آخر 10 مشاركات
متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          و حانت العــــــــودة "مميزة و مكتملة" (الكاتـب : nobian - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          إلى مغتصبي...بعد التحية! *مميزة ومكتملة *(2) .. سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          لعبة القدر -بيتي نيلز - عدد ممتاز - عبير الجديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          مرحبا ايها الحب -عدد ممتاز- بوليت أوبري - روايات عبيرجديدة [حصرياً فقط على روايتي] (الكاتـب : Just Faith - )           »          قصر الشوق -باتريسيا هولت -عبير جديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          غرام وانتقام (جزيرة مادورنا ) -باتريسيا لامب -روايات عبير الجديدة (عدد ممتاز) حصريا (الكاتـب : Just Faith - )           »          قلعة بريتاني -ليف ميتشالز-عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-10-20, 08:51 PM   #91

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي


بعد عدة أيام
في الملعب المصغر خلف المنزل كان أيهم يضرب الكرة بقوة وفكره وعقله كله مع نيرة، تلك التي تنوي إصابته بالجنون.. يريدها أن تنفجر وتخرج ما بداخلها.. ما يؤلمها و يقهر روحها.. يجب أن يجبرها على التحدث بأي طريقة.. للآن مازال يرتعب كلما نظر إلى يديها التي ضمد جراحها بنفسه بعد أن غفت بين أحضانه.. وبقدر انتظاره لتلك اللحظة التي ستفضي بها بما يؤرقها بقدر رعبه منها.. لا يعلم ما تحمله داخلها من آلام ولكنه يعلم فقط أنها فوق طاقتها.. تلك الأوجاع التي تجعلها تبكي رغمًا عنها وهي نائمة.. وتستيقظ فزعة مخبرة إياه أنها تخاف أن تنام فترى بعينيها نظرة عتاب لن تحتملها.. لا يفهم حتى لماذا قد تعاتبها براء.. فيهدهدها إلى أن تنام بين ذراعيه.. فقط تنام لفترات طويلة لتهرب من واقعها.. زفر بقوة وهو يركل الكرة بعيدًا بغيظ من تلك الحمقاء.
أغمض عينيه يستعيد ذلك الحوار بينه وبين أمه عندما ذهب ليطمئن عليها.. سألته في ألم "طمئني عنها"
أجاب وهو يزفر بضيق "خائف عليها أمي.. هي قوية بشكل مرعب"
ابتلعت ريقها بألم قائلة بنبرة دامعة "لم تتغي عاداتها مازالت كما هي تتقوقع على نفسها ما إن تتألم.. براء هي الوحيدة التي كانت تخترق صمتها"
لنتخرط بعدها في بكاء مؤلم لقلبه، ضمها إليه يهمس لها بكلمات مهدئة وهي تتمتم بوجع "أه يا ابنتي! ماذا حدث معك؟ براء.. يا بنيتي هنتُ عليكِ أن تذهبي دون أن أراكِ .. لماذا يا ابنتي لماذا؟"
"استغفري الله ماما أنتِ مؤمنة لا يجوز ما تقولينه"
همست بوجع وهي لا تتحكم بدموعها "استغفرك وأتوب إليك.. استغفرك وأتوب إليك"
أردفت بألم "اعتني بنيرة حبيبي، لا أريد أن أخسرها.. ابقى بجانبها دائمًا، هي لن تُعبر عن ألمها أبدًا أمامك أو أمام أي أحد.. تلك طبيعتها وجعها تخفيه وتكمل حياتها دون أن تعالجه"
قبّل رأسها بحنان "لا تقلقي ماما.. لن أتركها أبدًا"
وما أخبرته به فاطمة هو ما حدث إذ صعد للأعلى ووجد مذكرتها مفتوحة، تلك المذكرة التي علم أنها تعود لبراء، وأنها استيقظت ذات يوم وجدتها موضوعة فوق رأسها، وأبيها يخبرها أنها كانت خير صديقة لها وكاتمة أسرارها، وهي صدقته ولأن المذكرة تعود لبراء فقد ارتبطت بها ولم تكن لها القدرة على تركها، وجد بضع قطرات دموع حديثة تناثرت عليها، قرأ جملة تكررت كثيرًا بعدة صفحات "تلوين اللون الأسود فى الحياة بألوان زاهية يمحيه"
ابتسم بألم لتلتقط عينيه أخر جملة كتبت في المذكرة.. والتي يبدو أنها كتبت منذ وقت لا يُذكر "كيف أزينه براء.. وقد فقدت روحي ألوانها"
اضطرب قلبه بعنف لتلك الكلمات البسيطة التي حملت عمق وجعها، رفع نظره يتأملها تجلس بجانبه بهدوء ووجهها خالي من أي انفعال.. لتخبره ببساطة أن الافطار جاهز.. وإذا كان بإمكانه أن يقلها إلى عملها.. ومن يومها هي تفعل كل شيء اعتادت عليه لكن بدون صخبها.. جنونها.. مرحها.. تتحرك جسد بلا روح.. وهو يشاهد روحها تذوي أمامه ولا يعلم التصرف الأمثل.
أخرجه صوت ماهر من شروده يشدد عليه ألا ينسى موعد التدريبات بعد ساعتين، هز رأسه بشرود وعقله مع زوجته الفاقدة للحياة بالأعلى، ليخرجه صوت ماهر المتساءل باهتمام "كيف حالك؟"
مسح وجهه بعنف قائلًا بخفوت "لن أكون بخير إلا عندما أخرجها من حالتها تلك"
ابتسم ماهر بتفهم قائلًا بهدوء "يجب أن تكون قويًا كي تستطيع احتوائها"
هز رأسه موافقًا وهو يقول بشرود "هل تتذكر عندما سألتني عن سبب خوفي الشديد عليها"
رد ماهر بهمهمة خفيفة دليل تذكره، ليكمل أيهم بنبرة شاردة وهو ينظر إلى السماء "أعتقد أن هذا هو السبب، كنت أعلم أن حياتي وقصتي معها لن تكون بتلك البساطة، ولكن لم أتخيل أبدًا أن نيرة تعاني بتلك الطريقة، ولم أكن أعلم أن ألمها هذا يقتلني في الدقيقة مئة مرة"
ربت ماهر على كتفه بقوة قائلًا برزانة "وأنت لها يا صديقي، أتعلم أظن أن هذه كان الحكمة من فراقكما من قبل، حتي تعلم مدى وجع فقدانك لها"
عقد أيهم حاجبيه بتفكير قائلًا باستنكار وهو يلتقط ما يفكر به ماهر "لم أكن لأتخلى عنها أبدًا يا ماهر"
أجابه ماهر بهدوء "أنا واثق من هذا يا أيهم.. ما قصدته أن طريقك مع نيرة ما زال طويلًا وفي بدايته، ونحن بشر ولنا طاقة تحمل وفي يوم ما سنتعب.. إنها طبيعة الحياة، ولكن عندما تصل لتلك النقطة فذكرى خسارتها من قبل ستمدك بالقوة لإكمال طريقك معها"
أومأ أيهم موافقًا وهو يقول بخفوت حزين "ربما يكون معك حق.. سأصعد لأطمئن عليها فقد تركتها بمفردها" ................
في الأعلى
فتحت نيرة الباب قائلة بملل "هل نسيت مفاتيحك أيهم؟"
صمتت تنظر بدهشة للواقفة أمامها قائلة بمفاجأة "شذا!!!! متى حضرتِ ألم تكوني مسافرة؟"
نظرت إليها شذا تتفحصها وصوت لمار الباكي في الهاتف مازال يضرب قلبها بقوة.. وهي تخبرها عما حدث مع نيرة مجيبة بهدوء "منذ قليل.. ألن تدعينا للدخول معنا بالون منتفخ سينفجر قريبًا"
ابتسمت نيرة برقة وهي تنظر إلى لمار بحنان قائلة "بالطبع تفضلا"
وما إن دلفن إلى صالة الجلوس حتى هتفت شذا "أخبريني الآن ماذا يحدث معك؟"
هزت نيرة كتفيها بلامبالاة مفتعلة قائلة بجمود "ماذا يحدث معي؟"
صرخت شذا بعصبية منبعها قلقها على تلك الغبية "أخبرتك قبلًا ألا تجيبي سؤالي بسؤال آخر"
زفرت نيرة بملل قائلة "حاضر وإجابة لسؤالك لا يحدث معي شيء أنا بخير"
لتهز لمار رأسها نفيًا قائلة بتوتر "أنتِ لست بخير لا تكذبي"
تحدثت نيرة وشذا بذات الوقت باهتمام "لا تتوتري.. التوتر ليس مناسب لحملك"
أجابت لمار بعيون دامعة ونبرة متحشرجة "إذًا لا تقلقيني عليكِ"
ردت نيرة بهدوء "أنا على ما يرام عزيزتي لا تقلقي"
تساءلت شذا باهتمام "هل قلبك بخير؟"
هزت نيرة رأسها إيجابًا لتهمس شذا بحنق "كاذبة"
ردت نيرة بعدم تصديق "ماذا؟"
أعادتها شذا بصوت أعلى "كاذبة نيرة.. أنتِ كاذبة"
فركت نيرة وجهها بيديها لتقول من بين أسنانها "أنا بخير شذا.. بخير يكفي بحق الله لقد مللت ذلك السؤال"
وجمت ملامح شذا تحاول دفعها للانفجار حتى تتحدث أو تضعها على حافته حتى، قائلة بصوت هادئ قدر الإمكان "ماذا تفعلين مع والدك؟"
"والدي ميت منذ زمن طويل.. ما الذي يجب فعله مع الأموات؟"
عبست شذا لتلك الاجابة الباترة بتلك النبرة الميتة.. قائلة بصوت خافت مترقب "الترحم عليهم والدعاء لهم"
رفعت نيرة عينيها لها لترى شعلة من نار قاسية تتراقص داخل مقلتيها.. موازية لتلك القسوة في صوتها "لا يستحق"
ابتسمت شذا ابتسامة جانبية قائلة بهدوء "وبراء"
التفت لها نيرة بملامح متوحشة قائلة بقوة "لا تنطقي اسمها"
أجابتها لمار الجالسة على المقعد لثقل حملها "لماذا حبيبتي؟"
سكنت ملامح نيرة قائلة بصوت جامد "لأن هذا العالم لم يكن يستحقها"
ابتسمت شذا وهي ترى قناعها الصلب يسقط بهدوء.. حسنًا حركة واحدة باقية وتفقد نيرة سيطرتها قائلة بصرامة "أفيقي لنفسك ولزوجك قبل أن يضيع منك"
همست نيرة بخفوت "لا أستحقه"
التفت لها لمار بصدمة.. بينما شذا التي تقف مواجهة لها ردت من بين أسنانها "تعقل نيرة وإلا سأضربك حقًا"
ردت نيرة ببسمة لا مبالاية "لن تجرؤي"
ارتفعت يد شذا لتهوي بها على وجنة نيرة بقوة لترتد نيرة للخلف وتتلقفها ذراعي أيهم _كان قد صعد ليبدل ملابسه ليشعر بالقلق من الأصوات الخافتة في غرفة الجلوس.. وأن تكون أذت نفسها في غيابه ليجد تلك قد صفعتها_ وتنطلق صرخة لمار بقوة معاتبة شذا على ما فعلته، همس بصوت خافت مرعب وعينيه ترسل آلاف من الشرارات الغاضبة "كيف تجرؤين؟"
رفعت شذا رأسها بكبرياء هامسة بصلف "لا شأن لك ذاك شأن يخصنا"
أجاب بحدة ونيرة بين ذراعيه تخفي وجهها في صدره "شأني أنها زوجتي وابنة خالتي.. ولولا أنك بمنزلي وشقيقة عادل لكان لي تصرف آخر معك"
رفعت شذا حاجبها بغرور وهي تقول بشراسة وتنظر في عينيه بتحدي "زوجتك وابنة خالتك منذ ما يقرب شهرين.. وأختي وصديقتي منذ ما يقرب ثمان سنوات أو أكثر.. لذا أنا أكثر من يفهمها.. ورجاءً لا تتدخل"
انتزعت نيرة من بين ذراعيه بشراسة لتهمس بحدة "هل يمكن أن تتركنا بمفردنا قليلًا"
التفت نيرة تنظر إليه بابتسامة صغيرة تتوسله بعينيها أن يغادر.. تركها وغادر على مضض.. همست شذا "والآن ماذا؟"
رفعت نيرة حاجبها لتقول من بين أسنانها "ماذا فعلتِ شذا؟"
عقدت شذا ساعديها على صدرها لتهز كتفيها بلامبالاة مجيبة ببساطة "أعيد إليك صوابك"
صاحت نيرة بحدة "أنا لست فاقدة لصوابي شذا.. ولكن ما بداخلي لن يفهمه أحد.. لذا الحديث ليس له جدوى"
هتفت لمار بغضب "الحديث يفيد نيرة.. يشعرك بالراحة"
همست نيرة بيأس يتغذى على روحها "ومن قال أني أريد الراحة؟"
صاحت شذا بحدة "أنتِ يا غبية لماذا تقتلي نفسك هكذا؟ تحدثي أخبريني ماذا يحدث معك؟"
أغمضت نيرة عينيها بتعب هي لا تريد الحديث.. وشذا تعلم كيف تجبرها على الحديث لذا همست من بين أسنانها "غادرا الآن.. لا أريد رؤيتكما.. رجاءً غادرا"
ابتسمت شذا وقد حصلت على ما أرادت تقدمت تجاهها لتربت على كتفها برقة وتخطتها مغادرة.. لتحتضنها لمار بقوة هامسة لها "أرجوكِ نيرة لا أستطيع خسارتك"
بعد مغادرتهما جلست نيرة على مقعد تدفن وجهها بين يديها هامسة بألم "يا رب"
..................
وفي الخارج
قابلت شذا أيهم لتقول بنبرة عملية "أتعلم لماذا عادت لنيرة ذاكرتها الآن؟"
عبس بعدم فهم وهو يهز رأسه نفيًا لتستطرد بثقة "لأنها وجدت أمانها الحقيقي معك.. عقلها وجد مرساه وحمايته معك.. اذهب إليها وهي ستبوح لك بكل دواخلها"
نظر لها بدهشة لتبتسم قائلة بلين "هي صديقتي وأعلم متى تتحدث ومتى تصمت.. هي لن تبوح لأحد غيرك بما فى نفسها لذلك اذهب إليها"
ابتسم بألم ليقول بامتنان "شكرًا لكِ"
"لا تشكرني فقط حافظ عليها"
همس بحب "سأحافظ عليها بعيوني"
هزت رأسها بشكر صامت ليودعها هي ولمار.. زفر نفسًا عميقًا ليغمض عينيه ويتجه إليها بتصميم.. لن يتركها اليوم دون أن تتحدث معه.
....................
دلف أيهم ليجدها تجلس بتعب على المقعد.. جلس بجانبها وهو يضمها إليه من كتفيها هامسًا بحب وتوسل ألا تخيب رجاءه "ابكي حبيبتي ابكي رجاءً"
انتفضت بين يديه بخفة لتسكن ارتجافتها بعد لحظات لم تحتسب.. أبعدت يديه عن كتفها وهي تنهض واقفة قائلة بتعب "بحق الله ارحموني أنا لا أريد البكاء ولا أريد الحديث.. لا أريد شيئًا أبدًا"
همَّت بالمغادرة ليمسكها من معصمها يوقف حركتها وهو ينهض خلفها ويديرها إليه هامسًا بخشونة "نيرة"
نظرت في عينيه بقوة لتقول بهدوء ما قبل العاصفة "أتريد أن تعلم حقًا"
هز رأسه إيجابًا و هو يشدد من ضغط ذراعيه على كتفها يبثها دعمًا تحتاجه في مواجهة أشباحها قائلًا برقة "نعم حبيبتي أريد أن أعلم.. أريد أن أخلصك من وجعك.. أريد أن أحمله عنك"
نفضت ذراعيه بقوة وهي تصيح بشراسة.. تشيح بيديها بغير هدى "تريد أن تعلم إذًا استمع من البداية.. منذ أن كانت هناك طفلة فقدت والدتها مرتين.. تذوقت مرارة اليُتم مرتين.. مرتين يا أيهم وكل مرة بسبب ذلك الرجل.. أمي ماتت وأنا طفلة بسببه ووقتها لم أفهم شيء ولم أعلم ما يدور حولي.. ثم علمت ماذا تعني كلمة يتيمة عندما أخذني من أمي فاطمة.. أخذني لبعيد بعيدًا جدًا إلى حيث اللارجعة.. أتعلم أني الآن لا أستطيع أن أتعامل معها على أنها خالتي.. لا أستطيع الاقتراب منها ولا أستطيع أن أعانقها.. رغم توقي لذلك.. أشعر بالرهبة والخوف أيهم.. وكأن ذلك ليس حقي"
همس بحنان يحاول تهدئتها "نيرة اهدئي"
ولكن لم يعد هناك مجال للهدوء ..هو أراد معرفة.. حسنًا له ما يريد.. لقد صمتت وحملت كل شيء بمفردها ولكنه من ألح.. رفعت عينيها إليه بشراسة أليمة لتقول بقوة وقسوة "أم أخبرك عن تلك الفتاة التي استعادت ذاكرة.. سعت بكل قوتها لتمحيها.. فتعود إليها بكل شيء بشع مرت به.. وتكشف لها وجه والدها الحقيقي.. أبًا حقيرًا أنانيًا لا يرى أبعد من أنفه.. اكتشفت أنها مجرد لعبة بيد والدها.. لعبة دمرها بكل قسوة وأنانية.. أعادت لها تلك الطفلة المختبئة بين جوانب روحها.. تلك الطفلة البريئة التي شوهت طفولتها بأب يضرب والدتها بحقد.. ويسبها بألفاظ تقشعر لها الأبدان.. طفلة اشتهت أحضان والدها الدافئة ولكنها نفرت منها وزهدتها.. طفلة احتاجت للأمان فقط فزرع فيها الخوف.. طفلة أقام حولها أسوار وأسوار من وحدة مقيتة مؤلمة"
اختنقت أنفاسها واختفى صوتها.. لتشهق بقوة مطالبة بأكبر قدر من الأكسجين.. يزيل اختناقها وينعش قلبها الذي يموت ببطء.. نظر إليها بحزن وقلبه يئن وجعًا عليها.. تقدم إليها ليحتويها بين ذراعيه، فابتعدت عن مرمى يديه وهي تأخذ نفسًا قويًا.. قائلة برفض وهي تتراجع للخلف "لا تقترب"
وقف محله يراقب ذلك الوجع الذي بدأ يعلن عن نفسه.. ما قالته من قبل شيء والقادم شيء آخر تمامًا.. عينيها تماوجت بقسوة وإحساس بالذنب اعتلى جبينها.. وعذاب وجد متنفس له براحة عبر مسام وجهها.. لتقول بصوت بعيد مازال حبيس تلك الحادثة "أم أخبرك عن تلك الطفلة التي كانت جزء من روحي، تلك الطفلة التي ماتت بدلًا مني، أنا من كان يجب أن تدفن.. أن من كان يجب أن تموت وليس هي.. لقد أعطتني حقها في الحياة.. لماذا تنازلت عنها لماذا؟ كانت لتكون صحفية ذات شأن.. كنت لتقابلها وتقع في غرامها منذ اللحظة الأولى.. أنا سرقت حقها في الحياة.. أنا السبب في موتها.. أنا السبب.. أااااه ليتني أنا من مت وليس هي.. هناك ألم في قلبي لا أحتمله.. ليتني أنا من مت"
استمع إليها بعينين متسعتين ألمًا عليها، وقلب يخفق بقوة عند ذكر الموت، بينما هي أكملت بصوت لم يعرفه.. صوت ليس لها.. صوت خالي من كل أنواع الحياة "أتعلم كيف ماتت؟ أتعلم كيف عادت ذاكرتي؟ لأن الطريقة التي أنقذتني بها من أمام السيارة كان نفس ما حدث من قبل.. ولكن أنت استطعت إبعادنا نحن الاثنين بينما هي أنقذتني أنا فقط.. رأيت بعيني كيف نزفت إلى أن ماتت وأنا يدي مكبلة عاجزة عن فعل شيء غير الصراخ.. والحقير الذي صدمها هرب دون أن يلقي نظرة على الطفلة التي أؤدى بحياتها.. براء ذهبت كي أحيا أنا.. وأنا ماذا فعلت؟"
صمتت تنظر للأرض بألم تشعر بخطواته تقترب منها.. تراجعت للخلف عدة خطوات قائلة بجلد مؤذي للذات "وأنا ماذا فعلت؟ حققت حلمي ونسيت حلمها، كان يجب أن أدرس بكلية الإعلام هي أرادت أن تدرس بها.. ولكن أنا تغاضيت عن حلمها ودرست ما حلمت به أنا.. سامحيني براء سامحيني"
أغمض عينيه ليقترب منها يضمها إليه قسرًا.. وهي تحاول التملص من بين ذراعيه ليضمها بقوة إليه، ضربته على صدره بضربات واهنة هامسة بألم وصوتها يختنق بالبكاء "أااااه لماذا تفتح جراحًا أحاول أن أدفنها بقوة"
قبّل رأسها بقوة ليهمس بلطف "ابكي قليلًا لأجلي"
هطلت دموعها بقوة وتعالى نشيج طال غيابه واشتياقها إليه.. تغمغم باسم براء وأنها من كانت يجب أن تكون محلها.. أغمض عينيه يمنع دموعه أن تنزل بصلابة.. ووجع عليها.. حملها بين ذراعيه لتهمس بتعب "أريد أن أنام"
وضعها على سريرها وهو يهدئها بحنان ويمسح دموعها برقة.. حتى استسلمت لتعبها وغرقت في النوم كـحل أمثل للهروب.. تنهد بضيق يجب عليه أن يعرضها على طبيب نفسي فندوب روحها أكبر مما تخيل يومًا.. رنّ هاتفه ليعقد حاجبيه وهو يجيب "مرحبًا عمر"
استمع إلى الطرف الآخر قليلًا ليجيب بصرامة وهو يخرج من الغرفة "عمر اهدأ قليلًا وأخبرني ماذا يحدث معك؟"
أغمض عينيه وبقوة وهو ينصت إلى عمر ليهتف بتعب "إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.. اهدأ أنا في طريقي إليك"
أغلق الهاتف مع عمر ليتصل بماهر "ماهر اعتذر لي عن تدريب اليوم"
أجاب سؤال ماهر بإرهاق "عمي سليم توفي.. وأنا ذاهب إلى عمر.. اطلب من خالد أن يبعث هنا لتبقى مع نيرة إلى أن أعود"
أغلق الهاتف ليعود إلى داخل الغرفة ثانيةً.. نظر لوجهها المرهق بألم "يا إلهي نيرة كيف أخبرك.. الصبر يا الله"
....................
ذهب إلى عمر في بيت والدها ليجده في حالة يرثى لها.. ربت على كتفه لينبه عمر إلى وجوده، التفت إليه عمر بنظراته الضائعة ليحتضنه بقوة.. ودموعه تنهمر غزيرة يتمتم بألم "تأخرت عنه يومين وعندما عدت وجدته متوفي.. متوفي منذ يومين ولم أعلم عنه شيئًا"
ربت على كتفه بقوة وهو يقول بحنو "اهدأ عمر"
تمتم بألم دون أن يستمع لصوت أيهم "الطبيب عاتبني قائلًا كيف تتركوه وحيدًا هكذا.. أي أبناء هؤلاء من ينبذون أباءهم بتلك الطريقة، ولم أخبره أنه هو من نبذني منذ صغري.. كنت أتوق لنقطة حنان منه.. نظرة فخر.. ذكرى حسنة أتذكره بها، لكنه رحل دون أن يخبرني أنه يحبني.. دون أن أشعر أن لي أبًا.. عدت يتيمًا ثانيةً.. أااااه يا رب أعني.. لك الأمر من قبل ومن بعد.. أعني وأرشدني إليك"
دمعت عين أيهم وهو يضمه إليه برفق يحاول تهدئته دون فائدة
.......................
في المقابر
نظرت نيرة لجسد والدها يدخل إلى مثواه الأخير غير قادرة على طلب الرحمة له أو الترحم عليه.. لتشيح بعينيها بعيدًا فيخفق قلبها بألم.. وتتجه مسلوبة الإرادة إلى حيث يقع قبر ضم جسد طفلة صغيرة بين حناياه.. طفلة تخاف وترتعب من الظلام.. سقطت على قدميها راكعة أمامه.. تتلمسه بشوق فاض من عينيها.. ودموعها تروي زهور كانت قد ذبلت على حواف القبر.
همت لمار بالتحرك إليها لتمنعها يد شذا وهي تنهيها بقوة عن الذهاب إليها، تحرك أيهم تجاهها ليكون على مقربة منها متى احتاجته دون أن يجتاح خصوصيتها مع شقيقتها.. يتذكر وجهها الجامد عندما أخبرها عن وفاة أبيها.. لم تتأثر بالخبر على الإطلاق وكأنه شخص غريب عنها.. ومجيئها للجنازة فقط لأجل الوعد الذي أطلقته لسليم في أخر مواجهة بينهما.
همست بترجي وهي تتلمس بيديها ذرات الغبار "ألن تسامحيني براء؟"
"ومتى غضبت منك لأسامحك"
رفعت عينيها سريعًا تنظر إلى نسخة طبق الأصل منها تجلس فوق القبر، شعرها الأسود يصل إلى منتصف خصرها.. وجهها يشع منه نور ملائكي.. عينيها تفيض رقة وحنان وهي تنظر لها بحب كما تعودت.. تأوهت بألم هامسة بذنب "أنتِ هنا بسببي"
نهرتها بحدة غير مناسبة لرقة ملامحها "هل جننتِ نيرة.. ذلك كان قدر الله وقضاءه.. أجلي يا مؤمنة.. عمري الذي لن يزيد أو ينقص دقيقة مهما فعلنا"
همست بألم "لماذا فعلتِ ذلك براء؟"
فاضت ملامحها رقة وعذوبة وهي تجيبها بحب "قلبي أخبرني بذلك نيرة.. أخبرني أن ذلك هو الصواب.. فعلت ما توجب عليّ فعله"
نظرت إليها نيرة بوجع وقهر لتخفض عينيها دون رد، اكتنفت براء ذقنها بيديها لترفع عينيها إليها قائلة بحكمة دائمًا ما تحكمت بها "قال تعالى {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}"
تمتمت نيرة بدموع "صدق الله العظيم"
استطردت براء قائلة برزانة "أنا لست بقوتك نيرة، وذلك ليس عالمي حبيبتي.. أنا لم أكن أستطيع حماية عمر من أبي.. ولم أكن لأدافع عن حبي مثلما فعلتِ.. كنت لأتعذب كثيرًا ولأضيع دونك.. أنا هنا بأمان مع ماما.. مطمئنة عليكِ وعلى عمر.. موتي كان راحة لي من ذلك العالم الشرير.. أتكرهين لي الراحة نيرة"
هزت نيرة رأسها نفيًا قائلة سريعًا "كلا بالطبع _استطردت متسائلة بوجع_ لماذا لم تعودي تزوريني براء؟"
ابتسمت قائلة ببساطة "أنتِ من تحجبيني يا روحي.. احساسك بالذنب هو من يبعدني عنك.. تخلصي منه حتى نستطيع التواصل"
تمتمت بألم فاض عن الحد "ماذا أفعل عندما أحتاجك.. كيف أصل إليكِ"
ربتت على يديها قائلة بنبرة داعمة واثقة "عندما تحتاجيني.. ويناديني قلبك.. ستجدينه بجانبك يحتويكِ.. ويدعمكِ.. ويبثك أمانه.. حبه.. حنانه.. هو يعشقك حبيبتي"
التفت تنظر إلى أيهم بعينين دامعتين وقلبها يناديه.. عادت بنظرها لبراء تبحث عنها بجنون ولكنها كانت اختفت شهقت بقوة، لتنساب دموعها غزيرة ويرتجف جسدها بقوة.. وروحها تئن بوجع الفقد للمرة التي لم تعد تذكرها.. وجدت نفسها بين ذراعيه يحتويها ويضمها بقوة لتبتسم بألم وهي تقول بحب "أنا أحبك أيهم"
قبّل رأسها بقوة ليهمس بأذنها "وأنا أعشقك يا عمر أيهم"
همست بتقرير "أنا احتاج إلى دورة علاج نفسي مكثفة"
زفر براحة قائلًا "سأبحث عن أفضل طبيب لتتابعي معه"
"أعلم مع من سأتابع.. فقط خذني إلى المنزل.. أريد أن أنام بين ذراعيك.. فهي ستزورني اليوم"
لم يكن بحاجة للسؤال عن هوية الزائرة.. ابتسم بوجع ليحملها بين ذراعيه متجهًا بها إلى الخارج.. عالمًا أن طريقهما ما زال في بدايته.. طريق طويل شاق ومؤلم.. وعليه أن يكون قويًا بما فيه الكفاية كي يجتازاه بسلام
......................
نهاية الفصل


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-10-20, 08:02 AM   #92

مها سلام

? العضوٌ??? » 385140
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 346
?  نُقآطِيْ » مها سلام is on a distinguished road
افتراضي

حلوة الرواية ومبروك نزوولها..يسلمو الايادي

مها سلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-10-20, 07:52 PM   #93

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مها سلام مشاهدة المشاركة
حلوة الرواية ومبروك نزوولها..يسلمو الايادي
أهلا حبيبتى سعيدة جدا انها عجبتك
الله يبارك فى عمرك وصحتك يا رب


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-10-20, 05:12 AM   #94

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

اخيرا وصلنا الفصل الاخير وبانتظار الخاتمة واستقرار حياة جميع الابطال

اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-10-20, 06:55 AM   #95

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اجزخنجية مشاهدة المشاركة
اخيرا وصلنا الفصل الاخير وبانتظار الخاتمة واستقرار حياة جميع الابطال
واخيرا وصلنا للأخير
وانا بانتظارك يا قلبي


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-20, 08:00 PM   #96

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

الخاتمة
بعد ثلاث سنوات
فى مباراة دولية خارج مصر
تعالت هتافات الجماهير يشجعون فريقهم بشكل قوي.. مميز.. مبهر.. تشجيع يليق بقيمة النادي واسمه، تعالت الهتافات بشكل أكبر نتيجة هجمة شنها أيهم ورفقائه على الفريق الآخر، لتتعالى أصوات الجماهير مرة ثانية ولكن تلك المرة مختلفة، إذ توقف أيهم بشكل مفاجيء في منتصف هجمة على الفريق المنافس، فتقطع منه الكورة بسهولة وترتد في هجمة سريعة على مرماه، كادت أن تكلفهم هدفا غاليًا لولا قوة الدفاع ومهارة خالد، هتف ماهر بغضب وهو يقترب منه "تبًا أيهم ما بك.. لستَ بساذج لتقطع منك الكرة هكذا"
رفع أيهم وجه شاحب وعينين زائغتين بقوة ليهتف ماهر بقلق فعلي "ماذا بك أيهم؟"
أجاب بشرود "شعرت بقلبي وقد توقف فجأة"
"سأستدعي الجهاز الطبي ليفحصك"
هز أيهم رأسه برفض هامسًا بعزيمة "لا داعي أنا بخير.. هيا لننهي المباراة فقد طالت أكثر مما يجب"
...........................
في القاهرة
صرخت نيرة بألم "أريد أيهم ماما.. أنا أريد أنا أراه ماما"
مسحت فاطمة حبات عرق من على جبين نيرة لتهمس بلين "سأكلمه أن يأتي حبيبتي"
بكت وهي تتمسك بذراع فاطمة قائلة بنبرة معذبة "لن يأتي.. أخبريه أني أحبه ماما.. أحبه كثيرًا.. وألا يحزن إذا مت تلك أقدار الله"
شهقت فاطمة بألم لتهتف لمار بصرامة "اخرسي كي لا أقتلك أنا.. لقد أفسدك أيهم دلالًا.. أنت ستلدين ولستِ ذاهبة في عملية انتحارية"
صرخت نيرة بألم "أنتِ غبية لمار.. أنا أتألم بقوة وأشعر أني سأموت"
صاحت لمار بقوة "لن تموتي لقد مررت بتلك الحالة مرتين قبلك.. لذلك خذي نفسًا عميقًا.. واستعدي لتدفعي الجنين بقوة ما إن ندخل غرفة العمليات"
صرخت نيرة بوجع وهي تنفصل عن فاطمة لينفجر عمر ضاحكًا "يشبهون برنامج الأطفال الخاص بالقط والفأر"
ردت فاطمة بقلق "اذهب من هنا أيها الغبي"
.........................
بعد انتهاء المباراة
حاول أيهم الاتصال بنيرة لتجيبه دارين باكية بنشيج قوي، أن نيرة صرخت بقوة وهم أخذوها إلى المستشفى، تجمد أيهم مكانه من الرعب وقلبه ينبض بألم لا يمكن أن يخسرها الآن.. بعد ثلاث سنوات كاملة من العذاب والعلاج النفسي، لتعود نيرة كما كانت.. كان عليه كل يوم أن يواجه انفعال مختلف وغير متوقع.. وعلى رأي من قال زوجتي لا يمكن أن يتوقعها أحد.. معاناتها في التواصل مع فاطمة حتى استطاعت أخيرًا أن تعبر ذلك الحاجز بينهما.. واستعادة ذاتها ثانيةً ولملمت أشلاء روحها مع فاطمة.. ليأتي تأخر حملها ويسبب لها توتر نفسي آخر، تعبا كثير حتى تخطا ذلك الألم.. والآن ماذا؟ لماذا هي بالمشفى؟ لن يخسرها بعد كل ما حدث.
لاحظ خالد الذي يُجري لقاءً تلفزيونيًا تجمُد أيهم مكانه، ليشعر بالقلق عليه ويتحرك إليه قاطعًا اللقاء دون اعتذار.. سائلًا بتوجس وهو يتأمل ملامحه الباهتة "ماذا هناك أيهم؟"
هز أيهم رأسه بتيه ليهمس بتبعثر "دارين تقول.. أن.. نيرة.. في المستشفى وتصرخ ألمًا"
رفع خالد حاجبه بتعجب ليقول باستنكار "ألم يخطر ببالك أنها تلد مثلًا.. فزوجتك كانت بنهاية شهرها التاسع عندما سافرنا"
رد أيهم بحيرة "وكيف لي أن عرف؟"
هز خالد رأسه بسخرية وهو يخرج هاتفه ليتصل بعمر الذي زف إليه البشرى بولادة نيرة طفلة غاية في الجمال، اتسعت ابتسامة خالد وهو يحتضن أيهم بقوة هامسًا "مبارك يا بابا لقد رزقت بطفلة جميلة"
ابتلع أيهم ريقه بصعوبة متسائلًا بخوف "وكيف هي نيرة؟"
ضحك خالد قائلًا "بخير لا تقلق"
تنهد أيهم براحة حامدًا وشاكرًا لله فضله.. سأل خالد بفضول "ماذا ستسميها؟"
اتسعت ابتسامة أيهم قائلًا "براء.. اسمها براء"
رد خالد بمرح "الآن لدينا براء ويقين ويزن وسيف"
أتى صوت ماهر من خلفهما متسائلًا بمرح "من يذكر فلذات أكبادي"
صاح خالد بسعادة "البابا الجديد"
ضحك ماهر بذهول قائلًا "أقسم بالله يا خالد"
قهقه أيهم بمرح قائلًا بحبور "أقسم لك أن براء أيهم رحيم وصلت إلى الدنيا بسلام"
احتضنه ماهر وهو يبارك له "وها هي قد وصلت عروس ابن سيف.. ويقين بالطبع ليزن بكري"
صاح خالد وأيهم سويًا" ماذا!!"
رفع ماهر حاجبه ببراءة مصطنعة قائلًا بهدوء "هل قلت شيء خطأ؟"
أجابا الاثنان في نفس واحد "لن ازوج ابنتي"
ضحك ماهر بسعادة على ملامحهما المتجهمة.. سأل عادل الذي أنهى لتوه مكالمة مع زوجته.. فقد ساعده أيهم كثيرًا ليتزوج ندا "ماذا يحدث هنا؟"
أجاب ماهر بمرح "نحتفل بمجيء براء أيهم أيها المصري المتخفي"
هتف عادل بسعادة "حقًا"
هز أيهم رأسه بسعادة ليبارك له عادل بسرور "مبارك أبا براء"
"العقبي لك إن شاء الله كابتن"
تمتم عادل بالمشيئة متمنيًا طفلًا من هبته التي رزقه الله بها.
......................
بعد يومين فجرًا
صعد أيهم إلى شقته بخطوات سريعة شوقًا للقاء ابنته وللاطمئنان على حبيبة عمره، دلف إلى الشقة ليجدها غارقة بالظلام، دخل غرفة النوم ليجد نيرة نائمة على السرير بوداعة، وعلى الجانب الآخر تنام والدته وبينهما ابنته تناغي نفسها، خفق قلبه شوقًا إليها وروحه تهفو إلى تنسم رائحتها.. اقترب من والدتها ببطء ليلثم وجنتها باشتياق.. ثم مد ذراعيه يحمل ابنته برفق وحنان خالص.. قربها من صدره يضمها برفق وعينيه تدور على ملامحها التي أخذت كثيرًا منها من أمها.. اقترب من وجهها ليلثمه بقبلات رقيقة فتضحك بسعادة رفرف لها قلبه.. تنسم رائحتها بحب تلك الرائحة تذكره برفيقة روحه.. اتجه بها إلى الخارج يلاعبها بحنان ويشبع عينيه من ملامحها.
استيقظت نيرة لتجد فاطمة تنام بجانبها وبراء غير موجودة.. صرخت بقوة فزعت لها فاطمة لتسمي الله متساءلة عما حدث.. فتجيبها بتوتر أن براء غير موجودة.. هلعت فاطمة لتنهض سريعًا يبحثون عن براء أسفل السرير وفي خزانة الملابس.. وعلى الطاولة.. وأسفل الأريكة ودموعهما تجري غزيرة على وجههما.
ارتعب أيهم من صراخ نيرة ليذهب مسرعًا إلى الغرفة ليعلم ماذا حدث.. وقف بباب الغرفة يرفع حاجبه بارتياب وهو يراهما تبحثان في جوانب الغرفة عن شيئًا ما.. سأل بشك وهو يهدهد ابنته بين ذراعيه "عما تبحثان؟"
هرعت نيرة إليه تبكي بقوة وهي تهمس مستنجدة "أيهم براء اختفت ولا أعلم أين ذهبت؟"
همس بدهشة "أهي من كنتم تبحثون عنها أسفل السرير وفي الخزانة؟"
هزت نيرة رأسها بالإيجاب.. ابتسم وهو يهز رأسه بيأس قائلًا "ابنتك هنا"
سألت بلهفة "أين؟"
خفض عينيه ينظر إلى ابنته بحب.. شهقت وهي تنظر إلى ابنتها بين ذراعيه لتسأل باستغراب "أين وجدتها؟"
أعطى براء لوالدته التي أخذتها وتركت لهما الغرفة ليجيب سؤالها "أتتني بغرفة الجلوس وهي تقول بابا احملني اشتقت إليك"
انطلقت ضحكتها بقوة لينظر لها باشتياق، وهو يقترب ببطء قبل أن يطبق على ضحكاتها في قبلة طويل.. أخبرتها بسعادته وحبه وشوقه.
.........................
وهناك خارج مصر
تجلس في مقهى المستشفى التي تعمل بها ،سخرت منها ذاتها "التي يملكها والدك" كانت قد علمت أن والدها اشترى نصف أسهمها وسجل ٢٠٪ من تلك الأسهم باسمها، كنوع من المصالحة بينهما وتلك الأسهم هدية لها.. وقد سامح عادل أيضًا حيث وعده بأنه ما إن يعتزل كرة القدم.. سيأتي ليساعد مازن في أعمال الشركات، لا تنكر أن زوجة عادل لها يد بكل ما حدث، لقد كسبت قلب والدهم بسهولة.. وقلبها هي أيضًا فندا هادئة وناعمة وتليق بعادل كثيرًا.. ابتسمت بسعادة لمكالمة ندا لها فجر اليوم تخبرها بحملها، وتشدد عليها ألا تخبر أحد فهي تحضرها مفاجأة لعادل وأنها أخبرتها هي أولًا.
ابتسمت لرسالة لمار تخبرها بها أن براء وصلت إلى الدنيا بسلام.. وصورتها ولم تكمل بضع أيام كانت كافية لتثير سعادتها وتنشر ضحكاتها ببهجة.. للآن لم تنسى كل ما مرت به نيرة في الثلاث سنين الماضية لتتوج فرحتها بابنتها شبيهة الملاك تلك.. تناولت قطعة من كعك الرمان الذي تعشقه ليمر ببالها ذاك الوسيم الذي يلعب بدقات قلبها بمهارة يحسد عليها.. وسامته الخشنة بعينيه الحادتين ذات لون الزيتون الذي تكرهه.. حاجبه العريض شعره الأسود كليل مظلم، تقاسيمه الحادة وفمه المزموم دائمًا هي فقط من توصل الابتسامة إلى شفتيه، وقراراته الجريئة دائمًا.. مازالت تتذكر حالة اليوم تلك التي خاطر وأعطاها دواء إن لم يساعدها على الشفاء سيقتلها في الحال.. طبيب غيره كان ليرتعب من تلك المخاطرة.. ابتسمت وهي تعلم أين تجده حاليًا نهضت وعينيها تلمع بحب.
في صالة رياضية مغلقة
يسدد لكماته بقوة للكيس الرملي، يتذكر خطواتها السعيدة اليوم في الممر ترتدي بنطال أبيض واسع يعلوه قميص أحمر بحمالات.. مظهر بسيط ولكنها فاتنة، عينيها ذات أمواج البحر المتقلبة التي أسرته بشدة.. فهي إما موجة ربيعية هادئة.. أو شتوية عاصفة.. أو موجة صيفية منعشة، ثغرها الشهي دائمًا بنكهة الرمان اللاذعة التي تترك أثر بقلبه لا يزول.. وجنتيها البيضاء ذات الملمس الحريري.. وشعرها الذهبي الذي تطلقه حرًا دائمًا... هي أنثى تثير خيالاته الأكثر وقاحة.
أول مرة رآها كانت هنا تتدرب مع مازن.. وقد أتى هو لزيارة مازن وللتدريب سويًا، راقب مباراتها مع مازن التي انتهت بفوزها بجدارة.. لتسرق دقات قلبه وتستولى عليها دون أمل له في استردادها.. ليراها بعد ذلك بالمشفى ويعلم أنها زميلة بارعة نشيطة.
تقدمت من خلفه بخطوات متمهلة تتأمله في بنطاله القصير الذي يتعدى ركبتيه بقليل.. والتي الشيرت الأسود الذي يبرز عضلاته بطريقة مثيرة.. احتضنت خصره من الخلف وهي تريح وجنتها على ظهره بسعادة، ابتسم وهو يخلع قفازيه ويلقيهما بعيًدا ليحتضن يديها هامسًا بحب "ما بال زوجتي الحبيبة تكاد تطير من السعادة اليوم"
همست بخفوت "خطيبتك أمجد"
أجابها بمرح "حسنًا.. لن نتشاجر الآن يا روح أمجد، أخبرينى سبب سعادتك"
التفت لتقف أمامه هاتفة بفرحة "لقد وضعت نيرة مولودتها أنا سعيدة للغاية"
همس بهدوء "صديقتك؟"
احتضنته ليرفعها لمستواه صارخة بسعادة "نعم وابنتها غاية في الجمال"
جلس أرضًا ليجلسها بين ساقيه هامسًا بعبث "وأنتِ متى ستضعين ابنتنا"
شهقت بخجل لتهمس بخفر "تأدب قليلًا يا أمجد ماذا تقول"
أجاب سريعًا "لا أفهم لمَ لا توافقين على إقامة الزفاف"
لترفع كتفيها قائلة بهدوء "أنا موافقة أمجد.. ولكن أنت لست متفرغًا"
رد بتذمر "لا أفهم لماذا تصرين أن تقيميه بمصر"
نهضت واقفة وهي تقول مبتسمة بشجن "لأني أعشقها وأريد أن تكون أسعد لحظة بحياتي بها.. أنا مصرية أمجد وأعشق مصر وأهلها ورائحتها.. أنا فقط أعشقها"
ابتسم بسعادة وعينيه تلمع ببريق عشق وفخر بها "وأنا أعشقك شذا"
جلست ثانيةً بين ذراعيه تقبل وجنته بحب لتهمس على بشرته "وأنا أحبك"
همس بمكر "كنت تتناولين رمان"
هزت رأسها بنعم متسائلة "كيف عرفت؟"
قبلها بلطف ليهمس أمام شفتيها "لا زال طعمه في ثغرك حبيبتي"
ابتسمت بخجل لتنظر لعينيه بهيام، فيقبلها ثانية بشغف وهو يضمها إليه قويًا.. لتلف ذراعيها حوله تبادله قبلته بحب وقلبها ينبض بعنف همس بأذنها بعد أن ابتعد عنها "أعشق مذاق فمك مختلطًا بالرمان"
صاحت بخجل "أمجد"
ضحك بسعادة ليقول بمرح "ما رأيك بمباراة بيننا؟"
قفزت واقفة ليلعبا سويًا في مباراة ليست شريفة.. لم تخلو من همسات أمجد ولا لمساته.. ليحملها أخيرًا وهو يدور بها.. وتنطلق ضحكاتها عالية وهي متشبثة برقبته.
.........................
بعد أربع سنوات
جلست فاطمة بين أبنائها في حديقة منزلهم تحمد الله على نعمه العديدة التي أنعم الله بها عليها، أبناؤها حولها قرة عين لها.. مسار حسد لكل من يعرفهم.. أحفادها يملئون الحياة حولها بهجة بضحكاتهم وصخبهم الذي لا ينتهي، فإن كان الله قد حرمها نعمة الإنجاب فقد عوضها بأبناء ليسوا من رحمها، لكنهم من روحها كل منهم يحتل مكانة لا يصل إليها غيره.. فرحى هي بعودة أبناء شقيقتها إليها.. ولكنهم عادوا تنقصهم واحدة تركت غصة مؤلمة بقلبها إلى الأبد.. نظرت إلى ماهر يشاكس لمار على طبق فواكه.. وأيهم يتشاجر مع نيرة كعادتهما فهما لا يتفقان على شيء أبدًا.. هنا تجلس مع دارين _التي انتقلت للعيش مع ماهر بعد موت والدها_ على العشب يتحدثان والابتسامة على وجوهما تلمع بها عيونهما.. خالد يلاعب الصغار ويعوض اشتياقه لهما الفترة الماضية.. أغمضت عينيها تلهث بالدعاء والشكر لله.. فتحت عينيها على ربتة حانية على كتفها.. وخالد يجلس على حافة مقعدها هامسًا بحنان "هو معنا ويرانا"
ابتسمت له وهي تربت على يده مجيبة برقة "أعلم حبيبي.. أخبرني متى موعد سفرك؟"
أشاح بعينيه قائلًا باختناق "لن أسافر ماما"
سألت باهتمام "لماذا حبيبي؟"
أجاب بهدوء وهو يبتلع غصة مؤلمة "انتهت مدة العقد ولن أجدده ثانيةً.. سأعود للعب بمصر اختنقت من البقاء هناك"
سألت بألم "ما السبب الحقيقي وراء عودتك بني؟"
جلس على ركبتيه أمامها كما كان يفعل رحيم رحمه الله.. متمتمًا باختناق "لم أره فاطمة ولم أودعه ولم أحضر جنازته.. كنت بعيدًا حينما ذهب.. بكيته بمفردي ماما، كنت أريد أن ألقي برأسي على صدرك وأبكيه.. احتضن أيهم فيخبرني أن كل شيء سيكون على ما يرام.. يربت ماهر على كتفي فينشر بداخلي الأمان.. والآن أنا لن ابتعد ثانيةً فأخسر أحدكم دون أن أودعه"
دمعت عين فاطمة لتقول بتأثر "كان يحبك كثيرًا.. أنت كنت أصغر أبنائه.. آخر العنقود حبيبي.. كان فخورًا بك كثيرًا.. أخبرني أنه سيزورك ويراك فهو لن يستطيع الذهاب قبل أن يودعك"
رفع عينيه إليها يهمس بذهول ودموعه تتجمع بعينيه "لقد رأيته في منامي.. احتضنني بقوة كما لم يفعل أبدًا.. وأخذ يهمس لي بأنه يحبني وأني صغيره وأنه راضٍ عني.. لاستيقظ وأنا أشعر بحلمي كأنه حقيقة.. لقد جاء ماما.. أنا اشتاقه كثيرًا"
جذبته إليها تحتضنه بقوة وتسكن رأسه بين ضلوعها.. تمسك بها بقوة يشعر بدفئها يحاوطه يطرد الخواء الذي خلفه وفاة رحيم.. هتف ماهر بقلق "ماذا بك خالد؟"
هز خالد رأسه في حضن فاطمة مجيبًا بغصة وصوت باكٍ "لا شيء ماهر"
نظر ماهر إلى أيهم بقلق فيطمئنه بنظراته وشفتيه تشكل حروف رحيم.. هز ماهر رأسه متفهمًا وقلبه يئن اشتياقًا إلى والديه الذين توفوا تباعًا.. عبدالرحمن ثم رحيم.
.....................
بعد وقت قليل
عاد أيهم ومعه العديد من أكياس الحلوى والماصات لابنته وزوجته، بعد أن أجبرتاه أن يترك اجتماع العائلة الأسبوعي خصيصًا، ليحضرها لهما فهما تعشقان تناولها بعد الغداء، ارتسمت على شفتيه ابتسامة عاشقة حالما رأى شبيهة أمها تركض إليه صارخة "أتى البابا.. أتى البابا"
وقفت بمنتصف الطريق وقبالته تمامًا متخصرة قائلة بدلال "احملني حالًا كابتن وأطعمني حلوتي بيديك"
ليجيبها بمشاكسة "وإن لم أفعل؟!"
أشارت له أن يهبط لمستواها وأمالت بفمها تجاه أذنه، قائلة بنبرة طفولية متقطعة وكأنها تتذكر ما تقول "سأخبر الماما بمبارياتك السرية مع العم ماهر.. والتي قد منعتك من لعبها منذ إصابتك الاخيرة"
نظر لها أيهم مغتاظًا من جرأتها ودهائها في المساومة.. رباااه ألم تترك شيئًا بوالدتها لم تأخذه بعد؟! ستشقيه هذه الشقية كما أشقته والدتها قائلًا بغيظ مفتعل "أيتها الشريرة المخادعة.. أتساوميني يا فتاة"
لتجيبه ضاحكة بنفس ضحكته "أجل.. اساو.. اساو.. أووف أجل أفعل _لتكمل متدللة عليه كما تفعل والدتها_وأعلم أنك لن ترفض لي طلبًا.. أيهوووومي"
ليضع كفه على فمها مخفيًا نصف وجهها "أيتها المتلصصة الصغيرة إياكِ أن تتفوهي بها أمام أحد أبدًا؟!"
ليحملها مقبلًا جبهتها بقوة جعلتها تقهقه ضاحكة ويبدأ بإطعامها حلواها، قبل أن يشعر بلمسة خفيفة رقيقة لقدمه فينظر ليجد نسخة والدها رقيقة خجولة كوالدها.. ركع على ركبة ونصف أمامها ممسكًا بيديها مقبلًا قائلًا بحب "يقين والدك.. ماذا تريدين يا قلب عمك وفرحته؟"
تبسمت الفتاه للفظي التدليل فوالدها دائمًا ما يناديها يقيني كما أن أيهم لا يلقبها الا بقلبه وفرحته "أيمكنني أن اتناول معها قطعة حلوى عمي أيهم؟!"
"حبيبتي المهذبة بل أحضرت لكِ عبوة خاصة وكبيرة ولكني أريد قبلتي أولًا"
لتقبله يقين صارخة بأنها تحبه وتأخذ واشيته الصغيرة ليمرحا معًا قبل تناول طعامهما، ويتجه هو ناحية والدته وخالد المستولي على حضن فاطمة منذ أن جاء.. اتفقتا براء ويقين على اللعب معاً وتقليد والدتيهما في تحضير مائدة الطعام، وبينما يقين تحضر ألعابهما سمعت براء والدتها تكلم والدة يقين قائلة "أنا سعيدة جدًا هنا كنت أخطط لمفاجأة لتصبحا اثنتين!! يا إلهي لا أصدق"
أجابتها هنا بغبطة "مبارك لنا نيرة ليتمم لنا الله بخير وسعادة ويكونا صالحين بإذن الله، ولكن كيف سنخبرهم بحملنا؟"
لتؤمن نيرة وتكمل بابتسامة شقية "ستكون مفاجأة الليلة بعد العشاء.. سنصنع كعكة جميلة ونكتب عليها بالشكولاتة ومربى الفراولة كما نحب أنا وأنتِ.. ما رأيك؟!"
تحمست هنا كثيرًا وأخذتا تتفقا على التحضيرات وحالما انتهيتا من تحضير المائدة أخبروا الجميع فلبوا النداء، أخذ أيهم الأطفال ليغسل أيديهم قبل الطعام، وكما هي العادة ابنته الصغيرة دائمًا بحضنه يطعمها بيديه بينما حبيبة روحه تجلس مقابلة له.. بينما يطعمها صرخت براء قائلة "ماما.. أنا انتظر الحفلة بشوق وأريد أن ارتدي فستاني الأحمر كلون مربى الفراولة اللذيذة"
صدمت نيرة من كلام ابنتها وسريعًا ما علمت أن ابنتها حتمًا سمعت كلامها مع هنا.. لتكلمها بنظرة محذرة دائمًا ما تفهمها ابنتها قائلة "حبيبتي هل نسيتِ؟ لا كلام على الطعام.. براااااء"
أجابت براء بتصنع لا يليق بسنوات عمرها الصغير "لمَ تؤنبينني؟! ماذا فعلت الآن؟!"
ولتكمل تصنعها الغير برئ اختبأت بأحضان والدها وبدأت تنشج ليتكلم أيهم غاضبًا "ما بكِ نيرة؟ لماذا تغضبينها هكذا هي لم تفعل شيئًا.. ثم عن أي حفلة تتحدث براء؟!"
لتصرخ نيرة بتذمر "أغضبتها؟! متى أغضبتها تلك الماكرة الصغيرة؟! لا ليست صغيرة أبدًا"
"نيرة.. لا تنعتي ابنتي بالماكرة أبدًا مفهوم؟!"
أخذ أيهم يهدهد ابنته بينما نيرة تكاد تخرج نيران من أذنيها.. والكل يكتم ضحكاته بصعوبة بالغة.. لتنظر براء لوالدتها مخرجة لسانها بخفية عن مرأى والدها فتهب نيره صارخة "انظر؟! إنها تغيظني.. سأؤدبك أيتها الماكرة الصغيرة.. تعالي إليَّ حالًا"
وكما حدث سابقًا حدث الآن صرخ أيهم "نيرة.. ماذا قلت لك؟!"
"أنت تصرخ عليَّ لأجلها؟! لا أصدق!!"
"حسنًا لا تصدقي _ليولي انتباهه لابنته قائلًا بهدهدة لطيفة_ لا تفزعي حبيبتي.. البابا لن يجعل أي أحد يغضبك ولكن أخبريني ما هذه الحفلة التي كنتِ تتحدثين عنها؟!"
هكذا أيهم ....تخدع الفتاه لتخبرك.. أيها الماكر الكبير.. طبعًا وكيف لا تشبهه إنها نسخته لتسارع قائلة "براء حبيبتي لا تخبريأحداًا بسرنا الصغير و... أجل سنذهب للملاهي سويًا"
ليجذبها أيهم قائلًا بعرض مغري "حبيبة البابا أخبريني وسأجعلك تتغيبين عن روضتك لأسبوع كامل _ليباغت نيرة قبل أن تتحدث_ أسبوع كامل نقضيه سويًا ملاهي وسهر وحلوى وكل ما تتمنين وسأشتري لك لعبة جديدة"
وكما أراد كان ورجحت كفته لتتحدث مخبرته قائلة "سمعت الماما والخالة هنا يتحدثون ويقولون سيعدون كعكة ويفاجئونكم بحملهن.. ما معنى حمل بابا"
ارتخت يداه عن ابنته وهو يردد"حملهن؟!"
أيعقل هذا .... ليفيق على صوت زوجته المتوعد "أيتها الواشية الصغيرة سأقتلك الآن"
لتفر طفلته الصغيرة هاربة تلحقها طفلته الكبيرة، وبينما خالد يحتضن هنا مباركًا لها بفرحه الهادئ، كان الجميع ينفجر ضحكًا على أيهم الراكض خلف مجنونتيه صائحًا "نيرة أيتها المجنونة.. لا تركضي يا غبية ستؤذين نفسك.. أنتِ حامل يا مجنونة توقفي نيييييييرة"
.......................


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-20, 08:04 PM   #97

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

بعد أن هدأت نوبة الصخب التي أدارتها نيرة وابنتها.. دلف عمر بمرح كعادته ليلتف حوله الصغار.. قبَّل يقين برقة فهي يجب أن تعامل برقة تليق بها.. و تلقف براء بين يديه فهي صاخبة كوالدتها يرفعها لأعلى فتطلب منه شكولاتة.. بحث بعينيه عنها ليبتسم لها باتساع عندما تلاقت أعينهما.. أخفضت عينيها بخجل رقص له قلبه ليفيق من نشوته على صوت يزن معذبه وشبيه أيهم بكل شيء.. إلا عشق كرة القدم فهو يعشق كرة اليد هامسًا بمكر غاضب "مرحبًا خالو عمر.. تعجبك عمتي دارين أليس كذلك؟"
صاح سيف بمرح يعشقه عمر فهو من يبقى مع سيف لوقت طويل حتى أشربه طباعه "عمتي دودو فاتنة.. مؤكد سيعجب بها أليس كذلك عمر؟"
رفعه عمر لمستواه وهو يقول بهيام "نعم يا قلب عمر.. هي جميلة.. فاتنة.. ناعمة.."
همَّ أن يكمل ليقاطعه صوتًا غاضب "إلى الخارج عمر"
ضحك عمر بقوة وهو يقول بإغاظة "تلك خطيبتي أيهم طبيعي أن أتغزل بها"
نظر يزن إلى عمر بانتصار ثم غمز لعمه بعينيه قبل أن يركض وخلفه باقي العصابة.. همس أيهم من بين أسنانه وعينيه تشتعل بنيران غيرته "أخبرتك أن تخرج عمر"
تخطاه عمر ليصل إلى خالته يقبّل رأسها هاتفًا بتوسل "أتوسل إليكِ خالتي أن تقنعيهم بتقديم موعد العرس.. أنا مشتاق لها كثيرًا"
زمجر أيهم بغيرة.. ليصيح خالد بغضب "تأدب يا عمر أنت تتحدث عن أختنا.. وزواج لن نزوجها الآن لتكمل سنتها الدراسية الأخيرة أولًا"
نظر إلى ماهر بتوسل فيرفع كتفيه بقلة حيلة.. فأيهم وخالد يشكلان جبهة ضده.. جلس بتذمر تحوَّل إلى هيام وهو يتأمل جلستها بجانب هنا تتحدثان سويًا.. نبض قلبه بعنف وهو يتأمل هيئتها في الحجاب.. فاتنة.. جميلة.. رائعة.. وحبيبته البعيدة بأخين غليظين.. صاح أيهم بحدة "دارين"
أجفلت لتقول بهمس رقيق "نعم أبيه"
أجابها بصوت حاني "اصعدي إلى الأعلى صغيرتي.. لتكملي دراستك"
همست بدلال "موافقة لكن بشرط"
سأل أيهم بحنان "ما هو حبيبتي؟"
"أحضر لي باقة ورد كتلك التي أريتك إياها"
ابتسم ليقول بسعادة "دون أن تطلبي صغيرتي ستصل باقتك بعد قليل"
صاحت بفرحة وهي تصعد إلى الأعلى.. تاركة عمر يعبس بعدم رضا وغيرة.. ليرفع أيهم حاجبه بانتصار.. صاح عمر بحنق "خالتي"
ضحكت فاطمة بقوة قائلة "توقف عن إغاظته أيهم"
هز رأسه نفيًا وهو يقول بمرح "أبدًا"
. ..............................
في عرس عمر ودارين
كان عمر يرقص مع دارين على أنغام هادئة وأضواء خافتة.. همس في أذنها بحب وهو يحتضنها "لا أصدق حبيبتي.. أشعر أني كنت في مباراة مضنية ضد وحوش البرية.. وقد تزوجتك أخيرًا رغمًا عن خالد وأيهم"
ابتسمت بخجل تخفي وجهها في كتفه وقلبها يخفق بسعادة "عمر لا تقول عنهما وحوش.. هما أخواي"
همس بشغف "أااااه يا ويل عمر.. ما أجمله من ثغرك حبيبتي.. ويالحظه أن لامست حروفه شفاهك التي أتوق لأتذوقهما"
شهقت بخجل وقد عقد لسانها من الحياء.. ليضيف بخبث "الليلة يا دودي سأتذوقه وأغرق به الليلة انتظري قليلًا"
ازداد الاحمرار في وجنتيها وهي تضغط برأسها على كتفه بحياء.. ليهمس أيهم بحنق وهو يتمايل مع نيرة.. يحتضنها من الخلف ويريح يديه على بطنها المنتفخة "ماذا يهمس لها؟"
همست نيرة بحدة خفيفة وهي تضربه على يديه "توقف عن مراقبتهما.. برأيك ماذا يقول عريس لعروسه في عرسهما؟"
رد بصرامة "نيرة توقفي عن استفزازي"
لتصيح بألم وهي تشعر بظهرها يكاد ينقصم من الألم "توقف أنت أيهم لست بطفل أخذوا منه لعبته"
صاح بحنق غير منتبه لألمها "تلك طفلتي من أخذها وليست لعبة"
همت بالرد ليداهمها الألم فتصرخ بشدة.. فزع أيهم قائلًا بقلق "ماذا هناك حبيبتي؟"
انتفض عمر على صرخة شقيقته.. ليلقي بدارين من بين ذراعيه فتتلقفها ذراعي ماهر هاتفًا "انتبه يا غبي"
سارع عمر بجذب دارين قائلًا "آسف حبيبتي ولكن ماذا يحدث؟"
توقفت الموسيقى ليصدح بدلًا منها صوت نيرة صارخة بألم "ماذا هناك؟ ماذا هناك؟ كل ما أنا فيه بسببك؟ أنت السبب أيهم"
عبس أيهم بدهشة ليصيح بحنق "أجننتِ نيرة ماذا فعلتُ لكِ؟"
صرخت وألمها يزداد وهي تشد على ذراعيه بقوة "أنا أكرهك.. أكرهك.. أكرهك.. وستطلقني.. كلا سأخلعك حتى تكون عبرة لمن يعتبر"
صرخ أيهم بغضب "نيرة ما هذا الجنون؟"
لتهتف لمار بصرامة "توقفا.. لا تنتبه لما تقول أيهم هي تهذي من آلام الولادة"
ردد أيهم بذهول "تلد!!!"
هزت رأسها إيجابًا.. ليلتفت سريعا إلى نيرة هامسًا بقلق وهو يربت على وجنتها بحنان "أأنتِ بخير حبيبتي؟"
صرخت بقوة "بخير!! أنا ألد.. ألد.. خذني إلى المستشفى وبعدها سنتطلق"
حملها بين ذراعيه بقلق وهو يقول بمهادنة "حاضر سأفعل لكِ كل ما تريدين"
بكت بقوة وآلامها تتزايد "ستطلقني يا أيهم.. أيها الكاذب وتخبرني أنك تحبني"
هتف وهو يهز رأسه بلا أمل "نيرة اهدئي إلى أن نصل للمشفى"
صرخت ونشيجها يزداد ويزداد معه ألم قلبه "لا تخبرني أن اهدأ.. أنا ألد.. أااااه يا أيهم.. أنا أتوجع"
صاح بقلق "تماسكي قليلًا يا عمري سنصل بعد قليل"
وصل إلى المستشفى ليضعها على السرير المتحرك ويصرخ بالأطباء وهي متمسكة بيده بقوة.. دخل الجميع إلى المستشفى بينما نيرة عادت لصراخها على أيهم مرة أخرى بعد أن كانت هدأت قليلًا "لن أسامحك أيهم لن أسامحك ما حييت.. أنت السبب أيها المغرووووور"
صرخ قائلًا "اتركي يدى نيرة ستتسببين في تمزق لأربطة كتفي المسكين ولديّ مباراة هامة بعد يومين"
"مباراة!! أكل ما يهمك المباراة؟! أنا أموت يا عديم الاحساس وأنت لا تهتم إلا بمباراتك الباردة مثلك؟! لن أسامحك أيها الجلف لن أسامحك أبدًا"
"صوني لسانك نيرة وكفي عن سلاطته وغبائك هذا.. ثم لماذا لن تسامحيني ماذا فعلت؟!"
"أنت السبب بوجعي هذا.. أنت السبب.. وأيضًا لم تهتم لي وظللت ترقص طيلة الوقت ولا تهتم بحالتي وكل ما يشغل تفكيرك مباراتك الغالية؟! ما الذي أردته من رقصك واستعراضك هذا؟! لفت أنظار النساء اليك؟! ها.. أخبرني"
ليزداد صراخه هياجًا "أي نساء يا مجنونة.. إنه عرس أخوتي الاثنين.. ثم تعلمين أني أعشقك فأنتِ حبيبتي وأم ابنتي والآن ستلدين ابني"
صمتت لبرهة ثم بمنتهى الغباء ردت بصوت باكي "أجل.. أجل أنا ألد.. لا تتركني أيهم لن أسامحك فلا تتركني"
صرخ أيهم بينما من حوله لا يعرفون هل يصمتوا قلقًا على تلك المجنونة أما ينفجروا ضاحكين على شجارهما "يا الله.. أقسم أنك حصلتِ على كل الجنون بالعالم"
لتخرج لمار منقذته في هذه اللحظة وتخبرهم أن غرفة العمليات جاهزة، وبينما تأخذ نيرة على سريرها للغرفة انتفضت نيرة صارخة "انتظري.. أيهم من تلك الفتاة ذات الفستان الاحمر التي كانت تراقصك؟! أجبني الآااااااان.. أااااه"
نهرتها لمار "حقًا إنك مجنونة وغبية وتثيرين جنون كل من حولك.. اخرسي وإلا صفعتك الآن"
ردت نيرة باكية "ماذا فعلت لكِ أنتِ أيضًا.. ألا يوجد من يحنو عليَّ؟!"
همس أيهم بجنون "كوني رؤوفة بعقلي وخذيها.. الآن أرجوكِ سأجن"
لتختفي نيرة خلف باب الغرفة بينما الجميع لم يتمالكوا أنفسهم ضاحكين، مالت هنا على خالد قائلة بألم "خالد خذني إلى طبيب بسرعة أشعر أني سألد"
حملها خالد مسرعًا فهمس أيهم متحسرًا "لماذا لم أرزق بزوجة هادئة رزينة كخالد يا الله؟! كُتب عليَّ الشقاء طوال حياتي مع هذه المجنونة"
صاح عمر حانقًا "اخرس أيهم أنت وزوجتك الغبية أفسدتم عرسي بالكامل.. الليلة التي كنت أحلم بها دمرتموها تمامًا.. أرغب في تحطيم وجهك أنتَ وزوجتك الغبية"
أجابه أيهم معنفًا "لا تسب زوجتي يا فتى وإلا ضربتك"
"لستُ فتى..لا تقل لي ذلك"
وركض لحضن خالته شاكيًا "لقد أفسدوا عرسي أمي.. أفسدوه تمامًا"
غالبت فاطمة ضحكاتها مهدهدة له تعلم أنه منذ علمه بحقيقة الأمور لا يدخر جهدًا فيتدلل، ويدللها ويشاكس الجميع ويشاكسوه ليركض لأحضانها شاكيًا مطالبًا بحنانها، ابتسم أيهم لرؤيته لعمر بأحضان خالته وبجواره براء ويقين يحتضنان بعضهم أيضًا.. بينما ماهر يحتضن دارين مطمئنًا لها ومواسيًا لنهاية عرسها المضحكة.. همس يزن بحنق لمعت به عينيه البنية "لماذا تصرخ عمتي نيرة على عمو أيهم؟"
ليجيبه سيف بنفس التذمر الطفولي "لماذا يصرخ عمو أيهم على عمتي نيرة؟"
نظر الاثنان لبعضهما بحنق وكل منهما يدافع عن الأقرب إليه.. وبعد الكثير من الوقت والمعاناة وقلق أيهم الكبير فتلك المرة الأولى التي يحضر لها ولادة.. احتضن أيهم ابنه وأصر أن يذهب به لخالد ليقابل خالد بمنتصف الطريق، ويبدو أنه أصر على فعل ما فعل هو ليتكلم أيهم بحبور "وصل في التو عريس ابنتك يا خالد فرحب بإياد أيهم رحيم"
رد خالد بسعادة "وعروسه وصلت بالسلامة فرحب بناردين خالد"
احتضنا بعضهما البعض مباركين شاكرين لله نعمه مترحمين على أهلهم، وحالما افترقا وجد الطفلين متمسكين بأيدي بعضهما ليضحكا معًا، وأيهم يقول بمرح "إن ابني رجل كأبيه يثبت ملكيته لها من الآن ويطالب بحقه بها.. فأحذره يا أخي"
ضحك خالد بمرح قائلًا "ابنتي له دائمًا ولكن يحق لها الدلال يا ابن أيهم"
ليكملا معًا جميعًا طريقًا بدؤه سويًا وسيكمله أطفالهم أيضًا سويًا.
....................
دخل أيهم غرفة نيرة ليطمئن عليها.. اقترب من زوجته النائمة كما يبدو مقبلًا جبينها ثم وجنتها وبجانب ثغرها همس بحب "حمدلله على سلامتك الغالية يا أم إياد"
أجابته بوهن أوجع قلبه "ابتعد أنت خائن حالما طلبت منك الطلاق لبيت"
ضحك أيهم بمرح ومسح دموعها قائلًا بهيام "يا مجنونة.. كيف أفرط بكِ بعدما شقيت كي أحصل عليكِ.. هل يستطيع الإنسان العيش دونما قلبه وروحه؟!"
نظرت بعينيه بدموع لامعة بعينيها متسائلة بلهفة "حقًا أيهم؟!"
"روحي فداء لدموعك يا مهجة أيهم وفؤاده.. أعشقك يا حمقائي وحبي واشتياقي"
نظرت بعينيه قليلًا لتشير إليه أن يقترب منها.. فعل مثلما أرادت.. قبلته على وجنته لتهمس بتعب "لقد أرهقني ابنك وأريد أن أنام"
صعد بجانبها ليضمها برفق لصدره فهي منذ أن عادت ذاكرتها لا تنام إلا بين ذراعيه "نامي حبيبتي أنا هنا وسأظل دائمًا هنا"
أغمضت عينيها لتقول بهمس "عدني أن تبقى دائمًا معي"
ابتسم وقد عرف ما قالته حتى قبل أن تتفوه به.. فذلك ما تهمس به دائمًا قبل نومها.. رفع وجهها إليه ليقبل شفتيها بنعومة ورقة هامسًا بينهما "أعدك.. بكل عرق حي بي أعدك"
وعلى وعده المتكرر كل ليلة نامت ونام هو قريري الأعين وقلوبهما دافئة مطمئنة.. لتشرق شمس يوم جديد تحمل دفئها وضوئها وتعلن طي صفح أحزان وأوجاع كثيرة، وها هو يحمل طفلته ويساعد زوجته في حمل طفلهما، ويدخلا سويًا بيتًا أظلم بالحزن يومًا لتنيره السعادة عمرًا كاملًا.. تحدث أيهم بمرح "أتعلمين؟ عمر كاد أن يجن وحالما اطمئن عليك أنتِ وهنا، حتى حمل دارين بين ذراعيه وخرج راكضًا صارخًا لا أريد أن أرى رقم أي منكم على هاتفي لمدة شهر يا أوغااااااااااااااد، وحتى الآن ومنذ يومين هاتفه مغلق"
ضحكا معًا فرحين متمنين أن تدوم هذه الفرحة أبد الدهر.
....................................
عيد ميلاد إياد وناردين السابع
"بابا.. بابا أخبرتني أنك ستخبرني شيئًا مهمًا اليوم وبعدها ستعطيني الهدية التي سأقدمها لخطيبتي"
قهقه أيهم قائلًا بمرح "مازال الوقت باكرًا على هذه الكلمة يا فتى"
دب إياد الأرض بقدميه قائلًا بتذمر "لا ليس باكرًا.. إنها خطيبتي وسأظل أرددها حتى أجعلها ترتدي خاتمي بل سأضعه بأصبعها بنفسي"
دخل خالد محتضنًا إياد قائلًا "أجل هكذا رجلي الصغير.. لا تقلق يا فخر عمك هي لك دائمًا"
ابتسم إياد فخرًا واعتزازًا لفخر عمه الدائم به وتدليله الرجولي له ليكمل خالد "إياد حبيبي.. أنا ووالدك أردنا أن نخبرك عن الجدة فاطمة والجد رحيم رحمهما الله.. أتتذكر جدتك حبيبي؟!"
"نعم عمي أذكرها.. كنت أحب النوم بحضنها.. ما بها؟!"
تمتم خالد بحنين "كلنا حبيبي.. كلنا كنا نعشق هذا بل لم نكن نجد راحتنا إلا بين أحضانها"
ربت أيهم على كتفيه فتمالك نفسه قائلًا "هذا المصحف حبيبي هدية جديك ليحفظك دائمًا.. هم يخبروك أنهم يحبونك جدًا ودائمًا يراقبونك من علو.. فلا تخذلهم وكن فخرًا لهم دائمًا وأعلم أنهم يحبونك جدًا"
أخذ إياد المصحف من عمه وقبله ووعده بأنه لن يفعل ما يسوء طيلة حياته.. ليعطيه أيهم خاتم يقدمه لناردين كما وعده ويأمره بالخروج.. وحالما خرج ارتمى خالد بين ذراعي أيهم قائلًا "اشتقتُ إليها حد الموت يا أخي.. أقسم أني اشتقت"
ربت أيهم على كتفيه قائلًا بحنان "كلنا اشتقنا أخي كلنا.. تمالك نفسك وهيا بنا.. لنقطع الكعك ونأخذ صورة عائلية لنا"
وبينما هم بالخارج يأخذون العديد من الصور.. صرخ عمر من خلفهم "أوغاد بدأتم الحفل بدوننا"
ركضت ابنته سما ذات الأربع سنوات إلى حيث يلعب الصغار.. جلست بجوار ناردين وإياد قائلة بغضب "هذا المعتوه أحمد بالروضة ضايقني وأريد الانتقام"
ردت ناردين بشراسة "كيف يتجرأ على فعلها؟"
وإياد يجيب بغضب "ليلته سوداء من يفكر أن يضايقك.. هل لديكما أي أفكار تجعله يخاف من ذكر اسمها فقط"
أعطتهم سما بعض الأفكار الشريرة.. وناردين وإياد يستمعون بإنصات ويضيفون بعض الخطوط التي تجعل خطتهم أكثر متعة.. وبجوارهم بعيدًا قليلًا ابتسمت يقين ذات الثلاث عشرة أعوام على خططهم.. عالمة أنه وكما العادة سيأتيهم استدعاء لولي الأمر من مدرستهم بعد ما سيفعلونه غدًا.. وبما أنهم وضعوا العديد من الخطط ولم يستقروا على واحدة بعد.. فسوف تخبر سيف وتحذره أن ينتبه لهم.. عادت للوحتها تكمل رسمتها التي بدأتها.. فالرسم بالرصاص والفحم يمنحها متعة لا توصف.
وتحت شجرة من أشجار الحديقة وقفت براء بقصر قامتها التي لا تناسب عمرها ذو العشر سنوات.. تضيق عينيها ناظرة لورقة بعينيها تريد قطفها.. قفزت عدة مرات ولكنها لم تفلح.. ذهبت وجذبت مقعد تقف عليه وأيضًا لم تفلح.. لوت شفتيها بامتعاض ثم ابتسمت بسعادة وهي تقفز عن الكرسي.. متجهة إلى يزن الذي يماثل يقين في العمر إلا أنه أكبر منها بأشهر قليلة.. يركل الكرة باتجاه شقيقه ورفيقها المقرب وزميل دراستها سيف.. جذبته من بنطاله قائلة برجاء "يزن أريد هذه الورقة؟"
نظر يزن للأسفل ليبتسم باتساع للقامة القصيرة الواقفة بجواره.. وسيف يقول بتذمر "ليس الآن يا بو أنا على وشك الفوز"
تخصرت قائلة بنبرة مدللة آمرة "أنا أريدها الآن يا سيف.. ارفعني على كتفك يا يزن حتى أقطعها"
همس يزن لأخيه بلطف "دقيقة لن أتاخر"
ثم التفت للواقفة بتحفز بجواره قائلًا بوداعة "هيا يا أميرة عمي"
صفقت بسعادة وهي تتجه معه ليجلس على ركبته.. فتصعد على كتفه استقام واقفًا لتقطف الورقة التي أرادتها.. ثم طوتها على بعضها وطرقت بها جبهته وهي تضحك ببهجة.. اتسعت عينيه قائلًا بنزق "هكذا يا بو سأريك ما سأفعله بكِ"
أنزلها لتركض صارخة بضحكات مبهجة وهو خلفها.. مختبئة خلف سيف الذي وقف أمام أخيه قائلًا بشجاعة "ماذا تريد منها؟"
رد يزن بحدة "سأقرصها فقط"
أخرجت لسانها له قائلة بإغاظة "سأذهب لبابا وأرني كيف ستقرصني"
ثم ركضت إلى أبيها تحت أنظار ماهر الذي يراقب ما يحدث.. رفع ماهر صوته مناديًا "يزن تعال أريدك"
اتجه إليه يزن بطاعة قائلًا باحترام "نعم بابا"
تفحصه ماهر باهتمام قائلًا بأمر حازم قاطع "لا تحمل ابنة عمك بتلك الطريقة ثانيةً.. ولا تلمسها بأي طريقة كانت"
اتسعت عينيه بارتياع قائلًا بخفوت "ولكنها ستحزن إذا طلبت مني ولم ألبي طلبها"
رد ماهر بحسم "لقد كبرتَ وهي أيضًا كبرت لا يجوز أن تلمسها.. يجب أن تحافظ عليها حتى من نفسك إنها أختك الصغيرة"
عبس برفض لتلك الصفة الأخيرة.. هو لا يراها أخت له بأي طريقة.. مط شفتيه بحزن وفكرة أن تطلب منه شيء ولا ينفذه لها تحزن قلبه غض التكوين.. ليجيب بخفوت "ولكن كيف أرفض عندما تطلب مني هذا؟ كيف أبتعد عنها ولا ألعب معها بابا"
ربت ماهر على كتفه قائلًا بحنان "من قال لا تلعب معها.. العبا سويًا وتحدثا واخرجا أيضًا يا يزن.. فقط لا تلمسها و ضع بينكما بعض الحدود.. أنتما كبرتما حبيبي.. ولا تقلق هي لن تطلب منك أن تحملها ثانيةً"
هز رأسه قائلًا بصوت خافت "حاضر بابا"
تنهد ماهر بعمق يراقبه وهو متجه إلى يقين.. يعلم يقينًا أن يزن سيخبرها بما حدث الآن.. وبالفعل جلس يزن بجوار يقين سائلًا "ماذا تفعلين؟"
ردت يقين برقة "أرسم لأجل أن أشترك بالمسابقة التي تقيمها المدرسة"
هز رأسه متفهمًا لتسأله بقلق "يزن ما بك؟"
رد بحزن "لقد أمرني بابا ألا أحمل براء ثانيةً"
هزت رأسها مجيبة بنبرة رزينة "أه.. لقد نبهتني ماما لهذا الأمر أيضًا.. أخبرتني أنه لا يجوز أن ألمسك فأنا لستُ من محارمك وكذلك براء.. وعندما نكبر من الممكن أن نتزوج لذلك أنا توقفت عن التعلق بذراعك وإمساك يدك.. وعلى الأغلب ماما نيرة ستتحدث مع براء أيضًا.. وستظل براء تتحدث وتلعب معك كما أفعل أنا.. هل ابتعدت عنك بعد حديث ماما معي"
ابتسم لها باتساع قائلًا بخفر "كلا من قال أني سأسمح لكِ أن تبتعدي عني.. سأجمعهم لنلعب سويًا"
ردت ببسمة متسعة "سأكون الحكم كالعادة أنتم غشاشون ومحتالون"
نادى يزن عليهم ليلعبوا سويًا مباراة كرة قدم.. صرخت سما وهي تتعلق بيد سيف أنها بفريقه.. ابتسم سيف وهو يشدد على يدها.. سما ظله الذي يدور خلفه أينما ذهب.. وهو متعلق بظله هذا لأبعد حد.. وبالطبع إياد وناردين فريق واحد.. إذًا يتبقى يزن وبراء وعليه سيكون يزن بفريق .. وبراء بفريق آخر صرخت براء بغضب "أنا أريد أن أكون بفريق يزن"
رد إياد بنزق "كيف سيحدث هذا؟ نحن ستة فقط يعني يجب أن يكون كل ثلاثة بفريق.. اختاري فريقي أو فريق سيف"
أزاحته بتسلط تجاه سيف وسما.. وجذبت ناردين لتقف قريبة منها ومن يزن قائلة بدلال "هكذا أنت وسما وسيف فريق.. وأنا وناردين ويزن فريق"
صرخ إياد وناردين برفض وانضمت سما مؤازرة.. ووقف سيف بجوار براء يصرخ معها في مشاجرة معتادة.. نظر ليزن بملل ليقين التي صاحت بصرامة لا تليق بالرقة التي تفيض من ملامحها "سنحدد الفريقين بالقرعة"
أتت بورقة وقطعتها ست قطع.. وكتبت اسم كل منهم بقطعة وخلطتهم جيدًا.. ثم قسمتهم عشوائيًا لفريقين حتى يبدأوا لعبهم.. ومن بعيد وقف عمر يوثق طفولتهم المرحة بكاميرا صغيرة أهداها له خالد.. اقتربت دارين تندس بجواره متعلقة بذراعه قائلة بحب "أنا أحبك يا عمر"
رد بصوت محب وهو يميل مقبلًا رأسها من فوق الحجاب "وأنا أحبك يا داري"
نادى عمر على الأولاد ليأخذوا صورة عائلية.. وقف الأخوة الثلاث متجاورين وبجانبهم عمر وكل منهم يحتضن زوجته وأولاده أمامه.. وفي نفس اللحظة التفت الثلاث لبعضهم ليؤكد كل منهم للآخر أنه بالفعل شعر بقبلة والدته على جبينه.. وربتة أبيه على كتفه وكل منهم سمع دعائهما له وتعبيرهما بفخرهما بهم.. لينظروا لاتجاه الكاميرا ضاحكين بعيون دامعة.. مشتاقة.. فخورة لانتهاء رحلة كان بها من الفرح ما طغى على الألم وحوَّله لضحكة مشرقة.. وثقة بأن القادم أسعد.
..........................
تمت بفضل الله


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-20, 10:34 PM   #98

soso#123

? العضوٌ??? » 456290
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 389
?  نُقآطِيْ » soso#123 is on a distinguished road
افتراضي

ثرياقداح تحفة ذكرتينا بكل ثنائي وانا عم اقرأ عم اتخيل أحداق حياتهم كنت معجبه بهم بتربيتهم بحبهم بعلاقتهم ببعض ومع ابويهم وأعمامهم
سلمت يداك


soso#123 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-20, 10:42 PM   #99

sam2001
 
الصورة الرمزية sam2001

? العضوٌ??? » 165263
?  التسِجيلٌ » Mar 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,479
?  نُقآطِيْ » sam2001 is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

sam2001 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-10-20, 01:11 AM   #100

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة soso#123 مشاهدة المشاركة
ثرياقداح تحفة ذكرتينا بكل ثنائي وانا عم اقرأ عم اتخيل أحداق حياتهم كنت معجبه بهم بتربيتهم بحبهم بعلاقتهم ببعض ومع ابويهم وأعمامهم
سلمت يداك
يا روحي مبسوطة ان الاباء عجبوكي ده نتاج التربية السليمة


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:28 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.