آخر 10 مشاركات
الملاك والوحش الايطالي (6) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          أشلاء امرأة " قصة قصيرة " بقلم " نور الهدى "...كاملة** (الكاتـب : نور لينة - )           »          خريف الحب / للكاتبة خياله،،والخيل عشقي (مميزة) (الكاتـب : لامارا - )           »          اسرار في الجامعة...قصة حب عراقية " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : شوق2012 - )           »          الرغبة المظلمة (63) للكاتبة: جاكلين بيرد×كامله× (الكاتـب : cutebabi - )           »          تحت إيوان النخاس (3) * مميزة ومكتملة * ...سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          عروسه البديلة (32) للكاتبة: Michelle Styles .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: أكثر ثنائي أنتم في شوق للإلمام بتفاصيل قصته :
أوس و جوري 48 59.26%
كاظم و تيجان 25 30.86%
غسان و شمايل 10 12.35%
معتصم و رونق 23 28.40%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 81. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree2110Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-12-20, 11:23 PM   #551

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سوووما العسولة مشاهدة المشاركة
مساء الخيرات. بانتظار فصل اليوم يوجد ولالا.. ولكي كل الشكر
مساء الخير حبيبتي يوجد فصل طويل أنا بصدد تدقيقه ..أعتذر هن التأخير

الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-20, 11:52 PM   #552

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


"الفصل الثامن و العشرون"



"أنا أموت يا رونق ..لم يبقى من عمري الكثير !"

لم تعلم بماذا عليها أن تهتم أولا ..أ باختضاضها الرهيب الذي أوهن كل شبر من جسدها ..أم بالصدمة التي شلّت خلايا مخها ..بغضبها الفائر على نحو خطير من استدراجها وإجبارها على هذا الوضع دون إذنها ..أم بذكريات منفرة جاهدت طوال عامين لطمسها بعيدا في زاوية النسيان المظلمة .. !

في مرحلة ما سابقة من حياتها تمنت من كل قلبها أن تتمكن من مواجهة عمها قاسم وابنه زياد كما ينبغي ..تعاتبهما ..تلومهما ..تعيّرهما بكل ما يشفي غليلها ويريح قلبها المغدور ..حينها كان جرح الخيانة لا يزال طريا .. كان طعم مرارة الخيبة قويا طاغيا ..

وانتظرت كثيرا ذاك اليوم إلى أن ملّت الانتظار ونسيت أو ربما تناست كل شيء ..وها هي الفرصة قد أتيحت لها ولكن في وقت فقدت فيه شغفها للحياة .. وكم بدى لها سخيفا أنها فكرت يوما في الملامة والعتاب ..ما الفائدة ما دام ذلك لا يغير من الواقع شيئا .. !

تعتصر جفنيها وتتنفس بعمق تحاول أن تصفي ذهنها ثم تهمس بنبرة مهزوزة مختنقة تتكور أصابعها على مقبض الباب دون أن تستدير نحوه "لا تقل هذا ..معافى بإذن الله "


يأتيها صوته المجهد محملا بالأسى "تغيّرتِ كثيرا ..توقعت أن تنفجرِي في وجهي حالما تلمحينني "

وكان مقصده واضحا ..فيذكّرها بآخر لقاء بينهما ..آخر موقف مخز أقسمت بعده ألا تظهر مشاعرها لمخلوق ..لن تنسى أبدا الاشتباك العنيف بين أخويها و زياد والملاسنة الطاحنة بين أبيها وعمّها حيث كانت تتفرج على المعركة الشعواء باكية بجنون ..

أرادت أن تخبره أنه لم يتغير أيضا ..فمازال يضغط على الجراح بقصد أو بدونه ..إلا أنها ما كانت أبدا لتشمت به مهما بلغ نفورها منه ..

يواصل حديثه مستغلا صمتها قائلا "انظري إلى نوائب الدنيا بين البشر ..أتصدّقين أني مصاب بقصور كلوي حيث لا أمل لي في عملية زرع بما أني مصاب بعدد لا بأس به من الأمراض المزمنة !؟"

تلتفت نحوه بعنف عاطفي وقد داهمها على حين غرة بآخر ما قد يخطر على بالها وتنتبه أخيرا إلى جهاز تصفية الدم الموصول بجسده ..

كان كريما بما يكفي ليدرك أن الصدمة قد عقدت لسانها فيتفضل كاشفا أوراقه قائلا بكآبة تخفّى بين طياتها توسل و رجاء "من المؤسف أن أكتشف متأخرا وبأقسى الطرق فداحة ما اقترفته و عظمة ما ينتظرني من حساب عسير ..لن تصدّقي كم بذلت من مجهود لأخرج من حالة اليأس و القنوط التي اجتاحتني ..ولكم تمنيت لو كان بوسعي إعادة الزمن إلى الوراء ..ولكن هيهات ..هيهات ..ولهذا أريد أن أصحّح أخطائي قبل أن تغمض عيني ..أريد أن أعوضكِ ولو النذر اليسير لما عانيتِه بسببي ..و بسببه "

على الأقل يعلم أنه لن يستطيع أبدا تعويضها ما ذاقته من ويلات ..ولن يتمكن يوما مهما بلغ ندمه من تقدير حجم الدمار الشامل الذي ألحقوه جميعا بحياتها ..

مؤكد لا يملك أدنى فكرة عما تثيره كلماته داخلها من زوابع بغض لا يهدأ ..كيف يجرؤ بكل صلف على استغلالها مجددا فما يظنه صحوة ضمير متأخرة ليست سوى لونا جديدا (أقل حدة) لأنانية متطبعة فيه وفي أولاده فكل ما يريده هو أن يموت مرتاح البال لا أكثر و لا أقل فلو كان يهتم لأمرها لما أطاق العيش مع تأنيب ضميره المزعوم لعامين كاملين ..


تنظر في عينيه الخامدتين هامسة بعنفوان وأنفة "مسامَح دنيا وآخرة ..شفاك الله "

فيهتف وقد فهم ردّها غير المباشر لما يرغب في تقديمه لها "أعلم أنكِ تشكين في صدقي وإخلاص ندمي وأعذر شعوركِ هذا فما لقيتِه مني لم يكن هيّنا أبدا لكن صدّقيني لن يكفيني أن أفوز بصفحِكِ ..أريد حقا تعويضكِ على ما فات ..أتوق من كل قلبي أن أعيد إليكِ كل ما ضاع !"

وكأن ما قاله لم يكن كافيا إذ يستزيد مصمّما يبتسم بأمل وكأنه يغريها "حياتكِ السابقة التي أحببتِها ..عملكِ..بيتكِ ..و..زوجكِ المستعد لردّكِ لعصمته"

يتفنن في تعذيبها بكل كلمة ..ويذكي نار غضبها بحطب من حروف ..
كيف يكون متأكدا لهذه الدرجة من نيل غفرانها ..كيف يكون متأكدا من سهولة استمرارها من جديد حيث توقفت ..موقنا أنها لم تتحرك من المحطة التي لفظها فيها قطار الحياة مستمرا في المسير من دونها ما لم يتجسس عليها ..

لم تكن يوما ممن يعترضون على تصاريف القدر إلا أنها شعرت بظلم شديد في هذه اللحظة ..وقهر مريع ..وتمنت لو كان بمقدورها التباهي أمامه بما حققته من إنجازات في العامين الماضيين ..كم أن حياتها ازدهرت ..إلا أن كلاهما كان يعلم الحقيقة الموجعة ..

غضبها طفح من كلماتها حين استنكرت بحدة وقد فاض بها الكيل "تهينني مرة أخرى ..يكفي أن يكون هو مستعدا للعودة إلي وكأن موافقتي أمر مفروغ منه ..هل أنا عديمة الكرامة لهذه الدرجة في نظركما ..لماذا أنت متأكد أني لم أبنِ حياتي من جديد حيث لا متسع لابنك فيها بعد الآن أم أنك تقصيت من وراء ظهري دون إذني ؟"

يجيبها بخفوت مرتبكا وقد شحبت ملامحه الغائرة أكثر "ما فعلت ذلك إلا عن حسن نية يا ابنتي فلا تؤاخذيني ..واعذريني إن رأيت أن أمثل حل أن يعيدكِ إلى عصمته فيخرس بهذا الأفواه التي طالت شرفكِ! "

وكم كان صعبا عليها التعامل مع تلك الأفواه آنذاك ..حين وجدت نفسها بين ليلة وضحاها مطلقة بسمعة سيئة في الحضيض فمن ذا الذي يطلّق زوجته قبل الدخول بها ما لم يمسك عنها زلة لا تغتفر ..عارا يستوجب قتلها بدل تطليقها فحسب ..

لكن ماذا عن الأذى النفسي الذي طالها ..ألا يعتبر أكثر أهمية من كلام الناس ..أم أن كل ما يهمه تمجيد ابنه حين يمتدح الناس الرجل الهمام الذي ضحى بنفسه وأعاد طليقته (الفاجرة ) إلى عصمته .. !

ألم تكن هي من ضحى حين لم تكشف ما كان سيقلب الموازين رأسا على عقب فلو فعلت فإن نفس الأشخاص الذين قذفوا شرفها ولوثوا سمعتها بأفظع الإشاعات سيهبون لنصرتها ويدعون عليه بالويل و الثبور و كل أنواع الأدعية الشعبية المتداولة ..

واثقون منها إلى حد أعمى مستفز لأخلاقها على نحو خطير يدفعونها إلى التصرف بنذالة وكسر ثقتهم البغيضة ..

لم تستطع احتواء السخرية التي سكنت حروفها ولا الغضب الذي ارتعد به صوتها حين قالت تشيح عنه بوجهها "لا تشغل بالك عمي ..الأفواه التي طالت شرفي سكتت وانتهى الأمر فقد نسوا أمرا أكل عليه الدهر و شرب .. يمكنك إذا أن تنام مرتاح البال .."

لم تكن قاسية حين رفضت الوثوق بكلمته فها هي تنهيدة راحة عميقة زفر بها فتحط مباشرة على قلبها الخائب تضيق عليه الخناق ..

ها هو عمها يتنفس الصعداء لرفضها الذي قبله دون أن يحاول معها بإصرار أكبر ولو إدعاء منه على الأقل ليكون مقنعا أكثر .. إلا أنها لن تلومه فقد كان أسوء من هذا بكثير وها هو يحاول أن يكون أقل سوء وأنانية ..

يقول بعد لحظات بنبرة ودودة ببعض التردد"أريد أن ..أرى علوان أخي قبل أن أموت يا ابنتي ..هلّا ساعدتني؟"

تجيبه بفتور تنوي الخروج من هنا بأسرع وقت ممكن وقد ضاق صدرها بأنفاسه "لا أدري إن كان ذلك ممكنا لكني سأحاول "

ودون أن ترد همهمة شكره أو أن تستجيب لندائه الخافت راغبا في قول المزيد كانت توصد الباب وتحث الخطى لتبتعد عن أشباح الماضي القريب ..

.....................................




ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-20, 11:53 PM   #553

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


"كنت أنا من تسايرينه إذا ..كيف تسمحين له بالمضي قدما في جنونه أمي ..ما فات قد فات لن تفيد محاولاته المتأخرة البائسة في فعل شيء عدى إعادة فتح جروح لا حل آخر سوى تركها للزمن ؟"

لا سبيل أبدا لتخطئ هذا الصوت مهما طال الزمن ..البحة ذاتها التي كانت تذوب حالما تسمعها ..والحال أنها تجمدت بدل الذوبان هذه المرة فتسند رأسها إلى الجدار خلفها وتغمض عينيها تستمع إلى حديثهما القريب ..

تهتف خالتها منيرة ملتاعة وقد انتابتها موجة من الاضطراب كعادتها حين لا تتحمل الأوضاع المتأزمة "تعبت يا زياد ..تعبت من التمزق بينك وبين أبيك ..هذا جزائي لأني أذعنت لكما حين غلبتماني معا وفرضتما رأيكما غصبا عني ..ظلمتماني كما ظلمتما ابنة أختي وها أنا ذي أدفع ثمن سكوتي عن الحق .. "

تستفز زياد بكلامها فينهرها بجنون وقح "لا تجنّنيني بضعفكِ أمي ..عن أي جزاء تتحدثين ..كم مرّة علي أن أعيد تلك الأسطوانة التالفة على مسامعكِ لأجدّد ثقتكِ محدودة الصلاحية! "

فتتوسله قائلة بصوت مهزوز"على ماذا تنتوي ..ناشدتك بالله لا تقف في وجه أبيك فصحته لم تعد تحتمل ..دعه يفعل ما يريح ضميره ويريحنا يا بني"

يصمت للحظات قبل أن ينطق آمرا بنبرة جليدية خافتة لا تبشر بالخير "سأتدبر الأمر ..افعلي ما تجيدينه دوما .. لا تتدخلي "

فتنتحب منيرة بحرقة وتهتف مفزوعة "عانيت لأعيد إحياء علاقتي بجميلة أختي ..لن أستطيع تحمّل خسارتها مرة أخرى إلى الأبد ربما هذه المرة "

شهقت منيرة وقد تشنجت ملامحها الشاحبة رعبا حين لمحت رونق التي ظهرت من العدم تطالعها أعلى الدرج بنظرات مصدومة أكّدت لها أنها سمعت ما لا ينبغي لها سماعه ..
تلاقيها في منتصف السلالم متعثرة الخطى تهتف بانفعال بليغ أثقل لسانها تكابد لترسم ابتسامة على شفتيها المرتجفتين " الأمر ليس كما تظنين حبيبتي ..أنا ..سأشرح لكِ"


"مضى وقت طويل خالتي ..هل كنتِ بخير ؟"

ربّما كان صوت رونق باردا هادئا لكن نظراتها المهتزة المنطفئة كادت توقف قلب منيرة هلعا ..

عضت شفتها السفلى وقد انخرس لسانها ومدت كفها ناحية ذراعها لتصرخ مفزوعة وتسحب يدها المرتعشة حالما لامست بشرة رونق المتصببة عرقا باردا غزيرا ..غير طبيعي تماما ..

زياد الذي لم يكن أقل توترا سئم من مراقبة أمه فقرر التدخل حالما لمح تفاقم اختضاضها منذرا بانهيار عصبي وشيك فتقدم ناحيتها ودفعها لتصعد الدرج وتبقيه على انفراد مع رونق "اذهبي أمي لترتاحي لا تبدين بخير ..سأتولى الأمر من هنا بنفسي .."

تتجاهله رونق وكأنه غير موجود وتتابع منيرة بنظرات غائمة بينما تتجاوزها صاعدة باقي الدرجات منتحبة بجنون تبادلها النظر دون أن تملك القدرة على الالتفات إلى طريقها فيصرخ فيها زياد بعصبية منفلتة "قلت اذهبي أمي!"

فتشيح منيرة أخيرا تراقب خطواتها وقد أوشكت على الوقوع في السلم على وجهها ..

أقلقه شحوبها الفظيع رغم هدوئها الظاهري لا لشيء سوى كونه لن يعجبه أن يغمى عليها هنا فيضطر للتعامل معها لوقت أطول ..

حدّق فيها بجمود مستغلا تجاهلها لوجوده فيما تنزل الدرجات المتبقية تجاهد لتحتوي صدمتها العنيفة ..لم تتغير كثيرا ..ما زالت تفضل الملابس الرياضية المريحة ..إلا أنها قصت شعرها معتمدة قصة ولادية قصيرة مستغنية عن تسريحة ذيل الحصان البسيطة التي كان دوما يردّد على مسامعها أنه يعشقها ..

لم تتجاوزه بعد ..ما من تفسير آخر ..رغم شعوره بالرضا و الغرور إلا أن فكرة تشبثها به أرعبته بقدر ما أغضبته فيتقدّم نحوها بخطى واثقة حالما وصلت إليه لتفاجئه برغبتها في تجاوزه مستمرة في تجاهله فيمدّ قبضته نحوها يلفها حول ذراعها كالكماشة ويهدر مستنكرا "لن تنطلي عليّ ألاعيبكِ ..كان بإمكانكِ رفض المجيء إلى هنا لو لم ترغبي حقا برؤيتي!" ليضيف متململا "يجب أن نتحدث"

إن ظنت في وقت سابق أنه لن يستطيع إذهالها أكثر مما فعل فقد أخطأت فهاهو يستمر في إدهاشها بتصرفاته البعيدة كل البعد عما يفرضه منطق ما عاشه كلاهما ..

في فترة ما بعد فراقهما تخيلت كثيرا ردة فعله إن سنحت لها فرصة مواجهته وجها لوجه بعد أن طلّقها و رحل دون أن يقول ولو كلمة واحدة ..

ثم انتقلت إلى مرحلة أخرى تخدرت فيها مشاعرها ..و أدركت أن التخيلات لن تنجح في التخفيف عنها بعد الآن ..وكانت محقة فما كانت لتخمن أبدا ردّة فعل أكثر برودة من هذه ..حتى أنها كانت لتفقد وعيها لو قابلها بهذا الوجه حين كانت رونق نفسها التي عهدها .. التي دوما ما ترفع سقف توقعاتها عن الآخرين ..

وجهه لم يكن سيئا في الواقع ..مشرق ونضر كما ينبغي لشاب في أتم الصحة و العافية ..

تحرّر ذراعها بلطف من قبضته وتردف بهدوء تحدق مباشرة في مقلتيه وكأنها تخبره أن تجاهله من عدمه عندها سواء ..بلا تأثير "نتحدث طبعا فلا مشكلة لدي لكني أتساءل من أين نبدأ ..من حيث توقفنا مثلا ؟ أذكر أن آخر مرة رأيتك فيها كنت تشتبك مع أخويّ في بهو النزل ثم رحلت رفقة أبيك وتركت ورقة ملقاة على الأرض رفسها جميع سكان الحارة بينما كانوا يفضّون النزاع ..ليتبّين فيما بعد أنها ورقة طلاقي!"

يبدو أنه مازال يمتلك بعض الضمير ليشحب هكذا ..أم أنه توقع منها أن تظل عالقة في تلك النقطة فتنهار حالما تراه بينما يمضي هو قدما في حياته .. !

صدقته القول حين قالت أنها تريد أن يستمر الحديث حيث توقف ..حتى أنه لم يبدأ أصلا ليتوقف فإن كان لن يتنازل و يعتذر فهو يدين لها بتفسير لائق على الأقل على الرغم من أنها ما عادت بحاجة إلى واحد ما دام لن يغير من الواقع شيئا فقد أدركت بأقسى الطرق حجم الكذبة التي علقت في نسيجها لسنوات بدت يوما أروع سنين حياتها ..

يتلافى النظر في عينيها بعد أن كان قبل قليل يرمقها بنظرات مختالة راضيا على هيمنته التي جعلتها تتجاهله صاغرة كفأرة مذعورة ويدمدم بأمر خافت متعجرف "تجاهلي العمل الذي عرضه عليكِ أبي"

إذا هو يعرف تماما ما قاله عمها قاسم ..لكن ألا يعتبر العمل أمرا سخيفا مقارنة بما عرضه أيضا .. !


تهمس رافعة حاجبا واحدا دقيقا "هل غيّرت اهتماماتك ..ألا تريدني أن أعمل بعد أن تردّني إلى عصمتك ؟"

يحدجها بنظرات قاتمة في جمود دون أن يعلّق فتتابع بنبرة مستخفة تواجهه بنواياه "هل ثقتك في رفضي جعلتك تساير أباك وتدعي استعدادك للخنوع لطلباته ..هناك أمور لا تتغير مهما طال الزمن ...مازلت تستغلني ..مازلت تحتاجني "

يعاود زياد أمره المتعجرف بتصلّب أكبر وقد احتقن وجهه يعافر للسيطرة على غضبه الشديد"ارفضي العمل ..وسأضمن لكِ في المقابل عملا أفضل "

تجيبه ببرود تحفظ بعضا من ماء وجهها "من يحتاج حسناتكم أصلا ..أنا موظفة مستقرة تماما !"

فيبرطم متململا يستنكر إدعاءها "أعلم أنكِ لستِ كذلك إلا إذا كنتِ تعتبرين إدارة نزل أبيكِ الفاشل عملا..كفي عن المراوغة و دعينا نتوصل إلى حل وسط يرضي الجميع !"

فتردف شارحة ببساطة مستغربة تقطب حاجبيها "من قد يرغب في إرضائك ..أن أكون في الثلاثين من عمري ..مطلقة بسمعة مريعة و عاطلة عن العمل لا يعني أنني مجرد يائسة يسهل إغرائي .. لا أريد أي وظيفة منكما لذا فلتستمرا فيما كنتما تفعلانه دون التدخل في شؤوني "

فيزجرها هذه المرة بوقاحة أدهشتها "ما دام شأنكِ سيفسد طمأنينتي فسأتدخل ..كفي عن لعب دور صعبة المنال فأبي مصرّ على ما يريده ولن يرضى بالرفض كجواب واقبلي العمل الذي دبّرته لكِ فهو فرصة أفضل مما يعرضه عليكِ"


تتمعن في عصبيته للحظات مفكرة قبل تقول ببساطة "إذا لا يتبقى سوى أن أحاول تسوية الأمور بين أبي وعمي قاسم..سأكون فظة إن رفضت كل طلبات عمي المسكين"


يهتف بغلظة متهربا مجددا من عينيها المدققتين "عمي علوان لن يرضى أبدا بإنهاء القطيعة ..لا داعي لإغضابه سدى ..سيكون من المناسب ألا يعلم أحد بزيارتكِ هذه"

فتجيبه محافظة على هدوئها المستفز "أليس من العيب أن تعرقل تحقيق أمنية أبيك المريض ..أم أن زوجتك لا تعلم أن لديك زوجة سابقة تعيش في مكان ما من هذا العالم ؟"

تنجح في إخراجه عن طوره حين لمست وترا حساسا فتبرق عيناه الثائرتان ويغمغم منفعلا يؤكّد لنفسه قبلها "كان محض عقد قران على ورق ..لم يكن زواجا ..لم يكن شيئا !"

ربما لم يكن شيئا في عرفه إلا أنه كان كل شيء في نظرها ..كل شيء ..

رغبتها المتعطشة في الاستماع إلى تبريراته لما فعله بها عادت للظهور من جديد بعد أن نجحت في وأدها مقنعة نفسها أن ما فات قد مات فتستمر في سحبه إلى حيث تريده أن يكون تشعله أكثر ببرودها وهدوئها هامسة "حقا ..لماذا أنت خائف إذا ما دمت مقتنعا إلى هذه الدرجة..على كلٍّ أنا أعذرك فما من امرأة قد تتحمل فكرة أن يكون زوجها على قيد الحياة بفضل كِليَة امرأة أخرى ..ناهيك عن كونها ابنة عمّه وابنة خالته ..و زوجته السابقة .. ! "

عرفت أنها نطقت ما حُرِّم التفوه به في هذا البيت حين جحظت عيناه فلم يتمالك نفسه و دفعها بعنف ناحية الجدار وأطبق بقبضته على عنقها ينوي خنقها ..

كان مغيبا بفعل غضبه المحتدم وقد عميت عيناه عن وجهها الذي احتقن توشك أن تختنق فيفلتها بعد لحظات حين سمع الحجرشة التي أصدرها حلقها ..لم يمهلها الوقت لتكحّ فيضرب الجدار قرب رأسها المسند إليه هادرا بجنون ينطق أخيرا بعد دهر ...كفرا !"هل استمتعتِ بتقمص دور المظلومة المسكينة التي ضحت بالغالي و النفيس فلم تلق غير الخيانة والغدر جزاءً .. لا يمكنكِ أن تسمّي ما فعلتِه تضحية ما دمتِ قد انتظرتِ مقابلا لقاءها ..لا يحق لكِ أن تنتظري امتناني عن شيء قررته بنفسكِ ..وفعلته لأجل نفسكِ وليس لأجلي كما تخالين ..أردتِ أن تحتفظي بي إلى جانبكِ إلى الأبد ..كنتِ ترغبين في تقييدي بكِ وها أنا أرى أنكِ مازلتِ تتمسكين بي ..هذا يرعبني ..يرعبني حقا .. !؟"

حدقت طويلا في لهاثه الثائر يسترجع أنفاسه ..كانت هادئة للغاية وكأن ما سمعته لم يكن اعترافا طال انتظاره إلا أن ملامحها شحبت بشدّة حتى أنه توقع أن يغمى عليها في أية لحظة وحين كان سينطق وقد أخافه جمودها الهش همهمت بخفوت من بين شفتيها الناشفتين دون أن تحيد بنظراتها المبهوتة عن وجهه الممتقع المكفهر "ما الذي يجعلك تعتقد أني مازلت أتشبث بك ؟"


يعاجلها قائلا بنبرة جازمة لا تقبل النقاش "لماذا هرولتِ مسرعة إلى هنا تلبّين نداء والدي ما لم تكوني كذلك ؟"

كان بإمكانها أن تخبره أن أباه استدرجها إلى هنا دون علمها لكنها فضلت تركه على ظنونه ليتعذب في شكوكه و مخاوفه فهذا أقل ما يستحقه متعجرف مثله يجزم بكل صلف عوضا عنها ما يدور في ذهنها واثقا من نفسه أكثر من اللازم ..

تدمدم خائبة وقد اختنق صوتها رغم ثباته"هل عزّ عليك أن تشرح لي هذا في وقته ..لماذا لم تصارحني آنذاك ..هل استحققت منك تلك المعاملة ..ذاك الطلاق المروع وكأني كلبة ذليلة؟ "

أربكته لولهة وقد داهمته بما خالف توقعاته فيجيب بخشونة بعد ولهة مترددا " ارتأيت أن ترك أسئلتكِ معلقة أفضل من منحكِ أجوبة صريحة موجعة ..كان الفراق بهدوء دون تفسيرات لن تغير من الواقع شيئا أنسب حل"

"حقا ..لماذا لم يبد لي كفراق هادئ يا ترى ؟"

هل هانت عليه لهذه الدرجة .. !
كانت تجهز لعرسها ..كانت تفرش بيتها ..متحمسة لبدء حياة جديدة سعيدة بعد أن استقرت أوضاعه الصحية ..
هل كان من الأنسب ضربها بتلك الطريقة ..
هل كان من الصائب أن يرديها على حافة الجنون .. !

جمودها كان يربكه يوحي إليه أنها ليست متأثرة إطلاقا على عكسه ..وكلامها البارد الخافت يستفزه أكثر مستغربا قدرتها على البقاء هادئة وكأنهما يدردشان على سخافات يومية لا غير ..

فيثرثر منزعجا مشتت التركيز"كان من واجبي أن أكون صادقا معكِ لقاء دينكِ علي .. ربما كانت صراحتي موجعة و صادمة لكِ لكني كنت واثقا أنكِ قوية قادرة على تحمل الصعاب"

كل ما يقوله مرهق لأعصابها ..منهك لإحساسها ..

ترفع حاجبيها متسائلة بنبرة صقيعية ساخرة "وقررت أن تختبر قدرتي على الاحتمال ..هل نجحت في الامتحان إذا ؟"

يصرخ مجدّدا يطحن ضروسه بشراسة "يا هذه ..هل تعتقدين أني لم أعاني .. كنتِ مشغولة بسعادتكِ وفخركِ بتضحيتك العظيمة بعد أن مننت على زوجك السقيم فلم تلاحظي أبدا معاناتي بينما أرغم نفسي على الاستمرار معكِ لا لشيء عدى لأني أدين لك ..هل تعلمين كم عانيت لأتشجع وأتخذ قرار الانفصال عنك بعد أن قاربت الجنون ..تتخيلين اني تنفست الصعداء حين طلقتكِ ..أبدا فجحيمي كان يبدأ لتوه ..لا تعلمين أن شعور العجز بات جزء لا يتجزأ من حياتي ..هل من السهل علي أن أتقبل أني أتنفس كل ثانية لعينة ..أني باق على قيد الحياة بفضل جزء منكِ مزروع في جسدي إلى الأبد .. لو كنت أعلم أني لن يهنأ لي عيش لفضلت الاستمرار مريضا إلى أن يريحني الموت من بؤسي و اكتئابي .. !"

هل كان الوضع مريعا إلى هذا الحد .. !
وهي التي ظنت أن حالتهما استثناء لا مثيل له ..قمة الرومانسية ..منتهى عاطفة الحب النقية ..
هل كان زياد هكذا دوما ..كيف أحبته يوما .. !

تؤشر بسبابتها ناحية صدره و تهمس متجهمة تجاريه ترفض أن تنكمش على نفسها مجروحة من سهام كلماته المسمومة التي دكت قلبها دكّا "تتعذب من حقارتك ..نذالتك ؟..على الأقل أنت تقر بهذا ..نقطة في صالحك ..لكن اسمح لي أن أقول لك أني لم أفعل شيئا سوى إخراج ما كان فيك ..ما كان سيظهر يوما عاجلا أم آجلا ..عليك أن تشكرني لأني أريتك ما أنت عليه ..لا تحصل على فرصة كهذه كل يوم"

فيزمجر مستغربا "لماذا تريدين أن تكوني خارج نطاق الواقعية ..العالم ليس مثاليا ..الحياة ليست عادلة ..أنا بشر أبحث مثل الجميع عن الأفضل لا يمكنكِ أن تلوميني و تحاكميني على أمر خارج سيطرتي ..ما ذنبي إن تغيرت مشاعري نحوكِ ..كنت حرا لأقرر ما أريد لم تمنحيني حياة أفضل لتستعبديني؟"

تشتد حيرتها جاهلة لهدفه من كل هذا الرغي وتسأله بإرهاق هامسة"لماذا إذا تنظر خلفك ..هل تسعى لإقناع نفسك أم لإقناعي ..ما دمت مؤمنا بمبادئك لماذا أنت مهزوز هكذا ...لماذا لا تبدو سعيدا بإنجازاتك المبهرة ؟"

فيصيح بأعلى صوت وقد جن جنونه "لأني الوحيد الذي يدفع الثمن ..يدينني أبي فجأة وكأن ما حدث كان بالأمس فقط ..يحدّق بي وكأني مجرم دولي فار من العدالة ..لماذا الآن وقد دعمني حين صارحته بعدم قدرتي على المضي قدما معكِ ..لم يعترض حين طلقتكِ ولا حين تزوجت ثانية ..كيف يتشدق علي بإدعاء الندم بعد أن استفاد من كل الامتيازات التي أتيحت له بفضل هذا الاتحاد ..أي ندم هذا بينما لا يستطيع التخلي عما بين يديه .."

هل تلومه على ما فعله بها بينما يتحدث عن أبيه بقلة أدب منقطعة النظير ..

تهمهم قائلة بصراحة ساخرة تكتف ذراعيها في حركة دفاعية "ما فهمته إجمالا أنك تخشى أن يؤثر الصلح إن تم على زواجك الثاني بما أنك لم تصارحها بما كان ..ولهذا تريد أن تبعدني بأي ثمن لتستمر حياتك (المعذبة) في هدوء"

يتلافى النظر في عينيها بينما يقول مداهنا "لا أريد أن أزعجها بملفات قديمة لا فائدة من إثارتها فقط لا غير ..فلا شيء مما حدث يستوجب إخفاءه ..لقائي بها كان محض صدفة غيرت كل شيء و حدث أن كان في وقت كنت قد بدأت فيه مراجعة حياتي معكِ"

فتهتف بسخط واندفاع وقد فاض بها الكيل "اعذرني إن لم أصدّق أنك وصلت إلى هنا دون تخطيط وكأن كل ما حدث كان غصبا عنك ..حتى أنني أشك أنك تقدّمت لي و عقدت قرانك علي فجأة حين اكتشفت أنك ..أنك .."

وقبل أن تتمادى أكثر تبتر كلامها وتهمس زافرة تدلك جبهتها فيما تتجاوزه تغمض عينيها بقوة "يكفي ..يكفي .. يكفي "

"إقبلي ما أعرضه عليك!"

أتاها صوته الخافت مترجيا قبل أن تبتعد خطواتها المتثاقلة فتلتفت ناحيته هاتفة بنفاذ صبر "لماذا أنت مصر هكذا ..أستطيع الحصول على عمل بسهولة دون الحاجة إليك؟"

"سحقا لا تستطيعين !"

صمت رهيب خيم عليهما بعد اعترافه المدوي الذي ندم على البوح به في الحال ..
كان من المستحيل أن تحتوي صدمتها هذه المرة ..ترنحت في وقفتها وتوسعت عيناها تطالعه بعدم استيعاب..
إذا كان هو وراء طردها من عملها وعدم رغبة أي أحد في توظيفها ..لماذا ..لماذا .. ؟!

نظراتها الذاهلة التي غامت بخيبة حين أدركت الملعوب أوجعته حقا ..ولكن ذاك الوجع لم يضاهي الغصة التي ضيّقت قلبه حين أشاحت عنه دون أن تعلّق ..دون أن تنفس عن غضبها فيهتف ببؤس شارحا "أردتكِ أن تحتاجيني ..أن تلجئي إلي ..فنتعادل "

لم تستدر نحوه حين قالت بصوت مهزوز تستأنف خطواتها شامخة بذقنها تأبى الانهزام "كم أن مفهومك عن العدل غريب يا زياد!"

.................................



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-20, 11:54 PM   #554

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


لم تسمع صراخه ولا أصوات تحطم الأشياء وقد فقد السيطرة على نفسه ..ولم تعرف كيف تحركت قدماها فكل ما أرادته اللحظة هو الابتعاد عن هذه الفيلا الكئيبة المنفرة وحين ظنّت أن هذا الكابوس قارب على المضي أخيرا كانت تشعر بأحدهم يدفعها من الخلف فتهاوت أرضا دون أن تتمكن من موازنة جسدها

"هل أرضاكِ ما آل إليه حالنا ..هل شفي غليلكِ أخيرا ؟"

التفتت صوب الشابة التي كانت تنشج بعنف ..بدت لها ملامحها المحمرة بكاء مألوفة لتتذكرها بعد تفكير قصير ..تغيرت نرجس وغدت شابة جميلة ..تشارك في أحاديث الكبار ..منذ عامين فقط كانت مراهقة نحيلة خجولة لا تتحدث إلا لماما ..

ما ستقوله لن يضاهي أبدا ما فجره أخوها في وجهها ..لن يزيد كلامها الطين بلة لذا فلا ضير من الاستماع إلى تذمرها فيبدو أن جميع ساكني هذا البيت يتذمرون من حياتهم رغم أنهم يعيشون في رخاء جلي ..

تنتصب واقفة بهدوء وتبحلق في صمت في عيني نرجس الحاقدتين فتنطق هذه الأخيرة ثائرة "لماذا عليه أن يتلقى اللوم بما أنكِ اتخذتِ كل قرار برغبتكِ ..أنتِ من اختار التبرع له بكليتِك ..كان خياركِ أن تخفي الأمر عن أهلكِ ..أ هذا ما يناله لقاء صدقه معك ..صارحكِ بتغير مشاعره نحوكِ ورفض الاستمرار معكِ في زواج لاحت بوادر فشله ..تراجع قبل فوات الأوان لمصلحتكِ رغم يقينه بما سيواجهه من مصاعب أهونها كلام الناس و القطيعة "

قبل فوات الأوان .. !
حياتها انقلبت رأسا على عقب ..فقدت كل شيء دفعة واحدة ..و مازالوا يتشدقون عليها بأن الأوان لم يفت بعد .. !

تمشطها نرجس من رأسها إلى أخمص قدميها باحتقار ثم تبصق الكلمات المزدرية "ماذا قد يعني أن تتعطل حياتكِ عدا كونه عقاب إلهي سلّطه الله عليكِ "

ابتسمت رونق مستغربة ثم همست أخيرا بفتور "عجبا للمرء ..إن مسّه السوء فلأن الله أحبه فابتلاه وإن مسّ غيره الضر فليس سوى سخطا من الله وعقابا..أي منطق هذا ؟"

ارتجفت نرجس غيظا وصرخت تدفعها مجددا على طاولة زجاجية كانت خلفها "منحوسة ملعونة ..انقلعي من هنا واحتفلي بنصركِ بعيدا بعد أن رأيتِ فينا دعواتكِ"


"ماذا يحدث هنا نرجس ؟"

هتفت الشابة الأنيقة التي دخلت لتوها وأسرعت نحو نرجس التي كانت تنشج بقنوط وراحت تهدئ من روعها ثم التفتت بعد ولهة إلى رونق التي وقفت تطالع بجمود خيط الدم الذي سال على طول ذراعها المجروحة بفعل الزجاج المكسور ..
وكأنهما غير موجودتان أولتهما ظهرها تنوي الرحيل

"من أنتِ ؟"
"سألتكِ من أنتِ!"

نفضت رونق يد الشابة التي لمست ذراعها وقد لحقتها مكررة سؤالها حانقة من تجاهلها وهمست بتصلب تناظرها بعينين مظلمتين ميتتين "لا أدين بأية إجابة لشخص لا أعرفه "

........................................

تهاوت رونق جالسة على المقعد الحديدي في موقف الحافلات بعد أن ابتعدت عن تلك البقعة المشؤومة ..كانت ترتجف حرفيا ..تتصبب عرقا لهول ما بذلته من مجهود لتكبت كل انفعالاتها ..

تنتبه إلى بقع الدم أرضا فتلحظ أخيرا أن جرحها مازال ينزف فتعقد حاجبيها لاهثة بهمس متهدج حالما تفحصته "لماذا لا يؤلمني ما دام عميقا هكذا ..حتى أنه يحتاج تقطيبا ؟"

"هل أنتِ بخير يا ابنتي ؟"

أجفلها الرجل الأشيب الذي ربت على كتفها فقد كانت ساهية تحدق في جرحها فأضاف قائلا بقلق يتمعن في حدقتيها المهتزتين وكأنها تمر بصدمة ما "هل أوصلكِ إلى المشفى ..سيارتي مصطفة هناك ؟"

"أنا بخير يا عم شكرا لك" أجابته بتشوش مشيحة عنه بوجهها فيلحّ مشيرا إلى جرح ذراعها "لكنكِ تنزفين "

"قلت أني بخير !"

اكتسح الغضب وجهه شاعرا بالإهانة حين صرخت عليه دون أن تقدّر نبله وشهامته وبدل أن يحترم رغبتها و ينسحب إلى أشغاله كان يتأملها متوجسا هاتفا بغلظة "لماذا ترتجفين هكذا أم أنكِ ارتكبتِ جريمة ما وفررتِ ؟"

هبّت واقفة وصاحت في وجهه بشراسة أخافته "هل تعرفني يا سيد ..دعني وشأني ؟"

يبتعد عنها بضعة خطوات وقد خاف أن تسبب له فضيحة على الملأ ويقول بنبرة متسلّطة متعالية مقتنعا بشرعية حشريته قبل أن يتوجه إلى سيارته المركونة في الجانب المقابل من الشارع "لولا خوفي أن أتورط معكِ لسلمتكِ للشرطة .. منحرفة مختلة!"


................................................



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-20, 11:56 PM   #555

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفندق ..جناح العرسان ..


يستلقي على ظهره يتأمل السقف ..يحتضن تيجان التي طبعت خدّها على صدره العاري تتوسده مستمعا إلى تنفسها الرتيب تلفح بشرته بأنفاسها الحارة غارقة في نوم عميق ..

كان ينبغي أن يجرفه الكرى نتاج إرهاق يوم حافل ثم ليلة عاطفية ملتهبة إلا أنه لم يفلح في إغماض عينيه ولو للحظة واحدة وقد ضج عقله بأفكاره المؤرقة ..

لن ينسى أبدا ذاك الشعور الذي اكتسحه بينما يلامس حلم السنين بيديه .. تملّك مخيف بقدر روعته التي فاقت أعتى خيالاته الجامحة ..

كان متوترا بالأمس للغاية فعلى الرغم من أنه رجل ملتزم متحفظ لم يسبق له أن انزلق في المحظور إلا أنه أدرك أن التصرف بسيطرة و حكمة كما ينبغي أن يعامل عروسا في أول ليلة لها سيكون أشبه بالمستحيل ..

والحال أن تيجان جسدت استثناء فريدا إذ لم تكن كأي عروس خجولة متوترة .. توقع أن تصعب طبيعتها العاطفية المتعطشة مهمته لكّنه لم يكن مستعدا لتجاوبها الحار الذي أفقده ما تبقى من صوابه ..

التناغم بينهما كان مثاليا مذهلا قاده نحو الشعور بالكمال ..

كمال لم يدم طويلا فما إن هدأت العاصفة الحسية التي جرفتهما لوقت طويل نامت عقبها تيجان مباشرة بينما ظل هو مستيقظا وقد داهمته أسئلة محيرة من حيث لا يدري ..

قبل أن يقرر الزواج بها كان أمامه خياران اثنان ..أن ينسى أمرها ويبحث عمّن تناسب معايير عقله أو أن يترك الخيار لقلبه و يتمسك بها مدركا لما سيواجهه من صعوبات معها ..

واختارها متجاوزا كل عقدها و نواقصها ..

يعلم جيدا أنه الشخص الأكثر اتزانا بينهما في الوقت الحالي ..لزام عليه أن يوازن علاقتهما ويسيطر على زمام الأمور حتى يكون الوضع بينهما متناغما صحيحا معقولا ..

لن ينكر أن عاطفتها الفطرية المتقدة ترضيه ..إلا أنها تخيفه أيضا فهو غير واثق إن كانت قوة العلاقة الحميمة بينهما ستؤثر إيجابا على علاقتهما الزوجية عامة ..

لا يدري إن كان من الصائب أن يكون على سجيته أم أن يكبح نفسه بعض الشيء ..
ولا يملك أدنى فكرة عن نظرة تيجان ..هل ستراها كطريقة تعبير توثق التحامهما و تسهل التواصل بينهما رغم الاختلافات أم أنها تتبع فقط أحاسيسها عفويا في سعي حثيث لإرواء عطشها العاطفي ..؟!

هذا لا يعني أنها لا تحسب له حسابا فتغيّرها في الفترة القصيرة التي تلت عقد قرانهما كان مطمئنا مبشرا بالخير فقد انتقلت من رؤيته كجلف قاس منفر إلى ملجئ دافئ يمكنها الثقة به والاعتماد عليه ..

لكنها تظل مليئة بالمفاجآت على الرغم من أنه اعتاد قراءتها ككتاب مفتوح فتبدّلها صاحبه نوع جديد من الإدراك غدى يزهر بروية في روحها ..نظرتها لنفسها ..لأخيها وأمها ..ومن حولها عامة ..

إدراك يسعده أن يستغله ليريها الحياة كما ينبغي أن تبصرها إلا أنه يخشى أن تسبقه نادين وتزرع في رأسها ما لن يعجبه بلا ريب فلا يعتقد أنه يتفق مع تلك المرأة على شيء ..

صدح هاتفه بالرنين فمدّ ذراعه الحرة ناحية الكومود ليلتقطه وقد ظنها أمه ليتغضن جبينه حين لم يتعرف على الرقم الغريب غير المسجل وحالما فتح المكالمة أتاه صوت أنثوي متهدّج تعرّف على صاحبته في الحال "صباح الخير كاظم..كنت قبل قليل عند خالتي نجوى طلبت منها رقم هاتفك فأخبرتني بزواجك ..تمم الله لكما بكل خير ..أعتذر لاتصالي في وقت غير مناسب لكني أردت أن أستفسر عن العمل الذي عرضته علي منذ مدة ..لن أنسى معروفك ما حييت إن تدبّرت أمر توظيفي اليوم قبل الغد"

صوتها أنذره أنها ليست على ما يرام وإلا لما سارعت للاتصال به في صباحية زواجه ..

همهم يترجاها أن تتريث فيما أزاح تيجان برفق عن صدره حريصا على عدم إيقاظها ونهض من مكانه ليتحدث على راحته بعيدا عنها فيردّ بجدية بعد تفكير قصير "أنا جاهز لمساعدتكِ رونق إذا كنتِ بحاجة ماسّة للمال ريثما أناقش معتصم في الموضوع مرّة أخرى "

"أقدّر لك ذلك لكن الأمر معقد قليلا لا علاقة له بالمال ..أعلم أني أزعجك لكني سأكون شاكرة إن رتبت لي موعدا معه اليوم "


"طبعا لا مشكلة ..أتصل به حالا و أوافيك بالرد بعد قليل"

............................................


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-20, 11:57 PM   #556

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


أنهى مكالمته مع رونق حيث أخبرها بأن معتصم يتوقع زيارتها متى ما شاءت اليوم ليناقشا تفاصيل الوظيفة ثم أخذ حماما سريعا
وهاهو واقف قرب النافذة المفتوحة يرتدي سروالا قطنيا كحليا يستمع بنسيم الصيف المنعش يضرب صدره العاري عيناه مصوبتان على البحر الهادئ في شرود مفكّرا وقد أقلقته رونق بإصرارها الغريب ..تمنى حقا لو كان بوسعه أن يسألها عما يحدث معها لكن العلاقة بينهما لم تتعدّى مطلقا حدود المهنية وإن كانت مقربة من أمه وأخته نظرا لاهتمامها بأبيه لمدة طويلة ..

"صباح الخير"

أخرجه همسها الأجش من شروده فأدار رأسه ناحيتها يتأمل تفاصيلها في صمت دون أن يردّ ..

نصف مستلقية ترفع الملاءة إلى عنقها وقد تناثرت خصلات شعرها الناعم حول وجهها في فوضى مشعثة انعكس عليها نور شمس الصباح ..

أمالت رأسها ترمقه بعيون فضولية نصف مغلقة من أثر النعاس مبتسمة باستغراب لتحديقه الذي طال فيقرر أخيرا التحرك على مهله ويدنو منها مقبلا جبهتها بلطف ثم يهمهم أمام بشرتها يلفحها بأنفاسه الحارة "صباحية مباركة..آسف إن أيقظتكِ"

تهز رأسها بالنفي وترد منقطعة الأنفاس تركز عينيها على العرق النابض بجنون أسفل عنقه القريب من وجهها "لم تزعجني فنومي ثقيل أصلا " ثم تسند ظهرها إلى الوسائد خلفها لتتمكن من رؤية وجهه وترفع عينيها المشرقتين إليه تستزيد بنعومة مبتسمة "هل نمت جيدا ؟"

كان يميل بجذعه نحوها يسند ثقله إلى راحتي كفيه على جانبيها فيهمس متلكئا بصوت عميق أجش محدّقا في عينيها المترقبتين "لم .. أنم أبدا"

يراقبها متجهما وقد انفجرت ضاحكة هامسة بجذل "هل كنت تراقبني في نومي كما يحدث في المسلسلات ؟"

"لا"
تربت على صدره بنعومة وتشاكسه تتصنع الحزن "مع الأسف لا يمكنني أن أقول عنك جلفا بعد ما فعلته لأجلي بالأمس "

كان يركّز نظراته على شفتيها المتورمتين فيمدّ كفّه ويمرّر إبهامه على شفتها السفلى المنفرجة نزولا إلا عنقها حيث تناثرت آثار عنفه العاطفي فيحتضن كفها المرتاحة على صدره ثم يرفعها إلى فمه يلثم أصابعها برقة مسبلا أهدابه يقر بكآبة "آذيتكِ"
فتسارع مجيبة ذاهبة الأنفاس "لا ..لم تفعل"

ربما جارته وانسجمت معه على نحو غير متوقع إلا أنه واثق أنه كان عنيف المشاعر طاغي التعبير ..

يتأمل واجما عينيها المناديتين فيتساءل في سرّه ..ألن تكف عن تعذيبه ..هل سيكون الحال بينهما هكذا متذبذبا دائما ما بين صعود و هبوط ..ما بين شذ و جذب .. !

يصرّ مكرّرا "بلى ..آذيتك" ويبتعد عنها مضيفا قبل أن تجرفه مجددا "حمام دافئ سيعيد إليكِ نشاطكِ هيا انهضي"

.............................

خرجت مرتدية رداء الحمام فوجدته ينتظرها ليتناولا فطورا متأخرا ..جلست قبالته وقالت فجأة مبتسمة "أظن أني وقعت في حب وجهك المتجهم على الدوام !"
"ماذا ؟" كاد يفلت فنجان القهوة من يده وقد باغتته دون سابق إنذار ..تتابع ببساطة و كأن هذا لم يكن كافيا "يجعلك رجوليا و جذابا للغاية ..حتى أن ابتسامتك النادرة تبدو كشيء ثمين ..تجعل قلبي يرفرف "

ثم هتفت مغيرة الموضوع كما أثارته بسرعة "يا إلهي أنا اتضور جوعا وكأني لم آكل منذ أيام !"

آلمه قلبه كونها مجرد اعترافات بسيطة لا تضاهي أبدا ما يكنه لها فراح يراقبها بينهما تستمتع بالطعام ..

توقفت عن الأكل بعد لحظات وقد لاحظت أنه لم يلمس شيئا فهمست محتارة
"يخيّل إليّ أن مزاجك انقلب فجأة ..تبدو غاضبا"
فيسبل أهدابه مردفا بنبرة متصلبة قاتمة "أنتِ تتوهمين فقط لا غير"
أخذ رشفة صغيرة من فنجانه ثم نهض فكانت تلحقه متسائلة "إذا ماذا سنفعل اليوم ؟" توقفت فجأة فكانت ترتطم بظهره ثم استدار نحوها وتمتم أمام شفتيها ثائر الأنفاس مطوقا خصرها بذراع واحدة بخشونة "مازال لدينا أربع ساعات قبل موعد إقلاع الطائرة "

تبعد وجهها و تهتف بعدم فهم "أي طائرة ؟" فيهبط بفمه يحطّم شفتيها في قبلة متطلبة محمومة أودعها كل خيبته وتمتد يده نحو حزام روبها ..

..............................................



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-20, 12:02 AM   #557

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


قرية الجبل الأسود ...عصرا

يسترخي على سريره الملوكي الوثير ساهيا يمرّر كفه الخشنة على المفرش ..

عاد بالأمس ليلا فوجدها جالسة لوحدها في المخدع وقد ذهبت أختها أخيرا ..مزاجه كان سوداويا أكثر من المعتاد فاعتزم المحاولة مرة اخرى يحرّكه مزيج من اليأس و السخط و الشهوة ..

وكأنه كان مغيبا إذ لم يدري كيف تحرك نحوها ولا ماذا فعل بها فلم يستفق إلا حين ذاق ملوحة دموعها ..


خرج بعدها مباشرة إلى دار عربدته حيث أحيا ليلة مجون خليعة لم تنفس شيئا من كبته وغضبه ..لا مراقبة خصر الراقصة الميال بدلايات ذهبية مثيرة ولا أقداح الخمر التي دارت على جلسائه الصاخبين ..

ماذا ينقصه ليكون عاجزا هكذا ..مازال قويا وكأن سنون شبابه لم تمض قط حتى أنه طحن عنق السحارة النتنة بيد واحدة فأرداها صريعة جاحظة العينين في رمشة عين ..

أرهقه المسير من دجالة إلى أخرى وقد قصد كل سحارة معروفة من القرى و المدن المجاورة ..

ومع كل محاولة فاشلة ينحره اليأس و تتأجج نزعة العنف في نفسه ..حتى أنه يرغب أحيانا في اعتصارها بين ساعديه القويين ..تنتابه رغبة ملحة في الانتشاء بتأوهات ألمها وطرقعة عظامها الرقيقة ..

مشاعر متضاربة تشابكت كعقدة ملتهبة في حشاه ..ما بين هوسه لوصالها و قنوطه من عجزه اللعين الذي طال وغضبه الأسود من اطمئنانها وكأن المصيبة مصيبته لوحده ..

أخطر ما يميزه أنه لا ينسى ..يرمي كل شيء في داخله فيتراكم على بعضه وحين يستذكر شيئا يسحب الحبل فتطفو كل الأفكار على السطح تباعا الواحدة تلو الأخرى ..

ربّما يظهر لآمنة أن كلامها لا يهمّه فيعنّفها و يعيّرها لكنّه في الواقع يمتص كل ما تنطق به ويدّخره لوقت الحاجة ..

ذكّرته بعروسه المشؤومة الأخيرة التي كانت السبب في اكتشافه لعجزه منذ عامين ..كادت تفقد وعيها حين لم يستطع إتمام زواجهما العرفي السري وكم أنفره نواحها وعويلها لاطمة خديها كمن قتل له قتيل ..

ووجد نفسه يقارنها بجوري ..صحيح أنها صدمت أيضا إلا أنها كانت هادئة للغاية في الأيام الموالية ..ألا يجدر بها أن تكون جزعة أكثر منه وحريصة على أن يحاولا معا ..

كان مشغولا طوال الأيام الماضية بحل مشكلته على أمل أن تكون المحاولة القادمة ناجحة ..ربّما اعتبر وجود أختها ذريعة جيدة كي لا يقربها إلا حين يتأكد من أهليته إلا أنه لاحظ ارتياحها مهما حاولت إظهار العكس ..

لا يشعر بلهفتها لتنجب منه الولد و تثبت قدمها في داره ..لا تبالي وكأنها ..كأنها ضيفة عابرة سبيل لا غير ..

هل تخفي أمرا ما عنه ..متعلقا بذاك الراعي النكرة ..لن ينسى أبدا كيف تشبثت بذراعه يومها ..

ولن ينسى أيضا أن عبد الحي كلّمها ..على إنفراد ..قبله ..

"أفزعتني ..ظننتك لم تعد بعد ؟"

انتصب واقفا على مهله وسار بخطوات بطيئة نحوها يتأملها صامتا يبصر هالة جديدة .. غموضا سحريا يحاوطها ..

تهمس مبتسمة تسبل أهدابها "كنت عند الشيخة ..من الرائع أن صحتها تحسنت فقد أقلقتني بالأمس"

يحتضن ذراعيها برفق ويقول باسما "لم تسأليني أبدا أين أغيب ؟"

ترفع عينيها إليه تهمس بعجب "ولماذا أفعل ..ألا ينبغي أن أثق بك ؟"
لتضيف مبتسمة بدلال "كما أني أعلم أنك لن تغادر حضني حين تُحلّ المشكلة..واثقة أننا سنتجاوز كل هذا ..لكن أنا سئمت الانتظار عباس"

لم يعقب بشيء ولكن ابتسامته انمحت وانحدرت عيناه المظلمتان إلى الكدمات القاتمة على جيدها ..آثار عنفه ليلة أمس ..

داعبها بأنامله مدمدما بشرود "أفسدت بشرتكِ النقية يا بهية و إني بدأت أخشى عليكِ من نفسي فقد عيل الصبر من صبري"

كانت تكتم أنفاسها مترقبة تخشى أن يعيد الكرّة ..وكم كانت لمساته خشنة عنيفة بالأمس ..أصابعه حفرت لحمها الغض مخلفة من الآثار و الكدمات الكثير ..
كان أشبه بحيوان ضار يتضور جوعا وقع من حيث لا يدري على فريسة بلا حول و لا قوة ..بعيدا كل البعد عما ألفت منه من رقة و مراعاة ..وكأنها انخدعت بالوجه الناعم الذي أظهره لها فقد أدركت أنه سينقلب عليها شر منقلب عاجلا أم آجلا فهو ليس معتاد على منع نفسه عن التمتع بكل ما هو متاح من ملذات ..

باتت تخشاه حقا لاسيما حين تزيغ نظراته ويشرد وكأنه غائب عما حوله غارق في عالمه الخاص ..قد يفعل بها أي شيء دون وعي منه حين يكون في تلك الحالة المغيبة ..

غدى التعامل معه مضنيا مرهقا لأعصابها فتتذكر حال رؤيته السحارة الغجرية التي كان هو وراء مقتلها بلا ريب و تتسلّح بكل ما لديها من جلد لتتماسك كي لا تقفز رعبا بين يديه حين يلامسها ..
وكم أضحت لمساته موجعة لجسدها و روحها على حد سواء ..

تستشعر الغضب المنبعث منه وقد أصبحت مداعباته لبشرتها أكثر خشونة فتهمس ذاهبة الأنفاس تعافر كي لا تئن ألما "أريد أن أكلّم أمي لكن رصيدي نفذ ..هلّا أعرتني هاتفك عباس ؟"

بدى وكأنه لم يسمعها أو ربما سمعها وتجاهل طلبها حين قرّبها إليه واحتضنها بقوة مقربا فمه من أذنها ..لثمها عدة مرات برقة قبل أن يهمس لاهثا بتقطع مستسلما لسحرها مهما عصفت به الشكوك "مرمي هناك على السرير ..هاتف عباس ..روح عباس وكل عباس فداء لعينيكِ"


..............................................

(حاولت الاتصال بك دون جدوى ..بلغني أن ابن عمّك كان صباحا في خيام الغجر كما أنه سيكون خارج القرية الليلة في صلح عشائري..اتصل بي يا شيخي حين تقرأ رسالتي فيبدو أن الفرصة التي انتظرناها قد حانت)

أوشكت أن توقع الهاتف أرضا و ارتجفت يداها حين قرأت الرسالة التي وصلت ما إن وقفت في الغرفة المجاورة لإجراء المكالمة فالشبكة ضعيفة يتعذر التقاطها في مخدعها ..

ظلت مشدوهة للحظات تطالع شاشته برعب وقد فهمت جيدا المقصد لتتفطن إلى فداحة ما اقترفته حين استجابت لفضولها القاتل وفتحت الرسالة قبل عباس ..

لم يكن أمامها خيار آخر سوى مسحها وكأنها لم تصل كي لا يكشف أمرها ..وبحركات مرتبكة من أناملها كانت تقدم على فعلتها دون تردد وتفكّر بجنون في خطوتها التالية ..

............................................

تنفست الصعداء حين خرج وحمدت الله الذي أغشى على بصره فلم يلحظ اضطرابها حين أعادت الهاتف إليه ...


الموقف الذي كانت فيه صعب لا يحتمل غير حل واحد ألا وهو أن تطلع الشيخ عبد الحي على ما علمته فمن الواضح أن ابن عمه يكيد له وينتوي ضربه ضربة خوان جبان في غفلة منه ..

"السحارة القذرة ..حتى موتها لعنة وبلاء كحياتها فهاهو الكلب الأجرب ينبش في جيفتها"

همهم يحدّث نفسه بصوت خفيض عائدا إلى مخدعه حالما أنهى الاتصال مع قتيبة ..فتح الباب بعنف فوجدها واقفة أمام دولابها فأخبرها بعصبية يحاول الابتسام بصعوبة "جهزي نفسكِ سنذهب إلى العاصمة ..معكِ حق من الأفضل أن أرى طبيبا وأريدكِ أن تكوني بجانبي "

قلبها الواجف راح يتخبط بجنون حين أدركت أنها لن تتمكن من رؤية الشيخ كما كانت تأمل ..

"أليس من الأفضل أن نذهب في الصباح الباكر ؟" ردّت ببساطة تستميت لاستمالته علّه يرتدع و يعزف عن رغبته ..

"لا تقلقي يا بهية ..ابن عم بعيد لي يسكن في العاصمة يفتح لنا بابه في أي وقت ..أريد أن اخلص من همّي في أقرب الآجال فقد راعني ما فعلته بكِ بالأمس "

ردّه المراوغ زادها قنوطا فتهمس متوترة " أنتظر عودتك سالما إذا..أستسمحك عذرا فلا أظن أنني قادرة على تحمل السفر الطويل "

"هل تتحمّلينه مع الراعي فقط ؟"
رغم وداعته الظاهرية و ابتسامته الواسعة إلا أن نظراته المجنونة و نبرة صوته المتوعدة أخافتها فاستسلمت تقول تعتصر جفنيها "أجهز نفسي إذا"

...........................................



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-20, 12:03 AM   #558

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


تجلس في الفناء الخارجي للدار تشرب قهوتها مستمتعة بالجو الصيفي الجميل تنتظر عودة أوس فقد أرسلته عنوة ليوصل شهرزاد إلى البيت ويساعد في نقل بعض الأغراض الثقيلة ..

تهللت أساريرها حين ولج واعتدلت في قعدتها متأهبة لتربت على الحصيرة بجانبها حالما دنا منها وقد لمعت عيناها " تعال حبيبي لتشرب معي فنجان قهوة"

استجاب لطلبها وجلس قربها متربعا ثم مدّ كفه يلتقط الفنجان الذي ملأته لأجله وراح يرتشف منه في صمت ..

سافرت عيناها على ملامحه الواجمة ثم سألته ببراءة عذبة كانت لتضحكه في ظروف أخرى "هل ستباشر في السرد بالتفصيل الممل أم علي أن أسحب الكلام من فمك غصبا ؟"

يبحلق في قسماتها المنفرجة متجهما فيوجعه قلبه للهفة الصارخة من عينيها ..يسبل أهدابه دون أن يرد يتأمل الفنجان قبل أن يتجرع محتواه دفعة واحدة ويضعه على المائدة الخشبية المدورة ..
يلف قبضته حول معصمها الأيسر فتنفجر ضاحكة تظنه يناطحها بعناده الطفولي بعد أن أرغمته على مرافقة شهرزاد

"هذه أول مرة في حياتي أرى فيها معصمكِ خاويا ..ماذا حدث لتنزعي أساوركِ ؟"

حاولت سحب معصمها بخشونة وقد خفتت ضحكتها فجأة وشحبت ملامحها حالما تناهى إلى سمعها تصريحه المحتدم إلا أنها لم تكن أسرع منه غذ شدّد قبضته محدقا في عينيها المهتزتين ارتباكا بنظرات ثائرة صامتة ..

تحاول مواصلة إدعاء المرح لكن الضحكة التي صدحت من حلقها كانت أي شيء عدا المرح وتدمدم متلجلجة "لا تتهرب يا ولد ..ألم تعثر على ذريعة أخرى لتتستر خلفها عدا أساوري ؟"

يخبرها ساخطا يهدر بانفعال"لأني رأيت أساوركِ في معصم أم شهرزاد مثلا ؟"

يبرطم مهتاجا حين تبيّن نيتها في الدفاع "لا تجرئي على الإنكار ..فلا يمكن أن تمتلكا نفس السوار المخدوش في نفس الموضع "

لم تحتمل رؤية الخيبة في عينيه فكانت تسارع شارحة بعصبية " لابد أنها تزينت بهم مؤقتا ريثما تذهب إلى المدينة لتستبدلهم عند الصائغ بشيء آخر عصري لشهرزاد كما اتفقنا..لا تغضب يا بني فهي أم تريد أن تفرح بابنتها كما أريد أنا أن أفرح بوحيدي و أدلّل عروسه"

يتنفس بعنف ما يجيش في صدره المحتدم من مشاعر ثائرة يحدّق في عينيها المشعتين بأمل في أن يقتنع بتبريرها فيسألها مضيقا عينيه بعد ولهة بخفوت خطير متوقعا الإجابة "أين بقية حليّكِ ؟"

يهتف ممتعضا بعدها حين انحنت زاويتا عينيها في بؤس "ألم تقولي بنفسكِ أن ما ادّخرته من مال و حلي طوال سنوات يكفي و يزيد .. تركتكِ تتصرفين كما تشائين وانظري إلى ما فعلته..سمحتِ لهم باستغلال طيبتكِ فنهشوا لحمكِ حتى بان عظمكِ ..كيف سوّلت لكِ نفسكِ إخفاء أمر مهم كهذا عني ؟"

فتتمسك بقميصه تترجاه يائسة "لا تتهور أرجوك..لا ذنب لشهرزاد فأمها هي العقل المدبّر"

توسّلها المستميت لأجل من لا تستحق اهتمامها و حبّها زاده غيظا فيصيح متحسرا "وماذا تتوقعين منها غير إظهار الوداعة لحماتها ..لا تتوقفين عن إبهاري بسذاجتك..ألومها حتى وإن كانت بالفعل كما تدّعين ..كيف تطاوعها نفسها فتسكت على منكر كهذا"

ليستطرد مضيفا وقد لمعت عيناه بإصرار مخيف "احمدي الله أني اكتشفت الأمر قبل فوات الأوان وإلا لكنت طلّقتها ..لا عاشت من لا تحترمكِ و تطمع في ما تركه لكِ أبي من ممتلكات تخصكِ وحدكِ هي في عيني أثمن من كل ثمين"

تستلم أخيرا تنكس رأسها تنتحب بخفوت وقد طارت فرحتها بلا رجعة قريبة ..

اعتقدت أن كونهم ناسا بسطاء مثلها سيسهّل التحام العائلتين ويقوي ترابطهم الجديد ..

إلا أنها لم تعرف أن الجشع لا يفرق بين أحد فهناك من يملك الظروف ليشبعه و هناك من يقف عاجزا يتحيّن الفرص و حين تقع ضحيته بين يديه يمتص دمها حتى آخر قطرة ..

ونسيت أن الحكم على البشر لا يكون من خلال بضع كلمات معسولة فالمواقف هي من تكشف معادن الناس لا المظاهر ..

تهمس مستسلمة بصوت كئيب بسؤال كان جوابه واضحا "ماذا سنفعل الآن ؟"

فيؤشر ناحية الباب بسبابته قائلا بحزم "ستذهبين الآن وتسترجعين مصوغاتكِ كاملة دون نقصان وتخبرينهم أني أفسخ هذه الخطبة البائسة "

ليتبع مضيفا بوعيد حين لاحظ تردّدها "وإلا قسما برب العزة أذهب بنفسي وأريكِ كيف يكون فسخ الخطبة على الأصول ..من مصلحتكِ ألا تستفزيني فأنا غاضب أساسا تواق لإثارة المشاكل فغليلي لن يشفى منهم بسهولة"

............................................

ظل على جلسته تلك بعد أن انصرفت أمه تقدّم رجلا و تؤخر أخرى ..

على الرغم من غضبه الشديد إلا أنه شعر براحة كبيرة لأنه لن يرى شهرزاد مرة أخرى ..
شعور لم يكن مرتبطا بمشاعره تجاه جوري بل بشهرزاد نفسها ..
لم يكن متأكدا من رغبته في إمضاء ما تبقى من حياته معها ... إحساس غريب بالريبة لم يبارحه منذ أن خطبتها أمه له ..

لم يرتح أبدا لوداعتها ..أشعرته وكأنها تداهنه ريثما تضمن نفسها وبعدها حين تغدو في داره تريه وجها مغايرا ..

ورغم هذا ما كان أبدا ليسمح لمجرد إحساس قد يكون من نزغ الشيطان بأن يحدّد مسار مستقبله ..

بعد نص ساعة تقريبا ومضت شاشة هاتفه برقم غريب فظنها شهرزاد تتصل لثنيه عن قراره فيتأهب لدحرها بعزم لا يلين ..

لم يتخيّل أبدا أن سيسمع صوتها مجدّدا فيخفق قلبه بجنون حين هتفت باضطراب بليغ "أدركني يا أوس ..إنه ..ينزف بغزارة"



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-20, 12:04 AM   #559

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

انتهى الفصل الثامن و العشرون قراءة ممتعة للجميع

الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-20, 12:19 AM   #560

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 30 ( الأعضاء 12 والزوار 18)

Maryam Tamim, ‏خمسية, ‏سوووما العسولة, ‏ام زياد محمود+, ‏nes2013, ‏As.S, ‏Iraqi1989, ‏k_meri, ‏ahlem ahlem, ‏raniea, ‏naninani, ‏ذا رؤى

الديجور likes this.

Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:48 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.