آخر 10 مشاركات
62 - قل كلمة واحدة - آن ميثر - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : pink moon - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          متزوجات و لكن ...(مميزة و مكتمله) (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          [تحميل] لمحت سهيل في عرض الجنوب للكاتبه : ؛¤ّ,¸مــشـآعلـ¸,ّ¤؛ (جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          411 - سارقة القلوب - جاكلين بيرد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          8 - نداء الدم - آن ميثر (تم تجديد الرابط ) (الكاتـب : pink moon - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          75 - كن صديقي (الكاتـب : فرح - )           »          مستأجرة لمتعته (159) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          4- عمري بين يديك -كاي ثورب - (كتابة /كاملة) (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree508Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-07-21, 04:11 AM   #1071

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 25 ( الأعضاء 6 والزوار 19)

‏موضى و راكان, ‏ساسية, ‏shery2, ‏سماره2, ‏nes2013, ‏mango20103



موفقة بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-07-21, 04:30 AM   #1072

فالنسيا

? العضوٌ??? » 448485
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 146
?  نُقآطِيْ » فالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond repute
افتراضي

على قد ما فيروزة كانت قوية في أول الرواية، وعلى قد ما هي عنيدة في الأول والآخر، على قد ما هي هبلة أو بتستهبل!
بعد ده كله بتسأل مين يعني"تميم سلطان"!... مستفزة بصراحة.. الظاهر اللي حصل معاها أثر على قواها العقلية..

الفصول الأخيرة ممتعة جدا، اللقطات السريعة بين تميم وفيروزة مسلية ومشوقة للقادم..


.


فالنسيا متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-07-21, 10:22 AM   #1073

k_meri

? العضوٌ??? » 341004
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,235
?  نُقآطِيْ » k_meri has a reputation beyond reputek_meri has a reputation beyond reputek_meri has a reputation beyond reputek_meri has a reputation beyond reputek_meri has a reputation beyond reputek_meri has a reputation beyond reputek_meri has a reputation beyond reputek_meri has a reputation beyond reputek_meri has a reputation beyond reputek_meri has a reputation beyond reputek_meri has a reputation beyond repute
افتراضي

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصل رائع شكرا على المجهود ❤❤❤❤👏👏👏👏👏


k_meri غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-07-21, 12:44 PM   #1074

جزيرة

? العضوٌ??? » 307068
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 398
?  نُقآطِيْ » جزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond reputeجزيرة has a reputation beyond repute
افتراضي

تميم …
شخصية جميلة جدا
الكاتبة رسمت لنا جمال اخلاق و عفة و شجاعة و كرم …
فعلا جمال ..
فيروزه مسكينة
المشاعر الجميلة تجد صعوبة في البوح بها
وقد يحدث العكس كما في الموقف الاخير
.


جزيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-07-21, 03:14 AM   #1075

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل المائة أربعة وأربعون





أفادها وجود بعض قمصانها القطنية القديمة في دولابها، لتبدل فيها بأريحيةٍ، فلا تتقيد بنفس الثياب طوال اليوم. خرجت "همسة" من غرفة نومها السابقة تتجه إلى البهو وهي تعقد شعرها كعكة، بصرت والدتها وهي تجلس وفي يدها هاتفها المحمول، جلست بحذرٍ على الأريكة المقابلة لها، وتفرست في وجهها متسائلة في حيرةٍ:

-إنتي بتعملي إيه يا ماما؟

أشارت لها بيدها لتصمت، فألحت عليها بفضولٍ:

-هتكلمي مين؟

وضعت "آمنة" الهاتف على أذنها، وأجابت:

-عمك "إسماعيل".

برزت عيناها في صدمةٍ مستنكرة، ورددت بفمٍ مفتوح:

-نعم!

بتعابيرٍ مالت للجدية بررت لها اتصالها:

-أيوه، لازم يعرف، مايصحش يبقى زيه زي الغريب، ويكون آخر واحد عنده خبر بخطوبة أختك.

حذرتها "همسة" في توجسٍ ظهرت آثاره على تقاسيم وجهها:

-بلاش يا ماما، "فيروزة" هتزعل.

بسماجةٍ غير مستلذة تساءلت:

-ودي فيها إيه يزعل بس؟

اشتعلت نظراتها، وهتفت في استهجانٍ شديد، وقد تقلصت عضلات وجهها:

-مش معقول نسيتي كل اللي عمله ابنه كده بالساهل؟!!

علقت عليها بتجهمٍ:

-أنا ماليش دعوة بابنه، أنا ليا لي الحاج "إسماعيل"، وده واجب عليا.

همَّت بالاعتراض عليها؛ لكنها أسكتتها بإشارة صارمة من عينيها:

-بس بقى عشان التليفون بيرن.

لم تكن "همسة" راضية عن تصرف والدتها، ولم تستطع للأسف منعها من إجراء تلك المكالمة. ارتسمت ابتسامة زائفة على وجه "آمنة" حين استهلت قائلة:

-ألو، سلام عليكم، حاج "إسماعيل".

أتاها صوتًا أنثويًا قائلاً في رسمية:

-لأ، أنا "سعاد" يا "آمنة".

ردت عليه بحاجبين معقودين في استغرابٍ:

-الله! أومال فين الحاج "إسماعيل"؟

جاوبتها ببرودٍ محسوس في نبرتها:

-نسى تليفونه في البيت، وبعدين مافيش إزيك ولا حتى سلامات؟

انقلبت ملامح وجه "آمنة" إلى حدٍ ما، و"سعاد" ما تزال توبخها بحدةٍ:

-خلاص اتنست كل حاجة؟ طب نراعي إن كان بينا عيش وملح!!!

ردت قائلة في حرجٍ:

-لا ماتقوليش كده، أنا بس اتوغوشت لما ملاقتوش رد.

تعجبت "همسة" من موقف والدتها غير الحازم في تعاملها مع من تسببوا في إلحاق الأذى الجسيم بابنتها، اشتاطت غضبًا، وامتلأت عيناها بالحنق، حاولت الإشارة لوالدتها وإبلاغها بإنهاء المكالمة؛ لكنها تجاهلتها، وأصغت إلى "سعاد" وهي تسألها بجفاءٍ:

-هو إنتي كنتي عايزاه في حاجة مهمة؟

تنهدت سريعًا قبل أن تخبرها على مهلٍ:

-أنا كنت بس هاعرفه إن "فيروزة" بنتي هتتخطب.

تفاجأت بها تصرخ فيها:

-فرطتي في لحمك يا "آمنة"، وطلعتيه للغريب؟!!

اختلج وجهها بقليلٍ من الضيق وهي ترد متسائلة:

-ليه بتقولي كده؟

أخبرتها بنفس الصوت الهادر المليء بالغضب:

-مش ابني كان أولى بيها؟ على الأقل كان هيراعي ربنا فيها، ويلم عرضها.

استمرت على موقفها المتراخي وهي تنطق بشفاه ممتعضة:

-كل شيء نصيب.

صوت "سعاد" كان مسموعًا عبر الهاتف وهي تواصل صياحها اللائم بغير حقٍ:

-إنتي لو كنتي عاملة حساب للعِشرة مكونتيش إديتها للغريب.

أخيرًا لجأت "آمنة" للحدة معها بعد أن يئست ابنتها منها، فخاطبتها بحمئة:

-يا "سعاد" ده إنتي ابنك مخلف وفي رقبته أورطة عيال، وهي مابقتش تنفعه.

راحت تعلق بوقاحةٍ:

-وده يمنع يعني؟ طالما قادر يفتح بدل البيت اتنين وتلاتة وأربعة، وكله بشرع ربنا، كان هيعملها الحلو كله.

هتفت محتجة في تبرمٍ:

-لا حول ولا قوة إلا بالله، بس ده ما يرضيش ربنا ..

وقبل أن تبادر بالهجوم عليها، لانت نبرتها وهي تكمل سريعًا جملتها:

-عمومًا مالوش لازمة العتاب، ربنا يبختله مع حد أحسن.

هدرت بها بسخطٍ:

-إزاي يا حسرة؟ ما كفاية اللي اتعمل فيه من القريب قبل الغريب.

على الفور اندفعت "آمنة" تقول:

-ما ابنك غلط في حق بنتي، وقال كلام عنها مايصحش، ده غير البهدلة وآ...

قاطعتها مبررة سوء أخلاقه بوقاحةٍ:

-وَزة شيطان، إيه نعلقله المشنقة؟ إيه مافيش شوية رحمة في قلوبكم؟ ده ربنا غفور رجيم

أدركت "آمنة" أن جدالها العقيم معها لن يصل بها إلى شيء سوى إحراق دمها، واستثارة أعصابها، أطلقت زفرة سريعة، وقالت في تعجلٍ:

-ربنا يهديه، وأنا عرفتكم باللي ناويين عليه.

دمدمت "سعاد" معقبة بنبرتها العالية:

-هبقى أبلغ الحاج لما يرجع من برا.

ردت عليها على مهلٍ، وقد شعرت أنها خرجت من معركة مرهقة للأعصاب:

-إن شاء الله، وآ...

لم تكمل جملتها للنهاية، فقد انقطع الاتصــال فجأة، أبعدت "آمنة" الهاتف عن أذنها لتنظر إليه مصدومة، قبل أن تنطق في ذهولٍ بائن على وجهها:

-دي قفلت السكة في وشي.

هبت "همسة" واقفة رغم شعورها بالألم من الحركة المباغتة، وعاتبت والدتها بغيظٍ:

-إنتي غلطانة والله يا ماما إنك بتكلميهم، صدقيني "فيروزة" لو عرفت هتضايق جدًا.

رغم الكدر الظاهر في عيني "آمنة" إلا أنها ردت بسقمٍ:

-خلاص ماتقوليلهاش.

ما لم تضعه الاثنان في الحسبان، هو عودة "فيروزة" إلى المنزل وفي يدها علبة الحلوى، وزعت نظراتها بينهما متسائلة في فضولٍ:

-هو إيه ده اللي هتضايق منه؟

حملقت "همسة" بعينين متسعتين مليئتين بالتوجس والقلق في وجه توأمتها وهي تحرك شفتيها لتنطق:

-"فيروزة"!

سألتها "آمنة" بدهشة لا تقل عن ابنتها:

-إنتي رجعتي ليه؟

بدا من السخافة أن تخبرهما بالموقف المحرج الذي تعرضت له قبل قليلٍ على الدرج، لهذا حاولت اختلاق عذرًا مقنعًا لا يثير الاسترابة في نفسيهما، تنحنحت قائلة وهي تضع العلبة على الطاولة المستديرة:

-ده آ.. أنا لما كنت تحت، لاقيت العريس باعت العلبة دي لينا، فأنا خدتها، وطلعتها.

رجت في نفسها ألا يحاولا الاستعلام منها عن المزيد من التفاصيل، وشعرت بالارتياح يتسلل إليها حين أقبلت والدتها على العلبة لتنظر إلى ما بداخلها وهي تقول:

-ناس ولاد أصول.

فضت الشرائط عنها لتفتحها، فتطلع ثلاثتهن إلى قالب الحلوى الأبيض المليء بكافة أنواع الفواكه الغارقة في شراب العسل، سال لعاب "همسة"، وهتفت قائلة في انبهارٍ، وهي تمد إصبعها لتتذوق طرفها المغري:

-ماشاءالله، ده من أفخم المحلات اللي هنا وأغلاها.

ضربت "آمنة" على يد ابنتها قبل أن تصل إليها، وصاحت في حزمٍ:

-أنا هحطها في التلاجة، بدل ما تتبهدل برا.

ردت "همسة" في تذمرٍ:

-طب أنا عاوزة أدوق.

رمقتها بتلك النظرة الصارمة وهي تقول:

-بعدين، مش دلوقتي.

ثم انحنت لتحملها في حرصٍ واضح، بينما تحركت "فيروزة" للجانب وهي تتساءل في فضولٍ:

-مردتوش عليا، إيه اللي هيضايقني؟

حاولت توأمتها المناص من إجابتها بالادعاء وهي تبتسم في سخافة:

-ماتحطيش في بالك يا "فيرو".

شعرت أنه وراء تلك الابتسامة الغريبة ما تخفيه عنه، أمعنت النظر في وجهها متسائلة بجديةٍ:

-ناويين على إيه؟ قولوا!

تهربت منها قائلة بتلعثمٍ:

-أنا هشوف "كوكي" فين.

ساورتها الشكوك بصدق حدسها، فدنت من والدتها تسألها بإصرارٍ:

-في إيه يا ماما؟

لم تكلف "آمنة" نفسها عناء مراعاة شعورها، وقالت بغير احترازٍ:

-أصل آ.. أنا كلمت مرات عمك أعرفها بخطوبتك.

وكأنها ببساطة ضغطت عن عمدٍ، على زر التفجير المتصل بإحدى القنابل الموقوتة، فصاحت فيها "فيروزة" بغضبٍ تصاعد إلى رأسها مندفعًا بقوة:

-تاني يا ماما؟ للدرجادي هونت عليكي؟ كل اللي عمله فيا اتمسح بأستيكة؟

عللت لها بما ضاعف من حنقها:

-أنا عملت الأصول.

ردت عليها بصراخٍ:

-الأصول؟ هي دي الحجة المرادي؟

نظرت "آمنة" إلى ابنتها قائلة بما بدا وكأنه استفزاز لها:

-محصلش حاجة لكل ده، هما كلمتين، وانتهى الموضوع!

هدرت بانفعالٍ لم ولن يخبت:

-يا سلام، بالبساطة كده!

عادت "همسة" إلى الخارج ترجو شقيقتها:

-بالراحة يا "فيرو"، هي ماما متقصدش.

تطلعت "فيروزة" إلى والدتها بنظراتٍ حانقة مليئة بالكمد والغضب، أبت الكلمات أن تخرج من بين شفتيها لتلومها، فالأخيرة لن تشعر بتأنيب الضمير وإن رأتها تحترق حية قبالتها، لم تستطع البقاء وملازمة مكانها ساكنة دون أن تتهور، لهذا كان الأسلم لها الابتعاد مؤقتًا قبل أن تُطيح بالجميع في لحظة غضبها الأعمى، اندفعت ركضًا نحو الباب لتخرج من المنزل، و"همسة" من ورائها تحاول اللحاق بها وهي تناديها:

-"فيروزة"، استني هنا!

لم تصغِ لها، وصفقت الباب خلفها بعنفٍ، لتظل "همسة" عالقة في مكانها وهي تشعر بالأسى على حال توأمتها، استدارت ناظرة إلى أمها لتعاتبها في غيظٍ:

-مش قولتلك هتزعل يا ماما لو عرفت، يا ريتك ما قولتيلها.

هزت "آمنة" مرددة في برودٍ قبل أن تتجه للمطبخ:

-هعمل إيه يعني، كنت مغسلة وضامنة الجنة؟!!

.................................................. .......

ساعدها على تجاوز هذا الإحساس الخانق تجولها غير المشروط على كورنيش البحر لمدة لا بأس بها، سبقه مكالمة موجزة مع طبيبتها التي أرشدتها لطريقة آمنة للتنفيس عن الحنق المكبوت بداخلها، لئلا تغرق في دوامة الغضب الأهوج، وتفعل ما لا يُحمد عقباه، كذلك حثتها على تذكر الأشياء الجيدة والإيجابية لتعزز من الذكريات السارة في مخيلتها، ولحظها كان هو بطل اليوم بلا منازع.

وجدت "فيروزة" نفسها تبتسم من استحضارها لمشهد إحراجها على السلم، وكيف تجرأ وأرسل لها قبلة في الهواء، كالصبية المراهقين حين يتغزلون بالفتيات. تألمت قدماها من كثرة المشي، فتلفتت حولها لتحدد أين أصبحت، لحسن حظها، كانت قريبة من الطريق المؤدي إلى دكانها، لهذا عبرت الشارع الرئيسي، وانتقلت منه إلى آخر فرعي، لتعرج عبر بضعة أزقة حتى وصلت إلى وجهتها، قصدت تجنب السير في الطريق المشترك بين دكانها، ودكان عائلة "سلطان"، فلم تكن قادرة على مواجهة "تميم" بعد موقفه الأخير معها.

وحين وصلت للزقاق الموجود عند ناصيته دكانها، رأت بضعة عمالٍ يقومون بحفره طوليًا بآلة مزعجة، من أجل تبديل مواسير الصرف الصحي، حذرها أحدهم مشددًا:

-خدي بالك يا أستاذة، الشارع ده، واللي بعده هيتقفلوا عشان الحفر.

وضعت يدها على أذنها لتخفف من حدة الإزعاج الشديد، وقالت وهي تومئ برأسها:

-حاضر.

بالكاد نجحت في الوصول قبل أن تعلق فيه، ولجت إلى داخل دكانها، ألقت التحية على مساعدتيها، ثم جلست خلف مكتبها تنتظر الزبائن بذهنٍ صافن، ما زالت بقايا مكالمة والدتها تؤثر عليها، وجاهدت لتتجاوز الشعور المؤلم، لتنظر إلى ميدالية الطاووس الموضوعة على سطح مكتبها، تلمستها بطرفي إصبعيها، وكررت نفس الجملة السابقة بابتسامة هازئة:

-مين يعني "تميم سلطان"!

خفق قلبها في رهبةٍ حين سمعت أحدهم يسألها بغتةً:

-إنتي بتكلمي نفسك؟

وضعت يدها على قلبها تتحسسه، ونظرت بعينين جاحظتين إلى "علا" التي جاءت لزيارتها. تنفست الصعداء لأنه لم يكن هو، حقًا لن تكون مسرورة إن أحرجها مجددًا، وفي العلن. لفظت دفعة من الهواء عن رئتيها تثبط به النهجان المفاجئ الذي أصابها قبل أن تردد:

-يا شيخة خضتيني!

ردت عليها وهي تجلس على المقعد المواجه لها:

-ما إنتي سرحانة من الصبح!

تنهدت "فيروزة" بعمقٍ، وسألتها في روتينية:

-إيه أخبارك يا "علا"؟

أجابتها بتذمرٍ بعد أن أراحت ظهرها للخلف:

-ده أختك طلع معاها حق فعلاً!

نظرت إليها في عدم فهمٍ قبل أن تنتفض مصدومة على نهوض رفيقتها المفاجئ لتصيح بها بصوتٍ مرتفع:

-إنتي سايبة الدنيا تضرب تقلب وقاعدة هنا؟

أشارت لها بالجلوس وهي تخبرها:

-عادي يا "علا"، اقعدي بس، في إيه؟

دارت حول المكتب لتجذبها من ذراعها، وهي ترد في إصرارٍ:

-قومي يا بنتي، بطلي بواخة، ده إنتي عروسة.

حاولت المناص منها، وتحرير ذراعها قائلة بتعابيرٍ شبه مكفهرة:

-بالله عليكي سبيني.

ردت في عنادٍ:

-لأ مش هاسيبك.

نجحت "فيروزة" في استعادة ذراعها، وقالت بعبوسٍ ملحوظ وهي تنهض بدورها من مكانها:

-بالله عليكي سبيني، أنا مش ناقصة.

شعرت بوجود خطب ما بها، فسألتها في نبرة مهتمة:

-حصل إيه؟ الخطوبة اتفركشت، إنتي قادرة وتعمليها.

ابتسمت لاستظرافها الزائد، وقالت في وجومٍ:

-لأ لسه.

هزت رأسها تسألها بنفس الفضول المهتم:

-أومال في إيه؟

أجابت بعد زفيرٍ طويل:

-ماما كلمت عمي بعد كل اللي اتعمل فيا من ابنه.

وضعت "علا" يدها على فمها مستنكرة ما سمعته، لتبعد كفها متسائلة:

-طب وبعدين؟ عملتي إيه؟

قاومت الذكرى المزعجة، وجاوبتها بنفس الملامح التعسة:

-خرجت من البيت بدل ما أعملها خناقة.

ضحكت "علا" ساخرة من الموقف برمته:

-أد إيه إنتي عروسة فقرية، مامتك عارفة إزاي تنكد عليكي.

زجرتها في تبرمٍ:

-إنتي بتتريقي؟

قالت في مرحٍ:

-أه طبعًا لازم أتريق، يا بنتي ارمي ورا ضهرك، بدل ما تفكري في اللي بيزعلك، ركزي هتخطفي عين عريسك إزاي.

لاحت ابتسامة خفيفة على محياها، وصورة "تميم" تقتحم مخيلتها، لم تخبت بسمتها الرقيقة عندما ردت:

-إنتي هتعملي زيهم ولا إيه؟

أومأت برأسها مؤكدة:

-أه طبعًا، ده الطبيعي على فكرة.

عاودت الجلوس في مقعدها قائلة بفتورٍ يشوبه الانزعاج:

-يا "علا" دي قعدة اتفاق، مافيش حاجة لسه رسمي، ليه مكبرين الحكاية؟

جذبتها مرة أخرى لتجبرها النهوض وهي تُصر عليها:

-طب قومي يالا، خلي البنات يروحوا بدري، وتعالي نشوف اللي ورانا.

تثاقلت في التجاوب معها، وهتفت بعد زفيرٍ سريع:

-ورانا إيه؟ ما الفستان موجود، والطرحة كمان.

عضت "علا" على شفتيها قبل أن تخبرها بغموض:

-هو أنا مقولتلكيش!

تخشبت في مكانها متسائلة بملامح اكتسبت جدية غريبة:

-في إيه؟ عملتي إيه إنتي كمان؟

ردت مطمئنة إياها:

-مش حاجة خطيرة يعني.

رمقتها "فيروزة" بتلك النظرة الحادة وهي تخاطبها بصيغة آمرة:

-قولي عملتي إيه!

حمحمت مرددة بابتسامة منمقة:

-بصراحة كده ليا واحدة صاحبتي Fashion Designer .. وفاتحة بوتيك جديد، فادتني كام فستان ألبسهم كدعاية ليها، وأنا جبتلك أحلى واحد فيهم عشان النهاردة.

اعترضت عليها بشدة:

-وأنا مش هاقبل بكده.

حاولت أن تبدو هادئة خلال سعيها لإقناعها بالقبول به:

-هو أنا بقولك خديه، أنا بس عايزاكي تبقي شيك، وأحلى واحدة النهاردة.

تمسكت برأيها في عنادٍ غير مُجدي:

-ما الفستان موجود.

أومأت برأسها معللة بأكثر وسائلها إقناعًا:

-ماشي، بس ده هايبقى ألطف، وبعدين ده لونه الـ Baby blue اللي بتحبيه، هتقولي برضوه لأ؟

رفعت "فيروزة" حاجبها متسائلة في استهزاءٍ:

-كده بتقنعيني؟

تعلقت بذراعها، وردت مبتسمة ابتسامة متسعة:

-أه، ويالا بقى ماتنشفيش دماغك، مجاتش على الكام ساعة اللي هتلبسيه فيهم.

نجحت "علا" في جذبها بعيدًا عن مكتبها وهي ما تزال تُصر عليها:

-ويالا بقى، مش عايزين نتأخر.

تذمرت في امتعاضٍ:

-يا "علا"..

قاطعتها بنوعٍ من التهديد المازح:

-والله أشتكيكي لـ "ماهر".

رمقتها "فيروزة" بنظرة متحدية؛ لكنها لم تبالِ وفرضت عليها رأيها وهي تدفعها دفعًا نحو الخارج:

-ما تبقيش غلسة.

استسلمت أمام إلحاحها قائلة بتنهيدة:

-طيب.

هللت في فرحةٍ، بينما ألقت "فيروزة" أوامرها على الفتاتين:

-إنتو أجازة يا بنات النهاردة، امشوا وأنا هقفل

سَعِدت الاثنتان بخبر العطلة المفاجأة، وأخذتا تلملمان أشيائهما في عجلٍ، لتقوم بعدها "فيروزة" بغلق الدكان، والذهاب بصحبة رفيقتها إلى المنزل.

.................................................. ..

اضطرت مرغمة للالتفاف حول دكانها، والذهاب من الطريق المعاكس، حيث يتواجد دكان عائلة "سلطان". اختطفت "فيروزة" نظرات سريعة منذ أن أبصرته على مرمى نظرها، لتتأكد من عدم وجود "تميم" به، لحظها لم يكن ظاهرًا! وهذا أشعرها بالارتياح نوعًا ما، خاصة حين أصبحت وشيكة من محيطه؛ لكن لمحها "بدير" من مكانها، فلوح لها بيده مناديًا إياها، دنت منه مرحبة به:

-سلام عليكم، إزي حضرتك.

نهض من على كرسيه الخشبي يدعوها بترحابٍ أكبر هي ومن معها:

-تعالي يا بنتي، اتفضلوا.

ردت "علا" معتذرة في تهذيبٍ:

-شكرًا يا عمو، احنا مستعجلين شوية.

أصر عليهما بنظرة معاتبة

-وده ينفع كده، تعالوا حبة.

لم تجد "فيروزة" بدًا من البقاء قليلاً، والتفتت ناظرة إلى رفيقتها تطلب منها الموافقة؛ لكنها مالت عليها تهمس لها في أذنها:

-بصي خليكي إنتي، وأنا هسبقك، وحصليني لما تخلصي.

كزت على أسنانها متمتمة في خفوتٍ:

-ما تفضلي معايا.

رفضت في لباقة:

-لأ مش هينفع، أنا هسبقك.

لم تضغط عليها وأومأت برأسها في تفهم، لتنطق بعدها "علا" برقةٍ:

-معلش يا عمو ورايا كام حاجة، فهمشي، وفرصة سعيدة.

كان "بدير" غير ممانع في ذهابها، وودعها بابتسامةٍ وقورة:

-شرفتي يا بنتي، مكانك في أي وقت.

غادرت "علا" المكان، وبقيت "فيروزة" واقفة إلى أن أحضر لها أحد العمال مقعدًا لتجلس عليه، فجدد "بدير" ترحابه بها:

-منورانا يا عروسة.

ابتسمت قائلة في لطفٍ:

-شكرًا لحضرتك.

.................................................. ....

على الجانب الآخر، اخترقت نبرتها المميزة أذنيه وهو يقف في الخلفية يملي أوامره على عماله بإفراغ شحنة البضائع الجديدة، وتخزينها بالثلاجة، تجمد في مكانه شاعرًا بنبض قلبه يتصاعد في فرحةٍ عارمة، دار برأسه محاولاً رؤيتها؛ لكنها لم تكن في مرماه، تحرك بخطواتٍ متمهلة، حتى بات واقفًا خلف مقدمة إحدى الشاحنات التي تحجب الرؤية عن مكانه، التوى ثغره بابتسامة رائعة وهو يراها تتطلع أمامها؛ كأنما تفتش عنه، حدث نفسه في نشوة مستمتعة:

-ده احنا لسه بنقول يا هادي.

تأكد "تميم" من البقاء بعيدًا عن عينيها حتى تزيد الحيرة فيها، أراد أن تكون منجذبة إليه بقلبها قبل عقلها، أن يغمر كيانها الشوق لا المنطق. توارى عن أنظارها، وأرهف السمع لوالده الذي كركر ضاحكًا، ليمازحها بعد ذلك

-شوفي يا بنتي، إنتي تخليكي كده قاعدة معايا لحد ما يجي وقت الزيارة، نتحرك ساعتها سوا، ولا تسألي في حد.

شاركته الضحك قبل أن تخبره:

-ده كانت ماما قلبت الدنيا.

رد مجاملاً:

-ربنا يباركلك فيها.

قالت مبتسمة برقةٍ:

-تسلم يا رب.

تلقائيًا أخذت عينا "فيروزة" تبحثان عنه بالداخل لأكثر من مرة، حتى لم تعد منتبهة لكلام مُحدثها. توقعت أن يظهر في أي لحظةٍ، ويحرجها بنظراته؛ لكن هذا لم يحدث، مما أصابها بقليلٍ من الإحباط، لن تنكر أن التشويق الذي ساد في حياتها مؤخرًا بسببه أضفى عليها الإثارة والحماس، وجعلها تتطلع إلى المستقبل الواعد، عن البقاء في قاع الماضي المؤلم.

أطالت "فيروزة" النظر إلى داخل الدكان، ولم تلحظ عيني "بدير" المرتكزة عليها في تفرسٍ، سألها الأخير مهتمًا:

-مالك؟ شكلك مضايقك؟

تحرجت من ملاحظته لها، وتحججت بحجة رجت أن تكون مقنعة له، وألا يظن بها شيئًا آخرًا:

-لأ، مافيش .. ده أنا بس ملبوخة عشان بجهز اللبس بتاعي.

أخبرها عن مدحٍ واضح وهو يشير لها بيده:

-طالما القالب حلو، يبقى ولا يهمك.

ابتسمت في حياءٍ، فتابع في تسليةٍ:

-الواد ابني لو سمعني هيفتكرني بعاكسك.

قالت بوجهٍ تورد أكثر:

-حضرتك الخير والبركة.

سألها "بدير" وقد جاء إليه أحد العمال:

-تشربي إيه؟

اعترضت في تهذيبٍ:

-مالوش لزوم، ده أنا يدوم ألحق أقوم، وأرجع البيت.

استمر في إصراره عليها:

-كده على الواقف، ماينفعش.

حافظت على إشراقة ابتسامتها وهي ترد:

-ما حضرتك عارف الظروف، والمرات جاية كتير

قبل أن ينطق الأخير استطرد العامل مناديًا:

-يا حاج "بدير"!

أدار رأسه ناحيته يسأله بجديةٍ:

-في إيه يا واد؟

أجابه وهو يشير بيده للخلف:

-الحاج "عوف" طالبك على الخط الأرضي.

هز رأسه معقبًا:

-طيب، أنا جايله.

قامت "فيروزة" واقفة وهي تستأذن بالذهاب:

-ماشي يا عمي، أنا هسيبك لشغلك، ونتقابل بالليل بقى.

نهض بدوره، وقال:

-إن شاءالله يا بنتي، استني أبعت معاكي حد يوصلك.

رفضت بأدبٍ:

-لأ والله، ما يحصل! ده البيت قريب.

بدأت في السير، فسمعته يدعو لها:

-في حفظ الله.

.................................................. ...............

لأن الاتجاه المجاور لها كان يعج بالعمال المنشغلين في نقل الأقفاص من هذه الشاحنة الضخمة، انحرفت "فيروزة" عن مسارها، وعرجت نحو الاتجاه الآخر، حلت بها الصدمة حين رأت "تميم" يقف في الخلف، مرتكنًا على مقدمة سيارته، ويخفض رأسه للأسفل وهو يغمغم بصوتٍ خفيض لم تتبين ماهية ما يقوله. عندئذ أمسك التردد بخطواتها، وتجمدت لحظيًا في مكانها متحيرة بين التقدم للأمام، أو التراجع والذهاب من طريقٍ آخر. استجمعت جأشها، وقررت المضي قدمًا؛ وكأن شيئًا لم يحدث في وقتٍ باكر، رفعت رأسها للأعلى، وخطت بتمهلٍ آملة ألا تلتف ساقها بالأخرى وتتعثر من الارتباك الذي يستبد بها الآن، خاصة مع استحضار ذهنها لذكرى القبلة وبقوة.

نفضت الذكرى عن رأسها عنوة، وحبست أنفاسها متابعة تقدمها نحوه بكتفين منتصبين، لمحته من طرف عينها ممسكًا بثمرة تفاحٍ، يُقطع أجزائها بمديته، ويضع القطع الصغيرة واحدة تلو الأخرى ليلوكها على مهلٍ، كانت خطواتها تتباطئ وهي تسرق النظرات إليه، إلى أن شتت نظراتها عنه، وأكملت مشيها بقليلٍ من السرعة حتى تتجاوزه.

ظنت "فيروزة" أنه سيلقي التحية بها أو يرحب بها عندما يراها؛ لكنه لم يفعل، كانت كالسراب وهي تمر من جواره، ومع هذا سمعته يدندن بكلمات أغنية شعبية شهيرة، التقطت منها جملاً مقتضبة:

-بنت الجيران شغلالي أنا عينيا، وأنا في المكان والخلق حواليا.

خطت مبتعدة عنه والحرج يعتريها، فبديهيًا كانت المقصودة بهذه الكلمات، أوشكت على الابتعاد عنه؛ لكنها توقفت في المنتصف عن السير والتردد مازال ممسكًا بها، ضربت براحة يدها على جانبها بضعة مرات في توترٍ، ثم التفتت ناظرة إليه، لم تستطع تجاوزه في صمتٍ غير مستحبٍ هكذا!

أمعنت النظر فيه، ما زال على وضعيته المتجاهلة لها، أدركت حينها أنه من المحتمل أن يكون ما يزال غاضبًا منها، لأنها كانت فظة بعض الشيء في لقائها اليوم معه، شعرت بالندم، وتأنيب الضمير، أرادت الاعتذار منه لئلا يحمل في قلبه ضغينة ناحيتها، راحت تقنع نفسها بضرورة فعل ذلك، لذا عاودت أدراجها، ووقفت قبالته متوقعة أن يلقي عليها التحية؛ لكنها تفاجأت به يدندن:

-وتجيني تلاقيني لسه بخيري.

انزعجت مما اعتبرته وقاحة في استقبالها، وكتفت ساعديها أمام صدرها تسأله في غيظٍ طفيف:

-أفندم؟

كان "تميم" متكلفًا في النظر إليها، وعلق بجفاء:

-في حاجة؟

أجلت أحبال صوتها، وأخبرته وهي تنظر إلى أي شيء سواه:

-أنا جاية أقولك (سوري) على اللي حصل الصبح، أنا كنت سخيفة حبتين معاك، بس والله أنا مقصدش المعنى بتاع إنها زي أي جوازة!

هز كتفيه معلقًا بغير اهتمام:

-عادي

استفزها بروده رغم محاولتها الاعتذار، فأرخت ساعديها، وواصلت تبرير تصرفها بانفعالٍ قليل، ومستخدمة يدها في التلويح والإشارة:

-وبعدين أنا مضغوطة بقالي كام يوم، وإنت موترني على فكرة، كل شوية تظهر قصادي فجأة، يا ريت تبطل كده!

بدا وكأنه يمنع عليها بالنظر، فرد ذراعيه في الهواء، وصحح لها بإشارة من حاجبه:

-على فكرة أنا واقف في دكاني، ماتنقلتش من مكاني.

أصابها الحرج الشديد، وردت في تعجلٍ محاولة عدم إشعاره بما يعتريها الآن من ربكةٍ غريبة:

-وإن يكن، برضوه تاخد بالك.

مط فمه للحظةٍ قبل أن يتكلم في النهاية:

-حاضر.

توقعت أن يتجاذب أطراف الحديث معها؛ لكن خابت ظنونها، وظل على وضعية التعجرف في تعامله عندما سألها:

-في حاجة تاني؟

قالت نافية في عصبية عبرت عن اغتياظها:

-لأ.

ضجرت من تعاليه الواضح، ورفعت سبابتها أمام وجهه تهدده بتهورٍ:

-إنت لو فضلت على الأسلوب ده أنا ممكن أقول لأ، وافض الحكاية.

مرة أخرى ظنت أنه سيثور عليها، وتظهر بوادر انفعاله؛ لكنه كان هادئًا حد البرود عندما علق:

-براحتك، محدش هيجبرك على حاجة ...

فغرت شفتيها مصدومة من ردوده، بينما واصل "تميم" الكلام؛ كأنما يسألها وهو يضع يده الممسكة بالمدية على صدره بعد أن طواها، وعيناها تتطلعان لها بنظرةٍ دافئة:

-بس يرضيكي تكسري بقلبي، وبخاطر جدي ، وتزعلي كل اللي بيحبوكي؟

تلبكت أمام كلماته الناعمة التي تسللت أسفل جلدها، وبدأ تأثيرها ينعكس عليها، ما بال الحمرة معها؟ دومًا تنشط في بشرتها عند وجودها معه. استمر "تميم" في مخاطبتها بأسلوبه المراوغ، وهو يرفع يديه للأعلى:

-وأنا ساعتها مش هاعمل حاجة غير إني أدعي في كل صلاة، وأقول يا رب، إنت شايف أهوو يا رب اللي بتعمله فيا.

شهقت متسائلة في ذهولٍ، وقد ارتفع حاجباها للأعلى:

-إنت هتدعي عليا؟

ابتسم في عبثيةٍ، وهو يجيبها بغمزة من طرف عينه:

-لأ، هدعي ربنا يهديكي ونتجوز.

تصنعت العبوس، وهتفت قائلة:

-أنا ماشية.

أشار لها بالذهاب؛ لكنها تجمدت في مكانها لتخبره بتجهمٍ، وهذه النظرة الساخرة في عينيها:

-أه، ومكانش ليه لازمة تجيب تورتة، احنا أكيد يعني عاملين حسابنا.

ظل يبتسم لها وهو يرد:

-دي لـ "رقية" مش ليكي.

أحرجها بتعليقه، فحفظًا لما وجهها عقبت بغيظٍ:

-أحسن برضوه، أصلاً مابحبش الكريمة.

لم تخبت ابتسامته وهو يقول في برودٍ:

-يا ريت أبقى أفتكر لو فكرت أجيبلك مرة تانية.

نجح في استفزازها، فهتفت في غيظٍ:

-أنا ماشية.

لوح بيده مودعًا إياها:

-اتفضلي.

مشيت في خطواتٍ سريعة غاضبة؛ لكنه استوقفها مناديًا:

-يا أبلة!

توقفت عن السير، والتفت تنظر إليه متسائلة بملامح رسمية:

-أفندم؟

اتسعت ابتسامته وهو يخبرها:

-أنا رأيي تلبسي أبيض حلو عليكي.

رمقته بنظرة مشتاطة قبل أن يأتيه ردها المعارض:

-هلبس أسود.

رفع إبهامه كتعبيرٍ عن إعجابه قبل أن يخبرها في تسليةٍ:

-وماله، هايبقى أحلى وأحلى.

عجزت عن مجاراتها ومناطحتها الرأس بالرأس، فتابعت سيرها وهي تغمغم بكلماتٍ متبرمة، سمعته يهتف من خلفها بنبرة عالية وذات مغزى، تأكدت أنه يقصدها به، فابتسمت في رضا:

-خد يا ابني بالك من التفاح وإنت بتنقله، ده فرز أول، متنقي بالواحدة، ومدفوع فيه الغالي كله .......................................... !!!

.................................................. ........







.................................................. ...


منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 29-07-21, 04:53 AM   #1076

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 16 ( الأعضاء 7 والزوار 9)

‏موضى و راكان, ‏طيوبه2, ‏حلا العنزي, ‏عاشقة الحرف, ‏نفوسا, ‏حمزة**محمد, ‏صباح مشرق


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-07-21, 08:03 AM   #1077

تغريد&

? العضوٌ??? » 458904
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 245
?  نُقآطِيْ » تغريد& is on a distinguished road
افتراضي

💏
اخيراً بدؤ يتأقلمو مع بعض. ... . ي جمالهم❤


تغريد& غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-07-21, 04:19 PM   #1078

سوووما العسولة
 
الصورة الرمزية سوووما العسولة

? العضوٌ??? » 313266
?  التسِجيلٌ » Feb 2014
? مشَارَ?اتْي » 928
?  نُقآطِيْ » سوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الحب
اخر فصل طول مابقرأه وانا مبتسمة حبييت مواقف تميم وفيروزة... بانتظارك حبيبتي وسلمت يمناكي حقيقي انتي مبدعة... لمن القارئ يوصل لمرحلة الانسجام دي مع الابطال تعرفي انو انتي كاتبة مبدعة... دمتي بود...


سوووما العسولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-07-21, 02:14 AM   #1079

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل المائة وخمسة وأربعون



مفهوم الحب من ناحيتها كان محدودًا، قاصرًا على ما قرأت عنه، أو سمعته على الألسن المرددة لنفس العبارات المستهلكة للتعبير عنه؛ لكن معايشته بكافة جوارحها ووجدانها كان للأسف غير متاحٍ لها سابقًا، بل كانت أبعد ما يكون عن التنعم في ملذاته المغرية، أما الآن فلا تستطيع تحديد ماهية الشعور المداعب لقلبها، أو حتى التفقه لما يختلج صدرها من مشاعر مربكة، بيد أنها تحبذ أساليب المراوغة السائدة فيه، تلك التي تمنحها تارة الأفضلية في شيء، وتعطي ندها تارة أخرى التفوق في شيء آخر على النقيض معها .. الشد والجذب بينهما امتلأ بخليطٍ من التضاد، المصارحة، اللين، الحزم، المتعة، والمرح.

لن تنكر أن الجانب الآخر منه كان مَغيظًا، مزعجًا لها، ويجعلها تشعر كأنها فتاة بلهاء؛ لكنه رغم هذا كان مفيدًا بشكلٍ ما، فقد ساعدها على اكتشاف مشاعر لم تختبرها من قبل، انتشل من أعماقها ما ظنت أنه غير موجود بها، ولن يظهر على السطح مهما حدث، أصبحت الآن شابة أخرى غير تلك المهشمة الكارهة لمباهج الحياة، أيعقل أن يكون ارتباطها به قائمًا على المشاعر الحقيقية الأصيلة؟ ربما حين تغدو العلاقة رسمية بينهما يتضح لها ما يبدو غير مفهومٍ –مؤقتًا- في مشاعرها المتخبطة ناحيته.

أدركت "فيروزة" بعد حين أن مناوشته المستفزة لها نجحت في تبديل مزاجها المتعكر، لآخر رائق، يشع بالحماس، ويمتلئ بالنشاط. عادت إلى المنزل على عكس ما خرجت منه، استقبلتها همسة في قلقٍ ظاهر على وجهها، ودنت منها متسائلة:

-عاملة إيه دلوقتي؟ مش عايزاكي تضايقي من آ...

قاطعتها بهدوءٍ، وبإشارة من يدها أمام وجهها:

-قفلي على الموضوع ده، أنا مش هتكلم فيه.

ردت مبررة موقفها:

-أنا بس عاوزة أطمن عليكي.

أخبرتها بعد زفير متمهل:

-أنا كويسة.

حاولت "همسة" التفرس في وجهها لمعرفة سبب هذا التغيير العكسي الكبير، زادت حيرتها عندما لم تصل لشيء، وسألتها:

-هو إيه اللي حصل؟

لاح في مخيلتها مشهد لقائها العابث مع "تميم"، شردت متذكرة تلميحه المتواري وتشبيهه لها بثمرة التفاح، لم تشعر بابتسامتها التي احتلت ثغرها من أثر الذكرى اللطيفة، شردت للحظاتٍ غير منتبهة لشقيقتها التي ظلت تلوح لها بيدها أمام وجهها بضعة مرات وهي تناديها:

-يا "فيروزة"! إنتي معايا؟

انتبهت لها، وقالت بتعابير اكتسبت جدية زائفة:

-أيوه يا "همسة"، في إيه؟

أشارت بسبابتها نحو الردهة وهي تخبرها:

-بقولك دي "علا" موجودة في الأوضة جوا، بتظبط اللوك بتاعك.

تنهدت بعمقٍ، وعلقت:

-طيب، أنا داخلة عندها.

لم تتجادل "فيروزة" مع والدتها أثناء مرورها على المطبخ، رأتها منكفأة على الطعام، فابتعدت في صمت، واتجهت إلى غرفتها، مقاومة التعاسة اللحظية التي تنخر في سعادتها، رغمًا عنها يفرض عليها عقلها مقارناتٍ بديهية بين ماضٍ ولى عنها وبين مستقبل قريب منها، سعت جاهدة لتنحية الماضي جانبًا، وإيقاف تلك المقارنات السخيفة، لتركز على من يتسلل رويدًا رويدًا إلى داخل ما بين ضلوعها، آملة بين جنباتها ألا تخيب رجاواتها في شخصه.

.................................................

أدلت كل واحدة بدلوها، واحتدم الجدال بينهما إلى حدٍ ما، إلى أن انتهى الأمر بارتدائها الثوب الذي أهدته لها رفيقتها، كان ملائمًا للغاية؛ كأنما تم تفصيل قماشته على جسدها بالضبط. تطلعت "فيروزة" إلى هيئتها في المرآة بنظرات طويلة مدققة، وكلتا يديها تمران على جانبيها في بطءٍ، كأنما تشعر بملمسه على أناملها، وضعت "علا" كفيها على كتفيها بعد أن وقفت خلفها، وسألتها وهي تنظر إلى انعكاسها في نفس ذات المرآة:

-ها إيه رأيك؟

أحسنت رفيقتها اختيار التصميم مع اللون، فلم يكن ضيقًا ليبرز مفاتنها، ولم يكن مبهرجًا بدرجة زائدة تصيب العين بالانزعاج، بل ناسبها بدرجة جعلتها تشعر بالرضا عن حالها، كانت أقرب إلى أميرة خرجت من حكايتها، حيث خلى من فتحة عنقٍ عريضة، فغطى قماشه معظم رقبتها، أما عن كميه، فكانا ينسابان على طول ذراعيها حتى يضيق طرفيه عند معصميها، بينما يتموج الفستان في طبقاتٍ تزداد اتساعًا بالتدريج بداية من الخصر وحتى نهاية الثوب. رمشت "فيروزة" بعينيها قائلة في إعجابٍ:

-الصراحة، هو حلو أوي.

ضحكت "علا" في تفاخرٍ، وعلقت:

-عشان تعرفي كان عندي حق.

تصنعت "فيروزة" الجدية، وأخبرتها:

-بس دي لسه قاعدة اتفاق، يعني آ...

قاطعتها قبل أن تكمل جملتها مؤكدة عليها:

-وماله، اتفاق، قراية فاتحة، إن شاء الله جواز، ده مايمنعش إنك تلبسي شيك، لنفسك مش لحد تاني.

جاءت "همسة" ومعها حقيبة معدنية مليئة بمساحيق التجميل ذات الماركات الشهيرة، وضعتها على التسريحة، وأيدتها في رأيها:

-"علا" معاها حق، كنتي فين من بدري، بدل الدوخة دي معاها.

استمرت في ضحكتها وهي ترد:

-عشان تعرفوا بس ...

امتدت يدها لتنتقي ما ستبدأ استخدامه من الحقيبة وهي تتابع:

-طيب يالا نشوف هنعمل إيه في الميك آب، قبل ما تلبسي الطرحة.

.................................................. ...

داهمها أضعاف ما كانت تشعر به من توترٍ، في اللحظات التي سبقت قدوم عائلة "سلطان" إلى المنزل، حاولت التحلي بالهدوء، وضبط نبضاتها المتلاحقة؛ لكن تكالبت حواسها ضدها، كما لو كانت في خصومةٍ معها، ورغم كونها تُعايش نفس الموقف، إلا أن إحساسها فيه كان مُغايرًا، بدت مشاعرها مرهفة، أكثر حساسية، وأكثر قلقًا عن ذي قبل، وهذا ما لم تستلذه، فهي تفضل الظهور بمظهر الثبات لا التردد أو الارتباك.

رفضت "علا" البقاء معها وحضور اللقاء الودي، وانصرفت بعد أن أنهت مهمتها، متعللة بأن التجمع عائلي، لا يصح أن تتواجد فيه، لتظل "فيروزة" مع شقيقتها في غرفتها، تشبك يديها معًا لتقضي على الرجفة التي تنتابها بين الفنية والأخرى. أمسكت "همسة" بزجاجة العطر ونثرت منها على مقدمة الثوب قائلة:

-كده معدتش في حاجة ناقصة.

سعلت "فيروزة" من الرائحة النفاذة، وطلبت منها:

-كفاية يا "هموس"، ليه كل ده؟

أجابته بقسماتٍ جادة وهي تضيق ما بين حاجبيها:

-يا بنتي الجو حر، وعشان ريحتك تفضل حلوة.

التقطت أنفاسها بعد سعالٍ متكرر، واحتجت قائلة بتبرمٍ:

-بس مش بالشكل ده، أنا نفسي اتخنقت.

استمرت في نثر الرائحة على كل ثوبها وهي تطلب منها:

-خلاص أهوو، خدي الروج تقلي بيه على شفايفك.

انزوى ما بين حاجبيها متسائلة:

-ليه كمان؟ ما هو ثابت.

ابتسمت وهي تعلل لها:

-عشان يا حبيبتي يبقى فريش عليكي.

سئمت "فيروزة" من المبالغة الزائدة منها، وهتفت في نبرة قاطعة:

-مش هاعمل أي حاجة زيادة، أنا كده تمام.

توقفت "همسة" عن إزعاجها، وتركتها جالسة على طرف الفراش، ثم تحركت نحو النافذة، لتتطلع إلى الطريق، ما إن رأت السيارات تتوالى تباعًا لتصطف أمام الرصيف المجاور للمنزل، حتى انتشر الحماس في وجهها، وكذلك في نبرتها وهي تقول:

-شكلهم جوم.

تصلبت "فيروزة" في جلستها، وأحست ببلوغ التوتر لديها أقصاه، لجأت للتنفس بعمقٍ لتهدئ من حالها، وتابعت بعينيها خروج توأمتها من الباب وهي تشدد عليها مستخدمة أيضًا سبابتها في التأكيد:

-خليكي مستنية هنا لحد ما ننادي عليكي.

صاحت ساخرة في تبرمٍ:

-شوفتني قومت جريت على الباب.

مرت عليها الثواني بطيئة، مرهقة لأعصابها، تعلقت عيناها بعتبة الباب حين جاءت إليها "رقية" لتخبرها في براءةٍ وهي تصفق بيديها:

-العريس جه يا "فيرو".

أومأت برأسها قائلة ببسمة متوترة:

-ماشي يا "كوكي".

أشارت لها بيدها لتتحرك وهي تكلمها بعفوية مرحة:

-يالا عشان تبوسيه.

برزت عيناها في محجريهما في ذهولٍ، وهتفت في استهجانٍ شديد:

-نعم؟! عيب الكلام ده!!

بررت لها بلطافة بريئة:

-مش كل العرايس بتعمل كده؟

رمقتها بنظرة صارمة قبل أن تخبرها بنبرة أقرب للتهديد:

-مش أنا يا حبيبتي، ويا ريت منقولش الكلام ده تاني، عشان مازعلكيش، ماشي؟

لوت "رقية" ثغرها، وانقلبت تعبيراتها المبتهجة إلى أخرى عابسة، ثم بضربت بقدمها الأرض في عصبيةٍ، ودمدمت قائلة وهي تركض خارجة من الغرفة:

-طيب.

رفعت "فيروزة" كفيها إلى وجهها لتتحسس برقةٍ ملمس بشرتها الدافئ، فصدمة كلمات "رقية" العفوية قد عكست تأثيرها في التو عليها، سحبت من جديد شهيقًا عميقًا، ورددت لنفسها في حزمٍ؛ كأنما تعزز من طاقة ثباتها، فلا تظهر عليها أي بادرة ضعفٍ أو خجل:

-نهدى كده مافيش حاجة حصلت!

.................................................. ..

بحفاوةٍ كبيرة، وترحيبٍ حار استقبلت "آمنة" ضيوفها المنتظرين، وصوت ضحكاتها الرنان يرن في الأرجاء، أجلستهم بغرفة الصالون لتتبادل معهم حديثًا وديًا تمهيديًا يسبقه أسئلة روتينية عن أحوالهم، قبل أن ينتقل الحوار إلى الموضوع الذي أتوا من أجله. سحبت "همسة" زوجها نحو الخارج في حذرٍ، واحتجزته في الردهة لتعاتبه على تأخيره غير المقبول:

-اتأخرت ليه يا "هيثم"؟ مش كنت جيت من بدري؟

كان الإرهاق باديًا على ملامحه وهو يجيبها:

-يدوب عقبال ما قفلت كام حاجة، وظبطت مع العمال، ورجعت وغيرت هدومي.

شملته بنظرة فاحصة طافت على بدلته البُنية التي ارتداها على قميصٍ من اللون البيج، قبل أن تمتد يديها نحو ياقته لتخبره بلهجةٍ شبه آمرة:

-هات أظبطلك الكرفتة.

أمسك بطرف رابطة العنق، وقال بتذمرٍ:

-لازمتها إيه الخنقة دي مش فاهم.

ضبطت عقدتها، وجعلت وضيعتها في المنتصف قبل أن تعلق في رضا، وبابتسامة زهو واضحة:

-عشان تبقى شيك.

مازحها "هيثم" بغمزة من طرف عينه:

-ليه ناوية تجوزيني تاني؟

انقلبت تعابيرها للوجوم، وحذرته بلهجةٍ غير متسامحة:

-طب فكر تعمل كده بس!!

أطلق ضحكة قصيرة، قال بعدها وهو ما زال مبتسمًا:

-أنا اكتفيت بيكي يا "هموسة".

ربتت على جانب ذراعه تستحثه على الحركة وهي تتابع:

-أيوه كده، خليك لطيف، روح مع الضيوف لحد ما أجيب الحاجة الساقعة والجاتوه.

عقب على تعليقها ساخرًا من اهتمامها الزائد:

-ضيوف مين؟ دي العيلة يا بنتي، مش حد غريب.

نفخت في نفاذ صبرٍ، وخاطبته بتشددٍ:

-اسمع الكلام من غير جدال.

غمغم مع نفسه بهسيسٍ غير مفهومٍ لها:

-قولة حاضر بتريح...

ما لبث أن رسم ابتسامة عريضة على فمه، وهز رأسه قائلاً في طاعة:

-حاضر يا ستي.

.................................................

لم يتخلف "سراج" عن الحضور، فأراد –باعتباره فردًا من العائلة- مشاركة صهره فرحته في إتمام الاتفاق الرسمي مع عائلة زوجته المستقبلية، وربما تقديم الدعم له، وإظهار الأسباب والدوافع الحقيقي إن تطرق الحديث إلى مسألة بقائه بالسجن، وأصبح عائقًا في إكمالها. جلس على يساره ولوح بيدها يدعو له:

-ربنا يتمم على خير.

رد "تميم" بملامح يشوبها الخوف:

-يا رب.

أردف الجد "سلطان" الجالس على الأريكة العريضة قائلاً:

-متقلقش، كله خير.

على عكس ما بدا نهارًا كان "تميم" في أوج قلقه، ردات فعل طاووسه دومًا غير متوقعة، يخشى أن تقوم برفضه للرد على سخافته معها اليوم، لفظ الهواء من صدره على مهلٍ، وهو يدعو الله بصدقٍ أن يتحقق ما يصبو إليه.

حين أطلت بهذا الحُسن السارق للقلوب، والخاطف للعيون، انفتح دولاب عواطفه الجياشة على مصراعيه، وامتلأت عيناه بعلاماته الواضحة. أحبها "تميم" بالقدر الذي جعله مستعدًا للتضحية بأي شيء في سبيل أن تبادله نفس المشاعر المتيمة، وتشعر بما يختلج قلبه منذ أن أدرك حقيقة أحاسيسه ناحيتها، ربما بوادر ذلك الوله قد بدأت تداعبها؛ لكنه يريدها أن تتمرغ باستمتاعٍ بين صنوفه اللذيذة.

سارت "فيروزة" متبخترة في خطاها، يداها تمسكان بجانبي ثوبها، ترفعه قليلاً عن الأرض، لئلا تتعثر فيه؛ تهادت أكثر في مشيتها كأنما تتعمد اللعب على أوتار فؤاده المُعذبة بعشقها بهذا التباطؤ المثير. بخلت عليه بنظرةٍ، ويا لها من قاسية! أتحرمه من متعة النظر إليها في هذا اليوم الموعود؟ ألقت التحية على الجميع، وحرمته من كلمة واحدة، ألن ترأف بعاشقٍ أضناه ذلك الحب المستحيل؟ حتى في جلستها اختارت الزاوية البعيدة عنه، لتختبر قوة جَلَده في حضورها الطاغي.

أراح "تميم" ظهره للخلف، وأخذ يوزع نظراته على جميع المتواجدين في الغرفة، إلا هي! كانت نظرته لها قصيرة، مليئة بمزيجٍ من الحب، الرغبة، الاشتياق، واللهفة! انتبه لصوت والدتها التي بادرت مادحة:

-بسم الله ماشاءالله، البدر هل علينا.

انزلقت "همسة" قائلة من تلقاء نفسها:

-ده كده مش حاطة حاجة يا طنط، بالعافية لما أقنعناها.

ردت عليها "ونيسة" بابتسامة يتخلل الضحك"

-هي ما شاء الله عليها مش محتاجة ...

ثم تطلعت إلى ابنها تسأله مباشرة:

-ولا إيه رأيك يا "تميم"؟

كأن صاعقة ضربت برأسه، اتجهت كل الأنظار إليه كما لو أمسك به أحدهم بالجرم المشهود، ابتسم قليلاً، واختطف نظرة سريعة نحو والده الذي كان متحفزًا في جلسته، كأنما يترقب ردة فعله، فكان صمته خير إجابة، لأنه يعلم جيدًا عدم تساهله في أمور المناغشة والغزل علنًا، ولينأى بنفسه من الإحراج قال في تهذيبٍ:

-هي تستاهل كل حاجة غالية.

لكن بين جنبات نفسه، قال معترفًا بصوتٍ غير منطوق، وعيناه ترتكزان على وجه "فيرزوة":

-هي أحلى ما شافت عيني.

استطرد "سلطان" ممسكًا بزمام الحوار بنبرة جمعت بين الجد والهزل:

-سيبونا بس من أمور الدلع والحاجات الحلوة دي، هاتيجي بعدين، ومسيره يسمع القمر بتاعنا أحلى كلام، بس خلينا نتكلم في المهم.

أطرقت "فيروزة" رأسها في استحياءٍ من تلميحاته التي تأرجحت بين المبطن والمفهوم، وبدأت الخيالات الحالمة في اقتحام عقلها، ليزيد هذا من تلبكها. تولى "خليل" دوره في الكلام مرددًا بتمهلٍ:

-احـ..نا مش هنختـ..لف إن شاءالله.

أيدته "آمنة" بتصريحها:

-ربنا ما يجيب خلاف، ده احنا عيلة.

عاد "سلطان" ليضيف في جديةٍ وهو يدير عكازه بين راحته:

-هو مش مدح لا سمح الله في حفيدي، بس يعلم ربنا هو تعب في كل مليم كسبه بالحلال، وهو مصمم يتكفل بكافة شيء تحتاجه بنتنا، رافض إننا نساعده.

هتفت "آمنة" معلقة بوجهٍ مبتسم:

-إنتو بيت كرم طول عمركم.

أشــار "سلطان" لابنه يخاطبه بلهجةٍ آمرة:

-كمل إنت يا "بدير" الباقي.

هز رأسه في طاعةٍ، قبل أن يوجه حديثه إلى "خليل"، ونظراته تتوزع بالتساوي على أهل العروس:

-اتفاقنا ده بس عشان نبقى على نور، وكل الحاضرين هنا شاهدين عليه.

صاحت "آمنة" مرددة في حبورٍ:

-ده إنتو كلمتكم وعد.

استحسن قولها، ثم تابع ويده تشير نحو ابنته:

-المهر 100 ألف، وشبكة زيهم، المؤخر زي "هاجر"، نص مليون جنية، وجاهزين يدفعهم بعد كتب الكتاب.

كتمت "آمنة" شهقتها الغبطة وعيناها تنظران تلقائيًا إلى "هاجر"، قبل أن تعاود النظر إلى "بدير"، وهي تهتف في سرورٍ معكوس في كل وجهها:

-أد القول يا حاج.

ما تقوم به عائلته من طرح عروض سخية لإقناعها بقبول الزواج به لم يكن في باله، كان شاغل "تميم" الوحيد حاليًا وسط كل هذه الحوارات السائدة أن تقوم برفضه لشخصه، حينئذ سينفطر قلبه؛ فالمال مهما كان مُغريًا، فإنه لا يشتري الحب، والعشق الحقيقي لا ثمن له! اختلس النظرات إليها ليعرف رأيها من ملامحها؛ لكنها كانت غير مقروءة، مبهمة، يسودها جمود مخيف، وهذا أكثر ما أرعبه! راح ينظر إلى أبيه الذي أضاف:

-أما العفش فالعروسة هتختاره كله على ذوقها، ما هو بيتها زي ما بيقولوا كده مملكتها، فمن حقها تنقي اللي هترتاح فيه.

أشارت "آمنة" بيدها معلقة في رضا واضح:

-عداكم العيب.

تدخلت "هاجر" قائلة بحماسٍ، وهي تهدهد رضيعها:

-ده "سراج" وراني كام معرض فيهم حاجات خرافة، لو عايزاني أديكي أساميهم قوليلي.

علقت "فيروزة" بكلمة مقتضبة بعد أن نظرت في اتجاهها:

-تمام.

استغرقت "آمنة" في التفكير مع نفسها لبعض الوقت، فكل المغريات تقدم لابنتها الأرملة على طبق من ذهب، وكأنها شابة حديثة العهد بالزواج، والحق يُقال أنها لم تسمع أو ترى في سنوات عمرها من يفعل هذا لإحداهن، فيما عدا سليلة عائلة "سلطان"، لكونها ابنة الحسب والنسب، أما ابنتها فلم تملك من المقومات المادية ما يؤهلها للمناطحة معهم، لذا إن رفضت كل هذا لأتصفت بالغباء الأكيد، ولهذا لم تدخر وسعها في التعليق على كل ما يُقال لتبدي استعدادها التام للقبول ولو عرض عليها أقل من هذا بكثير. توقفت عن تفكيرها التحليلي لترد غير ممانعة:

-دي أمرها سهل.

.................................................

في تلك الأثناء، غادر "هيثم" بهدوء حجرة الصالون، باحثًا لنفسه عن مكانٍ يدخن فيه إحدى سجائره، كانت الشرفة الخيار الأمثل، فأراح مرفقه على حافة السور، وحملق بشرود في العتمة الممتدة أمامه، شعر بلمسةٍ رقيقة على ذراعه، فأدار رأسه للجانب لينظر إلى زوجته التي انضمت إليه، تفرست الأخيرة في ملامحه التي كساها الحزن لتسأله في توجسٍ:

-مالك يا حبيبي؟ في حاجة مضايقاك؟

بلع غصة عالقة في حلقه، وأجابها بوجومٍ:

-أصل اللي بيحصل النهاردة بيفكرني بيوم خطوبتنا.

استندت برأسها على كتفه، وعلقت في ابتسامة رقيقة:

-صح نفس الأعدة، بنفس الناس.

شعرت بتصلب جسده أسفل رأسها وهو يجاوبها بنبرة مريرة:

-أيوه، بس الفرق لا أمي ولا أختي موجودين.

أحست بوخزة من الألم تضرب صدرها، وأبعدت رأسها عنه لتستقيم واقفة، ثم نظرت إليه متسائلة في حذرٍ لا يخلو من خوفٍ تفشى فيها:

-هو .. إنت زعلان إن "تميم" هيتجوز أختي؟

عمَّ الصمت بينهما لما يقرب من دقيقة قبل أن يجاوبها بحزنٍ:

-لأ، ده النصيب، بس صعبان عليا اللي حصلها، ملحقتش تعيش حياتها ولا تتهنى.

نكست رأسها في أسفٍ، وقالت:

-ربنا يرحمها برحمته الواسعة، هي في مكان أحسن دلوقتي.

اجتاحه حزنًا أعمق وهو يضيف:

-وأمي شوفي بقت فين دلوقتي!

رغم أنها لم تسلم من لسانها السليط، وطباعها الحادة، إلا أنها علقت في هدوءٍ، خانقة بداخلها تلك المشاعر المستاءة التي نبضت فيها:

-مسيرها تخف وصحتها تبقى أحسن عن الأول.

قال في غير تفاؤلٍ، وقد طفرت دمعة متأثرة من طرفه:

-الله أعلم.

مدت "همسة" يدها لتمسح العبرة النافرة من عينه، ثم أخبرته في محبةٍ:

-إن شاءالله خير، دوام الحال من المحال.

وأد "هيثم" أحزانه التي تجمعت في صدره مضطرًا، ولف ذراعه حول كتفي زوجته ليدفعها برفقٍ خارج البلكون وهو يكلمها:

-تعالي بدل ما يفكروا إن في حاجة.

حاوطته هي الأخرى من خصره، وقالت في غير ابتسام:

-ماشي يا حبيبي.

..........................................

نظرة أخرى خاطفة من عينيه نحو وجهها الساكن، بدا كما هو غير متأثر، يظهر فقط على بشرتها توردًا محببًا إليه، جعله يطيل النظر إليها دون أن يرف جفناه. وجد "تميم" نفسه يشرد في لون الحجاب الذي التف حول رأسها، وراح يعقد مقارنات في مخيلته بين ما رأه من ألوان ترتديها تتماشى معها، لن ينكر أن الحمرة الخفيفة مع نقاء اللون السماوي جعلها كهالةٍ جاذبة للأعين، تأسر من وقع تحت تأثيرها طواعية، وتسحبه نحو مجهولها الغامض باستسلام لا ندم فيه. شتت "تميم" أنظاره عنها، وتحفز في جلسته وهو يتنحنح في خفوتٍ، خاصة عندما هتف والده موضحًا:

-الشقة عندكم اختيارين ليها، "تميم" عنده بيت تاني فوق شقة "هيثم" الجديدة، يعني ده لو حبت تسكن في نفس العمارة مع أختها، أو نشوفلها حاجة تانية مناسبة ليها، في المكان اللي تحبه.

هنا تكلم "خليل" مخاطبًا ابنة شقيقته بصيغة تساؤلية:

-رأيـ..ك إيه يا "فيــ..روزة"؟

لاذت بالصمت لهنيهة قبل أن تخبرهم في حرجٍ:

-كتير أوي اللي إنتو عاملينه ده.

تحدث الجد ممازحًا ببسمة عريضة وهو يشير بنظراته نحو "تميم":

-الغالي للغالي، وبعدين عشان الواد ده يعرف إنه دفع دم قلبه في واحدة هتفضل معاه العمر كله، ويفكر مليون مرة قبل ما يفرط فيكي.

دون احترازٍ انزلق "تميم" مؤكدًا:

-هو أنا أقدر يا جدي!

استمرت نظرات "سلطان" على حفيده وهو يخبره بنبرة جادة:

-ما أنا مش هعيشلك كتير، بس أضمن حقها من بعدي.

ردت عليه "آمنة" في جزعٍ:

-طولة العمر ليك يا حاج.

انتقلت نظرات "سلطان" نحو "فيروزة" يسألها تلك المرة مباشرةً:

-ها يا بنتي؟ مناسب ده ليكي؟

ضجيج قلبه في تلك اللحظة كان يصدح في أذنيه، حبس "تميم" أنفاسه مترقبًا قرارها الحاسم، واشتدت قبضتيه على مسندي الأريكة من فرط قلقه من احتمالية رفضها، أخفض رأسه محدقًا في الأرضية، ونهجان صدره قد بات ملحوظًا، في حين تطلعت "فيروزة" إلى الجد مليًا، وحدسها كأنثى يخبرها أن أعصابه على المحك، استمتعت بتلك الثواني الغالية قبل أن تجاوب بإيماءة من رأسها:

-أيوه.

سرت همهمات رضا بين الحاضرين، كان أكثرها مسموعًا التنهيدة الصادرة من "تميم"، فقد نال في نهاية السعي الدؤوب جائزته، رفع عينيه على الفور، وحدق ناحيتها وشرارات الحب تتطاير منهما. التقت النظرات الساحرة، بالنظرات الشغوفة، لتمتزجا معًا في انسجامٍ، وكأن العالم خلا إلا من سواهما، أخذت جذوة الغرام في الاتقاد، لعل الأشواق المنتفضة في صدره، تنفذ إليه، فتلامس عينة مما يدخره لأجلها لاحقًا.

امتلأ المكان بأصوات الزغاريد المبتهجة، وتسابقت النساء في إطالتها، ليعلم الجيران بلمحة خاطفة ومشوقة عن النبأ السار. حول "سلطان" أنظاره عن العروس ليخاطب البقية:

-يبقى على بركة الله، نقرى الفاتحة.

ارتفعت الكفوف للأعلى، وبدأوا في قراءة سورة الفاتحة كاستهلالٍ لخطبةٍ موفقة، ما إن انتهوا حتى هتفت "ونيسة" بفرحةٍ:

-الصينية فين يا "هاجر"؟

خفضت ابنتها من يدها لتلتقط الصينية الصغيرة المسنودة إلى جانب الأريكة، ناولتها إياها وهي ترد:

-أهي يامه.

حينئذ وضعت "ونيسة" الصينية في حجرها، وأخرجت من حقيبتها حليًا من الذهب، كانت أولهما قرطين للأذن مصممين على هيئة ريش الطاووس المميز، بالإضافة إلى (بروشٍ) على هيئة زهرة الأوركيد، نهضت من جلستها لتتجه نحو العروس التي وقفت احترامًا لها، ثم خاطبتها وهي تمد يديها بالصينية ناحيتها:

-دي بقى هدية بسيطة ليكي مني، وبكرة الصبح تنزلي مع عريسك تنقوا الشبكة.

تأملت ما ابتاعته لها مرددة في حرجٍ:

-كتير والله، مكانش ليه لازمة.

أصرت عليها في وداعةٍ:

-ده إنتي بقيتي بنتي التانية خلاص.

لم تستطع رد هديتها، فقبلت بها، وأخذتها من الصينية، لتقوم بعدها "ونيسة" باحتضانها، وهي تدعو لها:

-ربنا يجعل نِعم الزوجة لابني، ويجعله سندك في الدنيا يا رب.

تلقائيًا اتجهت عيناها من فوق كتفها ناحية "تميم" الذي رمقها بنظراته الوالهة، في حين أطلقت "آمنة" زغرودة أخرى كتعبيرٍ عن سعادتها البالغة بالأمر، لتهلل بعدئذ:

-ربنا يديم المعروف والخير بينا جميعًا.

عادت "فيروزة" إلى مكانها لتجلس وهي تنظر عن كثبٍ للهديتين الموجودتين في راحتها، عمقت من تأملها لهما، كانتا مميزتان؛ لكن البروش نشط ذاكرتها بذكرى رؤيتها لشبيه ما كان بحوزتها كمشبكٍ للرأس في درج الكومود الموجود بغرفة "تميم"، أمن المحتمل أن يكون هذا البروش تحديدًا من اختياره؟ أيعلم أن ما يحتفظ به خاصتها ولهذا قصد إيصال رسالته المتوارية لها عن طريقه؟ تجاوزت عن حيرتها لتسمع صوته القائل في لهجة جادة:

-أنا عندي طلب بعد إذنك يا جدي ويابا.

منحه والده فرصة الحديث بتعابيره الهادئة:

-قول يا "تميم"، عايز إيه؟

تشجع مقترحًا على الجميع في جراءةٍ غير متوقعة:

-نخلي كتب الكتاب على طول، مالهاش لازمة الخطوبة، وتضييع الوقت.

صُدمت "فيروزة" بما ينوي فعله، واتسعت عيناها ذهولاً. قبل أن يفكر أحدهم في الاعتراض عليه علل أسبابه بمنطقيةٍ:

-وبعدين عشان نعرف نخلص اللي ناقصنا من غير ما حد يقول كلمة كده ولا كده.

من تلقاء نفسها هتفت والدته محتجة:

-هو حد يستجري ينطق أصلاً عليكم بحاجة؟

أجابت "آمنة" وكأنها تبدي تأييدها الكامل لرغبته بشكلٍ ملتوٍ:

-الناس مابتسبش حد في حاله يا حاجة "ونيسة"، تلاقيهم يعملوا من أي كلمة يسمعوها فيلم ولا شبورة، وكله بالباطل، المهم تفضل سيرة الواحدة دايرة على اللسان.

مصمصت شفتيها متمتمة بهزة خفيفة من رأسها:

-في دي مظبوط، ربنا ينجينا من الناس دي.

تحركت "آمنة" لتقف إلى جوار ابنتها، وسألتها بتلهفٍ:

-موافقة يا "فيروزة"؟ ردي يا بنتي.

أجابت على سؤالها بآخر أظهر ترددها:

-هو كتب الكتاب هايكون إمتى؟

لعق "تميم" شفتيه، وراح يخبرها بحذرٍ:

-يعني مش بعيد، أسبوع ولا اتنين بالكتير، ونخلي الدخلة بعدين، مش هنستعجل في دي.

بدا اقتراحه مناسبًا إلى حدٍ كبير، ترقبت "آمنة" تعليق ابنتها النهائي بصبرٍ شبه نافذ، وتجمد "تميم" في مكانه منتظرًا سماع رأيها الأخير في مزيجٍ من اللهفة والخوف. ألحت الأم على ابنتها بعد أن اعتبرت سكوتها قد زاد عن المحتمل:

-أهوو كده حل معقول.. ها قولتي إيه؟

هتف الجد معقبًا في جدية:

-سيبوها تاخد وقتها، وتفكر، مش عايزين نضغط عليها.

كاد "تميم" يجن من صمتها المريب؛ لكنها بددت كل المخاوف دفعة واحدة بإعلانها الهادئ:

-أوكي.. مافيش مشكلة.

من جديد تنهد عاليًا وهو يهلل في بهجةٍ لا توصف:

-على خيرة الله.

انطلقت الزغاريد مرة أخرى، أعقبها تهنئة "سراج" السعيدة لصهره:

-ألف مليون مبروك لأجدع معلم في الحتة كلها.

رد مجاملاً وهو يومئ برأسه:

-الله يبارك فيك، وعقبال ليلتك الكبيرة.

ضحك قليلاً، وأخبره في طرافةٍ:

-يا مسهل، لسه تكة ونوصل للدخلة.

مع كلمته الأخيرة كان "تميم" يتطلع ملء عينيه في نشوةٍ عارمة إلى من باتت خطيبته، وقريبًا من ستصبح في عصمته!

.................................................. ..

امتلأ الوسط بصوت بعض الأغاني المتنوعة ما بين شعبي وشبابي، بعد أن قامت "همسة" بتوصيل هاتفها المحمول، بسماعة ضخمة أحضرها زوجها في وقت سابق، للاحتفاء بشقيقتها التي تم خطبتها للتو. تبدلت أماكن الجلوس وأصبحت "فيروزة" مستقرة في الأريكة العريضة إلى جوار "تميم" رغم وجود مسافة معقولة بينهما؛ لكن إصرار الغالبية –خاصة النساء- على جلوسهما معًا جعلها ترضخ في النهاية. وزعت "آمنة" كؤوس الشربات على عائلة "سلطان"، قبل أن ترصص "همسة" صينية الأطباق المليئة بقوالب الجاتوه على الطاولة لتناول كل فردٍ خاصته على حدا. دنت من توأمتها قائلة بعبثيةٍ، وتلك الابتسامة الفرحة تزين محياها:

-قولي لعريسك ياكل يا "فيروزة".

رمقتها بنظرة حادة لم تكترث بها شقيقتها، وأصرت على إعطائها صحنه، لتقدمه له بنفسها، وضعته "فيروزة" قبالته قائلة بتلميحٍ مفهومٍ له:

-اتفضل، دي بالشيكولاته، غير التورتة اللي إنت جبتها.

أخذ الطبق منها، وابتسم معلقًا في لطفٍ:

-ما أنا واخد بالي.

اقتطع بالشوكة جزءًا من عند الحافة، وتذوقها متلذذًا بها، قبل أن يخبرها بنبرة ذات مغزى:

-طعمها حلو.. زيك.

نظرت إليه نظرة محذرة، استقبلها بتحدٍ يشوبه الاستمتاع، فالبريق الذي يشع من حبتي الفيروز يستحق التأمل، أبعدت عينيها عن نظراته الطويلة، لتتساءل وقد التقطت أذناها كلماتٍ مقتطفة لما كان يدندن بها في نهار اليوم:

-مش دي الأغنية اللي كنت بتغنيها؟

أكد لها بعد لاك ما في جوفه:

-أه هي ..

أسبل عينيه نحوها، وتابع مبتسمًا في إشراقة بهية:

-أنا مكملتلكيش بقيتها..

تطلعت إليه في اهتمامٍ، فدندن مع الكلمات العالية بولهٍ جعل وجهها يتقد بحمرة ساخنة:

-مش هتبقي لغيري، أيوه أنا غيري مافيش!

حاولت الحفاظ على جديتها وهي ترد:

-لا والله.

ابتسم ببلاهة وهو يؤمى برأسه مرددًا:

-أه والله.

حادت بنظراتها بعيدًا عنه وهي تقاوم شبح ابتسامة مستمتعة بصحبته، كان يثير بداخلها مزيجًا من الأحاسيس العجيبة، كلها تصب في صالحه، كأنما قد اتحدت معًا لتدعم من موقفه، انتشلها "تميم" من سرحانها السريع بالنداء عليها:

-يا أبلة!

التفتت ناظرة إليه، وهي ترد في رسميةٍ بحتة:

-نعم يا معلم.

جاءه تعقيبه مازحًا:

-الاحترام بينا حلو مافيش كلام، صح ولا إيه؟

بالكاد كتمت ضحكتها وهي تخبره بإيجازٍ:

-طبعًا.

أسند "تميم" الطبق على الطاولة أمامه، واستطرد يكلمها في لهجةٍ مالت للجدية قليلاً:

-أنا كنت عاوز أقولك على حاجة كده.

أبدت اهتمامها قائلة وهي تلعب بشوكتها في قالب الحلوى:

-اتفضل.

تنحنح متابعًا بتريث:

-فاكرة يوم كتب كتاب "هاجر"، لما كنتي قاعدة في المطبخ لوحدك؟

هزت رأسها قائلة:

-أيوه.

أراد في قرارة نفسه ألا يكون بينهما أسرار، أن يكون مرئيًا لها، لهذا تشجع لإخبارها بحيلته السابقة. حافظ على ثبات بسمته وهو يعترف لها:

-ساعتها عملت نفسي بتكلم في التليفون، وإني مش شايفك عشان تسمعيني وأنا بقول مش هجبرك على الموافقة، وهبعد ومش هظهر في حياتك تاني.

تعقدت ملامحها نوعًا ما وهي تتكلم في اقتضابٍ:

-فعلاً.

ظل مبتسمًا عندما أضاف:

-الصراحة الكلام ده كله كدب، ومن ورا قلبي، وكانت حركة معمولة عشان تبدأي تفكري في كلامي بجدية.

أخفى الجزء الخاص بجده، لكونه غير مستحبٍ له، الأفضل أن يتلقى التوبيخ وحده، رأى في نظراتها نحوه استنكارًا جليًا لما اعتبرته لعبته السخيفة. عبست قسمات "فيروزة" وهي تسأله في ضيقٍ:

-يعني كنت بتضحك عليا وبتستغفلني؟

هتف نافيًا على الفور:

-أبدًا والله، مقدرش أعمل كده فيكي ...

تحركت يده نحو موضع قلبه، وأكمل مبررًا تصرفه:

-أنا بس كنت عايزك تحسي بده.

تلبكت أمام اعتراف منقوص بشيءٍ يكنه لها، ورمقته بنفس النظرة الجامدة قبل أن تخبره بتجهمٍ:

-عمومًا الفاس وقعت في الراس خلاص، وأنا مش هحرجك إكرامًا للناس اللي جت النهاردة هنا.

سألها في قلقٍ استبد كليًا بوجهه:

-يعني إنتي ناوية تفضي الجوازة قبل ما تكمل؟

راوغته في إجابتها:

-احتمال وارد.

لم يحبذ مطلقًا اللعب على وتيرة مشاعره، أو الاستهانة بها، لهذا قست ملامحه، وشاح بعينيه بعيدًا عنها، ليستطرد قائلاً بلهجةٍ خلت من أدنى مظاهر المرح:

-وعلى إيه؟ خلاص ننهيها من دلوقتي طالما دي رغبتك.

انقبض قلبها مع ختام كلماته، وشعرت بالدماء تفر من عروقها، لهذا اعترفت دون تفكيرٍ:

-مالك قفشت كده ليه؟ بهزر معاك على فكرة.

عاد ليتطلع إليها في نظرة معاتبة وهو يسألها:

-والله؟ زي أي جوازة والسلام برضوه؟

تحرجت من تذكيره بزلة لسانها السخيفة، وقالت بردٍ لم يرقه وهي تزين محياها بابتسامة مفتعلة:

-اعتبرها واحدة قصاد واحدة، إنت عملت عليا حركة، وأنا رديتهالك، يبقى خالصين.

سألها في جدية بحتة، وكامل عينيه عليها:

-كده خدتي حقك مني؟

حركت رأسها قائلة، وقد اتسعت بسمتها السخيفة قليلاً:

-أيوه.

أومأ برأسه معقبًا بغير هزلٍ وهو يشير لها بيده:

-زي الفل، خلينا بقى على جديده، ونرمي اللي فات كله ورا ضهرنا.

صمتت قبل أن تمنحه ردها:

-أوكي بس لو زعلتني هزعلك.

تعقد جبينه هاتفًا في استهجانٍ:

-وده اسمه إيه ده كمان؟

هزت كتفها قائلة ببرودٍ:

-مجرد تحذير عادي.

سدد إليها نظرة طويلة غامضة، قبل أن ينطق بعد زفير بطيء، وهذا اللمعان المريب يتراقص في حدقتيه:

-زي الفل يا أبلة.

لم تسترح لتلك النظرة، كما أن اعتماده لهذا الأسلوب الرسمي الجاف في ردوده عليها استفزها بشكلٍ ما، فراحت تتنمر عليه بنبرة شبه حادة:

-إيه حكاية زي الفل دي اللي مسكهالي؟ كل ما أقولك حاجة تقولي زي الفل!

حمئتها الغريبة جعلت فكه السفلي يتدلى في غير تصديق، ليهتف بعدها ضاربًا كفه بالآخر:

-مش معقول! هو موسم الخناق بدأ بدري ولا إيه؟ ده أنا ملحقتش أدلع.

انفرجت شفتاها عن غيظٍ واضح، وسألته في تحفزٍ:

-عايز تقول إني نكدية؟

دافع عن نفسه في التو:

-هو أنا نطقت بحرف؟

خشي من تصاعد الأمور بينهما من لا شيء، فمد يده ليمسك بطبقه وهو يغمغم:

-أقولك أنا هاكل جاتوه.

ما إن حمل طبقه بيده حتى وضعت صحنها على الطاولة، كأنما تعانده، فاقتطع بشوكته قطعة من القالب، وتذوقها في اشتهاءٍ، قبل أن يميل بجذعه ناحيتها ليهمس لها بما بدا وكأنه يغازلها:

-حلو على فكرة، سكر محلي محطوط على كريمة!

تراجعت بظهرها للخلف، ورفعت حاجبها للأعلى قائلة في جديةٍ:

-يا سلام!!

اعتدل "تميم" في جلسته، وغرز الشوكة مجددًا في قالبه، ليحصل على قطعة أكبر، قربها منها قائلاً ببسمة مهذبة:

-طبعًا، تدوقي يا أبلة؟

هزت رأسها رافضة بنفس التعابير الجادة:

-لأ، شكرًا.

لانت قسماته وهو يداعبها قائلاً بتنهيدة تصحبها غمزة من طرف عينه:

-ليه بس؟ ما تخليني أجرب أحط الشوكة في بؤك؟ هتكسري بخاطري.

لمعت عيناها بشكلٍ غامض، قبل أن تقرب رأسها منه لتخبره بهمسٍ وهي تضع يدها على جانب فمها:

-باباك بيبص علينا على فكرة، وشكله ناويلك.

تلقائيًا حانت منه نظرة سريعة نحو أبيه، فوجده يطالعه بنظرة قوية مغزاها أنه لن يقبل بأي تجاوزٍ يحدث تحت شعار الخضبة، حرك "تميم" جسده على الأريكة، ليزيد من المسافة الفاصلة بينه وبين طاووسه المشاكس، ليدمدم بعدها بعبوسٍ ساخر، وكل تركيزه أصبح منصبًا على بقايا قالب الجاتوه:

-أه عارفها البصة دي، كده هيحط الطبق كله في وشي ............................................. !!

.................................................. .....

Layla Khalid and tia azar like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 31-07-21, 04:08 AM   #1080

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 35 ( الأعضاء 20 والزوار 15)

‏موضى و راكان, ‏Batol210, ‏Booo7, ‏ترانيم الزمان, ‏حمزة**محمد, ‏الماسه مياسه, ‏المسك الطيب, ‏عاشقة الحرف, ‏shery2, ‏عشق القلم, ‏الأثـريــــة, ‏Elafksh, ‏شموخي ثمن صمتي, ‏محافظة, ‏princess of romance, ‏همس البدر, ‏زهرة ميونخ, ‏Om noor2, ‏جزيرة, ‏سماره2


مبروك خطوبة تميم و فيروزة


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:17 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.