل معها طوال الاسبوعين حتى يعود هو ويأخذهم ثانية للقاهرة. "الحقيقة أنني كنت أنوي التحدث مع الحاج سالم وأخذ إذنه حول بقاء شذى مع نورس طوال الأسبوعين القادمين حتى عودتي من أمريكا" قال ركين بعد أن التفت ينظر لراجح…. نبضة...نبضتين...ثلاثة...انفجا� � في النبضات ...نعم انفجار مقره صدر الذي يجلس وكأنه يحلم... "راجح...أين ذهبت...هل يوجد مشكلة لديكم في بقاء شذى مع نورس" سأل ركين لينتبه راجح الذي حدث نفسه قبل أن يرد نعم سيكون هناك مشكلة في قلبي وعقلي الذين سرقتهما الساحرة الشقراء… تنحنح راجح بخشونة وقال "بالتأكيد لا توجد مشكلة...دوار الحاج سالم القاضي مفتوح للجميع فما بالك بالأهل، كما أن والدي سيرحب بشدة ببقائها مع ابنة عمتي فكما تعرف لا يوجد لي أخت حتى تؤنس نورس طوال الفترة التي ستقضيها هنا….....أعتقد هذا أفضل من أجل نورس حتى لا تمل" ابتسم ركين وهز رأسه متمتماً ببعض كلمات الشكر "اشكرك راجح لقد لمست فيكم كرم الضيافة والود الذي أشعرني أني أعرفكم منذُ زمن بعيد، وأعتقد أن هذا ما يميز المصريين… والحقيقة أن سبب موافقتي على بقاء شذى كان هذا السبب الذي ذكرته بجانب رغبة شذى في البقاء مع نورس وعدم رغبتها في السفر معي" أومأ راجح برأسه قبل أن ينهض سائلاً "ما رأيك في رحلة صباحية على ظهر الخيل حتى تري مهارة أخري أتمتع بها بعيداً عن كوني رسام يتمتع بنظرات إجرامية …(صمت قليلاً ثم سأله باستفهام)ام أنك لا تهوى ركوب الخيل" نهض ركين وقال بابتسامة واثقة " بلا أنا أعشق ركوب الخيل وقد حصلت على بطولات عديدة في الفروسية في النادي الذي اشترك فيه في الولاية التي أعيش فيها" "حسناً...هيا" قال راجح وهو ينهض ليتبعه ركين….وبعد لحظات كان ركين يقف مبهوتاً متسع العينين من جمال وروعة الحصان أصيل والذي كان يلتقط قطع السكر من كف راجح المفرود "لم أري من قبل حصان بهذا اللون...إنه رائع ونادر راجح" ابتسم راجح وقال بفخر ضوي بعينيه "نعم فهو من سلالة نادرة تمتلكها مزرعة الخيل الخاصة بنا...مزرعة الحاج سالم القاضي" "الحصان جاهز سيد راجح" قال أحد العاملين بالأسطبل وهو يمسك حصان أخر وقد وضع على ظهره السرج الخاص به… أشار راجح للعامل أن يعطيه لركين مع قوله "وها قد أتي الحصان الخاص بك ...هيا حتى ننطلق في جولة ستجعلك تأتي ثانية من أجل نيل أخري مماثلة" وضع ركين قدمه في المكان المخصص لذلك وقفز بمهارة فوق ظهر الحصان الذي أصدر صهيلاً عالياً ثم تبعه راجح لينطلق كلاهما في جو مليء بالألفة والود الخالص و سبحانه مُغير الأحوال. يتبع..... | ||||
|  |
|
11-07-20, 08:59 PM
| #660 | ||||
| كاتبة في قصص من وحي الاعضاء
| دوار الحاج سالم القاضي بعيون وامضة وقفت نورس أمام صورة والدتها والتي تحتل جزء من الجدار العريض خلف الفراش الذي يتوسط الغرفة والتي اصطحبتها لها الحاجة نَدية بالأمس مع شذي التي رفضت أن تذهب إلي غرفة أخري بمفردها...تنهدت نورس وعينيها تدور في محيط الغرفة التي أخبرتها الحاجة نَدية أنها كانت غرفة والدتها والتي بالرغم من قدم أساسها إلا أنها مازالت تحتفظ بجمال كل ما فيها...تحركت نورس وجلست علي حافة الفراش ثم تناولت الإطار الصغير من على الكومود والذي كان يحتوي على صورة ضمت والدتها وخالها سالم مع والدهما كما ظنت هي… تنهدت وهي تلاحظ الشبه الكبير بينها وبين والدتها في هذه الصورة كما لو كانت هي من تقف سعيدة وسط خالها وجدها… عقدت نورس حاجبيها تسأل نفسها هل كان حب والدها لوالدتها قوي لدرجة أن تُضحي والدتها بهذه السعادة التي تظهر في لمعة عينيها، وهل قدر والدها هذا الحب وهل هروبهما كان صحيح… اغمضت نورس عينيها وهزت رأسها برفض كإجابة للأسئلة التي تدور بعقلها ثم زفرت بشدة، ونهضت بعد أن أعادت الصورة لمكانها، وتحركت نحو خزانة الملابس تفتحتها ليقابلها عبق خاص يخلط رائحة الماضي مع رائحة الفل...مدت يدها تلتقط زجاجة عطر عتيق ترفعها لأنفها و تُغمض عينيها للحظات شاعرة بدفء لذيذ يحاوطها قبل أن تفتحهما وتعيد الزجاجة لموضعها ثم تمرر يدها على الملابس التي مازالت تضمها جدران الخزانة لتعود تسأل نفسها من جديد هل لو كان حب والدها قوي أو من الأساس يسمى حب كان استطاع أن يحرم والدتها من حياتها وسعادتها؟؟؟؟ أغلقت الخزانة واستدارت فـ يقابلها علي الجدار الأخر صورة أخري لوالدتها تجلس على مقعد وثير تضحك لمصورها بينما يدها تمسك طوق من الفل تثبته فوق رأسها...تنهدت نورس وهي تفكر ماذا لو كانت هي مكان والدتها هل كانت ستهرب مع الشخص الذي تحبه تاركة خلفها عائلة تعاني كما فعلت والدتها هل كانت ستوشم عائلتها بمثل هذا الفعل المدمر لهم….ماذا لو كان نادر تقدم لها ورفضه والدها هل كانت ستهرب معه…. هزت رأسها بخفة وأغمضت عينيها برفض...لا لم تكن لتفعل أبداً حتى لو وصل حبها لعنان السماء هي لم تكن أبداً لتخون ثقة والدها وتفعل مثل ما فعلت والدتها مهما كان حبها لنادر...بالتأكيد كان هناك حلول أخرى...لماذا لم يفكر والدها في حلول أخرى ولماذا اختار الخيار القاتل لوالدتها وحرمها من الحياة وسط عائلتها…. ابتسمت نورس وهي تردد كلمة العائلة...العائلة التي عرفتها فقط بالأمس ولكم تمنت لو كانت عرفتها من قبل حتي تتمتع بذلك الدفء الذي شعرت به والذي تغلغل لأعماقها ونفذ إلى روحها. دارت عين نورس في الغرفة مرة أخري قبل أن تتحرك نحو الشرفة الملحقة بها والتي تطل على مساحات لا نهائية من اللون الأخضر الساحر... اقتربت نورس من حاجز الشرفة ورفعت وجهها تنظر للسماء الصافية والتي لونتها الشمس بوهج مشرق يبث البهجة في القلوب... وأغمضت عينيها تستنشق الهواء النقي بينما ذراعيها المفرودان يستريح كفيهما على السور الخشبي الذي يعلو حاجز الشرفة والمصمم بزخارف فنية على الطراز القديم مثل تلك التي تزين قمم القصور الملكية...وصوت زقزقة العصافير التي تعشش على الشجرة العتيقة القريبة من الشرفة يعزف أحلي لحن بأذنيها جاعلها تشعر باسترخاء عجيب عقب كل التساؤلات التي دارت في عقلها منذُ قليل… وبالأسفل نزل ركين من علي ظهر الحصان كما راجح الذي نادى على أحد العاملين ليصحب الفرسين إلى الإسطبل الخاص بهم والذي أتي مسرعاً ونفذ أمر سيده…. "اشكرك راجح علي هذه الجولة الأكثر من رائعة...لقد استمتعت حقاً وسأشتاق لتكرارها من الآن" قال ركين ممتناً وهو ينظر لراجح الذي ابتسم وقال "علي الرحب والسعة سيد ركين...يمكننا تكرارها متي أحببت" ضحك ركين بخفوت وأومأ برأسه قبل أن يقول "أعتقد أن هذا الجمال الذي يحيط بك هو السبب في تنمية الفنان بداخلك(ابتسم ركين بطريقة اغاظت راجح وتابع)لن أضحك بعد ذلك صدقني" حرك راجح رأسه بيأس وقال "شكراً سيد ركين...ونعم هذا الجمال هو السبب في تنمية موهبتي وكذلك والدي الذي ساعدني كثيراً في دراسة وتنمية تلك الموهبة غير مكترث بالاعتراضات التي كانت تحيط به وخاصة لطبيعة البيئة المحيطة بنا" "اطال الله في عمره...الحقيقة إني أعجبت بشخصيته وخاصة موقفه مع نورس" قال ركين ليرد راجح قائلاً "انت لا تعرف شئ عن الحاج سالم القاضي بعد، كما أن موقفه مع نورس طبيعي جداً فهي ابنتنا وطبيعي أن يكون مكانها بيننا بين عائلتها" أومأ ركين برأسه موافقاً علي حديث راجح. "ما هذه الرائحة الشهية" سأل ركين وهو يستنشق بأنفه ليرد عليه راجح "هذه رائحة الخبز الذي تعده أمي يومياً من أجل طعام الفطور" "لقد اشتهيته قبل أن أتذوقه حتي" قال ركين ثم تابع ضاحكاً بخفوت"هذه الرائحة جعلتني أشعر بالجوع" "بعد قليل ستضع أمي طعام الفطور...اسبقني أنت للداخل ستجد والدي في المجلس...تلك الغرفة التي جلسنا فيها بالأمس" جعد ركين جبينه وهز رأسه بتساؤل فرد راجح "سأذهب للملحق كي أحضر أدوات الرسم التي طلبتها الانسة شذى بالأمس" "حسناً، ولكني أعتقد من الأفضل أن أنتظرك هنا" قال ركين ليرد عليه راجح قبل أن يغادر "إذهب يارجل دوار الحاج سالم دائماً بابه مفتوح للجميع ولا يغلق ابداً...ستجده يجلس بانتظار الجميع" نظر ركين لظهر راجح الذي تحرك نحو الملحق ثم فتح الباب الحديدي القصير الذي يفصل الملحق عن الدوار الكبير، ولا يعلم ما الذي جعله يرفع رأسه للأعلى ليصدمه ذلك المنظر الذي جعل نفس الشعور الذي ينتابه كلما رأي نورس يتسرب إليه من جديد ولكن بشكل أقوى عن السابق… لقد كانت تُغمض عينيها بينما خصلات شعرها السوداء الطويلة حرة كما لم يراها من قبل يعبث بها الهواء فتصنح لوحة فائقة الجمال والروعة…. وللحظات ظل ركين غير قادر علي كسر عينيه عن تأمل نورس وهي تقف هكذا ليشعر بضربة قوية في صدره عندما فتحت عينيها فتنعكس اشعة فضية ببريق لامع ينافس بريق الماس وضياء اللؤلؤ… وفي مكانها بالأعلي فتحت نورس عينيها لتتفاجأ بركين الذي يقف مكانه وعينيه ثابتة عليها ...رفعت نورس يدها تلملم خصلات شعرها للخلف قبل أن تومئ برأسها وتستدير سريعاً عائدة للداخل. ازدرد ركين ريقه الذي شعر بجفافه قبل أن يرفع يده يمسد عنقه بحيرة مما أصبح يحدث معه مؤخراً كلما نظر لنورس حتى و لو نظرة عابرة... وضع ركين يده علي صدره ليشعر بضربات غريبة تحت يده تزيد من ذلك الشعور الذي اصبح يضايقه...وللحظات بقي مكانه قبل أن يتحرك نحو باب الدوار… ********* دخلت نورس من الشرفة وتحركت مباشرة نحو طاولة الزينة تلملم خصلات شعرها الناعمة والطويلة قبل أن تتناول رباط من فوق الطاولة تعقده بربطة قاسية حول شعرها قبل أن تلفه في كعكة أنيقة اعتادت عليها بعد أن خرجت من المستشفى. وللحظة كانت تتأمل صورتها المنعكسة في المرآة قبل أن تنتبه على صوت باب الحمام الذي فُتح وخرجت منه شذى ترتدي بُرنُس الإستحمام … "صباح الخير" قالت نورس بابتسامة وهي تقترب من الطاولة القريبة تتناول أنبوبة كريم والتي قد ساعدتها في إستخدامه بالأمس من أجل تخفيف آلام ساقها ثم تابعت وهي تتحرك نحو شذي التي اقتربت من حقيبة ملابسها بعد أن ردت تحية نورس حتي تخرج منها الملابس التي ستلبسها… "دعيني اساعدك في وضعه علي ساقك مرة أخري حتي يتحسن ولا تشعرين بأي ألم" وبابتسامة زينت ملامح شذى الطفولية والبريئة بشدة قالت "لم تعد ساقي تؤلمني(صمتت برهة وتابعت)تعرفين نورس طريقتك معي مثل ركين هو ايضاً يهتم بي كثيراً ولو كنا بمنزلنا كان سيفعل معي مثلما فعلتِ معي بالأمس….أنا احبك نورس" وبمشاعر حقيقية قالت نورس "وأنا ايضاً احبك شذى وسعيدة جداً أنكِ ستبقين معي هنا ولن تغادري مع ركين فأنا أحتاجك بشدة بجواري هذه الفترة(سحبت نفس وتابعت بابتسامة حنونة)سأتركك الآن حتي ترتدين ثيابك على راحتك ...سأنتظرك بالأسفل" أومأت شذى برأسها لتتحرك نورس تضع ما بيدها علي الطاولة ثم تغادر الغرفة وتغلق الباب خلفها… بهدوء نزلت نورس درجات السلم المبطن بالخشب كباقي أرضيات الدوار الواسع حتى نزلت آخر درجاته وقبل أن تتحرك خطوة واحدة كان ركين يدخل من باب الدوار المفتوح بخطوات رزينة واثقة .. "صباح الخير" قال ركين بعد أن وقف أمام نورس مباشرة ليتابع بعد أن ردت نورس تحيته "كيف حالك اليوم؟" "بخير الحمد لله"قالت نورس والتي رغبت أن تسأله المثل ولكن رغبة مضادة جعلتها تصمت بينما سأل ركين "أين شذى؟...هل ساقها مازالت تؤلمها؟...أنا أعرف أنها كانت تؤلمها ولكنها تداري حتي لا تقلقني عليها...لقد كنت قلق وأردت الاطمئنان عليها بالأمس بعدما ذهبت مع راجح لملحق الدوار، ولكن هاتفك كان مغلق كما أن هاتف شذى مازال معي" تنحنت نورس برقة وقالت بهدوء "لا تقلق هي بخير الآن….....أعتقد أن هاتفي يحتاج لإعادة شحن بطاريته ….لقد تركتها تستعد وستنزل بعد قليل...لا تقلق عليها هي بخير" "حسناً..."قال ركين وبقي ثابت مكانه. "سأدخل لخالي" تطلع ركين لنورس بغير فهم قبل أن يدرك أنه يغلق الطريق أمامها فتنحنح بحرج وتحرك للخلف خطوتين مع قوله "اعتذر... أنا ايضاً كنت سأذهب له" أومأت نورس وتحركت نحو باب المجلس بينما ركين وقف مكانه قليلاً قبل أن يتبعها… السعادة الحقيقية هي ما رُسمت على وجه الحاج سالم عند رؤيته لزينة البنات كما سماها وهي تدخل عليه المجلس قبل أن تقترب منه بخجل سرعان ما اختفى وهو يفتح ذراعيه فتقترب منه نورس وتنحني بجذعها تستقبل حضنه الدافئ الحنون. "اجلسي بقربي هنا يازينة البنات واخبريني هل نمتي جيداً بالأمس" قال سالم وهو يشير على المقعد القريب منه . "نعم..نمت جيداً (صمتت قليلاً)لقد أحببت غرفة مامي كثيراً...ولكني أتعجب أن تحتفظ بالغرفة بكل ما فيها كل هذا العمر!!" قالت نورس بعد أن جلست بجوار الحاج سالم علي المقعد الذي أشار عليه … "صباح الخير" قال ركين وهو يدلف للداخل ليرد الحاج سالم تحيته قبل أن يقول "تعالي يا ولدي إجلس...أين راجح لماذا لم يأتي معك" جلس ركين ثم قال "لقد عاد للملحق من أجل أن يحضر بعض الأشياء و أخبرني أن اسبقه إليك" "أهلا ومرحب بك يا ولدي...لقد نورتنا وزادنا وجودك شرف" ابتسم ركين قبل أن يرمي نورس بنظرة عابرة، ولكنها لم تفت علي الحاج سالم الذي نظر لنورس التي ابتسمت له وكررت سؤالها ليرد عليها "لا ليس غريب يا زينة البنات...وخاصة عندما تعلمين أنها كانت ملاذي عندما يشتعل بصدري بنار الحنين لوالدتك رحمها الله...لقد كانت غرفتها أشبه بالماء الذي يُلقي على حريق مشتعل فيخمد لهيبه ليعود بعدها يشتعل من جديد فأعود لغرفتها وهكذا حتى خمد للأبد برؤياكِ يازينة البنات" ابتسمت نورس للقب التحبيبي الذي يناديها به خالها وخفضت وجهها بخجل- بينما دار حديث بين ركين والحاج سالم عن الجولة الصباحية التي خاضها مع راجح وعن إعجابه الشديد بكل ما رأه في البلد هنا… بعد نصف ساعة تقريباً كان الجميع يلتفون حول مائدة الإفطار والتي وضع فوقها الفطير المشلتت والعسل بجانب الخبز والجبن والبيض والفول والفلافل…لقد كانت مائدة جنوبية أصيلة ... "Very delicious" قالت شذى بصوت مستمتع بعدما تناولت قطعة من الفطيرالمُغمسة بالعسل كما علمتها الحاجة نَدية- ليبتسم ركين كما الجميع تماماً كررت شذى تناول قطع الفطير الصغيرة المُغمسة بالعسل وفي كل مرة كانت تصدر صوتاً مستمتعاً جاعلة ذلك الذي يجلس مقابل لها علي المائدة يبتلع ريقه محاولاً إخفاء تأثره عن أعين الجميع فهو بالكاد استطاع التحكم في نفسه منذُ قليل عندما أعطاها أدوات الرسم لتصدر تهليلاً كالأطفال تماماً وتشكره كطفل نال حلواه المفضلة بينما هو كان يحترق بمشاعر رجولية خالصة… كبت راجح شعور يتضخم بصدره وهو يرى محاولات ساحرته لرفع خصلات شعرها الحريرية بظهر يدها والتي انسدلت على جانب وجهها ليمد ركين يده يدسها خلف أُذنها وكم تمني لو فعل هو ذلك...تنهد راجح بصوت أعتقد أنه بداخله ولكنه وصل لأُذن الجالسة بجواره بكل وضوح…. "لماذا لا تأكل ياراجح" قالت الحاجة نَدية وهي تلاحظ نظرات راجح المتابعة لشذى… تنحنح راجح بحرج وقال بينما يده تمتد لتناول الطعام "تسلم يدك ياأم راجح ….الأكل شهي ومذاقه رائع" رفعت الحاجة نَدية إحدى حاجبيها متهكمة فولدها الغالي لم تمس يده الطعام منذُ جلس بجوارها فعينه تكاد تخترق تلك الأجنبية وكأنه لم يعش في بلدهم خمسة أعوام. وفي حين أن الحاجة نَدية كانت تتابع نظرات ولدها لتلك الأجنبية علي حد قولها كان الحاج سالم يتابع نظرات ركين لنورس والتي كانت مكشوفة لعينيه الخبيرة حتي ولو لم يلاحظها صاحب الشأن نفسه أو نورس التي كانت تأكل في صمت وكأنها في عالم أخر.. بعد ساعة تقريباً كان راجح يجلس خلف مقود سيارته وبجواره ركين وبالخلف جلست نورس بجوار شذى. "أريد منكم أن تسحبون نفس عميق وتنحون أي أفكار تدور بعقولكم بعيداً بعيداً و تستعدون لتلك الجولة التي ساصحبكم فيها في قلب الجنوب الساحر لترون عراقة وحضارة بلدي الحبيب" ضحك ركين وقال بمرح "إذن هذه المهارة الثالثة ….مرشد سياحي...الحقيقة أنت تبهرني دكتور راجح" ابتسم راجح وقال بغرور "نعم مرشد سياحي...اضف ذلك لمهاراتي والتي لا حصر لها...لم تري شيئاً بعد يا بمشمهندس ركين" "تمت الإضافة….لنبدأ إذن دكتور راجح" قال ركين ليومئ راجح برأسه وعلى صوت محمد منير الذي انطلق من مذياع السيارة تحرك راجح بعد أن ألقي نظرة عابرة على ساحرته والتي صادفه الحظ أن تجلس خلفه فتظهر صورتها واضحة بمرآة السيارة أمامه. يتبع.... بقية الفصل على هذا الرابط https://www.rewity.com/forum/t468635-67.html التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 11-07-20 الساعة 09:30 PM | ||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
387Likes
.png)
العرض العادي
