آخر 10 مشاركات
نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (الكاتـب : الحكم لله - )           »          صدمات ملكية (56) للكاتبة: لوسي مونرو (الجزء الأول من سلسلة العائلة الملكية) ×كــاملة× (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          [تحميل] مكيدة زواج ، للكاتبة / سلمى محمد "مصرية " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          مرت من هنا (2) * مميزة *,*مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          حرمتني النوم يا جمان/بقلمي * متميزه و مكتملة * (الكاتـب : esra-soso - )           »          أحزان نجمة ( تريش جنسن ) 446 ـ عدد جديد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الوصية ـ ربيكا ونترز ـ 452 ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          533 - مطلوب زوجة وام - بربارة ماكماهون - قلوب عبير دار النحاس ( كتابة - كاملة ) (الكاتـب : samahss - )           »          الأقصر بلدنا ( متجدّد ) (الكاتـب : العبادي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree437Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-09-20, 09:07 PM   #11

رنا الليثي
 
الصورة الرمزية رنا الليثي

? العضوٌ??? » 477331
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,039
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » رنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الأول

دخلت إلى المستشفى العسكري فى خطوات واثقة رزينة متزنة متجهة نحو عيادتها الخاصة… عيادة الأسنان و ما ان دخلت حتى بدأت إحدى الممرضات بسؤالها ما ان كانت مستعدة لتستقبل الحالات ام لا ولكن ردت عليها سيلين في ثبات قائلة:
_لا يوجد مشاكل و هيا أسرعى؛ فأنا أرى الكثير من المرضى…
وما ان قالت هذا حتى خرجت الممرضة وبدأت تنادى على الأرقام المعطاه للمرضى وكان أول مريض يدخل لديها النقيب إياد مختار…
دخل إياد فى حنق و هو يشمئز من كل من يصادفه في طريقه إلى أن جلس أمام سيلين التى وضعت النظارة الطبية الخاصة بها و سألته فى اسلوب روتيني:
_مما تعانى؟
رد عليها بأسلوب جاف :
_اشعر بألم في فكي من جهة اليسار لمدة شهرين كاملين ولا أستطيع أن أنام من قوة الألم.
نظرت له سيلين و طرحت سؤال منطقي:
_ولمَ تركت نفسك كل تلك المدة؟
نظر لها شذرا ورد باقتضاب و جزع:
_لم اكن متفرغ لتلك التفاهات هلا أنهيتِ اسألتك السخيفة و بدأتِ فى الكشف….؟!
تعجبت سيلين من اسلوبه بل و استفزها رده كثيرا ولكنها نظرت له فى برود و أكملت كلامها مردفة:
_انت لا تعلم شيئا عن عملى إذا من فضلك لا تجادل ولا تتدخل فيه وكل ما عليك أن تجيب على اسألتي في هدوء و احترام وانا من ستحدد متى سوف أكشف لك ومن فضلك أن تخبرني ما أريد معرفته سريعا لأن هناك غيرك ينتظر…
نظر لها و قد جعله ردها مثل حبة ذرة على سطح ساخن و رد فى عصبية واضحة:
_من أنتِ أيتها الطفلة لتتحدثي معي هكذا أشك أنكِ من المتدربين أتعلمين مع من تتحدثين سوف أجعلكِ تندمين على كل حرف اخرجته من فمك هذا..
نظرت له فى تحدٍ واضح وهي ترد بطبقة صوت حكيمة و رزينة مردفة:
_لا أعلم من انت ولكن اعلم من انا جيدا انا ضابط دكتور سيلين الرماح وليس لديك الحق فى تهديدي او اخافتي بمن انت أو ما منصبك و ان لم يعجبك ردي اذهب إلى مشفى آخر او إلى عيادة خاصة وليست عسكرية و آسفة لن استطع ان اكمل الكشف بتلك الطريقة….
صمت وكانت أول مرة يمعن النظر فى وجهها و يدقق فيه وقد ادهشه حقا جمالها مع تلك الهالة المخيفة المحيطة بها و لكنه لم يستطع أن يتغاضى عن ردها ولذلك وقف سريعا و رد بمنتهى التكبر والتعالى:
_وماذا ان قلت لكِ لن أخرج و عليكِ أن تسرعى لإنهاء ذلك الكشف اللعين!!
تعجبت من رده حقا فتلك هى مرتها الأولى لتتعامل مع ذلك النوع المتغطرس من البشر فقامت هى الأخرى وردت بهدوء جاهدت لترسمه على ملامحها الرقيقة:
_لن أكمل و اذا اردت الشكوى أمامك مكتب رئيس العيادات غير ذلك لا اعلم كيف استطيع مساعدتك.
ردها جعله يقبض يديه حتى ابيضت مفاصله من شدة العصبية فكاد أن يرد حتى خطرت بباله فكرة جعلته يتركها و يخرج من المشفى بأكمله يلعن تلك الطبيبة وما إن خرج حتى دلفت إليها الممرضة بمريض آخر فجلست و شرعت تمارس وظيفتها بروتينية دون ملل أو تعب…..

*******
خرج من المستشفى العسكري وهو على وشك ارتكاب جريمة فكيف تجرأت عليه فهى لا تعلم من هو وما هو قادر على فعله ولكن صبرا حتى تعلم سوف يجعلها تعتذر منه على ردها ذلك ركب سيارته و اخذ يطرق السبل بلا هدف ولا يعلم إلى أين سيهديه عقله كل ما يعلمه أنه على وشك الانفجار منذ عدة أيام وها هى تأتي تلك الطبيبة الساذجة لتكمل ما يجعل حياته حافلة بالمشاحنات توقف تفكيره لحظة حين أعلن هاتفه عن تلقى مكالمة وما إن رأى صاحب الاسم حتى رد منفجرا صائحا:
_ألم أقل لكِ ألا تهاتفينى لأننى مشغول هلا تكفين عن إهدار كرامتك معى ولو للحظة…… لن آتى حور فأنا لست متفرغ لتفاهاتك تلك..
وأغلق الهاتف وهو غير مبالِ بقوله الفظ لها ولكنه كل ما يشغل خلده هو ما سوف يقوله لأبيه حين يواجهه بقسوته مع تلك المتعجرفة و قرر أن يذهب إلى البيت حتى ينال قسطا من الراحة قبل أن يذهب لعيادة خاصة ليرى ما يقض مضجعه أما هى فأخذت تبكى وتنتحب على معشوقها العنيد ذلك كيف يفعل هذا وهو يعلم أن اليوم هو أهم يوم فى حياتها فاليوم هو يوم الذى ولدت فيه الملكة…… حور

********
دخلت وهى تلقى التحية الصباحية المعتادة لكل من تراه فى طريقها و ما إن جلست حتى أتى لها زميلها المقرب مروان وهو يقول لها:
_ها قد أتت جميلتنا صاحبة الخطاب الرئيسي فى حفل استقبال ولى العهد ابن مدير شركتنا الملقب بالجنرال كما تطلقين عليه..
ضحكت ملئ فمها و ردت مشاغبة:
_اذا اكتب تلك المقدمة حتى تلقيها حين يأتي ولي العهد فربما تعجبه.
ضحك مروان وهو يتأملها بشغف و رد هائما:
_لا يهم ما ان اعجبته ام لا يكفى انها جعلتني أرى تلك الابتسامة الساحرة فى أول صباحى.
تجاهلت قوله و ردت تسأله بفضول أنثوى غريزي:
_أخبرني هل سأل أحد عنى؟!
زفر مروان ليعبر عن احباطه قبل أن يرد بابتسامة رسمها بدقة على وجهه ولكنه فشل أن يشقها لقلبه قائلا:
_نعم بالطبع سيدتي الجنرال كاد أن يفقد عقله عندما سأل ولم يعلم بوجودك..
ذهلت و نظرت له بلوم مردفة:
_ولماذا لم تخبرنى مروان… أنت تعلم مدى أهمية حديثي معه سوف أذهب له الآن وأنت اطلب من الحاج ابراهيم أن يعد القهوة حتى نكمل عملنا على باقى الملفات..
ثم تركته و اتجهت نحو مكتب ماجد الفارسى بخطوات ثابتة واثقة لا تعرف للانكسار طريقاً بينما ظلت نظراته متعلقة بها بشئ من التمنى وهو يتحدث إلى نفسه قائلا:
_متى تشعرين بقلبى الذى تاب العشق و الهوى فى محرابك معشوقتى؟!

*******
طرقات بسيطة على باب مكتبه جعلته يرفع عيناه باتجاه الباب الذى دلفت منه مساعدته بوجه يحمل ابتسامة روتينية قائلة:
_سهيلة أتت وفى انتظار سيادتك.
رد عليها بنبرة لا تحمل حياة بشكل آلى:
_ادخليها اذا…
خرجت شيماء مساعدته الخاصة وما هى الا ثوانٍ معدودة حتى دلفت سهيلة بحماسها و نشاطها و اشراقتها المعتادة مردفة:
_اسعد صباح على عيون أوسم جنرال فى المجرة
نظر لها وابتسم على تلك الآنسة الصغيرة التى تدخل البهجة و الفرحة على قلبه فور دخولها محيط جلوسه و رد عليها بابتسامة جذابة تعكس جمال عينيه :
_صباح النور لقد تأخرتِ عن موعدك أيتها العنيدة وكنت بانتظارك حتى أخبرك بعض الأشياء التى سوف تحتاجين إليها طوال فترة عملك مع آدم….
جلست أمامه بابتسامة صافية صفاء روحها و ردت بنبرة عملية:
_و أنا اعلم أنك بحاجة لى…
ارتشف من قهوته قبل أن يكمل كلامه فى جدية و ثقة:
_أولا أريدك أن تعلمى سبب إختياري لكِ… أنتِ مختلفة عن أى موظف يعمل لدى بكِ طاقة ونشاط و إخلاص لعملك يعجبني تفانيكِ فى أى شئ تعملى به كما يعجبني شغفك و طموحك كثيرا و أكثر ما جعلنى أفكر بكِ مليا للعمل مع آدم هى أخلاقك لن أنكر أنها اكثر ما جذبني لاختيارك فيما بعد لتتولى إدارة فرع أميركا…
فغرت فاها غير مصدقة لما تسمعه ولكنها استجمعت قوتها لتخرج كلمة معبرة عن دهشتها:
_إدارة!!!...
أومئ ماجد لها بابتسامة ثابتة ليؤكد لها ظنونها:
_نعم أريدك أن تتولى الإدارة مع آدم في أميركا أريد بعض من أفكارك الإبداعية لتنقلي الشركة إلى مستوى يليق بكِ.
تراقص قلبها فرحا ما ان سمعت ذلك النبأ السعيد و لم تنتظر حتى سألته بفضول و شغف طغى على ملامحها الجميلة مردفة:
_حقا متى سوف أذهب اذا؟!!
ضحك ملئ فمه على حماسها ونظر لها بحنو قائلا بنبرة صوت تفيض بالحنان:
_أيتها المخادعة الصغيرة بتلك البساطة قد نسيتينى ولكن لا عليك انتظرى فقط حتى يأتى آدم..
ابتسمت في خجل من تسرعها و ردت بوجه مزين بحمرة محببة لقلب ماجد قائلة :
_بالطبع لم أقصد فأنت تعلم كم سأفتقدك و أفتقد حنانك و تشجيعك لي..
رد عليها ماجد مؤكدا بابتسامته الجذابة قائلا:
_أعلم صغيرتى وربى يعلم مقدار حبك فى قلبى فأنتِ بعد آدم فى مكانتك.
ابتسمت و قد غطا عينيها طبقة رقيقة من الدموع نتيجة تلامس كلماته الصادقة مع مشاعرها و ردت بحنو بالغ:
_أدامك الله سندا و عونا و أبا لى.
تأمل ماجد كلماتها الرقيقة بامتنان و رد مغلقا للحديث قائلا:
_هيا أيتها المشاغبة الصغيرة على عملك فلا يوجد متسعٍ من الوقت لإهداره….
نهضت من مقعدها بنشاط قائلة بمزاح:
_أوامر الجنرال.
وخرجت مسرعة بحماس نحو مكتبها و لكن اوقفها تعثرها بامرأة ثلاثينية متأنقة فردت تعتذر سريعا:
_آسفة لم اقصد!
ولم تنتظر ردها وخرجت حتى تذهب لتكمل عملها أما تلك الأنثى فقد غلب عليها طباعها النارية لتسب و هى تدلف إلى مكتب ماجد قائلة بحنق:
_حيوانة لا أعلم كيف تسير فى الشارع وحدها ولا أعلم حقا كيف توظف أمثال ذلك النوع لديك فأنت ماجد الفارسي كيف تسترضى بعينتها لمثل شركتك؟!!
نظر لها ماجد دون تعليق على قلة ذوقها و فضل أن يعلم لماذا أتت لذلك سألها مباشرة:
_لماذا أتيتِ مروة؟!
نظرت له باستنكار وهى ترد بدلال مصطنع و تقترب منه قائلة:
_جئت لأرى ما سبب غضبك منى البارحة لا أعلم ماذا فعلت لتهجر الفراش و تجعلني أعاني البرد بدونك!
نظر لها بصرامة وقال لها :
_هذا مكان عملى ليس مكان لمحاسبتى على ما…
وقطعت جملته بقبلة حبست أنفاسه فبعدها عنه بخشونة قائلا بعصبية فشل فى السيطرة عليها:
_أجننتِ؟! كيف تجرؤين؟ اذهبِ إلى البيت وهناك لي تصرفا يردعك عن تهورك ذاك.
صعقت من رد فعله ولكن لم يسعفها عقلها سوى بأن تأخذ حقيبتها وتخرج ولكنها توقفت حين نطق اسمها بقوة :
_مروة…. آدم سوف يأتى فاحذرى أن تثيرى غضبه أو تفعلى ما يجعله يندم على قدومه.
التفتت له وبعينيها بريق خاص لتردد بصدمة غير مصدقة:
_آدم!
رد مؤكدا:
_نعم آدم ابنى الذى له كامل الحق مثلك فى بيت أبيه..
نظرت له نظرة لم يفهم معناها جيدا و لكنها ردت باستهزاء:
_لا تقلق كل شئ سوف يسير كما تريد ماجد بك.
وخرجت تطرق الأرض بكعب حذائها لتصنع منه إيقاع مع دقات قلبها الملتاع……

********
دلفت إلى شقتها وهى فى حالة من الإجهاد الجسدي والعقلى بشكل كبير و لذلك قررت أن تغمر جسدها بالمياه حتى تفيق قليلا فلم تفكر كثيرا ألقت بكتبها و حقيبتها على أقرب مقعد و دخلت المرحاض بعد أن تخلصت من ثيابها سريعا و فتحت المياه لتجعلها تنساب فوق جسدها وتأخذ معها ارهاقها طوال اليوم ولكنها لم تشعر بتلك العين التى تتجسس عليها بنظرات مقززة قذرة… بدأت في أن تمارس عادتها المعتادة مع المياه في التفكير تفكر وتفكر وتفكر… تفكر في دراستها و تفكر في امها وما تؤول اليه الظروف في الفترة الأخيرة وتفكر في اخوتها و اخيرا قطع تفكيرها صوت طرقات غليظة على الباب أجفلتها وجعلتها تسرع باتجاه أي شئ تستر به جسدها و لكن استوقفها صوته المقزز:
_هلا انتهيتِ حبيبتى من استخدام المرحاض فأنا أيضا أريد أن استحم قبل أن أنزل إلى عملى..
ردت بثبات عكس ما يدور داخلها قائلة:
_ثانية واحدة.
واغلقت الماء ثم جففت جسدها سريعا وارتدت منامتها على عجلة وخرجت فى توتر بدا على عينيها العسليتين قائلة في صوت ثابت :
_يمكنك استخدامه الآن.
نظر لها بابتسامة أظهرت اصفرار أسنانه القبيحة و شملها بنظرة وقحة متفحصة جعلتها تشعر بقشعريرة تسرى فى جسدها ثم اقترب منها مردفا:
_وأين هى قبلتي أيتها الصغيرة؟! لقد اشتقت لها لم تعطينى إياها منذ زمن…
ابتسمت بتردد و حاولت أن تهرب قائلة :
_سوف أخلد إلى النوم أبى واذا أتت ماما أخبرها بألا توقظني.
رد عليها وقد ظهر على وجهه الامتعاض قائلا:
_سأخبرها لا تقلقي.
لم تنتظر سماع شئ آخر منه واسرعت لتدلف إلى حجرتها و اغلقت الباب خلفها بالمفتاح ثم ذهبت إلى سريرها وتدثرت جيدا و تركت لدموعها الحرية لتحفر اخاديد و جروف الحزن والخوف على خديها
حتى غفت ولم تشعر بشئ…..

********
أنهى يوم عمله بالشركة سريعا وعاد ليجهز امتعته للسفر و ما إن دلف إلى حجرته حتى دخلت له جوليا تلقى عليه نظرات من غضب مستعر فلم يلتفت لها وراح يجوب الغرفة وينظم فى حقيبته حتى فاتحته قائلة :
_هل ستسافر اليوم؟!! ألم تعدنى بأنك سوف تنتظر حتى الغد لا أعلم ما الذى جعلك تغير رأيك!!
التفت لها اخيرا واقترب منها واخذ وجهها بين يديه وهو يردف :
_كلما أسرعت بالذهاب كان أفضل لا تقلقى عزيزتى سوف آتى سريعا..
وختم جملته بقبلة حانية فوق جبينها جعلت عيناها تدمع وعندما همَّ بالابتعاد طوقت رقبته لتهمس فى اذنه :
_ارجع لى آدم سريعا فإن لم يكن من أجلى فهو من أجل طفلك.
ومسكت يده لتمررها على بطنها تحت نظرات الدهشة التى اعتلت قسمات وجهه مما سمعه ولكنها تغاضت النظر لدهشته و ذهبت لتساعده فى جلب متعلاقته المهمة أخذ عدة دقائق ليستوعب ما قالته و بشراسة أسد أمسك ذراعها بقوة جعلتها تتأوه منها وجذبها لتقف أمامه ثانية قائلا بصوت أقرب لانذار بالهلاك:
_هلا افهمتيني ما قلتيه للتو؟!
لم ترد وظلت تسبل اهدابها حتى هزها بعنف قائلا بصوت جهوري:
_هل شُلَّ لسانك يا عاهرة؟
انسابت دموعها خوفا من قولها الغبي في ذلك الوقت و ردت:
_انه طفلك اقسم لك…
رد وقد بدأ يفقد اعصابه هادرا:
_وهل سينفعنى قسمك ألم تقولى أنكِ أخذتِ كامل احتياطاتك فمن أين أتى ذلك الطفل أيتها اللعينة.
ظلت تنتحب و تبكى حتى ردت بعد أن شدد أدم قبضته على معصمها قائلة:
_ربما فشلت وسيلة منع الحمل ما دخلى أنا…
صفعها آدم فهوت على وجهها وهدر فيها بعنف حتى برزت عروقه:
_وهل أنا احمق أمامك حتى أترك مستقبلى بين يدي عاهرة مثلك؟!
ونزل على ركبته وجذب شعرها ليوقفها معه قائلا بصوت يشبه فحيح الأفاعي :
_لمن هذا الطفل أيتها العاهرة؟!! أقسم لكِ سوف أقتلك ان لم تجيبيني.
نظرت له باستعطاف حتى يرأف بها وهي تردد خلف دموعها المنهمرة:
_لا يوجد طفل…. لايوجد طفل آدم كنت أريدك أن تعود لى
فقط.
تركها وترك شعرها وهو ينظر لها باشمئزاز و هي تبادله نظرات الضعف والخوف من ذلك الحيوان الذى طغى عليه منذ قليل وذهب لاكمال ما يحتاج اكماله ثم نزل صافعا الباب خلفه ليجعلها تنهار باكية على لحظات ذلها منذ قليل….


******

دخل حجرتها وهو يستعلم ما ان كانت نائمة ام لا حتى جاء له صوتها الذى ينتظر سماعه قائلة بدلال:
_أنا هنا يا إياد تعال لا تخف بنى لن أخبر والدك على فعلتك الشنعاء مع زوجتك المستقبلية.
نظر لها شذرا ثم جاوب بضيق مصطنع :
_أرجوكى لا تذكرى صلتها بى.
ضحكت على تعابير وجهه و جذبته ليجلس بجانبها على سريرها ثم اردفت بفضول:
_أخبرنى ماذا حدث؟!!
ابتسم في وجهها المحبب له مردفا:
_كانت تريدنى أن أحضر عيد ميلادها مع رفاقها وكما تعلمين سوف أذهب لها في المسا…. لقد نسيت حجز طبيب الأسنان.
عبست في وجهه مستفهمة:
_طبيب الأسنان!! ألم تكن عنده بالفعل؟
انقلبت ملامحه فور ذكرها لذلك ثم رد بنفاذ صبر:
_لم تكن سوى طبيبة متعجرفة فاشلة انتظرتها ساعة كاملة لتأتي.
ابتسمت ثم غمزت له قائلة :
_جميلة؟!
التفت لها مبتسما وهو يرد قائلا:
_بل متوسطة الجمال…
ضحكت ملئ فمها حتى سحبها من ملابسها قائلا:
_أيتها المتحاذقة ماذا تريدين؟!
ردت ولم تتخلص من ضحكها قائلة:
_لا أريد شئ بني كل ما أريده هو أن أسعد بك مع عروسك تعيسة الحظ….
ضحك اخيرا على كلامها ثم حملها ودار بها حول نفسه حتى صرخت فدخلت عليهم أمهم قائلة بفزع:
_ماذا هناك يا شفق؟؟
وما إن دلفت حتى ابتسمت برضا لما رأته وعندما لاحظها إياد حتى ترك شفق تقع أرضا فجأة قائلا:
_آسف لن أفعلها مرة أخرى وأنا أعلم أنها فتاة وعلىّ أن أحترم ذلك وألا أضايقها بأي شكل و….
ضحكت أمه ثم قاطعته قائلة:
_أهدأ قليلا حتى على الأقل لتأخذ نفسك…. أنا أمك ولست سيادة اللواء مختار.
دلف مختار هو الآخر إلى الحجرة ما إن سمع اسمه قائلا:
_ما به مختار….؟
ضحكت شفق ما إن رأت أبيها ثم قامت لتذهب وتحتضنه قائله:
_اشتقت لك ميمو..
حاول إياد أن يكتم ضحكاته تحت نظرات أبيه التى تحمل الدهشة مما نطقته ابنته ولكنه ضمها إلى صدره بحنان وهو يرد بتهكم:
ميمو!! اشتقت لكِ قلب ميمو_
وختم جملته بقبلة حانية بين عيناها و على صوت إياد فجأة :مرحبا و مهللا بأبيه قائلا
يا اهلا بكبير العائلة متى وصلت أيها الوسيم لقد اشتقنا لك و أنا أسأل نفسي ما كل هذه الأنوار التى غطت المكان
:قاطعه أباه بابتسامة واثقة مردفا
إياد أريدك بعد أن أتناول قهوتى بموضوع هام_
ازدرد إياد لعابه بصعوبة بعد جملة أبيه الأخيرة ونظرت له أخته وهي تحاول أن تكتم ضحكاتها حتى التفتت إلى أبيها عندما سألها بجدية
وأنتِ أيتها المشاغبة الصغيرة ما أخبار دراستك؟ _
:ردت بجدية تناقض ملامحها المتشبعة بالشغب قائلة
اعتقد أنها سنة دراسية صعبة ولكن لا تخف سوف أبهرك_ ..بالنتائج كالعادة
ابتسم برضا فى وجهها واردف قائلا وهو يلتفت بنظراته إلى :أمها
واثقة من نفسك كأمك... أيتها الصغيرة_
خجلت مريهان من نظراته رغم كبر سنها و لكنها لا تزال تذوب تحت أشعة عينيه التى تحييها... نظرت لهما شفق بابتسامة حانية فكم تتمنى أن تعيش مثل قصة حبهما الجميلة ولكن قطع تأملها إياد عندما أستأذن أبيه أن يخرج حتى يرد على هاتفه وخرج بالفعل متجها إلى غرفته وما إن رد على :المكالمة حتى جاء صوته ساخرا
اوووه لقد تأخرت تلك المرة لا تقل لي أنك قررت التخلى عن مبادئك وأخذتها إلى مصنع الكراسى
:ضحك إياد على ذلك الغبي الذى يتحدث معه و رد عليه يسبه
أيها الحقير حياتك في أميركا جعلتك سافل من الدرجة الأولى ماذا تريد لا تقل أنك اتصلت بى لأنك اشتقت لي؟
:صدحت ضحكته الرجولية قائلا بمزاح قليل الحياء
من جهة الاشتياق فلا استطيع الانتظار لاستعادة ليالينا_ ..الحمراء معا
ضحك إياد وسبه بسبة نابية ثم أكمل قائلا بجدية يشوبها :ابتسامته الجميلة
ها ماذا تريد اعطني ما عندك.._
زفر آدم وكأنه يريد التخلص من الضغط الذى وضعه أبوه به :ثم اردف قائلا
أنا قادم إياد... قادم إلى مصر_
:لم يصدق إياد ما سمع ولذلك ردد بانفعال
قادم... أيها اللعين ولم تخبرنى_
:قاطعه آدم بنبرة هدوء عكس ما يدور بخلده قائلا
لا تفرح فذلك من أجل أبى... تعلم إياد ما هي مشكلتي جيدا و أنا لا _
:قاطعه إياد قائلا بصرامة
آدم أنت ابن ماجد الفارسي وهي مجرد زوجته لا تهجر أبيك_ من أجلها أنت تعلم أنك كل ما يملك فلا تفطر قلبه ببعادك عنه..... أبوك يحتاجك آدم
:اختنق و تغير صوته حين رد مردفا
لا استطيع إياد... لا استطيع ان اتحمل وجودها مكان أمى_
حزن إياد لسماع صوت ابن عمه بذلك الشجن ولكنه حسم :أمره قائلا
آدم أتتذكر شقة أبي القديمة...مازالت فارغة يمكنك استعمالها_
:انتبه آدم إلى تلك الشقة سريعا و رد مردفا
شكرا إياد ولكنها شقة قديمة لا استطيع_
:ضحك إياد ساخرا وهو يرد
أيها المتعجرف وأنا الذى أردت مساعدتك _
:ابتسم آدم و رد بجدية
لم يخلق بعد الذى يساعد آدم_ الفارسي
ابتسم إياد ثم رد بحنو و شغف:
_إذا سوف آتى لاصطحبك من المطار غدا فقط اعلمنى موعد وصولك فلقد اشتقت لك بالفعل أيها المتكبر.
شقت ابتسامة حانية طريقها لوجهه :
_ليس أكثر منى يا أرنبى اللطيف..
ضحك إياد و رد مازحا :
_سوف أريك ما سوف يفعله بك أرنبك حين تأتى.. سوف أغلق الآن شفق تناديني...
وأغلق المكالمة تاركا آدم بابتسامة حانية افتقدها منذ أن كان طفلا لم يعلم أنه كان بحاجة لإياد لتلك الدرجة دائما ما يشعر أن إياد أخوه وليس ابن عمه فقط تسرب قليلا من الدفئ داخله ليطرد ذلك الشعور بالغربة وقطع شروده رنين هاتفه باسم جوليا مما جعله أغلق هاتفه تماما

********


دخلت إلى البيت بعد يوم شاق مع الورق والحسابات بصحبة مروان و وجدت سيلين بانتظارها لتخبرها عن انها بحاجة للتبضع فيما يخص ملابسهم و احتياجاتهم و دخلت لتوقظ سهى ولكنها تعجبت عندما وجدت باب الغرفة موصد من الداخل فأخذت تنادى على سهى حتى فتحت الباب قائلة بحنق:
_ماذا هناك..!!
ردت سيلين بنظرات جامدة تحت مراقبة نظرات سهيلة:
_لماذا تغلقين الباب؟!
ردت سهى وهى تحاول أن تخفى ارتباكها :
_كنت أريد النوم بهدوء ليس إلا....
ردت سيلين بنبرة حازمة تحمل الشك :
_تريدين النوم بهدوء أم أن هناك من حاول مضايقتك...!؟
فهمت سهى وسهيلة ما ترمى له سيلين فاردفت الأولى بسرعة لتمحي الشك من الولوج إلى نفس سيلين:
_لا لا سيلين فقط أردت النوم لم يكن موجود حتى عندما أتيت...
تغاضت سيلين كذب أختها و شرعت تسرد لهم ما يفعلوه ليروا ما ينقصهم فردت عليها سهيلة بتركيز :
_إذا أنا سوف أرى ماذا ينقصنا فى الأحذية و سهى عليها الفساتين...
ردت سهى بحماس ظهر على ملامحها :
_امهلونى فقط نصف ساعة وسوف ادون كل ما ينقصنا....
ابتسمت لهما سيلين وقالت بنبرة حكيمة:
_وأنا سوف أحسب الميزانية و اقسم بيننا الحساب...
أومئت سهيلة ثم انصرفت باتجاه خزانة الأحذية لترى ما هي الألوان و الأنواع التى سوف يحتاجونها بينما اتجهت سهى إلى خزانة الملابس و جلست سيلين على سريرها و رفعت شعرها على شكل كعكة فوق رأسها وأخذت كراس وقلم وشرعت فى حساباتها مع كل ما يمليه عليه أخواتها وتوقفت حين دلفت إليهم أمهم بنظرة حانية لما يفعلوه فهى تعلم كم يحبون أن يشاركوا بعضهم في كل شئ و قالت لهم:
_إذا سوف نترقب أحدث صيحات الموضة تأتي بيتنا قريبا..
ابتسمت سيلين هى و سهيلة بينما قامت سهى حتى تدخل المرحاض وردت سهيلة بوجه صافى مثل سماء أغسطس مردفة:
_نعم حبيبتى وسوف نبهرك بأذواقنا كالعادة ولكن أخبريني أولا ماذا سوف نأكل على عشاء اليوم؟!
ضحكت ماجدة ثم ردت ممازحة:
_أول من تسأل عن الطعام وآخر من يقوم من على المائدة..
ضحكت سيلين وقالت مداعبة لاختها التى قوست فمها لاسفل مثل الأطفال :
_ولكنها خسرت الكثير من وزنها فى الآونة الأخيرة.
ابتسمت سهيلة بفرح طفولي وهي تسألها :
_حقا!! أتعلمين كل ذلك من ضغط العمل ولكن ذلك أفضل بكل تأكيد...
*********
خرجت من المرحاض حتى سمعت طرقات على باب الشقة فذهبت لتفتح وما ان فتحت حتى انقبض قلبها فما كان سواه بابتسامته اللزجة التى لا تفارق محياه رد بفرح لرؤياها قائلا:
_صغيرتي الفاتنة قد أتت لتفتح لى وكأنها تعلم ما أحمله لها من مفاجأة سوف تسعدها...
ابتسمت فى ارتباك قائلة :
_كنت مارة فقط بجوار الباب و...
قطع كلامها حينما دلف إلى داخل الشقة وهو يسحبها خلفه من معصمها قائلا:
_فقط تعالِ لأريكِ ماذا جلبت لكِ.
شردت قليلا ونظراتها معلقة على باب غرفتهم حتى قطع شرودها بصوته المقزز مردفا:
_ما رأيك صغيرتى؟!!
التفتت له لتراه يحمل بيده فستان احمر قصير لا يناسب سنها تماما فشعرت بالاشمئزاز منه وتحولت نبرة صوتها من الهدوء إلى المهاجمة وهى ترد قائلة:
_ما هذا؟!!.... أتمزح!!
جعد جبهته فى استفهام وسحب يدها لتقف أمامه وادارها ليضع الفستان على ظهرها مدعيا أنه يرى المقاس و أكمل كلامه بنبرة خافتة اخافتها:
_ألم يعجبك عزيزتى؟! رأيته وكأنني رأيتك ترتديه انظرى انه مقاسك سوف يتناسب مع بشرتك الناعمة المرمرية و...
وقاطعته عندما شعرت بيده تجوب ظهرها بحرية فالتفتت له هادرة فى وجهه دون حساب لصوتها الذى وصل مسامع اخوتها وأمها قائلة:
_أجننت كيف تسمح لنفسك بأن تلمسني؟!!
هبت سيلين مسرعة للخارج ما إن سمعت جملتها الأخيرة ووقفت أمام سمير بعد عدة خطوات و سبقتها سهيلة لتمنع حريق على وشك الحدوث ولكنها لم تستطع فكانت سيلين الأسرع بأخد أختها الصغيرة خلف ظهرها و التصدى لسمير وحدها بعينان تشبهان الشمس فى وهجها من شدة الغضب..... لم تستطع أن تتمالك اعصابها فتحدثت له بصوت من نار قائلة:
_أرني إذا كنت رجل كيف لمستها؟!!
تدخلت سهيلة حتى تصنع حاجز بين جسده وجسد أختها و ردت مدافعة:
_مستحيل سيلين إنه فى حكم أبينا..
قاطعتها سيلين هادرة بعنف:
_ليس لي أب فأبى قد رحل وتركنا وما هو إلا زوج أمنا و لا يعقل أن تصدقيه وتكذبى أختك!
حينها استمد سمير قوة واهية من وجود سهيلة أمام سيلين و رد مناديا ماجدة :
_ما هذا الكلام!!..... أين أنتِ ماجدة لتسمعى بنتك العاقلة وما ترميه من افتراء لى...؟!
نظرت ماجدة لسيلين بتوسل قائلة:
_ لم يحدث شئ لكل هذا أنتِ تعلمين أنها صغيرة وربما أسائت الفهم عزيزتى..
صعقت سيلين من رد فعل أمها هى و سهى ولكنها استمعت إلى سهى التى انفجرت فى وجه أمها هادرة:
_صغيرة!!..... أنا ابنتك كيف تنصفيه؟! من أجل ماذا أمى؟ كيف تستباحين أفعاله ونظراته و حديثه المقزز لى؟؟؟ ولكن لا تجزعى فسوف أترك لكما المنزل حتى تستطيعين أن تعتنى به جيدا....
لم تكد سهيلة أن تسمع كلام أختها حتى التفتت إلى سمير ووجدته يتصبب عرقا فأزاحتها سيلين من طريقها و صوبت له لكمة فى أنفه هشمتها له وجعلته يسقط أمامهم مغشيا عليه......وذلك جعل أمهم تنهار باكية فى جزع مما أثار اشمئزاز سيلين و أثار غضب سهى بينما أحزن سهيلة كثيرا.. التفتت سيلين لأمها وقالت لها في نبرة عنيفة:
_نحن أم هو؟!!!!


*********




دلف إلى الفيلا بإرهاق شديد بعد يوم عمل شاق مع أبيه منير الفارسى فكان عليه أن يستقبل الوفد الإيطالي ليأخذهم إلى مقر الشركات فى لبنان ببيروت... صعد غرفته فى خطوات هادئة ودلف إليها سريعا وما هى إلا لحظات حتى كان يلقى بجسده أسفل الماء حتى يستطيع التخلص من كل ذلك الضغط... لم يأخذ الكثير من الوقت حتى لا يفكر في شئ كل ما يريده هو الراحة و صفاء الذهن سحب المنشفة ليغطى بها جزعه و ذهب أمام المرآة ليدقق فى انعكاسه بنظرات لا تعبر عن شئ ولكنه ردد اسمه لنفسه بصوت مسموع قائلا:
_مالك الفارسى....
مالك الفارسى... شاب بلغ من العمر الثالثة والعشرين مثله كمثل باقى أفراد عائلة الفارسى يتحمل المسؤلية منذ أن أنهى دراسته فى كل ما يتعلق بشركة أبيه ويمكن أن يكون من قبلها بسبب ضغط منير عليه لأن يكون الأفضل بين أولاد عمامه و أصدقائه تحت مسمى التميز قبل التفوق..... هذا ما دار بباله عندما ردد اسمه نظر إلى انعكاسه مرة أخرى نظرة شاملة ليرى شاب وسيم ذات ملامح جامدة من عينين حادتين و أنف مستقيم و شفتان مكتنزتان بعض الشئ فى شكل يجعله يصنف من أوسم رجال العائلة وما جعله يزداد وسامة طوله الذى ورثه عن تلك العائلة و جسمه المتناسق بعضلاته البارزة ذات اللون البرونزي المصرى لم ينتبه يوما لوسامته بقدر ما ينتبه لتفوقه فى اى مجال يدلف إليه قطع شروده في نفسه دقات رقيقة على باب المرحاض الخاص الملحق بغرفته ففتح ليرى أخته الصغيرة ذات العشرين عاما ترمقه بغضب وهى تشتكي له من تؤامها المزعج قائلة:
_مالك أيعجبك هذا؟! أرجوك أن تجعل ذلك الغبى يكف عن مضايقتى...
وانهت جملتها بإشارة اتجاه ليل الذى دلف إلى الغرفة حانقا من تلك المتعجرفة روفانا وكاد أن يتحدث حتى ارتفع صوت مالك قائلا:
_هلا تكفون عن أفعالكم الطفولية تلك؟! متى سوف تكبرون؟؟؟
نظر له ليل و رد بضيق حنق:
_اسمع مالك أنا لا احتاج إلى محاضراتك تلك فبدل من إهدار وقتك فى إلقاء واحدة منهم هذب أختك واجعلها تحترمنى أمام أصدقائي فأنا لست بطفل حتى تسخر منى.
استمع له مالك و كاد أن يرد حتى سمع صوت أخته تبكى كعادتها حتى تستعطفه و بالفعل نجحت في ذلك فهدر معنفا ليل بقسوة مردفا:
_ما رأيك أن أربيك قبلها حتى تعلم كيف تتحدث مع أخيك الكبير مرة أخرى وإلى ذلك الوقت الذى سوف تحرص فيه على احترامى أنت ممنوع من الخروج ولى كلام آخر مع أبى.
خرج ليل حانقا غاضبا لاعنا الوقت التى أصبحت فيه أخته و صفع الباب خلفه بقوة وما إن خرج حتى التفت مالك إلى روفانا يعنفها فى حب و عطف قائلا:
_وأنتِ أيتها الصغيرة ألم تكفى عن المشاغبة بعد؟! يجب أن تحترميه مثلما تريدينه يحترمك وإلا سوف يجعل منكِ أضحوكة ولن ألومه حينها..
ابتسمت و قبلت صدغه بحنان ولكنها ابتعدت سريعا قائلة:
_منذ متى لم تحلق؟!
أخذ يفكر حتى قاطعته قائلة:
_غدا سوف أشرف بنفسي على جعل ذلك الوجه االوسيم أملس مرة أخرى...
ابتسم لها ثم داعب انفها بابهامه قائلا:
_كبرتِ وأصبحتِ آنسة أيتها الصغيرة.
ردت له ابتسامته بابتسامة أكثر اشراقا مردفة:
_وأنت أصبحت من أوسم رجال الأرض.
قبل جبينها قبل أن تنسحب لتذهب لنومها ولكنها توقفت في طريقها إلى الباب مداعبة:
_لا تخرج لنا مرة أخرى بالمنشفة فلا تعلم إن كانت ستثبت كل ذلك الوقت أم ستتخلى عنك.
ضحك وهمَّ بالالحاق بها ولكنها خرجت سريعا لتتركه هو و كآبته مرة أخرى

**********
دلف إلى غرفته ليبدل ملابسه حتى يلحق بعيد مولدها ذلك ولكن استوقفه صوت أبيه النادى باسمه حتى التفت له وعندها تحدث معه مختار قائلا:
_لم نتحدث بعد ما رأيك أن آتى معك لأصلك إلى بيتها و أذهب إلى عمك ماجد بعدها..؟!
لم يستطع إياد أن يعترض أمام طلب أبيه رغم معرفته بأنها فكرة ساذجة و طفولية لشخص بسنه ولكنه وافق مردفا:
_أنا موافق لا يوجد أدنى مشكلة ولكن امهلنى بعض الوقت لأرتدي ملابسي وألحق بك.
أومأ له مختار دليلا على موافقته و ذهب إلى المرأب الخاص بالفيلا وركب سيارته وخرج بها ليقف أمام باب الفيلا لينتظره حتى نزل إليه بضع درجات ودلف إلى سيارة أبيه بجانبه ليتضح الشبه بينهما فى الوقار و الحكمة و الوسامة كل أحد فيهم بسنه المختلف ولكن يظهر لكل من يراهما معا مدى التشابه بينهما فإياد ورث طول أبيه و عيناه البندقيتان و فمه الضاحك دائما كما ورث لون شعره الكستنائي وأكثر ما يجعلهم نظراء لبعض شغفهما و ولعهما بعملهما فكلاهما التحق بكلية عسكرية بكامل حريته ولذلك دائما تلازمهما الرشاقة و خفة الحركة.... تحرك مختار بالسيارة ليخرج من محيط الفيلا باتجاه الطريق العام وفي ذلك الوقت شرع بالتحدث إلى ابنه قائلا:
_إذا أخبرني ما أخبار علاقتك بحور؟ هل هى على ما يرام؟!
صمت إياد لبرهة فقد علم أن أبيه فضل أن يدخل في صلب الموضوع بدلا من التطرق لبدايات واهية و رد بنبرة مغلفة بالغموض:
_أعتقد ذلك...
فهم مختار ما يحاول ابنه فعله ولذلك رد مردفا:
_انظر يا بنى أنت و أختك و أمك مالي و كنزي فى حياتى رزق الله واسع ولكن لم يرزقني يوما برزق مثل رزقه لي في زوجتي و أبنائي و حين طلبت منك أن تتزوج لم يكن سوى رجاء وليس أمر كل ما أريده أن أراك في بيتك مع امرأة تحبك وتحبها فتكن خير العون لك و تكون لها خير السند وان لم تكن حور فالبنات عديدة و ليس على القلب سلطانا... ما عليك سوى أن تترك لقلبك الاختيار وألا تحكم بعقلك..
تعجب إياد كثيرا مما سمعه وكاد أن يتحدث ولكن سبقه أبوه قائلا بحنو:
_أعلم مدى دهشتك من حديثي ولكن نحن بشر بنى ولنا قلب ولديه حق فى أن يحب أتعلم لم أكن سوى رائد عنيد حين التقيت بأمك كان قلبى مغلف بجليد ولكن ما ان ابصرتها حتى ذاب الجليد وأبدلته نار مستعرة لم أذق النوم وعرفت طعم التفكير....
ضحك إياد بينما رد أبوه قائلا:
_أتضحك!!! لديك حق فأنت لا تعلم ما رأيته على يدها.
توقف إياد عن الضحك وابتسم لسماع أبيه يتحدث معه بتلك الطريقة ولكنه سأله :
_كيف كان الأمر؟! أقصد كيف علمت أنك أحببتها....؟؟؟
التفت له مختار برهة و حول نظره إلى الطريق مرة أخرى وهو يتنهد و كأنه يتذكر تاريخ يريد سرده بالدقة ولا يغفل عن تفاصيله مردفا:
_كنت قد أنهيت الخدمة فى كتيبتي و أخذت الإجازة و فى ذلك الوقت كانت خدمتي بأسوان و عندما رجعت إلى القاهرة كنت مع زميل لى يدعى موسى منصور وما ان خرجنا من محطة القطار حتى اتجهنا إلى مطعم مشهور في وقتها بأنه لابناء الطبقة الراقية اضطررت وقتها للموافقة على الذهاب إليه من أجل موسى فقط...
توقف هنيهة يتنفس باشتياق و هو هائم ثم أكمل بنبرة صوته الرزينة قائلا:
_دلفت إلى المطعم و جلسنا نتسامر بعد أن طلبنا الطعام الذى نريده و بعد عدة دقائق أتت حاملة للاطباق و قدمت طبق موسى ولكن وقع طبقى منها فوق سترتي وأخذت تتأسف عدة مرات متتابعة وأنا انهرها على فعلتها حتى نظرت فى وجهها و قد لجمت عن الرد حين نظرت في عينيها تعلم حينها لم ألتفت لأي شئ سوى دقات قلبى الذى قرع طبول الحرب ما ان ابصرها... بعد ذلك اليوم ظللت أفكر فيها حتى ساقتنى قدماى عدة مرات لاراقبها و أراها حتى استجمعت قوتى و ذهبت لافاتحها وعندما وقفت أمامها نطقت بشئ لم أعلم أن لدى القوة لانطقه.... قلت لها أنتِ أجمل من القمر و أروع من الشمس أحبك و أريد أن أرى حبى بعينيكِ كم أتوق لانقل لكِ مشاعري و احتضنك لتشعرى بدقات ذلك الأحمق الذى ينبض من أجلك.
لم يتوقع إياد كلمات أبيه وتحت نظرات دهشته أكمل مختار مردفا:
_تعلم ماذا فعلت؟ لقد صفعتنى و نعتتنى بالسافل قليل الحياء حينها لا أعلم لماذا أعجبت بها و تعلقت بها أكثر ولذلك ذهبت بعدها باسبوعين مع أبى لخطبتها... وبعد كتب الكتاب صارحتنى بحبها و كنا دائما نبعث الجوابات الغرامية لبعضنا حتى اقترحت فكرة أن يوجد مع كل منا كراس حين نبتعد عن بعضنا لندون ما نريده ونتبادل الكراسات حين آتى من الخدمة وبالفعل كنا نكتب كل ما نريد أن نقوله لبعض.... لا أعلم متى أحببتها ولا متى عشقتها وهى كذلك لا تعلم أيضا ولكن كل ما نعلمه أن قلب كل منا نبض لأجل الآخر..
ابتسم إياد غير مصدق ما سمعه فلم يصدق أن ذلك اللواء لديه قلب غرق فى الحب من قبل ولم يتصور يوما ما أنه قد يتصرف مثل المراهق تحت أحكام قلبه... قطع شروده صوت أبيه مردفا:
_لقد اقتربنا... تذكر كلماتى بنى ليست حور بعينها ولكن ما يهم هو قلبك عزيزي واستمع إلى نبضاته قبل أن تستمع إلى دقات عقلك.
ابتسم في وجهه وهو يومئ له بعد أن بث كلام أبيه الكثير من الأمان والراحة فى نفسه وما ان توقفت السيارة حتى ارتجل إياد منها ساحبا معه حقيبة وردية اللون و أغلق باب السيارة خلفه ولكنه رجع و ادخل رأسه من شباكها ممازحا:
_وهل وافق جدى بتلك السرعة؟! كيف أقنعته؟؟؟ لابد أنك اتجهت إلى السحر وأعمال الدجل لتقنعه...
ضحك مختار و رد ببساطة:
_هذه قصة أخرى تحتاج لشرح طويل.... هيا لتلحق بالحفل.
ابتسم إياد و رد مؤكدا :
_سوف أذهب.... إلى اللقاء فى جلسة اعتراف أخرى أيها اللواء..
ضحك مختار على ابنه و تابع خطواته إلى أن دلف إلى داخل الفيلا و تحدث إلى نفسه بصوت مسموع فى حنين قائلا :
_متى كبرت أيها الصبى؟!!!

**********




لم تستطع أن تتحمل كل ذلك فسقطت مغشيا عليها نتيجة ارتفاع مستوى ضغط الدم لديها مما جعل سهيلة تهرع إليها لتسند جسدها قبل أن تسقط أرضا و استطاعت أن تحملها بمساعدة سهى فقد ساعدهم على ذلك ضئالة وزنها و ذهبوا بها إلى غرفة نومها حتى تستريح بينما ذهبت سيلين للصيدلية المعلقة بالغرفة و سحبت منها حقنة بها سائل أصفر وذهبت بها لحجرة أمها و شرعت فى إعطائها الدواء وبعد بضع دقائق بدأت تفتح عيناها فى وهن شديد فاستقبلت عيناها ابتسامة سهيلة المطمئنة و لكنها لم تطل النظر بل غفت وسطهم فاستغلت سهيلة ذلك وأخذت سيلين إلى الشرفة لتتحدث لها وتركت سهى التى جفت الدموع بعينيها وظلت ترمق أمها بنظرات لا تحمل أدنى معنى للحياة.....
_أجننتى؟! ماذا حدث لعقلك سهيلة؟؟!!!
قالتها سيلين بنبرة تحمل مزيجا من الدهشة والعصبية و الاستنكار فى نفس الوقت بينما ردت سهيلة وهى تحاول اقناعها مردفة:
_لم أفقد عقلى سيلين بل أنا بكامل قواى العقلية ولذلك أعلم جيدا ما أقوله...
ردت سيلين هادرة باستنكار:
_تريدين منى أن نعيش مع ذلك الحيوان مرة أخرى وأن أترك أمى على ذمته وتزعمين أنكِ حكيمة... لماذا؟!! نحن لا نحتاج له أنتِ تعلمين ذلك في البداية كنا بحاجة لمن يعولنا و يحمينا ولكنه لن يحمينا إنه يهتك فى عرضنا بنظراته الدنيئة تلك....
توترت سهيلة كثيرا ولم تجد ما تقوله وأخذت تفرك كفيها حتى استجمعت شجاعتها ونطقت بها أخيرا قائلة:
_ليس من أجلنا سيلين بل من أجل أمك.... حاولى أن تمنحيه فرصة أخرى وإذا كنتِ تخشين احتكاكه بنا فلن يتحدث معه أحد سواكِ إن أردتِ.......
زفرت سيلين كل الهواء بصدرها وقالت بنبرة جامدة:
_آخر فرصة سهيلة وليست من أجله أو من أجل ماما بل من أجلكِ أنتِ....
انهت جملتها ونظرت لها نظرة خاصة فهمت سهيلة مخزاها مما جعلها تبتسم فى شجن ثم عانقت أختها التى ربتت بدورها على ظهرها فى حنو بالغ.
فى الصالة بدأ يستعيد وعيه ويتألم من أنفه التى تهشمت وما ان استطاع أن يقف حتى هرول إلى باب الشقة مسرعا ليذهب إلى أي مشفى يداويه وهو يلعن تلك الطبيبة الغبية ويتوعد لها بهلاكها على يده......
*******


كان يتدرب بأقصى ما عنده وهو يوجه اللكمات لكيس الرمل المعلق أمامه كم يمقت تلك الصغيرة التى يزعموا أنها تؤامه لا يرى ذلك لا يعلم لماذا لم يشعر يوما واحدا أنها شقيقة لهم بها شئ يستفزه يشعر و كأنها دخلية على تلك الأسرة قم يمقت دلالها المصطنع و نبرة صوتها التى تمثل بأنها رقيقة وشعرها الأشقر فى نهاياته الذى يستفزه حد الغضب وعيناها الملونة بزرقة السماء كيف برب السماء والأرض أن تكن الوحيدة التى تحمل تلك العينان... لا يوجد أحد من العائلة لديه ذلك اللون كيف من الأساس ألا تشبه أحدا منهم......؟؟!
توقف عن التدريب حين أنهك التفكير عقله وقرر أن يستريح قليلا حتى خطر بباله وجوب نزوله إلى مصر حتى يلحق بدراسته ولذلك قرر أن يحجز طائرة الغد وألا يخبرها ولكنه كالعادة خفق قلبه خوفا على تلك الجنية من أن يتعرض لها أحد بالمضايقة فحجز مقعدان بنفس الطائرة من الدرجة الأولى عن طريق تطبيق لديه فى هاتفه الذكى وبعدها سحب المنشفة من المقعد المجاور له وأخذ يجفف قطرات العرق باهمال من على جسده الرياضى وارتدى قميصه الرياضي سريعا وصعد إلى غرفتها و طرق بابها عدة مرات فلم تأخذ وقتا لتفتح فدلف إليها دون أن يتحدث وتحدثت هى بدلا منه قائلة:
_لا عليك عزيزى لقد قبلت اعتذارك...
نظر لها متفحصا ها هى تقف أمامه قصيرة الطول ذات جسد صارخ بالانوثة والرشاقة معا لديها شعر كستنائي متدرج حتى يصل إلى اللون الأشقر فى نهايته تحمل من الملامح أجملها فقد صورت بعينان زرقاوتان زرقة البحر و سمائه يعلوهما حاجبان متناسقان... وجهها منحوت لدرجة أن تشعر بها كتماثيل آلهة اليونان فى الجمال قديما فتلك الأنف البارزة بجمال كم تلبق لشفتاها متوسطة الامتلاء ذات اللون الوردى بطبيعتها.. قطع شروده و تأمله عندما سألته باستغراب:
_لماذا تنظر إلى بتلك الطريقة؟!!
رد عليها بجفاء:
_لا أشعر أنكِ من تلك العائلة.
وأنهى جملته حين أمسكها من معصمها و جذبها ليوقفها بجانبه أمام مرآة غرفتها قائلا:
_انظري هناك اختلاف أنتِ قصيرة وكلنا ورثنا الطول أنتِ بيضاء ونحن خمريون نميل إلى البرونزية بعض الشئ حتى عيناكِ زرقاء وأنا عيناى رمادية مثل سامر أما مالك فورث الأعين العسلية عن أمنا من أين أنتِ إذا؟!!
أخذت تحك ذقنها باصبعها مدعية التفكير ثم ردت بجدية تعاكس قولها:
_علمت ليل....لقد وجدونى على باب جامع.
نظر لها شذرا بينما ردت بين ضحكاتها بصعوبة:
_أجنتت؟!.... لقد تخاصمنا ولكن ليست لدرجة أنك تتنصل منى...
رد عليها بازدراء مردفا:
_روفانا لست فارغ لمزاحك التافه ذلك حضرى حقيبتك حتى نعود إلى مصر غدا لقد حجزت لنا على طائرة السادسة من مساء الغد...
تغيرت ملامحها وهمت أن تهاجمه ولكنه قد خرج وتركها وحدها مع حيرتها وحزنها على معاملته الجافة لها ولذلك آثرت ألا تثير مشاكل أخرى و أن تنصاع لأوامره الدكتاتورية......

*********



لم ينتظر كثيرا حتى دلف إليه أخوه يرحب به بحفاوة بالغة تنم عن مدى افتقاده له ولم يتوان الآخر عن احتضان أخيه ليرد له ترحابه و عندما انتهوا جلسوا معا ليتحدث مختار بنبرته الرزينة قائلا:
_أخبرنى ماجد ما أخبارك وما أخبار آدم؟!!
تغيرت ملامح ماجد قليلا و رد بنبرة يشوبها حزن مغلف بالاشتياق قائلا:
_لا أعلم أخى لا أعلم إن كان أنا الذى لست بخير أم هو الذى على ما لا يرام...
انزعج مختار من كلمات أخيه و رد بدبلوماسيته المعتادة مردفا:
_ماجد أنت تعلم أن آدم ليس مقربا منك كما أن تربيته الغربية تغلغلت به مما جعله ينسى جذوره كما أنك تعلم علم اليقين أنك ظلمته كثيرا..
تنهد ماجد وهو يتذكر ما فعله و رد بشجن قائلا:
_أعلم مختار و لا ألوم أحد سواى ولكن يعلم ربى أن كل ما أريده من حياتى هو وجوده بجانبى لا أريد شئ سوى أن أنعم برفقته لى ما تبقى من حياتى.
ربت مختار على رجل أخيه وقال مهونا:
_لا تقلق عزيزى سوف ترى حبه لك قريبا أنت تعلم أنه لا يملك غيرك ولن يتركك بنهاية المطاف....
_ولماذا لا يملك سوى أبوه وأين زوجة أبيه التى تحبه كأخٍ لها إذا كان الماضى عائق فقد نسيته و محيته ولن أكون أنا زوجة الأب الشريرة التى تمنع الإبن من أبيه....
نظر لها مختار بنظرة جامدة بينما رمقها ماجد شذرا حينما دلفت بطلتها الصارخة كعادتها تعجب كثيرا مختار من تلك المرأة وما تفعله بنفسها ففي نظره لم تكن سوى كوب من عصير الطماطم حينما دخلت لتجالسهم حيث كانت ترتدي فستان قصير فوق الركبة و أكمامه شفافة ملون بحمرة النار المستعرة وما زادها احمرار شعرها الملون بنفس اللون مع شفتاها المنتفختان إثر عمليات التجميل وغطتهم بطلاء شفاه لامع من نفس اللون كانت تثير اشمئزاز ماجد كثيرا وقطع شروده فى هيئتها الجهنمية صوت أخيه ساخرا:
_اهلا بالشعلة القادمة من النار.... أخيرا رأيتك
ردت وقد فهمت سخريته ولكنها رسمت ابتسامة مزيفة ممتازة قائلة:
_آسفة لقد كنت أتحدث فى الهاتف.... ما أخبارك مختار؟! وما أخبار إياد و صغيرتك اللطيفة شفق؟!!
فهم مختار تعمدها لعدم ذكر اسم زوجته فرد بابتسامة واثقة :
_بخير ما دام عمود بيتنا بخير....
نظرت له بحنق ولكنها حاولت اخفائه وكادت أن تتكلم حينما قاطعها ماجد قائلا:
_عذرا أخى سوف أرد على منير وآتى لك...
وانسحب من مجلسهم حينما دلفت الخادمة حاملة اكواب العصير فاتجه إلى غرفة المكتب خاصته و رد قائلا:
_كيف حالك حبيبي اشتقت لك أيها العجوز؟!
رد منير ضاحكا:
_عجوز!! ماذا عنك أيها الكهل المتصابى؟ ما أخبارك أخى؟!
رد ماجد بابتسامة صافية:
_أفضل منك.... أخبرنى ماذا فعلت مع الوفد الإيطالي؟
_لا تقلق كل شئ على ما يرام لقد تولى أمرهم مالك... كنت اتصل بك لاخبرك بقدوم ليل و روفانا على طائرة الغد فى السادسة مساءاً.
قالها منير وسحب بعدها نفساً من سيجاره و رد عليه ماجد بنبرة جادة:
_لا تقلق سوف أبعث لهم السائق و أهت.......
قطع جملته صراخ مروة ففزع كثيرا لدرجة أنه أوقع هاتفه ليجرى إلى الغرفة الأخرى


*******


رنا الليثي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-20, 01:02 AM   #12

ناديه الشمالي

? العضوٌ??? » 428575
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 40
?  نُقآطِيْ » ناديه الشمالي is on a distinguished road
افتراضي

بالتوفيق ان شاء الله
Adella rose likes this.

ناديه الشمالي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-20, 03:44 PM   #13

Moon roro
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 418427
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 852
?  نُقآطِيْ » Moon roro is on a distinguished road
افتراضي

فصل جميل ورائع بالتوفيق ان شاء الله🌹🌹🌹
Adella rose likes this.

Moon roro غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-09-20, 03:55 AM   #14

ام حاتم الطائي

? العضوٌ??? » 464229
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 345
?  نُقآطِيْ » ام حاتم الطائي is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
Adella rose likes this.

ام حاتم الطائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-09-20, 09:03 AM   #15

رنا الليثي
 
الصورة الرمزية رنا الليثي

? العضوٌ??? » 477331
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,039
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » رنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام حاتم الطائي مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
حبيبتي ربنا يخليكي ❤️

Adella rose likes this.

رنا الليثي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-09-20, 09:19 PM   #16

رنا الليثي
 
الصورة الرمزية رنا الليثي

? العضوٌ??? » 477331
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,039
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » رنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثانى

دلف إلى الغرفة الأخرى ليجدها واقفة تقفز من الفرح كما تزعم وحينها ذهب لها سريعا وجذبها من معصمها لتلفت له تحت نظرات مختار الدهشة من رد فعلها حين قرأت تلك الرسالة المبعوثة لها و هدر فى وجهها دون اعتبار لوجود أخيه قائلا:
_أجننتِ أيتها المختلة؟!!
نظرت له باستنكار مردفة بدلال مصطنع :
_أهكذا تعامل أم ابنك.....
لم يفهم ماجد ما قالته ولذلك رد مستنكرا:
_ماذا تقولين أيتها المرأة؟!!
ردت وقد استطاعت أن تتقن الدور عليه ببعض من دموع التماسيح قائلة:
_نعم حبيبى أنا حامل.....
سقطت الجملة على مسامع ماجد كالقنبلة وقطع دهشته جملة أخيه المهنئ له مردفا:
_مبروك ماجد ألف مبروك عزيزى سوف أذهب لأننى تأخرت على شفق فقد وعدتها أن أخرج معها....
أومئ له ماجد غير مستوعب لما سمعه من فمها واصطحب أخيه حتى باب الفيلا ليوصله وما إن خرج مختار حتى ذهب ليتأكد مما سمعه ولكن خادمته أخبرته بصعود زوجته لجناحها ولذلك صعد مسرعا ودلف إلى الغرفة ولكنه صعق عندما وقعت عيناه عليها ولكنها لم تنتظر رده وسحبته من قميصه وطوقته بذراعيها حتى تلاصقت أجسادهما و دنت من أذنه هامسة:
_لا تعلم كم أنا فرحة الآن لوجود جزء منك بأحشائي سوف يكون لك ابنا آخر ماجد...
قاطعها عندما أزاح يديها من على عنقه و سألها بصرامة:
_متى ذهبتِ لعمل التحاليل؟! بل متى شعرتِ بأعراض الحمل من الأساس ؟!!
نظرت له بإغواء تتقن رسمه على محياها و اقتربت منه قائلة:
_لا أعلم متى ولكن ما أعلمه هو حدوثه تلك الليلة التى حضرنا بها حفل تكريمك.... أتتذكر؟! أتتذكر كيف كنت....
باعد يديها عن قميصه وهى تحاول أن تحل أزراره فى اشمئزاز منها ومن فستانها الذى يفضح أكثر مما يستر مردفا:
_لا أذكر ولا أريد أن أتذكر اسمعينى مروة جيدا لا أريد أن يعلم آدم بذلك الخبر وإلا أقسم بربى لأجعلنكِ تندمين يوم أن وافقتى على الزواج منى....
عبست في وجهه و قد استفزها رده حد الغضب فاردفت هادرة:
_ماذا حدث لك ماجد؟! آدم آدم آدم..... أنسيت أننى امرأتك و لدى الحق فيك أيضا؟ لماذا تشعرنى بأنك جلبت ابنك القاطن أحشائي بالرزيلة؟! أنا زوجتك أنسيت ذلك أم من أجل مشاعر آدم سوف تطلقنى أيضا....؟!
رد عليها ببرود طغى على وجهه قائلا:
_أتعلمين شئ؟! لو اضطررت لذلك لن أتردد مقابل أن يعود آدم لى مرة أخرى... يكفى غبائي فى قرارى لطلاق أمه ولن أعاود ذلك الخطأ مرة أخرى...
نظرت له فاغرة فاها فلم تصدق أن يصل ماجد إلى تلك القسوة يوما ما بعد أن كانت مدللته الغالية ولطالما تمنى منها طفلا يشاركهما حياتهما.... ولكنه لم يترك لها الفرصة و انسحب من غرفتهما وذهب إلى غرفة أخرى ليختلى بأفكاره و أحزانه بينما تركها مشتتة بين الحيرة والشك ليمزقها الحقد و التوعد
************
نظر إلى ساعته فى ملل فلم يجد ما يجذبه للحديث أو التسامر مع أحدا من أهل حور أو حور نفسها فقد شعر بأن تلك العائلة سطحية وتهتم لظواهر الأمور و قشورها بدلا من النظر إلى جوهر الأشياء و لذلك اختلى بنفسه فى زاوية و فضل أن يتابع دون تعليق حتى يمر الوقت دون جدال مع أحدهم....
اقتربت منه حور فى هيئة تشبه دميات الباربى و تعلقت بذراعه مردفة:
_أعلم أنك تشعر بملل لذلك سوف أصطحبك إلى مكان يبدل ذلك المزاج القاسى الذى لا يلبق بوسامتك نهائيا....
نظر لها ولم يعلق فجذبته من يده ليصعد معها درجات السلم على عجلة منها بدون أن تنتظر حتى أن يتجنب كل هؤلاء الأشخاص الذين يصطدم بهم إثر تسرعها وما هى إلا خطوات حتى صعدوا إلى غرفتها فسألها مندهشا:
_إلى أين تأخذيني؟!
لم ترد ولكنها دلفت إلى الغرفة و سحبته خلفها و أغلقت الباب خلفهما و أكملت طريقها ممسكة بيده حتى أجلسته على السرير و فتحت الأنوار عن طريق زر بجانب سريرها.... تعجب إياد من جرأتها كثيرا و سألها في جدية يشوبها ضيق حنقه قائلا :
_أليست تلك غرفتك؟!
ابتسمت له فى نظرة معجبة قائلة بثقة:
_نعم ما رأيك بها؟!
رد عليها بضيق حنق بعد أن هب واقفا مردفا:
_ومن أنا لتدخليني حجرتك؟!!!
ردت بعد أن وقفت واقتربت قليلا منه لتداعب أزرار قميصه بنظرات متشبعة بالاغراء و الإعجاب معا قائلة:
_خطيبي و حبيبي و زوجى المستقبلى...
ثم دنت منه لتهمس له بعد تطويقها لرقبته بذراعيها حتى تداعب شعره من الخلف قائلة:
_ وأبا لأطفالى...
حاول أن يبعدها عنه برفق بعد أن خجل من تصرفها كما استنكر جرأتها و لكنها التصقت به تماما و قبلت رقبته عدة قبلات هائمة رقيقة وحينها اندفعت الدماء إلى رأس إياد بغزارة و دفعها عنه بعنف جعلها تسقط أمامه بجانب سريرها و قد كُشِفَ جزء كبير من ساقيها نتيجة قصر فستانها الأسود و هدر بها معنفا:
_كيف تجرؤين؟! لا يوجد بيننا أى رباط شرعى و استبحتِ لى جسدك و شرفك... تعلمين حور لقد كنت أريدك لأخر وقت وأحاول أن أرمم ما تفسديه بدلالك و قلة حيائك ولكن عندما أتيت و رأيتك اليوم لم أشعر سوى بالخزى... انهضى وانظرى إلى ما ترتدينه و وجهك الذى أصبح مثل لوحة يختلط بها الألوان نتيجة كثرة مساحيق التجميل التى تضعينها.. انظرى إلى شعرك ما ذلك اللون؟! أبيض!! لم تنتظرى حتى تشيخين ألتلك الدرجة أنتِ سطحية؟! أحمد ربى على عدم تسرعى فى أخذ أى خطوة شرعية معك لأنك رعناء.... كل ما أستطيع قوله لكِ أن جسدك أغلى ما تملكين و شرفك هو زينتك و تعففك هو الذى يتوجك ملكة على عرش الحياء حافظى على نفسك حتى تستطيعى تربية أطفالك... إن تزوجتى
نظرت له مشدوهة و دموعها تنساب دون شعور فهى تعلم أنه جرحها كثيرا ولكن اليوم طعنها كيف يلفظها بتلك الطريقة القاسية؟ كيف لم تلاحظ حبه و ظلت متعلقة بيه؟ لم تشعر به وهو يغادر غرفتها تاركا لها دبلته حيث كانت تحت تأثير خضم معركة تفكير تدور برأسها بينما اتجه هو غير مفكرا إلى البيت حتى ينعم بقسط من الراحة أخيرا فهو الآن يشعر بحريته حقا كيف كان غافلا عن مدى التباين بينهما؟ لا يهم ما يهم هو حريته التى نالها بعد نضال مع عقله حتى لا يتركها....
لم يفكر طوال الطريق بشئ ولأول مرة منذ عدة شهور يشعر بسعادة حقيقية ولذلك طلب من سائق العربة المأجورة أن يعلى صوت الموسيقى التى كانت تصدح بكلمات راقية لأم كلثوم فى إحدى روائعها الموسيقية..... ألف ليلة وليلة
شرد في كلماتها و هداه عقله إلى حديث أبيه معه مما جعله يتسأل هل حقا سوف يجد من تؤسر قلبه خلف قضبان عشقها ولكنه سرعان ما نفض تلك الخاطرة من رأسه ضاحكا على تأثير أبيه عليه.... لم تطل مدة جلوسه فى تلك السيارة وسرعان ما وصل إلى بيته ليفتح له عم صادق البواب البوابة الموصدة وارتجل من السيارة ليدلف إلى محيط الفيلا... ما إن دخل إلى البيت حتى وجد أمه تناديه ليصعد لها وسريعا ما لبى نداؤها و وجدها تنتظره بغرفة نومها فدخل ملقيا التحية عليها مما جذب نظرها لترمقه بنظرات فخر و زهو و إعجاب فى قميصه الأسود الضيق الذى يبرز رشاقته وتناسق جسمه ليكمل أناقته ببنطال من نفس اللون و حذاء من المخمل الأسود..... لم يخف عليه نظرات أمه حتى جلس بجانبها على الأريكة ذات اللون السماوى و قال ممازحا:
_ماذا تريدين مريهان؟!
نظرت له بحنو و مدت يدها لتلمس وجهه بفرح أم حقيقي و فخر قائلة:
_لقد كبرت عزيزي؟ لا أعلم متى حقا.... ما زلت أذكرك ذلك الطفل العنيد الذى يرفض الاستحمام ولا يستحم إلا بعد أن ينال رشوة من الحلوى المفضلة لديه
صدحت ضحكته الرجولية مجلجلة مما أظهر تفاحة آدم لديه بشكل جذاب و رد بصعوبة بين ضحكاته قائلا:
_لقد كنت أكره الماء و أكره دخول الصابون بعيني أتتذكرى ماذا كنتِ تغنين لي وقتها؟!
ضحكت ضحكة رقيقة قصيرة اتبعتها قائلة:
_نعم أذكر تلك الأغنية الخاصة بالعنكبوت....
ابتسم و فرك عينيه بيده و رد في خبث قائلا:
_إذا لماذا دعوتينى أيتها الملكة بجناحك الخاص؟ لن أصدقك إن أخبرتيني من أجل الذكريات...
لكزته ممازحة مردفة:
_بل من أجل أن أعلم ما فعلته في عيد ميلادها....
تنفس بهدوء ثم رد برزانة معهودة لديه:
_لم يكن لنا نصيبا من الأول ولذلك اقترح عليكِ أن تبدأي بالبحث عن عروس أخرى قبل أن يشم أبى بخبر عزوفى عن الزواج...
ضحكت ثم ربتت على ذقنه في حنان بالغ مردفة:
_لا تقلق عزيزي من الغد سوف ترى أحسن منها ألف مرة
ثم اردفت بخبث:
_أتعلم شئ! لم أكن أرتاح فى المعاملة معها ولا مع أمها...
ضحك على طريقتها في الحديث و قبل رأسها قائلا :
_إذا أمامك الآن المساحة لتبحثى لى عن من تشبهك برغم علمى أن ذلك مستحيل
ابتسمت له و ردت مردفة:
_بل ستجد من هى أجمل و أحسن منى
رد عليها مصطنع الجدية :
_حقا....!! وأين هى؟!
ردت بنبرة حكيمة قائلة:
_سوف تجدها أنت لن أجدها أنا... بواسطة ذلك
وأشارت على قلبه فرفع يدها وقبلها فى باطنها و قام من مكانه قائلا:
_سوف أبدل ملابسى و أخلد للنوم...
_وماذا عن طعامك؟ لم تتناول عشائك!
قالتها ملهوفة فرد ممازحا:
_لم أفعل شئ سوى تناول الطعام في تلك الحفلة.... تصبحين على خير
وخرج ساحبا الباب فى يده متجها إلى غرفته بشعور يغطيه من رأسه حتى أخمص قدميه بالراحة.......
***********
دخلت أمام أبيها ضاحكة والتفتت له لتردف ممازحة:
_ولكنك لم تشيخ بعد أرأيت تلك الفتاة كيف كانت تنظر لك و أنت تحتسى قهوتك؟!
تقدم منها وأغلق الباب خلفه قائلا بصوت منخفض:
_اخفضِ صوتك إن سمعتك أمك سوف تقتلنى حتما...
رنت ضحكتها بينما تداخلت مع صوت أمها القائل بشئ من الشك:
_وماذا فعلت حتى أقتلك؟
نظرت لها شفق وبعينيها لمعة شقاوة محببة قائلة:
_انظري مريهان يجب أن تعتنى بزوجك قليلا حتى لا تجرؤ امرأة أخرى على أخذه منكِ كما يجب أن تعلميه كيف أن يصبح قبيحا... أتعلمين كنت أفكر فى أن أبتاع له كتاب يدعى كيف تصبح قبيحا فى ثلاثين يوما...
ضحكت أمها و هى تنزل على درجات السلم متأنية حتى وقفت أمام ابنتها قائلة:
_مهما فعلت لن يقبح و لن يعجز و لن يشيخ بنظري... هناك مثل قديم يقول مهما ذبل الورد فلا تزال رائحته به
قالت جملتها الأخيرة ونظرت إلى عينيه التى تحاوطها بدفئ و أمن و عشق لم يتب عنه يوما مما جعلها تحمر خجلا من نظراته و جذب ذلك نظر شفق التى سعدت كثيرا لحالهما فتكلمت بخبث قائلة:
_أتعلمان سوف أصاب باكتئاب حاد مما أراه....لا يوجد زوجان يحبان بعضهم بتلك الطريقة ارحموا مشاعرى العذراء قليلا..
عبس مختار و رد بضيق مصطنع قائلا:
_ألن تكفى عن حسدك ذلك؟! اصعدى إلى غرفتك حتى تبديلين ملابسك و نتناول عشائنا معا.... أين إياد؟ ألم يأتى بعد؟!
_بل أتى و صعد غرفته.. أعتقد أنه غارقا فى نومه الآن
قالتها مريهان بينما صعدت شفق سريعا إلى غرفتها وانتظر مختار صعودها حتى اقترب من مريهان يسألها فى قلق أب يخاف على ابنه قائلا:
_ماذا حدث؟ هل كل شئ على ما يرام؟!
رفعت خصلة من شعرها الأملس الذى غزاه الشيب مردفة:
_لقد تركها مختار.... لم ألحظ دبلته بيده كما يبدو على وجهه إمارات السرور والراحة و لقد أخبرنى ذلك بنفسه...
نظر لها و أومئ فى شرود و انتبه على صوتها الرقيق عندما قالت:
_سوف أذهب لأحضر العشاء....
استوقفها قائلا:
_وأين هى منال؟
_لقد كانت مرهقة كثيرا و لذلك أعفيتها من عملها و طلبت منها أن ترتاح و تذهب إلى بيتها
قالتها فى شفقة على تلك المسكينة بينما اقترب منها مختار وهو يأخذ يديها بين كفيه رافعا إحداهما إلى شفتاه ليقبل باطنها مردفا:
_إذا كنت أنا الورد فأنتِ البستان ولن أذبل يوما مادام الشباب يعج بكِ.....
تأملها فى عشق هائم لم و لن يمل منه فكم هى جميلة الجوهر قبل المظهر دقق النظر فى وجهها الذى غزاه التجاعيد المرسومة بدقة لتضفى على جمالها رونقا و ازدهارا فمهما كبرت لن تتغير ملامحها الرقيقة من عينان سوداوتان سواد الليل الكاحل بلا قمر و رغم ذلك لم ينطفئ لمعتها يوما و تلك الشفتان الرقيقتان المزينة بطلاء لامع شفاف ليبرز ورديتها على طبيعتها قاطعت شروده بوجهها هامسة:
_لن تمل أبدا... أعلمك مثلما أعلم خبايا نفسى هلا توقفت عن تلك النظرات؟! لم أعد صغيرة لتلاحقنى بها
رد ولم يتخلص من نظراته ولا ابتسامته العاشقة قائلا:
_وكيف بربك أن يترك أسير مظلوم ملكة قلبه دون أن يحاوطها لعله يسترد ما سرق منه
ضحكت برقة و ردت واثقة:
_لن أتركه ما دمت حية فذلك كنزى و عرشى في دنيتي و مأمنى و أماني في خوفى و حصنى و درعى في قوتي فلا تحلم بأن تسترده أبدا...
قالتها واضعة يدها على صدره فوق قلبه ليرتجف بصدق من الحروف المنسابة من بين شفتيها.... ها هى هرمت و لم تهرم كلماتها قرب رأسها منه مقبلا جبينها لتربت على صدغه بحنان قائلة:
_سوف أذهب لأحضر العشاء لا أريد أن أظل واقفة أمامك حتى لا ترانا شفق فننال منها ما يفرقنا بحديثها ذلك
ضحكت و ضحك معها و تركها لتذهب بينما صعد إلى غرفته ليبدل ملابسه هو الآخر مفكرا فى تلك التى لازالت تستحوذ على قلبه و عقله فور رؤيتها....
*********

كان فاتحا حاسوبه يتصفح الملفات التى أرسلها أبوه على بريده الإلكتروني بجديه منتظرا أن يمضى وقته في تلك الطائرة بين مراجعة تلك الملفات و تنظيم أفكاره و بعض الوقت إذا غلبه سلطان النوم ولكنه لم يشعر بالنعاس لكثرة تفكيره و الذى جعله يدعى النوم ليهدئ من أفكاره الصاخبة تلك... أغلق حاسوبه و أسبل جفونه ليحظى بقليل من الراحة ولكنه كان يتذكر الماضى بدلا من أن يركز فيما سوف يواجهه وبعد ساعة من المحاولات نجح أخيرا فى النوم ولكنه ظل يحلم بأمه.... ذلك الوجه الذى يراه كل مرة دون أن يتبين ملامحه ها هى تقف وتناديه مثل كل مرة يحلم بها و فجأة تحجبه عنها امرأة أخرى امرأة تسحبه باتجاه نهر لتلقيه به و هو ينزل ليشرب من مائه و يحاول بأقصى قوته أن يصل إلى السطح حتى يصل فيستنشق بعض الهواء لتغمره تلك المرأة بالمزيد من المياه حينما تدك رأسه بالنهر وهو كطفل لم يستطع أن يقاوم يدها القوية ها هو يغرق دون أي جدوى لمقاومته يشعر بالاختناق و يفقد الرؤية تدريجيا ليتشح كل ما حوله بالسواد و يفقد القدرة على المقاومة أكثر مما جعله يستقيظ فى فزع رغم رغبته في الاستيقاظ من أول حلمه ولكن من أيقظه المضيفة وهى تبتسم فى وجهه قائلة بالانجليزية:
_أهدأ مستر آدم... مرحبا بك في مصر
نزل آدم من الطائرة و أنهى كل الإجراءات المتعلقة به فى المطار و أخذ حقائبه فى سيارة مأجورة التابعة لإحدى الشركات المشهورة المتخصصة بذلك المجال و أعطى للسائق عنوان عمه بدلا من أبيه.....
أخذ من الوقت عدة ساعات حتى يصل إلى بيت عمه مما جعله يلعن مصر و تكدس سكانها فهو يعلم كم تكون الحركة بطيئة فى ظل شمس الظهيرة الساطعة خاصة بالقاهرة ولكنه وصل
فى النهاية و عندما وصل ارتجل من السيارة بعد أن دفع إلى السائق أجرته و وقف أمام البوابة الحديدية الموصدة ولم يعرف ما يفعله لعدم توافر وسيلة الاتصال لديه لأنه لم يكن معه شريحة اتصال محلية فى ذلك الوقت ولكن أنقذه وجود البواب الذى هرع إليه يسأله بلكنة من لكنات أهل الجنوب قائلا:
_أستاذ آدم لقد أنرت المكان.... أشتقنا لك يا ابن الغالى
ابتسم آدم فى ود و حنان فقد افتقد تلك الأريحية فى المعاملة التى توجد بين المصريين و رد بتواضع قائلا:
_أنا الذى أفتقدتك أيها الرجل الطيب... ما أخبارك عم صادق؟!
_بخير و الحمد لله ما أخبارك أنت بنى؟!!
قالها عم صادق و هو يفتح له البوابة ليدلف آدم و يعاونه عم صادق بحمل حقائبه و رد آدم بنبرة خالية من الشعور قائلا:
_بخير.....
دخل في خطوات ثابتة حتى بلغ الباب و ضغط على زر الجرس ولم يبلغ ثوانٍ من انتظاره حتى فتحت له منال مهللة:
_يا أهلا وسهلا بالغالى وكنت أسأل من أين أتى ذلك النور؟!
دلف آدم بعد أن خلع نظارته الشمسية و رد ضاحكا:
_أيتها الكاذبة...
جذب الترحاب مسامع مريهان التى قامت بدورها من غرفة المعيشة إليه بابتسامة شقت ثغرها فرحا و ذهبت إليه تحتضنه باشتياق و حنان جارف فشدد آدم من احتضانها هو الآخر و سألته بحب و ود مردفة:
_ما أخبارك حبيبي؟! اشتقت لك بنى... اشتقت لك كيف لا تسأل عنى لمدة سنة كاملة؟ كيف تنسانى أيها الأحمق؟!!
ابتسم و شعر بدفئ حضنها مما جعله يشعر بشئ غريب يتحرك بداخله ليزيح ذلك الشعور الموحش بالغربة و الوحدة و لذلك رد بنبرة يشوبها الاشتياق قائلا:
_وأنا أيضا اشتقت لكِ كثيرا...
قاطعه صوت شفق التى نزلت السلم مهرولة باسمه مردفة:
_آدااااااااام...
التفت آدم اتجاه الصوت ليستقبلها بين زراعيه محتضنا إياها و رفعها عن الأرض وهى تسبه و تلومه على مدة فراقه لهم و عندما أنزلها أرضا نظر لها بابتسامة شقت ثغره بعد إشتياق للابتسام قائلا:
_لم تتغيرى قط نفس الجسد الرفيع و نفس اللسان الطويل
لكزته ضاحكة مردفة باشتياق لحديثهما:
_وأنت أيضا لم تتغير ما زلت وسيما و نذلا كما أنت....
حينها ضربتها أمها على زراعها وهي تلومها على تسيبها معه ولكنه امسكها من أذنها مداعبا فى ضيق مصطنع:
_عسل... عسل كيف أنجبتيها؟ أعتقد أنكِ كنتِ محقة عندما قلتِ أنها قد سُحبت من لسانها عند ولادتها
كان يوجه كلامه إلى مريهان التى كانت تضحك ملئ فمها على مشاكسته لا بنتها التى لم ولن تنتهى......
شمس جديدة دلفت إلى غرفته لتجعله يستيقظ بسعادة لا يعلم مصدرها وما إن التفتت للجهة الأخرى من الحجرة على سريره حتى يتجنب ضوء الشمس الذى انتشر فى غرفته فجأة ليتفاجأ به ينام بجانبه مبتسما له.... فزع إياد من ابن عمه عندما وجده وقام عارى الجزع منقضا عليه و هو يكيل له اللكمات كنوع من المزاح بينهم مما جعل ضحكة آدم تصدح وهو يردف بصعوبة إثر سعادته :
_انتظر... انتظر أيها الغبى!!! ماذا تفعل؟ أهكذا ترحب بزوجك؟ أقصد ابن عمك...
توقف إياد و جذبه من قميصه ليقول له بعد ضحكات ظللت جلستهما الشبابية :
_لن تتوقف عن قلة حيائك؟ متى سوف تعتزل الانحراف أيها المتعجرف؟!!
لم ينتظر الرد و ابتعد من فوقه حتى يتيح له مساحة للجلوس وما إن جلس حتى احتضنه إياد بقوة فى حنان و اشتياق صادق افتقده آدم طوال مدة إغترابه ضمه آدم فى عناق رجولى حمل إليه كل مشاعر الحب و الاشتياق و الدفئ الذى اختلج صدره لينقلها إلى ابن عمه و أخيه و رفيق دربه... ابتعدوا عن بعض بعد بضع ثوانٍ عبَّر فيها كل منهما عن مدى افتقاده للآخر و لم يأخذ إياد الكثير من الوقت بل سأل آدم فور تطرأ السؤال إلى عقله قائلا:
_هل أعلمت أباك بقدومك؟
رد آدم بإقتضاب :
_لا...
وأكمل بعد أن زفر هواء صدره المحمل بكل ما يوخز قلبه من مشاعر قائلا بنبرة رجل محترف فى مجاله:
_ولا أريده أن يعلم أريد أن أذهب إلى شركته غدا وأرى الموظفين دون استعداد لقدومى بالطبع سيعلم من الشركة بنيويورك و لكن ما أريده هو عدم علم موظفيه أريد أن أرى وضع الشركة قبل التعديل....
قالها و ابتسم فى ثقة بينما لكزه إياد ممازحا:
_ظننت أن كثرة الحسناوات قد أذهبت عقلك ولكنك ما زلت تحتفظ برونقك يا ابن الفارسى..
ضحك آدم و سأل إياد فى وقاحته المعهودة قائلا:
_إذا هل سأنام بحضنك اليوم؟ أم أبحث عن أحد آخر؟!
صدحت ضحكة إياد المجلجلة و ضربه......
*********
يوماً آخر وسط الحسابات و الملفات الورقية اللعينة برفقة زميلها الذى لم يتوقف عن الثرثرة بشأن كل شئ حتى شعرت بالصداع يعصف برأسها فسألته ممسكة رأسها بألم قائلة:
_هل لديك أي مسكن لدى صداع ولا أستطيع أن أكمل عملى؟!!
رد عليها بشئ من القلق مردفا:
_لا و لكنني سوف أبحث لكِ....
قالها وقام من أمامها ليخرج تاركها في مكتبها وحدها وهى تتذكر أحداث أمس و كيف قضت ليلها فى أرق ولكن قطع شرودها شيماء عندما دلفت إلى مكتبها وهى بيدها العديد من الملفات ولذلك قامت سهيلة معترضة قائلة:
_يكفى ما بيدى شيماء لم أراجع سوى أربع ملفات و تبقى لى ثلاث و ها أنتِ تأتين بالمزيد ألا يوجد غيرى هنا
ردت شيماء ببرود مصطنع مردفة:
_بل يوجد... أين ذهب مروان
تأففت سهيلة ممسكة برأسها و فجأة شعرت بغثيان مما جعلها تهرع إلى المرحاض حتى تفرغ ما بجوفها مما جعل شيماء تقلق لأجلها و ظلت أمام المرحاض بانتظارها.... كان على وشك الدخول للمكتب ممسكا بشريط مسكن ولكنه توقف عندما رآها خارجة من المرحاض و تساعدها على السير شيماء حتى كادت أن تسقط نتيجة تعثرها و لكنه أسرع إليها ليلحقها و ساعدها حتى تصل إلى مكتبها و جعلها تجلس على أريكة جلدية بجانب مكتبها وجلست بجانبها شيماء تربت عليها و تسألها ما إن كانت بخير أم لا حتى تستطيع أن تكمل عملها لترد عليها سهيلة بصوت به وهن طفيف:
_لا تقلقى أنا بخير لقد تحسنت الآن
نظرت لها بشك فرد مروان بنبرة قاطعة قائلا:
_لا سهيلة لن تعملى أكثر من ذلك يجب أن تنالى قسطا من الراحة فوجهك شاحب جدا
كادت أن تعترض حتى قاطعتها شيماء مؤيدة لحديث مروان مردفة:
_عزيزتى مروان محق تبدين مجهدة جدا اليوم...
ردت سهيلة محاولة إقناعهما قائلة:
_ولكن سيأتى آدم غدا ومن كلام أبيه علمت أنه لا يحب التهاون...
رد مروان ببساطة وهو جاثٍ أمامها :
_إذا كان قد أتى فكان سيخبرنا الرئيس بأن ننجز من أجل أن نراجع باقى الملفات القديمة و....
قاطعته شيماء بضيق حنق قائلة:
_هيا مروان خذها لتصلها إلى بيتها و أنا سوف أقول للرئيس بأنها تعبت فجأة وأنا أؤيد فكرك... هيا حتى ترتاح
أومئ لها مروان وأستأذنتهما وخرجت لتذهب حتى تخبر ماجد بينما سألها مروان بشك:
_أتستطيعين المشى وحدك؟!
أسبلت أهدابها فى إرهاق قائلة بقوة لا توجد من الأساس :
_لا تخاف سوف أسير لم أصل إلى تلك الدرجة...
رد عليها قائلا:
_إذا سوف أذهب لأحضر سيارتى أمام باب الشركة
أومئت له و قامت لجمع متعلقتها و أخذت حقيبتها و اتجهت للخروج بكل ما لديها من قوة فهى الآن تشعر بدوار شديد لم تأخذ دقائق للخروج و وجدت مروان بانتظارها بسيارته وهو قد رآها قادمة فى خطوات هزلة جعلته يحزن لأجلها فهو يعلم أنها تكون بتلك الحالة عند وجود ضغوط عليها ليس إلا ولكن شحوبها لم يؤثر فى جمالها بشئ فلا زالت تلك البيضاء ذات الوجه المستدير المشرق إشراقة الشمس و الشعر الكستنائي الغزير الأملس تأمل ملامحها فى إعجاب حقيقي مثنيا على خالقها فى جمال عينيها البندقيتين ذات الأهداب البنية الكثيفة يعلوهما حاجبان مرسومان بدقة وعناية و شفتاها المحددتان بإغراء طبيعى دون الاحتياج إلى مساحيق التجميل و تلك الأنف الصغيرة كم تلبق بوجهها وما يزيد حسنها غمازتان يعلنان نفسهما فور ابتسامها كم يتمنى أن تكون ملكه فلا يوجد من تضاهى جمالها روحا ولا جسدا كم يتوق أن يملك ذلك الجسد المرمرى ممشوق القوام لم تكن رياضية ولكن جسدها يشبه الساعة الرملية فى رسمته... ابتسم عندما دار ذلك الوصف بخلده بينما صعدت هى لتجلس بجانبه و تغلق الباب ليسير بها متجها إلى بيتها وهى تفرق نظرات شاردة بين كل ما يقع عليه عيناها فى طريقها و قد لاحظ أنها تريد أن تهرب من الكلام و حينها آثر ألا يضايقها بحديثه و لكنه سألها سؤال يعلم إجابته جيدا ولكنه أراد أن يعلم رد فعلها ولذلك قال لها:
_سهيلة هل أنتِ بخير؟!!
لم ترد وحينما طال صمتها نظر لها سريعا فوجدها تبكى فأوقف السيارة على جانب الطريق لتعلى شهقاتها و تنهار لن تتحمل أكثر من ذلك من قال أنها بطلة؟ من قال أنها قوية التحمل؟ من قال أنها تستطيع الصمود للنهاية؟
تفاجأ مروان فتلك المرة الأولى التى يرى بها سهيلة بتلك الحالة وحاول تهدئتها قائلا:
_أهدأى.... أخبرينى كيف أخفف عنكِ وسوف أفعل! قولى لى ماذا تريدين و سوف أجلبه لكِ مهما كان الثمن...
نظرت له بوجه غارق بالدموع و نطقت بكلمتان مرة واحدة قائلة:
_أريد بيتى....
لم يفهمها مروان سوى بالمعنى الحرفى فأخذها سريعا لسجنها وليس بيتها لا يعلم أن ما تقصده هو بيت آخر بيت بُنى بالحب قبل الطوب لم تتحدث طوال الطريق شاعرة بالخزى مما فعلته كيف كانت بذلك الضعف؟ كيف سمحت لنفسها بالإنهيار؟ ظلت ناظرة إلى يديها التى تفركهما فى توتر حتى وصلت إلى البناية التى تقطن بها تسرب إلى نفسها شعور بالراحة أخيرا سوف تنفرد بدموعها و آلامها و ارتجلت من السيارة ولكن استوقفها صوته حين ارتجل من سيارته قائلا:
_سهيلة... إن احتجتِ لأي شئ لن أتأخر فقد اطلبيني....
أومئت دون أن تنظر له و دلفت إلى داخل البناية ملقية السلام على بوابها و ارتقت درجات السلم بدلا من استخدام المصعد تنفست الصعداء حين وصلت إلى باب شقتها وكادت أن تخرج مفاتيحها لعلمها بعدم وجود أحد بالشقة بإستثناء أمها التى هى نائمة بكل تأكيد ولكن توقفت حين رأته يفتح لها الباب بابتسامة لزجة ساخرة جعلتها تنظر له باشمئزاز حقيقى دلفت إلى الداخل و سمعت صوته المثير للحنق قائلا بسخرية و قلة حياء:
_تعجبنى ملابسك كثيرا فهى تلبق للسيارة التى أوصلتك إلى هنا كما أرى أنها بالتأكيد عجبت الشاب أقصد.... السائق
التفتت له فى ترقب لما سيحدث فهى الآن فى مرحلة لم تصلها من قبل ولذلك ردت بصوت من نار قائلة:
_أنظر سمير أنت لست بحاكم على بل لست بحاكم على أي واحدة منا التى تخصك هى أمي و لن أسمح لك مرة أخرى بإنتقاد ملابسى أو أسلوبى سوف ترى منى وجه لم تره من قبل....
نظر لها بتهكم و وقاحة صريحة مردفا:
_بالطبع سوف أرى بعد أن تجرأت الأخت الكبيرة فماذا سوف تفعل الصغيرة أنظرى إلى بروز مفاتنك يا محترمة....
استنكرت حديثه الوقح و وصفه الدنئ هادرة:
_أنسيت نفسك أيها الوقح؟! أنسيت من أنا و مع من تتعامل؟!! أقسم بربى إن لم تحترم نفسك فسوف أجعلك تندم سوف....
قاطعها بابتسامة مقززة مردفا:
_اهدأي عزيزتى سوف أذهب إلى عملى الآن و لا يوجد داعى أن تكدرى صفو مزاجك الرائق بعد أن أتيتى من تلك النزهة الجميلة.. ولكن المرة الأخرى احذرى ارتداء الملابس الضيقة فليس معنى أنني زوج أمكم أن ليس لدى الحق بالحفاظ عليكم..
ردت بنبرة تتشح بالتهكم مردفة:
_ونعم الحفاظ أيها الأب الحنون
لم تنتظر رده بل كانت تشمئز منه عكس كل مرة كانت تدافع عنه و ذهبت إلى غرفة أمها لتطمئن عليها فوجدتها غارقة فى سبات عميق ينم عن راحتها الشديدة دخلت و دثرتها جيدا ثم خرجت و دخلت إلى غرفتها و وقفت تنظر لملابسها جيدا فلم تشعر بشئ غريب فيها فما كانت ترتديه هو مجرد قميص أبيض يعلوه سترة رسمية سوداء قصيرة و ضيقة بعض الشئ و بنطال أسود فضفاض ليكمل تلك الطلة الرسمية حينها استفزها حديثه جدا و قررت أن تريه أن ليس عليها سلطان و لكنها قررت الاستحمام سريعا و إعداد كوب من القهوة بعدها لتختلى بنفسها تحت غطائها مع أغانيها الكلاسيكية وبالفعل شرعت فى خلع ملابسها و ذهبت لتأخذ حماما مريحا معبأ بالدفئ و الأبخرة و خرجت لترتدى منامة تدفئها فقد بدأت رياح ديسمبر بهبوبها و لكن ذلك جعلها في حالة من الراحة لإتفاق الجو و رياحه مع مزاجها المتقلب و ذهبت بعد أن جففت شعرها صوب المطبخ ولكنها توقفت حين دلفت أختها الصغيرة إلى شقتهم و هى تبكى نظرت لها فى شك مردفة:
_هل تعرض لكِ مرة أخرى؟
نفت شك أختها بحركة من رأسها و لكنها قالت لها :
_تعلمين طبيعتى... أبكى لأتفه سبب حين أعجز عن البكاء فى وقت المشكلة
ضحكت سهيلة و اقتربت منها لتضمها فى عناق أراح ما يضيق بصدرها و توقفت عن عناقها حين اردفت سهى مكففة دموعها :
_ما رأيك بصنع كعكة جوز الهند؟
ردت سهيلة بعد أن وضعت يداها فى جيبى بنطالها بكبرياء مصطنع قائلة:
_كنت أفكر بكعكة الشوكولاتة أو بسكويت الشوكولاتة أى شئ بالشوكولاتة.... أعشقها
ضحكت سهى وقالت لها :
_إذن انتظرينى سوف أدخل المرحاض و أبدل ملابسى و نصنعها سويا...
أومئت لها و ذهبت لغرفة المعيشة لتفتح الأريكة الموجودة بها وتحولها لسرير ثم ذهبت إلى غرفتها و أحضرت غطاء ثقيل ملئ بالفراء لونه وردى و فتحت التلفاز لتدير قنواته على القناة الخاصة بالأطفال و ابتسمت حين وجدت مسلسلها المفضل فجلست تشاهده بطفولة لم تتخلص منها بعد و على وجهها إبتسامة بلهاء و دخلت عليها سهى لتصيح بحماس طفولى هى الأخرى :
_الله.... سبونج بوب
ردت سهيلة دون أن تلتفت لها:
_تعالِ تلك الحلقة جديدة لم تأتِ من قبل...
جلست سهى بجانبها و شاهدت الحلقة هى الأخرى حتى الموسيقى المعلنة عن نهاية المسلسل فقامت جاذبة سهيلة معها ليصنعوا تلك الكعكة معا و بالفعل شرعوا فى معاونة بعضهم البعض.....

***********

قامت و بدأت فى جمع متعلقاتها حتى تستعد لرحيلها و دلف إليها خالد زميلها طبيب الباطنة سائلا:
_ألن تذهبِ إلى البيت أم سوف تظلين هنا؟!!
ضحكت وهى تخلع معطفها الأبيض لتظهر كنزتها الرمادية الصوفية و بنطالها الجينز الضيق باللون الأزرق الفاتح على جسد رياضى ممشوق و خرجت من خلف مكتبها لتعلق معطفها في مكانه المخصص له و ردت بابتسامة أظهرت غمازتاها فى رقة:
_بل سوف أذهب الآن... كيف حالك خالد و كيف حال زوجتك؟!!
رد خالد متفحصا حسنها بابتسامة بسيطة مردفا:
_بأفضل حال... كيف حالك سيلين؟ لقد اشتقت لجلستنا سويا و شرب القهوة معكِ ممتع لم أجد تلك المتعة بدونك....
ردت وهى تحل عقدة شعرها لتنساب خصلات شعرها العسلية على وجهها البرونزى الفاتح المستدير مردفة:
_يمكننا شرب القهوة مع زوجتك تلك المرة و أراهنك أنها ستكون لها متعة و طعم مختلفا
رد بنصف إبتسامة متهكمة قائلا:
_زوجتى.... المهم ما رأيك بأن أصلك إلى منزلك تعلمين زحام المواصلات الآن و لم أرى سيارتك فى الخارج...
ردت و قد جهزت للخروج أخيراً قائلة:
_أعلم لقد وضعتها بالشارع الجانبى بعيدا عن المشفى قليلا
_إذا سوف أخسر فرصة توصيل سندريلا لقصرها
ضحكت و قالت له بنبرة ذات مغزى خاص:
_و لكن سندريلا تركتك حتى تذهب إلى أميرتك الخاصة... هيا وإلا سوف تقلق بسبب تأخرك هذا
أومئ لها بابتسامة مزيفة ليخفى ضيق حنقه من تلميحها قائلا :
_إذا أراكِ بعد غد...
ابتسمت له و خرج ذاهبا إلى سيارته وما إن دلف إليها حتى صدح صوت هاتفه حاملا اسم زوجته فرد عليها قائلا:
_سوف آتى... لا تقلقى لن أتاخر
ردت عليه ريهام بصوت حاد :
_أين كنت؟!!!
لم يرد ولكنه أغلق هاتفه بوجهها ليجعلها مثل حبة ذرة على سطح ساخن متوعداه بينما ظل بانتظار أن يرى سيلين
وهو داخل عربته حتى خرجت و هى تسير بجدية مرتدية نظارة شمسية حجبت لون عينيها العسلية بلون أفتح من لون شعرها.. ظل ينظر إليها بنظرات متشبعة بالطمع و الندم قائلا:
_ليتنى تزوجتك بدلا منها سيلين... ليتنى لم أفعل
وأخذ يلعن تسرعه وجشعه الذى جعله يتزوج من ابنة لواء على أن يتزوج من ملكة جمال فى نظره و أدار عجلات سيارته لتسوقه إلى بيته مع تلك المتسلطة.....
************
_ماذا تقول؟!.... و أين هى الآن؟!... إذا لا تقلق سوف يأتيك مالك و معه باقى إخوتك.. نعم نعم أعلم و لذلك سوف أنتهى من ذلك الوفد الإيطالي االلعين وآتى إليكم...
أغلق منير بعدها المكالمة ليهاتف مالك حتى يصعد له مكتبه و ما إن لبى مالك ندائه و ذهب إليه حتى أمره منير قائلا:
_سوف تذهب إلى البيت الآن و تأخذ ليل و روفانا و تصعد على متن طائرة مصر الساعة الرابعة.. أمك فى العناية المركزة و سامر وحده لقد اتصلت بماجد و لم يرد و لكن علمت بقدوم مختار لذلك هاتفته فذهب إليهم هو و ابنه و لا يجب أن يكون سامر وحده عليك أن تكون بجانب أمك حتى انتهى من ذلك الوفد...
نظر له مالك بقلق ضج بمحياه مردفا:
_ولماذا دخلتها؟ هل بسبب قلبها؟
أومئ له منير دليل على صحة قوله قائلا:
_سوف تخرج من المشفى و اصطحبها إلى فرنسا يجب أن نجد حل لتكرار تعبها فى الآونة الأخيرة..
رد عليه مالك في ثقة قائلا:
_سوف أذهب الآن و بالنسبة للوفد الإيطالي فلا تقلق أمامهم يومان على أقصى التقدير و حين أصل سوف أهاتفك...
قام له منير و احتضنه قائلا:
_سوف أنتظر اتصالك... لا تترك أمك مالك
ربت مالك على ظهر أبيه بحنان قائلا:
_لن أتركها ما حييت و لا تقلق سوف تخرج سالمة بإذن الله
تركه مالك بعد أن تأكد من أن كل شئ بالشركة بخير و ذهب إلى مكتبه سريعا وقام ببعض اتصالاته ليحجز ثلاث مقاعد من الدرجة الأولى لهم وذهب مسرعا إلى بيتهم بعدها حتى يخبرهما وما إن تلقت روفانا الخبر حتى هرعت إلى غرفتها لتبدل ثيابها أما ليل فقد كان جاهزا من الأساس و لذلك صعد ليحمل حقيبته و حقائب أخته و أنزلهم ليضعهم فى السيارة منتظرا روفانا و مالك الذى يعد حقيبته بأسرع ما يمكن.... مرت نصف ساعة و وجدوا نفسهم في المطار ليصعدوا على متن الطائرة التى حملتهم لأرضهم مرة أخرى وكل منهم يفكر بطريقته فيما سيفعلوه و برغم ذلك القلق المسيطر على مالك إلا إنه قد سعد لعودته إلى مصر بعد كل تلك المدة..
************

ما هى سوى بضع ساعات و كانوا يقفون فوق أرض مصرهم الحبيبة يستنشقون هوائها من جديد.. و وجدوا سائق بانتظارهم ليصل روفانا إلى البيت و يأخذ ليل و مالك على المشفى الخاص الذى يستضيف أمهم و لذلك نشب بينهم خلاف داخل السيارة حتى هدر مالك قائلا:
_كفى روفانا.... لن نأخذك لأنه يجب على أحد منا أن يذهب إلى البيت و ليس من أجل تلك التحكمات اللعينة التى لا زلتِ تذكريها
نظرت له روفانا بعينان راجية و صوت مختنق على وشك البكاء قائلة:
_أرجوك مالك... أريد أن أراها أشعر أنها تحتاجنى
صمت مالك لبرهة ثم رد بتأفف :
_سوف تأتى ولكنك لن تطيلي فحالتها حرجة و غير مسموح لها بالزيارة...
زفر ليل فى ضيق واضح فدائما ما ينفذ مالك رغباتها كم يمقت ذلك آثر عدم التدخل في الحوار فهو فى حالة لن تسمح له بالتفكير فى أي شئ يشعر بأن قلبه يعصف بين ضلوعه من شدة الذعر كم يمقت ذلك الشعور يريد أن يهرع إلى ذلك المشفى و يبدل قلبها بقلبه حتى يأمن على حياتها و لكن كيف السبيل للضمان دون إرادة الرحمن... لم تكن سوى ساعة حتى وصلت السيارة أمام المشفى و ارتجل كل منهم ليهرولوا سريعا دالفين إليها كل منهم بشعور مختلف حتى وصلوا إلى غرفة العناية و اندهشوا من وجود آدم مع عمهم مختار و إياد بجانب سامر و لذلك ذهب مالك إليه أول واحد ليرحب به وهو يحتضنه قائلا:
_كيف حالك يا ابن عمي؟!
ربت آدم على ظهره مردفا:
_بخير عزيزى ما أخبارك؟
ابتعد عنه قليلا وهو يرد قائلا:
_بخير والحمد لله لا أعلم كيف أشكرك و أشكر عمى قبلها
نظر مختار له في لوم و رد قائلا:
_لا يوجد شكر بين أب و ابنه بنى... كيف حالك وحال والدك؟
رد مالك بنبرة ممتنة:
_بخير نحمد الله ونشكره
ذهب مالك إلى عمه ليسلم عليه و على إياد فى امتنان بينما أتاح المجال أمام إخوته ليرحبوا بابن عمهم فخطت روفانا باتجاهه فى حرج و مدت يدها لتصافحه مردفة:
_حمدا لله على سلامتك آدم
ابتسم لها بود و رد باقتضاب :
_تسلمى روفانا..
وذهبت لتقف بجانب مالك الذى كان يسأل الطبيب عن حالة أمه و أتى إليه ليل يحتضنه فى حفاوة قائلا:
_منحرف العائلة اشتقت لك أيها الغبى...لم تسأل عنى حتى و لو لمرة واحدة طوال سنة كاملة
ربت آدم بابتسامة واسعة ممازحا إياه قائلا:
_ولماذا سوف أسأل عنك؟
ابتعد عنه قليلا وهمس في أذنه بشئ جعل آدم يضحك رغم محاولته لتجنب الضحك مما أثار حنق سامر وهذا ما لاحظه إياد فاقترب من آدم ساحبا إياه وهو يتحدث مع ليل قائلا:
_أيها السافل سو.....
قطع جملته حين استأذن إياد من ليل قائلا:
_عم الشباب سوف أستأذنك بأخذه عدة دقائق و سوف أرجعه لك بعدها
أومئ له ليل مبتسما ثم تركهما وذهب لأخيه يستعلم منه عن أمه بينما اصطحب إياد آدم للخارج و قال له:
_تجنب سامر فهو مثل أبيه و ابتعد عن أي مناقشة تخص الشركة مع مالك فسوف تمل منه كما يج...
قطع جملته حين اردف آدم وهو يعد على أصابعه :
_يجب أن أشرب اللبن و أغسل سنانى قبل النوم... وماذا أيضا؟!
لكزه إياد مردفا:
_أيها الأحمق أنا لا أمزح لا أريدك أن تفقد أعصابك بسبب عجرفة أحد منهم...
نظر له آدم وقد كتف يديه أمام عضلات صدره مردفا
بثقة:
_سامر و أعلم غيرته التى تتآكله من الداخل و أعلم كيفية التعامل معه أما مالك فأنا اهاتفه و اطمئن منه على أحوالهم مثلما أحادثك و ليل فهو شاب لديه مستقبل باهر فى الإنحراف و رو....
قاطعه إياد ممسكا بتلابيبه قائلا:
_وأنا الذى اعتقدتك غريب عنهم أيها الخبيث
ضحك آدم وهو يردف بمزاح:
_خبيث!! لم ترى شيئا بعد سوف ترى الخبث بعد أن أذهب لاستقر مع زوجة أبي المصون أعدك أن أريك خبث و خبائث أكثر من التى بالمرحاض...
ضحك إياد و جذب رقبته فى مزاح خشن و توقف حين أتى عمه ماجد و اندهش من نظرته إلى آدم بتلك الدموع التى تتمثل فى طبقة رقيقة جعلت عيناه تلمع و لذلك رد إياد بتنمق ساحبا نفسه مردفا:
_سوف أذهب إلى أبي.... مرحبا عمى
نظر له ماجد بابتسامة بسيطة ليتركه إياد مع ابنه بعد أن رد له مثلها و حينها اقترب ماجد فى خطوات واثقة و تأمل ابنه الذى أشتاق إلى ملامحه و كل شئ يخصه بينما رمقه آدم بنظرات جامدة تفحصته فى حلته السوداء فوجده لم يتغير به شيئا لازال أنيق و مهتم بالتفاصيل قطع تفحصه صوت أبيه حين قرر أن يكسر ذلك الصمت قائلا:
_كيف حالك؟!
رد آدم باقتضاب :
_بخير
ساد الصمت يلف المحيط حولهما حتى تشجع ماجد و احتضن ابنه بشدة و دمعت عيناه حين اردف أخيرا :
_اشتقت لك بنى... اشتقت لك قرة عينى...
كان يريد آدم ألا يحتضنه ولكنه رفع يداه ليحاوطه بعد أن سمعه يتحدث بتلك النبرة مما جعل قلب ماجد يرقص فرحا.... ابتعد عنه بعد وقت ليس بقليل مما أدهش آدم و أخذ يكفف دموعه قائلا:
_لماذا لم تأتِ إلى البيت؟ ألا زلت مُصِر على أن تتخذ لك مسكنا خاصا؟!
رد آدم بنبرة جامدة قائلا:
_بل آثرت عدم معرفة موظفيك سوف أنتقل لأكمل فترة إقامتى معك...
فرح ماجد كثيرا و لذلك سأله معجلا :
_ومتى سوف تأتي؟!
وضع آدم يديه فى جيبى بنطاله قائلا:
_غدا بعد أن أنتهى من العمل معك....
أومئ له ماجد ثم قال له:
_إذا هيا لنذهب لهم و نطمأن على حال زوجة عمك

***********

_لا تخف أبى ما قاله الطبيب أن حالتها إلى الآن مستقرة و إذا استمرت على هذا المنوال سوف تنقل إلى غرفة عادية...
قالها مالك محدثا أبيه فى الهاتف فرد عليه منير قائلا:
_إذا عزيزى اذهبوا للمنزل حتى تنالوا قسطا من الراحة
رد مالك بنبرة هادئة:
_حاضر سوف أخبرهم الآن المهم أن تنتبه لنفسك و أن تأخذ أدويتك فى مواعيدها
ابتسم منير لحنو ابنه و رد قائلا:
_لن أغفل عنها لا تقلق.. سلام
وأغلق المكالمة حتى يذهب مالك لإخوته و يرحلوا إلى منزلهم

***********
دلفت سيلين إلى المنزل و لم تجد إخوتها بالغرفة فعلمت أين هما و عندما ذهبت إلى غرفة أمها وجدتها لا تزال نائمة فاستعجبت منها و لكنها تركتها ترتاح و ذهبت لتبدل ملابسها و انضمت إليهما فى جلستهما الطفولية و وجدتهما حاملين أطباق بها كعكة الشوكولاتة المفضلة لديها و لذلك أخذت منها عدة قطع و شرعت تدس منها فى فمها باستمتاع و بدأت تتحدث مع أخواتها عن ما سوف يفعلونه غدا فردت سهيلة مقاطعة:
_سيلين سوف أستعير بعض من ملابسك غدا و سهى نسيت سوف أستعير حقيبتك غدا
ردت كل منهما ب:
_لا يوجد مشاكل....
صمتت لحظات و قاطع ذلك الصمت صوت سهى وهى تقول:
_هل ستظل ماما متزوجة من ذلك الحيوان؟
التفتت لها سيلين قائلة:
_أفكر فى كيفية إقناعها بذلك حقا لا أستطيع أن أتحمل وجوده معنا بنفس المنزل...
ردت سهيلة بهدوء عكس ما يجول بخاطرها مردفة:
_لن تأتِ بالإقناع سيلين بل سوف تأتى بتصيد الأخطاء سوف ننتظر له أى شئ و نرغمها على طلاقها منه يكفى إهانته لها.. لم تعد صغيرة لتتحمل كل ذلك
ردت سهى مؤيدة:
_معكِ حق سهيلة يمكننا استفزازه لارتكاب أى خطأ أيضا
حينها حذرتها سيلين بحذر قائلة:
_لا سهى لن نفعل لا تفكرين حتى فى ذلك فهو الآن من يتصيد لنا الأخطاء بعد ما فعلته به و إحذرن من إرتكاب الهفوات فلن يغفرها تلك المرة
ردت سهيلة شاردة :
_بل أنا التى لن أغفرها له
صمتن جميعا و تابعوا التلفاز بحالة من الوجوم غافلين عن أمهم التى تنساب الدموع فوق وجهها فى صمت وألم و خزى فلا تستطيع أن تواجههن بعد ما فعلته البارحة لذلك انسحبت إلى غرفتها وجلست أمام مرآتها تنظر للتجاعيد التى تخط وجهها و تتذكر مع كل شق منهم ذكرى مؤلمة تسببت فى حفره.....

***********

_عيد ميلاد سعيد!! استيقظِ أيتها الكسولة هيا قومى من سوف تأكل الكعكة إذا.....؟
قامت طفلة من نومها تحمل من الملامح أجملها ها هى ماجدة بقلب أصفى يحمل المعنى النقى للبراءة تذكرت كيف كانت فى صغرها تذكرت أباها و حنينه و معاملته المميزة لها فهى كانت دنيته و حياته تذكرت يوم أن أتى لها خبر موته هو و أمها فى حادث بسيارة أبيها لم تفهم معنى موت فى ذلك الوقت ولكنها شعرت بخواء يجتاح صدرها منذ ذلك الوقت ظلت تعصف الذكريات بثنايا عقلها لتنقلها بين مراحل حياتها فى لحظات مرت عليها كالدهر ها هى ترى نفسها و هى طفلة لا يحمل قلبها سوى الحب لأبويها و ها هى ترى نفسها تنتقل إلى دار الأيتام لعدم رضاء ذويها و أهلها أن يتبنوها و ها هى تشب و تترعرع داخله حتى البلوغ و تتقدم فى دراستها رغم الظروف حتى أتممت المرحلة الثانوية و ها هى تهرب من مأمنها الوحيد حتى لا تتزوج إثر صفقة مالية على من يقدر جمالها أكثر ظلت تتذكر كل الأماكن بتفاصيلها و روائحها حتى رست عند عينيه فى أول لقاء لهما...... عز الرماح ذلك النقيب الذى خطف قلبها من أول وهلة تذكرت وسامته و طوله الفارع و ملامحه التى صورت بأبدع ما يكون كم كانت تعشق الغرق فى بحر عينيه العسليتين و ترتوى من حنانه ما افتقدته فى مهدها تذكرت كيف كان تعارفهما الأول و كيف وصلوا للزواج بعد أن وقف عز لأبيه متغاضيا عن ماضيها و أنها يتيمة متمسكا بأصلها الطيب و أخلاقها الراقية و تعليمها رغم كل ما مرت به تذكرت تشجيعه لها فى دراستها الجامعية و حثه لها على أن تكون الأفضل ظلت تبتسم دون شعور منها على تلك الجمل التى أخذت تتسابق لتطرق باب حنينها إليه إلى أن عادت إلى أرض الواقع بعد أن تجرعت شربة من كأس العذاب عندما سمعت صوته المقزز قائلا:
_لماذا تبتسمين هكذا؟
نظرت له بيأس قائلة :
_لا شئ...
رد مردفا بلا مبالاة :
_إذا انهضى لتعدِ لي العشاء... أين بناتك؟ لم أرى أياً منهن؟! أذهبن لأبيهن..؟!
قال سؤاله الأخير بتهكم واضح و اتبعه بضحكة قصيرة من بعده جعلتها تفهم مغزى تهكمه و لذلك قامت دون رد متجهة إلى المطبخ ولكن قبضته الغليظة كانت أسرع فى الإمساك بمعصمها مردفا بفحيح يشبه فحيح الثعابين :
_عندما أتحدث معكِ ردِ وإلا أقسم لكِ سوف أجعلكِ تندمين و هن من قبلك..
ترك يدها و هو يلقيها بعيدا فنظرت إلى معصمها و وجدت آثار أصابعه عليه فتحركت صوب المطبخ بعد أن أومئت له حتى لا يرى دموعها بينما لاحقها صوته المتهكم القائل:
_غبية... سوف يتركونك يوما ما مثلما فعل أبيهن....
********


رنا الليثي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-09-20, 03:20 PM   #17

ام حاتم الطائي

? العضوٌ??? » 464229
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 345
?  نُقآطِيْ » ام حاتم الطائي is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
Adella rose likes this.

ام حاتم الطائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-09-20, 02:51 AM   #18

ban jubrail

? العضوٌ??? » 276280
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 680
?  نُقآطِيْ » ban jubrail has a reputation beyond reputeban jubrail has a reputation beyond reputeban jubrail has a reputation beyond reputeban jubrail has a reputation beyond reputeban jubrail has a reputation beyond reputeban jubrail has a reputation beyond reputeban jubrail has a reputation beyond reputeban jubrail has a reputation beyond reputeban jubrail has a reputation beyond reputeban jubrail has a reputation beyond reputeban jubrail has a reputation beyond repute
افتراضي

فصلين ولا احلى أحداث شيقة ومتشعبه من رواية دروب العشق بين كبريائي وقوتي للعضوة الجديدة الرائعه ( رنا الليثي ) شكرا لكتابتك أجمل فصلين من روايتك هذه أتمنى الفصول القادمة بنفس رقي الفصلين السابقين وبالموفقية أن شاء الله.
Adella rose likes this.

ban jubrail غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-09-20, 09:35 PM   #19

رنا الليثي
 
الصورة الرمزية رنا الليثي

? العضوٌ??? » 477331
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,039
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » رنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond reputeرنا الليثي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث

مرَّ الليل على البعض هادئاً فاتراً و على البعض الآخر زاخرا بالتفكير و لكن مثله مثل أى ليل يليه شروق شمس معلنة عن ميلاد يوماً جديدا على الجميع….قام كل منهن بفتور لاستقبال يوم ليس بجديد فى ظاهره و لكن ما خفى كان أعظم تجاهلن ذلك الوميض الذى إشتعل بداخلهن للحظات لينبئهن بيوم مختلف و استعدن لعملهن و دراستهن فى صورة روتينية ولكن هناك من أصرت على التحدى معلنة تمردها غير عابئة بأراء أحد….قررت سهيلة أن تعتنى بنفسها اليوم لعلها تستعيد بعضا من طاقتها التى ذهبت أدراج الرياح و لذلك انتقت ما سوف ترتديه بعناية و أناقة و أنجزت سريعا فى ارتدائها ملابسها قبل الإفطار عكس عادتها اليومية و ذلك ما أثار دهشة سيلين و سها و لكنهن لم يعلقوا على شئ مؤثرين الصمت ليروا ما سوف تفعله صعقوا عندما وقعت أعينهن عليها ليس من فرط أناقتها على غير المعتاد و لكن من تعابير وجهها التى توحى بتقلب مزاجها النصارى الذى لا يبشر بخير و لكنهن لم يصعقن وحدهن فكان لسمير حظاً من الدهشة عندما وقعت عيناه على تفاصيلها الأنثوية فى ذلك الرداء الروتينى من قميص أبيض يعلوه سترة ضيقة رمادية توحى بأنها مديرة الشركة نفسها و تنورة سوداء ضيقة أبرزت رشاقة جسمها تصل إلى تحت ركبتها و بها قصة أبرزت نعومة و بياض ساقيها المرمريتان و أكملت طلتها بإنسدال شعرها الكستنائى الغزير على كتفيها و أبرزت ملامحها بقليل من مساحيق التجميل لتستعيد حيوية وجهها الصبوح ولكن ما جذبه أكثر أحمر شفاهها الغامق فقد أظهر شفتيها بوضوح و امتلاء جعله يطيل النظر لها وهو لا يلاحظ نظرات سيلين التى اقتربت أن تحرقه بينما ظلت سهى منتظرة أمها حتى تخرج و تأكل معهم و لم تنتظر سهيلة أحد و لكنها جلست :بجانب سيلين كعادتها و شرعت بالتحدث مردفة
لقد استعرت حذائك ذات الكعب العالى كما أخبرتك من قبل_
:ردت سيلين بضيق حنق مما تفعله أختها مردفة
أرى ذلك و لست بحاجة للشرح… هلا افهمتينى ماذا تفعلين_ بتلك الملابس؟
نظرت لها سهيلة و ردت وهى ترفع صوتها نسبياً متعمدة :قائلة
تعلمين سيلين عندما أريد شئ أفعله و أظن أنكِ لستِ _
معترضة
فهمت سيلين مخزى ما تفعله سهيلة لذا ردت بعد أن لعنتها فى سرها ألاف المرات على عنادها و مزاجها النارى الذى حتما :سوف يكون السبب الرئيسى بهلاكها قائلة ببرود مصطنع
و لماذا سوف أعترض فملابسك لا يوجد بها شئ مخل _
ابتسمت سهيلة بوجهها ابتسامة قصيرة بينما كادت سيلين أن تقتلها على غبائها و عنادها و حينها دلفت أمهن حاملة لبعض الأطباق و دخلت خلفها سهى حاملة البعض الآخر ليفطروا جميعا بصمت و شرود معبأ بالعديد من التفكير و التحسر انتهت سهيلة سريعا لعدم رغبتها بالطعام و لم تتحدث بل انسحبت مسرعة لتخرج من الشقة و تضغط على زر المصعد و حينما خرجت من بوابة بنايتها التى تقطن بها تنفست الصعداء فقد شعرت أن جدران بيتها تضيق بها و لم تعد تحتمل هذا أكثر من ذلك طلبت إحدى السيارات المأجورة عن طريق تطبيق بهاتفها و ما إن دلفت إليها حتى تلقت إشعار بإستلام رسالة على تطبيق الواتس اب و عندما فتحتها نظرت لها وكأنها لم تقرأ حرفا منها و أغلقت هاتفها دون الرد فكانت رسالة من رسائل سيلين التى تتوعدها فيها….توقفت السيارة أمام شركتها و عندما ارتجلت منها أخذت تتنفس بهدوء فلا تعلم لماذا تشعر بانقباض كأن هناك ما سيحدث و لم تكن تتوقعه و لذلك ما إن دخلت إلى قسمها لم تتجه إلى مكتبها بل ذهبت إلى المرحاض و انتظرت خروج جميع الموظفات منه حتى تقف و تتحدث إلى نفسها أمام المرآة و بالفعل و قفت نظرت إلى نفسها و همت أن تقول ما اعتادت قوله لنفسها و :لكنها توقفت هنيهة ثم وجدت لسانها يحدثها لأول مرة قائلا
كفى سهيلة… فقط اصمدى _
لم تنطق بأكثر من ذلك و كأنها تعبت من مجادلة نفسها كل يوم فخرجت تطرق الأرض بكعب حذائها شاردة فيما قالته للتو غافلة عن ذلك الوسيم الذى يتحدث فى الهاتف حتى اصطدمت به بقوة مما أخل توازنها و جعلها على وشك الوقوع بسبب عدم ثبات حذائها و لكن يده كانت أسبق و جذبها إليه سريعا حتى لا تسقط و بالفعل تفادت السقوط ولكنها ارتطمت بجسده مرة أخرى و عندما رفعت عيناها لتنظر إليه أحاطتها زرقة عيناه مما جعلها تشعر بشئ غريب فى النظر لهما لذلك اخفضت بصرها سريعا و ابتعدت عنه و لكن بدلا من أن تشكره فوجئ بانقلاب ملامحها الرقيقة إلى أخرى :نارية هادرة فى وجهه
كيف تسمح لنفسك أن تجذبنى إليك بتلك الطريقة بل _
كيف جرؤت على لمسى من أنت من الأساس لتقف أمامي وتساعدنى و لكن ما أستطيع قوله لك العذر فلم تعلم من أنا بعد و من الواضح على هيئتك أنك جديد و لذلك سوف اتغاضى النظر عن وقاحتك تلك و لكن مرة أخرى سوف يكون لى تصرف آخر
فغر فاهه غير مصدقا حرفا مما قالته للتو و شعر بعدم إسعاف الكلمات له فى ذلك الموقف فظل ناظرا إليها باندهاش بينما تقدمت هى بعد أن استعادة تركيزها فى خطواتها الثابتة المألوفة لدى جميع من يعرفها و حين دلفت إلى مكتبها وجدت مروان وقد بدا فى حالة من التوتر و لكنه انقشع عنه بمجرد أن رآها فقد أتت حوريته الجميلة و لكن جمالها اليوم زائد لدرجة أنه شعر بالغيرة من رؤية الناس لها فوقف يحدثها :ببعض الحدة مردفا
صباح الخير سهيلة… لماذا تأخرتِ كنت على وشك مهاتفتك_
ردت له الصباح و جلست خلف مكتبها معللة تأخيرها بحجج :واهية و لذلك رد هو مقاطعا
هل اخبركِ أحدهم أن آدم قد أتى؟ _
:توترت ملامحها سريعا و ردت مسرعة
كيف يحدث ذلك؟ لم يترك خبر لقد أخبرتك مروان_
كان يجب أن ننهى الملفات البارحة
:رد عليها بضيق حنق
اهدأي قليلا يجب أن نظهر متماسكين كما أنه لن _
يراجع الملفات لما قبل آخر ثلاث سنوات مضت و بالتأكيد سوف يثنى على عملك كباقى من يشيدون لكِ بذلك
أومئت و ردت بصوت منخفض وهى تسحب خصلة من :شعرها لتضعها خلف أذنها برقة مردفة
وماذا الآن؟ هل سوف نفعل شئ؟ _
:رد مروان بعد أن نظر فى ساعته قائلا
لا لن نفعل لم يتبقَ سوى ربع ساعة على الإجتماع به_
هل أطلب لكِ القهوة؟
:طلبت منه بكل هدوء و رقة قائلة
نعم و إجعله لا يضع بها سكر أريد أن أركز _
أومئ لها وخرج ليبحث عن العامل و تركها غارقة فى توترها و ما هى إلا بضع دقائق و وجدت شيماء تدلف إليها تخبرها بأن الإجتماع سوف يبدأ و عليها الحضور فقامت مسرعة و :ردت مردفة
أليس وقته بعد عشرة دقائق؟ لماذا عجلتم به؟ _
:ردت شيماء وهى تلاحقها بخطواتها قائلة
أوامر الرئيس….لم ترِ شكله بعد ولكن أعدك سوف تعشقيه_
:ضحكت سهيلة برقة و ردت بوثوق
لا أعتقد ذلك لم يخلق بعد من يؤسر قلب سهيلة الرماح_
قالتها وهى تدلف إلى قاعة الإجتماعات و وجدت رئيس عملها فتسرب إلى نفسها بعضا من الاطمئنان و دخلت لتجلس بمكانها المحدد الذى يفصل بينها و بين مديرها بمقعد واحد و وجدته شاغرا وما إن إجتمع كل طاقم العمل حتى وجدت ذلك المتعجرف يدخل بعدهم و جلس بجانبها التفتت له و إستنكرت :قلة ذوقه هادرة
كيف تجرؤ؟ من أنت لتجلس بجانبى من الأساس؟ _
صعق جميع الموظفين من ردها بينما قاطعها ماجد محاولا :إمتصاص غضب ابنه قائلا
هذا آدم سهيلة… آدم ابنى_
هوت الجملة على مسامعها كالقنبلة فالتفتت لتنظر له مرة أخرى فوجدته يحدق بها بنظرات لم تعرف كيف تحل شفرتها ولذلك ارتبكت أكثر ولم تعتذر أو ترد بل جلست بأريحية كأن شيئا لم يكن و ذلك استفز آدم كثيرا ولكنه استطاع أن يكبح جماح غضبه و جلس بهدوء ظاهرى مماثل لهدؤها فى حلته السوداء التى أضفت عليه طابع كلاسيكى وقور لا يلبق به ظلت شاردة فى مقعد مروان الفارغ شاعرة بالذنب من أنها :من جعلته يتأخر بينما بدأ ماجد كلامه مردفا
أقدم لكم اليوم آدم وهو من سيكون المدير المؤقت لشركات _
ذلك الفرع لمدة ثلاثة أشهر… أعلم أن المبيعات قد تحسنت بوجود سهيلة و لكن هناك بعض الأشياء التى يجب ضبتها كشركة نيويورك و لذلك سوف يبقى هنا إلى أن تُرفع أسهم شركتنا مرة أخرى و الآن سوف أتركه يعرفكم بنفسه
شعر آدم بإختناق من أبيه و رأى أن ذلك فعل صبيانى و ها هو قد وضعه أمام الأمر الواقع و عليه أن يتقبله و يضغط على نفسه حتى يستطيع التعامل بدبلوماسية و لذلك نهض من مقعده و وقف مكان أبيه قائلا بنبرة صوته الرجولية :
_أنا آدم الفارسى... مديركم المؤقت لذلك الفرع أقدس النظام فى العمل ولا أتهاون مع الفوضة و أ.......
قطع جملته عندما دلف مروان إلى قاعة الإجتماعات تحت نظرات ترقب من الجميع و قال بإقتضاب:
_آسف على التأخير
نظر له آدم شذرا و هو يتجه إلى مقعده و رد ببرود :
_لم أقبل إعتذارك حتى تتوجه إلى مقعدك كما أن ذلك أول إجتماع لك مع مديرك و لذلك أخرج و سأتغاضى عن إعدام الذوق لديك و سأكتفى بخصم أسبوع من مرتبك
نظر له مروان غير مصدق لفظاظته فلم يكن مديرهم يوماً بذلك التعجرف و عندما أطال النظر له أكمل آدم بلا مبالاة :
_هل فقدت حاسة السمع لديك؟ أم لن تستطع أن تتحرك؟!
ظلت سهيلة تنقل نظرات الشفقة و الكره بينهما حتى قامت من مكانها محتدة فى وجهه قائلة:
_إذا خرج مروان لن أستطع أن أشرح لك الوضع المالى فمروان مساعدى و أحد أهم العاملين و أكفائهم بالشؤون المالية
نظر لها بجمود يعاكس ما يجول بخاطره فتلك الفتاة تثير رغبته بضربها رغم أن تلك هى المرة الأولى التى يشعر فيها بمثل هذا الشعور عندها تحدث ماجد بهدوء ظاهرى قائلا:
_أدخل مروان و لكن إلتزم بمواعيدك المرة القادمة
اكتفى مروان بإيماءة من رأسه و جلس بمقعده و هو يحاول أن يضبت إنفعاله حتى لا يعرف ذلك المتكبر مكانته الحقيقية بينما إستنكر آدم تسيب أبيه و التفت لتلك النارية ليتحداها قائلا:
_إذا آنسة....
قاطعته و هى تكتف يداها أمام صدرها قائلة:
_سهيلة... سهيلة الرماح
رد مكملا بنفس النبرة قائلا:
_إذا آنسة سهيلة دعينا نبدأ بشرحك للوضع المالى للشركة بآخر ثلاثة سنوات...
ردت و قد تحمست لتلقن ذلك المتغطرس درساً بعدم تحديها مرة أخرى قائلة:
_تحت أمر مديرنا الجديد خلال شرحى سوف أعرض لك و للموظفين كل التفاصيل الخاصة بأرباح الشركة بداية من ذلك العام
أومئ لها و جلس بمقعده مرة أخرى و نظر لها و هى تسير بإتجاه لوحة يسلط عليها جهاز العرض و عندما وقفت بدأ جهاز العرض الإلكتروني بعرض شرائح موضح عليها العديد من الإحصائيات و الأرقام و بدأت بممارسة ما تبدعه و تهواه بكل إحتراف مما أدهش آدم كثيرا من براعة تنظيمها و دقتها بالشرح و مهارتها بالتعامل مع الأرقام و جذب إنتباهه لأول مرة منذ أن قابلها جمالها فلم يلاحظ رشاقتها و رقتها غير المتصنعة بالرغم من عصبيتها و لكن ذلك لن يشفع تعجرفها و ضيق حنقها بالتعامل معه لذلك لم يتخلَ عن تعابير وجهه الجادة مع الاحتفاظ بتلك النظرة المشبعة بالتركيز و الفضول معاً و ذلك لم يجعله يغفل عن نظرات مروان المتفحصة لجسدها مما أثار غضبه من ذلك الشخص أكثر و أثار اشمئزازه منها و لكنه لم يظهر أى من ذلك و ظل يراقب بصمت تفاعلها مع الشرح و تفاعل الموجودين معها و ببعض النظرات الخبيرة علم أنها ذات شعبية بين طاقم العمل بشركته المستقبلية كما علم أن معظم الرجال ينظرون لها نظرات وقحة ولا شك من أنهم يسعون لنيل رضاها... ظل يراقب تحركها بخفة أمام جهاز العرض و قوة لغة جسدها فى الإيماءات و الحركات لتصل المعلومة لمن يراقبها و قد أعجبه رغم ضيقه منها شجاعتها و قوتها فى التواصل البصرى فتلك الفتاة تعلم جيدا كيف تفصل بين مشاكلها الشخصية و عملها بعد عدة دقائق كانت إنتهت من شرح الوضع المالى الحالى لفرع شركات القاهرة و فرصتهم بزيادة الأرباح و عندما همت لتنتقل إلى ملف العام الماضى قاطعها قائلا:
_آنسة سهيلة... منذ متى و أنتِ تعملين لدينا؟!
ردت بثقة :
_منذ ثلاث سنوات
رد بذكاء و مكر محاولا إرباكها قائلا:
_إذا لقد تحسن الوضع المالى بشركتنا منذ أن أتيتِ كما حصلت على ترقية و من الواضح أن حصولك عليها كان أكثر من مرة فى ذلك الوقت القصير لتصبحين المدير المالى الخاص بفرع القاهرة...أتعلمين شيئا؟! لطالما آمنت بأن الخبرة تأتى من تجارب الماضى و ليس المستقبل ما رأيك أن تعرضِ لنا أهم مشاكل الشركة المالية قبل قدومك أظن أنكِ على علم بذلك الأمر من الملفات القديمة التى بالتأكيد قد راجعتيها لتصلى إلى ذلك المستوى فى الخبرة....
ازدردت لعابها فى ترقب و لكن لم يؤثر ذلك فى تعبير وجهها الواثق المتحدى و قد قررت أن تقلب السحر على الساحر و لذلك ردت بجمود يشوبه وقاحة مردفة:
_أعلم أن سيادتك تريد أن تختبر مدى قدرتى على إدارة ذلك المنصب و أعتقد أننى قد أثبت ذلك و لا مشكلة لدى بتقديم المزيد من البراهين و لكنك لم تكمل تعريفك بنفسك كما لم نرى هل سينطبق المثال القائل هذا الشبل من ذاك الأسد أم ماذا؟
قالتها بابتسامة ناظرة إلى ماجد الذى أعجب بذكائها فى الهروب و لكن لم يغفل آدم عن ذلك و كاد أن ينطق و لكنها أكملت بهدوء مع الحفاظ على تواصلها البصرى معه قائلة:
_إذا أردت منى أن أكمل فسوف أفعل فأنا أيضا أقدس النظام و أحترم القواعد و الأوامر و لن أتهاون مع ذاتى بالتقصير فى شئ...
حينها انبهر مروان من صلابتها فى الحديث و ازداد بريق عينيه عندما وجد آدم ينصاع لها بطريقة غير مباشرة قائلا:
_معكِ حق... فيجب على أن أعلمكم كيف سوف يسير نظام عملنا فى الفترة القادمة
أومئت له بابتسامة متصنعة و استأذنها أن تعود إلى مكانها و وقف يكمل تعليماته بروح قائد متمرس بينما ظلت تتابعه بتركيز محاولة أن تتخطى ذلك القلق الذى يندس بين ثنايات دقات قلبها و استطاعت أن تضع حدود و إطار لشكل المعاملة بينهم فى سياق العمل و لكن لم تستطع أن تتحكم بعيناها اللتان يسرقان النظرات لتشبع نفسها منه فهو لم يكن يوماً مديرها بل كان أباها لم يتركها فى يوم لجأت له فيه كان ولازال و سوف يكون أباها و معلمها الذى تتعلم منه حرفاً و شخصاً انتهى الإجتماع بعد أول لقاء حاد بين المدير المستقبلى و موظفيه و خرج الجميع حتى سهيلة و قررت أن تعود لتفاتح ماجد بقراره لعله يقتنع و يبقى.... لم يبقى سواهما فى قاعة الإجتماعات انتظر ماجد رد آدم و كما توقع لن يقبل بالأمر و لذلك حدثه بحدة مردفا :
_لابد أنك حتماً تمزح بقرارك المفاجئ فى بقائى ثلاثة أشهر بدلا من أسبوعين أم إنك قد قررت وضعى أمام الأمر الواقع....
قام ماجد من مكانه و اقترب منه بعدة خطوات مردفا :
_و ماذا إن قلت لك أنني قد فعلت ذلك لحاجتى إليك؟ ألا يحق لي أن أطلبك؟ ألست ابنى؟! ام معيشتك بأمريكا وسط الغرب قد أنستك ذلك؟
رد آدم بقسوة قائلا :
_لن تتغير أبدا مازلت أناني غير مبالٍ بأحد غير نفسك أتعلم شئ؟ سوف أبقى و لكن ليس من أجلك بل من أجل أن أترك لك هدية وداع أخيرة قبل أن أرحل و أتركك إلى الأبد
قالها وخرج تاركاً أبيه ينزف إثر طعناته القاسية له وقرر أن يبدأ بنقل أشيائه من بيت عمه إلى بيت أبيه ليقيم فيه تلك الفترة الأخيرة مع أبيه كما يزعم.....
********
أنهت عملها و دلفت إليها الممرضة قائلة:
_لا يوجد أي مريض بالخارج أعتقد أننا انتهينا
اكتفت بإيماءة بسيطة لتخرج الممرضة و تتركها غارقة فى تفكيرها شعرت بإنقباض فى قلبها لا تعلم لماذا فتلك أول مرة تشعر بعدم الأمان تذكرت مرة ليست بالأولى ولا بالأخيرة حديثها مع زوج أمها بعد أن نزلت سهيلة و قامت سهى لتستعد إلى يومها بينما بقت هى تبعث فى رسائل لسهيلة التى لم ترد فبدأ الحديث مردفا :
_أتعلمين سيلين؟ ما يجلعنى أشفق عليكِ حقا و يعجبنى بكِ فى آن واحد هو تعلقك بإخوتك و خوفك عليهن... أنا منبهر بقوة شخصيتك ولكن ما لا تعلميه تعلقك الزائد بهن سوف ينشأ لكِ نقاط ضعف عديدة لن تسطيعِ التغلب عليها ومع ذلك لن أستطيع أن ألومكِ على خوفك و قلقك عليهن فكما نعلم أنا و أنتِ أنهن من أجمل.....
قاطعته بحدة و هى تقف من مكانها قائلة:
_أولا اسمى دكتورة سيلين و ذلك لأن لا يوجد بينى و بينك صلة لتخاطبنى بتلك الأريحية ثانيا لا يوجد لديك أدنى حق بالتدخل فيما يخصنى و يخصهن لأنك ببساطة لست أبانا ثالثا و الأهم إن رأيتك تنظر لإحداهن أو تدقق النظر فيهن أعدك أن تلك المرة لن أكتفى بإقتلاع عيناك من مكانها يا.... أستاذ سمير
قالتها بتهكم و هى تستشيط غضبا و دلفت إلى الغرفة لتجد سهى خلف الباب فسألتها:
_ماذا تفعلين؟!
ابتسمت سهى و ردت بفرحة تتخلل صوتها قائلة:
_أحسنتِ سيلين... أتعلمين كلما رأيتك أحمد الله أن رزقنا بأخت مثلك فأنتِ الأمان.. أحبك سوسو
ختمت جملتها بقبلة عنيفة على وجنتها اليسرى مما أضحك سيلين و خرجت لتذهب إلى كليتها فى شموخ أمام ذلك القرد كما تطلق عليه بينما شرعت سيلين فى التفكير فيما قالته أختها و هى تبدل ملابسها.... ردها إلى واقعها طرقات على الباب تعلمها جيدا فقالت بابتسامة روتينية اعتادت عليها :
_ادخل خالد..
دلف خالد إلى داخل العيادة و قال بمزاحه المعتاد :
_كيف تستطيعين تميز طرقاتى؟ هل يوجد عين سحرية هنا؟
ضحكت برقة و قالت ببساطة:
_بل اعتدت عليها... ها أخبرنى ماذا تريد؟
جلس أمامها يتقمص الجدية قائلا:
_أريد منكِ مساعدتى.. أختي على وشك الانتهاء من الثانوية العامة و كما أخبرتك من قبل أنها فضلت أن تدخل علمى رياضة و هى لا تريد الالتحاق بكلية الهندسة و تذكرت أختك أنها كانت علمى رياضة لذلك أريدها أن تشرح ل..
قاطعته و قالت بود و لطف معهود لكل من يعرفها:
_لا تقلق معك رقمى و تستطيع أن تهاتفنى حتى أجعل سهى تتحدث مع أختك عموما يمكنك أن تنصحها مبدئياً بكلية حاسبات و معلومات فهى كلية سهى و دائما ما أسمعها تتحدث براحتها فيها كما أعجبت بدراستها
أومئ لها قائلا:
_أعلم أنها جيدة و لكن أريدها أن تختار بكامل حريتها حتى لا تندم على مجال خاطئ فيما بعد...
وافقته الرأي قائلة:
_معك حق... إذا سأنتظر مكالمتك و أتمنى أن أساعد أختك حقا و إن شاء الله تجد ما تهواه و تحسن إختيارها..
ابتسم لها مردفا:
_أشكرك سيلين.... لا أرى أحدا من المرضى بالخارج هل أنهيتِ عملك بتلك السرعة؟!
_نعم و سوف أرجع البيت الآن لأحظى بكوب ساخن من القهوة و أنا بسريرى فى ذلك الجو العاصف...
قالتها وهى تقوم مكانها و تخلع معطفها الأبيض و تعلقه تحت نظراته الهائمة بها فقام هو الآخر قائلا:
_إذا سوف أنسحب لأكمل عملى... و أشكركِ حقا على مساعدتك
التفتت له قائلة بود:
_على ماذا تشكرنى خالد؟ هذا واجبى...
ابتسم لها و نظر لها ممتنا ثم خرج بينما جمعت هى متعلقاتها بحقيبتها و خرجت لتعود إلى بيتها منقبضة القلب.......

**********


_أتمزحين معى؟! هل فعلت أختكِ ذلك؟!
أومئت سهى لها و هى تضحك بينما أكملت شفق فى تعجب:
_لا أصدق ذلك كيف فعلتها؟ أتعلمين؟ تعجبنى حقا شخصيتها أشعر بأنها مقاتلة لا أعلم لماذا؟!
أكملت لها سهى بفخر ممتزج بالفرح الطفولى قائلة:
_أنتِ لا تعلمين ماذا فعلت به صباحا... أنا لا أشعر بالأمان بدونها تعتبر سيلين لى هى البيت أعتقد بعد الذى حدث ستحاول تقنع أمي بالطلاق منه...
أكملت شفق بجدية:
_معها حق بكل ما تقوله و تفعله و أرى أن أمر طلاق أمك منه يجب تنفيذه فهو لا يلبق بمستواكن على الإطلاق أخبريني ماذا يعمل هذا القرد؟!
ردت سهى بإشمئزاز:
_لديه متجر أدوات صحية...
_كما تعلمين العمل بإختلاف أنواعه ليس عيبا و لكن أنتن بنات لواء كيف استطاعت أمكن أن تقرن صلتكن به بعد أبيكن؟
قالتها شفق مستنكرة و ردت عليها سهى بشرود مردفة:
_لا أعلم شفق...أتعلمين أحيانا تأتي فكرة بخاطرى أن أبحث عن أبى و لكن كلما فكرت فيها أعود لأخبر نفسى أنه لا يوجد أدنى فائدة مما أفعله حتى لو بحثت و وجدته ماذا سوف أفعل حينها؟
ربتت شفق على يدها بحنو و أخرجتها من تفكيرها و شرودها ممازحة:
_ما رأيك بتناول إفطار ملوث اليوم؟ أفكر فى تناول فول من على العربة ما رأيك؟!
ردت سهى بجدية لا تليق بقولها:
_كنت سأخبرك شئ آخر فقد كنت أفكر فى كبدة ملوثة ذات الرائحة الشهية...
ردت شفق مسرعة:
_موافقة.... هيا أسرعى قبل أن يأتى إياد
قفزت من على السور التى كانت تجلس عليه بخفة و لحقت بها سهى و أخذت شفق بيد سهى لتسير بسرعة قائلة:
_هيا أيها الكسلان لمتى سوف تظلين باندا كسولة هكذا؟
لكزتها سهى مستنكرة قائلة:
_باندا!!! ماذا عنكِ أيها الدب القطبى؟
ضحكت شفق و ردت بشقاوتها المعتادة قائلة:
_إذا ما رأيك أن نترك التعليم و نذهب لنعمل بحديقة الحيوان؟
ضحكت سهى ملئ فمها مردفة:
_أوافقك على الأقل لن أرى سمير مرة أخرى
استنكرت شفق قولها مردفة:
_ومن قال أنكِ لن تريه سوف يكون جارك فى القفص الخاص بالحمار الوحشى...
ضحكت سهى مجددا على تلك المشاغبة و شاركتها شفق الضحك شاعرة بالسعادة أنها استطاعت إخراج رفيقتها و أختها من حزنها أخيرا.... لم يمر الكثير من الوقت حتى أصبحا فى إحدى المطاعم الشعبية القريبة من كليتهما و بدأت كل منهما فى إملاء طلباتها على النادل المتواضع أمامهما و بعد عدة دقائق نزلت لهما أطباق بطلباتهما تحتوى على طعام شعبى متنوع فأخذت كل منهما بالأكل و الحديث معا و قاطع ذلك رنين هاتف شفق باسم أخيها لذلك مسحت يدها فى منديل ورقى سريعا و ردت ملقية التحية كعادتها و صمتت للحظات حتى ردت قائلة:
_لا أنا لست بالكلية أنا بمطعم شعبى.... نعم نعم تعال إلى هنا... اسم المطعم!!
سألت سهى قائلة:
_ما اسم المطعم؟!
ردت سهى باستنكار قائلة:
_لا أعلم...
حينها عادت شفق تحدث أخاها قائلة:
_لا أعلم إياد... سوف أرسل لك موقعى عبر تطبيق واتساب... حسناً حسناً سوف أنتظرك
أغلقت المكالمة و بعد عدة لمسات وصلته رسالة بموقعها ليذهب بسيارته إليها بينما أكملت هى طعامها....

********

دخل إلى المشفى و معه أخيه بعد أن تلقى خبر بأن حالة أمه قد سائت قليلا بسبب ضعف عضلة القلب لديها و ما إن قابل الطبيب حتى سأله متلهفا قائلا:
_هل أستطيع أن انقلها إلى فرنسا؟
نظر له الطبيب و رد بنبرة عملية قائلا:
_لا نستطيع أن ننقلها إلى أي مكان نظرا لأنها فى فترة عسيرة و ما هى سوى أربع و عشرون ساعة و بعدها تنتقل من مرحلة الخطر و حينها تستطيع أن تنقلها أينما شئت ولكن مع كامل إحترامى لن يفعلوا شيئا فوق ما فعلناه فالمشكلة فى عضلة القلب نفسها
أومئ له مالك متفهم و سأله مرة أخرى :
_وكيف هى الآن؟
رد الطبيب و هو يعدل منظاره الطبى مردفا:
_حالتها غير مستقرة حالياً وكما قلت هى تحتاج إلى يوم حتى تستقر حالتها ولكن الآن ليس بيدنا شئ لعمله
لم يرد مالك و توتر كثيرا من وضع أمه بينما استأذنه الطبيب فى أدب منصرفا و التفت هو إلى سامر قائلا:
_ماذا سوف نفعل الآن؟
كتف سامر يداه أمام صدره قائلا:
_أعتقد علينا أن نخبر أبى مالك
وافقه مالك الرأى و ذهبا معا بإتجاه غرفة العناية المركزة و وقفا أمام الزجاج ليروا أمهما و هى غائبة عن الوعى بجانبها جهاز يرصد دقات قلبها غير المنتظمة بالمرة لينظران لها بشفقة متداخلة مع خوف حقيقى من أن يفقدوها.... أخرج سامر هاتفه و اتصل بأبيه و لم ينتظر كثيرا حتى أتاه الرد سرد له سريعا ما حدث منذ أن تلقى مالك الهاتف بحالة أمه حتى حديثه مع الطبيب و لذلك توتر منير و أخبره بقدومه على متن أول طائرة تأتى إلى مصر بينما هاتف مالك ليل حتى يخبره بوجوب وجوده هو و أخته معا حتى يأتيان إلى المشفى سريعا
هدر قلبه بين ضلوعه عندما سمع أخاه يسرد له ما قاله الطبيب و لذلك لم ينتظر و ذهب إلى روفانا بين صديقاتها و سحبها دون أن ينطق بحرف مما أثار حنقها و غضبها و أخذت تردف:
_إلى أين أيها الغبى؟ لماذا تجرنى خلفك هكذا؟!
لم يرد و ظل ساحبا إياها حتى وصلا إلى سيارته و أدخلها فيها و التف حول مقدمة السيارة ليصل إلى مقعد السائق و ركب السيارة منطلقا بها كالبرق فى سرعته حتى توترت روفانا و هدرت به قائلة :
_ماذا هناك؟ أجننت؟ سنموت أيها الأحمق
توقف بالسيارة على جانب الطريق فجأة صارخا فى وجهها :
_بل أمي هى من تموت أيتها المختلة عقلياً....
صعقت عندما سمعته يقول ذلك و ظنته يمزح حتى ضحكت و لكنها رأته يبكى.... يبكى لأول مرة أمامها بل أمام أي شخص من الأساس حينها تيقنت من هذيانه مما أرجف قلبها و جعلها تبدأ بتخيل هواجس مؤلمة و لكنها فاقت سريعا عندما رأته يطلق العنان لدموعه كالطفل الصغير مما شق قلبها و لذلك ارتجلت سريعا و ذهبت لتفتح له باب السيارة و سحبته من ذراعه العضلى حتى خرج تحت إصرارها و أوقفته أمامها و هو يكفف دموعه و لكنها أنزلت يداه بالقوة و أقحمت نفسها فى حضنه ليبكيان معا و ما هى سوى بضع دقائق و كان يمسح دموعها و يرتب لها خصلات شعرها المتمردة إثر احتضانه لها فلقد أشفق عليها فعلا.... سألته بهدوء عكس ما يجول بخاطرها قائلة:
_هل سوف تنجو؟
رد بنفس النبرة وهو يكمل ترتيب شعرها قائلا:
_إن شاء الله... كل ما سنفعله هو أن نصلى و ندعى
أومئت له فربت على وجهها بحنو قائلا:
_هيا لنذهب لهم... فهم ينتظرونا الآن
تركته و رجعت إلى مقعدها بينما صعد هو ليكمل قيادته إلى المشفى.....
*********


كانت تدس بعض اللقيمات فى فمها حين أتى و وضع يديه على عينيها و قال لها:
_من أنا؟
ردت بعد أن ابتلعت الطعام قائلة:
_فيل كبير
رد مستنكرا:
_ماذا؟!
أكملت و لم يسحب يداه بعد:
_ذو جسم سمين
لكزها فى ظهرها فضحكت بينما جلس على المقعد المجاور لها ملقيا التحية على سهى قائلا:
_كيف حالك سهى؟
ردت سهى بابتسامة لما رأته قبل ثوانٍ قائلة:
_الحمد لله إياد كيف حالك؟
رد إياد وهو ينظر للأطباق أمامه مردفا:
_أفضل منكِ... ماذا تأكلون؟ لماذا لم تطلبوا كشرى؟!
أشارت شفق إلى النادل و طلبت منه أن يحضر طبق من الكشرى و بعدما انصرف قالت لإياد:
_أجئت لتوصيلنا المنزل أم جئت لتأكل معنا؟!
رد عليها و قد اشتهى طبق اللحمة الذى أمام سهى فبدأ بأخذ قطعة منه و هو يقول :
_وما بها إن أكلت معكن؟ يكفى أنني لن أخبر مريهان هانم عن فعلتك الشنيعة
استنكرت قوله بينما أتى النادل ليضع أمامه طبق الكشرى فأمسك بزجاجة مليئة بسائل أحمر و سكب منها كمية كبيرة و بدأ بالأكل مستمتعا تحت نظرات سهى المندهشة من فعلته فعلقت شفق و هى تمسح يدها بمناديل مبللة قائلة:
_لا تقلقى فذلك طبيعي لإياد أتعلمين؟ شهرته بالمنزل إياد شطة...
ضحكت سهى بينما نظر إياد لشفق نظرة كلها توعد و عندما ابتلع ما بفمه رد قائلا:
_و ماذا عن شهرتك؟! هل نسيتى يا فوزية نحمده؟!
كررت سهى الاسم و هى تضحك بينما أومئ لها إياد و شفق تقرصه فأكمل مفسرا:
_نعم... نحمده فعندما كنا نلعب و نحن صغار كنت أنا الضابط و هى الحرامى فكنت أختار اسم أبي دائما أما هى فكانت تلعب بإسم فوزية نحمده...
قهقهت سهى غير مصدقة سذاجة صاحبتها و طفولتها بينما توعدت شفق لإياد ضاحكة هى الأخرى على ذكريات طفولتها و أخذ إياد يضحك هو الآخر و استمر الحديث الممتلئ بالضحك و الفرح و المزاح بينهم حتى أنهى إياد طعامه و ترك النقود على الطاولة و خرجوا معا و عندما كادت سهى أن تفترق عنهم اعترضت شفق قائلة:
_لماذا؟ إياد سوف يصلك إلى بيتك... هل أنتِ محرجة؟
نظرت لها سهى بلوم بينما تدخل إياد ممازحا:
_سهى أنتِ مثل شفق لدى مع إنكِ أجمل بكثير و لكنك أختى أيضا ولا يجب أن أتركك لترجعى بيتك وحدك
لكزته شفق و سحبت سهى من ذراعها التى كانت تضحك من طريقة إياد و ذهبت بها إلى السيارة خلف إياد و هى تقرصها و تلومها و تضحك معها و عندما وصلوا إلى السيارة ركب إياد خلف عجلة القيادة و جلست بجانبه شفق بينما جلست سهى فى الخلف و عندما شرع فى القيادة سألهم مردفا:
_ما رأيكن ببعض الأغانى لكسر الملل؟
فرحت شفق كثيرا و أمسكت بذراعه العضلى تترجاه قائلة:
_أرجوك إياد أنت تعلم نوعى المفضل أرجوووووووك
استنكر قولها و نفض يدها عن ذراعه قائلا:
_أكره ذلك النوع من الأغانى شفق فهو ليس بأغانى إنه مهرجانات شعبية ليس لها معنى من الأساس
ردت شفق متخصرة:
_أليس ذلك أفضل من أم كلثوم؟
جذبها من سترتها الجلدية قائلا:
_لا تلفظِ اسمها حتى فأنتِ لا تعلمين ماذا تعنى أم كلثوم.. أم كلثوم هى الفن و العراقة و الطرب الأصيل فهى كوكب الشرق يا عديمة الإحساس
ردت عليه لتستفزه قائلة:
_وما بهما حمو بيكا و حسن شاكوش؟..
قاطعتها سهى قائلة:
_ما رأيكم ببعض الأغانى الأجنبية؟ أعتقد أنها نقطة محايدة يتفق عليها ثلاثتنا
أيدها إياد مردفا :
_أتفق معكِ... هل لديك شئ معين ببالك؟
ردت شفق مهللة:
_نعم سهى لديها أفضل قائمة للأغانى الإنجليزية دعها تختار
وافق إياد و أوصل هاتف سهى بمشغل الأغانى بسيارته و اختارت سهى إحدى أغانى الفنانة Ariana Grande التى أعجب بها إياد و سألها قائلا:
_أعجبتنى تلك الأغنية.... ما اسمها؟!
ردت سهى وهى مستمتعة بألحان الأغنية قائلة:
_Moon Light... سوف تجدها على أى تطبيق خاص بالأغانى و الموسيقى
ضجرت شفق من تلك الأغنية الهادئة فقالت لهم :
_ما رأيكم أن نلعب؟
ردت سهى بالموافقة و بعدها قال إياد :
_أوافق ولكن ماذا سنلعب؟
التفتت له شفق بجسدها قائلة:
_سنلعب لعبة الصراحة... أنا أسأل كل منكم سؤال أردت أن اسأله له و بعدها سهى تسأل كل منا و بعدها أنت إياد
وافق إياد و بدأت شفق بسؤال صديقتها المقربة قائلة:
_أخبرينى سهى... ما هى مواصفات فتى أحلامك؟!
شعرت بالحرج الشديد و أصبح وجهها بلون حبة الطماطم عندما انفجر إياد ضاحكا على ذلك السؤال الغبى المراهق بنظره و عندها لكزته شفق و شجعت سهى قائلة:
_لا يهمك سهى فهو دائما ما يسخر منى...هيا أجيبى لدى فضول أن أعرف
ردت سهى بعد أن تنحنحت قائلة:
_لا أعلم كل ما أريده هو أن أحبه بصدق و يخلص لى كما يجب أن يكون ملتزم بصلاته و يتقى الله فى
رد إياد ممازحا:
_بارك الله فيكِ يا حجة سهى.. بارك الله فيكِ الآن أخبرينى أين بيتك؟
ردت سهى تصف له عنوان البيت بينما التفتت شفق له قائلة:
_دور الكبير الآن.... لا تعلم كم انتظرت لأسلك هذا السؤال
ضحك إياد قائلا:
_يا رب أنت أعلم لحالى ليس لدي أى أسرار كم.....
قاطعته بسؤالها المتحمس قائلة:
_لماذا تركت حور؟!
رد ببساطة رغم ملاحظته لنظرات الإحراج و الاستنكار التى بدت على وجه سهى قائلا:
_لم يلبق أى منا للأخر.. ببساطة لم نقدر لبعض
أكملت بحماس طفولى:
_وما هى مواصفات زوجتك المستقبلية؟!
رد بعض ضحكة قصيرة قائلا:
_أعتقد أنها سوف تشبه سهى فى الرقة و تشبهك فى خفة الدم وتشبه أمى فى الجمال و تشبه نفسها فى الشخصية أريدها مستقلة قوية رقيقة فى آنٍ واحد...
التفتت شفق لسهى قائلة:
_هيا دورك الآن
ردت سهى مبتسمة:
_إذا أخب........
قطعت جملتها عندما أدار إياد مقود السيارة بإتجاه عكس اتجاه تلك الأم التى كانت تعبر مع ابنها الطريق التى لا يعلم من أين أتت و لكنه ابتعد عنها و دارت السيارة حتى اصتمدت مؤخرتها بعمود إنارة........
*********


دلفت إلى مكتبه حانقة من قراره المفاجئ الذى أشعرها بالتوتر و جعلها تتطرأ للتفكير بخيار الإستقالة... لم تعلُ نظراته الورق الذى أمامه حتى أنها ظنت أنه لم يلحظ وجودها و لكنه اردف بنبرة صوته الوقورة قائلا:
_أعلم سبب مجيئك سهيلة و لذلك سوف أوفر عليكِ عناء الشكوة و الاقتراح فلن أغير قرارى و لن أقبل بأى عذر سوف تختلقينه ليمنعك عن العمل
رفع نظره إليها و وجدها عابسة و لذلك أكمل بحنو أبوى قائلا:
_اعتبريه طلب منى... لم أطلب منكِ شيئا من قبل ألا يحق لأب أن يطلب شيئا من ابنته؟!
لانت ملامحها كما لان عقلها المتحجر و وافقته بطريقة غير مباشرة قائلة:
_سأفكر إلى الغد و سوف أخبرك قرارى برسالة
ابتسم و كاد أن يرد حتى أتاها صوت رنين هاتفها الذى بيدها فاستأذنته بلطف و ردت بعد أن ابتعدت عدة خطوات لخارج المكتب قائلة:
_نعم سيلين..... ماذا؟؟! أنا آتية حالا
انطلقت صوب مكتبها و أخذت حقيبتها على عجلة و نزلت مسرعة لتستقل أى سيارة بوجهها بإتجاه المشفى

********

يشعر بأنه قد احتمل فوق طاقته لن يتحمل مفاجأت أبيه له أكثر من ذلك ها هو يحاول الضغط على نفسه أكثر ليستطع أن يكمل تلك الفترة اللعينة دون أن يقصر فى عمله... يريد أن يطرد تلك الهالة السلبية المحيطة به منذ ذاك الإجتماع و لذلك لم يأخذ وقتا طويلاً ليجد عقله مخرجاً من ما هو فيه.... بالطبع مخرجه هو إياد وبعد ثوانٍ معدودة كان قد ينتظر رده على هاتفه إلى أن تلقاه أخيراً فمازحه قائلا:
_أخبرني أين أنت و سآتى إليك حالا فالشوق قتلنى يا رجل...
رد إياد متألما :
_تعالَ و سوف اجعل الممرضة بجانبى تداويك بعد أن أضربك بنفسى
فزع آدم من صوته و سأله متلهفا قائلا:
_ماذا بك إياد؟! هل أنت بخير؟
رد إياد بمنتهى الثقة:
_بالطبع بخير... أنا أفضل منك ولكن...
هدر فيه آدم متوترا :
_ولكن ماذا؟!
شرح له إياد ملخص عن الحادث و ما كانوا به و طمأنه عليهم و لكن آدم رفض أن يصغى لمحاولات إياد الواهية فى إقناعه بعدم القدوم لذلك أصر على معرفة عنوان المشفى وانطلق هو الآخر بسيارته ليكون بجانب أخاه فهو لن يتحمل فقدان أى عزيز آخر.....

*********
خرج إليهم الطبيب ليبشرهم بإستقرار الحالة فى آخر ساعتان مما أدخل السرور و الاطمئنان على قلوبهم داعيين ربهم بأن تكمل فى إستقرار و لذلك كان مالك أول من اقترح عليهم أن يعودوا إلى البيت حتى ينتظروا أباهم و يفرغوا للصلاة و الدعاء فوافقه سامر و روفانا بينما أصر ليل على بقائه بجانب أمه إلى أن يأتى أبوه للزيارة و لم يستطع مالك أن يعترض فهو يعلم شدة تعلق ليل بأمه منذ الصغر ولذلك تركه و أخذ معه روفانا و سامر ليعودوا إلى منزلهم بينما اتجه ليل إلى غرفة الاستراحة و سحب سجادة الصلاة التى جلبها معه و ذهب ليتوضأ و عاد بعدها ليصلى حتى يطمئن بربه أكثر و بالفعل قد تسرب إلى نفسه شعور بالأمان و الإحتواء و ظل جالسا يدعى ربه بأن يشفى له أمه و أن يخفف عنها آلامها.....

***********

دخلت مهرولة بعد أن سألت عن أختها و أخبرتها الممرضة بمكانها و عندما وصلت وجدت نفسها أمام بابين من غرف الإسعافات و لذلك فتحت الباب الذى كان على الجهة اليمنى و دلفت دون تفكير و عندما أبصرت ما أمامها صرخت و أغمضت عيناها سريعا و تأسفت و لكن إياد رد ببساطة:
_أنا الذى يجب أن يقدم أسفه...
حاول أن يرتدى قميصه و لكن أعاقه حامل ذراعه بينما ظلت هى مغمضة عيناها و تتخلف إلى الوراء فى خطوات متعثرة وهى تقول:
_آسفة لم أطرق قبل أن أدخل و لكنى ظننت أنني سوف أجد أختي هنا و..
قاطعها و هو يغلق ازرار القميص سائلا:
_هل أنتِ أخت سهى؟!
توقفت عن التراجع و ردت بسرعة :
_نعم.. هل تعرفها؟ ماذا حدث لها؟
قام و حمل سترته بيده السليمة و اقترب منها عدة خطوات قائلا:
_يمكنك الآن أن تفتحى عيناكِ
فتحت عيناها بشك و عندما نظرت له سألته مرة أخرى :
_هل تعلم كيف حالها الآن؟!!
رد إياد و هو يعرج قليلا فى سيره قائلا:
_لا تقلقى فهى بخير لم تصاب سوى ببعض الكدمات الصغيرة
ردت بسرعة وهى تهم أن تخرج قائلة:
_شكرا..
لكنها توقفت و التفتت له مرة أخرى قائلة:
_وكيف علمت؟ هل تعرفها؟!
رد بثقة و وضوح:
_بالطبع فأنا أخو شفق
جزت على أسنانها و هى تسأله قائلة:
_وهل أنت من كان يسوق السيارة؟
أومئ لها و رد ممازحا:
_ألا يتضح على؟
ردت بعصبية حانقة:
_و من أنت لتركب معك السيارة؟ هل أنت من هؤلاء الشبان الذين يستغلون نفسية البنات؟ أخبرنى هل تعلم عنوان بيتها؟ هل تعلم رقم هاتفها؟ هل..
قاطعها مهدئا:
_ينقص أن تسألينى سؤال واحد هل أنت تابع لتنظيم الخلية؟ اهدأى قليلا سهى أختى مثل شفق و لست أنا من ذلك النوع الذى يستغل الفتيات... أنا اسمى إياد الفارسى أنا نقيب بالقوات المسلحة نحن زملاء فقد أخبرتنى شفق من قبل أن أخت سهى طبيبة عسكرية أم أنى أخطأت و أنتِ أختها الأخرى؟
ردت بقليل من الشك قائلة:
_بلا إنه أنا بالفعل...أشعر بأنني أعرفك لا أعلم لماذا؟!
رد ببساطة قائلا:
_وأنا أيضا.. أشعر بنفس الشعور
دخل آدم مسرعا و تجنب سيلين و وقف أمام إياد سائلا:
_هل أنتَ بخير؟
تركتهما سيلين و خرجت ساحبة معها نظرات إياد الذى ظل يعتصر ذاكرته حتى يتذكر أين رآها؟ و ذلك قد جذب إنتباه آدم الذى لكزه فتألم إياد مما أقلق آدم فقال له بجدية:
_اخلع قميصك..
نظر له باستنكار فسحبه آدم إتجاه السرير و أجلسه و حدثه بجدية:
_قلت لك اخلعه..
كاد إياد أن يمزح ولكنه فوجئ بآدم يكشف جزعه ليرى ضمادات طبية ملفوفة حوله و كدمة زرقاء اللون بصدره كما لم يغفل عن ذراعه الموضوعة بجبيرة بيضاء من الجبس و لذلك قال بجدية:
_يجب أن نذهب من هنا إياد سوف أنقلك إلى مشفى خاص حتى تكمل إشاعاتك و هناك بالتأكيد سيصفون دواء أفضل..
رد إياد بجدية لا تقل عن جديته:
_أجننت؟! أنا إياد ولست صديقتك حتى تفعل ذلك كما أنني بخير و لا ينقصنى شئ فلا تتعب نفسك
هدر فيه آدم قائلا:
_أنظر إلى جزعك إياد و أنظر إلى تلك الكدمات ألا تراها؟
رد ببساطة و هو يغلق قميصه مرة أخرى فساعده آدم برفق قائلا:
_أعلم و هذه مسألة وقت ليس إلا لا تنسَ أنني بالجيش آدم
أومئ له آدم و سأله عن شفق مستغربا :
_أين هى شفق؟ هل هى بخير؟
أومئ له دليلا على أنها بخير قائلا:
_لديها جرح برأسها و شرخ بسيط فى إحدى فقرات الرقبة ولذلك وضعوا لها جبيرة خاصة
رد عليه ممازحا:
_إذا سوف تظل تتأمل فى السقف لمدة طويلة
قهقه إياد و آدم معا حتى قرر أن يدخل إياد ليطمئن على أخته و سانده آدم حتى يستطيع السير بشكل طبيعي إلى حد ما..

***********
كانت تقف وهى تتفحص وجه أختها بجدية لترى حجم الكدمات و لكنها وجدتها بسيطة عدا كدمة ذراعها الأيسر و لذلك قالت لها:
_عندما نعود يجب أن تضعى كمادات من الماء الساخن على ذراعك
أومئت لها سهى بينما وقفت بجانبها سهيلة لتقول بصوت منخفض :
_حسابك معى حين تعودين إلى المنزل
لكزتها سيلين قائلة:
_وهل هذا وقته أيتها الغبية؟!
نظرت لها سهيلة مستنكرة و كادت أن تتحدث ولكن استوقفها طرقات على الباب تبعها دلوف شخص يعلق ذراعه الملفوف بجبيرة بواسطة حاملة طبية يسانده شخص تعرفه جيدا... إنه ذلك المتغطرس المدعو آدم
ما إن أجلس آدم إياد بجانب أخته حتى هرع إليها فى جدية تنافى قوله:
_ألف سلامة عليكِ فوزية ماذا حدث لكِ؟ عين... عين وأصابتك بعد أن كنتِ تمشين تعدين ديدان الأرض تعلقت عيناكِ بالسقف.. أدعو الله أن يشفيكِ عن قريب و ينزل بصرك لترى كم نحن فرحون اقصد..
ضربته و هى تنظر له مستنكرة:
_وهل قال لك أحدا أنني قد فقدت بصرى أيها الأحمق؟
حينها لم تستطع سهى أن تمسك بضحكتها التى جلجلت الغرفة بأكملها ليردف آدم معجبا وهو ينقل نظره إلى الجهة التى تقبع بها :
_اللهم صل على النبى...
غلت الدماء بعروق سيلين و سهيلة التى قالت لهما:
_هيا لقد تأخرنا...
و خرجت تطرق الأرض بكعب حذائها فى عصبية و لكن حدث ما كانت تكرهه خانها كعب حذائها مرة أخرى و لكن تلك المرة لم يلحقها أحد فوقعت على وجهها فهرع إليها إياد و آدم بينما سيلين و سهى تحاولان كتم ضحكاتهما بعد أن فزعت شفق من الصوت وظلت تردد:
_ماذا حدث؟!من وقع؟
اقتربا منها ليساعداها فى القيام و لكنها أبت بحركة من يدها و استقامت بنفسها تنفض عنها شئ غير موجود بالمرة و خلعت حذائها و سارت حافية القدمين يتبعها نظرات آدم الضاحكة مفكرا فى ما حدث منذ ثوانٍ و فى تلك النارية بينما ظل إياد ينظر إلى سيلين بعد أن تذكر أين قابلها و ماذا فعلت معه ولكنه لم يتحدث إليها مرة أخرى مكتفيا بمتابعتها فى صمت.. لم تأخذ وقتا طويلا و أخذت أختها و خرجت بها لتركب السيارة التى تقودها سهيلة غاضبة لاعنة فى سرها تلك الصدفة التى تضعه فى طريقها بذلك الشكل انتظرت سيلين حتى تصعد بجانبها و ركبت سهى بالخلف و انطلقت سهيلة بالسيارة هادرة:
_راقصة... أقسم بالله ضحكة راقصة
لكزتها سيلين قائلة:
_أجننتِ سهيلة؟
توترت سهى مردفة:
_آسفة لم أقصد
التفتت لها سيلين قائلة :
_و ماذا عن ركوبك سيارته؟ هل لم تقصدِ أيضا؟!
شعرت سهى بالإحراج و كادت أن ترد ولكن أكملت سيلين بحكمتها المعتادة:
_سهى نحن بنات بلا أب حتى بعد وجودنا مع المدعو زوج أمنا مازلنا دون أب و ذلك يعنى أن سمعتنا أغلى ما نملك و لن أسمح أن يلوك الناس سيرتنا فى فمهم فهذا ما لم ولن أرضاه..
أومئت لها سهى بينما هدرت بها سهيلة قائلة:
_أها اشرحى لها بهدوء و علميها الأدب كأنها لم تعلمه من قبل أتعلمين؟ انزلى اركبى فى الخلف بجوارها حتى تقبليها..
ردت سيلين و عيناها تلمع بشقاوة قائلة:
_ماذا بكِ سهيلة؟ هل ستخرجين عصبيتك بسبب وقوعك علينا؟
ضحكت سهى بينما استشاطت سهيلة غضبا و ضربت سيلين بقوة مما أضحكها هى الأخرى

**********

نزل مهرولا بعد معرفته بقدوم أبيه و ما إن رأه حتى احتضنه مرحبا به و صعد معه إلى جناحه الخاص و جلس بجانبه على أقرب أريكة فشرع منير بالحديث قائلا:
_لقد ذهبت إلى المشفى و طمئنى الطبيب على والدتك... انظر مالك سوف تتولى إدارة المقر ببيروت بعد أن تفيق أمك لأننى قد قررت أن اصطحبها إلى أشهر أطباء القلب بفرنسا و يجب على أحد ما أن يتابع الأعمال و لن أجد أكفأ منك بنى
أومئ له مالك و سأله باهتمام:
_وأين هو ليل الآن؟!
رد أبوه بشجن:
_رفض أن يأتي معى قال لى لن أبرح مكانى إلا بعد أن اطمئن على افاقتها
كان مالك على يقين بذلك و شرد فى أخيه الذى يعشق أمه و يتأثر من أي شئ يحدث لها ولكن قطع شروده أبيه و هو يقول:
_مالك... أريدك أن تعتنى بإخوتك كما أريد أن تساعد نفسك بنفسك حتى لا تلجأ لأحد من أعمامك
عبس مالك سائلا:
_لماذا تقول هذا؟ لم يفعل أحدا منهم شيئا كما أنهم دائمين الصلة بنا و لم يتركونا حتى أتيت
رد منير بوجه خالٍ من المشاعر مردفا :
_أعلم جيدا و لكن لا تؤمن لأحد منهم خاصة مختار لا أريدك أن تنخدع بالمظاهر بنى فالجوهر هو ما يطغى مهما طال الزمان
لم يشعر مالك بالراحة و لكنه وافق أبيه بالآخر و قام من مكانه قائلا:
_سأتركك الآن تستريح حتى نذهب لأمى من الصباح
أومئ له منير فتركه مالك و اتجه إلى باب الغرفة و لكن توقف عن السير عندما قال أبوه:
_تيقظ مالك لكل من حولك فلا تأمنن لأحد و لا تثق فى غير يدك و اعلم ان قولى لك اليوم هو كنزك غدا
رد مالك رد مقتضبا قائلا:
_تصبح على خير
و خرج ساحبا الباب بيده ليترك أباه حتى يخلع حلته و يبدل ملابسه و يسترح قليلا بينما اتجه مالك لغرفة سامر و دلف إليه بعد أن طرق على الباب فوجده كعادته يذاكر وهو يضع سماعة إلكترونية فلم يعلم بدخول مالك و لذلك ربت مالك على كتفه فالتفت له سامر و هو يخلع سماعته قائلا:
_مالك.. آسف لم ألحظ دخولك
رد مالك و هو يكتف يديه أمام صدره و نصف ابتسامة تزين ثغره قائلا:
_أعلم.. بدأت أقلق عليك لا تفعل شئ سوى المذاكرة ألا يوجد لديك شئ آخر؟!
تصنع عدم الفهم و قال:
_شئ آخر! ماذا تقصد؟!
ضحك مالك وجلس على المكتب أمامه مردفا:
_أقصد رياضة هواية.. ممكن فتاة
ابتسم له سامر ليزداد وجهه وسامة قائلا:
_لا لا يوجد فتاة ولكن يوجد هواية جديدة و يوجد رياضة جديدة
رد مالك مبتسما:
_إذا ما هما؟!
_الهواية هى الكتابة أما الرياضة فقد قررت الإشتراك بلعبة الشيش
ازداد إعجاب مالك بأخيه و لم يكن ذلك جديدا عليه فقال له:
_إذا أرنى شيئا مما كتبت
رد سامر و هو يمرر أصابعه بين خصلات شعره البنية قائلا:
_لم أكتب سوى عدة قصص قصيرة سوف أريك إحداها حين أشعر أنني مستعد لذلك
أومئ له مالك و ربت على كتفه و قام من على المكتب قائلا:
_سوف أخلد إلى النوم و أنت أيضا يجب أن تنام مبكرا فنحن سوف نذهب مبكرا إلى ماما... تصبح على خير
أومئ له سامر مبتسما و اردف :
_و أنت من أهل الخير
خرج مالك من الغرفة ليترك سامر يبدأ فى الكتابة بخط منسق حتى أكمل ما يكتبه و نظر له و كأنه يتردد فيما كتبه

لم أشق الليل برمحى حتى أرى النجوم تلمع
فقد طال بى الطريق و لم أكد أطرق حتى رأيت القمر يسطع
توقف نبضى و حُبست أنفاسى و لم تعد هيبتى تنفع
ملعون ذلك القلب الشجى الذى ما إن رأى طلتها و إرتوى لم يشبع....

قرأ تلك الكلمات مرة أخرى و لكن تلك المرة كان يتذوق حلاوتها و ينتظر أن يشعر بتأثيرها على قلبه المتوقد شوقا إلى رؤيتها.. تنهد فى إشتياق و لكن ما بيده ليفعله لذلك أغلق كتبه و هاتفه و اتجه إلى سريره و أطفأ الأنوار كلها و ترك عقله يرسم له صورتها وهى تضحك حتى يكون ذلك آخر ما رآه قبل نومه....
*********

دخلن إلى المنزل و كل منهن تفكر فى فعل شئ مختلف حتى يكسر ذلك الملل حتى أتت لهن سيلين بالخبر الذى جعلهن فى حالة من البهجة فقد قالت لهن:
_لدينا دعوة يا أبناء الرماح بحضور حفل زفاف
هرولت إليها سهيلة لتمسك بوجنتيها قائلة:
_هل تمزحين؟ أخبريني هل تمزحين؟ بالتأكيد تمزحين..
بينما ردت سهى غير مصدقة مردفة:
_اقسمِ بالله... أنا لا أصدق
أبعدت سيلين وجهها عن يدي سهيلة لترد بين ضحكاتها قائلة:
_ماذا حدث لكن؟! إنه مجرد حفل زفاف طبيعى
ردت سهى باستنكار قائلة:
_طبيعى!!! هل تعلمين منذ متى لم نحضر أي حفل زفاف؟!
رد سهيلة متخصرة:
_منذ سنة ١٩٧٣
ضحكتا سيلين و سهى و ردت سهى بحماس:
_إذا بنات يجب أن نستعد لإطلالة المشاهير المعتادة لدينا
وافقتها سيلين ممازحة:
_نعم بالطبع ولكن أدعو الله ألا يحدث لسهيلة مثلما حدث لها اليوم
ضحكت سهى بينما نظرت لهما سهيلة شذرا قائلة بتكبر مصطنع:
_بالطبع سوف أبهرهم بأفضل إطلالة سوف أثبت لهم أنني أجمل من العروس... من هى العروس بالمناسبة؟! بل لمن هذا العرس من الأساس؟!
أيدتها سهى قائلة:
_فعلا سيلين مِن مَنْ تلك الدعوة؟
ردت سيلين مردفة:
_من ملك أخت مريم رفيقتى
استنكرت سهيلة قائلة:
_ملك؟!! إنها صغيرة فهى أصغر من سهى
تعجبت سهى فردت سيلين موضحة:
_هذا ما قلته لمريم و لكنها قالت أنها قصة حب و ما إلى ذلك
نظرت سهيلة لسهى ممازحة :
_ها هى تتزوج و أنتِ مازلتِ تنيرى بيتنا....
ردت سهى بنفس النبرة الضاحكة:
_وماذا عنكِ أيتها العجوزَ..؟!
ضحكت سيلين هى و سهيلة و رفعت الأولى يدها قائلة:
_بل أنا من استحق هذا اللقب لن أسمح لكِ...
ضحكن جميعا و استمر الليل بينهن فى مناقشة ما سيرتدونه و كيف سيكون العرس حتى خلدن إلى النوم فرحين بتلك المناسبة السعيدة...
*********

دلف إلى بيت يستنشق هواءه الغريب على رئتيه فى شئ من الاشمئزاز و الترقب ها هو قد عاد إلى سجنه بيديه بعد أن كان طير حر يحلق بين السحاب و يقطع بجناحيه السحب عاد ليسجن فى قفص من ذهب نظر إلى الخادمة الفلبينية التى رحبت به و حملت حقائبه لتصعد بها إلى غرفته و انتظرها حتى تنزل ليصعد و يغلق على نفسه فهو بأمس الحاجة للوحدة الآن سمع دقات كعبها و هى تنزل السلم مصطنعة التأنى و شعر بأن صوت حذائها مثل صوت المطارق فوق رأسه بعد بضع ثوانٍ كانت تقف أمامه محتضنة ذراع أبيه ناظرة له بتفحص مما أثار اشمئزازه و عندما كاد أن يصعد نفض أبوه ذراعها عنه و قال:
_آدم... هذا بيتك عزيزى إعلمنى ما إن احتجت إلى شئ
أومئ له و صعد مسرعا فى خطوات رشيقة تحت نظراتها الوقحة... دلف إلى غرفته لتتدافع الذكريات إلى عقله كشلال مدرار ها هو يقف داخل سجنه حرفيا يتجول بين نواحيه متذكرا هنا بكى و هنا دعى ربه بأن يأخذ أبيه و هنا ظل يرسم صور لأمه و كلهم مثلهم طفل صغير بنفس ملامحه حاول أن يتخلص من كل ذلك فدخل إلى المرحاض الملحق بجناحه الخاص و وقف تحت الماء البارد بملابسه كاملة يريد أن يطفئ تلك النار المستعرة بصدره... أنهى ما كان يفعله و خرج ليبحث بين أشيائه على منشفة و خلع ملابسه و أخرج بنطال رمادى رياضى ارتداه و ضبط التكييف على هواء ساخن ليلقى بجسده على الفراش فى إنهاك عصبى قبل جسدى مطفئا النور غارقا فى سبات عميق هاربا من واقعه... ظل يشعر بأنه يغوص بوسادته لا يعلم لماذا يريد أن يستيقظ من ذلك الحلم المزعج و لا يعرف نفس المشاهد و الأحداث تتكرر لتنتهى بالغرق ولكن تلك المرة شعر بيد على وجه.. يد تتحسس وجهه بالفعل أمسك بها و فتح عيناه ليصدم بصاحب تلك اليد.....
*********



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-09-20 الساعة 11:05 PM
رنا الليثي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-09-20, 10:50 PM   #20

مريم1396

? العضوٌ??? » 58851
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 774
?  نُقآطِيْ » مريم1396 is on a distinguished road
افتراضي

لك كلا التقدير
فضلآ لا امرآ تكبير الخط

Adella rose likes this.

مريم1396 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:18 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.