آخر 10 مشاركات
أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          قساوة الحب - أروع القصص والمغامرات** (الكاتـب : فرح - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          عاشق ليل لا ينتهى *مميزة*,*مكتملة* (الكاتـب : malksaif - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          وَجْدّ (1) *مميزة** مكتملة* ... سلسة رُوحْ البَتلَاتْ (الكاتـب : البَتلَاتْ الموءوُدة - )           »          485 - قلب يحتضن الجراح - كارا كولتر ( عدد جديد ) (الكاتـب : Breathless - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          5 - الرجل السراب - جانيت ديلي - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : gasmin - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: أكثر ثنائي أنتم في شوق للإلمام بتفاصيل قصته :
أوس و جوري 48 59.26%
كاظم و تيجان 25 30.86%
غسان و شمايل 10 12.35%
معتصم و رونق 23 28.40%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 81. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree2110Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-08-20, 11:21 PM   #201

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



"الفصل الرابع عشر"


"خطبتُ منه تيجان...ووافق "

لابد أنه يمزح .. !

هكذا فكرت نادين أو ربما هذا ما أرادت تصديقه حفاظا على توازنها العقلي لحظة نقطه تلك الكلمات القليلة بصوت قاطع بتار كحد السيف اخترق أذنيها متخللا أعماق روحها ليزيدها تقلقلا على تقلقلها ...

بهوت لم يدم طويلا إذ سرعان ما احتدمت عيناها التائهتان على ملامحه المتصلبة
تبحث عن مكان لها بين تلافيف نظراته العميقة ..فلا تجد لها مستقرا ولا مستودعا ...
فتوقن أنها ستظل مسافرة تحمل رحالها فوق ظهرها مستمرة في ترحالها المضني ...
ستظل متقلبة ما بين مخافة و أخرى ...
ما بين ضياع و آخر ...
ويمضي بها قطار العمر وقد فقدت في طريقها كل شيء ...
أم أنها قد فقدت بالفعل كل شيء !

لااااا...ليس الآن ...ليس بعد أن تعشمت ..ليس بعد أن أرخت دفاعاتها ... !

تهتف بقسوة مهولة تطحن ضروسها "للمرة الرابعة...أي انعدام كرامة هذا؟"

يراقب ملامحها بتمعن هادئ ...كيف شوهها الغضب فبان عمرها الحقيقي جليا بين قسماته ...كيف توهجت نار حقد شرسة في مقلتيها ..حقد أعمى يعكس سواد يرخي أستاره على قلبها ناحيته لا يفقه له علة ..

فترتفع زاوية شفتيه في ابتسامة إدراك باردة يسألها بصوت صقيعي متلكئ به لمحة من إزدراء لم يهتم لمداراته "هل أنت متأكدة أنها المرة الرابعة...لم لا تكون المرة..الأولى مثلا؟"

يأخذها على حين غرة فينسحب الدم من وجهها ساحبا معه كل غضبها دفعة واحدة وقد امتصه بُهوتُها ...

كيف غفلت عن تفصيلة كهذه ... !
عن سلاح قد يشهره معتصم في وجهها ...خنجر يغرزه في وريد قلبها النابض لا لشيء عدى إمعانا في إيلامها وإذلالها أكثر ...

وكانت تتذكر نظرات معتصم تلك بكل صفاء وكأنها كانت بالأمس فقط لا منذ عامين كاملين..
رأت بأم عينيها عدم الاقتناع في عينيه حين أبلغته برفض تيجان لكاظم لثلاث مرات ...
رأت أيضا أطياف ألم خفي عبرت على استحياء مقلتيه فكان يقهرها ويدحرها يعيدها إلى الديار ..إلى أعماق روحه يأبى أن يظهر لأمه عصيانا سريا ترفع روحه راياته بصمت ....
وكانت الحسرة تجثم فوق قلبها كثقل يشدد خناقه على صدرها فيجعله ضيقا حرجا كأنما يصعّد في السماء ...

وكم بدت تلك الأيام لعينيها بعيدة بعيدة ...كطيف ضبابي اضمحلت ملامحه فترك خلفه مجرد أثر باهت ...مجرد ألم فظيع ...فظيع جدا ...

أيام كان معتصم تحت جناحها ...طوع بنانها...يثق بقراراتها دون أن يجادل ...يراها كنجمة لامعة تحدّت الأهوال والصعاب وحفرت اسمها نقشا على حجر صوان بيديها العاريتين...

كيف السبيل لإحيائها من جديد...لإزالة طبقات الإسفلت التي يرزح تحتها بعيدا عن متناول يدها ...عن قلبها ...عن عينيها ... !

فترمش بضياع وتهمهم بصوت محسور مدحور تعافر لتحفظ ماء وجهها أو القلة القليلة التي تبقت منه "كاظم ..بشأن ما حدث منذ عامين"

فيكون الرد همهمة كهمهمتها لكن شتان ما بين الاثنتين ...شتان ما بين الحق و الباطل ...ما بين الصدق و البهتان
"فات أوان التفسير خالة نادين"

فات الأوان...
كلمتان كانتا كأصفاد فولاذية كبلت روحها المضنية ...
كختم حديدي ألجم فمها يمنع عنها شهقة هواء تبقيها على قيد الحياة ...

فيصور عقلها الخيانة في أبشع صورة تتراقص أمام عينيها الميتتين ...
خيانة ابن لأمه ...
لا يحق له ...أبدا لا يحق له أن يفعل هذا بها ... !
أن يفضحها هكذا أمام آخر شخص تود أن تظهر أمامه وقد سقط القناع عن قناع قناعها ... !
أمه التي ولدته وربته و أحبته ...لزام عليه طاعتها مهما حدث ...
فتنطلق الضحكات الساخرة ببشاعة تترنح مصطدمة بسراديب روحها المظلمة ...
طاعة !!...
بدت ككلمة أجنبية ناذرة دخيلة على معجم ألفاظها ..
كلمة تعلم أنها صارت أبعد من نجوم السماء (وإن كابرت) يوم غادرت أهلها و قريتها بلا رجعة...

فتنتفض كرامتها المزيفة بعد أن نحرتها بكفيها يوم أعلنت التمرد و شقت عباب المستقبل إلى جانب محفوظ ...

وتعبر عن رفضها أن تكون الطرف الوحيد الغارق هنا بصوت يائس بائس حقود
"لن يحدث هذا الزواج إلا على جثتي! "

تتقبّض يداه على حافة مكتبه بقوة ابيضت لها أطراف أنامله يكابد ليكبح غضبا جنونيا يتوق للانفجار ...يراقب حالتها تلك بعينين حائرتين لا يدري كيف عليه أن يفكر ليفهم ما يجري وقد تلاطمت في ذهنه بحور من الأحداث المتضاربة فيزفر نفسا حادا قبل أن يسألها هامسا وقد تلألأت أنهار حيرة مبهمة فضية في عينيه
"ما الذي تريدينه مني ؟"

شهقة خافتة لم تصل لأذنيها ندت عن شفتيها المرتعشتين مسترجعة مشهدا دارت أحداثه في عالم غامض لم يسطِع العلماء فهم طبيعته إلى يومنا هذا ...
يسألها ...تماما كحلمها ... !

وكم تمنت أن تتسلح بما يكفي من الشجاعة لتقرّ بسرها الشنيع كما فعلت في حلمها ليلة أمس بالضبط ..وكم مالت نفسها الآثمة إلى هذا الفكرة المريعة متخيلة ردة فعله ...
صدمة فنفور وفي النهاية سيعاف الدنو من ابنتها ...
وسينآى بنفسه عن ابنها ...
تتخلص منه إلى الأبد حين ينسحب من حياتها فتطرب روحها حبورا ...
ثم تبكي على تسربه من بين يديها بهدوء وصمت دون أن يعرف أبناؤها شيئا ...

لكنها لن تجرؤ على الإقدام على فعل كهذا فهي لن تضمن صمته ...وهي أدرى أن معتصم الجديد لن يتوانى عن تصديق كاظم مهما تفننت في الدفاع عن نفسها ...

يواصل همسه الحائر في هذه المخلوقة الشاذة المعقدة ..السارحة في أغوارها العميقة "أنا حقا لا أفهمكِ .. تتقربين مني فتبوحين لي بأسراركِ...بآلامكِ و عذابكِ ...تتشدقين علي بأني لست غريبا عنكم فترينني موضع ثقة مؤهلا بما يكفي لتسلميني عمل ابنكِ ..وفي اللحظة التالية تنزلينني من الأعالي نحو الحضيض ثم تسعين لإبعادي ...لماذا أشعر وكأنك تتقصّدين ابعادي عن ابنتك تحديدا؟..."

يواصل دون أن يرحم تلجلجها الذي أضحى جليا يصرخ به كل جزء من جسدها "أكره أن أتعامل بسطحية مع البشر لكن اسمحي لي أن أتحدث بلسان قناعاتكِ ...ربما لم تجديني لائقا بابنتكِ بالأمس والسبب واضح ...الأمر اختلف اليوم فها أنتِ ترين بأم عينيكِ كيف تطور عملي بفضل الله و توفيقه ...طبعا لست بالثراء الذي تعودتِ عليه لكن بالمقابل ولّت أيام تربعك على عرش العالم المخملي ..اعذري قسوتي إن قلت أن أملك في تصيد عريس فاحش الثراء لابنتك كما تمنيت دوما قد تبخر مع الهواء...فأنت أدرى أن صفقات زواج الأثرياء تعتمد على دمج الأعمال بالدرجة الأولى ..."
ثم يستزيد شارحا آخر نقطة ببساطة "لا أزكي نفسي إلا أني لا أعتقد أن لديكِ أي شكوى من أخلاقي ...ماذا تريدين بعد لتريني أهلا لها إذا ؟"

كيف يجرؤ على إهانتها هكذا بينما كانت تعيش مع طيفه في واد آخر تماما ... !
فتتساءل وقد تقطعت حسرة وألما .. هل ابتعدت روحه عنها لهذه الدرجة يا ترى ...أم أنها لم تدنو من الأساس لتبتعد... !
هل هي شفافة الروح لعينيه لهذه الدرجة أم أنه يتمتع بفطنة مبهرة تخوله استنباط ما في النفوس ... !

خاطر رجّها رجّا حين تخيلته قادرا على الاطلاع على خافية فؤادها فتدور متاريس عقلها و تتكالب الأفكار على ذهنها تبحث عن تفسير منطقي يمكن بلعه دون إثارة المزيد من الشكوك ..فتبلع ريقها و تقول بتوتر بليغ
" تيجان لا تناسبك..ثق بكلامي ..لا أحد يعرف ابنتي أكثر مني ..لا يمكنها إرضاؤك ...ابنتي ليست مادة أولية لِزوْجَة ناجحة ...في الوقت الراهن على الأقل"

هل تسمع ما ينطقه لسانها ؟
لأول مرة في حياته يرى أمّا ترفض عريسا لأن ابنتها لا تليق به .. !
تقرّ بأهليته وفي المقابل تنكر أهلية ابنتها .. !

عدم اتزانها كان مثيرا للشفقة إلا أنه لم يحرك شعرة في رأس كاظم فرصيدها لديه قد نفذ من زمن بعيد مع الأسف ..ولولا تربيته لكان رماها من النافذة ..

يعافر ليتمالك نفسه ويهمس بخشونة مبتسما ببرود "معتصم لديه رأي آخر "

فتعاجله قائلة بهمس مترجٍّ أقرب للتوسل "معتصم مصدوم لكل ما حل به..هو لا يفكر بعقلانية ...لا تصغ إليه"

ينتصب واقفا وقد عيل الصبر من صبره يرتكز براحتي يديه على الخشب المصقول لمكتبه و يهمس محتدا وقد احتدمت عيناه بمشاعره الثائرة "ومن المفترض أن أصغي إليكِ أنتِ...أكاد لا أتعرف على نادين فيكِ ؟ "

تشعر بالأرض تميد تحت قدميها ..وكأنها باتت تهوي في الفراغ نحو قاع مظلم بلا قرار فتبحث عن أي شيء لتتمسك به فتمنع سقوطها ..أو أي شيء لتسحبه معها فلا تكون الوحيدة في انهيارها فتهتف بتهور اللحظة في محاولة أخيرة يائسة "تيجان تحب شخصا آخر ..لا يمكنك الدخول بينهما "

تتقبض يداه المبسوطتان على مكتبه في سعي حثيث للسيطرة على نفسه ...اشمئزاز مريع تصاعد على نحو خطير يصحبه غثيان رهيب فيوشك أن يستفرغ ما في أحشائه ...يحتقن وجهه وقد ارتعش كل انش من جسده وقد فعل غضبه به الأفاعيل ...

فيهبط بقبضتيه على مكتبه بقوة صاخبة أجفلتها ويصرخ فيها بتقزز بينما يدور حول مكتبه يدنو منها تزامنا مع تراجعها إلى الخلف في خطوات مرتبكة
"كيف تغامرين بابنتك وتدفعينها نحو رجل غريب لا تعرفين عنه أي شيء..ماذا لو كان متلاعبا بالفتيات..ماذا لو كان مختلا مهووسا...ماذا لو كانت تفرض نفسها عليه منغصة حياته... أنت بالفعل خطر على ابنتك ...كيف توجهينها بكل قذارة نحو مصير مجهول قد تخسر فيه أعز ما تملك بينما ترفضين من تعرفينه حق المعرفة ...أي قلب تملكين لتتركي ابنتك تمتهن نفسها مشيعة أنها خطيبة شخص يحب صديقتها...ماذا ستكسبين من كل هذا ...يا رب السماوات ستفقدينني عقلي بتفكيرك الشاذ! "

تتأمل بنظرات زائغة الكره المستطير في عينيه الجاحظتين وقد نفرت العروق فيهما وقد انعقد لسانها مبهوتة من انفجاره غير المتوقع ..ودون ان يسمح لها بتحليل الموقف كان يصفع الجدار خلفها بكفه ويهتف بنفاذ صبر ونفور "بت واثقا أنك تفعلين هذا لتبعديها عني عمدا...يا رب الكون...هل بيني و بينك ثأر قديم ...أي جرم ارتكبته في حقك ...؟"

توقن أخيرا أن ما فعلته كان بلا فائدة تذكر ...ضحت بابنتها ودفعتها نحو شاب غريب فقط لتبعدها عن كاظم ..لتستفرد به لنفسها ..لكن كل هذا لم ينفع بل زاد من الوضع سوءً إذ شوه سمعة ابنتها في الجامعة التي يبدو أنها تهورت أكثر مما يجب ...وأمعن في فضحها اكثر و أكثر أمامه إذ اكتشف بطريقة تجهلها كل دسائسها ..

أي جرم ارتكبه؟
سرق قلبها...بعثر حياتها...تركها تائهة دون أمل ...
هل هذا هين ؟
مقت تولد في قلبها الميت كان من المفترض أن توجهه لنفسها والحال أنها عمياء وقد ران الغي على قلبها فكانت تشحذه كله ضد كاظم ...

هو السبب ...لو لم يربك نظام حياتها المحسوب بعناية لما وقعت في المحظور ..لما تصرفت بخسة هكذا ...هو السبب في هبوطها نحو مستنقع عطن لا تدري كيف ستخرج من أوحاله...

سيدفع الثمن غاليا ...غاليا جدا لقاء حشرها في وضع كهذا عاجزة بلا حول ولا قوة...

لن تهتم بعد اليوم بتلميع صورتها أمام عينيه فمهما فعلت لن تنقص من نفوره منها ولو مثقال ذرة ومهما ارتفعت ستظل دوما في عينيه في القاع ...

ترفع ذقنها في شموخ مفتعل متجاهلة نظراته النارية المزدرية ..متجاهلة أنفاسه الثائرة التي أحرقت وجهها فأرسلت قشعريرة خائنة على طول جسدها المتخشب وهمست تتطلع لعينيه الغاضبتين بجرأة حشدتها بشق ألأنفس تتوق لتعذيبه أكثر "هل مازلت تريدها بعد كل ما عرفته ...هل مازلت تريد ابنتي ؟" وكانت تشدد على آخر كلمة تأبى أن تظهر له وجيعتها فيما تتسع ابتسامتها الوقحة أكثر ...

تتوسع عيناه في ذهول لحظي من ردة فعلها الغريبة فيقفز متراجعا إلى الخلف و قد تنبه إلى قربه منها الذي لم يحسب له حسابا في غمرة غضبه فيحرمها من عنفوانه الرجولي و دفئه المريح و يجيبها بعزم و ثبات ناظرا في عينيها مباشرة
"لا أعرف لماذا لديك كل هذه العداوة تجاهي ...لكني أؤكد لك أن ابنتك لن ينقصها شيء معي...سأبذل قصارى جهدي لإسعادها ...أكره أن تكوني أول من يسمع هذا مني لكنك لم تتركِ لي أي خيار آخر ..أعشق ابنتكِ ...لا مجال لأنساها أو لأتركها ..أنصحكِ بالاستسلام فلا جدوى من مجابهتي ...لا فائدة من معاندة القدر ..وصادف لسوء حظكِ أن كنتُ أنا قدرها..."

ثم يستزيد معترفا يبسط كفيه باستسلام و قد ارتفعت زاوية شفتيه في ابتسامة مريرة مائلة "يفترض بك أن تفخري بها لما فعلته بي ...لما حولتني إليه دون أن تفرقع أصبعا واحدا"

تستلم أخيرا ترمش بضياع تردد في همس متكرر بصوت متهدج كمن مسه الجنون "أنت تكرهني ..تكرهني ...تكرهني "

رغم كرهه لكل ما تمثله نادين إلا أنه أشفق على اختضاضها هذا دون أن يفهم سبب تصعيبها للأمور هكذا فيقر معترفا بكآبة "فكري في مصلحة ابنتك...من قد يرضى بها بعد كل الفوضى التي خلفتها...من قد يرضى بها سواي ...أرأيت كم أنا عديم الكرامة...هل يريحك هذا ويحفظ بعضا من كرامتك المهدورة ؟"

إلا أنها تنتفض هامسة بفحيح حاقد متشف غارقة في جنونها المخيف دون أن تسمع حرفا واحدا مما قاله " نعم تكرهني ...أشعر بهذا ...لكن احزر...ابنتي نسخة مني ...شئت أم أبيت ..فهنيئا لك من ستراني فيها لما تبقى من حياتك "

وهو الذي أشفق على حالها !

تميل ابتسامته المريرة أكثر ويتجمد في وقفته...
لم يكن شيئا جديدا لتطلعه عليه في مطلق الاحوال ...فقد بدأ يرى أمها فيها...بكيدها ...أنانيتها ...جنونها...
لكن كل هذا لم يطفئ رغبته بها بل زاده في المقابل غضبا و جنونا و كرها لنفسه ...

تقول مبتسمة دون مواربة وقد أزيحت بينهما الحواجز و كُشِفت كل الأوراق " يوما ما ستزول تلك النظرات المزدرية نحوي من عينيك ...أتعلم متى ...حين تكشف التجارب عن معدنك و ترتكب أخطاء جسيمة وتنزل من علياء عفة نفسك الزائفة ...زائفة لأنك لم تعش بعد بين نارين مجبرا على اختيار الأسوء ...لا تتباهى كثيرا فمازلت شابا لم تر من الحياة إلا الشيء اليسير ... فلا وجود أبدا لشخص مثالي كما تظن ...بل شخص كان من حسن حظه أنه لم يصادف بعد ظروفا قسرية تحشره في ركن ضيق مخرجة أسوء ما في نفسه ... "

كلامها هذا لم يزده إلا شفقة عليها ..على ما حولتها إليه الحياة ..امرأة بروح ميتة ..بعقل أعتى الأبالسة فيهمس يأبى أن يمحو ابتسامته الحزينة عن محياه "لكل منا أفكاره الخاصة ..أفكار تعكس خلاصة تجاربه في الحياة ..قد يعيش البعض نفس التجارب لكن هذا لا يعني أن يعيشها الجميع دون استثناء ...لذا قد تكون نصائحك بلا فائدة في نظر البعض"

تشمخ بذقنها تقول بترفع واهٍ ونبرة تهتز غضبا متجاهلة كلامه المهين المبطن "خطؤك الأول تيجان ابنتي .. يوما ما ستذكر كلماتي بعد فوات الأوان ..فطوبى لي حينها..طوبى لي "

وكانت تخرج بهدوء زائف تأخذ معها كل شحناتها السلبية التي ضيقت الخناق على قلبه ..

لا يعرف تحديدا كيف سيتعامل معها من الآن فصاعدا ولا مع ما يعتمل في نفسه لكنه يعرف شيئا واحدا فقط ...
سيواصل خوض الطريق الذي اختاره بمحض إرادته...
حتى النهاية ...

..........................


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-20, 11:21 PM   #202

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



مشاعر متماوجة من غضب أسود و حقد مظلم كانت تغلفها من رأسها لأخمص قدميها فتزيدها ضلالا و تخبطا و عمى على عُميِها ...

تصعد الدرج تدق الأرضية بكعب حذائها بقوة ما يلتهب في جوفها بعد أن قادت سيارتها كالمجنونة في الطريق فكانت برحمة الله و حفظه تصل قطعة واحدة سالمة إلى بيتها ...

تسير على طول الرواق بخطوات نارية غاضبة وتقف أمام باب غرفته ..تلف كفها المرتعشة على عتلة الباب ثم تريح جبهتها على الخشب المصقول تأخذ بضعة أنفاس قصيرة متتالية تهدئ نفسها قبل المواجهة ...

تفتح الباب ببعض الخشونة وتدخل دون استئذان تتأمله مستلقيا على ظهره كعادته يناظر الثريا المتدلية من السقف ...

وابتسم دون ان ينظر نحوها ثم استدار نحو الممرض الجالس في الزاوية يطلب منه بهدوء مساعدته على الجلوس ثم الانصراف..

كان جلوسه لأول مرة بعد فترة طويلة من الاستلقاء على ظهره تجربة غريبة حقا...

أذن له الطبيب بهذا قبل بضعة أيام فقط لذا فقد بدأ بالجلوس يوميا بمساعدة الممرض بانحناء 45 درجة لمدة 10 دقائق في البداية ثم منتصباً ( 90 درجة ) لمدة 20 دقيقة...
أغمض عينيه للحظات وقد أصابه دوار نتيجة تغير وضعية جسده ثم فتحهما يرميها بنظرات لامعة يقول منتشيا بسعادة " فوتِّ موعد الطبيب فقد كان هنا منذ قليل ..قال أني أستطيع أن أجلس على الكرسي المتحرك لمدة ساعتين يوميا كبداية في غضون أيام قليلة ...أليس رائعا أن أتمكن من حضور خطبة أختي ...وعقد قرانها "

وعقد قران أيضا !

"كيف تعاملني كمزلاج الباب الخارجي فأكون آخر من يعلم ...ليس من حدك أن تضعني في موقف محرج كهذا ..كيف طاوعك قلبك لتفعل ما برأسك دون أن تستأذن من أحد ؟" قالتها بصوت يرتعش غيظا وقد تغرغرت عيناها بدموع قهر من ظروف تكاثفت ضدها دفعة واحدة بشكل يثير الدهشة ..

تطوف عيناه اللامعتان على ملامحها المتشنجة المتألمة وتحط رحالها في عينيها يشبع بمرآى دموعها الحبيسة ...متى كانت آخر مرة رأى فيها دموعها ؟
وكان الجواب صفرً قاسيا ..المرة صفر ...
وكان يتساءل ..هل بكت لأجل أبيه ..هل ندمت حين مات ..أم أنها ببساطة تنفست الصعداء وقد تخلصت من حمله الذي طفق يعيق تقدمها!

فيذكر نفسه للمرة التي لم يحصي رقمها وقد أضاع العد بكل الحقائق المؤلمة التي لم ينسها أصلا ..ينكأ جرحه بيده ..يذكي نار وجيعته عمدا متحملا ألما مهولا لا يعرف نحو الخمود طريقا ..يخشى أن يضعف ..أن ينسى ..أن يتراجع ..

فتتوهج عيناه اللامعتان بالغضب ويفح بهدوء ينفث سموما كانت جريرتها يوما يعيدها إليها لتتحمل وزرها لوحدها كما ينبغي "تماما كما طاوعكِ قلبكِ لتكذبي دون أن يرف لكِ جفن حين قلتِ أن تيجان هي من رفضته بينما لم تسمع بتقدمه إليها أصلا"

فتنتفض هامسة تستهجن تقلباته المتعبة تذكره بما كان عليه"كنتَ تعلم منذ البداية ومع ذلك سكتّ وتغاضيت ...سكوتك حينها لا يعني إلا أمرا واحدا ...أنك كنت متيقنا أني على حق ...اعترف أنك غيرت رأيك الآن فقط عنادا بي ..."

لم تكن بحاجة لتذكيره فهو لم ينس أصلا ...ولن ينسى ..
ندمه الأكبر في هذه الحياة سيكون كوصمة عار لن تمحى من جبينه ...كوشم لا يحول نقش فوق خافقه المعذب تماما فيسري كنار حارقة تحرقه في اليوم آلاف المرات ...

سيظل دوما نادما على كل قرار ظنها محقة في اتخاذه رغم ذلك الصوت الداخلي الضعيف الذي كان دوما يعارض غضه الطرف ...
ويا ليت الزمن يعود به إلى الوراء ليصحح ما كان ويعيد ما ضاع ...
لكن هيهات ..لا الزمن يعود ..ولا ما ضاع يستعاد ..

تفسر سهوه ذاك كإشارة لتحرك قلبه ناحيتها فتنير بارقة أمل عقلها وتواصل هاتفة برجاء أقرب للتوسل ...تتوسله ليرحمها متذرعة بابنتها
"افعل بي ما تشاء لترتاح لكن رجاء معتصم لا تلعب بحياة اختك..رجاء "

يفيق من سهوته على رجائها وينظر إليها يقول بسخرية رافعا حاجبا واحدا
"نادين المضحية ! ..كم تبدو هذه الكلمة كنشاز قرب اسمك ..لا تليق أبدا بك ..أبدا ..حان دورك لتقبلي بقراري دون اعتراض.. "

تغيم عيناها بخيبة الأمل وقد توسمت عبثا الليونة في قلبه العنيد ورأسه الصلب وتردف شارحة في محاولة مستميتة لإقناعه بسداد رأيها "لم أرفضه إلا ليقيني أن أختك لن تقبل به كما أنه لم يكن لائقا بنا "

فيهز كتفه يرد ببساطة ونبرة حادة مسيطرة "أصبح لائقا بنا اليوم...بل أعلى من مستوانا أصلا ...تشبثي به فلن تعثري على منجم ذهب لابنتك...حتى وإن فعلت ...لن أسمح لك برميها لأجل جشعك "

فتضرب الأرض بساقها وتقول وقد احتدمت عيناها الرافضتين وقد تبخرت كل آمالها في استمالته "ها أنت تفعل بها نفس ما فعلته أنا ...تقرر عوضا عنها"

يقول بصوت خفيض متمهل يترقب ردة فعلها لما توصل إليه وفق حساباته و ملاحظاته "لم أقرر عوضا عنها... بل قررت ما في صالحها...لا أعلم تحديدا ما يجري لكني أشعر أن تيجان تسببت في فوضى من نوع ما ...فوضى لن تعجبني بلا شك ...فوضى جعلت كاظم يستعجل ليتزوجها ... أخبرتني منذ أسابيع بسعادة أنكما صرتما مقربتين..يراودني إحساس مفاده أن لك يدا خفية في ما يحدث ..هل أنا مخطئ يا ترى ! "

اهتزاز حدقتيها العارض كان جليا لعينيه المتربصتين لكل خلجاتها مؤكدة بذلك شكوكه حولها ..فتهمس بعد لحظات احتاجتها لتستعيد توازنها بعصبية واضحة
"ما هذا الهذيان ...أنا أمها ...أعرف ما في صالحها أكثر من أي شخص آخر...هل ستدين نواياي الحسنة أيضا ! ما الخطأ في أن أكون صديقة ابنتي وبئر أسرارها ومخاوفها.. ! "

يجيبها بإصرار أكثر غير مصدق لقصة هذه الصداقة المزعومة التي ظهرت من العدم دون سابق إنذار ...حتى أن اصراره زاد أكثر متوجسا من تقربها من أخته
"رأينا معرفتك يا هانم...رأينا ما حولتِها إليه ..ستقنعينها بكاظم ...لا تراوغي فأنا أعرف كم تملكين تأثيرا عليها ...وبهذا تكفرين عن جرم اقترفته لثلاث مرات "

ويواصل يستفزها بسخريته يقوّس حاجبيه بحنان خدّاع "أرأيت كم أنا ابن صالح يفكر في انقاذ أمه من ذنوبها الكثيرة ...الثقيلة! "
تهتف بيأس متجاهلة اختضاضها الداخلي جرّاء كلماته الأخيرة و التي كان من الواضح أنه يعمد من خلالها تشتيت تركيزها وإرباكها أكثر"كاظم لا يناسبها "

فيرفع حاجبيه مستهجنا ويهمس بتروٍّ يحدق مباشرة في عينيها "كاظم رجل بكل ما تحمله الكلمة من معنى ...متعلم ...واعٍ...مستقيم ..ميسور الحال ...أعطني سببا واحدا لاعتراضك...لا تجعليني أشك أنه ثمة سبب آخر تخفيه عني ...سبب قد لا يعجبني أن أسمعه ربما! "

قال هذا الكلام فقط ليستفزها كعادته ..والحال أن أغلب الكلام لا يقال عبثا حتى وإن لم يدرك قائله ..وكم كان محقا ..وكم كان سببها السري مخجلا ...
فتقول مغمضة عينيها بصوت متهدج متوجع مصرّة على رأيها حتى النهاية
"أنا لم أرتكب أي ذنب حين رفضته ..يوما ما ستدرك هذا حين ترى نتيجة قرارك المتهور "
ثم تحث الخطى خارجة من غرفته تدعي التماسك أمام ناظريه ..وكان انحناء ظهرها بانهزام و تهدل أكتافها واضحا يفضح انكسارها و إن كابرت...
وحين أضحى وحيدا كان يطبق جفنيه يزفر نفسا حارقا ويهمس بقسوة معذبة يناجي بقايا عطرها النفاذ الذي خلفته وراءها
"آه يا نادين ...ذنوبك ثقيلة ...تجثم بثقلها فوق قلبي أنا وتودي بعقلي نحو الجنون...لن يهدا لي بال حتى أريك بشاعتها... ستظل تلك الذنوب تلاحقك إلى الأبد ...تسحبين ثقلها المضني خلفك أينما ذهبت ...قد تدعين النسيان ..لكنك لن تتمكني أبدا من تجاوزها ...أبدا ...هذا عقابك لما تبقى من حياتك ...أن تظلي محجوزة في دهاليز الماضي فتقتحم الذكريات المرة عقلك في صخب دون أن تمنحك الراحة ..فتقفين على حافة الجنون ...لكنك لا تجنين ...بل تحتفظين بكل قواك العقلية... بكل ذرة ادراك لتتعذبي أكثر فالجنون قد يكون راحة لأمثالك ...وأنا لا أريد ك أن ترتاحي ...لن أسمح لك ولو اضطررت لتكريس ما تبقى من حياتي البائسة لذلك "

...............................



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-20, 11:22 PM   #203

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


أدوات الزينة بأنواعها من مستحضرات تجميل باهظة الثمن ...عطور فرنسية أصلية وغيرها كانت متناثرة بعشوائية على السجاد الذهبي الأنيق لغرفتها ...

تلهث بشدة تتأمل صورها بأحجامها المختلفة في مرآة الجدار التي هشمتها إلى قطع ظلت صامدة متلاحمة تأبى السقوط ..

عيناها الشاردتان على وجهها المشوه بحقدها الأعمى و مشاعرها المريضة لم تكن تر فعليا ما حولها إليه اتباع الهوى ..خيال امرأة غادرتها الأنوثة و الجمال البريء تاركة شبحا يحاكي رسم ساحرة شريرة في حكاوي الخيال ..فلو أنها رأت سحنتها على حقيقتها في تلك اللحظة لصرخت رعبا خائفة من نفسها ...لولولت وندبت جمالها الذي دفعت مبالغ طائلة في سبيل الحفاظ على بهاءه ونضارته..

والحال أنها كانت تسترجع كل كلمة قيلت لها هذا الصباح...
كل طعنة أمعنت في جرحها ..
كل نفثة سم زادتها سقما على سقمها ...
كل ضربة قصمت كبرياءها ...

فيزداد لهيب تنفسها وترتعش يداها على جانبيها غضبا حارقا مهولا يشتعل صدرها بلهيبه ...لهيب يتأجج أكثر مع ترائي صورته أمام عينيها ...

ومن بين أصوات حديثها معه الصاخبة في عقلها يتعالى صوت خبيث يأبى التوقف ...صوت حقيق أودعه الخالق فينا ليرينا الحق حقا والباطل باطلا مهما حاولنا الانكار ...

أي حماقة تلك التي جعلتها تظن أنه سيلتقط انجذابها نحوه بل و يسقط صريعا عند قدميها... !
أي ثقة هذه تملكتها فطغت و تجبرت وتمادت حين تمنّت ... !

كاظم رجل عفيف النفس شريف الأصل لن يفهم قذارة ما تعرضه عليه مهما بلغت نباهته ...
لن ينزل رجل مثله إلى مستنقعها العطن...

تحيد بطرفها ناحية التقويم الزمني المثبت على يمين المرآة ...إلى ذلك الرقم الذي علّمته بقلم أحمر ...تاريخ اليوم الذي تنتهي فيه عدتها..بعد أقل من شهر ...
العدة ...
في البداية شعرتها كقيد خفي كبلها به محفوظ مشددا خناقه عليها حتى بعد وفاته ...
خناق ما طفق يتلاشى تدريجيا مع مرور الأيام وقد انشغلت أو ربما تخدرت بمشاعرها الوليدة تجاه كاظم ...
إلا أنها لم تنسها أبدا..وكيف تفعل وقد كانت بمثابة حاجز يردعها عن التمادي حد الافتضاح ... !

كانت تتساءل دوما ...كيف سيكون شعورها يوم تنتهي عدتها ...هل تملك ما يكفي من الجرأة لتنطلق كطير محلق في سماء الحرية وتقتنص فرصتها مع كاظم ...أو تفسد صداقته مع ابنها ... !

هي نادين ...دوما ما عرفت نفسها حق المعرفة ..إلا أنها لم تتمكن من الإجابة على هذا السؤال ..وكانت تنتظر انتهاء عدتها بفارغ الصبر لترى الإجابة حية مطبقة على أرض الواقع...

والحال أن كاظم حرمها من فرصتها ..إذ أجهض كل شيء قبل أن يولد وترك سؤالها المهم مبهما بلا إجابة ...إلى الأبد
فهي لن تعرف كيف كانت لتتصرف معه بعد ذلك التاريخ الملون ...أبدا ..

أي فوضى هذه خلفها في روحها ؟
أي جنون هذا خامر عقلها؟

يلمع عزم شيطاني في مقلتيها ...كدأب كل مارد يأبى أن يكون من الهالكين دون أن يسحب معه ما استطاع إليه سبيلا...

قالتها له وستعيدها لنفسها...لا وجود لشخص مثالي نظيف بلا ذنوب عصية ...ولن يهنأ لها بال حتى تنزله من علياءه المزعومة وتريه الدنيا على وجهها الحقيقي ...دار الوضاعة ...

وليشحذ كل همته وليركب أعلى ما في خيله ...فلن يقارع أبدا امرأة مجربة لها من مكر النساء الكثير ...

ستريه عاقبة أن يتعالى عليها ...أن يستغل ضياعها و تشتتها ويشحذ ابنها ضدها ...
لا بأس ...لزام عليها أن تستسلم للأمر الواقع ...فلا فائدة من المقاومة التي ستكشفها أكثر مما هي مفضوحة أصلا...

عليها أن تشغل عقلها...لن تخرج صفر اليدين من هذا الزواج أبدا وإن كان مكسبها الوحيد هو إذاقة كاظم الويلات لما فعله بها ...
مكسب تراه اليوم أثمن من كل ثمين ...وإن كان فيه من الدمار الكثير ...

حالة نادين كانت كحال الكثير من البشر الذين قد يبذلون الغالي و النفيس ..و يضيعون من العمر الكثير لا لشيء عدى اثبات وجهة نظر مغلوطة... يأبون الانصياع و الاعتراف بالخطأ فيفضلون الهلاك على الاستسلام...

يقودهم إبليس اللعين كالبهائم في طريقه ..فتلتبس في نظرهم المفاهيم ..
فيصبح العناد المهلك كبرياءً...
والأحاسيس المريضة مشاعر حب سامية ..
والحقد الأعمى انتفاضا لحفظ الكرامة ...

لم تسمع تيجان التي طرقت الباب و دخلت إلا حين ندت عن شفتيها شهقة فزع خافتة وقد طفقت تدور بعينيها المرتعبتين على الفوضى العارمة ...

صدمة كانت طبيعية جدا بحكم تعودها على صورة أمها المسيطرة على كل ذرة منها ..على مظهرها...كلامها ...مشاعرها..حتى انفعالاتها في فورة غضبها تتحكم بها بمنتهى المهارة و السيطرة...

تمرر نادين كفها على جبهتها المتعرقة تبحث بعينيها في المرآة المكسورة عن شظية كبيرة بما يكفي لتتأمل فيها تفاصيل وجهها المرهق ثم تستدير نحو ابنتها وقد أجادت رسم ابتسامة أنيقة مدروسة وتتوجه نحوها على مهل بخطوات ثابتة تخطو فوق الأشياء المتناثرة بلا اكتراث ...

تتجاهل فمها المفغور و ملامحها المبهوتة و تسألها بلطف غريب وقد لاحظت تأنقها بينما تدفعها أمامها خارج الغرفة "تخرجين ؟"

فتلقي تيجان نظرة اخيرة حائرة على الفوضى قبل أن توصد أمها الباب ثم تبلل شفتها السفلى وتهمس بتردد وتوتر وقد انحسرت إثارتها وتشتت تركيزها "أردت أن أطلعكِ على آخر المستجدات قبل أن أخرج للقاء شمايل "

تبرق عيناها وتتسع ابتسامتها الأنيقة الباردة و تقرر أن الفرصة سانحة والظروف مهيأة لبدء اللعب فتهز رأسها موافقة و ترد بنعومة "نجلس قليلا في الشرفة إذا ...نتحدث ونستنشق هواء العصر العليل " وتضيف متلكئة تحدق في ابتسامة تيجان المتوترة "على أمل ..ألا يعيق حديثنا ..برنامجكِ حبيبتي "

...............................


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-20, 11:23 PM   #204

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


على طاولة الشرفة الزجاجية المستديرة تجلس مقابلة لأمها يتلاعب النسيم بشعرها الناعم فيدغدغ وجهها كريشة مداعبة ...

تتأمل ملامح أمها الغائرة وقد بان إرهاق فظيع تكابد لاحتوائه وإخفائه عن عينيها الحائرتين ..حيرة كانت تتمخض عن تساؤلات عديدة تطوف في عقلها لا تجد لها جوابا ...ربما لم تكن مقربة من نادين فيما مضى إلا أنها كانت دوما تراقبها من بعيد تفتخر بأناقتها ..بعنفوانها ..بثباتها ...بقوة شخصيتها ...فتتباهى دوما امام صديقاتها حين كانت تمر إلى المدرسة لتقلها بسيارتها فتلمع عيناها تصرخان في صمت مبتهج ..هذه المرأة الصلبة أمي ...أمي أنا ...

ربما انشغلت في الشهر الأول الذي تلا وفاة أبيها بنفسها عمن حولها وقد انجرفت في دوامة اكتئاب لا قرار لها إلا أنها لاحظت حين تجاوزت بحمد الله صدمتها التغير الغريب الذي طرأ على أمها ...

صحيح أنها لا تميز الأمور بشكل سوي في غالب الأحيان لكن شعورها ناحية نادين كان متفردا ...مختلفا...وكأنها قادرة على لمس روحها دون أن تفقه علتها بدقة ... !

لم يكن شجنا...لم تكن كآبة ...كان ضياعا...تشتتا ...تزعزعا مس ثبات أمها ....
كان وضعا غريبا حقا لم ترها من قبل عليه ..ولا زالت لا تفهم كيف استطاعت رؤيته بهذا الوضوح ...وسهولة تجعلها تنكر أحيانا مصممة أن كل هذا من وحي خيالها ... !

تتعلق عيناها على عقد اللؤلؤ المستريح على جيد نادين فيجمح خيالها تشبه أمها به ولكنها تراها الآن كحباته المنفرطة المتناثرة في كل مكان حتى وإن تم تجميعها يبقى العدد ناقصا فلا يعود كما كان مطلقا ..

تهز رأسها تطرد هذا الخيال الغريب و تعقد حاجبيها قائلة بتوتر استغربت انتقاله إليها كالعدوى وهي التي كانت في قمة الإثارة منذ هنيهة "أردتُ أن اخبركِ أن الأمور تسير أفضل مما تمنيّت ..حتى شمايل التي ظننتها لن تملك الشجاعة لتصارحني حول غسان خالفت توقعاتي ..كانت تريد أن نتحدث على الغذاء في مطعمنا المعتاد لكني فضلت أن نلتقي مساءً في المتنزه ليكون لقاؤنا مريحا أكثر "

لم تكن تريد الاعتراف أنها كرهت ذاك المطعم ..وتلك الطاولة ..بعد أن أضحت تذكرها بأول خطوة قامت بها علنا نحو غسان ...
لا تدري لماذا تشعر بالانقباض رغم أنها واثقة من سلامة خطواتها وصحة مسارها...

انقباضها يضغط على صدرها يوشك أن يخنقها تزامنا مع تساؤل أمها الهادئ المريب "هل أنتِ واثقة ؟"

فتبعد خصلات شعرها المتطايرة عن وجهها وتقول محاولة مداراة توترها بضحكة حبور لا تشعره البتة في هذه اللحظة " طبعا ماما ..لم يتبق الكثير لأصل إليه ...لن تصدقي كيف تفاجأ حين بادرت بفضح نواياي قبله!"

تنتظر ..وتنتظر يوشك التوتر الذي يعتصر أحشاءها أن يفتك بها فترحمها نادين قائلة بصلابة أخافتها "قلتها بنفسكِ...تصلين إليه ..هذا يعني أنه لا يحرك ساكنا باتجاهكِ...ابتعدي عنه فهو لا يريدكِ كما يبدو ..انسي أمره قبل أن تمتهني نفسكِ أكثر "

تبهت ملامحها وتتشنج بألم وقد صدق إحساسها بوجود خطب ما لا يبشر بالخير أبدا ..وكديدنها سريعة التخبط تتداخل أفكارها و يتشوش عقلها فترمش بضياع و تهمس ذاهلة "لكن ماما ...أنتِ قلتِ..؟"

تلتف كف نادين حول الفنجان بقوة توشك أن تكسره وتهتف بحدة من بين أسنانها المطبقة " ها أنا ذي أقول غير الذي قلتُ ...ما كان علي أن أتركك تعبثين لوحدكِ...هل فكّرت في صورتك الآن بعد أن افتريت أنه خطيبك ...كيف ستصلحين هذه الفوضى ؟"

تنفرط الدموع من عينيها دفعة واحدة وتهتف حانقة ترفع ذقنها بتحدٍّ"وهل أنا مسؤولة عمّا يختلقه الناس حين يرون موقفا ما ...أنا لم أشع أي شيء ...ما ذنبي أنا إن كانوا يروننا متناسبين معا ماما ...سيتصحح الوضع حين نصبح خطيبين رسميا ...ثم من أين تعلمين أنتِ كل هذا؟"

تفقد نادين السيطرة على اعصابها و تهتف غاضبة "هل من الصعب معرفة ما يتحدث به كل الطلاب اليوم ؟ سيقولون أنكِ كاذبة مريضة حين يتضح كل شيء...فغسان هذا غاضب منكِ كالجحيم ...استوعبي أنه اختار شمايل وخرج من حياتك إلى الأبد...هذا إن كان قد دخل من الأساس"

تنشج بحرقة وقد ضاق صدرها لهول ما تسمعه وتواصل نادين تملأ عقلها بما تريد "لن تسمحي لأحد أن يجعل منكِ أضحوكة يشغل بها وقت فراغه...لن تسمحي لأحد أن يذلّكِ..أصغيت إليكِ و سايرتكِ وانظري في أي حفرة أوقعتِ نفسكِ...ستصغين إلي هذه المرة فهذه المهزلة طالت أكثر من اللازم"

تبتسم بارتعاش تحدق في الثقة المشعة من قسمات نادين بنظرات مهتزة ...ضعيفة ...دوما شعرت بنفسها ضعيفة ...هشة ...سهلة التخلخل و التشوش ...سريعة الاهتزاز...لكن كل هذا لا يهم ...أجل..فهي لم تكن لوحدها يوما ...معتصم كان دائما موجودا إلى جانبها ...واليوم حين غاب معتصم بسبب حالته الصعبة هاهي أمها تدعمها وتوجهها ...

سيكون هناك دوما ظل ظليل تحتمي به من كل ما قد يحرقها من مشاغل الدنيا..دائما ...وكان هذا يقينها الذي عاشت ولا زالت تحيا على قبس نوره..

تهمس متسائلة وقد شعت عيناها بأمل تنتظر حلا سحريا يخرجها مما هي فيه "لكن كيف ؟"

"أنت ستتزوجين...كاظم صديق أخيكِ"

للولهة الأولى لم تصدق أذنيها ظنا منها أنها لم تسمع بشكل صحيح فكانت تبحث في عيني أمها عما يؤكد شكوكها ...
نظراتها الحازمة تلك كانت تعني أمرا واحدا ...ما سمعته كان هو الحل ...
فتنتفض واقفة تهمهم باستنكار ثائر "كاظم؟...أنت تمزحين ماما..من أين خرج هذا فجأة؟
فيضيّق موقف أمها الصلب المعاند الخناق عليها فتواصل همسا معذبا وقد عادت دموعها للجريان "لكني أحب غسان ماما "
فتجيبها نادين بحدة "تحبينه دون أن يحبك "
"هو يعاند فحسب ..حتى أنه بدأ ي..." تستقيم نادين واقفة وتضغط على ذراعها بقسوة توقف هذيانها تفح مستنكرة هذا الانهيار السخيف لأجل من لا يسوى "استمعي إلى أمكِ...تستحقين أفضل من غسان ..لن تسمحي لهما أن يفوزا بينما تخسرين أنتِ ..كفي عن الحط من قدرك العالي وملاحقة من لا يستحقك ...هو ليس من عائلة مرموقة حتى ...من قد يريدك الآن بعد أن أشعت خبر خطبتك الكاذب ..كاظم فرصتك التي لن تعوض ...تعيشين معه عيشة الأميرات...يريدك رغم علمه بكل ما فعلته ..كما أنه أفضل من غسان في كل شيء بلا ريب...وافقي عليه وأظهري لصديقتك أنك لا تركضين خلف أحد ولا تهتمين لأحد..."

تحدق في أمها من خلف دموعها المطيرة تعقد حاجبيها متألمة ...تتألم ..تتألم بشدة ولا أحد يشعر بما تقاسيه...كيف توافق على الزواج هكذا من صديق أخيها الذي تعرفت عليه منذ أسابيع فحسب ...دون أن تعرفه..دون أن تميل إليه ولو قليلا...

حتى أن وجهه البارد بملامحه الرصينة حد الملل يوشك أن يندثر من ذاكرتها ...وكانت دون وعي منها تسترجع وجه غسان الضاحك بدفء ..فتفيض عيناها بالدمع مجددا وتهمس بصوت يائس بائس مخنوق "لكني لا أحبه...لا أريده ماما...بارد بلا مشاعر "
"هل ستخذلين معتصم؟" تكشف نادين ورقتها الرابحة الأخيرة فيتوقف نشيج تيجان وترمش هامسة بلوعة"معتصم ؟"
فتبتسم نادين بانتصار وتقول مؤكدة بحرص تربت على كتفها بحنو "نعم أخوك يحبه كثيرا...سيكون فخورا بك "

على الرغم من أنها لاحظت أن تيجان لانت و استسلمت إلا أنها أبت إلا أن تستزيد تمنحها الأمل قائلة بصوت مكتوم يعد بالكثير
"امنحيه فرصة ...وأعدكِ يمكنكِ التراجع متى شئتِ...استخدميه فقط لحفظ ماء وجهكِ بعد ما أثرته من فضائح على الأقل ...فأنتِ بحاجة إلى خطيب حقيقي بما أنك تسرعت و ابتدعت واحدا من جموح خيالكِ"

تبتلع ريقها بتوتر تبادل أمها نظراتها الواثقة الداعمة بنظرات شك و حيرة فيقطع رنين الهاتف المحمول حوار العيون الصامت...تلقي نظرة عليه و تهمس ببؤس
"إنها تتصل "

تطبطب نادين على ظهرها بلطف و تردف قائلة بهدوء واتزان "اذهبي و اغسلي وجهكِ حبيبتي ...اهدئي ثم هاتفيها وأخبريها أنكما ستؤجلان هذا اللقاء إلى إشعار آخر ...لقاء ستحضرين نفسك له جيدا ...جيدا جدا "


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-20, 11:24 PM   #205

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


تزفر متنهدة مثقلة القلب مهمومة الروح وقد عادت أدراجها بعد أن منّت نفسها بساعة بوحٍ تجمعها بتيجان تخلصها فيها من أحمال ثقيلة ترزح تحت ضغطها فتعود إلى البيت خفيفة كالريشة وقد طوت صفحة محزنة وضعت لمساتها على حياتها الرتيبة ...
وكانت مشيئة الله أن تعتذر تيجان عن القدوم دون سبب معلوم وهاهي ذي تقف الآن أمام الباب ...

طرقة أخرى يصحبها همهمة تساؤل عن سر تأخر والديها في فتح الباب فقد تركتهما خلفها منذ نصف ساعة حين خرجت ولم يفصحا عن نيتهما في الخروج إلى أي مكان ...

فتسحب مفتاحها الخاص من حافظتها بعد أن ملّت الوقوف في الشارع منتظرة ...
ما إن أغلقت الباب خلفها حين ولجت إلى البيت حتى كانت أمها تقفز أمام وجهها تسد طريقها بسرعة أرعبتها فتضع يدها فوق قلبها الذي كان يتخبط بعنف بين أضلعها "أرعبتني أمي ...لماذا خرجتِ أمامي هكذا..هل كل شيء بخير ؟"

تفرك سعاد كفيها بتوتر واضح وتقول عاقدة حاجبيها بنبرة حادة مغتاظة
"عدتِ مبكرا ...ألم تقولي أن جلستكما معا قد تطول ؟"
وهل في هذا مدعاة لتغضب هكذا ...ما هذا التقريع الحاد وكأنها تدخل بعد منتصف الليل ؟

تضيق عينيها تتفحص الثوب الجديد الذي اشترته في عيد الفطر المنصرم وخبأته بحرص لتلبسه في المناسبات المهمة فقط ...كانت تضع الطرحة الجديدة أيضا فتهمس محتارة "هل ستذهبين إلى مكان ما أمي ؟"

فتجيبها سعاد متهربة من عينيها تقودها نحو غرفتها بصبر نافذ"لا حبيبتي ...انتابتني فجأة رغبة في التأنق ..هيا إلى غرفتكِ لترتاحي تبدين شاحبة"
"في الواقع أنتِ من تبدين شاحبة يا أمي ...هل أنتِ متأكدة أنكِ بخير ؟" قالتها شمايل بصوت متوجس بينما تطوف عيناها القلقتان على ملامح أمها المرتبكة وكأنها تخفي شيئا ما...

"يا لك من شخص ظريف ! "
تعالى زعيق خلدون الضاحك تزامنا مع مرورهما أمام غرفة الضيافة فتهمهم سعاد بحنق مغضبة "سامحك الله يا خلدون ..ذهبت نصائحي مع الرياح...ألم أوصك أن تكون حازما جادا مع الشاب ..ما تلك الميوعة يا ربي وكأنه سيعطيه دجاجة من الخم ! "

وحين همّت بشد ذراعها كانت شمايل تسبقها مطلة من الباب متسائلة بخفوت عفوي "مع من يتحدث أبي ؟"

هل ...هذا حلم؟
غسان؟....بشحمه و لحمه يجلس على أريكتها المفضلة ؟
هذا كثير والله

قلبها توقف عن النبض للحظة لينطلق في اللحظة التالية قارعا كالطبول وقد كان ما رأته فوق احتمالها فكانت تسحب رأسها بسرعة البرق قبل أن يراها وتقف ملاصقة للجدار تلهث بجنون ...

من حسن حظها أن سعاد لم تنتبه لصدمتها إذ عاجلتها بالقول بانزعاج وعيناها مثبتان على خلدون "إذهبي حبيبتي إلى غرفتك لترتاحي ...نتحدث فيما بعد..والدك فاقد الأهلية يحتاج لمن يقرصه وإلا سيفضحنا أمام الرجل "
تواصل بحسرة تشكو همها لنفسها "هل طلبت الكثير يا ربي ...فقط القليل من الصرامة ...من أين له كل هذا المرح..يبث أشواقه للغريب و القريب و عابر السبيل ...؟"

فتنضم سعاد إليهما تاركة شمايل على وقفتها تلك تعافر لإسترجاع أنفاسها التي ضاعت لمرآه ..وعلى وقع الصدمة كانت تسحب قدميها نحو غرفتها فقد كانت في أمس الحاجة للراحة كما قالت سعاد...

.........................




ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-20, 11:24 PM   #206

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


لها ساعة من الزمن تروح و تجيء في غرفتها الضيقة غير قادرة على الجلوس بهدوء ولا استيعاب ما رأته...
ماذا يفعل هنا...مؤكد لديه عمل ما في بيتهم ..مؤكد !
عقدت حاجبيها تكلم نفسها وقد تبلد عقلها وأصيب بمتلازمة الغباء العاطفي فيتعمد أن يحوم حول الحقيقة يخشى تصديقها مفضلا الجنوح إلى تفسيرات سخيفة بليدة ولعجبها مفيدة جدا لسلامتها الذهنية رغم سخافتها...

"اثبتي في مكانكِ يا بنت أصبتني بالدوار " قالتها سعاد بنبرة منزعجة تمط شفتيها بامتعاض فتعاجلها شمايل تلومها بخيبة أمل واضحة "انتابتك رغبة في التأنق إذا ...سامحكِ الله يا أمي ..منذ متى تستغفلينني هكذا؟"

تشمخ سعاد بذقنها وتقول بإصرار دون أي شعور بالحرج "تعرفينني جيدا بما يكفي لتدركِ أن لدي أسبابي الخاصة المقنعة "
تحدق شمايل في الوقفة المتأهبة لأمها صعودا إلى عينيها المشتعلتين بتحد صامت فتردف قائلة بحدة وقد تجهم وجهها رفضا لما يحصل "كان من الواضح أنكما استغليتما غيابي لتستقبلا ضيفا لا ترغبان في أن أعرف بزيارته ..هل هذه المرة الأولى التي تفعلان فيها شيئا كهذا ؟ "

كان كلامها كإقرار أكثر منه سؤالا..إقرارا جابهته سعاد بالصمت دون أدنى محاولة للإنكار فتستقر شمايل جالسة على سريرها وتهمس بصوت كسير متحسر "عرفت أنها ليست المرة الأولى ...هل لديك ما تقولينه إذا ؟ "

فتدنو سعاد منها و تجلس قربها وتقول بهدوء متوتر "نعم فقد حان وقت شرح بعض الأمور "
عيناها في عيني ابنتها تسبر أغوارها بينما تشرح بحذر وجهة نظرها "لم نتصرف هكذا إلا لحمايتكِ ..كنا دوما نحرص على استقبال الخاطبين في غيابك نتأكد من أهليتهم قبل أن نسمح لهم بالقيام بالخطوة الرسمية العلنية "

فتبتسم شمايل بشجن وتقول بخفوت ساخر "يبدو أن جميع المرشحين رسبوا في امتحان الأهلية إذا"

فترد سعاد عن قناعة لا تتزحزح وقد تأكدت من دوافعها أكثر حين لاحظت الاحباط الظاهر على وجه ابنتها " لم نرد أن تحبطِ حين يتعلق الأمر بخاطبين منحرفين خصوصا إن كانوا من الحارة... كي لا تتحرجِ مستقبلا إذا ما صادفتهم ...لا أدري من أين تأتيهم الجرأة ليتقدموا لكِ...منكوبون وفاسدون تماما ..ما الفائدة من إطلاعكِ على أمور لن تغير من الواقع شيئا بل على العكس قد تشوشكِ وتشغلكِ عن دراستكِ !"

لم ترد أن تخبرها عن باسل السكير النسونجي بائع الخضار من الحي الآخر ..فقد فهمت أخيرا سبب ابتسامته العريضة المائعة كل ما مرت قرب دكانه وسبب كلامه المبهم (رضينا بالهم وما رضا بنا)...

أمها المسكينة لا تدرك أن من سمتهم منكوبين فاسدين يعتبرون أنفسهم هبة من السماء إلى أمثالها...فلن يهمّ في عرفهم لا أخلاقها ولا علمها ما دامت من أسرة بسيطة متواضعة الحال لن يليق بها أبدا أن تترفع على أمثالهم ..

ادراكها لواقع الأمر أشعرها بامتهان كبير ..ورخص رهيب فلو كانت تعرف أنه تقدم لها لما مرّت أمام دكانه أبدا...لما وقفت موقف شبهة فيظنها تتباهى مستعرضة أمامه بعد أن رفضته...

هتفت بثورة و استياء بليغ دون أن تتمكن من لجم لسانها "هل أبدو بهذا الضعف ...لا تحاولا حمايتي بما يفوق طاقتكما فلم تعودا شابين كما أني كبرت بدوري ...ألن أواجه مصاعب الحياة يوما ما لوحدي ...لماذا تفعلان هذا بي ...من قال أنني سأحرج...أرأيت يا أمي ماذا فعلت حمايتكما المفرطة بي ...جعلتني انسانة منطوية منعزلة اجتماعيا تعيش في عالم لوحدها "

ندمت في الحال على الحماقة المبالغ بها التي تفوهت بها برعونة حين لمحت الألم و الدهشة في عيني أمها ...ذهول ألجمها إذ لم تتوقع من شمايل أن تثور هكذا فلم تجد بماذا ترد عليها...ثم كانت بعد لحظات تهمهم بصوت مخنوق متهدج إلا أنه مصمّم"لم نقصد أن نجعلكِ تشعرين هكذا يا ابنتي ..." ثم سكتت وقد تاهت منها الكلمات لا تدري ماذا عليها أن تقول أكثر وفي نفس الوقت رافضة الاعتراف وبل مصرة على سداد تصرفها الحمائي ...

تسألها شمايل بعد هنيهة تقتل الصمت الثقيل المخيم على الأجواء بنبرة جاهدت لتبدو غير مبالية بعكس الفضول القاتل الذي كان ينهش داخلها "إذا الشاب الذي كان هنا قبل قليل تقدم لي ؟ "

فتشمخ سعاد بذقنها وترد بصوت متصلب "نعم...وقد قمنا برفضه أنا ووالدك...لا داعي لتشغلي بالك به "
"لماذا؟"
انتفضت كالملسوعة حين سمعت سؤال ابنتها المقتضب وقد لمعت عيناها بالرفض بينما تقول ممتعضة بنزق"ماهذا السؤال ...؟"
فترفع شمايل حاجبيها مستغربة وتهمس باتزان "لماذا تستصعبين سؤالي ...من الطبيعي أن أسأل ...أليس هذا حقي ..؟"

فتهتف سعاد غير راضية على الاهتمام الذي أبدته شمايل بهذا الموضوع الذي تضخم آخذا أكبر من حجمه في نظرها "مازلت صغيرة طموحاتك عالية لماذا قد تزيدين من مسؤولياتك في وقت أنت في أمس الحاجة لتركيزك لتكملي دراساتك العليا ...كما أنه ينوي الاستقرار في مسقط رأسه..قرية بعيدة جدا عن العاصمة..ظروفه لا تناسب خططك المستقبلية ...خيره في غيره كما يقال "
في هذه الأثناء كان خلدون يهتف مطلاّ برأسه بينما يمسك أكرة الباب
"سعاد ...أين سترتي أريد أن أخرج؟ "

سعاد التي كانت تطالع ابنتها بنظرات نارية غاضبة التفت ناحية خلدون تشفي منه غليلها هاتفة بعصبية "اذهب عني خلدون ...أنت آخر شخص أرغب في الحديث إليه في هذه اللحظة "
فيحدق في وجهها الغاضب بشدة مرتاعا من ثورتها المفاجئة ويهمس حائرا في تبدل حالها هكذا " ما الذي تلبّسكِ يا امرأة ...كنتِ بخير قبل قليل ؟"
ثم يستزيد مدلكا ذقنه بتفكير "أم أن هذا غضب متأخر لما فعلته دون رضاكِ؟..ألم أشرح لكِ وجهة نظري ؟"
تزداد عصبية سعاد أكثر وتنهض من مكانها على عجالة تبرطم بغيظ "سئمت من هذا الموضوع...تعال لأعطيك سترتك "

"ما الذي شرحته لأمي يا أبي؟ " قالت بتمهل وقد تعلّقت عيناها بأمها التي تصلبت في وقفتها وقد احتقن وجهها فبات مزرقّا وكأنها على وشك الاختناق تتطلع بدورها بصبر نافذ إلى خلدون الذي طفق يشرح ببساطة وعفوية غافلا عن حالة زوجته" أمك غضبت لأني لم أستطع أن أرفض الشاب مباشرة ...قلبي مال إليه ..ظريف مختلف عن المتاعيس الذين كانوا يتقدمون إليك وكأنهم يتعمدون استفزازي ...لا أخلاق و لا عمل ...وحين رأيته مصرّا طلبتُ مهلة لأفكّر و أستعلم عنه...على الأقل حتى وإن كنتُ سأرفضه بدى لي من اللائق أن أتظاهر بالتفكير إحتراما له..بالله عليكِ يا ابنتي هل فعلتُ ما يغضبها إلى هذا الحد؟"

لم تعقب شمايل بشيء إذ كانت تركز بنظراتها على سعاد التي فردت ظهرها وقالت بأسلوب متعال تبادل نظرات ابنتها الهادئة و(العارفة) بما يحدث لأمها بأخرى متحدية صلبة معاندة و(مقرّة) دون خجل بما تعرف أن شمايل فهمته
"لم تكن أبدا مجبرا على سلك هذا الطريق الملتوي ...مرفوض اليوم أو بعد أسبوع...لا فرق "
رمت كلماتها تلك كتحذير مبطن وجب فهمه و تطبيقه دون نقاش وخرجت تنهب الأرض نحو غرفتها يتبعها خلدون الحائر في أسلوبها المحتد الغريب ...


..........................


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-20, 11:25 PM   #207

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



جالسة على هذه الوضعية منذ ساعات ساهمة تحدق في اللاشيء ...تفكر في كل شيء ...

ربما كان عليها أن تفكر في ردّة فعل أمها العنيفة التي تعتبر عقبة حقيقية أمامها إن هي فكّرت في الموافقة إلا أن بالها كان مشغول بأمر آخر ...بشخص آخر...

خطوته هذه غيرت الكثير من الأفكار في عقلها دفعة واحدة ...وكأن حجابا رفع عن عينيها...
لا تدري أعليها أن تصدق ما يجول في خاطرها أم تسكت ذاك الصوت المستنزف لعواطفها و تطبطب على قلبها تهدئ من روعه...
حتى دموع الخيبة و القهر أبت أن تغادر عينيها وقد أنضبتها صدمتها...
يعاود عقلها سحب كل الملفات للمرة الألف يبسطها في مخيلتها واحدا ..واحدا ...
وككل مرّة يتبلد تفكيرها غير قادرة على استيعاب ما توصلت إليه...ما تنكره لحد الآن ...
إقدام غسان على خطوة هامة كهذه يعني أمرا واحدا...أنه كان يقصدها دون غيرها منذ البداية ...
دون غيرها...دون غيرها ..
فتتراءى أمام عينيها صورة تيجان الضاحكة المبتهجة ...ويعجز عقلها عن استحضار هالتها المألوفة ...يستسلم قلبها غير قادر على تمييز مشاعرها المعتادة تجاهها...
تعقد حاجبيها وتهز رأسها تنهر نفسها بصوت غاضب متوجع تطبطب على خافقها "أعوذ بالله ما كل هذه الوساوس المظلمة ...تيجان أخطأت دون عمد تقدير الموقف ...دون عمد! "
وكم بدت هذه الكلمات باهتة ذابلة أمام سطوع ضياء الحقيقة ...
لكنها لم تكن لتتحمل المزيد من الحقائق ...ليس الآن على الأقل ...


.............................

بعد أسبوع....

كان يوما من أيام الربيع الأخيرة الحارة ..واعدة بصيف قائظ تتميز به أجواء العاصمة ...

تجلس عل أحد المقاعد الخشبية الطويلة المنتشرة في المتنزه الجميل ...تتأمل بصمت الضوضاء المحيطة بهما ...

تنتشر العائلات من حولهما هنا و هناك ...يجلسون على المقاعد يتناولون المثلجات ...أو يفترشون الخضرة يتسامرون و ينحون بعضا من ضغوط الأسبوع المضنية ..ومنهم من يجلس قرب نافورة الماء الجميلة يتأمل أسرابا من البط تسبح هناك هاربة من موجة الحر الذي حلّ قبل أوانه...

تهمس تيجان بحلاوة مزاجها الرائق هكذا منذ أسبوع " إذا...أسمعك ؟"
مزاج رائق حد الابتذال وكأنها تريد أن تري الجميع كم أنها بخير وسعيدة...سعادة لا يمكن لأحد أن يبلغها ...

إلا أن شمايل شعرت بالعكس ...بدى قناع السعادة ذاك هشا لدرجة أنها تخيلت نفسها قد تكسره عن محياها إن هي لامست وجهها بأطراف أناملها بمنتهى الخفة...كان هذا غريبا ..لكنه واقع ..شيء ما فيها تغيّر فصارت ترى الأمور بمنظار آخر ...تراها بوضوح خانق كئيب يجعلها تصمت معظم الوقت و تجاري تيجان في كل ما تقوله ..لا تعلم تحديدا ماذا تنتظر ..لكنها تنتظر أمرا ما مجهولا ...سيغير الكثير و يكشف الكثير ...

تلتفت نحوها تحدق في ملامحها المبتسمة ...بابتذال أيضا..بثقة زائدة أضحت تراها مهزوزة ...كالسراب ...كنوع من إثبات الذات وتهز رأسها مبتسمة بهدوء ..هدوء باتت تشعر به منذ أسبوع ..تخطو على مهلها ...وتراقب ما يجري ..وتفكر في حياتها ..في قرارات قد تغيرها كما ستغير من مستقبلها...

هاهي ذي تيجان الآن تجلس قبالتها مستعدة لتسمعها ..وهاهي ذي مستعدة أيضا لتبوح بمكنوناتها ...لكن هل يهم الآن ما ستقوله مادامت تدرك أنها كانت مخدوعة ...وهي الغبية صدقت وعاشت أحلك الأيام تتلوى ألما على وقع أكذوبة منسوجة بعناية وهي اختارت أن تصدّق مغمضة العينين ..

غريب حقا أن يستحيل ما بدى لها في غاية الأهمية منذ أسبوع فقط إلى كلام باهت بال بلا قيمة كالقمامة ... !

لكنها اختارت أن تستمر وكأن شيئا لم يتغير لتتأكد أكثر على الرغم من يقينها أنها ستتألم بشكل أعمق ..

طال صمتها المفكر فكانت تيجان تميل رأسها متسائلة بصمت فتهمس شمايل أخيرا ببساطة وصدق دون مقدمات تلميحية " بطريقة ما وجدت نفسي متورطة مع غسان ...كان هذا قبل أن تطلعيني على مشاعرك تجاهه ...تحدثت إليه عبر موقع التواصل ...وأعجبت بشخصيته ...فسرت رغبته في الحديث معي على أنه إعجاب...و بادلته الإعجاب ...ثم اكتشفت خطئي الفادح...لهذا لم أتمكن من السيطرة على نفسي ذاك اليوم في المطعم ... "
تشوح تيجان بكفها بأناقة وتقول ضاحكة بصوت ناعم رقيق وكأن ما قالته شمايل لتوها دعابة لطيفة عوض أن يكون موضوعا حساسا للغاية "لابأس...أتفهمك ..ففي النهاية أنت لا تملكين أي تجربة في هذا المجال إذ لم يسبق لأحد أن أعجب بك من قبل ...كيف ستفرقين ما بين الإفتتان الحقيقي و الاعجاب العادي البعيد عن الحب..."
لماذا آلمها كلامها مادامت قد قالت الحقيقة ...؟
لا ...لم تكن الحقيقة مؤلمة بقدر إدراك تيجان للوضع بل و رؤيته كأمر طريف ...
كل فتاة مهما كانت مستقيمة و ملتزمة ستحب أن يهتم بها الشباب ..تختلف الطريقة التي تفضلها كل واحدة حسب عقليتها و تربيتها إلا أن هذا الشعور الفطري لا يمكن تجاهله...

هناك من لا تبالي ولكن في المقابل هناك من تعتبر عدم الاهتمام كعقدة تفقدها الثقة بأنوثتها وجمالها رغم أن الجمال قد لا يكون معيارا ثابتا في الانجذاب بين الجنسين...

تجيبها شمايل هامسة بخفوت كئيب "أنتِ أدرى بما أنك محاطة طوال الوقت باهتمام الجنس الآخر ...على كلٍّ أردت أن أصارحك حين شعرت أن الأمور بينكما قد تتطور جديا ليكون كل شيء واضحا "

تحدق تيجان في عينيها للحظات بعينين مظلمتين غاضبتين رغم المرح البادي في صوتها "كنتِ تخفين كل هذا عني عندما غضبتِ لأني لم أطلعكِ على مشاعري ...كنتِ تلومينني بينما كنت البادئة ...والبادئ أظلم !"

وكانت تتذكر الأيام الكثيرة التي تبادلا فيها نظرات الغرام الصامتة أمام عينيها وكأنها غير موجودة ...كم أغضبها أن تُعامل كتمثال حجري مثبت بينهما ...
لن تسمح لأي كان أن يقصيها ويستخف بها ...أبدا ..!
فتفهم شمايل المغزى من كلامها وتفكر بصمت ...هل فعلت بها كل هذا لتذيقها من نفس الكأس الذي ظنتها سقتها منه ؟

فترد شارحة بهدوء "بالطبع الوضع مختلف ...قلتها بنفسك..لا أملك أدنى تجربة لأستند عليها...كما تعلمين مدى ثقتي بنفسي في هذا المجال"

فتبتسم تيجان وتهمس بحلاوة غريبة "على كل حال لم يعد كل هذا مهما فأنا لم أعد أريده...بل لم أرده من الأساس ..لم أكن متأكدة من مشاعري نحوه "

شمايل التي جهزت نفسها للأسوء لم تتفاجأ أبدا لما سمعته ..أردفت متسائلة بحيرة حقيقية "استيقظتِ صباحا و اكتشفتِ فجأة أنه ليس حب حياتك مثلا؟...بهذه السرعة...؟ بينما كنت تنزلين من سيارته منذ أسبوع فقط ...والجميع يقول أنك خطيبته؟ "
تتفرس في ملامحها الهادئة للحظات وكأنها تتساءل بصمت عن عدم اندهاشها كما توقعت ثم تقول شارحة تتأمل أظافرها تدعي اللامبالاة "ركبت معه لأتحدث إليه وأبلغه بأني اكتشفت حقيقة مشاعري نحوه...لست أنا من قال أنه خطيبي ..رأيت بأم عينيك أنهم اختلقوا الأمر لوحدهم فهم يروننا مناسبين لبعضنا..ستكون خيبة أملهم كبيرة حين يكتشفون الحقيقة ..."

تتجلد شمايل و تواصل مركزة على سحب أكبر قدر من المعلومات "كيف تغيرت مشاعرك ؟...من المنطقي أن يكون لديك سبب مقنع"
تدقق تيجان النظر في لون أظافرها النيلي للحظات إضافية شاردة في صمت ثم تعتدل في جلستها وتنفض شعرها قائلة مبتسمة بثقة "طبعا ...اكتشفت أني مغرمة بصديق أخي ...كنت اكابر واقاوم حبي له فكذبت على نفسي و توهمت حب غسان "
فتبادلها شمايل البسمة وتهمس بشجن "إذا شخص مميز دخل حياتك فجأة...يبدو أنها أصبحت عادة لديك! "

فترد وقد تألقت عيناها...بحزن عميق ! "أجل ..أنا أيضا لم أعرف كيف قلب حياتي رأسا عل عقب ...الأسبوع القادم ستتم خطبتي و عقد قراني فقد تعرفت إلى والدته و أخته منذ أيام فقط...أردت دعوتك بالمناسبة "

"تمم الله لك بكل خير ....ألا تعتقدين أنك سريعة نوعا ما ؟"
شعرت شمايل بالقلق عليها..آلمها قلبها لرؤية الحزن الدفين في عينيها الضاحكتين ...وكأنها تسرع الأمور عمدا نكاية بها ...لتثبت لها أنها بخير ..أنها لا تهتم بغسان مطلقا ...

فتتجاهل تيجان كلامها وتهمس معترفة بشجن مفتعل "أردت أن أعتذر لك أنا أيضا...أخطأت في فهم نظراته..ظننته مهتما بي لكني اكتشفت أنني كنت مخطئة.." ثم تضيف تربت على ذراعها بحرارة منفرة"ها قد خلت لك الساحة أخيرا بعد أن ظننتِ أن حبكِ يائس من طرف واحد...قد يتقدم لك ...ألست سعيدة؟"

كان من المفترض أن تشعر بغضب عارم لما فعلته بها تيجان لأسابيع طويلة ..إلا أن شعورا عميقا من الشفقة سكن قلبها ...كم تشفق على نفسها العليلة ..لماذا تفعل كل هذا بحياتها ...ماذا ستستفيد ؟

فتهمس بصوت فاتر مخنوق مناقض للخبر السعيد الذي أزاح عن كاهلها الكثير "أعلم أنه كان معجبا بي فقد تقدم لخطبتي منذ أيام قليلة"
كانت اهتزاز حدقتيها العابر جليا لعيني شمايل..
راقبتها ببؤس كيف تعض شفتها السفلى تمنع نفسها من الانهيار وقد شتتت المفاجأة تركيزها ..كيف ترمش محاولة احتواء دموعها المتحجرة..كيف ابتلعت ريقها بصعوبة ثم قالت مبتسمة بصوت مخنوق غاضب ترفع ذقنها ترفض الانهزام في حرب تخوضها مع( نفسها) دون أن تدرك! "حسم أمره بهذه السرعة! ...على الرغم من أنه كان معجبا بك منذ البداية إلا أني شعرت وكأنه مال إلي في فترة ما فقد سايرني طويلا دون أن يبعدني عنه...ربما لو حاولت قليلا لكنت استحوذت على قلبه"
ثم تتساءل بفضول "إذا ما كان قرارك؟"
فتهز شمايل كتفها تجيبها بصدق "لا أعلم..لم أقرر بعد..إلا أن والداي يرفضانه "
تلمع عيناها بسعادة خبيثة وتهمس بنبرة ذات مغزى بأسف مفتعل "أعتقد أنهما على حق ...يؤسفني ما آلت إليه الأمور ..الجميع اعتبره خطيبي ...إذا ما رأوك معه مستقبلا ..تعرفين..قد...."

هل سمحت لهذه الاشاعة بالانتشار لتحرمها منه لو لم يكتب لها النصيب معه!
ماذا فعلت أيضا غير كل هذا!
ما كل هذا الإصرار المخيف ...ما كل هذا التخطيط الدقيق !
لا تصدق أن تيجان فكرت في كل هذا لوحدها ..تهدف لأذيتها..
مرة أخرى..لم تغضب..لم تتزحزح رغم كل الحقائق الجارحة التي اكتشفتها..وكأنها أصبحت منيعة ضد الصدمات..
إلا أن قلبها يتلوى ألما ..ألما يصاحب شعور حديثا بالذنب تجاه صديقتها...لم تعرفها كما ينبغي لتحاول مساعدتها...لتخبرها عن غسان منذ البداية فتجنبها كل هذه التعقيدات ...
تهمس تيجان متسائلة تخرجها من شرودها الغامض "لماذا تحدقين بوجهي هكذا...هل هناك شيء ما عالق به؟"
فتهز شمايل رأسها نفيا وترد بصوت فاتر متعب تبتسم بدفء صادق "لا...أنا يجب أن أذهب ..نلتقي غدا .."


...........................


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-20, 11:26 PM   #208

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


في نفس اليوم...ليلا

تتخصر سعاد في وقفتها تحجب شاشة التلفاز عن زوجها تسأله ملوحة بيدها بعصبية لا تفارقها منذ أسبوع تثور لأتفه الأسباب "خلدون لم تخبرني كيف كان رد فعله حين رفضته"
"هاه؟"
يطالعها للحظات بعدم فهم فتحتد تؤشر ناحيته بملعقة خشبية وتقول بنبرة تحذير مخيفة "مؤكد لم تنس إعلامه بجوابنا فقد انقضى أسبوعك الغالي !"
فيقوّس حاجبيه الكثين بتعاسة مصطنعة ويهمس ببراءة مغيظة "بكى كثيرا وقال أنه سيقتل نفسه ما لم أزوجه ابنتي "
فتضرب الأرض بقدمها تستشيط غيظا و تهتف بصبر نافذ "لا تسخر!"
فيؤشر بكفه يصرفها لتبتعد عن الشاشة ويصدر صوت امتعاض قبل أن يقول بسأم "لا شيء ...ماذا تريدين منه أن يقول ! ...ابتعدي عن التلفاز يا امرأة لا رغبة لي في التفرج على ساقيك "
تضيق سعاد عينيها تتأمل عدم اكتراثه بشك ثم تهمس بعد برهة بأمل "حقا؟"
فيهتف متنهدا وقد أزعجه إصرارها " أوف ..كنت تتوقين للتخلص منه ..ما الذي تغير إذا...هل ندمتِ على تسرعك ؟"
فتبرطم متبرمة تداري الراحة التي شعرت بها وتنصرف ناحية المطبخ لتحضير العشاء"

شمايل التي سمعت الحوار الدائر بين والديها حين كانت تهم بدخول الغرفة إلا أنها عزفت عن ذلك مفضّلة تركهما يتحدثان براحة وعفوية دنت من الكنبة التي يتمدد فوقها خلدون مقابلا التلفاز و افترشت الأرض بهدوء تتأمله مركزا مع برنامجه المفضل فلم يلحظها من الأساس ...تهمس بعد أن راقبت تصرفاته لأسبوع تفصح عما استنبطته من خلال ملاحظاتها "لماذا تتهرب من إخبارها الحقيقة...أنت لم تبلغه بعد برأيكَ ! "
يستغرق بضع لحظات ليستوعب ما تفوهت به فيعتدل جالسا يراقب الباب بعينين جاحظتين ويهتف بهمس حذر "أششش..اخفضي صوتكِ...أنا في غنى عن وجع الرأس الذي ستسببه أمك بنقارها " ثم يضيف ببؤس معترفا شاعرا بالذنب "لم أملك الشجاعة الكافية لردّه ...أحببته والله "
تحدق في ملامح والدها الكئيبة وقد تمزق ما بين رفض أمها و إعجابه بغسان ..وتهمس مبتسمة بعزم وثقة جديدة على شخصيتها ..فكرت كثيرا وقررت ألا تهتم بعد اليوم لما يقوله الناس عنها بل ستبحث عن سعادتها و تنتزعها بيدها بجدارة و شرف ...فقد شعرت حقا بمعنى أن يحيا الإنسان لمرة واحدة فقط ...حياة وحيدة ينبغي أن يعيشها كما يجب ..أن يسعى ويبذل قصار جهده ...
"هل تأذن لي بأمر يا أبي ؟"
يبعثر شعرها بيده الكبيرة و يقول مرحّبا وقد شعت عيناه بدفء أبوي فياض "ماذا تريد ضي العيون؟"
فتهمس وقد تخضبت وجنتاها بحمرة الخجل "أريد أن أكلمه دون أن تعلم أمي ...في الوقت الراهن على الأقل "

يتأملها كيف أطرقت برأسها حياءً منه في اعتراف غير مباشر بإعجابها بالشاب ...كان يرغب في أن يسألها عن الكثير من الأمور ...منذ متى تعرفه...كيف تعرفت إليه..لكنه تراجع متحليا بالمزيد من الصبر من جهة وواثقا بتربيته لابنته من جهة أخرى ..فهو متيقن أنها لن تفعل أبدا ما ينكس رأسه...

فيهمس بجدية وعيناه معلقتان بالباب
"ممكن ...لكن بشرط واحد..."



انتهى الفصل الرابع عشر
قراءة ممتعة للجميع


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-20, 11:32 PM   #209

ساهرية

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية ساهرية

? العضوٌ??? » 327435
?  التسِجيلٌ » Oct 2014
? مشَارَ?اتْي » 585
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond repute
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 13 ( الأعضاء 4 والزوار 9)
‏ساهرية*, ‏ام زياد محمود, ‏سوووما العسولة, ‏ahlem ahle

مساءُ الخير ❤
لي عودة 🙆🏻‍♀🌸

الديجور likes this.

ساهرية غير متواجد حالياً  
التوقيع
" أمضي غريقاً "
هي ملحمةٌ من المشاعر وتضاربات الوجدان .. خلجاتٌ نفوسٍ حائرة بأسرارٍ تنحر الروح .. هي أرضٌ ليّنة يمضي فيها القلب ليجد نفسه فجأةً .. قد غرق !
رد مع اقتباس
قديم 10-08-20, 12:41 AM   #210

ساهرية

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية ساهرية

? العضوٌ??? » 327435
?  التسِجيلٌ » Oct 2014
? مشَارَ?اتْي » 585
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond reputeساهرية has a reputation beyond repute
افتراضي


نادين تتخبط بشدة حتى كدتُ أشفق عليها ..
تتلظى بنيران افتتانها الغير منطقيّ .. والمُخجل
لكن أي حب تتحدث عنه وهي تنتوي الأسوأ لكاظم ..
تُثبت على نفسها للنهاية انغماسها بالأنانية ..
أما كاظم .. فتبين له أن تيجان النسخة الأضعف من نادين ولا زال يعشقها
شيءٌ مؤلم ألا تلحظه حتى .. تصفه ببارد المشاعر ..
غسان ولله الحمد حسم موقفه أخيراً وتوّجه كالمحترمين لبيت شمايل
أما شمايل فتتجاهل بقلبٍ سلبيّ أنانية تيجان المُجحفة بحقها .. وتجلسان
تتحدثان عن غسان وكأنما تتحدثان عن لعبة 🤔
أم شمايل تعرض رفضاً غريباً وحمائية مُبالغة أثمرت بسلبية ابنتها 😒
حبيبتي كعادتكِ تخطين أسطر غاية في الرُقيّ تجعلني أتمهل في قراءة كل كلمة🌸
سلمت يداكِ ❤

الديجور likes this.

ساهرية غير متواجد حالياً  
التوقيع
" أمضي غريقاً "
هي ملحمةٌ من المشاعر وتضاربات الوجدان .. خلجاتٌ نفوسٍ حائرة بأسرارٍ تنحر الروح .. هي أرضٌ ليّنة يمضي فيها القلب ليجد نفسه فجأةً .. قد غرق !
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:09 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.