آخر 10 مشاركات
اللوحة الغامضة (48) للكاتبة: كارول مورتيمور .. كاملة .. (الكاتـب : cutebabi - )           »          وعد بالسعادة - قلوب النوفيلا - الكاتبة الرائعة :*سارة عادل* [زائرة]* كاملة &الروابط (الكاتـب : *سارة عادل* - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          4 - لعنة الماضي - بيني جوردان (دار الكتاب العربي) (الكاتـب : Gege86 - )           »          داويني ببلسم روحك (1) .. سلسلة بيت الحكايا *متميزه و مكتملة* (الكاتـب : shymaa abou bakr - )           »          النضـــال ( الجزء الثانى من مذكرات مصاص الدماء ) - كامل - (الكاتـب : Dalyia - )           »          هل حقا نحن متناقضون....؟ (الكاتـب : المســــافررر - )           »          سجل حضورك ببيت شعر ^^ * مميزة * (الكاتـب : ميار بنت فيصل - )           »          اصديق (انت)ام عدو؟ (الكاتـب : مجهولة. القدر - )           »          عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: أكثر ثنائي أنتم في شوق للإلمام بتفاصيل قصته :
أوس و جوري 48 59.26%
كاظم و تيجان 25 30.86%
غسان و شمايل 10 12.35%
معتصم و رونق 23 28.40%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 81. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree2110Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-09-20, 04:09 PM   #311

Hayette Bjd
 
الصورة الرمزية Hayette Bjd

? العضوٌ??? » 404791
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 586
?  نُقآطِيْ » Hayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond reputeHayette Bjd has a reputation beyond repute
افتراضي


ايه الصدمات دي كلها 💔💔💔
شمايل و غسان ملحقوش يفرحو صفية تعلقت بآخر قشة و تذللت لابن اختها ليعقد على جوري يحميها من بطش تماضر وعباس التي من الواضح انها من اخبرت عباس عن هروبهما ليفعل فعلته الحقيرة مع أوس ياترى حتعمل ايه جوري حتدعن وترجع للبيت ولا فيها حاجة ثانية وتقرر تهرب من طريق ثاني..
شمايل تتمسك بغسان للرمق الأخير صحيح هو كان مصدوم وتقريبا مغلوب عليه بس افشاءه لسر خالته فيه الكثير من المهانة ليها.. بس صعب انه يخسر كل حاجة ببساطة هو بيحاول يتمسك بحبه لشمايل ويضمنها بصفه..
نادين وجهها البشع يتكشف يوما عن يوم لا اصدق كيف تتمنى لابنتها ان تفشل زيجتها فقط لتحقق رغبة حقيرة في اثبات وجهة نظرها و انتقام مغلوط من كاظم .. اتمنى انه يقدر يلحق يجيب تيجان عنده ويفصلها عن امها قبل متنيل عقلها اكثر..
تسلم ايدك الفصل يجنن😍😍

الديجور likes this.

Hayette Bjd غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-20, 05:06 PM   #312

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Hayette Bjd مشاهدة المشاركة
ايه الصدمات دي كلها 💔💔💔
شمايل و غسان ملحقوش يفرحو صفية تعلقت بآخر قشة و تذللت لابن اختها ليعقد على جوري يحميها من بطش تماضر وعباس التي من الواضح انها من اخبرت عباس عن هروبهما ليفعل فعلته الحقيرة مع أوس ياترى حتعمل ايه جوري حتدعن وترجع للبيت ولا فيها حاجة ثانية وتقرر تهرب من طريق ثاني..
شمايل تتمسك بغسان للرمق الأخير صحيح هو كان مصدوم وتقريبا مغلوب عليه بس افشاءه لسر خالته فيه الكثير من المهانة ليها.. بس صعب انه يخسر كل حاجة ببساطة هو بيحاول يتمسك بحبه لشمايل ويضمنها بصفه..
نادين وجهها البشع يتكشف يوما عن يوم لا اصدق كيف تتمنى لابنتها ان تفشل زيجتها فقط لتحقق رغبة حقيرة في اثبات وجهة نظرها و انتقام مغلوط من كاظم .. اتمنى انه يقدر يلحق يجيب تيجان عنده ويفصلها عن امها قبل متنيل عقلها اكثر..
تسلم ايدك الفصل يجنن😍😍
جمعة مباركة عزيزتي ..بالفعل هذا الفصل يعتبر بداية الصدمات و تصاعد الأحداث لنصل بإذن الله إلى بر الأمان ...
سعيدة جدا بمتابعتك حبيبتي

الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-20, 10:53 PM   #313

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


"الفصل التاسع عشر "


قرية الجبل الأسود ..دار الحاج عبد العليم
الرابعة فجرا


تدلف جوري عقب نزولها من التاكسي إلى فناء الدار الخارجي وقد تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ..رغم الارهاق الذي هدّ جسدها إلا أنها كانت تعيش نزاعا حاميا فقلبها الملتاع كان مع أوس بالكاد تسيطر على ذعرها عليه وعقلها مع أمها تنتوي أن تتوجه رأسا إلى مخدعها و تنتزع من فمها الصراحة مهما كانت انتزاعا ..

يتراءى لعينيها من بعيد خيال واقف بمحاذاة باب الدار فتظنها أمها قد جافاها الرقاد فأخذتها قدماها إلى حيث تقف تنتظر منها خبر وصولها بأمان ..

وحين اقتربت بما يكفي تمكنت من تبين ملامحها على نور الفجر الشحيح فتتجمد في مكانها وقد تلجّم لسانها لتنطق بعدها تائهة في حيرتها "جدتي ..ماذا تفعلين أمام الباب في وقت كهذا ؟"

"أليس من المفروض أن أكون أنا من تطرح هذا السؤال عليكِ..ورائي حالا ؟"

ختمت تماضر كلماتها الساخرة بأمر نافذ لا يقبل النقاش فتهمس جوري بخفوت حذر بينما تتبعها في الرواق على أطراف أصابعها خشية ايقاظ النيام "انتظري سأذهب لأرى أمي ثم .."

فتلتف تماضر ناحيتها ثم تقول تتعمد التلكؤ على كل حرف "ألا تريدين معرفة ما تخفيه عنكِ أمكِ ؟"
وعرفت كيف تجتذبها دون عناء ورأت في عينيها فضولا يصرخ مطالبا بالارتواء ..

فتبادرها بالقول الصريح المباشر دون مواربة ما إن دخلت مخدعها "أمكِ البليدة ظنت نفسها قادرة على تغيير الأقدار ..لا تفهم .. و لن تفهم يوما أن عباس قدركِ حتى ترى بأم عينيها "

" من عباس هذا ؟"
تجيبها بهدوء دون أن تحيد بطرفها عن عينيها المشوشتين
"ابن عم الشيخ عبد الحي من عشيرة (ال...)"

ترتبك أكثر وتنطق شاردة في تخميناتها "أليس أكبر مني بأزيد من ثلاثين عاما ..زوّج أصغر بناته منذ عامين وقد حضرنا عرسها ! " ثم تستطرد بحدة هذه المرة تحدق في عيني جدتها بخيبة واضحة " ألهذا حاولت أمي تهريبي من هنا ؟..أليس في قلبكِ رحمة جدتي من المفترض أن تحمينا بعد أن مات أبي لا أن تكوني أول من ينهش لحمنا ..كيف ترضين رميي لذاك الخسيس المزواج ..هل أبدو لكِ يائسة ..هل عدمتِ الرجال لتتطلعي إلى أنذلهم و أرذلهم! "


فتهز تماضر وترد ببساطة "ماذا إن كان هو من يسعى للحصول عليكِ بأي ثمن ..الرجل معروف بهوسه الشديد وكان من سوء حظكِ أن وقعت عيناه عليكِ ! "

فتضرب الأرض بساقها وقد شاط غضبها تهدر كلبؤة حرّة تأنف الجيف "من أين رآني أصلا ليطلبني فأنا لم أره أبدا من قبل ..أعرفه كما يعرفه أهالي القرية فالرائحة العطنة لسمعته تسبقه أينما حلّ .. تالله لأغمدنّ في قلبه خنجرا لو اقترب مني ..لا أرضى مهما حاولتِ جدتي فأنا لست أمي لتخفيني ببضعة كلمات ..يا خيبتي فيها كيف تقصيني هكذا وتكلف نفسها عناء كل هذا التخطيط المضني دون أن تثق أني كفيلة بنفسي ! "

ثم تضيف لاهثة بجنون تلوح بيديها بعشوائية " ما زلت لا أفهم كيف تفعلين بي هذا ..ألست حفيدتكِ ..كيف تسمحين له أن يتجرأ و يمدّ يديه نحوي بل و تعمدين إلى تسليمي إليه عن طيب خاطر ..من الأفضل أن تكون لديكِ أسباب مقنعة وإلا فلا تفسير آخر سوى أنكِ جننتِ جدتي "

تستمع تماضر إلى تذمرها فيما ترمقها بنظرات لامعة عميقة قبل أن تبتسم بقسوة وترد بهدوء مريب " لديّ أسبابي ولنرى إن كانت ستقنعكِ أم لا "

تهمد جوري وقد سيطر عليها الترقب إذ لم تكن تنتظر من تماضر تفسيرا بمنتهى السهولة ..أمر مخالف لطبيعتها فنادرا ما تكلف نفسها عناء تبرير تصرفاتها
"كنتِ محقة حين قلتِ أنكِ لستِ أمكِ ..فأنتِ لم تعيشي ما عاشته هي على كل حال ..لهذا ينبغي عليكِ أن تشكري ربّك لأنكِ ستخرجين من دار أهلكِ عروسا معززة مكرمة ..صاغا سليما لم يُمس "

كانت تستمع لكلماتها المبهمة محبوسة الأنفاس تنتظر أن ينقشع الغمام و تنجلي الحقيقة الكامنة خلف هذا الغموض المنفر فتستزيد تماضر تضيق عينيها "أو ..من تظنينهم أهلكِ حتى الآن ..؟"

"م..ماذا تقصدين ؟"
لم تعي كيف تشكلت الكلمات على شفتيها وقد أخذ قلبها الواجف يرعد لما تراءى لها في مخيلتها فتضيف تماضر دون هوادة "لماذا لا تشبهينني ..لا تشبهين ابني الغالي تغمده الله برحماته الواسعة .. لا تشبهين عماتكِ ؟"
فتجيبها تعقد حاجبيها ترفرف عيناها المتوسعتان في ضياع رهيب "أنا ..أنا أشبه أمي !"

فتقرر تماضر أن اللعبة انتهت وتستطرد شارحة وقد اصطبغت كلماتها حسرة و حرقة "ابني نور عيني أفنى حياته في ستر أمكِ ونتاج العار الذي لحقها ..لم يكن مجبرا على تقبلها حين اغتُصبت أياما بعد عقد قرانهما ..ولكنه فعل ..فعل وأخفى الأمر عني لأزيد من عشرين عاما ومات وهو يظن أنني لا أعرف ..لا أعرف أنكما لستما حفيدي ..أنكما ابنا حرام..ومع هذا تقبلتكما وابتلعتُ قهري وحرقتي"

وعرفت سر الوحدة الخانقة التي شعرتها الليلة ..لأنها كانت بالفعل كذلك ..
على الرغم أن رأسها ارتد إلى الخلف وكأنها تلقت صفعة على وجهها.. ملامحها ابيضّت تماما إلا أنها داخليا لم تندهش ..لم تذهل ..وكأنها كانت مهيأة لصدمة كهذه بفعل الأحداث المتطاحنة التي مرّت بها منذ أيام ..

كانت قد وصلت إلى مرحلة من الألم لا يؤلمها بعدها شيء ..كان هذا ما أحسته حين مات موقنة أن ما من نبأ بعده قد يهزها وما من فراق قد يؤلمها ..وقد عززت الحقيقة التي سمعتها لتوها مبدأها هذا حين علمت أن مشاعر الأبوة تلك لم تكن فطرية بحكم الدم الذي يجمعهما بل كانت أرقى مراتب الانسانية ..أسمى درجات الرجولة ..

ورغم هذا إلا أنها شعرت بانكسار شديد التمعت على اثره عيناها بدموع زجاجية لكنها لم تذرفها مصرة على حبسها هناك ..ظلت صامدة في وقفتها ..شامخة في ألمها ..فما عانته أمها كان أكبر وما تحملته هذه المرأة الجبارة الواقفة أمامها و(الغريبة عنها) كان أقسى ..وما قاساه ذاك الرجل النبيل المدفون تحت التراب الذي ما عرفت غيره أبا طوال سنين حياتها كان أهول وأعمق ..
كانوا جميعا أمثلة حية عن القوة و الصمود ..كل على طريقته ..وما كانت لتسمح لنفسها أن تكون الحلقة الأضعف ..


تهمس بصوت متصلب ميت في خفوته رغم ثباتها وقد جمعت اثنين باثنين "إذا كانت هذه أسبابكِ..أن تنتقمي من أمي فينا بعد أن مات أبي ..أن تفشي فينا كل قهركِ من خياراته الشخصية المنافية لرغباتكِ ؟"

شدّدت على (أبي) وكأنها تتحداها..تخبرها أنها لن تتنازل عن أبوته لها مهما كانت الحقيقة ..

ترمقها تماضر بنظرات مقدرة لصمودها الجبار الذي تُحنى له الرؤوس ..كانت تشعر دوما أنها أقوى من أمها وأقدر على تحمل الصعاب وهاهي ذي تثبت صحة تخميناتها ..تجيبها بحدة ناهرة "لا تقرري عني ماذا أريد ..عباس تجرأ وأرادكِ وعقد العزم على الحصول عليكِ ..لماذا برأيكِ قد يجهر بمطلب كهذا ما لم يكن واثقا من نفسه..احتمال كبير أنه يعرف عنكما لذا سبقته و عمدت إلى مسايرته قبل أن تتطور الأمور و نبلغ مرحلة الضغط واستخدام الأوراق الخفية ....لن أسمح له أن يقف موقف المنتصر ويعيّرني بما أخفاه ابني لسنوات طويلة ..كما لن أسمح له بتلويث سمعة ابني في قبره مهما كان ..دينكما كبير لي ولابني وستتزوجينه راضية مرضية ليخرس إلى الأبد "

كل كلمة كانت كسهام مسمومة تخدّر موضعا ما من روحها فتعقد العزم على التجلد وحفظ كبريائها ..مهما كان أصلها ..مهما كان نسبها ..ستظل انسانا يستحق الاحترام مادامت لم تفعل ما قد ينكس رأسها تتلافى التعقيب على كلامها وترفع رأسها تهدر بعنفوان "كان عليكِ أن تواجهيني أنا بالحقيقة لا أن تعمدي للضغط على أمي ..كنا سنتجنب كل الأخطار التي تعرض لها الليلة أبرياء لا ذنب لهم"

تصدح ضحكة قاسية من حلق تماضر قبل أن تدمدم بعجب "هل أنا من عرضكِ للخطر أم أمكِ التي تحسب نفسها تحسن صنعا .. كلّمتها بالحسنى لكنها لئيمة لا تفقه معنى ان يكرمها المرء ..جاحدة لا تقدّر ما يُقدّم لها ..جشعة لا ترضى إلا إذا نالت أطماعها وها قد رأيتِ بأم عينيكِ نتاج حساباتها وعواقب تخطيطاتها.. هل ظنتني عمياء لا أرى كيف تنظر لابن أختها ذاك تتمناه زوجا لك أم غافلة عن تدبيرها السخيف المكشوف ..لكنها لن تتغير أبدا وستظل دائما كعلقة لا تتوانى عن امتصاص دماء ضحاياها وكان ابن خالتك الضحية التي اختارتها لتحمله أوزارها ..أنا واثقة أنها توسلته ليتزوجكِ ويبعدكِ عن عباس! "

قلبها كان يكتوي بنيران هوجاء من الأسى و الحسرة على أحباء يبذلون الغالي و النفيس لسحبها من مستنقع ضحل شاءت الأقدار أن تغوص في أوحاله دون وعي كانت تستمع إلى كلام تماضر وفي نفس الوقت تضغط على عقلها المرهق ليعمل محللا كل كلمة فتغمغم ما استنبطته محتدة عليها بعدم تصديق " كيف تغامرين وتخبرينه بما تبيّته أمي وتعرضيننا لخطر كهذا فمن الواضح أنه هو من قطع طريقنا .." ثم تضرب صدرها وقد ندت عن شفتيها شهقة لوعة وتستدير هاتفة بجزع "لاااا...أوس ...يجب أن أطمئن عليه"

فتستوقفها تماضر قائلة بهدوء شديد "لا تخشي عليه ..كان هذا مجرد تحذير بسيط لتوقني أن استسلامي الهادئ له كان عن دراية بمبلغ جنونه و مهالك عناده وإجابة على سؤالكِ أنا لم أقل له شيئا ..يبدو أنه يراقب تحركاتكِ .. توقعته أن يصد طريقك وكانت توقعاتي في محلها ..أنا أترك الأمور تسير على طبيعتها كما ترين دون تدخل مني ومع هذا اتلقى اللوم وكأنني المحرك الأساسي ..تثبتين لي أنك ابنة أمكِ تماما في هذه النقطة..فكل ما تجيده هو إلقاء الملامة على الآخرين"

وتتابع ملوحة بسأم بعصاها حين لمست عدم التصديق الواضح على قسماتها "يبدو أنكِ لا تصدقينني لكني لا أبالي برأيكِ ..توقفت عن الاهتمام بما يقوله الناس عني منذ زمن بعيد..قد أكون استغلالية أمتص آخر قطرة من الفرص التي تُرمى في طريقي ..لكني لن أدبر المكائد و أغمس أصابعي في القذارة ولو قيد أنملة "

كانت مغمورة بكاملها دون أن تدرك ..أو ربما تأبى أن تعترف فمن الصعب أن يتقبل الانسان البعد الذي قد تبلغه نفسه لتحقيق مآربها وإشباع أهوائها فتكون تزكيتها و تجميل أساليبها أهون وأقل وقعا عليه ..

وتضيف تماضر بعد برهة بنبرة مؤكدة تبغي أن تختم هذا النقاش كما تتمنى فيكون ممهورا بموافقة جوري دون المزيد من المقاومة " أعلم أنكِ ذكية بما يكفي لتستنتجي أن رضوخكِ هو الحل الأمثل فعباس لن يذر أحدا منا يهنأ بعيشه ما لم يبلغ المنى ..مؤكّد لن تنسي ما بذله ابني لأجلكما وتبيعي ذكراه بالرخيص "

ضحكة ذهول صدحت من حلقها قبل أن تردف بمرح مفتعل وقد برقت عيناها بقسوة غريبة " تقولين أنني محشورة في الزاوية إذا ..ولا مهرب من عباس هذا إلا إليه ..هل نسيتِ ليث ..شقيقي ..أخبره ونذهب من هنا لنؤسس حياة جديدة ..حياة حقيقية نعرف فيها من نكون وماذا نريد !"

تأخذها على حين غرة فلم تتوقع منها أن تجلب سيرة ليث في وضع كهذا يذهب العقول و يخض القلوب فتتمالك نفسها بشق الأنفس وتفح من بين أسنانها المطبقة بجنون " دعي ليثا جانبا فمن اللؤم أن تسحبيه إلى مشاكلكِ"

تهز رأسها دون معنى وتواصل مبتسمة براحة "هل تظنينه جانبا حقا ..لابد أن غسان قد أخبره بمطلب أمي ومن الممكن أنه في طريقه لنجدتي ..لكن هل ليث من النوع الذي يتقبل حقيقة أنه ابن حرام بهدوء مثلي ! "

تحاول تماضر ابداء عدم اهتمامها فيفضحها ارتعاش العصى في يدها فتتسع ابتسامة جوري الساخرة وتستزيد مقرّة تتلكأ بتعمد مستفز على الكلمات "تعلمين أنكِ ستفقدينه إن عرف أنه ليس حفيدكِ ..ليث رجل بكرامة تبلغ عنان السماء ...من يدري ماذا قد يفعل حينها بكِ...وبنفسه "

لا تطيق مجرد التفكير في احتمال كهذا فتواري قلقها خلف انفعالها حين هدرت تهددها "إياكِ أن تقلبيه ضدي أو تخبريه بأي شيء .. قسما بالرب المعبود لأُرِينَّكِ حينها ما لا يخطر على بال بشر"

ثم تبصق أرضا قبل أن تبرطم بلهجة حقودة " أي نكران عرفان هذا !..لا أستغرب هذا منكِ في الواقع فحتى وإن كنتِ تربية ابني تظل نفسكِ ميالة لأصلها الموبوء "

لمحة ألم خاطفة عبرت عينيها لكنها أخفتها بمهارة فتحدق فيها لولهة قبل أن تهز كتفيها دون اكتراث و تجيبها تشوح بكفها بإهمال " أنا خسرت كل شيء على كل حال ..لم يبق لي ما أخسره إن أخبرته "

تشخص عيناها ويبان رعبها بعد أن لمست جوري وترا حساسا في روحها فتخاطبها بنبرة مهتزة تحاكي اضطرابا اكتسح أوصالها "تحملين وزر تخريب حياة أخيكِ حينها ومستقبله"

فتنفجر جوري ضاحكة إلى أن دمعت عيناها ثم تتشدق ساخرة منها بالقول المستهجن "لا أرى أنكِ حريصة هكذا على مستقبلي !..ثم عن أي مستقبل تتحدثين ..عن بنيان واهٍ أهون من بيت العنكبوت ..عن باطل بُنِيَ على باطل ؟"

تهتز حدقتاها كدليل حي على أن الرسالة وصلتها إلا أنها تتجاهل تلميحاتها وتهتف ضاربة الأرض بعصاها "ستخبرينه أنكِ وافقتِ ضد رغبتي ..وأني لا أملك أن أسحب الموافقة بعد أن أُشيع الخبر بين العشائر "

جوري كانت في وادٍ آخر تعيش حالة غير طبيعية ..وكأنها تسعى بكل قوتها لتوهم تماضر أنها الشخص المحاصر هنا فتهمس بخبث ترمقها بنظرات ثعلبية ماكرة تضغط على موطن ضعفها أكثر "كم تحبينه جدتي العزيزة..كم تحبين حفيدك الوحيد الغالي ابن الغالي .. بما يكفي لتُقدمي على ما هو مخالف لشرع الله !..بما يكفي لتصمتِ لسنوات طويلة تتغاضين عن حقيقة أن ليثا لا يحق له أن يرث فلسا واحدا ..شبرا واحدا من تلك الأراضي مترامية الأطراف ! "


لم تجبها تماضر إلا أنها قرأت احتياجها إليه في عينيها ..الحقيقة التي عرفتها لتوها كانت المبرّر لتشبث تماضر المرضي بأخيها ..ما بينهما كان أكبر من حب جدة لحفيدها وأخطر ..كان هوسا بمن تراه أملها الوحيد من بعد فاتح ..هوسا أن يضيع من بين يديها يوما فقد كانت تعرف وان استنكفت عن الاعتراف أن ليثا لم يكن يوما ملكها ..حفيدها ..

شبح ابتسامة ادراك ارتعش على شفتيها ..لأنه رجل ..على عكسها ..فقط هذه التفصيلة تغير موقعيهما رغم قدرهما الملتحم الواحد ..
وتكون هي بنت حرام وجب تزويجها لمن لا يكترث لأصلها ..أو ربما تجرأ و طلبها لمعرفته لنسبها ..
"تصبحين على خير إذا .."

"جوري ! "

تناديها بصوت مضطرب ضعيف فتطمئنها بالقول توليها ظهرها تهم بفتح الباب "لست مجنونة لأدمر حياة أخي فأنا أعرف أنه لن يتحمل حقيقة كهذه ...لا تقلقي لن أبعد عنكِ حفيدك الغالي ..ابن الغالي...جدتي !"


..............................



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-20, 10:54 PM   #314

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


ومضت إلى غرفتها تشمخ برأسها تسير بخطى ثابتة رغم اضطرابها الداخلي الرهيب ..
تشعر بنفسها وكأنها تسير على خواء ..آتية من خواء ..متجهة إلى خواء ..
طنين أذنيها كان عاليا عزلها عن العالم من حولها وصخب أفكارها كان قويا فتضطر إل استيعاب كل شيء دفعة واحدة وكم تمنت لو كانت ضعيفة بما يكفي لتسحب القابس الكهربي لعقلها وينطفئ كل شيء فتغرق في الظلام تنعم بالراحة لبعض الوقت ..

وقفت تتأمل بجمود الباب الموصد لمخدع أمها ..كانت متأكدة أنها مستيقظة الآن تروح و تجيء تنتظر خبر وصولها سالمة إلى العاصمة لكنها لم تملك القدرة على مواجهتها في التو فلو رأتها سيطير كل تماسكها أدراج الرياح لتنهار تقبّل قدميها وتغسلهما بدموعها ترجو منها الغفران على جهلها وغبائها ..

لم تزدها معرفة الحقيقة سوى إيمانا وقوة ..فقد منّ الله عليها من خيره الكثير فمنحها أروع والدين ما كانت لتتمنى أفضل منهما ..
إلا أنها طُعِنت عميقا في صدرها حين عرفت حجم المعاناة التي تكبدها أشخاص عدة ليمنحوها حياة طبيعية كباقي الأبناء العاديين ..
مشاعر كانت خلاصة طبيعتها المضحية فقد اعتادت أن تجعل نفسها دوما بعد الجميع ..

ما إن ولجت غرفتها حتى فوجئت بشمس تجلس على سريرها تتشبث بملاءتها فتغلبها عواطفها و تسارع نحوها وتضمها إلى صدرها تنشج بحرقة .. وحين هدأت قليلا كانت تستلقي بها بين ذراعيها وتمسد على شعرها برفق هامسة بصوت أجش مشبّعا شجنا وحسرة "أتعلمين .. أكثر ما يحزنني فراقكِ يا أختي ....أنتِ المستودع السري لأفكاري ..لطالما فضفضت لك في لحظات حزني..يأسي..سعادتي ..أتكلم و أتكلم دون أن أضع لكلماتي حسابا ..أعلم أنكِ لن تفهميني و لن تجيبيني يوما ...لكن هل تصدقين أني أرتاح وكأن صخورا ثقالا قد أزيحت عن قلبي ....أغار منك ..كيف تملكين هذه المقدرة الربانية العجيبة لأبحث عن قربك فترممين كسور روحي ببلسمك السحري ...اعذريني الليلة فقد جئتكِ بأهوال عظيمة قد تصيبكِ شحناتها السلبية الجبارة حتى وإن لم تفقهي منها شيئا لكني لا أملك سواكِ..وجع أمي كسر فيّ الحياة فلن أعود كما كنت من قبل أبدا ..لن تصدّقي مشاعري المتضاربة في هذه اللحظة ..أتوق إلى حضنها بشدة وفي نفس الوقت أرغب في الهروب منها إلى أقاصي الدنيا ..يقتلني الذنب ويذبحني الخجل من أنانيتي ..غرّني بالدنيا الغرور فخلت نفسي أقوى منها ونصبتها حكما عليها ..لطالما نقمت على انقيادها وطبيعتها الاتكالية على أبي لدرجة مسحت معالم شخصيتها فباتت وإياه كيانا واحدا ...ليتني عذرت ولو على مضض تصرفاتها الخانعة لكني كنت لئيمة ولم أفعل مع الأسف ...وحتى و إن تخيلت ..لن تبلغ أعتى موجة في بحر خيالي الجامح ولو بمقدار ذرة الحقيقة المفجعة...كيف يمكن أن يكون خلف ضعفها كمّ كهذا من العنفوان...كيف استطاعت أن تتحمل من أجلنا ما يتفتت لهوله الصخر الجلمود ..لا أستطيع أن أستوعب أنها أحبتنا رغم كل شيء .. "


تغص بكلماتها وقد عادت عبراتها إلى الجريان تأثرا فتبحر بأفكارها إلى ذاك الرجل الأبي بقلب ذهبي نقي لا يشيخ ..أي وفاء ..أي معدن أصيل هذا !..
كيف استطاع تحمل ضربة كهذه في صميم رجولته ..والأدهى كيف تحمل دون أن يشكو أو يجعلهم يشكّون ولو لمرة واحدة .. !

هكذا هم الأتقياء الأنقياء يرحلون عن الدنيا مبكرا وكأن قذارتها ودونيتها لا تليق بهم ..وكأنهم خُلِقوا ليعيشوا عمرا قصيرا و يخلّفوا من ورائهم بصمة لا تُمحى فيكون رحيلهم كحرقة لا تهدأ ..كنار ستظل تكوي قلوب أحبابهم مهما طال الزمن فتعيش ذكراهم من بعدهم مخلدة تضحياتهم و تفانيهم الغريب عن طينة البشر العاديين ..

تعود لهمسها الأجش المتقطع شاردة في صورته المجسدة في مخيلتها وكأنه أمامها تلمسه و تحدثه " ما كان أحد ليجرؤ على أذيتي لو كنتَ حيا رحمك الله يا غالي ..كم أن شوقي إليك مؤلم يا أبي ..نعم أبي أقولها وأعيدها .. ندمي الوحيد أني لم أحظ بفرصة أنظر فيها إلى عينيك كما تستحق بينما أعرف الحقيقة كاملة ..أنظر إليك و أبثك حبي الذي تعدى حب الإبنة لأبيها بمراحل ..أشعرك بامتناني وفخري لما حظيت به من لدن حكيم خبير ..أنت أروع و أنقى رجل قد يمر بحياتي ولن أكون جوري إن سمحت لأحد بتدنيس ذكراك الغالية .."

كانت تتعمد التركيز على ماهو جميل في حياتها تتلافى ولو بشكل عابر التفكير في والدها البيولوجي ..في الجرم البشع الذي تعرضت له أمها ..
وكأن عقلها يفكر في اتجاه واحد فحسب ..كان هذا في صالحها فقد كانت بحاجة إلى الكثير من الطاقة الإيجابية والإيمان بالقدر لتتمكن من الوقوف على قدميها و المضي قدما في درب وعر اختارته عن طيب خطر لتحمي كل من تحبهم ..من أحياء وأموات ..


................................



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-20, 10:55 PM   #315

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


استيقظت زاهرة لتصلي بضعة ركعات قبل صلاة الفجر كعادتها فتناهى إلى مسمعها أنين خافت وكأن شخصا ما تحت نافذتها كانت ستتجاهل الأمر وتنسبه إلى مخيلتها حين سمعته للمرة الثانية أكثر وضوحا فكانت تلف وشاحها على رأسها كيفما اتفق وتهرع إلى الخارج وقد راحت تسمي الله مرارا و تكرارا حاملة في كفها كشافها الضوئي الصغير ..

ترددت قليلا حين تبينت على ضوء الفجر الشحيح الجسد المسجى أرضا يميل برأسه إلى الجدار قبل أن تحسم أمرها وتتوكل على الله متقدمة بحذر ناحيته ..

كانت صدمتها كبيرة حين سلطت الضوء على وجهه فهرعت إليه تولول بصوت مرتعب تفتش جسده بحركات فوضوية مجنونة "وامصيبتاه ...ما الذي حصل لكَ يا نور عيني! "

فيحاول فتح عينيه يحارب ليبقى في كامل وعيه ويهمس بضعف من بين شفتيه المتيبستين "اسحبيني إلى الداخل أمي وإياكِ أن تثيري الفضائح بصراخكِ "

لم تسمع كلمة واحدة مما قال فقد أذهب الفزع عقلها فباتت تهذي كالمجنونة تضمه إلى صدرها وتنوح بحرقة "ولدي ..من الذي فعل بكَ هذا ..حبيبي أوس...أنجدوني ..أنجدوني يا أهل الخير "

يستجمع ما تبقى من قواه الخائرة ويلوك الكلمات بلسان ثقيل "اسحبيني أماه و اصمتي بالله عليكِ أنا بخير ..هل تريدينهم أن يقتلوني! "

فتهمد شاهقة بلوعة وتتخبط باحثة عن الكشاف وقد هدأ روعها قليلا فترتجف كفها بينما تسلط الضوء على وجهه ثم على أنحاء جسده تعاود التأكد منتحبة بصوت خفيض متهدج .." من أين يأتيك الخير أنت مصااااب ...يا ويلي ..ولدي "

تخبط صدرها نائحة بعنف تكاد تفقد وعيها من فرط الجزع حين رأت آثار الدم في خاصرته فيعاود همسه الثقيل بصوت أعلى يزجرها "الجرح ليس غائرا اهدئي بالله عليكِ واسحبيني إلى الداخل "

لو كان الأمر بيدها لجمعت القاصي و الداني على رأسه بنواحها وصراخها لكنها خافت من تحذيره فظلت تفترش الأرض في مكانها مستمرة في بكائها "لا يمكنني الوقوف بني ركبتاي ترتعشان "

فيربت على يدها بكفه السليمة بوهن يخبرها بصمت أنه هنا ..يتنفس ..يسمعها ..

تستجمع كل طاقتها وتستند إلى الجدار لتنتصب واقفة ثم تسلط الكشاف مرة ثالثة عليه لتراعي الجرح في خصره ..ما إن قبضت على ذراعه لترفعه حتى كان يعض على أسنانه وقد احتقن وجهه وانتفخت أوداجه يجالد ليكبت الصرخة المدوية التي صدحت من حلقه فتجفل محررة ذراعه في نفس الوقت الذي همهم فيه بخفوت متوجعا لاهثا بإعياء "أماااه....ذراعي مكسورة"

فيشتد نشيجها يكتوي قلبها على وحيدها وتدعمه بحرص شديد تُميل جسده على جنبها تجاهد لتبلغ غرفته وقد أنستها الفجيعة ألم ظهرها المبرح الذي لم يقو على تحمل وزنه الثقيل ..

تخفضه إلى سريره بروية ثم تسحب بأصابع متخبطة هاتفه الصغير من جيب قميصه وتغمغم من بين شهقات نحيبها المرير بينما تشهره أمام وجهه " أرني كيف أتصل بالطبيب محي الدين"


تهزه عدة مرات ليفتح عينيه فيستجيب بشق الأنفس و يمليها الخطوات فتنفذها في الحال ..
عيناها عليه تلتهم تفاصيله دون أن يرف لها جفن بينما تنتظر الردّ الذي تأخر فلابد أنه نائم في هذا الوقت ..
ما إن أتاها الصوت الناعس المتسائل حتى كانت تهتف ملصقة الهاتف بأذنها بقوة "الحقني أرجوك أوس مصاب ...نعم ..أوس ابن محمّد الراعي"
ثم تخاطبه بصوت متهدج باكي "الطبيب في طريقه إلى هنا بني ..هانت ..تحمل قليلا بعد"

يشعر وكأن أمه تكلمه من مكان بعيد جدا ..يرتخي جسده ويسحبه الظلام نحو غياهبه بإصرار أكبر هذه المرة فيشد على كف أمه بوهن يقول بتقطع "إياكِ والجزع أماه مهما حدث..إنه ...مجرد ..فقدان وعي ..أمسكي بيدي... واهدئي ..حتى يصل الطبيب "

تمسح جبينه المتفصد عرقا باردا وتهز وجهه توقظه وقد غابت حدقتاه عن عينيها المهتزتين رعبا فتتمسك بكفه كما طلب منها وتراقب صدره يعلو ويهبط بينما تبكي بحرقة تدعو الله أن ينقذ ابنها و يحفظه لها ..


...................................


يهم بالخروج متوجها إلى جامع القرية ليلحق بصلاة الفجر فيقابله أمام باب الدار وجها لوجه ..

"صبّحك الله بكل خير ..يا شيخي .. وتقبّل صلاتك"
قالها عباس وعلامات الرضا تعلو محياه ..تتوهج في عينيه سعادة مفرطة حد الجنون..كان بريقا يعرفه الشيخ عبد الحي جيدا ..يتوجس منه خيفة فلطالما اقترن ذاك الألق المنفر بما لا يعجبه من خرجاته التي لا تنتهي ..

يلتقط رائحة الدخان التي تفوح من جلبابه فيضيق عينيه الحذرتين و يدنو منه بأنفه في إشارة واضحة فهمها عباس على الفور فتشدّق مبررا وقد مالت زاويتا عينيه في أسف خادع "يؤسفني أن تفوتني الصلاة في الجامع فأنا أحتاج للاستحمام أولا ..رائحتي دخان فقد كنت أساند رجال عشيرة ال.....في اعتصامهم على الطريق الغربية "

لا يعلق عبد الحي لكن العقدة بين حاجبيه الكثين الفاحمين تزداد تعمقا فيضحك عباس معقبا "أعلم أنك تقول في سرّك ما الذي يجعله يساند أهالي قرية بعيدة عنا مسيرة ساعتين تقريبا ,..لكن الأعمال لا تعرف حدودا يا ابن العم وأنت أدرى بطموحي الذي لا سقف له ..وقد شاءت الأقدار أن يكون لي مصالح مشتركة مع بعض وجهائهم "

يدفع عباس الباب براحة كفه بينما يقول مبتسما ببشاشة "لن أعطّلك أكثر إذا ...في أمان الله ..يا شيخي "

....................................



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-20, 10:56 PM   #316

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



مخدع فاتح ...الخامسة صباحا

تتأمل الساعة الجدارية قبالتها بعينين جاحظتين محتقنتين تكاد الدماء تتفجر من عروقها النافرة ..جالسة تهتز ذهابا و إيابا تعتصر هاتفها في كفها بقوة ابيضت لها سلامياتها ..تنشب أسنانها في شفتها السفلى بعنف أدماها يوشك القلق أن يفتك بعقلها المرهق تفكيرا في عشرات الاحتمالات المضنية ..

"كم سأصبر بعد ..ها قد مرّت ثلاث ساعات على آخر اتصال منها ..من المفترض أن تكلمني الآن وتطمئنني بأنها وصلت إلى العاصمة ..هل من الممكن أنها نامت أم أن شبكة الهاتف غير متوفرة في تلك المناطق من الطريق !"

أمضت الليل بطوله تحدث نفسها كمن فقد صوابه تارة تبكي وتولول متخيلة الأسوأ وطورا تنهر نفسها تطمئن قلبها أن كل قلقها هذا نابع من وساوس شيطان رجيم لا غير ..
تطالع الهاتف للحظات مفكرة قبل أن تخفضه إلى حجرها تهمس بحرج "لن أتصل به مرة أخرى ..يكفي أنني أفقدته صوابه الليلة أسمعه نواحي كل نصف ساعة ..ستصل قريبا بإذن الله وسيرن الهاتف ويكون المتصل غسان ..وأسمع من عنده صوتها ..بإذن الله..بإذن الله"

وفي هذه الأثناء كان الباب يفتح ثم تدخل جوري بهدوء توصده خلفها وتقف متصلبة تواجهها بتعابير منغلقة ..

ترفرف عيناها قبل أن تطرق برأسها تدلك جبهتها بإرهاق "لابد أني فقدت عقلي !"

"أنا هنا بالفعل يا أمي"

رفعت رأسها بسرعة البرق صوبها تتأملها برعب خالص وقد انخطف الدم من وجهها فباتت شاحبة كورقة صفراء ذابلة في عز الخريف قبل أن تنتصب واقفة وتقترب منها هاتفة وقد احتكم الهلع حلقها "ما الذي تفعلينه هنا ..كيف عدتِ ؟"

تتأمل جوري حالة أمها المأساوية بكآبة شديدة أثقلت قلبها ..تتآكلها الحسرة تتخيلها تتخبط محاولة العثور على مخرج وقد عدِمت الحيلة ورغم ما يعتمل في دواخلها من طواحن المشاعر إلا أنها أجابتها بحيادية مبهرة وبرود متقن "وهل يهم كيف عدتُ ..ألا تعتقدين أن هناك ما هو أولى لنتحدث عنه ..أنبدأ بزواجي المرتقب من غسان مثلا ؟"

شهقت صفية مصدومة وقد غارت ملامحها دفعة واحدة قبل أن تتوحش وتقول بعنف لاهثة " كيف عرفتِ..أنا تكتمت كما ينبغي ..أم أنها عمتي ..ألا يوجد ما يخفى عن تلك الشنعاء اللعينة ؟"

حز في نفسها أن تراها قانطة تسعى لدفعها إلى بر الأمان دون أن تخبرها بما يحيط بها من أخطار بل و تبقى هي هنا في القرية لتتحمل كل العواقب ..اختناق شديد كان يطبق على صدرها فيطوق أنفاسها ..لا يمكنها أن تتحمل حقيقة أنها مصدر قلق دائم لأمها كثقل يقصم ظهرها تعيش حياتها متقلبة في مخافتها ..

تثور كل كرامتها الجريحة وترفع ذقنها تهتف بأنفة "لا تحاولي أن تقدّمي لي تضحية لم أطلبها منكِ ..لست أنا من تُفرَض على أحد بالغصب ولو كنت محاطة بألف خطر وخطر ..تالله لو كنت أعلم بما تنتوينه لما خطوت خارج الدار خطوة واحدة ..تلك المسألة تخصني أنا لا حق لك لتقرري عوضا عني بل لتحكمي علي بالوهن وكأنني طفلة تحتاج لمن يقتادها ..لا أصدق الموقف المخزي الذي وقعنا فيه أمام جدتي ..نهرب كالجبناء ..كالخاطئين تحت الظلام ..فيما كنت أفكر حين استمعت لكلامك ؟"

تخبط صفيه فخذيها تندب بجنون وقد فقدت السيطرة على نفسها "أو لست طفلة حمقاء بلا عقل ..يا خيبتي فيك عدت إلى قبرك المحفور ..قضي علينا وضاعت فرصة نجاتك الوحيدة! "

تقترب منها جوري بخطوات ملؤها الثبات وتهزها بقوة تهمس بتحدّ وعنفوان "هناك ما يسمى بعزة النفس يا أمي ...أموت عزيزة النفس خير ألف مرة من أن أعيش مذلولة ..عزّتي في حرية اختياراتي فأنا كفيلة بنفسي لا يخيفني أحد ولا يجبرني أحد " ثم تضيف مضيقة عينيها بصوت حذر "أم... أنك تخفين أمرا ما آخر عني عدا عباس ؟"

تتأملها جوري متجهمة كيف هدأت تماما فجأة لتتمعن في وجهها بعينين دامعتين شاخصتين تتقصى من قسماتها ما قد ينفي الشكوك المرعبة التي تساورها ..

كانت لحظات مشحونة لن تنساها جوري طوال حياتها ..تتأملان بعضهما بصمت حيث كلاهما تعلم السر الدفين ..كلاهما لا تجرأ على مواجهة الأخرى ..

صمت كانت تقطعه صفية تسأل بترقب قطع أنفاسها "ماذا ...قالت لكِ عمتي أيضا ؟"

تركز في عينيها بينما تردف بهدوء مخيف "لماذا جزعت هكذا ...أم أن هناك ما تخشين انكشافه ؟ "

فترتبك نظراتها وتتلجلج بوضوح قبل أن تهمس بتردد "ل..لا طبعا " قبل أن تقرر تغيير الموضوع وتستطرد بشراسة وقد فلتت أعصابها لا تدري كيف تتصرف "لن تلهيني جوري ستخبرينني حالا بالتفصيل كيف عدتِ "

تهز جوري كتفها وتجيبها دون اكتراث "كل ما هنالك أنني توسلت أوسًا كي يعيدني إذ لم أتحمل أن أذهب دون أفقه من هذا الوضع شيئا ..على كلٍّ أنا حقا ممتنة لليونته معي لم أحتج جهدا كبيرا لاستمالته "

صفية كانت في حالة يرثى لها إذ غشي التشوش والهلع عقلها ففقدت حس التفكير السليم فتبرطم باستياء بليغ "أوس ...نسيت أمره تماما ..كيف يفعل بي هذا وقد وعدني أن يوصلكِ سالمة ...أذهب حالا وأحاسبه على غدره بي هكذا ! "

تستوقفها جوري قائلة باقتضاب "انتظري ريثما يطلع النهار على الأقل كي لا تثيري شكوك أهل الدار أكثر فما اقترفناه من خزي و فضائح أمام جدتي يكفي و يزيد "

ثم تستزيد تسخر منها بالقول "حينها اذهبي وحاسبيه أشد الحساب على ما فعله بنا لئلا يجرأ مرة أخرى على مخالفة أوامركِ"

قبل أن تفتح صفية فمها لترد على وقاحة جوري الغريبة كان صوت الهاتف يصدح بالرنين فتغمض عينيها تهمس بقنوط "ليس وقته أبدا"

فتهتف جوري بذات الغلظة المتهكمة " ولماذا تردّين عليه الآن فلم تعودي بحاجة إليه فلتتركيه يحترق بانتظار وصولي الذي لن يكون أبدا " ثم تضيف مغضبة وقد فاض بها الكيل "ردّي عليه بالله عليك واعتذري عن هذيانكِ ..سامحك الله أمي أي وضع هذا حشرتني فيه .. كيف سأتمكن من النظر في وجه غسان مرة أخرى ؟ "

تسحب صفية قدميها بخطى متثاقلة ناحية السرير أين كان الهاتف مرميا بإهمال بينما يعاود غسان الاتصال مرة تلو الأخرى وتتطلع فيه ببؤس قبل أن تصوب نحو جوري نظرات مذنبة ذات مغزى فتضرب جوري كفا بكف وتضحك بمرارة قبل أن تقول ذاهلة " أمحنك بعض الخصوصية إذا لتواصلي التخطيط من وراء ظهري فيبدو أنها عادة لا يمكنك التخلي عنها بين ليلة و ضحاها "

تعتصر جفنيها حين تسمع صوت اغلاق الباب فترد مباشرة تهمس بيأس تكفكف عبراتها تتسابق الكلمات على شفتيها لهول ذعرها "كل جهودي نسفتها عمتي بنفخة واحدة يا غسان ..جوري كانت هنا لا يفصلها عني سوى جدار واحد بينما أكاد أفقد عقلي أنتظر وصولها ..ابنتي جنت يا غسان...جننتها عمتي ..تضحك علي لأنني هرّبتها لأجنبها الزواج من عباس تقول أنها ستتدبر أمرها ..المشكلة أنني لا أدري ماذا يدور في ذهنها .. وأخوها مشكلة أخرى ..أردته أن يكون آخر من يعلم فأنا أدرى بمبلغ تهوره وجنون غضبه ..ماذا سأقول له الآن ..ماذا أفعل ..يا مصيبتك يا صفية.. يا مصيبتك يختبرك الله في أولادك"


.....................................



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-20, 10:56 PM   #317

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



"اهدئي خالتي ..رجاءً..أرهقتِ نفسكِ الليلة بما يكفي "

يهمس غسان بإعياء بينما يحاول حشر المفتاح في قفل الباب بعد أن أمضى ليلته في سيارته قرب الشاطئ ..كان قد اتصل بليث حالما خرج من عند شمايل وأعلمه أنه لن يعود إلا صباحا متعلّلا بمساعدته لزميل له على تدارك بعض الأخطاء في العمل الذي سيقدّمه غدا كآخر أجل محدّد للتسليم ..كانت ليلة طويلة خانقة ثقيلة على كل شبر من جسده تارة يبحر بأفكاره فينتهي به الأمر يحدث نفسه كالمختل وتارة أخرى يهدئ خالته التي لم تتوقف عن الاتصال ويطمئنها بصوت لم يبلغ أذنيه أن كل شيء سيكون بخير ..

استمع لهذرها غير المترابط تكرر نفس كلامها تقريبا وقد تلفت أعصابها فيقول غير قادرا على كبح الارتياح الذي فاضت به روحه "دعي الأمر لي خالتي سأخبره بنفسي "

كان في هذه الأثناء يدخل بهدوء إلى الصالون ففوجئ بليث يرفع رأسه يعتدل جالسا على الكنبة "بماذا تخبرني ..لماذا تكلمك أمي في هذه الساعة عساه خيرا ؟"

أجفله فيقطع الاتصال مباشرة ويردف مضطربا "ماذا تفعل هنا ؟"

ينهض ليث وينير الغرفة يتأمل واجما شحوب غسان وقسماته المرهقة وقد التقط التوتر في صوته فيجيبه شارحا مدققا في عينيه المرتبكتين "والداك ناما في غرفتك وأختك في غرفتي فاضطرت للنوم هنا "

يبتسم غسان يتبنى على مضض المرح "صباح الخير"

لا يرد ليث يرمقه للحظات بنظرات حذرة قبل أن ينطق دون مواربة "لا أرى على وجهك المرهق أي أمارات خير ..لماذا أشعر أنك أمضيت الليلة خارجا لسبب ما غير الذي أطلعتني عليه ..سبب متعلق بي لن يعجبني غالبا ! "

فيحك غسان جبهته ممررا أصابعه في شعره بعصيبة ليراوغه بعدها بالقول المرح المفتعل "ما رأيك أن نذهب اليوم إلى القرية نأتي بخالتي صفية لتحضر معنا حفل خطوبتي ...تغير الجو قليلا فقد انتهت عدتها كما تعلم"

يجيبه ليث ساخرا " كسرت قلبي والله .. كيف تستخف بذكائي هكذا ..لفّق عذرا آخر يا أخي لتسحبني إلى القرية خلفك كحمل وديع" ثم يضيف بخشونة ملوّحا وقد بدأ يفقد صبره "أنفي لا يخطئ وما أشمه لا يعجبني ..من الأفضل لك أن تفصح عما يجري ولنختصر على أنفسنا إهدار الطاقة في مناورات كلامية لا طائل منها مادمت سأعرف على كل حال "

"من أين أبدأ "

"من عباس ال....... طبعا ..من الواضح أن تحسسي منه لم يكن عبثا "

يتنهد ببؤس يتطلع إلى وجهه الذي احتقن بالتدريج يوشك أن ينفجر قبل أن يتراجع بضع خطوات يتأكد من خلو الممر ثم يوصد الباب ويهمس مترددا بعد لحظات "أرسلت خالتي جوري إلى هنا البارحة ليلا وترجتني أن أعقد عليها فجدتك تريد أن تجبرها على..."

لم يسمح له ليث بالمواصلة إذ هتف بجنون يدور حول نفسه وقد خرج عن طوره دفعة واحدة "لعنة الله عليه ..ليحرقه الله في الدنيا قبل الآخرة ..النذل ..ابن ال...هل فقدت جدتي عقلها ..كم مرة قلت أن أبي حذرني منه .."

كان قلبه يتمزق عليه ..ينظر إليه فيراه غير ليث الذي ألفه ..كان من الصعب عليه أن يستوعب الأمر ..ومن العسير أن يتعامل معه بسلاسة و أريحية كما كان من قبل فيتردد قليلا قبل أن يهمس بخفوت متحرجا من عرض سيطرحه مكرها بغية دعمه ومداواة جرح كرامته "يبدو أن جدتك أفشلت محاولتها في الوصول إلينا ..دعنا نذهب وسأعقد عليها هناك رغم أنفها "

يرمقه ليث بنظرات قاتلة ويهتف باستياء مرير وقد أتى كلام غسان بمفعول عكسي تماما "تعقد ماذا ..ماذا ..وهل مت أنا لا قدر الله لتبقى حمايتها عليك ..ليتني مت قبل أن أعيش عارا كهذا ..تتركني أنام بضمير مرتاح بينما أختي أنا ..أنا تقطع أميال طريق موحشة في ظلام الليل ..أختي ليست بضاعة رخيصة لتتقاذفها أنت وهو .."

يلهث بعنف يمشط خصلات شعره بعشوائية ثم يلتقط هاتفه من على الطاولة الزجاجية ويتصل بسيارة الأجرة التي اعتاد التعامل معها ليذهب في الحال إلى القرية ...
فيهتف غسان بأسى مغتاظا من جحود ليث في حقه دون أن يقدّر الجحيم الذي مرّ به الليلة "هل تساويني به الآن ..لم يكن العشم يا ابن خالتي "

لكن ليثا كان مجروحا لكرامة أمه منتفضا لأجلها فيعانده مكشرا "ألا أعرفك ..هل يتم اقناعك في لمح البصر..الله وحده يعلم ماذا قالت لك أمي لترضى وتتزوجها بسهولة في دقيقتين ..كنتَ قادما تطير من الفرح من خطبتك ..خطبتك لم تنسى على الأرجح"

رغم الأسى الذي كان يشعر به لأجله إلا أنه كان أعند منه فيناطحه مصرا على رأيه "وهل ستلومني إن ترددت ..من المفروض أن تشعر بحجم الورطة التي وقعت فيها لا أن تزيد علي "

يضحك ليث وقد لمعت عيناه بقسوة ثم يبرطم ذاهلا "أزيد عليك ..حلال عليك والله " ليعود إلى همسه الناري غير قادر على استيعاب ما يحصل بينما يقف على مقربة منه يكاد يلتصق به يتطلع بتحدّ في عينيه "ماذا قالت أمي لتقنعك ...كم تمعنت في إذلال نفسها لتثير حس التضحية الميت فيك..هل قالت أقبل قدميك ..هل بكت و تذللت لك كالكلبة ! "

فيقول غسان بصوت خافت خطير وقد بدأ الأمر يخرج عن السيطرة "حاذر يا ليث غضبك لا يخول لك أن تتمادى وتتصرف بما لا يليق بك فترميني بما لا يليق بي "

مازالت عيناه تبرقان بتحدّ فيرفع كفه بينهما ويغرز سبابته في صدر غسان يفح بشراسة " تجرأ وقل أنك لم ترتح حين حالفك الحظ و نفذت بجلدك قبل أن تواجه اختبارا حرجا كلي ثقة أنك ستفشل فيه ..تجرأ وأنكر أنك قد تحاول العثور على حلول أخرى بدل أن ترضى بأن تعقد على أختي قبل حبيبة القلب .."

فيدفعه غسان برفق مدمدما بخيبة واضحة "دع شمايل جانبا من فضلك فما لا تعرفه أنها رضيت بهذا الحل رغم صعوبة الوضع"

فيجن جنون ليث و تتوقد النار في صدره أكثر من ذي قبل ثم ينكب على غسان يشارف على تمزيق عنق قميصه بين يديه "أخبرت الغريبة بأسراري أنا.. قبلي ...هل فقدت عقلك ؟"

لا يحاول غسان المقاومة فيما يهمس بإصرار "من حقها أن تعرف .. "

فيواصل هتافه الملتهب يوشك أن يفقد عقله "والله منطقك يدهشني ..وماذا عني إذا ..إنها أختي... أختي أنا يا ابن ال .."

"راقب لسانك يا ليث ..هذه القذارة التي تنطقها لا تليق بك "

يحدق فيه للحظات بخيبة أمل واضحة قبل أن يفلته ويهمس متحسرا"طبعا أنت أدرى بما يليق بي ...أن أنام قرير العين كالنساء بينما تجدان حلا أنت وخطيبتك العزيزة"

يبتسم غسان بدوره ويسخر بالقول بينما يعدّل قميصه "ماذا حدث..ألم تكن راضيا بما تتمناه أمي وأمك ..ما الذي تغير ؟"
ندم رهيب أثقل روحه مع آخر كلمة نطقها ..ودّ لو يصفع نفسه على قلّة صبره فقد كان ليث معذورا رغم كل شيء ..ما كان عليه أن يهينه بهذا الشكل المخزي انتقاما لنفسه ..

لم يردّ ليث بشيء لكن الجرح في عينيه كان جليا ..وجعه كان غائرا فقد ضربه في صميم كرامته حين ذكّره باعتراف كان يأبى أن يكاشفه إياه ..يقطع الهاتف الصمت بينهما وكان المتصل سائق سيارة الأجرة

"نعم ..خمس دقائق وأنزل إليك"

يشيح بوجهه يستعد لمغادرة غرفة الضيوف فيناديه غسان برجاء يائس
"ليث"

فيتوعده قائلا بصوت كسير دون أن يكلف نفسه عناء النظر في وجهه"إياك و اللحاق بي ..يجب أن تبقى و تزف إلى خطيبتك البشرى ..ينبغي أن تحتفلا بهذه المناسبة السعيدة"


راقبه يخرج شامخ الرأس رغم خيبته فيحاول اللحاق به إلا أنه يتراجع داريا بمبلغ عناده فيتذمر محدثا نفسه شاعرا بالظلم "طبعا غسان متوفر دائما ..ألق اللوم على غسان وليرتح ضميرك..اضرب غسان لتهدأ .. طفح الكيل والله ..وهل أملك أن أدافع على نفسي ..بالتأكيد لا ..فلتثقلوني بأسرار كالجبال لا قوة لي على حملها ولأبقى محصورا مكمم الفم أتفرج على آمالي تهدم دون أن يحق لي الاعتراض"

"أي سر هذا الذي تتحدث عنه ؟"

يرفع عينيه مجفلا ليبصر أمه تكتف ذراعيها واقفة بإطار الباب الذي تركه ليث مشرّعا ..لا تزال آثار النعاس تعلو محياها لكنها كانت مستيقظة تماما ..واعية بما يكفي تنتظر جوابا يفسر حديثه السري مع نفسه الذي لم يعد سريا بعد الآن ..



انتهى الفصل التاسع عشر ...قراءة ممتعة للجميع


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-20, 10:58 PM   #318

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أتمنى أن يعجبكم الفصل وأن تنوروني بآرائكم :heeheeh::heeheeh:

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-20, 11:53 PM   #319

حنان الرزقي

? العضوٌ??? » 315226
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 756
?  نُقآطِيْ » حنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond repute
افتراضي

ظننت أنّ شخصية جوري ضعيفة ولكنك فاجأتني بقوتها وقدرتها على الصمود والمواجهة رغم عظم الخبر الذي عرفته كما أنّ العجوز جدتها لايمكن التنبؤ بما تفكر فيه وتخطط له هي تجمع بين الخير والشر كحال كل إنسان أما ليث فمعذور فعلا في غضبه وهو اخر من يعلم
شكرا لك وفي فصل اخر باذن الله

الديجور likes this.

حنان الرزقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-09-20, 01:03 AM   #320

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان الرزقي مشاهدة المشاركة
ظننت أنّ شخصية جوري ضعيفة ولكنك فاجأتني بقوتها وقدرتها على الصمود والمواجهة رغم عظم الخبر الذي عرفته كما أنّ العجوز جدتها لايمكن التنبؤ بما تفكر فيه وتخطط له هي تجمع بين الخير والشر كحال كل إنسان أما ليث فمعذور فعلا في غضبه وهو اخر من يعلم
شكرا لك وفي فصل اخر باذن الله
جوري التي ظهرت في الفصول السابقة كانت المصدومة لوفاة أبيها و المتخبطة تيها في حب أوس ...لكن الأمر مختلف حين يتجاوز المرء صدمته ويحدد أهدافه ...
تماضر امرأة ناقمة عانت من الكثير في حياتها ...امرأة تفضل أن تراكم همومها على بعض بدل أن تنساها .. ليث ذو كرامة عالية للغاية حز في نفسه أن يقصى بذاك الشكل وهو أولى بأخته
سلمت حبيبتي تسعدني متابعتك

الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:54 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.