آخر 10 مشاركات
عذراء في ليلة زفافها (22) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          عذراء اليونانى(142) للكاتبة:Lynne Graham(الجزء2سلسلة عذراوات عيد الميلاد)كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الخلاص - سارة كريفن - ع.ق ( دار الكنوز ) (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          عذراء الإيطالى(141)للكاتبة:Lynne Graham(الجزء1سلسلة عذراوات عيد الميلاد) كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          اخطأت واحببتك *مميزة*& مكتمله* (الكاتـب : Laila Mustafa - )           »          ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree678Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-01-21, 10:58 PM   #2411

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 226 ( الأعضاء 70 والزوار 156)

‏موضى و راكان, ‏ali.saad, ‏شوشو عبدالهادى, ‏الاوهام, ‏نادية الليل, ‏سحر القراءة, ‏غير عن كل البشر, ‏فاطمة الزهراء مروان, ‏Aysa, ‏الق الزمرد, ‏هدى نور الدين, ‏lilwom, ‏ملك اسامة, ‏الجووهره, ‏همس الضلال, ‏nada alamal, ‏هدوء الصمت222, ‏منبع حياة, ‏Kemojad, ‏ام فارس طويل, ‏amana 98, ‏ملك علي, ‏Shadwa.Dy, ‏كنوز كنوز, ‏فراولة البيت, ‏hapyhanan, ‏Samah Abu ghazala, ‏mansou, ‏آمـــال, ‏NoOoShy, ‏houdadenguir, ‏Alaa_lole, ‏وفيقة2003, ‏salfora, ‏Just give me a reason, ‏Meroi, ‏فله بنت احمد, ‏Obayda, ‏الاف مكة, ‏أمل تألق وارتقى, ‏Kokinouna, ‏ابنة العرب, ‏هدى الحسني, ‏ريمونده, ‏zahra Mino, ‏samam1, ‏سهير مراد, ‏تعويذة مباركة, ‏ام على تيتو, ‏zezo1423, ‏بلانش, ‏maha_1966, ‏maseelaseel, ‏خالد صلاح, ‏emerald diamond, ‏نورهان جمال محمد, ‏الآمال, ‏سحاب الحربي, ‏Esha, ‏khalloussa, ‏لامار جودت, ‏Marwa11, ‏صباح مشرق, ‏هانا مهدى, ‏ازهار المغرب, ‏ملوكه*, ‏سلمى ستار, ‏مريم@, ‏Susan zidan


على موعدنا بعد ساعة يا جميلة


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-21, 11:00 PM   #2412

سحر القراءة

? العضوٌ??? » 483981
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 3
?  نُقآطِيْ » سحر القراءة is on a distinguished road
افتراضي

مبدعه أحسنت وفي الإنتظار

سحر القراءة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-21, 11:01 PM   #2413

أميرة الساموراي
 
الصورة الرمزية أميرة الساموراي

? العضوٌ??? » 398007
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 763
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » أميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc4
¬» اشجع shabab
?? ??? ~
كن على على ثقة أن الله بسط لك الرزق في أي مكان ذهبت وستذهب اليه
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة


توصلى بالسلامة و يا ريت تروحى تزورى ملك

:heeheeh:
ايه والله يا ريت هههههه


أميرة الساموراي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-21, 11:30 PM   #2414

فاايا

? العضوٌ??? » 475141
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 44
?  نُقآطِيْ » فاايا is on a distinguished road
افتراضي

😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍 😍😍😍😍😍

فاايا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-21, 11:53 PM   #2415

عمرااهل

? العضوٌ??? » 427834
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 298
?  نُقآطِيْ » عمرااهل is on a distinguished road
افتراضي السلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رقية حسين likes this.

عمرااهل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-21, 11:57 PM   #2416

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي



البارت الواحد و العشرون بعد المائة
اشاعات و حقائق 🔥






" أنا قادمة "

رفعت عدراء صوتها و هي تغادر المطبخ , لتطلب التريث من الشخص الذي يدق الباب , حيث كانت منهمكة في تحضير العشاء ,

و قد قطع صوت الطرقات انغماسها , في عمل الثريدة التي يحبها عز الدين .


دنت المرأة بخطوات متسارعة ناحية الباب , و هي تحاول تجفيف يديها في فوطة نظيفة , قبل أن تمد يدها و تزيل القفل و تفتحه ,



لثوان معدودة تجمدت يدها على مقبض الباب , اتسعت عيناها عن آخرها , و فغرت فمها من هول الصدمة , فيما تزايدت ضربات قلبها بطريقة مخيفة ,

كيف لا و ابنتها التي لم ترها لعدة شهور , تقف في المدخل و تحدق ناحيتها , بعيون باكية و ملامح مشتاقة .



سرعان ما تخطت عدراء ذهولها , لترتمي على جسد ابنتها النحيل , و تختطفها لتضمها الى صدرها , و قد بدأت عيناها بذرف دموع غزيرة و حارة

" حبيبتي , اشتقت لك حد الموت ,
يا يما كم حلمت برؤيتك في كل ليلة ,
حنونتي توحشتك بزاف , قلبي تفتت في غيابك يا حبيبة "



ضمتها عدراء الى صدرها بقوة , و قد انفلتت فجأة مشاعرها الأمومية المكبوتة , التي تحاول السيطرة عليها منذ رحيل ملك ,

كانت تبكي تشهق و تقبلها , في كل مكان من وجهها في نفس الوقت ,
دون أن تتوقف عن التعبير عن اشتياقها لها , و عذابها في بعدها عنهم ,

استسلمت ملك لأحضان والدتها و حنانها , و قد اختفت كلماتها من على لسانها فجأة , و لم تعد تقدر على قول حرف واحد ,

و اكتفت بالانخراط هي الأخرى , في وصلة نحيب أليمة متعلقة بجبة والدتها ,
و كأنها ترغب في الاختباء داخل صدرها , علها تنسى بعضا من عذابها و معاناتها .



بعد مرور نصف ساعة , و الأم و ابنتها تقفان بالباب , تحاولان اطفاء شوقهما لبعضهما ,

انسحبت عدراء الى الوراء خطوة واحدة , و أمسكت وجه ابنتها بين يديها الدافئتين ,
ثم بدأت تراقب ملامحها المحببة بكل تمعن و دقة , و كأنها تبحث عن أي تفصيل اختفى منها



" يا الهي حبيبتي أنت هنا فعلا ,
لا أصدق أنك الآن أمامي بعد كل هذا الغياب , لكم عانيت و تمنيت رؤيتك و لو للمحة "


كانت عدراء تمسح على وجنتها , و كأنها تتأكد مما تراه عينيها , خشية أن يكون سرابا أو هلوسة , فهي لم تكن تصدق نظرها ,
و قد برمجت روحها على امكانية , اختفاء ملك تماما من حياتها هي و زوجها .



" أنا هنا ماما لقد عدت , و قد اشتقت لكما كثيرا جدا "

قالت بصوت مكبوت من التأثر , و ارتمت عليها مجددا تقبلها علي يديها و وجهها , و تأخذ أنفاسا عميقة من رائحتها التي حرمت منها ,
كما كانت تفعل دوما منذ كانت طفلة , فلطالما كانت علاقتهما حميمة جدا و مقربة .



استمر الأمر لساعة كاملة , لم تدر ملك كيف جرتها والدتها , وصولا الى داخل الصالون , لتجلسها على الأريكة و تقابلها , مستمرة في تفحص وجهها , و كأنها تبحث عن أمر ما ,

كانت تمسك يدها و تمسد على كفها , ثم تمد أصابعها لتعديل خصلات شعرها التي اشتاقت تمشيطها , كما اشتاقت لكل ما كانتا تفعلانه سويا .




" كيف حالك حبيبتي ؟
كيف كنت تبلين طوال هذا الوقت ؟ "

بعد تردد لدقائق محاولة الاستمتاع , بوجود فلذة كبدها دون تشويش , بدأت عدراء تسأل عن تفاصيل عامة ,

و لم تكن تجرؤ على السؤال مباشرة , عن حياة ملك الماضية و زواجها , و كأنها تخشى سماع أخبار ذلك الرجل ,


فقد انتبهت الآن فقط , بعد استيقاظها من نشوة اللقاء , الى الوضع المريب لحياة ابنتها ,
بعدما جرفها طوفان المشاعر و الاشتياق , و أنساها عذاب شهور طويلة ,

و رغم أنها كانت تتحرق لمعرفة ما يحصل , الا أن الغصة في قلبها لم تبرحه أبدا ,
و اكتفت ملك برسم ابتسامة باهتة و هزت رأسها

" بخير ماما , صرت بخير بعدما رأيتك و دخلت بيتنا "

أجابت بصوت متحشرج و مهزوز , و كأنها تخشى قول ما تشعر به حقيقة , فتثير قلق و ألم والدتها
كيف لا و هي لحد الساعة , لا تعرف ما عليها قوله , أو من أين عليها أن تبدأ , حتى تشرح ما حصل معها .



أخذت عدراء نفسا عميقا , و سألت مجددا و هي تشير الى الخارج

" و ذلك الرجل أهو معك ؟ "


ارتجف قلب ملك لذكر علي هنا , و قد توقعت أن يتأجل الحديث عنه الى وقت لاحق ,
لكن القدر و كأنه يعاندها و يزيد في عذابها ,

و قد بدأت عيناها المحتقنتين في البكاء مجددا , و هي تشيح بوجهها عن أنظار والدتها ,
حتى تتفادى ملاحظتها للألم في عينيها , ما بث القلق و التوتر في قلب عدراء ,


و قبل أن تحزم ملك أمرها , و ترتب كلماتها لتقول ما تريده , سمعت صوتا محبوبا آخر , ينادي اسمها بكل عاطفية

" ملك ؟ "


كان والدها يقف بالباب بملامح مصدومة , و كأنه لا يصدق عينيه هو الآخر , حتى أنه أفلت حقيبة يده , التي وقعت على الأرض دون ادراك منه .


دون أي تردد قامت ملك من مكانها , و ركضت لتندس في أحضان والدها , و قد دخلت بالفعل وصلة نحيب جديدة ,
و هي لا تصدق أنها تستمتع مجددا , بهذا الدفء الذي اعتقدت أنها حرمت منه الى الأبد ,


و لم يجد عز الدين الا أن يمد كفه , و يمررها على شعرها كما كان يفعل دائما , باثا مزيدا من الطمأنينة في قلبها .




" كيف حالك ملك ؟ "

سألها أخيرا بصوت مرتجف , و قد كانت نبرته أقل حنانا مما تتذكرها .



انسحبت ملك مجبرة من صدر والدها , و كفكفت دموعها المتلاحقة بيدها , قبل أن تجيبه بصوت هامس

" الحمد لله بابا , كيف حالك أنت ؟ "


أخذ الرجل نفسا عميقا , و كأنه يمنع نفسه من قول أمر سيء , قبل أن يجيبها بنبرة باردة

" بخير الحمد لله ,
نستمر بالعيش بسعادة رغم كل ما حصل "



بسماع جوابه عرفت ملك , أن المواجهة على وشك أن تبدأ , و أن كل آمالها لتأجيل الحديث , في الموضوع الى وقت لاحق , حتى تستعيد توازنها النفسي محض أحلام ,

دون حتى أن تدرك , ما الذي تريد التفكير فيه , قبل البوح لوالديها ما حصل معها بالفعل ,
أو ما الذي تنتظر حدوثه قد يغير مسار , ما سيحصل بخصوص علاقتها بوالديها ,


و ما كان منها الا أن طأطأت رأسها , و عضت على شفتها لا تعرف ما تقوله ,
و تستهل به حوارها المؤجل مع من أنجباها , و كذبت عليهما لشهور طويلة ,


بقدر استياء ملك من تصرف علي , الذي خيب حسن ظنها فيه , و خان مشاعرها ناحيته بأسوء طريقة ,
و قد تخلى عنها بكل بساطة , كشيء مهمل لا يحتاج وجوده في حياته ,


بقدر ما تجد نفسها غير قادرة , على قول حرف مما حصل معها هنا ,
و هي تدرك أن ذنبها , في اخفاء الحقيقة عليهما , لا يقل سوءا عما ارتكبه علي في حقها .



كانت ملك تقف لا تقول شيئا , و لا يسمع الا صوت أنفاسها المتهدجة ,
و هي تشبك يديها أمامها مانعة ارتجافهما , و قد سرى تيار بارد على كل جسدها .



حدقت عدراء بعيون قلقة ناحية زوجها , و قد أخافها الصمت الذي خيم فجأة على الأجواء ,
بعدما كانت حرارة الدموع و دفء اللقاء يلف المكان ,



تنهد عز الدين من أعماق قلبه , قبل أن يبادرها بنبرة ثابتة , و قد بدأ استجوابه للتو

" اذا أين ذلك الرجل ؟ "

سأل عن علي بصفة نكرة , فبالنسبة له هو لا يعترف بعلاقته بملك , كزوج لها أو كصهر له , و لن يعترف بها حتى مماته .




ارتجفت أوصال ملك , و سرت قشعريرة على طول ظهرها ,
قبل أن تجيبه بصوت مرتجف , دون أن ترفع عينيها عن الأرض

" لم يأتي "

كانت الاجابة الوحيدة المتأكدة من صحتها , فهو تركها في المطار و غادر , دون حتى أن يكلف نفسه عناء الاطمئنان عليها , أو معرفة ما آلت اليه حياتها البائسة .



تبادل الزوجان النظرات المتوجسة مجددا , و قد كانت عدراء متوترة , فيما كان عز الدين يشعر بالغضب يتصاعد داخل صدره

" أكيد رجل جبان مثله , لن يقدر على مواجهتنا بعدما فعله "

علق في انتقاد لاذع لتصرف علي و شخصيته ,
آلم قلب ملك و جرح روحها أكثر مما توقعت , رغم أنها تعرف أنه محق في سخطه عليهما .




" حبيبتي هل سيأتي زوجك لاحقا للزيارة ؟ "

حاولت عدراء تلطيف الجو المكهرب , لينهرها عز الدين بأن رمقها بنظرة حارقة , طالبا منها عدم الاستفسار ,
عن قدوم ذلك الرجل للزيارة من عدمها , و تحذيرها منذ الآن من أن تقف في صفه .




تمالكت ملك نفسها , و قد شعرت أن أنفاسها انخنقت فجأة , قبل أن تهمس مجددا

" لا ماما لن يأتي أبدا "


شهقت عدراء بصوت مسموع , و وضعت يدها على صدرها , متغبنة على وضع ابنتها و سارعت للتخمين

" هل انفصلتما ؟ "



فتحت ملك فمها للاجابة بنعم , لكن والدها قاطعها بنبرة ثائرة و ساخرة

" طبعا لا , ألم تري الصور و الفيديو من وداعهما في المطار ,
مع كل تلك القبلات و الأحضان ؟

واضح أنهما على وفاق بينهما , لكن دون وجودنا في حياتهما "



شعرت ملك بالتشوش من سماع ما قاله والدها , و رفعت وجهها ناحيته لتحدق اليه , بعينين مندهشتين و جبين مقطب

" فيديو المطار ؟ "

همست بين شفتيها بحيرة كبيرة , و هي لا تفهم عما يتحدث , ليضيف عز الدين ردا عليها

" أجل الفيديو الذي اكتسح الانترنت البارحة ,
أو أنك تعتقديننا سنصدق أنكما انفصلتما , و أن وجودك هنا من دونه أمر مقبول "



عز الدين كان قد شاهد الفيديو , الذي رآه الكثيرون على الانترنت , مع فرق أنه يعرف الوجوه التي داخل التسجيل ,

و رغم أن المقطع اختصر على قبلة الجبين , و الحضن الحار بين ملك و علي ,
الا أن لهيب المشاعر بينهما , كان واضحا كوضوح الشمس في كبد السماء ,

لكنه لم يتخيل أن وجهة ملك هي بلدها , و قد اعتقد أن علي هو من على وشك السفر ,
و ملك تقوم بتوديعه بحرارة في المطار .



برؤية ردة فعل ابنته المصدومة , التي لم تتوقع أن ذلك الفراق الأليم , قد صور بهذه الطريقة المخالفة ,
صار عز الدين متأكدا أكثر من شكوكه , في أن علي أرسل ملك في زيارة لهما وحدها ,
و لم يكلف نفسه عناء القدوم , و مرافقة زوجته أمام والديها , مما أثار حنقه عليه أكثر



" ماذا ملك ؟
هل يشعر زوجك بالاحتقار ناحيتنا , لدرجة ارسالك وحدك الى هنا ؟ "



" هل هذا صحيح ملك ؟ "

سألت عدراء عن حقيقة الأمر , لتوقف رد ملك المستهجن على افتراض والدها ,
و قد صدمها أكثر يقينهما , بأن الكذبة التي قالتها حقيقية , دون أي تشكيك بشأنها


" لا ماما ليس كذلك أنا ..."



قاطعها والدها بنرفزة كبيرة , لم تره عليها الا نادرا ليسترسل

" ماذا اذا ملك ؟
قولي أنه لا يحتقرنا لأننا أقل أهمية , من أن يأتي و يرافقك ؟

قولي أنه لا يحتاج احترامنا , و كيف يفعل و قد حصل عليك بكل سهولة ,
دون الحاجة لأخذ اذننا , و أنت من سمح له بذلك ؟

قولي أن بقاءك معه طوال هذه المدة , لا يغير شيئا في علاقتك بوالديك ,
فنحن مجرد خضار فوق طعام , لا تحتاجين رضانا في شيء , فلم يفعل هو ؟

ذلك الرجل المغرور المتكبر , الذي كان يجلس و يتباهى أمامي , بأنهما تزوجا من ورائنا , بكل قلة احترام و وقاحة ,
لم نعتقد الآن أنه تهذب فجأة , و قرر زيارة أصهاره عديمي القيمة و مجاملتهم ؟ "


صرخ عز الدين آخر كلماته , و قد بدا أنه يحمل ضغائن كبيرة جدا , اتجاه علي و حتى ملك ,
فما فعلاه من وجهة نظره , لا يستحق الصفح أو التغاضي .



حدقت ملك بخوف الى والدها , قبل أن تجيب بحروف مرتجفة

" بابا الأمر ليس كما فهمت "



ابتسم عز الدين بسخرية , فيما عدراء تقف متفرجة , لا تعرف كيف و بما تتدخل ,
و قد بدأ قلبها يؤلمها , على حال ابنتها البائسة , قبل أن ينفجر زوجها مجددا في وجهها


" مالذي لم أفهمه أنا يا ابنتي العزيزة ؟

ألم تكوني في بيته يومها ؟

ألم تعترفي بلسانك هذا , أنك متزوجة منه و أنك لن تغادري معي ؟

ألم تكونا تعيشان في سعادة تامة , دون الاهتمام لمعاناة هذين الأحمقين لفراقك ؟

مادمتما سعيدان هكذا , لم تحتاجين الى المجيء الينا الآن , و تكليف نفسك عناء مواجهتنا ؟

كنت بقيتي و أسست عائلتك , أنجبت أطفالك و نسيتي أمرنا , كما نسينا نحن أمرك "



" بابا صدقني الأمر ليس كما فهمته , حصلت الكثير من المشاكل قبل قدومك ,
و أنا لم أتخلص منها الا الآن , أنا و علي كان زواجنا ..."



" لا تذكري اسمه أمامي "

علا صوت عز الدين بحنق كبير , فمجرد ذكر ذلك الرجل على لسانها , يؤجج نيران حقده ليضيف

" كان زواجكما خدعة لنا , هذه هي الحقيقة الوحيدة ,

بيع نفسك له كأي امرأة منحطة , من وراء ظهورنا لدرجة الحمل بطفله , لن تغيره أية تبريرات ,

و أي شيء قد تقولينه , لن يزين سوء ما حصل يا ابنتي "



برؤية ملامحها المستنكرة , و وجهها الغارق في الدموع , زاد توتر عز الدين ليصرخ ممسكا بذراعها , في أول مرة يمد يده على ملك دون احتضانها

" هيا يا ابنتي , هيا قولي أنك لم تكوني , موافقة على الارتباط به , و أنه خدعك و غرر بك لتحملي بطفله ,

قولي أنه أغواك بماله أو بمركزه , و جعلك زوجة ثانية دون رضاك ,

قولي أن كل ذلك تم دون ارادتك , و أنا سأذهب الآن فورا , و أضع رصاصة بين عينيه ,
و سأحوله الى جثة تنهشها الكلاب , لأن هذا فقط ما سيشفي غليلي "



اتسعت عينا ملك بذعر لسماع تهديد والدها , و شعرت أن روحها على وشك مغادرة جسدها ,

فيما أعز رجلين الى قلبها , يحقد أحدهما على الآخر بشدة , مع امكانية تحول والدها الى قاتل و علي الى قتيل ,
مما حبس الكلمات في حلقها , و لم تجرؤ على قول حرف واحد .



استمر عز الدين يصرخ بطريقة هستيرية , و قد استعاد كل تلك الذكريات المشؤومة , من رحلتيه الى بيت ابنته ,

خاصة موضوع حملها الذي لم يستسغه يوما , و الذي لا يزال غير متأكد من حصوله قبل أو بعد الزواج ,

قبل أن يمسك بصدره , بملامح متألمة و جبين متعرق , منبئة عن قرب حصول نوبة قلبية ,
ليثير هلع ملك و زوجته , اللتين سارعتا لامساكه كل واحدة من ذراع , و مساعدته على الجلوس الى الأريكة .



" بابا هل أنت بخير ؟ "

سألت ملك بخوف كبير , و قد عايشت مثل هذه اللحظات الأليمة مرة مسبقا ,
حينما تعرض والدها لأول نوبة , و تم نقله على جناح السرعة , الى المشفى لاجراء قسطرة لقلبه .


لكن الرجل التزم الصمت و تجاهل اهتمامها , و كأنه يخبرها أنه لا يحتاج شفقتها .

بمجرد أن اعتدل في جلسته , حتى افتك عز الدين ذراعه عنوة من قبضة ابنته , و كأن يدها مزروعة بالشوك ,
و كيف يعيد ذلك الشعور بالحنان و الدفء , الى الكف التي يعتقد أنها , تدنست بأبشع طريقة ممكنة .



" عز الدين حبيبي هون عليك ؟
لا يجب أن تتوتر هكذا , كل شيء يحل بالهدوء "

حاولت عدراء تخفيف الضغط عليه , و هي تمسد بين كتفيه بحنان , و تلقي نظرة متوسلة ناحية ملك ,
حتى لا تصعد في الموقف و تعانده , و تتسبب في أزمة صحية سيئة لوالدها .



برؤية ما يحصل أمامها , لم تصر ملك على الوقوف قربه , تراجعت الى الوراء خطوتين , و وقفت تراقب والدتها تناوله دواءه و تواسيه ,
فيما استمرت دموعها في الانهمار , دون الرد على ما قاله

" و كيف تفعل و ماذا ستقول ؟ "

اذا كان الرجل على وشك الانهيار , و هو يعتقدها مذنبة و متواطئة مع علي في خيانتهما ,
أكيد سيصاب بنوبة قاتلة مباشرة ان هي قالت , أمرا واحدا عما حصل حقيقة ,

سيموت ان عرف أنها كانت ضحية طوال هذا الوقت , و أنه أهمل دعمه لها في وقت حاجتها له ,
و لن يتسنى لها حتى شرح الوضع , بطريقة أقل ضررا قبل أن يموت كمدا عليها ,


و قد بدأت تحمد الله , لأنها لم تبح بشيء من مشاعرها , و توثق علاقة حقيقية مع علي , قبل القدوم الى هنا , فذلك كان كفيلا بأن يقضي عليه .


والدها عنيد جدا و هي أدرى الناس بذلك , و لن يثنيه شيء عن الذهاب , خلف علي طلبا للثأر , ان هي اعترفت لهما بكل الحقيقة ,

و كأن كل تضحياتها ذهبت سدى , و قد وجدت نفسها في ذات الموقف , الذي شهدته قبل شهور في منزل علي ,

و كأن القدر كتب عليها أن تضحي , كل مرة لحماية من تحبهم , و قد انظم الرجل الذي ظلمها , الى القائمة بطريقة مثيرة للشفقة ,


فبقدر ما ترغب بحماية والدها , من الموت كمدا أو التحول الى قاتل , بقدر ما ترغب في حماية علي من ميتة شنيعة ,
هي متأكدة أن والدها لن يتنازل عنها مهما قالت .


نعم علي الذي أقسمت أن تجبر قلبها , على أن يكرهه من أول ثانية في الطائرة ,
لا يمكنها اقناع نفسها , بتركه لمصير بائس على يد والدها .


شعرت ملك بدوار فجأة و شحب وجهها , و هي لا تعرف ما اقترفته في حياتها , حتى توضع في موقف مشابه في كل مرة , لا طاقة لها على تحمله ,
و تكون مجبرة لالتزام الصمت , حفظا لحياة من تحبهم .



حدقت ملك بعينين زائغتين الى والديها , و فكرت في اعلام عدراء وحدها بالحقيقة ,
لكنها تعرف والدتها جيدا حتى تدرك , أنها لن تحتفظ بالأمر سرا مطولا ,

خصوصا اذا أصر والدها على تحميلها المسؤولية , ستقف عدراء في وجهه دون تردد , و تخبره بما يضمن الصفح لابنتها .


يا الهي هي التي اعتقدت لوقت طويل , أن قول الحقيقة سيعيد لها حياتها المسلوبة , اتضح أن اخفاءها أقل ضررا ,

على الأقل والدها تأقلم مع الوقت , مع فكرة زواجها دون موافقته , ستكون دون رحمة و دون عقل , ان هي قلبت الموازين و خلطت الأوراق , لتخبره أنها استغفلتهما طوال هذه الفترة .




بلعت ملك ريقها الذي جف بعناء , و كأنها تعض على الشوك بين فكيها , قبل أن تحزم أمرها أخيرا , و تتخذ قرارها دون تراجع

" ماما هل يمكن أن آخذ أوراقي و متعلقاتي ؟ "

سألت والدتها بنبرة مرتجفة , ليرمقها والدها بنظرة ساخرة و يزجرها


" عرفت أنك لم تأت هكذا لوجه الله لزيارتنا ,
واضح أن شهر عسلك انتهى , و قررت استئناف مستقبلك مجددا ,

هيا عدراء اذهبي و أحضري أوراقها لتسرع و تغادر , فقد يغير ذلك الرجل رأيه و يطلقها "


كان كلام عز الدين جارحا جدا , لدرجة توقفت فيها أنفاس ملك , لثوان معدودة من وطأة الألم ,
لكنها وقفت هناك بملامح صامدة ,

بامكان والدها أن يقول ما يشاء , ان كان هذا ما يريحه , و هي لن ترد عليه أبدا ,
لم تفعل سابقا طوال سنوات حياتها لتبدأ الآن .




ترددت عدراء لدقائق مطولة , منتظرة تراجع زوجها عن اهاناته و قراره , لكنه استعجلها هي الأخرى بصوته المستاء

" هيا عدراء ماذا تنتظرين ؟
ابنتك مستعجلة للرحيل , لا تجعليها تنتظر كثيرا "


غادرت عدراء بخطوات مثقلة و قلب دام , و سرعان ما عادت مع محفظة كبيرة في يدها ,
تحوي كل شهادات ملك و أوراقها الثبوتية ,

ناولتها المرأة المحفظة بعيون دامعة , و كأنها تتوسلها أن لا تستمع لوالدها , و تبقى رغما عن معارضته ,


لكن ملك كانت تعلم أنها ببقاءها الآن هنا , سيدركان عاجلا أو آجلا أنهما انفصلا , و قد يكون وقعه أسوء عليهما ,

لذلك فالقرار كان أن تغادر حاليا , لربما تغير أمر ما مستقبلا لصالحها ,
أو قبل والدها بعودتها , دون اضطرارها لقول ما يهدم حياة الجميع .




اكتفت ملك بأن ابتسمت لوالدتها , و احتضنتها بشغف عارم لمرة اضافية , قبل أن تأخذ محفظتها من يدها و تستدير للمغادرة ,


قبل خطوتين من باب الخروج , استوقفها صوت عز الدين , و قد كانت نبرته مهزوزة رغم ادعائه صلابة زائفة


" لا داعي لعودتك لاحقا كما حصل اليوم , أنا و والدتك اتخذنا قرارنا ببترك من عائلتنا ,
لن ينالك الا النبذ ان عدت , لذلك وفري علينا كلنا عناء اللقاء مستقبلا , و لا تعودي مجددا "

قال بصفة نهائية لا تقبل النقاش , غرس بها خنجرا في قلب ملك , التي لم تستطع الالتفاف و التحديق ناحيتهما , و اكتفت بأن تمتمت بين شفتيها

" أنا آسفة "


و خرجت بخطا حثيثة ناحية الشارع , وقفت مليا تحت رذاذ مطر الشتاء , الذي برد قليلا من جراحها الملتهبة ,
أغمضت عيناها بألم داهم , و رفعت وجهها الى السماء

" فليسامحك الله يا علي , لأنني لن أفعل يوما في حياتي "



استوقفت بعدها سيارة أجرة , و غادرت الى المجهول تحت جناح الظلام ,
و تحت أنظار والدتها المنهارة من خلف النافذة ,

و التي لم تستطع استجماع شجاعتها , و الوقوف في وجه زوجها للصفح عن ابنتهما ,
داعية الله أن يهدئ النفوس , و تتغير الأوضاع علها تستعيد ابنتها يوما .


عادت عدراء وحيدة الى غرفتها , لتبكي براحتها تاركة زوجها في الصالة , يجتر أحزانه هو الآخر ,
محاولا اقناع نفسه أن ما فعله هو الصواب ,

و كل ما شعر به هو الرثاء لحاله , و الحال المزرية التي آلت لها ابنته , بعدما كانت أعز ما يملك
و الذنب اتجاه عدراء التي سيحرمها , من رؤية وحيدتها ربما لآخر حياتها .





استرجعت عدراء بكثير من الأسى , ذكريات زيارة ملك اليتيمة لبيتها , و صدامها المرير مع زوجها ,

فلم تكف لحظة منذ ذاك اليوم على لوم نفسها , لأنها لم تكن قوية كفاية لتفرض رأيها ,

لكن بتذكر حالة عز الدين المنهارة , هي لم يكن لها الكثير من الخيارات , فهو يأتي أولا و قبل كل شيء ,

كما أن آمالها خابت في ملك , لأنها اعتقدتها ستعود مجددا لترضية والدها ,
و أنها رحلت فقط لامتصاص سخطه , متأملة أن يغلب حبه لها غضبه عليها ,

لكن يبدو أنها استأنفت حياتها مرة أخرى , دون أن تلتفت وراءها .



.
.
.





" كريم جد لي معلومات الاتصال بذلك الشاب سامي ,
على ما أعتقد هو طبيب في مشفى والدها " .

هذا ما أخبرته ملك ذات مرة , حينما حدثته عن علاقتهما , و قد ركزت على ثقة والدها المطلقة به ,


فكر علي أنها كانت واثقة من مشاعره ناحيتها , سيبدو من المنطقي أن تلجأ اليه , بعد أن طردها والدها ,

و هو يرجو فقط أن يكون شهما كفاية , لدرجة الوقوف الى جانبها في محنتها , و ألا يتخلى عنها بسبب ما حصل معها .


طبعا لم يكن سامي أول من بدر على باله , بل جدها الرجل شديد البأس ,
لكنه تراجع عن البحث عنه , فمن المرجح أن تكون ملك , قد أخفت الأمر عنه هو الآخر ,

و الرجل ليس غافلا كما كانت والدتها , هو لماح ببصيرة قوية , سيكتشف أمر اختفائها بمجرد أن يحدق الى عينيه ,

و هو لا يريد التسبب في أية تعقيدات , قد تجعل ملك تحقد عليه أكثر ,
فكان سامي أفضل مكان لبداية البحث , ان كانت معه حقيقة و هذا ما يأمله , سينهي هذا الجنون و يغادر دون رجعة .



علي لا يريد التفكير أن مكروها أصابها , و هو بعيد عنها معتقدا أنها عادت لتعيش حياتها بسعادة
هو لن يسامح نفسه أبدا , ان كانت ملك تتعذب طوال هذا الوقت , و هو يعيش حياته .



امتثل كريم لطلبه , و سرعان ما أجرى اتصالاته , و حصل على رقم سامي و المشفى ، و عنوان بيته في ظرف وجيز .



" اتجه الى هذا العنوان "

خاطب علي السائق , بعدما اتصلوا على المستشفى للسؤال عنه , و أخبروهم أنه لا يعمل أيام الجمعة , و أنه في بيته حاليا .



" ألن نتصل به أولا ؟ "

سأل كريم بعدم راحة , للهجوم مبكرا على بيت رجل , بالكاد قابله مرتين سابقا .




هز علي رأسه و هو يفكر بعمق

" لا سنذهب هناك مباشرة , ليس وقت التصرف بلباقة , و التفكير في الاتيكيت ,
لا أريد أن أخاطر بفقدان ملك مجددا ,

ان كانت معه قد لا ترغب في مقابلتي , أو قد يمنعها هو من رؤيتي "



علي لا يريد أن يفرض شيئا على ملك , أو يرغمها على مرافقته و العودة معه ,
هو حتى لا يريد التدخل في حياتها مجددا , يكفي ما عانته بسببه الى حد الآن ,

كان فقط يريد أن يطمئن قلبه ، برؤيتها أمام عينيه سالمة , و هو مستعد لتقبل قراراتها , مهما كانت مؤلمة له .

بعدها هو مستعد للذهاب الى حيث والديها , و شرح ما حصل بالتفصيل و تبرئة ذمتها , هذا أقل ما يمكنه فعله من أجلها .





بالوقوف أمام بيت سامي , دق علي الباب برفق , و أخذ نفسا عميقا ,

بعد خمس دقائق , كانت امرأة حامل من فتح الباب , شابة بملامح سمراء و شعر أسود طويل , في مثل عمر ملك .



حدق علي اليها قليلا , لا يعرف ما يجب قوله , قبل أن تبادره هي

" صباح الخير سيدي , من تريد ؟ "



" احم صباح الخير سيدتي , هل دكتور سامي هنا ؟ "

سأل علي مباشرة عن الرجل , متأملا في وجوده هنا .



لحسن حظه هزت المرأة رأسها بالايجاب , و قد افترضت أنه أحد مرضاه الكثر ,
و ربما جاء بحثا عنه من أجل حالة طارئة , فهذا ما يحصل طوال الوقت .



" لحظة سيدي سأستدعيه "

ردت المرأة بلطف , و قبل أن تترك المدخل نادت خلفها

" ملك لا تلمسي ذلك ستحترقين "



بسماع الاسم أشعت عينا علي , خفق قلبه و نظر بتأمل ناحية كريم

" أخبرتك أننا سنجدها هنا "

رغم اللهجة الفرحة في صوته , كان هناك مرارة بين الكلمات ,
لأن ملك اختارت رجلا آخر غيره , لتلجأ اليه و تطلب المساعدة ,

لكن هذا غير مهم الآن , الأهم أن تكون بخير , اذا كان هذا عقابه على ما حصل , فهو يتقبله بكل رحابة صدر .





بعد خمس دقائق أخرى حضر سامي , حدق بتمعن الى وجه علي , لكنه لم يأخذ وقتا طويلا للتعرف عليه ,

هو لن ينسى أبدا هاتين العينين السوداوين , اللتين كادتا تلتهمانه حينما كان يواسي ملك في بيته .




" أوه مرحبا سيد علي "

مد يده للسلام , و سرعان ما دعاه الى الدخول .



بمجرد أن جلس علي مكانه بادره بقلة صبر

" من فضلك دكتور استدع ملك , علينا أن نتحدث لتوضيح الأمور "



نظر اليه سامي بنظرة مشوشة , كمن لا يفهم كلامه ثم أجاب

" ملك ؟ أليست معك ؟ "



استغرب علي للسؤال و سرعان ما بدأ يغضب

" من فضلك دكتور , لست متفرغا لهذه الألاعيب ,
اذهب و أخبرها أنني لن أغادر الا اذا رأيتها ,

و لا داعي للتمثيل و الانكار , فقد سمعت المرأة التي فتحت لنا الباب , و هي تنادي عليها بوضوح "





قطب سامي جبينه ، و حدق بحيرة ناحية علي , محاولا استيعاب ما يحصل , و سرعان ما رفع صوته مناديا

" ياسمين تعالي لحظة "


قدمت المرأة الحامل تمشي ببطء , كانت تبدو على وشك الولادة , و هي تجر في يدها طفلة في الرابعة , و قد بدت ملامحها شبيهة بها كثيرا .



نظر سامي في وجه علي مجددا و خاطبه

" أعرفك ياسمين زوجتي "

" ياسمين هذا علي زوج ملك "



بدت الدهشة في عيني المرأة للحظات , قبل أن تحييه بلطف , و تجلس الى جانب زوجها , و الطفلة تندس في حضنها

" مرحبا "




لكن علي لم يجاوبها , بل نظر الى سامي بامتعاض و سأل بفضاضة

" هل تزوجت و تركتها ؟ "



كان السؤال المنطقي الوحيد ، الذي تبادر على ذهن علي

" هذان تزوجا أثناء غياب ملك ، و المرأة الآن حامل في طفلهما الأمر واضح "



و زاد تشوش سامي , الذي عدل نظاراته و سأل مجددا

" تركت من ؟ "


" ملك , ألم تكونا تنويان الزواج ,
قبل مجيئها الى دبي ؟ "

علا صوت علي في وجهه دون مراعاة , و قد بدت نبرته غاضبة جدا

( يا الهي ليس ذنبا آخر ليتحمل مسؤوليته )

دعا علي في سره , لكن سامي عبس بشدة و رد سؤاله بآخر

" من قال ذلك ؟ "



ثم أضاف بسرعة

" هذه زوجتي و هذه ملك خاصتي ابنتي ,
و ليست ملك التي تبحث عنها "

شرح سامي الوضع باختصار , بعدما أدرك أن علي خلط بين ابنته و ملك .



اندهش علي لسماع ما قاله , فواضح أنه متزوج بالفعل , منذ أكثر من خمس سنوات

هل كذبت ملك بخصوص هذا الأمر ؟

هذا ما لم يستطع علي استيعابه , هي كانت تقول طوال الوقت , أن لديها شخصا تحبه و تريد العودة اليه

أو أنها قصدت رجلا آخر ؟



ليضيف سامي بصوت مستهجن

" ثم ملك ابنة عدراء , لا يمكنني الارتباط بها "


عبس علي فلم يفهم قصده , ليوضح سامي و هو متأكد أن ملك , لم تعلمه بالأمر من تعابيره المشوشة

" أنا و عدراء أخين غير شقيقين , هي أختي من والدي "


علي "...."

" تقصد ابن الحاج مصطفى ؟ "


هز سامي رأسه ليؤكد افتراضه

" أجل والدتي فرنسية أستاذة في القانون , ارتبطا لفترة قبل أن ينفصلا بسبب ارتباطها بعملها , و عدم قدرتها على الانتقال للعيش هنا "



بلع علي ريقه و علق يقصد والدة ملك

" لكنك تناديها خالة ؟ "


ابتسم سامي و حك جبينه باحراج

" حسنا كانت عدراء تجاوزت الثلاثين حينما ولدت , و كنت أجد صعوبة في مناداتها باسمها ,

لذلك تراوحت الأسماء بين ماني و خالة , الى أن كبرت و قد ترسخ الأمر نهائيا ,
خصوصا أنها الشخص الوحيد المقرب لي من عائلة والدي ,

ليس هذا فقط عم عز الدين , كان والدا ثانيا بالنسبة لي , و بعد انتقالهم الى باريس للاقامة قبل ولادة ملك ,
أقمت في بيتهم لسنوات , بعدما أقنعت والدتي بالانتقال الى جوارهم ,

و بامكانك القول أنني أدين له , بكل النجاح الذي أعيشه , فقد كان نعم المعلم لي "




أنهى سامي ما كان بصدد قوله بنبرة امتنان , و حدق علي ناحيته بنظرات مصدومة , و قد تفاجأ لهذا الكم من المعلومات ,

ملك لم تقل شيئا من كل هذا , و قد لعبت عليه نفس لعبته مع هيا , و جعلته يصدق أنها في علاقة مع خالها ,

الآن فقط فهم لم كانت تسمح له , بضمها و تقبيلها دون غيره من الرجال , و هو الذي كان يشعر بالغيرة منه كرجل أحمق .




قطع سامي تأمله بأن أكد

" أنا لا علم لدي عن مكان ملك اعتقدتها في بيتكما ,
ما الذي يجري هل انفصلتما ؟ "



بسماع السؤال نظر علي ناحية كريم برعب

" يعني حتى سامي لا يعلم بأمر الزواج المزيف ؟ "

همس في أذنه و عاد لطرح الأسئلة يريد التأكد

" يعني ملك لم تأت الى هنا أبدا مؤخرا ؟ "



نفى سامي الأمر مباشرة ، فيما انصرفت زوجته لتحضير ضيافة الزوار

" لا آخر مرة رأيتها كانت في بيتك , و هي أخبرتني أنها ستبقى لسنة , قبل أن تفكر في المجيء للزيارة ,

تركت لها رقم هاتفي , لكنها لم تتصل يوما ,

اعتقدت أنها تريد ترتيب حياتها , بعيدا عن هنا و أنا احترمت قرارها ,
لم أعلم أن بينكما مشاكل , و ستنفصلان بهذه السرعة ,

حسنا بدت متعلقة بك كثيرا حينها , حتى عم عز قال ذلك حينما أتى للزيارة "



تفاجأ علي للملاحظة الغريبة و سأل للتوضيح

" متى كانت هذه الزيارة ؟ "

على حد علمه هو لم ير والدها , منذ مواجهتهما في أول يوم , ليبوح له سامي بما يخفيه عنه

" قبل مدة قرر السفر للاطمئنان على ملك , لكنه عاد مباشرة و قال أنكما , تعيشان جيدا و لا تحتاجا وجودهما "



فتح علي فمه و لم يجد بما يعقب , فلم تكن له أية فكرة عن هذه الزيارة الغامضة ,
كانت ملك ستفرح كثيرا لرؤيته , و كانت ستكون فرصة جيدة لشرح بعض الأمور , لو أنه دق بابه و دخل بيته .

و رجح أن تكون زيارته تزامنت مع الفترة , التي تقارب فيها مع ملك قبل وفاة مريم , و قد ضاعت فرصة ذهبية من يده دون ادراك .


تجاوز علي هذا الخبر و سأل مجددا , و كأنه لا يصدق ما قاله سامي

" يعني أنت و ملك لم تكونا على علاقة و تنويان الزواج ؟ "



تفاجأ سامي لاصرار علي , على ربطه بملك و سارع للنفي

" يا الهي اطلاقا , ملك ابنة أختي و أنا خالها , بامكانك التأكد من الأمر بسهولة ,

لكن بسبب تقارب سنينا , نحن أصدقاء منذ كنا أطفالا في باريس , أو بالأحرى منذ ولادتها و قد كنت أول من حملها ,

لم تكن تنام الا بين يدي , و كنت لا أغادر بيت عم عز , لأيام حتى أبقى معها ,

حتى أنني بقيت لفترة طويلة نسبيا في بيتها , بعد انفصال والدي و كنا مثل أخين حقيقيين ,

كنت طوال الوقت سندها و حاميها , حينما يتنمر عليها الأطفال الآخرون , و كانت هي رفيقتي و كاتمة أسراري ,

كيف خطر لك حتى تخيل هذا الأمر ؟ "

كان سامي يتحدث بهدوء , و هو مقدر لعدم تصديق علي للأمر , فقلة فقط من الناس يعرفون بأمر هذه العلاقة .



بلع علي ريقه يحاول استيعاب ما سمعه للتو ليجيبه

" هي أخبرتني بذلك "



" أكيد كانت تمزح معك أو تغيظك ,

أصلا أنا و ياسمين تزوجنا بمساعدة ملك , فزوجتي صديقتها المقربة منذ أيام الدراسة ,
حينما أتيت للعمل في مستشفى عم عز , تعرفت عليها عن طريق ملك و تقدمت لخطبتها ,

لكن والديها رفضا الأمر , بسبب فارق السن بيننا , و وضعيتي كرجل مطلق ,
كانت وساطة ملك و والدتها , من أقنعا أنسبائي بالموافقة ,

في العام الأول لزواجنا , حملت ياسمين و تعبت كثيرا , كانت ملك من يرافقها طوال الوقت ,
حتى أنها كانت تبات عندنا لأيام ، خاصة أثناء مناوباتي و عملي ,
و لم تفارقها في المستشفى , حينما أدخلت بسبب خطورة الحمل ,

لذلك أصررنا أنا و ياسمين أن نسمي الطفلة ملك , و هي بمثابة أم ثانية لها طوال هذه السنوات "





توقف سامي قليلا حيث كان يحدق , ناحية المطبخ أين تقف زوجته , و كأنه يفكر فيما يجب قوله , تحت النظرة المصدومة لعلي ,

قبل أن يضيف

" حسنا زوجتي غاضبة منها كثيرا , هي كانت مقربة جدا منها ,

حتى لو قالت أنها ستتزوج منك , دون علم أهلها ما كانت تخلت عنها ,
تماما كما ساندتها هي في علاقتها معي ,

لكنها لم تفكر في الاتصال بها و لا مرة , و لم تسمح لها بالاطمئنان عليها و الوقوف الى جانبها "



شعر علي مجددا بعرق بارد يغرق جبينه و ظهره , و بردت يداه و قد شعر بأن دمه تجمد في عروقه ,

لطالما لزم حدوده , و تردد في الاعتراف بمشاعره , لاعتقاده بأن قلب ملك ملك لهذا الرجل ,
حتى أنه تركها ترحل حتى لا يكسر قلبها , و يفرقها عنه و يحرمها من حب حياتها

ليتضح أن الأمر كله مجرد كذبة ؟



صمت علي لثوان قبل أن يسأل مجددا

" ألا يوجد رجل آخر ؟ "

كان هذا آخر ما فكر فيه بيأس , ربما هي فعلا مرتبطة برجل آخر ,
و لكنها كذبت بشأن هويته الحقيقية , خشية أن يؤذيه و ادعت أنه خالها ,

هو كان يتصرف كالمجنون خلال تلك الأيام , لن يستغرب فعلها ذلك , كي تحميه من انتقامه .





هز سامي رأسه بالنفي و رد بثقة

" لا أنت الرجل الوحيد الذي تقرب من ملك , و تمكن من اقناعها بالزواج ,
لم يكن لها علاقات حميمة مع أحد , هذا شيء أنا متأكد منه "



حدق اليه سامي لثانيتين بعد , و قد بدا محرجا للتعليق لكنه استرسل

" حسنا سيد علي مع احترامي لقراركما بالزواج , لكنه لم يشبه ملك أبدا ,

لطالما كانت مطيعة مراعية طيبة و شفافة ,
لم أعتقد يوما أنها ستحزن والديها بتلك الطريقة "



صمت علي لثوان يطأطئ رأسه , لا يعلم بما يرد و لا كيف يخبره , أنه كان نذلا و أجبرها على كل ما حصل ,
و أن لا شيء تم آنذاك كان برضاها و ارادتها ,

لكنه أرجأ الأمر فلا فائدة من ذكره حاليا , الأهم الآن العثور عليها ,
هو كان شبه متأكد أنها هنا , و الآن انقلب الوضع تماما .





" ملك عادت قبل ثلاثة أشهر بعد أن انفصلنا "

قال علي بنبرة المذنب , و بصوت هامس معلنا عن سبب زيارته .



في هذه الأثناء جلست ياسمين مجددا , بعد أن وضعت صينية القهوة أمامهم

" هل تقول انفصلتما , و أين هي الآن ؟ "

سألت و قد شعرت بالاستياء لسماع الأمر



نظر اليها علي بقلة حيلة و أجاب

" لا فكرة لدي ,
اعتقدت أنها في بيت والديها أو هنا مع سامي "



عبس سامي و قد تذكر أمرا فجأة

" يعني هي حينما حضرت قبل أشهر , لم يكن من أجل أخذ شهاداتها و العودة لك ؟

يا الهي هل كنتما منفصلين بالفعل حينها ؟ "





" ما الذي تقصده ؟ "

كان كريم من سأل هذه المرة , هو يجلس بصمت منذ البداية , تاركا لعلي الفرصة لإجراء الاستجواب , لكنه بدأ يفقد صبره أمام الوضع الغريب .



و أجابه سامي بما يعرفه

" قبل ثلاثة أشهر أخبرتني خالة عدراء , أن ملك عادت إلى المنزل فجأة ,

و قد دخلت في نقاش حاد مع والدها , الذي لامها يومها بشدة ،
محاولا معرفة مبرراتها لما حصل ,
لدرجة ارتفع معها ضغطه , و كاد يصاب بنوبة قلبية ,

لكن ملك حسبها قامت بالاعتذار , و لم تقل شيئا يبرر ما فعلته ,

اكتفت بعدها بأخذ شهاداتها و أوراقها الشخصية , لأنها تريد العمل أو استئناف الدراسة لا أدري ,
و غادرت دون أن تقول شيئا , و لا حتى تأخذ أغراضها الخاصة ,
نحن اعتقدنا أنها عادت اليك و الى بيتها "





صدم علي لما سمعه

" يعني هي لم تخبر والديها , من الأساس كما افترض ,
معتقدا أنهما لم يصدقا القصة و طرداها "





صمت سامي قليلا ثم أضاف بنبرة جادة

" حسنا سيد علي في الحقيقة خالة عدراء أخبرتني , أن والدها كان يمكن أن يسامحها و يقبل اعتذارها ,

لو كان الرجل الذي اختارته , شجاعا كفاية ليأتي و يعتذر , و يحاول إعادة العلاقة بينهما كما كانت ,

لكنهما لم يهضما أن تأتي , بعد كل ما حصل وحدها لرؤيتهما , و كأن ذلك الرجل غير موجود في حياتها , و مسؤول عنها كزوجة له ,

و لا أنهما مهمين كفاية , حتى يتنازل و يأتي احتراما لهما "



شعر علي بهذا القدر من الإحراج ، لأول مرة في حياته ,
وضع كفيه على وجهه بتوتر , مانعا نفسه من الوقوف , و لكم الحائط للتنفيس عن غضبه .





ساد بعدها صمت رهيب المكان لدقائق , قبل أن يسترجع علي تركيزه و يسأل مجددا

" إذا كانت قد استعادت شهاداتها كما تقول ،

لم ليست في المستشفى لاستكمال تخصصها إذا ؟

سألنا عنها لا أثر لها هناك "



" ألم تعلم ؟ "

سأل سامي و الاستياء باد على وجهه



و هز علي رأسه ببطء ، و قد شعر أنه على وشك سماع أسوء خبر الى الآن

" لم يبدو بأن الأخبار السيئة ، اختارت التجمع اليوم و القفز في وجهه ؟ "



" بماذا ؟ "

سأل علي بصوت متوجس



نظر سامي الى ياسمين بحيرة ، ثم الى وجه علي و أجاب

" ملك تم استبعادها من التخصص منذ أشهر , اعتقدت أنها أخبرتك بالوضع "



" ماذا كيف ذلك ؟ "

صعق علي لسماع الخبر المفجع , و صرخ في وجهه و كأن عقربا لدغته

هو أكثر شخص يعرف مدى , شغف ملك بعملها و دراستها , فصلها عنهما يعني معاناتها .





و أجابه سامي

" حسنا ملك كانت طبيبة مقيمة , يعني طبيبة بصدد التخصص ,

و هذه الفئة لديها قانون خاص بها , يعاملون على أنهم طلبة عاملون , تحت وصاية وزارتين الصحة و التعليم العالي ,

لا يسمح لهم بأخذ أكثر من , شهرين اجازة خلال السنة الدراسية , و إلا تحتم عليهم اعادتها ,

أما إذا استمر التغيب لفترة أطول , كما حصل مع ملك دون مبرر , يتم تحويل ملفها الى المجلس الطبي ,

و من حق هذا الأخير إصدار عقوبة ملائمة , قد تصل الى الإيقاف ,

خاصة اذا لم يجتز الطالب , امتحان الإنتقال الى السنة الموالية "



لجم لسان علي و لم يجد ما يقوله , هو لم يسمع عن هذه الأمور يوما , ملك لم تذكر ذلك أمامه ,

و حدق بدهشة الى وجه سامي الذي استرسل

" حاولت في البداية أنا و والدتها , أخذ اجازة لها لمدة شهر , و جددناها لشهر آخر باستعمال ختمها ,

و بمساعدة رئيسة قسمها التي كانت تقدرها كثيرا , و تثق في مستواها و انظباطها ,

لكن بعد انقضاء المدة , لم يكن هناك الكثير لفعله ,

خاصة بعدما استدعيت ملك , للاستفسار عن تغيبها عن الامتحان من طرف اللجنة , و التي رفعت تقريرها الى المجلس الطبي ,

حاولنا أخذ اجازة طويلة بسبب ظروف خاصة , لكنهم اشترطوا أن تقدمها هي بنفسها ,

اجتمع بعدها المجلس الطبي , و قرروا توجيه انذار أول لها , و تبع بالثاني بعد شهر ,

أمام عدم استجابتها أصدروا قرارا , بالفصل و الاستبعاد من التخصص نهائيا ,

خاصة أن أخبار زواجها في دبي كانت قد انتشرت , و لم يكن بمقدورنا تصحيح الوضع "



" يا الهي "

كان كل ما قاله علي , قبل أن يضع يده على فمه , و هو يحاول استيعاب ما سمعه للتو

ثم سأل بهمس و قد جف ريقه

" أين هي إذا ؟ لم هي مختفية ؟ "



تدخلت ياسمين أخيرا , و التي كانت تراقب صامتة منذ البداية

" هل عليك أن تسأل هذا السؤال فعلا سيد علي ؟ "



" ياسمين "

نهرها سامي بنبرة محذرة , و حدق إليها علي بحيرة لم يفهم قصدها .



لترد ياسمين على زوجها أولا

" دعني سامي ,
من المفترض أنه أفضل من يعرفها , ليخمن ما تعانيه الآن ,

و أنا أعتقد أن ما تعرضت له ملك غير منصف بالفعل ,
هي لم ترتكب جريمة ، لأنها اختارت رجلا و تزوجته , أنا نفسي فعلت ذلك ,

و لكن ماذنبها أن يتخلى عنها هذا الرجل , في أسوء لحظات حياتها "





لم يجد علي بما يرد , و قد بدا امتعاض ياسمين منه كبيرا ,

الآن هو متأكد أنها صديقة ملك المقربة , تمتلكان نفس اللسان اللاذع .




لتوجه المرأة كلامها ناحيته مجددا

" سيد علي أنا لو كنت مكانها ، لما أظهرت وجهي أمام أحد "





" هل يمكن أن توضحي ؟ "

لم يجد علي غير السؤال , فعقله توقف عن العمل حاليا .



أخذت ياسمين نفسا عميقا و أضافت

" ملك بعدما ارتبطت بك بتلك الطريقة , حطمت الصورة المثالية و المشرفة , التي عرفها بها الجميع ,

بعد عودة سامي و والدها من دبي , و انتشار أخبار زواجها المفاجئ هناك , انتشرت أقاويل و شائعات كثيرة مغرضة عنها ,

و أسوءها كان أنها حامل , لذلك اضطرت للزواج بتلك الطريقة ,

ساءت سمعتها كثيرا بين العائلة الكبيرة و الجيران و المعارف , لا أحد في المستشفى ترك الخبر دون تعليق سمج ,

حتى أنني دخلت في جدال عدة مرات ، لأنني لم أتحمل ذلك لكن دون جدوى , و في النهاية قطعت علاقتي مع بعضهم ،

و آخرهم بنات خالها , لأنهن لم يكن يتوقفن عن الثرثرة عن أخلاقها , في المجموعة التي أضافتني لها ملك على الفايسبوك ,

غيورات بشعات عديمات الحياء "



تمتمت ياسمين بينها و بين نفسها بغيظ ، و هي تمسد بطنها , مانعة نفسها من لكم علي ثم استرسلت

" لا أحد يعرفها بقدري ، ملك لا يمكنها فعل ما قالوه ,
لا يمكنني التصديق و لا بعد مائة سنة ,

صحيح هي رومانسية بعض الشيء , و قد تكون وقعت في غرامك و تزوجتما سريعا ,
لكنها لم تقترف أيا من تلك الأفعال المنحطة أنا متأكدة ,

بامكانك بعدها تخيل موقف والديها المزري ، لقد أصبحا منعزلين عن معارفهما ، و قلت نشاطاتهما الاجتماعية بشكل كبير جدا ,

لم يتحملا نظرات الشفقة , و التشفي في عيون الآخرين ،
كانت تذكرهما بخيبة أملهما في ابنتهما الوحيدة ,

في رأيك هل كان من الممكن التواصل ، مع كل هؤلاء بسهولة بعد عودتها ؟

لو كنت مكانها لفررت الى آخر الأرض هربا من قسوتهم "



بدت ياسمين متأثرة جدا بما حصل ، و غاضبة بسبب كل تلك الاتهامات المغرضة , و قدر علي جدا دفاعها عن ملك .





" هل يمكن أن أرى المجموعة التي تتحدثين عنها ؟ "

طلب علي و ترددت ياسمين قليلا , قبل أن تفتح هاتفها و تناوله له



" تفضل لم أعد أدخل الى المجموعة إلا نادرا ،

أصلا لم أنسحب فقط , لأنني أردت سماع أخبار ملك ، في حالة عادت و لم تتصل بي ، أردت فقط الاطمئنان عليها "





أخذ علي الهاتف بين أصابعه ، و مرر الأحاديث في المجموعة على مهل ،

كانت معظمها ثرثرة نسائية ، لكن ما كان يهمه هو الكلام الذي يخص ملك , و الذي كانت ياسمين تشير له من وقت الى آخر ,

كانت كلها انتقادات لاذعة و شائعات مفبركة ، تلت الفترة التي وصلت فيها الى دبي ،

كان هناك أيضا الكثير من كلام التشفي و الأكاذيب , عن كونها فرت خلفه و أثارت فضيحة ، أو أنها كانت حاملا قبل الزواج ،

أو حتى أنها طمعت في ماله ، و قبلت أن تكون الزوجة الثالثة أو الرابعة ، لعجوز طاعن في السن .





شعر علي بالقشعريرة تسري في جسده لمجرد قراءتها ، متخيلا ألم ملك و شعورها بالمهانة لسماعها مباشرة ,

الآن فقط فهم الوضع ، لم يكن أي شيء ستقوله ذا فائدة ،
لن يصدق هؤلاء حرفا من الحقيقة ، حتى لو صرخت ملك لسنوات في قولها ,

هو الآن لا يستغرب اختفاءها ، لو كان مكانها لما بقي للحظة معهم .







" أين هي اذا ؟ "

طرح علي السؤال الأهم هنا مجددا ، و الذي لا يملك أي شخص الإجابة عنه , و عادت ذاكرته للعمل فجأة

" و جدها , أكيد أن لديه معلومة ما عن مكان وجودها "


تذكر علي أن الرجل كان يؤيد حفيدته حتى و هي في بيته , و كان واثقا من براءتها بطريقة ما ,
لا يعقل أن يغفل عنها بعدما عادت ,

و حتى لو تجاهلت ملك العالم كله , حتى لو احتفظت بالحقيقة لحماية والدها , ستجد الحضن الدافئ لدى جدها ,

فكر علي و قد عاوده الأمل , في العثور عليها مجددا .



وافقه سامي سريعا , و سحب هاتفه لاجراء اتصال , و قد بدا الأمر أكثر سهولة , بما أنه من العائلة


" حسنا سأرى ما يمكنني معرفته ,
لكن مبدئيا لو كانت ملك معه , لكان أعلمنا على الأقل "



اتصل سامي برقم الشيخ , و بقي ينتظر الرد بصبر , فيما علي يدعو في قلبه , أن تكون ملك معه , و هو مستعد لمواجهة العجوز من أجل رؤيتها


" ألو صباح الخير حاج , كيف حالك ؟ "

تحدث سامي و قد فتح مكبر الصوت بطلب من علي



" صباح الخير سامي كيف حالك ؟ "

" بخير حاج , في الحقيقة ياسمين اشتاقت كثيرا لملك , و قد اقترب موعد وضعها ,
و أرادت أن تعرف ان كانت اتصلت بك مؤخرا أو عادت لرؤيتك "

كانت أكثر كذبة مناسبة , فالرجل لن يقول الحقيقة أبدا , ان أدرك أن علي من يبحث عنها .



صمت الرجل لثوان مطولة في الطرف الآخر , قبل أن يتنحنح و يجيب بصوت ثابت

" لا لم أرها منذ سافرت , أعتقد أنها منشغلة جدا لذلك لا تتصل ,
اذا كلمتني سأوصل لها كلامك "



" حسنا حاج شكرا لك "

أنهى سامي الاتصال ليبادره علي

" ألا يمكن أنه لا يريد اعلامك بالحقيقة ؟ "



هز سامي كتفيه و أجابه بصراحة

" يمكن لكننا لا نستطيع التأكد , قد نعرف ان كانت تقيم الآن هناك أو لا ,
لكن لا أحد سيقول شيئا , ان كانت زارته مسبقا و غادرت ,

من يعملون معه أوفياء له جدا , لن يقولوا ربع كلمة ان لم يسمح لهم "



و بالفعل أجرى سامي بعض الاتصالات بالمقربين من والده , و الذين أكدوا ألا أحد يقيم معه في مزرعته حاليا , سوى أخيه و زوجته دائمي التواجد معه .



بعد يأس علي من التوصل الى مكانها ببقائه هنا , وقف للمغادرة يصحبه كريم ، رافضا دعوة سامي على الغداء ,

وعده سامي باجراء اتصالاته بحثا عنها ، و قد اتفق الرجلان على التنسيق بينهما ,
و ابقاء والديها بعيدا عن الأحداث , الى أن تحل المشكلة و يجدها ,

لكنه لن ينتظر أحدا ليبحث مكانه عن ملك ، هذا كان خطؤه منذ البداية , و عليه تحمل مسؤوليته و التوقف عن الفرار كرجل جبان ,

حيث لم يكن هدف علي ايجادها فقط بل تبرئة اسمها ، حتى لو كان آخر شيء يفعله على وجه الأرض .



.
.



غادر علي رفقة كريم , و الذنب يتآكله لكل ما سمعه ،

هو اعتقد أنها ستستعيد حياتها و عائلتها ، بكل سلاسة و بساطة بعد عودتها ,
خاصة اذا اختفى هو عن الصورة , لكنه اكتشف أنه أساء التقدير و بشدة .

فقد اتضح أن مقدار الضرر أكبر مما اعتقد ، و ملك بعنادها المجنون لم تخبر الحقيقة لأحد ,

كان عليها الاتصال به للومه و لعنه , كان عليها أن تطالبه بتصحيح ما تسبب فيه ,

كان عليها القاء الذنب عليه و تبرئة نفسها , كما يفعل أي انسان بريء يتهم زورا .

لم رحلت اذا دون أن تقول شيئا لأحد ؟



اذا كان هناك مذنب في القصة كلها فهو نفسه ، لذلك لن يسمح بأن تستمر هي في تحمل العبء .

إذا كان رجلا حقيقيا كما يظن نفسه , فسيتحمل عواقب ما فعله ، و سيتقبل أي عقاب بصدر رحب ,

فملك كما قالت ياسمين ، لا تستحق ما حصل و يحصل معها .





بمجرد أن وصل الرجلان الى الفندق ، طلب علي أشخاصا كفئين لإجراء البحث ،

و أن يتخذوا جناحه مركزا لهم ، كان يريد الإشراف على التحري بكل تفاصيله .



و بالفعل خلال ساعات معدودة ، كان اثنين من أفضل المحققين أمامه ، و كان تسجيل المطار أهم مطلب على رأس القائمة

" أريد أن أراها بعيني تصل إلى هنا , كريم افعل أي شيء للحصول على التسجيل ،
سم أي شخص على مستو عال ، و سأتصل للحصول على الإذن "





و بالفعل ببعض الاتصالات مع شخصيات نافذة ، تمكن كريم من احضار نسخة من الفيديو ،
جلس علي و قلبه يرتجف من اللهفة , منتظرا ظهور ملك على الشاشة ,

بعد بضعة دقائق لمح وجهها الحبيب , الذي اشتاقه حد الموت أمامه , و دون ادراك منه مد يده , و مرر أصابعه عليه خلف الصورة , محاولا تخفيف لهيب النيران التي تلتهم روحه ,


كانت ملك في الصورة تقف في ردهة مطار العاصمة , تنتظر وصول حقائبها بوجه شاحب و ملامح تائهة , و كانت الساعة تشير الى السابعة صباحا ,

بعد تسلمها لحقيبتها جرتها خلفها ، و بدل المغادرة اتجهت ناحية الكراسي ، بخطوات متعثرة و جلست تحدق في الفراغ .



ما لم يتوقعه علي أن لا تحرك ساكنا , لمدة عشرة ساعات كاملة ،
و كأنها تحولت الى تمثال و قد فقدت روحها ,

كانت تبدو كيتيم توفي والديه للتو , حتى اعتقد لوهلة أنها أصيبت بالشلل ، و لم تقو على التحرك و المغادرة ,

كانت تتجاهل كل من اقترب منها ليسأل عنها ، و لم تكن ترد حتى بايماءة من رأسها ,



بعدها جالت بنظرات باردة , في الأرجاء و كأنها أفاقت أخيرا ، قبل أن تقوم و تجر رجليها الى خارج المطار .

و كانت لقطة مغادرتها بوابة المطار ، بملامح مكتئبة آخر صورة لها يراها .



لم يمرر علي لقطة واحدة ، و تأمل كل لحظة من لحظات معاناتها بدقة ، دون أن يبرح مكانه و كأنه يعذب نفسه ,

كان كل نفس تأخذه ملك كسكين يدمي قلبه ، و كل رمشة ترمشها كرمح يخترق كبده ,
و لم يشف غليله الا أن وقف من مكانه ، و لكم الحائط حتى أصيبت يده .



.
.



مر يومين على بدء علي و كريم , رحلة البحث عن ملك , دون أن يغادرا الفندق



" ما الأخبار عندك ؟ "

سأل علي للمرة الثالثة في الساعة الأخيرة ، و قد بدأ صبره ينفذ بالفعل .



كان يجلس على الأريكة في جناحه , بملابس البارحة يفرك جبينه بيده ، يحاول تخفيف الصداع الرهيب الذي يعانيه ، و الذي لم يعد تفيده المسكنات ,
و على مقربة منه عربة الطعام من الفطور صباحا .



بدأ كريم يشعر بالقلق من أن يمرض ، و تعاوده قرحة المعدة مجددا ، فهو لم يأكل منذ وطأت رجله المطار ، و يكتفي بشرب أكواب القهوة ليحافظ على انتباهه .

أعصابه أصبحت أكثر توترا منذ شاهد الفيديو ، كان حال ملك فيه مؤلما جدا له ، و قد بدا أن شعوره بالذنب قد تضاعف لديه عشرة مرات ,

و لم تفلح مكالمات علياء أو والدته في تهدئة أعصابه ، حتى سامي لم يستطع العثور على أية معلومة مفيدة .



علي يعرف أنه يخرق القانون ، بإجراء بحث عن شخص مفقود ، و التحري في مختلف الإدارات دون إذن ,

لكن ليس بيده حيلة , هو لا يمكنه الجلوس و الانتظار ، خاصة أنه لا يملك صفة رسمية لإيداع شكوى ، أو طلب بحث رسمي من الشرطة أو سفارته ,

وحدهما والديها من لديهما الحق في ذلك , مما يعني معرفتهما بما حصل , مع ابنتهما بأسوء طريقة .

هو لا يمكنه ترك الأمر يصل إليهما حاليا ، لا يريد شيئا آخر يضاف الى لائحة الأمور ، التي تلومه عنها ملك ,

لذلك كان يرجيء ذلك الى وقت لاحق , كآخر الحلول المتاحة بعد يأسه من العثور عليها .



لكنه كان يلعن نفسه ، لأنه لا يملك معارف هنا تسهل له الأمور ، و قد خسر نفوذه اللامتناهي , فالبحث يسير ببطء و هو لم يعد يتحمل .



" لا شيء جديد سيدي ، نحاول الآن اجراء بحث في دور العجزة و الأيتام ،
و هي آخر مكان نبحث فيه "

أجابه أحد الرجلين الذين استأجرهما للتحقيق .





عبس علي بشدة و مسد رقبته المتشنجة ، فهذا هو الجواب الذي يحصل عليه كلما سأل ,

نهض من مكانه و اتجه ناحية النافذة ، و وقف يحدق الى السماء بانهاك

" أريد تقريرا شاملا بمجرد أن تنتهي "

" حاضر سيدي "





بعد ساعتين كان الرجل قد أنهى ما كان بصدد فعله ، و جلس قبالة علي و كريم يعطي تقريره النهائي

" حسنا سيدي , بحثنا أولا في إمكانية مغادرة السيدة , من هنا بعد وصولها مباشرة ,

خاصة أن السيد كريم قال أنه اقتنى , تذكرة ذهاب و عودة من أجلها "



هز علي رأسه و قد سمع مؤخرا فقط بهذا التفصيل ، لكنه كان يشعر بالامتنان لصديقه ، لأنه فكر في هذا الأمر ، فيما كان هو على وشك أن يفقد صوابه .


ليضيف المحقق

" لكننا بحثنا في كل المنافذ ، المطارات الموانيء و حتى الحدود البرية , لم يغادر أحد يحمل اسم السيدة "





" ملك لديها جوازين "

علق علي و أجابه الرجل

" أعرف سيدي , أنا بحثت عن اسم السيدة و ليس رقم الجواز ,

استغرقني الأمر بعض الوقت ، لكنني متأكد أنها لا تزال داخل البلد لم تغادر "



صمت قليلا ثم أضاف

" بحثت بعدها عن استخدام مواردها المالية , الحساب الذي فتحته من أجلها لم يمس ,

و الحساب البريدي الخاص بها ، تم السحب منه في اليوم الموالي لوصولها ،

مبلغا يوازي خمسمائة يورو , و لم يتم استخدامه لاحقا الى اليوم ,

حتى حسابها البنكي و بطاقاتها الائتمانية ، لم يتم لمسها منذ أكثر من سنة "



علي كان قد وضع مليون دولار كمؤخر صداق ، في الحساب الذي افتتحه من أجلها ، حينما كانت تعتني بمريم ،

و جعل كريم يضعه في حقيبتها ليلة مغادرتها ، لكنه لم يتفاجا لأنها لم تسحب منه شيئا , لن تكون ملك لو فعلت .





حدق الرجل في الشاشة أمامه و أكمل

" حاولنا بعدها ايجادها عن طريق رقم الهاتف ، لكن لا شريحة باسمها غير القديمة ،

التي تمت سرقتها في دبي ، و التي أغلقت منذ مدة هي الأخرى ,

كما أنني قمت بجرد لوائح المتعاملين الثلاثة , للهاتف هنا و اسمها ليس فيها ,

رغم ذلك يبقى احتمال شراء شريحة ، من طرف أحدهم لها لتستعملها قائما ،

و للأسف لا سبيل لنا للتأكد من الأمر "



" ألا يمكن أنها اقتنت شريحة مؤقتة و ليس خطا ؟ "

سأل كريم ليجيبه الرجل

" حتى لو كان ذلك صحيحا ، القوانين هنا تحتم على الشاري , تقديم بطاقة هوية للحصول على شريحة ,

و كما قلت استخدامها لشريحة , باسم شخص آخر جد وارد , خاصة إذا لم ترد أن يجدها أحد "





هز علي رأسه و استرسل المحقق

" بحثنا أيضا عن اسمها في لوائح الأطباء العاملين ، في مختلف المستشفيات و العيادات العامة و الخاصة ,

و كل الجمعيات الخيرية و المؤسسات الطبية , و لم نجد شيئا يدل على نشاطها حديثا معهم ,

كانت هذه أسرع الطرق , للحصول على معلومات عن السيدة و تقفي أثرها , لكن لم يرد اسمها في أي مكان ,

بعدها بدأنا بالبحث التقليدي , في المستشفيات و الفنادق و دور الرعاية , و لا أثر لها دائما "





شعر علي بالغضب يجتاحه

" ماذا اذا ألن نجدها ؟ "

هو اعتقد أن الأمر سيكون أكثر سهولة من هذا , لكنه يجلس هنا منذ يومين , مع مئات الاتصالات و البحوث دون جدوى , و كأنها تبخرت من الوجود .



رد الرجل بيأس يعتري ملامحه المنهكة , فعلي لا يسمح لهم حتى بالاغفاء لأكثر من ساعتين

" لا أدري سيدي ، نحن نبحث عن شخص بين أربعين مليون نسمة ،
و السيدة مختفية منذ ثلاثة أشهر ، دون أي أثر يدل على وجودها على قيد الحياة , لذلك قد .. "



لم يدع علي الرجل يكمل كلامه , انطلق نحوه و أمسك بياقته و هزه بعنف

" إياك أن تفكر حتى في ذلك "



صرخ فيه كرجل مخبول , هو لن يسمح له بأن يقول في وجهه , أن ملك قد تكون ميتة , حتى لو كان مجرد احتمال لا يريد سماعه ,

هو يعلم كم أن ملك قوية الإرادة , و صلبة العزيمة لتتحمل الكثير , حينما يتعلق الأمر بالمعاناة هي تصمد كصخرة صماء ,

هي لم تحاول انهاء حياتها سابقا , رغم كل ما حدث معها ,

لذلك لن تفعلها الآن أليس كذلك ؟



كان علي يحاول طمأنة نفسه , لكنه لم يعد متأكدا من شيء بعد الآن ,

هي حينما كانت في بيته كانت تصبر و تتماسك , على أمل لقاء والديها و استعادة حياتها السابقة ,

أما الآن و قد فقدت كل ذلك , هو لم يعد يعرف ما قد يحصل معها , و قد اختفى كل ما يجعلها تتعلق بهذه الحياة .





تقدم كريم و فك الرجل من يد علي , و أبعده محاولا تهدئته ثم خاطبه

" لم نستأجرك لتسارع الى استناجات دون جدوى ,
السيدة بإمكانها استئجار مكان نقدا , و العمل في أي عمل مؤقت "

قال و قد تذكر أنها لم تجد حرجا سابقا ، للعمل في مطعم كنادلة .



رد الرجل على افتراضه

" أكيد لكن ايجادها في هذه الحالة ، سيكون صعبا جدا بل شبه مستحيل ,

خاصة أن السيد يرفض ايداع شكوى , فقط الشرطة من بإمكانها ايجادها بسرعة في هذه الحالة "





حدق علي الى الرجل بنظرة غاضبة ، دون أن يقول شيئا , هو أيضا فكر في إعلام الشرطة , لكنه يريد استنفاذ طرقه قبل فعل ذلك .



أضاف كريم بهدوئه المعتاد

" و الجمعيات الخيرية و المنظمات الطبية "



حك الرجل رقبته التي خنقها علي و أجاب

" السيدة اسمها مدون بالفعل , في قائمة جمعية والدتها منذ سنوات , و لكنها لم تسجل أي نشاط منذ أشهر ,

اضافة الى أن الجمعية لم تعد ناشطة كما في السابق "

شعر علي بالاستياء مجددا , فهذا نتيجة سلبية أخرى لما فعله .





" اسم السيدة موجود أيضا ، في لائحة الهلال الأحمر منذ مدة طويلة ,

و لا يمكننا الجزم ان كانت تمت تجديدها , أو أنهم يعتمدون على نفس القوائم ؟ "



" هل بحثت في نشاطاتهم الأخيرة ؟ "

" أجل سيدي و لم نجد اسم السيدة بينهم "



" متى آخر مرة تم تحيين اللوائح فيها ؟ "

" منذ شهرين سيدي "



تقدم كريم من اللوائح , و قد خطرت له فكرة

" أرني ماذا لديك نشاطات آخر ثلاثة أشهر ؟ "



" حسنا سيدي , هناك ثلاثة أماكن ينشطون فيها حاليا "

فتح الرجل اللوائح , و مررها ببطء أمام عينيه

" هناك نشاطين متعلقين بمساعدة المنكوبين , في فياضانات في غرب البلاد بالتعاون مع الجيش ,
و نشاط آخر في أقصى الجنوب , على الحدود مع مالي و النيجر ,
و هو مكلف بمساعدة اللاجئين الأفارقة , و تقديم الرعاية الصحية لهم و لسكان المنطقة "





" أين أسماء الأطباء المعنيين بالمشاركة ؟ "

سأل كريم و تقدم علي هو الآخر يريد إلقاء نظرة





أراه الرجل القوائم مجددا , رغم أنه مشطها يدويا أكثر من مرة , لكن علي و كريم أعادا قراءتها اسما اسما ,

هما يعرفان ملك جيدا , حتى و إن كانت لا تعمل مقابل المال , هي تحب الأعمال الخيرية كثيرا ,

و سيبدو غريبا ان كانت كل هذه الأحداث الساخنة , تدور هنا دون تواجدها بينهم .





في نهاية القائمة أشار كريم الى ملاحظة

" يقولون هنا أن هذه القوائم الرسمية "



" لحظة سيدي "

دخل الرجل الى الموقع مجددا و أعاد الاستفسار



" أجل سيدي يقولون أن هناك الكثير , من المتطوعين في هذه المواقع ,
و أنهم لم يضعو قوائم نهائية بعد , لأنه سيكون صعبا حصر الأسماء حاليا "





نظر كريم و علي الى بعضهما , و كأنهما عثرا على كنز

" متطوعون ؟ "

سألا في نفس الوقت بصوت واحد متأمل .



و سارع كريم لإخراج هاتفه , و الاتصال على صديقه من السفارة , طالبا اتصالات فورية مع المسؤولين ,
للحصول على القوائم الكاملة , للعاملين في المواقع الثلاث .

استغرق الأمر أربعة ساعات كاملة , للحصول على معلومات دقيقة , و كما توقع الرجلان سلفا

" وجدتها سيدي , إنها في المخيم الجنوبي "

صرخ كريم بغبطة عارمة , و استدار ناحية علي

" كان علينا تخمين الأمر منذ البداية "



وافقه علي الذي ضحك من قلبه , و قد لاح له أمل مجددا

" لنذهب "



قبل أن يفتح كريم فمه لقول المزيد , كان علي قد خرج من الباب مهرولا باتجاه السيارة ,

و بعد ساعتين أخريين , كان يجلس في طائرته متجها الى حيث ملك .












أعتذر عن التأخير

رأيكم كيف ستكون ردة فعل ملك لرؤية علي ؟



شكرا لأجمل قراء في الدنيا , تشجيعاتكم و آراؤكم الجميلة , أدفأت قلبي و رفعت معنوياتي ,

ربي يهنيكم أحبابي 💖💞💞



😘💞💞





......



ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-21, 11:58 PM   #2417

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 298 ( الأعضاء 87 والزوار 211)
‏samahss, ‏zezo1423, ‏تماارا, ‏ازهار المغرب, ‏Kemojad, ‏هدى نور الدين, ‏الاوهام, ‏نادية الليل, ‏همس الضلال, ‏فله بنت احمد, ‏hapyhanan, ‏Lazy4x, ‏فراولة البيت, ‏فاطمة الزهراء مروان, ‏lilwom, ‏الق الزمرد, ‏سحر القراءة, ‏rowdym, ‏houdadenguir, ‏غيدائي, ‏سهير مراد, ‏Amonimoni, ‏استغفررالله, ‏Sella ayman, ‏منيتي رضاك, ‏afrah1414, ‏ماسة الرين, ‏هدوء الصمت222, ‏نورهان جمال محمد, ‏Meroi, ‏ريمونده, ‏zahra Mino, ‏Shadwa.Dy, ‏nada alamal, ‏Just give me a reason, ‏زهراء يوسف علي, ‏كنوز كنوز, ‏د/عين الحياة, ‏Alaa_lole, ‏ام فارس طويل, ‏لميس1, ‏مروه أحمد سيف اليزل, ‏ماناهيم, ‏كيس فاضي, ‏inas_jinine, ‏جزيرة, ‏انجيليك, ‏فاايا, ‏soha ahmed5, ‏amana 98, ‏منبع حياة, ‏ميمي777, ‏KoToK, ‏وفيقة2003, ‏أمنيات بريئة, ‏نجاااة, ‏دانة العالم, ‏salfora, ‏غير عن كل البشر, ‏الاف مكة, ‏وردة الطيب, ‏بيكهيون, ‏الجووهره, ‏راء!, ‏ban jubrail, ‏سيدة قصرها, ‏بلانش, ‏دعاء بدر, ‏خالد صلاح, ‏فرفر المناخلي, ‏ابنة العرب, ‏شيزكيك, ‏Kokinouna, ‏ام على تيتو, ‏طربيزة, ‏حبيبة اميري, ‏سلمى ستار, ‏Suzi arar, ‏NoOoShy, ‏شوشو عبدالهادى, ‏Aysa, ‏ملك اسامة, ‏ملك علي, ‏Samah Abu ghazala, ‏آمـــال, ‏Obayda, ‏أمل تألق وارتقى


samahss غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 23-01-21, 12:39 AM   #2418

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 299 ( الأعضاء 101 والزوار 198)
‏ملك علي, ‏لميس1, ‏جوانا وليد, ‏شيم الوفآء, ‏فاطمة الزهراء مروان, ‏انجيليك, ‏الآمال, ‏مريم عبدالرحمن, ‏عمرااهل, ‏غيدائي, ‏مروه أحمد سيف اليزل, ‏nanash, ‏شيرى حازم, ‏ابتسام عبدالله, ‏منبع حياة, ‏كيس فاضي, ‏lilwom, ‏فله بنت احمد, ‏Alzeer78, ‏zahra Mino, ‏amatoallah, ‏الذيذ ميمو, ‏Mamdouh El Sayed, ‏leria255, ‏استغفررالله, ‏ام يوسف الحديدى, ‏samam1, ‏Shadwa.Dy, ‏صباح مشرق, ‏منيتي رضاك, ‏Wafaa elmasry, ‏الاف مكة, ‏فرفر المناخلي, ‏كلابي, ‏ماناهيم, ‏maha_1966, ‏وردة الطيب, ‏فراولة البيت, ‏عيدة ليل, ‏Kemojad, ‏nada alamal, ‏توتا احمد غ, ‏hapyhanan, ‏mango20103, ‏نورهان جمال محمد, ‏Lazy4x, ‏Kokinouna, ‏أم نسيم, ‏أمنيات بريئة, ‏بيكهيون, ‏Meroi, ‏راء!, ‏Time Out, ‏نور الدنيا, ‏inas_jinine, ‏ازهار المغرب, ‏ام فارس طويل, ‏ريمونده, ‏هدوء الصمت222, ‏طربيزة, ‏كنوز كنوز+, ‏Suzi arar, ‏Rashaa84, ‏emerald diamond, ‏سحر القراءة, ‏ميمي777, ‏نادية الليل, ‏Alaa_lole, ‏الق الزمرد, ‏ملك اسامة, ‏afrah1414, ‏هدى نور الدين, ‏ماسة الرين, ‏samahss, ‏تماارا+, ‏همس الضلال, ‏ام ارومة, ‏ام على تيتو, ‏amana 98, ‏موضى و راكان, ‏الاوهام, ‏zezo1423, ‏houdadenguir, ‏rowdym, ‏سهير مراد, ‏Amonimoni, ‏Sella ayman, ‏Just give me a reason, ‏زهراء يوسف علي, ‏د/عين الحياة, ‏جزيرة, ‏فاايا, ‏KoToK, ‏وفيقة2003, ‏نجاااة, ‏دانة العالم, ‏salfora, ‏غير عن كل البشر, ‏الجووهره, ‏سيدة قصرها, ‏دعاء بدر




لا اصدق عدد المتابعين لما اكتب 😍😍
شكرا لدعمكم و حماسكم الجميل 🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-01-21, 12:44 AM   #2419

تماارا

? العضوٌ??? » 480408
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 16
?  نُقآطِيْ » تماارا is on a distinguished road
افتراضي

يا الله احداث ساخنه ،مشوقه ، بعضها مؤلم ومحطم والبعض يدعو للامل ❤سلمت يداك حبيبتي واعطاك الله القوه والصحه 🙏🏻

تماارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-01-21, 12:45 AM   #2420

ام ارومة

? العضوٌ??? » 436780
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 474
?  نُقآطِيْ » ام ارومة is on a distinguished road
افتراضي

ليس هناك ما اقوال غير تفوقت على نفسك من جديد عزيزتي 🥰 🥰 🥰

ام ارومة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ،

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:25 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.