آخر 10 مشاركات
وخُلقتِ مِن ضِلعي الأعوجُا=خذني بقايا جروح ارجوك داويني * مميزة * (الكاتـب : قال الزهر آآآه - )           »          يا أسمراً تاه القلب في هواه (21) سلسلة لا تعشقي أسمراً للمبدعة:Aurora *كاملة&مميزة* (الكاتـب : Aurora - )           »          فلتسمعي أنين إحتضاري *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          600 - مع الذكريات ( عدد جديد ) - ق.ع.د.ن*** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          عذراء الإيطالى(141)للكاتبة:Lynne Graham(الجزء1سلسلة عذراوات عيد الميلاد) كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غيوم البعاد (2)__ سلسلة إشراقة الفؤاد (الكاتـب : سما صافية - )           »          8 - الحب الساحر - سوزان كاري (دار الكتاب العربي) (الكاتـب : Gege86 - )           »          3 - ارحل وحدي - بينى جوردان (الكاتـب : فرح - )           »          طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree12065Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-01-21, 09:53 PM   #751

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي


طرق على باب المعمل الزجاجي ليهتف بمرح : هل أنهيت عملك يا دكتور ناجية ؟!
نطقها بالإنجليزية فرفعت رأسها لتقابله بابتسامه واسعة : نعم يا دكتور حالًا سأوافيك بالخارج .
تمتم وعيناه تلمع بسعادة : سأنتظرك بالسيارة .
خطى للخارج من جديد لتخلع مئزرها بلونه الأزرق الفاتح وتعلقه بنظام بعدما رتبت الطاولة بطريقة تلقائية معتادة لتحمل حقيبتها وتتبعه للخارج فتتباطئ خطواتها وهي تنظر له بتعجب وهو الواقف مستند لسيارة دفع رباعي لم ترها من قبل فتهمس بتعجب : إلى من تنتمي هذه السيارة ؟!
اتسعت ابتسامته وهو يتحرك جانبًا ليفتح لها الباب هاتفًا : سيارتي الجديدة ترحب بك .
ضحكت بمرح : واو ، مبارك يا مازن ، سعدت كثيرًا لأجلك .
ابتسم بوجهها : بارك الله فيكِ ، أعجبتك ؟!
تمتمت وهي تقفز لتركب بها : رائعة وأحببت أنها باللون الأحمر ، فأنا أعشقه .
شاكسها وهو يغلق خلفها باب السيارة : أتيت بها حمراء لأجل ذلك ، ضحكت بخفة ليدور من حول السيارة ويستقل مقعده مثرثرًا - حينما أخبرني عاصم عن نصيبي من الأرباح وكيف أريد الاستفادة منه هذه السنة، أخبرته أني أريد ابتياع سيارة جديدة ومنزل .
استدارت إليه بتعجب فهمهم بخفة : لا ضير أن يمتلك الشخص منزلاً أليس كذلك ؟!
ابتسمت لتجيبه بمراوغة : هل ستستقل بعيدًا عن عائلتك ؟!
هز رأسه نافيًا : لا ، لن أترك بابا ولوما أبدًا إلا حينما أتزوج.
توردت وهمهمت بخفة : مبارك لك .
ضحك وأجابها : أعتقد في المستقبل القريب يا نوجا .
اتسعت ابتسامتها لتبدل الحوار بتعمد وهي تستدير إليه : أشعر بأنك أفضل اليوم هل تخلصت من قلقك على ابن عمك ، أم أن فرحة السيارة هي السبب؟!
تنهد بقوة : لم أطمئن عليه ، ولا أعرف كيف علي أن أفعل يا ناجية ولكني توقفت عن الإلحاح عليه كما أخبرتني ، فأدهم حينما يعاند لا يستطيع أحدهم دفعه لفعل أي شيء لا يروقه، ولكني مشفق عليه فما رأيته ونحن عنده لم يعجبني أبدًا .
اعتلى التفكير ملامحها ليتبع باختناق : أتمنى أن لا تكوني استأت من زوجته .
انتبهت لتجيب سريعًا : لا أبدًا ، لقد تصرفت بغيرة طفولية شديدة يا مازن رغم أني لا أفهم السبب ولكني عذرتها فهي تفتقد الاهتمام .
عبس مازن بعدم فهم : غارت منكِ ؟!!
ضحكت بخفة : بل منك يا زون ، التفت إليها بعدم فهم حقيقي فأكملت - غارت من احتفاء واهتمام أدهم بك .
رمقها بتفكير فأكملت بتوضيح : لذا أخبرك أنها تفتقد الاهتمام ، وحينما أخبرك أنا عن الاهتمام تصدقني دون حديث فأنا أكثر من يعرف .
تمتم مازن بدفاع : ولكن أدهم مراعي ومهتم دومًا يا ناجية ، وهي عروسه الذي طالما أخبرني أنه يريد الزواج منها ، لماذا تفتقد إلى الاهتمام برأيك؟! تنفست بعمق وتلكأت بالحديث فابتسم وأتبع بمرح - لن أغضب هيا اقذفيني مباشرةً في وجهي .
ضحكت بخفة لتجيبه بمرح : لا أقصد ولكن اسمح لي ما رأيته ونحن عنده أن أدهم باشا لا يراعي ولا يهتم ، بل يتعامل بغطرسة رغم أنها ليست جزء أصيل من شخصيته .
صف مازن سيارته ليستدير إليها باهتمام لمع بعينيه فأكملت بثرثرة عفوية : هو مغرور .. ويشعر بمكانته جيدًا ، يتصرف وكأنه ولد سياسيًا ووجه ابن سعادة المستشار ومن قبله ابن الوزير متأصل بداخله ، وكونه ابن كبير عائلتكم رغم أنك أخبرتني أنه ليس الكبير من بعد ابيه فعليًا يؤثر به كثيرًا ، فيشوش على شخصيته الحقيقية ، فلا أعتقد أن أدهم ليس كل هذه الأشياء
لمعت عيناه بانبهار لم يخفيه ليحدثها بغيرة ودودة : يا سلام ، هل جذب انتباهك لتلك الدرجة ، أن تحلليه وتعرفي أصل شخصيته أيضًا .
ضحكت بخفة لترفع رأسها بشموخ : أنا دكتور ناجية أحلل النباتات وآتي بأصولها سيقف ابن عمك أمامي عائقًا .
ضحك بخفة ليهمهم : أبدًا وهل يجرؤ ؟!
تنهدت بقوة : إنه واضح رغم غموضه يا مازن ودقائق قليلة من جلوسكما سويًا تظهر شخصيته الحقيقية وهذا ما أثار غيرة زوجته كما أظن ، فأدهم معك غير هذا الطاووس المنفوش بألوانه الزاهية .
ابتسمت بوجهه لتهمس : فهو يحبك وأنت تقدره ، حتى أكثر من عاصم وأسعد معًا .
ابتسم بخجل فظهرت غمازتيه بقوة ليجيب بصدق : نعم معكِ حق وأنا لا أنكر ، فأدهم مختلفًا تمامًا عنهما سويًا ، أنا أحبهما وأقدرهما فدومًا عاصم يهتم بي ويسأل عني ، يوجهني اذا احتجت وينصحني أيضًا فهو الكبير يفعل هكذا مع الجميع وأنا لست استثناء رغم أني أدرك أنه يهتم بي أكثر قليلًا لظروف نشأتي ، وأسعد زوج شقيقتي ، لعلمك كان دومًا حاضرًا منذ صغري أنا كبرت وأسعد جزء فعلي من أسرتي ، لا أفهم للآن السبب فعلًا ولكن كل ما فهمته على مدار سنواتي أنه كان بجوار جنى منذ الصغر وكان هو داعمها حينما توفت والدتي ولازال يعمل كصمام أمان لشقيقتي الوحيدة، أشعر نحوه كما أشعر نحو عاصم أنهما المظلة الكبيرة التي تحيط بي ولكن أدهم مختلف أدهم أخي .. شقيقي بحق .. صديقي الصدوق .. وظهري الذي أعلم أنه سيظل مفرود بوجوده ، أدهم عضدي يا ناجية أعلم أنه سيكون متواجدًا دومًا ، سيمنع عني السقوط ويحميني من الوقوع .. ويجبرني أن أظل شامخًا إذا ترنحت يومًا ما .
لمعت عيناها بوميض قوي لتهمس بحشرجة : لديك عائلة مميزة يا مازن ، حفظهم الله لك .
ابتسم وهمس مُؤَمِنًا : اللهم آمين يارب ، ليتبع بمكر تعمده - أتعلمين ما هو أفضل شيء في آل الجمّال ؟!
نظرت إليه بتساؤل فأجابها : أنهم يحتضنون كل ما يصبح منتميًا لهم ، ليس من يحملون اسمهم فقط ، بل من ينتمي من الخارج أيضًا ،
توردت ورمقته بعدم فهم مفتعل فيهمهم إليها : أعتقد أن هناك مكانًا شاغرًا فأنا المتبقي الوحيد من العائلة ، فعلي سيتزوج وأدهم متزوج بالفعل ها ما رأيك هل تريدين الانضمام ؟!
أجابت وهي تجاهد ألا تبتسم : من رأيي أن تحرك السيارة وتعيدني للبيت فراجي ينتظر عودتي .
هتف بدهشة مفتعلة : ألم أخبرك ؟!
هزت رأسها نافيه فيتبع بمرح وهو يعيد تشغيل السيارة - لقد هاتفت راجي وأخبرته أني سأدعوكِ على الغذاء لدينا ، ووافق .
عبست بعدم فهم لتهتف بجدية : بالتأكيد راجي لم يفعل .
هز كتفيه بخفة : بل فعل وخاصةً بعدما هاتفت لوما جدتك واستأذنتها أن تنضمين إلينا اليوم ، فحضرة الطبيب و لوما وجدتي حور وعائلة جنى كلها متواجدة ، على شرف حضورك .
احتقن وجهها بالأحمر القاني فشعر بقلبه يخفق بعنف وهي تهمس بدهشة حقيقية : على شرفي أنا ؟!
أومأ برأسه : نعم ، فالطاولة دومًا تكون ناقصة ، والكرسي بجواري يكون فارغًا ، ففكرت لما لا تملئيه بوجودك .
اختلجت أنفاسها لتهمس بخفوت : مازن .
احتضن كفها القريب ليهمس بخفوت : لا تفكري في شيء ، دعينا فقط نسير مع التيار ، ولا تخبريني أنكِ لا تشعرين بقوة التيار يا ناجية .
ابتسمت وتوردها يتضاعف لتهمس : بلى أشعر ولكن .. علينا أن نكون أكثر حذرًا .
فيضغط على كفها بلطف : ونحن معًا سنكون بخير .
ضغطت على كفه بدورها هامسه : لن تفلت يدي أبدًا .
هز رأسه نافيًا : أبدًا لا تقلقي .
فتبتسم وتهمس بوعد صادق : وأنا لن أفعل أيضًا .
***
همس وهو الذي يجلس ملاصقًا لها في تلك الأريكة بغرفة المعيشة التي صحبته إليها بعدما انتهيا من تناول الطعام وغادر والدها ، فدلفا سويًا ليجلسا بأريحية يحتسي قهوته وتطعمه التفاح الأحمر المولع به كما تعرف : أريد أن أرى غرفتك .
نظرت له بتعجب : حقًا ؟! أومأ بعينيه فتدس قطعة التفاح بفمه هامسة - حسنًا لا مشكلة ، تعالى
نهضت واقفه فنهض بدوره ليتبعها بخطوات هادئة فيصعدا الدرج القصير وهي تثرثر إليه بطبيعية : هذه غرفة المعيشة للدور العلوي ، ودورة مياه واسعة ، ثم غرفتي ، لتشير لغرفة النوم الرئيسية البعيدة - وتلك غرفة بابا.
ابتسم وهز رأسه متفهمًا لتفتح باب غرفتها وتشير إليه : تفضل
وقف بباب الغرفة يتطلع إليها واسعة .. منظمة .. أنيقة .. دون صخب ، الأثاث بسيط عصري رغم أناقته ، والألوان ربيعية مبهجة كما تفضل ، ليهمس بما تراءى لذهنه وهو ينظر إلى الفراش الصغير بلونيه الأبيض والوردي : الفراش صغير للغاية .
ضحكت برقه وهي التي ظلت واقفة خلفه : يكفيني ويزيد .
التفت إليها يرمقها من بين رموشه يمشط جسدها بحرية بعدما أصبحت ملكه و زوجته شرعًا وقانونًا من أسفل قدميها بحذاء أنثوي رياضي .. بنطال قطني واسع بألوان زاهية وخصر عريض يحدد تفاصيلها وبلوزه بيضاء عارية الأكمام وبصدر مفتوح يكشف عن نحرها بأكمله ، خصلاتها البنية الغامقة الطويلة مموجة كشلال جامح يلف جسدها الهش وتلامس خصرها في دلال يثير توقه لها، تنفس بعمق وهو يقترب منها ينظر لفتنة ملامحها .. عيناها المغوية وثغرها المغري الذي يتلهف لمذاقه فيمنعه النوم وهو يفكر بها ، فيهمس بصوت أجش : أنتِ صغيرة للغاية .
ابتسمت فلمعت شامتها التي تضيء ثغرها وسألته : كيف صغيرة ؟!
فيقترب أكثر يشرف عليها من علٍ طفيف يحتضن كفيها ويجذبها نحوه فيبعدها عن باب الغرفة الذي اغلقه بدفعه خفيفة من قدمه : جسدك صغير رغم فتنته الواضحة .
رفت بعينيها لتسأله وهي تتحاشى النظر إليه : لا أفهم هذا جيد أم سيء ؟!
تحشرجت أنفاسه وهو يرفع كفيه فيلامس كتفيها براحتيه وهو يقرب وجهه منها أكثر : بل رائع .
همست بعدم ارتياح وهي تحاول أن تبتعد عنه : علي ، ابتعد قليلًا .
تعالت أنفاسه وهو يحتضن وجهها بكفه الأيمن وذراعه الأيسر يطوق خصرها فيلصقها بجسده ويدفعها بلطف ليلصقها بالحائط القريب فيأسرها بسلاسة : لا أريد الابتعاد ، بل أنا أتوق للاقتراب .. للانصهار .. للامتزاج بكِ ومعكِ .
أبعدت وجهها حتى تتفادى قبلته التي حطت بجوار ثغرها وهي تهمس : علي أرجوك توقف .
فينثر قبلاته على جانب وجهها نزولًا لعنقها ليدفن أنفه في تجويف ترقوتها وهو يشمه بقبلاته المتتالية : لا أستطيع يا مي ، ولا أريد أن أتوقف ، ولماذا أفعل وأنتِ أصبحتِ زوجتي ؟!
لهثت وهي تشعر بتأثيره القوي عليها .. قلبها يضعف وهو يقبلها هكذا .. يناجيها برجاء خاص به .. ويخبرها بمعاناته في وجودها .. فتنتشي أنوثتها وتتفتح أكثر على يديه لينتبه عقلها لكلمته التي طرقت حدسها بقوة فدفعته بجدية في كتفيه وخاصةً حينما شعرت بكفيه تتجرءان عليها : لا لست زوجتك .. لست زوجتك .
عبس بعدم فهم وهو يستجيب لدفعتها التي أصبحت أكثر قوة : بل زوجتي عُقِد قراننا البارحة .
فهدرت بحزم وعيناها تشتعل بغضب : لا ، عارف أخبرني أني لست زوجتك، وأن الزواج يتوقف على الزفاف الفخم الذي تريده وإلا لكنت صحبتني لبيتك بعد عقد القران مباشرةً .
تطلع إليها بذهول ليغمغم سريعًا : بالطبع دكتور عارف محق ولكن أنا الآخر لدي حق ، أن أقبلك .. احتضنك .. ألامسك.
هدرت بجدية : لا ، رمقها بدهشة من غضبها فأكملت بتمهل - رغم أن كل ما تقوله صحيح ولا تُحاسب عليه فشرعًا أنا حلالك ، ولكن أنا لا أريدك أن تفعل .
زم شفتيه وعبس بضيق صريح : لماذا يا مي ؟!
بللت شفتيها لتهمس بجدية : لأني أريد أن ننتظر للزفاف يا علي ، ما تفعله معي الآن يشعرني بأني سهلة المنال كما يفكر الآخرون بي
اتسعت عيناه بصدمة ليجيبها وهو يبتعد عنها : بالطبع لا لم أقصد ذلك أبدًا ولم أعنيه ، أعتذر إن كان ما فعلته أشعركِ بذلك ، أنا فقط كنت أخبركِ عن شوقي ولهفتي وتوقي لكِ .
ابتسمت بوجهه وهي تتحرك لتفتح الباب في اشارة صريحة لأن يغادر : سأكون أكثر من سعيدة حينما تخبرني عنهم عمليًا ليلة زفافنا يا علي .
ابتسم بتفهم وهو يخطو للخارج بالفعل : بالطبع سأكون مسرورًا حينها .
غادر لتتبعه وتغلق باب غرفتها من جديد لتهمس بلطف : لا تغضب يا علي.
ضحك بخفة ليتوقف بمنتصف الدرج ويستدير ينظر إليها يرفع رأسه إليها وهي التي فاقته طولاً بسبب الدرج : أبدًا بالعكس أنا سعيد ،عبست بعدم فهم فأكمل بانشراح - لأن الزفاف قريب .
ضحكت ليجذبها من كفها فتنحني قليلاً عليه ليقبل وجنتها بقبلة سريعة هامسًا : قريبًا ستكونين حلالي كما أريد وأرتضي.
همست بصوتها الأبح : حينها سأكون كلي ملك لك يا علي .
***
رنين هاتفه أيقظه من النوم الذي خلد إليه صباحًا بعد مناوبته البارحة لينظر إلى ساعته وهو اليوم أجازته الأسبوعية الوحيدة فيرف بعينيه كثيرًا قبل أن ينهض متثاقلًا شاعرًا بأنه حصل على كفايته من النوم فيرمق الهاتف ليعتدل بجلسته ويجيب الاتصال المرئي الذي أتاه بوجهها الباكي وصوتها الأبح المختنق : مساء الخير يا عادل ، المعذرة أيقظتك لم أكن أدري أنك لازلت نائمًا .
تمتم وهو يحاول أن يفتح عيناه جيدًا : لا عليكِ جيد أنك ايقظتني لأصلي ما فاتني ، رف بعينيه كثيرًا ليسألها باهتمام وعقله يستيقظ تدريجيًا – أنتِ تبكين ؟!
تساقطت دموعها من جديد وهمست : أنا بخير .
اتسعت عيناه بصدمه وعقلها يستيقظ ليسألها وهو ينتفض واقفًا : ما الأمر ؟! لماذا تبكين ؟! ماذا حدث ؟! هدر صائحًا بالإنجليزية وهو يدور من حول نفسه يبحث عن خفه المنزلي- بحق الله انطقي .
نهنهت في البكاء لتهمس بخنقة : لقد مات .
اتسعت عيناه بهلع وصوته يرتعش بصدمة وعاود الجلوس على حافة الفراش : من هو ؟! من ذاك الذي مات ؟!
تمتمت باسم لم يتبينه جيدًا ولكنه اسم لا يعرفه فيسأل بعدم فهم : لم أسمعك جيدًا أم أنكِ تتحدثين عن شخص لا أعرفه ؟!
مسحت وجهها بكفيها : بل تعرفه أخبرتك عنه من قبل ، إنه بطل المسلسل الذي أحبه .
اعتلت الصدمة ملامحه ليشعر بارتخاء في أعصابه فيتراجع جسده للخلف ويستلقي على الفراش وهو مغمض العينين يتنفس بعمق ويتحكم في غضبه بقوة وانفعاله ليهدر بجدية وصوت خشن : البقاء لله .
ران الصمت عليهما ثقيلًا سوى من صوت أنفاسه المتعالية بغضب شعرته جيدًا لتهمس ببؤس : أنت غاضب مني ؟!
تمتم بصوت خفيض : لا ، سأغلق الاتصال حتى أصلي وأعاود النوم ، تصبحين على خير .
برمت شفتيها في حركة طفولية تدرك أنها تؤثر به لتعبس بضيق وهي تنظر لعينيه المغمضتين فتهمس بصوت أبح مدلل : عادل .
لم يجب لتكرر بدلال عفوي : عادل أنا أتحدث معك .
أجاب دون أن يفتح عيناه : أنا أسمعك .
اكفهر وجهها لتشعر بالضيق يمتلكها فتجهش في بكاء حاد أجبره على أن يفتح عيناه ويعتدل من جديد بجلسته زاعقًا : توقفي عن البكاء يا ملك
نهنهت في بكاءها لتجيبه من بين شهقاتها : لا أستطيع ، أنا ضائقة بالفعل وهاك أنا أغضبتك فتضاعفت ضيقتي .
أغمض عيناه ليزفر بقوة : لست غاضبًا .
برمت شفتيها بطفولية : بل غاضب ، انظر لوجهك وأنت تدرك مدى غضبك
تمتم بضيق وهو يستلقى بشكل طبيعي في فراشه : لست غاضبًا فقط أرعبتني بسبب بكاءك وبطريقة حديثك ، صمت قليلًا ليتبع بضيق - ظننت أنه أحدًا مقربًا منكِ أو مني .
تطلعت إليه من بين دموعها لتسأله : هل تخاف من الموت يا عادل ؟!
تنهد بقوة : إطلاقًا ، إنه قدر ، ليتبع بعد قليل بغصة استحكمت حلقه - ولكن أخاف أن أفقد أحدهم ، الفقدان صعب يا ملك .
ابتسمت من بين دموعها لتهمس بصدق : أعتذر أني أفزعتك .
زفر بقوة ليغمغم بجدية : أخبريني عن ذاك البطل الذي بكيت لأجله ، ليعبس بضيق ويهدر فجأة - انتظري ثواني ، كيف تبكين رجلًا آخر يا هانم .
ضحكت رغمًا عنها لتشاكسه متعمدة : أوه هل هذه غيرة يا عادل بك ؟!
أجاب ببساطة : بالطبع ، أليس من حقي أن أغار من هذا البطل الذي تأثرتِ به لدرجة أنكِ بكيتِ فقدانه .
لوت عنقها لتهمس ببوح : ليس هو السبب في بكائي.
تطلع إلى وجهها الذي تغضن بحزن ليسأل باهتمام : إذًا ما السبب ؟!
تنهدت بقوة لتهمس بتساؤل : هل يمكنني أن أبوح لك بشيء دون أن تسألني عنه فيما بعد ؟!
ابتسم بمكر وأسبل جفنيه ليجيبها : بالطبع .
تنفست بعمق لتهمس بهدوء : اشتقت لفطور الصباح .. لثرثرتنا سويًا .. لضحكتك التي تقابلني بها وحتى اشتقت لمشاغباتك الماكرة التي تثير غضبي .. رفعت عيناها فهاله زرقة عيناها الصافية - اشتقت لوجودك يا عادل .
تطلع بعينيها ليسألها بجدية واهتمام : ماذا حدث اليوم يا ملك ؟!رفت بعينيها فأكمل بتروي - ماذا حدث فاشتقت لوجودي من حولكِ .. وأردت أن أكون بجواركِ لأعتني بكِ .. ماذا حدث فأردت أن تبكي داخل صدري ، أليس هذا ما شعرت به لذا هاتفتني ؟!
زمت شفتيها وعيناها تغمر بدموعها من جديد : تشاجرت في العمل اليوم ، وعندما عدت للبيت تشاجرت مع ماما بسبب موعد مصمم الفستان وبسبب تصميم الفستان نفسه.
عبس وعيناه تومض باهتمام ليسأل بطريقة عرضية : لماذا ما به تصميم الفستان ؟!
تطلعت إلى عينيه لتجيبه : لا شيء ، لم أستقر للآن على تصميم يعجبني لدرجة أن أتمسك به ،
ازداد عبوسه ليتحدث بجدية : إذًا للآن لم يبدأ المصمم في خياطته من الأصل ؟!
لوت شفتيها : نعم ، لقد ذهبت لثلاث مصممين ولم أجد شيئًا يروقني وبالطبع ماما تنتقي أشياء لا تعجبني وحينما أصرح إليها بعدم موافقتي تغضب وتتشاجر معي ، واليوم كانت ضائقة من الأساس بسبب زيارة علي لمي فأفضت بضيقها في .
لوى شفتيه : هل والدتك لازلت غاضبة من زيجة علي ؟!
أغمضت ملك عيناها لتثرثر باختناق : لم تراها البارحة يا عادل ، كانت غاضبة .. ضائقة .. وغير راضية بشكل واضح وهو يعقد القرآن ولم تبارك لهما حينما انتهيا بل تحججت بمغادرة خالو أحمد لأجل شيء هام خاص بالمشفى وغادرت معه .
زفر عادل بقوة ليحدثها بهدوء : أخوكِ مخطئ يا ملك ، كان لابد من حصوله على موافقتها بدلاً من ذاك العناد غير المفيد .
لوت شفتيها لتجيب : لم تكن لترضى أبدًا .
أغمض عيناه وهمس : إذًا حتى وإن لم ترضى لم يكن حقه الزواج من فتاة ليست راضية عنها والدتك ، رضا الأم هام جدًا يا ملك ودعائها مستجاب ، من هذا الأحمق الذي يغضب أمه فيغلق باب دعائها بوجهه .
ابتسمت برقة : إذًا خالتي ليلى راضية عني .
تمتم بشقاوة : تمام الرضا لا تقلقي ، وعني أيضًا ، لذا منحني الله رزقًا وفيرًا بعملي وبكِ ، توردت فأكمل بجدية – لذا عليكِ أن لا تغضبي والدتك يا ملك ، هادنيها بدلاً من معاندتها .
تمتمت : سأحاول ولكن أذواقنا مختلفة يا عادل كيف سأرتدي فستان زفاف لا يعجبني .
رفع حاجبه مفكرًا ليغمغم بجدية : بالطبع حقك أن تنتقي ما يروقك ولكن دون أن يعارضها فبالتأكيد هي تعترض لانتقائك لتصميم عاري غير مناسب للزفاف ،
أجابته سريعًا بحدة : ليس عاريًا ولكنه ليس مغلقًا أيضًا
زم شفتيه قليلاً ليهمس : حسنًا فقط سأخبرك بأمر ما ، أنا لن أفضل أن يكون الفستان عاريًا يا ملك ، تدركين أني لن أحبه هكذا .
ابتسمت لتسأل بمشاغبة ماكرة تملكتها : حقًا ، لن تحب رؤيتي بفستان عاريًا .
ابتسم مرغمًا ليغمغم بمكر : إجابتي عليكِ الآن ستكون غير لائقة ، ضحكت بشقاوة فأكمل بلطف - أنتِ لا يرضيك أن كل رجل بالزفاف يتطلع لما سيصبح حقي وملكي .
قلبت عيناها بتفكير لتجيبه متضررة : لا تقلق لن انتقيه مكشوفًا لهذه الدرجة.
صمت قليلاً ليسألها بجدية : حسنًا أخبريني ما الأمر الذي ضايقكِ في العمل فتشاجرت .
تنفست بعمق لتبوح بضيق : لا شيء أنا ومدير التصوير لسنا على وفاق ، وهو كان ينتهز فرصة غياب سليم بعض الأحيان ليضايقني ولكني اليوم اكتفيت لقد حاولت احتواء الموقف أكثر من مرة دون أن أقحم سليم ولكن اليوم تشاجرت معه وأخبرت سليم بكل ما كان يحدث وأنا أعتذر عن بقية العمل
مط شفتيه مفكرًا ليغمغم : لست معك بأمر اعتذاركِ عن العمل يا ملك لا تواجهين مشاكلكِ بالاستغناء ، لابد أن تواصلي العمل وتنهيه ، لا تنسي أبدًا أن يومًا ما ستكونين أنتِ المخرجة ، المخرج كجراح ماهر يقود فريقه الطبي بتناغم ، عليكِ أنتِ الأخرى أن تقودين من يعمل تحت إمرتك بتناغم وحزم ، لا تدعي أحدهم يرهبك أو يجبرك على الرحيل
ابتسمت وهمهمت : سليم رفض مغادرتي وأخبرني أنه سيتصرف ، ولكن كل هذا لم يمحي ضيقتي ، تخيل لقد قدت السيارة للمشفى لأتذكر حينما وصلت أنك ليس هناك فعدت للبيت وأنا أمنع نفسي عن البكاء وبعدما تشاجرت مع ماما لم أشأ أن أهاتفك لعلمي بكونك نائمًا فالتهيت بمشاهدتي للمسلسل .
ضحك بخفة ليهمس ولكن بعد موت البطل قررت أن تهاتفيني.
نظرت إليه لتهمس وهي تستلقي على جانبها : أردت أن أبكي داخل صدرك كما شَعرتُ أنت .
تثاقلت أنفاسه ليغمغم بصوت أجش : ماذا علي أن أفعل الآن لأخفف عنكِ ضيقك وأنا بعيد عنكِ ؟! ماذا علي أن أفعل لأجيبك بما أريد وأنتِ لستِ حلالي ؟!
ابتسمت وتوردت وأخفضت عيناها لتهمهم بصوت أبح خافت : بسيطة اشدو لي بصوتك لتسري عني قليلًا .
عبس وهو يعتدل بجلسته مرددًا : أغني لكِ ؟! كيف ؟! أنا لا أستطيع الغناء.
لوت شفتيها وهمست بعتاب : لا تراوغ يا عادل ، أدرك أن صوتك جيد، بل أكثر من جيد إنه ممتاز ، طبقته رخيمة وأنت تستطيع الأداء جيدًا ، استمعت إليك حينما رقصنا معًا بحفل سبوع ابن أخيك ، رفعت حاجبها وهمست من بين أسنانها - أم لعلك نسيت ؟!
ضحك بخفة ليجيبها : وهل هذا أمر يُنسى ؟!
تنهد بقوة فأكملت بدلال وهي تنبطح على بطنها وتضع الجهاز اللوحي أمامها فينظر لصفحة وجهها الرائقة القريبة وعيناها تومض بأزرق منير : حسنًا هيا غني لي .
كح بخفة ليمط شفتيه مفكرًا : اممم انتظري لأفكر ما الذي يليق بكِ ؟! ابتسمت برقة فتنفس بعمق مقرًا بيقين - اممم بالطبع سأغني للهضبة .
أومأت برأسها هامسة : بالتأكيد
اعتدل جالسًا وهو يشد جسده ليسحب نفسًا عميقًا ويزفره قبل أن يشدو بصوت شجي
وبينا معاد .. لو احنا بعاد
اكيد راجع .. ولو بيني وبينه بلاد
قصاد عيني .. في كل مكان
ومن تاني اكيد راجعين .. انا دايب وكلي حنين
ولا عمري ابيع ولو مين
قصاد عيني
ومش قادر على الايام .. ولا يوصف هوايا كلام
وطول ليلي ولما بنام
قصاد عيني
توردت لتهمس بدلال متفاجئة : تقصدني أنا ؟!
فيجعد أنفه وهو يستلقى على ظهره : بالطبع ، فأنا لا أغني إلا للمقربين
زمت شفتيها لتسأله بتفكير : إذًا كنت تشدو لي بسبوع ابن شقيقك ؟!
ومضت عيناه بمكر ليسبل جفنيه سائلًا بمراوغة : ما رأيك أنتِ ؟!
سحبت نفسًا عميقًا لتجيبه بخفوت : رأيي أن تعود لنعقد القران ونتزوج يا دكتور عادل .
قهقه ضاحكًا ليجيبها : سأفعل فأنا أتوق لذلك ، سآتي قبيل زفاف علي حتى لا أتركك وحدكِ ، وخاصةً أن هذا الشهر الأخير لي ، وبعدها نبدأ في الاستعداد للزفاف يا أرنبتي الجميلة .
***
ينظر للموعد القادم على مفكرته الالكترونيه فيرمقه بتفكير اعتلى ملامحه وهو يراسل الموظف المسئول عن دخول مرضاه " امنحني بضع دقائق قبل الموعد القادم "
نهض من فوق كرسيه نحو الكرسي الهزاز الوثير فيستلقى فوقه ينظر لسقف الغرفة والمضيء بأشكال لامعة تمنح سكينه بألوانها الرائقة وهو يستعيد الجلسات الأخيرة معه .. الجلسات الذي أصبح يواظب عليها بشكل أثار تفكير عمار وريبته ، وخاصةً وهو ينفتح معه بشكل كبير فيثرثر إليه بشكل يكاد أن يكون عفويًا عن حياته الماضية .. عن أبويه .. جده .. عمه و زوجته .. وهي قبيل أن تصبح زوجته !!
فلا يُجب أبدًا عما حدث بينهما جعلها تنفر منه أو تطلب الانفصال بل يراوغ ويدور ويهادن دون إجابة واضحة وصريحة ،فلا يمنحه سببًا صريحًا حتى حينما سأله لماذا تركها وابتعد من قبل وغاب عن أسرته تلك السنوات ولماذا عاد الآن ، صمت ولم يمنحه اجابه شافيه ، يشعر بالتوتر والاضطراب والتفكير في كونه صادقًا بكم هذه المعلومات التي يمررها إليه عن طيب خاطر ، ويجعله منشغلًا كثيرًا بعدما يغادر وهو يشعر بأن هناك أمرًا غير طبيعي في ذاك الزيد .
زفر بقوة وهو ينهض جالسًا وعيناه تلمع بتفكير عميق انتشله منه رنين التنبيه فيقف بجدية يعدل ملابسه ويخطو نحو مكتبه من جديد يجلس بثبات ليلامس زر ما هامسًا : أدخل المريض من فضلك.
انتبه على دخول زيد المبتسم بمرح رائق الملامح بشكل مريب ويهتف بصوت ودود : اشتقت إليك يا دكتور .
ابتسم عمار بلباقة وهو يكتم تعجبه بداخله : حقًا ؟! هذا شيء جيد ، فغالب مرضاي لا يشتاقون لي .
ضحك زيد بأريحية : أنا لست مريض يا دكتور عمار وأنت تدرك هذا جيدًا ، ومضت عينا عمار بانتباه فيكمل زيد بعفوية - فنحن أصبحنا أصدقاء ، أليس كذلك ؟!
ابتسم عمار ليجيب بجدية : بالطبع لا ، تصلبت ملامح زيد فيكمل عمار - إذ أصحبنا أصدقاء لن أقوى على مساعدتك ، بل وعلي إكرامًا لضميري المهني أن أحولك لطبيب آخر حتى تحصل على علاجك كاملًا .
هتف زيد على الفور : لا لا أنا مرتاح معك ولذا أثرثر لك بكل شيء ، ضيق عمار عيناه قليلًا ليومئ برأسه مُتفهمًا ليتبع زيد بجدية - بمناسبة الثرثرة يا دكتور ، هل تستطيع تفسير الأحلام ؟!
رفع عمار حاجبيه بدهشة ليجيب بتمهل : على حسب نوع الأحلام .
ابتسم زيد لينهض واقفًا يدور من حول نفسه يخلع سترته عن كتفيه فيظهر جسده الضخم نسبيًا .. جذعه العضلي القوي الذي يحدده القميص الضيق من حوله ، ليمط عمار شفتيه ويرتاح بجلسته للخلف وزيد يتحدث أخيرًا وهو ينظر للمكتبه الموضوعة بركن الغرفة تحتوي بعضًا من الكتب : تراودني رؤيا غريبة قليلًا .
ردد عمار بتعجب : رؤيا ؟!
أومأ زيد برأسه وهو يتفحص الكتب باهتمام : نعم ، تأتي لي بشكل يومي تقريبًا ، تطلع إليه عمار بتفكير فأتبع وهو يسحب أحد الكتب من المكتبة - أرى بها بيتي يحترق و زوجتي وابني مقتولان .
جف حلق عمار وهو يشعر بالرهبة تتملكه فيؤثر صمت شعر أنه يحتاجه ليسأله زيد وهو يقلب بالكتاب بين يديه : هل لديك تفسير يا دكتور ؟!
كح عمار بخفه ليجيب بهدوء : أخبرني بم أنها راودتك كثيرًا ، هل رأيتها لأول مرة بشكل ضبابي ، أم كانت واضحة من المرة الأولى ؟!
زم زيد شفتيه مفكرًا ليجيب : أعتقد أن بكل مرة تتضح أكثر عن المرة التي قبلها .
رف عمار بعينيه ليسأل بجدية : إذًا هل اخبرتني عن تطورها ، ما الذي رأيته للمرة الاولى وكيف اتضحت تدريجيًا بعقلك ؟!
حمل زيد الكتاب ليخطو نحو الأريكة في صمت ليجلس باعتدال : بأول الأمر رأيت البيت يحترق ثم رأيت زوجتي مقتولة .. لأجد أن إسماعيل أيضًا مات، ثم أحد المرات اكتشفت أني من أحرق البيت ..
كتم عمار أنفاسه ليتبع زيد ببساطة - وآخر مرة وجدتني من أحمل السكين الذي ذبحتهما به .
تحكم عمار برهبته ليضغط جسر أنفه ويحدثه بمهادنة : ثواني لكي أفهم يا زيد بك ، على مر الليالي التي رأيت فيها رؤياك اكتشفت أنك تحلم بأنك تقتل زوجتك ؟!
رفع زيد رأسه ببطء شديد من فوق الكتاب الذي يقلب بصفحاته ليرمقه ببرود : و ولدي وأحرق البيت عن بكرة أبيه
ردد عمار بجدية : في الحلم ؟! أومأ زيد برأسه إيجابًا فيتبع عمار سائلًا - منذ متى وتراودك هذه الأحلام ؟!
مط زيد شفتيه : لا أعلم بالضبط متى بدأت ،
رمقه عمار مليًا فيقابله زيد بنظراته الباردة ليسأله عمار : ما شعورك بالحلم ؟!
عبس زيد بعدم فهم فأكمل عمار : شعورك وأنت داخل الحلم ، هل تكون غاضب .. حزين .. سعيد.. نادم ، ما هو شعورك في الحلم؟!
رف جفن زيد قبل أن يبتسم بزهو : أكون منتشيًا
سأل عمار سريعًا وهو يتحكم في صدمته : وبعد الحلم ؟!
أجابه زيد بجبروت : أنهض من نومي بنفس الشعور
كتم عمار أنفاسه وهو يتحكم في ملامحه ليسأله بتروي : لا تشعر بالندم .. الحزن .. الغضب لفقدانك لوحيدك على الأقل .
آثر زيد الصمت فأكمل عمار : اسمح لي إذ كنت فرحًا أو منتشيًا لأجل قتلك لزوجتك التي تكرهها
قاطعه زيد : أنا لا أكرهها ، أنا أحبها ، وأحب ولدي ولكن هما لا يحباني
ارتفعا حاجبي عمار بتعجب ليسأله : ألم تنهي الخلاف بينك وبين زوجتك يا سيد زيد ، لقد أخبرتني أنكما عدتما سويًا .
زم زيد شفتيه وملامحه تتصلب ليهمس بعد قليل : لم تنجح مساعي معها ، فهي توقفت عن حبي ، وخاصةً حينما يكون هناك آخر في الصورة .
ردد عمار بتساؤل مذهول : آخر ؟! هل تشك بزوجتك يا سيد زيد ؟!!
رفع زيد عيناه بقتامة أعتمت حدقتيه : بل متأكد .
آثر عمار الصمت قليلًا قبل أن يحدثه بهدوء : حتى إن كانت السيدة زوجتك لا تريد الاستمرار معك ، ولدك ما موقفه من الأمر ؟!
مط زيد شفتيه ليجيب بعدم اهتمام : هو الآخر مثلها ، لا يريد أن يبقى معي، يحب أمه ويفضلها على العالم بأكمله .
غمغم عمار : هذا طبيعي الأطفال يميلون دومًا لأمهاتهم ولكن أبدًا لا يكرهون آبائهم يا سيد زيد .
تمتم زيد بحدة وهو يفقد السيطرة على أعصابه كما يبدو : إنها من أفقدتني إياه وكما فعلت معي سأفعل معها
سأل عمار بجدية : ماذا ستفعل ؟!
آثر زيد الصمت فسحب عمار نفس عميق ليسأله محاولًا الإبحار أعمق معه : هل تعود للنوم بعد هذا الكابوس ؟!
رمقه بعبوس ليصحح بصرامة : الحلم ؟!
انفرجت ملامح عمار بذهول ليغمغم بجدية : لا يهم مسماه بعد رؤياك هل تعاود النوم ؟!
أجاب ببساطة : بل استيقظ بنشاط وأمارس حياتي الطبيعية
ران الصمت عليهما قليلًا ليسأله عمار بجدية : سيد زيد أخبرتني من قبل أنك متزوج من أخرى غير السيدة أم ولدك ، أليس كذلك ؟! أومأ بالإيجاب ليكح عمار بخفة ويسأله - هل الحياة بينكما طبيعية؟!
__ طبيعية كيف ؟! تمتم زيد بعدم فهم .
أشار إليه عمار : حياتكما سويًا ، الحياة عامة هل تخططان للإنجاب .. تنتظران مولودًا .. حياتكما كأي زوج وزوجة ؟!
عبس زيد ليسأله ببرود : تقصد حياتنا الجنسية ، إنها رائعة ، ولكن لا نخطط للإنجاب أنا أحب أن استأثر بزوجاتي لنفسي قليلًا .
ردد عمار : زوجاتك ، أهم أكثر من امرأة ؟!
هز زيد رأسه : لدي أكثر من امرأة في حياتي ولكن زوجة واحدة والسيدة أم ابني ؟!
رمقه عمار قليلًا قبل أن يسأله : هل السيدة ام ابنك تعرف بزواجك هذا؟!
أشار زيد برأسه نافيًا في لا مبالاة : لا لم أخبرها ،
-لماذا ؟!
أجاب زيد : إنها لا تهتم .
سأله عمار بفطنه : لماذا هي الوحيدة التي أنجبت منها؟!
رد بآلية : هي حبيبتي ، لم أقابل مثلها أبدًا ، أنت لا تفهم مقدارها عندي ولا غلاتها بقلبي ، هي مليكة قلبي وحب حياتي .
رمقه عمار مليًا : وحب حياتك تحلم بأنك تقتلها وتحرق البيت الذي تسكنه
تطلع إليه زيد مليًا ليسأله : هل الحلم يعبر عن مشاعري أم عن عقلي الباطن ورغباتي ؟!
اعتدل عمار بجلسته ليجيبه بجدية : العقل يا سيد زيد متاهة كبيرة مليئة بالمنحنيات و الدهاليز ، تحوي الكثير من الأشياء ، تلافيف عقلك غير ممهدة .. متشابكة .. ومربكة ، بعض الأحيان لا يفهم المرء نفسه ، ولا يفهم ما الذي يريده ، البعض يقول أن القلب من يتحكم بالمشاعر ولكن بالأصل العقل يتحكم بكل شيء ، حينما نحب عقلنا من يمنحنا الاشارة .. وحينما نكره هو أيضًا من يفعل ، وحينما تتشابك مشاعرنا وتربكنا باختلافاتها الجلية ينفس العقل عنها بأضغاث أحلام أو رؤى أو حتى كوابيس ، أنت فقط ضائق قليلًا لذا حلمك هذا لا أساس له ، فأنت تحب زوجتك وتحب ولدك كما تؤكد لي دومًا
تطلع إليه زيد مليًا ليسأله بجدية : إذًا ليس علي القلق من هذه الرؤيا ؟!
أشار عمار رأسه نافيًا : إطلاقًا ، هي ليست رؤيا ولا حلم ولا أي شيء ، إنه فقط عقلك يرتاح قليلًا من كثرة التفكير ، ضيق زيد عيناه فأكمل عمار وهو يبتسم بود - من رأيي أنت تحتاج لبعض من الراحة ودع زوجتك التي تستأثر بها لنفسك تعتني بك قليلاً ، أو بملكية قلبك أن تفعل سيكون التحسن رائعًا حينها .
ابتسم زيد وهو يطبق فكيه بشكل وضح لعمار الذي ابتسم بود في وجهه ليهمس بجدية حينما تعالى رنين التنبيه : الجلسة انتهت مع كامل الأسف يا زيد بك .
تمتم زيد وهو ينهض واقفًا : خسارة الوقت معك ممتعًا يا عمار بك .
ضاقت عينا عمار بشكل عفوي لينهض بدوره : سأنتظرك الجلسة القادمة لتخبرني عن تحسنك بإذن الله .
أومأ زيد وهو يحمل سترته بعدما وضع الكتاب جانبًا : أكيد ، سلام .
غادر الغرفة وأغلق الباب خلفه ليجلس عمار على كرسيه بعينين متسعتين و رهبه جلية طلت منهما وهو يتأكد من حدسه الذي وخزه مرارًا من قبل أن هذا الزيد ليس مريضًا كما يدعي !!
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 09:56 PM   #752

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

يجلس على رأس الطاولة كما المعتاد ، كل شيء حوله كما تركه ولكنه من تبدل .. تغير ، ليس ظاهريًا ولكن بداخله شعور عارم بالنقمة .. الكره .. النفور ولكنه يخفيهم بداخله جيدًا ، لقد راسلها بمنتصف النهار وأخبرها أنه سيعود اليوم مساءً ليصل منذ قليل فيجدها بانتظاره بكامل أناقتها .. زينتها المراوغة .. وشيء ما ترتديه لا يهتم حقًا ما ماهيته ، وطاولة عشاء أُعدت على شرف عودته كما همست إليه وهي تستقبله باحتضان مشتاق وقبلة طبعتها على شفتيه فاستجاب بلطف وهو يبث الصبر لأوردته ويهدأ قلبه المحترق بخديعتها ، لتصحبه إلى العشاء وتجلس بجواره قريبه منه للغاية ، تأكل ببطء بعدما وضعت الطعام بطبقه أمام كرسيه الخاص به على رأس مائدة الطعام العامرة بكل ما يحبه ، لتهمس ببسمة هادئة : لم نجتمع على المائدة منذ مدة يا سليم.
رمق الطعام بدون شهية ليرفع عيناه إليها مجيبًا بهدوء : نعم معكِ حق
أشارت إليه : سعيدة بوجودك الليلة فمنذ فترة وأنت متغيب عن البيت
تنفس بعمق و أجابها: تعلمين أمور العمل حينما تتعقد .
ربتت على كفه القريب فتحكم بنفوره منها وهي تهمس : بالطبع أعلم يا حبيبي .
كح بخفة ليسحب يده من تحت كفها بلطف ليلتقط أدوات المائدة وكأنه سيأكل بالفعل قبيل أن يسألها : أخبرتني أنك تريدين الحديث بأمر هام ، هل حدث شيء؟!
توقفت عن مضغ الطعام لتضع أدوات المائدة من بين كفيها بهدوء وبحركة أنيقة كما اعتاد منها لتهمس بصوت محشرج بعدما عانت من صعوبة في البلع : نعم ، كنت أريد الحديث معك .
أشار اليها بعينيه يحثها على الحديث وهو يحاول أن يجبر نفسه على ابتلاع الطعام فهمست وعيناها تدمع : أريد أن أحقق إليك حلمك يا سليم ، وحلم أبيك أيضًا ، رفعت عيناها الدامعة لتهمس بافتعال لمسه جيدًا وهو الذي يقوى على التفرقة بين الأداء الطبيعي والمفتعل – أنا لست أنانية يا سليم ، وأنت ليس ذنبك ما حدث معي ، لذا ..
صمتت وهي تزدرد لعابها ببطء ويتغضن جبينها بألم : أريدك أن تقتنع بحديث عمو بلال ، تزوج من أخرى وأجلب لهم الكثير من الأحفاد ، أنت وهم يستحقونهم .
رمقها مليًا و وجهه لا يشي بأي انفعال ليهمس بتعجب : هكذا ببساطة ، ستتخلين عني وتتركينني لأخرى غيرك .
تمتمت باختناق : بل سأرتضي المشاركة مع أخرى لأجلك .
ترك أدوات المائدة بحدة ليهدر بتساؤل حاد : ومن أخبرك أني سأرتضي المشاركة ؟! تطلعت إليه بذهول ليتبع بهدوء – من أخبرك أني سأرتضي ان أكون زوج لاثنتين سويًا .. أو أن لدى القوة لأتزوج من امرأتين معًا ، أو أن أكون مشتتًا بين زوجتين لكل منهما متطلبات غير الأخرى ، من أخبرك أني سأرضى يا انجي؟!
تمتمت ببساطة : سترتضي لأجل أن تأتي بالأطفال الذين يريدهم والدك.
التقط فوطة المائدة ليرميها بعنف على المائدة : أبي يستطيع الزواج والاتيان بالمزيد من الأطفال إذا أراد .
اشرق وجهها بفرحة لم تستطع التحكم بها لتهمس ببطء : ولكن أنا أعلم أن عمي تحدث معك في أمر الزواج ..
قاطعها بصرامة : وأنا رفضت .
تهلل وجهها بأمل ومض بمقلتيها لتهمس بعدم تصديق : حقًا يا سليم؟! تطلع إليها بغضب فأكملت بعدم فهم – إذًا لماذا ابتعدت الفترة الماضية؟!
ابتسم بلطف ليربت على خدها برقة : هذا الأمر الذي أردت الحديث معكِ به ، مشروع جديد سيكون عالميًا إذا تحقق كما أحلم .
انتبهت إليه وعيناها تتقد بحماس : ما هو ؟!
تمتم بجدية : أريد ان أقيم مدينة سينمائية متكاملة حديثة ، تكون خاصة بنا .. بالمؤسسة الإعلامية ، تكملها فنقوى على التسجيل والتصوير بداخلها وأيضًا نستطيع أن نقوم بتأجير الاستديو هات للآخرين.
تمتمت بجدية : ولكن هناك مدينة سينمائية موجودة بالفعل يا سليم .
أومأ برأسه : ولكنها تهالكت وتحتاج إلى تجديد ، ثم ألم تعلمي أن اسهمها مطروحة للبيع ؟! هزت رأسها نافية ليتابع – لذا فكرت أن أبتاع معظم الأسهم ليكون لي السيطرة الكاملة عليها وأقوم بتجديدها أيضًا.
ابتسمت لتهتف بانبهار : أنها فكرة رائعة يا سليم .
هز رأسه بالموافقة ليغمغم بصوت ذو نبرة محبطة : نعم ولكني أفتقر إلى التمويل ، فمشروع كهذا يحتاج لاستثمار ضخم.
أجابته سريعًا : أكيد يوجد حل .
أومأ برأسه موافقًا : بالتأكيد سأبحث الأمر مع خبراء الأسهم وأقرر .
تمتمت ببسمة لبقة : لا تنسى أريد مشاركتك به .
أومأ برأسه : بالتأكيد لن أنسى ، فقط سأحتاج لتفويض كما المعتاد حتى أستطيع التصرف بالأسهم .
تمتمت سريعًا : بالطبع ، سأتأكد في الغد من التوكيل الرسمي لازال ساريًا لأجل أن تتصرف بحريتك يا سليم .
ابتسم بلطف ليهم بالوقوف فتهمس إليه : إلى أين ؟! أنت لم تأكل شيئًا.
أجاب برزانة : تعلمين حينما يكون بالي مشغول لا أشتهي الطعام كثيرًا ، أتبع سائلاً بجدية – هل حضرت الحقيبة كما أخبرتك ؟!
رمقته قليلاً لتجيب : نعم ولكن لا أفهم إلى أين تذهب ؟! ألم تكتفي من البعاد يا سليم ؟!
ابتسم سليم بلطف ليرمقها بنظرة خاصة وهو يقترب منها بجسده يحتضن وجهها بين كفيه ليهمس بخفوت : لم أكن بعيدًا برغبتي يا انجي، ولكن أعتقد أن ابتعادي منحك وقتًا كافيًا للتعافي ، فأبعدك عن الضغط العصبي الذي يسببه لك بابا وحديثه المستمر عن الإنجاب والزواج وهذه الأشياء السخيفة ، أليس كذلك ؟!
ابتسمت من بين دموعها التي انهمرت بالفعل : سليم أنا ..
قاطعها بإشارة من يده ليهمس إليها بخفوت : لا تقولي شيئًا فقط اهتمي بنفسك جيدًا ، لأجلي .
تمتمت بسرعة : سأفعل .
ربت على رأسها برقة لينهض واقفًا فتغتم ملامحها قبل أن تسأله : إلى أين أنت ذاهب ؟! ألن تظل معي حتى الليلة ؟!
أجاب بلطف : لدي تصوير يا جيجي هل نسيت ؟! ولدي عمل وسأسافر لحضور المهرجان ، أخبرتك بالهاتف عصرًا لماذا برأيك طلبت منكِ أن تحزمين لي حقيبتي ؟!
تمتمت بتعجب : لن تأخذني معك ؟!
انحنى ليحتضن وجهها بين كفيه ويرفعه لينظر لعمق عينيها : أنتِ متعبة وأنا أخاف عليكِ ولن أكون متفرغًا لأن أهتم بكِ والطبيب أخبرنا أن لا تتعرضين لأي توتر ، لذا استريحي يا جيجي ولا تخافي على شيء أنا سأراعي كل شيء ، كما المعتاد .
ابتسمت وهمت بأن تقبل شفتيه ليرفع وجهه سريعًا يقبل جبينها بقبلة سريعة ليهمس وهو يبتعد : أراكِ على خير .
همت بالنهوض فأشار إليها : ابقي وتناولي بقية طعامك ، وتوقفي عن الخروج هذه الفترة يا انجي ، اعتني بصحتك يا زوجتي العزيزة .
أومأت برأسها موافقة ليشير إليها بالوادع قبيل مغادرته لترمق هي أثر خروجه من الباب بخفر وخوف احتلها وعقلها الذي لا يهدأ يفكر هل علم سليم شيئًا ويخطط للانتقام منها ، أم أنه صادق بالفعل ولا يريد أذيتها ؟!
نبض قلبها بهلع احتل حواسها ببطء شديد فضيق الخناق عليها لتشعر باختناقها يزداد لتنهض واقفة تدور من حول نفسها ولا تعلم كيف عليها الخروج من المتاهة التي حبسها بداخلها وأغلق عليها بابها قبل أن يغادر هادئًا.
***
انفتح الباب ككل ليلة في نفس الموعد فلم تهتم تقوقعت على نفسها أكثر وهي تضم الغطاء الخفيف الذي تخفي من تحته جسدها الذي أصبح هزيلًا أكثر ..فهي ترفض تناول الطعام أو الماء سوى تلك اللقيمات الذي يجبرها على تناولها والماء الذي يسقيها إياه مرغمة وكأنه لا يريد موتها فيزيدها عذاب بوجودها في حياتها البائسة وهي من فقدت أدنى رغباتها في الوجود فتنتحر ببطء ولا تهتم بما يفعله بها ، بعد تلك الليلة التي امتهنها بها ليعود اليوم التالي فيغدق عليها اعتذاراته وهي الغائبة عن الوعي في حمى شديدة كادت أن تفتك بها وكأنه انتبه لحالتها الصحية فأتى بطبيب يداوي جروحها ويعالجها وهو يخبرها أنه لا يقوى على العيش دونها ، فتنطوي أكثر على نفسها ترفض أن تتنفس الهواء الذي يحيط بها في وجوده.
انتبهت على صوت الفتاة التي تحمل الطعام تهمس إليها بتحية المساء فلم تستجب بل أغمضت عيناها وهي تنتظر بصبر رحيلها ، فتتبع الفتاة التي اقتربت منها : أسيل هانم العشاء ، أتيت به بنفسي .
وضعت الغطاء على رأسها ترفض التواصل مع أي كائن حي فتهزها الفتاة برفق وتهمس : صنعت لكِ الفطائر التي تحبينها ، ويحبها إسماعيل بك.
وكأنها منحتها اكسير الحياة فانتبهت أسيل واستدارت برأسها لتهمس الفتاة بخفوت شديد : هناك من يريد مساعدتكِ ، أوصاني بكِ خيرًا ويخبرك أن خلاصك قريب .
انتفضت أسيل بعدم فهم وهي تنظر للرجلين الواقفين من خلف الفتاة المختلفة عن الأخرى فتعبس أسيل بريبة فتبتسم الفتاة بوجهها : الفطائر ستعجبك كثيرًا ، تناولي الكبيرة هذه صنعتها لأجلك خصيصًا ، بالهناء والشفاء .
وضعت الفتاة صينية الطعام أمامها فهمت أسيل بالتقاط الفطيرة فتهمس الفتاة بتنبيه : حذار يا هانم ، فهي ساخنة .
اهتزت حدقتي أسيل بعدم فهم ولكنها آثرت الانتظار إلى أن انصرفت الفتاه وأغلقت الباب خلفها لتمد كفها للفطيرة المتضخمة بالفعل فتلامسها بعدم فهم لتبدأ بتقطيعها فتتسع عيناها رويدًا وهي تنظر للجهاز الصغير المحشور بداخل الفطيرة أشبه بهاتف ولكنه ليس كذلك كما فكرت لتلامسه فيعمل على الفور ويعرض عليها مقطع مصور لولدها يلعب الكرة مع والده بحديقة البيت الخلفية .
ترقرقت عيناها بدموع كثيرة وهي تنظر لملامح إسماعيل ترتشف ابتسامته وحركته .. صياحه المرح .. وتهليله بفرحة حينما ينتصر ، لينتهي المقطع سريعًا ، أعادت تشغيله ثانيةً وهي تتأمل طفلها من جديد لتنتفض برهبة على أزيز خافت صدر من الجهاز فتجدها رسالة مكتوبة تحمل الكثير من الكلمات التي أجبرت عيناها على الاتساع وقلبها على الخفق بوجل لتطبع بأنامل مرتعشة : موافقة.
***
يخطو الدرج ببطء وهو يشعر بجسده يشتعل وكأنه مصاب بالحمى ، يتعرق بشكل مبالغ فيه وسخونته تزداد، يترنح فيعبس بتفكير ويشعر بأن هناك خطأ ما به فيحاول أن يتزن حتى لا يقع ، عقله يبحث بجنون عن سبب تلك الإثارة التي يشعر بها فيجد ضالته في كأس العصير الذي شرب نصفه وانسحب حينما شعر بكونه يفقد تماسكه وثباته ، ليأتي إلى هنا .. إلى زوجته التي لم يقربها قط ، يرتعد جسده بشعور قوي وعقله يستعيد ذكراها معه ، فيغمض عيناه ويحاول أن ينحى تلك الذكرى التي تغضبه من نفسه ، والذي حاول أن يتناساها كثيرًا حتى لا يحتقر نفسه بما فعله بها ، لا ينكر أنه كان يريد الانتقام منها ولكن ليس بهذه الطريقة .. ليس بهكذا فعل .. ولكن عدم تحكمه بنفسه هو من أوصله لهذه النقطة معها ، لقد كره نفسه كثيرًا بعد ذاك اليوم ولامها مرارًا هو الذي كان يظن أنه لن يفقد ثباته أمام بعض من القبل يقتنصها من شفتيها وجد نفسه يتمادى وخاصةً مع عدم ممانعتها القوية .. بل إن انصهارها بين ذراعيه أفقداه تعقله وهو يشمها بوجوده ليكاد أن يفقد نفسه بها ولكن بعض من تعقله تحكم به لينتزع نفسه من غياهب فتنتها التي أثارت جنونه وكاد أن يتمم علاقته بها، لكن ما تبقى من عقله أنبهه فابتعد سريعًا ليستلقي بجوارها مذهولًا من ذاته وفعلته الوضيعة ، ليسيطر على أنفاسه بعد وقت و يجذبها لحضنه وهي التي كانت تبكي فيهدهدها وهو يقبل رأسها باعتذار صادق نبع من عمق روحه إلى أن غفت في النوم ، ويظل جالسًا بجوارها وهو يفكر فيما سيقوله لها ، ولكن هذا اللعين بأفعاله انتزعوه من جوارها ويجبره أن يقدم سفره حتى يستطيع الإيقاع بالآخر .
اتسعت عيناه بصدمة وهو يفكر فيما يحدث معه ليشعر بأن الآخر متورط به ، بتلك الحفلة الماجنة التي دعاه إليها أحدهم كهدية زواج متأخرة ، دلف إلى غرفة نومه يترنح رغم أنه ليس مخمورًا لقد رفض أن يحتسي الخمر كعادته ولكنه لم يستطع أن يرفض ما يُقدم إليه على طبق من ذهب في حفاوة وترحيب بكونه السياسي القادم ، فصاحب الحفل الذي دعاه كان يدرك على ما يبدو علته فقدمها إليه ببذخ ، فتيات جميلات تدرن من حوله يرحبن به ويتمايلن له بل وتجرأن حينما شعرن باستمتاعه لوجودهم على ملامسته ، ليدق ناقوس الخطر برأسه وهو يشعر بأنه سيذل .. سيفقد بأسه ويمر من الخط الفاصل الذي يضعه لنفسه فانتفض واقفًا متخلصًا منهن وهرع للعودة إلى بيته ، إلى زوجته التي تحرم عليه نفسها ، لقد حاول أن لا يأتي إلى هنا وهو في هذه الحالة المشتعلة ، ولكنه لم يقوى على ذلك فوجد نفسه أمامها مرغمًا ، يريد أن يستكين إلى جوارها ، روحه المهتاجة تريد الخلاص بقربها ، يريد حقه في وصالها وأن يتخلص من شيطانه ويحرقه في نهر جناتها .
تخلص من سترته ليلقيها بلامبالاة يتبعها بربطة عنقه وهو يفك أزرار قميصه بطريقة محمومة تملكته وعيناه تمشط جسدها البض المستلقي أمامه في نومه لو كانت متعمده أن تغريه بها لم تكن لتظهر بهذه الغواية التي حملتها إليه ، مفرش السرير القطني المتدثرة به منحسر ليكشف عن ساقيها العاريتين ببياضهما الشاهق جذب أنفاسه المتلاحقة فشعر برئتيه تئن بقوة حينما انقلبت بحركة عرضية فأصبحت منقلبه على بطنها لينكشف إليه بقية جسدها بعدما أصبح الغطاء أسفلها .
رمى قميصه أرضًا ليبزغ صدره العاري بعضلاته المقسمة ونحافة خصره فيتقدم بانجذاب حسي وهو ينظر بعينين تائقتين لجسدها المكشوف أمامه في هذه المنامة الحريرية ذات الصدر والظهر المكشوفين وشورتها القصير جدًا . زفر أنفاسه على مهل وكأنه يهدأ من توقه لها حتى لا يرعبها، ويحاول أن ينحي خيالاته التي ازدادت بقربها ، جلس على طرف الفراش يواجهها وعيناه ترف بحركة عصبية سريعة تشي بانهياره القادم لا محاله ليرفع كفه وهو يلعق شفتيه بعدما ازدرد لعابه يهدأ من جفاف حلقه ، فيمرر ظهر أصابعه على جلد ذراعها الناعم بسلاسة ويسر يغمض عيناه بتأثر جلي ويهمس باسمها في صوت أجش خشن أظهر كل انفعاله المكتوم بداخله .
تململت فاقترب أكثر وكفه يرتفع ليلامس رقبتها بشغف ويشعر بجبينه يندى عرقًا فيكرر نداءه الخافت وسط عبوس تملك ملامحها حينما تحركت سبابته ليمررها على نحرها وهو يهمس آمرًا بصوت بُح لهفة : استيقظي يا مريم لقد عدت .
رفت بعينيها لتنظر إليه بعقل غائب فلا تعي قربه الشديد منها حينما انحنى نحوها ليهمس بجوار أذنها مستغلاً عدم افاقتها الكاملة فيقبل جانب عنقها وهو يستنشق رائحتها المسكرة : أفيقي يا مريوم أنا هنا معك ، اشتقت إليكِ.
انتفض جسدها لتتراجع للخلف عندما استيقظ وعيها كاملًا لتدفعه في كتفيه بإصرار وهي تصيح به في حدة : ابتعد عني يا أدهم ، ابتعد ، أنا لا أريدك .
تمسك بها ببقائها داخل صدره وهو يحضنها بذراعيه في قوة يجذبها نحوه ويقبل كل ما تطاله شفتيه هامسًا من بين قبلاته : لا اقدر ، فقط انتظري قليلًا ولا تبتعدي عني وأنا سأمحي كل الذكريات السيئة التي أغضبتك يوما ما ، حتى ذاك اليوم ستنسينه نهائيًا فقط اقبلي بقربي وبوجودي معكِ وأنا سأفعل لكِ ما تريدينه ، ستكونين زوجتي التي أحب وأم أولادي التي أريد وسأكون أنا أدهم حبيبك الذي تعشقين .
رفعت عيناها لتنظر إلى عمق عينيه بترقب لإجابة سؤالها الذي نطقته بخفوت وجسدها يرتخي للمساته المقصودة وقبلاته المتسارعة : وحبيبتك ، هل سأكون حبيبتك يا أدهم ؟!!
همهم وهو يدفن أنفه في نحرها ويقبلها بتوق أسرى الدماء في أوردتها : بالطبع ستكونين يا مريم ، بالطبع ستكونين ،
دفعته في صدره بجدية فتأفف معترضًا وهو يحاول أن يخلصها من جزء منامتها العلوي لتهدر بحزم : ارفع عينيك إلي وأخبرني أني حبيبتك يا أدهم وأن ما فعلته بي كان لأجل أنك تحبني وتغار علي وليس لأجل شيء آخر .
ثقلت أنفاسه وهو ينظر إلى مفاتنها التي انكشفت أمام عينيه ليشعر بأنه يدلف من باب جنته المحرمة فيغرق برأسه داخلها ويجيب بعقل غائب : اهدأي وانسي هذه المرة التي تقف عائقًا أمامنا واعلمي أني لم أفعل بكِ شيئًا.
انتفض جسدها بتأثر تحت لمساته وقبلاته التي تعزف على أوتار مشاعرها البتول التي تغرق في طوفانه الذي فاض من جميع حواسه ولكنه لم يقوى على ردع عقلها الذي استيقظ من بداية نشوة كادت أن تلم بمشاعرها فتسأل ببديهية : كيف لم تفعل بي شيئًا ؟!
غمغم وهو يشرف فوقها بعدما جذب جسدها لتصبح أسفله فيقبل شفتيها بإلحاح وكأنه يريدها أن تصمت وتنغمس معه في عالمه : ليس الآن ، سأخبرك كل شيء ولكن ليس الآن ، فقط توحدي معي .
دفعته في كتفيه بإصرار وهي تهرب من اسره لها فتنكمش بجسدها أسفله هادرة بحدة ومضت برماديتيها : لا لن أفعل ، أخبرني أولًا .
تأفف بغيظ انسل إلى مشاعره في غفله منه لينطق بنفاذ صبر وهو يحاول السيطرة على جسدها ثانيةً : ليس الآن .
هدرت وهي تدفعه بحدة وصوتها يعلو تدريجيًا : لا بل الآن، زفر بقوة وهو يجذبها بخشونة فتأوهت لتصرخ بجنون – هل ستجبرني يا أدهم كالمرة الماضية ، أم لعلك ستغتصبني هذه المرة والمسمى زوجتك ؟!
انتفض رأسه وكأنها لكمته بمهارة في فكه فأفاقته من سكرة نشوته بها ليرفع رأسه عنها ومشاعره كلها تنحسر وتنزاح غشاوته من أمام عينيه وهو يرفع جسده بطول ذراعيه بعدما غرس قبضتيه بجوار رأسها لينظر إلى عمق عينيها الوامضتين بغضب لم يعجبه فأجابها ببرود وملامحه تجمد بقسوة : بالطبع لن أفعل أبدًا ، كما لم أفعل من قبل ، فأنا لم اغتصبك المرة الماضية ولم أجبرك لقد أتيتِ معي برغبتك الخالصة ومنحتني نفسكِ بإرادتك الكاملة يا مريم فتوقفي عن القيام بدور الضحية من فضلك .
رفعت كفها في حرقة من حديثه الذي أهانها تنوي لطم وجنته ولكنه كان الأسرع عندما تلقف كفها براحته ليضغط عليها بقسوة تشبع بها صوته وهو يهدر بها : ألم أحذرك المرة الماضية ؟! تأوهت وحاولت أن تملص كفها منه ولكنه ضغط عليها أكثر متبعًا بفحيح – هل أكسرها لكِ الآن حتى تتفهمي أني لا أرمي حديثي جزافًا ؟!
دمعت عيناها بتلقائية وهي تشعر بالألم في كفها حتى بعدما ألقاه ببرود فهمست بغل تشبعت به روحها : وما الجديد يا أدهم بك لقد هشمتني من قبل ولن يعز عليك كف صغير تهشمه هو الآخر حينما يحاول التصدي لك ؟!
انتفض واقفًا من فوقها لينظر إليها من بين رموشه بازدراء وصلها جيدًا فلملمت الغطاء فوق جسدها تستر عريها أمام عينيه الذي أشاح بهما بعيدًا وهو يسأل ببرود : هل تصدقين نفسكِ حقًا يا مريم ؟! هل تصدقين تلك الكذبة الكبيرة التي كذبتها على نفسكِ ، أني حطمتك .. وآلمتك .. وآذيتك ؟! حسنًا أنا فعلت كل شيء وأنتِ ماذا فعلتِ بنفسك؟! ماذا كان موقفك أمام نفسك حينما ركضت خلفي لتوقعي بي من جديد ؟! ما موقفك أمام نفسك حينما خطبتِ لي بعدما تركتِ آخر لا ذنب له سوى أنه أحبك ؟! بل الأهم ما موقفك أمام نفسكِ حينما أشرت إليكِ فأتيتِ لي راضخه وذهبتِ معي راضية ومنحتني نفسك وأنتِ واعية ؟! ما موقفك أمام نفسك يا مريم ؟! انتفضت أمام عينيه ودموعها تنهمر مدرارًا على وجنتيها ليكمل وهو يقترب منها – ولكن لا يهم كل هذا لا يهم فأنتِ لم تفكرين به إطلاقًا ، بل أوهمت نفسكِ أني المخطئ ، واقتنعت أني السيء الذي أغويتك وعلقتك بي وآذيتك حينما منحت لي قلبك فقابلت تضحيتك بجحود ونكران ولم أبادلك شعورك ولم أحبك ، فلتقولي ما شئتِ ولتصدقي كل أكاذيبك ولكن أبدًا لا تتهميني بأني أجبرتك فأنا لم أفعل أبدًا ، فأنت كنت واعية تمامًا لما فعلناه سويًا ولولا أني تمسكت ببعض الحكمة لكنت أخذتك كاملة ولكني لم أفعل ليس لأجلك بل لأجلي فأنا لم أزني قط وأنتِ بالطبع لن تكوني الاستثناء.
انتفضت واقفة بعدما ارتدت منامتها لتلهث بقوة فتسأله بصوت محشرج : إذًا أنا لم .. أنت لم ؟!
نهتت وأنفاسها تتسارع تعيد الذكرى البغيضة على عقلها بومضات سريعة ليؤكد لها تفكيرها حينما أقر بهدوء وهو يغلق أزرار قميصه : نعم أنا لم وأنتِ لم ، لازلتِ كما أنتِ فأنا لم آخذ عذريتك ، صمت ليتابع ببرود – للآن على الأقل .
اتسعت عيناها بعدم تصديق و نظرت إليه بعينين جاحظتين تسأله بصدمة ألمت بها : لماذا فعلت بي ذلك ؟! لماذا خدعتني ؟!
صدحت زعقتها بقهر روحها لتتبع وعيناها تومض بغضب عارم اكتنفها : لقد قضيت أيام وليالي مريرة بسبب كذبتك .. بسبب خداعك لي .. وبسبب كوني انسقت إليك وآمنت لك ، لماذا فعلت بي هذا ؟!
رمقها من بين رموشه وهو يجلس ببرود على كرسي فخم لينطق بلا مبالاة : لم أخدعك ، اتسعت عيناها بذهول ليتبع بوميض غاضب أنار عينيه – بل منحتكِ السبب الذي أردته لتكونين معي .
اهتزت وقفتها للتراجع للخلف وهي تشعر بأنفاسها تتحشرج وخاصةً حينما نهض ليقترب منها بطوله الفارع يسألها بجدية وعيناه وامضة بمكر شديد أشعرها بالنفور منه : أم أنا مخطئ ؟!!
تمتمت وهي تتراجع للخلف : بالطبع أنت مخطئ ، وأنا لم أكن أريدك ولولا ما حدث لما كنت اقترنت بك .
ارتفاع طفيف بحاجبيه تنم عن سخريته التي استقرت بعمق عينيه ليسألها ساخرًا : حقًا ؟!
ومضت عيناها بتحدي لتجيبه بعنفوان : نعم أنا لا أريدك،
مط شفتيه قليلًا : إذًا لماذا ركضتِ من خلفي يا مريم هانم ؟! ولماذا لم تذهبين للآخر حينما أتى متوسلًا .سائلًا .. غاضبًا كحبيب تخلت عنه وليفته ؟! ولماذا لم تذهبي معه ؟! كان سيتزوجك إذا أردتِ أليس كذلك؟! همت بالصياح وعيناها تشتعل قهرًا فأكمل بجدية – كل هذا لأجل أنكِ تحبينني ؟!!
ضيق عينيه ليرمقها بنظرة حادة هامسًا : أم كذبت في ذلك أيضًا وأنتِ لا تحبينني ؟!
لمعت الدموع بعينيها لتهمس بصوت مختنق : بل لم أحب غيرك ولكنك لا تستحق .
قبض كفه يمنع نفسه من أن يلطم وجنتها القريبة منه ليهمهم ساخرًا : نعم أنا أصدقك ، أصدق أنكِ تحبينني وتركتِ زين لأجل أنكِ أحببتني ولم تستطيعي نسياني ، وليس من أجل الجاه والمال والمكانة الاجتماعية التي ستصبحين فيها وأنتِ معي ، أتبع وهو يقترب منها يرمقها من علٍ – ليس لأجل أن تصبحي زوجة سيادة النائب ابن سعادة المستشار وكنّة بيت وائل الجمّال و زوجة ابنه؟!
أتبع بجبروت وهو يشير بكفيه : ليس لأجل هذا القصر الذي تسكنيه .. ولا لأجل السيارة التي أهديتك بها ولا عقود الماس والنعيم الذي تحيين فيه ، أنتِ تزوجت مني لأجلي أنا ، لأجل ادهم ولأنكِ أحببت أدهم ، أليس كذلك؟!
رفت بعينيها تنظر له بغضب لتصيح بدورها في غضب : علام تحاسبني يا أدهم ، أنا لا أفهم ، أتذكر أنك تزوجت مني لأسباب لم تتعلق بالحب على الإطلاق .
هدر زاعقًا بجنون أجفلها : نعم فعلت ولكني لم أكذب عليكِ ، بل كنت صريحًا و واضحًا معكِ ، بل أني كنت مُخلصًا منذ أول يوم ارتبطت بك ، ولكنكِ لم تفعلي .
هدرت بدورها : بل فعلت ، لتكمل بجحود : ولكنك تلاعبت بي ، لا أصدق أنك جعلتني أكره نفسي لهذه الدرجة ، لقد كرهت نفسي وكرهتك وكرهت اليوم الذي تمنيت -فيه- أن أكون معك.
ابتسامة ساخرة ناوشت ثغره ليجيبها ببرود وهو يبتعد : مع الأسف يا مريم ، لقد علقنا سويًا ، وأنتِ أصبحتِ مقترنه بي الآن ، ولا فكاك مني على الإطلاق .
صاحت بعنفوان غاضب وهي تركض نحو غرفة الملابس ناوية أن تجمع اشيائها : بل لن أبقى معك دقيقة واحدة سأتركك وأعود لعائلتي وأنت ستطلقني .
ابتسامة متسعة سيطرت على ملامحه قبل أن تنطلق من حنجرته قهقهة ساخرة خشنة اقشعر لها جسدها لتستدير إليه ترمقه باستياء وهو يجلس من جديد يضع ساقًا فوق أخرى هامسًا : لن يحدث ، أيًا من هذا كله لن يحدث ، لن تعودي لعائلتكِ ولن تغادري هذا البيت وأنا – مع كامل الأسف – لن أطلقك .
هدرت بجنون : بل ستفعل .
زم شفتيه ليهدر بحدة رغم نبرته الخافتة : أخفضي صوتك وأدركي جيدًا مع من تتحدثين ، واعلمي أيضًا أنكِ لن تستطيعي مجابهتي لا أنتِ ولا عائلتكِ .
شحب وجهها تدريجيًا وهو يكمل ببرود: ألا تدركين حقًا ممن تزوجتِ؟! ألا تدركين حقًا مكانتي وما أنا قادر على فعله ؟! ألا تدركين حقًا أن خلاصكِ بيدي ؟!
حشرج صوتها لتهمس بخفوت وخوفها يستقر بعمق قلبها :خلاصي بيدك ، كيف ؟!
رفع عيناه لها بنظرة بطيئة .. متمهلة .. وابتسامة كسولة تزين ثغره ليهمس ببرود : تقبلين .. تخضعين .. وبقدرك ترضين .
هذرت بجنون : أن أكون لك ؟!
أومأ برأسه في يقين : بكامل إرادتك ؟!
تمتمت باختناق : لن أفعل أبدًا بإرادتي أنت لن تنالني سوى جثة هامدة يا أدهم.
مط شفتيه بتفكير قبل أن يهمهم : أنا لا تستهويني الجثث ، حينما تعودين إلى صوابك تعالي ستجديني دائمًا .
تحرك ليغادر فصرخت بجنون : لن أفعل أنا أبدًا لن أفعل ، أنا أبغضك .. أكرهك .. ولا أريدك ، أنت أبدًا لن تكون زوجي فلتضعها برأسك وتفهمها جيدًا فأنا لا يسعدني وجودي هنا ولا يشرفني أن أكون حرمك المصون .
أطبق فكيه ليستدير إليها يرمقها بتروي : على راحتكِ يا مريم وأنا الآخر لم أعد أرغب بكِ ولا يسعدني أن تكونين زوجتي وأم أولادي .
هدرت بقوة : حسنًا طلقني .
ابتسم بتشنج حدد ملامحه : لن أفعل ، حتى إذا انطبقت السماء على الأرض لن أفعل ، ستظلين زوجة أدهم الجمّال اسمًا حتى تصيرين زوجتي فعلًا حينها فقط سأطلقك فأنا لن أترك سمعتي وسمعة رجولتي بين يديك أبدًا .
صرخت بجنون : وأنت لن تنالي أبدًا .
رمقها بطرف عينه وهو يغادر فعليًا قائلاً : صدقيني ما عدت أرغب بكِ فعليًا.
***
رفت بعينيها وهي تقاوم استغراقها في النوم حينما تنبهت أن الفراش خاليًا جوارها لتمد ذراعيها بحركة عشوائية تبحث عنه وهو الذي لم يغادر الفراش ليلة واحدة منذ زواجهما لتلتفت من حولها بعدما نهضت برأسها تنظر بتيه لحظي وعقلها يتساءل عن كونهم أصبحوا نهارًا أم لا لتصدمها عتمة الليل التي قابلتها ، لتتحول صدمتها لتعجب قوي حينما وقع بصرها عليه ينام داخل أرجوحتهما وهو الذي لم يفعلها من قبل بمفرده ، همست باسمه في تساؤل غريب ليجيبها بصوت خافت يشي بعدم نومه : أنا مستيقظ فقط خشيت أن أوقظك من كثرة حركتي فنهضت واستلقيت هنا .
نهضت بجذعها وعبوس ملامحها يتشكل أمامه لتتحرك ببطء تترك الفراش بعدما وضعت مئزرها الحريري فوق جسدها فأخفت غلالة نومها القصيرة المغرية عن عينيه لتسأله باهتمام : ما بالك ؟! أنت قلق منذ فترة بطريقة مربكة وخاصةً أنك لا تخبرني عما يقلقك هكذا .
تأفف بضجر وهو يرمي رأسه للخلف هامسًا : لماذا ترتدين المئزر لا أفهم أليس من حقي أن اتمتع برؤيتك كما أحب .
ضحكت برقة وهمست مجيبة بعدما اقتربت منه : سأخلعه و أدعك تفعل ما تشاء ولكن ليس الآن
عبس بعدم فهم سائلًا : لماذا ليس الآن ؟!
مطت شفتيها وهي تستلقي على الأرجوحة بجواره تنام على جانبها وتواجهه : لأنك الآن ستخبرني بم يشغل عقلك ويمنع عنك النوم .
مط شفتيه ليزفر بقوة مغمغمًا : لا أستطيع ، عبست بتعجب و رمقته بتساؤل فاتبع شارحًا – إنها أسرار مرضى وأنا لا أقوى على البوح
زمت شفتيها بتفكير لتنتبه على أصابعه التي بدأت بلمس إطار مئزرها فيجذب إحدى طرفيه من فوق نحرها لتنظر إليه بعتاب فيقابلها ببراءة ومشاكسة امتزجا بلون عينيه المزيج من العسلي والأخضر لتهمس بعتاب : ما تريده لن يمنع عنك التفكير ولا سيدفعك للنوم وخاصةً وأنك فعلت بالفعل أول الليلة ولم تحظى على الراحة التي تنشدها .
مط شفتيه بضيق ليهمهم وهو يجذب طرف المئزر أكثر فينكشف أول نحرها أمام عينيه: لنجرب ثانيةً .
ضحكت وهي تضرب كف يده بخفه : لا ، ليس قبل أن تخبرني .
تنفس بعمق وهو يستلقى على ظهره من جديد : تعلمين أني لن أقدر .
هزت كتفيها لتهمس : لا أريد أن أعلم تفاصيل أو أسرار المريض يا عمار، أنا أسأل بطريقة محددة ، نظر إليها باستفهام فأكملت – أسأل عما يشغلك أنت وليس عن تفاصيل تخصه .
رفع عيناه إليها فانتبهت للقلق الساكن بعمق حدقتيه قبل أن يهمس بصوت مختنق : ما يقلقني أنه مريض ولكنه يدعي المرض .
تطلعت إليه بصدمة وعدم فهم شكل ملامحها لتهمهم بعفوية : لا أفهم هل هو ليس مريض أم ماذا ؟!
هز رأسه نافيًا : بلى مريض ، أومأت برأسها فأكمل – ويدعي المرض .
رمشت بعينيها لتهمهم : لا أفهم -للآن-ما المشكلة ؟!
ضحك مرغمًا ليعتدل بنومته على جانبه يواجهها : أقصد أنه مريض بطريقة ولكنها ليست ما يدعيه . رمقته قليلًا فأتبع – لنقل أنه مريض بالتملك ، ولكنه ليس مريض بانفصام الشخصية أو الجنون .
اتسعت عيناها بإدراك فأكملت : آها لديه مشاكل نفسية ولكن ليست ما يدعي أنها لديه ، إذًا هو سليم ويتمارض.
أومأ برأسه إيجابًا ثم نافيًا آخر كلماتها : لا ليس يتمارض هو مريض لديه الكثير من المشاكل النفسية بالفعل أستطيع علاجه منها ولكن ما يعانيه ليس بدرجة الجنون التي يدعيها .
رمقته بتفكير لتسأل بذكاء: ولماذا يدعي الجنون إذ لم يكن بمجنون ؟!!
ابتسم بفخر ليضجع فوق مرفقه فيستطيل بجسده عنها قليلًا ليقبل رأسها هامسًا بسعادة : حبيبتي الذكية ابنة الخيّال على حق .
ابتسمت وتوردت لتدفعه بكتفه في نفاذ صبر حينما تمادت قبلاته التي نثرها فوق جانب وجهها : أخبرني إذًا إجابة سؤالي .
تنهد بقوة ليغمغم : لا أعلم بالضبط لماذا يدعي الجنون ولكني أشعر بأنه ينصب فخًا بغض النظر عن تفاصيله ويريد مني شهادة أنه مجنون فلا يُعاقَب على أفعاله .
هدرت بصدمة : إذًا هو مجرم .
تمتم : ونصاب أيضًا يريد الزج بي داخل أروقة فخه
تمتمت بتعجب : هل يقصدك أنت تحديدًا أم أنك مجرد طبيب وقع بطريقه ؟!
تطلع إليها قليلًا وهي تزيد من وخزته الذي يشعرها ليهمس بصوت مختنق : هذا ما يشغل تفكيري يا يمنى ، أشعر بعض الأحيان أنه يتعمدني شخصيًا وبعض الأحيان أشعر أنه مريض عادي أتى لطبيب نفسي ذائع الصيت ليعالجه أو ليوقعه في شركه.
اعتدلت يمنى في جلستها بقلق فعلي لتسأله : هل لديه مشاكل معكم ؟!
عبس عمار بعدم فهم مرددًا : معنا ؟!
أومأت برأسها : نعم معكم ، مع آل الجمال ، فإذا كان رجل أعمال أو لديه عمل يتعارض مع أعمال آل الجمال يكون مجيئه لك متعمدًا يا عمار ، وأنه قصدك أنت خصيصًا لأجل أنك تنتمي لآل الجمال ، اتسعت عيناها بخوف حقيقي وهي تكمل – إنه ينصب لك فخًا .
شحب وجهه تدريجيًا وعقله يستعيد وجود زيد في حفل المؤسسة وهو الذي لمحه ولكنه لم يقترب منه ، فيتذكر وقفته المتصلبة وعيناه الناقمة وكرهه الذي تجسد فوق ملامحه وهو ينظر نحو شقيقه الذي تجاهل وجود زيد الذي تجاهل عاصم بدوره و كأن التجاهل متفق بينهما ولكنه لم يتجاهل أدهم الذي صافح زيد بغرور وتحدث إليه بغطرسة تشكلت بحركة جسده ، بل إن ذاك الحديث الذي لم يأخذ من الوقت إلا دقائق قليلة فاح بندية أزعجت عمار الذي تحكم في أن لا يقترب منهما وهو يُذكر عقله بحساسية وضعه وموقفه ، انتبه من أفكاره على صوتها المتسائل بخوف : عمار هل ذاك الرجل ينصب لك فخًا بالفعل؟!
ازدرد لعابه ببطء ليخفض عينيه قليلًا قبل أن يرفعهما لها يبتسم بلطف : لا يا حبيبتي ، لا أعتقد .
لاح عدم التصديق بعينيها فأكمل ببسمة مرحة – هل أصبح قلبك رهيف يا ابنة الخيال ؟! تقلقين علي لهذه الدرجة ؟!
تطلعت إليه لتهمس بصدق : هل لدي آخر أخاف عليه غيرك ؟!
اتسعت ابتسامته وعيناه تومض بعشقه ليهمس مشاغبًا : يا الله ، هل دعت لي الياسمينة اليوم فجرًا لتغمرينني بعشقك هكذا ؟!
دفعته بلطف لتهمس إليه : الياسمينة دعت إليك منذ زمن لذا رضيت عليك وتزوجت منك .
جذبها ليضمها الى صدره يقبل جبينها : أحلى دعوة وأحلى رضا يا مونتي.
فردت كفها على قلبه لتهمس بخفوت وهي ترفع عيناها تنظر لعمق عينيه : عمار ، ستكون بخير ، أليس كذلك ؟!
ضمها إليه أكثر ليقبل جبينها ثانيةً : لا تقلقي بإذن الله سأكون بخير ، ابتسمت وعيناها تلمع بتوتر التقطه بسهولة فيكمل بمشاغبة وهو يقترب منها أكثر – وعدتني بشيء قبيل الحديث وأني لو أخبرتك ستفعلينه ، هيا جاء وقت التنفيذ .
ضحكت بدلال وهو يداعب مئزرها وينثر قبلاته فوق نحرها الذي انكشف أمامه ليصدح بكاء ابنته الصغيرة مدويًا فيغمض عيناه بتأفف قوي : يا الله ،
فتكتم ضحكتها وهي تهم بالنهوض هامسة : ابنتك لا دخل لي .
جذبها ثانيةً لتظل مستلقية وينهض هو هاتفًا بمرح مفتعل : حبيبة أبوها و روح قلبه ، فيتابع وهو يغادر الغرفة لغرفة طفلتهما القريبة من غرفتهما – ومكدرة صفاء ليله وعيشته أيضًا .
تعالت ضحكة يمنى لتعتدل بجلستها وهو يعود حاملًا الصغيرة يقبلها و يهدهدها بحنو أبوي مهمهمًا : انظري إليها ، قمر منير لذا تستيقظ ليلًا.
حملتها يمنى لتقربها من صدرها بعدما قبلتها بحنان : بالطبع ابنتي قمر مثلي ، رفت الصغيرة بعينيها العسلية الفاتحة للغاية تشبه عيناي والدها – وذكية أيضًا .
تمتم عمار الذي اقترب وهو يحمل الغطاء الخفيف لينضم إليهما بالأرجوحة : اللهم بارك بهما الاثنتان ذكيتان جدًا ، لذا نحن نعاني معهما.
ضحكت يمنى لتشير إليه بالصمت وهي تلتقط اغفاءة ابنتها وهي ترضع فيهمس بخفوت وهو يستلقي بجوارها : ستنام ؟!
أومأت يمنى برأسها إيجابًا فيدثرهما سويًا بالغطاء وهو يحتضنهما معًا بعدما استلقت يمنى وابنتها بالمنتصف فيتابع هامسًا : ما رأيك سآتي بأرجوحة أكبر حتى تنضم لنا جاسمين أيضًا ؟!
ابتسمت وهي تقاوم الوسن الذي يداعبها : فكرة جيدة ، الفراش يكون جميلًا و هو يجمعنا سويًا معهما .
تنفس بعمق وهو يتأملها هي وابنته والاثنتان نائمتان بجواره يتفحص ملامح الصغيرة التي أتت تشبه يمنى أكثر من ابنتهما الكبرى والتي تشبهه أكثر بل إن الكثير يتحدث عن كونها تشبه والدته ببشرتها الفاتحة وشعرها البني المحمر الناعم والنمش المتناثر على وجهها وجسدها ، جاسمين كما أسماها فأضحت سمية أمه وشبيهتها ، لتأتي لي لي ببشرة برونزية لامعه وخصلات بنية قاتمة مموجة كثيفة فتغدو أشبه بأمها ما عدا عيناها التي ورثتها منه تنطق بشقاوة وفطنة تبهج قلبه . أحنى رأسه ليقبل جبين ابنته ، قبل أن يضمها إلى صدره لعلها تسكن ذاك القلق الذي استقر بقلبه وعقله الذي يفكر فيما يبتغي زيد منه .
***
استيقظ من نومه على ضوء الشمس القوي الساقط فوق وجهه فيتأفف بضيق وهو يدفن رأسه بين الوسادات لا يريد الاستيقاظ ولا النهوض وليس لديه أي رغبة في فعل أي شيء ، رغم أنه عاد لبيت عائلته يريد الالتهاء مع شقيقتيه وأخيه الذي تحدث معه أكثر من مرة ليجبره على بوح استئثره لنفسه والتزم صمتًا أثار قلق والديه ولكنه حاول أن يهدأهما بوجوده معهم في البيت ولكن صمته .. انطواءه.. وحزنه الذي لا يقوى على الخلاص منه يؤثر عليه وعلى عائلته مهما حاول الإخفاء عنهم .
ربتات خفيفة من كف والدته الحاني فوق كتفه وصوت أمه تحدثه بحنان : استيقظ يا زين ، لقد انتصف النهار وأنت نائم .
تنهد بقوة ليلتفت ويقبل كف يدها المرتاح فوق كتفه : سأنهض يا ماما،
سألته والدته بجدية وهي تتحرك بالغرفة ترتبها بجدية وتفتح الستائر فتضيء بأكملها : أليس لديك عمل أو أي شيء تقوم به ، هل توقفت عن الغناء يا بني ؟!!
نهض جالسًا : لا يا ماما ولكن ..
صمت وأشاح بعينيه بعيدًا عنها لتقترب منه ثانيةً تجلس مواجهة له لتهمس بصوت حاني : هل ستوقف حياتك لأجل قصة فاشلة يا زين؟!!رفع عيناه بحزن استقر بعمق روحه فانعكس بمقلتيه لتربت دعاء بكفها على وجهه – لا شيء يستحق يا زين ، لم تكن نصيبك يا بني ، وما تفعله بنفسك لا يرضي أحد ، لقد خسرت كثيرًا لأجل تلك الفتاة فلا تخسر أكثر بسبب غرقك في موجة من اليأس لا فائدة منها .
همهم باختناق : أنا أحاول السباحة ولكن التيار قوي ينهك روحي ، ربتت على كتفه لتجذبه وتضمه إلى صدرها هامسة فيكمل بصوت أبح – أنا أتوجع يا ماما ، قلبي يئن مهما حاولت التماسك والتجلد ، أشعر بقلبي ينبض بألم .. يخفق بوجع ، وأشعر بالانكسار كلما أحسست بأني ضعيف ، فأنا لا أقوى على كرهها .. لا أستطيع ،
شهقت بكاء غادرة عبرت حلقه لينهار بحضنها : لا زلت أحبها يا أمي ، لازال قلبي ينتفض كلما تذكرتها .. ولا زال عقلي يفكر بها .
تمتمت وهي تجاهر ألا تبكي على ألمه : هذا ليس ضعفًا يا زين بل صدق، لقد أحببتها بصدق يا بني وهي خذلتك .
أقر باعتراف جرح حلقه : ورغم كل هذا لا أستطع الخلاص منها يا أماه ، لقد أخبرت نفسي بأنها لا تستحقني .. لا تستحق حبي .. لا تستحق صدق مشاعري نحوها ، وأنها ستندم أشد الندم لأنها فضلته علي واختارته بدلاً مني ، لقد شوهت صورتها بعيني ونعتها بأبشع الصفات فأكرهها للحظات .. أغضب .. أثور .. اختنق وأتألم ، لينبض قلبي وأستعيد ذكراها ليتبخر كل شيء سيء أشعر به وينبض قلبي بحبي لها ويطالب عقلي بوجودها ، فلا أقوى على الخلاص من خيالاتي المفعمة بها يا ماما ، وتخبرينني أنه ليس ضعفًا ، إن ما أشعر به نحوها لقمة الضعف والانكسار وقلة الكرامة .
نظرت إليه دعاء بقلة حيلة لتضمه أكثر إلى صدرها : الحب ليس ضعفًا يا زين .
فيجيبها بعناد : في حالتي ضعفًا يا ماما ، لا تنكري ، واجهيني لأقوى على مواجهة نفسي .
احتضنت وجهه بين كفيها لتنظر لعمق عينيه : أنا لا أراك ضعيفًا يا بني، أنا أراك صادق .. وشجاع ، أن تواجه نفسك بكل شيء وتعترف به لهي شجاعة تامة ، فقط امنح نفسك بعضًا من الوقت واستغل محنتك لتبدع فيما تجيده وبعض فترة سيقل الألم تدريجيًا إلى أن يختفي نهائيًا وعندها ستتذكر هذه الأوقات التي كنت تنعت نفسك بالضعف لتكتشف كم أنت قويًا .
رف زين بعينيه ليقاوم أن يذرف دموعه وهو يتمسك ببقية كرامته فلا يبعثرها أمامها لتتابع دعاء بعدما قبلت رأسه – انهض يا بني ، أنعش نفسك وبدل ملابسك وتعالى سأنتظرك لنتناول الفطور سويًا .
أومأ برأسه موافقًا لينهض بالفعل بعدما غادرت لينفذ ما أرادته والدته فيمر على شاشة التلفاز الكبيرة الموضوعة بركن الغرفة فيهم بإغلاقه ليتوقف وهو ينظر إلى تلك الفقرة التي تعرض عن طريق برنامج خاص بالأخبار المجتمعية فينتفض بقوة وقلبه يخفق بجنون وهو يدرك أنهم يعرضون جزء من زفافها ، ليختنق حلقه والكاميرا تنقل انفعالات وجهها الحزين بوضوح فلا يجد أي شائبة تدل على فرحة عروس بزفافها ولا بزيجة تريدها .
رفت عيناه وهو يتأملها مليًا مع ما يعرض أمامه بتتابع لقطات شديدة والخبر يتحدث عن الزفاف الشهير ، فيراقب بتفحص وعقله يستعيد جملة واحدة أخبرته بها ولكنه لم ينتبه لها حينها بسبب غضبه الشديد منها " لم أعد أصلح إلا له !! "
انفرجت ملامحه وعيناه تتسع بصدمة جلية تملكته وعقله يردد جملتها مرارًا ليسقط جالسًا للخلف وهو يغمغم بذهول : مستحيل .
***
انتهى الجزء الثاني
من
الفصل الحادي عشر
قراءة ممتعة



سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 10:34 PM   #753

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 338 ( الأعضاء 67 والزوار 271)
‏سلافه الشرقاوي, ‏Lamia1234, ‏ميريل٨٠, ‏Abcabc, ‏sara_soso702, ‏métallurgier, ‏رانيا محمد19, ‏Sea birde, ‏sara Ashoor, ‏Aya a qabeel, ‏Roramory, ‏فاتن عبدالعظيم, ‏noorhelmy, ‏sara osama, ‏Walaa sham, ‏موضى و راكان, ‏روئيااااات, ‏وعد ومكتوب, ‏وفيقة2003, ‏asaraaa, ‏أمل طه, ‏33Zain, ‏رفيدة هشام, ‏jadbalilo, ‏Moon roro, ‏Shaima Esam, ‏مريم المقدسيه, ‏ميمو٧٧, ‏3isha eid, ‏Dina ..elhetta, ‏نمنومة, ‏Ghadoosha, ‏إدارية, ‏سلوى محمد محمد, ‏لولو73, ‏كادىياسين, ‏شيرى رفعت, ‏Ektimal yasine, ‏حبيبة علاء, ‏وردة البوفارديا, ‏دينامحمد, ‏Mayaseen, ‏ناي محمد, ‏Diego Sando, ‏Tofy Ahmed+, ‏rasha emade, ‏آية ماضى, ‏amana 98, ‏عشق العين, ‏شاكيرا محمد, ‏tamy, ‏NoOoShy, ‏Omsama, ‏هبه احمد مودي, ‏مونى جيسى, ‏رحمه امام, ‏لولا عصام, ‏نجوم1, ‏nada alaa, ‏نداء1, ‏هبة الله 4, ‏احمد9, ‏eylol, ‏امولة احمدد, ‏sayedaa


منورين احلى حضور واحلى متابعات

Diego Sando and Ghadoosha like this.

سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 11:03 PM   #754

نيفين الحلو

? العضوٌ??? » 413140
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 197
?  نُقآطِيْ » نيفين الحلو is on a distinguished road
افتراضي

تسجيييل دخول 💞💞💞🥰🥰🥰
Diego Sando and Ghadoosha like this.

نيفين الحلو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 11:11 PM   #755

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 329 ( الأعضاء 77 والزوار 252)

‏موضى و راكان, ‏Dina ..elhetta, ‏ميمونة meryem, ‏NoOoShy, ‏نيفين الحلو, ‏sara_soso702, ‏Tokagahrieb, ‏maness, ‏عبير دندل, ‏حبيبيه, ‏rasha emade, ‏leria255, ‏sara osama, ‏Dndn1992, ‏دينامحمد, ‏نداء1, ‏k_meri, ‏Moon roro, ‏حبيبة علاء, ‏راحه بال, ‏33Zain, ‏سلمى عامر, ‏نهر الفرات, ‏Lazy4x, ‏فديت الشامة, ‏سلافه الشرقاوي, ‏amana 98, ‏Omsama, ‏لولو73, ‏وجدان1417, ‏nahe24, ‏عشق العين, ‏آية ماضى, ‏احب القراءه, ‏وعد ومكتوب, ‏ميريل٨٠, ‏zahraa jaber, ‏Lamia1234, ‏Abcabc, ‏métallurgier, ‏رانيا محمد19, ‏Sea birde, ‏sara Ashoor, ‏Aya a qabeel, ‏Roramory, ‏noorhelmy, ‏Walaa sham, ‏روئيااااات, ‏وفيقة2003, ‏asaraaa, ‏أمل طه, ‏رفيدة هشام, ‏jadbalilo, ‏Shaima Esam, ‏مريم المقدسيه, ‏ميمو٧٧, ‏3isha eid, ‏نمنومة, ‏Ghadoosha, ‏إدارية, ‏سلوى محمد محمد, ‏كادىياسين, ‏شيرى رفعت, ‏Ektimal yasine, ‏وردة البوفارديا, ‏Mayaseen, ‏ناي محمد, ‏Tofy Ahmed, ‏شاكيرا محمد, ‏tamy, ‏هبه احمد مودي, ‏مونى جيسى, ‏رحمه امام, ‏لولا عصام, ‏نجوم1


شكرا سلافة الجميلة تسلمى

Diego Sando and Ghadoosha like this.

موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-21, 11:58 PM   #756

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

مبدعه الفصل ابداع سرد واحداث فصل ضخم من المشاعر والاحداث تسلم ايدك باسولى
Diego Sando and Ghadoosha like this.

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 12:17 AM   #757

لبنى البلسان

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية لبنى البلسان

? العضوٌ??? » 462696
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 5,543
?  نُقآطِيْ » لبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل رهيب
وسرد راقي الله يسعد قلبك وروحك ويعطيك ألف عافية ابدعتي ♥️♥️

Diego Sando and Ghadoosha like this.

لبنى البلسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 12:53 AM   #758

Mummum

? العضوٌ??? » 441364
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 462
?  نُقآطِيْ » Mummum is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك سولي فصل روعة روعة روعة ابدعت يا قمر
Diego Sando and Ghadoosha like this.

Mummum غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 12:55 AM   #759

ghada salah

? العضوٌ??? » 267792
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 299
?  نُقآطِيْ » ghada salah is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور ❤️❤️❤️❤️
Diego Sando and Ghadoosha like this.

ghada salah غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 01:49 AM   #760

شيرى رفعت

? العضوٌ??? » 482388
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » شيرى رفعت is on a distinguished road
B3


الفصل روعة روعة ياسولى

Diego Sando and Ghadoosha like this.

شيرى رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:33 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.