آخر 10 مشاركات
بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          حصريا .. الرواية السعودية الممنوعة .. بعت الجسد (الكاتـب : مختلف - )           »          حب في الباهاماس (5) للكاتبة: Michele Dunaway *كاملة+روابط* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          بين أزهار الكرز (167) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          وصيه ميت للكاتبه:- ميمي مارش (الكاتـب : الاسود المغرمه - )           »          دموع أسقطت حصون القصور "مكتملة" ... (الكاتـب : فيرونا العاشقه - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          قساوة الحب - أروع القصص والمغامرات** (الكاتـب : فرح - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: أكثر ثنائي أنتم في شوق للإلمام بتفاصيل قصته :
أوس و جوري 48 59.26%
كاظم و تيجان 25 30.86%
غسان و شمايل 10 12.35%
معتصم و رونق 23 28.40%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 81. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree2110Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-01-21, 01:06 AM   #681

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 26 ( الأعضاء 12 والزوار 14)
‏Maryam Tamim, ‏umyame, ‏ebti, ‏leria255, ‏Reem salama, ‏nes2013, ‏Sumayah_al, ‏Batol210, ‏Ahmedsameh, ‏سوووما العسولة, ‏ميج 1417, ‏As.S

الديجور likes this.

Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:14 AM   #682

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الحادي و الثلاثون"

(و يأتي على المرء حين من الدهر يقول فيه العقل للقلب ..أرأيتَ ..)

تمرّر أناملها على القماش الخشن لجلباب شتوي مكوّم في حجرها كان فاتح يحب ارتداءه كثيرا ثم ترفعه بتؤدة نحو أنفها و تسحب نفسا طويلا بطيئا تعبئ به رئتيها ..

مازال يعبق برائحته الحبيبة مخلوطة بشذى العود المميز ..تغمض عينيها و تحتبس الأنفاس لبرهة راغبة في الاحتفاظ بها عميقا في رئتيها لأطول مدة ممكنة ..وكأنها تتشبث بطيفه ليبقى و يؤنس وحشتها ..
ليبقى ..و يخفف من وجعها ..
ليبقى ..و يغفر لها جريرتها في حقه ..وحق أولاد صفية من بعده ..

الصوت يعلو دون رحمة يوشك أن يفتك بعقلها ..
وغضب قديم ينحسر ..فيغضبها انحساره ..
فيخلّف من وراءه في قلبها المفطور بقايا حسرة تضم صوتها إلى حسرة ..أخرى حديثة العهد ..

وكأن كل أسبابها التي اتخذتها درعا لقراراتها و مبادئها التي تغنت بها تبرأت فجأة منها ..وعليها انقلبت ..وإياها اتهمت و خذلت ..

تتنهد بلوعة مصدرة صوتا عميقا يشبه الأنين وتتقلص أصابعها القابضة على القماش ..

ما فعلته كان الصواب ...عباس كان يعلم بسر ابنها ووجب اسكاته بإعطائه مراده ...شكّل تهديدا نغص عيشتها لكنه مات الآن ..وتلاشى بموته قلقها الدائم الذي حرم أجفانها الرقاد ..

ما عاد هناك ما يقلقها ..أبدا ..لن تسمح لأي شيء بأن يشغل تفكيرها ..

"أمي ..شيخ العشيرة يطلب رؤيتكِ "

انتفضت على صوت سمية الذي بدى لها بعيدا فحدجتها بنظرة مظلمة وزجرتها مغاضبة فيما تبادر لحشر الجلباب تحت المفرش "ويحكِ كيف تدخلين علي دون استئذان ؟"

سمية القلقة ما كانت لتلاحظ حالة أمها فقد اعتراها اضطراب بليغ ما إن عاد اخوتها و معهم الشيخ و بعض رجال العشيرة يطلبون رؤية تماضر في الحال ..

فبرّرت بذبول متمسكة بالباب "استأذنت عدة مرات لكنني لم ألق غير الصمت ردّا ..شيخ العشيرة يطلب رؤيتكِ"

تشوح تماضر بكفها و تبرطم منزعجة " ماذا يريد مني و قد عزّاني صباحا ..لا رغبة لي في الحديث إلى أحد الساعة فليكتفي بإخوتكِ له جلساء ؟"

فتصرّ سمية بارتعاش أكبر "أعلم أنكِ مرهقة لكن الأجواء محتقنة يتقبض لها القلب لا تبشر بالخير فلا تعاندي أرجوكِ"

حدّقت في شحوب ابنتها مليا للحظات مفكّرة لتمدّ بعد ذلك يدها حيث وضعت عكازها ...

.........................................



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:15 AM   #683

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


انضمت تماضر إلى الجلسة التي ضمت ربائبها و ليث إلى جانب شيخ العشيرة ورهطه المتمثل في اثنين من أبنائه وبعض أبناء عمومته ...

ما إن جلست حتى كان الشيخ يعاجلها متجهم المُحيّا وقد حملت كلماته الخفيضة بعض الجفاف رغم محاولته الواضحة للتنميق و التخفيف من حدتها "لن أطيل عليكِ باللف و الدوران ..رغم درايتي بما تمرون به من وقت عصيب إلا أنه ثمة كلام لا مهرب من قوله وإن لم يعجبكِ فما حدث و مازال يحدث لا يُحتمل السكوت عنه"

لم يقرأ على ملامحها الصلبة أية ردة فعل مبدئية فيتابع قائلا باستياء بليغ ناظرا في عمق عينيها القاتمتين " لن أخفي عنكِ مبلغ غضبي و خزيي مما وصلنا إليه من ذل و مهانة لم نشهد لهما مثيلا ...ما كتمنا كل هذا حتى اللحظة إلا مراعاة منا لما كان ولا يزال بيننا"

كانت تدرك أنه لن يمرر على خير ما أُطلِق من إشاعات مروعة في حق جوري لما تعرف عنه من غلظة و عناد فترقبت اللحظة التي يكشر فيها عن أنيابه دون مواربة وهاهو ذا لم يكذب خبرا يسارع إليها مباشرة حالما انفضّت الجلسة التي جمعته بالشيخ عبد الحي و نفره ..

ترفض أن تشيح عينيها القاسيتين عن وجهه تجابهه بثبات وتصارحه قائلة دون تردد "لم يكن العشم يا شيخ ...أيُخيّل إلي أنك تتهمني ؟"

فينتفض مغاضبا يعاتبها فما عاد الحذر مطلوبا مادام كلاهما في نفس الخط"ولماذا لا أفعل ..أما كنتِ أنتِ من فتح لهم الباب على مصراعيه ليكيلوا لنا الذل أكيالا حين زوجتِ بنت الحسب و النسب لأرذلهم ..والله إني لأعذرهم إن عاودوا الكرة فقد عوّدناهم ؟"

ثم يستزيد متعجبا بفظاظة تبرق مقلتاه باستهجان لما لم يستطع تجاوزه أو استساغته "لماذا أصررتم على تزويجها له دون غيره وقد ترجيتكِ العدول حتى أني طلبتها لابني الأصغر ؟"

تشتد قبضتها على عصاها و تفحّ بمرارة الخيبة "وهل يلام الغريب لغدره إن جازانا القريب بلدغه ؟"

فيناكفها بلهجة شديدة مصرّا "لا دخان من دون نار يا أم فاتح ...لماذا أوس ابن محمد دون خلق الله ..لماذا يمنعني ربائبكِ و حفيدكِ من التقصي منه عن أصل هذه الأقاويل أم أنكم تآمرتم جميعا على طمر عار حفيدتكِ فسارعتم لسترها ؟"

"ليس من حدّك أن تتمادى دون وجه حق يا شيخ فتستجوبنا وكأننا جناة ؟" يهتف ليث بنفاذ صبر يهم بالنهوض فيوقفه عمّه حامد مشدّدا على ذراعه ليتمثل لأمره مستذكرا وصاياه بالتزام الهدوء مهما قيل ...

يتدخل أحد ابنيْ الشيخ يخاطب ليث محذرا "صن لسانك يا ليث خيرا لك فلستم في موضع يخوّل لكم الملامة و العتاب بعد أن لوثتم سمعة عشيرتنا "

فترمق تماضر الشاب شرزا وتهتف ضاربة الأرض بعصاها "صه ..لا أقبل أن يهينني أحد في داري"

يسبل الابن أهدابه وقد احمرّ وجهه غضبا يكبته مكرها على احترامها فيأتيها صوت الشيخ معترضا "ينبغي أن تكوني شاكرة فرغم غياب يقين يقطع شكنا إلا أننا غامرنا و وقفنا في صفكِ وقفة رجل واحد مستنكرين كل ما قيل في حق حفيدتكِ ..لولا احترامي لذكرى ابن عمي لكان لي شأن آخر في هذا... لكني لن أسمح أن يقال عنا أشباه رجال لا قِبَل لهم بالتحكم في نسائهم و بناتهم "

تكابر تماضر رافعة ذقنها تجابهه فتصعّد لهجتها "لم يطلب أحد منك السند و العزوة فجاهر بما لديك إن أحببت فلن تزيد فيَّ شيئا و لن تنقص...وإن شئت عاديني فأنا في غنى عمّن يعرفني في الرخاء و ينكرني في الشقاء"

تمتقع ملامحه ويبرّر قائلا "مجبر أنا على الصمود و الإنكار ما دام الدليل الدامغ على التهم غائبا فلن أقف متفرجا على تمريغ فخر عشيرتي في التراب "

تعرف حق المعرفة طريقة فصله في الأمور ..صحيح أنه رجل ما عرف عنه غير الخير و الصلاح إلا أنه يميل كثيرا إلى الغلظة و الخشونة ..فظ الطباع ..صعب المراس ..لا يرحم و لا يتأنى إن مُسّ كبرياءه ..

ورغم هذا إلا أنه فطن كيّس يعرف كيف يدير مجريات الأمور بما يعود عليه بالنفع ..

تبسم ساخرة بعد صمت قصير و تهمس باستهزاء جلي "ما هكذا تصون ذكرى ابن عمك يا شيخ .. ما فعلت هذا إلا عن حسن تدبير منك لما هو في صالحك فلا أراك خاسرا في كلتا الحالتين ...سكوت الشيخ عبد الحي وسعيه لاحتواء الفتنة في مهدها يعني أنه واثق من براءة ذمتنا...وهل ستتسرع لتجهر بالعداء وأنت على بيّنة بما يعنيه هذا ..لا والله لن تجازف بخسارتنا ومنه بقطع رابطة المصاهرة الوشيكة..وأنت أدرى بالفرق بين عبد الحي و ابن عمه .. فلو رأيت رأيه من رأي عشيرته لما توانيت عن الجهر بعدائك لنا...وفي الحالة الثانية إن ثبت ما تخشاه تنبذنا و تعادينا ويا دار ما دخلكِ شر"

تهتز عضلة فكه غضبا يحرق أحشاءه دون أن يستطيع إمطارها به فهو أدرى بصدق كل كلمة قالتها فيقول كلمته الأخيرة بتصميم مخيف وقد أشرست تعابيره"إن حدث وثبت أن حفيدتكِ خاطئة ..فليفعلوا بها ما يرونه صائبا فهذا حقهم ولن تمنعوني حينها من تسليم ابن محمد لهم أيضا ..ويا ويلكم من حسابي العسير لاستغفالنا و ستر فضيحة لا يصح سوى تطهيرها بالدم..وإن تبين أنهم اتهموا جورا كما آمل لزام عليهم رد اعتبارنا كما يليق بنا فلا أحد يجرؤ على أن يهيننا و يطال أعراضنا ..لا احد"

تهز رأسها موافقة و تختم بالقول الحاد "تذكر جيدا هذا اليوم يا شيخ فقد تُرِك الحساب مفتوحا بيننا ...ديْني عليك برقبتك مغلول"
ثم تنتصب واقفة و تنصرف من المجلس تحت أنظارهم ..

تعلو الهمهمات الغاضبة من الرجال بينما يغادرون وحين خلا المجلس كان ليث ينفجر بجنون "كيف تسكتون لهم هكذا ؟"

فيهدئه عمّه حامد قائلا بثقة "لن نتنازل و نبرر لأحد مادمنا واثقين يا ليث ..تريث وانتظر نصرا من الله يأتينا و لو بعد حين ودع لغو الكلام للخائضين"



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:19 AM   #684

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


ثباتها في وجه الشيخ كان إنجازا مبهرا مقارنة بما يجيش في صدرها من طواحن المشاعر فتضعف من عزيمتها قبل أن توهن جسدها ...

وكان من حسن حظها أن قناعها هذا لم يسقط في حضرته فما إن وطئت قدماها الممر المؤدي إلى جناحها داهمها الدوار فاختل توازنها لتشدّد قبضتها على عصاها و تستند بكفها الأخرى على الجدار البارد المتناقض و حرارتها المرتفعة نتيجة للحمى التي ما فتئت تلتهم جسدها منذ ليلة أمس ..

سارعت سمية نحوها مولولة ما إن وقعت عيناها عليها فقد كانت تنتظر بفارغ الصبر ما ستسفر عنه هذه الجلسة فزجرتها تماضر بصوت متداعٍ "كفي عن العويل و أوصليني إلى حجرتي لأرتاح فقد هدّني التعب"

هتفت سمية مرتعبة حين حطت يدها على بشرة أمها الساخنة " يا إلهي أنتِ مريضة..هل أستدعي الطبيب ؟"

"افعلي ما طلبته منكِ دون نقاش ..إن هو إلا إرهاق خفيف سيزول بالراحة"
خفت صوتها أكثر هذه المرة رغم العناد الذي تخلل كلماتها فاستسلمت سمية و عاونتها كي تبلغ مخدعها دون أن تملك القدرة على كبح دموعها المطيرة ...


جلست تماضر على حافة سريرها و رفضت الاستلقاء كما طلبت منها سمية التي وقفت مترددة مابين البقاء و إشباع فضولها أو الانصراف و تركها ترتاح لمفردها ...

حيرتها لم تدم طويلا إذ همست بخفوت مبتئسة وقد انحنت شفتاها بحزن عميق "ألن تقولي شيئا أنتِ أيضا يا أمي ..أخافني صمت صفية إذ لم تمنحني الفرصة أبدا للحديث إليها فقد اخذت ابنتيها ثم أغلقت بابها على نفسها ..ماذا حدث بالضبط ليدوي كل هذا دفعة واحدة ..ماذا عن جوري ..كيف حالها ..هل كلمتِها ؟"

تماضر لم تقل شيئا ..
ربّما كان لتشبعها تقريعا في ظرف آخر لتهاطل أسئلتها تباعا هكذا و الحال أنها كانت عنها في معزل تصغي لضجيج أفكارها ..

الحرب داخلها سجال لا أمل في أن تضع أوزارها ..يقول قلبها لعقلها أرأيتَ ما فعلته بنا ..فتكاد تسمع ضحكة عقلها الساخرة حين يجيب ..وهل أنجانا حبّك لأحباب فارقوك ..وهل غيّرت حسراتك و آهاتك من الحال شيئا ...
وهل تستطيع أن تخبرها أنها دخلت دار العزاء و مكثت هناك ما شاء الله و غادرت دون أن ترى جوري أو تواجهها ..

ليست هي من تقرّ بهروبها من المواجهة ..ليست هي من تعترف أنها أخطأت مرة في اتخاذ قرارها ..ومرتين حين كابرت و عاندت مستمرة رغم كل شيء ..

أجفلت سمية على صوت الباب الذي فتح بقوة دخل على اثرها ليث لاهثا بجنون تقدح عيناه شررا يحدج بنظرات مظلمة وجه تماضر الموارى خلف كفيها المسندين على عصاها حيث كانت تريح جبهتها على ظهرهما ...

هدر عاقدا العزم متحفزا "تطمعين أن يتزوجها الشيخ عبد الحي من بعده إذا ..لا يُداس عليّ مرتين جدتي ؟"

مازالت على حالها وكأنها لا تسمعه فيتابع قائلا بقسوة "لو لم تكن أختي عالقة وسط هذه الفوضى لأفرحني رؤية تجارتكِ تبور ... يا قربكِ من يوم تصبحين فيها وحيدة حين يهجركِ الجميع ..وحيدة تماما"

وكما ولج خرج بخطوات غاضبة فتتبعه سمية شاهقة بلوعة يخالطها غضب و استياء "ليث ..كيف تقول كلاما كهذا لجدتك..عد إلى هنا حالا ؟"

فيكون صياحها بلا جدوى

ترفع تماضر وجهها أخيرا وتبرطم بنفاذ صبر "صدّعت رأسي بنواحكِ ..اذهبي أنتِ أيضا و ذروني وحيدة كما تتمنون رؤيتي جميعا"

ما لم تتوقعه هو أن تجيبها سمية ببكاء حار "سامحكِ الله يا أمي و هل لي غيركِ في هذه الدنيا من بعد الله ؟"

تهتز حدقتاها مجفلة من اعتراف واضح مباشر داهمها فتشيح عنها بوجهها متذمرة بجنون وقد أغضبتها فورة المشاعر التي توشك أن تخرج عن سيطرتها على غير العادة ..

قلبها يتألم لعذاب أمها الصامت ..تودّ لو كان بمقدورها أن تنتشلها مما هي فيه ..لكنها موقنة أنها لن تصغي يوما لنصحها ..لن تترك ما يرهقها وإن كان فيه هلاكها ..

تتأمل جانب وجهها القاتم تغشاه قترة ..فتقف محتارة كيف للمرء أن يختار المضي في طريق صعب شائك يذبل فيه يوما بعد يوم في حين أنه يملك خيار التراجع و الركون إلى الراحة مسلّما بقدر الله ..

لن يكون هذا الخيار غريبا على أمها مادامت ترى التسليم بالقضاء و الاستسلام ضعفا ..

يبلغها صوتها الغاضب حين أبصرتها تستدير لتغادر "إلى أين تحسبين نفسكِ ذاهبة ؟" فتلوي عنقها تقول عاقدة حاجبيها بحيرة " قلتِ أنكِ تريدين البقاء لوحدكِ"

فتدق الأرض بعصاها و تهتف مهتاجة "وأنتِ اغتنمتِ الفرصة بلا تردد لترتاحي مني كما تشتهين ..اغربي عن وجهي إذا"

افترت شفتاها عن ابتسامة شجن واقتربت ببطء لتجلس بالقرب منها ..

كانت هذه أمها ..تفعل ما تراه مناسبا وإن اختلفوا معها ثم تطمع أن يتقبلوا ..ويتشبثوا بها رغم كل ما قد يبدر منها ..

وهكذا هي ..تعود و تتعلق بثيابها مهما فشّت فيها كلّ غلّها ..تغور تحت قشرة قسوتها و جفاءها لترى معاناتها ..وعوض أن تنفر ..تشفق ..وعوض أن تغضب منها ..تزداد لها حبا ..

وبعد سكوت طويل قالت تماضر بنبرة كئيبة بها غصة"ما كنتُ لأرضى برميها إليه دون سبب ..ما كنتُ لأحب أن أبصرها فيما هي فيه .."

تتوه سمية في غموض الكلمات وتحتار في عمق المعاني المبهمة لكنها كديدنها لا تحبذ الضغط عليها بل تتركها على راحتها و تقول تحاول تطبيب خاطرها و مواساتها "هوّني عليكِ .. ستكون جوري بخير وتتجاوز كل هذا كما تخلصت من عباس فالأقاويل الباطلة ستبهت لا محالة عاجلا غير آجل"

تتردّد قليلا قبل أن تضيف "جوري أحق بنفسها من وليّها هذه المرة ..أرجو أن تدعيها تقرر ما تشاء دون ضغوط ..صحيح أن الشيخ نِعم الرجل ولكني أشعر أنها لن تجد في الزواج منه حلا يلائمها"
تشرد تماضر عنها مرة أخرى ..مفكرة فيما أشيع بين العوام ..وتهمس بعد برهة بغموض "لو أني أهتدي لما يبدو أنه فاتني .."

............................................



ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:20 AM   #685

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


كانت زاهرة تهرول خلف دجاجاتها لتدخلها إلى الخم المحاذي لدارها حين مالت شمس المغيب ..

تناهى فجأة إلى مسمعها صوت مألوف من خلفها أفزعها "كيف يجرؤ ابنكِ المنافق على تشويه سمعة ابنتي ..هل تبقّى لكم من بعد هذا وجه تقابلون به الناس ..خسئتم ؟ "

التفتت زاهرة بحدة هربت على إثرها كل الدجاجات المذعورة في كل اتجاه واستنكرت لاهثة تضع يدها على صدرها "أفزعتني يا امرأة ..أي انعدام ذوق هذا ..تتهجمين علي بلا سلام أو كلام كقطاع الطرق "

تنكمش شهرزاد خلف أمها التي رفعت صوتها دون حياء مبرطمة "أمثالكم لا يستحقون ذرة احترام .. ابنكِ خطب ابنتي ليغطّي على علاقته ببنت سيده ثم تآمر وإياها على قتل زوجها ليستفرد بها لنفسه"

تبيضّ قسماتها وكأنها على وشك الاغماء ليحمرّ وجهها غضبا في اللحظة التالية فتصيح مستاءة "أوتحسبينه عليّ هيّنا أن أؤجل فرحتي بابني وأعشّم بنت الناس هباءً ..اتّقي الله وكفي عن اختلاق الأكاذيب لتقتصي لابنتكِ منّا"

تضرب أم شهرزاد كفا بكف ثم تفحّ بانفعال تطوّح بذراعيها "ليمنحني الله ربع ثقتكِ بنفسكِ..ماذا سأختلق وقد غدت الحقيقة على طرف كل لسان ..اسألي ابنكِ أين كان بالأمس في الوقت الذي كنتِ فيه تكسرين قلب شهرزاد"

تبسط يديها وترفع وجهها إلى السماء هامسة بحقد مستشفة "أراني الله انتقامه فيكم ففُضِحتم قبل أن تجف دموع صغيرتي الحبيبة..اللهم لا شماتة..اللهم لا شماتة"

............................

كان أوس عائدا من الحظيرة متثاقل الخطى..لم يغمض له جفن الليلة الماضية .. اتخذ من ظلمة الدجى بلسما ..يدعو الله أن يرحم ضعفه و قلة حيلته ..يشكوه قهره ووجيعته ..وغطاء يستر آهاته و يحتوي صرخات روحه الصامتة ..

ولكم تمنى أن يطول الليل و يطول ..فيؤخر قدر المستطاع المحتوم ..كيف سيتحمل النظر في وجه أمه بينما يبلّغها ما سيفجعها لا محالة ..كيف سيحتوي كسرتها و يطمئنها أن كل شيء سيكون بخير ..

تنهد بعمق مستغفرا مفكّرا في المماطلة فها قد انقضى اليوم دون أن يأتي الشيخ عبد الحي كما وعد ...ودون أن يزورها أحد يبلغها بموت عباس فيمهّد له الطريق نحو تفسيرات لا مناص منها ولا مهرب ..

اقترب من الدار بما يكفي ليلتقط أصوات عالية فرفع رأسه المطرق ليلمح امرأتين تعرّف على أصغرهما من هيئتها ..كانتا تقفان أمام عتبة الباب الخارجي للدار أين كان يدور نقاش طاحن مع أمه ...


طار صوابه فألقى ما كان بيده و ركض المسافة المتبقية نحو أمه وقد تهافتت على ذهنه في لمح البصر عشرات الأفكار المفزعة فيتعالى وجيب قلبه الواجف ما إن يتخيل إمكانية حدوثها ...

يدنو منها لاهثا فتلاقيه شاحبة شحوب الأموات ..تتمسك بذراعه تبتغي دعمه و حمايته وتهمس من بين شفتيها المبيضتين مغتاظة تناظر بنفور أم شهرزاد "خسارة فيكِ تأنيب الضمير و الله .. أتيت في وقتك يا بني لتسمع ما تقوله هذه المعتوهة"

تتوارى شهرزاد خلف أمها أكثر تتأمله بذبول متحسرة على حلم تسرّب من يديها ما إن صدّقت تحققه وتبحلق أمها في وجهه تشع عيناها بغلّ فظيع وتهمس واثقة يشوب صوتها ضحكة مستترة لئيمة "الظاهر أنك لم تخبر أمك بعد بالطامة التي ستهوي بك قريبا إلى هلاكك المحتم"

يشعر بأصابع أمه تحفر في ذراعه وكأنها تحثه أن يعجّل نهاية هذا النقاش الثقيل المرهق ويعيد لها اعتبارها و احترامها ..

"ما كان بيننا انتهى بالأمس على حدّ علمي ..لذا فلا شيء يخوّل لكِ المجيء إلى هنا و حشر نفسكِ فيما لا يعنيكِ ..ارحلي قبل أن أريكِ وجها لن يعجبكِ"
هسهس يتوعدها بنبرة خطرة رغم خفوتها إلا أنها لم تتحرّك من مكانها قيد أنملة ..
عيناها اللامعتان ببريق انتصارها كانتا عليه بينما تتشدّق عليه بما جاء بها إلى عتبة بابه في المقام الأول "بتّ أتساءل كم وجها تملك تحديدا ..عامة يؤسفني أن أحيطك علما أني لن أتحرك من هنا حتى أحصل على حق ابنتي فأنت من فضّ ما كان"

اعتراض شهرزاد الخفيض ضاع في الهرج الذي علا حين اختلط صوت أمها بصوت زاهرة فيعلو هدر أوس مستنكرا تقلّبها من حال إلى أخرى و كأنها حرباء ملونة " ولديكِ الجرأة لتطلبي تعويضا بعد كلّ ما فعلتِه ..ألم تصرّي بنفسكِ بالأمس على إعادة كل شيء بما في ذلك الهدايا "

نبرتها المتعالية ضغطت على أعصابه حين مطّت شفتيها مدمدمة"الأمس شأن و اليوم آخر ..هل ستحاسبني إن غيرت رأيي ..حتى أنني مهما تجرأت لن أضاهيك أبدا ..تصرخ في وجهي و تتشدق علي بمبادئ أنت عنها بعيد بعد السماء عن الأرض"

بالأمس لعنت غباءها لأنها تسرعت وسعت لاستغلال طيبة زاهرة فحاولت أن تصحح غلطتها بدفع كل شيء إليهم علّها تعيد جسور الود بينهم فيتراجع أوس عن فسخ الخطوبة من جهة ..ومن جهة أخرى خافت على شهرزاد من كلام الناس فيقال عنهم طماعين وتتضاءل فرصتها في الزواج ناهيك عن الخطوبة الملغاة التي احتُسبت ضدها ..

واليوم تغيرت حساباتها عازمة على استغلال الفرصة حين وصلها ما يتناقله الناس عن أوس وتورطه مع حفيدة الحاج عبد العليم حتى أنها انتهزت الإشاعات لتغطي على السبب الحقيقي لفضّ الخطوبة إذ جاهرت بمسكنة متقنة التمثيل أن شهرزاد تضررت كثيرا حين نبذها أوس دون تفسير مقنع كما بالغت في إبداء ذهولها لما كان يخفيه عنهم قناعه الوقور الذي خدعهم به جميعا ...

بدى لها إنجازا عظيما أن تنسل كالشعرة من العجين وتستخدم الأحداث في صالحها فتخرج منها سالمة غانمة دون أن تمسّ سمعة ابنتها بسوء لكنها غفلت عمّا جنته بمكرها و خديعتها حين أكّدت الشائعات و ساهمت في انتشارها أكثر مذكية جمرات فتن متوقّدات ..

تتمادى أكثر تؤشر برأسها ناحية زاهرة تقول "أخبر أمك أنك على علاقة ببنتِ سيدك ..أخبرها أنك تآمرت على قتل زوجها"

صوت خشن سباق للردّ جلجل من حيث لا تدري "ويحكِ يا امرأة كيف تتحدثين وكأنكِ كنتِ على ما تقولين شاهدة..تبينوا قبل أن تنطقوا بهتانا فكم من بيوت هدمتها الألسن وكم من أرواح أزهقتها"

تتأهب لتسلّط على الدخيل فيما لا يعنيه لسانها المؤذي فتتراجع مبتلعة كلماتها المسمومة قبل أن تغادر حلقها حين رأت هيئته المهيبة التي تبعث في النفس الرهبة وقد زادها نفر من الرجال المسلّحين خلف ظهره فزعا ...

تقبض على معصم شهرزاد تعنّفها بالقول الغاضب تجرجرها خلفها هاربة مخافة أن يحقق هذا الرجل المخيف معها "أرأيتِ كيف لم ينكر أي ما قيل..أقتلكِ بيدي يا بنت إن ذرفتِ دمعة أخرى لأجله ..امشي يا بلاء رأسي"

رحّب أوس بالشيخ عبد الحي فشعر بأمه التي تناساها تضغط مجددا على ذراعه ... أمال رأسه نحوها فهوى قلبه عند قدميه لمرآى وجهها الشاحب الغارق بالدموع في صمت ..

ترفع يدها الأخرى لتتشبث به قبل أن تسقط عند قدميه وهنا وترتعش شفتاها حين تقول بنبرة جوفاء ذابلة "ماذا يحدث يا أوس ...من ..مات ؟"

وكأنها أدركت أن من مات على علاقة بالرجل الماثل أمامها إذ التفتت صوبه دون أن تنتظر ردّ ابنها تناظره بعينين غائرتين ميتتين ...

يدرك عبد الحي من عبارتها المقتضبة أنها لا تعلم بعد شيئا فيسلّم عليها بخفوت و يستدير مبتعدا عنهما بضع خطوات مفسحا المجال لابنها ليحدّثها بما يشاء ..

يخيّل إليه أن أعصابه المشدودة قد تنقطع في أية لحظة لفرط ما يرزح تحته من ضغط مهول فيحشد كل ما لديه من ثبات يداري به اختضاضه ويجالد ليقول بصوت متزن أراده أن يضيء ضياعها بقبس من الطمأنينة "إنه عبد الحي شيخ عشيرة (ال.....) يريدني في كلمتين ..اسبقيني إلى الداخل إن هي إلا دقائق معدودة و أوافيكِ"

لا تعقّب وكأنها فقدت صوتها لكن ارتعاش شفتيها زاد والخوف في نظراتها المسمرة على ظهر الشيخ اشتد فيحاول معها بصبر أكبر و صدر أوسع مبتسما "وهل يعرَف عنه غير الخير والصلاح يا أمي ..اجلسي في الباحة و اتركي الباب مشرّعا على مصراعيه لتراقبيني فلن أغيب عن ناظريكِ ولو لثانية واحدة"

كان الضياع عنوانها في هذه اللحظة وقد اختلطت من حولها المجريات الغامضة ..
تستلم أخيرا وتسمح له بقيادتها كيف يشاء فيساعدها على الجلوس على كرسي خشبي صغير في الباحة و يترك الباب مفتوحا كما قال ...

تضع يدها على قلبها الخافق بعنف مجنون تنشج بخفوت تراقبه يقف وجها لوجه أمام الشيخ عبد الحي ..وبين الفينة و الأخرى ترفرف رموشها لتتأكد أن ما رأته ومازالت تراه ليس مجرد كابوس أفسد منامها ..


.............................


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:22 AM   #686

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


اليوم التالي ..صباحا

"إذا ماهو برنامج اليوم ؟"

تساءلت رونق بأريحية بعد أن استقرت في نفس الموضع على الكنبة ..وكأنها قرّرت أن تتخذ منها مكتبا لتدير عملها العجيب ..هكذا فكّر معتصم ..

الأعجب في نظره طريقتها الجدية في التعامل مع الأمر ..صحيح أنها ظنته بالأمس يسخر منها في البداية لكنها لم تعلّق بعد أن تبيّنت جدّية طلبه ...

والأغرب أنها قرأت على مسمعه مئات الرسائل و المنشورات دون كلل أو ملل حتى أنها دفعته ليتساءل سرّا كيف لها أن تكون صبورة واسعة الصدر هكذا دون أن تملك أي حافز حقيقي يدفعها لذلك ..ففي مطلق الأحوال لا تتقاضى مليما واحدا منه ..حتى أنه الشعور بالذنب بات يساوره فيتخيل أنه يستغلها متناسيا أحيانا أنها من وضعت هذه الشروط بنفسها

مرة بعد مرة ..ولقاء بعد آخر يزداد ذاك الغموض الذي يحاوطها ..و تضمحل تلك الكآبة التي لمسها في لقائهما الأول ..

حتى أنه بات يشك في صحة ما اعتراه ...ربما كآبته سيطرت على كل حواسه و مشاعره حينها..أو ربما ..هي بارعة على عكسه في توجيه أحاسيسها فتجاوزت ما بدى له وقتا عصيبا في ظرف قياسي ..

لكنّها أتت اليوم أيضا مستمرة في احترام بنود عقدها الغامض مما يعني أنها ...

"لا شيء"
همسها الموجز لفت انتباهه فقال متسائلا "ماذا قلتِ ؟"

فتستطرد شارحة ما استنتجته مشيرة نحوه بسبابتها "لا شيء أفعله لأجلك اليوم على ما يبدو فأنت لست راغبا في مغادرة سريرك أصلا"

يتحفز راغبا في مشاكستها فيبتسم ويهز كتفيه "ربما لأن أحدهم قام بتحديث كآبتي بالأمس"

عوض أن تبتسم كانت تميل رأسها تمعن التفكير ثم توافقه بعد برهة بالقول "معك حق ..كانت قلّة ذوق و مراعاة مني ألا أتجاوز المزيد من العبارات التي ندمت في الحال حين نقلتها إليك دون تعديل"

رفع حاجبيه مندهشا "هل هذا يعني أن هناك ما نقلتِه إلي بتصرّف ؟"

فتعقد حاجبيها مستغربة "ألم يكن واضحا أني فعلت ...من غير المعقول أن يكون لديك مئات الأصدقاء في قمة الأدب و اللباقة..لست سوداوية التفكير و لكني واقعية ..إن عثرت في زمننا هذا على صديق واحد وفي فتمسّك به بأسنانك وبكل ما لديك .."

"إن هو إلا واحد بالفعل" همس بغموض مسدلا أهدابه قبل أن يرفع عينيه نحوها مستفسرا " لماذا فعلتِ هذا ؟"

تتعمق العقدة بين حاجبيها مستغربة أكثر "ألم يكن هذا واضحا أيضا ..لستَ مجبرا على تحمّل نقنقتهم بما أنهم لم يهتموا لأمرك حقا كما سبق و أخبرتني بنفسكَ"

فتميل زاويتا عينيه ويقول متصنعا الاستياء "يفترض بي أن أشعر بالإهانة لسببين ..أولا لأنكِ قررت عوضا عني ما في صالحي دون الرجوع إلي و ثانيا كونكِ حكمتِ عليّ بالضعف حين خمنتِ أني قد أتأذى بكلامهم"

تهزّ رأسها نفيا و تستطرد شارحة بهدوء "ستؤكد لنفسك أنك لن تبالي بكلامهم ..أنك تطّلع عليه لا لشيء عدى لتتسلى وتضحك على سخافتهم و غبائهم ..فما مررت به أعنف و أقوى ..أشبه بنقطة ماء في بحر ..ولكن في الواقع ..ودون أن تدرك ستتأذى ..حتى أنك قد تشعر بالإحباط لأنك رغم كل ما عانيته مازلت حساسا لأتفه الأمور"

يمدّ كفه إلى هاتفه الموضوع جانبا دون أن تحيد عيناه المتسليتان عن عينيها الهادئتين فتخبره بكل وداعة حين اهتدت إلى مراده "أعلم أني أثرت فضولك و لكن يؤسفني أن تكتشف أبكر مما توقعتك أن تفعل أن صندوق رسائلك فارغ تماما فقد تكرمت و مسحتها كلّها"

يخفض يده الممسكة بالهاتف إلى حجره و يغمغم مستمتعا"هل علي أن أفرح أم أن أغضب الآن ؟"

فتواصل مركّزة بكل جدية بعيدة كل البعد عن التسلية "لا تطل الوقوف على ما لا يستوجب إهدار طاقتك في تفكير مفرط لا طائل منه فالأجوبة ستأتيك يوما دون أن تطلبها ..و إن تأخرت ..كضيف مفاجئ دون دعوة"

غامت عيناها بحزن عابر كاد يقسم أنه رآه تماما كما لمس ذاك الشجن في صوتها الهادئ فيسألها ما خطر بباله " أشعر وكأنكِ تتحدثين عن دراية "

فتقول بلا اكتراث بدى له غير مقنع البتة "لنكن واقعيين ما كنت لأتشدق عليك لولا خبرتي المبهرة في مجال السحل و النكد ..حتى أن أمي ترقيني كل صباح كي لا أصاب بالحسد ..ألا يوجد ما نفعله اليوم بالله عليك ؟"

ضحك بخفة دون أن يعقّب يجبر نفسه على التجاوب معها متجاوزا الغصة التي استحكمت قلبه ثم رمى الهاتف نحوها فالتقطته بمهارة "اليوم ستكونين عينيّ ...انطلقي وتزحلقي على صفحتي الرئيسية وتفنني في وصف كل ما تصادفينه على طريقتكِ ..غير مسموح لكِ بالتعديل"

راحت تحت أنظاره تنقر بأصابعها على شاشة هاتفه بخفة "لنرى... أصدقاؤك يشاركون كل شيء من يومياتهم ..صور من جولاتهم السياحية ..المطاعم ..المحلات ..وبعض الأقوال المأثورة التي أراهن أنهم لا يفقهونها هذا إن كانوا يقرؤونها أصلا قبل نشرها"

"لماذا أشعر و كأنهم يثيرون غضبكِ ؟"
شعر بالفخر لإنجازه الكبير فقد نجح في مباغتتها على حين غرة ..لكن انتصاره لم يدم طويلا إذ تجاوزت إجفالها وناورته قائلة ببساطة باردة وقد انغلقت ملامحها مجددا "لماذا قد أغضب ..هل تريد رؤية الصور ؟"

فيوجز بالرد المباشر "قلت أني أريد أن أراها من خلالكِ"

يراقب رأسها المنحني و تحديقها المركز على الشاشة بإمعان ثم يأتيه صوتها حين استطردت شارحة "شخص ما يطلق على نفسه اسم (صاحب السعادة) نشر صورته في غرفته في فندق ما ..يستعرض عضلات بطنه السداسية ..لا ينظر نحو الكاميرا في اللقطة الشهيرة (صورني دون أن أدري) ...(أميرة أبيها) شاركت مقطع فيديو لتدريباتها ..حركاتها الأكروباتية تشبه أي شيء عدى الجمباز ..لا وجود للمرونة و الانسيابية ..وكأنها مثلث يتدحرج ..المشكلة أن الجميع يمتدحونها إلا إذا كنتُ أنا غير مؤهلة للحكم عليها ...لكني لن أنكر أن بدلتها الزهرية جميلة و حذاءها أيضا... (السلطانة هيام) نشرت عدة صور تطلب المشورة فقد احتارت أي الأثواب تختار وبعد ان تلقّت مئات الآراء أقفلت خاصية التعليقات وقالت أنها قررت أن تشتريهم كلهم لترضي الجميع بما أنهم لم يتفقوا على ثوب واحد ...(عاشق برشلونة) شارك مقولة كاتبة مشهورة

(بعض الأحزان تترك ثقوبا في أنفسنا تظل مفتوحة للأبد..تأبى أطرافها أن تندمل ..فنشعر بالخواء و نتمنى لو كانت صدورنا مصممة..لا روح فيها ولا نبض و لا حياة و تظل تلك الثقوب متنفسا تتسلل منها حرقة البكاء و شهقات الدموع)

قاطعها قائلا "هل سنكون حقا بحال أفضل لو كانت صدورنا مصمّمة ؟"

فترفع وجهها إليه و تجيبه "حسب اعتقادي ستفقد طعم الحياة حينها ..فلن تشعر بحلاوتها لو لم تجرب مرارتها "

افترت شفتاه عن ابتسامة حزينة هذه المرة "ربّما لم تجربي بعد ألما طاحنا يجعلكِ تتمنين أن تفقدي أحاسيسك ..أو ببساطة تتمنين الموت"

فتبادله بمثيلتها بدورها هامسة فيما تتطلع إلى الهاتف "ربما"

"لماذا تبتسمين ؟" يتساءل مسحورا بتلك البسمة الصغيرة التي استطاعت أن تحدث فرقا شاسعا في ملامحها الباردة الحيادية ..تمنحها بعض الدفء ..بعض الهشاشة ..

فتشير برأسها إلى الهاتف مشتتة تركيزه فيها "نحن في واد آخر غير الذي يهيم فيه أصحابك فقد علّق (مدريدي الهوى) قائلا (لا تحزن يا صديقي فالخسارة أمام الكبار فوز ساحق)"

(لم أكن الصديق الوحيد لأي شخص ..
لم أكن حلما لشخص يحبني ..
لم أشعر أنني الخيار الأول والأوحد في حياة أحد ولو لمرة ..
كنت دائما شخصا عابرا في حياة الجميع ..)

تقلّصت أصابعها على الهاتف حين قرأت هذه الكلمات المألوفة حد الألم ..مرّ عليها ذات المنشور مرّة من قبل ..كم أشفقت حينها على الشخص الذي يعيش حياة كهذه ..سعادتها في تلك اللحظة كانت لا توصف بما لديها ..وكم ظنت نفسها محظوظة ..

كان من المحزن أنها ..في تلك اللحظة بالذات ..مثّلت أفضل تجسيد لذاك الشخص دون أن تدري ..الأدهى و الأمر في أنها اكتشفت الواقع ..متأخرة جدا ..

رمشت محدقة في المنشور معقودة الحاجبين كمن يتألم ثم تجاهلته كما تجاهلت النغزة في قلبها و سحبت الشاشة إلى أعلى دون أن تقرأه بصوت مسموع ...

رأى كل شيء كما لاحظ الغصة التي لم تتمكن من إخفائها حين همست "أخيرا شخص يستخدم اسمه الحقيقي ..(وئام عبد السميع) شاركت رابط اختبار نفسي (اكتشف في أية مرحلة أنتَ من مراحل الحزن ).. هل تريد تجربته ؟"
يراقبها بفضول ويوجه سؤالها إليها "جرّبيه أنتِ عوضا عني"

تستطرد مجيبة بالقول المستفيض "يُطلق عليها نموذج كيوبلر روس..أولا مرحلة الإنكار ...فقدان الإحساس و الصدمة ..ثم الغضب ومحاولة فهم ما حدث ..ثم المساومة ..حيث تسيطر على كل أفكارك كلمة يا ليت ثم الاكتئاب المرافق لليأس و أخيرا التعايش و التسليم بالحاصل مع جرعة أمل للمستقبل ..بحثت يوما عنها ودونتها في ورقة كنت أنظر كل يوم إليها ..تارة أجزم أني في مرحلة الغضب ثم أقنع نفسي في اليوم الموالي أني قفزت إلى مرحلة التعايش ..وفي اليوم الذي يليه أؤكد لنفسي أني مازلت في مرحلة الصدمة ثم في اليوم الرابع أمزق الورقة وأعتبر أن هذه النظرية محض هراء فأنا بخير تماما ..وهكذا دواليك..لا أدري كم أمضيت من الوقت على هذا الحال .."

أراد إجابة تقصي هذا الخناق الذي ضاق به صدره حين استعلم "إذا ..انتهى بكِ الأمر متعايشة مع واقعكِ ؟"

فتجيبه مبتسمة "لا ..انتهى بمئات القصاصات الممزقة و المرمية تحت سريري ..و تقريع شديد اللهجة من أمي لأنها سئمت من سماعي أتحدث وحدي كالمجنونة"

وتعانقت النظرات الصامتة طويلا ..طويلا .. قبل أن تكون رونق أول من يقطع التواصل تعاود خفض وجهها إلى هاتفه علّها تصادف منشور تفاءل أو نكتة ما بدل هذا الكم المزعج من التعاسة الإلكترونية ...


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:22 AM   #687

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أنتهى الفصل الحادي و الثلاثون ..قراءة ممتعة

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:23 AM   #688

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أتمنى أن الفصل كان طويلا خاليا من الأخطاء ..ليلتكم سعيدة أحبتي ..في انتظار آرائكم الجميلة
الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:27 AM   #689

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

للأمانة أريد أن أنوه أن الأقوال التي قرأتها رونق لمعتصم مقتبسة و ليست من كتابتي وأخص بذلك الإقتباسين التاليين

(بعض الأحزان تترك ثقوبا في أنفسنا تظل مفتوحة للأبد..تأبى أطرافها أن تندمل ..فنشعر بالخواء و نتمنى لو كانت صدورنا مصممة..لا روح فيها ولا نبض و لا حياة و تظل تلك الثقوب متنفسا تتسلل منها حرقة البكاء و شهقات الدموع)

(لم أكن الصديق الوحيد لأي شخص ..
لم أكن حلما لشخص يحبني ..
لم أشعر أنني الخيار الأول والأوحد في حياة أحد ولو لمرة ..
كنت دائما شخصا عابرا في حياة الجميع ..




الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:30 AM   #690

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,024
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 41 ( الأعضاء 11 والزوار 30)
‏ahlem ahlem, ‏dodo dodp, ‏nes2013, ‏Maryam Tamim, ‏Ahmedsameh, ‏leria255, ‏Reem salama, ‏Sumayah_al, ‏Batol210, ‏سوووما العسولة, ‏ميج 1417

الديجور likes this.

ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:02 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.