آخر 10 مشاركات
123 - رحلت - آن ويل (الكاتـب : حبة رمان - )           »          زوجة مدفوعة الثمن (44) للكاتبة:Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          من يملك الغد -نوفيلا شرقية -للكاتبة الآخاذة :سوسن رضوان(زهرة سوداء)كاملة&الروابط (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          سَكَن رُوحِي * مكتملة **مميزة** (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          جرح الماضي (79) للكاتبة: جاكلين بيرد ...كاملة... (الكاتـب : *ايمي* - )           »          خلف الكبرياء -ج2 من حب مقيد بالكبرياء-قلوب زائرة-للكاتبة المبدعة::مها هشام*كاملة* (الكاتـب : Omima Hisham - )           »          رجل ليس لها (73) للكاتبة: كارول مورتيمور .. كاملة .. (الكاتـب : cutebabi - )           »          تحملت العنا لأجلك يا ولد العم ... الكاتبه : mnoo_gadee (الكاتـب : جرح الذات - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree508Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-07-21, 09:40 AM   #1031

زهرة ميونخ

? العضوٌ??? » 481327
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » زهرة ميونخ is on a distinguished road
Rewitysmile14


صباحك خير ومليئة بالسعادة والفرح.صباح أجمل لإبطال الروايه .منتظرين فصل اليوم بكل شوق.لا تتأخري علينا

زهرة ميونخ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-07-21, 03:12 PM   #1032

اسراء ط

? العضوٌ??? » 483836
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 29
?  نُقآطِيْ » اسراء ط is on a distinguished road
افتراضي

ممتعة هذه الرواية

اسراء ط غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-07-21, 01:42 AM   #1033

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل المائة وسبعة وثلاثون



ما إن طار إليه الخبر اليقين، حتى حسم أمره، وأوكل مهامه الصباحية لغيره، لينطلق فورًا إلى بلدته دون أن يعلم عن ذهابه أحد، لتسنح له الفرصة لتصفية كافة الحسابات المعلقة. اللعين لم يكفه ما تسبب فيه لها من إيذاء بدني ونفسي، ليواصل بخ سمومه القميئة، والنيل منها بأحقر الطرق الممكنة. اندفع "تميم" بكامل عنفوانه وغضبه، نحو كتلة الشحم الملقاة أرضًا، ليقبض عليه من تلابيبه ويجره جرًا غير عابئ بغلق الباب من خلفه.

حاول "فضل" مقاومته، وتحين أي فرصة للإفلات من قبضتيه المحكمتين حول عنقه؛ لكنه فشل أمام قوته وخشونته القاسية، حيث انهال عليه لكمة وراء أخرى في وجهه، معيدًا تشكيل ملامحه السمجة، ومُفرغًا في نفس الآن تلك الشحنة المكبوتة فيه، انخفضت قبضته المضمومة ليسدد له لكمة مؤلمة في معدته، جعلته يصرخ بأنينٍ باكٍ، قبل أن يعنفه:

-فكرك مش هعرف أوصلك؟ وريني هتفلت المرادي إزاي مني.

ضغطت أصابع "تميم" القاسية على مجرى تنفسه، فاختنق صوته وهو يسأله بوجهه الذي تحول لكتلة من الدماء الحمراء:

-أنا عملت إيه؟ هو .. رمي بلى؟

منحه لكمة عنيفة في فكه ليخرسه وهو يهدر به:

-معملتش حاجة غير العمل بس، فأنا جاي أطلعه على جتتك.

لم يعطه فرصة اختلاق أي أكاذيب، استمر في لكمه، وضربه، في مفترق أنحاء وجهه، حتى شاع في التورم، وامتزج مع دمائه ونحيبه. كالذبيحة التي تلفظ أنفاسها الأخيرة، انتفض "فضل" محاولاً المناص منه، ظن أنه حاز على فرصةٍ للفكاك منه، حين نهض عنه "تميم"، لينزع حزامه الجلدي، فصرخ مستغيثًا بأعلى ما يكون؛ وإن تسبب هذا في بح أحباله الصوتية الجريحة:

-غتوووني يا ناس، همـــوت.

لف "تميم" مقدمه حزامه حول قبضته، لتصبح كسوطٍ قاسٍ، ثم هوى به على ظهره، في صفعة مباغته جعلته يصرخ من الألم الشديد، لم يكن قد تعافى بعد من آلام الأولى ليلحقه بواحدة أخرى مفاجأة أشد عنفًا وهو يتوعده بالمزيد:

-محدش هيعتقك مني النهاردة.

استمر في زحفه وهو ما زال يصرخ طالبًا النجدة:

-الحقوني ....

لم يجد بدًا من الهتاف بجنونٍ للنجاة من بطشه الأهوج:

-حـــــــرامي، حرامي!

حيلة رخيصة للفت الأنظار، واستدعاء المساعدة على وجه السرعة، بصق عليه "تميم"، ولعنه باشمئزاز صريح:

-أه يا (...).

واصل جلده في مواضع متفرقة من جسده، غير مكترث بصراخه وعويله المرتفعين، لم يكن ليوقفه أي شيء أو أي شخصٍ عن تأديبه بما يستحق.

.................................................

في تلك الأثناء، خلال سيرها وسط طرقات البلدة الرملية، لاحظت نظرات النساء غير الطبيعية لها، كانت تشملها من رأسها لأخمص قدميها، غالبيتها مالت للازدراء، حاولت "سعاد" التغاضي عنها؛ لكن الهمهمات الجانبية استرعت فضولها، لمحت إحدى من تعرفهن من النساء، ذوات السيرة الطيبة، تقدمت نحوها حتى تلاشت المسافة بينهما، وقربت رأسها منها تسألها في حيرة:

-هو حريم البلد مالها؟

وضعت المرأة طرف حجابها على فمها تغطيه، ثم اختلست نظرات سريعة على من حولها قبل أن تجيبها بحرجٍ:

-إنتي مش دريانة باللي حاصل يا حاجة ولا إيه؟!

ضاقت نظرات "سعاد" في توجسٍ أكبر وهي تتساءل:

-لأ ياختي، في إيه؟

ضغطت المرأة على شفتيها في ترددٍ، استحت أن تخبرها بما انتشر في البلدة من أخبار مخزية تخص ابنها، ألحت عليها "سعاد" لتخبرها:

-يا بت انطقي، إيه اللي حاصل؟

تحاشت النظر نحوها قائلة بصعوبة، وكامل وجهها يكسوه الخجل:

-أصل بيقولوا في تصويرة كده لسي "فضل" مش ولابد.

انعقد حاجبا "سعاد" في قلقٍ أكبر، وتساءلت بملامح مالت للشحوب:

-تصويرة إيه؟

لم تتجرأ المرأة على متابعة النظر ناحيتها، خاصة وهي تعلق:

-أنا مشوفتش، ده الناس اللي بتتكلم.

نفذ صبرها من مماطلتها غير المحتملة، فصاحت بها:

-بيقولوا إيه يعني؟

لم تجد بدًا من إخبارها، فقالت وقد نكست رأسها قليلاً:

-هاتي ودنك.

أرهفت "سعاد" السمع للكارثة التي عرفت عنها، جحظت عيناها في ذهول مرتاع، وامتدت يدها لتلطم على صدرها وهي تردد:

-يا نصيبتي!!

لم تستطع متابعة ما عقدت العزم على تنفيذه، دون أن تعود للمنزل لتخبر ابنها بالفضيحة التي نالت منه، وبالطبع لن تمر مرور الكِرام.

.................................................. ....

بدا وكأن الصلة بينه وبين جميع من في البلدة قد انقطعت فجأة، فلم يهب أحدهم لتلبية أصوات صراخه، أوشك على تصديق أنهم اتفقوا فيما بينهم سرًا على أن يأتي هذا الشرس لمعاقبته، وقبل الأخير مرحبًا بهذا الاتفاق الضمني. تقلب "فضل" على جانبه الآخر ليقيه من كم الضربات المبرحة التي أصابته، وأيضًا ليعطي الفرصة لقطعة أخرى من جسده لتأخذ نصيبها، صاح مجددًا مستغيثًا ببقايا صوته المشروخ، وهو يزحف على مرفقيه ليفر من جلاده:

-حد يغتني يا نـــاس!

لم يجد من يلبي ندائه، فرد عليه "تميم" في تهكمٍ:

-الناس عايزة اللي يخلصها منك يا نجس!

رفع من جديد حزامه في الهواء، ولفحه بجَلدةٍ أصابته في مقتل، فارتفع الصراخ المبحوح، وعم في الأرجاء، قبل أن يغدق عليه بأخرى، اقتحمت "سعاد" المكان لتتفاجأ بما يناله ابنها من تقريع عنيف، كادت عيناها تخرجان من محجريهما من هول المشهد، وبغريزتها الأمومية تحركت للزود عنه، وإن كان مجرمًا يستحق العقاب، حالت بينه وبين "تميم"، وصوتها يصيح في فزعٍ:

-يا نصيبتي، في إيه؟ ابعد إيدك عنه.

وكأن النجدة هبطت لتوها من السماء لإنقاذه، اختبأ "فضل" خلف ساق والدته، تاركًا جسدها يبدو كدرعه الواقي من لسعاته المؤلمة، توسلها من بين بكائه المهين:

-غتيني يامه، هيموتني.

لوحت "سعاد" بذراعيها في الهواء تستصرخه:

-حرام عليك، هيموت تحت إيدك.

بقساوة شرسة علق عليها "تميم" وهو يحدج ابنها بتلك النظرة المغلولة:

-ابقى ريحت الناس من شره.

قرأت في عينيه نية مبيتة للقضاء عليها، فلم يكن أمامها سوى الاستغاثة بأعلى أصواتها علَّ أحدهم يجير امرأة تستغيق:

-يا نـــــاس، يا خلق هووه.

تعلق "فضل" بساق والدته، وهتف من خلفها بهسيسٍ موجوع:

-صوتي كمان يامه.

سدد له "تميم" نظرة قاتلة بعد أن التقطت أذناه ما تفوه به، ثم هتف يسأله في احتقارٍ ظاهر على كل قسماته:

-بتتحمى في أمك؟

خبأ "فضل" وجهه من أمام نظراته المميتة، فتابع "تميم" إهانته له:

-ما إنت جبان و(...).

شهقت "سعاد" أمام وابل الألفاظ البذيئة التي تنال من ابنها، لم تكن قد أفاقت بعد من صدمة فضيحته، والتي على ما يبدو لم يعلم بها بعد، لتُصدم بما يتلاقاه من عقابٍ غير مبرر، استمرت في حمايته، وتساءلت مدافعة عنه بحرقةٍ:

-هو عملك إيه؟ بتفتري عليه ليه؟

مهما بلغ غضبه ذروته، ومهما كانت محاولات استفزازه لم يكن ليوجه انفعاله نحو النساء، خاصة العجائز منهن، تراجع مرخيًا ذراعه، وأخبرها بصوت مزمجر:

-ابنك ماسبش حاجة معملهاش.

كأفعى متلونة، تُجيد تغيير جلدها في كل لحظة، حرك "فضل" فكه ليدعي كذبًا:

-كل ده عشان عايز بنت عمي بحلال ربنا يامه.

اشتاط "تميم" غضبًا، واحتقنت نظراته بشدة من كذبه الحقير، فهدر به رافعًا سبابته محذرًا بعدائية غير مشكوك فيها:

-ماتكلمش عن الحلال والحرام.

لم يحسن "فضل" تقدير الموقف، واستمر في استفزازه بقوله الحاقد:

-أيوه، اعمل الشويتين دول عشان تغطي على ريحتها اللي فاحت، ما هي بعتاك عشان كده.

من جديد لف "تميم" الحزام حول قبضته ينوي الفتك به مرة أخرى هادرًا:

-تاني؟!!

تشبث "فضل" أكثر بساق والدته، وهتف يتوسلها كالجبناء:

-حوشيه يامه.

على الفور استعطفته:

-ماتقربلوش بالله عليك.

المشهد كان مبتذلاً، هزليًا، وباعثًا على النفور والحقد، أخفض "تميم" يده، وقال في خشونةٍ:

-كنتي ربي ابنك كويس يا حاجة، بدل ما هو عامل زي وساخة البطن، ناشر قرفه على اللي حواليه.

حفظًا لماء وجهه المهدور، ردد "فضل" دون حياءٍ وبالباطل:

-أني وساخة بطن؟ أنا أنضف من اللي جاي محموء لها.

لم تحط دماء "تميم" المحتقنة بعد، وهدر ينذره بهديرٍ مفزع:

-إيــــاك!!

تجاهل تحذيره واستمر قائلاً:

-زمان ركبتوني الغلط عشان قولت نتأكد إن كانت المحروسة بنت بنوت ولا لأ، مع إنه حقي اطمن على شرفها، ولو مكونتش عملت كده، كانت سيرتها بقت على كل لسان ...

الحقيقة الغائبة برزت للعلن الآن، كان السؤال الذي يلح عليه ليل نهار، ما الذي قام به هذا الخسيس معها، واليوم اكتمل المشهد المنقوص، استيعابه للتفاصيل المؤلمة استغرقه بضعة لحظات، و"فضل" ما زال يتكلم معتقدًا أنه ربح في جولةٍ خاسرة:

-أما دلوقتي فشوفوا الشريفة الطاهرة مقضياها إزاي ..

انتهى وقت الهدنة الافتراضية، فاندفع نحوه "تميم" متجاوزًا والدته، لينقض عليه بكل ما أوتي من شراسةٍ، وينتشله بقبضتين محكمتين ليطرحه أرضًا في عنفٍ مفرط وهو ينهال عليه بالسباب:

-عندك يا (...)!

لم تتمكن "سعاد" من إيقافه، وفشلت في ردع بطشه المنفعل، ظلت من خلفه تضربه على ظهره بقبضتيها وهي تصرخ به:

-سيبه، حـــرام عليك.

أطاحت لكمة "تميم" بالسنة الأمامية لـ "فضل"، وأملى عليه بنبرة حاسمة:

-اللي بتكلم عنها دي هتبقى مراتي، سامع.

ذُهل مصعوقًا من اعترافه وسط ما يعانيه من ضرب مبرح، ومن بين أسنانه المتلجلجة هتف:

-بتقول إيه؟

اندست يد "تميم" في جيبه الخلفي، ليخرج مديته، أشهرها أمام وجهه هادرًا بنظراتٍ ميتة، خلت من الشفقة:

-وأنا اللي يمس أهل بيتي بكلمة بدبحه.

لطمت "سعاد" على صدغيها في جزعٍ، وصرخت شاهقة:

-يا لهوي، هيموت.

لحسن الحظ اقتحم المنزل عند تلك اللحظة قبل أن ينغرز النصل المدبب في جلد عنقه، بضعة أشخاصٍ، على رأسهم "رشيد"، على الفور تحركوا صوب "تميم" وقيدوا حركته، ثم نجحوا في إبعاده عنه قبل أن يتهور، قاومهم الأخير بكامل قوته وهو يهدر بصوتٍ مليء بالقوة والخشونة:

-حاسب إنت وهو ..

رد عليه "رشيد" وهو يحكم لف ذراعه حوله:

-اهدى يا أستاذ، ده لسه ليه حساب معانا.

رغم وضوح العبارة إلا أنها كانت مثيرة لحيرته، ما الذي ارتكبه هذا الوضيع أيضًا ليكسب المزيد من العداوات؟ تجاوز عما يُحيره، وهتف في عنادٍ:

-وأنا حسابي معاه مخلصش!

جثت "سعاد" على ركبتيها أمام جسد ابنها المسجي، تولول في حسرةٍ وخوف:

-حرام عليكم، عاوزين إيه منه؟ كلكم اتكاترتوا عليه؟

لم يبدُ أي أحد من المتواجدين في هذا المكان متعاطفًا مع ابنها، ولم يكن الصفح خيارًا مطروحًا، ولو على سبيل المفاوضة. جاء "إسماعيل" من الخارج مهرولاً بعد أن أبلغه أحدهم بحشد أفراد عائلة "رشيد" لزمرةٍ من أشداء رجالها، واتجاههم لمنزله، توقع أن يكون ابنه قد تسبب في مصيبة لا تغتفر، لهذا أسرع الخطا، وعاد إلى بيته، ليتفاجأ هو الآخر بالتجمهر الحادث بداخله، صاح من الخلف وهو يخترق صفوف الرجال لينظر إلى ابنه المهشم عظامه:

-هو في إيه اللي بيحصل في بيتي؟

حلت عليه الصدمة فور أن رأى "تميم" متواجدًا بينهم، فاق ذلك حدود توقعاته، وهتف يخاطبه في دهشة عظيمة:

-إنت!

استصعب "تميم" توقير أمثاله من مدعي الرجولة، وقال وهو ينفض الأذرع المكبلة عنه:

-كان أكرملك يا حاج بدل ما تنصح غيرك باللي ما بتعملوش، وتبلي البشرية بواحد زي ابنك ده إنك تعلمه الأصول.

ثم أشار لمن يحيطون به من الرجال بعدم لمسه بكفه، وتابع كلامه مع "إسماعيل" بنبرة شديدة اللهجة:

-ابنك إكرامًا لأمه مش هدبحه، بس يفكر تاني يقرب من اللي يخصني.

غادر بعد أن حدج "فضل" بنظرة احتقارية سافرة، أوسع له الرجال الطريق للمرور بينهم، في حين تقدم "رشيد" لينظر هو الآخر إلى كتلة اللحم المهترئة المتكومة أرضًا بنفور، ثم استطرد مخاطبًا "إسماعيل" بسخطٍ ممزوج بالتهكم:

-أنا كنت جاي أخد حقي منك عشان الكلام اللي قولته عن مراتي وإنت مبلبع، بس واضح إن غيري سبقني.

سأله "إسماعيل" بوجهٍ شاحب:

-فضايح إيه دي كمان؟

رد عليه مبتسمًا في سخرية من زاوية فمه:

-في فيديو منتشر للمحروس أرجل ناسه وهو لا مؤاخذة بيتعبط.

انفرجت شفتاه في صدمة كبيرة يغلفها الحرج والذهول:

-إيـــه!!!

تحرك "رشيد" بخطوات بطيئة ليقف أمام "إسماعيل" متابعًا بصوتٍ جليدي، يحمل الإهانة:

-وأنا كنت جايبله فيديو تاني ليه مع واحدة من إياهم، ما هو ولاد الحرام كتير، صوروه وهو مقضيها نجاسة.

ارتجفت نبرته وهو يردد مصدومًا:

-ابني يـ.. عمل كده؟

التفت "رشيد" ناظرًا إلى أشباه الرجال الباكي عند أقدامهم، وأهانه في احتقارٍ أكبر:

-ورينا بقى هترفع راسك إزاي وسط الخلق ...

عاود النظر إلى والده المصدوم، ومنحه قدرًا من التعنيف المهذب كذلك:

-وإنت يا حاج "إسماعيل"، مش فاهم فاتك إزاي ده، يعني (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ)؟

أحنى رأسه في خزيٍ وانكسار، فلم ينطق "رشيد" بالمزيد، يكفيه ما قاله، ثم أشار لأتباعه بالتحرك آمرًا:

-بينا يا رجالة، وقفتنا معدتش تلزم هنا.

انصرفوا تباعًا، تاركين خلفهم من لن يبكي عليه أحد إن مات توًا. تجمد "إسماعيل" في مكانه للحظاتٍ، فاقدًا قدرته على التعبير، أو التعليق، اهتزت صورته أمام نفسه قبل الغرباء، صار يرى شخصيته الوقورة تذهب أدراج الريح، تضاءلت كرامته، وتبعثر كبريائه، لم يتحمل ذلك الكهل هذا التجريح المهين له، فترنح في غير اتزانٍ باحثًا عما يدعمه، ويمنعه من السقوط. رأته "سعاد" وهو على وشك الوقوع، فهبت ناحيته تناديه في ارتياعٍ مفزوع:

-حاج "إسماعيل"!

أسندته بذراعيه، وأجلسته على المصطبة القريبة، لتتابع بعدها صياحها المرتعب:

-الحق أبوك يا "فضل".

تمدد ابنها على الأرضية، متحسسًا بيده مواضع الألم، بالكاد اختطف نظرة مشوشة نحو أبيه، ودمدم في هسهسة متحشرجة:

-أنا عاوز اللي يلحقني ....................................!!

.................................................. ..


منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 16-07-21, 06:19 AM   #1034

سحاب الحربي

? العضوٌ??? » 456880
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 127
?  نُقآطِيْ » سحاب الحربي is on a distinguished road
افتراضي

😍😍😍😍🤗🤗🤗🤗🤗🤗🤗🤗🤗🤗🤗🤗🤗😍🤗🤗😍🤗🤗🤗

سحاب الحربي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-07-21, 02:23 PM   #1035

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم إنك حميد مجيد
اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات :

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

لاتنسوا في هذه الايام المباركات التكبير والتهليل

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا


صل على النبي محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-07-21, 11:10 PM   #1036

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Chirolp Krackr

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 16 ( الأعضاء 6 والزوار 10)




‏موضى و راكان, ‏ملك علي, ‏Om noor2, ‏zahra0, ‏عاليا محمد, ‏noof11


:heeheeh:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمدلله تميم ريح قلبى بما عمله فى فضل

فصل ممتع يا نولا

منورة الرواية يا ملك و حشتينا فى أنتظار أبداع جديد لك


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-07-21, 10:41 AM   #1037

رموسه الحلوه

? العضوٌ??? » 471250
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 83
?  نُقآطِيْ » رموسه الحلوه is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رموسه الحلوه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-07-21, 05:09 PM   #1038

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 16 ( الأعضاء 6 والزوار 10)




‏موضى و راكان, ‏ملك علي, ‏om noor2, ‏zahra0, ‏عاليا محمد, ‏noof11


:heeheeh:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمدلله تميم ريح قلبى بما عمله فى فضل

فصل ممتع يا نولا

منورة الرواية يا ملك و حشتينا فى أنتظار أبداع جديد لك


يعيشك حبيبتي و انا توحشتكم بزااااف 💖💖
انا متابعة هذه الرواية رغم أني ما احب العامية لكن منال لها أسلوب شيق يخليكي متحمسة للقراءة 💞💞
بالتوفيق إن شاء الله 💖💖🌹🌹🌹


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-07-21, 02:27 AM   #1039

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي







الفصل المائة وثمانية وثلاثون



لم يعد في بقائه أي ضرورة، بعد أن لقنه ما جاء لأجله، وأسمعها له بوضوحٍ لئلا يفكر في الاقتراب منها، وأنها أصبحت خاصته، فقط مسألة وقت لتصبح رسميًا تحت حمايته ورعايته. خرج "تميم" من منزل هذا الدنيء مرفوع الرأس، يتطلع أمامه بنظراتٍ ما زالت حانقة، الشحنة الغاضبة بداخله لم تخبت بعد، ولم تهدأ، إنها هدنة مرغم عليها رفقًا بأمٍ لم تذنب سوى في تربية وتنشئة ابنها تنشئة غير سوية، أفسده الدلال، وأضره الغنج. دنا من مفترق الطرق، حيث اصطفت عربتان ربع نقل بشكلٍ معاكس، لتسد الطريق على أي شخصٍ قادم، كما صدر عنهما صخبًا ضوضائيًا مزعجًا، ليغطي على أي أصوات استغاثات قد تأتي.

ألقى "تميم" نظرة فاحصة على الكابينتين، لم يتواجد رفاقه بإحداهما، التفت للناحية الأخرى فوجدهم مجتمعين معًا يدخنون السجائر، ويعرقلون الحركة إن جاء أحدهم واشتكى، حتى يعود إليهم، وضع إصبعيه ما بين شفتيه ليطلق صافرة مميزة، انتبهوا له، وتحركوا سريعًا في اتجاهه، ليبادر بعدها "ناجي" متسائلاً:

-كله تمام؟

اكتفى "تميم" بهز رأسه، فتساءل "شيكاغو" بتحفزٍ، وهو يشمر عن ساعديه:

-احنا في الخدمة يا ريس، إدينا الإشارة ونطربأها.

تحدث قائلاً بامتعاضٍ:

-مايستهلش ...

ثم أشار لهم ليتبعوه مكملاً:

-بينا من هنا.

تحركوا في اتجاه السيارتين، فأضاف "حمص" بسخرية واضحة:

-صحيح البلد مالهاش غير سيرة الفيديو إياه بتاع الدغوف.

نظر "تميم" ناحيته، وخاطبه بتجهمٍ واضح:

-مع إني مكونتش أحب يتعمل كده، بس هو يستاهل الفضيحة.

علق عليه هازئًا:

-بعدين عنك دي ماسورة فضايح يا ريسنا، خلاص ركب التريند.

سأله "ناجي" بما يشبه السخرية:

-وبقيت تعرف في التريند كمان يا "حمص".

أجابه بابتسامةٍ أظهرت مدى إصفرار أسنانه واتساخها:

-من بعض ما عندكم يا سيد الناس.

بدا السأم ظاهرًا على تعابير وجهه، فهتف في رجاله، وهو يتخذ مقعد الراكب في إحدى السيارتين:

-كفاية رغي، وخلونا نمشي من هنا، لسه عندنا شغل تاني قبل كتب الكتاب.

رد عليه "شيكاغو" في طاعةٍ وهو يشير لرفيقه باستقلال السيارة الأخرى:

-ماشي يا كبيرنا.

............................................

تحولت الباحة الملاصقة لدكانه إلى ما يشبه تجمعًا عائليًا مغلفًا بمشاعر الود والألفة، والصداقة العتيقة. تسابق عمال المقهى الشعبي في خدمة الضيوف الأعزاء، والذين تعالى صخبهم المرح. استطرد "دياب" قائلاً وهو يشير بسبابته:

-شوفوه بس لو حد قرب من ابنه، تحس إن في ماس كهربي ضرب فيه.

رمقه "منذر" بتلك النظرة النارية المحذرة قبل أن يعلق عليه في تزمتٍ:

-مش باخد بالي منه!

ضحك قائلاً في تسلية:

-مش بالشكل ده يا جدع، ده إنت ناقص تحط يافطة ممنوع الاقتراب أو التصوير.

لوى "منذر" ثغره مرددًا في تهكمٍ:

-بكرة نشوفك هتعمل إنت التاني.

بنوعٍ من التفاخر، انتصب "دياب" في جلسته، وأخبره:

-هو أنا ليا لي زي.

هز رأسه معقبًا بإيجازٍ:

-طبعًا.

تساءل "دياب" في اهتمامٍ:

-أومال فين "تميم"؟ مش ظاهر ليه؟

أجابه "بدير" بعد زفيرٍ سريع:

-كان قايل رايح مشوار على السريع وراجع.

رد عليه مبتسمًا:

-يجي بالسلامة، ومتجمعين دايمًا في الفرح.

شاركه الابتسام، وقال:

-يا رب.

..............................................

وقفت خلف شقيقها تُصر على دفع مقعده المدولب، بعد أن جاءت بصحبته لحضور مراسم عقد القران، ما إن رأه الرجال المرابطين عند مدخل البناية، حتى تعاونوا في حمله للصعود للطابق العلوي، شكرتهم "آمنة" على مساعدتهم، وانتظرت ذهابهم لتسأله:

-عامل إيه يا خويا؟

أجابها "خليل" بإيماءة صغيرة من رأسه:

-الـ ..حمدلله.

مالت عليه لتخاطبه معتذرة:

-معلش أنا قصرت معاك اليومين اللي فاتوا، بس إنت شايف الجماعة كانوا آ...

قاطعها مشيرًا برأسه:

-أنا .. كـ..ويس.

ربتت على جانب ذراعه قائلة في لطفٍ:

-عقبال ما نفرح بـ "رقية" كده وتلاقينا واقفينلها كلنا.

لم يعرف إن كان القدر سيمهله الفرصة لرؤيتها كعروسٍ جميلة تزف إلى زوجها، لمحة من الحزن غلفت نظراته وهو يردد:

-يا رب.

.............................................

منذ ما يقرب من الساعتين، وهي ماكثة معها في غرفتها، تعاونها على كل صغيرة وكبيرة، لتبدو متأنقة في تلك الليلة الهامة، بالرغم من قلة المدعوين، واقتصار الحضور على بضعة أشخاصٍ من المقربين فقط، بناءً على طلبها، إلا أن شعورها بأنها محط أنظار الجميع ضاعف من الرهبة بداخلها. تطلعت "هاجر" إلى انعكاس وجهها في المرآة، كانت تزين بشرتها لمحات رقيقة وخفيفة من مساحيق التجميل، وحجاب رأسها يغطي كامل شعرها. أضافت "فيروزة" القليل من أحمر الشفاه عند شفتيها، وطلبت منها بابتسامة رقيقة:

-حاولي تفردي الروج على كل شفايفك

خفق قلبها في توترٍ وقد طاف بخلدها في تلك اللحظة أنها ستعايش نفس اللحظات التي عاشتها حين تقدم "محرز" للزواج منها. انتابتها الهواجس المربكة، وتزايدت المخاوف المبررة برأسها، لذا هتفت تستجدي بوالدتها الواقفة على الجانب الآخر آملة إرجاء الأمر برمته، كرد فعلٍ غريزي:

-بلاش، أنا .. مش عايزة آ...

تفهمت "ونيسة" للتوتر المتفشي فيها، ووضعت يدها على كتفها تسألها في عاطفة حانية:

-خايفة من إيه يا حبيبتي؟ "سراج" ابن حلال وشاريكي.

جاءها تعليقها إلى حدٍ ما صادمًا:

-ما "محرز" كان كده.

انتبهت "فيروزة" لما يدور بينهما من حوار فحواه أظهر خصوصيته، وحاولت ألا تشارك بالتعليق، وتبتعد عنهما لتتركا لهما فسحة للحديث بأريحية، فادعت انشغالها بإعادة تنسيق باقة الورد. هتفت "ونيسة" تعاتب ابنتها على جملتها الأخيرة المليئة بسوء الظن، فقالت:

-إنتي عايزة تقارنيه بده؟ حرام عليكي.

اغرورقت عينا "هاجر" بالدموع، فالتقطت منديلاً ورقيًا تمسح به العالق بين رموشها، في حين استمرت والدتها في مخاطبتها بعقلانية:

-يا بنتي بصي لقدام، الراجل مش محتاج يدعي إنه راجل، الراجل بيبان في مواقفه وتصرفاته.

بالرغم من ابتعادها عنهما، إلا أن كلامها وصل إليها، وللحظة شعرت وكأنها تخاطبها هي، تُذكرها بما كانت عليه مع المخادع "آسر"، وما فعله –وما زال يغعله- "تميم" معها، توترت من مجرد التفكير فيه أمام عائلته، وسرعان ما تأثرت بشرتها واصطبغت بحمرة طفيفة، أخفضت رأسها حرجًا، وسارت تجاه النافذة، على أمل أن يداعب الهواء البارد وجنتيها الدافئتين. واصلت "ونيسة" القول بهدوءٍ واضح:

-"محرز" صحيح ضحك علينا كلنا، بس مكانش يُعتمد عليه، كان دراع أبوكي في الشغل العادي؛ لكن المهم أبوكي كان بيقوم بيه لحد ما أخوكي خرج من السجن، وساعتها كل المستور اتكشف وبان.

عبرت "هاجر" عن مخاوفها، فهتفت بنزقٍ:

-أنا خايفة يكون واخدني تصفية حسابات.

عند تلك الكلمات استدارت "فيروزة" برأسها لتنظر إلى العروس المرتاعة، تحولت نظرات الحرج إلى أخرى جادة، كما اكتسبت تعبيراتها وجومًا غريبًا، انزلق لسانها يسألها في فضول مهتم:

-تصفية حسابات إزاي؟

بإيجازٍ غير مسهب أفصحت "هاجر" عن السبب الحقيقي وراء حبس شقيقها، لتُصحح تلقائيًا وكليًا الصورة الخاطئة المأخوذة عنه، ربما بعض العبارات المتناثرة من هنا وهناك، وبعض الأقاويل والمواقف التي تدعم شهامته كانت تعتبرها مجرد تجميل لبضاعة ما، أو تفخيم لشخصية محبوبة بين المواطنين على سبيل الشهرة واكتساب الود؛ لكن أن تأتيها الحقيقة بكافة معالمها الواقعية هكذا جعلها تعيد التفكير في شأنه.

حافظت "فيروزة" على جمود ملامحها، أخفت اندهاشها، وتساءلت بحاجبين معقودين:

-ووافق بعد ده كله ترتبطوا ببعض.

أومأت برأسها مؤكدة:

-أيوه.

تحلت "ونيسة" بفضيلة الصبر، وحاولت إقناعها بمنطقيةٍ:

-طب الأولى كان اتجوز من زمان، بس هو استناكي، وإنتي أول بخته، ده غير إنه بيحب ابنك أوي.

ظل التردد مسيطرًا عليها، وقالت في توترٍ:

-مش عارفة، خايفة أجرب يامه، وأنا مش حمل كسرة قلب تاني

بتلك المشاعر الخائفة مست قلبها، وجعلتها تشعر وكأنها تتحدث عنها؛ لكن على لسان شخصٍ آخر، المبررات، الأسباب، الدوافع، وكل شيء كان مطروحًا للنقاش، غير مجبرة على القبول به، وهذا أكثر ما أحبته في تلك العائلة؛ حرية الاختيار. لم تتوقف "ونيسة" عن محاولتها دعم ومؤازرة ابنتها، فقالت:

-طبيعي تخافي وتقلقي لما نفس التجربة تتكرر، بس الفرق هنا إن "سراج" بيحبك من قلبه، واللي بيحب بيعمل أي حاجة عشان يسعد وليفه.

ضحكت "هاجر" ضحكة مبتورة، وعلقت:

-إنتي بتتكلمي زي أبويا وجدي.

ردت عليها والدتها مؤكدة بثقة، وابتسامتها تنير وجهها:

-لو أبوكي كان شاكك للحظة إنه مايستهلكيش مكانش وافق، ما بالك بـ "تميم" هو كمان؟ تفتكري كان وافق يحط إيده في إيد اللي حبسه؟ إلا إن كان شاف منه كل خير.

أصابت القول في جملتها الأخيرة، وبدأت مخاوف ابنتها تقل تدريجيًا، فأضافت بتريثٍ لتشعرها بالمزيد من الطمأنينة:

-و"محرز" ربنا ينتقم منه اعترف وقال إنه خرب الدنيا، مش ده كان كلام أخوكي؟

ردت دون تفكيرٍ:

-أيوه.

ربتت "ونيسة" على كتفها تستحثها:

-ارمي ورا ضهرك يا بنتي، وبصي للحلو اللي جاي في حياتك.

حملقت "هاجر" مجددًا في المرآة لتنظر إلى نفسها، محاولة الإصغاء لنصيحتها، ونبذ ما يقلقها. استأنفت "ونيسة" كلامها معها بابتسامةٍ أكثر اتساعًا:

-وبعدين الست أمه بلسم، من بيت أصول، محترمة وأخلاق، وبتحبك، والكل عارفها من زمان، ولسانها مايطلعش منه العيبة.

وافقتها الرأي، فأكملت بنبرة مالت للجدية:

-أي أم مطرحها تتمنى ابنها يتجوز واحدة صبية، وحلوة، وليها أصل وفصل، وقبل ده كله بنت بنوت ....

تعمدت الضغط على الكلمات الأخيرة لتؤكد لها إصراره عليها، وقبل أن تنطق بحرفٍ أضافت "ونيسة" بنفس الوجه المبتسم:

-شوفي إنتي بقى مقدار غلاوتك عندهم، لأنه عملك اللي ما اتعمل لأي واحدة، ومستعد يراضيكي باللي يسعدك.

وجدت "هاجر" نفسها تبتسم قائلة في فرحةٍ غير مزيفة، وتلك اللمعة تطل من عينيها:

-مظبوط.

احتضنت الأم ابنتها، وقالت بعد تنهيدة بطيئة:

-استبشري خير يا "هاجر"، وافرحي يا بنتي .. ده النهاردة ليلتك.

تأثرت "فيروزة"، واختنق بتلك المشاعر الودودة الداعمة التي طغت على الأجواء، عانت مؤخرًا من حساسية زائدة لكل ما له صلة بالمشاعر، وهي التي لم تكن هكذا، كبحت عبراتها بصعوبة، وهتفت قائلة دون أن تنظر نحوهما:

-عن إذنكم، هاطلع أشوف ماما إن كانت عايزة حاجة.

رجتها "هاجر" في نبرة حانية:

-ارجعيلي تاني يا "فيروزة"، عايزاكي جمبي.

كانت قد فتحت الباب، وهمَّت بالخروج من الغرفة، لذا استدارت ناظرة ناحيتها لترد في رقة:

-حاضر، أنا معاكي.

منحتها نظرة مطمئنة، ثم أغلقت الباب متجمدة في مكانها لبضعة ثوانٍ، سحبت عدة أنفاس عميقة تحط بها على المشاعر المرهفة التي عصفت بها الآن، لتلتفت بعدها مندفعة بكامل عنفوانها نحو الأمام دون أن تنظر جيدًا.

.................................................. .

ادعاء أن شيئًا لم يكن بدا متعذرًا عليه، فالالتقاء بهذا اللزج المنفر يعد شيئًا غير سارٍ للنفس، عاد إلى الدكان، والتقى برفاقه الأعزاء ليستأذن بعدها حتى يبدل ثيابه، ويستعد لاستقبال المدعوين. لم يتوقع "تميم" تواجدها في منزله، فمعظم الوقت كانت غرفة شقيقته مغلقة على من فيها، تأتي النساء تهنئها، وتمكث لبعض الوقت، ثم تنصرف، أراد رؤيتها قبل نزوله للأسفل، فتفاجأ بخروج نصفه المكمل من الغرفة، في بهائها الساحر والمغري.

كانت "فيروزة" قد ارتدت ثوبًا أسود اللون، عادت إلى هذا اللون المثير، مع فارق أنه ازدان بفصوص متناثرة للون الفيروزي، حجاب رأسها كان من اللون الأسود، يتماشى مع الثوب البراق، بالطبع أرادت ألا تكون لافتة للأنظار في تلك المناسبة، فاختارت التقليدي من الأثواب؛ لكنها استحوذت على سائر الانتباه والاهتمام، انتفض الحب الثائر في كامل وجدانه، واستثارت به مشاعر التوق والرغبة، اللوعة والاشتياق.

على ما يبدو لم تنتبه إليه، فتحركت صوبه لترتطم به بعنفٍ، شهقت لاصطدامها بالصدر الرجولي، وارتدت للخلف كردة فعلٍ تلقائية. رفعت "فيروزة" أنظارها للأعلى لتحدق في وجه "تميم" بعينين متسعتين في صدمةٍ وحرج، ساد بينهما صمت مطبق لبضعة لحظات، قطعه الأخير متسائلاً في اهتمامٍ:

-إنتي كويسة؟

تداركت خطئها غير المقصود، واعتذرت منه بربكةٍ خفيفة:

-معلش، أسفة، مخدتش بالي.

سألها في ملامح جادة:

-في حاجة ناقصة عند "هاجر" وعايزاها؟

شملته بنظراتٍ بدت فاحصة أكثر منها عابرة، كانت مرتها الثانية التي تراه يرتدي فيها بدلة رمادية أنيقة للغاية بعد السوداء التي ارتداها في حفل زفافه، بدا وكأنه تعمد حدوث هذا، لتراه كذلك في كامل الوجاهة والأناقة، على عكس الصورة المعتادة له. حمحمت في خفوت، وأجابته وهي تبعد نظراتها عنه:

-لأ، مافيش.

حاولت تجاوزه للمرور؛ لكنه تحرك في نفس اتجاهها، اتجهت بعفوية للزاوية الأخرى؛ لكنه كرر نفس الفعلة، حينها تأكدت أنه أراد منعها من المرور، تقلصت عضلات وجهها بشكلٍ منزعج، ونظرت إليه بنظرة مستفهمة حائرة، قبل أن تسأله:

-في حاجة؟

فاستطرد يخبرها بنظراته الدافئة:

-عايزك تعرفي حاجة.

رد بتعجلٍ مقاومة ما يعتريها الآن من مشاعر موترة، وقد ضمت يديها معًا أمامهها:

-خير؟

بوجهٍ مرتخي التعبيرات، ونظرات جمعت كل درجات الحب ومستوياتها، أخفض صوته قائلاً بغموضٍ، جعل النابض بداخلها يتلاحق في دقاته:

-خدتلك حقك من اللي جرحك زمان.

شحب وجهها الخالي من مظاهر الزينة بدرجة ملحوظة، وسألتها وهي تنظر إليه ملء عينيها في توجسٍ:

-قصدك إيه؟

آملت ألا يكون سرها الأخير قد كُشف، هذا الذي أقسمت ألا تبوح به لغير نفسها، تحفزت في وقفتها، وظلت تطالعه بتلك النظرات القلقة وهو يخبرها:

-اتحاسب على كشفه لسترك، ومش هسمحله يمسك بسوء.

تحيرت في أمره، وسألته بحلقٍ شبه جاف:

-إنت.. بتكلم عن مين؟

لم تتبدل تعابيره وهو يجيبها بهدوءٍ:

-اللي مايستهلش إنه يكون قريب، اللي خان الأمانة، عشان نفسه المريضة.

برقت عيناها في صدمةٍ، وهتفت تردد اسم أول من تبادر إلى ذهنها بفعلته الذليلة معها:

-"فضل"!

رفع سبابتها طالبًا منها بملامحٍ منزعجة نسبيًا:

-لسانك أطهر من إنه ينطق اسمه.

سألته في تحفزٍ، وقد ضاقت نظراتها المتوترة:

-هو إنت عملت إيه بالظبط؟

تصنع الابتسام ليخفف من حدة التوتر قبل أن يخبرها:

-ولا حاجة، المهم عندي إن محدش يدوسلك على طرف لا زمان ولا دلوقتي.

كانت مأخوذة بكل ما يفعله لأجلها، ليس لأنه يريد الظفر بلقطةٍ حصرية تعبر عن شهامته المفرطة في عالم الذكور الأصيلة، بل لشيء آخر رغبت وبشدة في معرفة تفسيره الحقيقي، اشتد ضمها لقبضتيها، وسألته بأنفاسٍ لم تكن منتظمة:

-إنت بتعمل معايا كده ليه؟

ظهر الانفعال على صوتها رغم خفوته وهي تكمل:

-عايز مني إيه؟

أطرق رأسه للحظات كأنما يبحث عن الكلمات المناسبة، لم يعد هناك أدنى مهرب من المواجهة والاعتراف، عاد لينظر إليها مليًا، قبل أن يتشجع قائلاً:

-هاكون أسعد واحد في الدنيا دي كلها لو ...

توقف عن إتمام جملته ليظهر التردد عليه لهنيهة، ألحت عليه "فيروزة" متسائلة بصبرٍ شبه نافذ؛ وكأنها تنتظر سماع ما تخبأه الحياة لها من سعادة خفية:

-لو إيه؟

كان لعينيها في تلك اللحظات بما فيها من لهفةٍ وترقب أكبر الأثر عليه، لهذا استجمع "تميم" الهارب من جأشه، وراح يخبرها بوضوحٍ وبجراءةٍ ربما تكلفه الكثير بعد أن بلغ نهاية الصبر والانتظار:

-وافقتي أتجوزك ........................................ !!!

.................................................. .........


منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 18-07-21, 02:51 AM   #1040

جزيرة

? العضوٌ??? » 307068
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 398
?  نُقآطِيْ » جزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond repute
افتراضي

الله الله يا جماااالك يا مبدعة

جزيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:37 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.