22-01-21, 10:58 PM | #2411 | |||||||||||
نجم روايتي
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 226 ( الأعضاء 70 والزوار 156) موضى و راكان, ali.saad, شوشو عبدالهادى, الاوهام, نادية الليل, سحر القراءة, غير عن كل البشر, فاطمة الزهراء مروان, Aysa, الق الزمرد, هدى نور الدين, lilwom, ملك اسامة, الجووهره, همس الضلال, nada alamal, هدوء الصمت222, منبع حياة, Kemojad, ام فارس طويل, amana 98, ملك علي, Shadwa.Dy, كنوز كنوز, فراولة البيت, hapyhanan, Samah Abu ghazala, mansou, آمـــال, NoOoShy, houdadenguir, Alaa_lole, وفيقة2003, salfora, Just give me a reason, Meroi, فله بنت احمد, Obayda, الاف مكة, أمل تألق وارتقى, Kokinouna, ابنة العرب, هدى الحسني, ريمونده, zahra Mino, samam1, سهير مراد, تعويذة مباركة, ام على تيتو, zezo1423, بلانش, maha_1966, maseelaseel, خالد صلاح, emerald diamond, نورهان جمال محمد, الآمال, سحاب الحربي, Esha, khalloussa, لامار جودت, Marwa11, صباح مشرق, هانا مهدى, ازهار المغرب, ملوكه*, سلمى ستار, مريم@, Susan zidan على موعدنا بعد ساعة يا جميلة | |||||||||||
22-01-21, 11:57 PM | #2416 | ||||
| البارت الواحد و العشرون بعد المائة اشاعات و حقائق 🔥 " أنا قادمة " رفعت عدراء صوتها و هي تغادر المطبخ , لتطلب التريث من الشخص الذي يدق الباب , حيث كانت منهمكة في تحضير العشاء , و قد قطع صوت الطرقات انغماسها , في عمل الثريدة التي يحبها عز الدين . دنت المرأة بخطوات متسارعة ناحية الباب , و هي تحاول تجفيف يديها في فوطة نظيفة , قبل أن تمد يدها و تزيل القفل و تفتحه , لثوان معدودة تجمدت يدها على مقبض الباب , اتسعت عيناها عن آخرها , و فغرت فمها من هول الصدمة , فيما تزايدت ضربات قلبها بطريقة مخيفة , كيف لا و ابنتها التي لم ترها لعدة شهور , تقف في المدخل و تحدق ناحيتها , بعيون باكية و ملامح مشتاقة . سرعان ما تخطت عدراء ذهولها , لترتمي على جسد ابنتها النحيل , و تختطفها لتضمها الى صدرها , و قد بدأت عيناها بذرف دموع غزيرة و حارة " حبيبتي , اشتقت لك حد الموت , يا يما كم حلمت برؤيتك في كل ليلة , حنونتي توحشتك بزاف , قلبي تفتت في غيابك يا حبيبة " ضمتها عدراء الى صدرها بقوة , و قد انفلتت فجأة مشاعرها الأمومية المكبوتة , التي تحاول السيطرة عليها منذ رحيل ملك , كانت تبكي تشهق و تقبلها , في كل مكان من وجهها في نفس الوقت , دون أن تتوقف عن التعبير عن اشتياقها لها , و عذابها في بعدها عنهم , استسلمت ملك لأحضان والدتها و حنانها , و قد اختفت كلماتها من على لسانها فجأة , و لم تعد تقدر على قول حرف واحد , و اكتفت بالانخراط هي الأخرى , في وصلة نحيب أليمة متعلقة بجبة والدتها , و كأنها ترغب في الاختباء داخل صدرها , علها تنسى بعضا من عذابها و معاناتها . بعد مرور نصف ساعة , و الأم و ابنتها تقفان بالباب , تحاولان اطفاء شوقهما لبعضهما , انسحبت عدراء الى الوراء خطوة واحدة , و أمسكت وجه ابنتها بين يديها الدافئتين , ثم بدأت تراقب ملامحها المحببة بكل تمعن و دقة , و كأنها تبحث عن أي تفصيل اختفى منها " يا الهي حبيبتي أنت هنا فعلا , لا أصدق أنك الآن أمامي بعد كل هذا الغياب , لكم عانيت و تمنيت رؤيتك و لو للمحة " كانت عدراء تمسح على وجنتها , و كأنها تتأكد مما تراه عينيها , خشية أن يكون سرابا أو هلوسة , فهي لم تكن تصدق نظرها , و قد برمجت روحها على امكانية , اختفاء ملك تماما من حياتها هي و زوجها . " أنا هنا ماما لقد عدت , و قد اشتقت لكما كثيرا جدا " قالت بصوت مكبوت من التأثر , و ارتمت عليها مجددا تقبلها علي يديها و وجهها , و تأخذ أنفاسا عميقة من رائحتها التي حرمت منها , كما كانت تفعل دوما منذ كانت طفلة , فلطالما كانت علاقتهما حميمة جدا و مقربة . استمر الأمر لساعة كاملة , لم تدر ملك كيف جرتها والدتها , وصولا الى داخل الصالون , لتجلسها على الأريكة و تقابلها , مستمرة في تفحص وجهها , و كأنها تبحث عن أمر ما , كانت تمسك يدها و تمسد على كفها , ثم تمد أصابعها لتعديل خصلات شعرها التي اشتاقت تمشيطها , كما اشتاقت لكل ما كانتا تفعلانه سويا . " كيف حالك حبيبتي ؟ كيف كنت تبلين طوال هذا الوقت ؟ " بعد تردد لدقائق محاولة الاستمتاع , بوجود فلذة كبدها دون تشويش , بدأت عدراء تسأل عن تفاصيل عامة , و لم تكن تجرؤ على السؤال مباشرة , عن حياة ملك الماضية و زواجها , و كأنها تخشى سماع أخبار ذلك الرجل , فقد انتبهت الآن فقط , بعد استيقاظها من نشوة اللقاء , الى الوضع المريب لحياة ابنتها , بعدما جرفها طوفان المشاعر و الاشتياق , و أنساها عذاب شهور طويلة , و رغم أنها كانت تتحرق لمعرفة ما يحصل , الا أن الغصة في قلبها لم تبرحه أبدا , و اكتفت ملك برسم ابتسامة باهتة و هزت رأسها " بخير ماما , صرت بخير بعدما رأيتك و دخلت بيتنا " أجابت بصوت متحشرج و مهزوز , و كأنها تخشى قول ما تشعر به حقيقة , فتثير قلق و ألم والدتها كيف لا و هي لحد الساعة , لا تعرف ما عليها قوله , أو من أين عليها أن تبدأ , حتى تشرح ما حصل معها . أخذت عدراء نفسا عميقا , و سألت مجددا و هي تشير الى الخارج " و ذلك الرجل أهو معك ؟ " ارتجف قلب ملك لذكر علي هنا , و قد توقعت أن يتأجل الحديث عنه الى وقت لاحق , لكن القدر و كأنه يعاندها و يزيد في عذابها , و قد بدأت عيناها المحتقنتين في البكاء مجددا , و هي تشيح بوجهها عن أنظار والدتها , حتى تتفادى ملاحظتها للألم في عينيها , ما بث القلق و التوتر في قلب عدراء , و قبل أن تحزم ملك أمرها , و ترتب كلماتها لتقول ما تريده , سمعت صوتا محبوبا آخر , ينادي اسمها بكل عاطفية " ملك ؟ " كان والدها يقف بالباب بملامح مصدومة , و كأنه لا يصدق عينيه هو الآخر , حتى أنه أفلت حقيبة يده , التي وقعت على الأرض دون ادراك منه . دون أي تردد قامت ملك من مكانها , و ركضت لتندس في أحضان والدها , و قد دخلت بالفعل وصلة نحيب جديدة , و هي لا تصدق أنها تستمتع مجددا , بهذا الدفء الذي اعتقدت أنها حرمت منه الى الأبد , و لم يجد عز الدين الا أن يمد كفه , و يمررها على شعرها كما كان يفعل دائما , باثا مزيدا من الطمأنينة في قلبها . " كيف حالك ملك ؟ " سألها أخيرا بصوت مرتجف , و قد كانت نبرته أقل حنانا مما تتذكرها . انسحبت ملك مجبرة من صدر والدها , و كفكفت دموعها المتلاحقة بيدها , قبل أن تجيبه بصوت هامس " الحمد لله بابا , كيف حالك أنت ؟ " أخذ الرجل نفسا عميقا , و كأنه يمنع نفسه من قول أمر سيء , قبل أن يجيبها بنبرة باردة " بخير الحمد لله , نستمر بالعيش بسعادة رغم كل ما حصل " بسماع جوابه عرفت ملك , أن المواجهة على وشك أن تبدأ , و أن كل آمالها لتأجيل الحديث , في الموضوع الى وقت لاحق , حتى تستعيد توازنها النفسي محض أحلام , دون حتى أن تدرك , ما الذي تريد التفكير فيه , قبل البوح لوالديها ما حصل معها بالفعل , أو ما الذي تنتظر حدوثه قد يغير مسار , ما سيحصل بخصوص علاقتها بوالديها , و ما كان منها الا أن طأطأت رأسها , و عضت على شفتها لا تعرف ما تقوله , و تستهل به حوارها المؤجل مع من أنجباها , و كذبت عليهما لشهور طويلة , بقدر استياء ملك من تصرف علي , الذي خيب حسن ظنها فيه , و خان مشاعرها ناحيته بأسوء طريقة , و قد تخلى عنها بكل بساطة , كشيء مهمل لا يحتاج وجوده في حياته , بقدر ما تجد نفسها غير قادرة , على قول حرف مما حصل معها هنا , و هي تدرك أن ذنبها , في اخفاء الحقيقة عليهما , لا يقل سوءا عما ارتكبه علي في حقها . كانت ملك تقف لا تقول شيئا , و لا يسمع الا صوت أنفاسها المتهدجة , و هي تشبك يديها أمامها مانعة ارتجافهما , و قد سرى تيار بارد على كل جسدها . حدقت عدراء بعيون قلقة ناحية زوجها , و قد أخافها الصمت الذي خيم فجأة على الأجواء , بعدما كانت حرارة الدموع و دفء اللقاء يلف المكان , تنهد عز الدين من أعماق قلبه , قبل أن يبادرها بنبرة ثابتة , و قد بدأ استجوابه للتو " اذا أين ذلك الرجل ؟ " سأل عن علي بصفة نكرة , فبالنسبة له هو لا يعترف بعلاقته بملك , كزوج لها أو كصهر له , و لن يعترف بها حتى مماته . ارتجفت أوصال ملك , و سرت قشعريرة على طول ظهرها , قبل أن تجيبه بصوت مرتجف , دون أن ترفع عينيها عن الأرض " لم يأتي " كانت الاجابة الوحيدة المتأكدة من صحتها , فهو تركها في المطار و غادر , دون حتى أن يكلف نفسه عناء الاطمئنان عليها , أو معرفة ما آلت اليه حياتها البائسة . تبادل الزوجان النظرات المتوجسة مجددا , و قد كانت عدراء متوترة , فيما كان عز الدين يشعر بالغضب يتصاعد داخل صدره " أكيد رجل جبان مثله , لن يقدر على مواجهتنا بعدما فعله " علق في انتقاد لاذع لتصرف علي و شخصيته , آلم قلب ملك و جرح روحها أكثر مما توقعت , رغم أنها تعرف أنه محق في سخطه عليهما . " حبيبتي هل سيأتي زوجك لاحقا للزيارة ؟ " حاولت عدراء تلطيف الجو المكهرب , لينهرها عز الدين بأن رمقها بنظرة حارقة , طالبا منها عدم الاستفسار , عن قدوم ذلك الرجل للزيارة من عدمها , و تحذيرها منذ الآن من أن تقف في صفه . تمالكت ملك نفسها , و قد شعرت أن أنفاسها انخنقت فجأة , قبل أن تهمس مجددا " لا ماما لن يأتي أبدا " شهقت عدراء بصوت مسموع , و وضعت يدها على صدرها , متغبنة على وضع ابنتها و سارعت للتخمين " هل انفصلتما ؟ " فتحت ملك فمها للاجابة بنعم , لكن والدها قاطعها بنبرة ثائرة و ساخرة " طبعا لا , ألم تري الصور و الفيديو من وداعهما في المطار , مع كل تلك القبلات و الأحضان ؟ واضح أنهما على وفاق بينهما , لكن دون وجودنا في حياتهما " شعرت ملك بالتشوش من سماع ما قاله والدها , و رفعت وجهها ناحيته لتحدق اليه , بعينين مندهشتين و جبين مقطب " فيديو المطار ؟ " همست بين شفتيها بحيرة كبيرة , و هي لا تفهم عما يتحدث , ليضيف عز الدين ردا عليها " أجل الفيديو الذي اكتسح الانترنت البارحة , أو أنك تعتقديننا سنصدق أنكما انفصلتما , و أن وجودك هنا من دونه أمر مقبول " عز الدين كان قد شاهد الفيديو , الذي رآه الكثيرون على الانترنت , مع فرق أنه يعرف الوجوه التي داخل التسجيل , و رغم أن المقطع اختصر على قبلة الجبين , و الحضن الحار بين ملك و علي , الا أن لهيب المشاعر بينهما , كان واضحا كوضوح الشمس في كبد السماء , لكنه لم يتخيل أن وجهة ملك هي بلدها , و قد اعتقد أن علي هو من على وشك السفر , و ملك تقوم بتوديعه بحرارة في المطار . برؤية ردة فعل ابنته المصدومة , التي لم تتوقع أن ذلك الفراق الأليم , قد صور بهذه الطريقة المخالفة , صار عز الدين متأكدا أكثر من شكوكه , في أن علي أرسل ملك في زيارة لهما وحدها , و لم يكلف نفسه عناء القدوم , و مرافقة زوجته أمام والديها , مما أثار حنقه عليه أكثر " ماذا ملك ؟ هل يشعر زوجك بالاحتقار ناحيتنا , لدرجة ارسالك وحدك الى هنا ؟ " " هل هذا صحيح ملك ؟ " سألت عدراء عن حقيقة الأمر , لتوقف رد ملك المستهجن على افتراض والدها , و قد صدمها أكثر يقينهما , بأن الكذبة التي قالتها حقيقية , دون أي تشكيك بشأنها " لا ماما ليس كذلك أنا ..." قاطعها والدها بنرفزة كبيرة , لم تره عليها الا نادرا ليسترسل " ماذا اذا ملك ؟ قولي أنه لا يحتقرنا لأننا أقل أهمية , من أن يأتي و يرافقك ؟ قولي أنه لا يحتاج احترامنا , و كيف يفعل و قد حصل عليك بكل سهولة , دون الحاجة لأخذ اذننا , و أنت من سمح له بذلك ؟ قولي أن بقاءك معه طوال هذه المدة , لا يغير شيئا في علاقتك بوالديك , فنحن مجرد خضار فوق طعام , لا تحتاجين رضانا في شيء , فلم يفعل هو ؟ ذلك الرجل المغرور المتكبر , الذي كان يجلس و يتباهى أمامي , بأنهما تزوجا من ورائنا , بكل قلة احترام و وقاحة , لم نعتقد الآن أنه تهذب فجأة , و قرر زيارة أصهاره عديمي القيمة و مجاملتهم ؟ " صرخ عز الدين آخر كلماته , و قد بدا أنه يحمل ضغائن كبيرة جدا , اتجاه علي و حتى ملك , فما فعلاه من وجهة نظره , لا يستحق الصفح أو التغاضي . حدقت ملك بخوف الى والدها , قبل أن تجيب بحروف مرتجفة " بابا الأمر ليس كما فهمت " ابتسم عز الدين بسخرية , فيما عدراء تقف متفرجة , لا تعرف كيف و بما تتدخل , و قد بدأ قلبها يؤلمها , على حال ابنتها البائسة , قبل أن ينفجر زوجها مجددا في وجهها " مالذي لم أفهمه أنا يا ابنتي العزيزة ؟ ألم تكوني في بيته يومها ؟ ألم تعترفي بلسانك هذا , أنك متزوجة منه و أنك لن تغادري معي ؟ ألم تكونا تعيشان في سعادة تامة , دون الاهتمام لمعاناة هذين الأحمقين لفراقك ؟ مادمتما سعيدان هكذا , لم تحتاجين الى المجيء الينا الآن , و تكليف نفسك عناء مواجهتنا ؟ كنت بقيتي و أسست عائلتك , أنجبت أطفالك و نسيتي أمرنا , كما نسينا نحن أمرك " " بابا صدقني الأمر ليس كما فهمته , حصلت الكثير من المشاكل قبل قدومك , و أنا لم أتخلص منها الا الآن , أنا و علي كان زواجنا ..." " لا تذكري اسمه أمامي " علا صوت عز الدين بحنق كبير , فمجرد ذكر ذلك الرجل على لسانها , يؤجج نيران حقده ليضيف " كان زواجكما خدعة لنا , هذه هي الحقيقة الوحيدة , بيع نفسك له كأي امرأة منحطة , من وراء ظهورنا لدرجة الحمل بطفله , لن تغيره أية تبريرات , و أي شيء قد تقولينه , لن يزين سوء ما حصل يا ابنتي " برؤية ملامحها المستنكرة , و وجهها الغارق في الدموع , زاد توتر عز الدين ليصرخ ممسكا بذراعها , في أول مرة يمد يده على ملك دون احتضانها " هيا يا ابنتي , هيا قولي أنك لم تكوني , موافقة على الارتباط به , و أنه خدعك و غرر بك لتحملي بطفله , قولي أنه أغواك بماله أو بمركزه , و جعلك زوجة ثانية دون رضاك , قولي أن كل ذلك تم دون ارادتك , و أنا سأذهب الآن فورا , و أضع رصاصة بين عينيه , و سأحوله الى جثة تنهشها الكلاب , لأن هذا فقط ما سيشفي غليلي " اتسعت عينا ملك بذعر لسماع تهديد والدها , و شعرت أن روحها على وشك مغادرة جسدها , فيما أعز رجلين الى قلبها , يحقد أحدهما على الآخر بشدة , مع امكانية تحول والدها الى قاتل و علي الى قتيل , مما حبس الكلمات في حلقها , و لم تجرؤ على قول حرف واحد . استمر عز الدين يصرخ بطريقة هستيرية , و قد استعاد كل تلك الذكريات المشؤومة , من رحلتيه الى بيت ابنته , خاصة موضوع حملها الذي لم يستسغه يوما , و الذي لا يزال غير متأكد من حصوله قبل أو بعد الزواج , قبل أن يمسك بصدره , بملامح متألمة و جبين متعرق , منبئة عن قرب حصول نوبة قلبية , ليثير هلع ملك و زوجته , اللتين سارعتا لامساكه كل واحدة من ذراع , و مساعدته على الجلوس الى الأريكة . " بابا هل أنت بخير ؟ " سألت ملك بخوف كبير , و قد عايشت مثل هذه اللحظات الأليمة مرة مسبقا , حينما تعرض والدها لأول نوبة , و تم نقله على جناح السرعة , الى المشفى لاجراء قسطرة لقلبه . لكن الرجل التزم الصمت و تجاهل اهتمامها , و كأنه يخبرها أنه لا يحتاج شفقتها . بمجرد أن اعتدل في جلسته , حتى افتك عز الدين ذراعه عنوة من قبضة ابنته , و كأن يدها مزروعة بالشوك , و كيف يعيد ذلك الشعور بالحنان و الدفء , الى الكف التي يعتقد أنها , تدنست بأبشع طريقة ممكنة . " عز الدين حبيبي هون عليك ؟ لا يجب أن تتوتر هكذا , كل شيء يحل بالهدوء " حاولت عدراء تخفيف الضغط عليه , و هي تمسد بين كتفيه بحنان , و تلقي نظرة متوسلة ناحية ملك , حتى لا تصعد في الموقف و تعانده , و تتسبب في أزمة صحية سيئة لوالدها . برؤية ما يحصل أمامها , لم تصر ملك على الوقوف قربه , تراجعت الى الوراء خطوتين , و وقفت تراقب والدتها تناوله دواءه و تواسيه , فيما استمرت دموعها في الانهمار , دون الرد على ما قاله " و كيف تفعل و ماذا ستقول ؟ " اذا كان الرجل على وشك الانهيار , و هو يعتقدها مذنبة و متواطئة مع علي في خيانتهما , أكيد سيصاب بنوبة قاتلة مباشرة ان هي قالت , أمرا واحدا عما حصل حقيقة , سيموت ان عرف أنها كانت ضحية طوال هذا الوقت , و أنه أهمل دعمه لها في وقت حاجتها له , و لن يتسنى لها حتى شرح الوضع , بطريقة أقل ضررا قبل أن يموت كمدا عليها , و قد بدأت تحمد الله , لأنها لم تبح بشيء من مشاعرها , و توثق علاقة حقيقية مع علي , قبل القدوم الى هنا , فذلك كان كفيلا بأن يقضي عليه . والدها عنيد جدا و هي أدرى الناس بذلك , و لن يثنيه شيء عن الذهاب , خلف علي طلبا للثأر , ان هي اعترفت لهما بكل الحقيقة , و كأن كل تضحياتها ذهبت سدى , و قد وجدت نفسها في ذات الموقف , الذي شهدته قبل شهور في منزل علي , و كأن القدر كتب عليها أن تضحي , كل مرة لحماية من تحبهم , و قد انظم الرجل الذي ظلمها , الى القائمة بطريقة مثيرة للشفقة , فبقدر ما ترغب بحماية والدها , من الموت كمدا أو التحول الى قاتل , بقدر ما ترغب في حماية علي من ميتة شنيعة , هي متأكدة أن والدها لن يتنازل عنها مهما قالت . نعم علي الذي أقسمت أن تجبر قلبها , على أن يكرهه من أول ثانية في الطائرة , لا يمكنها اقناع نفسها , بتركه لمصير بائس على يد والدها . شعرت ملك بدوار فجأة و شحب وجهها , و هي لا تعرف ما اقترفته في حياتها , حتى توضع في موقف مشابه في كل مرة , لا طاقة لها على تحمله , و تكون مجبرة لالتزام الصمت , حفظا لحياة من تحبهم . حدقت ملك بعينين زائغتين الى والديها , و فكرت في اعلام عدراء وحدها بالحقيقة , لكنها تعرف والدتها جيدا حتى تدرك , أنها لن تحتفظ بالأمر سرا مطولا , خصوصا اذا أصر والدها على تحميلها المسؤولية , ستقف عدراء في وجهه دون تردد , و تخبره بما يضمن الصفح لابنتها . يا الهي هي التي اعتقدت لوقت طويل , أن قول الحقيقة سيعيد لها حياتها المسلوبة , اتضح أن اخفاءها أقل ضررا , على الأقل والدها تأقلم مع الوقت , مع فكرة زواجها دون موافقته , ستكون دون رحمة و دون عقل , ان هي قلبت الموازين و خلطت الأوراق , لتخبره أنها استغفلتهما طوال هذه الفترة . بلعت ملك ريقها الذي جف بعناء , و كأنها تعض على الشوك بين فكيها , قبل أن تحزم أمرها أخيرا , و تتخذ قرارها دون تراجع " ماما هل يمكن أن آخذ أوراقي و متعلقاتي ؟ " سألت والدتها بنبرة مرتجفة , ليرمقها والدها بنظرة ساخرة و يزجرها " عرفت أنك لم تأت هكذا لوجه الله لزيارتنا , واضح أن شهر عسلك انتهى , و قررت استئناف مستقبلك مجددا , هيا عدراء اذهبي و أحضري أوراقها لتسرع و تغادر , فقد يغير ذلك الرجل رأيه و يطلقها " كان كلام عز الدين جارحا جدا , لدرجة توقفت فيها أنفاس ملك , لثوان معدودة من وطأة الألم , لكنها وقفت هناك بملامح صامدة , بامكان والدها أن يقول ما يشاء , ان كان هذا ما يريحه , و هي لن ترد عليه أبدا , لم تفعل سابقا طوال سنوات حياتها لتبدأ الآن . ترددت عدراء لدقائق مطولة , منتظرة تراجع زوجها عن اهاناته و قراره , لكنه استعجلها هي الأخرى بصوته المستاء " هيا عدراء ماذا تنتظرين ؟ ابنتك مستعجلة للرحيل , لا تجعليها تنتظر كثيرا " غادرت عدراء بخطوات مثقلة و قلب دام , و سرعان ما عادت مع محفظة كبيرة في يدها , تحوي كل شهادات ملك و أوراقها الثبوتية , ناولتها المرأة المحفظة بعيون دامعة , و كأنها تتوسلها أن لا تستمع لوالدها , و تبقى رغما عن معارضته , لكن ملك كانت تعلم أنها ببقاءها الآن هنا , سيدركان عاجلا أو آجلا أنهما انفصلا , و قد يكون وقعه أسوء عليهما , لذلك فالقرار كان أن تغادر حاليا , لربما تغير أمر ما مستقبلا لصالحها , أو قبل والدها بعودتها , دون اضطرارها لقول ما يهدم حياة الجميع . اكتفت ملك بأن ابتسمت لوالدتها , و احتضنتها بشغف عارم لمرة اضافية , قبل أن تأخذ محفظتها من يدها و تستدير للمغادرة , قبل خطوتين من باب الخروج , استوقفها صوت عز الدين , و قد كانت نبرته مهزوزة رغم ادعائه صلابة زائفة " لا داعي لعودتك لاحقا كما حصل اليوم , أنا و والدتك اتخذنا قرارنا ببترك من عائلتنا , لن ينالك الا النبذ ان عدت , لذلك وفري علينا كلنا عناء اللقاء مستقبلا , و لا تعودي مجددا " قال بصفة نهائية لا تقبل النقاش , غرس بها خنجرا في قلب ملك , التي لم تستطع الالتفاف و التحديق ناحيتهما , و اكتفت بأن تمتمت بين شفتيها " أنا آسفة " و خرجت بخطا حثيثة ناحية الشارع , وقفت مليا تحت رذاذ مطر الشتاء , الذي برد قليلا من جراحها الملتهبة , أغمضت عيناها بألم داهم , و رفعت وجهها الى السماء " فليسامحك الله يا علي , لأنني لن أفعل يوما في حياتي " استوقفت بعدها سيارة أجرة , و غادرت الى المجهول تحت جناح الظلام , و تحت أنظار والدتها المنهارة من خلف النافذة , و التي لم تستطع استجماع شجاعتها , و الوقوف في وجه زوجها للصفح عن ابنتهما , داعية الله أن يهدئ النفوس , و تتغير الأوضاع علها تستعيد ابنتها يوما . عادت عدراء وحيدة الى غرفتها , لتبكي براحتها تاركة زوجها في الصالة , يجتر أحزانه هو الآخر , محاولا اقناع نفسه أن ما فعله هو الصواب , و كل ما شعر به هو الرثاء لحاله , و الحال المزرية التي آلت لها ابنته , بعدما كانت أعز ما يملك و الذنب اتجاه عدراء التي سيحرمها , من رؤية وحيدتها ربما لآخر حياتها . استرجعت عدراء بكثير من الأسى , ذكريات زيارة ملك اليتيمة لبيتها , و صدامها المرير مع زوجها , فلم تكف لحظة منذ ذاك اليوم على لوم نفسها , لأنها لم تكن قوية كفاية لتفرض رأيها , لكن بتذكر حالة عز الدين المنهارة , هي لم يكن لها الكثير من الخيارات , فهو يأتي أولا و قبل كل شيء , كما أن آمالها خابت في ملك , لأنها اعتقدتها ستعود مجددا لترضية والدها , و أنها رحلت فقط لامتصاص سخطه , متأملة أن يغلب حبه لها غضبه عليها , لكن يبدو أنها استأنفت حياتها مرة أخرى , دون أن تلتفت وراءها . . . . " كريم جد لي معلومات الاتصال بذلك الشاب سامي , على ما أعتقد هو طبيب في مشفى والدها " . هذا ما أخبرته ملك ذات مرة , حينما حدثته عن علاقتهما , و قد ركزت على ثقة والدها المطلقة به , فكر علي أنها كانت واثقة من مشاعره ناحيتها , سيبدو من المنطقي أن تلجأ اليه , بعد أن طردها والدها , و هو يرجو فقط أن يكون شهما كفاية , لدرجة الوقوف الى جانبها في محنتها , و ألا يتخلى عنها بسبب ما حصل معها . طبعا لم يكن سامي أول من بدر على باله , بل جدها الرجل شديد البأس , لكنه تراجع عن البحث عنه , فمن المرجح أن تكون ملك , قد أخفت الأمر عنه هو الآخر , و الرجل ليس غافلا كما كانت والدتها , هو لماح ببصيرة قوية , سيكتشف أمر اختفائها بمجرد أن يحدق الى عينيه , و هو لا يريد التسبب في أية تعقيدات , قد تجعل ملك تحقد عليه أكثر , فكان سامي أفضل مكان لبداية البحث , ان كانت معه حقيقة و هذا ما يأمله , سينهي هذا الجنون و يغادر دون رجعة . علي لا يريد التفكير أن مكروها أصابها , و هو بعيد عنها معتقدا أنها عادت لتعيش حياتها بسعادة هو لن يسامح نفسه أبدا , ان كانت ملك تتعذب طوال هذا الوقت , و هو يعيش حياته . امتثل كريم لطلبه , و سرعان ما أجرى اتصالاته , و حصل على رقم سامي و المشفى ، و عنوان بيته في ظرف وجيز . " اتجه الى هذا العنوان " خاطب علي السائق , بعدما اتصلوا على المستشفى للسؤال عنه , و أخبروهم أنه لا يعمل أيام الجمعة , و أنه في بيته حاليا . " ألن نتصل به أولا ؟ " سأل كريم بعدم راحة , للهجوم مبكرا على بيت رجل , بالكاد قابله مرتين سابقا . هز علي رأسه و هو يفكر بعمق " لا سنذهب هناك مباشرة , ليس وقت التصرف بلباقة , و التفكير في الاتيكيت , لا أريد أن أخاطر بفقدان ملك مجددا , ان كانت معه قد لا ترغب في مقابلتي , أو قد يمنعها هو من رؤيتي " علي لا يريد أن يفرض شيئا على ملك , أو يرغمها على مرافقته و العودة معه , هو حتى لا يريد التدخل في حياتها مجددا , يكفي ما عانته بسببه الى حد الآن , كان فقط يريد أن يطمئن قلبه ، برؤيتها أمام عينيه سالمة , و هو مستعد لتقبل قراراتها , مهما كانت مؤلمة له . بعدها هو مستعد للذهاب الى حيث والديها , و شرح ما حصل بالتفصيل و تبرئة ذمتها , هذا أقل ما يمكنه فعله من أجلها . بالوقوف أمام بيت سامي , دق علي الباب برفق , و أخذ نفسا عميقا , بعد خمس دقائق , كانت امرأة حامل من فتح الباب , شابة بملامح سمراء و شعر أسود طويل , في مثل عمر ملك . حدق علي اليها قليلا , لا يعرف ما يجب قوله , قبل أن تبادره هي " صباح الخير سيدي , من تريد ؟ " " احم صباح الخير سيدتي , هل دكتور سامي هنا ؟ " سأل علي مباشرة عن الرجل , متأملا في وجوده هنا . لحسن حظه هزت المرأة رأسها بالايجاب , و قد افترضت أنه أحد مرضاه الكثر , و ربما جاء بحثا عنه من أجل حالة طارئة , فهذا ما يحصل طوال الوقت . " لحظة سيدي سأستدعيه " ردت المرأة بلطف , و قبل أن تترك المدخل نادت خلفها " ملك لا تلمسي ذلك ستحترقين " بسماع الاسم أشعت عينا علي , خفق قلبه و نظر بتأمل ناحية كريم " أخبرتك أننا سنجدها هنا " رغم اللهجة الفرحة في صوته , كان هناك مرارة بين الكلمات , لأن ملك اختارت رجلا آخر غيره , لتلجأ اليه و تطلب المساعدة , لكن هذا غير مهم الآن , الأهم أن تكون بخير , اذا كان هذا عقابه على ما حصل , فهو يتقبله بكل رحابة صدر . بعد خمس دقائق أخرى حضر سامي , حدق بتمعن الى وجه علي , لكنه لم يأخذ وقتا طويلا للتعرف عليه , هو لن ينسى أبدا هاتين العينين السوداوين , اللتين كادتا تلتهمانه حينما كان يواسي ملك في بيته . " أوه مرحبا سيد علي " مد يده للسلام , و سرعان ما دعاه الى الدخول . بمجرد أن جلس علي مكانه بادره بقلة صبر " من فضلك دكتور استدع ملك , علينا أن نتحدث لتوضيح الأمور " نظر اليه سامي بنظرة مشوشة , كمن لا يفهم كلامه ثم أجاب " ملك ؟ أليست معك ؟ " استغرب علي للسؤال و سرعان ما بدأ يغضب " من فضلك دكتور , لست متفرغا لهذه الألاعيب , اذهب و أخبرها أنني لن أغادر الا اذا رأيتها , و لا داعي للتمثيل و الانكار , فقد سمعت المرأة التي فتحت لنا الباب , و هي تنادي عليها بوضوح " قطب سامي جبينه ، و حدق بحيرة ناحية علي , محاولا استيعاب ما يحصل , و سرعان ما رفع صوته مناديا " ياسمين تعالي لحظة " قدمت المرأة الحامل تمشي ببطء , كانت تبدو على وشك الولادة , و هي تجر في يدها طفلة في الرابعة , و قد بدت ملامحها شبيهة بها كثيرا . نظر سامي في وجه علي مجددا و خاطبه " أعرفك ياسمين زوجتي " " ياسمين هذا علي زوج ملك " بدت الدهشة في عيني المرأة للحظات , قبل أن تحييه بلطف , و تجلس الى جانب زوجها , و الطفلة تندس في حضنها " مرحبا " لكن علي لم يجاوبها , بل نظر الى سامي بامتعاض و سأل بفضاضة " هل تزوجت و تركتها ؟ " كان السؤال المنطقي الوحيد ، الذي تبادر على ذهن علي " هذان تزوجا أثناء غياب ملك ، و المرأة الآن حامل في طفلهما الأمر واضح " و زاد تشوش سامي , الذي عدل نظاراته و سأل مجددا " تركت من ؟ " " ملك , ألم تكونا تنويان الزواج , قبل مجيئها الى دبي ؟ " علا صوت علي في وجهه دون مراعاة , و قد بدت نبرته غاضبة جدا ( يا الهي ليس ذنبا آخر ليتحمل مسؤوليته ) دعا علي في سره , لكن سامي عبس بشدة و رد سؤاله بآخر " من قال ذلك ؟ " ثم أضاف بسرعة " هذه زوجتي و هذه ملك خاصتي ابنتي , و ليست ملك التي تبحث عنها " شرح سامي الوضع باختصار , بعدما أدرك أن علي خلط بين ابنته و ملك . اندهش علي لسماع ما قاله , فواضح أنه متزوج بالفعل , منذ أكثر من خمس سنوات هل كذبت ملك بخصوص هذا الأمر ؟ هذا ما لم يستطع علي استيعابه , هي كانت تقول طوال الوقت , أن لديها شخصا تحبه و تريد العودة اليه أو أنها قصدت رجلا آخر ؟ ليضيف سامي بصوت مستهجن " ثم ملك ابنة عدراء , لا يمكنني الارتباط بها " عبس علي فلم يفهم قصده , ليوضح سامي و هو متأكد أن ملك , لم تعلمه بالأمر من تعابيره المشوشة " أنا و عدراء أخين غير شقيقين , هي أختي من والدي " علي "...." " تقصد ابن الحاج مصطفى ؟ " هز سامي رأسه ليؤكد افتراضه " أجل والدتي فرنسية أستاذة في القانون , ارتبطا لفترة قبل أن ينفصلا بسبب ارتباطها بعملها , و عدم قدرتها على الانتقال للعيش هنا " بلع علي ريقه و علق يقصد والدة ملك " لكنك تناديها خالة ؟ " ابتسم سامي و حك جبينه باحراج " حسنا كانت عدراء تجاوزت الثلاثين حينما ولدت , و كنت أجد صعوبة في مناداتها باسمها , لذلك تراوحت الأسماء بين ماني و خالة , الى أن كبرت و قد ترسخ الأمر نهائيا , خصوصا أنها الشخص الوحيد المقرب لي من عائلة والدي , ليس هذا فقط عم عز الدين , كان والدا ثانيا بالنسبة لي , و بعد انتقالهم الى باريس للاقامة قبل ولادة ملك , أقمت في بيتهم لسنوات , بعدما أقنعت والدتي بالانتقال الى جوارهم , و بامكانك القول أنني أدين له , بكل النجاح الذي أعيشه , فقد كان نعم المعلم لي " أنهى سامي ما كان بصدد قوله بنبرة امتنان , و حدق علي ناحيته بنظرات مصدومة , و قد تفاجأ لهذا الكم من المعلومات , ملك لم تقل شيئا من كل هذا , و قد لعبت عليه نفس لعبته مع هيا , و جعلته يصدق أنها في علاقة مع خالها , الآن فقط فهم لم كانت تسمح له , بضمها و تقبيلها دون غيره من الرجال , و هو الذي كان يشعر بالغيرة منه كرجل أحمق . قطع سامي تأمله بأن أكد " أنا لا علم لدي عن مكان ملك اعتقدتها في بيتكما , ما الذي يجري هل انفصلتما ؟ " بسماع السؤال نظر علي ناحية كريم برعب " يعني حتى سامي لا يعلم بأمر الزواج المزيف ؟ " همس في أذنه و عاد لطرح الأسئلة يريد التأكد " يعني ملك لم تأت الى هنا أبدا مؤخرا ؟ " نفى سامي الأمر مباشرة ، فيما انصرفت زوجته لتحضير ضيافة الزوار " لا آخر مرة رأيتها كانت في بيتك , و هي أخبرتني أنها ستبقى لسنة , قبل أن تفكر في المجيء للزيارة , تركت لها رقم هاتفي , لكنها لم تتصل يوما , اعتقدت أنها تريد ترتيب حياتها , بعيدا عن هنا و أنا احترمت قرارها , لم أعلم أن بينكما مشاكل , و ستنفصلان بهذه السرعة , حسنا بدت متعلقة بك كثيرا حينها , حتى عم عز قال ذلك حينما أتى للزيارة " تفاجأ علي للملاحظة الغريبة و سأل للتوضيح " متى كانت هذه الزيارة ؟ " على حد علمه هو لم ير والدها , منذ مواجهتهما في أول يوم , ليبوح له سامي بما يخفيه عنه " قبل مدة قرر السفر للاطمئنان على ملك , لكنه عاد مباشرة و قال أنكما , تعيشان جيدا و لا تحتاجا وجودهما " فتح علي فمه و لم يجد بما يعقب , فلم تكن له أية فكرة عن هذه الزيارة الغامضة , كانت ملك ستفرح كثيرا لرؤيته , و كانت ستكون فرصة جيدة لشرح بعض الأمور , لو أنه دق بابه و دخل بيته . و رجح أن تكون زيارته تزامنت مع الفترة , التي تقارب فيها مع ملك قبل وفاة مريم , و قد ضاعت فرصة ذهبية من يده دون ادراك . تجاوز علي هذا الخبر و سأل مجددا , و كأنه لا يصدق ما قاله سامي " يعني أنت و ملك لم تكونا على علاقة و تنويان الزواج ؟ " تفاجأ سامي لاصرار علي , على ربطه بملك و سارع للنفي " يا الهي اطلاقا , ملك ابنة أختي و أنا خالها , بامكانك التأكد من الأمر بسهولة , لكن بسبب تقارب سنينا , نحن أصدقاء منذ كنا أطفالا في باريس , أو بالأحرى منذ ولادتها و قد كنت أول من حملها , لم تكن تنام الا بين يدي , و كنت لا أغادر بيت عم عز , لأيام حتى أبقى معها , حتى أنني بقيت لفترة طويلة نسبيا في بيتها , بعد انفصال والدي و كنا مثل أخين حقيقيين , كنت طوال الوقت سندها و حاميها , حينما يتنمر عليها الأطفال الآخرون , و كانت هي رفيقتي و كاتمة أسراري , كيف خطر لك حتى تخيل هذا الأمر ؟ " كان سامي يتحدث بهدوء , و هو مقدر لعدم تصديق علي للأمر , فقلة فقط من الناس يعرفون بأمر هذه العلاقة . بلع علي ريقه يحاول استيعاب ما سمعه للتو ليجيبه " هي أخبرتني بذلك " " أكيد كانت تمزح معك أو تغيظك , أصلا أنا و ياسمين تزوجنا بمساعدة ملك , فزوجتي صديقتها المقربة منذ أيام الدراسة , حينما أتيت للعمل في مستشفى عم عز , تعرفت عليها عن طريق ملك و تقدمت لخطبتها , لكن والديها رفضا الأمر , بسبب فارق السن بيننا , و وضعيتي كرجل مطلق , كانت وساطة ملك و والدتها , من أقنعا أنسبائي بالموافقة , في العام الأول لزواجنا , حملت ياسمين و تعبت كثيرا , كانت ملك من يرافقها طوال الوقت , حتى أنها كانت تبات عندنا لأيام ، خاصة أثناء مناوباتي و عملي , و لم تفارقها في المستشفى , حينما أدخلت بسبب خطورة الحمل , لذلك أصررنا أنا و ياسمين أن نسمي الطفلة ملك , و هي بمثابة أم ثانية لها طوال هذه السنوات " توقف سامي قليلا حيث كان يحدق , ناحية المطبخ أين تقف زوجته , و كأنه يفكر فيما يجب قوله , تحت النظرة المصدومة لعلي , قبل أن يضيف " حسنا زوجتي غاضبة منها كثيرا , هي كانت مقربة جدا منها , حتى لو قالت أنها ستتزوج منك , دون علم أهلها ما كانت تخلت عنها , تماما كما ساندتها هي في علاقتها معي , لكنها لم تفكر في الاتصال بها و لا مرة , و لم تسمح لها بالاطمئنان عليها و الوقوف الى جانبها " شعر علي مجددا بعرق بارد يغرق جبينه و ظهره , و بردت يداه و قد شعر بأن دمه تجمد في عروقه , لطالما لزم حدوده , و تردد في الاعتراف بمشاعره , لاعتقاده بأن قلب ملك ملك لهذا الرجل , حتى أنه تركها ترحل حتى لا يكسر قلبها , و يفرقها عنه و يحرمها من حب حياتها ليتضح أن الأمر كله مجرد كذبة ؟ صمت علي لثوان قبل أن يسأل مجددا " ألا يوجد رجل آخر ؟ " كان هذا آخر ما فكر فيه بيأس , ربما هي فعلا مرتبطة برجل آخر , و لكنها كذبت بشأن هويته الحقيقية , خشية أن يؤذيه و ادعت أنه خالها , هو كان يتصرف كالمجنون خلال تلك الأيام , لن يستغرب فعلها ذلك , كي تحميه من انتقامه . هز سامي رأسه بالنفي و رد بثقة " لا أنت الرجل الوحيد الذي تقرب من ملك , و تمكن من اقناعها بالزواج , لم يكن لها علاقات حميمة مع أحد , هذا شيء أنا متأكد منه " حدق اليه سامي لثانيتين بعد , و قد بدا محرجا للتعليق لكنه استرسل " حسنا سيد علي مع احترامي لقراركما بالزواج , لكنه لم يشبه ملك أبدا , لطالما كانت مطيعة مراعية طيبة و شفافة , لم أعتقد يوما أنها ستحزن والديها بتلك الطريقة " صمت علي لثوان يطأطئ رأسه , لا يعلم بما يرد و لا كيف يخبره , أنه كان نذلا و أجبرها على كل ما حصل , و أن لا شيء تم آنذاك كان برضاها و ارادتها , لكنه أرجأ الأمر فلا فائدة من ذكره حاليا , الأهم الآن العثور عليها , هو كان شبه متأكد أنها هنا , و الآن انقلب الوضع تماما . " ملك عادت قبل ثلاثة أشهر بعد أن انفصلنا " قال علي بنبرة المذنب , و بصوت هامس معلنا عن سبب زيارته . في هذه الأثناء جلست ياسمين مجددا , بعد أن وضعت صينية القهوة أمامهم " هل تقول انفصلتما , و أين هي الآن ؟ " سألت و قد شعرت بالاستياء لسماع الأمر نظر اليها علي بقلة حيلة و أجاب " لا فكرة لدي , اعتقدت أنها في بيت والديها أو هنا مع سامي " عبس سامي و قد تذكر أمرا فجأة " يعني هي حينما حضرت قبل أشهر , لم يكن من أجل أخذ شهاداتها و العودة لك ؟ يا الهي هل كنتما منفصلين بالفعل حينها ؟ " " ما الذي تقصده ؟ " كان كريم من سأل هذه المرة , هو يجلس بصمت منذ البداية , تاركا لعلي الفرصة لإجراء الاستجواب , لكنه بدأ يفقد صبره أمام الوضع الغريب . و أجابه سامي بما يعرفه " قبل ثلاثة أشهر أخبرتني خالة عدراء , أن ملك عادت إلى المنزل فجأة , و قد دخلت في نقاش حاد مع والدها , الذي لامها يومها بشدة ، محاولا معرفة مبرراتها لما حصل , لدرجة ارتفع معها ضغطه , و كاد يصاب بنوبة قلبية , لكن ملك حسبها قامت بالاعتذار , و لم تقل شيئا يبرر ما فعلته , اكتفت بعدها بأخذ شهاداتها و أوراقها الشخصية , لأنها تريد العمل أو استئناف الدراسة لا أدري , و غادرت دون أن تقول شيئا , و لا حتى تأخذ أغراضها الخاصة , نحن اعتقدنا أنها عادت اليك و الى بيتها " صدم علي لما سمعه " يعني هي لم تخبر والديها , من الأساس كما افترض , معتقدا أنهما لم يصدقا القصة و طرداها " صمت سامي قليلا ثم أضاف بنبرة جادة " حسنا سيد علي في الحقيقة خالة عدراء أخبرتني , أن والدها كان يمكن أن يسامحها و يقبل اعتذارها , لو كان الرجل الذي اختارته , شجاعا كفاية ليأتي و يعتذر , و يحاول إعادة العلاقة بينهما كما كانت , لكنهما لم يهضما أن تأتي , بعد كل ما حصل وحدها لرؤيتهما , و كأن ذلك الرجل غير موجود في حياتها , و مسؤول عنها كزوجة له , و لا أنهما مهمين كفاية , حتى يتنازل و يأتي احتراما لهما " شعر علي بهذا القدر من الإحراج ، لأول مرة في حياته , وضع كفيه على وجهه بتوتر , مانعا نفسه من الوقوف , و لكم الحائط للتنفيس عن غضبه . ساد بعدها صمت رهيب المكان لدقائق , قبل أن يسترجع علي تركيزه و يسأل مجددا " إذا كانت قد استعادت شهاداتها كما تقول ، لم ليست في المستشفى لاستكمال تخصصها إذا ؟ سألنا عنها لا أثر لها هناك " " ألم تعلم ؟ " سأل سامي و الاستياء باد على وجهه و هز علي رأسه ببطء ، و قد شعر أنه على وشك سماع أسوء خبر الى الآن " لم يبدو بأن الأخبار السيئة ، اختارت التجمع اليوم و القفز في وجهه ؟ " " بماذا ؟ " سأل علي بصوت متوجس نظر سامي الى ياسمين بحيرة ، ثم الى وجه علي و أجاب " ملك تم استبعادها من التخصص منذ أشهر , اعتقدت أنها أخبرتك بالوضع " " ماذا كيف ذلك ؟ " صعق علي لسماع الخبر المفجع , و صرخ في وجهه و كأن عقربا لدغته هو أكثر شخص يعرف مدى , شغف ملك بعملها و دراستها , فصلها عنهما يعني معاناتها . و أجابه سامي " حسنا ملك كانت طبيبة مقيمة , يعني طبيبة بصدد التخصص , و هذه الفئة لديها قانون خاص بها , يعاملون على أنهم طلبة عاملون , تحت وصاية وزارتين الصحة و التعليم العالي , لا يسمح لهم بأخذ أكثر من , شهرين اجازة خلال السنة الدراسية , و إلا تحتم عليهم اعادتها , أما إذا استمر التغيب لفترة أطول , كما حصل مع ملك دون مبرر , يتم تحويل ملفها الى المجلس الطبي , و من حق هذا الأخير إصدار عقوبة ملائمة , قد تصل الى الإيقاف , خاصة اذا لم يجتز الطالب , امتحان الإنتقال الى السنة الموالية " لجم لسان علي و لم يجد ما يقوله , هو لم يسمع عن هذه الأمور يوما , ملك لم تذكر ذلك أمامه , و حدق بدهشة الى وجه سامي الذي استرسل " حاولت في البداية أنا و والدتها , أخذ اجازة لها لمدة شهر , و جددناها لشهر آخر باستعمال ختمها , و بمساعدة رئيسة قسمها التي كانت تقدرها كثيرا , و تثق في مستواها و انظباطها , لكن بعد انقضاء المدة , لم يكن هناك الكثير لفعله , خاصة بعدما استدعيت ملك , للاستفسار عن تغيبها عن الامتحان من طرف اللجنة , و التي رفعت تقريرها الى المجلس الطبي , حاولنا أخذ اجازة طويلة بسبب ظروف خاصة , لكنهم اشترطوا أن تقدمها هي بنفسها , اجتمع بعدها المجلس الطبي , و قرروا توجيه انذار أول لها , و تبع بالثاني بعد شهر , أمام عدم استجابتها أصدروا قرارا , بالفصل و الاستبعاد من التخصص نهائيا , خاصة أن أخبار زواجها في دبي كانت قد انتشرت , و لم يكن بمقدورنا تصحيح الوضع " " يا الهي " كان كل ما قاله علي , قبل أن يضع يده على فمه , و هو يحاول استيعاب ما سمعه للتو ثم سأل بهمس و قد جف ريقه " أين هي إذا ؟ لم هي مختفية ؟ " تدخلت ياسمين أخيرا , و التي كانت تراقب صامتة منذ البداية " هل عليك أن تسأل هذا السؤال فعلا سيد علي ؟ " " ياسمين " نهرها سامي بنبرة محذرة , و حدق إليها علي بحيرة لم يفهم قصدها . لترد ياسمين على زوجها أولا " دعني سامي , من المفترض أنه أفضل من يعرفها , ليخمن ما تعانيه الآن , و أنا أعتقد أن ما تعرضت له ملك غير منصف بالفعل , هي لم ترتكب جريمة ، لأنها اختارت رجلا و تزوجته , أنا نفسي فعلت ذلك , و لكن ماذنبها أن يتخلى عنها هذا الرجل , في أسوء لحظات حياتها " لم يجد علي بما يرد , و قد بدا امتعاض ياسمين منه كبيرا , الآن هو متأكد أنها صديقة ملك المقربة , تمتلكان نفس اللسان اللاذع . لتوجه المرأة كلامها ناحيته مجددا " سيد علي أنا لو كنت مكانها ، لما أظهرت وجهي أمام أحد " " هل يمكن أن توضحي ؟ " لم يجد علي غير السؤال , فعقله توقف عن العمل حاليا . أخذت ياسمين نفسا عميقا و أضافت " ملك بعدما ارتبطت بك بتلك الطريقة , حطمت الصورة المثالية و المشرفة , التي عرفها بها الجميع , بعد عودة سامي و والدها من دبي , و انتشار أخبار زواجها المفاجئ هناك , انتشرت أقاويل و شائعات كثيرة مغرضة عنها , و أسوءها كان أنها حامل , لذلك اضطرت للزواج بتلك الطريقة , ساءت سمعتها كثيرا بين العائلة الكبيرة و الجيران و المعارف , لا أحد في المستشفى ترك الخبر دون تعليق سمج , حتى أنني دخلت في جدال عدة مرات ، لأنني لم أتحمل ذلك لكن دون جدوى , و في النهاية قطعت علاقتي مع بعضهم ، و آخرهم بنات خالها , لأنهن لم يكن يتوقفن عن الثرثرة عن أخلاقها , في المجموعة التي أضافتني لها ملك على الفايسبوك , غيورات بشعات عديمات الحياء " تمتمت ياسمين بينها و بين نفسها بغيظ ، و هي تمسد بطنها , مانعة نفسها من لكم علي ثم استرسلت " لا أحد يعرفها بقدري ، ملك لا يمكنها فعل ما قالوه , لا يمكنني التصديق و لا بعد مائة سنة , صحيح هي رومانسية بعض الشيء , و قد تكون وقعت في غرامك و تزوجتما سريعا , لكنها لم تقترف أيا من تلك الأفعال المنحطة أنا متأكدة , بامكانك بعدها تخيل موقف والديها المزري ، لقد أصبحا منعزلين عن معارفهما ، و قلت نشاطاتهما الاجتماعية بشكل كبير جدا , لم يتحملا نظرات الشفقة , و التشفي في عيون الآخرين ، كانت تذكرهما بخيبة أملهما في ابنتهما الوحيدة , في رأيك هل كان من الممكن التواصل ، مع كل هؤلاء بسهولة بعد عودتها ؟ لو كنت مكانها لفررت الى آخر الأرض هربا من قسوتهم " بدت ياسمين متأثرة جدا بما حصل ، و غاضبة بسبب كل تلك الاتهامات المغرضة , و قدر علي جدا دفاعها عن ملك . " هل يمكن أن أرى المجموعة التي تتحدثين عنها ؟ " طلب علي و ترددت ياسمين قليلا , قبل أن تفتح هاتفها و تناوله له " تفضل لم أعد أدخل الى المجموعة إلا نادرا ، أصلا لم أنسحب فقط , لأنني أردت سماع أخبار ملك ، في حالة عادت و لم تتصل بي ، أردت فقط الاطمئنان عليها " أخذ علي الهاتف بين أصابعه ، و مرر الأحاديث في المجموعة على مهل ، كانت معظمها ثرثرة نسائية ، لكن ما كان يهمه هو الكلام الذي يخص ملك , و الذي كانت ياسمين تشير له من وقت الى آخر , كانت كلها انتقادات لاذعة و شائعات مفبركة ، تلت الفترة التي وصلت فيها الى دبي ، كان هناك أيضا الكثير من كلام التشفي و الأكاذيب , عن كونها فرت خلفه و أثارت فضيحة ، أو أنها كانت حاملا قبل الزواج ، أو حتى أنها طمعت في ماله ، و قبلت أن تكون الزوجة الثالثة أو الرابعة ، لعجوز طاعن في السن . شعر علي بالقشعريرة تسري في جسده لمجرد قراءتها ، متخيلا ألم ملك و شعورها بالمهانة لسماعها مباشرة , الآن فقط فهم الوضع ، لم يكن أي شيء ستقوله ذا فائدة ، لن يصدق هؤلاء حرفا من الحقيقة ، حتى لو صرخت ملك لسنوات في قولها , هو الآن لا يستغرب اختفاءها ، لو كان مكانها لما بقي للحظة معهم . " أين هي اذا ؟ " طرح علي السؤال الأهم هنا مجددا ، و الذي لا يملك أي شخص الإجابة عنه , و عادت ذاكرته للعمل فجأة " و جدها , أكيد أن لديه معلومة ما عن مكان وجودها " تذكر علي أن الرجل كان يؤيد حفيدته حتى و هي في بيته , و كان واثقا من براءتها بطريقة ما , لا يعقل أن يغفل عنها بعدما عادت , و حتى لو تجاهلت ملك العالم كله , حتى لو احتفظت بالحقيقة لحماية والدها , ستجد الحضن الدافئ لدى جدها , فكر علي و قد عاوده الأمل , في العثور عليها مجددا . وافقه سامي سريعا , و سحب هاتفه لاجراء اتصال , و قد بدا الأمر أكثر سهولة , بما أنه من العائلة " حسنا سأرى ما يمكنني معرفته , لكن مبدئيا لو كانت ملك معه , لكان أعلمنا على الأقل " اتصل سامي برقم الشيخ , و بقي ينتظر الرد بصبر , فيما علي يدعو في قلبه , أن تكون ملك معه , و هو مستعد لمواجهة العجوز من أجل رؤيتها " ألو صباح الخير حاج , كيف حالك ؟ " تحدث سامي و قد فتح مكبر الصوت بطلب من علي " صباح الخير سامي كيف حالك ؟ " " بخير حاج , في الحقيقة ياسمين اشتاقت كثيرا لملك , و قد اقترب موعد وضعها , و أرادت أن تعرف ان كانت اتصلت بك مؤخرا أو عادت لرؤيتك " كانت أكثر كذبة مناسبة , فالرجل لن يقول الحقيقة أبدا , ان أدرك أن علي من يبحث عنها . صمت الرجل لثوان مطولة في الطرف الآخر , قبل أن يتنحنح و يجيب بصوت ثابت " لا لم أرها منذ سافرت , أعتقد أنها منشغلة جدا لذلك لا تتصل , اذا كلمتني سأوصل لها كلامك " " حسنا حاج شكرا لك " أنهى سامي الاتصال ليبادره علي " ألا يمكن أنه لا يريد اعلامك بالحقيقة ؟ " هز سامي كتفيه و أجابه بصراحة " يمكن لكننا لا نستطيع التأكد , قد نعرف ان كانت تقيم الآن هناك أو لا , لكن لا أحد سيقول شيئا , ان كانت زارته مسبقا و غادرت , من يعملون معه أوفياء له جدا , لن يقولوا ربع كلمة ان لم يسمح لهم " و بالفعل أجرى سامي بعض الاتصالات بالمقربين من والده , و الذين أكدوا ألا أحد يقيم معه في مزرعته حاليا , سوى أخيه و زوجته دائمي التواجد معه . بعد يأس علي من التوصل الى مكانها ببقائه هنا , وقف للمغادرة يصحبه كريم ، رافضا دعوة سامي على الغداء , وعده سامي باجراء اتصالاته بحثا عنها ، و قد اتفق الرجلان على التنسيق بينهما , و ابقاء والديها بعيدا عن الأحداث , الى أن تحل المشكلة و يجدها , لكنه لن ينتظر أحدا ليبحث مكانه عن ملك ، هذا كان خطؤه منذ البداية , و عليه تحمل مسؤوليته و التوقف عن الفرار كرجل جبان , حيث لم يكن هدف علي ايجادها فقط بل تبرئة اسمها ، حتى لو كان آخر شيء يفعله على وجه الأرض . . . غادر علي رفقة كريم , و الذنب يتآكله لكل ما سمعه ، هو اعتقد أنها ستستعيد حياتها و عائلتها ، بكل سلاسة و بساطة بعد عودتها , خاصة اذا اختفى هو عن الصورة , لكنه اكتشف أنه أساء التقدير و بشدة . فقد اتضح أن مقدار الضرر أكبر مما اعتقد ، و ملك بعنادها المجنون لم تخبر الحقيقة لأحد , كان عليها الاتصال به للومه و لعنه , كان عليها أن تطالبه بتصحيح ما تسبب فيه , كان عليها القاء الذنب عليه و تبرئة نفسها , كما يفعل أي انسان بريء يتهم زورا . لم رحلت اذا دون أن تقول شيئا لأحد ؟ اذا كان هناك مذنب في القصة كلها فهو نفسه ، لذلك لن يسمح بأن تستمر هي في تحمل العبء . إذا كان رجلا حقيقيا كما يظن نفسه , فسيتحمل عواقب ما فعله ، و سيتقبل أي عقاب بصدر رحب , فملك كما قالت ياسمين ، لا تستحق ما حصل و يحصل معها . بمجرد أن وصل الرجلان الى الفندق ، طلب علي أشخاصا كفئين لإجراء البحث ، و أن يتخذوا جناحه مركزا لهم ، كان يريد الإشراف على التحري بكل تفاصيله . و بالفعل خلال ساعات معدودة ، كان اثنين من أفضل المحققين أمامه ، و كان تسجيل المطار أهم مطلب على رأس القائمة " أريد أن أراها بعيني تصل إلى هنا , كريم افعل أي شيء للحصول على التسجيل ، سم أي شخص على مستو عال ، و سأتصل للحصول على الإذن " و بالفعل ببعض الاتصالات مع شخصيات نافذة ، تمكن كريم من احضار نسخة من الفيديو ، جلس علي و قلبه يرتجف من اللهفة , منتظرا ظهور ملك على الشاشة , بعد بضعة دقائق لمح وجهها الحبيب , الذي اشتاقه حد الموت أمامه , و دون ادراك منه مد يده , و مرر أصابعه عليه خلف الصورة , محاولا تخفيف لهيب النيران التي تلتهم روحه , كانت ملك في الصورة تقف في ردهة مطار العاصمة , تنتظر وصول حقائبها بوجه شاحب و ملامح تائهة , و كانت الساعة تشير الى السابعة صباحا , بعد تسلمها لحقيبتها جرتها خلفها ، و بدل المغادرة اتجهت ناحية الكراسي ، بخطوات متعثرة و جلست تحدق في الفراغ . ما لم يتوقعه علي أن لا تحرك ساكنا , لمدة عشرة ساعات كاملة ، و كأنها تحولت الى تمثال و قد فقدت روحها , كانت تبدو كيتيم توفي والديه للتو , حتى اعتقد لوهلة أنها أصيبت بالشلل ، و لم تقو على التحرك و المغادرة , كانت تتجاهل كل من اقترب منها ليسأل عنها ، و لم تكن ترد حتى بايماءة من رأسها , بعدها جالت بنظرات باردة , في الأرجاء و كأنها أفاقت أخيرا ، قبل أن تقوم و تجر رجليها الى خارج المطار . و كانت لقطة مغادرتها بوابة المطار ، بملامح مكتئبة آخر صورة لها يراها . لم يمرر علي لقطة واحدة ، و تأمل كل لحظة من لحظات معاناتها بدقة ، دون أن يبرح مكانه و كأنه يعذب نفسه , كان كل نفس تأخذه ملك كسكين يدمي قلبه ، و كل رمشة ترمشها كرمح يخترق كبده , و لم يشف غليله الا أن وقف من مكانه ، و لكم الحائط حتى أصيبت يده . . . مر يومين على بدء علي و كريم , رحلة البحث عن ملك , دون أن يغادرا الفندق " ما الأخبار عندك ؟ " سأل علي للمرة الثالثة في الساعة الأخيرة ، و قد بدأ صبره ينفذ بالفعل . كان يجلس على الأريكة في جناحه , بملابس البارحة يفرك جبينه بيده ، يحاول تخفيف الصداع الرهيب الذي يعانيه ، و الذي لم يعد تفيده المسكنات , و على مقربة منه عربة الطعام من الفطور صباحا . بدأ كريم يشعر بالقلق من أن يمرض ، و تعاوده قرحة المعدة مجددا ، فهو لم يأكل منذ وطأت رجله المطار ، و يكتفي بشرب أكواب القهوة ليحافظ على انتباهه . أعصابه أصبحت أكثر توترا منذ شاهد الفيديو ، كان حال ملك فيه مؤلما جدا له ، و قد بدا أن شعوره بالذنب قد تضاعف لديه عشرة مرات , و لم تفلح مكالمات علياء أو والدته في تهدئة أعصابه ، حتى سامي لم يستطع العثور على أية معلومة مفيدة . علي يعرف أنه يخرق القانون ، بإجراء بحث عن شخص مفقود ، و التحري في مختلف الإدارات دون إذن , لكن ليس بيده حيلة , هو لا يمكنه الجلوس و الانتظار ، خاصة أنه لا يملك صفة رسمية لإيداع شكوى ، أو طلب بحث رسمي من الشرطة أو سفارته , وحدهما والديها من لديهما الحق في ذلك , مما يعني معرفتهما بما حصل , مع ابنتهما بأسوء طريقة . هو لا يمكنه ترك الأمر يصل إليهما حاليا ، لا يريد شيئا آخر يضاف الى لائحة الأمور ، التي تلومه عنها ملك , لذلك كان يرجيء ذلك الى وقت لاحق , كآخر الحلول المتاحة بعد يأسه من العثور عليها . لكنه كان يلعن نفسه ، لأنه لا يملك معارف هنا تسهل له الأمور ، و قد خسر نفوذه اللامتناهي , فالبحث يسير ببطء و هو لم يعد يتحمل . " لا شيء جديد سيدي ، نحاول الآن اجراء بحث في دور العجزة و الأيتام ، و هي آخر مكان نبحث فيه " أجابه أحد الرجلين الذين استأجرهما للتحقيق . عبس علي بشدة و مسد رقبته المتشنجة ، فهذا هو الجواب الذي يحصل عليه كلما سأل , نهض من مكانه و اتجه ناحية النافذة ، و وقف يحدق الى السماء بانهاك " أريد تقريرا شاملا بمجرد أن تنتهي " " حاضر سيدي " بعد ساعتين كان الرجل قد أنهى ما كان بصدد فعله ، و جلس قبالة علي و كريم يعطي تقريره النهائي " حسنا سيدي , بحثنا أولا في إمكانية مغادرة السيدة , من هنا بعد وصولها مباشرة , خاصة أن السيد كريم قال أنه اقتنى , تذكرة ذهاب و عودة من أجلها " هز علي رأسه و قد سمع مؤخرا فقط بهذا التفصيل ، لكنه كان يشعر بالامتنان لصديقه ، لأنه فكر في هذا الأمر ، فيما كان هو على وشك أن يفقد صوابه . ليضيف المحقق " لكننا بحثنا في كل المنافذ ، المطارات الموانيء و حتى الحدود البرية , لم يغادر أحد يحمل اسم السيدة " " ملك لديها جوازين " علق علي و أجابه الرجل " أعرف سيدي , أنا بحثت عن اسم السيدة و ليس رقم الجواز , استغرقني الأمر بعض الوقت ، لكنني متأكد أنها لا تزال داخل البلد لم تغادر " صمت قليلا ثم أضاف " بحثت بعدها عن استخدام مواردها المالية , الحساب الذي فتحته من أجلها لم يمس , و الحساب البريدي الخاص بها ، تم السحب منه في اليوم الموالي لوصولها ، مبلغا يوازي خمسمائة يورو , و لم يتم استخدامه لاحقا الى اليوم , حتى حسابها البنكي و بطاقاتها الائتمانية ، لم يتم لمسها منذ أكثر من سنة " علي كان قد وضع مليون دولار كمؤخر صداق ، في الحساب الذي افتتحه من أجلها ، حينما كانت تعتني بمريم ، و جعل كريم يضعه في حقيبتها ليلة مغادرتها ، لكنه لم يتفاجا لأنها لم تسحب منه شيئا , لن تكون ملك لو فعلت . حدق الرجل في الشاشة أمامه و أكمل " حاولنا بعدها ايجادها عن طريق رقم الهاتف ، لكن لا شريحة باسمها غير القديمة ، التي تمت سرقتها في دبي ، و التي أغلقت منذ مدة هي الأخرى , كما أنني قمت بجرد لوائح المتعاملين الثلاثة , للهاتف هنا و اسمها ليس فيها , رغم ذلك يبقى احتمال شراء شريحة ، من طرف أحدهم لها لتستعملها قائما ، و للأسف لا سبيل لنا للتأكد من الأمر " " ألا يمكن أنها اقتنت شريحة مؤقتة و ليس خطا ؟ " سأل كريم ليجيبه الرجل " حتى لو كان ذلك صحيحا ، القوانين هنا تحتم على الشاري , تقديم بطاقة هوية للحصول على شريحة , و كما قلت استخدامها لشريحة , باسم شخص آخر جد وارد , خاصة إذا لم ترد أن يجدها أحد " هز علي رأسه و استرسل المحقق " بحثنا أيضا عن اسمها في لوائح الأطباء العاملين ، في مختلف المستشفيات و العيادات العامة و الخاصة , و كل الجمعيات الخيرية و المؤسسات الطبية , و لم نجد شيئا يدل على نشاطها حديثا معهم , كانت هذه أسرع الطرق , للحصول على معلومات عن السيدة و تقفي أثرها , لكن لم يرد اسمها في أي مكان , بعدها بدأنا بالبحث التقليدي , في المستشفيات و الفنادق و دور الرعاية , و لا أثر لها دائما " شعر علي بالغضب يجتاحه " ماذا اذا ألن نجدها ؟ " هو اعتقد أن الأمر سيكون أكثر سهولة من هذا , لكنه يجلس هنا منذ يومين , مع مئات الاتصالات و البحوث دون جدوى , و كأنها تبخرت من الوجود . رد الرجل بيأس يعتري ملامحه المنهكة , فعلي لا يسمح لهم حتى بالاغفاء لأكثر من ساعتين " لا أدري سيدي ، نحن نبحث عن شخص بين أربعين مليون نسمة ، و السيدة مختفية منذ ثلاثة أشهر ، دون أي أثر يدل على وجودها على قيد الحياة , لذلك قد .. " لم يدع علي الرجل يكمل كلامه , انطلق نحوه و أمسك بياقته و هزه بعنف " إياك أن تفكر حتى في ذلك " صرخ فيه كرجل مخبول , هو لن يسمح له بأن يقول في وجهه , أن ملك قد تكون ميتة , حتى لو كان مجرد احتمال لا يريد سماعه , هو يعلم كم أن ملك قوية الإرادة , و صلبة العزيمة لتتحمل الكثير , حينما يتعلق الأمر بالمعاناة هي تصمد كصخرة صماء , هي لم تحاول انهاء حياتها سابقا , رغم كل ما حدث معها , لذلك لن تفعلها الآن أليس كذلك ؟ كان علي يحاول طمأنة نفسه , لكنه لم يعد متأكدا من شيء بعد الآن , هي حينما كانت في بيته كانت تصبر و تتماسك , على أمل لقاء والديها و استعادة حياتها السابقة , أما الآن و قد فقدت كل ذلك , هو لم يعد يعرف ما قد يحصل معها , و قد اختفى كل ما يجعلها تتعلق بهذه الحياة . تقدم كريم و فك الرجل من يد علي , و أبعده محاولا تهدئته ثم خاطبه " لم نستأجرك لتسارع الى استناجات دون جدوى , السيدة بإمكانها استئجار مكان نقدا , و العمل في أي عمل مؤقت " قال و قد تذكر أنها لم تجد حرجا سابقا ، للعمل في مطعم كنادلة . رد الرجل على افتراضه " أكيد لكن ايجادها في هذه الحالة ، سيكون صعبا جدا بل شبه مستحيل , خاصة أن السيد يرفض ايداع شكوى , فقط الشرطة من بإمكانها ايجادها بسرعة في هذه الحالة " حدق علي الى الرجل بنظرة غاضبة ، دون أن يقول شيئا , هو أيضا فكر في إعلام الشرطة , لكنه يريد استنفاذ طرقه قبل فعل ذلك . أضاف كريم بهدوئه المعتاد " و الجمعيات الخيرية و المنظمات الطبية " حك الرجل رقبته التي خنقها علي و أجاب " السيدة اسمها مدون بالفعل , في قائمة جمعية والدتها منذ سنوات , و لكنها لم تسجل أي نشاط منذ أشهر , اضافة الى أن الجمعية لم تعد ناشطة كما في السابق " شعر علي بالاستياء مجددا , فهذا نتيجة سلبية أخرى لما فعله . " اسم السيدة موجود أيضا ، في لائحة الهلال الأحمر منذ مدة طويلة , و لا يمكننا الجزم ان كانت تمت تجديدها , أو أنهم يعتمدون على نفس القوائم ؟ " " هل بحثت في نشاطاتهم الأخيرة ؟ " " أجل سيدي و لم نجد اسم السيدة بينهم " " متى آخر مرة تم تحيين اللوائح فيها ؟ " " منذ شهرين سيدي " تقدم كريم من اللوائح , و قد خطرت له فكرة " أرني ماذا لديك نشاطات آخر ثلاثة أشهر ؟ " " حسنا سيدي , هناك ثلاثة أماكن ينشطون فيها حاليا " فتح الرجل اللوائح , و مررها ببطء أمام عينيه " هناك نشاطين متعلقين بمساعدة المنكوبين , في فياضانات في غرب البلاد بالتعاون مع الجيش , و نشاط آخر في أقصى الجنوب , على الحدود مع مالي و النيجر , و هو مكلف بمساعدة اللاجئين الأفارقة , و تقديم الرعاية الصحية لهم و لسكان المنطقة " " أين أسماء الأطباء المعنيين بالمشاركة ؟ " سأل كريم و تقدم علي هو الآخر يريد إلقاء نظرة أراه الرجل القوائم مجددا , رغم أنه مشطها يدويا أكثر من مرة , لكن علي و كريم أعادا قراءتها اسما اسما , هما يعرفان ملك جيدا , حتى و إن كانت لا تعمل مقابل المال , هي تحب الأعمال الخيرية كثيرا , و سيبدو غريبا ان كانت كل هذه الأحداث الساخنة , تدور هنا دون تواجدها بينهم . في نهاية القائمة أشار كريم الى ملاحظة " يقولون هنا أن هذه القوائم الرسمية " " لحظة سيدي " دخل الرجل الى الموقع مجددا و أعاد الاستفسار " أجل سيدي يقولون أن هناك الكثير , من المتطوعين في هذه المواقع , و أنهم لم يضعو قوائم نهائية بعد , لأنه سيكون صعبا حصر الأسماء حاليا " نظر كريم و علي الى بعضهما , و كأنهما عثرا على كنز " متطوعون ؟ " سألا في نفس الوقت بصوت واحد متأمل . و سارع كريم لإخراج هاتفه , و الاتصال على صديقه من السفارة , طالبا اتصالات فورية مع المسؤولين , للحصول على القوائم الكاملة , للعاملين في المواقع الثلاث . استغرق الأمر أربعة ساعات كاملة , للحصول على معلومات دقيقة , و كما توقع الرجلان سلفا " وجدتها سيدي , إنها في المخيم الجنوبي " صرخ كريم بغبطة عارمة , و استدار ناحية علي " كان علينا تخمين الأمر منذ البداية " وافقه علي الذي ضحك من قلبه , و قد لاح له أمل مجددا " لنذهب " قبل أن يفتح كريم فمه لقول المزيد , كان علي قد خرج من الباب مهرولا باتجاه السيارة , و بعد ساعتين أخريين , كان يجلس في طائرته متجها الى حيث ملك . أعتذر عن التأخير رأيكم كيف ستكون ردة فعل ملك لرؤية علي ؟ شكرا لأجمل قراء في الدنيا , تشجيعاتكم و آراؤكم الجميلة , أدفأت قلبي و رفعت معنوياتي , ربي يهنيكم أحبابي 💖💞💞 😘💞💞 ...... | ||||
22-01-21, 11:58 PM | #2417 | |||||||||
مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 298 ( الأعضاء 87 والزوار 211) samahss, zezo1423, تماارا, ازهار المغرب, Kemojad, هدى نور الدين, الاوهام, نادية الليل, همس الضلال, فله بنت احمد, hapyhanan, Lazy4x, فراولة البيت, فاطمة الزهراء مروان, lilwom, الق الزمرد, سحر القراءة, rowdym, houdadenguir, غيدائي, سهير مراد, Amonimoni, استغفررالله, Sella ayman, منيتي رضاك, afrah1414, ماسة الرين, هدوء الصمت222, نورهان جمال محمد, Meroi, ريمونده, zahra Mino, Shadwa.Dy, nada alamal, Just give me a reason, زهراء يوسف علي, كنوز كنوز, د/عين الحياة, Alaa_lole, ام فارس طويل, لميس1, مروه أحمد سيف اليزل, ماناهيم, كيس فاضي, inas_jinine, جزيرة, انجيليك, فاايا, soha ahmed5, amana 98, منبع حياة, ميمي777, KoToK, وفيقة2003, أمنيات بريئة, نجاااة, دانة العالم, salfora, غير عن كل البشر, الاف مكة, وردة الطيب, بيكهيون, الجووهره, راء!, ban jubrail, سيدة قصرها, بلانش, دعاء بدر, خالد صلاح, فرفر المناخلي, ابنة العرب, شيزكيك, Kokinouna, ام على تيتو, طربيزة, حبيبة اميري, سلمى ستار, Suzi arar, NoOoShy, شوشو عبدالهادى, Aysa, ملك اسامة, ملك علي, Samah Abu ghazala, آمـــال, Obayda, أمل تألق وارتقى | |||||||||
23-01-21, 12:39 AM | #2418 | ||||
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 299 ( الأعضاء 101 والزوار 198) ملك علي, لميس1, جوانا وليد, شيم الوفآء, فاطمة الزهراء مروان, انجيليك, الآمال, مريم عبدالرحمن, عمرااهل, غيدائي, مروه أحمد سيف اليزل, nanash, شيرى حازم, ابتسام عبدالله, منبع حياة, كيس فاضي, lilwom, فله بنت احمد, Alzeer78, zahra Mino, amatoallah, الذيذ ميمو, Mamdouh El Sayed, leria255, استغفررالله, ام يوسف الحديدى, samam1, Shadwa.Dy, صباح مشرق, منيتي رضاك, Wafaa elmasry, الاف مكة, فرفر المناخلي, كلابي, ماناهيم, maha_1966, وردة الطيب, فراولة البيت, عيدة ليل, Kemojad, nada alamal, توتا احمد غ, hapyhanan, mango20103, نورهان جمال محمد, Lazy4x, Kokinouna, أم نسيم, أمنيات بريئة, بيكهيون, Meroi, راء!, Time Out, نور الدنيا, inas_jinine, ازهار المغرب, ام فارس طويل, ريمونده, هدوء الصمت222, طربيزة, كنوز كنوز+, Suzi arar, Rashaa84, emerald diamond, سحر القراءة, ميمي777, نادية الليل, Alaa_lole, الق الزمرد, ملك اسامة, afrah1414, هدى نور الدين, ماسة الرين, samahss, تماارا+, همس الضلال, ام ارومة, ام على تيتو, amana 98, موضى و راكان, الاوهام, zezo1423, houdadenguir, rowdym, سهير مراد, Amonimoni, Sella ayman, Just give me a reason, زهراء يوسف علي, د/عين الحياة, جزيرة, فاايا, KoToK, وفيقة2003, نجاااة, دانة العالم, salfora, غير عن كل البشر, الجووهره, سيدة قصرها, دعاء بدر لا اصدق عدد المتابعين لما اكتب 😍😍 شكرا لدعمكم و حماسكم الجميل 🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹 | ||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|