بعد النهاية *مميزة ومكتملة *

[Heba aly g]

بعد انتهاء الحفل

عند المصعد وقفت فريدة وفادي يودعان فدوي قبل أن تصعد إلي غرفتها التي حجزها لهما سامر ليبقيا ليلتهما بها قبل سفرهما مساء الغد
كان تيمور والدكتور فؤاد ينتظران خارج الفندق بعد أن صافحا العروسين
كانت والدة سامر وأخوته يودعانه ايضا بدموع الفرح ربتت فريدة علي كتف فدوي قائلة بهمس:"ان احتجتي أي شيء اتصلي بي .."
أومأت لها فدوي برأسها أما فادي فبعد أن عانقها صافح سامر قائلاً له بجدية بعيدة عن مزاحه المعتاد:"هي أمانة في رقبتك فحافظ عليها...."
قال له سامر ليطمأنه وهو يربت علي كتفه:"لا تقلق عليها هي زوجتي ومن الان كرامتها من كرامتي وحمايتها مسئوليتي..."
أومأ له فادي برأسه بينما وصل المصعد فأخذ سامر عروسه ودلفا الي الداخل واغلقا الباب خلفهما

******************
خارج الفندق كان تيمور ينتظر بسيارته واياد بسيارته وما أن خرج فادي هو الاخر مع فريدة واولادها حتي قال له تيمور وهو يقف بجوار النافذة من الخارج:"هيا فريدة ...." قالت له وهي تنظر إلي عايدة التي تقف بجواره والبنات ود. فؤاد :"سنستقل نحن مع فادي ... "

قال اياد وهو يخرج برأسه من النافذة :"تعال أنت معي ابي..."
تقدم الدكتور فؤاد من سيارة اياد قائلاً لتيمور:"فعلا اذهب انا مع اياد حتي يتسع مكان للباقيين..."
فتح فادي سيارته المصفوفة خلف سيارة تيمور في ساحة الفندق الخارجية وفتح مشغل الاغاني علي اغنية شعبية راقصة فابتسم الثلاثي المرح ابناء فريدة فهم يعرفون حين يشغل فادي الاغاني وينطلق بهم في الشوارع الخالية في هذا الوقت من المساء فاندفعوا إلي السيارة فهرعت شيري خلفهم قائلة :"وأنا اريد أن أذهب معهم أبي ..."
فمسكت يدها فريدة قائلة :"تعالي حبيبتي..."
لتقول شمس هي الأخري :"وانا ايضا..." فهي في الفترة الاخيرة اقتربت من سهر علي وجه التحديد فقال تيمور ساخراً لشروق :"وأنتِ ألا تريدين الذهاب معهم..."
قالت له وهي تتعلق بذراعه:"لا حبيبي اريد أن أبقي معك.."
فقالت فريدة لتيمور وهي تتقدم منه بجوار باب سيارته:" حسناً دع الاولاد مع فادي وانا ساذهب معكم لأن المكان هكذا لن يسعنا.." لم تنتظر شيري وشمس أن ينطق والدهما وانطلقتا إلي الاريكة الخلفية بجوار سمر وسهر بينما استقل عبدالرحمن المقعد المجاور لخاله ورفع صوت مشغل الاغاني فقال فادي بصوته العالي وهو يستقل سيارته:"حسنا يادكتور نتقابل عند البيت..."
صاح فيه تيمور مُحذراً:"قد بهدوء يافادي وانا سأكون خلفك حبيبي مباشرة حتي اضمن عدم تهورك..."
قهقه فادي ضاحكا وهو يدير السيارة بينما فريدة تفتح الباب الامامي لعايدة التي كانت تقف تستمع في صمت لتعرف هل ستركب مع تيمور ام اياد وقالت لها :"تفضلي طنط عايدة .."
فقالت عايدة بمودة:"لا حبيبتي اجلسي أنتِ بجوار زوجك وانا سأجلس بجوار شروق .." ولكن فريدة قالت لها بجدية:"لا طبعا لايصح تفضلي طنط..."
جلست عايدة فاغلقت لها فريدة الباب وتيمور يشاهد بصمت ونظرة معجبة بتصرفات فريدة التي تزيده حبا لها يوم بعد يوم فاستقلت هي ببساطة المقعد الخلفي بجوار شروق فدخل تيمور هو الاخر وأغلق الباب خلفه لينطلق فادي بالاولاد الذين يصفقون مع ايقاع الاغنية الشبابية الصاخبة وخلفه تيمور وخلفه اياد ....
نظرت شروق إلي فريدة بتردد وعلي لسانها بعض الكلمات فشعرت فريدة برغبة شروق فقالت لها بصوت منخفض :"قولي حبيبتي ماتريدين..."
صمتت شروق قليلاً ثم قالت لها:"كنت أظن انكِ ستجلسين بجوار ابي لا بجواري...."
قالت لها فريدة بتساؤل:"الم تكوني تريدين أن اجلس بجوارك؟"
قالت هامسة حتي لايسمعها والدها:"لا ليس كذلك ولكن ظننت ذلك..." فهمت فريدة ماتفكر فيه شروق فأحاطت كتفيها بذراعها قائلة بصوت منخفض:"الاكبر حبيبتي له احترامه في كل وقت وكل مكان ثم ان هناك اشخاص في حياتنا تكون معزتهم واحدة ليس معني أن نفضل احدهم في وقت انه الاغلي ولكن ربما هو الاكبر سنا الذي لابد أن نحترمه ونعطيه قدره...الحياة حبيبتي ليست احادية بمعني انه لا مجال لان نحب شخصا واحدا فقط
والدك مثل يحبكم ويحب الجدة عايدة ويحب جدو فؤاد ويحب والدتك رحمها الله ويحبني ويحب ابنائي فان اضطرته الظروف ان يختار في موقف محدد احدنا فهذا لايعني انتقاص لقدر الاخر...."
كانت البنت تنظر في عيني فريدة تستشف مدي صدقها فأومأت لها برأسها ايجاباً...أما تيمور وعايدة فلم يسمعا شيء من هذا الحوار حيث كانا منهمكان في الحديث عن سفر والده صباحاً

******************
قبل قليل

دخلت فدوي من باب الغرفة الذي فتحه للتو
انه جناح العرسان المحجوز لقضاء ليلتهما الاولي ...دخلت وهي تمسك فستانها من الجانبين يساعدها سامر في دفعه فهو من ضخامته لم يكن يتسع له الباب ....
أغلق سامر الباب خلفه ودخل حتي وقف في منتصف الغرفة الصغيرة التي بها صالون صغير في مقدمتها وبداخلها غرفة نوم بابها كان مفتوحاً... نظر حوله الي الأجواء الرومانسية المحيطة بهما من ورود وشموع كانت حريصة ادارة الفندق علي تزيين غرفة العروسين بها أما هي فمن خجلها وتوترها لم تنتبه لشيء ....
التقط سامر ماتشعر به من توتر طبيعي ظهر جلياً علي ملامح وجهها وتقدم منها ومسك كفيها فلاحظ رعشتهما فقال لها بابتسامة صغيرة:"مابكِ حبيبتي؟"
قالت له بصوت مهزوز:"لا شيء ...أنا فقط مرهقة لان اليوم كان طويل جدا..."
قال لها وهو مازال يمسك كفيها:"وجميل جدا.."
ابتسمت له وهي توميء له بوجهها فقال لها ليكسر حاجز الخجل الذي تقيمه هي:"هيا لتبدلي فستانك..."
رفعت وجهها اليه قائلة :"حسنا سأدخل الغرفة وابدله ابقي أنت هنا..."
قال لها وهو يرفع حاجبا مستنكراً :"ولما ابقي هنا يافيدو الست زوجك؟"
ضحكت من قلبها علي هذا الاسم الجديد الذي أصبح يناديها به منذ فترة وقالت له:"بالله عليك ياسامر أريد أن ابدل ملابسي ..."
قال لها بجدية وهو يجذبها من ذراعها برفق حتي باب الغرفة :"وماذا سأفعل لكِ انا هيا لندخل ونبدل سويا..." توقفت قائلة بخجل:"سامر من فضلك لا توترني انا اريد تبديل ملابسي وحدي..."
قال لها مراوغاً:"ولكن الفستان كبير وثقيل ولن تستطيعي فتح السحاب بمفردك"
دخلت الغرفة بالفعل ومسكت الباب قائلة له وهي تهم باغلاقه :"لا تقلق استطيع ثم اردفت قائلة:منامتك التي أحضرتها لك ستجدها علي الاريكة وانا سأبدل ملابسي بعد اذنك..."
قالتها ثم اغلقت الباب خلفها فوقف هو بالخارج ليقول بتذمر:"هكذا اذن..."
لم يحب أن يزيد توترها الذي يعرف انه طبيعي بالنسبة لاي فتاة... كان يريدها أن تعتاد عليه وتأخذ وقتها فجلس علي الاريكة يخلع سترته ورابطة عنقه وحذائه أما هي فكانت تقف أمام المرأة في الغرفة الداخلية تفك حجابها وطرحتها ...كان مثبت في رأسها عدد من الدبابيس يئست من عده ولم تكن تريد لسامر أن يري رحلتها هذه لنزعها وما ان انتهت من نزعهم حتي مدت يدها بصعوبة لتفتح سحاب فستانها ذي الطبقات الكثيفة لم تكن ايضا تريده ان يري مراحل نزع الفستان خجلا منها الي جانب انه فعلا تفاصيله كثيرة وطبقاته كثيرة ..كانت تريده ان يراها كما هي بلا هذا الكم من التعقيد حولها

بعد قليل

طرق سامر باب الغرفة قائلاً بتململ :"فدوي إن لم تفتحي الباب بنفسك سأفتحه أنا ...هل هناك عريس يقف هكذا علي باب غرفته.."
لم تمر سوي ثانيتين ثم فتحت له الباب مبتسمة فنظر اليها من قمة رأسها حتي أخمص قدميها وهي ترتدي اسدال الصلاة فقالت له وهي تفسح له المجال للدخول وتمسح علي جسده بنظرة خاطفة بمنامته التي اشترتها له علي ذوقها :"هيا سامر ادخل وتوضأ حتي نصلي لقد توضأت انا...."
نظر اليها نظرة مقيمة وهو يدلك مؤخرة رأسه قائلاً :"حسنا انا من الاساس كنت سأقول لكِ نصلي..."
ثم اتجه الي الحمام وتوضأ وماهي الا دقائق وكانا يقفان معا أمام خالقهما لتكون الصلاة أول مايبدأن به حياتهما الجديدة وشعورها كان لايوصف وهي تقف خلف زوجها في الصلاة....شعور لايضاهيه اي شعور علي وجه الاطلاق وهي تستمع الي التلاوة بصوته وبعد أن انتهيا من الصلاة والدعاء حتي استقامت واقفة مرة اخري وقالت له بصوت لمح فيه التوتر:"العشاء....لم نصلي العشاء..."
استقام واقفا وقال لها وهو يشعر بتوترها :"حسناً فعلا لم نصليها هيا..."
وقف مكانه ووقفت خلفه ثم رفع يديه للأعلي قائلاً:"الله أكبر..." يقرأ القرأن بصوت هاديء اشاع السكينة بداخلها وجعل الاطمئنان يغمرها وما أن انتهت الصلاة حتي التفت اليها قائلاً بلهجة ذات مغزي:"هل يوجد شيء آخر أو صلوات أخري لم نصليها ؟"
قالت له بصوت مبحوح :"لا ..."
فاستقام كليهما من علي سجادة الصلاة فقال لها وهو ينظر الي الاسدال الذي يغمرها من أعلي لأسفل:" الن تنزعي هذا الاسدال؟"
ابتسمت له واتجهت خلف الخزانة في مساحة فارغة بين الخزانة والحائط وخلعت الاسدال وساوت شعرها المصفف بيدها ثم خرجت اليه لتجده يجلس علي طرف الفراش وما أن رأها بمأزرها الحريري ذا الكم الطويل الذي يغطيها من أعلي لأسفل وتحكم اغلاقه حتي ابتسمت عينيه قبل شفتيها وهو يربت علي طرف الفراش بجواره في اشارة منها لتجلس بجواره...كان يعلم مدي خجلها ويريدها أن تعتاده اولاً فتقدمت منه علي استحياء تفرك كفيها ببعضهما الي أن جلست بجواره....كان لأول مرة يري شعرها الأسود الناعم بلا تموجات تعوق انسداله علي كتفيها كان كثيفا متوسط الطول يصل الي اسفل كتفيها بقليل كانت تجلس بجواره وبينها وبينه مسافة فاختصر المسافة ليجلس بجوارها مباشرة وكل ماحوله في الغرفة من اضواء هادئة وورود يدعونه حقا للاقتراب فمسد علي شعرها الناعم لتغمض عينيها بتأثر من لمسته الأولي له...كمن تشعر كل خلجة فيها بالاحتفاء فمع أول لمسة لأي مكان كانت تدق طبول الحب فقال لها وهو يمرر أصابعه في خصلات شعرها:"شعرك جميل.."
لم ترد عليه فوضع كفه علي جانب وجهها وأدار وجهها باكمله لجهته وقال لها بخبث ليمتص كل شحنات التوتر بجسدها :"الم تسألي من قبل عن لون عيني وقلت لكِ ان له زاوية رؤية محددة ؟"
قالت له وهي تنظر الي عمق عينيه:"نعم..."
قال وهو يقترب أكثر ويفك بخفة رباط المأزر حول خصرها بيده الحرة :"هذه هي أقرب زاوية...هيا انظري وقولي لي النتيجة فيروزي ام زيتوني.."
ارتبكت حين وجدت أن عقدة المأزر ارتخت حول خصرها وقالت له وهي تنظر اليه بتوتر من هذا القرب وهو يغمر وجهها بكفه:"لا أعرف لا أستطيع التركيز الان..."
جذب برفق كتف مأزرها الحريري حتي سقط عنها نهائيا بلا أدني مقاومة منها لتظهر من تحته بشرتها السمراء الصافية وأحاط وجهها بكفيه وهو يشعر بفورة في مشاعره تجاهها فلثم ثغرها بلهفة عاشق انتظر طويلا حتي نال مبتغاه يستمد قوة مشاعره من رقة مشاعرها التي يعرف ويدرك بحدسه كرجل انها ولدت اليوم فقط معه هو فقط
اما هي فلم تقاومه او تقاوم مشاعرها التي اغلقت عليها بقفل لسنوات وسنوات تركت مشاعرها تقودها فشعرت كأنها تجاور نجوم السماء
************** يتبع

[Heba aly g]

في السادسة صباحاً

وقفت فريدة مع تيمور وشهاب أمام باب الحديقة بعد أن أخرج تيمور كل حقائب والده للسيارة تقدمت فريدة من الدكتور فؤاد ودموع الفراق في عينيها وصافحته فضمها اليه قائلاً بتأثر:"بأذن الله حبيبتي شهران بالكثير وأعود لا تحزني ..."
قالت له بصوت باكي رغم تحكمها في دموعها :"لم أعتاد عدم وجودك كل هذه الفترة..."
ربت علي كتفها بكفه الواهن قائلاً والخطوط التي صنعها الزمن حول عينيه تكاد تخفيهما فيظهران كخطان أسفل حاجبيه :"سنجري مكالمات مرئية بأذن الله ثم أردف وكانه تذكر:العصافير والحديقة لا تهمليهم وان لم تستطيعي دعي سالم يراعيهم..."
قالت له وهي تبتسم نصف ابتسامة :لا تقلق...."
قال له تيمور :"هيا أبي حتي لا تتأخرا...."
نظر شهاب الي فريدة وصافحها قائلا بابتسامة صغيرة:"أراكِ علي خير فريدة ..."
قالت له بمجاملة:"تعود بألف سلامة ...أنت ستعود مباشرة ما أن تطمئن علي ابي اليس كذلك؟"
قال لها مؤكدا:"نعم يومان وأعود بأمر الله ...."
خرج ثلاثتهم واستقلوا سيارة تيمور حتي يوصلهما الي المطار أما الباقيين فقد ودعوه بعد منتصف الليل سواء إياد أو فادي أو عايدة والبنات قبل ان يوصلهم تيمور الي المنزل ويعود الي والده ليوصله الي المطار أما زوجتي شهاب واياد فلم تحضرا لأنهما عند والديهما في مدينتهما ....وقفت فريدة تتبع أثرهم ثم اختفت السيارة عن نظرها فدلفت الي داخل الحديقة واغلقت الباب ووقفت تنظر حولها الي الحديقة التي دخلتها منذ خمس سنوات
نظرت الي اشجارها القليلة والي البرجولة وتكعيبة العنب فوقها وابتسمت لطالما عشقتها واستظلت تحتها
نظرت الي حوض الزهور الذي زرعته مع الدكتور فؤاد وروته الي أن أزهر ...
مشاعرها المتأثرة بغيابه لم تكن لمجرد انه والد زوجها بل غلاوته عمرها سنوات منذ أن نصب نفسه أبا لها ....يوم أن علم بنقاط ضعفها واحتواها كابنة له تماماً
حين جاءت هنا كانت مكسورة فساعد هو في ترميمها بوقوفه بجوارها ودعمها ....وكانت ارادة الله أن يدعمها هو حتي يشتد عودها ليكمل ابنه المسيرة معها
أخذت العصافير تغرد حولها سواء العصافير التي علي الأشجار أو في الأقفاص.... اقتربت من الركن الذي توضع فيه الاقفاص فوق بعضها فكل قفص كان بدورين وفوقه قفص آخر... كان الدكتور فؤاد حريصا علي اقتناء انواع والوان متعددة من العصافير... شمرت كمي قميصها القطني وهي تبدأ في وضع الطعام والماء لكل مجموعة من العصافير في قفصها .....

سرقها الوقت وهي تطعم العصافير ثم تروي الزرع كله ثم دلفت للداخل ورتبت الشقة حتي تغلقها وهي نظيفة تماما ... كانت مطمئنة ان فادي نائم مع ابناءها بالأعلي وكان سفر الدكتور فؤاد مزعج جدا لها فكانت تفعل كل شيء بلا تركيز .... شعرت بباب الحديقة يُفتح ويغلق فنظرت من نافذة المطبخ فوجدت تيمور قد عاد وما ان دخل اليها حتي قال لها وهو ينظر الي وجهها الشاحب قائلاً وهو يقترب منها:"ماذا تفعلين لقد ظننت انكِ صعدتِ..."
قالت له بنصف ابتسامة:"لما عدت اذن مادمت تظنني صعدت..."
قال لها وهو يضمها اليه بشوق:"كنت سأحدثك وأطلب منكِ النزول مرة اخري..."
ضحكت قائلة:"فاختصرت أنا عليك كل ذلك لتعود وتجدني...ثم اردفت:هل انتظرت الي أن اقلعت الطائرة؟" قال لها بزفرة حارة قلقا علي والده وهو يضع رأسه علي رأسها:"لا كما تعلمين لا أحد يدخل الا المسافرين فتركتهم ما أن دخلوا وعدت..."
كان هو الآخر خائف علي والده ففي الفترة الأخيرة أصبح قليل الكلام ويشرد كثيرا ودعي الله أن تؤثر فيه هذه السفرة تأثيراً جيداً....
قالت له وهي تبتعد عنه خطوة :"أنت مرهق جدا ولم تنام من الأمس لما لاتذهب الي بيتك وتنام ؟..."
أشار الي الداخل قائلاً بعينين مرهقتين:"وهنا ايضا بيتي يمكنني النوم هنا ثم اردف بصوت دافيء: تعالي الي غرفتي وساعديني علي النوم..."
قالت له وهي تمسد علي ذراعه:"أنا ايضا المفترض أن أصعد لأبنائي ..."
قال لها وهو يجذبها من يديها خارج المطبخ:"بعد ارهاق الامس وصخب الفرح والسهر للفجر مؤكد ناموا نوماً عميقاً الي جانب أن فادي معهم..."
قالت له بتعب :"أنا ايضا أريد النوم ..."
قال لها وهي تسير معه حتي حجرته:"وهل قلت لكِ لا تنامي ...ثم اردف :عندي عدة عمليات بعد الظهر وان لم أنم جيداً ربما أخطيء في أي شيء ويكون ذنب المرضي في رقبتك..."
قهقهت ضاحكة وهي تقول:"لا في هذه الحالة لا أستطيع الاعتراض الا صحة المرضي ...."

****************
صباح الأحد...

طرق عمر باب شقة والديه أولا ثم فتح بمفتاحه الخاص حين لم يرد عليه أحد وما أن دخل حتي وجد التلفاز مفتوح وضوء الحمام مضاء... طرق علي باب الحمام قائلاً دون أن يعرف من داخله:"أنا بالخارج .." لم تكد كريمة تسمع صوته حتي أسرعت بانهاء حمامها وارتداء ملابسها لتخرج له فقد اشتاقت له ...لها شهر لم تراه..
وما أن خرجت ووقعت عينيها عليه حتي ابتسمت بسعادة قائلة :"عمر ياحبيبي حمدا لله علي سلامتك ...اشتقت لك "
اسرع عمر اليها وضمها باشتياق قائلاً بابتسامة عذبة:"وأنتِ ايضا حبيبتي لقد اشتقت لكِ...."
بعد الاحضان المشتاقة والقبلات جلست بجواره قائلة وهي تمرر كفها علي وجهه :"متي أتيت؟"
قال لها :"صباح الأمس ومن وقتها وانا نائم...لقد تعبت جدا في هذه السفرة... ثم اردف وهو يمسح علي وجهها بعينيه بحنان:وما ان استطعت حضرت اليكِ مباشرة حتي لم اذهب الي الاولاد..."
قالت له:"وهل تستطيع الذهاب الي هناك من الاساس؟ ..."
ابتسم قائلاً:"بأذن الله هذه المرة أنا أنوي أن أأخذ موقف حازم يا أمي لقد تعبت فعلا من الحياة بدونهم .."
ربتت علي وجهه قائلة :"وفقك الله حبيبي..."
قال لها بتساؤل :"أين أبي؟"
قالت له بزفرة حارة:"منذ أن عدت وهو لايستقر في المنزل ...طوال اليوم في القهوة مع اصحابه وعندما يعود يأخذ حماماً ويبدل ملابسه ويبيت في شقتك علي الفراش الوحيد الموجود بها... ثم أردفت بحيرة :حتي انني لاأعرف إن كان ردني أم لا ..."
قال لها عمر بجدية:"ألم يقل لعبدالله حين أحضرك أنه موافق وتركهم يمشون بدونك إذن ردك.."
قالت له بحيرة:"ولكنه لم يتحدث معي نهائياً الا بكلمات مقتضبة..."
قال لها ليطمئنها:"لا تقلقي سأتحدث معه بنفسي ولكن أجلس معكِ أولا..."
قالت له :"هل عرفت ان فدوي تزوجت اول أمس؟"
قال لها وهو يوميء برأسه:"نعم الاولاد ارسلوا لي صورا لهم من حفل الزفاف..."
قالت بتبرم:"هل تصدق انهم لم يدعونا ياعمر..."
ربت علي كتفها قائلاً:"لا عليكِ أمي لاتهتمي...كل شيء سيعود الي وضعه بأذن الله..."
قالت له وهي تستقيم واقفة:"أنت ستبقي معي اليوم اليس كذلك؟"
قال لها :"بأذن الله فأنا سأنتظر حتي يأتي فادي من عمله لأتحدث معه..."
قالت له:"حسناً سأعد الإفطار لنا..." تركته واتجهت الي المطبخ بينما فتح هو هاتفه ..طوال الفترة الماضية وهو لم يدخل علي موقع الفيس بوك لم يكن لديه دقيقة واحدة شاغرة اثناء سفره .كانت سفرة مليئة بالمقابلات والأعمال التي لا تنتهي الي جانب تعرفه علي شخصيات هامة لم يكن يعرفهم من قبل ..
فتح الحساب الخاص ب (شهد طارق) وحاول الدخول منه الي حساب فريدة ولكنه لم يجد أثر لحسابها ....
ضيق عينيه مفكراً ... معني أن حسابها غير موجود احتمالين لاثالث لهما اما هي اغلقت حسابها واما قامت بحظر هذا الحساب...أخذ يفكر كيف يتأكد ...فجاءته فكرة ..أن يدخل علي حساب فريدة من عند سهر ابنته فهو من فترة قصيرة أنشأ لها حساباً جديداً... وبالفعل اعتصر مخه حتي يتذكر الايميل الخاص بها والرقم السري الي أن استطاع الدخول ومنه كتب اسم فريدة فظهر له حسابها ليتأكد فعلا انها قامت بحظره
زفر زفرة حارة وهو يدخل علي صفحتها الشخصية ليري اخر التطورات في الشهر الذي غابه من كلمت ومن تفاعل معها وما نوعية المنشورات التي تشاركها وتوقف عند الصورة الشخصية التي غيرتها بالأمس فقط لها هي وعبدالرحمن والبنات ونفس الشعور من عدم الارتياح يساوره وهو يري وجهها أكثر توهجا من ذي قبل ولكن ما أثار ريبته أكثر هو المكتوب تحت الصورةوهو(أعجب تيمور فؤاد شمس الدين بهذه الصورة هو وخمسون آخرون)
وتسائل بتحفز وبصوت مسموع:"من تيمور؟.."
دخل مباشرة علي صفحة المدعو تيمور فؤاد شمس الدين ...فوجد الصورة الشخصية لرجل وسيم لاتبدو ملامحه غريبة عليه...يشعر أنه رأه من قبل ولكن لايتذكر أين ....هبط قليلاً ليتعرف أكثر علي صاحب الصورة الذي قام بعمل اعجاب علي صورة فريدة فوجد في صفحته صورة لكفين متشابكين لرجل وامرأة والمرأة ترتدي في أصابعها محبس وخاتم ويتدلي من معصمها اسورة ....شعر بالغباء وهو يحاول تذكر أين شاهد هذه المجوهرات من قبل ...ولكن ماجذب انتباهه أكثر هو الكلمات المكتوبة أسفل الصورة(أول فرحة تمر بقلبي وانا هايم في الدنيا غريب قولي احكي ولا اخبي ولا اوصفها لكل حبيب)
ارتفعت ضربات قلبه وأخذ يضرب في صدره بعنف...وهو يتذكر كلمات قرأها من فترة تبدو كرد علي هذه الكلمات ولكن حتي الان لايستطيع الربط بينهما فعاد مرة أخري الي صفحة فريدة الي الصورة التي التقطتها مع ابناءها في زفاف فدوي كانت تحيط سمر بكفها وتبدو في أصابعها مجوهرات شبيهة لما رأها علي صفحة هذا الرجل.... نزل للأسفل قليلاً في صفحتها الشخصية و قلبه يضرب طبول الحرب في صدره يكاد أن يخرج منه وما أن وصل الي الصورة التي كان يبحث عنها التي بها صورة فريدة من شهر تقريباً ومكتوب تحتها(افرح واملا الدنيا أغاني لا انا ولا أنت هنعشق تاني) كالصفعة التي هوت علي وجهه هوت هذه الكلمات وتسائل :"هل هذه الكلمات ردا لهذه الكلمات؟"

وكأن الخيوط فجأة ارتبطت ببعضها او كانت مترابطة ولكن بطء الفهم هو من أخره عن الأدراك ...كانت الصورة كالكلمات المتقاطعة كلما توصل الي حرف ووضعه في مكانه تتجلي الصورة بشكل اوضح ....نظر الي درجة الفستان الكشمير الذي ترتديه وعاد كالمجنون الي صفحة المدعو تيمور ليجد أن كم فستان المرأة التي يحتضن كفها بنفس درجة لون فستان فريدة...
فغر شفتيه بلا تحكم وهبطت عينه علي المجوهرات في اصابع المرأة التي يبدو انها تخص تيمور هذا لأن اصدقاؤه يعلقون تحت الصورة بالمباركة والرفاء والبنين فيعود مرة أخري الي صفحة فريدة والي صورتها الحديثة مع ابناءها وينظر ليدها ليجد ان هذه الكف هي تلك الكف وهذه الاصابع هي تلك الاصابع لتكتمل الصورة في ذهنه دفعة واحدة ....
احمرت عينيه فجأة وشعر بالنيران تندلع من كل جسده والادرينالين يرتفع لأعلي درجاته فاستقام واقفاً وفتح هاتفه واتصل بفادي الذي كان في عمله وما أن رأي رقم عمر حتي رد وما أن ألقي السلام حتي هبت العاصفة في أذنه وصوت عمر يصرخ :"فاااادي أين أنت؟أين فريدة؟"
قال له فادي وهو يستقيم واقفا تلقائياً:"ليس لك أن تسأل علي فريدة..."
صرخ فيه قائلاً:"ليس وقت فلسفة فارغة....أين أبناااائي؟"
خرجت كريمة من المطبخ علي صوته وهي في حالة فزع فرد عليه فادي قائلاً:"ابنائك مع والدتهم في بيتهم..."
صرخ عمر قائلاً:"هل تزوجت فريدة؟"
بلا مراوغة قال له فادي بثبات:"نعم...."
نزلت الكلمة علي رأسه كالمطرقة فقال لفادي بصدمة:"هل تزوجت هكذا من نفسها؟"
صاح فيه فادي:"ليس لدينا بنات تتزوج من نفسها ....ثم هدر فيه:أنا من زوجتها..."
لم يرد عمر بكلمة أخري بينما أغلق الخط وهو يحاول استيعاب الكلمات التي تدفقت الي عقله دفعة واحدة ووالدته تقف بجواره تقول بارتياب:"من التي تزوجت؟" رغم انها سمعت حديثه الا ان أذنيها أبت التصديق فقال لها بصدمة وهو يجلس مرة اخري:"فريدة....فريدة من تزوجت...."
ما أن تأكدت كريمة ان ماسمعته صحيحا حتي سقطت جالسة بجواره علي الأريكة أما هو فاستقام في نفس اللحظة التي هوت هي فيها بجواره وعينيه تطلقان شرراً وما أن فتح باب الشقة حتي وجد والده الذي استمع الي صوت صراخه يقف أمامه قائلاً بقلق:"ماذا هناك ياعمر ماذا حدث؟"
قال له عمر بضياع:"فريدة تزوجت..."
ثم انطلق مبتعداً ليدخل إبراهيم شقته فيجد كريمة التي تشبه ملامحها ملامح وجه ولدها فقال إبراهيم بحزن:"تزوجت أم أحفادك ياكريمة...." فترفع كريمة عينيها الغائرتين والخطوط الطولية علي جانبي عينيها تزداد قساوتها وهي تشير له علي ساقيها قائلة بعجز:"لا أستطيع الوقوف يا إبراهيم لا أشعر بقدمي نهائياً..."

**************
يقود فادي سيارته بأعلي سرعته مُتجها الي منزل فريدة فبعد أن أغلق عمر الهاتف معه وهو يعلم من غضبه انه بالطبع سيذهب اليها....يسابق الزمن حتي لايمس اخته بسوء ....وجهه تحول الي اللون الاحمر القاني من فرط الانفعال وهو يتخيله يؤذيها ... والذي يجعله يصاب بالجنون هو انها لاترد علي هاتفها لا هي ولا ابناءها...يعلم انهم احيانا يتأخرون في النوم ولكنه يخشي ايضا أن يكون عمر سبقه اليها وأذاها
أخذ يضرب علي المقود بغل وقال بصوت عالي:"أقسم بالله إن لمست شعرة واحدة منها بموتك ياعمر ..."
أعاد الاتصال عليها مرة اخري فلم ترد وللأسف الدكتور فؤاد ليس موجودا والا كان اتصل به ولايستطيع الاتصال بتيمور لأنه يعلم أن الاثنين لو أجتمعا ستحدث مصيبة خاصة والوضع محتقن هكذا ...علم من صوت عمر أنه فقد عقله بالفعل ... زاد من ضغط قدمه علي البنزين وهو يدعو الله أن يمر اليوم علي خير

******************
لم ينتظر أن يطرق علي الباب لتفتح له بل دس المفتاح الذي يمتلك نسخة منه للطوارئ وفتح الباب بسرعة ودلف للداخل ...أغلق الباب خلفه ووجد الشقة هادئة جدا اتجه مباشرة الي غرفة فريدة وطرق الباب ولم يطق صبراً ففتحه ليجدها نائمة ومتدثرة بغطاء خفيف وتفتح مبرد الهواء ....
زفر زفرة ارتياح والقي بجسده كله بجوارها لتنتفض هي في نفس اللحظة وهي تنظر اليه بذهول قائلة:"ماذا هناك؟" نظرت في الساعة فوجدتها الثانية عشرة والنصف والمفترض انه في عمله وبالفعل يرتدي حلة العمل فاستقامت وقالت له بجزع:"ماذا هناك ؟هل حدث شيء؟ فدوي بها شيء ...ثم نظرت حولها قائلة:أين ابنائي؟"
قال لها ليطمئنها :"أطمئني الجميع بخير كل ماهنالك أن عمر علم أنكِ تزوجتي...."
إستندت بظهرها الي ظهر السرير قائلة وهي تحاول أن تدعي الهدوء:"متي أخبرته؟"
قال لها بحيرة:"هو كلمني وقال لي هل فريدة تزوجت قلت له نعم.."
قالت بتساؤل:"تري من أخبره؟"
قال لها وهو يستند الي ظهر السرير مثلها:"لا أعلم ...."لم يكد يتم كلمته حتي سمعا طرقاً عنيفاً علي باب الشقة فقال فادي بضجر:"هاهو قد أتي ..."
ثم استقام واقفا واتجه خارجاً وهو مستعد تماما للمواجهة أما هي فارتدت اسدالها وخرجت خلفه وما أن فتح الباب حتي وجد عمر أمامه وقد تلبسته عدة شياطين فقال له عمر وهو يواجهه بعينين من نار :"كيف استطعت أن تفعلها؟؟؟ كيف استطعت أن تزوجها وأنت تعلم أن لها أبناء يحتاجونها...."
قال له فادي ببرود:"ومابهم أبناءها ؟ أبناءها معها ولن يصيبهم أي ضرر ثم نظر اليه نظرة نارية قائلا:ولماذا لم تقوم أنت بعمل حساب أبناءك منذ خمس سنوات حين تركتهم لتتزوج؟..."
قال له عمر بغضب:"أنت ليس من حقك محاسبتي..أنا لم أفعل شيء خاطيء لقد أقمت شرع الله "
هدر فيه فادي:"وأنت ليس من حقك محاسبتها ولا محاسبتي لأننا لم نفعل سوي شرع الله أيضا...أم ان شرع الله يسري عليك انت وحدك دونا عن باقي البشر "
نظر عمر الي الداخل وتقدم خطوة واحدة وهو ينظر في عيني فريدة قائلاً بعدم تصديق:"كيف استطعتِ أن تفعليها؟"
صاح فيه فادي بحزم:"وجه كلامك لي أنا ليس من حقك الحديث معها وقد أصبحت علي ذمة رجل آخر..." وكأن الكلمات كانت كالطعنة في صدره....علي ذمة رجل آخر....القتل لايكون فقط برصاصة ولكن احيانا كلمة تصيب كما تصيب الطلقة تماما
قال لفادي بغضب:"ومادمت تستطيع تزويجها لما لم تساعدني في العودة اليها حين كنت اطلب ذلك منك ؟" قال له فادي ببساطة:"لأنها لم تكن تريدك...هل تظن انني الذي لم أكن أريد؟..هي التي لم تكن تريدك بعد فعلتك معها..."
قال له بصوت عالي:"ماذا فعلت أنا ثم كيف تطاوعها علي مافعلته...."
قال له بغضب السنوات الماضية:"بل فعلت الكثير..وقف الاثنان أمام بعضهما البعض بقوة جسدية متكافئة فأكمل فادي بمرارة لا تخلو من القسوة:فعلت الكثير حين كسرتها وجئت بامرأة أصغر منها ولديها الامتيازات التي لم تمنحها أنت لها من الأساس.....فعلت الكثير حين ترجتك الا تكمل هذه الزيجة وتبقي معها وهي ستسامحك ثم اردف بقهر:هل تعلم كيف كان يتمزق قلبها وقتها؟ كانت ستضغط علي نفسها لتعيش معك من أجل ابناءها وكانت ستتناسي وتضع قلبها تحت قدميها..."

نظرت فريدة الي فادي والي تأثره وانفعاله والكلمات تخرج من فمه كأنها تخرج من قلبها مباشرة...كانت هذه الاحاسيس موجودة في مكان مظلم من عقلها نحتها جانبا ما أن ابتسمت لها الحياة وعرفت تيمور ولكن هذا لايعني انها نستها او نست تأثيرها لذلك ما أن شعرت بالرجفة تسري في جسدها أثر كلمات فادي حتي جلست علي كرسي السفرة بصمت تنظر الي صراع الديوك بين شقيقها وطليقها فأكمل فادي:"أنت لم تشعر بالمها وانكسارها ثم أشار بسبابته الي صدره قائلاً بصوت قاسي:أنا من شعرت بكسر قلبها .... أنا من ساندتها في رحلتها لا أنت ..أنت عشت سعيداً مع امرأة أخري وانت تعرف انها تتمزق لسنوات ..."
قال عمر بملامح ممتقعة :" كنت أذهب اليك كل فترة وأطلب منك أن أتحدث معها واقنعها وكنت تقول لي دعها تتعافي... كنت ظن انها ستتعافي مماحدث بيننا لا تتعافي بنسياني ... ثم نظر الي كليهما قائلاً:أنتم هكذا ضللتوني ..."
قال له فادي مقارعا:"متي أتيت وقلت أريدها ؟منذ عامين تقريبا...وقبل ذلك كنت تؤدبها علي فعلتها....أنت من ضللت نفسك لا نحن....حتي عندما طلبت منها منذ عدة أشهر حين تزوجت أختك ....ضيق عينيه قائلا بهدوء ساخر:هل تظن انني لا أعلم؟...فريدة لاتخفي عني شيء...هل تعلم لو كنت قلت لها وقتها انك ستترك الهانم ابنة الباشا كنت اقنعتها للعودة اليك ...ثم صاح باعلي صوته:اقسم بالله كنت انتظرك علي مدار السنوات لتأتي الي وتقول انك طلقتها وعدت الي رشدك وقتها كنت سأعيد فريدة اليك
أرتفع صوته اكثر قائلا:ولكنك كنت تريد استكمال مسلسل الاذلال وكنت تريدها ان تعود علي ضرة ....الوضع الذي لم ترضي به بارادتها كنت ستجعلها ترضي به رغما عنها بعد سنوات ...أنظر الي نفسك في المرأة لتري بشاعة مافعلت باختي واحمد ربك انني لم أأخذ بحقها منك لما فعلته بها..."
قال له عمر بصدمة من كلماته:"واليس بتزويجها من رجل اخر في السر كاللصوص أي بشاعة؟."
قال له فادي بسرعة:"من قال في السر نحن عقدنا قرانها علي سنة الله ورسوله عقد زواج رسمي شرعي أمام الجميع ثم اردف بسخرية مبطنة:أنت فقط من لم تكن تعلم ثم رفع سبابته قائلاً ولكننا كنا سنخبرك... لولا سفراتك وجولاتك وصولاتك التي لاتنتهي..."
قال له عمر باستخفاف مر:"حقا كنت ستخبرني؟."
قال فادي بجدية:"نعم ...يوم هاتفتك وقلت لك انني أريد أن اقابلك وقلت لي انك مسافر ونؤجل الحديث حين تأتي من السفر كنت سأقول لك وقتها قلت لي انك أيضا تريدني..."
أسقط عمر ذراعيه بجواره قائلاً:"كنت سأقول لك أنني أريد أن أعيدها ..."
فقال له فادي :"وكنت سأقول لك أنها تزوجت...ثم أردف قائلاً :مشكلتك انك اخذت فريدة في حياتك كأمر مسلم به كنت تظن انك تستطيع ان تغيب أشهر وأعوام وهي باقية كل ذلك لأنك علقت أبناءك في رقبتها فظننت أنك طوقتها ولكنك كنت واهم "
قال عمر وكل شيء بداخله يتمزق :"وأبنائي ماذا عنهم من قال لكم أني ساتركهم ؟."
قال له فادي ببساطة:"أبناءك سيظلون مع امهم ولن يختلف شيء سيظلون معها لانها ابدا لن تنشغل عنهم بينما أنت لست متفرغ من الاساس لهم ...."
قال له بصرامة:"ومن قال انني سأسمح بأن يعيشوا مع رجل غريب ..."
قال فادي :"عامة هم حتي الان كما جئت فجأة ورأيت يعيشون في بيتهم مع والدتهم وحين نقرر شيء آخر بالتأكيد ستعرف وسنختار مافيه الصالح لهم..."
كانت فريدة مازالت تتابع الحوار بصمت لم تكن تتوقع أن يتملك منها ...كانت تتوقع أنه حين يأتي وقت المواجهة ستقف أمام عمر بقوة وتواجهه أما الان فلم تشعر سوي برغبتها أن يتركها لحياتها الجديدة بلا مشاكل لانها حقا اصبحت لا تتحمل صراعات جديدة....
استيقظ عبدالرحمن علي صوتهم وما أن خرج ووجد والده حتي تقدم منه مصافحاً فقال له عمر قبل أن يصل اليه:"هل كنت تعلم أنها تزوجت ولم تقل لي؟"
قال له عبدالرحمن :"أمي وفادي قالا لي أن هذا الأمر يخصها هي وحدها وهما سيقولان لك بانفسهم ثم انك كنت مسافراً..."

لم يجد لديه القدرة علي الجدال الآن شعر أن قوته خارت دفعة واحدة وأن الرؤية أمامه مشوشة وأن قدماه لاتحملانه نظر الي فريدة التي تجلس أمامه لا تتكلم حتي لاتقول شيء مسيء أمام عبدالرحمن ونظر الي عبدالرحمن نظرة صامتة ورحل بصمت

**************
قاد سيارته يقصد منزله بعد أن خارت قواه كاملة...
فريدة التي لم يظن مجرد ظن انها تكون لغيره ذات يوم اصبحت لغيره...ظن انه ربما يغيب عنها ولكنه سيعود آلمها بزواجه وآلمته بارغامه علي الطلاق فكان يريد فقط بعض الوقت حتي تصفو نفسه لها ولكنه حتما كان سيعود ...بالتأكيد هذه اللحظة هي أسوء لحظة مرت عليه طوال حياته ...اللحظة التي اكتشف فيها أنه شخص عادي ليس مميزاً عند فريدة ...كان يظن انه مهما مر الزمن سيظل حبها له قائماً...

ربما من اسوء لحظاتنا جميعا هي اللحظة التي ندرك فيها جيداً أننا أشخاصا غير مميزين لدي أحد وان تعرضنا للرفض قائم .... من اسوء لحظاتنا هي اللحظة التي تسقط فيها صورتنا الذهنية عن انفسنا... التي نكتشف فيها زيف تفردنا وتميزنا وانه لا احد مثلنا... اوهام زرعتها فينا الامهات ومجاملات الغرباء جعلتنا نشعر اننا نختلف عن الاخرين
حين تأتي هذه اللحظة فإن الاعتراف باننا مجرد اشخاص عاديين يحبنا البعض ويكرهنا البعض يكون مهينا خاصة عندما ترتفع الانا عندنا الي اعلي مستوياتها فنظن اننا ملكنا الدنيا نأمر فنطاع وننهي فيُسمع لنا وحين نشير باطراف أصابعنا يأتي الينا الكل صاغرين ...
هل هو شخص غير مميز لديها؟ هل استبدلته باخر بهذه السهولة؟ هل استطاعت ؟ أسئلة أخذت تتكرر في ذهنه بلا مراعاة لحالته والطنين في أذنه يزداد
لقد شُل عقله تماما...كان قد وصل الي باب شقته ففتح الباب بلا وعي حتي انه ترك المفتاح بالخارج واغلق الباب ...
دلف الي حجرته والشياطين تتلاعب امام عينيه وما أن اغلق باب غرفته خلفه حتي كانت رؤي للتو تنزع الفراش عنها ولكنه لم يراها وهو يتناول زجاجات العطر التي كانت تقع يده عليها ليقذف بها مرأة الزينة بغضب وعنف أما هي فما أن رأت حالته هذه حتي ابتعدت تماما ووقفت بجوار النافذة المغلقة تضع كفيها علي فمها برعب من حالته التي لأول مرة تراه عليها ولا تعرف لها سببا أما هو فأخذ يقذف زجاجات العطور خاصته وخاصتها وهو يزأر كأسد جريح حتي تحطمت المرأة تماما وأنهي علي كل الزجاجات ثم أطاح بيده كل ماعلي الطاولة من ادوات زينة تخصها وهي عاجزة عن التصرف الي أن بدأت رائحة العطور المتداخلة تخنقها وهي تختبيء خلف الستائر خوفا من أن تأتي أي زجاجة من الزجاج المتطايرعلي جسدها

نهاية الفصل الرابع والعشرون

[Heba aly g]

. الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 124 ( الأعضاء 27 والزوار 97)
‏Heba aly g, ‏فاطمة زعرور, ‏م ام زياد, ‏mango20103, ‏ملوكه ملك, ‏amana 98, ‏dr.marwaalsokkary, ‏النصر المبين, ‏ImaneAlkoush, ‏شجن المشاعر, ‏Hader Elsayed, ‏نوراسيد, ‏اسماء سلوم, ‏نعيما, ‏امال ابراهيم ابوخليل, ‏Wlaa wlaa, ‏غرام العيون, ‏amira hkeem, ‏داليا فريد, ‏مي زيدان, ‏عباد الرحمن3hebashah_1, ‏روماالدسوقي, ‏نور المعز, ‏noof11, ‏imoo, ‏حنان الرزقي, ‏Rasha.r.h
أدوات الموضوع

[Heba aly g]

. الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 150 ( الأعضاء 29 والزوار 121)
‏Heba aly g, ‏سوووما العسولة, ‏kawthar waleed, ‏Wlaa wlaa, ‏اسماء سلوم, ‏ImaneAlkoush, ‏Moon roro, ‏Marwahr, ‏روماالدسوقي, ‏م ام زياد, ‏mango20103, ‏ملوكه ملك, ‏amana 98, ‏dr.marwaalsokkary, ‏النصر المبين, ‏شجن المشاعر, ‏Hader Elsayed, ‏نوراسيد, ‏نعيما, ‏امال ابراهيم ابوخليل, ‏غرام العيون, ‏amira hkeem, ‏داليا فريد, ‏مي زيدان, ‏عباد الرحمن3hebashah_1, ‏نور المعز, ‏noof11, ‏imoo, ‏حنان الرزقي
أدوات الموضوع

[Heba aly g]

. الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 228 ( الأعضاء 42 والزوار 186)
‏Heba aly g, ‏همس البدر, ‏NoOoShy, ‏Basmatoute, ‏Aengy, ‏امال ابراهيم ابوخليل, ‏ImaneAlkoush, ‏نور علي عبد, ‏شجن المشاعر, ‏غرام العيون, ‏النصر المبين, ‏لبنى 2000, ‏حبيبيه, ‏Doaa hussien, ‏ريم الشوشى, ‏الأمل واليسر, ‏um habiba, ‏منال سلامة, ‏mango20103, ‏أم نسيم, ‏نسمه فوزي, ‏جلاديوس, ‏zohorat, ‏Solly m, ‏سوووما العسولة, ‏kawthar waleed, ‏Wlaa wlaa, ‏اسماء سلوم, ‏Moon roro, ‏Marwahr, ‏روماالدسوقي, ‏م ام زياد, ‏ملوكه ملك, ‏amana 98, ‏dr.marwaalsokkary, ‏Hader Elsayed, ‏نوراسيد, ‏نعيما, ‏amira hkeem, ‏داليا فريد, ‏مي زيدان, ‏عباد الرحمن3hebashah_1
أدوات الموضوع

[شجن المشاعر]

عمر ده انسان غبي

[امال ابراهيم ابوخليل]

هبه حبيبتي الفصلين في قمه الروعه والجمال ،انتى عملاقه في وصف المشاعر بصدق وإخلاص لانها تظخل اعماقنا ونراها كأنها مشاهد امامنا حيه ،فادى واكتشاف خطئه بزواجه من امانى وعليه وحبها له وسامر وفدوى حب رائع بس ربنا يبعد خالته وداليا عنهم ،تيمور وفريده وحبه وغيرته عليها ربنا يعدى الجاى علي خير بعد معرفه عمر بزواجها ،اما عبدالله ونسمه اه ظن العشق الذي مازال طى القلب لم يعلن عنه ،كريمه يا خرابه امتى مبسوطه،😂
سلمت أناملك على الطرح الرائع والمميز وبانتظار الفصل الجديد من الان ⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩

[Heba aly g]

. الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 272 ( الأعضاء 49 والزوار 223)
‏Heba aly g, ‏ريم الشوشى, ‏HEND 2, ‏غرام العيون, ‏امال ابراهيم ابوخليل, ‏النصر المبين, ‏حبيبيه, ‏Heba Abdallah, ‏um habiba, ‏samah ibrahem, ‏مملكة الاوهام, ‏فاطمة زعرور, ‏روماالدسوقي, ‏eglal Mohammed, ‏الذيذ ميمو, ‏salwa habiba, ‏شجن المشاعر, ‏ياسمين حفنى, ‏Marwahr, ‏Mat, ‏kawthar waleed, ‏همس البدر, ‏NoOoShy, ‏Basmatoute, ‏Aengy, ‏ImaneAlkoush, ‏نور علي عبد, ‏لبنى 2000, ‏Doaa hussien, ‏الأمل واليسر, ‏منال سلامة, ‏mango20103, ‏أم نسيم, ‏نسمه فوزي, ‏جلاديوس, ‏zohorat, ‏Solly m, ‏سوووما العسولة, ‏Wlaa wlaa, ‏اسماء سلوم, ‏Moon roro, ‏م ام زياد, ‏ملوكه ملك, ‏amana 98, ‏dr.marwaalsokkary, ‏Hader Elsayed, ‏نوراسيد, ‏نعيما, ‏amira hkeem
أدوات الموضوع

[Heba aly g]

. يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 322 ( الأعضاء 56 والزوار 266)
‏Heba aly g, ‏Ester kamal, ‏اللؤلؤة الوردية, ‏عاشقة الحرف, ‏rere87, ‏life is fun, ‏asmaaasma, ‏Basmatoute, ‏ملوكه ملك, ‏غرام العيون, ‏shatoma, ‏دانة بسام, ‏الميزان, ‏إدارية, ‏dr.marwaalsokkary, ‏um habiba, ‏Miraljood, ‏أميرةالدموع, ‏HEND 2, ‏امال ابراهيم ابوخليل, ‏النصر المبين, ‏حبيبيه, ‏Heba Abdallah, ‏samah ibrahem, ‏مملكة الاوهام, ‏فاطمة زعرور, ‏روماالدسوقي, ‏eglal Mohammed, ‏الذيذ ميمو, ‏salwa habiba, ‏شجن المشاعر, ‏ياسمين حفنى, ‏Marwahr, ‏Mat, ‏kawthar waleed, ‏همس البدر, ‏NoOoShy, ‏Aengy, ‏ImaneAlkoush, ‏نور علي عبد, ‏لبنى 2000, ‏Doaa hussien, ‏الأمل واليسر, ‏أم نسيم, ‏نسمه فوزي, ‏جلاديوس, ‏zohorat, ‏Solly m, ‏سوووما العسولة, ‏Wlaa wlaa, ‏اسماء سلوم, ‏Moon roro, ‏م ام زياد, ‏amana 98, ‏Hader Elsayed, ‏نوراسيد

[Doaa hussien]

فصل رائع ياهوبة والتفاصيل كلها جميلة بتخليكي تعيشي الموقف فعلا💕💕💕💕
احسنتى حبيبتى ودايما فى تقدم💕💕