2 - دماء على الرصيف(سلسلة رجل الأسرار)شريف شوقى _ مع رابط التحميل حصريا على روايتى

[MooNy87]

تخلت عن ثباتها هذه المرة لتقول له بانفعال :
كذب .. مجرد أكاذيب وادعاءات غير صحيحة .. أنا أعرف هذه الفتاة .. وأعرف أنها هى التى كانت تلاحق أمجد وتحاول فرض نفسها عليه بالرغم من علاقتها بشخص آخر
لم يحاول أن يستطرد كثيرا فى هذا الشأن مفضلا أن يوجه لها سؤالا مباشرا :
هل توجهين اتهاما لشخص معين بقتل خطيبك ؟
أجابته سريعا ودون تردد :
لا يوجد غيره .. على عبد الرازق
قال وقد استغرب لسرعة ردها :
ولمَ هو بالذات ؟
لأنه كان يحقد على أمجد ويكرهه .. وههده بالقتل أكثر من مرة وعلى مرأى من كل من يعرفونهما .. لا أحد سواه .
وسرعان ما أجهشت بالبكاء وقد فقدت تماسكها .

***

[MooNy87]

عاد حاتم لمكتبه بعد زيارته الخاطفة لخطيبة القتيل وقد انهمك فى تلميع حذائه بقطعة قماش من الصوف .. حينما سمع طرقا على الباب أعقبه دخول شرطى إلى الحجرة ليخبره بحضور الصديق الثالث للمجنى عليه منير رمزى فطلب منه إدخاله .
كان لا يزال منشغلا بتلميع حذائه عندما دخل شاب متوسط القامة ممتلئ الجسد إلى حد ما .. وقد وقف أمامه رابط الجأش .
قال حاتم دون أن يرفع النظر عن حذائه الذى يلمعه :
أنت منير ؟
أجل
أومأ برأسه إلى المقعد أمام مكتبه قائلا :
اجلس
جلس الشاب فى تؤدة وثبات وقد استدار إليه حاتم بعد أن انتهى من تلميع حذائه قائلا :
سألت عليك فى النادى وفى منزلك اليوم لكنك لم تكن موجودا ؟
هز كتفيه قائلا :
كنت فى المدرسة وحينما علمت أنكم تسألون عنى وتطلبون حضورى أتيت على الفور
أنت تعمل فى التدريس أليس كذلك ؟
بلى .. أنا مدرس لغة انجليزية فى مدرسة العروبة لغات .
مازحه حاتم قائلا :
لا بد أنك تكسب كثيرا من الدروس الخصوصية ؟

[MooNy87]

لاذ الشاب بالصمت دون أن يعقب بينما غادر حاتم مكتبه ليدور حوله قائلا :
قل لى يا منير .. ما هى صلتك بـ أمجد عارف .. أقصد المجنى عليه ؟
أمجد كان صديقا لى
ألم يحدث ما يعكر صفو هذه الصداقة فى الآونة الأخيرة ؟
قال دون أن يتخلى عن صلابة وجهه :
لم يكن لأى شئ أن يؤثر على صداقتنا المتينة .
قال حاتم بهدوء :
حتى بعد أن رفض أن يقرضك مبلغ العشرة آلاف جنيه التى طلبتها منه ؟
امتقع وجهه وقد بوغت بما قاله حاتم .. فقال له متلعثما :
أية عشرة آلاف جنيه ؟
التى طلبتها منه قبل وفاته بثلاثة أسابيع وقلت له إنك بحاجة ماسة إليها
قال له مرتبكا :
هذا ..هذا غير صحيح .
وضع حاتم يده على مسند المقعد الجالس عليه الشاب وهو ينحنى عليه قليلا ليحدجه بنظراته قائلا :
لا تحاول أن تكذبنى فهذا ليس فى صالحك .. هناك شهود على ذلك , شخص يدعى رامى توفيق وعامل النظافة فى غرفة تغيير الملابس بالنادى

[MooNy87]

هل تريد أن اخبرك بما لدى أيضا من معلومات ؟.. حينما رفض أمجد إقراضك المبلغ الذى طلبته ذهبت بعدها إلى على عبد الرازق مستغلا الخصومة التى بينه وبين أمجد لتلعب على هذا الوتر .
قلت له إن أمجد قد رفض إقراضك هذا المبلغ البسيط رغم ما لديه من مال .. وأنك كنت تظنه صديقا حقيقيا لكن خاب ظنك فيه وعبّرت له عن استيائك الشديد منه وأن موقفك تبدل حياله لتثير تعاطفه وحماسه فيقبل أن يقرضك المبلغ , ونجحت حيلتك بالفعل لكنك لم تأخذ منه سوى خمسة آلاف جنيه فقط ووعدته بالسداد خلال شهر على الأكثر ..
نظر إليه الشاب بدهشة وقد فاجأه معرفة حاتم بكل تلك التفاصيل والمعلومات مما أثار ارتباكه وفارقته رباطة جأشه التى بدا عليها فى البداية .. فصمت قليلا قبل ان يقول :
أجل .. لقد حصلت على هذا المبلغ من على بعد اعتذار أمجد عن إقراضى
لكن هذا يعد أمرا شخصيا ليس له علاقة بالسبب الذى أنا من أجله هنا .. أظن أنك استدعيتنى لتسألنى حول مقتل أمجد وليس عن قرض طلبته منه
أبعد حاتم يده عن المقعد قائلا :
مسألة الأسئلة هذه من اختصاصى أنا .. فأنا الذى أحدد ما الذى يتعين على أن أسألك أو لا أسألك عنه .

[MooNy87]

وسار فى أرجاء الحجرة واضعا يديه حول خصره وهو يستطرد قائلا :
لا بد انك غضبت عندما رفض أمجد أن يعطيك المبلغ الذى طلبته مع علمك بأنه متيسر الحال وكان يمكنه أن يعطيه لك ؟
غمغم منير قائلا :
فى الحقيقة لم اكن واثقا من قدرته على منحى ما طلبت فـ أمجد كان يمر بظروف مادية مضطربة فى الفترة الأخيرة وكنت أعرف ذلك .. لذا لم أغضب حينما اعتذر لى عن إقراضى المبلغ الذى طلبته .
أمجد كان صديقا مقربا لى ولم يكن ليبخل على بهذا المبلغ البسيط لو كان فى حوذته وقتها .
قال حاتم وهو ما يزال يسير ذهابا وإيابا فى الغرفة :
ومع ذلك ذهبت لتشكوه لغريمه وتتهمه بالبخل والخسة ؟
أطرق قائلا بشئ من الخجل :
أعرف أننى أردت أن أستثيره لأدفعه لإقراضى المبلغ , لأننى كنت بحاجة ماسة له بالفعل وفد نجحت فى أن أجعله يدفع لى جزءا مما طلبته بالفعل .
عاد حاتم ليتوقف أمامه قائلا :
فى نفس الوقت حافظت على صداقتك الوطيدة مع أمجد حتى إنك تعمدت أن تشل حركة على أثناء عراكه معه لتتيح لصديقك أن يكيل له اللكمات بالرغم من أن على قد أعطاك ذلك المبلغ .

[MooNy87]

هب منير واقفا وهو يقول له منزعجا :
هذا غير صحيح .. أنا لم أتعمد فعل ذلك بل كنت أحاول أن اباعد بينهما فقط
ضغط حاتم براحته على كتف الشاب ليدفعه للجلوس مجددا وهو يقول له بنبرة صارمة :
بل فعلت .. وعليك أن تفسر لى مغزى ما فعلته
أنا .. أنا !!
يوجد كثيرون يؤيدون ما أقوله .. وأنك تظاهرت بالتدخل بينهما لكنك تعمدت إتاحة الفرصة لـ أمجد ليضرب على فلا تحاول مراوغتى وإلا أثرت الشك لدى بشأنك .. وإذا أثرت شكى فيك فقد يدفعنى ذلك إلى استضافتك لدينا هنا بضعة أيام لحين تبين الحقيقة
قال له مضطربا :
كان على قد بدأ يلح علىّ لأعيد له المبلغ الذى أخذته منه .. والذى لم يكن متوافرا لدىّ فى حين وعدنى أمجد أن يعطينى العشرة آلاف جنيه على نهاية الأسبوع لأرد لـ على ما أخذته .. لذا عندما تعاركا وجدت نفسى مندفعا لمساعدة أمجد
أولا كنت غاضبا من إلحاح على لأعيد له الخمسة آلاف جنيه قبل الموعد المتفق عليه بيننا حتى إنه بدأ يهددنى ويوجه لى كلمات جارحة بهذا الشأن , ثانيا .. أردت أن اظهر إخلاصى ومساندتى لـ أمجد
عاد حاتم إلى مكتبه ليكمل قائلا :
حسنا .. والآن أخبرنى عن سبب إسراعك بمغادرة الكافيتريا بعد مغادرة أمجد لها مباشرة .. وأين ذهبت بعدها ؟

[MooNy87]

حاولت أن ألحق بـ أمجد وأعمل على تهدئته , كما أردته أن يأتى معى إلى المنزل لعلاج جروحه واستبدال قميصه الممزق بآخر من عندى بدلا من عودته إلى منزله وهو بهذه الحالة المزرية , لكنه رفض وطلب منى أن أتركه بمفرده , كان غاضبا للغاية ورفض أى محاولة منى لتهدئته ومرافقته
فلم أجد بدا من الامتثال لإرادته والعودة لمنزلى بالرغم من قلقى للحالة التى كان يبدو عليها .
وما هو الوقت الذى استغرقته منذ أن تركك وحتى عودتك لمنزلك ؟
حوالى نصف ساعة قطعتها سيرا على الأقدام
صمت حاتم لبرهة وهو يفكر قبل أن يقول له :
حسنا .. يمكنك الذهاب الآن وسأعاود استدعاءك فيما بعد .

***

[MooNy87]

شعر حاتم ببعض الألم فى ظهره فاستلقى على الأريكة الموجودة بأحد أركان الغرفة وهو يسند ساعده إلى جبيبنه مفكرا .
إن عناصر الجريمة تبدو واضحة .. وأصابع الاتهام تشير بقوة إلى المدعو على عبد الرازق .. فلديه دافع قوى لقتل المجنى عليه
كراهية وحقد وغيرة ومنافسة وأخيرا ذلك العراك الذى وقع بينهما قبل وقوع الجريمة بساعات .
لكن هل يكفى ذلك للضلوع فى ارتكاب جريمة كهذه ؟
وأجاب على نفسه :
أجل تكفى بالطبع .
إلا إذا استطاع أن يقدم الدليل على عدم وجوده فى مسرح الجريمة وقت وقوعها .
وعند ذلك سيكون عليه أن يبحث من جديد عن المستفيد من وراء قتل أمجد بتلك الطريقة والسعى وراء دليل الإدانة الذى يثبت ارتكابه لها .. ولن تصبح القضية بالسهولة التى يظنها .
وفى تلك اللحظة سمع طرقا على الباب أعقبه دخول أحد أعوانه وهو الرائد حلمى والذى نظر إليه مبتسما وهو يقول :
يبدو ان التعب قد نال منك ..

[MooNy87]

قال حاتم وهو ما زال مستلقيا على ظهره :
لم أحظ بلحظة استرخاء واحدة منذ الصباح .. هل من جديد ؟
قدم له ورقة صغيرة عليها بعض الأرقام قائلا :
توصلنا للوحات ثلاث سيارات رمادية اللون داخل دائرة حلوان وفى نطاق المنطقة التى وقعت بها الجريمة تبدأ بالرقمين اللذين ذكرهما الشاهد
ألقى حاتم نظرة سريعة على الأرقام قائلا :
هل تحريتم عن أصحابها ؟
نحن فى انتظار أوامرك
لستم بحاجة إلى أوامر يا حلمى .. تحركوا سريعا واجمعوا المعلومات المطلوبة
حاضر يا فندم
وتحرك نحو الباب .. لكن حاتم استوقفه وهو يعتدل جالسا ليقول :
انتظر
وأخذ يهرش فى رأسه وهو يغمغم قائلا :
ماذا أريد ؟ .. ماذا أريد ؟ .. آه .. دعهم يحضرون لى المشتبه به على عبد الرازق
ومن فضلك يا حلمى قُل لـ عبد الجابر أن يحضر لى أى شئ لآكله

[MooNy87]

قال له وهو يفتح الباب :
ساجعله يحضر لك بعض الساندويتشات وكوب شاى
ولكن بعد أن أنتهى من استجواب المشتبه به أولا
ونهض واقفا وهو يتمطى فاردا ذراعيه إلى أقصى اتساعهما حينما سمع طرقا على الباب أعقبه دخول شرطى وبرفقته السجين مكبلا بالقيد المعدنى
فطلب من الشرطى ان يحل قيده وهو يتطلع إليه للحظة قبل أن يطلب من الشرطى الانتظار بالخارج مغلقا الباب خلفه
كان الشاب طويل القامة .. عريض المنكبين .. يتمتع بقدر ملحوظ من الوسامة وإن بدت ملامحه حادة بعض الشئ .
وقد قال له حاتم بنبرة ساخرة وهو يعقد ذراعيه فوق صدره :
لقد أتعبتنا فى البحث عنك يا رجل .. وحينما وجدناك حاولت الهرب منا .. أيصح منك هذا ؟
قال له الشاب بهدوء :
أنا لم أحاول الهرب
عاد حاتم إلى مكتبه قائلا :
إذن فأنت تتهم رجالى بالكذب
كل ما هنالك أننى شعرت ببعض الاضطراب حينما رأيت رجال الشرطة من بعيد وهم منتشرون فى شارعنا ويحيطون بمنزلى فأردت ان أبتعد
أشار له بالجلوس قائلا :
هذا يعنى أنك كنت مدركا بكونك الشخص المطلوب بتلك الحملة الأمنية مما دفعك لمحاولة الهرب