2 - دماء على الرصيف(سلسلة رجل الأسرار)شريف شوقى _ مع رابط التحميل حصريا على روايتى

[MooNy87]

قال له وهو يجلس واجما :
كنت قد سمعت بمقتل أمجد وعرفت أنه لم يتم القبض على القاتل .. وبما أننى كنت قد تشاجرت معه قبل وفاته بعدة ساعات فقد كان هذا كفيلا بجعلى مشتبها به فى ارتكاب هذه الجريمة .. لكنى لم أرتكب أى جرم
سمعت وعرفت ممن .. رغم أن الوفاة لم يكن قد انقضى عليها سوى وقت قصير ؟!
نحن نسكن فى أحياء متجاورة فى المدينة والكل كان يتحدث عن وقوع الجريمة وأن الشرطة تبحث عن مرتكبها
وما دمت غير مذنب كما تقول فلم هربت ؟
كنت خائفا
ألم تتوعد المجنى عليه بالقتل وعلى مرأى من البعض ؟
كنت منفعلا .. وفى لحظات الانفعال والغضب يقول المرء منا أشياء كثيرة لا يعنيها ولا يفعلها بالضرورة , أجل توعّدته بالقتل فى لحظة عصبية وانفعال لكن هذا لا يعنى أننى قتلته بالفعل
حدجه حاتم بنظراته الثاقبة قائلا :
لكنها لم تكن المرة الأولى التى هددته فيها .. فبينكما تاريخ طويل من العداء والكراهية ..
وبينكما أيضا فتاة تتنافسان عليها .. أليس كذلك ؟
أطرق صامتا للحظة قبل أن يقول :
لا أنكر أننى كنت أكره هذا الشخص ولن يمنعنى موته من أن أقول إنه كان وغدا بكل معنى الكلمة

***

[MooNy87]

الفصل الرابع




واستطرد قائلا :
أمجد لم يكن يقيم وزنا لصداقة أو أخلاق أو مبادئ
وكانت له علاقات عديدة استمرت حتى بعد خطبته لفتاة من أسرة طيبة .. فالخيانة كانت تسرى فى دمه
ورغم زمالتنا فى النادى إلا أنه لم يتوقف عن مطاردة الفتاة التى أحبها وإشاعة أشياء غير كريمة وغير صحيحة عنها ليتباهى أمام الآخرين بغزواته وغرامياته مسيئا لسمعتها وكرامتها , وقد حذرته كثيرا ليتوقف عن ذلك لكنه لم يتوقف , هو أيضا كان يكرهنى ولا يتورع عن إظهار عدائه لى حتى من قبل أن يبدا احتكاكنا معا وإن كنت لا أعرف ما هو السر وراء ذلك ؟ فرغم أن بغضى لشخصه كان له ما يبرره إلا أننى لم أجد ما يبرر كراهيته وعداءه لى
ربما بسبب منافستك على قلب الفتاة التى أحبها ؟
أمجد لم يكن يحب أحدا سوى نفسه .. لقد التقيت بـ ريهام وتحاببنا بعد أن كانت قد لفظته من حياتها وبعد ارتباطه بخطيبته ارتباطا رسميا
لكنه كما قلت لك لم يكن يقيم وزنا لأية قيم أو ارتباطات
أمسك حاتم بالقلم ليدق به دقات منتظمة فوق مكتبه قائلا :
لكن المعلومات التى لدى تفيد بأنها هى أيضا استمرت فى علاقتها به بعد خطبته وبرغم الصلة التى بينكما ؟

[MooNy87]

تبدلت ملامحه ليقول له بعصبية :
هذا كذب وافتراء .. أؤكد لك ان تلك المعلومات التى وصلتك غير صحيحة .. وأن ريهام لم تكن على علاقة بـ امجد بالمعنى الذى تقصده
وبأى معنى إذن ؟
ريهام أخبرتنى أنها حاولت أن تبقى عليه فقط كصديق بعد انتهاء علاقتها به تجنبا لمضايقاته وأملا فى التخلص من تصرفاته السخيفة تجاهى وتجاهها
كانت تريد أن ينتهى الأمر بشكل أكثر تحضرا وإنهاء حالة الخصومة بيننا لأنها من وجهة نظرها كانت تخشى ايضا ان يلحق بى اى ضرر
ومن ناحيتى فقد طلبت منها أن تتوقف عن ذلك وتبتعد عنه تماما .. وهو نفس ما طلبته منه محذرا إياه من التعرض لها بأى حال من الأحوال
لكنه لم يتراجع بالطبع ؟
أجل .. وهذا ما جعلنى أخرج عن شعورى فى النهاية وأذهب إليه فى الكافيتريا لأتشاجر معه
وضع حاتم القلم فى المقلمة وهو يسند ظهره إلى مسند المقعد الجالس عليه قائلا :
ولم تكتفِ بذلك فقررت أن تقتله لتستريح منه ومن مضايقاته نهائيا ؟
قطب جبينه قائلا :
قلت لك لم أقتله .. أنا برئ من هذا الاتهام .. تعاركنا معا فى الكافيتريا تلك الليلة .. ثم غادرت المكان ولم أره بعدها مطلقا إلى أن علمت بخبر موته
أين ذهبت بعد انصرافك من الكافيتريا ؟

[MooNy87]

تجوّلت فى عدة اماكن مختلفة .. كنت منفعلا وأسير على غير هدى إلى أن قادتنى قدماى إلى منزل صديق لى فذهبت لأبيت عنده حتى صباح اليوم التالى
ألم تلتقِ بأحد ممن تعرفهم أثناء تجوالك ؟
كلا
ومن هو ذلك الصديق الذى بتّ عنده ؟
أطرق قائلا :
لا أستطيع أن أخبرك باسمه
لماذا ؟
لأنى وعدته بذلك .. ولأننى لا أريد أن أقابل مروءته معى بتوريطه معى فى أمر لا شأن له به
ابتسم حاتم قائلا :
هذه شهامة منك لكنها قد تكلفك حياتك .. فبدون ذكر أسماء أو شهود على ابتعادك عن مسرح الجريمة وقت وقوعها تصبح كل القرائن ضدك وقد تعرض نفسك لحكم الإعدام ..
كل ما أستطيع قوله هو إننى برئ من قتل أمجد
أشار حاتم إلى القميص الذى يرتديه قائلا :
هل هذا هو نفس القميص الذى كنت ترتديه ليلة وقوع الجريمة ؟
أجل
من الواضح أنه نظيف ومكوى .. بالطبع لم تكن هذه حالته عندما تعاركت مع أمجد , مما يعنى أن صديقك هذا الذى تقول إنك قضيت عنده ليلتك قد اعتنى به ليبدو على هذه الحالة الجيدة
غمغم قائلا :
هذا ما حدث

[MooNy87]

ترك حاتم مكتبه ليقترب من الشاب مشيرا إلى الزر العلوى للقميص وهو يقول :
لكن هل تعرف ؟ هذا الزر رغم تشابهه مع بقية الأزرار الأخرى لكنه يبدو مختلفا بعض الشئ .. فبه أربعة ثقوب فى حين ان بقية الأزرار تضم ثقبين فقط
ودار حول مقعده ليقف خلفه مباشرة مستطردا :
هل تعرف أننا قد عثرنا على واحد من نوعية هذه الأزرار فى قبضة المجنى عليه ؟
قال له مرتبكا :
وما .. وما هو الغريب فى ذلك ؟ لقد تعاركنا معا مزقت جزءا من سترته ومزق جزءا من قميصى .. فمن الطبيعى ان تجدوا فى قبضته أحد أزرار القميص .
لا أظن أنه من الطبيعى أن يبقى محتفظا به طول الوقت حتى بعد انتهاء مشاجرتكما وبعد مغادرته للكافيتريا وأن يبقى فى قبضته حتى وهو يلقى مصرعه وبعد أن تصلبت جثته ..؟

[MooNy87]

قال له بيأس :
أؤكد لك أننى فقدت هذا الزر أثناء عراكى مع أمجد فى الكافيتريا وليس بعدها والصديق الذى بتّ عنده فى تلك الليلة هو من استبدله لى بزر آخر من عنده
عاد حاتم ليقف فى مواجهته قائلا :
الصديق الذى ترفض أن تبوح لى باسمه ..
أغمض عينيه التى اغرورقت بالدموع مرددا :
لا أستطيع .. لا أستطيع
وأنا أيضا لن أستطيع مساعدتك بشئ وستبقى فى نظرى ونظر العدالة المتهم الأول بارتكاب هذه الجريمة
وضغط على الزر فوق مكتبه لاستدعاء الشرطى بالخارج وهو ينظر إليه مردفا :
ستبقى رهن التحقيق .. لست بحاجة لأن اذكرك بأن وضعك سيئ للغاية .. وربما أدّى اعترافك إلى التخفيف قليلا من المصير القاتم الذى ينتظرك
أنهى حاتم طعامه واستعد لتناول الشاى حينما أتى إليه المقدم نافع ليحدثه قائلا :
وصلنى منذ قليل تقرير آخر من المعمل الجنائى يؤكد أن فصيلة دم المشتبه به على عبد الرازق هى نفس الفصيلة التى وجدناها فى أظافر المجنى عليه

[MooNy87]

ارتشف حاتم الشاى قائلا بهدوء :
يبدو أن الدائرة تزداد ضيقا حول هذا الشخص
بالنسبة لى لا يساورنى أدنى شك فى أنه الجانى
بالطبع فكل القرائن تشير إليه .. ومع ذلك فلدى قدر ضئيل من الشك .. والشك لا بد وأن يفسر لصالح المتهم
ابتسم نافع قائلا :
يبدو أن كثرة تعاملك مع بعض الجرائم المعقدة جعلتك لا تتقبل بسهولة فكرة وضوح الجريمة ومرتكبها
وربما لأن لدى إحساسا خفيا بأن هناك شيئا غامضا فى هذه الجريمة لم أضع يدى عليه بعد
على أية حال أريدك أن ترسل أحد رجالنا إلى الكافيتريا التى وقعت فيها المشاجرة لسؤال العاملين فيها عمّا إذا كان أحدهم قد عثر على زر قميص هناك بعد التنظيف الذى أعقب الشجار
وفى تلك اللحظة دخل عليهما شرطى ليؤدى له التحية قائلا :
معذرة يا فندم هناك شخص يلح فى مقابلتك
ألم يذكر لك اسمه ؟
لا يا فندم
دعه يدخل
استأذن نافع قائلا :
سأذهب انا لأنفذ ما طلبته
تفضل .. وأخبرنى بالنتيجة سريعا

[MooNy87]

وما إن غادر الحجرة حتى دخل شخص يبدو عليه الاضطراب الشديد ليقترب من مكتب حاتم قائلا :
سمير عبد السلام تاجر أخشاب .
نظر إليه قائلا :
أية خدمة ؟
علمت أنكم تبحثون عنى فقررت أن آتى إليكم بنفسى قبل استدعائى
دعاه حاتم ليجلس قائلا :
وما الذى جعلك تظن أننى أتحرى عنك وأريد استدعاءك ؟
أنا صاحب السيارة الرمادية التى تبحثون عنها وعن صاحبها .. وأنا من رأى تلك الجثة التى عثرتم عليها منذ ثلاثة ايام فى حلوان .
آه .. إذن فأنت صاحب تلك السيارة التى فرت مسرعة من مكان الجريمة ..
كنت خائفا
لماذا ؟ هل لك علاقة بالجريمة ؟
بل لأننى رأيت مرتكبها بنفسى
ارتكز حاتم بمرفقيه فوق سطح مكتبه وهو ينظر إليه بدهشة قائلا :
تقول إنك رأيت الجانى
أجل
هل أنت واثق من ذلك ؟
واثق تماما

[MooNy87]

وما الذى جعلك تنتظر حتى الآن لتخبرنا بالأمر ؟
قلت لك كنت خائفا وخشيت التورط فى الأمر أو تطالنى يد القاتل , فقد أفزعنى ما رأيته .. جثة ذلك الشاب وهى ملقاة على الرصيف بتلك الصورة .. وأفزعنى أكثر رؤيتى للقاتل وهو ينظر إلى حينما أوقفت سيارتى للحظة .
كانت نظراته مخيفة تنم عن وحشية وشراسة لم أرَ مثلهما من قبل .. مما دفعنى إلى الانطلاق بالسيارة بعيدا عن المكان خوفا من أن يلحق بى الأذى
لكن كان بإمكانك أن تبلغنا بما رأيته على الأقل فيما بعد
أعترف بأننى شخص جبان .. وأننى اعتدت أن أنأى بنفسى عن المتاعب أو التورط فى اى مشاكل أنا فى غنى عنها .
لكن عندما عرفت أنكم تتحرون عنى وعن السايرة التى أقودها وقرأت عن الجريمة فى الجرائد راجعت نفسى وقررت أن آتى لأخبركم بما رأيته ودون تردد هذه المرة
أم انك قد خشيت ان تتهم بارتكاب الجريمة فقررت أن تسبق بالإبلاغ عنها بتلك الطريقة التى تصورها لى الآن ؟
شحب وجه الرجل قائلا :
وهل يمكن لشخص مثلى أن يقدم على ارتكاب جريمة مروعة كهذه ؟
قال له وهو يهز كتفيه :
لقد كنت موجودا بالقرب من موقع الجريمة .. وفررت بعدها من المكان سريعا وقد رآك أحدهم وأنت تسارع بالهرب حتى كدت أن تصدمه بسيارتك أثناء محاولتك الابتعاد عن المكان .. مما يجعلك مشتبها به .
قال الرجل بصوت مرتعش :
هذا ما كنت أخشاه .. أن أجد نفسى متورطا فى أمر كهذا .. أيكون جزائى فى النهاية أن اصبح مشتبها به ؟

[MooNy87]

هل كنت تظن أننا لن نتمكن من العثور عليك ؟
يا فندم اقسم لك إن ما قلته هو الحقيقة .. وإنه لا علاقة لى بتلك الجريمة .
كل ما ذكرته حتى الآن مجرد أقوال مرسلة .. رأيت شخصا مخيف الهيئة تبدو عليه ملامح الوحشية والشراسة
لكن من هو هذا الشخص ؟ ما هو اسمه ؟ وأين مكانه الآن ؟ هل تستطيع أن تذكر لى شيئا عن ذلك ؟
وكيف كان يمكننى معرفة اسمه أو مكانه ؟ هل كنت تتوقع منى أن أهبط من سيارتى وأذهب إليه لأسأله عن اسمه وعنوانه ؟
ابتسم حاتم وهو يغادر مكتبه ليربت بيده على كتف الرجل قائلا :
لا داعى لهذا التوتر .. لقد كنت أمزح معك فقط
أخرج الرجل منديلا ليجفف به العرق على جبينه .
بينما استطرد حاتم قائلا :
أريدك أن تحكى لى بالتفصيل ما حدث وما رأيته بالضبط وبمنتهى الدقة
ازدرد لعابه قائلا :
فى هذه الليلة كنت فى طريقى إلى منزلى .. وبينما أنا أجتاز هذا الشارع لمحت جثة الشاب على أحد جانبى الطريق وهى مسجاة فوق الرصيف والدماء تحيط برأسه فأوقفت سيارتى وتأهبت لمغادرتها لتبين الأمر .