18-11-20, 09:28 PM | #962 | ||||
| البارت التسعون فقط من أجلك 💞 " بربك أيتها الآنسة المحترمة , فيما سيفكر أي رجل ، إن أنت أتيت و عرضت عليه أمرا مريبا كهذا ؟ عن أي شيء بالضبط أنت مستعدة للتنازل , بقولك هذا الكلام المستهتر ؟ " فيما كريم يقف بتحفز بوجه محتقن , يشير بيديه في كل اتجاه بنرفزة كبيرة و يصرخ ، كانت أسيل تحدق اليه بدهشة ، مع عينين متسعتين و مملوءتين بالدموع ، و قد بدأت شفتها السفلى بالارتجاف ، و قبل أن يكمل ما كان بصدد قوله ، كانت قد بدأت بالبكاء فعلا , لتعلو شهقاتها الصغيرة و تزاحم موجات غضبه , و قد وصلت حدها من التحمل , بسبب كل الضغط الذي عانته مؤخرا , فكانت اتهاماته بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس , كأس جلدها الذي أنهكته سنوات من التسلط و الاستغلال . ما قاله كريم عنها كان مؤلما جدا لها ، لم تتوقع أن يسيء الظن بها إلى هذه الدرجة ، لم تتوقع أن نظرته لها ملوثة الى هذا الحد , هي ظنت أنه مختلف عن كل الأشخاص الذين دخلوا حياتها ، و لم يترددوا في التسبب بالأذى المعنوي و الجسدي لها , ما الذي جعلها تعتقد اذا , أن كريم هو استثناء هي لا تفهم . و ها قد اتضح أنه رجل بعقل قذر مثل الآخرين , و الدليل أنه يقف الآن و يصرخ في وجهها و يتهمها ، و عينيه تطلقان شرارا توشك على قتلها . لكنها لم تفهم لم كان الأمر أكثر إيلاما ، من تنمر شقيقها أو صفعات والدها ؟ ربما لأنها وثقت به من كل قلبها , أو ربما لأنها توهمت أنه يهتم لأمرها بطريقة ما , هي حتى بعدما اكتشفت خداعه لها , ظلت تعتقد أنه أكثر الرجال نبلا و مراعاة , ليأتي الآن و يحطم تلك الصورة المثالية التي رسمتها له , و يتفوه بكل هذه الكلمات المهينة في حقها . لم تستغ أسيل هجومه الضاري على أخلاقها , و ما لبثت أن وقفت من مكانها , و علا صوتها هي الأخرى مخلوطا بنشيج ، لتقاطع كريم الذي كان يرغو و يزبد , و قد فقد شعوره بالمكان و الزمان " لم تصرخ في وجهي و تؤنبني ها ؟ من تكون حتى تسمح لنفسك بانتقاد تصرفاتي ؟ أنا لا حاجة لي لتخبرني كل تلك الأمور , أنا أعرف مسبقا أنني حمقاء ، و أنني بلهاء دون عقل ، و إلا ما كنت خدعتني , معتقدة بأنك مجرد سائق طوال هذه المدة ، حتى أنني أشفقت عليك و تعاطفت معك , و تسببت في احراج نفسي هناك في العشاء " أخذت أسيل فاصلا و هي تحاول احتواء شهقاتها , و قد تذكرت كيف تلاعب بها , و تركها تخطئ هويته دون تصحيح , و قد أتتها الفرصة أخيرا , لتعبر له عن مدى حنقها مما فعله استرسلت بعدها و هي تحاول مسح دموعها بيد , و تشاور ناحيته بيد أخرى " سيد كريم أعلم أنني دون فائدة ، لكن ماذا يمكن أن أفعل , و أنا أرى والدي على حافة الانهيار ؟ ماذا عساي أن أفكر , و أنا ليس بيدي شيء لفعله ؟ رغم ذلك لم يطرأ على بالي , التصرف بانحطاط كما تقف عندك و تتهمني , كنت أتحدث عن خدمات مشروعة , بعيدا عن القذارة التي ترونها طوال الوقت , لكن لم تهتم أنت ؟ فأنا مجرد دمية رخيصة للتسلية بالنسبة لك و لغيرك , و لا بأس معي بعرض نفسي , على أشخاص آخرين للاستمتاع كمهرج سيرك لكن أحب أن أخبرك أنك لست مجبرا , على التدخل لانقاذي كل مرة , و أنا أعفيك من معرفتي المخجلة , التي أنكرتها سابقا بالفعل " أفرغت أسيل ما في جعبتها , في وجه كريم الذي التزم الصمت , بملامح متجهمة و قد آلمته كلماتها , فهو لم يقصد ما فهمته , هو كان يتحدث عن سوء نية الآخرين باستغلال طيبتها , و لم يعن تصرفها بانحراف . كانت تقف هناك تلومه و تبكي بحرقة , قبل أن تندفع ناحية الباب , و هي تعرج برجلها المصابة , تريد الخروج من هنا , و قد أدركت أنها أعطته فكرة خاطئة , بقبولها القدوم الى شقته الخاصة , برؤية حالها دخل كريم في حالة ارتباك قصوى ، و شعر بالاستياء الشديد من نفسه ، هو لم يقصد أن يتسبب لها بالأذى ، فآخر شيء يريد رؤيته هي دموعها مرر كريم أصابعه بيأس على شعره , و أخذ أنفاسا عميقة محاولا السيطرة على أعصابه " تبا " تمتم ساخطا و هو يراقب أسيل تقف ممسكة بالقفل ، تحاول فتح الباب و هي مستمرة بالبكاء . " لم لا يفتح هذا الباب ؟ هيا افتحه أريد المغادرة " كانت أسيل تلتصق بالباب , و هي تحرك القفل بتوتر واضح , دون أن تلاحظ أن كريم أمنه بعد دخوله , كحركة معتادة من طرفه . بادراكه أنها لن تتراجع عن الرحيل , و هي حزينة و مقهورة منه بهذا الشكل , تحرك كريم أخيرا ناحيتها بخطى متأنية , وقف قربها و تردد قليلا , قبل أن يمد يده و يضعها على يدها التي تمسك القفل ، ثم رفع يده الأخرى , و وضعها على رأسها لتهدئتها كطفل غاضب " أنا آسف " قالها بنبرة نادمة و دافئة , و قد بدا صادقا في اعتذاره . بسماعها كلماته توقفت أسيل عما تفعله , لكنها لم تبرح مكانها , و قد بدأت دموعها في الانحسار أخيرا . دنا كريم منها أكثر , حتى لم يعد بينهما أية مساحة ، و قد شعر ببعض الرضا لأنها استكانت أخيرا , مما يعني انها ستصغي الى ما يريد قوله لذلك تشجع و أضاف , و قد أصبحت نبرة صوته أكثر هدوءا , و عاد الى حالته الرصينة المعهودة " آسف لأنني صرخت في وجهك لم أقصد تعنيفك , ثم أنا قلت متهورة , و ليس حمقاء هناك فرق , و كل ما قلته كان تشكيكا في نوايا الآخرين تجاهك , و ليس اتهاما لك أو طعنا في أخلاقك , أنت لست رخيصة , و لا تقولي ذلك عن نفسك مجددا " صمت كريم بعدها قليلا ثم استرسل , أمام غياب أية ردة فعل من المرأة أمامه , و التي كانت تقف مطأطأة الرأس , تأخذ أنفاسا عميقة " و آسف لأنني تركتك تعتقدين أنني سائق لوقت طويل , لم أقصد خداعك , لكنني لم أجد فرصة مواتية لتصحيح المعلومة " رفعت أسيل رأسها أخيرا لتحدق الى عينيه , و هو بصدد الاعتذار فصوته بدا متأثرا جدا , كانت متفاجئة منه و هو يدلي , بهذا الكم من الكلمات دفعة واحدة , لأول مرة منذ تعرفت عليه , لطالما كان الرجل الصامت , فيما هي تثرثر دون انقطاع , و لتكون صريحة بدا صوته الأجش , أكثر عذوبة و هو منغمس في التحدث معها . انتبهت أسيل أخيرا الى الشق الأخير من تصريحاته " هو محق , هو لم يقل يوما أنه مجرد سائق , هي من اعتقدت الأمر خطأ , و تعاملت معه على أساسه " لم تجد أسيل ما تجيب به كريم , غير أن تهز رأسها مشيرة إلى أنها قبلت اعتذاره . وقف بعدها الاثنان يحدقان الى بعضهما لبعض الوقت , قبل أن يتدخل كريم مجددا و يضيف " الآن أريدك أن تعديني , ألا تأتي مجددا للبحث عن علي , و لا تكرري ما قلته سابقا على مسامع أحد , و أنا أعدك أن أبذل جهدي لحل الموضوع " قال لها بتأن و بصوت هامس , و هو يدقق في عينيها يريد وعدا منهما . حدقت اليه أسيل بعينيها الدامعتين , بملامح مشوشة و كأنها لا تفهم ما يقوله لم سيفكر هذا الرجل بمساعدتها بعد كل ما حصل ؟ لكن كريم لم يبرح مكانه , كان ينحني عليها حتى يكون قريبا منها , مبقيا على يده ممسكة بيدها على القفل , و منتظرا بصبر وعدها له , راقب كريم ملامحها المحببة عن قرب بتيه كبير , قبل أن يمد يده بذهن مغيب , و يمسح دمعة علقت في زاوية عينها . بمجرد أن لمس ابهامه وجهها , انتبهت أسيل الى أنهما يقفان شبه متلاصقين , مما أربكها لتتراجع خطوتين الى الخلف , محاولة تمالك نفسها و ردت على طلبه " حسنا أعدك , هل يمكن أن أغادر الآن ؟ " قالت بصوت هامس , بعدما شعرت بعدم الراحة من الوضع , صحيح أن كريم لم يقم سابقا , بما يثير شكها ناحيته , إلا أنها من الأفضل أن تبقي مسافة بينهما . حك كريم رأسه بحرج , و هو يقف يتأملها بتمعن ثم أجابها " لا أعتقد أن بامكانك السير هكذا في الشارع " و أشار الى حالها المزرية , كان وجهها متورما بسبب البكاء , عينيها محتقنتين و ركبتها عليها آثار دم , اضافة الى أن فستانها كان متسخا , و قد تحول لونه الأبيض الى خلطة ألوان داكنة . شعرت أسيل هي الأخرى بالاحراج من منظرها , و ظهر الارتباك على وجهها , ليتدخل كريم و يقترح مجددا " بامكانك استعمال الحمام أولا " ثم أشار بيده " آخر الرواق الى اليمين " ترددت أسيل قليلا تناقش نفسها , قبل أن تنصاع لطلب كريم , و تتجه بخطوات متأنية ناحية الحمام , أغلقت الباب من الداخل , و هي لا تعرف ان كان عليها , أن تثق بهذا الرجل تماما أو لا , هي حتى لا يمكنها التنبؤ بتصرفاته و نواياه ، لكن الحق يقال لطالما كانت معه , في مواقف كثيرة وحدهما , و لكنه لم يستغل الأمر يوما و لم يتعد حدوده , بالعكس هي لسبب ما تشعر بالأمان في وجوده . حدقت أسيل في المرآة مليا , و بدأت بغسل وجهها و يديها , ثم حاولت تنظيف الدم من على الفستان , لكن البقعة أصبحت أكثر سوءا ، و اتسعت رقعة اللون الأحمر , على ذيله لتصبح أكثر بشاعة . ببقائها مطولا في الحمام شعر كريم بالقلق " هل أنت بخير ؟ " سأل بعدما تقدم و وقف خلف الباب مباشرة أجابت أسيل بصوت متذمر , و قد تفاجأت للحاقه بها " أجل , لكن أعتقد أنني لوثت الفستان أكثر " صمت كريم لدقائق حتى اعتقدت , أنه غادر و تركها تتدبر أمرها , لكنه عاد و دق الباب مجددا " خذي " ترددت أسيل مجددا و لكنها فتحت له الباب ، ليمد كريم يده دون أن يخطو الى الداخل و يكلمها " بدلي الى هذا و أعطني الفستان سآخذه للتنظيف " " لكنني أريد المغادرة " اعترضت أسيل بصوت خافت ، هي لا تريد أن تبقى أكثر هنا ، و لا تريد أن تغير ملابسها , في وجود هذا الرجل و في شقته الخاصة , لكنها أيضا لا يمكنها العودة بهذا الشكل , يا الهي هي حتى لا يمكنها تخمين , ردة فعل شقيقها ان رأى حالها هاته . قاطع كريم تفكيرها و عرض مجددا " سأطلب تنظيفا سريعا , لن يستغرق الأمر أكثر من ساعة , المحل في الطابق الأرضي " استسلمت أسيل لعرضه , و مدت يدها و أخذت ما بيد كريم , ثم أغلقت الباب مجددا " ما هذا ؟ " سألت باستغراب بعدما فتحت الكيس و رأت ما يحتويه " منامة اشتريتها مؤخرا لم أستعملها بعد , تدبري أمرك مؤقتا الى حين اعادة الفستان " حسنا هي لن تتوقع أن يمتلك ثوبا نسائيا هنا , لذلك قررت الرضوخ للانتهاء و المغادرة سريعا . لبست أسيل القميص على مضض , و أعطته فستانها كما طلب , و ما لبثت أن سمعت صوت باب الشقة يغلق منبئا عن خروجه . رفعت بعد ذلك السروال أمام عينيها ، كان كبير الحجم و ركبتها تؤلمها , لن تستطيع تحمل أن يحتك بها الى أن يعود كريم , لذلك اكتفت بالقميص الذي يصل الى ركبتيها , تماما كما هو طول فستانها . رغم ذلك اضطرت الى طي الكمين مرتين حتى لاءماها , كانت و كأنها تسبح داخل المنامة العملاقة " يا الهي ما الذي يأكله هذا الرجل , حتى ينمو بهذه الضخامة ؟ " بعد أن تأكدت أسيل من أن شكلها ملائم , غادرت الحمام و بدأت باستكشاف الشقة بفضولها المعتاد , كانت واسعة و فخمة جدا , بتأثيث عصري و ألوان هادئة , كل الأجهزة الحديثة موجودة , مع جو مستكين يشجع على ممارسة اليوغا . مقابل الحمام توجد غرفة نوم بسرير ملكي , كبير كفاية ليسع المارد الذي يسكن هنا , كان كل ما فيها باللون الأسود أو الرمادي , الستائر الأغطية حتى الأثاث , رغم الماركات الفاخرة , الا أنها كلها باللون القاتم , شعرت أسيل بالرهبة من المنظر " هل يعاني هذا الرجل من عمى ألوان أو ماذا ؟ ألم يخبره أحد أن هناك ألوانا أخرى غير الأسود ؟ لا عجب انه لا يبتسم أبدا , أكيد سيصاب باكتئاب مزمن , مع كل هذا الحداد الذي يحيط نفسه به , لو أنه يتركها لي سأحولها الى قوس قزح " تمتمت لنفسها و هي تتخيل , اللون الزهري و السماوي يغزو المكان , مع ابتسامة خبيثة على جانب فمها , فالصنم أكيد سيصاب بأزمة قلبية , ان أقدمت على فعل ذلك . ألقت أسيل بعدها نظرة على الغرفة المجاورة , و التي كانت مجهزة بآلات رياضية كثيرة , و كأنها قاعة تدريب محترفة , و قد فهمت أخيرا , لم بدا مثل جرافة مقاتلة هناك في المطعم . " أكيد يتدرب أكثر مما يتحدث , و الا ما انتبجت عضلاته الى تلك الدرجة " عادت بعدها الى الصالون , حيث كانا يجلسان سابقا , ثم اتجهت مباشرة الى المطبخ المفتوح , فقد أرادت كأس ماء لأنها شعرت بالعطش , لكن بعد أن فتحت الثلاجة أصيبت بالدهشة , لا شيء داخلها سوى قوارير الماء , و لا حتى حبة زيتون واحدة . " أنا أشك من يوم الى آخر , أن هذا الرجل هو رجل آلي يشحن بالكهرباء , يا الهي كأنه يعيش على الهواء , و لا يحتاج أن يأكل مثلنا " استمرت أسيل تقف أمام المبرد , و دفعها فضولها مجددا , الى فتح المجمد و القاء نظرة , لكنها حدقت لدقيقة كاملة , قبل أن تدرك أن العلبة الوحيدة الموجودة هناك , هي لقطعة حلوى بها قضمة واحدة , و بالتركيز فيها اكتشفت شيئا أدهشها " أليست هاته قطعة الحلوى التي اشتريتها له ؟ حتى الملاحظة التي تركتها له معها هل يعقل أنه يحتفظ بها منذ ذلك اليوم ؟ هو قال أنه لا يحب الحلوى , لم حملها الى هنا اذا ؟ " شعرت أسيل بالغرابة , ربما لو كان رجلا آخر غير كريم , لفسرت الأمر بشكل رومانسي , لأن قلبه لم يطاوعه أن يرمي شيئا اشترته له , لكن مع كريم أكيد الأمر مختلف فهو رجل غير عاطفي , عملي و براغماتي لا يتعامل بالأحاسيس , هو حتى لا يبتسم كباقي البشر . فكرت دون أن تعلم أن كريم لم يكن ينام , قبل أن يلقي نظرة على القطعة لأنها تذكره بها , فلأول مرة في حياته يهديه أحدهم شيئا , دون أن يطلب المقابل و دون استغلاله . " أكيد نساها هنا , أو ربما يفكر في استخدامها لقتل أحدهم مثلا ؟ " قالت مخمنة سبب وجودها هنا من الأساس . أثناء تحقيقها المتطفل , سمعت أسيل الباب يفتح , فأعادت العلبة مكانها بكل حذر , و سارعت للعودة الى الصالون ، لا تريده أن يعتقد أنها تتجسس على أموره الخاصة . كان كريم يقف أمام الباب , و يحدق في الأرجاء بحثا عن ضيفته المشاغبة , ليتفاجأ بها تخرج من المطبخ , و هو الذي اعتقد أنها لا تزال تعتصم في الحمام . لكن المفاجأة تحولت الى دهشة , حينما انتبه الى ما ترتديه , لم يتوقع أن تبتلعها منامته هكذا , كانت ضعف حجمها بامكانها لفها عليها مرتين , و قد انتبه الآن فقط أن قياساته غير طبيعية , أو ربما حجمها من ينتمي الى فئة الأقزام ؟ ثم هي لا ترتدي غير القميص , رغم أنه متأكد أنه أعطاها الطاقم كله , كان منظرها طريفا تبدو مثل سبونج بوب , لكن ذلك لم يمنعه من التحديق مطولا الى رجليها الرشيقتين , اللتين تطلان تحت طرف القميص , وصولا الى قدمين صغيرتين بأصابع دقيقة , تغوصان حافيتين في زربيته الوثيرة , التي شعر ناحيتها ببعض الغيرة , و قد أظهرهما تناقضهما مع اللون الأسود , أكثر بياضا بطريقة مثيرة , جعلته يبتلع ريقه بصوت مسموع , دون حتى أن يدرك وضعه المتلصص . " احم " قاطعت أسيل شروده بوجنتين متوردتين , و هي تحاول تضييق فتحة الصدر بيدها , و رفع كميها المنزلقين من وقت لآخر . رفع كريم رأسه للتحديق ناحية وجهها بملامح مشوشة , و كأنه أدرك الآن فقط أنه كان يلتهمها بنظراته " أردت كأس ماء " أشارت بيدها لشرح سبب وجودها في المطبخ , و هز كريم رأسه دون قول شيء ثم أشار لها " خذي , تناولي هذا " و أعطاها الأغراض التي دخل يحملها في يده , و التي كانت تحوي علبة عصير و قطعة حلوى , و كما توقع اتسعت عيناها من الفرحة , تركت انشغالها بالقميص فورا , أخذت ما بيده و جلست الى الأريكة سريعا , و بدأت تفرغ محتواها استعدادا لالتهامها " يا الهي شكرا لك , لقد نزلت صباحا دون أن أفطر " شعر كريم بغصة في قلبه , بعدما أدرك حجم توترها من مجيئها الى هنا , و هو زاد الطين بلة بلومها و تأنيبها كرجل همجي . " على الرحب " أجابها كريم ثم تركها تأكل على راحتها , و قصد المطبخ لإحضار علبة المناديل , و على فمه ابتسامة خفيفة , فقد كان يشعر بالرضا لسبب ما . في المطبخ ألقى كريم خفية نظرة على المجمد , للاطمئنان على كعكته الحبيبة , خشية أن تكون العلقة رأتها أو رمتها , هو لن يسمح لها بأخذ مؤنسته الوحيدة , لكنه أخذ نفسا عميقا حينما رآها مكانها . عاد بعدها يحمل العلبة و كأس ماء , وضعها أمامها على الطاولة , ثم جلس الى الأريكة المقابلة يراقبها , و هي تلتهم ما اشتراه باستمتاع كبير , هو لم ينس يوما ولعها بالشوكولا , و هو مستغرب كيف أنها سهلة الارضاء هكذا , أشياء بسيطة جدا تنسيها همومها و أحزانها . ساد المكان صمت لدقائق , لا يسمع الا صوت استمتاع أسيل بقطعة الحلوى , تحت أنظار كريم التي تتفحصها بدقة , دون حتى أن يرمش , و قد كانت همهماتها الرقيقة , تدغدغ قلبه و تشعره بغبطة كبرى . شعرت أسيل بالحرج من تصرفها , و حاولت تبديد الجو المريب , بفتح موضوع عام للنقاش , كعادتها لا يمكنها التوقف عن الثرثرة لأكثر من دقيقتين " كيف حال السيدة ملك ؟ " سألت فجأة عن أمر مشترك بينهما , و لم يتوقع كريم أن تذكرها , لكنه أجاب ببساطة " بخير " أضافت أسيل بنبرة شفقة " بدت حالها سيئة ذلك اليوم " " أجل , لكنها الآن بخير " حدقت أسيل الى وجه كريم قليلا , ثم قالت بعد تردد واضح " ذلك الرجل كان يكذب بشأن ما قاله , كان واضحا أنه يحاول تبرير فعلته الدنيئة , بالقاء اللوم عليها و الصاق التهمة بها , جيد أن السيد علي لم يصدقه و أعطاه ما يستحقه " قالت معلقة على تحرش بهجت بملك ثم اتهامها باغوائه . بانهاء كلامها ضيق كريم عينيه فجأة , أصبحت نظرته قاتلة , و تحول لون وجهه الى الأسود , و جلس على طرف الأريكة بتحفز قبل أن يسألها " هل أقدم على فعل شيء ما معك ؟ " و الا كيف يمكن أن تكون متأكدة إلى هذه الدرجة ؟ كانت نبرته مخيفة جدا , و شعرت أسيل أن قلبها ارتجف مع السؤال , اتسعت عيناها عن آخرها , و قد أدركت معنى ما قاله , فسارعت و وضعت القطعة من يدها " لا لم يفعل معي شيئا " قالت و هي تحرك يديها الصغيرتين , أمام وجهها نافية افتراضه , و استمر كريم في تفحص ملامحها بحثا عن الحقيقة . كانت نبرة الغيرة و التملك , واضحة جدا في كلام كريم , لدرجة أجفلت أسيل و شوشت تفكيرها , أصلا بهجت عليه أن يحمد الله , لأن المرأة التي تحرش بها هي ملك و ليس أسيل ، لأنه حينها لم يكن ليغادر حيا , و كان كريم قد قطعه الى أشلاء قبل التوقف , و لم يكن سيؤثر فيه توسلات أحد كما حصل مع علي , الذي توقف حينما طلبت ملك منه ذلك , حسنا هو أدرك يومها نقطة ضعف صديقه . برؤية ملامحه المغتاظة أضافت أسيل , محاولة اقناعه مع ابتسامة مرتبكة " ثم ملك جميلة جدا , لم سينظر إلي بدلا عنها ؟ " صمت كريم قليلا و قد ارتخى تشنج ملامحه , ثم رفع حاجبه و قال بصوت دافيء رغم جديته " أنت أيضا بدوت جميلة جدا يومها " "....." اختفت الابتسامة من على وجه أسيل , و قد صدمها تعليقه الصريح , و هي التي اعتقدت أنه لم يلاحظ حتى وجودها ليلتها . ارتجفت يداها و سارعت لطأطأة رأسها , و انهمكت في التهام الكعكة مجددا , محاولة تفادي نظرات كريم الوقحة التي تكاد تلتهمها , بالاسراع في اكمال ما بيدها , لكنها غصت و اختنقت و بدأت بالسعال كديك , و هي تضرب صدرها بكفها " على مهلك " نهرها كريم و مد يده لها بكأس الماء تناولت أسيل الكأس من يده و شربت قليلا , ثم بدأت بأخذ أنفاس عميقة , حتى تتأكد من نزول اللقمة , الآن فقط لاحظ كريم , أن هناك قطعة عالقة في طرف فمها , و هو يتأكد يوما بعد الآخر , أن هذه العلقة فوضوية , بحال ميؤوس منها مثل الأطفال . نهض كريم من مكانه , و انحنى على الطاولة بينهما , يحمل منديلا في يده , حتى وصل أمام وجهها مباشرة , تراجعت أسيل الى الخلف , معتقدة أنه يحاول فعل شيء غير لائق , لكنه اكتفى بمسح بقايا الحلوى بكل هدوء من على وجهها , و هي تحدق اليه بعينيها الواسعتين بترقب . انتبه كريم الى نظراتها , و بقي هو الآخر مكانه يحدق لثوان , قبل أن تخرج أسيل لسانها و تلعق شفتيها ، لتنتقل عينيه من عينيها الى شفتيها بنظرة حارقة , و قد بدت الحركة مغوية بطريقة قاتلة , لاشعوريا و خلال ثوان دنا كريم أكثر منها , حتى صارت أنفاسها تلمس وجهه , و لم يبق الا شعرة بينهما و بين قبلة وشيكة , و قد اشتعل بؤبؤاه بنار , التهمت البرودة التي كانت تعتريهما , شعرت أسيل أن قلبها سينفجر من شدة خفقانه , و اشتعل وجهها و كأن حرارتها ارتفعت , مع تغير لونها الى الأحمر الفاقع , و كأنها حبة طماطم طازجة . كريم الذي لم يبد عليه الارتباك بقدرها , كان أول من تراجع فجأة , بعدما أدرك غرابة الوضع " سأرى ان كان الفستان جاهزا " و غادر مسرعا دون حتى أن ينظر ناحيتها , أو يسمع ردها على ما قاله , و قد شعر بأن قلبه على وشك القفز من غلافه . بقيت أسيل جالسة مكانها , و كأنها تجمدت و أصبحت صنما , تحدق أمامها بتيه و فمها مفتوح , لكن بعد اغلاق الباب استفاقت , و ركضت ناحية الحمام , و هي لا تفهم ما الذي حصل قبل قليل . كريم الذي ركض بدوره ناحية المصعد , كان يلتقط أنفاسه بصعوبة , كان قلبه يدق بسرعة هو الآخر , و يداه ترتجفان ارتجافا شديدا , لم يشعر به حتى و هو يصوب بندقيته لاطلاق النار " ما الذي يجري معي ؟ هل علي رؤية طبيب ؟ " كان يتكئ بجبينه على باب المصعد , و يفرك صدره بيده لتخفيف الرفرفة هناك . ليست المرة الأولى التي يتقرب فيها من أحدهم , لكنها أول مرة لا يرغب فيها بالتراجع , و البقاء هناك لا بل الاقتراب أكثر , و قد زال فجأة رهاب الاحتكاك الذي يعاني منه , أراد أن يكمل طريقه , و ينهل من الجرة الشهية أمامه , دون أن يعرف ما ينتظره هناك , لكنه توقع شيئا يشبه الشهد , و قد راودته فجأة فكرة داهمة , ليمد يده و يأخذها في حضنه , و يشبع فضوله المبهم الجارف , لكنه حمد الله لأنه استعاد رشده في آخر ثانية . في الشقة كانت أسيل تقف مقابل المرآة , محاولة غسل وجهها بماء بارد , للتخلص من الحمرة التي اعترته , و تضع يدها على صدرها محاولة تهدئة روعها " ما الذي كان يحاول فعله هناك ؟ هو لم يفكر بالتحرش بي صح ؟ " سألت نفسها بصوت مرتعش , و هي تتأمل ملامحها في المرآة " ثم لم هذا الشعور الآن ؟ هذا ليس خوفا صح ؟ أنا لا أخاف منه و لم أفعل يوما , ثم سبق و أن كنا مقربين لمرات كثيرة , دون ردة فعل مشابهة , ما الذي يحصل معي اذا ؟ " بقيت أسيل جالسة على جانب الحوض , و قد قررت ألا تواجه كريم بعد ما حصل , و أنها ستغادر مباشرة بعد استعادة فستانها , هي لن تغامر و تأتي مجددا الى هنا , فلأول مرة تشعر بهذا القدر من الاحراج و الارتباك من أحدهم , لم يكن عليها اغفال أن كريم رجل كالآخرين , ما كان عليها التصرف بكل أريحية و تلقائية أمامه دون أن تدرك من أين واتتها الجرأة , لتثق به هذه الثقة العمياء . لامت أسيل نفسها على سذاجتها ، و قد أدركت أن ما رأته , في عيني كريم كان شغفا و افتتانا ، لم تعتقد أن رجلا متحجرا مثله قد يشعر بهما . . . . " و ها قد انتهينا " علقت علياء بمرح بالغ , و هي تضرب يد ملك , التي تحاول تلمس قناع الوجه الذي وضعته لها " هاي لا تلمسيه ستفسدينه " و عادت للاستلقاء على الكرسي الى جانب مريم , التي تلتزم الصمت مع قناع على وجهها , و قد حظيت بشرف تجريب قناع علياء السحري قبل الأخريات , بعدما أخذت وقتا طويلا , و الكثير من الحجج لاقناعها بالنزول معهن , استلقت ملك هي الأخرى باستسلام على كرسيها , و قد قامت مع الخادمات صباحا , بتحضير الجلسة الى جانب حمام السباحة , مع الكثير من العصائر و الحلوى , فيما قضت علياء ساعة , لتحضير قناع طبيعي للوجه , رغم أنها قالت أنها تملك الكثير , من المواد بماركة عالمية في حقيبتها , و التي اصطحبتها معها من صيدليتها . " علياء ابنتي هذا القناع ينغز , هل أنت متأكدة أنه آمن ؟ " تذمرت فاطمة التي جرتها علياء الى المجموعة , للاستفادة من خبرتها في التجميل , لكن المرأة المسنة كانت خائفة , من أن تحترق بشرتها بخطأ بشري . و سرعان ما أضافت ملك بتوجس ظاهر " أجل و رائحته سيئة , ماذا وضعت فيه علياء ؟ قد يسبب لنا حساسية " " مكوناته سرية , هذه خلطتي الخاصة , توقفا عن التذمر و الا سأحرمكما منها , انظرا كم أن مريم مطيعة و هادئة " قالت علياء و أرسلت نظرة فخر ناحية مريم " أنا أشعر بالنعاس , هل هذا طبيعي ؟ " قالت مريم ردا على اطرائها مما أشعرها بالصدمة " اما أن تسكتن أو سآخذ أغراضي و أذهب عند والدتي " قالت علياء مهددة و قاطعتها فاطمة " لا حبيبتي ابقي هنا , لن نفلت من غضب صفية ان حصل خطب لبشرتها , لكن أحذرك أن علي سيعلق مشنقتك , ان تسببت في تشويه وجهي زوجتيه " قالت جملتها الأخيرة بهمس , حتى لا تثير حفيظتهما , لكن علياء تجاهلتها تماما , و هي مقتنعة أن علي لن يتعرف عليهن حينما يعود . " لا تهتمي بعلي خالة فاطمة , عليك أن تشغلي بالك بعم صالح , الذي سيطير ما تبقى من عقله , حينما يراك أكثر نظارة و شبابا " ردت علياء بنبرة خبيثة محاولة مشاغبتها " يا الهي , أيتها المجنونة سليطة اللسان " صرخت فاطمة عليها و غطت عينيها حرجا , فيما بدأت علياء بالضحك حد القهقهة . و سرعان ما أثار الحوار فضول ملك للفهم " ما علاقة عم صالح بالأمر ؟ " سألت علياء التي أجابتها , بنبرة متحمسة و بعينين لامعتين , رغم تعثر كلماتها بسبب القناع " الأسطورة تقول أن فاطمة كانت حب صالح الأول , لكنها تزوجت من رجل آخر , و هو اعتزل النساء بعد ذلك , متأملا في أن تقبل فاطمة به بعدما أصبحت وحيدة " " يا الهي فعلا ؟ عم صالح المسكين " ردت ملك بصوت متعاطف , و قد رق قلبها لحال العجوز البائس . " علياء اما أن تكفي عن همزك عني , أو سأحرمك من الدخول الى هنا مجددا " هددتها فاطمة بجدية بسبب نميمتها , لكن علياء أصرت على تصريحها , تحت الأنظار المراقبة من ملك " ليست همزا فطوم " خاطبتها باللقب الذي يدللها به صالح عمدا , و غمزتها بشقاوة قبل أن تضيف " هل يمكن أن تخبريني اذا , لم يقبل العمل كبستاني هنا رغم أنه يملك الكثير ؟ المسكين يتشبث بالمكان فقط حتى يبقى قربك , و أنت لا تريدين أن تفطمي علي و تعيشي حياتك " شهقت ملك و فاطمة في ذات الوقت , للتصريح الجريء من علياء , التي بدأت بالضحك مجددا , فما كان من فاطمة الا أن نهضت من مكانها , للفرار من شغبها الذي لن ينتهي " أنا المخطئة لأنني أجاريكن , سألقي نظرة على الغداء لا أريده أن يحترق , استمتعن بوقتكن " و غادرت ناحية البيت بملامح خجلة كعروس عذراء . " لم أحرجتها علياء ؟ تعرفين أنها لا تحب الحديث في الموضوع " كانت مريم من تحدث أخيرا , لمؤازرة فاطمة التي تعتبرها أما حقيقية لها . " هل الرجل يحبها فعلا ؟ " سألت ملك بفضول و قد رق قلبها لحالتهما , لترد عليها علياء مؤكدة على ما قالته قبل قليل , فهي لم تكن تمزح " أجل و هي تراها عيبا كبيرا أن يصرح بمشاعره , رغم أنني متأكدة أنها تميل له هي الأخرى , لكنها تخشى كلام الناس , رغم أنها ترملت منذ زمن بعيد " " لم لا يتزوجان اذا ؟ لم يكن السن يوما حاجزا للسعادة , على الأقل يبقيان سويا ما تبقى من عمرهما , و من يدري قد يعيشا مديدا " اقترحت ملك بجدية تامة و أجابتها مريم " طرح علي الفكرة عليهما مرارا بالفعل , حتى أنه أبقى المضافة التي في الحديقة , مجهزة و فارغة خصيصا لهما , لكن فاطمة مترددة جدا , و ترفض الحديث في الموضوع الذي يحرجها " تحمست ملك كعادتها و همست لهما " لم لا نقوم باقناعها اذا ؟ سيكون رائعا ان تزوجا , بعد كل هذا العمر من المشاعر الصادقة " تنهدت علياء و تمتمت بينها و بين نفسها بحنق " تخطط لتزويج الآخرين , و تكاد تقتل شقيقي كمدا بتجاهلها " " ماذا قلت ؟ " سألتها ملك و لم تفهم ما قالت , لكن علياء سارعت لتبديد شكوكها " لا شيء قلت ان شاء الله " ساد بعدها صمت المكان , و النساء مستلقيات تستمتعن بحمام شمس دافئ , بانتظار نتائج القناع المريب , قبل أن تقطع عليهن الطفلة خلوتهن , و هي تحمل ملابس سباحة في يدها , و كالعادة هدفها الأول ملك , التي وقفت أمامها و بدأت باستعطافها , لتسمح لها بالسباحة لكنها رفضت " لا حبيبتي , والدك قال ألا تسبحي الا في وجوده , سيغضب ان خالفت كلمته " " ملك لا تتكلمي , ستحصلين على تجاعيد بشعة بعد غسل القناع " نهرتها علياء لتجعلها تصمت لكن الطفلة كانت مصرة , و قد أغراها الماء تريد السباحة , و ربضت أمام ملك بملامح مبتئسة , و كلها يقين أنها سترضخ في الأخير , لكن ملك لم تكن تعارض ذلك , الا بعد أن أخبرتها فاطمة أنها كادت تغرق مرة , و من يومها لا يسمح لها بالسباحة الا في وجود علي . " رنا دعي ملك و شأنها هي لا تريد السباحة , لا تكوني لحوحة " حاولت مريم ثنيها عن محاولاتها دون جدوى , فقد بقيت تصنع وجوها بائسة بملامحها الرقيقة , و ملك تحاول امساك ضحكتها بعناء . بعد نصف ساعة , لم تعد ملك تستطيع المقاومة أكثر , فنهضت من مكانها , مسحت وجهها بفوطة مبلولة , ثم أشارت لرنا باستسلام " هيا سأسبح معك " قفزت الطفلة من السعادة , و سارعت للامساك بيدها و الاتجاه الى الحوض . حدقت مريم ناحية علياء بعينين معبرتين تقولان " هل رأيت ؟ ألم أخبرك كم أنها تهتم بها و تراعي خاطرها ؟ " ابتسمت لها علياء بدفء لكنها انتقدت ملك " أعرف أنك تفرين من قناعي أيتها المحتالة , لكنني سأضعه لك لاحقا لا داعي للاستعجال " ضحكت ملك بصوت عال , دون أن تنفي تهمتها , و نزلت الى الحوض بما ترتديه , قبل أن تمد يدها و تلتقط رنا , لتدخلها معها الى الماء . " هل ستسبحين بملابسك ؟ " سألتها علياء باستغراب و أجابتها ملك , و هي منهمكة في مساعدة رنا على الطفو " أنا لن أسبح , سأراقبها فقط لأكون قريبة منها في حالة الطوارئ , ثم أنا لا أحب السباحة , أصاب بتشنجات كثيرة أثناءها " بقيت بعدها الاثنتان تستمتعان بالماء , تحت مراقبة مريم و علياء , بعدما تمكنت فاطمة من الفرار , بادعاء الاشراف على اعداد الغداء , بعد ساعة وصلت رسالة قصيرة الى هاتف علياء " سأصل بعد نصف ساعة حضري اللازانيا " كان علي في طريقه الى المنزل , عائدا من جولته في المشفى , لتناول الغداء معهم كما وعدها , برؤية الرسالة برقت عيناها بحماس كبير و أرتها لمريم , و سرعان ما حاكتا خطة للايقاع بملك . " الى أين ؟ " سألتهما ملك و قد رأتهما تهمان بالانصراف , و سارعت علياء لايجاد تبريرات مناسبة " لقد جف القناع أخيرا سنغسله , ثم مريم تريد استخدام الحمام , و أنا سأضع اللمسات الأخيرة , على صينية اللازانيا من أجل الغداء " هزت ملك رأسها و قد صدقتها , و عادت للهو مع رنا التي لا تكتفي من الماء . في هذه الأثناء وصل علي الى البيت , التقته علياء عند المدخل و بادرته " ملك و رنا عند الحوض تلهوان , رافقهما الى أن يجهز الغداء " ثم غمزته و أضافت بنبرة موحية " ملك تعاني من بعض التشنجات هناك , بامكانك مساعدتها " ضحك علي على محاولاتها المستميتة , لترتيب الأمور بينهما لكنه التزم الصمت , هز رأسه و اتجه مباشرة , الى حمام السباحة ليلقي نظرة . بوصوله الى هناك تفاجأ بهما داخل الماء , هو اعتقد أنهما تستمتعان كعادتهما , حينما قالت علياء أنهما تلهوان , لم يعتقد أن رنا أقنعت ملك بمرافقتها في السباحة , و تلك العنيدة تغوص بكل ملابسها هناك . تقدم علي بخطى متأنية ناحية السباحتين الغافلتين , توقف على بعد خطوتين من الحافة , وضع يديه في جيبه , و بقي يراقب المنظر أمامه بعينين محبتين . " لم أعرف أن السباحة بكل الملابس , أصبحت مودة دارجة الآن " علق بسخرية على حال ملك , التي تفاجأت بوجوده بعدما استدارت , شهقت شهقة حادة و تراجعت الى الوراء , تضع يديها على صدرها لتخفي ما كشفه الماء , فقد ابتل القميص الذي ترتديه و التصق بجسدها , مظهرا حمالة صدرها زهرية اللون , بسبب لونه الأبيض الشفاف , كما كانت خصلات شعرها المبللة , تحاوط وجهها حاجبة عنها الرؤية . حدقت ملك ناحيته بعدم تصديق , هو لا يعود على الغداء أبدا هذه أول مرة يفعلها , ثم لم يخبرها أحد أنه سيفعل اليوم , لذلك كانت تأخذ راحتها كاملة , فلا أحد هنا غير النساء . لكن علي كان مستمتعا جدا بالمنظر أمامه , بحاجب مرفوع و ملامح مسترخية , مع ابتسامة مستفزة على طرف فمه , و كأنه يشاهد منظرا طبيعيا خلابا . لم يطل الرجل الوقوف , و سرعان ما أشار لابنته , التي تقدمت الى جانب الحوض , مع ابتسامة عريضة لتحيته " هيا رنا يكفي لعبا , هيا لتأخذي حمامك استعدادا للغداء " تقدمت الطفلة رضوخا لطلب والدها , خشية أن يمنعها تماما , عن استخدام الحوض مستقبلا , و مد علي يده ليخرجها من هناك , ثم لفها بمنشفة نظيفة , قبل أن يطبع قبلة على جبينها , و يطالبها بالصعود الى غرفتها . " متى وصلت ؟ " سألته ملك بارتباك واضح , بعدما أصبحا وحدهما و صار الوضع غريبا , و قد بدأت تفكر في كيفية الخروج من هنا , و الوصول الى غرفتها بأمان , دون أن يلاحقها هذا المغرور بعينيه الوقحتين , فيما لا يبدو أنه سينصرف قريبا . " قبل قليل " أجابها علي ببساطة و استمر في تفحصها , لاحظت ملك نظراته الغارقة في صمت مريب , قطبت جبينها باستياء و نهرته " ألا يجب أن تستأذن أولا و تصدر صوتا ؟ عيب ما تفعله " رفع علي حاجبيه بسبب انتقادها له و أجابها مستنكرا " هذا بيتي ان كنت نسيتي , ثم هذا مسبح أين سأستأذن ؟ و بالمناسبة لا أرى أي عيب في مراقبة السباحين , لم نزلت الى هناك من الأساس , ان كنت تشعرين بالاحراج ؟ " رمقته ملك بنظرة زاجرة بعدما أفحمها , و هي تعرف أنه فهم ما تتحدث عنه , فهي عادة تسبح ببدلة كاملة لا تشف , لكنها للأسف لم تجلبها معها , حينما أتت لحضور حفل خيري تغادر بعده مباشرة , فلم تخطط للبقاء هنا سنة كاملة . " هيا ألن تخرجي ؟ ستتحللين اذا ظليت عندك و سأتهم بقتلك , ثم لا داعي للقلق لا شيء يستحق , تبدين مثل الدجاجة المبلولة " قال علي ساخرا منها , و مد يده بمنشفة أخرى ناحيتها , فيما رمقته ملك بنظرة حانقة أخرى , و قد توردت وجنتاها بسبب انتقاده اللاذع . " رجل عديم الذوق بلسان سام " شتمته في سرها قبل أن تضيف " استدر أريد المغادرة " اختصرت ملك الوضع المزعج , فلا يبدو أنه سيفهم من تلقاء نفسه . أخذ علي نفسا عميقا ثم استدار كما طلبت , لا يرغب في اثارة غضبها أكثر , ر غم أنه يريد الاستمرار , في ملاحظة الحمامة المبلولة . بمجرد أن أعطاها ظهره , خطرت على بال ملك فكرة خبيثة , و قررت تنفيذ مقلب فيه , هو أحرجها و استفزها على مائدة الافطار , و هي ستثير هلعه هنا و سيتساويان . " لطالما صدقها سامي أكيد ستنطلي عليه " تمتمت لنفسها قبل أن تأخذ نفسا عميقا , و تغرس رأسها تحت الماء و تمثل الغرق . . . . بعد نصف ساعة عاد كريم , و اتجه مباشرة الى الحمام , و كالمرة الماضية دق الباب و ناولها الكيس , دون أن يدخل أو يكلمها . بمجرد أن فتحت أسيل الكيس صرخت فيه معترضة " لحظة هذا ليس فستاني " لكن كريم الذي كان يتكيء على الحائط المقابل رد بكل برود " أعلم , العاملة قالت أن البقعة لا يمكن ازالتها , لذلك اشتريت هذا من المول المجاور , بدل الثوب الذي تلف " "....." " لكن أنا أريد فستاني , لا يمكنني ارتداء هذا " ردت بنبرة شبه باكية , هي تعلم إن هي عادت بملابس , غير التي خرجت بها صباحا , ستثير زوجة والدها مشكلة , و تحرض عليها شقيقها و والدها . " على راحتك , إلا إذا أردت البقاء و التجول في قميصي , أنا لا أمانع الأمر " قال كريم مع نبرة متحدية , و هو يحاول مشاكستها , متحكما في ابتسامة متشفية . "...." عبست أسيل بشدة لما قاله " منذ متى أصبح الصنم منحرفا , كان بالكاد يقول جملتين متتاليتين " تنهدت أسيل و فتحت الكيس مجددا , أخرجت الفستان و رفعته أمام عينيها لمعاينته , و على عكس توقعاتها , فقد كان فستانا أنيقا , بنفس تفصيل الفستان السابق , بألوان فاتحة يناسب ذوقها , و زادت دهشتها حينما ارتدته , و كان على مقاسها تماما . " و الله جميل و رقيق جدا , هذا الرجل بقدر ما يبدو باردا , متبلد المشاعر و لا مبال , بقدر ما هو حنون جدا و مراع " تمتمت و هي تمسد على جانبي الثوب , مبدية اعجابها به و بذوق صاحبه , هي تشعر أحيانا أن كريم يعاملها , أحسن مما يفعل والدها , حتى أنه يدافع عنها و يحميها أكثر منه . بالتفكير في الأمر لم تمتلك أسيل , إلا أن تشعر بقلبها ينبض مجددا ، و بدفء يلف جسدها كله . بعد أن تأكدت من أن مظهرها لائق ، غادرت أسيل الحمام بخطوات مترددة , و تفاجأت بكريم يقف عن قرب , بعد أن عاينها من رأسها الى اخمص قدميها , هز رأسه برضا مبديا اعجابه هو الآخر " يبدو جميلا عليك " قال معلقا على مظهرها الجديد و لم تجد أسيل بما ترد , غير أن تشيح بوجهها الذي احتقن مجددا , فآخر أمر توقعته أن ترتدي فستانا , يقتنيه هذا الرجل و يبدي رأيه فيه " شكرا " كان كل ما همست به , محاولة السيطرة على شعورها بالخجل فجأة . قطع كريم وصلة النظرات المربكة , بأن أخرج هاتفه من جيبه ليجري اتصالا , و بعد ثانيتين رن هاتف أسيل " هذا رقمي الشخصي , اتصلي اذا احتجت أي شيء ، في أي وقت مفهوم ؟ " هزت أسيل رأسها موافقة , و هي تخرج هاتفها من حقيبتها , و لكنها أصيبت بصدمة حينما حدقت الى الشاشة فقد كان الرقم الذي رن , مسجل أصلا تحت اسم كريم ، قطبت جبينها و نظرت اليه " متى سجلت رقمك في هاتفي ؟ " سألت باستغراب واضح هي لا تتذكر أنه أعطاها إياه ، و لا تتذكر أنها سجلته سابقا ، هي حتى لم تره في قائمة اتصالاتها الا الآن . هز كريم كتفيه بلامبالاة " سابقا " كان كل ما قاله استمرت أسيل في التحديق الى وجهه , قبل أن تسأل مجددا " أنت من استعاد هاتفي تلك الليلة ؟ " سألت بشبه تأكيد , هي أصلا كانت تشك في الأمر طوال الوقت , و هي المرة الوحيدة التي انفصلت فيها عن هاتفها . هز كريم رأسه مجيبا بنعم , و هو يحك رقبته بعد شعوره بالارتباك لاكتشاف أمره , فقد نسي تماما ما فعله سابقا بتلصصه على هاتفها . و استمرت أسيل في استجوابها " هل وجدته في السيارة ؟ " هز كريم رأسه بالنفي ، هو لا يخبر شيئا من تلقاء نفسه ، لكنه لا يكذب حينما يسأله أحدهم . بلعت أسيل ريقها و سألت بهمس , لا تريد ترك الموضوع الذي أثار اهتمامها " هل عدت كل تلك المسافة الى الورشة , فقط من أجل استعادته ؟ " هز كريم كتفيه بايجاب , و أشاح بوجهه ناحية الباب , متفاديا النظر اليها و قد شعر بالاحراج . ابتسمت أسيل بغبطة , لكنها حدثته بنبرة حازمة مدعية الاستياء " يعني أنت من هاجم حسام , و وضعه في اللائحة السوداء ؟ " عاد كريم ليحدق ناحيتها و قد عبس وجهه , معتقدا أنها ستبدأ بالدفاع عن ذلك الوغد . لكن أسيل فاجأته بأن بدأت بالضحك بشدة , و سرعان ما انظم اليها كريم بالابتسام , حينما فهم أن الأمر يروقها , و قد شعر بالرعب للحظات , لأنه اعتقد أنها تريد حسام و لا تريده هو . " يا الهي أنت مجنون " علقت أسيل على فعله , و هي لا تزال منغمسة في ضحكتها , مظهرة غمازتيها المثيرتين " يستحق الشنق , فيما كنت تستلقين في المشفى بسببه , بذراع مكسورة و وجه مكدوم , كان هو يتصرف كمراهق متصاب " قال كريم بصوته الأجش بسماع تعليقه توقفت أسيل فجأة عن الضحك و قطبت جبينها " كيف عرفت أنني كنت في المشفى ؟ " جحظت عينا كريم و قد أدرك زلة لسانه , و لم يجد بما يرد لتضيف أسيل " و كيف عرفت باصابتي ليلتها ؟ " علت ملامح الحيرة وجه أسيل , هي متأكدة ألا أحد يعرف عن الأمر . أخذ كريم نفسا عميقا , و أجابها بصدق لا يريد الكذب عليها " تبعتك الى هناك بعدما وصلتني الأخبار " " ممن ؟ " سألت مجددا فهي لا تعتقد أن والدها , اتصل به ليخبره عن الوضع , هو حتى لا يعرف بأنها تعرفه عبس كريم بشكل واضح , لم يعتقد أن أمره سيكتشف هكذا و أجابها " وضعت حراسة عليك و هم أعلموني " " يا الهي هل تتجسس علي ؟ " صعقت أسيل مما سمعته , و سارع كريم لتبرئة نفسه من التهمة " ليس كما تعتقدين , خشيت خروجك مجددا للبحث عن الهاتف , كما أنني أردت منع حسام , في حالة قصد بيتك للتسبب بالمشاكل مع والدك , كما هدد في الورشة صدقيني أردت فقط الاطمئنان عليك بعدما حصل " قال كريم بنبرة منزعجة " تبا " أضاف همسا و قد اعتقد أنه أخافها منه . حدقت أسيل ناحيته بملامح مصدومة , و استعادت ما حصل ليلتها بكل تفاصيله , فجأة اتسعت عيناها عن آخرها , و أصدرت شهقة عالية , أجفلت كريم الذي شل مكانه " يا الهي أنت هو الجن الحارس " قالت أسيل بنبرة غير مصدقة , و سرعان ما علت نظرة مشوشة عيني كريم , فهو لم يفهم عما تتحدث . وضعت أسيل بعدها يديها على فمها , محاولة تصديق تحليلها , و قد اكتشفت الآن أن الاعتداء على خالد , أكيد من فعل هذا الرجل , شقيقها لم يكن يهلوس يومها , شعرت أسيل لأول مرة في حياتها , أن ملاكها الحارس حقيقي و ليس مجرد خيال , و قد استجيبت دعوتها ذلك اليوم , حينما طلبت ماردا ينقذها . يا الهي هذا الرجل الكتوم , الذي يقف هناك بملامح مرتعبة من سوء فهمها له , لا تليق أبدا مع كتلة العضلات القاتلة , هو أكثر حنانا و مودة , من كل من التقتهم في حياتها . حتى والدها لا يفكر في ارسال من يحرسها أو ينتقم لها , فيما هذا الرجل الرقيق , منع عنها أذاهم لمدة طويلة , دون حتى أن يدرك ما فعله . بقي كريم متجمدا مكانه لا يستوعب ما يحصل , و قد شرعت أسيل في البكاء مجددا , و هي تهلوس عن أمور لا فكرة لديه عنها , شعر كريم بالاتباك مجددا لما يجب فعله هنا , لكن أسيل وفرت عليه نوبة ذعر أخرى , و خطت ناحيته بسرعة , قبل أن تطوق جذعه بيديها الصغيرتين , و تغرس رأسها في صدره , مستمرة في ذرف الدموع . " يا إلهي أنت ألطف رجل ضخم رأيته في حياتي ، شكراً على كل ما تفعله من أجلي , أنت الأفضل كيمو , أنت الأفضل " قالت بنبرة اختلطت فيها البهجة بالتأثر و الدموع . تفاجأ كريم بداية للحركة , لكنه سرعان ما ابتسم , و وضع يده الخشنه على رأسها , و مررها على شعرها الحريري . " فقط من أجلك " قال بصوت دافيء ، و قد اكتشف لتوه أنه لا يمانع أن تلتصق به هذه العلقة ، و كأن مكانها الطبيعي هنا بين ذراعيه , و كأن حساسيته المفرطة اتجاه الآخرين , تختفي بمجرد أن تلمسه بأناملها . لم تنسحب أسيل و سكنت مكانها ، فهذا أكثر حضن يشعرها بالأمان . فصل مطول تعويضا عن التأخير شكرا للمشاعر الجميلة و الدعم الرائع الذي أغرقتموني به 😘💞💞 .......... | ||||
18-11-20, 09:53 PM | #963 | |||||
| اقتباس:
بسبب اختلاف اللهجات فقد اخترت ان تكون الحوارات بالعربية الفصحى لكن ذلك لا يمنع ان ملك تمطر علي من حين الى اخر بكلمات من دارجتنا 😉 | |||||
18-11-20, 10:26 PM | #968 | |||||
| اقتباس:
سعيدة لأنك التحقت بنا شكرا على المتابعة 💖💖 انا أنزل بارت كل يومين يعني البارت القادم يوم الجمعة مساءا ان شاء الله و سيكون مفاجأة كبرى 😉🌹🌹🌹🌹 | |||||
18-11-20, 10:37 PM | #970 | ||||
| كيف حالك اليوم ان شاء الله احسن 💛 ومشكوور علي الفصل رغم تعبك ✨ اسيل وكيمو علي قولتها💛😂 كل فصل ازيد حبي ليهم مواقفهم بعفويه اسيل وحنان كريم🥰 ملك دارت روحها غرقت هيا اعطت لي علي فرصه علي طبق من ذهب متاكده حيطيح قلبه من الخوف عليه💛😂 | ||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|