آخر 10 مشاركات
قبلة آخر الليل(15) للكاتبة: Gena Showalter *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          5-لو كنت اعلم - آن ميثر - حصـــريا" (الكاتـب : فرح - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          475 - قلب في خطر - ماغي كوكس ( عدد جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          120 - سقط سهوا - ناتالي سبارك (الكاتـب : monaaa - )           »          رواية مباريات الجوع - سوزان كولنز ( الجزء الأول من ثلاثية مباريات الجوع ) (الكاتـب : ابن رشد - )           »          أنات في قلوب مقيدة (1) .. سلسلة قلوب مقيدة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          هفهفت دِردارة الجوى (الكاتـب : إسراء يسري - )           »          110 - أحلامي ليست لي (الكاتـب : حبة رمان - )           »          شيوخ لا تعترف بالغزل -ج3 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree566Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-12-20, 10:15 AM   #301

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,578
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي


مرحبا".بين مرارة الذكرى وغموض الحاضر"الفصلين السابع عشر والثامن عشر.يقولون أن كل شئ يولد صغيرا ثم يكبر إلا الحزن يولد كبيرا ثم يتضاءل وقد يتلاشى إلا الذكرى فانها لا تموت كلما أغلق لها المرء نافذة يحدث بالحاضر ما يفتح نافذة أخرى ربما حاول المرء غض الطرف عنها وبين هذا وذاك كل الذكريات تتأرجح أمام واقع سالم وراء ،سمراء واسامة،ايهاب وتارا،تفتح أبوابها علي مصراعيها وتغلق أمامهم باب الأمل وتؤلم واقعهم فلا استطاعوا أن يتكيفوا مع احساس العجز والألم ولا تخلصوا من الم الذكرى وحنين الماضي والغريب أن الشخص الوحيد الذى لم تذكرى ذكرى واحدة تؤلمه أو تفرحه هو الجد المنصورى وكأن له ذاكرة بيضاء أو لديه عصا سحرية يمحو بها ما يشاء فلا يظل سوى ما يريده علي عكس ماهو متعارف عليه. حقا أن الطغاة لا يقرأون التايخ ويكررون اخطاء الطغاة أمثالهم ولكن هل يتخطون أيضا حاجز الذكرى الذى قد يستدعي انسانيتهم ؟
رويدا وشاهين اشعرهم في شق بعيد تماما عن باقي ابطال الرواية وكأنها رواية منفصلة هي ظريفة بكل المقاييس وايضا تغوص في ماض وذكرى ومشاعر متضاربة لكلا منهما مع لمحة تقارب وانجذاب فهل يصفحان عن الماضي ويكملا طريقهما معا فرويدا مثلا تكاد تكون شريدة بلا أحد وشاهين يسيطر عليه احساس الذنب لانتحار نادية والذى أجد به شئ غامض وانتقامه لا اساس له ربما لو جلس مع صديقه وتحدث معه لعرف أبعاد الموقف ولوفر علي نفسه مشاعر انتقام تؤلم الفرد ولا تريحه.
بدأت معالم من وراء انتقام بهاء وهونعمان المنصورى أظنه شقيق الجد وبالطبع المنصورى الكبير صاحب الباع الكبير في الأذى لابد أنه دمر حياة أخيه فيسعي من تلقي الاذى من عائلته للانتقام فالشر لا يولد إلا الشر مع أن الله خلقنا جميعا علي الفطرة السليمة علي الخيرولكنها بصيرة الإنسان التي حين يغشاها الجبروت والقسوة تفقد الرحمة واليقين بأن الإنسان مهما قوى فهو ضعيف وأن الملك لله.
إلي لقاء دمتي بكل الود والتقدير.




shezo غير متواجد حالياً  
قديم 26-12-20, 08:59 AM   #302

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,578
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا".الظلم واغلال الوحدة".الفصل التاسع عشر والعشرون.بمنتهي الصدق رسمتي في الفصلين صورة شاملة للفصل الأخير من قصة عشق سالم وراء وبالوان حزينة جدا مزجتي فيها بين الم الذكرى وقسوة الواقع وامل المستقبل ولن اسهب في التعليق عليها إذ أن صديقاتي القارائات كفوا ووفوا ولكن لفت نظرى عبارة جميلة جدا وموحية جدا جاءت علي لسان رواء عندما اقتادها المنصورى مرة أخرى لمقابلته بنفس طريقة قطاع الطرق وغاب عنه أن رواء اليوم ليست رواء الامس بعد كل ما نالها بسببه وهي ترميها في وجهه بكل مرارة بكل صدق انه سيحيا منبوذا ويموت وحيدا لن يحزن عليه أحد سيحيا ويموت ولن يرى نظرة حب في عين من حوله فالرجل حتي لم يحب نفسه والا لأشفق عليها من نظرة الكراهية التي يراها بعين الجميع من كل خساراته في أولاده من زوجته التي اتخذت من الصمت سكنا لها فبماذا أفادها النطق وهي تفقد أولادها جميعا واحدا تلو الآخر دون أن تستطيع إنقاذ أحدا منهم؟. اذن فليكن الصمت رفيقا لها في إعلان لرفض تام عن التعاطي معه ولو بكلمة ولو بقذف وصب لعناتهاعليه فاحيانا تكون الكراهية كثيرة علي الشخص لايستحقها بل يستحق كل التجاهل كأنه غير موجود.
علي مر الزمان تواجد الناس البسطاء ذوى الاحلام البسيطة كما تواجد الطغاة والقساة والذين يستكثرون عليهم أحلامهم البسيطة فيسحقونها باقدامهم الثقيلة بكل قسوة وليس بالضرورة أن يكون الوضع كما هنا جد قوى احادى الرأى يتحكم بسطوته وماله علي من حوله فالزوج الذى يمتهن كرامة زوجته ويهينها هو ايضا طاغية ،من يستأسد علي الضعيف ليس الا لأن الله اعطاه فهوطاغية ،الأب الذى لا يقوم بالتزامات أبنائه ويحيا لنفسه بمنتهي الأنانية هو طاغية،المال والجاه إذا لم يسخر في خدمة الإنسانية والاعلاء من قيمة الإنسان فكل من هو مخول به طاغية.وما أعجب له أن الظالم الذى يلتحف بظلمه يحيا وحيدا ويموت وحيدا فما هي السعادة التي يشعر بها؟ وقد فقد حريته وصار عبدا لعنفوانه وتسيده علي الآخرين فاقدا ادميته. وان كنت لا اعفي الاخرين من مسئوليتهم في خلق الظالم والطاغية بالاستسلام له. فالجد مثلا استطاع أن يضغط علي كل من حوله بتهديدهم بمن يحبون فيتراجع كلا منهم واذا بالضرر والأذى يقع أيضا وفي لحظة ما يصل الإنسان إلي آخر ما لديه فيجأر سالم في وجه الجد ويتركه وماله وراء ظهره ويهاجر لعشر سنوات أى ان صلاحية اتخاذ قرار والتصدى ظهرت فنحن من نخلق الوحش ثم نتوارى ونختبأ خوفا منه ولو تذكرنا قول الله تعالي"ولقد جئتمونا فرادي كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم". لما تجبر الإنسان علي أحد ولهتف بها" الملك لله" وما نحن إلا مستخلفين فيما رزقنا إياه أمانة سنسأل عليها يوم الدين وأن الملك لله. إلي لقاء دمتي بكل الخير.


shezo غير متواجد حالياً  
قديم 27-12-20, 08:31 AM   #303

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,578
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.اخيرا بعد ماراثون طويل انتهيت فيه من قراءة الجزأين السابقين ثم ما فاتني من فصول وصلت الي الركب لاتابع معك الأحداث واعيش السحر فصلا بفصل.الفصل الحادى والعشرون وذكريات مريرة تسرد ما تعرض له اسرى قلعة المنصورى بدون استثناء وما تبع ذلك من ضحايا خارج القلعة وربما جرحهم أكبر فما تعرضت له رواء كارثي بكل المقاييس ولها الحق في أن تصعب مهمة سالم وتجعلها كاحياء الموتي، فلاريب أن ما تعرضت له من اقاويل واتهامات أبسطها ما قالته والدة كامل ونعتها بابنة الغجرية والاقلال من مكانة ابيها أى أنها لم تجن علي نفسها فقط بل وعرضت اسرتها للهوان.
وهنا اتي لنقطة هامة اشرتى إليها وهي حديث الناس والذى كثيرا ما يكون بالافك وهو اكذب الحديث ربما الشواهد في حالة رواء تعطيهم بعض العذر ولكن ما أعجب له هو صمت الاخرين عن عذاب المرء عن رؤية ظلما أو وبهتانا يقع عليه فلا نسمع لهم صوتا ولكن وقتما يرونه مذنبا من وجهة نظرهم تنهشه مخالبهم بلا رحمة ،وحين يكون هناك من يمد يده يطلب عونا تتوسلهم عيونه بكلمة انصاف تسد رمق حاجته للرحمة وللاحساس بانسانيته فلا يجد،كم دفع الناس البعض لانتهاج سلوكيات خاطئة كرد فعل دفاعي عما يتعرضون له أو استسلاما لخطأ واثم ما دام هذا ظن الناس وحكمهم الذى نصبوا به محاكمهم ليضعوا رقاب البشر تحت مقصلة ظلمهم ولا يحاكمون انفسهم قبل أن يحاكموا غيرهم والأعجب من ذلك أنهم عندما تطالهم السنة الناس في مواقف مشابهة يجأرون تحت وطأة الإحساس بالظلم وتناول الناس لسيرتهم بالباطل غافلين عن أن هذه بضاعتهم ردت إليهم..لن اعيد تكرار اتهاماتي للجد وانه وراء كل ما يحدث فهذا قول حق ولكن يقابله ايضا تخاذل واستسلام من الآخرين فلتوها شعرت سمية بعذاب ابنها فترمي بتخاذلها ومخاوفها وراء ظهرها وتقرر لقاء رواء بعد عشر سنوات أو بعد خراب مالطة كما يقولون فهل تفلح زيارتهافيما أفسده الجد ؟هل تعيد جبر ما تم كسره في عشر سنوات؟ اعتقد ان مبادرتها جاءت متأخرة كثيرا .اعجبني جدا اسلوبك السلس في الانتقال بين أحداث الماضي و الحاضر دونما الإحساس بالانفصال أو التشتت أو ارباك القارئ بين بعدين زمنيين فقدرتك علي ربط الأحداث معا في غاية الابداع فاذكر أن مشهد هشام وراندا بالمستشفى شهدته في الثلاثة اجزاء وفي كل جزءمنهم تتناولينه من زاوية مختلفة وكأنه يحدث توا في كل مرة مع أنه من الصعب جدا ان نحيا حدثا بصورة مختلفة باضاءة تتباين حدتها مع كل موقف وكأننا نشهده لاول مرة وأن دل علي شئ فعلي براعة مخرج المشهد ومن قبله كاتب السيناريو متمثلا في شخص الكاتب فسلمت يداكي علي هذا الابداع الذى يطوف بنا فوق غيمة مشاعر واحاسيس تعبرين عنها بكل صدق ومهارة.الي لقاء دمتي بخير.


shezo غير متواجد حالياً  
قديم 27-12-20, 10:09 PM   #304

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيفكم حبايبي؟ .. إن شاء الله تكونوا بألف خير وسلام
هبدأ أنزل الجزء الأول من الفصل الثاني والعشرين .. لسه باقي مشاهد من الفصل لكنّها هتحتاج وقت ومش حابة أتأخر عليكم
فإن شاء الله هنزل الجزء الأول دلوقتي ولو مسموح أنزل بعد مواعيد باقي الكاتبات هنزل باقي الفصل أول ما أخلص مشاهده
اعذورني
ويا رب الجزء الأول يعجبكم على ما ينزل الجزء الثاني


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 27-12-20, 10:10 PM   #305

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني والعشرون (الجزء الأول)

تسير عبر طريقها المظلم دون نهاية .. تتلفت حولها بحثًا عن مخرج لن تجده .. تضيق أنفاسها وتتعثر .. توقفت حين رأته على مد البصر .. كان هناك مبتسمًا تلك الابتسامة التي تعدها بالحب والسعادة .. انتفض قلبها وبعث فيها القوة فاندفعت جريًا إلى ذراعيه المفتوحتين وارتمت بينهما .. تعلقت بعنقه ليضمها بكل قوته .. همست بلوعة
"اشتقت لك .. لماذا تركتني؟ .. لماذا تخليت عني؟"
"لم أفعل ولن أفعل روايا"
يضمها أكثر وأكثر .. تضيق أنفاسها ويتسلل الخوف إلى قلبها .. تهتز الأرض وتنهار أسفل منها .. تهوى لكنّها تتمسك به .. يهويان معًا .. تستسلم للضياع وتظل على تشبثها به بينما تسمعه يهمس في أذنها
"أنتِ لي روايا .. أنتِ ملكي .. قوليها حبيبتي"
تتراجع لتنظر لعينيه الغامرتين بكل مشاعر حبه وتملكه وتستسلم أكثر وأكثر .. تهمس له بملكيتها وتذوب معه .. أصابعه تتخلل شعرها بافتتان وتضيع هي أكثر .. تغمض وجسدها يهوي .. يغزوها البرد فجأة وتفتح عينيها فلا تجده ويعود الظلام لكنّها وحدها وتهوى بلا توقف .. القاع يقترب .. ركلت بساقيها ومدت ذراعيها لأعلى تريد التشبث بأي حبل نجاة .. يدٌ امتدت لتقبض على كفها ونظرت لأعلى .. كان والدها .. حاولت التشبث بكفه لكنّ جسدها كان ثقيلًا وروحها مقيدة .. شعرت بذراعين تطوقانها ونظرت خلفها لتجدها
صورتها .. مرآتها .. تلك الأخرى .. تتشبث بها وتشدها لأسفل .. نحو القاع .. صرخت وتشبثت بكف والدها أكثر لكنّها كانت تنزلق .. يدها كانت غارقة بالدم ,الأخرى تهمس
"استسلمي يا رواء .. استسلمي وتعالي معي .. إلى المصير الذي تستحقينه"
صرخت وقاومت بينما يدها تنزلق من يد أبيها ..
"استسلمي يا رواء .. سالم تخلى عنكِ .. حطمكِ ورحل .. اتركي يد أبيكِ فهو لا يستحق ما فعلتِه به .. اتركيه .. أنتِ لن تمنحيه سوى الخزي والعار"
صرخت أكثر وصورها مع سالم تمر أمامها وهبت الريح عاصفة ليتطاير شعرها ويحيط عنقها .. يخنقها .. حاولت بيدها الحرة أن تتحرر لكنّ خصلاتها كانت تضيق حولها أكثر وأكثر .. انزلقت يدها المدماة وحدقت في عينيّ أبيها برعب بينما جسدها يسقط إلى الهاوية.
صرخة مكتومة انطلقت منها لتستيقظ قبل أن ترتطم بالقاع مباشرة .. فتحت عينيها محدقة حولها بهلع وأنفاسها متسارعة ودقات قلبها تصم أذنيها .. توقفت عيناها على سمراء التي ترقد جوارها .. انحدرت دموعها وهي تنظر إليها قبل أن تدفن وجهها بين كفيها وتبكي بصمت .. ذلك الكابوس لا يتوقف .. منذ طلاقها ومغادرتها المشفى .. لأشهر ظلت كوابيسها تطاردها في نومها .. بينما في الصحو تظل شاردة ضائعة .. لم تعد تملك القدرة لتتكلم مع أحد ومهما حاولوا تظل متمسكة بجدرانها وعزلتها.
أدارت عينيها في غرفتها بالشقة الجديدة التي انتقلوا إليها في مدينة أخرى .. بعيدة عن جيرانهم وبعيدة عن كل من عرف ما جرى لها … بعيدًا عن نظراتهم المسمومة وكلماتهم .. بعيدة عن ..
حاولت طرد صورته وجسدها ينتفض بينما تتحرر ذكرياته بشراسة مستغلة ضعفها .. انتفضت من الفراش، وغادرت غرفتها مندفعة إلى الحمّام .. استندت للباب المغلق تلهث بأنفاس مختنقة وجسد يرتعش .. دون وعي تحركت كفها لتمسح جسدها الذي لا زال يشعر بلمسات وأنفاسه .. لا زالت لا تستطيع محو ذكرياته .. انغرست أظافرها في بشرتها كما تفعل كل مرة تغلبها الذكريات وظلت تردد
"لا فائدة يا رواء .. لا فائدة مما تفعلين"
الألم الذي ينبع من جروحها لم ينتزعها من الجنون الذي يسحبها إليه رويدًا رويدًا، بينما يعلو في الخلفية صوت من ظنتها رحلت .. ظنت أنّها قتلتها وانتهت منها لكنّها عادت مستغلة تقوقعها وضعفها وخزيها من نفسها.
فتحت عينيها لتقابلها صورتها في المرآة المقابلة … لمحت الدم الذي يلوث بشرتها ورفعت يدها لتجد أظافرها مدماة .. انعكاسها كان يسخر منها كعادته .. تحركت نحوها كالمسحورة وتوقفت ترمقها في صمت .. مالت رأس الأخرى وابتسمت بسخرية تخبرها أنّها مهما فعلت لن تنتصر عليها.
"تذكري رواء عزايزي .. أنا هي أنتِ .. أنتِ خاطئة ومهما فعلتِ لن تنمحي خطيئتكِ"
واجهتها بجمود ولم ترد .. عيناها تحركتا على خصلاتها الطويلة وعادت تفاصيل حلمها حية .. اقشعر جسدها وهي تسمع همساته من جديد .. اختفت صورتها ورأت في انعكاس الأخرى شعرها يتحرك بإرادة منفصلة كأنّما دبت فيه الحياة .. تحول إلى أفاعٍ سوداء .. إلى شلال مظلم من الإثم والخطيئة يلف حولها ليخنقها ويشدها معه إلى هاوية الغواية .. لا فائدة مما تفعله .. لا شيء سيمحو خطيئتها ولا شيء سيحررها من نفسها.
تكاثفت الذكريات والمشاعر حتى فاضت .. صرخت وهي تلتقط أقرب شيء إليها وهوت على المرأة تحطمها .. انهارت أرضًا وسط الزجاج وتعلقت عيناها بحطامه .. لا شيء سيمحو خطيئتها .. لا شيء.
مدت يدها لتلتقط قطعة زجاج حادة ورفعتها أمام وجهها .. سمعت ضحكات الأخرى
"مرة أخرى يا رواء؟ .. كما تريدين .. أراكِ في الجحيم الذي نستحقه"
ليس الجحيم .. لم يحن الوقت بعد.
همست داخلها وهي تلتقط خصلات شعرها .. كانت غارقة في هذيانها فلم تسمع الطرقات التي تعالت ولا صوت سمراء تناديها بجزع .. ملمس شعرها كان يزيد صدرها ضيقًا وشعورها بالعار وكراهية الذات .. بعينين لا تريان ونفس تائهة قربت قطعة الزجاج لخصلتها الطويلة ثم .. نحرتها.
******************
ارتفعت طرقات سمراء على الباب وصوتها الباكي ينادي شقيقتها التي استيقظت فزعة على صوت تهشم الزجاج فلم تجدها جوارها .. اندفعت برعب إلى الحمّام وقلبها ينتفض خوفًا من أن تكون قد فعلت في نفسها شيئًا .. طرقت الباب ونادتها دون جدوى وحين اندفعت لتنادي والدها وجدت غرفته تنفتح ويندفع هو وأمها هاتفًا بفزع
"ماذا حدث؟"
"رواء يا أبي .. رواء أغلقت الباب على نفسها ولا تفتح .. سمعت صوت تكسر الزجاج"
ضربت جميلة صدرها شاهقة قبل أن تندفع للباب
"رواء .. افتحي الباب يا بنتي .. رواء"
لا صوت إطلاقًا .. اندفع يزيحها عن الباب وطرقه بقوة
"رواء .. افتحي الباب .. افتحي يا رواء"
"بنتي يا بدر .. فعلت شيئًا بنفسها .. بنتي"
ترددت شهقات سمراء ممتزجة ببكاء طيف بينما والدهما يدفع الباب بكتفه وهو يهتف باسم رواء .. استجمع كل قوته ليهوي عليه بضربة أخيرة تهشمت مفاصله على إثرها وانفتح عن آخره .. تجمد مكانه وعيناه تتوقفان بجزع وصدمة عليها بينما ضربت جميلة صدرها بلوعة وتراجعت سمراء وطيف بأعين متسعة باكية.
على الأرض كانت رواء راكعة برأس متهدلة وخصلاتها السوداء الطويلة تفترش الأرض من حولها .. ما تبقى من شعرها كان خصلات قصيرة للغاية مبعثرة باكية تنعي صويحباتها وتنعي صاحبتهن التي تهدل كتفاها وجفت دموعها على خديها .. ضائعة عن العالم لا تسمع صوتًا ولا تشعر بأحد .. سكون تام .. حتى صوت الأخرى لم تعد تسمعه.
شعرت بكتفين تهزانها وحدقت في وجه والدها الذي كان يصرخ بشيء .. شفتاه تتحركان دون أن تسمع.
"رواء .. ماذا فعلتِ يا رواء؟ .. رواء هل تسمعينني؟ .. رواء"
صرخ اسمها وهو ينفضها بقوة .. شهقت بضعف قبل أن تتركز عيناها عليه بتشوش فهمس بألم
"ماذا فعلتِ يا رواء؟ .. ماذا فعلتِ؟"
ابتسمت بضياع وهمست
"رواء ماتت يا أبي"
ترددت شهقات أمها وشقيقتيها بينما سالت دموعها وهي ترفع آخر خصلة طويلة أمام عينيه وتركتها تنزلق إلى جانب شقيقاتها.
"هذا ما كان متبقيًا منها وكان يجب أن يذهب معها .. رواء ذهبت .. ماتت"
ترنحت جميلة وأسرعت سمراء تحتضنها، ووسط بكاء ثلاثتهن همست رواء لأبيها
"ادع لها يا أبي .. ادع لها أرجوك ربما يغفر الله لها"
ومدت يدها المرتجفة تتشبث بكفه
"الله يحبك يا أبي .. سيسمع منك ... ادعه .. قل له أنّها ندمت .. قل له أنّها لا تستحق لكن .."
كتم كلماتها وهو يشدها إلى حضنه
"يكفي يا رواء .. يكفي يا ابنتي"
تجمدت لثوان قبل أن تشهق وتنفجر باكية
"أنا خاطئة يا أبي .. أنا لست طاهرة .. ادعه أنت ليغفر لي .. لا أستطيع أن أفعل أنا .. أنا لا أستحق .. لن يسمعني يا أبي .. لن يغفر لي .. أنا خاطئة"
سالت دموعه وهو يضمها أكثر
"لا تقولي هذا يا رواء .. إياكِ .. لا تقولي هذا أبدًا"
أبعدها يحتضن وجهها ويخبرها بقوة
"الله غفور رحيم يا ابنتي .. لا تقولي أنّه لن يسمع ولن يغفر .. أنتِ لستِ .."
قاطعته باكية بلوعة وهي تضرب على جسدها
"أنا خاطئة .. أنا ملوثة .. أنا لا أستحق .. أنا أذنبت"
أوقف ضرباتها لنفسها، وانتبه لآثار الجروح على جسدها .. عاد يضمها بقوة
"توقفي .. يكفي يا رواء .. لا تقنطي من رحمة الله يا ابنتي .. لا تغضبي الله بكلامكِ هذا"
"أنا لا أستحق يا أبي .. لا أستحقه عفوه ولا مغفرته .. لا أستطيع التحمل"
وتشبثت كفاها بظهره وصوتها المختنق يواصل
"الذنب يقتلني يا أبي .. لا أستطيع التحمل"
رفعها بعد ثوان وقال بحزم
"ستتحملين يا رواء .. ستقفين على قدميكِ .. ستُصلين بنفسكِ وستقفين بين يديّ الله وتستغفرينه"
"لا أستطيع"
همست بضعف متوسل فهتف وهو يحتضن وجهها بكفيه
"بل ستفعلين .. ليس أنتِ من تنكسر هكذا وتقنط من رحمة الله .. لم أربكِ على هذا يا رواء"
وحانت منه نظرة لخصلاتها المذبوحة على الأرض واختنق صوته لثوان بألم قبل أن يردد
"ستقفين يا رواء وستتجاوزين كل هذا .. نحن كلنا في ظهركِ ومعكِ .. سندعو معكِ .. لن أسمح لكِ أن تفشلي في ابتلائكِ يا رواء، سمعتِ؟"
ارتجف جسدها أكثر بينما تحركت جميلة والدموع تغرق وجهها وشدتها إلى حضنها
"اسمعي كلام أبيكِ يا ابنتي .. أنتِ ابنة بدر العزايزي .. لن يكسركِ أي شيء"
دفنت دموعها في صدرها لتبادله نظراتهما الباكية وقلباهما يتمزقان بلوعة على ابنتهما التي انكسرت وكبرت قبل الأوان.
******************

Gogo 2002 likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 27-12-20, 10:13 PM   #306

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

لقد وقفت بعد انكسار .. تمسكت بأسرتها وحاربت .. لم تعد رواء القديمة لكنّها على الأقل رممت انكسارها ووقفت من جديد .. حصّنت قلبها بالأسوار ودفنت الماضي في أعماقها فلماذا يعود الآن ليحاصرها من كل اتجاه؟ .. لماذا لا يعطونها فرصة لتتنفس؟ .. أولًا سالم ثم جده والآن .. أمه تزورها .. لماذا يصرون على إعادتها لنقطة الصفر؟
توقفت أفكارها حين التفتت لها سمية المنصوري بابتسامتها التي زادت غصتها
"هل أغادر يا رواء؟"
انتبهت أنّها أدخلتها ولا زالت تقف على الباب .. أسرعت تتمالك نفسها وقالت
"أعتذر منكِ سيدة سمية .. تفضلي من هنا"
"من يا رواء؟"
عاد صوتها أمها القلق يتساءل بينما تتقدم وقد ارتدت حجابها .. اختفى قلقها وحل مكانه الحيرة وهي تنظر لوجه ضيفتهم .. تنحنحت قائلة
"السيدة سمية المنصوري يا أمي"
اقتربت أمها لتتسع ابتسامة سمية ومدت يدها مفسرة أكثر
"أنا أم سالم"
تألقت ملامحها فجأة واستبشرت بطريقة أغضبت رواء بينما أمها صافحت ضيفتها ورحبت بها بحرارة
"ما هذا يا رواء؟ … كيف تتركينها واقفة هكذا على الباب؟"
فغرت فاهها بصدمة تمالكتها سريعًا وأمها تقود ضيفتها إلى غرفة الصالون
"أهلًا أهلًا يا سيدة سمية .. أنرتِ بيتنا والله"
"منير بأهله يا أم رواء"
"تفضلي أهلًا وسهلًا .. بسرعة يا رواء هاتي .."
وتوقفت متداركة
"آسفة لا تؤاخذيني .. ماذا تشربين يا أم سالم؟ .. شاي .. قهوة؟"
لم تهتز ابتسامة سمية ولم تعترض على اللقب الذي نادتها به وقالت
"شكرًا يا أم رواء .. لا داعي .. أنا فقط أتيت لأتحدث مع رواء في موضوع وسأذهب بسرعة"
حاولت رواء النطق لكن أمها رددت باعتراض
"هل هذا كلام؟ .. أول مرة تنيريننا في بيتنا ولا نقوم بالواجب .. والله لا يحدث"
"تمام يا أم رواء .. كما تريدين"
ردت سمية وهي تجلس والتفتت إلى رواء مبتسمة
"لو أمكن فنجان قهوة سادة من يد ابنتي رواء"
تراجعت بارتباك مع الكلمة واتسعت ابتسامة أمها وهي تنظر لها
"طبعًا .. هيا يا رواء .. بسرعة"
ابتسمت بتشنج وهي تكاد تصرخ فيها
"حاضر"
وغادرت بسرعة وهي تسمعها خلفها تردد
"أنرتِنا بزيارتكِ يا أم سالم"
"النور نوركِ يا أم رواء"
بهتت أصواتهما مع ابتعادها بخطوات حانقة ودخلت المطبخ لتصنع القهوة
"هل هذه خطتك الجديدة يا سالم بك؟ .. تمام .. لنرى آخرها معك .. لن أكون رواء العزايزي إن لم .."
شهقت بقوة حين لامست كتفها يد والتفتت بفزع لتجد سمراء
"أفزعتِني يا سمراء .. سامحكِ الله"
ضحكت بخفوت
"من أخذك عقلكِ يهنأ به"
لوت شفتيها دون رد وهي تنتزع علبة القهوة فرددت سمراء حين شعرت بانفعالها المكتوم
"ما الأمر يا رواء؟ .. هل ما سمعته حقيقي؟ .. والدة سالم عندنا؟"
"نعم .. لا أعرف ماذا تفعل هنا ولا ماذا تريد؟"
ربتت على كتفها
"إن شاء الله خير .. لا تنفعلي هكذا"
تحركت بعصبية لتشعل النار أسفل القهوة ثم عادت لتقف قرب سمراء .. ضربت رخامة المطبخ بحنق
"لماذا يصرون على إزعاجي؟ .. لماذا لا يتركونني وشأني؟"
"رواء .. اخفضي صوتكِ … مهما كان هي ضيفتنا ولا يحق لكِ معاملتها سوى بالاحترام .. هي لم تفعل شيئًا لتؤذيكِ ولا ذنب لها في كل ما حدث"
أطرقت زافرة بحرارة
"أعرف يا سمراء .. أنا فقط .."
ربتت على كتفها مجددًا
"لا تخافي من شيء .. بالتأكيد هي أتت لشيء مهم .. تجاوزي غضبكِ وكراهيتكِ واسمعيها .. استقبليها باحترام وافهمي منها ما تريده"
"ما الذي ستقوله يعني يا سمراء؟ .. بالتأكيد أتت لسبب واحد .. أنا متأكدة أنّه من أرسلها لكي"
صمتت مقطبة بغضب وهي تتذكر كلامه .. لن يتوقف مهما فعلت .. لقد أخبرها وكان مصرًا.
"أيًا كان السبب .. هي ضيفتنا وقد أتت حتى عندكِ بقدميها .. اسمعيها وردي بما يرضيكِ"
تنهدت بقوة ثم همست
"تمام"
"إن شاء الله خير"
همست مبتسمة ولم تخبرها بما يدور في أعماقها .. هي متفائلة كثيرًا بزيارتها وقلبها يخبرها أنّها ستكون سببًا في تقريب المسافة بين رواء وسالم .. مهما كان ما حصل بينهما هما يستحقان فرصة جديدة وهي تريد عودة شقيقتها القديمة بأي طريقة .. فليكن هو الداء والدواء معًا.
سمعت حركة رواء قربها بينما تصب القهوة وابتسمت متمتمة
"هيا اذهبي أنتِ .. أنا متلهفة لأعرف الأخبار بسرعة"
حملت الصينية وردت بابتسامة باهتة
"اذهبي لغرفتكِ ولا تتنصتي على الأبواب"
تحركت ترافقها ضحكة سمراء التي خففت قليلًا من توترها وقلقها وعادت لتجدهما مندمجتين في الحديث وابتساماتهما تشق وجهيهما وكأنّما يعرفان بعضهما منذ سنين طويلة .. لم تتوقع أن تكون السيدة سمية بهذه البساطة ولا أن تتصرف مع أمها بهذه الأريحية والتواضع.
"تعالي يا رواء"
قالت أمها وشعرت هي بالحرج فجأة مع نظرات السيدة سمية لها وتملكها الارتباك ولوهلة أحست أنّها تقدم الضيافة لأم خطيبها .. أسرعت تطرد الفكرة الغبية وجاهدت لتمنع احمرار خديها بينما تنحني أمامها بالصينية .. تناولت سمية الفنجان وابتسمت لها بحنان
"شكرًا يا حبيبتي .. العقبى لشربات زفافكِ"
جحظت عيناها وكادت الصينية تسقط من يدها .. أسرعت تضع الفنجان الآخر أمام أمها التي كانت تقول بحبور
"يسمع منكِ الله يا أم سالم"
أم سالم! .. أم رواء! .. منذ متى أصبحتا قريبتين هكذا؟ .. ما الذي تفعله أمها بالضبط؟ .. ما هذا الجنون الذي يجري؟
"اجلسي يا رواء"
قالت أمها بعد ثوان فتحركت بجسد متشنج لتجلس لولا أن أسرعت سمية تقول
"أرجوكِ .. تعالي واجلسي قربي"
رائع .. هذه الأجواء بالفعل ينقصها خطيب وأهله .. السيدة سمية تتصرف كحماة أتت لتقابل كنتها المستقبلية .. غبية يا رواء .. توقفي .. أمرت نفسها بحزم بينما تتحرك مرغمة لتجلس قربها على الأريكة، وراقبتها وهي تضع الفنجان بأناقة على الطاولة والتفتت لها بنفس الابتسامة الحانية
"كيف حالكِ يا رواء؟
"بخير"
غمغمت بتحشرج لتقول سمية
"لا تعرفين كم أنا سعيدة بمقابلتكِ أخيرًا"
لم تعرف بما ترد فاكتفت بهزة رأس بينما غصتها تزيد .. لمحت ابتسامة أمها السعيدة ورأت في عينيها شيء من الأمل .. عرفت فيما تفكر وماذا ترجو .. كادت تخبرها أن تتوقف عن الأحلام المستحيلة وألا ترسم قصورًا على الرمال .. كيف تظن أنّه لا زال لها أمل مع تلك العائلة؟
أخذت نفسًا عميقًا والتفتت لها
"شكرًا لكِ سيدتي .. الشرف لي لأنّك أتيتِ لزيارتنا"
"ما سيدتي هذه؟ .. ناديني خالتي أفضل"
انقبض قلبها ورمقتها بصدمة ثم همست
"آ .. أعتقد أنّه لا .."
صمتت مرتبكة، فربتت سمية على كتفها
"لا بأس .. لن أضغط عليكِ"
والتفتت لأمها قائلة بلطف
"أعتذر منكِ يا أم رواء لكن .. هل أستطيع التحدث مع رواء قليلًا لوحدنا؟"
نقلت بصرها بينهما بقلق لكنّ أملها غلبها ونهضت قائلة دون تردد
"طبعًا يا أم سالم .. خذي راحتكِ .. البيت بيتكِ يا حبيبتي"
"شكرًا لكِ يا أم رواء"
تركتهما وراودت رواء رغبة حمقاء في اللحاق بها هربًا من المجهول، بينما رددت سمية بعد ثوان
"لا بد أنّكِ تستغربين زيارتي لكِ وتتساءلين عن سبب قدومي المفاجئ"
أومأت قائلة بصوتٍ أرادته هادئًا لكنّه تحشرج قليلًا
"اعذريني يا سيدة سمية لو كنت تصرفت دون لباقة لكن .. حقيقة لم أتوقع زيارتكِ"
"أعرف يا حبيبتي .. لكن .. أنا من يجب أن تعتذر"
رمقتها بدهشة لتتبع سمية بحزن
"هذه الزيارة تأخرت كثيرًا في الحقيقة .. كان يجب أن آتي منذ سنوات لكن"
صمتت لحظة بينما قاومت رواء اختناقها قبل أن تتنهد سمية بتنهيدة
"قدّر الله وما شاء فعل .. ربما فات أوان أن نغير الماضي لكن .. لا زال بيدنا أن نغير القادم"
"آ .. سيدة سمية .. أنا لا أفهم ماذا .. أعني يشرفني زيارتكِ بالطبع لكن .. ما الأمر المهم الذي أردتِني لأجله؟ .. اعذريني لكن لا أعتقد أنّ هناك ما يمكن أن نتحدث فيه"
هزت سمية رأسها بأسى
"بل هناك الكثير .. طبعًا لا بد أنّكِ خمنتِ على الاقل أنني هنا لأجلكِ أنتِ وسالم"
كادت تنتفض من مكانها لولا أن أمسكت سمية ذراعها
"اجلسي حتى أنتهي من كلامي يا رواء"
"أرجوكِ يا سيدة سمية .. لا أعتقد أنّ هناك أي شيء يجمعني بابن حضرتكِ لنتحدث عنه .. أنتِ مرحبٌ بكِ في بيتنا لكن هذا لا"
قاطعتها سمية برجاء
"أنا لا أطلب منكِ سوى بضع دقائق تستمعين فيها لي يا ابنتي بعدها قرري ما تريدين"
أطرقت مرغمة بألم وقد شعرت بالجدران تضيق حولها بينما أكملت سمية
"أنا أتيت وكلي أمل في الله ثم فيكِ .. أتيت وأنا أعرف صعوبة مهمتي وربما استحالتها .. لكن سألتكِ بالله يا رواء .. تفهمي حالتي كأم تتمزق لحال ابنها واضغطي على نفسكِ قليلًا واسمعيني"
قاومت بكل قوتها ولم تستطع الرد سور بإيماءة صغيرة فابتسمت سمية وربتت على كتفها بامتنان .. ران الصمت لثوان وهي تبحث عن مدخل مناسب لبدء الحديث ثم قالت
"أعرف أن ما مررت به كان صعبًا وما عشتِه في الماضي بسبب .. ابني سالم وعمي .. لا يحق لي أن أطلب ما سأطلبه الآن لكن لا خيار أمامي"
رمقتها بتساؤل قلق فمدت يديها لتضم كف رواء بينهما مغمغمة برجاء
"سالم يحبكِ يا رواء .. يحبكِ كثيرًا ولم يتوقف عن حبكِ"
"أرجوكِ يا سيدة سـ .."
قاطعتها وهي تشد على كفها أكثر
"سالم نادمٌ بشدة .. هو متمسكٌ بكِ يا رواء ولا ينوي التخلي عنكِ"
"سيدة سمية .. لقد أخبرته بما لدي ولا شيء يمكن أن يجعلني أغير ما قلته له .. إن كان أرسلكِ لـ"
عادت تقاطعها بأسى
"سالم لم يرسلني يا رواء .. هو أصلًا لا يعرف أنني هنا ولا فكرة لدي عما أتيت لأجله"
نظرت لها بدهشة
"ظننت .."
"لا يا ابنتي .. لا أحد يعرف أصلًا عن قدومي إليكِ .. جدة سالم فقط"
ارتفع حاجباها بينما تحاول تذكر صورتها التي أراها إياها سالم قديمًا وما قاله عنها بينما سمية تكمل
"هي من أشارت عليّ بهذه الخطوة التي كنت أخشى أخذها من بعد أن عرفت من سالم بلقائه بكِ .. وبعد أن رأيت معاناته بسبب كراهيتكِ ورفضكِ له"
أطرقت رواء مختنقة
"كنت مترددة حتى بعد أن أشارت عليّ بهذا لكن .. لم أتحمل رؤية انكسار سالم وانهياره"
رغمًا عنها اهتز قلبها وحاولت طرد الصورة التي رسمتها بكلماتها
"بعد عودته من لقائه بأبيكِ .. لم أره منكسرًا هكذا قط .. كان فاقدًا للأمل ومهزومًا .. لم أستطع البقاء صامتة .. كان يجب أن آتي وأتوسلكِ إن لزم الأمر"
"حاشا لله يا سيدتي"
همست بغصة بينما شعرت بيديّ سمية ترتجفان حول كفها
"أنتِ أملي الوحيد بعد الله يا رواء .. أنتِ أمل ولدي وشفاؤه الوحيد"
"أرجوكِ .. لا تضغطي عليّ يا سيدة سمية .. أنا لا أستطيع تنفيذ ما تريدين .. إن كنتِ أتيتِ تطلبين مني مسامحته فأنا لا أسـ"
قاطعتها بحنان
"أنا لم آت لأطلب منكِ مسامحته يا ابنتي .. أنا أطلب فرصة لأجله .. امنحيه الفرصة ليثبت لكِ أنّه لا زال يحبكِ وتغير وسيفعل المستحيل لأجلكِ .. لا تسامحيه لكن لا تجعليه يموت يا رواء .. لا تكسريه"
شعرت بالدموع تحرق عينيها
"أنا أكسره؟ .. أنتِ لا تعرفين ما تطلبين سيدة سمية؟ .. لا تعرفين ما فعله بي وما"
"أعرف يا رواء"
همست ضاغطة على كفها فالتفتت لها بجزع
"هل أخبركِ؟"
"ليس بالتفاصيل لكن يمكنني تخيل مدى بشاعة ما أصابكِ .. يمكنني رؤية هذا من انكساره ومن الذنب الذي يحترق فيه منذ سنوات"
حاولت شد يدها لكنّ سمية تمسكت بها
"سالم تعذب كثيرًا .. لم تكوني أنتِ وحدكِ من تعذب ودفع الثمن .. سامحه الله عمي هو من فعل كل هذا و"
"لا يا سيدتي .. جد سالم ربما كان سببًا وربما فعل الكثير ليفرقنا لكن سالم .. هو من آذاني وطعنني من حيث لم أتوقع .. خان ثقتي وكسرني .. لا أستطيع منحه تلك الفرصة حتى .. لا يمكنني"
رمقتها بحزن ثم قالت
"أعرف أنّه أجرم في حقكِ .. أعرف أنّه يستحق كراهيتكِ وغضبكِ ومشاعركِ هذه لكن .. أنتِ أمله الوحيد يا رواء .. أنتِ أملنا جميعًا يا ابنتي"
قطبت ترمقها بحيرة بينما رفعت سمية المنصوري رأسها
"كلنا دفعنا الثمن وتعذبنا بعد ما حصل .. انكسر سالم بزواجكِ وبما فعله معكِ وهاجر وتركنا .. أسرتنا تفرقت من بعده وضاعت .. أنا تعذبت من خسارته لكنني تحملت بعده على أمل أن يُشفى .. على أمل أن يبتعد عن جده وما يخططه له .. لكنّه عاد .. والتقاكِ وعرف أنّكِ حرة .. عاد الأمل إليه وهو لا ينوي التخلي عنه"
تنفست رواء بعمق وأخبرتها
"ليس بيدي شيء لأفعله .. أخبرته مرارًا وأخبركِ الآن يا سيدتي .. قصتي مع سالم انتهت بلا رجعة .. آسفة إن كانت قصتنا تركت أثرها على عائلتكِ أيضًا لكن .. لم يكن ذنبي .. أنا"
"يا ابنتي أنا لا أعاتبكِ ولا أحملكِ الذنب .. أنا أعرف أنّكِ ضحية .. نحن جميعًا ضحايا .. ولن يتغير شيء إلا إذا استمعتِ إليّ وفتحتِ قلبكِ .. فرصة واحدة يا رواء .. يمكن أن يتغير كل شيء بعدها"
"حضرتكِ تطلبين المستحيل"
"ربما .. لكن لا يمكنني أن أرى أملًا ولو صغيرًا ولا أتمسك به .. أنا أتمزق لأجل سالم ولأجل أولادي كلهم .. لا يمكنني ترك الأمل الوحيد لإنقاذهم دون أن أفعل شيئًا"
هزت رواء رأسها
"لا أفهم ما علاقة كل هذا بي .. لماذا لا تفهمين أنني ما عاد لي علاقة بسالم ولا أنوي العودة إليه؟ .. لم أعد أحبه .. سامحيني أن أقول هذا في وجهكِ لكن قلبي ما عاد يشعر نحوه إلا الكراهية"
ران الصمت قليلًا قبل أن تقول سمية بحزن
"لن أجادلكِ في هذا يا رواء .. لن أستطيع تكذيبكِ إن قلتِ أنّكِ ما عدتِ تحبينه أو أنكِ تكرهينه .. أنا هنا لأطلب مساعدتكِ ولا مجال أمامكِ للرفض"
حدجتها باستنكار فابتسمت سمية قائلة
"عندما قلت أنّكِ الأمل الوحيد لسالم لم أبالغ .. سالم الذي عرفتِه قديمًا لا زال موجودًا يتشبث بأمل وحيد ليعود .. أنتِ يا رواء"
ارتجف قلبها رغمًا عنها
"من دونكِ سينتهي .. سيضيع ابني وستغلبه القسوة التي ورثه عن جده .. ابني تغير في الخارج يا رواء .. لا أعرف ما الحياة التي قاساها في الخارج لكنّها غيرته .. أصبح شخصًا آخرًا .. لم أعرفه عندما عاد .. لكن حين وجدكِ شعرت أنّه بدأ يعود .. بدأت أستعيد ابني"
تهدج صوتها فصمتت لتتمالكه ثم واصلت
"إن خسركِ سيخسر الجزء الطيب منه يا ابنتي .. سيعود لضياعه وسيصبح نسخة من جده"
اختنقت وهي تستمع إليها مستعيدة المرات التي شعرت فيها بقسوته ورأت فيه صورة جده .. كلام والدته لا يبدو مستبعدًا إطلاقًا.
"وهذا ما يراهن عليه عمي سالم"
التفتت لها بحيرة فأومأت
"هو يراهن على أنّ خسارة سالم لكِ ستمحو الجزء الضعيف من نفسه وسيتعلم القسوة .. هذا ما حاول فعله قديمًا حين فرقكما وكاد ينجح .. لولا أن سالم سافر غاضبًا ورفض العودة رغم كل التهديدات التي تعرض لها منه"
استمعت لها في صمت واختناق
"وهذا ما يحاول فعله الآن .. سالم تحداه لأجلكِ يا رواء"
رفعت عينيها باضطراب فرقت نظرات سمية
"تحداه أن يقف في طريقه أو يمنعه .. رفض الخطبة التي كان يريد فرضها عليه لأجلكِ أنتِ .. هدده أنّه سيرحل مرة أخرى ولن يعود .. أنا أخشى أن يفعل هذا وأخسره مرة أخرى .. هذه المرة يبدو مصممًا .. لو خسركِ .. ربما تحول بالفعل إلى نسخة من عمي .. أو ربما أسوأ منه"
تنفست بصعوبة
"لا أعرف .. لا شأن لي بـ"
"بل كله شأنكِ يا رواء .. أعرف أنّها أنانية مني أن أضغط عليكِ وأطلب منكِ أن تدوسي على جروحكِ وتساعديني لأنقذ ابني وعائلتي كلها لكن .. هذا لأجلكِ أيضًا يا ابنتي"
ابتسمت بسخرية مريرة
"كيف من أجلي؟"
"ربما لا أستطيع منحكِ الإجابة حاليًا لكنّكِ ستعرفينها بنفسكِ .. عامةً .. أنتِ ربما لا تملكي الخيار في هذا الآمر"
التفتت لها مقطبة باستنكار فتابعت بأسف
"عمي لن يترك الفرصة الوحيدة ليحكم السيطرة على سالم تفلت من يده .. هو يعرف مثلي أنّكِ أمله ويراكِ نقطة ضعفه التي يجب التخلص منها نهائيًا، ويعرف ما يمكن أن يصيب سالم إن خسركِ .. بعد تهديد سالم، عمي عرف أنّ هذا الأسلوب لن ينفع معه لهذا ربما يغير خطته"
"ماذا يعني هذا؟"
سألتها بتوجس فأجابتها سمية
"أمي تعرف عمي أكثر من أي شخص، وهي توقعت ما سيفكر فيه وما سيسعى إليه .. إن وافقتِ على مساعدتي سنسبقه بخطوة وسنقطع عليه الطريق"
"لا زلت لا أفهم"
ضغطت على يدها
"عمي سيسعى لاستغلالكِ بطريقة أخرى يا رواء .. سيقربكِ من سالم معتمدًا على كراهيتكِ له .. سيراهن على كراهيتكِ هذه وسيفعل أي شيء ليضمن استمرارها حتى ينتزع آخر أمل من سالم في أن يحصل على غفرانكِ وحبكِ .. وعندما يفقدكِ ستتملك القسوة من قلبه وسيصبح النسخة التي يريد أن يحوله إليها"
بللت شفتيها بتوتر وهي تتذكر لقاءها الأخير به
"أمي توقعت أنّه عاجلًا أو آجلًا سيبعث في طلبكِ ويواجهكِ"
"لكنني أخبرته أن .."
قطعت كلماتها فجأة
"هل التقيتما بالفعل؟"
سألتها سمية بخشية فأومأت رواء مقطبة
"آه يا عمي آه .. إذن ما توقعته أمي كان صحيحًا .. أخبرتكِ يا رواء .. سواء قبلتِ عرضي أو رفضتِه عمي لن يترككِ وشأنكِ وسيستغلكِ ليحصل على سالم"
هزت رأسها نفيًا
"لا .. لم يكن هذا كلامه .. طلب مني الابتعاد وأنا أخبرته أنني لا أنوي العودة لسالم أبدًا و"
صمتت تفكر بقلق بينما قالت سمية
"لا يا رواء .. لم يرسل لكِ لهذا السبب .. كانت محاولة منه لجس نبضكِ قبل أن يبدأ خطته .. أخبريني ماذا حدث بالضبط وفيما تكلمتما؟"
فكرت لثوان قبل أن تخبرها بما حدث وران الصمت قبل أن تردد سمية
"هذا ما خشيناه .. اسمعي يا رواء .. فات الأوان .. عمي وضعكِ في رأسه .. كما أنني آسفة لأخبركِ أنّكِ بما فعلتِه وتحديكِ الأخير له قد زدتِ وضعكِ سوءًا"
"ماذا؟ .. هل كنت أتركه يـ .."
قاطعتها بأسف
"أنتِ لا تعرفينه كما نعرفه يا رواء .. هو يكره أن يتحداه أحد أو يرفع رأسه أمامه .. سيفعل أي شيء ليخفض رأس من يتحداه وكما قلت لكِ .. ذلك اللقاء كان لجس نبضكِ وللتأكد من مشاعركِ قبل أن يبدأ .. قريبًا وبأي طريقة سيعيدكِ إلى حياة سالم شئتِ أم أبيتِ"
انتفضت هاتفة
"ومن سيسمح له أصلًا؟"
"سيفعل يا رواء .. كما فعلها من قبل وأجبركِ على الابتعاد سيفعل العكس هذه المرة .. ستعرفين صدق كلامي قريبًا لهذا أنا هنا .. لنستغل الفرصة التي سيصنعها هو ونقلب خطته عليه .. إن وافقتِ على مساعدتي ومنحتِ سالم الفرصة وتمسكتما ببعضكما ضد محاولات عمي في النهاية خطته لن .."
قاطعتها بحدة
أنا آسفة يا سيدة سمية .. أنا لست موافقة على كلامكِ واعذريني حقًا .. انتهت علاقتي بابن حضرتكِ .. لا علاقة لي بحياتكم الخاصة ولا بسالم باشا ولا أريد أي احتكاك به .. لن أضع نفسي في .."
نهضت سمية مرددة بهدوء
"لم يعد الخيار لأيّ منا يا رواء .. عمي عندما يضع هدفًا في رأسه فإنّه ينفذه مهما كان الثمن"
واجهتها هاتفة بحنق
"وما دمتم تعرفونه جيدًا هكذا لماذا لم تفعلوا شيئًا لتوقفوه عند حده؟ .. لماذا تركتموه يتغول هكذا حتى أصبح وحشًا لا يقف في طريقه أحد"
أطرقت سمية بعينين حملتا حزنًا وأثقالًا بعمر سنين ثم تنهدت
"ليت الأمر بهذه السهولة يا رواء ... ربما هي لعنة وكُتبت على عائلة المنصوري جيلًا بعد جيل"
"وحضرتكِ تطلبين مني بكل بساطة أن أرمي نفسي وسط نار عائلتكِ وأصم نفسي بلعنتها وبعد كل ما فعله ابنكِ بي؟ .. بعد الأذى الذي ناله والدي وكل المصائب التي أصابتنا؟ .. تريدين مني أن أنقذكم بعد أن دمرني ابنكم .. لماذا؟ .. أخبريني بأي وجه تطلبون مني هذا؟"
أغمضت سمية بألم ثم قالت
"أعرف أنّها أنانية مني يا رواء .. لكن أخبرتكِ .. هذا لأجلكِ أيضًا .. شفاؤكِ أنتِ أيضًا في هذه الفرصة"
هتفت بحرقة
"شفائي عندما تتركونني في حالي .. عندما يتوقف سالم عن مطاردتي وتذكيري بكسره لي"
اندفعت جميلة إلى الداخل هاتفة
"رواء .. اخفضي صوتكِ .. كيف تتحدثين معها هكذا؟ هل جُننتِ؟"
التفتت لها سمية بتفهم
"اتركيها يا أم رواء .. لا أستطيع لومها .. إنّها محقة في كل كلمة"
وعادت تنظر لرواء بحنان
"عندما تهدأ وتفكر في كلامي ربما تفهمني وتتفهم طلبي الأناني .. كما قلت لكِ يا رواء .. ما عاد الخيار خياركِ .. هذه فرصتنا الوحيدة"
واقتربت منها تتأملها مليًا بحنان حزين قبل أن تضمها بين ذراعيها .. أجفلت رواء وحاولت الابتعاد لكنّها توقفت حين همست سمية في أذنها
"هذه فرصتكِ لتنتصري على عمي وتأخذي حقكِ منه .. ومن سالم أيضًا .. فرصتكِ لتعذبيه كما تريدين حتى تشفي جراحكِ منه .. لن تستطيعي إلا إن كنتِ أقرب إليه من الجميع"
أبعدتها لتنظر رواء لها بصدمة .. هل تريدها أن تنتقم من ابنها؟ .. تمنحها الفرصة لتعذبه؟ .. أجابت سؤالها الحائر بتربيتة حانية على خدها
"أنا أسمح لكِ بهذا لأنني أعرف أنكما بعدها ستجدان الشفاء في نهاية الطريق ولأنني واثقة في ابني وأعرف أنّه سيعيد قلبكِ وسيحتمل كل شيء ليصل إليكِ ويستعيدكِ"
وابتسمت لها بحنان
"فكري فيما قلته لكِ جيدًا يا ابنتي"
تحركت بعدها لتغادر لتقول جميلة
"هكذا بسرعة؟ .. أنتِ حتى لم تشربي قهوتكِ .. لا يصح هذا"
"مرة أخرى يا أم رواء"
والتفتت تلقي نظرة على رواء الجامدة مكانها وابتسمت لجميلة
"ربما في المرة القادمة نأتي لنشرب الشربات"
تهلل وجه جميلة وانبسط قلبها وبادلتها ابتسامتها بينما تتحركان نحو الباب .. ما كادت تفتحه وهي تواصل الكلام معها حتى وجدت زوجها على الباب يهم بفتحه .. توقف ناظرًا لضيفتهم بدهشة وأسرعت جميلة تقول بابتسامة واسعة
"السيدة سمية المنصوري يا حاج"
بهت وجهه لثوان قبل أن يتمالك مشاعره ويقول مُرحِبًا بهدوء
"أهلًا وسهلًا يا سيدة سمية"
"أهلًا بك يا حاج بدر"
أفسحت له جميلة الطريق لتتفاجأ بشهاب خلفه واختفت ابتسامتها فجأة بينما ردد بدر
"لم أتشرف بكِ بعد يا سيدة سمية .. لماذا العجلة؟"
"مرة أخرى يا حاج .. أنا مستعجلة وقد انتهيت من سبب زيارتي أصلًا"
قطب بتوجس ولمح فجأة ابنته تخرج من غرفة الصالون وتسرع لغرفتها بملامح متغيرة .. أسرعت جميلة تقطع الطريق عليه مختلسة النظر لشهاب المقطب بتوجس
"ادخل يا حاج لترتاح من الطريق ثواني ويكون الغداء جاهزًا .. تفضل يا شهاب يا ابني ... أنرتِنا يا حبيبي"
تحركت سمية بابتسامة وقبل أن يحاول بدر منعها ضغطت جميلة مرفقه خُفية ثم رافقتها للخارج
"آنستِنا وشرفتِنا يا حبيبتي"
"الشرف لي يا أم رواء .. لنا زيارة أخرى إن أذن الله"
"إن شاء الله يا حبيبتي"
تابعتها وهي تنزل السلالم حتى اختفت عن ناظريها وعادت ليقابلها وجه زوجها المقطب
"ماذا كانت تريد؟"
اختلست النظر إلى حيث اختفى شهاب في غرفة الصالون وهمست بارتباك
"ليس الآن يا حاج .. لا تترك ابن أخيك بمفرده وأنا ثواني وأضع لكما الغداء"
قالتها واندفعت بتوتر إلى المطبخ تتبعها عيناه بقلق، يفكر في رواء وحالتها المقلقة وقلبه تساءل بخوف عن سبب تلك الزيارة المفاجئة وماذا قالت لها لتتغير هكذا؟
********************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 27-12-20, 10:13 PM   #307

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تقلبت تارا في فراشها وأنين مكتوم يخرج من شفتيها بينما تحاول الخروج من الكابوس الذي يقيدها لتتحرر أخيرًا بعد عذاب .. انتفضت جالسة في الفراش ويدها تمسك بقلبها المنتفض .. شعرت بحرارة على خديها فرفعت يدها تمسح الدموع التي تدفقت .. لم تكتف من بكائها أمس؟ .. لا زالت تملك فيضًا من الدموع .. هل ستظل تبكي طيلة حياتها؟ .. عادت تتذكر كلمات صديقتها بينما صور كابوسها ممتزجة بذكرى ما حدث خارج المطعم تدور حولها بطنين مؤلم .. غطت أذنيها بكفيها هامسة
"يكفي .. يكفي"
امتزج الكابوس بالواقع فما عادت تدري أيهما كان الحقيقة .. أغمضت تتذكر باختناق تلك اللحظات التي ضاعت فيها مع إيهاب .. لحظات لم تعرف من كانت تخون .. نفسها أم إيهاب الذي فكرت في حُرمته عليها لحظتها لكنّها لم تستطع الابتعاد عنه، أم في أسامة الذي تحمل اسمه ولو غصبًا؟
تتذكر ضياعها في عينيّ إيهاب .. يديها المتشبثتين به ونبضات قلبه العنيفة أسفل كفها .. الدفء الذي شعرته والضعف الذي انتابها وكاد يدفعها لتدفن نفسها في صدره .. نظراته وهمسته المرتجفة باسمها .. كان ضائعًا مثلها ونسيا مكانهما وواقعهما وحقيقتهما المرة .. رنين الهاتف المزعج حطم الفقاعة الهشة لينتفضا مبتعدين .. نظرت حولها بجزع .. لم يبد أنّ أحدًا انتبه لما حدث بينما ابتعد هو لاهثًا مصدومًا ليتمالك نفسه بصعوبة وهو يخرج الهاتف
"نعم .. نعم يا كارمن"
غزا الجليد قلبها في ثوان وزاد شعورها بالغثيان من نفسها ومن الغيرة التي انتابتها .. سمعت نبرته الجزعة وهو يهتف
"تمام .. لا تخافي .. تمام أنا قادم"
لحظتها كانت تتوسل الأرض أن تنشق وتبتلعها أو تموت في مكانها .. التفتت بحثًا عن النجدة لتجد أشرف يغادر مع فتاته .. اقترب بابتسامته المستفزة ليقول
"ما الأمر يا تارا؟ .. تعطلت سيارتكما أم ماذا؟"
"لا شيء .. أنا أنتظر الـ .."
قطعت جملتها قبل أن تفضح نفسها
"يبدو أنّ إيهاب مشغول .. لماذا لا أوصلكِ إلى البيت و"
"شكرًا يا أشرف"
تدخل إيهاب هاتفًا بنبرة قاسية
"هيا يا تارا"
"لا .. اذهب أنت حتى لا تتأخر .."
لمح نظرات أشرف الفضولية بينهما فرمقه بحدة ثم هتف فيها
"هيا يا تارا .. سأوصلكِ أولًا"
"ماذا يا إيهاب .. كنت أعرض المساعدة فقط"
كز على أسنانه بغضب وقبل أن يندفع ليلكمه تمالك نفسه وتحرك ليقبض على معصمها .. اتسعت عيناها وحاولت شد يدها لكنّه جذبها خلفه
"إيهاب .. دعني .. إيهاب ماذا تفعل هل جُنت؟"
همست من بين أسنانها بينما لمحت سيارة العائلة تقترب
"لقد وصل السائق يا إيهاب .. سأذهب معه"
"اركبي يا تارا ودعي هذه الليلة تمر"
هتف فيها بينما يفتح باب السيارة لها فانتزعت كفها منه هاتفة
"يكفي فضائح .. أنا لن أذهب معك لأي مكان .. هيا اذهب لفتاتك"
حدق فيها مرتبكًا
"إن كارمن .."
"لا أهتم لأمركما"
هتفت بقهر واندفعت تتركه دون أن تعبأ لنظرات الآخرين ولا لأشرف الذي تابع ما يحدث بتركيز وفضول .. أشارت للسائق فتوقف وأسرعت تركب في السيارة .. لمحت إيهاب ينظر نحوها بتخبط ويده تعبث في شعره قبل أن يشده بقسوة ويضرب إطار سيارته بغضب .. أشاحت بوجهها وتابعت الطريق في صمت وحين وصلت للسراي .. اندفعت إلى غرفتها جريًا وهي تدعو ألا يكون أسامة هناك .. لم تعرف كيف ستواجهه .. كانت تشعر أنّ كلمة خائنة مكتوبة على جبينها بالبنط العريض .. شهقت باختناق وهي تستند للباب ولمحت باب غرفة أسامة مفتوحًا فعلمت أنّه لا زال بالخارج .. ربما يراقب حبيبته أو يحاول الوصول إليها .. من يدري ربما تزوجها في السر وهي هنا تختنق بهواجسها وخوفها من السقوط في الخيانة .. هي وحدها تحارب في معركة خاسرة.
لم تعرف كيف بدلت ثيابها وصّلت، وكيف ذهبت لفراشها وهي ترتجف .. الغطاء لم يفعل شيئًا ليخفف من بردها ورجفتها وحين أغمضت عينيها عاد المشهد ليتكرر .. ارتجف جسدها أكثر وهي تستعيده بتفاصيله بكل ما شعرت به .. أغمضت عينيها بشدة تحاول طرده من عقلها .. سمعت الباب ينفتح بعد وقت وخطوات أسامة تقترب .. توقف في منتصف الغرفة ولم تعرف هل كان ينظر نحوها أم توقف لأي سبب .. هل لمح رجفتها؟ .. هل يشعر بما تفكر فيه؟ .. هل يدرك في وقفته هذه أن آخرًا اقترب منها كقرب أنفاسها؟ .. أنّها ولو لحظة رغبت أن .. أوقفت أفكارها بصعوبة وسمعت تنهيدته الحارة وعاد يتابع طريقه إلى غرفته وانغلق الباب.
حل الصمت والظلام والبرد .. عادت شياطين نفسها لتوسوس لها وعادت ترتجف .. تضم جسدها بأنين متعب .. سالت دموعها وهي تحارب ضعفها ومشاعرها.
الحرب ستستنزفكِ لا محالة يا تارا.
فكرت داخلها برعب بينما يتثاقل جفناها وحين غمرها الظلام رأت نفسها تندفع إلى حيث وقف إيهاب فاتحًا لها ذراعيه .. ارتمت بينهما واستسلمت لمشاعرها ولدفء أحضانه .. ذلك الدفء الذي كانت تتلهف نفسها إليه .. يتسرب إليها طاردًا البرد الذي حاصرها لسنين .. ذابت واستسلمت وفي أحلامها لم يكن هناك أسامة ولا كلمة خيانة.
استيقظت فزعة في وسط الليل مرتعبة من نفسها وبقيت في الفراش تحتضن جسدها بهلع .. ليست خائنة ولن تخون .. لن تستسلم لضعفها ورغبتها .. لن يحدث .. نفضت الغطاء عنها واندفعت بحثًا عن الحماية عند أول شخص يجب أن تلجأ إليه .. اندفعت وخيال إيهاب يلاحقها وشيطانها يوسوس لها تارا أنّه مع كارمن وتارا أنّه هناك في غرفته تحت نفس السقف .. على مد بصرها ويدها.
توقفت أمام باب أسامة وهي ترتجف ورفعت كفها لتطرق الباب تستغيث به من نفسها ومن شيطانها لكنّ يدها تجمدت .. انسكب ماءٌ مثلج فوقها وكلماته التي أخبرها بها مرارًا تصفعها بعنف
"لن تكوني زوجتي أبدًا يا تارا .. أنا لا أعترف بهذا الزواج .. لستِ زوجتي لآخر يوم في عمري"
تراجعت بشحوب وسقطت يدها جانبًا .. عادت بخواء لتسقط على حافة الفراش وسالت دموعها بصمت
"لستِ زوجته يا تارا .. لا تلجأي إليه .. لا تحلين له هو أيضًا ولو كنتِ تحملين اسمه"
همست لنفسها بنبرة ميتة
"دعيه غارقٌ مع أشباحه .. دعيه لحبيبته الغامضة … لستِ في حاجة إليه .. لستِ في حاجة لأحد"
عادت كآلة باردة ترقد في الفراش .. تدثرت بالغطاء جيدًا لكنّها تكيفت سريعًا مع البرد الذي عاد يغزوها .. كان صديقها لسنوات .. تعودت عليه ويبدو أنّهما سيرافقان بعضهما لوقتٍ طويل.

سرعان ما غرقت في النوم وقضت ليلتها بين كوابيس متلاحقة كلها نفس النهاية .. هي وإيهاب والخيانة .. ثم الفضيحة والموت.
تستيقظ من كابوس لتمضي دقائق أو ساعات ثم يتسلمها منه آخر .. كابوسها الأخير كان الأبشع .. رفعت رأسها تنظر للسماء وهمست
"يا رب .. ساعدني .. ما عاد لي أحدٌ غيرك"
حركت شفتاها وعجز لسانها عن تكملة دعائها كما لم تستطع أمس في صلاتها .. لم تستطع أن تطلب منه انتزاعه من قلبها .. طلبت العون فقط لينتهي عذابها.

انتبهت من أفكارها على انفتاح الباب ورفعت وجهها مجفلة .. رأت أسامة يدخل بوجه حفظت ملامح التعب والهموم عليه .. نظر لها بقلق حين رأى دموعها .. أسرعت تمسحها بقوة وعدلت من روب نومها .. اقترب قائلًا بقلق
"ما الأمر يا تارا؟ .. لماذا كنتِ تبكين؟"
"لا شيء"
همست بتحشرج لكنّه تحرك ليقف أمامها وتأملها بتوجس
"هل .. هل تحدث إليكِ جدي في أي شيء؟"
"لا .. فيما سيحدثني .. أنا أصلًا استيقظت لتوي"
زادت تقطيبته وهو يرى حالتها البائسة
"أنتِ مريضة؟"
كادت تضحك بهستيرية من نبرته المهتمة .. لكنّها تعلم أنّه وإن كان لا يراها زوجة فقد عاد ليهتم بها كصديقة كما كان قديمًا
"أنا بخير يا أسامة .. كنت متعبة قليلًا ورأيت كابوسًا .. هذا كل شيء"
ظل على صمته لثوان ثم أومأ
"عامةً أنا موجود لو أردتِ أن تخبريني بأي شيء"
ابتسمت بمرارة فعاد يتوقف مترددًا .. تراجعت مجفلة حين تقدم منها ونظرت له بتوجس لتتفاجأ بجلوسه على إحدى ركبتيه أمامها
"أ .. أسامة .. ماذا تـ .."
توقفت باضطراب بينما نظر لها بألم حزين وشيء من الاعتذار
"آسف يا تارا"
اتسعت عيناها وقد فاجأها اعتذاره
"علام تعتذر؟"
عض شفته وهمس
"أعرف أنني عذبتكِ معي ولا زلت أعذبكِ .. أخطأت في حقكِ كثيرًا"
"أسامة .. توقف أرجوك .. أنت تعرف أنني أنا الأخرى أخطأت .. وأسوأ منك .. ربما أنت أخطأت مرغمًا وكنت مجبرًا على خياراتك لكن أنا"
صمتت عاجزة عن الشرح .. ماذا ستخبره؟ .. لا شيء يبرر حماقتها
"هذا لا يغير شيئًا يا تارا .. كل شيء حدث بسبب عجزي وغبائي .. لو فقط"
سكت متنهدًا بقوة وهز رأسه
"فات أوان التمني"
ورفع عينيه لها ليزداد قلقها عندما رأت تردده
"ما الأمر يا أسامة؟ .. أشعر أنّها هناك ما تخفيه .. ماذا يحدث؟"
"أنا .. أنا سأسافر بعد أيام قليلة"
ارتفع حاجباها بدهشة بينما يردف باختناق
"كلفني جدي بتولي إدارة الفرع في الخارج .. هناك مشاكل معقدة تحتاج وجودي هناك"
"ولماذا لا يذهب إيهاب بدل .."
عضت شفتها مع اندفاعها الهجومي .. لماذا تفضح نفسها؟ .. ما صدقت أن رأت فرصة لتبعده وتنقذ نفسها حتى لو على حساب ابتعاده عن أهله .. أطرقت متنهدة بينما رمقها بتساؤل طرده سريعًا ليقول
"لقد عرض هذا بالفعل"
انقبض قلبها لكلماته .. إذن فقد أراد الرحيل وهذه المرة حجته موجودة .. مسافرٌ للعمل.
"لكن جدي رفض كما .. أنا أيضًا أردت السفر ورأي جدي وافق رغبتي"
رمقته بدهشة وتوجس
"كنت أنتظر أقرب فرصة لأختلي بنفسي قليلًا"
"لماذا؟"
همست بتوتر فقال
"أحتاج لأفكر في كل ما يحدث معي .. معنا يا تارا .. أعيد حساباتي من البداية وأبحث عن حل لهذا العذاب الذي نعيشه"
"ألا تستطيع فعل هذا هنا؟ .. لي لي ستحزن"
"سأتحدث معها لا تقلقي .. ستفهم ضرورة سفري وستفتقدني قليلًا لكن"
أطرق صامتًا لثوان ثم غمغم باختناق
"ربما يساعدها هذا على أن تتأقلم"
"تتأقلم على أي شيء؟"
سألته بقلبٍ منقبض وهي تفكر بجزع عما ينتويه وعقلها رسم أفكارًا مجنونة ربما يلجأ إليها في ياسه الواضح هذا
"لا تشغلي بالكِ بهذا الآن .. المهم أنني أردت إخباركِ لتستعدي ولأعتذر منكِ أيضًا قبل سفري"
"لا داعي لاعتذارك قلت لك يا أسامة"
هز رأسه نفيًا وفاجأها مرة أخرى حين مد يده ليمسك كفها .. ارتجفت بصدمة وحاولت سحبها لكنّه تمسك بها وقال بخفوت
"أعدكِ عندما أعود سأكون قد وجدت حلًا لنا .. لن أترككِ تدفعين ثمن أخطائي أكثر"
"يا أسامة قلت لك"
قاطعها برجاء
"اسمعيني يا تارا .. يجب أن أخبركِ بكل ما أريد قبل سفري .. أريد أن أريح ضميري المثقل ولو قليلًا"
صمتت مرغمة واستمعت له
"سأرتب أفكاري هناك وسأجد حلًا إن شاء الله وعندما أعود سنتحدث في كل شيء وكل ما تريدينه سأفعله .. أنتِ لا ذنب لكِ ولا ذنب لابنتي .. فقط تحملي هذه الفترة القصيرة حتى عودتي، تمام؟"
"تمام يا أسامة"
همست باستسلام فابتسم ضاغطًا على كفها
"شكرًا لكِ يا تارا"
ولمعت دموع مكبوتة في عينيه وابتسامته الحزينة
"وآسف على كل شيء .. سامحيني لو أمكن قبل ذهابي"
اختلج قلبها وشعرت باختناق مقلق وهي تنظر لعينيه .. لماذا يتصرف كأنّه يودعها ولن يعود؟ .. هزت رأسها تطرد الفكرة الغبية وتحشرجت أنفاسها
"قلت لك لا يوجد ما أسامحك عليه .. نحن الاثنان أخطأنا يا أسامة .. سامحني أنت أيضًا"
"سامحتكِ يا تارا .. ربما نقمت عليكِ ما فعلتِه لكن لأجل لي لي غفرت وصدقتكِ"
ارتجفت ابتسامتها بحزن بينما ربت على كفها وتأملها لثوان ثم همس
"تارا .. هناك شيء آخر أريدكِ أن تعرفيه قبل سفري"
صمت بتردد ثم عاد
"لا أعرف حقيقةً كيف .."
انقطعت كلماته وانتفض الاثنان فجأة عندما دوت الصرخات المرتعبة في الأسفل وحدقا في بعضهما قبل أن ينهضا ويندفعا إلى الخارج بقلوب منتفضة هلعًا.
**********************
يُتبع في الجزء الثاني قريبًا جدًا
قراءة ممتعة

Gogo 2002 likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 28-12-20, 08:40 AM   #308

سحر عطية

? العضوٌ??? » 480908
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 239
?  نُقآطِيْ » سحر عطية is on a distinguished road
افتراضي

البارت رااااااااائع بس ليه القفلة دى شوقتينا ليها ياريت البارت التانى يكون قريب فى الانتظار

سحر عطية غير متواجد حالياً  
قديم 28-12-20, 02:01 PM   #309

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,578
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا".صمتا أبلغ من الكلام".يبدو أن الجدة الصامتة تقرأ زوجها جيدا وتعي أن ما يبطنه غير ما يظهره فالرجل بالفعل ثعلب يتحرك بكل تؤدة لينزع من سالم آخر بقايا إنسانيته بأن يصفعه بكراهية رواء ويضيع أى امل له وذلك بتقريبها منه وليس أبعادها عنه كما اوهمها ولكن الفيصل هنا في موقف رواء وهل ستقلب خطة المنصورى عليه انتقاما منه ومن سالم معا كما اوعزت لها سمية؟ليتها تستجيب حتي نشهد معك مباراة خصميها كلا منهما ندا للاخر ولكن من يتحكم في قواعد اللعبة ؟ومن ستكون له الغلبة ؟أم أنها لا غالب ولا مغلوب ما دام الجد طرفا فيها.
الحوار بين اسامة وتارا يشير الي أنه قد وضع خطة ما لينهي هذه الحرب الباردة وليجد لتارا سبيلا للنجاة دون التلويح بحرمانها من ابنتها وربما يجد لنفسه ايضا خلاصا فالوضع الحالي لهما مجحف بكل المعايير ولا يجب الاستمرار فيه
أما عن القفلة فمثيرة لا أستطيع أن اخمن ما وراء هذه الصرخات. هل الأمر يخص فلك أم غيرها؟ فقلعةالمنصورى بها الكثير من البؤساء أكثر من بؤساء فيكتور هوجو.
إلي لقاء دمتي بكل الخير.


shezo غير متواجد حالياً  
قديم 28-12-20, 10:56 PM   #310

عشقي بيتي

نجم روايتي وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 427263
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,408
?  نُقآطِيْ » عشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond repute
افتراضي

ابدعتي ياقمر والله
اخيراهناك اكشن في الروايه عوضاعن الذكريات
لانهاموجعه نريد نتائج مرضيه
سلمت يداكي غاليتي لاتحتاجي لاي تعليق لانك مبدعه
بكل ماللكلمه من معنى


عشقي بيتي غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:10 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.