آخر 10 مشاركات
رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          فى مهب الريح " متميزة " ... " مكتملة " (الكاتـب : الزينب - )           »          9 - قلب في المحيط - آن هامبسون - ع.ق (اعادة تصوير) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          محبوبة الرئيس (45) للكاتبة: Susan Meier (كاملة) (الكاتـب : Gege86 - )           »          71 ـ طال إنتظاري ـ ع.ق ( كتبتها أمل بيضون)** (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          عاطفة من ذهب (123) للكاتبة: Helen Bianchin (الجزء الأول من سلسلة عواطف متقلبة) كاملة (الكاتـب : salmanlina - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-09-20, 05:11 PM   #21

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي جريمة قلب .. المذكرة الثامنة .. سلسلة لؤلؤة في محارة مشروخة




x
جريمة_قلب


* المذكرة الثامنة ...
الراوية .. ضياء الحسني .
المكان .. في النزل .. في المشفى .. وفي مكتب زيد.
الاختيار .. بين الصواب و .. الاحتيال !!!


ليومين .. اختفيت .. ليومين .. هربت من الجميع واختفيت .. قد يعتقد البعض ان سبب اختفائي هو مواجهتي مع ام صائب ولكن .. كلا .. فسبب اختفائي هو .. انني رايت صورتي واخيرا .. في اعين الناس .. صورتي الحقيقة التي ستظل تلاحقني كظل ملازم لوجودي .. صورتي التي مهما حاولت الهرب منها فانها ستظل ماثلة كحقيقة وواقع ساتعامل معه بشكل متكرر .. سؤال واجهني .. ان كنت قاتلة لا تستحق العيش اصلا .. فلما اقاوم اذن .. لما ابتعد عن الخطأ مادمت قد وصمت به بثبات .. لما احاول ان اعيد بناء حياتي طالما ان اساساتي متعفنة ومتزلزلة .. جنون استولى علي ورغبات بالسقوط اكثر واكثر تقودني نحو .. الهلاك .. نحو الطريق الذي على ما يبدو هو الوحيد المتواجد امامي .. طريق الضياع .. يومين نسيت فيهما كل شيء والظلام يحيط بي .. ظلام جعلني اصل الى مرحلة من التفكير اخجل الان من الاعتراف بها .. ظلام قادني نحو مناطق كنت اعلم اني قد ابيع نفسي فيها ومع ذلك توجهت اليها .. وفي احلك لحظات ياسي عاد هو ليمنعني بصورته .. صورته وكلماته التي استصرخ فيها ضميري بجنون يمنعني من الاستسلام .. صورة ظلت تؤرقني وتمنعني من الاقدام نحو المجهول المظلم .. لما .. لما كان علي ان القاه وان يغير كل ما كنت قد امنت به يوما .. لما جعلني اتذوق طعم الامل .. غضب تراكم بداخلي وانا اتراجع واشعر بالعجز .. اتراجع مرة اخرى لاعود الى الطريق الذي وضعني فيه بعد تلك الكبوة التي اصابتني بعدما علمت الى اي درجة اذيته .. تراجعت وروحي تتراقص بعزاء موتها وتلك المؤامرات الفكرية تتكالب عليها .. حتى انفاسي .. لم اعد التقطها الا وعقلي يحثني على تذكره وتذكر ما قام به لي لاتمكن من الاستمرار بالمشي والصمود .. ولكن .. وجعي بالمقابل اخذ يتضاعف مع ادراك قلبي انني كنت السبب حقا بتلويث صائب .. وبانهيار عدت الى النزل .. عدت وقد سلمت كل مفاتيح ثورتي لتغمر روحي ثورة معاكسة تبحث عمن تحمله اثم المي .. اثم وجدت انني بتلقائية احمله له هو ما ان انفتح باب النزل الذي طرقته لتخرج لي ميساء التي ما ان نظرت نحوي حتى شهقت بخوف صارخة ( ضياء مابك .. اين كنت .. وماسبب هيأتك المزرية هذه )
كانت يداها هي ما انقذتني من السقوط ارضا ولكن .. عيني في تلك اللحظة لم ترياها .. فقد توجهتا بتلقائية نحوه هو حيث كان يتواجد خلفها .. ذلك العظيم الذي كان يقف بقلق وتوتر وعيناه تشملاني بنظراتها الفاحصة وقد الجم نفسه عن الكلام بصعوبة ظهرت مع انفراجة شفتاه وانغلاقهما بين الفنية والاخرى .. صورة كانت بالنسبة لي هي الشرارة التي نزعت فتيل جنوني فصرخت بكل حسرتي ووجعي وخيبتي ( لما انت هنا الان .. هل تريد ان تتاكد من موتي مثلا .. او من حياتي ) كنت اعلم انني اهذي فقط بما لا اعنيه .. وانني ابحث عن اي شخص اطلق نحوه نيران عجزي وجنوني .. وبنبرة بدت كالفحيح المسمم بالسواد الذي كان يغمرني بالياس هسست متابعة من بين اسناني امام نظرته المنصعقة (هل تعلم انك .. انت السبب .. انت سبب كل ما اعانيه الان .. لما ظهرت امامي وكانك ملاك مخلص .. لما اقنعتني بان هذه الحياة تستحق ان نعيشها وبان هناك اناس لازالوا يحملون الخير بداخلهم .. لما اعدت لي ضميري وجعلته يتحكم بتصرفاتي بعدما كنت قد نجحت بقتله وانا هناك في السجن .. لما افهمتني بأن لي قيمة وجعلتني احلم بان الغد سيكون افضل لي ان صبرت واجتهدت وبحثت و ... )
قاطع صراخي المنهار وضربي على صدري بمسكه لقبضتي بقوة وهو يهتف بوجل حائر بعدما وقف مقابلا لي وابعد ميساء عني ( ضياء .. مابك .. لما تقولين مثل هذا الكلام .. امي لم تــ ... )
قاطعته بانفجاري الجنوني وانا اقاوم قبضته وادفعه بعيدا عني (امك صادقة وماقالته صحيح .. فمن انا ومن انت يا سيادة المدعي العام العظيم .. لما تهتم بانسانة مثلي وتعرض نفسك للخطر .. انسانة فااااشلللة .. فاشلة في كل شيء .. فحتى عندما اردت ان اعود الى الطريق الخاطئ فشلت .. ) وصمت وانا اهرب من نظراته المذهولة بنظري نحو ميساء هاتفة بمناجاة موجوعة ( لقد فشلت يا ميساء .. صدقيني .. اردت الهروب والابتعاد عنكما لاحميكما من اي اذى الا انني لم اجد شخصا واحد يستقبلني .. وعندما وصلت الى قناعة بيعي لجسدي لكي اهرب من نفسي خرجت صورته امام عيني وكلماته تكبلني وتمنعني من اقتراف اي سوء .. هل سمعتني .. حتى جسدي لم يعد ملك لي بسببه هو .. كي لا اخيب ظنه هو) كنت اشير اليه دون ان التفت نحوه ولكن .. جذبة قاسية من يده جذبني فيها من ذراعي وهو يدفعني للالتفاف نحوه صارخا وقد احمرت عيناه ( هل جننتي .. هل حقا كنت ستبيعين جسدك بهذه السهولة .. اين عفتك وكرامتك و .. )
كان هو الاخر يهذي بما لا يعي وقد ظهر صعوبة ما ينطق به بتلعثمه الصارخ ونظرته المحتقرة المستهجنة المذهولة التي لم احتملها فصرخت بدوري وانا اضرب صدره بقوة نابعة من احساسي بالظلم ( لا تحتقرني ولا تتكلم وكانك في برج عاجي لا يصله الدنس .. اجل .. من هم مثلي سيبيعون حتى اجسادهم ليتمكنو من العيش في هذا العالم القاسي .. سيبيعون اعضاءهم ليجدو لقمة عيش كريمة وسيتعرون امام الحقراء ليجدو ما يسترو به انفسهم لباقي اليوم .. ولكني بسبب كلامك معي لم استطع .. جبنت .. فشلت )
كان صراخي يتعالي اكثر وانا اعترف بما قمت به خصوصا مع اهتزاز حدقتيه الناظرتين الي بنيران عاتبة مخذولة عبر عنها بهتافه المندفع وهو يعود ليمسك بذراعي وقد اخذ يهزني كدمية قش ( انت حقا مجنونة .. من طلب منك ان تبيعي اي شيء .. الهذه الدرجة انت ضعيفة و .. )
وللمرة الثانية لم احتمل اتهامه .. ليس بعد كل ما عانيته من عجز بسببه .. ليس بعدما واجهت نفسي وضعفي بسببه .. وبصراخ يشابه صراخه لوحت بيدي امامه بتحذير ( لااا تقل ضعييفة .. لا تقلللها .. انت هو المثالي بدرجة تقتل الانسان وتشعره بحقارته .. اتعلم يا سيادة المدعي العام لما تركتك زوجتك .. لانها مهما حاولت ان تبدو جيدة امامك فبكلمة واحدة منك ستشعر بانها تراب .. انت قاسي لانك تنتظر من الجميع ان يبدو مثلك دون ان تحاول انت ان تبدو مثلهم حتى قمر تركتك لهذا السبب .. لانك لا تعرف كيف تحب الا نفسك )
اتهامات لم اكن اصدقها ولم اعلم حتى كيف صغتها .. اتهامات استقبلها صائب بنظرة لن انساها ما حييت .. نظرة خذلان وعتاب ونبرة صوته تخرج مختنقة وهو يتساءل وقد افلتني ( هل جننتي يا ضياء ؟ )
حالته هذه زادتني جنونا .. ان اكون انا سبب لتعرضه للالم والخذلان .. ان يكون عجزي وضعفي وقلة حيلتي سبب لشعوره بالندم .. ان لا اكون بالفعل تلك المراة التي قال لها قبل يومين فقط انه فخور بها لتثبت له خطأ فخره بعدما دافع عنها امام امه .. وبصوت خلا من اي تعقل اجبته بوقاحة موجوعة وانا اوجه اصابع اتهامي الزائف نحوه ( كلا لم اجن بل عقلت .. انت لا تعرف الحب اصلا ولم تفهم طعم الجوع او الظلم او القهر .. اجل تعرضت لبعض المصائب وصبرت فظننت ان الجميع يجب عليهم ان يكونو مثلك .. ولكنهم لن يكونوا يا سيادة المدعي العام .. لن يكونوا فولاذ قاسي بلا مشاعر مثلك .. ) لم اكن اعلم لما اقول له هذا الكلام .. لم اكن اعلم لما اردت ان اقتله لابعده عني اكثر واكثر .. لم اكن اعلم لما اردت ان ارسخ سوء صورتي امام عينيه وانا اصر على حرق كل اوراقي امامه .. وبنبرة لم اتعرف عليها اصلا فهي لا تشبهني هتفت مكملة امام نظراته المنصعقة ( هل تعلم يا سايدة المدعي العام انك لم تحب احدا ابدا .. لانك لو احببت قمر حقا لما تمكنت من نسيانها .. ولو احببت زوجتك حقا لما عاملتها وكانها قطعة اثاث مطلوب منها فقط مهام محددة .. والان انت تنتظر مني ان اتم نجاحاتك وابدو لامعة ليقال بان المدعي العام صائب عظيييم وساعد مجرمة وقاتلة ل .. )
وتمثلت مقاطعة كلماتي وانهياري بصفعة قوية زلزلني بها صائب وقد تردد صدى صوتها في المكان مترافقا مع شهقة ميساء قبل امساكه بي بقسوة وهو يصرخ بوجهي بمرارة وعيناه تقذفان بعتابهما بوجهي وهو يرد على اتهاماتي التي واجهته بها ( انت حقا فاااشلة .. فمن لا يراكي نورا بعينيه لا يجب ان تريه تراب تحت قدميك .. ومن اعطاكي قيمة وغدر فالاحق ان تمنحيه شكرا لانه على حقيقته قد ظهر .. وان كنت لا اعرف الا ان احب نفسي كما تقولين ولم اذق الحب يوما فانتي ايضا لم تعرفي كيف تحبين بطريقة صحيحة بل اصبحتي قاتلة .. هل تظنين انني وحدي في هذا الكون الذي صبرت ونجحت ولم احد عن الصواب .. ) وصمت قليلا وهو يهز راسه باسى قبل اشارته بذقنه نحو ميساء التي كانت تقف بارتباك خلفي متابعا ( اذن ما رايك بميساء .. ها .. ما رايك فيها .. انظري اليها جيدا ) ولفني بقسوة نحوها موجها ظهري نحوه وهو يمسك بكتفي متابعا ( لقد كانت في حالة اصعب من حالتك .. لقد قتلت زوجها .. وتسببت بموت ابيها حسرة عليها .. انظري مرة اخرى اليها لتري المها الذي اخفته خلف ابتسامتها وقاومت حتى نجحت .. ) وصمت وهو يعود ليلفني لاواجهه وقد انحنى نحوي حتى كاد ان يلتصق وجهه بوجهي قبل متابعته بثورة مزلزلة ( من انت بجانبها .. مالذي تعرضت له وقد استضافتك هي ووفرت لك كل شيء ولم تسالك حتى عن ذنبك بينما لم يستضفها احد ولم يرحمها احد وتعرضت للاهانة من الجميع .. ولكن .. ولانها شريفة .. ولانها قوية .. ولانها تستحق .. لم تلتفت الى ماضيها وبنت حياتها مرة اخرى الى ان نجحت .. )
وانهى كلامه وهو ينفضني من بين يديه تاركا اياي باحتقار اكبر ظهر على قسمات وجهه وهو يهتف بقرف مشمئز ( اما انت .. فانت تتفننين بلوم غيرك واظهار نفسك على انك ضحية وتبرير جرائمك بكون المجتمع قاسي واجبرك على هذا .. وفي النهاية انت غاضبة وتتهمينني باني انا المثالي وكلامي منعك من بيع جســـ... ) وقطع حديثه لاهثا بغضب موجوع قبل متابعته باسى واشمئزازه يزداد ( حتى الكلمة ترفض الخروج من فمي لحقارتها .. يال خيبتي ووقتي الضائع الذي ظننت فيه انني احادث انسانة تستحق .. يال قلقي الذي اضعته ليومين وانا افكر بكل شيء سيء قد يصيبك حتى انني لوهلة كنت ساذهب لاهدد الجميع ظننا مني انهم اذوكي .. ) ثم دفعني بكل قوته حتى كدت ان اقع لولا امساك ميساء لي وهو يتابع بحدة وصرامة مرعبة ( هيا.. اذهبي واقتلي نفسك .. هيا اذهبي وبيعيها دون ان تخافي على راينا ودون ان تتذكري اي كلمة مما قلتها .. فكلامي كان موجه لانسانة .. وليس لدمية وضيعة مثلك ) وتراجع الى الخلف .. تراجع نحو باب النزل وغادر بعد ان رمقني بطريقة شعرت من خلالها انها النهاية .. فلقد قال كل ما عنده وودعني بعدها بنظرة لن انساها ما حيت .. نظرة قتلتني الف مرة وسلختني وانا حية .. نظرة اوقعتني منهارة باكية وانا اراه يبتعد بعدما ادركت انني قد خسرت الان بالفعل .. قد خسرت ذلك الظهر الذي سندني منذ خرجت الى هذا العالم .. حسرة غمرتني وافقدتني تركيزي فلم انتبه لحركة ميساء التي احتوتني واوقفتني وساندتني الى ان اوصلتني الى سريرها .. وهناك .. جعلتني استلقي وهي تحتضنني وتربت علي بحنان كنت بالفعل احتاجه .. حنان جمع حنان امي واختي وابي وكل العالم .. احتضنتني وربتت علي دون حتى ان تسالني عن شيء بل تركتني ابكي وابكي وابكي وانا اهذي بكل ما جرى معي حتى انتهت دموعي وكلماتي .. انتهت وغرقت في عالم نومي واحلامي التي خالطتها كوابيسي المتمثلة برحيل صائب النهائي عني .. نوم كنت احتاجه بعد قضائي لاصعب ايام في حياتي في نظري .. نوم كنت واثقة انني عندما استيقظ منه فهناك الكثير من الامور التي يجب علي ان اغيرها.
يوم جديد حمل بين طياته احداث جديدة .. يوم ابتدا بكلامي مع ميساء بعدما استيقظت وتحممت لاغسل جسدي القذر من كل ما تعرض له ثم تناولت وجبة دافئة قدمتها الي بكل محبة وبابتسامة جعلتني اهمس بخجل محرج منكسر ( اعلم .. انك الان تحتقريني .. انا .. انا لم اكن اعلم .. مشكلتك .. لم اكن اعلم حتى انك سجينة سابقة .. انا اعتذر حقا .. ولكن .. كيف .. كيف من الممكن ان يخطر على ذهني انك سجينة وانت الان هكذا )
واشرت اليها بطريقة موحية تدل على تعجبي الكامل من طريقة معيشتها .. هدوءها .. ابتسامتها .. تفاءلها .. صبرها .. نقاء سريرتها .. امور لم اظن اني ساقابلها في انسانة كانت سجينة سابقة والاهم قاتلة سابقة ايضا .. وبنبرة هادئة اجابتني وهي تنظر الي بتركيز ( قصتي يا ضياء طويلة جدا .. قصة ساقصها عليك بالتاكيد في يوم من الايام .. ولكن .. لا تستعجبي انني الان هكذا .. فلقد مررت بطرق تشابه طرقك الان عندما خرجت من السجن . حتى وصلت في النهاية الى قناعة تمكنت من خلالها الاستمرار بحياتي كما يحلو لي .. والاهم .. تمكنت من النجاح )
وتنهدت عميقا وقد شردت عيناها بعيدا عني فزاد كلامها فضولي ..وبصيغة اردتها لطيفة وغير الزامية تساءلت بحذر( ما هي القناعة التي تقصدينها يا ميساء..هل يمكنك ان تجيبيني ان لم يكن في سؤالي اي احراج لك بالطبع )
اعادت نظرتها نحوي وهي تبتسم بحنان مغمغمة ( بالتاكيد ساجيبك .. لقد مررت بتجارب كثيرة بعد خروجي من السجن .. تجارب انضجتني و اوصلتني الى مرحلة من حياتي لاحظت فيها ان دائرة اللامبالاة لدي قد اتسعت .. وباني تغيرت كثيرا .. احببت ما كنت اكره وكرهت ما كنت احب .. وتعلقت بما نسيت ونسيت ما كنت متعلقة به .. حتى وصلت الى نقطة شعرت فيها باني لا اشبه نفسي .. وباني لم اعد اخاف من خسارة اي شيء .. او حتى ما عدت اخاف من اي شيء .. بل اصبحت ارد بصراحة على من يؤذيني ولو بكلمة .. ولم اعد افضل احدا الا نفسي ولا اهتم لراحة اي شخص الا راحتي .. في تلك المرحلة فقدت شغفي فجاة واصبح كل شيء متساوي امام انظاري في هذه الحياة دون اي استثناء .. نضوج جعلني اكثر انتقاءا للاشخاص اللذين ادخلهم لحياتي .. وليس غرورا انما لاني ادرك انه لم يعد امامي متسع من العمر للاشخاص الخطأ في حياتي فلم اعد اقتنع باي شخص بسهولة كما انني توقفت عن المجاملة لكسب ود احدهم رغم ادراكي بان صدقي سيفقدني الكثيرين ويجرحهم .. ولكني لم اعد اهتم الا بنفسي وبراي انا بنفسي فلقد تجاوزت حقا ببرودي نحو الجميع عتبة الالم وفهمت سلم اولوياتي .. وهكذا .. بهذا الصفاء العقلي اعدت بناء حياتي ووقفت على قدمي وحددت اهداف سعادتي ومضيت لتحقيقها حتى .. نجحت )
كلام اختصر بداخلي كل ما مررت به بالفعل وما توصلت اليه .. وحقيقة اصبحت اؤمن بها .. فانا لن انجح الا عندما اتمكن حقا من كسر عتبة الالم لدي وعتبة الاهتمام براي اي شخص بي .. كلام جعلني اخفض راسي بحرج وانا اتمتم ( انا .. اعيد اعتذاري لك .. لاني ادخلتك بدوامة من الجنون بسببي بعد ان استقرت حياتك .. لذا انا لن اطيل عليكي وساغادر فلا اعتقد انك ستتشرفين ببقاء انسانة ح.. )
ولم اتم كلامي فلقد اصمتتني بكفها التي رفعتها امام وجهي وهي تهتف بحدة ( لمرة واحدة كفي عن التحليل بعقلك واتركي لمن امامك حرية تفسيرتصرفاته لك .. كلا يا ضياء انت لم تغرقيني بدوامة ولم تطيلي علي بمكوثك معي .. فكما اخبرتك فانا وصلت الى مرحلة اعرف فيها جيدا من ادخل الى حياتي .. ولقد اخترتك بصدق لتكوني بمثابة اختي .. ويشهد الله اني منذ تلك اللحظة التي رايتك فيها وصائب يحملك بين ذراعيه حينما اخبرني انك وحيدة وليس لك احد باني اعتبرتك عائلتي التي عوضني الله بها ليخفف عني وحدتي .. وهذا لاني اثق بنظرة صائب للاناس وبمعرفته بمعادن من يتعامل معهم لذا انا لا احتقرك ولا اريد مغادرتك ....) وصمتت وهي تتنفس بعمق لتهدئ من نفسها قبل اتمامها بحنان معتذر وهي تحتضن كفي بين كفها ويدها الاخرى ترتفع لتمسح على شعري بمحبة ( اما عن سبب عدم اخبارك عن كوني سجينة فهذا لانك لم تسالي يا ضياء وانا لم احب ان احملك هم فوق همومك التي تفكرين بها .. وليس لاني لا اثق بك .. واما ما حدث في اليومين السابقين منك فانا رغم حزني عليكي وغضبي من هروبك مني الا انني اعذرك وليس من حقي ان احاكمك على فعلتك .. فجميعنا نتعرض لمثل تلك اللحظات التي يستولي بها الشيطان على تفكيرنا فنشعر باننا سنبيع انفسنا له ولكن .. الانسان القوي هو من يتوقف قبل فوات الاوان ويتراجع ويندم )
كلامها وحنانها زلزلاني .. تفهمها لما قمت به هز روحي .. ومعرفتي انني لم اكن لاقابل مثل هذه الانسانة لولا صائب جعلني اجيبها بتلقائية ملهوفة وانا افسر لها افعالي ( لقد توقفت بسببه هو يا ميساء .. صورته وكلماته لم تفارقني .. خوفي من تلك النظرة التي نظر بها الي بالامس كان بمثابة الهاجس المرعب الذي وقف امام وجهي ومنعني من الانحراف .. ولكني في النهاية .. فعلت ما كان علي فعله معه )
نظرة تائهة منها شملتني بها قبل تساؤلها ببطء عاتب (لم افهم .. مالذي كان عليكي فعله بالضبط .. و لما .. لما فعلت هذا به ان كنت خائفة من خسارته .. لما جرحتيه واشعرتيه ب .. )
ولم تتم كلامها وانا اقاطعها بحرقة واه كبيرة خرجت من اعماق صدري ( لاني خائفة عليه يا ميساء .. خااائفة .. لقد آذوه بسببي .. آذو صائب بسببي انا .. كيف يمكنني ان اسمح لهم بهذا ؟ بعد كل ما قدمه لي .. كيف من الممكن ان اكون سببا لتعرضه لاي مصيبة ؟ كان من الافضل ان ابعده بيدي عني كي لا يمسه اي سوء بسببي)
لوهلة ظهر الوجع جليا على ميساء وهي تربت على وجنتي بتفهم محب قبل قولها ببطء ( معك حق .. لا يجب ان نسمح لهم باذيته فصائب لا يستحق منا الا كل خير .. معك حق في خوفك عليه وفي محاولتك ايقاف تدخله بحياتك ودفاعه عنك .. ولكن تصرفك بهذه الطريقة كان خاطئ فليس هكذا يمكنك ان تحميه يا اختي .. ليس بابتعادك عنه وانت ترمين نفسك الى الشارع )
لوهلة لم افهم مقصدها .. لوهلة بحثت عيني في قسمات وجهها عن توضيح لمرادها .. وبوجل حذر وامل ضئيل بدا يداعب قلبي سالتها ويدي تمسح دموعي من على وجهي ( مالذي تقصدينه .. كيف يمكنني ان احميه .. هل استطيع حقا فعل هذا دون ان ابتعد عنه ودون ان اخيب امله بي ؟ )
تنهيدة طويلة خرجت منها وهي تبتسم لي بحنان موجوع قبل تحريكها لراسها بالرفض مغمغة ( لم اقصد هذا يا ضياء .. ففعليا قد خاب امل صائب بك بعد كلامك معه بتلك الطريقة وايضا فان ابتعادك عنه في هذه الفترة امر ضروري .. فلا يجب ان يصيب صائب اي اذى بسببك او بسبب اي شخص ..لانه كالمنارة التي سيحتاجها اشخاص تائهون مثلي ومثلك دوما.. واقل شيء يمكننا تقديمه له هو ان نحميه ممن قد يؤذونه بحقارة )
صوغها لهذا الكلام بتلك الطريقة احرق روحي وادمى كياني وقلبي المنتفض بسببه .. وبلهثات بدات تعلو مختلطة بشهقاتي الباكية همست بحرقة ( مالذي تودين قوله من بين كلماتك .. ارجوكي اوضحي مقصدك )
مظهري البائس آلم ميساء فضمتني لها برفق وهي تربت علي بحنان قبل ابعادها لي ببطء وهي تنظر الى وجهي بشرود لحظي مغمغة ( يجب ان تحميه بالفعل حتى لو تطلب الامر ان تفديه بنفسك ولكن .. حمايتك له لن تكون بهربك فهذا جبن .. بل بالمواجهة .. يجب ان تستغلي كل الاوراق التي بين يديك بشكل صحيح )
لم افهم ايضا كلامها ولكن فكرة حمايتي لصائب جعلتني اسالها بلهفة يائسة حائرة ( اي اوراق هذه التي تعنيها .. لقد اخبرتك انني لا املك اي شيء يدين زيد وانني كنت اهدده فقط بشكل فارغ )
اعادت ميساء انظارها الي بتدقيق وقد بدت وكانها تراجع قرارها قبل رفعها لكتفيها بدهاء مغمغة ( انت لا تملكين .. وانا وانت فقط من نعلم بهذا .. ولكن .. لا احد غيرنا يعلم .. كما انه اكاد اقسم ان خوف زيد منك يدل على وجود ما قد يدينه بالفعل .. ربما .. عائلتك .. الم تفكري انهم قد يملكون اي شيء .. قد يساعدك )
ذكر عائلتي جعلني انتفض وانا احرك راسي بالرفض الفوري ( عائلتي .. انا لا اريد منهم شيئا .. هل تظنين انهم سيعطوني اي شيء او انهم يملكون اي شيء .. انهم لم يقفوا بجانبي سابقا فهل تعتقدين انهم سيقفوا الان معي)
حركت ميساء راسها بالرفض بدورها وهي تشير الى راسي متمتمة ( يا ضياء فكري قليلا..انت قلتي لي سابقا بان صائب قد هدد زيد من خلال عائلتك ..هذا يعني وجود علاقة لا زالت تجمع عائلتك بزيد..وخوف زيد وقلقه منك امر غير طبيعي ..فالمفترض ان يعتقد انك كنت تهددينه بشكل اجوف لا ان يتصرف مع الامر بكل هذا الثقل حتى انه تدخل بصائب وعرضه للتحقيق وكانه خائف من انكشاف شيء متعلق بك ..الا يعني هذا امر)
كلامها اشعل عقلي بعدة احتمالات عبرت عنها بتلعثم شارد ( هل تظنين .. ان .. زيد .. يشك بان عائلتي .. تملك .. شيء .. اعطتني اياه .. لكي .. اهدده مثلا )
رفعت ميساء حاجبيها محركة اصبعها يمنة ويسرة وهي تنفي تفكيري معللة كلامها بتعمق ( ليس بهذه الطريقة .. ولكن .. يبدو انه يشك .. او انه واثق من وجود اوراق رابحة مع عائلتك .. لذا تعامل معها بحذر ولم يؤذيها .. وفي نفس الوقت .. هو يضغط عليك ليختبرك ويختبر من حولك .. فان وجد شيئ بالفعل فانه سيظهر بالتاكيد عندما يلوح التهديد الحقيقي بالافق .. ربما .. ان الاوان لتحتمي بالفعل بمظلة عائلتك )
وقالت جملتها الاخيرة بحزم رفضه عقلي باباء ( ولكني .. لا اريد اي شيء من عائلتي .. لا اريد مساعدتهم ولا حمايتهم و ..)
قاطعتني بشكل فوري صارم وهي تشير الى صدري ( ليس لاجلك .. بل لاجل صائب .. يجب ان تتحركي بكل ثقلك وذكائك لتحافظي عليه .. لتدخلي لعبة التهديد وتغامري .. كما خاطر هو بمستقبله وهدد الجميع كي لا يؤذوكي .. ثم لا تنسي .. انت معك عرض ذلك المدعو كرم .. وهذا بحد ذاته .. طرف خيط يمكنك استخدامه كورقة تهديد )
بذهول سالتها عن مقصدها خصوصا مع وجود بعض الشك الذي لازال يراودني بالنسبة لكرم وهدفه ( وكيف هذا .. الم تقولي لي بانه من الممكن ان يكون كرم احد رجال زيد )
لوهلة صمتت ميساء وهي تغرق بتفكيرها قبل قولها ببطء حذر( حسنا ساخبرك .. في البدء يجب ان تدركي بانه عليك التخطيط بشكل صحيح هذه المرة لتتمكني من النجاة ..و رغم انني في البدء اخبرتك ان تبتعدي عن هذا الطريق ولكن .. هم من جروكي بلعبهم القذر معك .. اما كرم .. فيمكننا استخدام ورقته دون ان نشير اليه بشكل واضح الا ان يظهر لنا الطرف الذي ينتمي اليه بالفعل)
بقلق استشعرته وخلايا جسدي تستنهض بتوتر همست بتساؤل ارقني( وهل هذا سيكون صحيحا .. هل سيقبل صائب ان اتعامل مع اؤلئك البشر مرة اخرى لكي احميه )
امل كان لا يزال يداعب قلبي جعلني اذكر اسمه واحساسي بوجوده معي يزيد من عزيمتي ولكن .. حركت ميساء راسها بالرفض القاطع هذه المرة وهي تجيبني بصرامة ( صائب لا يجب ان يعرف اي شيء فهو مستقيم بطريقة ستجعله يرفض اي خداع .. لا تعتقدي بانني تمكنت من النهوض فقط من خلال نصائح صائب ودعمه .. بل احتجت ايضا للحيلة والقوة لكي اواجه اؤلئك الحقراء الذين كانو سيسلبوني حقي .. امور قد لا تكون صائبة او صحيحة ولكني اضطررت لها كما انت الان مضطرة لها .. المهم .. ان تخفي هدفك عن صائب وان تقدمي له معروفك دون ان يعلم بهذا .. فهل انت مستعدة .. مستعدة لتتعاملي مع الامر بطريقة ستظهرك سيئة وحقيرة امام الجميع ولكن .. في النهاية .. ستصلين الى خط النهاية وستحمين من تحبين )
ببطء اومات براسي موافقة رغم ان كلامها قد نزع روحي وضربها بمقتل الا انني وعندما فكرت به بعمق فهمت ما تقصده من معاني .. فهي تطلب مني التضحية بنفسي لكي احافظ على من ساعدني يوما .. تضحية كنت مستعدة لها دون اي مقابل .. تضحية حتى صائب لن يعرف عنها بل ربما هو سيكرهني ظنا منه انني بعت كل شيء .. ولكني ادركت بان منطقها كان بالفعل هو الحل الاوحد امامي .. ومشاعري التي بدات بملئ روحي نحو صائب وامتناني الذي شعرت به لكل ما قدمه لي ملاني بعزيمة مضادة وفكرة حمايتي له تزيد من اصراري على الاقدام وترفع مؤشر شجاعتي .. دوامة من الافكار كانت تغرقني و تشوش بدا يتضح بشكل تدريجي وانا استمع الى ميساء وتحليلاتها باهتمام وافكار تنغرس عميقا بداخلي هذه المرة وانا ارسم خطتي وطريقي الذي ساتبعه لاقف بوجه الجميع .. افكار حددتها ميساء بوضوح امامي ( لا تكوني بيضاء مثل صائب ولا سوداء مثل زيد .. بل كوني نفسك المتذبذبة بينهما الى ان تصلي لغايتك ) .. وكانت اولى هذه الخطوات هي .. عائلتي .
لقاء طال كثيرا الى ان تم .. لقاء كان يجب علي ان استجمع فيه كل ما تعلمته من السيطرة والهدوء والبرود لاصل الى الهدف الذي اريده منه .. لقاء كنت اعي جيدا انه يجب ان يتم مع شخص غير اخي وابي .. شخص قد اتمكن من استثارة بعض نقاط ضعفه لاحصل منه على ما اريد .. وهذا الشخص هو .. امي .. تلك المراة التي ادرك جيدا انها تخلت عني مرة . وانها قد تفعل دائما .. ولكن .. صوت صغير داعب داخلي وحرك حدسي .. صوت اخبرني بان والدتي .. ستتعامل معي بشكل مختلف هذه المرة .. حدس نبع بداخلي بناءا على استنتاج بنيته من اخفاء اخي لحقيقة خروجي عنها .. ومن هذا المنطلق .. ذهبت الى هناك .. الى المشفى .. وتوجهت الى مكتبها .. بسرية اردت من خلالها ان اتمكن حقا من الانفراد بها .. وقد .. حدث لي ما اردت وتم الامر بنفس الطريقة التي خططت لها .. وانتهى بي الحال وانا اجلس على مكتبها انتظر قدومها .. انتظار لم يطل كثيرا فبعد مرور عشر دقائق تحرك الباب ودلفت امي الى المكتب .. دلفت بهيئتها التي ابكت روحي واثارت شوقا غادرا بداخلي اختلط مع عتاب وحزن وطعم مرارة ينتشر بكياني ويمنع تقدمي نحوها لكي ارتمي باحضانها .. نظرتها اللامصدقة نحوي والتماعة حدقتيها اضعفا ارادتي على الصمود لبرهة قبل تماسكي بصعوبة وانا اذكر نفسي بما فعلته معي وصوتها المندهش يملا ارجاء المكان بسؤالها ( ضياء .. مالذي تفعلينه هنا .. هل .. خرجتي من السجن .. منذ متى )
حيرة زادت غيظي خصوصا وانا افسر سؤالها من منطلق رفضها لخروجي المبكر هذا فاجبتها بسخرية مبطنة ( اهلا .. امي .. اعذريني .. لقد دخلت الى المكتب دون اذن .. ولكن الحارس ادخلني ما ان اريته بطاقة اسمي وعلم انني ابنة مدير المشفى )
لم تفهم كلامي وقد عبرت نظراتها المشوشة عن حيرتها وهي تتمتم بذهول وقد بدات بالتقدم نحوي ( انت .. مالذي تقولينه .. هل خرجتي للتو .. من السجن )
حاولت التماسك امامها وانا اتراجع بخطوتين الى الخلف كي اظهر رفضي لتقدمها نحوي مغمغمة بحذر ( كلا يا امي .. لقد خرجت منذ شهر تقريبا .. حتى انني قابلت اخي )
لاحظت امي حركتي المتراجعة فظهر ظل الم على وجهها لم ارد ان اصدقه حقا وحاولت تجاهله وانا اركز على كلامها المتسائل بذهول ( اخوك ؟؟ هل كان يعلم بخروجك .. ولكنه .. لم يخبرني )
جهلها هذا زاد من غيظي من الجميع .. وتذبذب مشاعرها استثار بداخلي ردة فعل معاكسة اظهرتها بنبرتي الثلجية التي رددت عليها بها ( اجل .. كان يعلم فلقد خرجت بعفو مشروط تم ابلاغكم به بشكل رسمي .. لكنه لم يخبرك لانه كان خائفا عليكي كما قال .. يبدو انه لا يدرك انني .. لا اعني لك شيئ .. لتتاثري بخروجي اصلا)
عتاب التمع اثره على صفحة وجهها التي تغضنت بشكل فوري وهي ترفع يدها برفض تلقائي ( لا تقولي هذا يا ضياء .. انت تعلمين .. انني تالمت حقا .. بعد كل ما حدث لك و ..)
ومثل دفاعها عن نفسها الشرارة التي فجرت جنوني المعتاد وابرزت قسوتي الفولاذية وانا الوح بيدي بلامبالاة وقد تمنيت لو انها اظهرت نفاقها مثل اخي ( اجل تالمتي لدرجة عدم زيارتك لي .. اتعلمين يا امي .. انا لست هنا للعتاب .. او حتى لسؤالك لما فعلتم هذا معي .. فلقد تخطيت هذه الازمة منذ زمن .. بفضل اناس امنو بي بصدق .. اناس جئت اليوم لاحاول حمايتهم من .. زيد .. ذلك الوغد الذي لم تحموني انتم منه )
وكان لاسم زيد مفعول السحر على امي فلقد تكدر وجهها واظلمت ملامحها مع التزامها للصمت وهي تتحرك نحو احدى الارائك لتجلس هناك دون ان تبدي اي ردة فعل على كلامي .. مظهر جعلني اقول بحذر متعمق ( يا ترى .. هل افهم من قلقك الواضح هذا .. بانك .. تخافين من زيد ..او على الاقل .. تكرهينه )
امنية لم اعلم لما وردت على ذهني وعبرت عنها بوضوح ولكن .. فاجاتني عندها امي باجابتها بنبرة ظهر فيها المقت واضحا ( اجل اكرهه .. اكرهه من قلبي ولكن .. انا مضطرة لاجل الحفاظ على عائلتي ان اسايسه)
صفعة ساخرة تمثلت بمنطق كنت اعلمه رغم انكاري .. اجل فحتى ان كانت تكرهه ولكنها تعلن الان امامي بوضوح انها تسايسه لاجل مصلحتها .. وبنبرة لم اتمكن من السيطرة عليها تساءلت بحرقة عاتبة وانا اقترب منها لاقف امامها ( لما يا امي .. لما خضعتم لرجل مثله .. لما لا استطيع التصديق انكم ضعفاء لهذه الدرجة .. لما لا اصدق انكم تتركون رقابكم اسفل قنصلية اعدامه )
اسئلة لطالما ارقتني وكدرت منطق تفكيري وانا ابحث عن نقطة الضعف التي تسلل من خلالها زيد ليسيطر على اهلي .. وبصوت اهتز بعض الشيء حركت امي راسها بالرفض مغمغمة ( كلا .. نحن لسنا عبيد لمثله او لغيره .. ولكن .. بسببك اضطررنا ان ننحني لنحافظ على بقيتنا .. اما ذلك الحقير فليس من حقه ان يهددنا باي شيء بعد كل شيء قدمناه له .. الا يكفيه انني كنت اخاف من زيارتك كي لا ارى تلك النظرة الخائبة بعينيك .. لاني .. لم انصرك )
لم اصدق اذني بالفعل .. فببساطة هي كررت امامي نفس منطق اخي وحجته .. التضحية بي للحفاظ على الباقي .. وهل حقا كنت حمقاء لامل بامر اخر قد يصدر منها .. بل والادهى .. انها حملت زيد خطأ ضعفها ورضوخ مشاعرها للمصلحة العليا التي تقتضي تضحيتها حتى بحق زيارتها لي لانها .. جبانة .. وبنبرة هازئة تمتمت ( اجل .. انت لم تنصريني .. ولكن يا امي .. انت ايضا لم تحميني يوما ولم تحمي غيري .. فها هو الان يلتف حولكم مرة اخرى .. لتسلموني له .. وقد .. فعل اخي هذا )
لبرهة من الزمن توقفت حركة امي وهي تبادلني النظرات بذهول مرتجف قبل سؤالها بلهثات متسارعة ( مالذي تقولينه .. هل .. هل .. يعلم زيد بخروجك ايضا .. وهل يهددك )
لا ادري لما راودني في تلك اللحظة شعور عارم بالضحك من كل ما يحدث معي .. وبسخرية نابعة من لامبالاتي الغريبة تمتمت (اجل ..يعلم .. واجل .. يهددني ويهدد اخي .. لانه يظن اني املك اوراق رابحة بيدي)
كنت اعتقد بان امي ستنفجر بدورها من الضحك مع اشارتي لنفسي على كونها تهديد اخاف زيد ولكني .. تفاجات من سؤالها الملهوف وهي تقف لتمسك بذراعي بقوة (وهل .. وهل .. هل تملكين اي شيء .. ضده )
نظرتها المتعمقة لي جعلتني اجيبها بصدق مهدد هذه المرة وبصرامة مرعبة مزلزلة ( املك نفسي .. املك روحي .. املك حتى عزمي واصراري لحماية من احب منه .. حتى لو اصبحت قاتلة مرة اخرى و..)
انتفضت امي حينها مقاطعة وهي ترجني بقوة اذهلتني قبل قولها بصوت اختلط بضعف اراه للمرة الاولى منها ( لا تقولي هذا .. ارجوكي لا تقولي هذا .. لا تقولي انك ستصبحين قاتلة .. الا يكفيك انك قتلت مرة واحدة)
لم اصدق يوما احاسيس تلك المراة التي تقف امامي .. لم اصدق انها امي في اي لحظة او مصيبة عانيتها .. كما لم اصدق خوفها علي واهتمامها بي .. ولكن .. منظرها المرعوب الذي ظهر امامي الان جعلني اتحدث معها بصدق وانا امسك بكتفيها بقوة عبرت فيها عن خيبة املي الطويلة بها ( امي .. انا ميتة بسببه اصلا .. انا فقدت الجميع بسببه اصلا .. ولقد كنت انوي بالفعل ان استسلم .. لولا ان اخر رمق لي رفض ان يخرج قبل ان اخذ حقي .. منكم .. قبل ان يكون منه )
اجل .. اريد حقي منهم .. حتى ان استغنيت عنه في السابق ولكن .. تلك المواجهة وما نبع بداخلي من الم احرقني وجعلني ادرك ان اظهاري لعدم اهتمامي بعائلتي كان امر مزيفا .. وباني حقا اريد ان اخذ منهم حقي الذي اضاعوه .. وبنبرة ظهر فيها استغرابها تمتمت امي بتساؤل خافت (حقك ؟؟ مالذي تقصدينه يا ضياء .. عن اي حق تتكلمين )
بوجع مرت امام ذاكرتي كل معاناتي الناجمة من اهمالهم لي .. كل وحدتي وياسي وضياعي .. كل محاولاتي ان اكون جيدة امامهم رغم احساسي الدائم بالفشل بسببهم .. وكل ما تعرضت له من احباط وانكسار وهم يقارننوني ويحاكمونني بذنب وجودي الغير مرغوب بينهم .. وبنبرة حاقدة تمتمت وان اضغط بكفي على كتفي امي بقسوة ظهر انعكاس المها في عينيها بسببها ( اريد حق كوني ابنة لهذه العائلة .. حق تخليكم عني ورميكم لي في السجن .. اريد حق صمتي .. اريد ببساطة ان اكفل لنفسي حياة كريمة لا احتاج فيها لاحد بعدما جعلتموني ادفع ثمن ذنبي مضاعفا .. والاهم . اريد جوابا لسؤالي .. لما زيد .. يحاول ان .. ينهيني الان .. واتمنى ان لا تقولي بانه انتقام .. فكلانا يعلم .. انه هو السبب .. في موت والده بخداعي )
حقيقة ما ان نطقتها حتى ظهرت على وجه امي الذي انخفض بذل وهي تلهث بوجع متمتمة (معك حق .. يمكنك ان تطلبي كل شيء منا كثمن .. بل يمكنك ان تطلبي اكثر من هذا ايضا .. ان كان هذا سيرضيكي .. ولكن .. هل حقا تعتقدين اننا مجبورون على اعطائك هذه الامور .. هل تملكين اي قوة لتهدديــ...)
كان سؤالها الاخير مجرد صرخة ارادت من خلالها ان تهزني وتثير عاطفتي نحوها .. ان تحول طلباتي من كونها حقوق الى كونها منح يمكنها ان تطالبني بثمنها فيما بعد .. حقيقة ظهرت واضحة امامي فقاطعتها بقوة ( اجل .. مجبورين .. واجل يا امي .. انا املك بيدي ما يهدد امنكم .. يكفي ان اخرج الى الصحافة لاتكلم حتى تتحطم صورتكم المثالية .. فاخي مشكورا اعطاني هذا المفتاح .. واخبرني انني الحجر الذي سيهد هذا الصرح .. ارايت يا امي .. ابنتك ضياء المسكينة .. تغيرت .. واصبحت قطة تخدش كل من حولها . لذا .. اجيبيني .. مالذي بينكم وبين زيد )
كنت قد اضفت جملتي الاخيرة بسخرية ذاتية قاسية متعمدة وانا ابتعد عنها .. كما صغت سؤالي امامها بحزم وقوة استشعرتهما وانا اعي وقوفي هذه المرة في الكفة الرابحة .. وبتمعن لاحظت تعاقب المشاعر على وجهها وهي تتفحصني بدقة شاردة وقد ساد الصمت فيما بيننا .. صمت تبعه تنهيدة طويلة قبل تحركها لتلتف حول المكتب حيث انحنت وهي تفتح دولاب جانبي فيه ظهر من خلاله وجود خزنة سرية فتحتها واخرجت منها ملف ثم التفتت الي وهي تلوح به متمتمة بخفوت ( رغم عدم تصديقك يا ضياء .. ورغم تهديداتك التي اعلم انك لن تنفذيها .. فيجب ان تعرفي انني انتظرتك طويلا .. انتظرت ان تاتي وتطالبيني بحقك .. لذا جهزت هذا لك .. كدرع يمكنه ان يحميك طالما انني لن اتمكن من حمايتك ابدا .. وانني ساتخلى عنك دوما وابدا )
حقيقة تخليها الدائمة عني المتني كطعنة نجلاء اصابت قلبي ولكني تجاهلتها وانا انظر الى الملف متسائلة (ما هو هذا الملف؟ )
وكاجابة على تساؤلي مدت امي الملف نحوي لاتناوله منها وهي تجيبني بوضوح حازم (انه ما يخافه زيد ويبحث عنه منذ زمن .. هذا الملف يحوي اعتراف الطبيب بخطة زيد ضد والده وبكلامه معك عن تلك الحقنة وكيف اقنعك بكونها لن تؤذي المريض بشكل مباشر .. كما يحوي بعض المصائب الاخرى التي قام بها زيد .. لقد كان ثمن هذا الملف هو حياة ذلك الطبيب .. فلقد قتل بظروف غامضة قبل ثلاثة اعوام من الان )
لم افهم في البدء كلامها .. ولم استوعب اي شيء قالته وفكرة تستولي على ذهني وتسبب بثورة بركان غضبي الذي عبرت عنها بلهثات مصعوقة متسائلة ( هل .. كنت تملكين .. دليل براءتي .. بين يديك .. ولم تقدميه لي)
تساؤل نفته امي بشكل فوري مدافع ومسترسل (كلا .. لم اكن املكه في البدء .. ولم اكن اعلم عنه اي شيء .. لقد حصلت عليه قبل سنة من الان .. فلقد كان هذا الملف مع زوجة ذلك الطبيب التي تعيش الان خارج هذه البلاد .. و قابلتها في احد المؤتمرات الطبية وسلمتني هذا الملف بعدما تاكدت انها اصبحت بمامن من زيد بحيث لا يهددها ولا يمسها بسوء .. وعندما اردت تقديم هذا الملف للعدالة استشرت محامي اخبرني بان هذه الشهادة غير ملزمة ولا يوجد اي دليل على صحتها خصوصا انك لم تتكلمي عن هذا الطبيب وعن دوره فيما حدث في اعترافاتك .. ولكن الان .. الوضع مختلف )
كانت تلوح بيديها بتوتر وهي تحاول افهامي دورها في كل هذا .. دور صدمني بالفعل وكلامها يتسلل ببطء لتلافيف عقلي مسببا تشنجا كاملا غزا تفكيري وانا اتساءل ببلاهة مصعوقة ( مالذي .. اختلف )
وجاء جوابها ليزيد من عمق صدمتي ويغرقني ببحور حيرتي وتشوشي وهي تشير الي هاتفة ( انه انت من اختلفتي يا ضياء .. خروجك بعدما قضيتي عقوبتك يجعل الامر اكثر تاثيرا .. صحيح ان هذا الملف قد لا يعد قضائيا امرا مفيدا ولكنه .. ان وقع في الايدي الصحيحة فيمكن استخدامه كمسمار يدق في نعش زيد .. )
كلمة ايقظتني من غفلتي وقد التمع هدفي واضحا امامي .. نعش زيد وامانه الذي اسعى لتحطيمه لكي احمي من اردت .. امر كان الان هو المهم بالنسبة لي مقارنة بكل ما تعرضت له وبكل تفكيري وتحليلي لما اقدمت عليه امي ولاهتمامها بمشكلتي حتى وان جاء هذا الاهتمام منقوصا ومتاخرا .. وبصوت بدا شاردا همست وانا امد يدي نحو الملف وافكاري تتطاير لترسم خطتي الجديدة بعد ان نحيت كل صراعاتي واوجاعي ( معك حق .. ان وقع في الايدي الصحيحة يمكن استخدامه كورقة تهديد لحماية من اهتم لامرهم .. هل يعرف احد عن هذا الملف)
لم يغب شرودي عن امي ولكنها اثرت ان تؤخر سؤالها لي عمن اهتم لامرهم واثرت ان تبدا بتوثيق ذلك الجسر الذي ابتدا بالانتصاب بيننا بعد طول انقطاع وبنبرة متفهمة غمغمت وهي تشير الى الملف الذي كان بين يدي الان ( كلا .. لا احد .. انا فقط من علمت عنه .. لقد كنت حائرة بالطريقة التي يمكنني التصرف فيها به .. كما انني اعلم بان اباك واخاك جبناء فلقد جربت طريقة تعاملهم مع زيد في اول مشكلتك .. ببساطة هم استسلمو له بكل سهولة ومع اول تهديد )
كان من الواضح لي انها لا تزال في حيز التبرير لفعلتها .. كما لو انها تحاول بث التفاهم بيننا لتتمكن من الاقدام نحوي مرة اخرى .. وبنرة ساخرة اجبتها وانا اشير اليها ( وانتي فعلتي هذا )
ظهر الارتباك عليها في تلك اللحظة وهي تندفع بقولها وقد امسكت كفي بقوة ( فعلتها مضطرة .. فلم يكن امامي اي خيار اخر يا ضياء .. لقد كان كل شيء سيضيع من بين يدي .. ثم .. ان نظرتي للامور قبل عشرة اعوام .. تختلف عن اليوم .. ورؤيتي للطريقة التي يتعامل فيها اخويك معي وتخليهم الكامل عنا واهتمامهم بانانية بمصالحهم الشخصية جعلني دوما اتساءل .. كيف .. كيف اخطات بتربيتكم هكذا )
كانت تتكلم بحرقة غريبة عليها وقد التمعت عيونها بدموع محبوسة .. حالة للمرة الاولى ارى امي تعانيها .. ولولا موت قلبي من جهتهم لكنت تاثرت بالفعل من كلماتها ولكن .. قلبي اليائس من اي لمحة اهتمام منهم كان بالفعل قد اصدر حكم خروجهم منه بلا رجعة لذا نفضت كفي من بين يديها وانا اضحك بصوت مجروح مشيرة اليها ( انهم يتخذونك قدوة يا امي .. فانتي كنتي انانية معهم وتضعين مصلحتك في المقدمة دوما .. لذا .. لما تستغربين ان يفعلو هذا معك )
قسوة كلماتي انعكست على الظلمة التي طغت على وجه امي وهي تخفض راسها بذل هزني قليلا ولكني قاومت تاثري وانا اراقب تلك الكلمات التي خرجت من فمها وهي تومئ براسها موافقة (معك حق .. انا لا يحق لي ان اطلب منهم ولا من اي احد اي معروف لاني لم اكن من النوع الذي يقدم المعروف اصلا .. ) وصمتت قليلا متنهدة بعمق موجوع قبل اشارتها للملف مرة اخرى وهي تقول بحزم مرتج بعض الشيء ( والان يا ضياء .. هذا هو ما طلبتيه مني .. فهل يا ترى تعتبرين هذا الملف عوضا لك عن استغنائي عنك )
هل حقا اسمع منها امل بتساؤلها .. هل حقا تنتظر مني مسامحة بعد كل شيء فعلته معي .. من اين لها الجراة لتعتبر اي شيء تقدمه لي من الممكن ان يعوضني عن ما عانيته .. عن سنين عمري التي ضاعت وانا منكسرة احاول ارضاءهم .. عن كرامتي التي تبعثرت عندما صدقت رجل خدعني بسهولة .. عن عدم وقوفهم الى جانبي وانا في اصعب ايام حياتي .. عن قسوة حكمهم علي وعن نبذهم الكامل لي .. لعشرة اعوام لم تحاول هذه المراة ان تراني والان تظن انه ببعض اوراق من الممكن ان ابتسم بوجهها .. وباستنكار جارح لوحت بالملف بقوة امام ناظريها وانا اغمغم بوجع وكلمتها ومطلبها يزيد من جراحي ( تعويض ؟؟ انت حقا لا تعلمين ما فعلتيه بي لتطلبي مني ان اعتبر اي شيء تعويض عما الحقتموه بي من الضرر ) وفي لحظة سقطت ورقة من الملف تناولتها لالاحظ انها عبارة عن اشعار بنكي مرفق مع عقد تمليك لفت انظاري فيه وجود اسمي كمستفيد .. وباستغراب دققت النظر بتلك الورقة وقد نسيت للحظة ثورتي وانا اتساءل باستهجان حذر ( ما هذا ايضا ؟ )
صمتت امي لبرهة وعيناها تدققان النظر باتجاهي وكأنها تترك لي مجال استيعاب الامر لوحدي قبل توضيحها بخفوت وهي تشير الى تلك الورقة ( هذا المبنى .. هو ملك لك .. انه ارثي من عائلتي .. مبنى يقع في وسط البلد ويتم تاجير شققه لمكاتب وعيادات بعض الاطباء ورجال الاعمال .. لقد كتبته باسمك منذ دخلتي الى السجن وجعلت كل اياراداته توضع في حساب لك في البنك ليكون هذا معيلا لك بعد خروجك )

لم اصدق اذني .. ولم اعلم باي طريقة يمكنني التصرف .. هل حقا ظنت امي انها بهذه الطريقة تزيل اثمها نحوي . هل ظنت بالفعل ان المال هو كل ما احتاجه منهم .. وهل اخرست ضميرها بهذه الحجة ومنعت نفسها من زيارتي تحت ظل هذه الذريعة .. وبنبرة بحت من كثرة حملها لخيبات املي همست ( هل .. فعلتي هذا..لما)

لم اعلم حتى لما سالتها وانا ادرك الاجابة .. ولما اردت منها الدفاع عن نفسها رغم اصداري المسبق للحكم عليها .. لم اعلم لما استصرخت روحي مستنجدة لحنان ام لم اذقه يوما منها .. وبصوت حاولت جعله طبيعيا اجابتني وهي تهرب بعينيها من عيني العاتبتان المنصعقتان ( انت قلتها .. هذا اقل حقوقك من عائلتك التي تخلت عنك طويلا .. ان يكفلو لك حياة كريمة بعض الشيء .. والان .. خذيه فهذا لا يعتبر اي شيء مما قد قدمناه لاخويك .. ) وصمتت قليلا xوهي تلاحظ تراجعي المنصعق الى الخلف وحركة راسي اللا ارادية بالرفض قبل اتمامها برجاء خالص وهي تتحرك مقتربة باتجاهي وقد مدت يدها نحوي xبارتجاف ( هذا مني انا فقط .. من مال خالص من ابي الذي تعرفين صلاحه جيدا .. هذا مال لا يشوبه اي ظلم او سوء قد تحسبينه موجودا في اموالنا المختلطة باموال زيد اوغيره )

في تلك اللحظة اصابتني حالة من التبلد واللامبالاة وانا انظر الى تلك المراة .. حالة من فقدان الاهتمام والتبرير او التحليل .. حالة من توقع الاسوء دون اي جرح او مفاجاة .. وبصوت فتر وفقد كل معانيه غمغمت بسخرية ثلجية وانا ارفع كفي امامها لاوقف تقدمها ( حسنا يا امي .. ساخذه .. لانه كما قلتي .. هذا اقل حقوقي نحوكم .. والان .. عن اذنك )

اردت الهرب حقا لاتقوقع مع نفسي واعالج ما اصابها من جمود بعد ذلك اللقاء مع امي .. اردت الاختلاء بروحي وتعزيتها على موت اخر امالها بعائلة تهتم حقا بي .. اردت الابتعاد عن كل ذلك السواد الذي اصبح يخنقني ويقتل داخلي .. حركتي المتلهفة نحو الباب قاطعها امساك امي لذراعي وهي تقف مقابلة لي وعينيها ترتجان باحاسيس لم احاول حتى التفكير بها وكانها لا تعنيني ( ضياء .. هل .. هل يمكنني .. ان احتضنك )

ياللهي .. الى متى هذا العذاب ياترى .. الى متى ستظل روحي منتصبة بين كفتي ميزان لا اعرف اي كفة فيهما اختار .. الى متى سيطالبونني بالتحمل والتجاهل والصبر والصمود .. الم يفهمو بعد .. باني تعبت .. باني حقا تعبت .. وحقا .. اريد الاختلاء والهروب من الجميع .. وانه لولا خوفي على صائب لما تجرات حتى على المواجهة مع اؤلئك البشر .. وبنبرة عبرت فيها عن كل تلك الطعنات النجلاء التي ادمت روحي قبل قلبي غمغمت بعتب وانا ارفع اصبعي امام وجه امي ( لما .. لما لم تاتي .. لزيارتي .. لمرة واحدة فقط .. وانا في السجن )

سؤال اردت من خلاله ان اذكرها بذنبها الذي لا يغتفر .. سؤال اظهرت من خلاله عدم احقيتها بمثل ذلك الطلب الذي طلبته مني .. سؤال واجهتها فيه بوقاحة وجراة مطلبها الذي لم تمنحني حتى حق ربعه عندما كنت احتاجها بالفعل .. وبنبرة راجية همست بتدارك مندفع ( لم استطع يا ضياء .. لم استطع رؤيتك وانت مكبلة .. كنت احتاج لكل قوتي لكي اصمد واتخلى عنك .. من اجل اخويك وابيك .. كنت خائفة ان رايتك وانت بهذه الحالة ان انهار واعترف بكل شيء وافسد كل الاتفاقيات التي قمنا بها مع زيد لنحمي انفسنا منه )

هل ستصر هذه المراة على اذيتي بشكل اكبر من هذا .. هل حقا تعي ما تقوله امامي بكل وضوح ودون خجل .. انني بالنسبة لها كنت مجرد قربان .. اذن .. مالذي تنتظره مني يا ترى بعد كل هذا .. وبصوت لم اتعرف عليه لشدة فولاذيته وثلجيته التي تحصنت بها وانا انفض يدها عني دافعة اياها الى الخلف بقرف مشمئز ( ما تقولينه عذر اقبح من ذنب يا امي .. وانا .. لن اسامحكم ابدا .. على ما فعلتموه معي .. ابدا .. واقسم امامك الان .. انه سياتي يوم .. ستحتاجونني انتم فيه .. وعندها .. ستعرفون قيمتي .. ولن تجدونني )

قسم اطلقته بايمان برز بروحي تلك اللحظة وكانه نبع مستمد من تصديقي لكل ما حاول صائب ان يغرسه بداخلي من ثقة بنفسي وبقيمتي .. قسم لم ادرك انه بالفعل كان واقعا لا محالة .. واقعا عايشته بالفعل في ايامي المستقبلية .. عندما علمت بعد مرور عام على هذا الاحداث .. بان امي كانت مريضة تصارع الموت بشكل سري دون ان تخبر احد .. وان هذا هو ما ايقظ ضميرها بالفعل .. صفعة من القدر جعلتني اسامحها .. وهي على فراش موتها وانا اعي بان الله يظهر xلي عدله في كل اتجاه انظر اليه بعدما تساءلت في مرة اثناء انهياري عن العدل بكوني انا من واجهت كل تلك المصائب لوحدي .. عدل غمرني من كل اتجاه وتمثل امامي بمعرفتي بصائب ودخوله الذي غير كل حياتي .. كمنحة وهبها لي ربي لادرك الطريق القويم من خلالها فلا احيد عنه .
لقاء اخر بقي امامي لانهي دوري الذي تبنيته عندما اردت ان احمي صائب من اي اذى قد يمسه مني .. لقاء مهما حاولت تاخيره الا انه كان الزاميا .. لقاء وجب علي ان اتحصن فيه بكل قوتي وجبروتي .. افكار تدافعت بداخلي وانا اقف امام مبنى تلك الشركة الحقيرة بحقارة صاحبها .. وانظاري تنتقل بين الدالفين الى المبنى وبين صورة الورقة التي تحمل اعتراف الطبيب والتي امسكها باحكام بين يدي .. يا ترى كيف لورقة واحدة ان تغير ميزان القوى بكل هذا الجبروت .. ورقة ما ان امسكتها حتى علمت تحديدا ان اركان سلاحي قد اكتملت .. وان وقت مواجهتي لزيد قد حان وان .. مواجهة ابتدات ما ان رايته يترجل من سيارته الفارهة وبعض رجال الحراسة يحيطونه .. وبحركة مقصودة وقفت امامه بتحدي وعيني ترمقانه باستخفاف متحدي ظهر اثره على انعقاد حاجبيه وهو يشير نحو رجاله ليبتعدوا من بيننا وقد بدا يتقدم نحوي بجراة كنت واثقة انه سيندم عليها بعدما يستمع لكلامي .. وبنبرة مستخفة غمغم ما ان وقف مقابلا لي ( ضياء .. ياترى .. بمن ادين بشرف هذه المقابلة )

في تلك اللحظة وانا انظر اليه تساءلت .. كيف حقا احببت في احد الايام هذا الرجل البشع .. فرغم وسامته الظاهرة الا ان سواد داخله ظهر امامي جليا ليبدو امامي بصورته اقرب الى الشياطين .. كيف حقا نجح بخداعي لهذه الدرجة .. هل كان يجب علي ان اقع بالحب الصحيح لافهم ان مشاعري نحو صائب كانت مجرد افتتان مراهق احمق .. حقيقة امدتني بقوة اكبر وانا اجيبه باستخفاف ساخر مشابه لنبرته ( بحظك الجميل يا زيد .. بصراحة . لقد شعرت انك مشتاق لي لذا قررت ان ازورك )

رايت دهشته وهو يردد كلامي خلفي بغيظ ( انا .. مشتاق ؟؟ .. وكيف هذا يا ترى ؟ )

ابتسمت بلطف مخادع وانا الوح بيدي بطريقة مستفزة ( اولم تسال علي عائلتي .. وايضا .. الم تمد يدك السوداء الى المدعي العام الذي هددك بسببي )

اضفت جملتي الاخيرة بوضوح مهدد اختصرت فيه كل المهاترات التي قد تجري بيننا .. فطاقة احتمالي وصبري ستنفذ قريبا وقد بدا ارتعاش روحي يؤثر بي .. فمهما حاولت اظهار قوتي الا انني كنت دوما احتاج للشعور بالامان الذي فقدته بفقداني لصائب .. اسم ما ان انبعث بداخلي حتى امدني بطاقة دفء واجهت من خلالها تحدي زيد الذي رماه امامي وهو يمسك بذراعي بشكل مهدد ( هيا يا ضياء .. هل جئتي لترمي امامي بلائك فقط )

كشرت ملامحي باشمئزاز وانا اضرب يده لابعدها عن ذراعي قبل قولي بقسوة ( كلا بالتاكيد .. بل جئت لاعرض علي صفقة اتمنى ان تقبلها .. والا .. xفان هناك الكثيرون اللذين عرضو علي مبالغ خيالية لاتمها معهم)

كلام ما ان قلته حتى ظهر اثره بشكل فوري على زيد الذي نظر حوله بشك قبل اعادته لانظاره الي وهو يمسك بيدي ويجرني لداخل الشركة خلفه وقد بدا بالتوجه الى مكتبه دون ان يهتم باي احد من حولنا .. طريقة للاختلاء بي بسرية كنت قد الفتها سابقا منه فظننتها علامة حب ولكني وعيت الان بانها مجرد مظهر جبن لشخصية مخادعة مثله .. فهو كالخفاش لا يظهر خطره الا عندما يكون في مكان مظلم مخفي عن الاعين .. كيف يخافون من مثله حقا وقد بدات اشعر بمدى ضعفه وجبنه ومدى قوتي التي بدات بالتضاعف بداخلي .. قوة منبعها انني على حق وصواب وهو على خطا x.. وبصوت مهدد واجهني بعدما اصبحنا لوحدنا بداخل مكتبه (صفقة .. عن اي صفقة تتكلمين )

قلقه اشعرني بمتعة خفية فرفعت اكتافي باستفزاز وانا اجيبه بايحاء بعدما وضعت اصبعي على فمي باشارة للسكوت ( صفقة الصمت .. صفقة ستدفع فيها ثمن صمتي مقابل ان تنسحب من كل ما يخصني وان ترفع تهديدك عنهم )

اسلوبي افقده اعصابه كما اردت فصرخ بتهديد (هل تعين ما تقولينه ؟ )

اقتربت منه ببطء ويدي تفتح الملف الصوتي في هاتفي و الذي كنت قد اعددته وموهت الصوت بداخله لمقابلتي مع كرم وعرضه الذي عرضه علي وانا اعي بان هذه هي اللحظة الحاسمة التي انتظرها لاعلم ان كان كرم بالفعل في صفه ام انه يتحرك بخفية من خلفه .. حقيقة استوعبتها ما ان انتفض زيد برعب لم يتمكن من اخفائه وهو يتساءل بعصبية (من هذا .. انت تضحكين علي .. انت لا تملكين شيئا )

وكان سؤاله متوقع فابتسمت باستخفاف وانا اقترب اكثر وقد رفعت الورقة امام عينه هامسة بتهديد مخيف بجانب اذنه (هل حقا لا املك شيئا .. هل حقا اضحك عليك .. ما رايك ان تخاطر اذن وتطردني من هنا وتنظر بنفسك الى ما سافعله )
وكانت لحظة واحدة فقط مد فيها يده ليختطف الورقة مني ولكني تراجعت بسرعة وانا اطلق ضحكتي الهازئة وقد اوحت حركتي هذه بتوقعي لكل تحركاته وتعاملي معه بتخطيط مسبق .. قوة على ما يبدو لم يتوقعها مني فهتف امامي بتهديد بدا لي مضحكا ومرتجفا بخوف لم يتمكن من اخفائه ( مالذي تقصدينه ؟ )

مططت شفتاي باسف تمثيلي مضحك وكن استسلامه امر مفاجئ بالنسبة لي قبل قولي وانا ارفع كتفي بلامبالاة واضحة ( ببساطة .. كلانا يعلم ان .. انتشار دور الطبيب سمير في مقتل والدك .. في الاوساط الاعلامية .. سيقلب الراي العام كله عليك .. خصوصا .. مع توفر الدليل الاهم ..)

وصمت بايحاء وانا ارفع حاجبي باسلوب جعله يتساءل ببطء ( وما هو الدليل ؟؟)

تنهدت امامه بارتياح وانا اسحب نفسا مستفزا طويلا قبل اشارتي نحوه ( انت كنت المستفيد الاوحد من موت والدك .. فبموته لم يتمكن ابن عمك من اخذ ارثه الذي كان ينوي والدك اعطاءه اياه .. اليس كذلك)

معلومة كانت هي الامر الوحيد الذي استفدته من لقائي مع ذلك الكرم .. معلومة لم اعرها في ذلك الوقت اي اهتمام ولكني اكتشفت بعدها اهميتها ما ان استرجعت تفاصيل ذلك اللقاء .. معلومة حاول من خلالها كرم ان يقنعني باهداف انتقامه وباننا بطرف واحد عندما اخبرني انه واثق من ان زيد هو السبب وراء موت والده لان والده في اخر ايام معيشته بعدما اكتشف انتشار مرض السرطان بجسده شعر بالندم لاكله حقوق اخيه المتوفي واراد ان يكفر عن ذنبه باعطاء ابن اخيه حقه في ثروته وان هذه الحقيقة هي ما اثارت جنون زيد وجعلته ينقلب على ابيه ويتلاعب بوصيته النهائية ثم يكون سبب بموته قبل استيقاظه من الغيبوبة ليتمكن من تغيركل مخططاته .. وبنبرة ظهر فيها ذهوله همس زيد ( xكيف عرفتي هذه المعلومة )

عندما رايت الحالة التي وصل اليها زيد ما ان وضعت امامه كل اوراق تهديدي حتى علمت انني نجحت بخطتي واني احكمت لف حبل المشنقة حوله .. وبقوة انتقامية تفاعلت بروحي هتفت هازئة وانا اتعمج اسلوب الغموض امامه ( لقد اخبرتني اياها العصفورة .. انت بالتاكيد تعلم انه بمجرد انطلاق مثل هذه الشائعات من حولك فان كل الزوابع ستثار .. وبصراحة .. هذه الزوابع لن تصيب احد غيرك لانني قد قضيت عقوبتي وانتهيت .. وحتى وان اعدتني الى السجن بنقض العفو المشروط فالمدة المتبقية لي ليست طويلة .. بينما .. ما ستدفعه انت .. اكثر واغلى .. لقد اخبرتك .. انت لديك الكثير لتخسره بينما انا لا املك شيء لاخسره )

كلماتي تسببت بتسارع انفاس زيد ونظرته تنقلب الى سواد مجرم وهو يقترب مني ويمسك بذراعي بتهديد واضح مغمغا بقسوة محتقرة ( انت ؟؟؟ بما تهددينني تحديدا ؟؟ انت لا تملكين اي شيء ضدي .. وهذه الورقة لا يمكن ان تقدم كدليل اصلا )

نفضت يدي من بين يده ونا ادفعه بعيدا عني بقوة قبل قولي ببرود مزلزل ( انت تعلم انه في القانون .. فان القاتل لا يرث .. فلو ثبتت عليك تهمة التحريض بالقتل او حتى لو تمت اشاعة الامر امام عائلتك فانهم سيطالبوا باعادة التحقيق بموت والدك .. ثم سيعاد التحقيق ايضا بموت سمير في ذلك الحادث الغامض .. وبعدها .. ستفتح كل سجلات الشركة للتحقيق .. فهل انت واثق بان كل ملفات اعمالك سليمة وبانه يمكنك السيطرة على كل اعدائك كي لا يساهمو معي لاسقاطك )

كنت اهدده بقوة لم اعدها في السابق بداخلي ولكن .. كثرة الظلم تقلب الانسان الى فولاذ يصبح من الصعب اختراقه كما ان صوت سقوطه يجلجل في اي مكان .. تهديد ظهر بسببه الخوف للحظة على ملامح زيد بشكل xاكد حدسي من كون اعماله ليست قانونية مئة بالمئة خصوصا مع قوله بنبرة خطيرة ( مالذي تريدينه تحديدا مني )

خضوعه بهذه الطريقة هو هدفي الذي كنت انتظره لافرض شروطي من موقع قوتي .. وبنبرة حازمة صارمة رفعت اصبعي وانا اعدد ما ساقوله امامه ( صائب .. انت لن تمسسه ابدا .. ستسحب كل شيء ضده وستبرؤ ملفه وصفحته امام العدالة .. اما عائلتي .. فانت ستتخلى عن اسهمك في المشفى .. وستمنح احقية ادارتها لشخص موثوق او ستبيعهم اياها بالتدريج دون ان تضرهم .. وبالنسبة لي فانت ستسقطني من كل ملفاتك وحساباتك وستنسى يوما انك قد تعرفت علي ولن تمس اي شخص له علاقة بي من قريب او بعيد )

كنت قد حددت اهدافي وشملت عائلتي بمطالبي كي لا اشعر يوما بالندم نحوهم او ان اعتبرهم نقطة ضعف ضدي قد تزلزلني ولو قليلا رغم كل ما فعلوه معي .. وبطريقة مقرفة استجاب زيد لكلامي بقوله وهو يقترب مني هامسا بنبرة لم اكن اعي مدى بشاعتها ولم افهم كيف كانت تهزني في الماضي ويقشعر لها جسدي باستجابة ( هل حقا .. نسيت ذلك الحب الذي .. كان بيننا يا ضياء )

سخافة شهقت بانفاسي الساخرة على اثرها وانا اشير الى صدري بالم هازئ ( كلا .. لم انسى .. بل هو كالخنجر يطعن روحي ويوقظ عقلي كي لا اقع يوما في فخ اي شخص مثلك )

لوهلة نظر الي وكانه يدرس مشاعري بتعمق ويحاول استشفاف كوامني ونقاط ضعفي .. انظار واجهتها بغموض غشي عيني وانا اثبتهما بقوة امام انظاره .. وبنبرة متحذلقة انهى تحديقه بقوله ( حسنا .. لك هذا .. ولكن .. في المقابل .. ستخبريني باسماء اؤلئك اللذين يحاولون نصب شباكهم حولي و ايضا انت ستلازمينني في الفترة القادمة .. حتى اتاكد من عدم نصبك لاي فخ من حولي )

مطالب بدت لي سخيفة xوكانها فقط مجرد فرض لكفة ميزان القوى كي لا اعتقد انني انتصرت عليه .. مطالب لم يكن لدي اي مانع ان اطبقها طالما ان كل ما اريده سيحدث بالطريقة التي اريدها .. وهذا ما جعلني اجيبه باستخفاف وانا الوح بيدي امامه ( نفذ طلباتي .. وبرئ ساحة صائب دون ان تخبره انني من كنت السبب بهذا وسلم اهلي اسهمهم .. وانا .. سابقى معك الى ان يحدث هذا .. وبعدها .. ساعطيك اسماء من يحاول الايقاع بك لتتصرف انت معهم بمعرفتك .. ) وصمت قليلا وانا ابادله نظرته المقهورة بتحدي قبل اتمامي بهمس تامري محتقر ( رغم انني اعلم ان سبب طلبك مني البقاء بجانبك هو جبن منك لكي تجعل اؤلئك الخونة يخافون من غدري بهم بل وقد يقتلونني ليتخلصو من سرهم معي )

حقيقة لم تكن تعنيني باي شيء فحياتي لم تعد تهمني كثيرا .. حياة استغنيت عنها منذ اللحظة التي امنت فيها لمثل هذا الثعبان .. فكل ما كان يستفزني في تلك اللحظة هو ضرورة بقائي لفترة بجانب ذلك الحقير الذي لم اعد احتمل حتى تنفس نفس الهواء الذي يتنفسه .. وبحقارة متوقعة اجابني وهو يرفع حاجبيه ضاحكا بسخافة مقززة ( اجل هذا هو هدفي .. فان لم اكن استطيع قتلك فليقتلوكي هم )

وياليتهم يفعلون حقا .. فهذه الحياة بنظري تصبح اكثر اسودادا في كل لحظة امضيها الان بعدما خيبت امل صائب لادافع عنه .. كما ان ذلك الوجع الذي اصبح مزمنا لدرجة افقدتني وتيرة نبض فؤادي المتبلد من كثرة نزيفه احرقة كل سفني .. شغف بالفعل فقدته وبرود كنت اعتقد انه يسري بثلجه بداخل عروقي .. حالة وصفتها لي ميساء بكل وضوح لاجد انني اعايشها مرة تلو المرة .. وبنبرة يائسة بائسة غمغمت وانا امط شفتي لاتم دوري الى النهاية x( وانا ان مت قبل ان تفعل ما طلبته مني فاعلم ان ملفي سينتشر في الاعلام من حيث لا تدري وان قصتي عندها ستصبح الشرارة التي ستشعل القش المتكوم اسفل عرشك المتعفن .. لذا .. فلتحميني طالما انك تطلب وجودي بجانبك .. وبعدها .. بعدما ينتهي الاتفاق فيما بيننا .. سانسحب من حياتك وستنسحب انت من حياتي )

راحة انبثقت بروحي بمجرد قولي لتلك الكلمات .. ان ينسحب ذلك الحقير من حياتي .. امنية اردتها بالفعل وتمنيت ان اراها تتحقق لاتخلص من كل ذلك السواد الخانق المحيط به .. وبصوت بعث بداخلي الغثيان هتف وهو يمد يده ليصافحني ( اذن اتفقنا .. ولنوثق هذا الاتفاق هل يمكنك حضور الاحتفال الذي سيقام على شرفي في هذه الليلة .. سابعث لك بسيارة لتاخذك)

لم اعلم حقا باي وجه يوجه لي تلك الدعوة .. هل انتهت المروءة والشهامة من بين البشر فاصبحوا يتعاملون بكل هذه الوقاحة وكانها حق من حقوقهم .. امي تطلب مني مسامحتها وعناقها واخي يبيعني لذلك الحقير مقابل وعد زائف منه بان لا يمسني بسوء ورجل يعلم جيدا كم اكرهه ولكنه لا يتوانى عن استعراض قوته امامي حتى وهو يعلم انني زلزلت كل اسلحته التي ظن انه يوجهها نحوي .. هل حقا خيار التراجع بيدي .. قرار لم اكن املكه طالما انني نويت المشي بطريق الشوك والحيلة الى النهاية .. طريق سادفع ثمنه بتواجدي بجانب ذلك الحقير لامثل على الجميع اتفاقنا الكاذب .. xوبنظرة متحدية قاسية هتفت وانا اضرب يده بعيدا عني ( لا تنتظر مني ابتسامة وانا اقف الى جانبك .. بل خاف على روحك من خنجر قد اجده اقرب واسهل للتخلص منك مما افعله الان .. لذا .. لا تجرب حظك كثيرا معي وحاول التعامل بالامكانيات المتوفرة امامك )

بنفاق متفلسف وحقارة متوقعة اشار نحوي بتهديد ( ولكن ظهورك اليوم ضروري فهذا الاحتفال يخص مشفاكي وهو على شرف نجاح عملية نقل الاعضاء الذي تمت فيه .. انا اطلب منك الظهور معي لكي يراكي من يخونني ويحاولوا التحرك .. وهكذا .. ساحاول حمايتك كما طلبتي وايضا .. ساكشف تلك الايدي العفنة .. ومثلما قلتي .. لن يعرف اي مخلوق عن اتفاقنا والا .. ساقتلك وانتهي من كل هذا .. هل اتفقنا يا ترى )

بدا زيد امامي في تلك اللحظة كمارد شيطاني معتاد على مثل تلك الصفقات الوضيعة مثله .. نفاق اكتسح كل كلمة كان يوجهها نحوي وكره ملاني بحقد وغيظ كتمته بصعوبة وهدفي يستحثني على الصبر .. فكل شيء سيهون علي في نفس اللحظة التي سارى فيها بان صائب قد عادت مرة اخرى له كرامته وان زملاءه اللذين سخرو منه بسبب ذلك التحقيق الجائر سيصابون بخيبة امل مريرة .. حقيقة جعلتني اقول بلامبالاة مستخفة وانا اتخيل ردة فعل عائلتي على رؤيتي بجانب ذلك الحقير وقد اخضعته لشروطي وهددته كفأر جبان (اجل .. اتفقنا)

اتفاق لم اكن اعلم انه سيقتلني اكثر واكثر مع كل لحظة اطبقه فيها واني سادفع ثمنه غاليا جدا .. وبان نار انتقامي ستمس قلبي وتحرقه .. فانا .. xلم اكن اعلم اني ساقابل صائب في ذلك الاحتفال .. لم اكن اعلم انه مدعو الى هناك .. بصفته المدعي العام .. الذي اصدر موافقته على منح الاعضاء وانهاء حياة ذلك الشاب الذي تبرع بها .. مقابلة كانت الاصعب في كل حياتي .. xففيها .. اضطررت ان اواجه الشخص الوحيد الذي مازلت اهتم برايه بي رغم كل ما اقنعت نفسي به من ذرائع لتركي له .. والادهى .. انها مقابلة كان علي ان امثل فيها .. وان اكذب واتظاهر بالقوة والجبروت والسوء والسواد.. ثمن تعمد زيد ان يذيقني مرارته خصوصا بعدما طلبت منه ان يخفي حقيقة مساعدتي عن صائب x.. فالى اين يا ترى ستنتهي بي هذه المقابلة وهل ساتمكن حقا من الصمود امام انظار الرجل الذي جعلني احبه بصدق واعيش بعالمه الابيض للحظة ذقت فيها السعادة للمرة الاولى بحياتي ؟ x

x








حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-09-20, 05:16 PM   #22

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي جريمة قلب .. المذكرة التاسعة .. سلسلة لؤلؤة في محارة مشروخة





* المذكرة التاسعة .....
الراوية .. ضياء الحسني ..
المكان ... حيث ياخذني طريقي ...

الثــــــــــــــــــقة
........
عندما يسترجع الانسان لحظات حياته فانه يحتار في تحديد اي لحظة فيها تعد بالنسبة له هي الاصعب .. اي لحظة مثلت بقلبه كسرا لن ينساه ابدا .. بالنسبة الي .. وعندما قارنت بين كل لحظاتي الصعبة التي واجهتها .. كانت دوما ما تظهر لي هذه الحفلة في المنتصف .. حفلة تجهزت لها بنظري لكل الاحتمالات .. وتسلحت بداخلي بكل اسلحتي وسيطرتي على اعصابي .. وفكرت وخططت لكل تفاصيل ما ساقوله امام الجميع .. وكل هذا وانا اعتقد بان مشكلتي الاساسية ستكون في وجود زيد وعائلتي بجانبي وفي طريقة خداعي لهم .. ولكني لم اكن اعلم بان هذا سيكون اخر اهتماماتي عندما اراه .. عندما ارى صائب .. وعندما ينظر نحوي بتلك الطريقة التي وشمت بوسط صدري كرصاصة اخترقته من المنتصف .. فبعد ان دخلت الى مكان الاحتفال وانا ارتدي ثوبا بلون زهري واكمام شبه عارية وقد انسدل بعناية على جسدي ليبرز رشاقته فقد اخترته بعناية من خلال منحة امي المالية التي حاولت الاستفادة منها في خطتي .. وتعمدت اظهار مواطن جمالي البسيطة ببعض مساحيق التجميل لكي الفت الانظار من حولي كما تركت شعري منسدل ليظهر كستارة ليلية تحيطني .. صورة اعطتني رونقا مظهريا كنت احتاجه لاكون على اكمل وجه امام الجميع بعد ان تحصنت بانوثتي وثقتي باني افعل كل شيء لحماية من احب .. استقبلني اخي في البدء بصدمة ظهرت على وجهه وبهمسة حائرة مرتابة واجهني وهو ينظر من حوله وكانه يرى ان كان هناك من انتبه على وجودي ( انت ؟؟؟ مالذي تفعلينه هنا يا ضياء .. وكيف دخلتي على هذه الحفلة الخاصة )
ابتسمت ببرود مدروس وانا اجيبه ( ان كنت تلمح الى اني قد تسللت الى هنا فانت مخطئ .. فانا دخلت بدعوة رسمية كضيفة اساسية في الاحتفال )
ابتسامته الهازئة ترافقت مع نظرته اللامصدقة وهو يقول بتهديد ( لا تكذبي .. فمن ذا الذي سيوجه لك دعوة لمثل هذه الاحتفالات .. لازلت كما انت متسلقة وكاذبة وتستغلين اسمك لكي .. )
ولم يتم كلامه الذي لم يؤتر بي قيد انملة وقد استقبلته بثلجية بعد ان قاطعه صوت امي الصارم ( بهاء .. لا يحق لك ان تكلم اختك بهذه الطريقة المهينة .. فهي لها هنا مثل ما لديك .. وكف عن اثارة الانظار اليك فهذا يضر بسمعتنا)
نظرة مذهولة كانت هي ردة الفعل الذي ابداه اخي فاستغلت امي صدمته وهي تجذبني من يدي لتبعدني عنه متسائلة بتحفظ ( ضياء .. مالذي تفعلينه هنا يابنتي )
توقفت بشكل مفاجئ مما اجبرها على التوقف بدورها وهي تلتفت نحوي متسائلة فسارعت باجابتها ( انا حقا مدعوة هنا يا امي وصدقيني انا اكره وجودي بينكم اكثر منكم ولكني .. مضطرة .. ومن دعاني هو زيد بنفسه )
كلمة ما ان قلتها حتى ظهر اثرها على امي التي انفرجت شفتاها بذهول قبل نظرها حولنا لتتاكد من انه لم يسمعنا احد ثم اعادت انظارها الي شاهقة بخفوت ( هل انت صادقة .. هل تعين ما تفعلينه الان )
لم اجبها وانا ابادلها نظرتها بغموض وعيني تجولان في الاجواء من حولي .. حيث لاحظت وقفة ابي المتوترة المرتبكة وبجانبه بهاء الذي على ما يبدو اخبره بما دار بيننا للتو وبكلام امي له وبتحذيرها اياه الا يلفت الانظار .. لقاء لا ادري ان كنت بالفعل متلهفة له ام لا فلم تكن علاقتي يوما بابي عميقة او قريبة بل كنا مجرد شخصين يعيشان في منزل واحد .. فلا اذكر انه وجه لي في اي يوم كلمة تخصني او حتى سالني اي سؤال عن احوالي او ناقش اي من مشاكلي .. دوما ما مثل لي وجوده في حياتي كمرور زائر يغادرها سريعا دون اي اثر فيها .. ولم يتغير ايضا .. فما ان تقابلت انظارنا لبرهة من الزمن حتى هرب بعينيه مني والتفت عني ليتجاهلني كما اعتاد طوال حياتي .. حركة رسمت على شفتي ابتسامة ساخرة اتسعت ما ان تحركت عيني قليلا لارى نظرة اختي جيداء لي بحقد لا مبالي قبل ان تلتفت عني هي الاخرى بلامبالاة وقد اقتربت براسها من الرجل الذي يقف بجانبها لتخبره بامر في اذنه .. تجاهل اناني اعتدته من اختي التي اعتادت ان تعتبرني مجرد امر مفروض عليها يمكنها ان تتناساه وقتما تحب .. صوت امي اعاد انظاري اليها للمرة الثانية وهي تسالني بتحذير ( ضيااء .. هل حقا تعين ما تفعلينه .. لقد اعطيتك ما املك لكي تحمي نفسك لا لكي تدخلي بقدميك الى عرين الاسد )
اسد .. لقب لا ينطبق بتاتا على ذلك الوضيع زيد .. لقب رفضته وانا اجيب امي بثبات وثقة ( كان علي ان ادخل كهف الضبع يا امي لاتمكن من حماية نفسي .. على العموم .. لا تقلقي وتجاهليني كما فعلت باقي عائلتي وابتعدي عني الان ارجوكي فهذا اكثر امانا لك .. فقط .. اخبريني .. هل وصل زيد ؟ )
وكأن ذكر اسم الانسان يجلب همومه .. فما ان انهيت تساؤلي حتى دخل زيد و .. زوجته قمر الى مكان الاحتفال بضجة مصطنعة سخيفة تمثيلية لفتت الانظار اليه وقد لاحظت توجه عائلتي نحوه ليرحبوا به بما فيهم امي التي تركتني كما طلبت منها .. سخرية نبعت بداخلي وانا افكر.. هل حقا يظن نفسه اسدا صاحب شان .. انه لا يقترب حتى من هذا.. فالاسد الحقيقي هو ... صاااائئئب ... اجل .. صائب هنا .. هل يعقل ان تكون افكاري قد تمثلت لتجسد صورة صائب امامي ام انه حقا يقف هناك .. في الركن القصي من قاعة الاحتفالات .. صدمة شنجت كل اطرافي لاستيقظ منها على نظرة بعينين كفوهتي البركان كانتا ترمقاني بطريقة تراجعت على اثرها خطوتين الى الخلف وقد تالمت كل خلية بجسدي وكاني تعرضت لجلد بمئة الف سوط .. نظرة ارتجت لها روحي وتزلزل كياني وخارت كل قواي حتى انني للحظة كنت ساطلق العنان لقدمي لكي اركض بعيدا هربا من كل هذا الفخ الذي وقعت به الان .. مالذي يفعله هنا .. وكيف يتواجد صائب في حفلة من هذا النوع وما علاقته بعائلتي او بزيد .. اسئلة لم افهمها حتى وعيني ترفضان الابتعاد عن تينك عيناه الناريتين التان ارتسم بداخلهما الف سؤال وسؤال .. وبحركة خارجة عن ارادتي رفعت كفي باشارة التوقف وقدمي تتحركان نحوه بترنح مطالبة اياه ان يكف عن تحليل اي ردة فعل لي او تفسير اي صورة راها قبل ان اخبره بنفسي عن كل شيء .. امنية انبثقت بتوسل ارتجت له حدقتاي ورايت انعكاستها على قسمات وجهه التي تغضنت لبرهة .. ثانية واحدة فارقة فصلت بين تحطيمي لكل ما سعيت له وبين وصولي الى هدفي الذي اريده .. ثانية واحدة فصلت بين استسلامي وصمودي امامه .. ثانية ظهر بعدها زيد امام انظاري وهو يقترب من صائب بشكل مرحب ساخر .. مقارنة مجحفة بحق الجميع .. ان يجتمع سبع تهابه كل الدنيا وضبع يبتعد عنه الجميع لغدره .. مقارنة مثلت الضربة التي اوقفت انهياري واصابتني بالتردد الذي لم يغب عن صائب .. تردد زاد من اتساع ابتسامته الهازئة المتألمة وهو يتجاهلني مركزا انظاره على زيد .. حركة لم اوليها الكثير من انتباهي وانا افكر بامر واحد فقط .. هل يجب حقا ان اهتم بشكلي وبصورتي وبسمعتي امام صائب بعد ان وصلت الى هذه المرحلة من النجاح في خطتي .. اولم اضحي في السابق بكل هذا لاجل شخص حقير لا يستحق .. فلما لا اضحي هذه المرة لاجل رجل عظيم .. رجل يستحق ان نقف جميعا لنساعده بطريقه القويم في تحقيق العدل .. فبسببه مازال الكثيرين يصدقون ان الخير موجود في البشر .. و بسبب ما يمثله لازال الكثير من التائهين يرونه كضوء المنارة الذي يقودهم لترسوا سفنهم بسلامة على ميناء الصواب .. اولم يكن هذا راي ميساء ايضا .. فلو علم صائب بخطتي لمنعني من تنفيذها .. وانا لن استطيع مقاومة طلبه مني لانني .. ضعيفة امامه .. لهذا .. ومن هذا المنطلق .. لم اعد اهتم بنفسي بعد الان طالما انه هو بخير .. خاطرة بعثت بقلبي طاقة نور هائلة رفعت مؤشر صمودي واصراري على المضي قدما بما نويت القيام به وانا التفت عنه متبنية مبدا التجاهل الكامل لوجوده .. محاولة تمنيت من كل قلبي ان تنجح الى النهاية .. محاولة تمسكت بها وانا ابدا بتنفيذ ما رسمته في مخيلتي وقد اقتربت من زيد ورحبت به بحبور زائف بعد ان عرفني على كوني صديقة له ثم وقفت للحظات معه قبل تنقلي بين مجموعات رجال الاعمال وزوجاتهم وانا ارخي اسماعي لما يقولونه لالتقط الاسماء الضرورية التي ساستخدمها في انتقامي .. اسماء رجال الاعمال المخلصين لزيد .. فان كنت اريد هزيمته فيجب ان اجرده من حلفائه .. وهو بطبعه الشكاك سيصدق انقلاب الجميع عليه .. فلم يكن في مصلحتي ان اشير لوجود كرم بل كان من الافضل لي ان ابقيه كشوكة غادرة في خاصرة زيد على امل ان ينجح باسقاطه في النهاية .. تحركات مدروسة قمت بها وانا اعي مراقبة زيد الممعنة لي ولمن اختلط بهم لكي يكتشف كل ما اقوم به .. تحركات حاولت اتقان دوري فيها وانا اصر على تجاهل صائب وعائلتي اللذين تجاهلوني بدورهم ايضا .. وبعد ان رسخ بعقلي اسم رجلين من رجال اعمال زيد وتعرفت على زوجاتهم بصدفة تمثيلية من قبلي بقيت امامي خطوة واحدة لاصل الى مرادي ... ان اتظاهر باني احادثهم بارتباك وكاني ابعث لهم برسائل تطمينية باني لم اخنهم وبان ظهوري مع زيد مجرد تمثيل .. خطوة بدات بالفعل بتنفيذها ولكن .. موقف قاهر ظهر امامي واوقف كل تفكيري وقد انفجرت حمم نارية بعروقي بدل الدماء .. مظهر قمر وهي تتودد الى صائب بشكل مقزز وقد كان يقف بدوره معها دون ان يبدي اي اعتراض .. غيرة جنونية انستني كل خططي وقدماي تتجهان نحوهما بتلقائية وقد تطايرت الشرارات من عيني بعدم تصديق .. وبنبرة خرجت متحدية مشمئزة غمغمت ما ان وصلت اليهما ( سيادة المدعي العام !! لم انتبه لوجودك والا لكنت قد جئت لتحيتك منذ البدء . فلا احد يمكنه ان ينكر فضلك علي عندما منحتني ذلك العفو المشروط )
كلام تعمدت من خلالها اظهار مكانتي امام قمر لاذكرها بدفاع صائب السابق عني .. وايضا حجة تذرعت بدرعها لابرر مصافحتي له امام زيد .. ولكن .. كلماتي التي ظننتها توقف قمر انقلبت علي ما ان نظرت الي قمر باستهزاء شامت وهي تتمتم ( ارايت يا صائب كيف تنقلب المجرمات مثلها ليقفن في صف الاقوى ويتناسين من ساعدوهم مثلك .. ها هي بكل بساطة تعترف امامك انها لم تنتبه اصلا لوجودك ما ان سمح زيد لها بالاقتراب منه )
اتهام كم تمنيت لو اقذفه في وجهها وانا اصرخ امامها بان حتى مجرد ذكر اسم صائب بجانب زيد لهو اهانة غير مقصودة فاين هي الثريا من الثرى .. اهانة لم انتبه فيها حتى لكلامها عني بل فقط رغبت ان ادافع عن صائب ولكن .. نظرة واحدة مني لصائب اخرستني .. عيناه عاتبتاني بقسوة احتبست لها انفاسي لدقيقة قبل ان يحررني من سجن نظراته وينقل بصره باتجاه قمر مغمغا بنبرة فولاذية ( مالا افهمه يا قمر هو كلامك انت عن ضياء بهذا الشكل .. فمن يسمعك تقولين هذا عنها سيعتقد انك تغارين منها .. وبصراحة .. غيرتك منطقية .. فضياء .. اسم على مسمى .. ما ان تكون في مكان الا وتضيؤه بجمال روحها وقلبها .. حتى وجودها في هذه المكان الذي يعج بالاشخاص المظلمين زاد الحفلة بهجة وسكينه .. اما عما تقولينه عنها فاعتقد ان من حق ضياء التواجد هنا لان هذا هو مجتمعها الذي تنتمي اليه .. اوليس هذا احتفال تقيمه المشفى الذي تديره عائلتها .. لم انت مستغربة وتنسبين وقوفها الان هنا على انه مجرد ركض خلف زوجك .. ياللهي كم اشفق على تفكيرك السطحي )
لم اصدق اذني .. صائب يدافع عني حتى بعد كل ما قلته له وكل ما راه مني .. صائب لازال يعتقد باني ضوء ينير اي مكان اتواجد فيه .. صائب نصرني على تلك الافعى دون ان ينتظر حتى اي مقابل مني .. صوت قمر الهازئ ايقظني من سكرة ذهولي الذائبة بردة فعل صائب ( هل لازلت حقا تدافع عنها بعدما رايت بعينيك معدنها المتعفن و الطريقة التي اهانتك بها و .. )
ابتسامة صائب هذه المرة كانت كالصفعة التي الجمت لسان قمر عن اتمام اهانتها خصوصا بعدما قال لها بلامبالاة ( ضياء لم تهينني باي شيء بل هي ملتزمة بما طلبته منها وتعيش حياتها باستقامة فلم لا ادافع عنها .. ام هل يا ترى تشيرين الى ان تواجدها بجانب زوجك يعد مخالفة للقانون .. لما ياترى .. هل زوجك مجرم مطلوب من العدالة يا قمر وانا لا اعلم ؟؟؟ صدقا .. غريبة ردة فعلك وهجومك على هذه الفتاة .. انت حقا تغارين منها .. ولكن .. يا هل ترى .. تغارين منها لانك غير واثقة بزوجك وباهتمامه بها ام تغارين منها لاسباب اخرى متعلقة .. بي )
قد يعتقد المرء بان قول صائب لهذه الكلمات هو غرور منه ولكن .. كلا .. هو فقط زاد من جرعة اهانة قمر وهو يشير لركضها خلفه هو رغم زواجها من زيد الذي مثلت انه رجل احلامها وبان حياتهم سعيدة .. صائب واجه قمر بحقيقة تصرفها المشين وغيرتها الجنونية عليه ونسب هجومها علي بسببه هو دون ان يخاف من الافصاح عن رايه من اي شخص .. شجاعة ليست غريبة عليه ابدا .. وموقف ضاعف محبته بقلبي وعظمته امام عيني اضعاف مضاعفة .. ورغم تيار الالم الذي سرى بروحي مع تجاهله لي والتفافه عنا وهو يستاذن ويبتعد دون ان ينظر نحوي ولو لمرة واحدة الا ان قدماي تبعتاه بتلقائية وقد نسيت كل شيء في هذا الكون الا هو .. نسيت اسمي ونسيت وجودي ونسيت حتى طريقة تنفسي وانا اتبعه كالتائهة المغيبة وعيني ترفضان ان تغادرا ظهره الذي كان ولا زال سند ودعم لي ودرع احتمي خلفه في اي لحظة .. حركاته المتيبسة امامي اكدت لي معرفته وشعوره بتتبعي له .. ودون تخطيط مني وجدت نفسي اخرج من مكان الاحتفال وقد تبعت خطواته المتجهة الى الحمام .. خطوات انتهت بالتفافه نحوي ونظرته المغتاظة تحرق الاجواء من حولنا وهو يهمس من بين اسنانه ( ضياء .. هل لديك تفسير لما يحدث )
تفسير لما يحدث .. اجل .. لدي .. انا انسانة يمكنها ان تتبعك الى الموت يا سيادة المدعي العام .. هذا هو تفسيري .. كلمات بسيطة القول صعبة النطق .. تساؤله ايقظ ادراكي قليلا فغمغمت ببطء متلعثم ( انا .. ا .. اردت ان اشكرك .. لانك دافعت عني للتو .. وانا .. لا استحق .. لذا .. تبعتك الى هنا )
زفرته النافذة الصبر جعلتني اعي ما يفرضه على نفسه من سيطرة فولاذية كي لا يطيح برقبتي ويقتلني بعدما تاكد من تعمدي تفسير تساؤله بشكل منقوص .. وبنظرة شمل فيها المكان للحظة ليتاكد من اننا غير مراقبين وجدت بعدها نفسي ماسورة لقبضة يده التي امسكت بكفي وجذبتني بسرعة الى حجرة جانبية صغيرة لم انتبه لوجودها الى الان .. حجرة اكتشفت انها خاصة بادوات التنظيف في الفندق بعدما دارت عيني فيها بهروب متعمد من صائب الذي اقفل الباب ووقف مستندا عليه وعيناه ترمقاني بحرائق استشعرت حرارتها في كل اجزاء جسدي خصوصا مع تضيقه لفتحة عيناه وهو يهس بتحذيره الفولاذي ( ضياء .. كفي عن المراوغة واستغلي الفرصة التي امنحك اياها الان .. فانا اعطيك فرصة تفسير تصرفك وهذا مالم اعطيه لزوجتي ام ابنتي في السابق )
لم اتمكن من منع نفسي من التساءل عندها ( وهل هذا يعني باني مميزة عندك اكثر من زوجتك السابقة )
تساؤل اربك صائب بصراحته وهو يلهث بسرعة لوهلة وقد فقد تركيزه قبل قوله ببطء متدارك ( ضياء .. الى اين تريدين الوصول بما تقومين به .. ومالذي تريدنه الان مني .. وهل حقا تساليني ان كنتي مميزة بعد كل ما .. )
وقطع كلامه بتنهيدة طويلة غاضبة وهو يمسح وجهه بكفه بغضب لحظي من نفسه وقد علت صوت حوقلته قبل قوله باستدراك ( لما تبعديني عن الهدف الحقيقي لتساؤلي وتحاولين جري لمهاترات ونقاشات ليس هذا وقتها .. ضياء .. مالذي تفعلينه الان )
لم اتمكن من اجابته .. انا حقا لم اتمكن من اجابته ولم اتمكن من استغلال الفرصة الثانية التي اخبرني عنها .. صمتي وعيني تنخفضان نحو الارض كان كل ما استطعت القيام به .. صمت علا على اثره ضحكة صائب الغاضبة والهازئة من نفسه قبل ان يكون مني وهو يهمس بنبرة حارقة ( كنت اعلم .. كنت اعلم ان ثقتي بك ستقتلني يوما )
كلمته هذه هي من قتلتني حقا .. وبلهفة نادمة رفعت عيني نحوه وانا ارجوه ( ارجوك لا تفعل .. لا تقل هذا لي .. لا تعاملني بهذه الطريقة ولا تنظر الي بهذ الشكل فالامر مؤلم حقا .. ليس انت .. ارجوك ليس انت )
وكان توسلي له ورجائي امامه زاد من جنونه وفقدانه لسيطرته فامسك بذراعي وهو يخاطبني بنبرة تشبعت بنيران قهره و حيرته ( مالذي تفعلينه يا ضياء .. هل نظرتي الى نفسك اليوم .. هل نظرتي الى طريقة ملبسك والى طريقة تحركاتك والى نفاقك الواضح وتمثيلك الفاضح للانوثة .. مالذي تنتظرينه مني يا ضياء بعدما رايتك اليوم بهذا الشكل المقزز .. بعدما رايت ضياء بنسختها الممسوخة .. والادهى .. ورغم كل الدلائل الا انني ظللت ابرر لك واحاول ايجاد اي عذر في مخيلتي يشفع تصرفاتك .. وبعد ان سالتك للتو عما تفعلينه تصرين على الصمت امامي .. الا تدركين انك اصبتني في منتصف قلبي الذي امن بحدسي وبانك مختلفة عنهم لتحطمي كل ثقته ارضا و .. )
قاطعته برجاء ويداي ترتفعان بتلقائية نحو ذراعيه لتوقفا هزه لي ( لا تقل هذا .. ارجوك لا تقل هذا لي ولا تفعل هذا معي .. ارجوك لا تفعل .. ارجوك لا تفعل )
كنت اردد رجائي بلهثات منهارة ارتج لها صائب لوهلة وعيناه ترمقانني بعتاب مقتول قبل همسه ببحة اجشة ( لقد منحتك يا ضياء فرصة تبرير لم امنحها لغيرك .. الا تعين هذا .. ولكن يبدو انك لا تستحقينها .. فبعد كل ما رايته وصمتك الذي تصرين عليه مالذي لا تريدين مني ان لا افعله وانتي فعلتي كل شيء .. لقد ذهبتي الى الطريق الاخر بقدميك وعينيك تنظر الي وكان ما تفعلينه يستحق الفخر)
كلماته هزمت اجفاني فدمعت عيناي وانا اهمس برجاء (لا تحاكمني دون ان تعلم ما هي دوافعي )
لوهلة بدا وكانه سيرفض كل ما ساقوله وعيناه تشملاني بنظراتها المتهمة قبل قوله ببطء وهو يدفعني بعيدا عنه وقد بدا بسحب انفاسه ببطء ليهدئ من نفسه ( وماهي دوافعك يا ترى ..انا اسمع .. هل هي .. الانتقام لنفسك يا ترى)
الانتقام لنفسي ؟؟؟ هل حقا يعتقد انني احتمل كل هذا لاجل انتقامي لنفسي ؟؟ فكرة اثارت كل غضبي فرفعت يدي لازيل دموعي وانا اهتف بنبرة هادرة بعتابها (لا تلقي بالا .. معك حق .. ان لا استحق منك سوى هذا التعامل وهذه النظرة وهذا الاحتقار وهذا التفسير)
لم يصدق اذاناه وهو يرمق تراجعي بذهول خفف من غضبي عليه .. ولكن .. كانت فقط لحظة سكون واحدة سبقت انفجار عواصف غضبه وهو يعيد مسك ذراعي وهزي هاتفا ( لما تهربين ... ومما تهربين .. لما تقومين بهذا .. ولما قلبي يصر بغباء بانك تفعلين كل شيء لغاية غامضة .. لما تشويشيني بهذه الطريقة ؟؟ لما فقط لا استطيع ان انساكي مهما حاولت واجد الف حجة وعذر لاشفع لك .. من انت .. ولم غيرتي كل قوانيني )
اعترافه زلزلني وانهياره بهذا الشكل عصف بكل عوالمي .. من انا لاتسبب لمثل هذا الرجل الرائع بكل هذا العذاب .. وبصوت خرج مجلجلا بقوته ضربت على صدره مسترسلة باعترافاتي ( يجب ان تفهم امرا واحدا يا سيادة المدعي العام من كل هذا .. فليس المهم من اكون انا .. او سبب وجودي .. ليس المهم ما غيرته بك .. ولكنك انت المهم .. وجودك هو المهم .. اتعلم لما .. لانك انسان صادق .. قوي .. رجل في زمن قل به الرجال .. رجل يحتاجه الكثيرين غيري لتاخذ بايدهم الى بر الامان كما فعلت معي .. رجل مسؤول عن وضع اشخاص سييئين خلف القضبان بما يرضي ضميرك .. رجل يبتغي مرضاة الله في كل خطوة يخطوها ويفعل ما يراه صوابا دون ان يهتم بنتيجة وثمن هذا الصواب .. رجل لا يخاف ان يسلك الطريق الصعب و الوعر ان كان يرى بان النتيجة تستحق .. رجل لا يرد احد يلجا اليه ليساعده طالما انه صدق نية توبته وهدفها .. ) وصمت قليلا وانا الهث بسرعة وقد حاولت التقاط انفاسي قبل اتمامي وعيناي تثبتان عيناه المنذهلتين من كلامي ( انت رجل .. رجل يمثل معنى الرجولة التي فقدناها في هذا الزمن .. لذا .. انت مهم حقا .. ووجودك مهم .. افهمتني .. اما انا فمجرد فتاة ستمضي مثل غيرها .. فتاة عابرة لا يجب ان تهتم لها او ان تهتز قناعاتك بسببها .. انا مجرد انسانة ضعيفة قد ساعدتها يوما.. وهناك غيري الكثير من الضعفاء اللذين يحتاجونك يا سيادة المدعي العام.. انت عظيم في نظري .. لذا .. فقط اطلب منك برجاء امرا واحدا .. ثق بي فيما افعله الان ولا تسالني عن اي شيء .. واجعلني انجح في امر واحد فقط .. في ان احميك .. احميك من الوحل الذي كان سيمسك بسببي .. ) وصمت مرة اخرى وانا اشعر بيداه اللتان رقتا على ذراعي وباعتداله بوقفته وعيناه تعيدان انظارهما على قسمات وجهي ببحث مستكشف وكلماتي تنعكس بتاثيرها على مظهره المفكر والمحلل بعمق .. صمت دام لدقيقة اخرى قبل تراجعي بخطوة الى الخلف وانا اخفض انظاري متمة اعترافي بخفوت ( انت لا تعلم من انت بالنسبة لي او لغيري ممن ساعدتهم .. انت كالجبل بعظمته وهيته ودرعه الحامي الذي احتجتها انا واحتاجها اشخاص قبلي وسيحتاجها اشخاص بعدي .. لذا ارجوك .. لا تغضب بسببي ولا تظلم حدسك المصيب دوما كاسمك انت يا صائب .. وثق بي .. فقط ثق بي .. من هم مثلك قليلون .. اما من هم مثلي فكثيرون .. تائهون يحتاجون للارشاد)
كلمالت استنفذت باقي قوتي فترنحت وانا اشعر بالاختناق لضيق المكان الذي نتواجد به .. حالة من الضعف اعترتني خصوصا مع شعوري بيدي صائب التان اسندتاني وبسؤاله القلق ( ضياء .. هل .. انت بخير )
سؤال اجبته هذه المرة برجاء متسرع ( سيادة المدعي العام .. ارجوك .. منذ هذه اللحظة التي سنفترق بعدها انا ارجوك ان .. تنساني .. اجل انساني .. وساتمنى من قلبي ان اتمكن يوما من تبرير نفسي امامك وان تصدقني حينها وتفهم سبب تصرفاتي .. لاني .. لن اتمكن من توضيح موقفي اكثر من هذا )
لوهلة .. نظر الي بعمق وعيناه تعرياني من كل حصوني كما اعتاد دوما .. نظرة اتبعها بهمسة نارية ( حسنا يا ضياء .. سامتثل لطلبك .. وسانساك بشكل لحظي .. ولكني .. بالمقابل سانتظر اليوم الذي ستاتين فيه الي لتبرري لي سبب تصرفاتك .. وساصبر .. سانتظر اليوم الذي ستثقين فيه بي كما اثق انا بك الان )

الزمن ... عامل مهم في حياتنا .. بل ان صدقنا انفسنا القول فهو اهم عامل فيها فبه تقاس اعمارنا واعمالنا ومن خلاله نقيم كل تفاصيل دنيانا .. ايام تمر علينا بسرعة او ببطء .. ساعات ودقائق قد تتطاير ان انشغلنا فيها او قد تمر بطيئة مؤلمة ان كنا في حالة من الفراغ محصورين بذكرياتنا .. شهر كامل مر علي بعد ذلك الحفل .. شهر مرت ايامه بسرعة وانا احاول ان ابني فيها حياتي بشكل صحيح هذه المرة ومع كل الامكانات التي توفرت امامي .. كما مرت لياليه ببطء عندما كنت اختلي بنفسي وتعود ذكرياتي اليه .. الى صائب .. الذي كان فراقي عنه لحمايته هو ثمن لعبتي .. بينما التزم هو بما وعدني به وابتعد عني .. ابتعد عني ليسمح لي بالتعامل بما اوقعت نفسي فيه .. قد تتساءلون بالتاكيد عم جرى لي بعد لقائنا .. ببساطة .. مر الاحتفال كما خططت له وتمكنت من زرع بعض بذور الشك في قلب زيد .. ولكني في نفس الوقت كنت اعي بانه لازال هناك نقص يجب ان اتمه في خطتي لتكون قابلة للنجاح .. ورقة ضغط اخرى اضغط بها على زيد لينفذ ما طلبته دون ان انفذ انا ما طلبه مني .. ورقة كنت اعلم انني ان بحثت جيدا عنها في تلك الاعترافات التي خطها ذلك الطبيب بسرعة فاني ساجدها .. وبالفعل .. وجدتها ..جملة واحدة جعلتني انتبه اليها .. فعندما قرات مقولته التي صرح فيها بان قضيتي لم تكون فقط خطرا على زيد بل هي بداية جسر امتد لحزب تحالف بين قوى ما ان تم كشف اللثام عن بعضها حتى تاكد هو بانه قد حكم على نفسه بالموت .. ( حزب تحالف ) كلمتان في البدء لم افهمهما ولكن .. وبتفكير بسيط وربط للامور تتبعت خطوات اؤلئك المسؤولين عن قضيتي لاكتشف ان القاضي الذي كان حكم علي فيها قد تم ترفيعه في مؤسسات الدولة حتى وصل الى مناصب عليا بسرعة تثير الشك وباساليب يبدو ان فيها الكثير من التلاعب .. امر دون دليل او حتى دون منطق ولكن .. حدس تملكني بان مجرد اشارتي بغموض لمعرفتي بوجود تحالف يجمع اطراف من تعامل بقضيتي سيجعل زيد كالورقة امامي .. مغامرة اردت ان اخوضها في النهاية فليس هناك ما ساخسره بسببها .. وبالفعل .. وبعد مضي اسبوع على الاحتفال و بعدما تاكدت من ان كرم قد امن جانبي بما انه لم يظهر امامي ولم يهددني باي شيء .. فعلى ما يبدو فان ظهوري مع زيد لم يدفعه لكي يتهور ويتخلص مني بل اثر مراقبتي قبل اي حركة كان ينوي ان يخطوها باتجاهي مرة اخرى ومع تجاهل زيد له تاكد من عدم ذكري له في الوقت الراهن على الاقل .. وهذا ما شجعني لكي اخطو الخطوة الاخيرة التي تتطلب مني لقاء زيد بعدما ابقاني تحت المراقبة المشددة طوال الاسبوع المنصرم و تباطأ في تنفيذ طلباتي .. ومثل المرة السابقة ما ان راني اقف عند باب الشركة حتى جذبني بسرعة نحو مكتبه وطالب سكرتيرته الا يقاطعنا احد .. وابتدا حواره معي بسخريته المقيتة ( والان مالذي يا ترى جعل الانسة ضياء تنزل من عليائها وتعود لتقابلني .. يا هل ترى عاد اليها تعقلها ونوت ان تخبرني صراحة عن كل من يخطط لايقاعي )
غرور متاصل بروح سوداء لوهلة اشفقت عليها قبل ان اخحصن نفسي بالغموض وانا اجيبه بثقة (كلا يا زيد .. انا لن اخبرك عن اي احد فعلى ما يبدو انك من النوع الذي يغدر وانا لن احتمل اثم غدرك باي شخص غيري )
انعقد حاجباه بغضب وهو يقترب مني مستفسرا ( ومالذي يعنيه كلامك .. لقج اتفقنا انه في مقابل تنازلي عن الاسهم وتبرات مدعيك العام فانك ستمنحيني اسماء من يخطط للايقاع بي )
ضعفه الظاهر زاد من قوتي فابتسمت بلامبالاة متعمدة وانا اجيبه ( ولكنك انت قد خرقت اتفاقنا في البدء .. فلقد اخذتني الى الاحتفال وانت تعلم ان المدعي العام صائب سيكون هناك وانني ساقع بشكلة معه .. ترى لما فعلت هذا ؟ )
بابتسامة مظلمة شامتة اجابني ( لاني اردت ان اقطع علاقتك معه فعلى ما يبدو انك تستمدين قوتك منه )
رفعت حاجبي وانا اخفي ثورة غضبي بصعوبة اسفل قناع البرود الذي اتخذته درعا ضد مكر زيد مجيبة بعدم اهتمام ( حسنا لقد نجحت بقطععلاقتي به ولكن .. يبدو انك قد اخطات عندما ظننت انه هو مصدر قوتي .. فصائب رجل مستقيم جدا ولو اتبعته فلن استطيع الحصول على حقي من بين انيابكم لذا .. يجب ان تفهم بان مصدر قوتي هي ما املكه من معلومات عنك و .. عن شركائك ..) وصمت بشكل موحي وقد ضغطت على حروف كلمة شكائه لكي اؤكد على ما توحيه من معاني قبل اتمامي بهدوء مستفز ( زيد .. لقد منحتك فرصة لتعطيني ما اريد وانت لم تنفذ اي شيء وهذا .. سيجعلني اضغط باتجاه اخر قد يم غيرك ايضا بالسوء .. اتجاه لم احب في البدء ان اخطو نحوه )
بحذر غمغم زيد ( مالذي تقصدينه بغيري )
مطت شفتاي وانا ارفع كتفاي بقوة متعمدة وقد اشرت بيدي باشارة شاملة المكان من حولي ( انا واثقة ان امبراطورية مثل امبراطوريتك ستحتاج الى الكثير من العلاقات السفلية ليتم تنفيذ صفقاتها .. علاقات على ما يبدو قد بدات مع بداية امساكك لزمام الامور .. اي .. مع بداية قضيتي .. ترى .. هل تحب ان اوضح اكثر ام اكتفي بالقول بان انكشاف خيوط القضية لن يعرضك فقط للخطر بسببي بل بسبب شركائك اللذين لن يسمحو لاحد ان يهدد امنهم حتى لو عنى هذا التضحية بك وبي .. وبالنسبة لي لا اهتم بموتي ولكن انت .. ترى .. هل حقا لا تهتم بما سيحدث لك لو اشتم احد اؤلئك الشركاء خبر وجود ادلة تدينك وتعيد فتح ملفات القضية مرة اخرى ؟ )
تهديد ظهر اثره على وجه زيد الذي اسود مع احتقان الدماء في اوردته وقبضتي يديه ينعقدان بقوة مهددة وهو يهس من بين اسنانه ( هل تعين الى اين من الممكن ان يودي بك تهديد مثل هذا التهديد )
حركت راسي بالموافقة مغمغمة ( اجل اعي بان الطبيب فقد حياته لاجل مثل هذا التهديد ولكن .. انا لن اطلب منك شيئا ولا اريد اي شيء من خلف تهديدي سوى ما طلبته منك .. البراءة لصائب والاسهم لاهلي .. صفقة عادلة اليس كذلك و .. )
قاطعني بانتفاضة مرعبة ( واسماء الرجال الخونة ال.. )
قاطعته انا هذه المرة ( انت تراقبني وبالتاكيد ستعلم ان فتحت عيناك جيدا من هم اؤلئك الذين حاولو بيعك ولكني انا لست غدارة لابيعهم .. وهذا .. اخر ما املكه من كلام .. فاما ان اهد المعبد بمن فيه او اخرج بسلام وابقيكم بداخل المعبد لتقوى بنيانه وتزيدون ثرواته وتميزه )
صمت ساد لخمس \قئق وزيد يرمقني بطريقة بشعة وقد ظهر الصراع على وجهه قبل قوله بخفوت ( هل .. تعرضين اتفاق الان .. الست خاشفة من ان اقتلك وانتهي من كل هذا )
حركت راسي بالرفض مغمغة وقد تعمدت جعل نبرتي مهادنة ولطيفة بعض الشيء ( موتي سيؤذيك اكثر من حياتي لان كل الاسرار ستخرج الى العلن بسببه .. لذا ما رايك ان نعقد سويا الان اتفاقنا الاخير والذي تنص بنوده على الاتي .. انت لن تسمع عني او مني اي شيء ولن اقترب حتى من الطريق التي تمشي فيها بعد خروجي اليوم من هنا ولكن مقابل ان تحقق مطالبي .. اما بالنسبة لذلك الورق الذي في يدي فسيكون في الحفظ والصون والكتمان والنسيان طالما انك لن تتعرض لي او لمن اهتم لامره باي اذى .. ويمكنك ان تراقبني كيفما احببت لتتاكد من كتماني لكل هذا .. وفي اللحظة التي ستشك فيها باني ساخدعك او ان الملف سينشريمكنك ان تقتلني عندها .. اما اذ قتلتلني غدرا فالملف سينشر من حيث لا تدري وبطريقة ستصدمك .. ما رايك )
انهيت كلامي وانا اتبادل معه التحدي بقوة وقد اضفت جملتي الاخيرة باسلوب تهديدي متعمد اوصل له الرسالة التي اريدها فضاقت عيناه بتفكير عميق وهو يتساءل بحذر ( ومالذي سيضمن لي انه بعدما احقق طلباتك بانك لن تنشري الملف )
اجبته بسرعة ( يجب ان تعلم بانني اذا نشرت الملف الان فحينها سافقد كفة قوتي وانا واثقة بانك تمتلك علاقات ستنقذك وستنهي حياتي .. قد تتعرض لخسارة ولكن ضربتي بالتاكيد لن تسقطك وايضا برايك مالذي ساستفيده من نشر الملف بعد حصولي على ما اريده منك ؟؟ لا شيء سوى موتي .. فلقد سجنت وانتهى الامر ولن يعيد فتح القضية لي اي من حقوقي التي ضاعت .. لذا فهذا الامر ما هو الا صفحة اود طويها بصدق ونسيانها والاستمرار بحياتي .. واصلا لولا انك انت من بدات وهددتني بمن احب لما جئت اليك وهددتك بذلك الورق .. فالملف كان بيدي منذ كنت في السجن ولكني لم استخدمه فلقد عرفت حدودي وباني لست ندا لقتالك .. لذا .. كل ما اريده هو اماني وامان من احب ) وصمتت متعمدة وقد تعمدت اظهار جانب من ضعفي بكلامي بعدما زدت جرعة غروره قبل غمغمتي ( يمكنك اعتبار ما ستقدمه لي تعويض بسيط لم قمت به لاجلك .. الا استحق هذا )
مهادنة اردت ان اظهر له من خلالها خضوعي لشروط اتفاقنا بحذافيره ان فعل ما اطلبه منه .. وبنبرة اصابتني بالغثيان لما تحمله بين طياتها من خسة وندالة تهديدية ( حسنا يا ضياء .. سافعل لك ما تريدين ولكن .. يجب ان تعلمي اني ساراقبك وبان اي شك سيراودني من ناحيتك سيكون اشارة منك لي لاعدمك .. و .. ايضا اريد ان تكتبي الان رسالة تقرين فيها انك تنتحرين بسبب ندمك على قتل ابي فاذا قتلتك ساستخدم هذه الورقة لابرئ نفسي امام الجميع من ذنبك .. ويمكنك اعتبار هذه الورقة في طي النسيان طالما ان الملف سيبقى طي النسيان .. ما رايك )
ورقة في مواجه ورقة .. صفقة عادلة رغم ما تحمله من ظلم بين طياتها .. ولكني بصارحة لم افكر كثيرا قبل موافقتي وكتابتي لتلك الورقة فالامر كان بالنسبة لي مجرد ثمن صغير ادفعه لكي اضمن خروجه الكامل من حياتي .. مخاطرة ساكون فيها تحت عين ومسمع ومراقبة كل من زيد وكرم بالتاكيد كما انني بها اضع حياتي بين يدي زيد بسهولة ومع ذلك لم يهمني هذا الامر ولم يخيفني فالعمر بالنسبة لي واحد وموتي هو فقط بيد ربي ولكن .. ما همني والمني هو الاثر الناجم عنها بحتمية الفراق .. فلقائي بصائب بعد هذا سيكون مستحيل لكي لا يعتقد زيد انني قد اسرب هذه الملفات له فيقتلني او يتعرض لصائب باي اذى .. ومع منطقية هذه النهاية لقصتي المستحيلة مع صائب وتهور اجتماعنا انا وهو بينما احرف كلمة الفراق تسطر قدرنا قبل حتى لقائنا ففي الاصل .. كلانا طرفان متناقضان .. مجرمة مدانة و مدعي عام ولا شيء يمكنه ان يجمع بيننا وكل الدلائل تشير على كون ابتعادنا عن بعضنا افضل الا انني كنت اختنق بهذه الفكرة واتمنى الموت الف مرة وانا الزم نفسي بهذا القرار ومع ذلك فعندما كنت اكتب تلك الرسالة لم اكن افكر باي شيء سوى الوصول لخط النهاية لكل هذه اللعبة .. وعندما غادرت المكان هذه المرة كنت ادعو الله ان تكون هذه هي المرة الاخيرة التي ارى زيد فيها وان لا اضطر لمقابلته مرة اخرى هو او اي شخص من جماعته وان يصبرني الله على فراق صائب ويربط على قلبي لاحتمل نتيجة افعالي .
و مر هذا اللقاء كغيره و استمرت حياتي بشكل طبيعي واخيرا بعيدا عن اي تدخل خارجي .. اما بالنسبة لفراقي عن صائب فلقد التزمت به على قدر استطاعتي ولكني استغليت ميساء لاتمكن من الاطمئنان عليه والوثوق بان كل شيء في حياته قد عاد الى طبيعته بعدما سحب التحقيق الخاص به كما اوصلت له رسالتي من خلالها ايضا بضرورة ابتعاده عني في الفترة القادمة .. وتحاملت على المي والهيت نفسي وشغلت وقتي بتنفيذ مشروعي الخيري الذي حلمت به طويلا جدا .. مشروع لم اتخيل يوما اني ساتمكن من القيام به .. عيادة طبية للاطفال باسعار كشف رمزية بعدما خصصت جزءا من ريع ارباح اجارات المبنى الذي املكه لتمويلها .. مشروع ساعدتني فيه ميساء بكل طاقتها كما فتحت الباب فيه للتطوع لاتفاجأ بعدد الاشخاص اللذين استجابوا لدعوتي للقيام بهذا العمل الخيري في نفس المبنى الذي املكه والذي اقمت فيه العيادة في الدور الارضي منه .. حتى امي .. ساعدتني بقدر استطاعتها وحاولت التقرب مني ببطء لم اصده ولم استجب له ايضا .. امور رغم بساطتها ولكنها اعادت لي الكثير من الامل الذي كنت قد فقدته في السجن لاتاكد من قول صائب لي في ذلك اليوم عندما نصحني ان اخلص عملي لله وانه سيجزيني خير الجزاء وساتذوق بالفعل طعم السعادة وساعيد بناء علاقات صحيحة مع اناس لا يهتمون فقط بمصالحهم الشخصية .. وبخطوات متسارعة تم تنفيذ كل ما اردته على اكمل وجه .. اما عن مكان سكني فلقد اقمت مع ميساء ولكن بشرط مشاركتي لها في مصاريف ونفقات المنزل .. وعلى تلك الوتيرة جاء اليوم الذي كنت قد خططت فيه ان افتتح المشروع ودعوت فيه كل من ساعدني انا وميساء على تنفيذه .. حفلة صغيرة ولطيفة اقمتها على شرف هذا المشروع وكلي امل ان تكون فاتحة خير لطريقي المستقبلي .. سعادة بدات اشعر بها بالفعل رغم الغصة التي كانت ولا تزال تطعن صدري بقسوة .. صائب .. اشتقت له بالفعل .. وشوقي لم يخمد ولم يقل مع مرور الايام واعتيادي على الفراق .. صائب الذي تمنيت بالفعل ان ادعوه ليرى بعينه الى اين اخذني بكلامه ووقوفه الى جانبي .. حقيقة دفنتها بصدري وانا اشارك في الاحتفال بابتسامتي واندمج مع الجميع حتى في الرقص وفي الطعام وفي المزاح .. فريق مكون من طبيب وممرضة وانا وميساء وجمال .. الشاب الثلاثيني المقيم في النزل عند ميساء ويعمل في احدى الشركات صباحا كمحاسب والذي ما ان سمع عن مشروعنا حتى شاركنا في انجاحه مسخرا نفسه في اوقات فراغه ليقوم بكل الاعباء البدينة التي كنا لا نستطيع القيام بها انا وميساء كنساء .. يوم سجلته كلحظة بيضاء في سجل ذكرياتي خصوصا نهايته المفاجئة لي .. ففي منتصف الاحتفال تزلزل صدري باختناق مفاجئ وخيال غريب لصائب يتمثل امام عيني ولكن عقلي سارع بتكذيبه فنأيت بنفسي عن الجميع وذهبت الى مكتبي لكي لا ابكي امامهم ولكي ارتاح قليلا وحتى اتمكن من الاختلاء بصورة صائب في مخيلتي مع حلم مثل امنية لوجوده .. افكار كانت تغزو راسي وانا ادندن اغنية استشعرت فيها روح صائب بطريقة غريبة ( انا لها شمس .. وانا لها فيّ .. وانا لها روح الجسد في بدنها .. يا ضي عيني .. يا بديل عن الضي .. ماريد ضي العين ان غبت عنها .. ) كلمات توقفت في حلقي ما ان رايت ذلك الرجل الذي يجلس خلف مكتبي وعيناه مثبتتان على بابه وقد ظهر جليا انه .. ينتظرني .. صائب .. هنا .. متمثل امامي بشكل حقيقي .. وبنظرة لامعة في عيناه .. وبهمسة متحشرجة نطق بها بخفوت ( واخيرا .. جئتي )
كلمات ايقظتني من حالة الجمود التي اصابتني لمراه فالتفت حولي بخوف وقد استبد الجنون بي لتهوره وقدومه فاعدت عيني اليه هاتفة بصرخة مخنوقة ( انت ... مالذي تفعله هنا .. انت تعلم انني مراقبة و .. )
لم اتم كلامي وانا اراه يقف امامي بهيبة وقد اتسعت ابتسامته الحنونة وهو يجيبني ( اجل اعلم انك مراقبة بعدما اوصلتي الي رسالة مفادها ان ابتعد عنك وان لا اراكي في الفترة القادمة .. واعتقد اني ادرك من هو الذي يراقبك .. ولكنك نسيتي امر مهما .. فانا مدعي عام يفهم جيدا بتلك الامور وبالطريقة المثلى لتفاديها لذا .. فبالتاكيد ما كنت ساكون هنا لو شعرت بذرة من القلق من امكانية كشفي من قبل مراقبينك )
بتوتر بدا يهدأ غمغمت وانا اتم دخولي الى المكتب وانظر بسرعة خارجه قبل اقفالي للباب والتفافي نحوه ( اتعني انك قد اتخذت كافة الاحتياطات قبل مجيئك .. ولكن . لما تغامر بهذه الطريقة يا سيادة المدعي العام )
لوهلة واجهني بنظرة معاتبة قبل قوله بتحدي فاجاني ( وهل كنتي تنتظرين مني عدم مشاركتك في هذه اللحظة المهمة في حياتك ؟ )
بارتباك تساءلت وانا حاول ان اخفي حرجي امامه ( ومن اين لك ان تعل.. اجل ميساء )
اجبت سؤالي قبل ان اكمله بنفسي وقد بدات ادرك استمرار مراقبته لي من خلالها وبنبرة اردتها لطيفة بعض الشيء تابعت ( اشكرك حقا لقدومك فانا كنت بالفعل افتقدك ولولا خوفي عليك لما تاخرت بدعوتك يا سيادة المدعي العام )
لقب كنت اتعمد تكرار قوله لكي لا انسى تلك الحقيقة ابدا .. وبنظرة ظهر فيها القليل من الضيق رمقني صائب لبرهة من الزمن قبل تخطيه لمكتبي وتحركه باتجاهي وهو يقول بهدوء ( اشكرك يا ضياء على خوفك و .. )
ولم يتم كلامه ورنين هاتفه يرتفع ليقاطعه .. فضول تملكني بتلقائية وعيناي ترمقان شاشة الهاتف لاعلم من المتصل .. حركة سارقة رسمت الابتسامة على وجه صائب خصوصا مع انعقاد حاجبي وانا اقرا اسم ام ضياء على الشاشة .. وبتصرف سريع فاجاني مد الهاتف بيننا وهو يجيب عليها بعدما فتح مكبر الصوت ( اهلا يا لميس .. كيف حالك ؟ )
ازدردت لعابي بصعوبة وعيناي ترتفعان لتندمجا بعيني صائب المشاكستان وقد تاكدت من انفضاح احاسيس غيرتي اللامسيطر عليها خصوصا مع ترقبي لسماع صوت تلك اللميس التي اجابت صائب برقة اوحت لي بمدى جمال صاحبة الصوت ( اهلا صائب .. كيف حالك انت .. انا بخير .. فقط اردت تذكيرك بموعد لقائك لنبيل خطيبي )
كلمات ادهشتني وقد انبعث براسي الف سؤال وانا اسمع كلمات صائب المعقبة ( الازلت مصرة على تلك الخطبة يا لميس .. هل حقا تنوين الزواج الان )
تساؤل احرقني وفكرة غيرته على زوجته تثير بقلبي عواصف جنون اردت الهرب منها فتراجعت بخطوة الى الخلف لم تغب عن صائب الذي كان يستمع في تلك اللحظة لرد لميس المتلهف ( انت تعلم يا صائب بانه من حقي ان ابحث عن السعادة بعد كل شيء جرى بيننا .. ونبيل رجل متفهم وسيحبني كما لم تفعل انت )
اجابة لم تشفي غليلي فعلى ما يبدو انها مخطئة وان صائب يحبها والا .. لما يعترض على زواجها اذن .. افكار ظهرت على ملامحي التي تغضنت بضيق وقد تراجعت بخطوة اخرى .. حركة رفع لها صائب حاجبيه وهو ينهي المكالمة بسرعة ( حسنا يا لميس لا تقلقي .. ساكون في الموعد .. عن اذنك الان فانا مشغول قليلا )
تهرب اثار حفيظتي اكثر خصوصا مع ذلك التساؤل الذي ارتسم على وجه صائب دون ان ينطقه والذي تطوعت انا باجابته بسؤالي الغاضب له ( يبدو انك من النوع الغيور وبانك لازلت تغار عليها الى الان الهذا ترفض زواجها ؟ )
ملاحظة متهورة ليست من حقي وتدخل سافر بخصوصياته ومع ذلك .. لم يبدي اي اعتراض بل اجابني بحزم وهو يقترب مني ( في البدء انا لا اعترض على زواجها لانني اغار عليها بل لانني كاي اب يخاف من دخول رجل غريب على حياة ابنته المنقسمة بيني وبين امها .. ومع ذلك فكما رايتي فاني لا املك سوى اسداء النصيحة لها لكي تتريث في اختيار من سيكون شريكا لحياتها ولحياة ابنتي ايضا الا انني لا امنعها )
شرح لم يكن مطلوبا منه اصلا وتبرير اشعرني بسخافة افكاري فاخفضت راسي معتذرة بخجل ( انا .. اسفة .. لا يحق لي ان احاسبك )
يد دافئة رفعت راسي وعيناه تلتحمان بعيني وهو يهمس هذه المرة بخفوت متعمد ( ربما لا يحق لك ولكني مع ذلك اجبتك .. والان جاء دورك انتي ... في البدء يجب ان تعرفي بانني مثلما قلتي للتو رجل يغار بالفعل .. ومن هذا المنطلق ساسالك .. هل يوجد بينك وبين ذلك الشاب الذي رقصتي معه للتو في حفل الافتتاح اي تقارب .. و .. من هو المقصود بتلك الاغنية التي كنتي تدندنيها وانت تدلفين الى المكتب )
اسئلة شنجتني خصوصا وقد شعرت بلهيب نظراته التي كان يرمقني بها وبسيطرته بصعوبة على نفسه وهو يراقبني في الاحتفال .. حقيقة ان صائب قد يغار علي بالفعل اقشعرت لها كل خلية من جسدي وانا افتح شفاهي بانفراجة بلهاء قبل تمتمتي بسؤال غبي ( وهل .. رايت الاحتفال ؟ )
بنفاذ صبر اجابني ( اجل رايته يا ضياء فما لا تعرفينه انني لا اتتبع اخبارك فقط من خلال ميساء بل انني اراقب كل تفاصيلك بنفسي .. وهذا امر ليس بيدي صدقيني بل نابع من قلقي الكبير مما تفعلينه )
فكرة خطرت على ذهني في تلك اللحظة ونشرت بداخل روحي حزنا جعلني اتساءل بخفوت ( وهل هذا لانك لا تثق بي )
تساؤل عقد على اثره صائب حاجبيه وهو يضغط على ذقني المحتجز بكفه بقوة مجيبا ( هل انت مجنونة لتشكي بثقتي بك .. اصلا لم اتركك الا لثقتي بك ولكن .. سبب مراقبتي هو معرفتي انك دخلتي اللعبة مع اؤلئك البشر وعرضتي نفسك للخطر لكي تسحبي ايديهم القذرة عني فلا اتعرض للظلم او للتحقيق .. ورغم غضبي الجنوني لتصرفك ولعدم تقبلك لكلامي الذي اخبرتك به انهم لن يستطيعوا الايقاع بي مهما حاولوا الا انني الجمت نفسي لاحقق لك طلبك الذي رجوتيني فيه .. ان تنجحي بحمايتي .. وهكذا .. لن تظلي ممتنة او مدينة لي كما تصورين نفسك دائما )
كلام زلزلني وعصف بتوازني وافقدني تسلسل افكاري فهمست وعيني ترتجان امامه ( وبعد كل الذي قلته لي هل لازلت تسالني ان كان هناك اي علاقة بيني وبين جمال او ان كنت ادندن الاغنية لاحد .. غيرك )
اضفت الكلمة الاخيرة باعتراف ضمني خافت اخرس صائب الذي رقت عيناه وتسارعت انفاسه باستجابة تلقائية لما قلته .. وبكلام لم ينطقه كلانا انصهرت انظارنا سويا لوقت لم اعيه ولكني استيقظت من لجته على قوله بدوره برقة متناهية وقد بدات يده بالارتخاء من حول ذقني لتهبط ممسكة بباطن يدي وقد بدا بالترنح بشكل راقص بيط ويده الاخرى تمسك بباطن يدي الاخرى ايضا ( وبعد كل ما فعلتيه لاجلي اذن هل تستكثرين علي تهوري ورغبتي لمشاركتك هذا اليوم الذي كتبتي فيه اولى خطوات نجاحك .. ورغم كل ما يدور براسك من صراع بدا يخط بثقله في قعر عيناك عن فائدة ما نقوم به الان هل يمكنك ان تسمعيني كلمات تلك الاغنية التي اتمنى ان توافقي ان ارقص عليها معك بما انها .. لي )
بلهفة سالته ( ولما تريد الرقص معي طالما اننا .. )
ولم اتم تلك الكلمة التي ضربتني بصفعة موجعة والحقيقة المرة تدمي كياني ولكنه بكل رقة اجابني هو ( طالما اننا سنفترق .. اليس كذلك .. حسنا يا ضياء معك حق قد نفترق في هذه الايام كما تقولين فعلى ما يبدو ان ثمن حمايتي كان هو ابتعادك عني .. ولكنك ايضا نسيتي انه من يوم الى يوم يبدل الله الاحوال .. وان عزيز القوم اليوم قد ينقلب ذليلا غدا .. وبان زيد الذي تمتنعين عن رؤيتي بسببه قد يزول ويذهب كالريح وعندها .. ستجدينني هناك ايضا )
سالته بلهفة خالطتها خيبة املي ما ان انهى كلامه ( ولكنك تعلم ان زيد ليس والعائق الوحيد بين لقاءنا )
كلام اتسعت له ابتسامة صائب بعكس توقعي وهو يجيبني بحزم حنون ( وايضا انت تعلمين انني ماهر بتحطيم الحواجز بشكل تدريجي وصبري يضرب فيه المثل ودائما ما احصل على ما اريد لذا . هللا كففتي عن المراوغة وبداتي بالغناء لارقص معك مثلما رقص ذلك الجمال الذي ستحرصين على الابتعاد عنه ان لم تريدي مني ان اتهور واختطفك امام الجميع دون ان القي بالا باي محاذير اخرى .. الا استحق ان اشاركك احتفالك الصغير هذا ؟ )
تساؤل لم اجبه وانا ابدا بالغناء كما طلب وقد سحرتني كلماته واحاسيسي التي استولت على كل عقل املكه وفكرة واحدة تغزو فؤادي .. انا احب صائب كثيرا بل واعشقه .. ولكن .. ومهما كانت مشاعر صائب نحوي فبالتاكيد .. لا يمكنني قبولها ابدا .. بل دوما ساظل اشك ان احاسيسه هذه مجرد شفقة فالهوة بيننا مع كل يوم تتسع وتتسع وتتسع .

الى اللقاء مع المذكرة الاخيرة غدا باذن الله



حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-09-20, 04:51 PM   #23

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي جريمة قلب .. المذكرة العاشرة ( الاخيرة ) .. سلسلة لؤلؤة في محارة مشروخة




جريمة_قلب

* المذكرة العاشرة .....
الراوية .. صائب سالم ..
المكان ... مع الانسانة التي احب ...

كـــمــــا دنـــــــت تـــــــدان ...


الجميع الان بالتاكيد لديه الكثير من الاسئلة لي . انا نفسي طوال الفترة الماضية تزاحمت براسي مئات الاسئلة التي كنت بالفعل احتاج ان اجد اجابة لها .. ولكن .. وربما السؤال الاهم الذي واجهني هو ... من هي ضياء بالنسبة لي .. وهذا السؤال تحديدا كان يجب علي ان اجيبه بصدق على نفسي بعد ان تهربت منه طويلا حتى انفجر بداخلي كالف شظية تناثرت منغرسة بقلبي الذي اعتاد الصراع مع عقلي منذ عرفتها .. والجواب .. ضياء هي الانسانة التي نجحت بكسر عزلتي التي نصبتها كسجن احطت به روحي .. هي الانسانة التي شعرت انها واخيرا النصف الاخر لي .. وهنا .. السؤال التالي سيكون .. اذن .. متى احببتها .. وهل اخرجتها من السجن لانها اثرت على مشاعري .. ببساطة .. اجابتي ستكون كالتالي .. عندما قابلت ضياء في السجن لم اكن اعرفها بعد .. ولقد اثرت بي قصتها اكثر من شخصيتها .. بل لو انني اتبعت مشاعري في تلك اللحظات لما اخرجتها ابدا .. وهذا يعني انني رايتها في البدء بعقلي .. ثم .. وبعد خروجها .. هنا .. مست وحدتها روحي فشعرت انها انعكاس لوحدتي انا .. واثرت مواقفها بي فزلزلت كل قناعاتي .. فان اردت الاعتراف بامر فاني ساقول باني احببت ضياء الحرة .. ضياء التي قاومت كل ظلامها بصعوبة وحاولت التغلب عليه رغم ياسها .. ضياء التي كلما سقطت اوجدت طريقة لتعود وتقف مرة اخرى .. فصحيح انني مستقيم ومثالي على حد قولهم ولكن .. طبيعة تربيتي هي من فرضت علي هذا الامر فكان التطبيق تلقائي من قبلي .. اما ضياء .. فكل ما كان حولها ما هو الا عوامل ضاغطة لتسقط وتخطئ .. ومع ذلك .. قاومت .. ونجحت .. بانتشال نفسها من المستنقع الذي كان يغرقها .. ولا زالت تبحث عن الكمال في تصرفها على قدر استطاعتها .. انها انسانة تجبر المرء على التفاعل والتعاطف والتاقلم معها .. نقاء معدنها رغم كل ما مرت به كان يجذبني الى حد الاحتراق .. ضياء بالنسبة لي هي انسانة جذبني كيانها قبل ان يجذبني كينونتها كامراة .. انسانة اراها اجمل من في الكون لان روحها الرائعة المثابرة هي من تظهر قسماتها على ملامحها .. جمال داخلي ينعكس على جمالها الخارجي فيزيد بهاءها .. حتى اوصلتني لمرحلة ما عدت اقتنع باي امراة سواها .. فهي فقط من استطاعت ان تغوص لاعماقي وتستفزها ثم تستقر فيها .. هي من تمكنت من الحصول على مسامحتي وغفراني رغم كل اخطاءها .. ففي كل مرة كنت اجد لها الف عذر لاغفر لها زلاتها بينما كنت احاكم غيرها بقسوة على اخطاء اقل من هذا بكثير .. فمنذ اللحظة الاولى التي قابلتها علمت بان ما تظهره يخالف الحقيقة الكامنة بين طيات حروفها .. وبان تعاملي معها كان يتراوح ما بين اسلوبي كمدعي عام يحكم عقله وحدسه العدالي فيصبر ويتحرى ولا يستعجل باحكامه وما بين رجل يشعر بان عيني المراة التي امامه هي مراة لروحها حتى وان نطق لسانها كذبا وبان داخلها دوما ما يكون نقيا حتى وان احاطها من الخارج هالة سوداء مخادعة .. اذن .. متى اكتشفت كل هذا .. لقد اكتشفته في اللحظة التي طلبت مني فيها ان اتركها .. فقرارها رغم منطقيته الا انه طار بين ذرات الهواء وعقلي وقلبي وكياني ينتفضان بالرفض القطعي وقد بذلو كل مجهودهم لايجاد مئة حجة وعذر لي لكي الغي هذا القرار و انفذ طلبها بالثقة بها مهما كان الثمن .. فرصة ثانية كانت هي الكلمة التي استخدمتها كدرع اهدئ فيه كل مخاوفي .. وهنا .. علمت انني .. احببت ضياء .. احببت تلك الانسانة لدرجة قبولي بكل سوادها واخطائها وعدم رغبتي بتغير اي شيء فيها .. احببت قاتلتي التي وبختها مرارا وحاكمتها تكرارا .. احببت تلك الانسانة التي من المستحيل ان افقد ثقتي بها حتى وان رايت اي اتهام يمسها وهي تنفذه بعيني .. شعور غريب يداهمني للمرة الاولى في حياتي .. شعور تاكدت فيه من قولها لي في تلك المرة التي وبختني بها باني لم احب يوما احدا والا لما تركت قمر او زوجتي .. مبدأ فهمت من خلاله بان الحب الحقيقي هو الحب الذي يجبرنا على التمسك بحبيبنا وعدم التخلي عنه مهما كانت الظروف المحيطة به .. مبدأ فهمته منها هي عندما اختارت ان تضحي بنفسها من اجلي دون ان تنتظر مني اي مقابل و دون ان اطلب منها ذلك ... ولكن ربما يجب الان ان اعترف امامكم بامر بسيط .. فانا لست مقدسا عن الخطأ كما قد يظنني البعض .. ولست بتلك العظمة التي تصفني فيها ضياء .. ولم تكن مشاعري نحوها او فهمي لها اسطوريا اوملائكيا .. ببساطة انا رجل تلقى مساعدة ليتمكن من توجيه احاسيسه نحو الطريق الصحيح من دون ان يظلم الانسانة التي بنظره تستحقه .. وهذه المساعدة متلخصة بكلمة واحدة .. ميساء .. جاسوستي الصغيرة .. تلك المراة التي تمكنت من بناء الجسر بيني وبين ضياء .. فبفضلها تمكنت دوما من معرفة طريقة واسلوب تفكير ضياء .. وتمكنت ايضا من فك كل الالغاز التي كانت تحيط نفسها بها .. .. لقد امسكت بيدي في احلك الاوقات وغرست بصدري الايمان والصبر والثبات لاظل متماسكا امام كل رياح الفراق اتي هبت على علاقتنا انا وضياء .. ورغم كل العقبات التي واجهتني الا انني وبفضلها تمكنت من الصمود امامها ... صديقة واخت قل مثلها في هذا الزمن .. والان ربما بقي فقط اخر تساؤل .. اذن .. الى اين برايك ستنتهي علاقتنا يا ترى ؟؟ الجواب .. لا اعلم .. صدقا انا لا اعلم .. ولكن .. هذا لا يعني انني استسلمت .. فمنذ علمت عما فعلته ضياء لاجلي من ميساء حتى تحركت بدوري بسرية بشكل مقابل لتحركها ولكن .. من الطريق الذي يخصني .. طريق القانون .. فلقد كنت واثقا بان رجل مثل زيد يملك الكثير من الثغرات الصغيرة المتفرقة لوحدها و التي ان اجتمعت فستكون ضجة كبيرة .. نظرية كرة الثلج .. فقطرة الثلج تبدا صغيرة وهشة ولكنها وان وجهت نحو المكان الصحيح فستجتمع بقطرات اخرى غيرها لتبدا بتكوين كرة لو تدحرجت نحو الطريق المستهدف فستكبر بشكل تدريجي حتى تغدو بحجم الجبل فتهلك اي شخص قد يقف امامها .. نظرية تحتاج الى الذكاء والدهاء والسرية و الكتمان لكي تتكون الكرة وتكبر قبل ان يشعر بها اي شخص فيوقف تكونها وهي صغيرة .. وهذا ما كان مني .. وهذا ايضا ما جعلني احتمل فراقها واصبر نفسي بتلك اللحظات المسروقة التي كنت اراها بشكل سري .. كذلك اليوم الذي ذهبت فيه لاشاركها افتتاح مشروعها .. ذلك اليوم الذي رقصت فيه معها بطريقة غريبة .. فلا اعلم ان كان ما فعلناه حقا يدعى رقصا .. ام انه حديثا بين العيون .. ام انه التحام روحي .. فلقد كنت فقط اقف مقابل لها وانا امسك كفيها واترنح بوقفتي بشكل يتوافق مع ترنحها البطيء وصوتها يدندن بتلك الاغنية التي زلزلتني بمعانيها .. ( انا لها شمس .. انا لها في .. انا لها روح الجسد في بدنها ) كلمات عندما نطقها لسانها وعبرت فيها عينيها عن احاسيسها نحوي حتى شلت اطرافي .. الهذه الدرجة تراني عظيما عندها .. سؤال اجابته هي ما ان انهت الغناء بقولها ( هل تعلم يا صائب بانك عوض الله لي بعد كل ما تعرضت له .. وبان هذا العوض قد غمرني وانساني كل ما تعرضت له في السابق .. بل انك اعدتني الى الحياة بعد ان عرت باني ساموت فيها .. انت .. دعائي المستجاب يا صائب ) امانة ومكانة عظيمة حملتني فيها الكثير والكثير دون ان تقصد حتى .. برايكم .. من اين ساجد امراة تنظر الي بهذه الطريقة وتعتبرني جائزتها الكبرى في هذه الحياة .. لحظة صمت فقط سادت بيننا بعد قولها هذا قبل اجابتي لها بكل ما املكه من مشاعر نحوها ( وانت عوض ربي لي يا ضياء .. انت جائزتي التي انتظرتها طويلا والتي بحثت عنها كثيرا )
كلام واجهته بخجل وتراجع وقد تدافع الدم الى وجنتيها مسببا احمرارهما .. حالة من التوتر اللذيذ وعدم التصديق والصدمة سيطرت عليها واشعرتني بدفقة من المشاكسة وكاني عدت معها مرهقا يغازل حبيبته الصغيرة للمرة الاولى .. وكم رغبت حينها ان اضرب بكل الاعراف عرض الحائط وان اضمها الى صدري لاؤكد لها باني صادق حقا بما اقوله وبانها بالفعل تستحق ما قلته لها ولكن .. بعض التعقل اوقفني فلقد كنت اعلم بانه ليس الوقت المناسب بعد لتبادل المشاعر معها وباني سافشل في الوصول الى ما اريده ان اعترفت باحاسيسي لها الان .. وهكذا .. انتهى لقاءنا المسروق والذي تكرر عدة مرات لمدة ستة اشهر احتملتها بصعوبة وانا احقق نجاحي بقضية زيد بشكل بطيء جدا كاد ان يصيبني بالاحباط حتى حدثت الدفعة الاخيرة للكرة التي جمعتها .. بحادثة اعتبرتها منحة من الله لي لصبري ومثابرتي .. حادثة غريبة ايقنت معها بان الله يمهل عبده ولا يهمله .. وبان نهاية الظلم سقوط مدوي .. فالمحاسب الاول والمسؤول عن كل حسابات شركات زيد وقع بشر اعماله .. قضية قتل .. اجل قضية قتل .. والقاتل هو المحاسب علاء اما القتيل فهو اخاه يزيد الذي هجم عليه متهما اياه بالتلاعب بارث عائلتهم وتطور الشجار بينهما الى ان وصل الى التدافع الذي انتهى بسقوط يزيد على الطاولة الزجاجية الموضوعة في منتصف شقة علاء لتنتهي حياته بعدما اخترقت شظية زجاجية قلبه .. حجة قدمت الينا بطبق ذهبي تمكنت فيها من تفتيش شقته بما انها مكان الجريمة كما فتشت مكان عمله .. وبالتاكيد وتحت انظار القانون تمكنت من مصادرة كل ما وجدته من دفاتر حسابية واوراق وعقود .. مصائب حسابية ظهرت الينا واخيرا بعدما وجدت عن طريق الصدفة الملف الاخير الذي كان علاء يعمل عليه قبل هجوم اخيه عليه وحدوث ما حدث وارتباك علاء وانهياره مع مراى جثة اخيه .. ضحية سهلة للاهتزاز وللاعتراف ان وجهت لها الاسئلة الصحيحة وان نجحت بعزلها بالكامل عن اي تهديد قد يصلها من زيد .. وقد فعلت .. استخدمت كل طاقاتي وعلاقاتي لاحاصر علاء وانجح باستخراج اعترافه الكامل بكل ما قام به بعد ان وجد نفسه متهما بقضية قتل كان بيدي ان اعتبرها قتل عمد او قتل شبه متعمد ان تعاون معي .. ولمن لا يعرف الفرق فالقتل العمد جزاءه الاعدام اما القتل الشبه متعمد وهو نفس الجريمة التي اتهمت فيها ضياء فمعناه ان يكون المجرم قد نوى اذية الضحية ولكن هذه النية تسببت بقتله دون تخطيط منه وتتراوح احكام السجن فيها حسب طلب المدعي العام وموافقة القاضي عليها .. ومع اجتماع عائلته ضده واعترافهم بتهديداته الدائمة ليزيد ان يقتله ان حاول التعرض له اصبحت القضية بالنسبة لي جاهزة للمساومة .. ان يعترف بما قام به من تلاعب في شركات زيد مقابل اعتباره شاهد ملك في قضية زيد واحتساب قضية القتل على كونها قتل شبه متعمد .. اعتراف فتح النار بشكل كامل على زيد لتبدا التحقيقات الكاملة لكل اعماله والتي اضفت اليها كل ما جمعته في الستة شهور الماضية لتكتمل كرتي الثلجية الهائلة التي سقطت فوق راس زيد بدوي لم يستطع اي من حلفائه ان ينقذه منه خاصة بعدما استخدمت الاعلام بشكل ماكر وسربت اليه القليل من المعلومات لاقلب الراي العام على اي شخص قد يحاول مساعدة زيد .. وهكذا .. صدر الكرت الاحمر لزيد وتم اعتقاله بسرعة انا نفسي استغربتها .. اعتقال مثل بالنسبة لي عدالة القدر فقد بدا كل شيء بقضية قتل شبه متعمد نصبت كفخ لضياء لينتهي كل شيء بقضية قتل شبه متعمد ايضا .. وكما دنت يا انسان .. ستدان .. يقين مؤكد وعدل تام من الله الواحد القهار.
اذن .. هل انتهى طريقي يا ترى ووصل الى ضياء بعد ان تغلبت على العقبة الكبرى التي كانت تفصل بيننا ؟؟ اجابة انتظر سماعها منكم انتم بعدما تعلمون باقي الحكاية .. فبعد صدور حكم الاعتقال والتحقيق توجهت من فوري الى مكتب ضياء في العيادة الخيرية حيث تدير المكان كما تدير عملها الجديد الذي تمكنت من توجيهها اليه بعدما تعرفت عن طريق الصدفة على المحامية منال ( احدى راويات نوفيلات محارة مشروخة للكاتبة وفاء حمدان ) التي تعمل في جمعية خيرية تتعامل مع قضايا المراة المظلومة .. نساء تشابه قصصهم قصص ضياء وعمل تاكدت ان ضياء ستجد نفسها فيه عندما ترى حياة مثيلاتها ومشاكلهم وتساعدهم في حلها .. ولقد كان لي ما اردت وبالفعل اشتغلت ضياء في فرع تلك الجميعة المتواجد عندنا كباحثة اجتماعية .. وعندما راتني ادخل المكتب بشكل علني شهقت بخوف وهي تنظر خلفي صارخة ( مالذي تفعله هنا ؟؟ )
بمشاكسة متعمدة تظاهرت بالحزن مجيبا ( هل هكذا ستستقبليني دوما .. الا يوجد ترحيب حقيقي لوجودي )
رفعت ضياء حاجبيها باستغراب مستهجن وهي تقف بسرعة هاتفة وقد بدات بالتحرك نحوي ( هل ترى ان الوضع يحتمل المزاح الان يا سيادة المدعي العام )
لقب يستفز كل خلايا عقلي وانا اعي تعمدها ذكره امامي وكانها تلقي بهذه الحقيقة بيننا كلما تقابلنا .. وبنبرة اردتها ثلجية مستنكرة اجبتها وانا اتتبع حركتها المتجهة نحو الباب خلفي لتراقب المكان قبل اغلاقها له والتفافها لتواجهني ( ولما تستكثرين علي المزاح الان يا سيادة الباحثة الاجتماعية ضياء بعدما تحقق واخيرا ما خططت له طويلا )
كلامي بهذه الطريقة تسبب بانعقاد حاجبيها وهي تلوح بيدها بتساؤل متوتر ( ومالذي تعنيه بكلامك هذا .. هلا اوضحت الامر .. يا سيادة المدعي العام )
كانت قد اوصلتني في هذه اللحظة الى قمة سيطرتي فتنحنحت بخشونة اجليت بها صوتي قبل قولي بتحذير ( ضياااااء .. التزمي بطريقة الحوار بيننا ولا تحاولي اضفاء الرسمية فيها فهذا بصراحة لا يليق بنا .. اما ما عنيته بكلامي فلو انك تكرمت وفتحت التلفاز على نشرة اخبار الساعة ستجدين ان خبر اعتقال زيد يتصدر كل العناوين )
كلام ما ان قلته حتى ظهرت نتائجه الواضحة عليها .. فلقد تدلت فكها وبادلتني النظر ببلاهة لوهلة قبل رفعها لاصبعها بتهديد ( هل حقا تجد الامر مسليا وانت تلقي بمقلبك اللافكاهي امامي .. مالذي تعنيه باعتقال زيد و.. باي تهمة .. و .. هل لك اي علاقة بالامر ؟ )
كان سؤالها الاخير استدراكي خائف وقد بدات واخيرا باستيعاب الحقائق فلم احاول زيادة توترها لذا اجبتها بهدوء مطمئن ( ضياء .. اعتقال زيد هذه المرة لا علاقة لك به فلقد تمت ادانته بتهم كثيرة تشمل التهرب الضريبي والتزوير وتهريب البضائع اللاقانونية.. امور ظللت اجمعها طوال الفترة الماضية حتى تكون لدي ملف شامل كامل ما ان قدمته حتى تم احراق كافة اوراق زيد وتخلى عنه الجميع وقدم ككبش فداء وكل هذا بمعونة من الله وتوفيقه)
لبرهة من الزمن ساد الصمت وضياء تحاول فهم ما قلته وقياس ابعاد المشكلة قبل همستها ببطء متسائل ( اتعني .. وانه ورغم اعتقال زيد .. الا انك .. ستكون بخير )
ابتسمت بلا ارادة مني وانا ارى خوفها التلقائي علي بما انساها حتى لذة طعم الانتصار وتحقق العدالة وبنبرة حنونة همست ( اجل .. ساكون بخير باذن الله .. وانت ايضا .. لن اسمح ان يمسك اي شيء بالتاكيد .. فتهديدات زيد الان لا تساوي حتى الانفاس التي نطقها بها .. وحكم فراقنا انتهى .. واخيرا .. هل .. انت سعيدة )
عاد الصمت مرة اخرى ولكن .. هذه المرة غشيت ملامح ضياء شرود غامض قبل تمتمتها ( رغم عدم ارتياحي لما قمت به من ورائي واصرارك على تعريض نفسك للخطر ولكني .. لا يسعني الان سوى ان احمد الله بان كل ما ارته قد تحقق )
بلهفة اجبتها مدافعا ( كان يجب علي ان اخذ حقك منه .. والان .. الست سعيدة بكونه سيذوق ما ذقتيه انت في السجن من ذل وهوان )
حركت راسها بالرفض الفوري ( كلا .. لست سعيدة فزيد منذ اخرجته من حياتي في اخر لقاء لم يعد يعنيني ولم اعد اهتم حتى بحصوله على اي عقاب .. فمعنى سعادتي الان انني ساكون مجرمة اكثر منه .. فقط انا سعيدة لانك بخير ولان العدل الذي تؤمن به قد تحقق واخيرا ولان الله لم يضيع تعبك )
جقيقة ما ان نطقتها حتى فارت كل احاسيسي والتهبت الدماء بعروقي .. من هذه المراة التي تخلت حتى عن كرهها وعن كل حقوقها وركزت كل طاقاتها فقط لتتاكد من كوني بخير .. هل يوجد بشر مثلها حقا .. الهذه الدرجة هي منزوعة الانانية في كل ما يمثلها ويمثلني .. وبصوت خرج شغوفا حارا حارقا همست ( انت تعلمين انني احبك .. اليس كذلك ؟ )
اعتراف بنظري كان منطقيا في تلك اللحظة بعد كل ما قالته امامي .. فكيف لا احبها اضعافا بعد ان رايت منها مالم اراه من غيرها .. اعتراف قابله نظرتها المرتجة اللامصدقة قبل شهقتها المتسارعة وشحوب وجهها وتراجعها للخلف بخطوتين .. حالة كنت واثق انها ردة فعل طبيعية منها .. ومع ذلك مظهرها هذا اخافني قليلا فتابعت اعترافي بلهفة مطمئنة ( تنفسي يا ضياء .. فاعترافي لا يعني اي شيء انه مجرد اثبات لوقائع معروفة بيننا على ما اتصور لذا .. فانا اكرر امامك اني .. احبك .. و )
قاطعتني هذه المرة بسرعة مختنقة ( لا تكمل ارجوك .. لا تعد الكلمة امامي الان )
صدمتها استفزت جنوني فمططت شفتاي مكررا بهدوء متحدي ( ولكني .. احبك .. وساظل اكررها حتى تستوعبيها .. لاتمكن بعد ذلك من الانتقال للخطوة التالية .. انا احبك .. افهمتي .. انا احبك .. انا احبك .. انا ..)
صرخت مقاطعة بثورة مرتجفة ( هل تعتقد انني ساتسول الحب منك الان بعد كل ما حدث .. هذا الحب لا يمكن ان يكون حبا .. فانا يجب ان ادفع ثمن جريمة قلبي طوال عمري .. افهمت )
كلام ما ان قالته حتى ثار غضبي فاقتربت منها بسرعة ويدي تجذب ذراعها وانا انحني نحوها حتى لم يكد يفصل بين وجهينا سوى بضع ذرات من الهواء قائلا بنفاذ صبر ( هل تعين حقا ما تقولينه الان .. عن اي تسول تتكلمين واي ثمن هذا الذي ستدفعينه .. ضياء استيقظي من وهمك وتاكدي بانك دفعتي ثمن فعلتك كاملا ولم يعد من حق اي شخص ان يحاسبك على شيء )
بحدة مرتجفة غمغمت بدورها ( انت الذي لا تعي الوقائع على ما يبدو يا سيادة المدعي العام .. الى اين برايك سيذهب مصير هذا الحب الذي تصرح به الان ... هل نسيت بان زيد لم يكن العقبة الوحيدة فيما بيننا .. بل ان اخذت تحليلي الشخصي بعين الاعتبار فبالنسبة لي فزيد ليس عقبة اصلا .. بل كل شيء يجمعنا هو العقبة )
لم افهم مقصدها فتساءلت بحدة وانا ازيد من ضغط يدي على ذراعها لافرغ غضبي منها ( كفي عن التحدث بمجازية واوضحي مقصدك .. مالذي تعتبرينه عقبة غ .. )
ولم اكمل كلامي وهي تقاطعني بصرختها ( امك .. ابنتك .. المجتمع .. الناس .. الصواب .. الخطا .. الظروف .. اني قاتلة .. انك مدعي عام ستترقى بالتاكيد في القريب العاجل ويرتفع منصبك .. هل حقا تغامر بكل شيء بنيته في حياتك فقط لاجل مشاعر يمكنك التخلص منها بسهولة )
صرخت بدوري وقد تمكن الخوف من قلبي بسبب اعتراضها بهذه الطريقة العنيفة ( وهل انكرت وجود باقي العقبات يا ضياء ؟؟ ها ؟؟ هل انكرتها باعترافي بحبك ؟؟ انا فقط اخبرك بتلك الحقيقة لكي اتمكن من التحرك بحرية اكبر واحل كل تلك العقبات بالتدريج .. ثم مالذي تعنيه حقيقة بقولك ان مشاعري يمكنني التخلص منها بسهولة .. الهذه الدرجة تستخفين بحبي لك )
انفاس عادت لتتسارع مع تكراري لحقيقة حبها وانظارها تنخفض ببطء وهي تغمغم بالرفض (انا لا استخف ولا اي شيء .. انا اوقظك من سكرة الشفقة التي تشوش احاسيسك وتوهمك بانك تحبني )
كلماتها اطارت ما كنت احاول التمسك به من تعقل فانحنيت نحوها وانا ارفع وجهها الي هامسا بغيظ (شفقة ؟؟ هل تظنين حقا بان الشفقة هي ما يحركني باتجاهك .. ضيااااء .. انا رجل مجرب .. يقترب من الاربعين .. وعندما اقول لك باني احبك فانا اعني بالفعل هذا .. انا احببببك .. وانت تحبينني ايضا لذا كفي عن الانكار )
اضفت الجملة الاخيرة بحزم اردت فيه ان اكسر جزء من عنادها وكبرياءها الذي تصر على التمسك به وهي تنكر مشاعرنا ولكن .. ردة فعلها اضعيفة المتني وقد ارتجت حدقتيها بدموع تعلقت بين رموشها وهي تهمس بحرقة راجية ( لا تكمل ارجوك .. هذا الحوار لا يجدي بشيء .. هذا الحب لا مكان له بيننا ارجوك افهمني .. كيف لي ان الوث ملفك وسمعتك واهينك بهذه العلاقة المذلة .. )
اعتراف طعنني في الصميم ولمحة من انكسارها تنعكس على مظهرها المنحني .. الهذه الدرجة تستخف بنفسها وتتعذب من محبتي لها .. وبهمسة اجشة تساءلت امامها ويدي ترتفع بتلقائية الى وجنتها لتتموضع هناك كدرع يمنع نزول دموعها ( تذليييننييي .. هل جننتي يا ضياء )
تفاجأت بانتفاضته وهي تبعدني عنها بدفعة قوية صارخة بغضب يائس ( اجل جننت كما جننت انت .. صائب .. انت قلتها .. انت رجل تقارب الاربعين ومسؤول عن اسرة لذا .. لا تخاطر بامان واستقرار حياتك وحياة عائلتك لاجلي انا .. الم تفكر يوما باي اسم ستقدمني لمن حولك ان اطعتك بحبك .. هل ستقول اقدم لكم القاتلة ضياء .. ام السجينة المعفو عنها .. هل فكرت عما ستجيب الناس عليه عندما يسالونك من اين تعرفت علي .. افق يا سيادة المدعي العام )
مخاوف كنت واثقا من انها تشكل اكبر عائق بيننا ولكنها لم تكن بنظري يوما ذات اهمية .. فدوما ما سعيت الى الصواب مهما تكلم من حولي عني بالسوء لذا اجبتها هذه المرة بسخرية ذاتية وانا الوح بيدي ( هل انتهيتي من محاضرتك السخيفة ؟؟ اذن اسمعي الكلام الذي قلته قبل ذلك الف مرة .. انا لا يهمني احد سوى نفسي وقناعتي باني على صواب .. وابنتي لن تكره لي السعادة مع الانسانة التي اخترتها .. اما امي فساقنعها مع الوقت .. انا فقط اردت ان اعترف بحبي لك الان هل هذا كثير .. اما العوائق فبالتاكيد ساحلها )
لوهلة بادلتني نظرتي المتحدية باخرى منافسة قبل تقهقرها ببطء وقد رات انعكاسة تصميمي المواجهة لعنادها بحرب ادركت انها ستخرج منها خاسرة لذا اختارت هذه المرة المهادنة بكلماتها الراجية وبصوتها الذي بح من المها ( لا تفعل يا صائب ارجوك اترك كل العوائق واهتم فقط بنفسك وبنجاحك وبعائلتك .. وكف عن ترديد حبك امامي لكي لا اصدق الامر واضعف .. ربما يجب ان نودع بعضنا فهذا اكثر راحة لك وستتمكن من نسياني و ..)
كانت وكانها تتلو كلمات حفظتها ورددتها طويلا بينها وبين نفسها فخرجت بلا روح وببرود جعلني اصرخ بنفاذ صبر جنوني وانا اعود لاقترب منها وقد امسكت بها وبدات بهزها بثورة ( كفي عن ترديد راية الفراق في كل لحظة تجمعنا حقا لقد اصبح الامر مغيظا بما يكفي .. وايضا .. مهما حاولتي الهرب فساظل اكرر امامك هذه الحقيقة .. انا .. احبك . صنفيها باي طريقة تريدين .. واعتبريني مخبول او مجنون او احمق ان كان هذا يريحك )
بثورة مماثلة هتفت وهي تحاول التحرر من حجزي لها ( لمااا .. لما تحبني .. انت من وانا من .. انت في السماء وانا .. )
قاطعتها بغضب اصبح يتحكم بي معترفا بكل ما يجيش بصدري وقد بدات باعتصار ذراعيها حتى ظهر ظل وجعها من تغضن جبينها ( لا تكملي فانا لن اسمح لك ان تهيني نفسك اكثر .. اما اسئلتك الاخرى عن كيف ومتى ولماذا انت فيجب ان تعي بان قلب الانسان ليس بيده .. وباني لا اعلم متى احببتك لاني لا اذكر حياتي اصلا قبل وجودك .. ) وصمت متنهدا امام ظلمة وجهها وانتها الضعيفة التي صدرت منها فنبهتني لما افعله بها مما جعلني ارخي قبضتي عن ذراعيها مغمغا باستدراك ( اعتذر لاني المتك لم يكن هذا بقصدي ولكن انا ارجوكي ان تفهميني يا ضياء .. مشاعري لم تتولد من بين ليلة وضحاها بل .. لقد قاومت حبك كثيرا .. وهربت منك واردت الابتعاد دوما ..ولكني في كل مرة كنت ابتعد فيها اجد طريقي يعيدني اليك ... قلبي هذا الذي ظننت انه تحول الى صحراء بعد تجربتين فاشلتين لي مع النساء ازهر بعدما سقطت مشاعري نحوك عليه كحبات الغيث مدرارا .. هل تصدقين انه ومنذ اول يوم رايتك فيه علمت بان فيك شيئا مختلفا عن باقي من عرفتهم .. بل منذ رايت اسمك يا ضياء .. وقبل ان تتهميني بالتهور يجب ان تفهمي بانني بالفعل خفت وترددت كثيرا وانا انظر لكل ما يفرقنا .. وبانني كثيرا ما اصدرت قرار في مخيلتي يلزمني بقطع كل علاقاتي معك .. ولكني كنت احارب وهما متبددا فلقد كنتي منتشرة بداخلي لدرجة انه كلما هربت منك لجـأت اليك .. يامراة .. انت حتى تفهمين التماعة عيني دون ان انطق باي حرف .. لذا كفي عن الهرب وعن ترديد كلمة الوداع وابداي بتقبل حقيقة الحب الذي يجمعنا فلا انا قادر على العيش دونك ولا انت كذلك )
مثل اعترافي لها بكل ما انتابني من احاسيس منذ عرفتها صدمة اخرستها وعنيها تتوهان بعيني وقد رايت فيهما عشقي الابدي الذي تصر على انكاره .. خمس دقائق قضتها وهي تنظر الي بطريقة لن انساها ما حييت .. نظرة تجمع فيها ذهولها مع فخرها وامتنانها مع عشقها واجلالها مع تعظيمها واستنكارها مع عدم تصديقها .. وبغمغمة لم تتوضح معالمها الا من خلال تركيزي المثبت عليها ( لما لا نبقى اصدقاء ما فرق المتزوجين عنا)
كلمة نطقتها كحل ولكنها ما ان قالتها بعفوية حتى بدات معانيها بالتوضح اليها فانتشر اللون الاحمر والدماء تتدافع لتغزوعروق وجهها وقد ظهر عليها ارتباكها وتوترها وفقدانها اللحظي لكل تركيزها مما اثار بنفسي روح المداعبة وانا ارفع اصبعي لاشير الى راسها هامسا بمزة وقحة (ساعفي نفسي من الاجابة لانها تماما ما تبادر الى ذهنك وتسبب باحمرار وجنتيك )
جواب كنت اعي انها ستقتلني بسببه فتقبلت دفعتها الغاضبة لي وهي تتراجع مبتعدة عني وقد اشارت بيدها نحو الباب بعصبية واضحة ( سيادة المدعي العام .. اعتقد بان رسالتك التي اردت ايصالها لي قد وصلت ويمكنك المغادرة الان فهذا مكان عمل وورائي الان الكثير من المشاغل التي تلهيني عن القيام بها .. اما بخصوص مناقشتنا السابقة فكلي رجاء ان تفكر بعرض صداقتي والا .. اعذرني ن رفضت مق .. )
ولم تكمل امام زمجرتي الغاضبة وكانني اذكرها بما قلته عن كلمة الفراق .. وبتحذير تهديدي رفعت اصبعي امام وجهها متمتما بحزم ( ليكن اذن ما تريدين في الوقت الراهن ولكن .. هناك امر اخر سنتناقش به في لقائنا القادم .. فكلمة .. سيادة المدعي العام التي تطلقيها امامي في كل لحظة لن تستمر الا ان كنت ستقبلين بالعقاب الذي سافرضه عليكي ان قلتها )
بتحدي اشارت لي نحو الباب وهي تهمهم بغضب راسمة امامي حدود عرض صداقتها الذي تظن انني سالتزم به ( بل ستستمر .. ياسيادة المدعي العام .. صائب )
رفعت حاجبي باستنكار لحظي قبل تقدمي المفاجئ نحوها بسرعة تقهقرت على اثرها الا ان تحاصرت بيني وبين الجدار فرفعت كفيها باشارة التوقف ولكني ابتسمت بتشفي وانا امسك بقبضتيها هامسا ( لا تتكلمي كلاما اكبر منك يا ضياء .. والان .. لو كررتي كلمة الدعي العام فسوف .. )
وغمزت بعيني بايحاء لم تفهمه بالتاكيد ولكن تاثيري عليها بدا باشعارها بالخوف فهمست برجاء غريب ( ارجوك .. يكفي هذا )
باصرار غمغمت ( ساتراجع ان نطقتي باسمي )
بلهاث اجابتني ( سيادة المدعي .. )
ولم تكمل وانا احرك راسي بالرفض مقاطعا ( هيا يا ضياء انطقي وكفي عنادا فتخيلي سمعتك لو ان احدا دخل الان على المكتب وراكي بهذا الوضع المربك )
بهسيس متهور رفعت يديها لتدفعني بلا فائدة ( ارجوك كف عن فعل هذا واخرج .. ارجوك يا سيادة المدعي العام )
كان عنادها يثير اسوء طباعي بالفعل .. وثورتها تستفز كوامن الرجل الشرقي بداخلي وجنون يسيطر علي وانا اهمس لها وكاني اعلمها حروف اسمي ( ص .. ا .. ئ.. ب ... صائب .. صائب .. صائب )
لوهلة ظهر العناد عليها قبل خروج تنهيدتها الطويلة وهي تهمس بلا صوت تقريبا ( صائب .. هل ارتحت )
ابتعدت بشكل فوري حينها وكلمتها تمس شغاف قلبي وقد بدات اعصابي بالثورة المعاكسة علي فغمغمت بمزاح اردته لطيفا ليغطي تاثري البركاني على خضوعها لي بهذه الانوثة ( هذا جيد .. بداية جيدة لعنادك الذي انوي ان اروضه بالتدريج .. فصدقيني لو قسنا معدل صعوبة العقبات بالنسبة لي فسيكون عنادك على سلم هذه العقبات )

وكان هذا نهاية اول لقاء علني بيننا .. نقاش اتعب كلانا ولكن ترتب عليه الكثير من الحيثيات القابلة للتنفيذ .. واول هذه الامور هو .. صداقتنا .. الهزلية .. اجل بنظري فان علاقة الصداقة التي ندعي وجودها بيننا لم تكن الا ستار نحاول ان نهرب فيه من واقع حبنا لنواجه تلك العقبات التي يضعها امامنا تقاليد واعراف هذه المجتمع .. وهنا .. سيكون السؤال الامثل لي .. ان كنت ارى في وظيفتي وعائلتي اكبر حاجزين لاجتماعنا فلما لا استقيل من الوظيفة مثلا واجبر ضياء على الزواج بي لاضع عائلتي بوضع الامر الراهن والواقع والمفروض .. والاجابة هنا سهلة .. لان هذا سيكسر روح ضياء التي تجاهد للمحاولة لبناءها .. وسيزيد لديها عقدة الذنب التي ستفقدها سعادة اي خطوة ستخطوها معي .. ولذلك كان الحل الامثل هو التزام عرضها المبدئي,ومشاهدتها وهي تنجح مرة تلو الاخرى من خلال تلك القصص التي تحلها لنساء يشبهنها .. نجاحات بدات فيها بكسر حاجز عدم ثقتها وخجلها وحرجها من المجتمع الذي حولها ونسيان ذلك الظلام الذي اعتم قلبها لفترة طويلة .. ولكن .. وبالتاكيد .. فان هذا الانتظار تخلله الكثير من الصدامات التي اشتعلت بيننا .. واهم هذه الصدامات هي .. الغيرة .. بشقيها .. وعندما اتكلم هنا عن غيرتها في البدء فيجب ان انوه الى انها اكثر ما اعشقها فيها .. لانها العلامة الوحيدة التي تظهر من خلالها حبها الجنوني لي وتوقف مسرحية الرسمية والصداقة التي تلتزم بها في اغلب الاوقات مثيرة استفزازي بها .. حتى عندما تحاول اخفاءها وتغطيتها باي حجة .. والاهم انها تغار من زوجتي السابقة .. فمجرد لقائي معها يجعل وجه ضياء كصفحة الماء المعكرة .. خصوصا مع فشل مشروع خطبتها الافتراضي .. ورغم محاولتها اظهار تحضرها والتحدث عن الامر بكونه حق لي وبان زوجتي تليق بي وبانني يجب ان افكر جديا بالعودة اليها .. فان نبرة صوتها تحرقني فهي تكون ممتلئة بالغضب الملتهب الشغوف .. وارتفاع حاجبيها الاستنكاري عندما اوافقها الراي بكون زوجتي السابقة امرة جميلة يجعل قلبي ينتفض عشقا لها .. ولكني في المقابل عندما اتخيل ان اي رجل من الممكن ان يتقرب منها فاني انفجر بعنف يغلب عنفها مئة مرة .. ولقد اخبرتها بهذا .. اخبرتها بان اي رجل سيقترب منها فاني سالفق له تهمة واحبسه ضاربا بكل حسي العدالي في الحائط .. وقد عايشت ضياء جنون غيرتي في ذلك اليوم .. الذي جئت فيه الى النزل في وقت مبكر وكلي نية ان افاجئها بفطور صباحي يجمعنا قبل ايصالي لها الى عملها .. فطور كنت اريد من خلاله ان اقدم اعتذاري الضمني لانشغالي عنها في قضية منعتني من رؤيتها لاسبوع كامل .. شوق ملأني وانا اتجه نحو باب القسم الخاص بها في النزل وقد تاكدت من ميساء بانها وحيدة بعدما غادرت ميساء المكان مبكرة بحجة وجود بعض الاعمال لديها لتتركني معها ولا تكون كعنصر ثالث معنا .. وهناك .. تفاجأت بكون باب القسم الخاص بهم مفتوح بشكل جزئي مما اثار حفيظتي وخوفي فوضعت الحقيبة البلاستيكية التي كنت احمل فيها طعام الافطار على جانب الباب ودخلت ببطء حذر وعيني تراقبان المكان وتشملانه بنظرة سريعة وصوت نبضات قلبي يقصب برعد خوفه عليها .. وما هي الا ثانية حتى سمعت صوتها وهو يعلو بهتاف فجائي ( هل توقف الماء الان يا جمال )
اسم ما ان طرق مسامعي حتى انقلب رعبي الى غضب جنوني وانا اكمل دخولي بسرعة لتقع عيني عليها وهي ترتدي منامتها وفوقها روب وتقف فوق طاولة متعلقة وقد رفعت يديها نحو خزنة ادركت انها مكان تجمع محابس الماء في النزل وذلك من خلال اعادة قولها بصوت اعلى لما لم تسمع اجابة جمال (جمااال .. هل توقف الماء الان .. هل هذا هو المحبس الصحيح )
اجابة بصوت رجولي جاءت على شكل همهمة من خلف احد الابواب الذي تعرفت على كونه باب للمطبخ (اجل لقد توقف تدفق الماء واخيرا )
كلام اتبعته انا بصيحة احتجاج استنكاري التفت على اثرها ضياء برعب لتواجهني (الله الله .. مالذي يحدث هنا الان )
اجابتني بشهقتها الصارخة (صاائب .. لقد اخفتني يا رجل .. منذ متى وانت هنا )
لم اكن بحالة تسمح لي بالاجابة وانا ارفع حاجبي بسخرية حاقدة (لماذا تسألين يا سيادة الباحثة الاجتماعية .. هل يا ترى انت خائفة من اكتشافي لشيء تتعمدين اخفاءه )
لم تفهم كلامي في البدء وهي تبادلني بنظرة حيرتها قبل تساؤلها اللامصدق (انت حقا لا تعني .. اقصد لا تشك ب .. ياللهي لا يمكن )
كنت بصدد اجابتها بالنفي وقد بدا التعقل بالعودة الي ولكن .. صوت جمال الذي خرج ليسال بدهشة (ما سبب هذه الضجة ) اذهب كل صبري في الهواء وانا التفت نحوه مجيبا بسخرية (اعذرني لاني ازعجتك يا لستاذ .. هل يا ترى قاطعت شي.. )
ولم اكمل مع صرخة ضياء الجنونية وهي تنزل من على الطاولة لتقترب مني (صااائب هذا يكفي الاستاذ جمال هنا ليساعدني ولا يحق لاحد ان يوبخه او يهينه .. وان كان هناك اي كلام تريد قوله فوجه لي )
دفاعها عن جمال استفزني اكثر ولكن ظلمة وجهها وذلك التهديد المرتسم بعينيها اخرساني لوهلة قبل امساكي ليدها وانا اجرها نحو حجرتها هاتفا بجمال (اتمنى ان تخرج فورا وان تغلق الباب خلفك )
واكملت طريقي نحو حجرتها مسيطرا على مقاومتها حتى غدونا لوحدنا وتعمدت ترك الباب شبه مفتوح لثقتي برفضها القاطع لما اقوم به .. قبل التفافي نحوها وانا ابادلها نظرتها الثلجية بنظرة نارية متسائلا ( حسنا .. ومن دون عناد ولا جدال كعادتك اجيبيني فورا مالذي يحدث هنا )
ثورة ظهرت في قعر عينيها وهي تهتف (ما .. ) ولم تكمل صرختها التي قطعتها بدوري بتهديد (ضياااء استغلي فرصتك وابداي بالشرح الان )
ثانية واحدة مرت عليها وهي تتمسك برفضها قبل اخفاضها لوجهها بغيظ مستسلم امام حريق عيني الذي واجهها وهي تجيبني ( لم يكن الامر يحتاج منك لكل هذه الثورة والاهانة وسوء التفسير .. فكل ما هنالك انني كنت اجهز نفسي للمغادرة الى العمل عندما انقطع صنبور الماء في المطبخ ولما لم استطع التعامل معه طلبت المساعدة من جمال لانه كما تعلم يقيم في النزل .. ولذا هو جاء الى هنا مشكورا وبدء باصلاح الخلل بمهارة بالطبع قبل مجيئك بالتاكيد لانك اوقفت كل شيء بصراخك المتهور والمهين .. وهذا فقط ما حدث ياسيادة المدعي العام )
كلامها استفزني لمنطقيته ومع ذلك واجهتها بعناد غاضب ( وهل حقا تعتبرين الامر هينا وبسيطا لهذه الدرجة .. وتعتبين علي تهوري ايضا بعدما رايت رجل في شقتك .. ثم .. ) وصمت وقد زاد مظهرها مراجل غضبي فاشرت لما ترتديه وانا اتمتم بحنق ( مالذي ترتدينه الان امامه .. كيف تخرجين بهذه الملابس )
بثورة مقابلة غمغمت ( في البدء انا لم اخرج فتقنيا انا لازلت في المنزل وبالتاكيد لم اكن ساخرج بهذه الملابس فهي ثياب نومي كما ترى ) واشارت الى منامتها وذلك الروب الذي ترتديه فوقها قبل اتمامها ( ثم كما ترى فثيابي محتشمة والوقت لازال مبكرا ولولا انقطاع خرطوم الماء لما طلبت من جمال ان يدخل الى هنا ليحل المشكلة )
تبرير زاد غضبي فهسست من بين اسناني باسمها ( وتقولينها بصراحة امامي .. ضيااااء افهمي .. فليس معنى صبري عليك بانني ساسمح لغيري بالتقدم نحوك ولا تحلمي ان تتخلصي مني باي طريقة والاهم .. ممنوع عليك طلب مساعدة اي رجل سواي .. هل هذا واضح .. والا فاقسم ان .. )
ولم اتم كلامي وقد اثرت الصمت بايحاء وصلها معناه بالتاكيد مع تغضن قسمات وجهها باعتراض مشاكس وهي تهتف (صائب هل يمكنني ان افهم مغزى كلامك واشارتك هذه .. مالذي تريد الوصول اليه يا ترى ومالذي تبادر الى ذهنك مثلا عندما رايت جمال هنا عندي في الشقة .. هل اعتقدت اننا ..)
ولم تتم جملتها مع مقاطعتي الهادرة (ضياااء اياك ان تنطقيها .. فانا صحيح اغار عليك ولكن هذا لا يعني ابدا انني لا اثق بك .. )
بثورة مشابهة صرخت (اذن مالذي يحدث الان حقا .. لما هذا تحديدا يثير كل جنونك وينسيك حتى اسمك وتصبح في حضوره رجل اخر )
باعتراف حارق متالم هسست وانا اقترب منها بخطوات تهديدية ( لانه الوحيد الذي لا تعترضي على وجوده معك .. الوحيد الذي لا يملك اي عقبات امام تقدمه اليك .. رجل يتيم ومستواه العلمي والعملي مقارب لك وكما انه اعزب ويقيم في نفس المكان .. رجل انا واثق انه يحبك رغم عدم اعترافه لك ورغم انكارك لهذه الحقيقة و ..)
قاطعتني هذه المرة بدورها وهي تتقدم نحوي هادرة ( اهم عقبة يملكها هي انني لا احبه كما انني لا انوي الزواج من احد وايضا .. يبدو ان كل حدسك قد فسد وكل تحقيقاتك اصبحت فاشلة فجمال لا يحبني انا ولكنه يحب ميساء .. وهي بدورها تحبه ولكنها ترفضه لفارق العمر بينهما .. هل ارتحت الان )
اعتراف لم اعلم ما هي حقيقة مشاعري بعده ولكن .. تلك الراحة التي شعرتها وقبضة الانعصار التي كانت تحيط بقلبي ترخي ضمتها لاتنفس بشكل عميق وانا اطلق ضحكة رنانة اثارت جنون ضياء فضربت كتفي بحقد ( هل تضحك بعد كل تلك الفضيحة التي واجهتني بها .. هل حقا لك عين ان تواجهني بعد اسلوبك هذا معي .. ثم ان تدخلك السافر بي يحتاج الى صلاحيات انت لا تملكها بالنسبة لي )
باصرار امسكت بيدها التي ضربتني فيها وانا اجيبها بحزم (بل املكها .. لاني احبك )
ببرود رفعت اصبعها محذرة ( لا تبدأ الان يا صائب بقلب الموضوع وتعمد اثارة حرجي باعترافك المتكرر لي )
بصرامة هتفت وانا انحني نحوها (بل ستسمعين هذه الحقيقة من فمي دائما الى ان تحطمي جدار عنادك .. وقبل ان تتكلمي كعادتك عن امي فاحب ان اخبرك باني اخبرتها عن علاقتنا وواجهت غضبها ورفضها وحتى تهديدها لي بحرماني من رضاها ووجودها في حياتي بكل هدوء واخبرتها بانك تتوافقين معها بالراي وبانني ولانكما اغلى انسانتين في حياتي ساصبر وساظل اثبت حبي لكما الى ان تقتنعا واخيرا بان سعادتي معكما انتما الاثنين ) ثم صمت قليلا امام عينيها اللتان ارتجتا برقة وضعف يسلب لبي قبل قولي بحروف خرجت نارية دون قصدي ( وايضا .. لا تؤاخذيني على غيرتي ولن اعتذر عنها فانت ايضا تتلظين بنيران الغيرة علي من لميس رغم تاكيدي لك انه.. لا داعي لذلك . لانني .. وبسببك .. لا ارى اي امراة غيرك امامي .. فانتي الوحيدة التي تملا قلبي قبل عيني وعقلي قبل كياني (
كلام تغلغل عميقا معناه بالنسبة اليها وتاكدت منه بنفسها مع مرور الايام والاحداث التي تواترت بيننا .. وبعد كل ما قلته اعتقد انكم تنتظرون مني ترجمة لكل حكايتي مع ضياءحسنا ربما يجب ان اصوغ الامر كالتالي. .. يقال .. ان حب الانسان لنقيضه امر مستحيل وينافي المنطق .. ولكنهم نسو بان الحب اصلا لا يخضع لاي منطق ..وبان هناك شعرة رقيقة جدا تفصلنا عن التطرف بمشاعرنا .. ما بين الكره الشديد .. والعشق الشديد .. 180 درجة هي ما تفصل بين الحالتين .. ولكن .. ان فكرنا بطريقة مختلفة وقلبنا المنقلة الهندسية فسنجد ان الصفر سيحتل مكان 180 درجة والعكس مطابق .. اما الاسئلة التي تواجهنا في مثل هذه الحالات مثل لما احبتها وكيف احببتها وما المميز فيها ومالذي يجمعني بها بصراحة اكتشفت انها اسئلة عبثية .. فعندما تحب بحق فانك ستجد نفسك وقد استيقظت يوما على تلك الحقيقة وستفاجأ بان حبها يغرقك من راسك الى اخمص قدميك كما تغرقك كل تفاصيلها .. وبلا اي سبب محدد تجد ان تعلقك بها يصبح اعتياد مؤلم .. وتصل الى فكرة ان حياتك في الاساس قد رسمت خطوطها فقط لتقابلها .. وبانه بظهورها قد اكتملت الصورة امامك .. بل انني شعرت في الكثير من الاحيان باني قد اصبحت مدعي عام وبان ضياء قد سجنت فقط لكي نتقابل في النهاية .. رغم انني في احلامي السابقة لم اكن اتخيل نفسي يوما باني ساقع بحب شخص بهذه الطريقة خصوصا مع طبيعة شخصيتي العملية والحادة والقاسية ..ولكن .. ومع تطبيق مبدا المصادفة ستترتب الاحداث في حياتك بشكل قدري لا تتخيله لينتهي الامر بك وقد نفذ القدر وتكتشف بعدها بانك كنت تحتاج لنقيضك ليعدل افكارك الخاطئة كما يحتاجك هو لتعدل من اسلوب حياته المنحرف عن الصواب .. وهكذا يكون في الاجتماع مصلحتنا ويصل كلانا للتغير الى الافضل .. او الاسوء في بعض الحالات .. هذا فقط ان اردنا التغير بالفعل والتطور.. وهذا بالضبط هو ملخص حكايتي مع .. ضياء ..
والان .. وان سالتموني عن اكثر شيء مميز في علاقتنا فساخبركم بامور متفرقة .. فمثلا كم اشعر بالسعادة وانا اراها تنظر الي بهذا الفخر عندما احل اي قضية واخبرها بتلك الخطوات التي اتخذتها لتنفيذ الحكم .. ليس وكانني اهتم بنظرات الناس لي او اقوم بما اقوم به لاحصل على الاعجاب ولكن .. هي غير ..هي كنت اعشق نظراتها المعجبة بي .. كنت اعشقها كرجل يعشق امراة ويبحث عن رضاها كالطفل الصغير .. رجل يشعر بقمة السعادة وهو يرى انعكاس نفسه في عيني حبيبته .. كم كنت اعشق طريقة حبها لي .. مستعدة ان تحرق الكون من اجلي ولكنها تخجل حتى من كلمة غزل اقولها لها .. تشعر بانها لا تستحقها وليست هي اهل لها .. رغم اني قد عجزت وانا افهمها بانها مجرد مخطئة تابت وانتهى وهي الان انقى من الثوب الابيض بعدما دفعت ثمن خطئها ..استسلامها الكامل امامي وثقتها العمياء بي كم كنت اذوب فيهما .. ما ان انظر الى عيناها حتى ارى نفسي كرجل .. رجل مهيب رائع لا مثيل له في كل هذا الكون .. رجل تمده هي بالقوة ليستمر واقفا وصامدا .. لقد فهمتني .. كما لم يفهمني اي احد .. فهمت طريقة تفكيري .. وتقبلتها .. ببساطة .. كانت نصفي الثاني الذي كنت ابحث عنه طويلا .. ووجدته .. ولهذا لن اتخلى عنها ابدا مهما طال الزمن ولن اكل او امل حتى اجعلها زوجة لي وان وصل عمرنا الى السبعين عاما فساظل اطلبها وساظل اخبرها باني احبها .. فالحب بالنسبة لي لا يعني التخلي بل التمسك .. انها امراة مستعدة ان تفديني بروحها دون ان تفكر لثانية فكيف اتخلى عنها اذن .. خصوصا بعدما قرات مرة قصاصة كتبتها عني .. قصاصة لا انسى ابدا اي حرف فيها ( دوما ما كانت يداه هي من تحتويني قبل سقوطي .. دوما ما كان وجوده كالضياء الذي يشتت الظلمة التي كانت تغرقني في بعض للحظات .. كان السند والامان اللذان بحثت عنهما طويلا .. لقد بعثه الله لي ليمنعني من الخطأ مرة اخرى .. ليعيدني الى الصواب .. ليرشدني الى هدفي .. بعثه لي كعوض استغنيت به عن كل الدنيا بمن فيها .. كان دعائي المستجاب .. وعدلي الذي سالت عنه )
كلمات عنت لي الكثير فهي استسلام من امراة تملك العنفوان والكبرياء ومع ذلك تعتبرني انا كنزها .. .اخيرا .. مالذي سافعله لاحصل عليها .. ساصبر على امي وابنتي وعليها الا ان يفهمو بان حياتي لن تكتمل الا بها .. لن اعاديهم .. ولن اجادلهم .. ولن اقطع علاقتي بهم .. فقط .. ساستغل نقاط قوتي واصبر وكلي ثقة من ان حبهم لي سيجعلهم يستسلمون لي .. وعندها .. لن يهمني المجتمع باسره مهما قال او فعل .

…٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
الخاتمة ...
اغلقت وداد المذكرات بتنهيدة طويلة بعدما انهت قراءتها .. مجهود استنفذ كل طاقتها وقد شعرت بانقطاعها عن الدنيا وهي تغرق بتفاصيلها .. احداث لخصتها ضياء في تمهيدها الذي كتبته والذي من خلاله اجابت ايضا على فضولها .. فبعد مرور عامين لايزال صائب على ما يبدو صامدا ويحاول اثبات حبه لضياء التي لا تزال على عنادها ورفضها النابع من عشقها له وخوفها عليه من ان تمسه نسمة سوء بسببها .. قصة حب قد تكون اعتيادية او حتى مكررة ولكنها مع ذلك صادقة وتمثل مبدأ لا تعلم ان كان لا يزال سائدا ام انه تغير في زمن المصالح هذا .. مبدأ قراته في احد الكتب .. ( لو سالتني عن الحب لحدثتك عن انه كيف يحول شخص واحد فقط .. بكلمة واحدة .. حياة شخص اخر من العدم الى الوجود .. وكيف يعيد له ضحكته ولمعة عيونه وشعوره بالرغبة بالحياة )
حقيقة تمثلت في قصة ضياء وزيد وصائب .. فالحب جعلها قاتلة .. ثم .. داوى جرحها واعادها الى الحياة بعدما طعنها .. وهكذا كانت نهاية جريمة قلب ضياء ..نهاية هي بحد ذاتها بداية لامل سيجمعها يوما مع صائب عندما تتلائم ظروفهما باذن الله .

اتمنى من قلبي ان استمع الى اراء من قرأ النوفيلا ونصائحهم




حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-09-20, 10:09 PM   #24

حزينة جدا

? العضوٌ??? » 365994
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 209
?  نُقآطِيْ » حزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond reputeحزينة جدا has a reputation beyond repute
افتراضي

نوفيلا رائعه وترابط ممتاز للاحداث والنهايه منطقيه أتمنى لك مزيد من التقدم والنحاخ

حزينة جدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-09-20, 11:27 PM   #25

حديث الذكريات

? العضوٌ??? » 343359
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 322
?  نُقآطِيْ » حديث الذكريات is on a distinguished road
افتراضي

روايه جميله جداااااا بالتوفيق ان شاء الله

حديث الذكريات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-09-20, 11:01 AM   #26

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تم تمييز النوفيلا وتثبيتها بتميز اسلوب كاتبتها اسلوبا وطرحاً

الف مبروك ونتمنى لك دوام التميز ونرجو أن يعجبك الغلاف الاهداء من احدى مصممات فريق وحي الاعضاء



اشراف وحي الاعضاء






قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 27-09-20, 01:55 AM   #27

Rima08

? العضوٌ??? » 410063
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,391
?  نُقآطِيْ » Rima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond reputeRima08 has a reputation beyond repute
افتراضي

فعلا نوفلا رائعة والعضة بها كبيرة الف شكرا حبيبتي

Rima08 متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-20, 06:20 PM   #28

funy19

? العضوٌ??? » 36652
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 3,009
?  نُقآطِيْ » funy19 is on a distinguished road
افتراضي

Thaaaaaaaaaaaaaaaanks

funy19 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-10-20, 04:41 PM   #29

فوفومون
 
الصورة الرمزية فوفومون

? العضوٌ??? » 336859
?  التسِجيلٌ » Feb 2015
? مشَارَ?اتْي » 592
?  نُقآطِيْ » فوفومون has a reputation beyond reputeفوفومون has a reputation beyond reputeفوفومون has a reputation beyond reputeفوفومون has a reputation beyond reputeفوفومون has a reputation beyond reputeفوفومون has a reputation beyond reputeفوفومون has a reputation beyond reputeفوفومون has a reputation beyond reputeفوفومون has a reputation beyond reputeفوفومون has a reputation beyond reputeفوفومون has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رررررررررررائعه بمعنى الكلمه ولاتجد كلمات لوصف جمالها شكرا غاليتي واتمنى لك المزيد من التمييز امممممممواه

فوفومون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-20, 06:13 AM   #30

فرتون

? العضوٌ??? » 480710
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 170
?  نُقآطِيْ » فرتون is on a distinguished road
افتراضي جريمة قلب

روايةرائعة شكرا

فرتون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:46 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.