آخر 10 مشاركات
مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )           »          سَكَن رُوحِي * مكتملة **مميزة** (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          لهيب عاشق-قلوب أحلام زائرة- للكاتبة الرائعة::هبة خاطر *كاملة+روابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          إغواء البريئة (67) للكاتبة: جيني لوكاس .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          Wed for the Spaniard's Redemption by Chantelle Shaw (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree524Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-06-21, 06:12 PM   #1031

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل السادس والأربعون
***
كل الأشياء ذات القيمة تُختزل في لحظة اكتمال الحلم، وكل لذة عربدة في حضرة قربها تضمحل..
الجميلة والوحش
ليست جميلة كليًا بل لها من الجنون نصيب يضيف نهكة حارة للحكاية، وعن الوحش فهو وحش فعلًا دون رتوش
لكن من قال إن الوحوش لا تمتلك قلوبًا وإن الشياطين لا يليق بها الحب!
قضت الليل بالمشفى للاطمئنان عليها وعلى طفلها، غفت واستيقظت، تناولت طعامها وأرضعت طفلها الذي تغالي في ضمه إلى قلبها والجميع زارها وذهب وظل هو كما هو، يحاوطها بهدوء نظراته ويلتقط منها الرضيع فيعانقه مثلها وتأخذه أمل منه بعد عناء تضعه في فراشه فيراقبه حتى يستيقظ تمامًا، في اليوم التالي وقبل المغادرة جلست عزة على فراشها ترضع مُعز فيما تمرر أناملها على خصلاته المحتلة جبهته الصغيرة، فتح عينيه السوداوين ولم تستطع التفرقة هل ينظر إليها حقًا أن أنها تتوهم، شعر مصعب بتخبطها فتقدم يجلس جوارها على الفراش يحاوط ظهرها بذراعه ويميل يُقبل رأسها، فوضى المشاعر تجاه الطفل ألجمتها، دور مصعب سيأتي لا محالة وليس وقت الصدام معه البتة، تركته يهتم بها، يحتوي شتاتها ويخبرها كم هي رائعة الآن في عينيه..
ساعدتها صديقاتها اللاتي أتين صباحًا يشاركنها فرحتها، حملت ليلى الطفل في رقة وأخبرتهم أنها ستأخذه وتسبقهم إلى المنزل فرفض مصعب وطلب منها أن تنتظره حتى يساعد عزة أولًا وسيأتي إلى الغرفة يأخذه منها، وبالفعل دعم جسد عزة التي كانت قادرة على السير بمفردها لكنها فضلت استغلاله، الجميع سبقهم إلى المنزل وتبعوهم في سيارة معتصم حيث يجلس مصعب حاملًا مُعز في المقعد المجاور له..
بالمنزل فعل الشيء ذاته، أعطى الرضيع إلى رفقة التي أصرت على حمله فيما ساعد مصعب ابنة عمها للذهاب إلى غرفتها، رافقتهما أمل التي تفقدت حال عزة جيدًا واطمأنت عليها، وجدت مصعب يتحرك في سلاسة مساعدًا إياها في كل التفاصيل تقريبًا حتى أجلسها على فراشها ووضع الطفل في مهده القريب من فراشها الوثير، سألته أمل ببسمة ماكرة:
ـ لماذا أخبرتها عن تعمدك حدوث الحمل في ذاك التوقيت خصيصًا..
زمجرت عزة تحدجه في غل رغم صمتها التام منذ الصباح، نقل بصره بين عزة وأمل ومن ثم أسبل أهدابه يسألها:
ـ كان توقيتًا سيئًا؟
نفت أمل بإعجاب:
ـ كان في وقته تمامًا.
اشتعل غضب عزة تسألها:
ـ كيف في توقيته تمامًا..
ضحكت أمل وتقدمت تجلس جوارها تربت على كتفها بغية تهدئتها:
ـ يعرف أنك لن تذعني له ولن توافقي على الولادة بدون ألم..
رفعت رأسها إلى مصعب ببسمة يأس:
ـ فتعمد إثارة جنونك في لحظة حرجة من الطلق تساعدك في الولادة..
فغرت عزة فاهها تتساءل بعينيها فأشاح بوجهه يكبح ابتسامته اللعوب، تدخلت أمل تستفهم في فضول:
ـ ماذا درست يا مصعب في الجامعة..
أجابها يحك مؤخرة رأسه:
ـ إدارة الأعمال.
تصنعت خيبة الأمل وتهكمت:
ـ ظننتك درست الطب النسائي.
انفجر ضاحكًا فقذفته عزة بوسادة بيضاء تلقفها دون عناء، احتضن الوسادة في مسرحية معلقًا:
ـ بعض الأشياء المهمة في الحياة لا تحتاج إلى دراسة..
قبل أن تنفعل عزة وتنهض بغية إزهاق روحه في وضعها ذاك ركض للخارج تاركًا إياه برفقة أمل، أمل التي ضحكت بقوة ومالت بجسدها للخلف حد سكونها فوق الفراش، تفقد عزة طفلها بعينيها قبل تتربع على الفراش في إنهاك وتزجرها بنظرة حارقة، اعتدلت أمل تسند إلى يدها المستكينة إلى الفراش:
ـ حياتك معه ستكون مليئة بالمفاجآت.
أشاحت عزة بوجهها:
ـ ليس لي حياة معه.
انحسرت ابتسامة أمل التي كانت تنتظر مكابرة وحديث كهذا وعلقت:
ـ حقك يا عزة، كل ما ستفعلينه به حقك تمامًا.


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-21, 06:14 PM   #1032

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

***

عشرات المكالمات استهدفت هاتفه، تجاهلها كلها إلا واحدة كانت لمدين، عز عليه أن يفرح بطفله ويجهر بذلك والآخر في خضم فقدانه، توقف دقيقة كاملة في حالة مزرية قبل أن يهاتفه، قابله مدين بكل اهتمام ممكن:
ـ مبارك عليكِ يا مصعب..
تلكأت بسمة حزينة على وجهه:
ـ شكرًا على اهتمامك..
أخبره مدين بسعادة بالغة:
ـ رأيت صورته للتو، أرسلتها لي زاد حين طلبت منها..
ضحك قبل أن يعلق:
ـ يشبهك تمامًا، زوجتك ستجن منك.
تنفس مصعب بعسر قبل أن يخبره:
ـ أنا آسف يا مدين، حاول مسامحتي.
سأله مدين مندهشًا:
ـ أسامحك على ماذا؟
أجابه في ندم حقيقي:
ـ على ضياع سعادتك وخراب حياتك.
كاد يخبره أن سعادته ضائعة وحياته خربة بطبيعتها لكنه صمت دون حفيف أنفاس لحظات قبل تعليقه الهادئ:
ـ لا عليكَ، لو كنت تعرف ما كنت..
تركها معلقة فسارع مصعب مؤكدًا:
ـ أقسم لكَ تلك هي الحقيقة.
تخطى مدين كل ذلك مازحًا:
ـ جدك يعاقبك باسم طفلك.
ضحك مصعب رغم أنفه:
ـ تخيل أنني فاشل في نطق أسماء عائلتي بأكملها..
شاركه مدين الضحك العارم:
ـ ولماذا أتخيل تلك هي الحقيقة..
***
زاد ناعمة الطيف دافئة القلب، في قربها الشبع حد التخمة وبين راحتي كفيها سعادة الكون، تركها تقضي ليلة ولادة طفل مصعب مع العائلة وذهب ينام وحده بالمنزل، في غيابها الفراغ كله وضايع الراحة، استيقظ باكرًا وذهب إليها أخذها من بين الجميع وطلب منها مرافقته للإفطار بالخارج، وافقته وأخبرت أمها أنها ستعود إليهم وقت الغداء، ذهب بها إلى مطعم مفتوح تناول برفقتها الفطور يلتهم مع كل لقيمة ملامحها بعينيه، بدا له أن حضور طفل للعائلة فتح شهيته للإنجاب فأخبرها مباشرة:
- مارأيك أن نتخذ خطوة جديدة في حياتنا.
سألته فيما تلوك خبزها المشبع بالزبد على مهل:
- خطوة ماذا؟
مد يده يلتقط كفها يأسرها بين يديه:
- ننجب نحن أيضًا.
واصلت المضغ دون توقف، بل زادت من سحق الطعام فأشاح بوجهه عنها:
- أعرف أننا متفقان لكنني شعرت بالغيرة من مصعب.
ضحكت تغمر كفيه بنعومة أناملها:
- أول مرة تعترف بالغيرة من أحد.
تحتاج للتفكير في الأمر مليًا، ليست مستعدة لتحمل مسئولية كتلك لاسيما وأنها في بداية طريقها معه، مازحته في هدوء:
- هل العالم يحتاج مزيدًا من البشر غير الأسوياء؟
قطب يسألها غير مستوعب لمنطقها:
- ولماذا لا ننجب أسوياء يا زاد.
تنهدت فيما تحرر يديه:
- ولادة طفل تحتاج أشياء كثيرة غير القدرة المادية أو المكانة الاجتماعية
يامنصور.
دحض تبريرها سريعًا:
- يحتاج أب وأم متفاهمين يُقدران قيمة الزواج وإنشاء أسرة.
أشار لها ولنفسه:
- ماذا ينقصنا، أنت أكثر النساء تفهمًا وتقبلًا لغيرك وأنا سأبذل قصارى جهدي لأكون في مستوى أبوي مناسب.
أسبلت أهدابها تفكر:
- دعنا لا نتسرع، قلت لك قبلًا أنني لا أمانع فقط أريد الوقت المناسب
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-21, 06:16 PM   #1033

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

***
حين يتخلى الصبر عن المر، ربما يصير للحياة طعم..
أيقظتها الأنامل الصغيرة لسلمى تجذب أطراف خصلاتها القصيرة في رفق، فرقت صبر أجفانها ببسمة هادئة:
ـ ابعدي يدكِ عني يا سلمى.
اعتدلت الصغيرة تجلس متربعة أمامها، تشير إلى رأسها:
ـ أصففه لكِ.
نهضت صبر تجلس وتومئ لها، تزامن هبوط سلمى من الفراش مع دلوف أمها المتحمس:
ـ ما زلتِ نائمة حتى الآن ياصبر!
ابتسمت صبر مازحة في كسل:
ـ لديكِ عمل مهم أقوم به!
لوهلة تبادلاتا نظرة مختلفة خلفها فكرة تم زرعها عفويًا والبقية على أتم الاستعداد للتدفق، مدت صبر قدميها إلى أسفل وهبطت الفراش تقف أرضًا، مطت جسدها الذي تمسك بالنحول وأشارت للخارج:
ـ سآخذ حمامًا حالًا وأستيقظ كليًا.
أولتها أسماء ظهرها وشرعت في مغادرة الغرفة:
ـ سأحضر الفطور إذًا، نصف ساعة فقط وسأصعد به نتناوله هنا.
توجهت صبر صوب خزانتها حضرت ملابسها وغاردت الغرفة بدورها متوجهة صوب حمام الطابق الثاني، لم يمر على فقدانها لطفلها سوى أسبوعين وأسبوع واحد فقط على انفصالها عن مدين، ليس سهلًا كل ما حدث لها أو أحدثته هي بنفسها لنفسها لا فارق، دفنت حزنها في أعماق أعماقها وشرعت في إنشاء حاجز صلد بين مشاعرها الحبيسة وبين الواجهة التي أصبح ارتداءها لازمًا، حين غسلت رأسها بماء بارد باغتتها غصة فيما تمرر أناملها عبر خصلاتها القصيرة، القصيرة جدًا في الحقيقة، تخلصت من عبء ثقيل أراحها، شيء يحبه مدين ورأت لمعة خاصة من عينيه مرارًا يخص بها تلك الخصلات حتى في أوج غضبه منها، أكملت استحمامها سريعًا، فلن تترك عقلها ومشاعرها متورطة في الماضي كما السابق، ارتدت ملابسها وخرجت إلى سلمى التي وجدتها جالسة على الفراش بيدها مشط وعدة ربطات شعر مطاطية ملونة، تقدمت منها تميل إليها وتسألها في اهتمام:
ـ ماذا ستفعلين بهم!
عبثت الطفلة بالرابطات ومن ثم نظرت إليها بإمعان:
ـ سأزين بها شعرك.
توقعت ذلك مسبقًا وأومأت لها باسمة:
ـ سأجففه وأعود إليكِ..
ذهبت صبر صوب أحد أدراج طاولة الزينة وأحضرت مجفف الشعر، أتمت مهمتها وجلست بجانب أختها الصغيرة التي لم تجد صعوبة في تصفيف الشعر وربط كل عدة شعرات معًا، انتهت من عملها وتفحصت هيئة صبر قبل أن تنفجر ضاحكة، بدت رأسها كأنها قطعة أرض مزروعة نباتات منفصلة ونافرة عن بعضها البعض، مربوطة بأحزمة تضمن لكل منهمن الخصوصية اللازمة، نهضت صبر تقصد المرآة وتقف أمامها قبل أن تستدير وتبتسم لها في هدوء:
ـ تصفيفة شعر بشعة.
حركت سلمى كتفيها في شقاوة وأخبرتها:
ـ لكنها تعجبني.
منع تندر صبر التي رفعت أحد حاجبيه استنكارًا دلوف أسماء تحمل بين يديها صينية الطعام، جذبت صبر الطاولة من أحد أركان الغرفة والمقاعد لتضع الطعام فوقها وتشرعن في تناوله، تساءلت أسماء في رصانة:
ـ هل فكرتِ في النصف الساعة الماضية في شأن العمل..
نفت صبر في هدوء فيما تلتقط شريحة خيار طازجة بشوكتها:
ـ لم أفكر للأسف، هل فعلتِ أنتِ؟
وضعت أسماء الخبز من يدها على الطاولة ولاكت طعامها أولًا:
ـ أنا تعبت من عملي، ما رأيك في افتتاح متجر صغير نديره معًا.
فكرت صبر في جدوى العمل، لا تحتاج عائدًا ماديًا فحسابها المصرفي بخير تمامًا لكنها تحتاح هدنة واستقلالية، سألتها في فضول:
ـ هل لديكِ فكرة معينة؟
مسدت أسماء جفنها تفكر:
ـ ربما يكون متجر للملابس النسائية العصرية.
ضحكت صبر في بطء:
ـ فكرة مستهلكة بشدة.
شاركتها أسماء الضحك:
ـ لكنها مجدية بشدة أيضًا، ابنة عمي تمتلك متجرًا في مدينة مجاورة، توزع فيه لمصانع الملابس الخاصة بالتصدير، جودة عالية وذوق رفيع.
مطت صبر شفتيها تمعن في التفكير، ربما تكون الفكرة المستهلكة هي الأفضل بالفعل:
ـ حسنًا، لنقابلها أولًا وندرس التفاصيل..
***
يريد امرأة تسير معه دربه دون محاذير، لكنها خذلته بتصورها نحوه، نضج بما يكفي كي يقرأ ما خلف الأشياء، ربما لا تؤمن كليًا بما تفوهت به لكن الموقف في حد ذاته مُهين له..
منذ عودته إلى منزله والتزم الصمت التام، سألته أمه متلهفة فأخبرها في هدوء:
ـ رفضت الارتباط يا أمي.
حاولت سؤاله عن أسبابها فمنعها بيد حازمة:
ـ رفضت فقط، لها مطلق الحرية.
حذرها جادًا في حروفه:
ـ وأرجوكِ لا مزيد من النقاشات حول الأمر.
انشغل في عمله وروتين حياته المعتاد دون الاتيان على سيرتها، جزء من داخله يحزن على ضياع الفرصة سريعًا وجزء آخر متثبث بالكرامة، وجزء كبير يشفق عليها، وحدتها وخذلان الآخر لها صنعا منها تلك المترددة، أهمل الأطفال في خضم صراعه الخاص وانغماسه في العمل فجاءته ماريانا تمشي على استحياء فيما كان يتفقد محرك سيارته أمام باب المنزل الخارجي، انتبه لها فأغلق مقدمة السيارة ومد يده إليها باسمًا:
ـ اقتربي ماريانا، اشتقت إليكِ.
كتفت ذراعيها متسمرة في محلها قرابته:
ـ لن أقترب.
رفع كلا حاجبيه ضاحكًا باندهاش:
ـ أنتِ غاضبة مني ولا أدري؟
أشاحت بوجهها عنه تسأله مستنكرة:
ـ لماذا تهملنا هكذا.
زم شفتيه أسفًا الصغيرة مُحقة، له أسبوع كامل لم يحدث فيهم أحد، يكظم غيظه بشكل جعله ينطوي أكثر من اللازم، تقدم منها يحنو صوته ويترفق بها:
ـ انشغلت قليلًا في العمل، سأعوضكم حالًا، اخبري جدتك وإخوتك أننا سنتناول الطعام بالخارج.
امتعض وجهها معلقة:
ـ العمل أم دميانة؟.
اكفهر وجهه لحظة قبل أن يزفر وترتخي تقاسيم وجهه:
ـ أولًا اسمها خالتك دميانة، ثانيًا لا يصح التدخل في أمور الكبار.
شعرت بالندم لاندفاعها فأطرقت بخزي تخبره:
ـ جدتي غاضبة وحزينة، ظننا جميعًا أنها ستأتي لتعيش معنا وخذلتنا جميعًا..
سألها مضيقًا عينيه:
ـ هل كنتِ تفضلين أن تأتي إلى هنا؟
أجابته ببديهية بريئة مثلها:
ـ بالطبع، جدتي قالت أنها أم جيدة لي ولإخوتي الصغار.
توسعت ابتسامته بالتدريج، الأمر صعب لكنه ليس مستحيلًا، بعثر خصلاتها البنية باسمًا:
ـ هيا لنذهب إلى جدتك، لدينا مهمة شاقة.
دلف إلى أمه المنشغلة مع الصغار، تقدم منها وجلس بجانبها فانتبهت له كليًا، طلب منها أن ترسل الأطفال إلى غرفهم فاستعانت بالخادمة في تلك المهمة، تفحصت ضيق مزاجيته وسألته مشفقة:
ـ متعب من عملك؟
هز رأسه في امتعاض يخبرها:
ـ بل مغتاظ من تلك المرأة..
زاد انعقاد جبينها:
ـ دميانة!
مط شفتيه هاتفًا:
ـ ومن غيرها؟..
اعتدل في جلسته يتساءل مستاءً:
ـ تتصورين يا أمي، الحمقاء تظن أنني أستغلها من أجل تبني الأطفال.
هزت رأسها في جهل:
ـ كيف ذلك.
أخبرها بما تفوهت به دميانة فاستشاطت غيظًا منها وتوعدتها فارتكن لظهر الأريكة مسترخيًا لبعض الوقت ومن ثم نهض متوجهًا صوب غرفته، قابلته ماريانا في الممر فغمز من طرف خفي فكبحت ضحكتها، اطمأنت وشعرت بأنه يتخذ خطوة جديدة لا تفهمها وعنه فقد قذف الكرة في ملعب أمه التي ستطلق لسانها على دميانة وتندمها حتى تكره ما أقدمت عليه، وبالفعل ما إن انصرف تصرفت أمه تلقائيًا، هاتفت دميانة سريعًا وأفرغت غيظها منها:
ـ كيف يأتي إلى عقلك الصغير أن يوسف رجل مستغل.
كانت تتوقع محادثتها لكنها لم تحضر جديد تخبرها به فصمتت لتطلق السيدة آنجيل لسانها:
ـ أنتِ امرأة غبية تضيع من يدها رجل مثله.
تنحنحت دميانة في حرج فأكملت الأم ما بدأته:
ـ لماذا يتزوجك من أجل التبني، هل سيظل بقية حياته في ذات العمر!
هذا ما فكرت فيه دميانة فعليًا وتغاضت عنه، فسمعت تساؤل الأخرى المستنكر:
ـ لماذا يربط نفسه بقية عمره بامرأة يحتاجها لعامين فقط!
أتبعت قولها بيقين:
ـ أنتِ غبية وساذجة يا دميانة.
قاطعتها دميانة في خجل:
ـ خالتي.
هتفت آنجيل في غضب:
ـ لا تقولي خالتي، سأبحث له عن امرأة ذات عقل راجح تقدره.
لم تكن دميانة تتصور مدى غيرتها وغضبها من جملة كتلك، شعرت بأن الرمال تتحرك من تحت أقدامها تضيع منها ثبات حياتها، وعن السيدة آنجيل فأغلقت الخط في وجهها دون اسئذان، عزمت على الحدة في أول مكالمة وفي الثانية ستهدأ قليلًا وربما في الثالثة أو الرابعة تكون قد حسمت دميانة الأمر..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-21, 06:19 PM   #1034

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

***
البداية لن تكون بداية إن ظلت حبيسة الفكر، البداية تعبر عن نفسها بالفعل عندما تحلق دون قيد..
بحثت عن متجر مناسب، أعجبتها الفكرة حين تخمرت في عقلها، إن لم تكسب من مشروعها لن تخسر كثيرًا، زارتها رحيمة وزاد في منزلها وأخبرتهما فدعمتاها بشدة، عرضت رحيمة مساعدتها فرفضت صبر قطعيًا وأخبرتها صادقة:
ـ أريد الاعتماد على نفسي ولو احتجت شيئًا سأطلبه منك بالتأكيد.
هاتفها معتصم وبارك لها فكرتها وكما فعلت أمه عرض عليها الشراكة فرفضت أيضًا، تواصلت مع أصحاب مصانع تصدير الملابس وتوصلت إلى اتفاقيات مبدئية، اندهشت من سلاسة الأمر وتفهمت تدخل معتصم الخفي، تغافلت لأنها مهما حاولت سيظل يساعدها من خلف الستار، دلفت إلى المتجر الجديد المزمع افتتاحه بعد عدة أيام، تم تجهيزه بالكامل، أرضيات بيضاء مصقولة وحوائط بذات اللون، مكتبها في المقدمة على اليسار ورفضت أسماء اتخاذ مكتبًا، تفقدت حال الملابس التي وصلتها وتأكدت من جودة خاماتها، جاءها زائر غريب شعرت لوهلة أنها رأته قبلًا، داكن البشرة أجعد الشعر عيناه واسعتان وحضوره هادئ هدوء حذر، طرق الباب برفق وتقدم إليها في كياسة، بحثت في ذاكرتها عنه وفشلت في تذكره تحديدًا، تسربل إليها صوته الخشن في رصانة:
ـ أريد التحدث معكِ لبعض الوقت يا سيدة صبر.
سألته في عملية:
ـ هل تعرفني؟
نفى ببطء استشفت منه الكذب دون جهد:
ـ لا أعرفك مباشرة، علمت بشأن متجرك فقط وأعجبتني فكرته.
صمت لحظة يراقب وقع كلماته قبل أن يستأنف:
ـ فأردت مشاركتك في فرع آخر ومساعدك في إدراة الفرعين.
أدهشها طلبه لاسيما وأنها لم تحقق أي نجاح حتى الآن بل لم تفتتح مشروعها بعد، هزت رأسها بلا معنى تجيبه:
ـ بالتأكيد أتشرف بذلك لكننا نكتفي بهذا الفرع ولم نفكر في غيره وأعتقد أننا لن نفعل.
أطرق لحظة متنهدًا، لم يجرحها بنظرة واحدة بل بدا أنه يحترمها بشدة مذ دلف إليها، أخرج حافظة من جيبه جذب منها بطاقة أنيقة وقدمها لها:
ـ هذه بطاقة أرقامي الخاصة إن أردتِ أي مساعدة في أي شيء بإمكاني ذلك.
توجست منه حقًا، هذا الرجل يعرفها جيدًا ولم تشعر للحظة واحدة بعفوية اللقاء، تناولت منه البطاقة بدافع الفضول لا أكثر وتسمرت محلها حين وقعت عيناها على اسمه
سالم ربيع الشاهد
ربطته تلقائيًا باسم
عدن علي الشاهد
وسالم صديق مدين ومن المقربين له كما تتذكر، كبحت انفعالها لكنه لاحظ ذلك وحدثها باحترام:
ـ أرجوكِ لا تترددي في طلبي..
أكد لها دون أن ينظر إليها:
ـ أقسم أنني لا أريد لكِ الأذى ولا لأي شخص أنا فقط أريد مساعدتك.
عبست تخبره ببقايا صبر:
ـ شكرًا لكَ أقدر ذلك لكنني لا أريد شيئًا بالفعل..
أومأ لها متفهمًا ورحل ملوحًا لها في تهذيب، تقدمت أسماء التي راقبت الموقف من بدايته تسألها:
ـ من هذا الرجل ياصبر.
شردت صبر قليلًا:
ـ ابن عم عدن خطيبة مدين.
زمت أسماء شفتيها:
ـ خطيبته!
التفتت لها متماسكة تمامًا كأن كل هذا الهراء لا يعنيها:
ـ لا أعرف عنهم شيئًا.
بالخارج وصل سالم إلى سيارته التي كانت تجلس بها عدن في انتظاره، زجرها بنظرة تكبح فضولها وجلس محله يشرع في القيادة، سألته دون روية:
ـ هل وافقت على مساعدتك لها!
نفى بهزة رأس هادئة:
ـ تذكرتني مع الأسف.
ارتخت في جلستها محلها تمط شفتيها وتزفر:
ـ سيغضب.
مالت عيناه في سخرية صوبها:
ـ ما زلتِ تكترثين لغضبه؟
كتفت ذراعيها:
ـ صديقي وأشعر بالحزن لأجله.
قبض كفيه على مقود السيارة:
ـ لم يكن لديكِ مانع في الزواج من صديقك الذي يحب زوجته الأولى.
أشاحت بوجهها تتذكر أثقل خيباتها على الإطلاق
الانجذاب إلى رجل مرتبط
بل الرجل الذي ازداد جاذبية حين لمست تعلقه بامرأة تعشقه بجنون، دون تفكير مسبق أيقنت أنه ربما الشخص المثالي للوقوع في حبه بما أن هناك من اتخذت قرار عشقه قبلها وهي في كامل قواها العقلية، وللأسف آتاها يومًا يعتذر عن خطبته منها ويؤكد لها أن تستحق الأفضل، وقتها لم تجد الغصة المستحقة عند الفراق حد أنها سألته:
ـ لماذا لا أشعر بالحزن والقهر وكل تلك الأشياء..
ابتسم لها مدين يخبرها في لباقة:
ـ لأننا الآن نصحح الوضع.
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-21, 06:21 PM   #1035

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي


***
أروع الاختيارات هي ما تتسربل إلى القلب مباشرة
أروع الاختيارات اختاره عنها بل أجبرها عليه
انتهت جلبة الأيام الماضية وتضاءلت إلى زيارات خفيفة مرتبة، أخبرته صراحة:
ـ أنا ومعز مسئوليتك، اهتم بنا كما يجب.
كان ذلك في اليوم التالي من عودتها من المشفى، وبالفعل غمرها باهتمامه، شاركها السهر مع الرضيع الذي يظل اليوم كله غافيًا ويستيقظ بعد المغيب، مر أسبوع كامل على هذا الحال، تقدم صوبها وجلس بجانبها على الفراش، يعرف أن فورة هرموناتها التي جعلتها تتصرف تصرفاتها الماضية قد تبددت جزئيًا وتتحرك بإيعاز من عقلها الآن، عمليتها تناسبه فليس مفيدًا لهما أن تضع فقط نذالته نصب عينيها وتتجاهل ما يستطيع منحه لها، مد يده يطلب مُعز التي أرضعته للتو وغفى فوق ساقيها المتربعين، رفعته متنهدة وأعطته إياه دون أن ترفع بصرها إليه، ضمه إلى صدره ومال يتشمم عبقه، تأوه في نشوة الظفر، رائحته فريدة كما أن جسده بض يكاد يشعر بمدى لينه، قبل وجنته ضاحكًا فيما يرفع وجهه لها:
ـ أريد تعلم نطق اسمه بالطريقة السليمة.
كبحت ضحكتها حين تذكرت كيف نطقه في المشفى، مدت يدها تداعب رأس الطفل في رفق وراحت تنطق اسمه ضاغطة على حرف العين، كرر خلفها وفشل كليًا، عاودت النطق ببطء وفشل أيضًا، تحركت أنامله بحثًا عن خاصتها التي تهدهد شعر معز، لمسته مُعبرة عن اشتياق جعلها تجذب كفها إليها تزفر ضيق:
ـ انس الأمر، لن تستطيع نطقه.
وعدها باسمًا:
ـ سأحاول دون نهاية.
ضحك في خفوت ماكر:
ـ كما أنني أريد نطق اسمك أيضًا.
رفعت طرف شفتها العلوية متندرة:
ـ بأي مناسبة!
مد يده الأخرى يجذب خصلة شاردة منها فيؤلم فروة رأسها:
ـ بمناسبة أنني زوجك.
تلك الغطرسة والتملك في نبرته يغضبانها، اشتعلت حواسها وكادت تصيح غضبًا لكنها ألجمت صوتها خيفة استيقاظ مُعز، خرج صوتها مكتومًا:
ـ لكنك لست الرجل......
قبل أن تكمل كان قد تسلح بجليده الذي غاب عنه لبعض الوقت وباغتها:
ـ تشتاقين لطفل ثاني بتلك السرعة.
أشارت لباب الغرفة مغالبة انهيارها:
ـ اخرج حالًا من غرفتي قبل أن أرفع صوتي وأفزع معز..
نظر مليًا إلى الطفل الغافي قبل أن ينهض ويضعه في مهده مغادرًا الغرفة..
ظلت محلها ترغي وتزبد لنصف ساعة قبل أن تستلقي محلها وتغط في نوم عميق، نهضت من غفوتها ليلًا رأسها يؤلمها بعض الشيء، شعرت بحاجتها لطعام يحتوي على السكر ورغبة عارمة في احتضان مُعز، بحثت عنه في مهده فلم تجده، تلك أول مرة يغادر فيها غرفتها فانتابها هلع دون مبررات، خرجت من الغرفة لاهثة بحثًا عنه، كان الممر مطفأ الضي ساكن تمامًا، انتابها العجز لحظة قبل أن تهتف جزعة:
ـ مصعب!
سمعها من غرفته فخرج لها يحمل مُعز يهدهده كيلا يبكي، أشعل الضوء من عنده فغمر النور البقعة التي يحتلانها، تقدم صوبها يقرأ ما تفضحه ملامحها، تقدم أكثر حد ضمها كليًا والطفل بينهما كجزء أصيل منهما، سألها ببسمة بسيطة:
ـ لماذا خفتِ هكذا؟
حركت رأسها بلا معنى، ضمة الرضيع أراحتها وأعادت السكينة إلى قلبها، دعمها لتدلف إلى غرفتها ثانية ومنحها معز كي ترضعه، أخذت بنصحية أمل والطبيب فيما يخص الرضاعة الطبيعية غير أن شعورها حين تؤدي تلك المهمة يملأ قلبها سعادة ورضى عن نفسها، جلس جوارها للخلف قليلًا كما فعل في المشفى، في اقترابه كل الدعم لها فلن تنكر، ارتكن بخفة قرب عنقها فلفحها بأنفاسه الهادئة قبل أن يقترب أكثر ويحط بشفتيه فوق جلدها، قبلته شغوف حائرة سبقت هدهدة خصلاتها وجملته المقصودة:
ـ هناك أشياء تحدث تغيرنا، وليس كل ما يحدث يكون من اختياراتنا.
أبعدت عنقها عنه تستهدف عينيه:
ـ رغم أنك حقير وسافل وأفاق كبير إلا أنك منحتني أثمن شيء في الوجود.
عادت تنظر إلى مُعز التي يلتهم لبن أمه بكل قوته، حركت طرف سبابتها قرب وجنة الطفل ففرق أجفانه الصغيرة ببطء قبل أن يغلقهما ثانية، حاول المزاح معها ومزاحه ماجن بلا شك:
ـ بإمكاني منحك غيره إن أردتِ.
طاف على محياها تعبير قاتم ساخر تمامًا:
ـ سأتركك هكذا مُعلق دون راحة.
شهق في مسرحية يسألها:
ـ لن تطلقيني وتحرريني من هذه الجنة هنا!
جذبت مقدمة قميصه القطني فلم يتحرك، ظل صلدًا كما هو فأخبرته:
ـ أطلقك وتذهب تتزوج وتتركني هنا أسمع أخبار جولاتك فقط!
أسبل أهدابه ببسمة لعوب أغاظتها قبل أن يثير جنونها أكثر:
ـ لا أفضل الطلاق، وافقي أنتِ على الزواج بشكل طبيعي وسأبهرك.
لكمته في صدره في عنف:
ـ لا أريد الانبهار، اذهب من هنا..
***
زيارة أبويه كان لها النصيب الأكبر من الإثارة، لأول مرة تقابل أمه، أمه التي رمقتها ببرود قبل أن تتقدم وتحمل مُعز من يدي ابنها وتغدق عليه بعاطفة جياشة حد أنها بكت، ومثل ابنها استحوذت على الطفل في ركن خاص وحدهما، عانقها السيد أمين عنوة وسألها مترقبًا:
ـ هل يزعجك أحد هنا؟
حانت منه التفاتة ساخرة صوب ابنه ففعلت عزة مثله تخبره بغطرسة أضحكته:
ـ لا أحد يستطيع فعلها.
ضحك مصعب بدوره:
ـ تلك جبهة مناصرة لها أم ماذا!.
تجاهل مصعب وابتسم لها يتخذ صفها:
ـ بالضبط.
أتتهم والدته تحمل مُعز الذي غفى برفقتها فأخذه جده أمين وجلس به على أريكة بعيدة تاركًا ثلاثتهم في منتصف الصالة، فهمت من نظرة المرأة أنها لا تعجبها فتلبسها ثوب الوداعة تسأله في هدوء مصطنع:
ـ أمك تعرف العربية؟
سألها ممتعضًا:
ـ أمك؟!
أشارت إلى والدته ببسمة محايدة:
ـ خالتك!
ضحك بخفوت:
ـ أمي لا تعرف العربية.
ابتسمت للمرأة تحدثه:
ـ لا تخبرها أني أفهم الألمانية.
لم يخبرها فعلا وبدأت معركة جعلت أمه تقول رأيها فيها بصراحة تامة، ابتسمت لعزة بلؤم تخبر ابنها:
ـ ذوقك تدنى إلى الحضيض.
كان يكافح كي يمنع نفسه من الضحك أو تنبيهها، لاحظ أن عزة مثله تفعل الشيء نفسه، سعلت عزة قبل أن تميل إلى مصعب مبتسمة في سادية:
ـ سأضع لكما السم في الطعام.
هزت رأسها إلى أمه كأنها تحييها ولم تتخلَ عن بسمتها التي رأتها أمه بلهاء مستفزة فسألت ابنها:
ـ متى ستطلقها ونتخلص منها.
أجابها فيما تتلكأ عيناه على عزة بنظرة أزعجتها:
ـ ترفض التخلي عني، تحبني حب لا يتخيله أحد.
كبحت عزة ضحكتها المستهزئة قبل أن تشير إلى مُعز في سماجة حقيقية:
ـ سآخد طفلي وأذهب قبل أن تنتقل إليه عدوى العنصرية والنرجسية منكما.
قضوا الليلة في البيت معًا وأرشد مصعب أبويه إلى غرفة ضيوف مجهزة للنوم وذهب إلى غرفتها ليلًا، قابلته على الباب ترفض فتحه له فتوسلها ضاحكًا ينظر للخارج بترقب:
ـ سيعرفون كيف تعاملينني.
واربت الباب فتوسلها:
ـ سأفعل كل ما تطلبينه دون مناقشة لكن الآن اسمحي لي بالمبيت هنا..
أشارت خلفه متشفية:
ـ اذهب إلى والدتك ودعها تدثرك جيدًا في الفراش ولا تعد إلى هنا ثانية، لا نريد مزيدًا من الأطفال..
ردد خلفها مستنكرًا:
ـ أطفال!
دفع الباب في عنف فابتعدت للخلف:
ـ سأكسر الغرفة فوق رأسك، يبدو أنني دللتك أكثر من اللازم..
رمقته في ازدراء قبل أن تتوجه صوب فراشها وتحتله مشيرة إليه:
ـ ابحث عن ركن ونم به.
قفز إلى جانبها مشاغبًا:
ـ ابحثي أنتِ أنا سأنام هنا..
قبل أن تحضر له رد يحطم جبهته وصلهما بكاء مُعز فأدرا وجيهما إليه في بطء وابتسما فقد عرفا أن الليلة الحقيقية قد بدأت للتو..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-21, 06:23 PM   #1036

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

***
مر شهر كامل على ولادتها، ولم تتشبع من الاهتمام فلا أحد يشبع منه بل يزداد جوعًا لكنها اكتفت من استغلاله..
كان قد حضر لها طعامًا تناولته وجلست تداعب مُعز الذي أصبح ينتبه لهما ويهدأ حين يحدثاه كأنه يستطيع التفريق بينهما، نادت اسمه فترك هاتفه ونهض من مقعده متقدمًا إليها وجلس بجانبها فوق أريكتها:
ـ نعم.
قربت طفلها من صدرها في رفق تخبره:
ـ يكفي إلى هنا، أنا ومعز بخير بإمكانك الرحيل.
هتف مستنكرًا:
ـ ماذا!
أجفلت فضمت الرضيع إليها:
ـ قلت لك يكفي، اذهب إلى حياتك مجددًا.
أشار إليها والطفل معًا:
ـ أنتما حياتي..
هتفت بغير سيطرة:
ـ لكنني لم أعد أطيق وجودك معي.
صاح في قوة:
ـ لستُ لعبة بين يديكِ وأخبرتك بذلك قبلًا..
صدمهما تعالي صراخ الطفل فجأة فصمتا تمامًا، راحت عزة تهدهده واجفة، تلك أول مرة يصرخ ذعرًا، تقدم مصعب منهما يحتضنهما كما اعتاد في الشهر السابق كله فتجمدت رافضة، ترك مسافة بينهما ومد يده يربت على ذراع طفله في رفق، نظراتها تخبره أنها لن تتراجع ولا تعرف أنها في تلك اللحظة تخنقه أكثر من اللازم، كان يعرف أن تلك اللحظة قادمة وحاول بكل قوته التقرب منها كيلا تحدث، تنهد بعد هدوء معز يسألها:
ـ أليس هناك أي أمل بيننا حقًا.
سألته في استنكار:
ـ متى أعطيتك أملًا.
زفر بقوة:
ـ ولا مرة.. كان كل ما حدث استغلالًا وتقلبته بصدر رحب.
علقت متجهمة:
ـ جيد أنك تعرف.
أمسك بيدها يعانق راحتها رغم أنفها:
ـ تعرفين يا عزة... أنا سأرحل لأنني لا أريد إيلام قلبك ولا أريد الشقاء لطفلنا.
لم تتوقع استجابته بتلك البساطة وفي الحقيقة كل الصعاب تُذلل من أجل عائلته الصغيرة، أردف في حزن عميق لم يستطيع إخفاءه عنها:
ـ تعلقت به وأحببته، لا أريد الفراق عنه لكنني سأفعلها لأجلكما..
تقدم أكثر يُقبل رأسها بقوة:
ـ لكِ كل الوقت يا عزة، لكِ حق عندي من الأصل ومن أجل حقك هذا سأفضل ما يرضيكِ.
لم تود التفكير في معنى جملته، تركتها معلقة كما هي دون البحث خلف حروفها، مكث معهما أسبوعًا آخر، تواصل مع جود التي سافرت بعد الولادة بعدة أيام، تواصل أيضًا مع أبيه لاستئناف عمله الذي كان يحاول مجاراته عبر الشبكة العنكبوتية قدرما يستطيع ويسمح به وقته، استغل كل دقيقة وقضاها برفقة مُعز دون مضايقتها قط، صبيحة رحيله أعطاها الطفل بعد استنشاق عبقه:
ـ ضعيه في فراشه..
أخذته منه وهدهدته في مهده حتى غط في نومه، ما إن ابتعدت حتى أسرها بين ذراعيه حاولت التملص منه فأوقفها في حزم:
ـ أفعل ما لا أطيق من أجل راحتك، تحملي عدة دقائق فقط..
استكانت فتنهد يقربها من صدره، ينثر قبلاته على وجهها ويأسر كفيها بكفيه، واللحظة مروعة، كادت تستجيب له دون بخور يدير رأسها ودون هرمونات حمل مضطربة، ماذا سيكون تبريرها أمام نفسها إذا استسلمت!
أبعدته بدفعة واهنة تستهدف صدره:
ـ يكفي يا مصعب يكفي.
أسكنها حضنه ثانية يومئ في بطء:
ـ يكفي فعلًا..
حررها وتركها خلفه فجلست على فراشها تميل وتفرك عينيها، من الجيد أنه ابتعد عنها وإلا لم تكن لتسامح نفسها إن استسلمت..
وعنه فقد بدأ فصله الجديد
فصل العقاب
فلا يدرك المرء قدر استشراء المخدر في دمه إلا حين يكف عن إدمانه، وقتها فقط تلوعه أعراض الانسحاب وتسلب أمانه إلى الأبد..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-21, 06:26 PM   #1037

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

***
ستة أشهر كفيلة لإخماد حريق مدينة
كاملة وإدراجها طي النسيان..
اختارت المستقبل بعد قطع بعض ذيول الماضي، بعضها فقط فهناك ذيول طيبة منحتها احتواء أمومي وحب لا مشروط، أبقت على رحيمة وأولادها الذين لم ينفكوا عن دعمها وتشجعيها للتجاوز والبدء من جديد، كان لهم الفضل مع عائلتها فيما أصبحت عليه اليوم.. ترددت قبل أن تذهب إلى المشفى لزيارتها، كان قد تحدد لرحيمة عملية جراحية أجلتها عدة مرات حتى أجبرها الأطباء عليها، وصبر لن يتسنى لها فرصة زيارتها في المنزل الذي أقسمت على محوه ومحو ذكرياته من عقلها تمامًا، في الأشهر الفائتة بادرت رحيمة بزيارة منزل صبر ومتجرها وشاركتها التخطيط بكل تفانٍ وواجبها اليوم أن تكون جوارها وتطمئن عليها، أوقفت سيارة الأجرة أمام المشفى وهبطت تعدل ثوبها الأرجواني الساتر والتقطت حقيبتها تمضي دون حفيف ودون وقع خطوات، سألت في الاستعلامات عن الغرفة ومن ثم توجهت إليها، قابلتها بيسان في الممر بحفاوة جديدة عليها، تقربت منها وزارتها عدة مرات برفقة زاد، تعرفت على صبر جديدة تمامًا عن المرأة ذات الجمال الفريد والشخصية المحيرة التي ترعرعرت في بيت عائلتها..
دلفت إلى غرفة السيدة رحيمة فوجدت معتصم وزاد جوارها، ألقت عليهما التحية ونهضت زاد تعانقها وتسألها عن حالها، تقدمت صبر صوب السيدة رحيمة ومالت إليها تحتضنها في رفق، أخبرتها في وهن:
ـ كنتُ سأغضب إن لم تأتِ..
ابتسمت لها صبر بمحبة خالصة:
ـ اشتقتُ إليكِ، تعافي سريعًا لا أحب رؤيتك هكذا..
ربتت رحيمة على كفها وابتهلت لراحة ربيبتها التي تحبها محبة أولادها، قضت برفقتهم ساعة الزيارة قبل أن تستأذن للانصراف وتغادر، رافقها شعور تعرفه ما إن اجتازت الباب، فاختبرت نفسها وقوتها في المواجهة، لن تنجح في التجاوز الفعلي قبل مواجهة حقيقية، فكل التمرين لن يجدي نفعًا دون امتحان يخبرها عن فاعلية ما دربت نفسها عليه، سمعت صوته الأجش قريب منها ينطق اسمها في توق، فتسلحت بدرع من فولاذ غلفت به قلبها قبل أن تستدير، ازدرد لعابه حين فعلت، كانت امرأة جامدة لا يعرفها، حجابها مُحكم وثوبها فضفاض وساتر، أجابته كأن تلك أول مرة تراه فيها :
ـ نعم، كيف أخدمك سيدي..
ردها خالٍ من لوم أو تأثر، اعتيادي يناسب غريب في ممر، هدل أكتافه صامتًا، اختار ذاك اللقاء ليبدو مجرد صدفة، يتجنب اقتحام متجرها أو افتعال مقابلة في أي طريق، كانت ستعرف أنه دبرها وهذه المرة وارد أن تتقاطع الطرق لكنها تعرف أنه انتظرها وأتى حين أتت، تغاضت عن ذلك وتصنعت اللا مبالاة، أعادت سؤالها بصيغة مغايرة:
ـ ماذا هناك..
أخفض صوته يخبرها:
ـ أردت الاطمئنان عليكِ..
ابتسمت في سخرية وقبل أن تعلق سمعا صوت أمه يقتحمهما:
ـ مدين!
اتسعت ابتسامتها فيما أدارت رأسها صوب أمه، كيف غاب عنها أنها ستأتي هي الأخرى، تمالكت نفسها وتوجهت إليها بشكوى عمرها طويل:
ـ جيد أنكِ أتيتِ سيدتي، أردت إخبارك بشيء..
تقدمت الأم تزجر ابنها فأشاح بوجهه يزفر بضيق توجهت لصبر تسألها:
ـ ما الأمر يا صبر..
أشارت إلى مدين في جمود جسد ونظرات عدوانية:
ـ لقد تحرش بي..
شهقت الأم مصعوقة فيما أمعن مدين فيها النظر، سألتها السيدة لبيبة غاضبة:
ـ متى فعل ذلك..
سبقت جرأة صبر كلمتها:
ـ الآن..
قبل أن تنفعل أمه أكثر أمسك بكفها يعترف مطرقًا:
ـ فعلت ذلك فعلًا يا أمي..
انتقلت صدمتها إلى جهة ابنها، ابنها الذي تطلع إلى صبر في ندم حقيقي:
ـ لم يكن من حقي مسك يا صبر، أنتِ أكبر من ذلك، سامحيني أرجوكِ..
أسبلت صبر أهدابها وأخبرته في يقين:
ـ حين أسامح نفسي سأسامحك..
وضعته في مكانه الذي يستحق ولم تنسَ وضع نفسها معه، تركتهما خلفها ومضت تكمل طريقها الذي بدأته لتزرع احترام نفسها، لن يحترمها أو يقدرها أحد إن ظلت حبيسة خانة واحدة طوال عمرها، صبر الجديدة تعتز بذاتها وتجيد دفن خيباتها جيدًا كي تبدو بذاك الثبات وتلك القوة..
***
كيف حالك يامدين
هل أنتَ بخير
احكِ لي عما يضايقك
بإمكاني سماعك جيدًا
كلها جُمل تكررت على مسامعه طيلة الأشهر الفائتة حتى ملها
لا يريد التحدث في أمور ستزيد حنينيه وألمه دون فائدة، اتخذ قراره وقصدها بعده ربما لمحاولة أخيرة يعرف نتيجتها مسبقًا..
وعنها فقد كانت أنهت عملها وعادت إلى منزلها، دلفت إلى الداخل وتذكرت أنها تركت الباب الخارجي مفتوحًا فعادت أدراجها تغلقه، صدمها وقوفه الصامت أمامها، تراجعت للداخل فدلف بدوره، تهربت تنقذ نفسها من خطر السقوط في المحظور الذي تباعدت عنه، مرت عيناها على كل شيء حولهما وتوقفت عند زهور الياسمين اليابسة الساقطة تفترش الأرض من تحتهما، تبدل الحال كثيرًا، ذات مرة قطف زهور يانعة بيضاء في غاية السحر ونثرها فوق شعرها قبل أن يقبلها، كان يراوغها وقتها..
والآن!
الآن عيناه تفضحان الحنين والشوق لكن الزهور ما عاد بها حياة، لم تسأله ما الذي أتى به وانشغلت بتهدئة نفسها في حضرته، تقدم منها يتمسك بأحد أكمان ثوبها فنقلت بصرها بين وجهه ويده في صدمة لم تخرج منها قبل أن يضربها القاضية:
ـ ضاقت بي يا... صبر.
أجفلها حقًا، اعترافه.. نظرته.. ويأس نبرته، لحظة الجمود التي قضتها أمامه تسمعه تبددت سريعًا فنفضت يدها تبتعد بعدائية:
ـ ماذا أفعل لك، ألا يكفي خراب حياتي بسبب معرفتي بك.
ضاقت عيناه تلقائيًا، تكاد تشعر بألمه الذي أحسه توًا، أجابها دون حركة:
ـ لا تفعلي لي شيئًا، لا أريد شيئًا.
رفع وجهه للسماء يتنفس ببطء:
ـ يكفي حياتك خرابًا.
تقدم خطوة فابتعدت غريزيًا وعيناها حذرته الاقتراب، ابتعد خطوتين وابتعدت مثلهما وصارت المسافة مناسبة، وجدت نفسها تهينه بلا أسباب، شخص موجوع يعبر عن وجعه فقط وتتحامل عليه رغم أنها أكثر من يتفهمه، رأت أنه يستحق بعض الاحترام منها على الأقل فهدلت أكتافها:
ـ أعتذر لك يا مدين، لم أكن أقصد الانفعال.
أومأ لها متفهمًا فأردفت:
ـ كما أنني أعتذر على ماقلته لوالدتك في المشفى، لقد تشاركنا الخطأ ومن الإجحاف أن أرمي عليكَ اللوم وحدك.
تفحص ملامحها في صمت، تتمسك بخيوط حديثها جيدًا، من البداية شعر أن المقابلة لن تؤتي ثمارًا أبدًا، والحال معها أصبح كالركض دون نهاية والسعي دون وصول، أخرج من جيب سرواله علبة صغيرة قدمها لها:
ـ أرجوكِ اقبلي مني هذه.
ركزت بصرها على العلبة ومن ثم رفعت عينيها إليه باستفهام فأجابها:
ـ السوار الذي أهديته لكِ قبلًا.
فتح العلبة فاتسعت حدقتاها:
ـ تقصد الأصفاد!
هدل أكتافه متنهدًا في يأس:
ـ هي الشيء الوحيد الذي ابتعته من أجلك.
كتفت ذراعيها أمام صدرها تواجهه بصلادة وعنفوان:
ـ لكنني لم أعد أريد أصفاد من أحد، شكرًا لك.
أعاد يده إلى جانبه يقبض على أصفاده بقوة، غلبها اللين والغصة فراحت تحدثه في هدوء:
ـ أريدك أن تفهم أنني لا أكن لكَ في قلبي أي ضغينة يا مدين.
لم يحرك ساكنًا فأكملت:
ـ رغم كل ماحدث أنا أعرفك، أعرفك جيدًا، لست سيئًا أبدًا يا مدين.
كأنما ترشده إلى أروقة الماضي حيث البقع المضيئة فقط:
ـ أنت شخص طيب من داخلك، تحب الجميع ولا تؤذي أحد.
ورغمًا عنها سقطت معه في هوة ظلام:
ـ لكن جحيمك كان لي أنا فقط.
قرأت على محياه الندم والحرمان ممتزجين فرفعت كفيها تلوح له وقد تحشرج صوتها ببحته الأثيرة:
ـ لا تقلق أبدًا أنا أتفهمك، وأسامحك وأريدك أن تسامحني.
أشاحت بوجهها تطالع الفراغ من حولهما:
ـ أعلم أن تفهمك لي مستحيل، لكن حاول كي تعيش بسلام.
تجمدت ثانية تكمل سيل حديثها:
ـ سأبتهل كي يرزقك الله بامرأة مناسبة، تحبها وتحبك.
كاد يسأل التي تحدثه الآن كالآلة:
ـ أين حبيبتي، أين خبأتي حبيبتي.
تغاضى عن ذلك وأخرج من جيبه جواز سفره مرفق به تذكرة، قلبهما بين يديه بلا مشاعر يخبرها:
ـ سأسافر في الغد.
تاهت لحظة، لحظة واحدة قبل أن تهدأ تمامًا وتتحايل على ابتسامة، تصنعت فيها كل السعادة فبدت له فاترة مغتصبة، مرر إبهامه على جواز السفر في بطء:
ـ أنا لا أهرب منكِ يا صبر، أقسم لكَ لا أهرب.
تهدج صوته فيما يطوف في رحابة مقلتيها:
ـ أنا فقط لم يعد لي مكان.
خافت أن تموت البسمة فحافظت عليها، كانت بسمة مسخ يبتسم ثغره ويفيض الألم من عينيه:
ـ ستجد مكانًا يناسبك، أنا واثقة من ذلك.
ابتعدت أكثر وقبل أن تستدير توسلته:
ـ أرجوك لا تستسلم أبدًا، لا تكف عن البحث عن حب جديد نظيف.
هز رأسه في بطء دون حروف، كان صدرها يعلو ويهبط في اضطراب:
ـ لقد مررنا بأوقات عصيبة معًا والقدر اختار لنا بدايات جديدة.
بللت شفتها بطرف لسانها قبل أن تعض تلك الشفاه بقوة:
ـ أتعرف، ربما ما حدث كله كان خيرًا.
ارتجف صوتها قليلًا:
ـ موت مجد كان صعبًا بشعًا علينا معًا.
سقطت عبرة فمسحتها متحدية:
ـ لكنه كان تهذيبًا لنا، كنا نحتاج إلى صفعة مدوية تعلمنا كيف نبدأ بداية مختلفة.
مالت برأسها قليلًا:
ـ نحتاج فقط للتخطي وتجاوز الماضي مع التعلم منه.
اقترب دون اعتبارات ووقف أمامها مباشرة:
ـ لكن ليس الجميع قادر على التخطي والتجاوز.
أطرق يستكمل:
ـ البعض يظل حبيس ماضية، سجين أوجاعه.
بحثت عن إجابة شافية تدحض حجته وفشلت، سلكت طريق الحماس الواهي تخبره:
ـ لكنك إذا اعتمدت على إرادة قوية ستستطيع أنا متأكدة.
سرابًا، حبيته كانت سرابًا في أحلامه فقط، والواقفة أمامه تشبهها في الملامح فقط، تراجع للخلف فأوقفته تلوح بكفها:
ـ أقسم لك أنني لا أحقد عليكَ.
ولا أريد أن تظل غاضبًا.
ضمت كفيها معًا إلى صدرها:
ـ إذا شعرت بالسوء نحوي تذكر طفلي.
هو يشفع لكَ عندي ليته يفعل معك المثل.
يريد أن يضمها، يخبرها ألا امرأة غيرها لها سكناه، يريد الطفل ثانية، يريد ويريد لكن العجز كبله، ذات الحرمان وذات الوجع تجسدا في نظرته قبل أن يلوح لها دون حروف ويغادر..
تتبعت عيناها خطواته، مالقلبها يغص ويؤلمها، ماللكون ينطبق فوق صدرها، ألم تنفصل بإرادتها!
استدارت صوب الدرج تصعده بغية الذهاب إلى غرفتها ستبكيه اليوم و تنعي حبهما المُعتل ربما لمرة أخيرة..
***
عاد إلى بيته، ذلك الوطن الخاوي رغم سكنه جوار أهله، بقي له عدة ساعات فقط ويغادر، سيقضيهم في حزم حقائبه، دلف مباشرة إلى غرفة نوم جده بعد الاستئذان، كان يبتسم له فيما يناظره الجد بشفقة، تقدم صوبه،، جالس على مقعد بجلباب أبيض استعدادًا للنوم وبين أنامله مسبحته، لم يحب مدين الجلوس موازيًا له فجلس أرضًا، متربعًا أمامه مباشرة مما سمح للجد النظر إليه دون رفع رأسه، طالت النظرة المتبادلة فتنهد مدين يطرق برأسه مداعبًا خصلاته الخلفية:
ـ العالم لا يتوقف عن الدوران.
عقب الجد برصانة:
ـ وأنت ثابت في محلك.
تأوه مدين يضرب فخذه بقبضته كأنما تقطعت خيوطه من الحياة:
ـ لهذا أرحل، ربما أتحرك أنا الآخر.
رفع الجد مسبحته أمام عينيه متمسك يحبتين منها فقط كل حبة بين سبابة وإبهام:
ـ إن كان لديك مغناطيس وقطعة معدن وأردت فصلهما.
صمت يراقب انتباه مين وعاد بعينيه إلى الحبتين:
ـ تحتاج إلى قوة طرد أكبر من قوة الجذب كي تتغلب على تلك الرابطة.
باغته بسؤال ثاقب كما النظرة تمامًا:
ـ لكن هل تريد التغلب عليها!
أجابه مدين في يقين:
ـ لا أستطيع.
ابتسم السيد سليمان في مرارة:
ـ بل لا تريد، الأمر أنك لا تستطيع لأنك لا تريد يا مدين.
أطبق مدين يديه مفرودتين أسفل لحيته:
ـ لا يفهمني أحد.
مال الجد قليلًا يقبض على يد حفيده بخيبة أمل:
ـ حسنًا، واصل الهروب.
كز على أسنانه:
ـ لا أهرب.
سأله مغتاظًا:
ـ هنا عشيرتك وأهلك.
تساءل مدين يائسًا:
ـ وامرأتي!
عاد الجد يرتكن إلى ظهر المقعد يقبض على المسبحة ويركز بصره للسقف الأبيض:
ـ امرأتك مثلك، قلبها معتل بك.
حاوط مدين رأسه بكفيه وارتكن بمرفقيه إلى فخذيه:
ـ هل ستتعافى يومًا!
مالت عينا الجد إلى حفيده في شفقة، في حزن دون قدرة على حل:
ـ ربما.
نهض مدين يقبل كفي جده ورأسه فاستقام الجد يعانقه، يربت على كتفيه متحاملًا على ضعف قلبه تجاه حفدته:
ـ لا تطيل الغياب عني، لا أريد الموت قبل أن أطمئن عليكَ.
قبل كف جده ثانية يخبره معتذرًا:
ـ كل شيء هنا يخنقني، لو استطعت لبقيت، سامحني أرجوك.
أشار الجد صوب الباب بزفرة حزينة:
ـ اذهب يا مدين، اذهب الآن.
غادر غرفة جده إلى غرفته، وراح يحزم حقائبه فدلفت أمه دون طرق للباب، بدا على وجهها آمارات البكاء وتقدمت منه تلامس كتفيه:
ـ كيف تستطيع السفر بعيدًا عني هكذا.
لا ينقصه فيض مشاعر ولا يريد الاستسلام لأي ابتزاز عاطفي منها، أمسك بيديها في رفق:
ـ سأزوركم من حين لآخر يا أمي.
أغشى مقلتيها العبرات:
ـ لماذا ترفض ذهابي معك.
مسد رأسها متنهدًا:
ـ لأني أريد الاختلاء بنفسي، لا أشعر بالراحة أبدًا برفقة أحد.
شاب نبرتها عدائية غير مبررة:
ـ تلك.. صبر هي السبب..
ابتعد عنها، أغضبه أن تحملها ما لا تطيق مجددًا، أولاها ظهره:
ـ لا تتحدثي عنها هكذا يا أمي.
أدار رأسه إليها لترى ما يفيض من عينيه:
ـ ظلمك لها يؤذيني.
دارت حوله تلومه:
ـ ظلمي لها!
أمسك بكفيها يقبض عليهما:
ـ أجل يا أمي ظلم.
صبر فقدت الكثير معي..
كان متألمًا فتألم قلبها لأجله، ترك يديها وابتعد يعاود التقاط أغراضه:
ـ فقدت جزء مني يا أمي، الذي فقدته صبر كان طفلي.
تهكم رغمًا عنه:
ـ تشعرين بالحزن والغضب لأنني فقط أنتقل لبلد آخر.
تساءل بصوت مكتوم:
ـ ماذا عنها.
أقر أخيرًا الحقيقة العارية:
ـ صبر فقدت كل شيء تقريبًا وتحملت أكثر مما يتحمله أحد.
***
رافقت مصعب إلى المطار لاستقبال ابن عمه الذي سيحل محله، دلفت جواره إلى صالة الانتظار، مالت قليلًا تسأله في ترقب:
ـ أتساءل كيف يبدو ابن عمك ذاك.
كانت تتحدث بدوافع الملل وإضاعة الوقت لا أكثر، أخرج مصعب هاتفه وفتح لها آخر صورة لهما معًا التي التقطها في المطار بعد تعافيه من طعنة عبيدة له وسفره ثانية، رفع الهاتف أمام عينيها فلاحظ اتساع حدقتيها وتقافز الشقاوة منهما فيما سبحت ببصرها أكثر عبر الصورة، أشارت لوجه مدين ضاحكة تحرك كفها قريبًا وبعيدًا من وجهها تستجلب بعض الهواء البارد:
ـ الجو أصبح حارًا فجأة.
شاركها مصعب الضحك دون تعليق فأشارت صوب مدين في الصورة:
ـ لديه شامة جذابة عند الوجنة فوق لحيته.
أدرات وجهها إلى مصعب الواقف جوارها تمامًا:
ـ حذيفة لديه واحدة هنا.
أشارت صوب عظمة الترقوة خاصتها باسمة في حنين، ركزت بصرها على مدين ثانية فاتسعت ابتسامتها التي فهمها مصعب وضحك بدوره، عند وصول مدين طلبت من صديقها الانتظار في ركن بعيد وترك لها المجال لبعض الوقت، لوح لها مصعب في مكر:
ـ بالتوفيق يا جود.
تقدمت بثقة بالغة تشق طريقها إليه، حددت موقعه تمامًا وتعمدت الارتطام به لكنه تدراك نفسه وأنقذ الموقف في سلاسة ووقف مستقيمًا أمامها في احترام:
ـ كدنا نرتطم.
تصنعت التوتر والوداعة ولم تتفوه بحرف فمنحته فرصة تفحصها بالكامل، أنثى كاملة كما تنص كتب الإغواء، جسدها ممشوق ببروز مثالية وخصلات مصبوغة بعناية عصرية مع تبرج أقرب ما يكون للطبيعي، أسبلت أهدابها ببسمة كسول يشرق على إثرها المُحيا، رفعت رموشها العلوية بحاليمة أجادتها كما لو كانت حقيقية:
ـ كدت أيأس قبل أن أقابلك.
قطب ما بين حاجبيه يميل إليه مصدومًا:
ـ عفوً!.. هل أعرفك!
ضحكت وضحكتها مائعة تثير الريبة والفضول، وأجابته بنبرة تحمل كل ما هو مؤثر:
ـ أخبرتني عرّافة أنني سأقابل أهم رجل في حياتي هنا بهذا المطار.
جرأتها صادمة جعلته يلتفت حوله ويسألها:
ـ هل بحثتِ عنه جيدًا أم تريدين مساعدة في البحث؟
ضحكت ثانية وتلك المرة ارتدت رأسها للخلف وعادت لعينيه تأخذ دهشته إلى مستوى مختلف:
ـ وجدته أخيرًا.
أشارت إليه بكلا كفيها صعودًا وهبوطًا:
ـ قالت لي أن لون بشرته شرق أوسطي طويل القامة مفتول العضلات وعيناه البنيتان ساحرتان..
لا يصدق ما يحدث، طريقتها في التودد مثيرة للاهتمام والإعجاب كذلك، لم يستطع كبح ابتسامته فانحسرت ابتسامتها فيما تطوف عيناها حوله:
ـ أخبرتني أيضًا أن اسمه يبدأ بحرف الميم ولقب عائلته يبدأ بحرف الزاي.
توقف عن الابتسام ورفع كلا حاجبيه يسمعها في تركيز فافتربت منه قليلًا تجذب دفقة هواء بأنفها وتغمض عينيها:
ـ رباه ذات العطر الذي أخبرتني عنه، قالت لي أنه أنه يستخدم عطر.........
قاطعها متسائلا بجدية مصطنعة:
! Dior Sauvageـ
أومأت له في حماس قبل أن يقطع الحديث الدائر اختراق مصعب للبقعة التي يحتلانها كأنه تفاجأ:
ـ هل تقابلتما؟.. أنا مصدوم، العالم صغير جدًا يارفاق.
فهم مدين كل شيء قبل أن يعانق ابن عمه ويلكزه بمرفقه في صدره، تأوه مصعب ضاحكًا:
ـ تلك جود صديقتي.
أشار إليها ومن ثم أشار إلى ابن عمه:
ـ وهذا مدين صديقي المفضل وابن عمي.
وجه مدين بصره إليها في تهذيب واحترام:
ـ تشرفت بالتعرف إليكِ آنسة جود.
حيته في هدوء تخبره في سعادة:
ـ أنا مطلقة مثلك بالضبط.
أنهت جملتها ببسمة خاصة فسألها ضاحكًا:
ـ وهل هذا يدعو للفخر!
أومات له تؤكد له:
ـ بالتأكيد.
فصل بينهما الدخيل فتحرك ثلاثتهم للخارج، ربت مصعب على ظهر مدين مشيرًا برأسه إليها:
ـ الآن أنا مطمئن عليكَ سأتركك في يد أمينة.
استغلت جود رد فعل مدين العفوي في الضحك وأشارت إليه مدين فيما تخبر مصعب بصوت مسموع للآخر:
ـ ضحك يا مصعب، اتركه لي يومين فقط وقلبه سيميل..
مازحها مدين مشيرًا إلى صدره:
ـ أقل من يومين لو تعلمين.. وهذا شرف لي صدقيني.
***
حين تكون ملكًا عليكِ باستخدام عينيكَ في تغطية كل مملكتك، أما إذا أعطيت الأمان كله فلا أحد يضمن لك العواقب ربما تأتيك طعنة جديدًا متكررة من ذات المكمن..
ابحث عني
آخر مرة سافر برفقتها كتبتها له في حالمية أسرته وبالفعل بحث عنها حتى وجدها بل إنها غمرته في الدلال حتى أذنيه
واليوم وصلته الرسالة ضمنية
ابحث عني ولن تجدني
تلاشت بيسان كما يتلاشى الملح بين أمواج البحر، حتى جدها لا يعرف مكانها، هربت منه ولم تهرب وحدها
طفله بين أحشائها وربما تراقبه من مكان ما وتضحك من سذاجته
أوقعته آسير سحرها وأمطرته بعشقها قبل أن تغدر به، قرأ الرسالة التي أرسلتها إلى جدها للمرة المليون بعينيه بذات الغضب الأعمى الذي يعرفه الجميع
أنا حامل وزوجي لا ينجب!
انتهى الفصل


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-21, 07:56 PM   #1038

دانه عبد

? العضوٌ??? » 478587
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 513
?  نُقآطِيْ » دانه عبد is on a distinguished road
افتراضي

ماذا أقول يا مبدعه أرفع لكي القبعه احتراما لقلمك متشوقه جدا للفصل القادم

دانه عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-21, 09:31 PM   #1039

داليا انور
 
الصورة الرمزية داليا انور

? العضوٌ??? » 368081
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,195
?  نُقآطِيْ » داليا انور is on a distinguished road
افتراضي

مين طفى النور ايه اللى حصل فى الآخر

داليا انور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-21, 09:56 PM   #1040

شجن المشاعر

? العضوٌ??? » 412460
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 82
?  نُقآطِيْ » شجن المشاعر is on a distinguished road
افتراضي

بيسان حامل ممكن كان بيقول انه مش بيخلف
اختتبار ليها دلوقتي ممكن تكون مختفية اختبار ثقة يا تري هيصدقها و لا هيغمل اية


شجن المشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:07 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.