|
مشاهدة نتائج الإستطلاع: أكثر ثنائي أنتم في شوق للإلمام بتفاصيل قصته : | |||
أوس و جوري | 48 | 59.26% | |
كاظم و تيجان | 25 | 30.86% | |
غسان و شمايل | 10 | 12.35% | |
معتصم و رونق | 23 | 28.40% | |
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 81. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع |
LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
15-09-20, 12:50 AM | #331 | ||||||||||
| اقتباس:
اقتباس:
| ||||||||||
15-09-20, 12:52 AM | #332 | |||||||||
| اقتباس:
| |||||||||
15-09-20, 12:56 AM | #333 | |||||||||
| اقتباس:
| |||||||||
16-09-20, 12:31 PM | #336 | |||||||||
| اقتباس:
ممنونة لمرورك عزيزتي | |||||||||
20-09-20, 10:50 PM | #339 | ||||||||
| "الفصل العشرون " "أي سر هذا الذي تتحدث عنه ؟" يرفع عينيه مجفلا ليبصر أمه تكتف ذراعيها واقفة بإطار الباب الذي تركه ليث مشرّعا ..لا تزال آثار النعاس تعلو محياها لكنها كانت مستيقظة تماما ..واعية بما يكفي تنتظر جوابا يفسر حديثه السري مع نفسه الذي لم يعد سريا بعد الآن .. طالت عيناه فوق كتفها فتلتف توصد الباب تقول بهدوء "أبوك خرج يصلي الفجر في الجامع القريب وأختك لا تزال نائمة أرهقتها ابنتها الليلة الماضية إذ لم تستطع النوم في سرير غير سريرها ..لدي كل الوقت لأستمع إليك " كان محبطا ومشوشا غير راغب البتة في المزيد من التفسيرات فيهتف نزِقا يحاول تنحيتها من طريقه ليلحق بليث "دعكِ حبا بالله يا أمي لا تزيدي عليّ ثم إن الأمر لم يعد مهما" تتسمر في مكانها ترفض التنحي وتنهره مغضبة تضغط عليه بعد أن فشلت في استنطاقه بالحسنى "لا تتذاكى عليّ يا ولد ألست أمك ألا أعرف زلات لسانك ومحاولات تملصك المكشوفة !..يا خيبتي فيك لن تتوقف أبدا عن معاملتي كمزلاج الباب الخارجي فأكون دوما آخر من يعلم ..ربما سامحتك لكني لن أنسى بسهولة الطعنة الغادرة حين أخبرتني عن شمايل كالغرباء حتى آخر لحظة ..تركتني قلقة عليك تارة أحاول ربطك بجوري و تارة أخرى أبحث بين فتيات القرية عن مرشحة تليق بك وأنت ماذا كنت تفعل ؟ تدّعي أنك لست مهتما بينما تذوب غراما هنا ! " يصدر صوت تذمر خفيف قبل أن يرد ممتعضا "أمي هل سنعود إلى ذاك الموضوع مجددا ..كم مرة علي أن أبرّر وأكرّر كلامي ؟" فتهتف بإصرار أكبر وعناد أورثته إياه "ستبرّر بعد ...وستخبرني ماذا يجري من وراء ظهري حالا !" يحدق في ملامحها المتصلبة هنيهة متذكرا خيبة أمل ليث حين أفشى سره لشمايل ليتنهد مرهقا يمسح براحة يده صفحة وجهه ثم يقر مستسلما ببؤس "خالتي أرسلت ليلة البارحة جوري وترجتني أن أعقد عليها اليوم صباحا إلا أن جدتها التي تنوي تزويجها لعباس ابن عم الشيخ عبد الحي من عشيرة ال......تفطنت للأمر وأفشلت محاولتها " تشخص مقلتاها مصدومة لما سمعته وتبرطم مستاءة وقد فار غضبها "هل جنت صفية لتضعك في فوهة النيران وتجعل ذاك المهووس يضع عينيه عليك ! هذا ما كان ينقصكَ والله عدو معتوه ينغص حياتك و حياتنا .. بالطبع لم تخبر ابنها فلو كان يعلم لما كان بالأمس مرتاح البال .. ..كيف تفكر بأنانية هكذا تحمي ابنها وتودي بك إلى الهلاك ! " ثم تضيف ترمقه بنظرات قاتمة مستنكرة تصرخ في وجهه بجنون "وأنت كنت ستعقد عليها دون علمي ..والله كنت سأتبرأ منك يا ولد " يبصرها ترغي و تزبد لا يعرف الهدوء طريقه إليها فيحاول تهدئتها بالقول الفاتر المهادن "لا تكوني قاسية هكذا إنها شقيقتكِ .. لم يكن أمامها خيار آخر " فتستطرد مصرة ومتعجبة "ألم يكن ما عرضته عليك قسوة ..لا أصدق أنك ابتلعت اهانة كهذه بمنتهى البرود ثم لماذا هي ضعيفة هكذا ..من قال أننا نتخلى عنها ..نقف معا ضد عمتي ونرفض هذا التعسّف دون اللجوء إلى حل غريب كهذا ! " كان مرهقا مكتئبا نافذ الصبر والأهم محرجا كونه بالفعل لم يتقبل الأمر بسهولة فقد كان الثمن أن تتنازل صفية وتفشي له سرّها المهول..فيهتف بخشونة متبرّما "كوني واقعية أمي ..كنتِ متعشمة و مستمسكة بزواجي من جوري حتى يوم أمس فلم تخبري أختكِ أنكِ هنا في العاصمة لخطبة شمايل ثم ماذا حصل أعجبتكِ البنت و اكتشفتِ في الوقت ذاته التعقيدات التي قد تصاحب زواجي بابنتها فلفظتِ دفعة واحدة فكرة تبنيتها طويلا بل و تثورين لنفسكِ متناسية الجحيم الذي تمر به خالتي في هذه اللحظة..أليست هذه أنانية أيضا !" تناظره بعيون مظلمة وقد هدأت ثورتها قليلا وتقول رافعة ذقنها تبرّر موقفها مدافعة عن نفسها "الظاهر أنكَ لا تفرق بين الأنانية و المصلحة المشروعة التي لا ضرر منها ..لم أرد أن أكسر قلبها إلا بعد أن أتأكد أن فرصتكَ مع جوري باتت معدومة لهذا لم أخبرها عن قدومي إلى العاصمة لأخطب لكَ شمايل كما أنني لم أتخذ قرارا ما يخصها وأخفيت الأمر عنها كما فعلت هي حين أرادت تزويجكَ ابنتها دون علمي " كان كلامها منطقيا للغاية وغضبها مبرّرا لكنه كان يحيط علما بما لا يخطر على بالها ..بما يجعلها تعذر أختها بل و تبكي مصابها الجلل فيبتسم بدفء و يلينها أكثر قائلا "قدّري حالتها أمي ..تخيلي نفسك مكانها ..أما كنِت ستحاولين إنقاذ ابنتكِ بأي طريقة ..حتى أنكِ ستخبصين لهول المصيبة حين تفقدين القدرة على التفكير السليم كما حدث معها..ألا تعرفين عمتكِ تماضر ..قاسية جبارة كجرار يدهس كل ما يصادف طريقه " لم تعلّق بشيء إلا أنه رأى تأثرها في الألم الذي فاض من عينيها بصمت ..تشرد للحظات تفكر قبل أن تباغته بالسؤال "هل أخبرت شمايل ؟" كان الجواب مفضوحا باحمرار وجهه و ارتباك نظراته فتحوقل بجفاء ثم تهتف مغضبة من رعونته "لماذا تسرعت هكذا ..كيف تفسد فرحتها وتثقل كاهلها مقحما إياها فيما لا يعنيها ؟" كان ضميره يؤنبه بشدة فيهتف بغلظة غير قادر على احتمال شعوره المريع بالذنب "أنسيتِ أني كنت سأعقد على جوري اليوم صباحا لو لم تتدخل عمتكِ ..ما كنت لأجازف دون أن أعرف موقف شمايل ..لا تناقشيني أمي فيما فوق طاقتي ..لا تلوميني لأني لم أستطع التنازل عنها والتخلي بعد فرحة انتظرتها طويلا فهذا أقصى ما يمكنني تقديمه " تغمغم زينب قائلة رغم عدم اقتناعها تتلافى الضغط عليه أكثر "اتصل بها وأرحها إذا فلابد أنها في حالة يرثى لها " ثم تضيف بعد برهة تفكير "الحق بليث حالا بسيارة أجرة أخرى..ربما هو غاضب منك كثيرا لكنّه سيرغب بوجودك إلى جانبه" ..................................... | ||||||||
20-09-20, 10:52 PM | #340 | ||||||||
| التاسعة صباحا "والله أنا خجلى منك يا بني أتعبتك معي " غمغمت زاهرة محرجة من الطبيب محي الدين الذي عاد لتوه من المدينة بعد أن ابتاع الأدوية اللازمة .. يمد لها الكيس يطالعها بنظرات تفيض امتنانا خالصا ويلاطفها بالقول الطيب يسعى لجذبها نحو دردشة مغايرة تريح أعصابها "لا تقولي هذا مرة أخرى خالتي زاهرة فجميل عمي محمد رحمه الله لا يُنسى ..أبي يبلغكِ السلام ويخبركِ أنه سيدعو لابنكِ كما يدعو دوما لأبيه ..مازالت عيناه تدمعان إلى يومنا هذا حين يذكر المرحوم مقرّا أنه على قيد الحياة من بعد الله بفضله " تميل زاويتا عيناها في شجن وتهمس بصوت خفيض بعيد وقد أخذها الحنين إلى أيام جميلة كان فيها محمد يحتل كل عالمها "ألا زال يذكر أمرا أكل الدهر عليه وشرب ؟" فيهتف بإصرار دهشا من استصغارها لأمر جلل كهذا "لا عاش مكرَم ينكر معروف مكرِمه ! ..عمي محمد كان رجلا أصيلا ..هو الوحيد الذي وقف إلى جنبه في وقت نبذه الجميع..ربما كنت صغيرا آنذاك لكني لن أنسى أبدا كم حزّ في نفسي أن يتهموا أبي جورا بإزهاق روح..الحمد لله فقد ظهرت الحقيقة بعد أن نجح في الاختباء لأسابيع عندكم وإلا فلو بقي بين أيديهم لقتلوه ثأرا مستبيحين دمه قبل أن يستبينوا " افترت شفتاها عن ابتسامة مجاملة لم تبلغ عينيها الحزينتين وقالت مقرّة تحاول الاندماج معه دون رغبة حقيقية "كان دوما يقول لي أنه أكثر من يعرف طينة أبيك ولن يصدق أبدا ما يشاع عنه ..لكن رحمات الله واسعة سبقت كل كيد عظيم ..أعمى عيونهم فقلبوا عالي القرية سافلها لكنهم لم يفكروا أبدا في تفتيش بيتنا " يهز رأسه موافقا ثم يردف مشيرا ناحية الكيس "يكفي أن يقرأ أوس الملحوظة البسيطة التي كتبتها بنفسي على كل علبة ليعرف متى يأخذ أدويته لا داعي لأثقل عليكِ فقد تخلطين بينها" يقاطعهما أوس بأنينه المتوجع وقد عاد للهذيان مجددا فتهرع زاهرة إليه تهمهم قلقة بينما تتفحص حرارته "هل سيكون بخير يا بني..حرارته لا زالت مرتفعة! " يبتسم ينوي طمأنتها مكرّرا كلاما قاله لها عدّة مرات منذ أن فحصه حين هرع لنجدتها قبيل الفجر فقد كان مقدّرا لهلعها ومتفهما رغبتها في سماعه مرة أخرى"لا داعي للقلق فالضرر الذي لحقه ليس بسبب الجرح بما أنه لم يكن عميقا بما يكفي بل إنه عائد إلى السم الموجود في السلاح الذي طُعِن به ..هذا النوع من السموم معروف بين اللصوص وقطاع الطرق يستخدمونه لإضعاف ضحاياهم دون التورط في قتلهم ..بما أني حقنته بالمضاد فإن مفعوله سينتهي سريعا بإذن الله كما أنه سيستعيد وعيه في أية لحظة من الآن فصاعدا " يصمت ثم يضيف بعد برهة متسائلا بفضول "لم تخبريني كيف أصيب ؟" سؤال كانت تفكر في إجابته منذ ساعات ..كان أغلب الظن أن يكون قطاع الطرق قد هاجموه وسرقوا المواشي التي كان سيبيعها في السوق اليوم ..احتمال صاحبته الكثير من علامات الاستفهام فإن كان الأمر كذلك كيف عساه وصل إلى البيت ؟ أليس من المفترض أن يتركوه مرميا على الطريق ؟ ماذا حلّ بمعاذ صاحب شاحنة النقل الذي يرافقه عادة ؟ والأهم من كل هذا ماذا يقصد بهذيانه ذاك يعيد نفس الكلمة (وعدتها..وعدتها) ! يلاحظ سهوها فيحمحم ويردف متحرجا من تطفله "المهم أنه نجى والحمد لله دون أضرار جسيمة..سأمر عليه مساء بحول الله " فتفيق من شرودها و تعاجله بالرد الودود الحار"بارك الله فيك بني وكثّر من أمثالك" ترافقه إلى باب الدار تودعه وحين تهم بالعودة إلى غرفة أوس تسمع طرقا ملحا فتلتف عائدة تحسبه محي الذين قد نسي شيئا ما .. تتسمّر مشدوهة حالما عرفت صفية من هيأتها فتفسح لها المجال للولوج وتعاجلها قائلة بصوت أجش باك وقد داهمتها الدموع وذاب خافقها أكثر في حزنه العميق حالما رأتها "جئت في وقتكِ يا صفية..كنت أفكّر في طريقة ما أحدّثكِ خفية عن... " تسحب صفية نقابها عن وجهها الذابل بعنف مفتعل وتقاطعها هاتفة بشراسة "أين أوس ... ..أنا وثقت به وأمّنته على ابنتي ..وعدني أن يوصلها إلى العاصمة بأمان كيف يفلت زمام الأمور ويحنث بقسمه هكذا ؟" تبحلق زاهرة في القسوة المتألقة في عينيها المحتقنتين المنتفختين ..تراقبها كيف تجر أذيالها تتسحّب تدريجيا ليحل محلّها الذهول وقد فطنت صفية لغبائها وزلة لسانها .. تترنح فتمسكها صفية من كفها تدعمها فترمش للحظات تحاول كبت دموع خيبة ترقرقت في مقلتيها تهمس بصوت مفجوع ذاهل "كذب... عليّ لأجلكِ..أنا أمه يكذب عليّ ؟" تشدد على كف صفية الداعم بقوة مبتذلة وتجرجرها خلفها بعنف دون أن تسمع تأتأتها المتلجلجة فتدخلها غرفته حيث كان لا يزال غائبا عن وعيه يتخبط في ألمه " انظري إليه جيّدا وتمعني كيف حنث بقسم لم أسمع به سوى الآن..هل تريدين أن أنزع الجبيرة عن ذراعه لتملي عينيكِ بكسره ..أم تفضلين أن نبدأ بالجرح في خاصرته ..وحيدي يخلص لكِ كالعبد المملوك ويقول أنه ذاهب إلى سوق الماشية كعادته ويكذب عليّ لأول مرّة في حياته لأجده فجرا ملقا كالدابة أمام البيت مكدوما من كل حدب وصوب .. بأي حق تأتين الآن و تحاسبينه بأي حق تورطينه فيما لا يعنيه فيدفع الثمن عوضا عنكِ وعن ابنتكِ ؟" يتعالى نشيجها الهستيري وقد اهتدت أخيرا إلى السبب الكامن وراء عودة جوري الليلة الماضية..انفعال رهيب فهمته زاهرة على أنه ندم لما فعلته بابنها فتهزها زاعقة في وجهها " من فعل به هذا ..انطقي ..من فعل ؟" فتهمس مجيبة بصوت متداع متهدج " تريد عمتي تزويج جوري لعباس النذل المزواج ..لم أملك حلا آخر فأوس هو أكثر شخص أثق به من بعد ليث" تنفض زاهرة كف صفية وكأنها موبوءة وتكشر توشك أن تجن بعدم تصديق"تجعلين من ابني كدرع في وجه ذاك المجنون المهووس ! وأنا التي ظننتكِ تعتبرينه كابنكِ تماما ..اللوم على سذاجتي و غبائي ..أتصدقين أنني ظننت ما حل به بسبب قطاع الطرق وكنت أفكر للتو في طريقة أتواصل بها معكِ سرا وأخبركِ أنهم سرقوا منه المواشي التي كان سيبيعها ..أملت أن تساعديه ليخرج من هذه الورطة وإذا بي أكتشف أنكِ من أوقعه فيها ..أي إجحاف هذا ؟" لم تعثر على جواب لائق يطفئ حرقتها على ابنها وقد هالها ما سببته من فوضى بسبب تهورها ..تحدق زاهرة فيها مفكرة ثم تجهر بما دار في خلدها بترقب مخيف "هل أنتِ من طلب منه أن يخفي الأمر عني أم أنه فعل هذا من تلقاء نفسه ؟" فيكون نشيجها المعذب الذي ازداد علوا الجواب ..فتنطلق زاهرة ترغي وتزبد تسيل دموعها فتغص بكلماتها "كنتِ تعلمين أني سأقف في طريقه..ماذا لو مات لا قدّر الله .. بئسها من ميتة سوء ..يموت عاقا بأمه ..أترضين له جهنم مصيرا ..حسبي الله فيكِ ..حسبي الله ! " ثم تستطرد تلتهب الحروف بنار قلبها المتوقدة حرقة على وحيدها اليتيم "طبعا لا عشيرة خلفه ولا عزوة فلو مات تبكون على ذنبه الذي بقي في أعناقكم وتوزعون بضع صدقات إراحة لضمائركم وتدفنونه جنبا إلى جنب مع ذكراه ثم تنسونه بعد أيام ..تلتهمه الحمى منذ ساعات لم يتوقف فيها عن الهذيان بالوعد الذي لم يستطع الوفاء به لكِ لقاء ماذا ؟..لقاء أن تستصغريه وتستغلي إخلاصه بلا رحمة !..ومن يلومكِ فقد اعتدتِ منا الوفاء حد الهوان ..أنا حفظت سركِ لعشرين عاما ربيتُ فيها أبناءك وأحببتهم وكأنهم قطعة من روحي..هل تدركين ماذا تعني كل هذه السنوات لي ..عشرون عاما انتظرتها لأحمل أوسا بين يدي ..عشرون عاما أخرى شقيت فيها وتعبت لأربيه فيغدو رجلا يملأ عيني و يسند ظهري من بعد أبيه فليس لي في هذه الدنيا سواه" تتوقف تلهث بعنف قبل أن تضيف خائبة الأمل "كسرتني يا صفية كسرة ما بعدها كسرة حين أوجعتني في ابني ..ما كان الغالي رحمه الله ليحذو حذوكِ مهما اشتدت به الأهوال ..لكنكِ اعتدتِ على تضحيات الآخرين فلا تجيدين حل أموركِ دون أن تسحبي معكِ الكثيرين إلى حفرتكِ" تحاول صفية التبرير فتعاجلها تقول بصدق خالص توشك أن تسقط مغشيا عليها من فرط اختضاضها "والله لم أكن أعلم أن عباس سيعترض طريقهم" تتأملها زاهرة بجمود كئيب ودموعها جاريات بصمت قبل أن تسحبها مجددا خلفها ناحية باب الدار "عذركِ أقبح من ذنبكِ ...تتهورين وتقدمين دون أن تراعي كل الظروف في حساباتكِ ..قد نكون خداما لديكم لكننا نملك كرامة تضاهي كرامتكم.. حياتنا ليس مسخرة لكم لتعبثوا بها كما تشاءون..اذهبي فكلامكِ لن يزيد الأمر سوى سوءً .. " وقبل أن تسمع المزيد من تبريراتها الموجعة في قسوتها كانت تدفعها موصدة الباب في وجهها ثم تستند عليه لاهثة بعنف تتمسك بمقبضه توشك أن تهوي أرضا لما استهلكه جنونها من مجهود و تصيخ سمعها تنتظر رحيلها وفي نفس الوقت تتمنى من قلبها أن تُسمِعها صفية كلاما يهدهد وجيعة قلبها ..يجعلها تلتمس لها العذر فتسامحها على غلطتها .. في الجانب الآخر كانت صفية تطبطب على الباب بضعف تهمس برجاء متوسل "لن أحتمل أن تكرهيني ..أتوسل إليكِ لا تفعلي ..عمتي تعرف عن جوري و ليث يا زاهرة ..كانت تعرف منذ سنين وتطالبني الآن برد جميل سكوتها ..كيف برأيكِ قد أتصرّف في وضع كهذا !" تتابع تنتحب بحرقة تضرب الباب بعنف هذه المرة "وربما عباس ذاك أيضا يعرف ..يجلدونني بأولادي يا زاهرة..ليتكِ ما استمعتِ لرجائي حين طلبت منكِ تلك الليلة أن توصدِ الباب علينا ..ليتني تركت فاتح يخرج باحثا عنه لكان أمري افتضح و لكانت حياة كل واحد منكم اليوم مختلفة ...ليتني متّ قبل هذا و كنت نسيا منسيا " كانت تميل على الباب في جلستها المقرفصة تستند رأسها إليه تستمع إلى نشيج صفية المكتوم ثم إلى خطواتها المبتعدة في الفناء الخارجي ومنه خارج الدار..وحين تأكدت من رحيلها كانت تشهق بعنف أنفاسا متهدجة كانت تحبسها تضرب بقبضتها المكورة فوق قلبها المحترق ألما ..عيناها المحتقنتان جاحظتان بنظرات فارغة مصدومة ..يهفو قلبها إليهما وينوح لما ينتظرهما من الأهوال الصعاب ..تتناحر في روحها العواطف لا تدري على أي رأي تستقر فتكرّر بصوت ذاهب الأنفاس ترمش دون توقف ضائعة بين ارتباكها وذعرها..بين غضبها و حنيّتها "ابني أولى ..ابني أولى! " .......................................... | ||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|