آخر 10 مشاركات
قــصـــة قــــســـم وهـــــرة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          كبير العائلة-شرقية-للكاتبة المبدعة:منى لطفي(احكي ياشهرزاد)[زائرة]كاملة&روابط* (الكاتـب : منى لطفي - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          عندما تنحني الجبال " متميزة " مكتملة ... (الكاتـب : blue me - )           »          وانفرطت حبات العُقد ( 1 ) سلسلة حبات العقد * مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Nareman fawzy - )           »          [تحميل] جنون المطر ( الجزء الأول) للكاتبة الراااائعة/برد المشاعر(مميزة) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          فَرَاشة أَعلَى الفُرقَاطَة (1) .. سلسلة الفرقاطة * متميزه و مكتملة * (الكاتـب : منال سالم - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          [تحميل]أبي أنام بحضنك وأصحيك بنص الليل وأقول ما كفاني حضنك ضمني لك حيل|لـ ازهار الليل (الكاتـب : Topaz. - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: أكثر ثنائي أنتم في شوق للإلمام بتفاصيل قصته :
أوس و جوري 48 59.26%
كاظم و تيجان 25 30.86%
غسان و شمايل 10 12.35%
معتصم و رونق 23 28.40%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 81. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree2110Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-03-22, 11:43 PM   #1151

Tuo

? العضوٌ??? » 421877
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 117
?  نُقآطِيْ » Tuo is on a distinguished road
افتراضي


ربنا يسعدك يا حبيبتي ويتمملك علي خير يارب
التحضير للفرح بيبقي لبخه وتوتر ربنا يعينك يارب
اهم حاجه تجبلنا الشيخ عبدالحي وسميه 😂❤


Tuo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-03-22, 11:37 PM   #1152

Tuo

? العضوٌ??? » 421877
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 117
?  نُقآطِيْ » Tuo is on a distinguished road
افتراضي

مفيش فصل الاسبوع ده ولا ايه
رلنا يعينك يا حبيبتي ويسعدك يارب


Tuo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-03-22, 03:08 PM   #1153

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


صل على النبي محمد غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
رد مع اقتباس
قديم 28-03-22, 10:44 AM   #1154

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي





تغلق الرواية لحين عودة الكاتبة لانزال الفصول حسب قوانين قسم وحي الاعضاء للغلق

عند رغبة الكاتبة باعادة فتح الرواية يرجى مراسلة احدى مشرفات قسم وحي الاعضاء (rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065, ebti ، رغيدا)
تحياتنا

اشراف وحي الاعضاء



قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 02-03-23, 07:59 PM   #1155

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء المسك والعنبر.. بطلب من الكاتبة تم فتح الرواية لاستئناف تنزيل الفصول..

ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 02-03-23, 11:55 PM   #1156

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو أن تكونوا في تمام الصحة و العافية ...عدت بعد غياب طويل لأنهي ما بدأته ...
سأنشر لكم أحبتي ما كتبته حتى الآن دفعة واحدة
دمتم في حفظ المولى


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-03-23, 12:06 AM   #1157

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(الفصل الثامن و الأربعون)


"عمي خلدون يريدك"
قالها الفتى بفتور محاولا التحلي بصبر يفرضه احترامه للكبار فتجيبه سعاد دون أن ترفع رأسها عما كانت منهمكة في القيام به "أخبره يا صغيري أنني مشغولة"

يستدير الفتى عائدا إلى حيث مجلس الرجال زافرا أخيرا بنفاذ صبر "إنها المرة السابعة التي أروح فيها و أجيء بينكما ...وكأنني أطوف الصفا و المروة"


لا تعقب سعاد على كلامه ليس لكونها تعذره بل لأنها لمحت خلدون مهرولا إليها وكأنه لم يصبر إلى حين أن يأتيه المرسَل بالجواب فتحوقل هاتفة وقد تصدّع رأسها من فعاله "ماذا تريد مجددا يا رجل ؟"

يهتف بحرص شديد مكررا السؤال عينه دون كلل غافلا أو ربما متجاهلا الضيق البادي على وجهها "أمتأكدة أنت أن ما من شيء ناقص؟ "

فتهمس بصبر عجيب استغربت قدرتها على التمسك به على الرغم من فوران أعصابها "لا ينقصني سوى بعض الراحة فقد صدعت رأسي يا خلدون...لا يعقل أن يشتكي أحد فقد اهتممنا بكل شيء ...امنح لنفسك بعض الراحة و عد إلى مجلس الرجال أكرمك الله"

يتمعن خلدون مليا في ملامحها قبل أن يهمس بحجرشة عاطفية تسبقه دموعه "ابنتي تتزوج"

فتتنهد سعاد تترجاه بخفوت تتلفت يمنة و يسرة ترجو ألا يوليهما أحد اهتمامه "ها قد بدأنا ...ألم تنضب دموعك بعد ...ستفضحنا بعويلك وتجعلنا أضحوكة الحارات"


"لا شيء ناقص إذا" قالها يلاحق بعينين مدققتين ملامحها المتضايقة فتجيبه بخفوت تسبل أهدابها مصغية إلى صوت أخت خلدون القادمة في الرواق تنادي عليها "لا شيء ناقص والله ..امشي فأختك البليدة ترمقني بنصف عين في كل مرة تراني أخرج إليك حتى أني سمعتها تهمس تحدث نفسها متحسرة على ما أوصلتك إليه ..."

يحتد صوته فيشدد على كل حرف قائلا يرمي عينيه صوب الرواق ينتظر ظهورها "وما شأنها ..كم مرة نهيتها عن إزعاجك .. "

تتابع بعينيها نظراته المصوبة ناحية الرواق حيث ظهرت أخته متسائلة عما يشغلهما ثم تدفعه ناحية الباب هامسة بتضرع تخشى أن تأزم زلة لسانها الوضع بينه و بين أخته فتفسد بيديها عرس ابنتها "لعن الله لساني الطويل ...لا أحد يزعجني بقدرك يا خلدون ..اذهب فربما هناك ما يستدعي تدخلك في مجلس الرجال"

يتحمس خلدون وينسى أخته تماما فيما يخرج إلى مجلس الرجال نافخا صدره بإصرار طريف "معكِ حق ..والله أفقع مراراتهم بحسن ضيافتي"

تتنفس أخيرا الصعداء تحمد الله على انسلالها من المصيبة في آخر لحظة كالشعرة من العجين " تعبت والله من مراقبة كلماتي ... مهما قال المرء يساء فهمه ...وحينها لو شققت صدري وأريتهم حسن نيتي فلن يصدقوني"

تهتف أخت خلدون تعاتبها مستهجنة "ماذا تتمتمين عندكِ يا زوجة أخي ..تعالي فلديكِ الكثير لتفعليه وأنا ما عدت بقادرة على القيام بكل شيء بمفردي"

تصغي سعاد إلى رغيها المستمر تكابد لئلا تعاندها وتكيل لها كلماتها المستفزة بالمثل

"رحم الله أياما كنت أحمل فيها الجبال على كتفي ...زوّجت أولادي جميعا دون أن أطلب المعونة من مخلوق ... خانتنا الصحة وغدر بنا الشباب ..الحمد لله على كل حال"

صبر سعاد كان منقطع النظير بينما تستمر في كظم غيظها من المرأة التي بخلاف كلامها لم تفعل شيئا عدا تغيير مريولها بآخر كل ساعة تقريبا
وكأن ما تفوهت به لم يكن كافيا إذ أضافت بخبث ترمقها بنصف عين "تشبعان من بعضكما بعد زواج ابنتك .... عامة ستعيشان لوحدكما حين ترميان بالمسكينة في تلك القرية النائية "

..............................................


"تجاهليهن ...تجاهليهن .."
كانت رونق تهمس في صمت لنفسها تتغافل عن النظرات الفضولية المحدقة مدعية اللامبالاة ..وكأن التأنق محرّم عليها ..أم أن أمها بالغت و جعلتها تبدو كدمية مبهرجة ...وإن يكن ..ليس بقدر تبرجهن ..

شدت ظهرها و فردت كتفيها رافعة ذقنها تسير بخطى ثابتة إلى الغرفة التي دلتها عليها سعاد حيث كانت شمايل تغير ثيابها و تجدد زينتها ..مقررة أن سهرتها البائسة يجب أن تنتهي بمباركتها للعروس مكتفية بهذا القدر من المتعة إن صح تسميتها بذلك أصلا...

ابتسامة حزينة أمالت شفتيها بينما تسترجع ملامح سعاد التي تقلصت ترددا حين طلبت منها أن تريها غرفة العروس ...تردد خشيت سعاد أن يفضح مشاعر هاجمتها دون وعي منها فتلاه ارتباك دارته بضحكة مشوهة أصدرها حلقها المتصلب ..

رونق ادعت عدم الفهم ..وأملت ..أن ينطلي تغافلها على سعاد ..لا لشيء عدا كونها تتفهم إحساسها ..فمن الطبيعي أن تخشى على ابنتها من العين ..كيف لا تفعل ..فمن ذا الذي يصدق أن فتاة جاوزت الثلاثين فقدت كل جميل في حياتها لن تحسد من هن أصغر منها على ما يملكنه بخلافها ..من يصدق أن قلبها الذي يخالونه حسودا حاقدا على هذي الحياة الجائرة قد شبع في الواقع من الدنيا بما فيها فما عاد يبتغي شيئا عدا بعض الراحة و الطمأنينة ليس إلا ...

بعد عدة طرقات استئذان خفيفة كانت تلج الغرفة فتستقبلها شمايل بابتسامة ودودة كعادتها ...لطالما كانت علاقتهما على هذا النحو بحكم فارق العمر المعتبر بينهما ...

كحال الجميع اتسعت عينا شمايل بدهشة لتغير هيأة رونق الملفت قبل أن تبادر هامسة بلطف يشوبه بعض الخجل المصاحب لحمرة خديها وكأنها استحت من ردة فعلها العفوية "تبدين جميلة رونق ..أحببت مظهرك المختلف عما اعتدته منك.."

على الرغم من أنها ألجمت لسانها كي لا تلقي بذلك التعليق الساخر الذي تبادر إلى ذهنها لعدم اقتناعها بجمالها المزعوم إلا أنها قدّرت صراحة شمايل واعترافها الضمني بشكلها المربك فتبادر لتبارك بابتسامة مشدودة "مبارك شمايل ..عسى أن يتمم الله بكل خير"

"وكأني رأيتكِ من قبل؟"
التفتت رونق صوب صاحبة هذا الصوت الناعم الذي بدا مألوفا لأذنيها ملاحظة أخيرا جلوسها بالقرب من العروس

ترتبك لولهة إذ لم تتوقع أن تصادف تيجان هنا ..وتراها على (هذه الحالة المأساوية ) ...غصبا عنها تنتقل نظراتها إلى شعرها المنسدل الحريري المصفف بعناية فتعتصر يديها على الجانبين تمنع نفسها من رفعهما لتلمس خصلات شعرها المستعار البائس ...

لم تقاوم السخرية منها بفظاظة تلوي شفتيها تظنها تتعمد احتقارها تدعي عدم تذكرها "ألن تأتي لزيارة أخيك ..أغششك و أزودك بالعنوان إن كان يرفض أن يطلعك على مكانه"
فتهتف تيجان بنبرة بدت صادقة "أنت الممرضة المتخصصة في العلاج الفيزيائي"

تشعر رونق بذنب فظيع لإساءتها الظن بنيتها إلا أنها تكابر مواصلة ببرود "تذكرتني أخيرا رغم أني لا أنسى ...عل كل حال أعلم أن الشعر المستعار لا يليق بي .."

لم تقاوم استفزاز تيجان قائلة وكأنها تريد أن تكون المسيطرة على مجرى الحوار "لماذا لا تأتين لرؤية أخيك ؟"

تستغرب تيجان وترد ببعض الارتباك "أخبرني أنه يرغب بالابتعاد لبعض الوقت..وأنا أقدر خصوصياته ..كما أنه ..يزورني في الجامعة أحيانا"

لتمطر عليها أسئلة متوالية تبدي انزعاجها المتأخر بعد أن تلاشى ارتباكها"ثم لماذا تحشرين نفسك .. لماذا تتطاولين علي هكذا ...لماذا تعرفين ما لا أعرفه ...ما موقعك في حياته"

رونق كانت بدورها شاردة يدور كل تفكيرها حول معتصم و ما يخصه "لماذا لم يخبرني أنه يزورك ...متى يفعل أصلا ..على أساس أنني أعرف جدوله اليومي المفصل ...ما الذي فاتني أيضا ..عسى ألا يكون قد علق في مصيبة ما مع ابنة عمي الخرقاء ؟"
تتوسع عينا تيجان بينما تتفرج على رونق تكلم نفسها بالمعنى الحرفي للكلمة و كأنها مجنونة وتنهرها بالقول الحاد عاقدة حاجبيها "لماذا يخبرك؟"

فترد رونق دون مماطلة بهدوء تناكفها "لماذا لا يخبرني؟

لتضيف بعدها مؤكدة تحدق مباشرة في تلك العيون المندهشة "ما لا تعلمينه هو أن أخاك معتاد على إطلاعي على كل صغيرة و كبيرة ...أنا أكثر من مجرد متخصصة في العلاج الفيزيائي في نظره"

تتجاهل شهقات تيجان المصدومة و تستمر كجرار بلا مكابح وقد فاضت مشاعرها دفعة واحدة "أنا لن ألعب لعبة العروس المظلومة التي يدهسها أهل زوجها بنبذهم لوجودها في حياة ابنهم ...أنا لن أتنازل عنه مهما فعلتِ ..لذا كلما تقبلتِ الأمر أسرع كلما وفرتِ على نفسكِ و علي الجهد"

قلبها آلمها لرؤية الشحوب الذي اعترى وجه تيجان وتساءلت في صمت ...لماذا قد يكون حدث كهذا خبرا صادما وكأنه حادث سير مميت ...لماذا لم تتلألأ عيناها فخرا بأخيها ممتنة لاختياره ...

تواصل تسبل أهدابها مسلمة بفوات الأوان ..فما عاد هناك داع للكلام الحذر الموزون "تخليت عن كرامتي مرة لأجل من لا يسوى لذا لن يكون صعبا علي أن أفعلها مجددا لأجل من يستحق"

وحين لم تلق غير الصمت ردّا كانت تقول ببعض الحرج دون أن ترفع عينيها عن أصابع قدميها "أرجوك إنسي ما قلته ..فأنا أمر بوضع نفسي معقد قليلا ..أرجو أن تعذريني"

كان وجه تيجان رماديا حين رفعت رونق عينيها صوبها أخيرا فيغضبها الجرح في مقلتيها وتستفزها بردة فعلها الشنيعة كأنها تمثال شمعي فتنساق خلف مشاعرها السوداوية مضيفة "عامة إياكِ و نقل كلامي إليه لأني سأكذبكِ بكل فجاجة"

لتستزيد تعتصر كفيها جانبا تذبحها شهقات تيجان "عامة في حال حاولتِ فعل ذلك ستكتشفين أني قد سبقتكِ و قصصت عليه ما دار بيننا فأنا لا أخفي عنه شيئا"

وقبل أن تمنح لها فرصة الرد كانت تودع بصوت أجوف شمايل التي طأطأت رأسها بحرج متشاغلة بمداعبة أساورها ثم تنصرف وحين انفردت بنفسها خلف ذاك الباب الذي أغلقته عليهما كانت تعتصر جفنيها متأوهة " ما كان هذا؟...ويحي أنا فقدت عقلي رسميا ... ما تلك الفضيحة ...أم أن هذه الباروكة السخيفة تضغط على مخي؟"

يضيق صدرها كارهة الإحباط الذي اعتراها لرؤية رد فعل تيجان ...وماذا كانت تتوقع منها ..أن تتوهج عيناها امتنانا للفتاة المميزة التي اختارت أخاها بعد أن تبارى من أجلها مئات الفرسان ...وهل تلومها إن كانت هي شخصيا قد اندهشت من نفسها ...مصادفتها هنا كانت آخر شيء توقعته ..تماما كما لم يخطر ببالها ولا بالأحلام أن يبلغ بها الجنون أن تقول ما كان ...

ثم ماذا تنتظر منها وهي الغريبة عنها ..بالكاد تعرف عنها شيئا.. إن كان الأقربون ..من يعرفون عنها من التفاصيل الكثير قد خذلوها بدل المرة مرات ..

كانت مشاعرها في تلك اللحظة متشابكة تماما فتصدح من حلقها ضحكة مشوهة و تهمس باختناق غير مصدقة "خطبت نفسي لمعتصم ...وأصبحت رسميا العروس المكروهة المتعجرفة"
..........................................

"معتصم و هذه؟" نطقت تيجان أخيرا بعد أن تبلد عقلها المذهول للحظات فتتنحنح شمايل ترد بحرج "اسمها رونق "

"أعلم ..لستُ أحطُّ من قدرها و لا أحكم عليها جورا " تجيبها تيجان بصوت شارد بعيد ثم تصمت قليلا وتضيف بعد تفكير قصير شارحة "وإن كان أسلوبها الهجومي فجا بعض الشيء .. من يدري ...ربما ..مرت بالكثير لتغدو ما هي عليه .. ولكني لم أتوقع أن ينجذب معتصم إليها"

كان من الغريب على تيجان أن تتعاطف مع أحد ...لم تعتد سوى التفكير في نفسها و كفى ..والحال أن نظرتها تغيرت ..للأمور ..للأحداث و كذلك الأشخاص ...لم يغضبها أسلوب رونق الفظ ...بل رأت فيها بعضا من نفسها القديمة ...رأت فيها ذاك النوع من الشتات الروحي و الإرهاق النفسي... حين لا يعرف المرء ماذا يريد ...أو يخشى ألا ينال ما يرجو ...

ابتسمت تيجان تتخيل وجه أخيها معتصم المبتهج..ووهج عينيه وشقاوتهما التي انطفأت منذ أن حلّ بهم من نوائب الدنيا الكثير...

تختفي ابتسامتها الراضية حين تستوعب أن رونق هذه هي من قد تلون حياة أخيها بألوان بهجة افتقدها فتهمس تلوي شفتيها بغيرة خفية "على كل حال ..تلك حياته ..لن أعارض أي قرار فيه سعادته ..وإن كنت أتمنى له من هي أفضل من أم الخير خاصتكم"

"تيجان " تهزها شمايل هاتفة تنهرها بلطف فتستنكر تيجان و تجيبها ممتعضة بغيرة ظاهرة منفلتة هذه المرة "ما العيب في إبداء رأيي بصراحة .. يا حظها فيك ..وكأني أشتمها لتسكتيني ..إن كان هذا رد فعلك وأنت الغريبة فالله وحده يعلم ما قد يفعله أخي حبيبي لأجلها .. "

" لن تعارضي أي قرار فيه سعادته؟ ..وكأنكِ قادرة على الوقوف في وجهه ..ما تلك السفاهة ؟" تغمغم رونق بخفوت تستشيط غضبا داخليا تعافر مانعة نفسها لئلا تقتحم الغرفة التي أوصدت بابها بيدها عليهما ...

تستدرك نفسها متراجعة إلى الخلف هامسة ترمش بضياع و جزع "حسبنا الله ...منذ متى أصبحت أتجسس على الخلق ...يا ولي الصابرين"

ترتد على أعقابها وتمد كفيها نحو تلك الباروكة القابعة على رأسها "لن أسمح ببقاء هذا الشيء على رأسي ولو لدقيقة واحدة إضافية وليسخر مني من يشاء فلست أبالي"


"انظري إلى ما تفعله الغيرة بالنساء ..اللهم لا شماتة ..العانس المسكينة ..دخلت بشعر و هاهي ذي تخرج من دونه"

تناهى إلى مسمعها الهمس و اللمز حين عادت إلى حيث تجلس النسوة لتخبر أمها أنها خارجة فتنحرف ناحية المرأة التي كادت تحشر فمها في أذن تلك الجالسة جنبها ... تنكش شعرها القصير بيد وتتلاعب بالباروكة التي نزعتها قبل قليل باليد الأخرى وتقف أمامها تكاد تلامس ركبتيها ...

تخفض المرأة يدها عن فمها الذي كانت تداريه بحركة شعبية شائعة وترفع عينيها الخبيثتين إلى رونق مبتسمة كحمل وديع فيما تهتف بمودة خداعة وكأنها لم تكن قبل قليل تغتابها بمنتهى الصفاقة "ما كل هذا الجمال يا بنت حتى أنكِ خطفتِ الأضواء من العروس نفسها .. سنرى طابورا طويلا من العرسان أمام بابكِ اعتبارا من الغد "

تتأمل رونق مليا بجمود تلكما العينين البراقتين وقد تجمّع فيهما مكر نساء الدنيا كلّهن و تقول ببرود " ستكون أمي سعيدة بما أن شغلها أعجبكِ .."

ترفع عينيها إلى شعر المرأة تتأمل الفراغات التي جعلت فروة رأسها جلية للعيان وتمد نحوها الباروكة تواصل بهدوء" أعتقد أنكِ تحتاجينها أكثر مني ...يمكنني أن أخمن فورة غضب أمي في هذه اللحظة بينما أهديك باروكة من أجود ما تملك ... يمكنك اعتبارها كعربون شكر لقاء إطرائك اللطيف على جمالي الليلة"

احتقن وجه المرأة غضبا إلا أنها لم تظهر انفعالها رافضة أن تنصاع لاستفزاز رونق تأبى أن تمنح فرجة مجانية للعيون المراقبة فتمسك تلك الباروكة المعلقة بينهما على مضض و ترسم ابتسامة متشنجة على شفتيها تغمغم بشكر مخنوق تدعي عدم فهم كلمات رونق المبطنة في سعي منها لإصباغ حوارهما ببراءة ظاهرية فإن كان رد رونق وقحا فهي التي بدأت ..و البادئ أظلم...

ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفاه رونق بينما تتأمل كل ما مرّ بوجه المرأة من مشاعر متضاربة وتستدير لتغادر فتسمعها تهمس بخفوت للجالسة جنبها تتعمد أن يبلغها الهمس علّها تفش فيها بعضا من غلّها "سليلة المجانين ..سليطة اللسان كأمها"

فتغمغم رونق محدثة نفسها في خفوت "تركنا العقل لكم ...لا حياك الله"

............................................


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-03-23, 12:06 AM   #1158

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



اليوم التالي ....صباحا ....


مر زمن طويل منذ أن استيقظت على هذه الحالة ...جسمها ثقيل بالكاد تستطيع تحريك أطرافها وكأنها تزن أطنانا ...عضلاتها متشنجة وكأن جرارا مر فوقها ..

سحبت نفسها سحبا من سريرها و استعدت على مضض لتعيش يوما آخر طويلا ...حاله كحال ما سبق من أيامها هذه الفترة ..

تلمح أباها يستعد للمغادرة فتهتف مستغربة "لماذا أنت ذاهب إلى الجمعية بكرسيك القديم يا أبي؟"

يستدير نحوها يجيبها مفسرا يهز كتفيه "بسيطة ...لا أريد أن يحسدني أحد ...وأنتِ أدرى أني محسود من يومي "

ترفع حاجبيها تصارحه قائلة "ظننتك ستستمتع بالتباهي أمام رفاقك"

فيضرب صدره بأنفة "أنا ...أتباهى ..أستغفر الله"

يصرف نظره عنها مضيفا ببهجة خفية مناقضة لعقدة حاجبيه و صوته الخشن "اتبعني يا ولد ...أمامنا يوم حافل بالنشاطات"

تسبل أهدابها تحاول تجاهل حضوره القوي فيما تصغي لضحكته الخافتة... تلك الضحكة التي أيقنت أنها كانت المقصودة بها بدل أن تكون تفاعلا مع تعليق أبيها الطريف ...

استمعت إليهما يغادران النزل فيما يتناغشان بألفة و أريحية أضحت تميز العلاقة التي توطدت بين أبيها و معتصم على نحو عجيب في ظرف قياسي ...

تتأمل أثره بعد اختفائه و تتنهد هامسة بكآبة تناقض نفسها بعد أن كانت قبل قليل ترجو أن يستمر في تجاهلها "لم يقل لي صباح الخير يا أم الخير"


"يا بنت ...كيف حال ابنة عمك المعتوهة؟"
أتاها صوت أم مكتوم متسائلة عما يؤرق رونق مؤخرا فتصرف ذهنها عن معتصم تستفسر منها "هل أتت مجددا إلى هنا ؟"

تهز أم مكتوم رأسها نفيا تقول بنبرة ارتياب "هذا ما يقلقني ...اختفت فجأة بعد أن عقدت صفقة مريبة ما مع مريضكِ"

تستغل سهو رونق في صمت و تهمهم بشبه ابتسامة " مريضكِ الغالي ...العزيز ...عليك ..وعلينا طبعا ...بدأت أعتاد عليه ...حتى أن وجوده بيننا بات من المسلمات"

تتطلع رونق إلى عينيها دون أن تراهما فعليا فعقلها كان يعمل في كل الاتجاهات محللا كل الاحتمالات وقد تصاعد القلق داخلها على نحو جدّي فتظنها أم مكتوم معها على الخط فتلكزها بمرفقها هاتفة بإثارة وقد شقت فمها ابتسامة واسعة "إنه شخص رائع ...تعرفين أن نظرتي صائبة دوما ...قلبي ينبئني أنه سيكون عوضا جميلا حبيبتي "

تنتبه رونق من سهوها ملتقطة آخر عبارة فتضيق عينيها مرتابة " ماذا ...قلتِ...أي عوض؟"

تتلبك أم مكتوم و تلعن في صمت تهورها ثم تهدئ من روعها و تحاول تدارك زلتها فتزيل تلك الابتسامة البلهاء لتبدو مقنعة أكثر بينما تتفنن في تحوير الحديث مستعينة بمواهبها الخرافية في اللف و الدوران "قلت ...قلت أن جارنا عوض الله طرد ابنه جميل من المنزل بعد أن سئم من كونه عبئا عليه رغم أنه يكاد يعانق الأربعين فاستقر عندنا إلى أجل غير مسمى ...يأكل و يلوك بلسان ثقيل يجعل الكسل ينتقل منه إليك متغلغلا في عظامك "دوني عندك في الدفتر ....نتحاسب يوم أقرر العودة إلى البيت " ثم يصعد للنوم في غرفته بشموخ عجيب وكأننا لا نعلم أن والده هو من سيدفع ...وكأنه يملك حق التظلم ...وهل سيلومه أحد إن كان عوض الله قد أمعن في تدليله حتى بات لا يفرق بين الصواب و الغلط ...وماذا سيفعل المسكين فقد رزق بذاك البغل بعد سنوات طويلة من الانتظار ....كان الله في عونه و عوننا"

تتساءل رونق محتارة "لماذا لا أذكر أن لنا جارا اسمه عوض الله ولا ابنه جميل الخمول ...من أين تأتين بهذه الطرائف و أصحابها ؟" فتضرب أم مكتوم كفا بكف ساخرة "على أساس أنك تعرفين كل ساكني الحارات؟"

تجيبها رونق بصدق محتارة "غريب ...ظننتني كذلك بما أني ما تركت مريضا إلا و أسعفته حتى أنك دائما ما تلجئين إلي حين ترغبين في السؤال عن أحدهم بحكم أنني أعرف..."

فتقاطعها أم مكتوم شاهقة بلوعة تضرب صدرها "كل هذا لأني بخلاف العادة أعرف أحدا لا تعرفينه ... اسمحي لي بالفوز عليك ولو لمرة واحدة"

فتتوسع عيناها بدهشة حقيقية و تتهكم بالقول الهادئ "لا أعمل بدائرة النفوس لأتفاخر بمعرفتي لكل البشر ..على الأقل أتقاضى أجرا إن كنت كذلك"

فتضحك أم مكتوم بانفعال توافقها الرأي "معك حق يا بنت ..تغلبينني بلسانك هذا في كل مرة"


"هل أخبرتك يوما أني أحبك ...حتى أني لا أستطيع العيش من دونك" تداهمها رونق على حين غرة مبتسمة قبل أن تنصرف فتختنق أم مكتوم بضحكتها تراقب انصرافها "ما كان هذا ؟"
لتضيف بصوت عاطفي مخنوق باسطة كفها على صدرها "لماذا يؤلمني قلبي إلى هذا الحد وكأنها شتمتني؟"

تمر بها في هذه الأثناء جميلة فتطالعها أم مكتوم بغيرة و تخاطبها بخشونة وقد انفلتت مشاعرها "أنت بالذات لا تملكين حق النظر إلى هكذا ...معتوهة" قبل أن تقرر الانصراف إلى مطبخها


تتأمل جميلة ظهرها مستغربة "لازلت أتساءل كيف استطعت تحمل تقلباتها الغريبة رغم كوني معروفة بقلة صبري...أم أن في الأمر سحرا ما"

ثم ما تلبث أن ترفع صوتها آمرة بحدة "حضري لي فنجان قهوة حالا"

فتتذمر أم مكتوم مبرطمة "حاضر ..حاضر ...وعلى من تتسيدين يا متسلطة ...على أم مكتوم طبعا ..على أم الغلابة ...حسبنا الله "

"أنا أسمعكِ بالمناسبة" تهتف جميلة بحزم طريف فتهز أم مكتوم كتفيها تجيبها بلا مبالاة تلوح بيدها " وما الهدف من كلامي إذا لم تسمعيه؟"
"يا بنت ..كفي عن استفزازي فلا رغبة لي في تحمل دلالك اليوم بالذات ... إليّ بفنجان قهوتي لعلي أستعيد تركيزي فقد كدت أحرق شعر المرأة قبل قليل" تهتف جميلة المحبطة منذ الأمس كما يحصل معها في كل مرة تتزوج إحدى فتيات الحارة ...

أم مكتوم كانت بدورها في قمة غيرتها استمرت متبخترة في طريقها إلى المطبخ فيما تردد بدلالها الطريف"بلى حبيبتي ...تتحملينني ..تماما كما أتحملك"


..........................................


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-03-23, 12:07 AM   #1159

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



قرية الجبل الأسود ...دار الشيخ عبد الحي

"لا تؤاخذيني يا ابنتي ...ما زدتكِ إلا إرهاقا بمرضي هذا ...نغصت عليكِ أيامكِ الأولى في بيت زوجكِ" تنساب الكلمات بشق الأنفس من بين شفتيها المطبقتين فتعاجلها سمية بلطف "معاذ الله خالتي ..تعبكِ راحة ...تكسرين خاطري بقولكِ هذا"

تبتسم الشيخة حفصة و تهمس ممسكة بكف سمية و قد برقت عيناها المرهقتين "كلما أراكِ ينشرح صدري ...أحمد المولى على عوضه الجميل الذي رأته عيناي قبل أن ألاقيه ... عسى أن يديم نعمته عليكما و يبارك فيما بينكما"

ثم تستزيد بضغطة مشجعة من كفها "عودي إلى جناحكِ بنيتي و استعدي لملاقاة زوجكِ فهذا وقت عودته ...إن احتجت أمرا أنادي على الخادمة"

فتغطيها سمية بحرص شديد و تشدد موصية الخادمة لتنصرف بعدها موصدة الباب خلفها بلطف بالغ فتلاقي آمنة التي كانت آتية للاطمئنان على صحة زوجة عمها التي تدهورت مؤخرا ...

تحييها سمية بخفوت ثم تسبل أهدابها تتجاهل تحديقها الممعن إلى ملامحها كما تفعل في كل مرة تصادفها فيها ...

لن تنكر سمية أنها لم تتوقع منها هذا الهدوء وإن كان مريبا ...شهدت بعينيها حقدَها على جوري و بغضها الشديد لها فخشيت منها على نفسها وإن كان موقعها مختلفا كونها لن تقاسمها زوجها إلا أنها خمنت أنها ستعاملها ذات المعاملة ما دامت عمة جوري ...

الحق يقال فقد خالفت توقعاتها إذ لم تحاول أبدا أذيتها ... تعاملها وكأنها غير موجودة إذ لم تحاول يوما مخاطبتها ولو بكلمة واحدة ولكنها لا تنفك ترمقها بنفس النظرات الصامتة...خالية من أي حقد أو ازدراء ...فقط نظرات عميقة ...غامضة لا تنم عن شيء ...

"ألم تسأمي بعد من الاهتمام بها وكأن جناحها لا يفيض بخادمات كل عملهن هو رعايتها ؟"
انعقد لسان سمية لولهة فقد أدهشتها آمنة بما لم يكن في حسبانها وهاهي ذي تكلمها أخيرا فكانت تجلي حلقها و تحاول أن ترد بنبرة عادية وكأنه ليس أول حديث بينهما "في الواقع ...أنا أحب صحبتها "

ضحكة قصيرة صدح بها حلق آمنة التي استطرد بصوت أجش و قد سرحت عيناها الحادتين "من يلومكِ؟..لسانها كالبلسم على الجرح ..لطالما نجحت في إطفاء تلك النيران التي كانت تستعر في داخلي .."

تصمت قليلا ثم تستزيد بنبرة معذبة "والحال أن الأمر لم يعد مجديا ...ربما خمدت تلك النيران ...ولكنها خلفت الكثير مما يستحيل إصلاحه ...أنا ميتة على كل حال ...أنتظر أوان دفني ...لولا أنه سبحانه حرم قتل النفس التي خلق لما استزدت ثانية أخرى على هذه البسيطة"

تنفلت مشاعر سمية التي شهقت ملتاعة "ما هذا القنوط بالله عليكِ ...أبناؤكِ يحتاجونكِ ..أحفادكِ ...لماذا تقبرين نفسكِ هكذا ؟"

يتراءى بين عينيها منذر الذي حمل زوجته و أبناءه و استقر بعيدا عنها إذ لم يعد يحتمل التطلع إلى وجهها ...ربما ينبغي أن تكون له شاكرة إذ لم يفضحها أمام بقية إخوته فأبى أن يجيب على تساؤلاتهم و إلا لكانوا نبذوها جميعا و كرهوها كما حدث معه ..والحال أن ستره لها زادها عذابا فلو فضحها لكان أهون ..لارتاح ربما لرؤيتها تنال على مرآه ما تستحق من نبذ ..ولأراحها مما هي فيه من عذاب الضمير ...

طالعت وجه سمية و أمارات التوتر التي اعتلته بعد أن شعرت بتسرعها في إلقاء النصيحة فكانت تتنبه إلى زلة لسانها و إسهابها في الحديث عن نفسها ...فتغير مجرى الحديث متسائلة "كيف وجدتِ الحياة مع أخي ؟"

لم يكن سؤالا يحتاج إلى جواب وقد فهمت سمية هذا فعزفت عن الكلام مسبلة أهدابها فتتأملها آمنة بحسد مفكرة ...ماذا فعلت في حياتها لتحظى بزوج كأخيها ..لتظفر بشيخ الشيوخ ...

تساءلت كثيرا ..وجن جنونها وقد تأججت الغيرة في قلبها المعطوب حين علمت بما ينتويه أخوها ..
كيف يعقل أن يفطر بعد صوم طويل على من قاربت الإياس ...ماذا رأى فيها ليفضلها على الأبكار الحسان اليافعات

باتت تمقت عجزها أمام الحيوية التي تتمتع بها سمية ...لا تفهم أنى لها هذا التفاؤل ..هذا النشاط ...هذه الوداعة ..و الهدوء ..و الصفاء ..أمور ولا بد أن عبد الحي قد رآها فيها بعد أن أضنته الحياة طويلا ...

تواصل آمنة بذات النبرة الحادة تمطرها بالمزيد "لماذا تتعبين نفسكِ بالطبخ وأشغال الدار...كرّسي وقتكِ كله للاهتمام بأخي ..والاستعداد كما ينبغي لإراحته "

تجيبها سمية ببساطة تحاول مداراة توترها " أحب أن أطعمه من يدي"


فتصر آمنة على موقفها رافعة ذقنها "لا تشغلي بالك فالخادمات أدرى منك بما يحبه و يشتهيه ...أولى بكِ أن تهتمي بما يسر عينيه و يبهج خاطره"

كان بإمكانها أن تخبرها أنه أضحى يفرق بين طبخها و طبخ الخادمة ..حتى أنه بات يطلبه ..بل و ينتظرها أن ترفع اللقمة بيدها إلى فمه فيتقبلها مبتسما بدفء و يأكل بتأن يقص عليها الكثير من نوادره و طرائفه ..ليحمد الله على نعمه حين يشبع و يصر على حمل الأطباق بنفسه إلى المطبخ ثم يجلس و يراقبها بينما تغسلها ...

حدسها أنبأها أن معرفة هذه التفاصيل لن تزيد آمنة سوى حرقة و قهرا فتجيبها مبتسمة بصدق "شكرا على النصيحة فأنتِ أدرى مني بهذه الأمور"


ربما في ظروف أخرى كانت لتعتبر كلامها هذا مهانة و مذلة فلم تنجح آمنة يوما في إرضاء زوجها الذي تزوج عليها عشرات المرات سرّا و جهرا إلا أن الصدق في صوت سمية أكد لها أنها لم ترمي نحوها كلاما مبطنا ...

والحال أنها لم تستطع التحكم في غيرتها فالانسجام بين أخيها و امرأته واضح للأعمى فيغلبها كبرياؤها فتسعى لتحفظ ما تبقى من كرامتها التي أراقها عباس بكل ما تيسر له من سبل تقول بخفوت مشدود "صدقتِ ..فأنا منكِ أدرى"


"هل يزعجك اهتمامي بزوجة عمك ...لن أتردد كثيرا على جناحها إن ضايقك هذا؟"
داهمتها سمية بسؤالها الغريب فتجيبها باحتدام تبتلع ريقها "ولماذا قد أنزعج ...افعلي ما تشائين؟"

تتشجع سمية أكثر و تغور في الأعماق مجازفة "أعلم أنكِ مررت بالكثير ..ولأصدقكِ القول ...يحزنني حقا ما عايشتِه و ما أراكِ فيه من قنوط لا يجوز لكِ الانغماس فيه ...لديكِ أبناء صالحون ..و أحفاد رائعون ينبغي أن يبهجوا أيامكِ و يشغلوا كل مشاعركِ...اعذريني إن تطفلت على خصوصياتكِ ..لم أستطع أن أغض الطرف عن هدركِ لحياتكِ على هذا النحو المؤسف ..."


تبتسم آمنة بقسوة تجيبها بما استخلصته من نوائب الدنيا و أحوالها المتقلبة "و لماذا أغضب منكِ ..أفهم مكمن شعوركِ هذا ..من الطبيعي أن تتفاءلي هكذا و تطيري فوق السحاب إن حظيتِ بزوج كأخي يقع عليكِ من حيث لا تدرين بعد أن تقدم لخطبتكِ كل من ترمل و تطلق من الرجال..بعد أن قاسيت النبذ في دار أبيكِ فمن لا يعرف حدة طباع أمكِ ...لا أتمنى لكِ الشر ولكني أتساءل بحقٍّ على أي حالٍ ستكونين إن عشتِ يوما ما ربع ما عشتُه "


سمية التي توقعت ردّا جلفا منها كانت تقول بهدوء "لا أدري ماذا أقول سوى أننا مختلفتان عن بعضنا كليا ..لا يمكنكِ أن تفهميني مهما حاولتِ...عمتِ مساءً"

"سمية"
تلتفت سمية صوبها بعد أن أولتها ظهرها مغادرة ...كانت أول مرة تناديها فيها باسمها فتطالعها فيما تتحدث بعصبية "لا أحب مغالاتكِ في لطفكِ معي ..لا تخشي على نفسكِ مني ..أنا لم أؤذي من شاركتني زوجي و نغصت عيشتي فلماذا قد أفكر في أذيتكِ؟"

تتسع عينا سمية ذهولا فتنهرها آمنة بالقول مستنكرة "لا تتظاهري بجهل ما أرمي إليه ..تحاولين اتقاء شري و جنون غضبي فتسعين إلى إيهامي بأهميتي ... بأني سيدة هذه الدار وأنا أدري أني لست كذلك...تصرفي كزوجة الشيخ ...سيدة داره ...الآمرة الناهية التي تفرض احترامها بما يليق بمقامها و دعكِ مني فلن أضركِ كما لن أنفعكِ"

ترميها سمية بابتسامة دافئة و توضح بخفوت قبل أن تنصرف "أنتِ واهمة يا آمنة ..كل ما هنالك هو أني أحترمكِ ...فأراعي مشاعركِ و أقدر ظروفكِ ...لست أتقي شركِ حتى و إن خفت منكِ بعض الشيء ..هذه هي سمية بنت الحاج عبد العليم ..و ستتأكدين من كلامي هذا مع الأيام ..فالعشرة تعري دواخل البشر"

فتهمس آمنة مخاطبة نفسها تنظر في أثرها "كلامكِ عليكِ شاهد ...العشرة تعري دواخل البشر.."

............................................



يدخل عبد الحي جناحه بعد يوم طويل حافل فتتسلل إلى أنفه مباشرة رائحة البخور ككل يوم منذ زواجه منها ...

تعرف تماما كيف تبخر المخدع بما يريح عقله و روحه على حد سواء ... حتى أنه بات يتشوق لتنشق رائحة مختلفة كل ليلة ...تزكم أنفه و تنسيه سابقاتها .. ثم تتسلل إلى أعماقه فتثير كل حواسه و توقظ كل أحاسيسه فيتطلع إلى السكون في حضنها ...إلى الاستماع إلى أحاديثها المريحة على الرغم من كونها لم تتجاوز بعد ارتباكها في حضرته فتتعثر الكلمات في فوضى رقيقة على شفتيها المرتعشتين معبرةً عن جمال متفرد في روحها ..ربما لم يطلع عليه أحد سواه ..

رآها تقف بانتظاره مبتسمة كعادتها ...تلك البسمة الدافئة المختلجة ...لطالما استطاع رؤية ذاك الحزن الذي تسعى لتداريه خلف تلك البسمة ..ولكنه يغض الطرف صابرا عليها يبتغي منها أن تقترب منه بنفسها ..أن تركن إليه و تكاشفه بما يشغل بالها دون مواربة ...وإن كان يملك فكرة مسبقة دون الحاجة بها للبوح ...

وبخلاف الشجن الذي اعتاده منها كان يلمس ذاك الألم الذي لمعت به عيناها الدافئتان حين لاقت عينيه الحادتين بالفطرة ثم ما لبثت أن أسدلت رموشها كعادتها هامسة بخفوت "أهلا بعودتك إلى دارك شيخي"

توقف منذ فترة عن تنبيهها على مناداته ب(شيخي) ...مكتفيا بسماع اسمه المجرد من بين شفتيها اللاهثتين في أوج لحظاتهما معا ...حين تنمحي كل المسافات ..و تختفي كل التحفظات ..فقط مشاعر قوية تغذي قلبيهما ...ولهاث حاد يتمازج بهمسات ناعمة وأخرى مجنونة مسيطرة ...


يدنو منها يلاقيها فيما تهرول نحوه و تمد كفيها في حركة اعتادها منها تساعده في إزالة ثيابه لتعلقها ثم تمده بملابس البيت فيما تسأله باهتمام عن مسار يومه ...

تراقبه سمية متجها إلى الحمام ليتوضأ ريثما تنصب الخِوان وترص فوقه الأطباق بعناية ثم تتربع بانتظاره لتطعمه بيديها لقمة بلقمة ...

أمر ثقُل على قلبها الليلة بقدر ما أسعدها في ما مضى من ليال قليلة جمعتهما منذ زواجه منها ...

شعور كانت أدرى بمكمنه ...فما قالته آمنة لم يكن ليؤثر في نفسها لولا ذاك الإحساس الذي راودها ومازال منذ اللحظة التي أسمعته فيها القبول ...

فآمنة لم تفعل شيئا سوى تعزيز عدم ثقتها بنفسها وإحساسها الدائم بعدم الأمان ...بأنها غير كافية لعبد الحي ..حتى أن تلك الأفكار السلبية غارت عميقا في جوفها فرفعت الغطاء عن ذاك الشعور الذي منعت نفسها عنه طويلا فكانت ترفض مواجهته في كل مرة تأبى أن تسمح لعقلها بالانجراف إلي حيث أحكمت عليه الإغلاق ...أيعقل أن يملّ منها يوما ..ويتأكد أن حياته معها لن تكون سوى باهتة عديمة الذوق ..أيمكن أن يأتي يوم تتعب فيه و تستسلم معترفة بعجزها عن مجاراة الشيخ ..لماذا تشعر أصلا وكأنها تسابق الأيام لإسعاده ...

تنهدت تعتصر جفنيها وقد أضنتها هذه الحرب التي تخوضها ضد عدو تجهله ..

"أراكِ مشغولة البال هذه الليلة ...أكثر مما اعتدته منكِ!"
فتحت عينيها على صوته المتعجب وقد نجحت في كبح تلك الشهقة التي كانت تتوق لتغادر شفتيها ثم التفتت نحوه هامسة بارتباك بعد أن أدركت أنه لاحظ انشغال بالها الدائم ...منذ زواجهما!
"وماذا قد يشغل بالي يا شيخي ..فلا شيء ينقصني في كنفك ولله الحمد و الشكر؟!"

يتأمل تلجلجها مليا ثم يهمس لائما يحدق مباشرة في عينيها المرتبكتين "عاتب على نفسي أنا إذ لم أكن عند حسن توقعاتكِ"

تبسط سمية كفها على صدرها شاهقة دون أن تفقه من كلامه المبهم شيئا "معاذ الله يا شيخي ما هذا الكلام ؟"

يستطرد عبد الحي بهدوء موضحا فيما يواصل التطلع إلى وجه سمية الشاحب حيرة و تشوشا "خِلتُ أن لهفتي إليكِ في عيني ظاهرة ..وسعادتي بحومكِ حولي في صوتي بادية ..واكتفائي منكِ في ضحكتي متجلٍّ... ظننتُني أهلا لتعزيز ثقتكِ في نفسكِ دون الحاجة بنا للحديث فيما قد يجرحكِ أو يحرجكِ ..والحال أني فشلت في إرضائكِ رغم أني بذلت كل ما في وسعي لجعلكِ مركز اهتمامي و أولويتي ما إن تتخطى قدماي عتبة باب مخدعي"


أنخرس لسانها للحظات غير مستوعبة انقلابَ الأمور هكذا ليغدو هو من لا يرقى لتوقعاتها لتنطق أخيرا متلعثمة "والله ما كان ما تقول يا شيخي!"

لا يرحمها عبد الحي و يواصل مفسّرا مصرّا على رأيه "لماذا إذا كل هذا الاضطراب و الانشغال بوساوس شيطان رجيم تبعدكِ عني فتكونين بقربي كجسد بلا روح ...لا أقول قولي هذا تقليلا من شأنكِ سمية فأنا عادة طويل النفس ..بوسعي أن أصبر عليكِ وأسايركِ إلى أن تتخلصي من شكوككِ التي باتت تنكد عليكِ و علي دون أن تدركي ..وهذا ما انتويته بيني و بين نفسي ..إلى أن اكتشفت أني معكِ بخلاف طبيعتي قليل الصبر ...تواق لأرى ما أنتِ عليه دون هذا الضباب القاتم الذي سمحتِ له بالسيطرة على عقلكِ ...متشوق لأراكِ واثقة من نفسك كما يليق بكِ ...عطاؤكِ يسحرني رغم وجود ما يحجبكِ عني فكيف به إن زال هذا الحائل .. !"


مازالت مبهوتة لا تدري بماذا تقابل حديثه هذا فتتطلع إلى وجهه الهادئ بخلاف انفعالها وكأنها تتأمله لأول مرة تهمس بنبرة صادقة مختنقة وقد تغرغرت عيناها بالدموع "أنا ..لا أدري ماذا أقول"


يبتسم بدفء لعينيها التائهتين و يضيف بصوت عاطفي آسفا لأجلها "طريق الوساوس محفوفة بما يُذوي الروح و يُذبِل القلب ..فسدّيها و استريحي ..خذي بنصيحة عارف مجرّب..أراكِ استغربتِ كلامي ...أنا أيضا بشر سمية ..أداري خلف قوتي هذه نفسا ضعيفة يصيبها ما يصيب عامة خلق الله"


يواصل مراقبا انهمار دموعها الصامتة على خديها يعاتبها برقة يفتح عينيها على ما كانت عنه غافلة "ربما لم تدركي بعد مبلغ إيلامكِ لي .. أنتِ هكذا لا تقللين من قيمة نفسكِ فحسب .. أنتِ تشكّكين بمدى تمسكي بكِ بل و بمفهومي عن الحياة عامة ...و الزواج خاصة وكأنه ليس ميثاقا غليظا "

بدا كل كلامه منطقيا في الصميم ... وتحولت فجأة كل تلك الأفكار السوداوية التي استحوذت على عقلها إلى سراب أخجلها تغلبه عليها بمنتهى السهولة ...

ترخي رموشها مكفكفة دموعها هامسة بحرج بليغ " والله لا أدري فيم كنت أفكر ..و لا كيف أوصلني تفكيري إلى هذا الحد ..."

فيطبطب على قلبها ببلسم كلماته مواسيا "هوّني عليكِ فأنا أعلم أن الانجراف سهل إذا ما فُتِح الباب ..."


"أنا آسفة إن آذيتك شيخي ..أنا ..." تغمغم تخنقها العبرات فيعاجلها مبتسما "بل آذيتِ نفسكِ سمية ...لا داعي لقول المزيد فأنا أفهمكِ ..كل ما أرجوه منكِ هو أن تتعلمي مقاسمتي مكنوناتكِ مستقبلا فمن يدري ما قد أزيحه عن كاهلكِ "

انخرطت في بكاء حار فيضمها إلى حضنه مطبطبا على ظهرها هامسا بين الفينة و الأخرى بكلمات رقيقة في أذنها مواسيا ...لبثا على هذه الحال طويلا إلى أن همس بلا مقدمات "استعدي لنذهب غدا لنخطب جوري لأوس"

تتوقف عن النحيب فجأة و ترفع رأسها عن صدره تتأمله مصدومة فيضحك ملئ فيه قائلا "والله كنت أعلم أنكِ ستتوقفين عن البكاء"

تستمر في التطلع نحوه منقطعة الأنفاس غير مستوعبة فيبادر بالقول الخافت "ألم تفرحي ؟"

تفتح عينيها على وسعهما هاتفة "أوس و جوري ...منذ متى ؟"

فيخطف قلبها بضحكته الصاخبة التي اتسع لها فمه حتى بانت نواجذه "ما رأيت أحدا في حياتي قط نائما على أذنيه كحالكِ ...وكأنكِ لم تعيشي في بيت أبيكِ أزيد من أربعين عاما !"

"واثقة أني لم أفوّت أمرا غير هذا" هتفت معترضة وقد احمرت خدودها استحياء من عبد الحي " لتضيف بعدها بنبرة حزينة "عتبي عليكِ يا جوري ...تخفين عني أمرا جللا كهذا ..والله أخذتُ على خاطري منها"

فيعقّب مستفسرا منها "أأفهم من كلامك أنكِ لن ترافقيني غدا ...أم أنكِ تعترضين على هذه الزيجة؟"

تتوهج عيناها فرحا خالصا بعد أن استغرقت بضع لحظات لتستوعب و تقوم من مكانها هامسة بنبرة متحجرشة "ولماذا أعترض؟ ..أوس زينة الشباب ...أنهض حالا لأختار ما سألبسه غدا"

وقبل أن يجرفها الحماس أكثر كانت تتريث و تهمس ببعض الملامة "لماذا أخفيت الأمر عني عبد الحي..إنها ابنة أخي عبد الحي ...كيف تقصيني هكذا ؟"



اثنان عبد الحي في جملة واحدة .. قلبه خفق غبطة إلا أنه عزم على المداراة فعفويتها هذه ناذرا ما يراها منها إذ يغلبها طبعها الحذر الحَيِيّ معظم الوقت ...

يجيبها مبررا يجبر خاطرها المكسور "لوثوقي بعجزكِ عن حفظ السر ...كنت متيقنا أن فرحتكِ ستفضحنا ..وكما تعلمين خطوة حساسة كهذه بحكم ما كان لا ينبغي أن يدري بها مخلوق قبل حدوثها وإلا فإن الوضع سيتعقد أكثر"


تتوهج عيناها فرحا و تهمس برجفة هزت أوصالها تأثرا "والله أنت محق ..يا ويلي لا أدري ما أفعله بنفسي من فرط فرحي ...قلبي معك يا حبيبتي ... "

يذوب قلبه أكثر في تفاصيلها و يسحره طبعها اللين ... لا تطلب الكثير و لا ترجو المحال... إقناعها سهل وإرضاؤها أسهل ...حتى وإن اعترضت على أمر ما تتراجع بمنتهى اليسر بعد أن تسمع منه ما يطيّب خاطرها ...

تهتف فجأة بلوعة شاهقة وقد تذكرت أمرا جللا "أمي ...يا ويلي ..ماذا عن أمي ...كيف وافقت ..هل هي بخير ..لا أظنها تقبل .."

نهض من مكانه وأمسك بكفها بين يديه وقال مهدئا من روعها "على مهلكِ سمية ...أمكِ بخير ..سترينها غدا بأم عينيكِ "

وحين لمح حيرتها وتساؤلاتها الصامتة في عينيها بعد أن استكانت كان يضيف "أمكِ تغيرت كحال كل البشر ..أو ربما استسلمت لتصاريف القدر وأدركت أن المكتوب وعد لاحق يغدو حين يشاء المولى سابقا"

يبتسم لعينيها المترقرقتين ويهمس متأثرا "جلبتُ معي بعض الخيارات ...انتقي ما يعجبكِ"

فترد ملتاعة دون أن تحيد بطرفها عن دفء مقلتيه"لكن كل أثوابي جديدة ...لماذا كلفت نفسك؟"

تبرق عيناه مشددا على كل حرف بنبرة عاطفية فخورة "لا شيء يغلى على الغالي ...لا أرضى أن تكون زوجتي أقل من ملكة متوجة " ثم يضيف بينما يشد كفها يسحبها خلفه"تعالي وانتقي ما تشائين "


تتأمل ظهره على مهلها مستسلمة للحظات قليلة لتقرر الإقدام على خطوة مجنونة غير مسبوقة فتشدد على كفه وتقاوم سحبه لها فيلتف ناحيتها متسائلا في صمت "هل يمكنني أن... أختار ...فيما بعد؟"همست بسرعة قبل أن تخونها نفحة الشجاعة التي راودتها ...

فاجأته بحق إذ لم يتوقع منها أن تبادر ...على الأقل في الوقت الحالي ..فيسحبها نحوه وقد فاضت عيناه حنانا فياضا غمرها كليا قبل أن يهمس بحرارة
"أوتسألين؟"



انتهى الفصل الثامن و الأربعون


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-03-23, 12:08 AM   #1160

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(الفصل التاسع و الأربعون )


تتطلع زاهرة بعينين دامعتين إلى ابنها بينما يقفان عند عتبة الباب ...كلاهما يدركان أن خروجهما من ذاك الباب سيغير كل شيء ...ليس في حياتيهما فحسب وإنما سيطال التغيير الكثيرين ...

تأخذ زاهرة نفسا عميقا و ترفع كفها المرتعشة تبسطها على صدر وحيدها فيتلقفها و يقبلها بعمق عاطفي ....

راقبته في صمت منذ أن انتقلا معا إلى دارهما الجديدة في هذه القرية البعيدة عن المكان الذي أمضت فيه أربعين عاما من حياتها في كنف الحاج عبد العليم ...

لطالما سلّمت بارتباطها الأبدي الوثيق بتلك الدار ...حيث تقاسمت مع زوجها حلو الأيام و مرها ..حيث صبرت و ترجت و دعت و بكت ...حيث فرحت بقدوم نور عينها و فرحة عمرها أوس ...حيث فارقت رفيق دربها ..

والحال أن الظروف القاهرة التي عاشتها مؤخرا جعلتها ترمي كل ذكرياتها خلفها بسهولة فكانت تتبع ابنها دون تردد إلى هنا ..حيث عزما افتتاح صفحة جديدة ..

ربما أضحت الحياة هنا أسهل و أفضل ...يجمعهما سقفهما الخاص على أرضهما الخاصة ..حيث تزرع بحب كل ما يخطر ببالها فترعى نباتاتها و تراها تنمو يوما بعد يوم في انتظار أوان القطاف ..

أوس بدوره بات يرعى شياهه الخاصة بعد أن كان مجرد خدام بسيط في عنقه معلقة مسؤولية كبيرة و أمانة وجب عليه حفظها لأصحابها ..حتى أنه اعتمد غلاما ليعاونه في أوقات غيابه حين يذهب لتفقد أعمال الشيخ عبد الحي في هذه القرية كما أوصاه ...وكم يشتد عليها الضيق حين يغيب عن ناظريها تخشى يوما يعود فيه مصابا فتعاود عيش تلك الأيام الشداد مجددا ...أو ربما أسوء ..

كان يبصر قلقها هذا في عينيها حين يعود كل مرة فيأسف لحالها و يؤنبه الضمير في صمت فيضمها إليه بقوة يتشممها و يعتذر بخفوت هامسا في أذنها ثم ينصرف غير قادر على مواجهة عينيها ...


نطق أوس أخيرا يخرجها من شرودها "أماه ...أعلم أنك كنت تحاولين تمرير أيامك بسلام ساعية لتصديق أننا بخير هكذا ...أن هذا اليوم الذي انتظرته أنا مازال بعيدا ...أو أنه لن يأتي أبدا كما كنت تأملين إذا ما حدث و غيرت رأيي ...كلانا تهرب من هذا الموضوع كثيرا ..و لا معنى لهذا التجاهل خصوصا و أننا مقدمان بالفعل على ما تجنبناه بما يكفي"

فن التجاهل يكون مريحا أحيانا لكل الأطراف ...الإقرار بأمر ما في قرارة النفس دون الجهر به يكون مهدئا للروح ...فما الجدوى من حديث لن يكون سوى مثارا لمخاوف ووساوس لا تغير من الواقع شيئا ... وهذا ما كان عليه الوضع بين أوس و أمه ...حتى أنه لم يقل سوى عبارة واحدة حين توصل و عبد الحي إلى ما ينبغي فعله (آن أوان قطافها أماه) فاقتصر ردها على قولها على الرغم من خيبة الأمل التي ارتسمت على محياها (توكل على الله بني فهو حسبك وأنا بلا شك خلفك مهما عصفت بي المخاوف ...مهما نحرني الذعر) لتعانقه بعدها عناقا طويلا تنتحب بحرقة ...

تأملته بحنو قائلة بغصة سدت حلقها "أحيانا يكون الصمت أبلغ تعبير بني ...لم أجد ما أقوله لأواسيك به ...كما ..أني لا أملك ما يكفي من الجهد لأشد به أزرك كما ينبغي فاعذرني ...فقد أضحيت ضعيفة أحتاجك أكثر من أي وقت مضى ...غير قادرة على الخوض في أمور عسيرة أرى أن إتيانها لا طائل منه ...لاسيما وأننا نجهل نتائجها ..و عواقبها ..."

يتفهم موقفها و شعورها فقلب الأم هكذا يميل إلى ما فيه سلامة أبنائها و أمانهم حتى وإن كان ذلك خلاف أمانيهم و رغباتهم فيهمس بأسف حقيقي و نبرة صادقة معبرا عن تخبطه و صراعه الطويل مع نفسه ومع ظروفه ...صراع حانت لحظة حسمه "أنا حقا آسف أماه ...أشعر أني أناني بإقدامي على خطبتها ..ولكني سئمت العيش بين نارين ...أتعبني التفكير ..وأضناني المنى ..ولست أرجو سوى وضع حد لهذا العذاب ..وغلق باب ظل مفتوحا لوقت طويل"


تهز رأسها موافقة قبل أن ينهي كلامه وتحاول التخفيف عنه تعاجله بالقول بعينين لامعتين "أعلم حبيبي ..أعلم ..أنا معك في كل حرف قلته ...وجب عليك أن تجازف و تسارع لخط النهاية بدل العيش بمنتهى الجبن في الظل ...لن أنكر أني جزعة ...ولكني فخورة بك ..وبرغبة في التمسك بآمالك ..وباستحقاقك لما تتمناه بعيدا عن أعراف مجتمعنا و قوانين مسنونة من ظلم و احتقار ...إيمانك بالله و ثقتك في حكمه تكفيني بني ..وتجعلني أتبع خطواتك معصوبة العينين"

يتنهد بعمق هامسا بأمل يخشى التصديق "أتظنين أمي أنني ..."

فتقاطعه بلوعة مرددة رافعة كفيها إلى السماء "يا رب ...يا رب"

يحتوي أوس كلا كفيها و يهمس بحجرشة "هل نذهب يا أم العريس ؟"

فتبسم تنساب دمعات رقيقة من مقلتيها "سمّ بالله يا عريس قبل أن تتخطى قدماك عتبة بابك ...وبابها .. "


.............................................




يتبع على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t468707-117.html



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 03-03-23 الساعة 11:46 PM
ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:48 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.