آخر 10 مشاركات
354 - نشوة الانتقام - مادلين كير - روايات احلامى (الكاتـب : samahss - )           »          الانتقام المُرّ (105)-قلوب غربية -للرائعة:رووز [حصرياً]مميزة* كاملة& الروابط* (الكاتـب : رووز - )           »          جمرٌ .. في حشا روحي (6) .. سلسلة قلوب تحكي * مميزه ومكتملة * (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          قيود العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : pretty dede - )           »          2- مرارة الإنتقام - روايات رومانس** (الكاتـب : Just Faith - )           »          دانتي (51) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الثاني من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة.. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          عــــادتْ مِنْ المـــــاضيِّ ! (1) * مميزة ومكتملة *.. سلسلة حدود الغُفران (الكاتـب : البارونة - )           »          دموع تبتسم (38) للكاتبة: شارلوت ... كاملة ... (الكاتـب : najima - )           »          [تحميل] سارق قلبي منذ الصغر ، لـ بوح ميمm (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree532Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-05-21, 09:05 AM   #31

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




بسم الله

الجزء السابع والعشرين
__

أَتُرَاكَ تَدْرِي يَا سُطُورَ حِكَايَتِي
وَعَلِمْتَ مَاقَدْ ضَمَّهُ وِجْدَانِي
قُل لي بِرَبِّكَ هَلْ عَدَلْتَ بِقِصَّتِي؟
إِنَّ الهَوَى وَالحُبَّ هَدَّ كِيَانِي


ديم جلست بهدوء وسألت: يمه وشفيك؟

لم تنتبه انها كانت تبكي حتى سمعت ديم، قالت تضيع سؤالها: مانمت؟

ديم: كنت أقراء وردي.

عزيزة: تعشيتوا؟

ديم: ايه

تعدلت بجلستها لتنهض قبل أن تعيد سؤالها لكن ديم سبقتها: ليش تبكين؟

احتارت عزيزة هل تجيبها وتتسع رقعة الخلاف بين بناتها أم تكتم كعادتها وتمرر

ماحدث، انتبهت لديم تراقبها فوقفت وردت: مافي شيء.

ديم بحدة: قسم بالله يمه ان طلعت وما قلت وش فيك لا الحقك لغرفتك ولو يصير اللي يصير.

عادت تجلس وبكل استسلام أخبرت ديم ماحدث مع ليال، ديم نزلت دموعها رحمة لأمها وقهر من ليال

وعلقت: مهب صاحية أبد، الحيوانة ذي وش جايها تسوي كذا.

عزيزة: وش ما جاها بنتي ياديم؟ من طلعتها على الدنيا وهي منحوسة.

ديم: بس خلاص تراضيتوا وزان حالكم، ليش تقلب عليك وعلينا.

أخذت نفسا عميقا وردت: تقدريين تلومينها وحنا ماحضرنا زواجها ولا وقفنا معها؟

اتسعت عيون ديم وبانت الدهشة والتساؤل في كل جزء من وجهها وقالت: وشلون ماحضرت زواجها،

طلعت من العصر قبل الزواج بيوم وليلة ورحت للبيت، كنت أظنك معها وين رحت يمه؟؟؟؟

*

جود كانت مستيقظة لحظة دخول أمها وظلت تسمعهم حتى سؤال ديم الحائر والذي كان عسيرا على

عزيزة الإجابة عليه.

جلست وردت عن أمها: بعد ما طلعنا من غرفتك امي طاحت عند الأصنصير.

سقط قلب ديم في أعماقها وسألت: تكلمي جود وش صار ونا مادري.

جود طالعت أمها تستاذنها لكن عزيزة لم يبدو عليها الاهتمام بشي، نهضت وتركتهم وجود قصت على

ديم ماحدث: امي كان ضغطها مرتفع مرة بس اهملته وقت تعبك وبعد ماطلعنا منك مادري وش جاها

وطاحت قبل مانركب الأصنصير.

نزلت دموعها وهي تتذكر خوفها على أمها ورعبها وهي ترى الدم يخرج من أنفها بغزارة وعدم

معرفتها كيف تتصرف: قعدت اصرخ بين الناس ياديم، انجنيت ونا اشوفها تنزف، واجتمعوا الممرضات

علينا والدكاترة واخذوها للطواريء وقعدنا من العصر وطول ذيك الليلة بالطواريء

امي قالت ضغط شوي وبينزل لا تعلمين احد مابي أروع ليال واحوسها بيوم زواجها لكن اللي ماحسبت

امي حسابه الضغط استمر طول الليل ولين بكرا الضهر وهو مرتفع.

أخذت منديل ومسحت دموعها وأنفها وقالت: يوم شافت امي انه مافي فايدة وقعت خروج على

مسئوليتها ورحنا للبيت ومالقينا ليال، تخيلي سوينا مكايجنا أي كلام وطلعنا نركض للقاعة وطول

الطريق ونا حاطة يدي على قلبي خايفة عليها ماصدقنا نوصل من الزحمة، امي سيدا راحت عند على

ليال وكان محمد توه داخل مع ابوه ونا لقيت كوافيرة ليال بتطلع مسكتها وخليتها تعدل شعري

ومكياجي.

وتغيرت لهجتها وبان فيها الضيق: أول ماخلصت دخلت على ليال ولقيتها زعلانة وماردت علي والى

يومك وهي ماترد علي.

زفرت ديم بضيق، صرخت بليال ذاك اليوم وقست عليها ظنا منها أنها تتدلل وتتلائم معهم، لا تلومها ولا

تلوم أمها المسكينة ابدا.

ديم: ليش ماعلمتين الله يهديك.

جود: مادري عن امي قالت مايسوى نضايق احد باللي صار وليته فاد، اول ماخلص العرس وطلعوا

الناس، امي نورة ماخلت شي ماقالته لامي عشان تاخرها وخالاتي نفس الشي،

قاطعتها ديم بغضب: ليش امي تسكت؟

جود: وقتها كانت امي تعبانة ياديم، دخلت عليهم هي وليال ومادري وش تكلموا فيه بس وجهها كان

مره متأثر، مادري وشلون طلعت للناس وابتسمت وتجملت بوجيههم، بس بعد ماطلعت امي نورة اخر

الليل علمت خالاتي بطحيتها.

ديم مسحت وجهها وضغطت أصابعها بعيونها وجود تكمل: عشان كذا ماتحملت امي وهي تترجاها تنام

ورديت عليها بس شفت وشلون هجمت علي ماتوقعتها شايلة لهادرجة علي.

ديم: تلومينها ياجود؟ حطي نفسك مكانها امك واختك مايحضرون زواجك الا ااخر الناس حالهم حال

الغريب.

جود: عاذرتها ياديم، بس كلامها مرة يوجع كنها صدق تكرهني.

ديم بمحاولة للتخفيف عنها: تعرفينها ليال اذا عصبت ماتشوف اللي قدامها، بكرا ان شاء الله تزين

الأمور.

جود: وين تزين واللي سوته بامي تو.

ديم: مالك دخل ياجود وما كانك سمعت شي، ترا امي بتتعب اذا استمرت المشاكل بينكم.

جود وقالت: ومن قالك ابيها تستمر بس قهر ياديم تزعل من كذا وش سويت؟

واستلقت وهي تعلم أن ديم لا إجابة عندها، ديم أمرتها: لا تنامين قومي شوفي امي قلبي معها.

غادرت جود الى غرفة أمها فوجدتها تصلي وحين دخلت أمرتها أن تخرج لتكمل صلاتها.

*

كل وعودها وعهودها طارت كأوراق جافة وسط عواصف هوجاء وكما توقع كانت تهادنه ظنا منها أنه

سيلهى عنها وسينسى لكن بعدما اكتشفه أصبحت دقائقه وساعاته معها معدودة ولم يعد يفرق معه

أخطائها كثرت أو قلت، كان فقط يريد التأكد حتى لا يظلمها ويندم وأن لايدع إمكانية لتكرار الخطأ

وسوء الظن.

أحضرت صينية القهوة ونظرت إليه بحنق وهي تراه يعبث بهاتفه، سألته: من تكلم؟

قلب شفته بلا مبالاة ووضع هاتفه على الطاولة قائلا: أراسل مجيد يشيك على أوراق مهمة وصلت والا

لا.

أخذ الفنجان منها وقال: أروى ال... هي للحين صديقتك؟

وأكمل متجاهلا نظرة الشك في عيونها: أمس جاني بالمكتب واحد اسمه راشد ال

وكأني اذكر صديقتك لها اخو اسمه راشد بس مادري للحين انت وياها والا افترقتوا.

عبير انزلقت بغباء وأجابت: ايه أروى للحين صديقتي اقرب وحدة لي هي.

سلمان: تتوقعين راشد هذا اللي جاء لمكتبي اخوها؟

عبير بحيرة ردت: له اخو اسمه راشد بس وش يجيبه لك يعني هو موظف بسيط بالشئون البلدية.

سلمان تأكد من كل شكوكه فهو عندما سأل راشد عن سواقه أخبره أنه بإسمه لكنه حقيقة سواق أخته

أروى، وهاهو تأكد من صداقة أروى مع عبير أي أن الأمر لايمكن أن يخرج من شخص آخر غير

عبير.

وعينه ثابته في عينها أجاب: يمكن اني انا اللي جبته عشان أسأله عن شريحة سواقه كيف وصلت

لصور أهلي.

ارتجف الفنجان في يد عبير، وضعته بسرعة على الصينية وقالت محاولة استدراك ردت فعلها التي

انكشفت أمام نظرات سلمان: أي صور؟

سلمان ابتسم بأسى وقال: انا رفعت شكوى بالمحكمة ضد صديقتك وبكرا بحققون معها وبيجيبونها

وبنشوف وش سالفة الصور.

نهض ليغادر لكن عبير أسرعت تمسك يده وقالت تترجاه: اسحب شكواك ياسلمان تكفى أروى مالها

دخل.

دفع يده عنها وقال: ادري ان البلا كله منك فتكلمي احسن لك، والله العظيم ياعبير ان كذبت كذبه وحدة

لا اطلع وما يردني عنك الا السجن والفضيحة.

جلست تسترد أنفاسها، كل الطرق مغلقة أمامها وليس أمامها إلا المشي بطريق الإعتراف أو السجن،

سلمان صرخ فيها: تكلمي وش دخل ليال، ليش تبليتيها؟

عبير سالت دموعها مع حروفها وهي ترد: سمعتك تكلم امك عشان تخطبها لك، حبك اعمان ياسلمان و

أمرها بحدة: اختصري.

عبير: اخذت الجوال من أروى لهاشي بس كنت اننتظر فرصة ومرة سمعت عمتك

وهي ماتدري اني برا تقول لروان انها مخطوبة لمحمد وشفت روان تدخل دورة المياة وتحط شنطتها

على الطاولة، ورحت بسرعة لغرفة ربى وأخذت جوالها كانت نايمة ونا بطريقي أرسلت كل الصور

لجوال روان وأخذت جوالها من شنطتها وأرسلت كل الصور لجوال السايق وبعدها بكذا يوم ارسلتهم

لعمتك عزيزة على امل انها اذا شافت الصور والمحادثات بتخاف وتعجل بزواجها من محمد وهذا اللي

صار.

سلمان بذهول من مكيدتها: طيب ليش روان ليش مارسلتيهم من ربى او نهلة.

عبير اعترفت مكرهه: لانها تكره ليال واذا انكشفت الكل بيصدق فيها عكس لو أرسلت من جوال خواتك

الكل بيشك وخاصة انت...

اكتفى من سماعها وشعر بالقرف يمللأ روحه، ضحك بشماته وقال: قلت ماحد راح يدافع عنها وسبحان

الله طحت باللي تبليتيها وزوجك هو بنفسه طلع برائتها.

عبير تدافع عن نفسها ردت بقهر: أنت السبب

سلمان قطع ماأرادت قوله: صادقة انا السبب مافهمت وش نوع الشياطين اللي ساكنه معي.

أخذ هاتفه ومشى نحو باب الصالة: اذا جيت ولقيتك فيه القضية بتمشي، لكن اذا طلعت وقصرت الشر

بسحب القضية،

وقبل أن يخرج التفت نحوها وقال: انت طالق.

خرج منها وتوجه مباشرة الى بيت عمته، كلمها قبل أن يصل وقال: روان دقايق واجي، افتحي الباب.

روان اشتعلت خوفا من لهجته، هل يعلم بعدم وجود أمها وجاء ليؤذيها، لا تأمنه أبدا ولا تامن تقلباته

معها وظنونه ضدها خاصة وهو يكلمها بهذه الحدة.

طرق الباب وقالت: من؟

سلمان بضيق نفس رد: افتحي.

فتحت وحين رات ملامحه المكفهرة، عرفت أنه يحمل مصيبة وارتجفت كل حواسها.

سألها: وين عمتي؟

روان وهي تضع يدها على جبينها تقي نفسها من أشعة الشمس وقالت: طالعة.

سألها وهو يتوجه للصالة: وشلونك؟

هل أتى بهذه الملامح حتى يسأل عن حالها، ردت: سلمان وش فيه.

رد: طلقت عبير.

اتسعت عيناها: طلقتها ليش؟

وضاق قلبها بغرابة، صحيح لا تحمل نحوها أي مشاعر لكن شكت أن الطلاق بسببها ولا تريد أن ينهدم

بيت بسببها.

سلمان: هي اللي أرسلت صور ليال.

روان بدهشة: صور ليال؟ ليش طيب؟

سلمان أخبرها بكل شيء وكيف سمعته عبير يطلب من امه خطبة ليال وكيف حاكت كل شيء بحيث لو

انكشف الأمر تكون روان الفاعلة.

روان بعدم تصديق: مو معقول.

سلمان: واجهتها قبل شوي وماقدرت تنكر يوم هددتها اني برفع قضية باسم الكفيل اللي جاء منه رقم

السواق، خافت تنفضح واعترفت بكل شي.

روان: امي تدري؟


سلمان: ايه وكل عماتي يدرون، انا علمتها أول ماتوصلت لرقم صديقتها وشكيت بعبير، بس كانوا

ينتظرون أتاكد لانه مستغربين ليش تتبلى ليال وهو مابينهم مشاكل، توها معترفة وجيت هنا علطول.

روان همست بفرح: الحمد لله.

ثم نزلت دموعها ولحظات حتى انفجرت ببكاء شديد، سلمان اقترب مستغرب وسألها: خلاص ليش

تبكين؟

روان: عشت كل هذي الأشهر خايفه ياسلمان انه يتكرر اللي صار مع وحدة من البنات ويتهموني ثانية،

كنت ادري انهم شاكين بي وخاصة خالتي عزيزة وبناتها لان مافي غيري قدامهم، خفت قوة.

ابتسم وضمها إليه وقال: خلاص مافي شي تخافين منه وأي احد يحط عينه بعينك افقعي عينه.

كانت تعرف أنه يمزح، بالتأكيد لا يقصد تحريضها على أمها خالاتها، ابتسمت وقالت بإمتنان: مشكور

سلمان لولاك ماحد راح يدري اني مظلومة.

سلمان بامتعاض: وش لولاك ذي، الفضل لله قبل كل شي.

استغفرت وكررت: الحمدلله الحمدلله.

كانت تريد أن تشكره أكثر لكنها لم تعرف كيف، تأملته بسعادة وأمل أشرق في داخلها وهو يرد على

مكالمة أبيه ويرد على استفساره عن طلاق عبير الذي وصله بعد مكالمة منها.

سمعت صوت الباب فأسرعت بفرحة سجين فتحت له أبواب الحياة تستقبل أمها وتخبرها بما حدث.


*

كانت آخر من دخل الحفل تقريبا، اتجهت نحو غرفة الزينة تأكدت من وزينتها وأعادت بعض اللمسات

ثم دخلت إلى القاعة الجميلة.

انتبهت للنظرات والهمسات التي تحولت لها، مشت بثقة تبحث عن أهلها ووجدتهم متحلقين حول جدتها

أخر القاعة قريب من كوشة روان، ردت على إشارة سما لها وتوجهت نحوهم.

سلمت على جدتها مطولا كأنها تريد الإختفاء تحت كتفها خجلا من مواجهة أمها، تركتها مرغمة

وسلمت على خالاتها الجالسات على نفس الأريكة وانكسرت عينها

عندما جائت بعين أمها، سلمت عليها مع ام سلمان وباركت لها وأخيرا سلمت على البنات ومعهم جود

ثم ذهبت تجلس عند جدتها.

سألت عمتها مها: ماجت سارة؟

مها التفتت حولها وقالت: كانت هنا مع البنات قبل شوي.

تفرق الجميع مها ذهبت لجناح روان وام سلمان ذهبت مع أهلها، والبنات ذهبن للرقص أو مع

صديقاتهم، لمحت سارة فأشارت اليها وقالت لجدتها: تبين شي يمه بروح لسارة.

ام علي نظرت إليها بحنو وقالت: لا يانظر عيني روحي استانسي مع صديقاتس.

ذهبت مع سارة وبعد فترة اطفئت الأنوار وتركزت اضاءة قوية عند مدخل القاعة وتغير الدف لأبيات

شعر بإلقاء جميل مع خلفية موسيقية استعدادا لزفة روان.

انتهت الأبيات وارتفعت وتيرة الموسيقى بتمازج ممتع مع الإضاءة الراقصة ثم فتح الباب وخرجت

روان بطلة مبهرة.

مشت تتهادى حتى وصلت كرسيها تستقبلها أمها عند درج الكوشة، مها كانت بصعوبة تحاول مسك

دموعها وهي ترى نظرات ابنتها المحتارة والخائفة.

طيلة الوقت كانت مرعوبة وتنتظر نهاية الزواج بسلام خوفا من ان تفعل عبير شيء لابنتها، تسخر

من افكارها لكن من تستطيع فعل كل تلك الحيل قادرة على فعل اكثر، ومن لا يخاف الله احذر منه.

جلست روان وفتحت الانوار وعاد الجو للهدوء مع أغاني المطربة ورقص البنات.

تأملت خالتها وقالت: وش جزمت عليه وين تروحين؟

اليوم ستذهب مها مع أبيها للفندق وغدا سيسافرون وهي ستذهب الى بيت عمتها حتى عودتهم بعد

اسبوع، تنهدت وقالت: بروح عند عمتي مريم، هي الوحيدة من عماتي وخالاتي اللي مو متزوجة،

وابوي متضايق يقول مو متزوجة بس عندها عيال كبارين يبين اروح عند احد من عمومتي.

ليال: حمارة كم مرة قولك تجين عندنا واجي انا معك، بيتنا مافيه رجال ولا عيال.

سارة: اعرفه ياليال ماراح يطيع بس بضيق صدره عالفاضي.

سكتت لحظة وكملت: بعدين انت ماقصرت ياقلبي بتاخذينن للكلية وترجعين، طيحت عن هم وش كبره.

ليال: لا تنسين تعطينن جدولك حتى اعطيه سليم.

سارة: مو لازم يجي بنفس الوقت اهم شي يوديني عادي لو بدري حتى مايتعارض مع جداول امك

وجود.

لم تفكر بهذه النقطة لانها حتى الآن ما ستأذنت من أمها، تأخرت بإخبارها ومتضايقة أن تطلب منها هذا

المعروف لكن من أجل سارة ستتنازل.

ليال: مو مشكلة بسأل امي واعلمك.

قامت مع سارة يسلمون على روان، وأكملوا جلستهم مع باقي البنات ومعهم جود التي جلست قليلا بعد

حضورهم ثم انسحبت وذهبت عند أمها.

جاء وقت مغادرة روان، ودعوها ومشت معها مها حتى البوابة الملحقة بغرفة العروس، ابتسمت روان

لأمها بحزن وقالت: مع السلامة توصين على شي يمه؟

موقف غريب وفراق حزين كأنه مخاض لحياتين جديدتين، بعد سنوات من العشرة تنفصلان هذه الليلة

ولكل واحدة منهما حياة جديدة تختلف عن سابقتها.

حاولت أن تختصر حتى لا تتأثر ابنتها: ابيك تنتبهين على نفسك وكل يوم كلمين، انتبهي لنفسك ياروان.

روان تقدمت وضمتها: سمي ياقلبي، ادع لي يمه.

ضمتها مها بقوة حاولت السيطرة على نفسها وبصعوبة انتزعت نفسها وقالت: اطلعي ياعيني لا

تتأخرين على سلمان.

خرجت روان لسيارة سلمان التي تنتظرها وعادت مها عند أخواتها بعيون شديدة الإحمرار.


*

ذهبت عند أمها لتطلب منها سليم، وقبل جلوسها نهضت جود وتركتهم وحدها

جلست ليال مكانها تراقب ابتعادها وقالت بسخرية: حركات جود اذا جيت تبعد.

نظرت اليها عزيزة بهدوء وردت: على حد علمي انك ماتبينها ولا تبين اللي يجي منها.

ليال: مشكلة الناس المدلعة ما تتحمل أي كلمة.

عزيزة: المشكلة بطبيعة النفوس مو بالتدليع فيه اللي اذا دلعتيه أكرمك وحطك فوق راسه وفيه اللي اذا

دلعتي ركب راسك وتلائم معك.

ليال: والله ماعرف الدلع ولاعرف وش تقصدين.

عزيزة كانت ماتزال متأثرة بكلمتها معها في سيارة محمد ردت: زين انك ماتعرفينه مانت كفوه.

ليال صدت عن امها تطرد الدمع الذي تجمع برمشها، تمالكت نفسها وقالت: ابي طلب منك حاجة؟

عزيزة كانت سترد بقسوة لولا أنها رأت عمق الوجع بنظرات ابنتها، ندمت على كلمتها واحتارت كيف

تتعامل معها، لا تسمح باقترابهم ولا تتركهم يبتعدون.

تنهدت وردت: وشتبين.

ليال: ابي سليم يودي سارة للجامعة الأسبوع الجاي.

بان على وجهها التفكير ثم قالت: زين عطين جدولها.

ليال: عندها الاثنين اوف وباقي الأيام تقول مو مشكلة تروح بدري حتى يتفرغ يوديكم.

عزيزة: ليش تروح بدري، عطين جدولها انا ارتبه مع محاضراتي وادبر جود.

ليال نهضت: الحين أسألها.

عزيزة أسرعت تمسك يدها وقالت: وبس قضت الحاجة؟

تعليق أمها كان ساخرا وناقدا أنها جائت لمصلحتها ثم ذهبت ما ان انتهت منها.

ليال قست نظرتها وردت: ايه قضت ولو هي لي ماطلبتها.

اقتربت منهم امرأة بنهاية الإربعينات ابنة عم امها فاضطرت للوقوف مع أمها والسلام عليها.

فاطمة ابتسمت وقالت: ماشاء الله ياعزيزة بناتك كل وحدة تقول الزود عندي.

أكملت وهي تنظر لليال بإعجاب: الله يسامحك بخلت علينا بهالزين.

التفت يد عزيزة على خصر ليال وقربتها لها بخوف وحماية غريزية لم تفهمها أي منهما، ردت

بإبتسامة مجاملة: الزين بكل مكان يام سلطان.

دائما تشعر بتضايق أمها من فاطمة، شيء غير مريح فيها وفي تملقها ونظراتها الغائرة، شعرت بتوتر

أمها وهي تشد على خصرها دون أن تحس.

ام سلطان: عاد انا جاية عشان هالمرة جود وان شاء الله بتسمحين لنا به والله مو عشانه ولدي يا ام

ديم بس سالم رجال وموظف وتوه مترقي، غير عن اخوانه

هل جود ايناء تسمح به؟ وهل هذا مكان مناسب لخطبة؟ عزيزة كادت تنفجر وبان الإحمرار في وجهها.

تجملت بإبتسامة صبورة وقالت تقطع استرسال المرأة: جود صغيرة توها بأول جامعة.

أم سلطان ونظراتها لا تزال على ليال: قلت لنا هالكلام مع اختها وهذاها تزوجت بالجامعة وماعندها

خلاف.

اشتعلت قلب عزيزة خوفا عندما استشعرت حسدا خفيا بين حروفها واكتمل ضيقها عندما لمحت جود

قادمة باتجاهم، سلمت على فاطمة وابتسمت لمدحها المبالغ فيه وقالت: يمه خالة فايزة تقول تعالي

عندهم.

عزيزة: زين شوي واجي وانت ليال روحي لهم.

غادرت جود وليال كل في طريق، ام سلطان ما أعجبها تصريف عزيزة لبناتها وقالت: ياحليكم يا بنات

عمي حمد بتلتوا صاكين على أنفسكم وماتبون غير بعض.

ثم كانها انتبهت لقوة كلمتها فابتسمت بتزلف وقالت: هاه وش قلت يام ديم؟

عزيزة ردت بحزم دون أن تعدها: عن اذنك ياام سلطان بشوف امي.


***

بعد العشاء بدأ الجميع بالمغادرة وأول من غادر عمات روان وبناتهم اللاتي التزمن كراسيهم من

دخولهم حتى لحظة خروجهم وكأنهن حضرن رغما عنهن

عزيزة وفائزة جلسوا عند مها التي كانت عيونها تدمع بين فترة وأخرى.

عزيزة: خلاص يامها تراك مصختيها بهالدموع.

مها: غصب علي بفقدها وخايفة عليها.

فائزة: تخافين عليها لو هي رايحة مع رجل ماتعرفه وناس ماتدري وش هم، ما عليها خلاف يابنت

الحلال.

عزيزة: قومي غسلي وجهك وضبطي مكياجك، بتطلعين لابو سارة ما يصير يشوفك كذا.

فائزة حبت تفرفش الجو فقالت: اووووووه أبو سارة وشلون نسيته.

لكن مها ماكانت ابد في مزاج المزح وخاصة انها بدأت تعي اقتراب ذهابها هي أيضا وبدأت تتوتر.

مها: فايزة تكفين مالي خلقك انثبري لو اليوم.

فائزة ضحكت عليها واقتطفت وردة حمراء من الورود امامهم على الطاولة ورمتها على مها وهي

تغني: اسمحي لي يالغرام...

عندما رأت ان فائزة لن تتوقف عن مشاغبتها أخذت الوردة وفتتها ثم أعادت رميها على فائزة ونهضت

لتغسل وجهها وتعيد ترتيب زينتها.

خرجت من جناح الزينة لتجد في وجهها أم سطام ونوال أخوات فهد، أناس

دائما تحمد الله على خلاصها منهم.

كملت طريقها دون أن تعبرهم لولا أن وقفتها كلمة أم سطام: الحين أنت تاخذين لنفسك رجل مو متزوج

وبنتنا ترمينها على واحد متزوج.

كل غضب الدنيا اجتمع فيها لكنها التفتت نحوهم ببرود وقالت: الرجل المتزوج اللي ماعجبك حط لبنتي

مهر ب 11 مليون وطلع اخوك، لو تحفين انت وخواتك ورجالكم ماقدرت تطلعون اخوكم.

أم سطام: ماحط الا النصب ولا دفعتوا ولا ريال وفوقها قطعت خطبة ولدي ببنت اخوي.

مها: لا بالله مو نصب، أبو سلمان راكض بين التجار لين طلع ابوها ولو قالت روان سددوا سلمان

سددها وهو مغمض، لكنها انحلت بالحسنى وسمعة الرجال الطيبة.

أفحمتها مها بقوتها ولم تستطع مجاراتها بافتخارها بأهلها وأخيها، مشت خطوتيين ثم تذكرت شيئا

فعادت إلى أم سطام وقالت: بعدين أي خطبة تتكلمين عنها وانت طول سجن اخوك ما ذكرت روان ولا

سألت عنها، لا انت ولا خواتك ولا بناتكم تستحقون حب روان ولا دمعة من عيونها، الله يرحم من قالها

لا جا العيب من اهل العيب مايعد عيب.

*

لأجل عين تكرم مدينة، جاء إكراما لزوجته وأنسابه فهم من تكفل بالزواج ومصاريفه وحضر توجيبا

وتقديرا لهم.

من النظرة الأولى استطاع تخمين طينة فهد ويبدو أنه أيضا عرفه لأن ملامح وجهه اسودت وبان الغل

فيها.

سلم على سلمان وابوه بارك لهما وأراد المغادرة لكن أبو سلمان حلف عليه أن يقعد حتى العشاء

فاضطر للجلوس حتى تنتهي مها من الزواج ويأخذها معه، بدأ يتضايق من وجودها تحت سقف واحد

مع طليقها حتى وان كان منفصلا.

خرج من دورة المياة ووقف يغسل يديه وحين رفع رأسه رآه ينظر إليه من الخلف وابتسامة صفراء

متشفية تطل من عينية استغرب منها.

قال: ودي اقولك البركة بس ماتدري وش طحت علييه.

عبد الله عرف أن أفضل داء لمثله هو افحامه، ابتسم ببرود وقال: الحمدلله عارف وش طحت عليه.

فهد بخبث كمل: عاد انا باركت لام روان بس ما كانت متحمسة مثلك.

عبد الله خاف من الغضب الذي بدأ ينتشر في عروقة وقال لفهد: أقول تلايط وضف وجهك انت كفو

تشوف ام روان.

ضحك بعد أن وصل لمتغاه وكمل: ايه كفو مو بس اشوفها، وابشرك انت اللي بتضف وجهك وقريب

بعد، بس ترجع فلوسي وشف وشلون بتبدا المشاكل بينكم، ما خربت علي الا بعد ما خسرت والا انت

مصدق ان بنتها هي اللي شرطت على خوالها يطلعونن من السجن،

وابتسم بمتعة كأنه واثق من كلامه: هذا كله من تخطيط أمها،

اغتاظ من ابتسامة عبد الله المستخفة، ليس بالخصم السهل الذي تمشيه أكاذيب خرقاء، رمى أخر مافي

يده وقال بضحكة وقحة: امانة قلها لاترمي فستانها الذهبي اللي عليها اليوم ابي اشوفه اذا رجعتها

واذكرك بالخير،

ان وقع في يده لن يفلته عبد الله اقسم داخل نفسه، تقدم منه ببطء وفهد عرف نيته فقطع كلامه

واستدار مستليذا بجمع من الرجال الذي يعرف أن سيحموه ان قام عبد الله بحركة نحوة.

*

انفض الزواج أخيرا وودعت أمها وأخواتها وتحت دعواتهم خرجت لحياتها الجديدة مع عبد الله.

سلمت عليه وبالكاد سمعت رده، التفتت نحوه مستغربة صوته الفاتر فوجدت ملامحه لا تقل ثقلا عن

صوته.

دخلا جناح الفندق بعد صمت مقلق طيلة الطريق، عبد الله توجه مباشرة نحو غرفة النوم ومها وقفت

وسط صالة الجناح محتارة ومتوترة جدا من هدوئه وملامحه المنقبضة.

خلعت عبائتها ببطء وببطء أشد طوتها ووضعتها على الأريكة لا تعرف ماذا تفعل، تأملت الجناح ثم

سارت نحو طاولة المدخل ووقفت تنظر الى وجهها وتتاكد من زينته.

خرج عبد الله فالتفتت نحوه بإبتسامة هادئة ولدهشتها تجاوزها دون أن يعبرها أو يرد على ابتسامتها،

وقف عند باب الجناح والتفت نحوها.

سألته بضيق: عبد الله وش فيك؟

سألها أغرب سؤال يمكن أن يخطر ببالها: روان وش كان شرطها بالزواج؟

نظرت إليه مدهوشة والتقطت عيناه ترددها قبل أن تجيبه: شرطت يطلعون ابوها من السجن.

مسك عروة الباب وقال: الحين بجي،

وكانت جملته التالية التي أثارت كل غضبها حين أكمل: غيري فستانك.

لم يكن يعطيها خيار بل كان يأمرها بجفاء، رفعت حاجبيها بإستفهام وكانت إجابته أن خرج مغلقا الباب

خلفه بهدوء مناقضا لكل غضبه.

__

ولذكر الله أكبر

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين..

انتهى..



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 31-05-21, 12:58 AM   #32

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله
__


الجزء الثامن والعشرون

__


انفض الزواج أخيرا وودعت أمها وأخواتها وتحت دعواتهم خرجت لحياتها الجديدة مع عبد الله.

سلمت عليه وبالكاد سمعت رده، التفتت نحوه مستغربة صوته الفاتر فوجدت ملامحه لا تقل ثقلا عن

صوته.

دخلا جناح الفندق بعد صمت مقلق طيلة الطريق، عبد الله توجه مباشرة نحو غرفة النوم ومها وقفت

وسط صالة الجناح محتارة ومتوترة جدا من هدوئه وملامحه المنقبضة.

خلعت عبائتها ببطء وببطء أشد طوتها ووضعتها على الأريكة لا تعرف ماذا تفعل، تأملت الجناح ثم

سارت نحو طاولة المدخل ووقفت تنظر الى وجهها وتتاكد من زينته.

خرج عبد الله فالتفتت نحوه بإبتسامة هادئة ولدهشتها تجاوزها دون أن يعبرها أو يرد على ابتسامتها،

وقف عند باب الجناح والتفت نحوها.

سألته بضيق: عبد الله وش فيك؟

سألها أغرب سؤال يمكن أن يخطر ببالها: روان وش كان شرطها بالزواج؟

نظرت إليه مدهوشة والتقطت عيناه ترددها قبل أن تجيبه: شرطت يطلعون ابوها من السجن.

مسك عروة الباب وقال: الحين بجي،

وكانت جملته التالية التي أثارت كل غضبها حين أكمل: غيري فستانك.

لم يكن يعطيها خيار بل كان يأمرها بجفاء، رفعت حاجبيها بإستفهام وكانت إجابته أن خرج مغلقا الباب

خلفه بهدوء مناقضا لكل غضبه.

ظلت واقفة لدقائق مصدومة ومذهولة من تصرفه وسؤاله، جلست على الأريكة تحاول فهم سبب

العبوس في وجهه لدرجة أنه ما نظر إليها ولا كلمها لكنها

لم تفهم شيئا سوى أنه متضايق من وجودها وأخرج ضيقه من فستانها.

عبد الله توجه مباشرة إلى احدى الكافيهات الموجودة في الفندق، طلب قهوة سوداء وجلس يتأمل

المكان الخالي تقريبا وقلبه لا يزال يغلي من الحرارة والغضب.

وصلت قهوته فأخذ يحركها للحظات طويلة، ماذا يفعل هنا في هذا المكان تاركا مها لوحدها؟ كيف سمح

لكلمات فهد أن تنفذ إليه وتسيطر على أفكاره كان غاضبا من نفسه أكثر شيء لأنه لم يستطع تجاوز

عيني فهد وهما تستلذان بذكرى رؤية مها بفستانها الذهبي.

كيف سمح له أن يذهب بسلامة دون أن يكسر رأسه ويبلعه لسانه؟

تعوذ من الشيطان ونهض، لن يصدقه، مها بأخلاقها لا تفعل مايقول،

لا يمكن أن تسلم على رجل انفصلت عنه وترتبط بآخر وفي قلبها مشاعر نحو الأول، كلا هو يعرفها.

عاد إلى جناحه وحين خرج من المصعد صدع أذان الفجر فعاد ينزل مرة أخرى الى المسجد القريب، بعد

الصلاة سيكون له حديث معها سيصارحها بكلام فهد وسيتفسر كيف رآها.

هو واثق منها لكن بذرة الشك إذا انغرست في قلب الرجل هي أسرع نموا في العالم تسقي نفسها

بنفسها ولا تحتاج لساق.


*

دخل عليها بعد صلاة الفجر وابتسم لها بحنان، لم يتوقعها بهذا القدر من الخجل تتهرب من عينيه

ويحمر وجهها بسرعة حين تقع منه نظرة معجبة، تتصيد كل حركاته وتهرب منها بتوتر يوتره هو

أيضا.

كانت تتحدث مع امها، وبعد لحظات مدت له الهاتف وقالت: ماما بتكلمك.

أخذ الهاتف منها وقال: هلا عمه.

مها: هلا عيني وشلونكم ان شاء الله طيبين؟

سلمان: طيبين الحمد لله بشرينا عنك وشلون عبد الله.

مها بهدوء: الحمد لله، متى بتمشون اليوم؟

تسأل فقط للإطمئنان وإلا هي تعرف موعد سفرهم وعودتهم، أجابها: بعد صلاة الظهر ان شاء الله.

مها بوجع: انتبه على بنتي ياسلمان.

أقلقته نبرة الحزن في صوتها كأن هناك شيئا آخر خلفه، رد عليها بثقه: بعيوني ياعمه.

أغلقت منه مها وارتاحت جزئيا بعد أن اطمئنت على ابنتها، الدنيا بأسرها لا تهم عند ابنتها ودامت

روان سعيدة هي أيضا سعيدة.

وقعت عينها على ساعة الحائط ووجدتها تشير إلى العاشرة والنصف صباحا، عبد الله منذ أن خرج قبل

ساعات لم يرجع ولم يرد على اتصالاتها.

نزلت دموعها بقهر، حزن بطيء وثقيل استعمر قلبها، لاتعرف كيف تتصرف وماذا تفعل، وحيدة وخائفة

في الفندق لا تعرف هل تحقد عليه أم تخاف، هل تكلم أهلها أم تنتظر قليلا.

لكن الى متى تنتظر، كان واضحا أن عبد الله لا يريدها وتركها لتعود بنفسها إلى أهلها.

ثارت أحزانها ودموعها، لماذا يفعل بها هكذا؟

شعور مؤذي بالمرارة والخيبة اعتصر قلبها، عبد الله كان فرحة خبأتها بحرص في أعماقها خوفا من

الأيام والاقدار، لم تستشعرها أو تتذوقها خوفا أن تتسرب منها وتختفي، لم تصدقها وخافت أن تسرف

في شعورها فتنفذ وهاهي الأيام تثبت لها صدق مخاوفها وتسرقها منها في ساعاتها الأولى.

فتحت هاتفها لتكلم أختها، ليس أمامها إلا عزيزة لن تعود إلى منزلها وحيدة ومجروحة بل سوف تبقى

عند أختها وربما تعيش عندها، هذه المرة لن تتحمل فعلة عبد الله، ولن تتجاوزها.

عزيزة كانت عائدة من جامعتها تراسل ليال عن جدول سارة عندما تلقت مكالمة من مها رنه واحدة ثم

أغلقتها.

استغربت، هل غلطت مها بالإتصال بها وأغلقت أم ماذا؟

لم تستطع التجاهل فاتصلت بها وانتظرت مطولا قبل أن ترد مها: هلا.

عزيزة: هلا ياقلبي صباحية مباركة على قولة فايزة.

مها: الله يبارك فيك.

سقط قلب عزيزة وهي تسمع صوت أختها المخنوق وسألتها بشك: وش فيك؟

مها: مافي شي بس التكييف كان قوي وزكمت دقيت عليك بالغلط.

لمها معاناة قوية مع جيوبها الأنفية تتأثر بأدنى درجة للبرودة، مع ذلك ماقتنعت ولا ارتاحت، مها كانت

تجر الحروف جرا كأن هناك صعوبة شديدة تمنعها من الكلام.

سألتها: تبغين اجيب لك علاج ياقلبي.

مها: لا ارتاحي ياام ديم معي علاجي.

استمر التقطيب بوجه عزيزة وخاصة عندما أضافت مها: اذا ما خفيت بجيك.

عندها فهمت أن مها تلمح عن عودتها وأن أمورها لم تمش مع عبد الله.

ردت بحنان طاغ: انتظرك ياقلبي.

ارتاحت لعدم تلقيها ضغط واستفسارات من عزيزة، فهمت عليها وتركتها تقرر متى بنفسها القدوم،

سكرت منها وبمحاولة أخيرة طلبت رقم عبد الله.

عبد الله رفع رأسه مستغربا الإضاءة التي لم تكن موجودة قبل لحظات، شعر بإهتزازت هاتفه ورد على

مها.

سألته: عبد الله وينك؟

رجفة صوتها هزت أعماقه، جلى حنجرته من أثار النوم: بالمسجد صليت الفجر وغفيت شوي، هذاي

جاي.

لا يمكن أن يكون بهذه اللامبالاة، بعدما اطمئنت عليه تحول كل خوفها لغضب كبير وردت: خلك ما باقي

شي ع صلاة الظهر.

نهض متضايقا من كلمتها، خرج الى الشارع وانصدم بأشعة الشمس وفهم سبب سخريتها، فهم أن

غفوته التي ضنها دقائق كانت منذ ساعات.

عاد يفتح هاتفه وهاله عدد المكالمات الواردة منها، أي غباء ارتكب، هل تركها وحدها في الفندق طيلة

ست ساعات؟

شتم نفسه وشتم فهد وهو يقطع الشارع المؤدي إلى الفندق، فتح باب الجناح بسرعة ووقعت عيناه

عليها واقفة عند النافذة تنظر الى السماء أمامها.

أعطته نظرة هادئة وردت بهمس على سلامه وعادت تنظر الى الخارج كأنه لاشي مهم عندها، عبد الله

خلع غترته وفك إزار ياقة ثوبه ووقف قربها.

قال يعتذر: صليت وحطيت راسي على الجدار ونمت ماحسيت بنفسي.

كان جوابها قضمة لشفتها من داخل فمها كانها تمنع نفسها من الكلام، حركة لا إرادية فهم منها عبد الله

مقدار غضبها، لم تنظر اليه مباشرة لكن وجهها كان مرهقا ومثقلا بالوجع يوحي كيف قضت ساعاتها

الأخيرة.

تأمل لبسها بجامة حرير سكرية فضفاضة اخفت جسمها النحيل بعذوبة وجمال.

ناداها: مها.

نظرت نحوه ببرود فمسك يدها وقال: سامحين.

سحبت يدها وجلست على الأريكة ومسحت دمعة من عيونها وحاولت أن تقوي نفسها لما تقول: مافي

شي اسامحك عليه، حنا ببداياتها يا عبد الله اذا انت مو متقبل ...

عبد الله جلس قربها وقاطعها: لا تكملين.

كل هدوئها الذي تتصنع فيه ذاب واختفى امام حدته وقالت بقوة: كيف تبيني افسر طلعتك بأول ليله لنا،

تتعذر بالنوم ومادري ايش، ماراح اسامحك عبد الله تمسكني وانت ما تبغاني، اذا ما تبغاني الحين

تطلقني.

انفلتت منه التهمة التي فشل في ردعها لقوة غضبه من سماع كلمة الطلاق فقال: شفت فهد وتبين

الطلاق صح.

فجأة أصبح كل شيء هادئا، مها طالعته بذهول وعدم تصديق، ماذا يقول، وبماذا يتهمها؟

سألته: وش تقول انت؟ بالله علييك متى شفت فهد؟

أبدا لم يكن في نيته أن يحاسبها ويسألها، كان متأكد من كذب فهد ولكن حين نطقت الطلاق بهذه

السرعة خرج منه الإتهام الذي كان يعبث به.

أخبرها: قال انه شافك وسلم عليك يوم دخل يسلم على بنته، ووصف شكلك ولبسك.

ليس غريبا على فهد هذه الحركة لكن ماوجدته غريبا بحق أن يصدقه عبد الله ويخرج تاركا إياها للقلق

والألم ينهشان فيها، أرادت أن تثأر لنفسها وتنهض وتتركه لأفكاره السيئة، شعرت أنه لا يستحق أن

تخبره الحقيقة وتريحه، لكنها لا تستطيع أن تسمع هذا الكلام عنها وتصمت.

بعد فترة صمت معقولة ردت: انا من طلعت من بيته ما شفته.

نظرت إليه وتابعت: حتى اذا كلمته روان أخليها تطلع تكلمه برا ما طيقها تكلمه قدامي كيف اسلم عليه

واشوفه؟

عبد الله: فاهم من قال لك اني مصدقه.

مها ضحكت وقالت: ماصدقته؟ على أساس اني شفته وابي الطلاق؟

قهره عتابها ولعن فهد في سره ولعن تسرعه وتهوره، وضع يده يعبث بخصلات شعرها الكستنائية

وقال: حرق دمي يوم وصفك.

مها: وعشان كذا طلبت أغير؟

أبعدت يده عنها وعاد الغضب يملئها، فستانها الذي انتقته بعناية من بين أيام طويلة

في البحث وأنفقت فيه الألاف من أجل أن يعجبه لم يحظى بنظرة واحدة منه.

مها: عبد الله انت تزوجتني وعارف اني متزوجة قبلك، اذا بتقعد لي بكل لحظة...

قاطعها: ما كان قصدي يا مها كل هاللي صار، طلعت ع أساس برجع بس اذن ورحت اصلي ومن التعب

طحت وماحسيت بنفسي.

مها: واتهامك تو؟

عبد الله: مو اتهام بس وشلون شافك.

مها دخلت على ابنتها بعد خروج والدها وكان هناك باب اخر الغرفة يفضي الى ممر طويل ثم فناء ثم

قاعة الرجال، كان فهد للتو خارجا بعد سلامه على ابنته ورأت الباب مواربا لكن لا يوجد أمامه أحد ولم

تتخيل أبدا أن تكون هناك عيون تتلصص عليهم هي واخواتها وأم سلمان وبنات أخيها.

خافت أن تشارك عبد الله بأفكارها فهي لا تعرف ردود فعله وقالت: مادري وشلون شافن يا عبد الله

وكملت مقهورة من الحديث عنه: بس انا ما شفته يا عبد الله وأكره سيرته.

هو أيضا يكره سيرته ورغما عنه يناقش زوجته عنه بأول يوم معها لكن مع ذلك ارتاحت نفسه كثيرا

وهو يتأكد من كرهها له.

قال: سامحين حبيبتي، مسكت نفسي عنه وحطيت حرتي فيك والله ماردني عنه الا انت وأبو سلمان

مابي اخرب زواجكم.

اقترب وضمها الى صدره فهدأت مشاعرها وهي تستشعر الصدق في كلامه.

كمل بقهر: الله والعالم اني نظلت نفسي من كثر ما كنت متحمس لهاليوم..

مها ابتعدت عنه لتقف، مسكها عبد الله: وين؟

مها: بكلم اختي عزيزة اطمنها، كلمتها قبل ما تجي كنت خايفة ومادري وش اسوي وقلت لها اني

تعبانة، شكلي روعتها مرة.

عبد الله: الله يهديك.

مها ببطء: وياك.

تنهد بغضب، يعرف أنها لا تزال مجروحة منه لكنها تنازلت عقلا منها وحتى لاتتأثر حياتهم

ببداياتها، وقف: زين انا بكلم سارة وبتروش والحقك.

لحقها بعد دقائق ووجدها أخرجت ملابسه وفوطته ووضعتهم على السرير، أعجبه اهتمامها وابتسم

بدفء وهو يراها تكلم خارجا في البلكونة، وعد نفسه أنه سيمسح خيبتها التي أحدثها بقلبها

وسيجعلها تراه من جديد.


*

اقتلب على سريره وامتدت يده تلقائيا تبحث عنها فقابله الفراغ، فتح عينيه ينظر إلى مخدتها وقطب

جبينه بتفكير عميق أطار النوم منه.

نهض وهو يعرف مكانها، تعدا صالة جناحهم الى غرفة صغيرة تابعة للجناح تضع فيه مصلاها وتهرب

اليها بعد نومه في كل ليلة تقريبا.

فتح الباب ببطء ورأها نائمة تتوسد ذراعها وتتغطى في شرشف الصلاة نومة غير مريحة ابدا لكنها

اريح من سريره الذي تتقلب فيه حتى ينام وتخرج.

أغلق الباب خلفه فانتفضت مرتاعة، تقدم نحوها وسألها: ماعندك سرير تنامين فيه؟

اعتدلت جالسة وضيق كبير يغزوها، ليست فالحة بالكذب فمسحت وجهها وصمتت. محمد تأمل أثار

البكاء في وجهها، أول أيام الزواج ظن بكائها بسبب ابتعادها عن أهلها لكن بعد عودتهم من السفر

تكررت معها هذه الحادثة وهذا ما جعله يشك بشي آخر.

سألها: ليش ما تردين؟

ليال: أقوم بالليل ومابي ازعجك واجي هنا.

محمد بغضب مكبوت: ماتبين تزعجينن وتنامين هنا؟

انخرست ولم تجد ما تقوله.

محمد: بسألك ياليال وردي بصراحة.

رفعت عيونها له فأكمل: أنت متضايقة من زواجنا ومو مرتاحة معي؟

يعرف أنها أجبرت عليه ولم يجد في ذهنه الا هذا السبب، انها لا تريده وغير سعيدة معه، لكن عندما

رأى الإستنكار في نظراتها ارتاح جدا وخفت ظنونه.

ليال ردت: بالعكس محمد انا مرتاحة ومبسوطة معك مرة.

محمد: أجل وش فيك، ليش تقومين وانت تصيحين كل ليلة وتجين تنامين هنا.

عادت للصمت، فمسك يدها وهمس بعطف: وش فيك؟

تلألأت الدموع في عيون ليال وردت: الموضوع ماله دخل فيك محمد، انا اتنبه متضايقة ووقلبي

يوجعني فااطلع من الغرفة أخاف تصحى.

محمد: طيب له دخل بمن؟

ليال: مادري.

في هذا كانت تكذب لأنها تعرف جيدا مالذي تفتقده ويؤلم قلبها، غيابهم وابتعادها عنهم هو ماينخر في

روحها ويذويها، افتقادها لإخواتها وامها هو مايضعف أركانها ويشتت كيانها.

كانت تظن أنها ستنجح في الإبتعاد عنهم وسترتاح في حياتها لكنها فشلت وتعاملت مع فشلها بقسوة

أكثر حتى لا تحن وتتراجع لكن قسوتها ترتد عليها.

وقف وأوقفها معه وقال: اذا قمت متضايقة تعوذي من الشيطان واطلعي صلي ركعتين وارجعي، ابليس

اذا شافك بتصلين كل ما تقومين ماراح يقومك ثانية.

وشدها تنظر إليه قائلا بإبتسامة حنونة: فاهمة.

ليال اسرعت تدخل تحت يده التي امتدت تحتويها وردت: فاهمة.


*

انتشر طلاق سلمان وكان السبب الظاهر أمام الناس أن عبير من طلبت الطلاق وأصرت عليه، بينما

الحقيقة ظهرت فقط بين عماته وبناتهم، عرفوا أن عبير هي اللغز الذي آذاهم وطعن في شرف بناتهم

وأخلاقهم.

ربما اعتقدت عبير أن حدود مكيدتها لن تتعدى زواج ليال واتهام روان لكن أبعاد فعلتها كان كبيرا

وخطيرا جدا على أنفس بريئة لم تضرها بشيء، فبسببها أجرمت عزيزة في ابنتها ومرضت ليال وكاد

عقلها يذهب لولا رحمة الله ثم انتباه عزيزة وتصرفها المبكر في علاجها، ثم مرضت عزيزة وكادت أن

تموت خوفا على ابنتها وهي تراها تذوب بين يدي الإكتئاب، ولا يزال القهر يشيب بقلبها كلما تذكرت

ضربها لليال تلك الليلة.

وبسببها انظلمت روان وتشوهت سمعتها وانهارت علاقتها بإمها وتدمرت حياتها وكادت تضيع بين

الخادمات وبين أبيها السكير.

لكن حين ينزل الله الفرج فأن الحوادث تصبح كأنها لم تكن وتمضي في ذاكرة الزمن كذكرى سيئة كسبوا

فيها أجر التحمل والصبر على البلاء، هم نجوا برحمة الله وبقيت عبير تتجرع غصص نتائج كيدها

(ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله)


*

بعد صلاة الأخير عزيزة مع جود وديم يتحدثون عما حدث ويحللون تفاصيل مؤامرة عبير وتبعاتها

عليهم.

جود علقت بحقد: الخسيسة الله ينزع روحها.

ديم بحقد أكبر: آمين.

عزيزة نظرت لساعتها وسألتها: تأخرت ليال، متأكدة قالت لك بتجي؟

ديم: ايه يمه قلتلها بروح لاهلي تعالي مشتاقة لك، وقالت بتجي.

ورفعت هاتفها: خل اشوف وينها.

وبعد دقايق قالت لأمها: تقول بالطريق.

جود: تتوقعين يمه عرفت.

عزيزة: أكيد محمد علمها بس انا بقولها ابي استسمح منها مرة ثانية.

صمت البنات متسائلين هل ليال ستقبل اعتذار امهم، ثقيل عليهم اعتذارها فهي امهم ورؤيتها بهذا

القلق والضيق يؤذيهم وليال أصبحت لا ترى إلا غضبها وجرحها وهم يشعرون أنه مهما بذلت امهم لا

شيء سيرضيها ولن تعود كما كانت.

عزيزة لجود: أي شي تقوله ياجود تحمليها لا تراددينها عشاني.

جود بلعت حزنها المتجدد مع أختها وقالت: سمي يمه.

تعالت دقات الجرس تقطع كلامهم ودخلت ليال بعد لحظات وقالت: سلام.

سلمت عليهم بالترتيب ثم جلست بأريكية لوحدها، لاحظت عدم وجود سرير ديم وسرت كثير

وحمدت الله بقلبها.

سألتها: طمنيني عنك وشلون حملك؟

ديم بإبتسامة: الحمد لله كل شي تمام. على كلام الدكتورة، باقي اسبوع وأدخل الخامس.

ليال ابتسمت ولم تجد ما تقوله، شعور بالغربة بينهم أذاها واحزنها وخاصة أنها لم تتجرأ على زيارتهم

إلا بعدما نادتها ديم.

عزيزة: وشلون خالك وخالتك.

قلبت شفتها وردت: امس عندهم الحمدلله طيبين ويسلمون عليكم.

جود: سما داومت؟

طالعتها ليال وردت بإختصار: ايه.

عزيزة: جود قهوي خواتك.

أخذت جود الدلة وقالت مازحة: لازم اتزوج يمه حتى هم يقهونن ويحشمونن.

ديم ضحكت: انت مثل اللي بتتزوج عشان تركب قدام.

جود: طبعا هذا السبب الأول.

ليال: صغير القوم خادمهم تزوجت والا قعدت.

جود فرحت بتحدث ليال معها ردت: على الأقل اشوفكم أول أيام الزواج تراكضون لي.

ديم: ماقدر حبيبتي مخططة عليك بيبي سيتر لماي بوي.

جود: وبعد بيبي سيتر لعيالكم وش هالظلم.

ليال بترفع: لا تخافين ماراح نتنازل لك لا انا ولا عيالي.

كانت مزحة قاسية قصدتها ليال حرفيا من طريقة نطقها ونظراتها، ابتسمت جود وماردت وعاد الصمت

الثقيل يلف صالتهم التي لم تعتاد هذه المشاحنات.

انشغلت جود بهاتفها دقائق ثم خرجت وعزيزة طالعت ليال وسألتها: وش فيك يمه على اختك؟

ابتسمت ليال بإستنكار وارتفعت حدة صوتها: ونا وش قلت؟ اذا ما تتقبل المزح لا تمزح.

ديم: هدي يا ليال امي ما قالت شي.

ليال بقسوة ردت: شوفيها كيف جاهزة تدافع عنها ما تتحمل نمزح ونضايق حبيبة قلبها.

نهضت عزيزة وخرجت، طاقتها انتهت مع ليال وجفائها، كانت تريد التسامح معها لكن ليال لا تقبل

بإقتراب حدودها ولا تتسامح معهم أبدا.

ليال بعد خروج أمها انطفأ كل الغضب الذي يشعلها وحل الندم متأخرا يعاتبها، أخذت منديل تمسح

دموعها ونهضت.

ديم: وين رايحة؟

ليال: بروح غرفتي.

ديم: ونا جاية عشانك اقعد لحالي.

عادت تجلس فقالت ديم بهدوء: امي ما قصدت شي ياليال، امي بتموت عشان تراضيك والله العظيم

ماحد يعلم بهمها الا الله.

ليال: لا تراضيني ياديم، قلتلها انا مو زعلانة ولا ابغى منها شي بس تخليني بحالي.

ديم بصدق: كيف نخليك انت منا وبنا وحياتنا ما تسوى من دونك.

ليال: كلامك هذا بس كلام ياديم واذا جا وقت الصدق والحاجة ماشوف منكم احد، قضيت اخر اربع ايام

بهالبيت لحالي وانتم بالمستشفى بغيت انجن ما سألت عن لا هي ولاجود، ادق على جود كل يوم وما

ترد، وش يضرها لو ردت وطمنتني، تزوجت ودخلت على زوجي واهله وماحد معي منكم، ابلع عبرتي

عند الناس وماحط عيني بعين احد أخاف يشوفون الكسر والقهر اللي فيني حتى انت يا ديم استخسرت

تدقين علي تباركين لي.

ديم وهي تسمع لوم ليال ودموعها تخرج مع كل حرف بوجع وحزن، احتارت كيف تهدئها وتراضيها،

جرحها كبير ابتدأ من ولادتها وتطور مع الأيام وأصبح مستفحلا وبرئه صعبا بل مستحيل.

ديم: اسمعين، أولا انا ما كان معي جوال طول ذيك الفترة، ولما طلعت امي من ماجد كان بيجي مكانها

وبتدق عليه وبكلمك وببارك لك، لكنها طاحت وترقدت يوم كامل بالمستشفى ووصلت يوم الزواج

متأخرة ماقدرت تكلم.

ديم: امي طلعت من عصر الأربعاء ع أساس بتقعد معك كل اليوم ومن بكرا تروحون سوا للقاعة بس

طاحت بالمستشفى وترقدت فيه يوم وليلة، ماحد درا

بطيحتها ياليال وما كان عندها احد الا جود حتى انا ما دريت الا قبل يومين.

توقف الدمع بعيون ليال واختل توازن دقات قلبها عندما سمعت بمرض امها وسألت ديم: وش فيها؟

ردت: الحمد لله ارتفاع ضغط واهملته.

ليال: وشلونها الحين؟

ديم فرحت واستبشرت بإهتمام ليال وخوفها، ردت: الحمدلله طيبة بس صارت تمشي على أدوية الضغط.

ضغطت على المنديل بيدها وردت: الحمد لله.

ديم: امي ما ناقصها الا انت ياليال، مقهورة من كل شي تبيك معها، والله العظيم احس بامي مو زي

اول، تكفين يا ليال لا تطولينها معها.

ليال ابتسمت ابتسامة مكسورة مرتعشة وردت: انتم اللي تطولونها معي ياديم، انا بعد مو زي اول اكل

الضرب منها واسكت، ظلمتني ببلوى عبير ظلم ماينسى، لكن يوم قالت سامحين سامحتها، كل عمري

اتحمل منها، انا الحين ماقدر اتحمل شي، شوفي حتى دفاعها البسيط عن جود ما تحملته،

مريضة ادري بس ليش مرضها ما يجي الا معي، تقولين طاحت ليش طيحتها ماجت الا قبل زواجي، انا

اذا رجعت هي بترجع لطبعها وبتحطه على مرضها ماقدر ياديم خلاص ماقدر اتحمل منها.

وانفجرت ببكاء أذاب ديم وأبكاها، ضمتها ديم وانفجرت دموعها تشاركها بسخاء وقهر، أختها تتعذب

وتكتوي تحت مايحصل معها، أختها خائفة ومجروحة ولا تلومها ابدا بإبتعادها لإنها هي أيضا لا تضمن

أمها.

شعرت بدوخة من بكائها فابتعدت عن ديم وأرسلت لمحمد تخبره أن يأتي يأخذها اذا خلص من شغله،

بالتأكيد أنه سيتسائل عن زيارتها السريعة لكنها لا تهتم، عاجلا او آجلا سيعلم بعلاقتها مع أمها.


*

عزيزة عادت بعد نص ساعة والكدر يحيط بوجهها، سألت ديم: وش تبون عشاء؟

ديم: عادي أي شيء.

طالعت ليال فردت: ماراح اقعد بطلع بعد شوي.

ماعلقت عزيزة وبعد ساعة رن هاتفها فوقفت: محمد جاء مع السلامة.

تفاجئت بإبتسامة أمها توقعت غضب وانتقاد من زيارتها السريعة، تشجعت واقتربت وقبلت رأسها

وقالت: توصين على شي؟

عزيزة: لا يابعدي الله يحفظك.

قابلت جود في الصالة فقالت لها: مع السلامة

ليال: الله يسلمك.

دخلت جود عندهم وكانت ديم تخبر أمها بما حدث مع ليال وختمت كلامها: خليها على الله يمه والله

كلامها كله صح.

التفتت ديم على جود وقالت: وانت يوم حنا بالمستشفى ليال تدق يوميا عليك ليش ماتردين.

جود: جوالي طول الوقت بالشنطة مااشوفه الا وقت طلعتي بالليل، واذا رجعت اروح لغرفتها والقاها

نايمة.

ديم بتأنيب: البنت منحرقة بالبيت تنتظر أي خبر يعني ما قدرت تردين عليها لو مرة.

جود فهمت سر غضب ليال وحست بفداحة غلطة لم تقصدها وردت: والله العظيم أكون منشغلة معك او

مع خالاتي مادري عنه ماشوفه الا وقت طلعتي للبيت وأقول الحين برجع واشوفها.

ديم عادت تنحاز إلى ليال بقوة كبيرة وهي ترى معاناتها التي لا تنتهي، نهضت لتذهب لدورة المياة

وقالت: البنت اكتفت منا مابعد زواجها شي، ليش ترجع عشان نقهرها مرة ثانية، خلاص عندها حياتها

وزوجها الله يسعدها ويوفقها.

جود احتدت: يعني تبيننا نتركها تبعد.

ديم بنفس حدتها قالت: لا خليها تتعشم وترجع ومن يدري متى نقلب عليها يمكن المرة الثانية تولد

ومانوقف معها بولادتها وكل الناس تزورها الا حنا.

جود نفت بقهر: اناا ماقصدت والله العظيم كنت ادخل كل ليلة عندها ابي اجلس معها وترفض تقوم.

عزيزة شعرت بدوار حاد وقطرة دم تخرج من انفها، مسحتها عنهم بخفية ونهضت قائلة: تصبحون

على خير.

راقبتها ديم تخرج بوجه أسود وندمت على كلامها القاسي، جود: الله ياخذك يازفت قهرت امي.

ديم نزلت دموعها وردت: ماقلت الا الصدق، ليال تعبت ياجود ماشفتيها تو كيف تتكلم، تكسر الخاطر

وتوجع القلب، انا نفسي ماراح اتحمل نقهرها مرة ثانية.

دخلت غرفتها وقطرات الدم تزداد معها، أخذت علبة المناديل ووقفت على مغسلتها تغسل الدم الخارج

منها بغزارة، لا تعلم ايهم يتسابق أكثر دموعها أم دمائها أم أوجاعها الثائرة.

زاد معها سيلان الدم فأخذت فوطة صغيرة من درجها وذهبت تستلقي على سريرها، كانت تشعر أن

روحها ستخرج أيضا مع دمائها ولم تعد تستطع الوقوف.

أقفلت باب غرفتها، إذا كانت ستموت لا تريد أن يرى بناتها احتضارها، ربما هكذا أفضل، أن تموت

وترحل عنهم بهدوء.

لم تأخذ من دنياها الا الألم والفقد، عاشت كل حياتها حزينة وخائفة ومقهورة، فقدت زوجها وابنتها،

والإكتئاب أكل من روحها واطمئنانها الشيء الكثير، كلهم ظنوا أنها شفيت مع أنها ظلت طيلة حياتها

تأكل أدويته المختلفة.

هي أيضا لا تتحمل أن تقهر ابنتها مرة أخرى، مامعنى العيش وليال بعيدة وخائفة منها، ليتها تموت

وترتاح وليال ايضا ترتاح.

استلقت على سريرها، تشهدت وأغمضت عينيها بإستسلام.

__

ولذكر الله أكبر.

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 15-06-21, 05:24 PM   #33

ward77

? العضوٌ??? » 408977
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 281
?  نُقآطِيْ » ward77 is on a distinguished road
افتراضي

ياليت الكاتبة تكمل روايتها


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 08-02-22 الساعة 01:15 AM
ward77 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-06-21, 05:24 PM   #34

ward77

? العضوٌ??? » 408977
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 281
?  نُقآطِيْ » ward77 is on a distinguished road
افتراضي

ياليت الكاتبة تكمل روايتها


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 08-02-22 الساعة 01:15 AM
ward77 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-21, 10:59 PM   #35

في السويداء.
 
الصورة الرمزية في السويداء.

? العضوٌ??? » 489318
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » في السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond repute
افتراضي


سلام

ان شاء الله اليوم بنزل جزء جديد

أعتذر عن التأخير كنت انتظر المنتدى يفتح لكن ..


في السويداء. غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-06-21, 01:05 AM   #36

شجنّ العُذوب

? العضوٌ??? » 418154
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 838
?  نُقآطِيْ » شجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة في السويداء. مشاهدة المشاركة

سلام

ان شاء الله اليوم بنزل جزء جديد

أعتذر عن التأخير كنت انتظر المنتدى يفتح لكن ..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يا هلا بكاتبتنا فيّ ، نور المنتدى ،


شجنّ العُذوب متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-06-21, 02:09 AM   #37

في السويداء.
 
الصورة الرمزية في السويداء.

? العضوٌ??? » 489318
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » في السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond repute
افتراضي


بسم الله

__

الجزء التاسع والعشرون

__


اليوم هو الخامس في بيت عمتها حيث لا مكان للهدوء وأخذ نفس، أحفادها في كل مكان والصراخ

والإزعاج تعم صالتهم الكبيرة

لإنها معتادة على صمت بيتهم الغارق بالهدوء استغربت هذه الكمية من

الإزعاج، أولاد عمتها وبناتهم دائما متواجدين لزيارة امهم وأغلب من يأتي يحضر أبنائه معه كهدية.

في الصالة العلوية تتحدث مع أسماء ابنة عمتها وآصغر أولادها وتقاربها في العمر، رن هاتفها

وكانت عمتها: سارة انزلي تحت عمك صالح فيه بيسلم عليك.

مغصها قلبها وتوترت من حضوره الغريب، خائفة أن يكون جاء ليعاتبها على رفضها ابنه أو أن يقنعها

وجها لوجه.

نزلت وسلمت عليه وبعد دقائق قال: يالله يابنتي جيبي أغراضك باخذك عندنا.

بانت الصدمة في وجهها والتفتت لعمتها تطلب مؤزارتها فقالت: عيا يقتنع يابنتي.

عمها: قعدت عند مريم خمس أيام حنا لنا حق يابوك.

سارة: ياعم هنا في أسماء وانا متفقة مع ابوي اقعد عند عمتي.

صالح: كلمت ابوك وقال ما يخالف هي بنتك.

نهض ينهي الحديث: جيبي أغراضك يابنتي لا تتاخرين علي، انتظرك بالسيارة.

دمعت عيناها مقهورة من صمتها، تمنت لو أنها قوية كغييرها من البنات ترفض ولا تهتم، تكره

خجلها وخوفها.

سمعت عمتها تواسيها: والله قعدتك زي العسل على قلبي بس جاء زعلان يقول ليش ماجت

عندنا بيتك كله عيال ع أساس ان بيته مافيه احد.

سارة: جزاك الله خير ياعمة ماقصرت.

ركبت معه وظل طول الطريق يعاتبها لإنها ذهبت عند مريم وتركت بيته، لو كان يعلم ماذا يعني

الذهاب إلى بيته لرحمها ولم يفكر لحظة بأخذها.

دخلا المنزل وشحب وجهها وتسارعت دقات قلبها وهي تسمع صوت منيرة مع أبنائها في الصالة،

لن تسامح والدها، أبدا لن تسامحه.

دخلت فتفرق أولاد عمها الذكور وهم ثلاثة مع بدر وبقيت بنت واحدة تدرس في المتوسط، آخر مرة

رأـهم في عزاء سهام، دخلت لخمس دقائق وفرت هاربة ولم ترها بعدها، سلمت عليها

وجلست.

منيرة: وشلونك؟

سؤال متكلف للغاية وملامح متصلبة اسودت أحاسيس سارة، ألا تملك قليلا من

الإحساس والنبل لتبتسم بوجه ضيفتها وتهون غربتها.

سارة: الحمدلله.

نهى ابنة عمها نهضت وقالت: يمه بروح غرفتي

ابنة عمها للإسف نسخة من أمها.

منيرة أومأت براسها وصبت لزوجها فنجان ثم صبت لسارة وعادت بكل برود تتشاغل بهاتفها.

عمها هو من اهتم بالحديث معها وإخراجها من جو التوتر الذي اتضح عليها، سألها عن أبيها واشياء

تخصها في الجامعة وسارة تجملت معه ومثلت أمامه الإبتسامة قدر ماتستطيع.

نهضت وقالت دون أن تلتفت لمنيرة: عم بروح أنام وين غرفتي.

وقف عمها يرافقها وعند باب غرفتها سألها: بكرا متى بتروحين للجامعة.

سارة: بكرا ماعندي شي ياعم الدكتورة اعتذرت.

صالح وضع حقيبتها وقال: زين يابنتي، تبين اجيب لك شي غير.

ابتسمت بقهر وقالت: لا ياعم تسلم.

رن هاتفها باسم أبيها، وضعته على الطاولة وماردت، كانت غاضبة منه وأرادت أن تشعره بما فعل.

دخلت غرفتها وفتحت حقيبتها وانشغلت بإفراغها ودموعها تسيل بإنكسار، انتهت منها والوقت لا

زال في الحادية عشر، ثوانيها تحولت لساعات وشعرت بليلها يطول كأنه لن يخرج عليها صبح.

استلقت على السرير تفكر ماذا تفعل بقدر ما سعدت على اعتذار الدكتورة بقدر ما تمنت الآن لو

كان عندها جامعة تقضي بها نص يومها حتى لو كان عندها مجموعة اختبارات كل شيء يهون عند

رؤية منيرة في الغد مرة أخرى وقضاء بعض الوقت معها.


**

*

مرت فترة راسها مرفوع ودمها ينزل استفاقت على صوت هاتفها وبصعوبة رفعته وكان اسم ليال

يضيء شاشتها ويضيء قلبها معه، ردت: هلا.

ليال استغربت وهي تسمع صوت أمها الثقيل والمتعب ردت: قومتك؟

عزيزة: كنت منسدحة بس.

ليال بشك: ليش نايمة بدري؟

عزيزة مسحت دموعها التي زادت شوق لها وقالت: وش عندك داقة؟

ليال: بقولك ان سارة بتغيب بكرا فلا ترسلين سليم.

عزيزة بضيق: ليش؟

ليال: دكتورتهم اعتذرت بالقروب عن محاضرات بكرا وما عندها شي.

عزيزة: زين.

لعب الشك بقلبها وصوت أمها يخفت أكثر وأكثر: ابي اكلم جود؟

عزيزة: دقي عليها انا بغرفتي.

أغلقت منها ليال وأسرعت تكلم جود التي ردت بكلمة: هلا.

ليال بذعر: جود تكفين روحي شوفي امي كلمتها تو وصوتها ماعجبن.

رمت هاتفها وخرجت تركض من غرفتها، حاولت فتح باب غرفة أمها فوجودته مغلق، فزعت وعادت

تطرق الباب بقوة، أمها لا تغلق بابها أبدا.

نادتها: يمه.

أعادت الطرق مرة أخرى وبعد لحظات مرت كأنها أيام ثقيلة فتحت أمها الباب وقالت: وشتبين؟

جود تفرست كل انش في وجه أمها وقالت: وش فيك؟

ابتسمت عزيزة وقالت: انت اللي وش فييك؟

جود أسرعت تحتضنها ولم يخرج منها الا الدموع الخائفة والفزعة، عزيزة أبعدتها بتعب وقالت:

هبلتين يابنت وش صاير؟

جود: ليال دقت وقالت انك تعبانة.

عزيزة بعد مكالمة ليال خفت حدة كآباتها وتعوذت من الشيطان ونهضت تصلي وتدعو الله، وكانت

في طريقها للحمام عندما طرقت جود الباب.

عزيزة: ماحد ينام منكم، دقت ونا بنام وانت طيرتي كل نومي بطقك.

جود: خوفتني ليال.

عزيزة: طيبة مابي شي توكلي لغرفتك وخلين اصلي.

جود حاولت الدخول: بنام عندك.

عزيزة منعتها: انوم عشرين بزر بسريري ولا انومك.

ضحكت جود وقالت: وش دعوة ياعزيزة.

عزيزة جارتها بإبتسامة متعبة: تهاوشين مع المخدات والشراشف وكل خمس ثواني تقتلبين

لجنب، روحي الله يعين اللي بياخذك.

جود: اللي بياخذن امه داعية له بلية القدر عصر جمعة و

عزيزة قطعتها: ايه زين الله يقبل دعاها روحي نامي وحلمي فيه اجل.

بإستسلام قالت: طيب لا تسكرين الباب.

عزيزة حزنت لخوف ابنتها وتذكرت بكائها وصراخها في المستشفى، لو حصل معها شيء ستجن

وحدها في هذا المنزل.

ردت: مابي الا العافية تعوذي من الشيطان ودقي على اختك طمنيها.

جود: سمي.

استدارت فنادتها أمها: ديم متى راحت؟

جود: راحت بعدك بساعة كذا.

دخلت جود غرفتها وكلمت ليال التي ردت بسرعة: هلا.

جود: هلا بك، توي جاية من امي الحمد لله طيبة.

ليال: متأكدة؟

جود: صراحة مادري، تقول طيبة وعصبت بس وجهها تعبان.

ليال: زين افتحي لي الباب انا تحت.

سكرت من جود وقالت لمحمد: بنام عندهم الليلة.

محمد: خل ناخذها للمستشفى.

ليال: اذا احتاجت أخذتها.

محمد: اذا تعبانة دقي علي، زين؟

رأت بابهم يفتح فقال: سم، جود فتحت تصبح على خير ياقلبي.

محمد: تصبحين على خير.

أول مادخلت سألت جود: وش رايك ناخذها للمستشفى؟

جود بقلق: اذا بتطيعك ياليت، ماتعشت وراحت غرفتها متضايقة أخاف ضغطها ارتفع.

وهما تمشيان سألتها: وراه ما تعشت؟

جود: ديم حدت بالكلام معنا فقامت وخلتنا.

استغربت ليال وعادت تسأل: وش عنده ديم؟

جود ماردت ففهمت ليال سبب النقاش وأنها هي محوره.

في الصالة العلوية جود انسحبت إلى غرفتها متقصدة وليال طرقت باب غرفة أمها ودخلت مباشرة.

وجدت الغرفة فاضية وسمعت صوت الدش في دورة المياة، ذهبت الى الممر الصغير الذي يحتوي

دورة المياة وصدمت عندما رأت الفوطة والمناديل المليئة بالدم في سلة المهملات.

وقفت متجمدة تنظر الى المناديل حتى سمعت انقطاع صوت الماء فعادت الى الغرفة وبعد دقائق

دخلت أمها الغرفة.

عزيزة عندما رأتها: بسم الله الرحمن الرحيم.

ابتسمت ليال فبادرتها أمها: وش جايبك؟

ليال: جيت آخذك للمستشفى.

عزيزة: مهي مخلصة الليلة لا منك ولا من جود.

وكملت وهي تفتح دولابها: دقي على محمد وتعوذي من الشيطان مابي شي الحمدلله.

أخذت ملابسها وجلست على السرير تستريح قليلا وكان واضحا عليها التعب وأن طاقتها منتهية

وخاصة بعد الدم الذي خرج منها.

صمتت ليال وخرجت عزيزة لترتدي ملابسها ثم عادت وسرحت شعرها، وتحاول أن تتصرف

براحة حتى تقتنع ليال وتخرج دون جدال.

ليال برجاء: امش يمه نروح للمستشفى.

عزيزة: الله يرضى عليك اطلعي وسكري الباب وش مستشفى بآخر الليل بعد.

سحبت غطائها واستلقت تحته وليال جلست قربها وقالت: الزبالة وانت بكرامة مليانة دم.

تنهدت عزيزة: ضغطي مرتفع شوي ينزل الحين.

ليال: طيب وش ضيق صدرك وش قالت لك ديم.

عزيزة نظرت لإبنتها نظرة فارغة وما ردت.

بعد لحظات ردت: مو بس ديم اللي يقول، كلكم تقولون وماترحمون.

انهار سد عزيزة الشامخ ومسحت دموعها بحرقة صهرت قلب ليال، مسكت يدها ولفت أصابعها

حول أصابع أمها بقوة، قبلتها ثم وضعتها على صدرها وقالت: انا فدا دموعك يمه.

عزيزة: بزواجك كل شي قلتيه لي وامي تنفجر بوجهي عند خالاتك وبناتهم كأني بزر ماراعيتوا اني

انا اكثر منكم حرقة وقهر على اللي صار، ادري معكم حق بس وش أسوي بشي فوق قدرتي، ليلة

كاملة أحاول اتحرك ياليال عجزت.

بدات دموع ليال تنزل وعزيزة كملت: وتزيدينها علي لا تكلمين ولا تزورين واذا جلست معك كلامك

كله تجريح وتسألين وش مضايقك.

ليال: اللي صار حطمن حيل يمه، حسيت نفسي ما اسوى شي بالهدنيا.

عزيزة جذبتها لكن ليال رفضت وشدت جسمها وكملت: بعد مافرحت انك تعافيتي وكل شي

صار حلو انسحبت فجاة ورجعت تصدين، رفضت تجهزين معي حسيت انك تبينن بس اتزوج واطلع.

عزيزة: صادقة وقت التجهيز كنت ابيك بس تتزوجين وتطلعين.

انصدمت ونظرت لإمها بتأثر وعزيزة أضافت: ذيك الإيام صارت تجيني حلوم فظيعة، أكون جالسة مع

ابوك الله يرحمه وتدخلين وانت ام ثمان سنين وتناظرينن خايفة وتقولين لابوك ياخذك معه.

ارتجفت يدها بيد ليال وكملت: أصحى على نظرة من ابوك تخوف واقعد بفراشي ساعة أحاول

أتذكر هو خذك والا لا مرعوبة احلم مرة وتروحين معه،

تكررت هالجواثيم معي يوميا فتاكدت انه بيصير لك شي بسببي وصرت اتلهى بأي شي الا اني

اتعامل معك، وهمي الوحيد انك تتزوجين قبل ماضرك، قدمت على بحوث ورفضت اطلع معك

السوق ابي بس ابعدك عن، قالت لي الدكتورة رشا انه هذا وسواس قهري من الشيطان حتى

فعلا يبعدك عن بنتك بس ماصدقتها وابعدت بكل ماقدر لين طاحت ديم وانحسنا بزواجك وعرفت

اني طحت باللي كنت اركض منه،

ويوم قلت ببعد ولا تحاولين معي، قلت صادقة ماجاها من الا القهر والضيم تبعد أرحم وأفضل لها،

كانت تتكلم وهي تنظر الى يديها المعقودتان فوق المفرش، توقفت قليلا ونظرت الى ليال وكملت:

بس بعدك ذبحن ياليال، اشتاق لك بكل لحظة وتحترق عيوني بالدمع من صدك وجفاك.

أمام هذا الإنكسار والوجع لم يكن أمام ليال إلا أن تهدي أمها، دمعتها هذي تفديها بعمرها ولاتبخل،

هي تزوجت وتعيش بسعادة مطلقة، ترى في نفسها انها نجحت وتجاوزت أشياء كثيرة في حياتها

وامها لا تزال في دوامة قهرها ومرضها، ألا يستحق منها أن تضحي على حساب نفسها لتريح أمها

وتسعدها.

ليال: ماراح ابعد يمه، عارفة كل اللي صار غصب عنك

وخفت كلامها وهي تكمل غير واثقة مما تقول: وادري انك تحبينن.

عزيزة: لا انت ماتدرين ولا يمكن تدرين وشلون احبك ياليال، دواي شوفتك مبسوطة، ماتدرين

وشلون اشيل همك وادعي لك اكثر كثير من خواتك، كل تقصيري معك اعوضه بالدعاء انه ربي

يعوضك بكل شي زين بحياتك.

وامها تتكلم كانت دموعها تسيل دون عوائق، ماذا تريد أكثر من ذلك، نعم تريد أمها لكن أمها مقيدة

وهناك شيء مؤلم يتكرر معها هل هو العين هل هو الحسد أم الإكتئاب؟

نجاحها وسعادتها ما كانت لتكون لولا الله ثم دعاء أمها، ألا يكفي هذا؟

ليال اقتربت وقبلت رأس أمها وقالت: يكفين دعاك ورضاك يسوى الدنيا عندي، لاتتضايقين واللي

تبينه بسويه يمه وش ما كان.

عزيزة أغمضت عينيها تستصعب كلامها القادم وقالت : لا تبعدين عن ياليال حتى لو بعدت أنا او

جرحتك بشي لا تبعدين، اصبري على امك يابنتي وتحمليها ترا الدمعة اللي تطيح من عينك طعنة

بقلبي.

زادت دموعها غزارة وهي تشعر أن أمها تشرح لها انتكاسها وياسها من الشفاء وربما تهيأها لإوجاع

قادمة، شعرت كأنها تسقط معها في حفرة مظلمة تحصرهما وتخنقهما وتزداد سودواية الى ما

لانهاية.

ابتسمت وضغطت على يدها بقوة تنقل لها حبها وإحساسها وقالت: سمي يابعد قلبي، من اليوم

ماراح اضايقك وازعلك، وسامحين يمه باللي سويته.

عزيزة: انت ماسويتي شي يابنتي، حسبي الله ونعم الوكيل على من آذانا.

ليال: بليلة زواجي انا قلت لك اتركي الرقية، ارجعي لها يمه.

قاطعتها عزيزة: ماتركتها ولا فكرت.

قبلت يد أمها وعزيزة تمتمت: الله يخليك لي ولا يذوقني حرتك، قومي ياعيني دقي على رجلك

وروحي له.

ليال بتردد قالت: قلتله بنام عندكم.

عزيزة ابتسمت بحنان وقالت: تعالي جنبي أجل.

أسرعت ليال تدخل معها ودفنت وجهها في كتف أمها تبكي رحمتها لها وما تراه من وجع وحزن في

ملامح أمها وعيونها، تبكي ضعفها واستسلامها وأغلال المرض والخوف المحيطة دائما بها.

عزيزة استمرت تنزل دموعها، كانت تعي أنانيتها وهي تطلب من ليال الصبر على آذاها لكن ماذا

تفعل، لا تطيق فراقها ووعودها أصبحت مستهلكة لا رجاء منها ولا أمل.

فتح الباب ورفعت رأسها تنظر إلى جود تضع يدها على خصرها بإحتجاج وقالت: الله عليك ياعزيزة انا

تصكين الباب بوجهي وليال تنومينها عندك.

ابتسمت عزيزة ورفعت ليال رأسها تبتسم لجود رغم عيناها الدامعتان وقالت: اطلعي وسكري

الباب وراك مانبي ازعاج.

صرخت جود مغتاظة، سكرت الباب خلفها وأسرعت تنظم اليهم: وخري بس عن مكاني انت مكانك

بحضن حمودي.

انصدمت ليال وجود صرخت من قبصة أمها: عيب ياللي ماتستحين.

ظلت تتأوه بمبالغة وليال أغمضت عينيها وعادت الى حضن أمها تحاول النوم مع رائحتها وحنانها

الذي افتقدتهما كثيرا.

جود لم تجد من يتعاطف معها أخرجت هاتفها وأخذت صور لهم وأرسلتها لديم وقالت: خل نقهر ديم

دامنا فاضين.

بعد دقائق اهتزت هواتفهم بمكالمة جماعية منها، فتحته جود وليال بينما

عزيزة كانت منحصرة بين ابنتيها فاكتفت بالرد مع ليال.

ديم بنفس نبرة جود السابقة قالت: خير متفقات من دوني والله ما اسامحكم.

قبلت جود خد أمها تقهرها وقالت: امي عزمتنا السهرة صباحي معها اليوم.

ترقرت الدموع في عيون ديم عندما رأت ليال قريية من أمها وقالت: كذا يممه؟

عزيزة ردت: ياخلبلة تصدقينها؟

تحركت الكاميرا بوقوف ديم وهي تقول: هذاي جيت.

عزيزة: اركدي واعقلي انا الحين بطردهم وبنام.

ديم: ايه هين اخليكم.

أغلقت الهاتف والتفتت عزيزة لجود: دايم أقول انك حمارة والحين صدق اقتنعت انك حمارة.

ليال: حمارة قليلة أدب.

بعد ربع ساعة كان الجرس العلوي يصدح في أرجاء صالتهم ونزلت جود تفتح لها ودخلت ديم

تسبقها ضحطتها وبيدها علبة حلويات وأكواب قهوة.


**

*

استيقظت في الساعة التاسعة وترددت في النزول، الجميع في مدارسهم وأشغالهم ماذا ستفعل

مع منيرة لوحدها، أجبرت نفسها على النوم وفي الحادية عشرة أفاقت برأٍس نشيط يرفض النوم.

نزلت وسلمت عليها وردت منيرة السلام بفتور، دخلت العاملة وسألت: مدام جيب فطور؟

منيرة: جيبي.

أحضرت العاملة الفطور لكن سارة لم تستطع الإكل ومنيرة تنظر إليها ببرود سد شهيتها، سألتها:

وشلون ابوك وزوجته.

سارة: الحمدلله طيبين.

منيرة: وعساها زينة زوجة.

تظاهرت بعدم الفهم وقالت: ايه مرة طيبة وحبوبة.

تحرك فك منيرة وقالت: هين طيبتها بكرا يجيك متينها.

عقبت: أنا اقصد شكلها كيف معك صورة له؟

فتحت الصور في هاتفها ومدته لمنيرة وقالت: شوفيها.

تأملت فيها منيرة للحظات طويلة ثم قالت بترفع: مو على كلام الناس مافيها زود.

تشاغلت سارة عنها بالإكل وما ردت، منيرة تأملت بقية الصور الخاصة بمها والتي التقطتها سارة

يوم ملكة أبيها.

قالت: انتبهي تثقين فيها مايجي الشر الا من زوجة الاب.

من يتكلم عن الإذى والشر؟ توقفت اللقمة بفم سارة متضايقة من كلامها، لماذا تتكلم هكذا وهي

لم تجرب زوجة أب فقط تخوفها دون تجربة منها وخبرة.

منيرة: متى بيجي ابوك؟

وضعت الخبز من يدها وردت: بعد يومين ان شاء الله.

منيرة صدت بوجهها وبدا لسارة أنها استكثرت اليومين الباقيات، فجأة دخل ياسر

أحد أبناء عمها وسارة تلقائيا تغطت بالمخدة القريبة وهو حين رآها تراجع الى الخلف ليخرج.

نادته امه: تعال ساره الحين بتقوم.

صدمت سارة من وقاحتها ونهضت لتخرج، ما فائدة غضبها مع من مثلها، وسمعته يقول لإمه:

نسيت ان ذي فيه.

انكسر قلبها وخرجت من الصالة لكن أصواتهم وصلتها بوضوح ومنيرة ترد بحنقة: عيالي صاروا

مايدخلون بيتهم الا باستئذان وابوك زعل ليش انها ماجت من سافر ابوها.

ياسر جلس متضجرا وقال: متى بتروح؟

منيرة: يومين ماراح تطول، ابوك من أمس قاهرن يروح يجيبها وما يشاور كان البيت له لحاله والا

عمك اللي تزوج وبيرميها على ولدي.

أسرعت في خطواتها لا تريد أن تسمع أكثر، دخلت غرفتها وأغلقت الباب وطلبت رقم ليال وهي

تبكي.


*

**

كانت اول من استيقظ مع أنها نامت بعد صلاة الفجر لكنها اشتاقت الى جلسة الحديقة، طلبت

قهوة من سيرما ودخلت صالتهم الصغيرة.

رأت أمها من خلال الباب الزجاجي تجلس هناك فخرجت إليها ببسمة واسعة وعميقة وقالت: صباح

الخير.

ردت لها عزيزة الإبتسامة وقالت: صباح النور ياعين امك.

جلست قربها وقالت: مارحت للجامعة؟

عزيزة: اعتذرت اليوم.

غابت الإبتسامة عن ليال وقالت: لا تكونين تعبانة.

عزيزة: الحمدلله طيبة وبخير، بس لو تتركين هالإسئلة.

ليال: بسوي مثلك وبلاحقك بجهاز الضغط بكل مكان، نسيتي.

عزيزة: الله يقويك.

ليال: عن جد يمه ليش اعتذرت.

عزيزة ابتسمت: اول مرة تنامين عندنا وأخاف ارجع من الدوام والقاك انحشت لبيتك.

ضحكت واقتربت من أمها ووضعت راسها على فخذها وقالت: شكلي بقعد اليوم بعد

قالت: اذا محمد مايتضايق، اقعدي.

ليال: مو على كيفه ما يتضايق.

عزيزة: يعني انت تنامين وتنبسطين وهو يتضايق.

ليال بتملك: ايه ابيه يتضايق وما ينام الليل فاقدني.

ضحكت عزيزة: حيوانة.

أغمضت عينيها تستمتع بأنفاس الصباح مع روائح الإشجار المتداخلة بين الياسمين وشجرة

الليمون تختلط مع أنفاسها.

سألتها أمها: تحبينه؟

ليال هزت رأسها بإجابة مختصرة، محمد أخذ في قلبها حب الإب والإخ والصديق والزوج وكل هؤلاء

لا تصف الكلمات حبهم كيف إذا جمع حبهم بشخص واحد.

عزيزة وذكرياتها تعود إلى ليلة الملكة سألتها: يعني مو متضايقة اني غصبتك عليه؟

لاحظت ضيق أمها فقالت: ابد،

تعدلت بجلستها وكملت: أول الخطبة كنت مريضة وخايفة منه، توهمت أشياء ناحيته وظليت فترة

طويلة أتعامل معه بحذر بس بعدين

وتركت جملتها معلقة وكملتها عزيزة ب: الله يخليكم لبعض.

ليال: امين.

جائت سيرما بالقهوة فأخذتها ليال وصبت لإمها فنجانا ولها آخر.

ليال: يمه.

عزيزة: سمي

ليال: الفلوس اللي اخذتهم منك، ماضاعوا شريت فيهم ارض وابيك تخصمين أي شي يجين من

ورثي..

قاطعتها عزيزة: وش ارض ياليال هو وقتها تدرين حركتك حرمتن اليوم أيام.

ليال خافت أن تغضب أمها أكثر وترفض فكرتها فلم تخبرها سبب شراء الإرض.

وانقطع حوارهم بإتصال من سارة وقالت: هلا.

سارة: هلا بك، عندك شي اليوم، تكفين قولي لا.

ليال ببساطة ردت: لا

سارة: بطلع انا وياك كوفي او أي مكان اهم شي بطلع من بيت عمي.

ليال : بيت عمك متى رحت لهم؟

سارة: عمي صالح جاء اخذني امس من بيت عمتي وتعرفين الوضع مع زوجته.

ليال امتلئت ملامحها بالضيق وهي تسمع صوتها الباكي وقالت: لا يهمك ياقلبي انا ببيت اهلي اذا

تبين الحين ارسل سليم.

سارة: لا العصر ارسليه.

ليال: زين ياروحي اول ما يذن العصر برسله.

سكرت منها وسألتها أمها: وش فيها سارة؟

ليال: امس أخذها عمها لبيته وزوجته الحمارة مادري وش مسوية لها.

عزيزة: قولي لها اذا جت تنام عندنا.

ليال: عرضت عليها بزواج روان قالت ابوي بيرفض.

عزيزة سمعت كثيرا عن معاملة منيرة لسارة في طفولتها لكن ماتوقعت أن تستمر وخاصة بعدما

كبرت سارة وابتعدت عنهم سنوات طويلة، شعرت بغيظ منها وتمنت لو تراها وتفهم الجبروت الذي

تمتلكه، ابنتها توفت قبل اشهر وبدل أن تتعظ وتستكين استمرت ظلمها وتسلطها.


**

*

فتحت لها الباب وتلاشت ابتسامتها حالما رأت عيون سارة، لا دموع لكن كان هناك الكثير من

الإنكسار والهدوء.

ليال: هلا هلا ياقلبي.

دخلت سارة واستقبلت ضمة ليال الحانية وردت: هلا بك.

مسكت يدها وتوجهتا إلى الداخل لكن سارة قالت: خ نروح للحديقة مشتاقة لجلستنا.

ليال: زين ياقلبي روحي وبقول لسيرما تجيب القهوة.

استدارت سارة الى جانب الفيلا حيث الحديقة وليال توجهت مباشرة للداخل، كانت يدها تمسك

يد سارة وببطء انفلتت أصابعهما عن بعض واتجهت كل واحدة لاتجاه.

عادت بعد دقائق تحمل صينية وسيرما خلفها تحمل صينية أخرى، جلست وقالت مباشرة: ايي

وش عندها منيرة خانم؟

سارة قصت عليها ماحدث قلبت شفتها وقالت أخيرا: يعني ماقدر الومها انا اللي جيت بيتها وهي

وحدة ماتبي الناس، الشرهة مو عليها الشرهة على ابوي اللي سمح لعمي ياخذني.

ليال بعصبية: واذا صارت ماتبي الناس يعني بينهد عالمها الجميل اذا جيتي يومين بعدين البيت بيت

عمك يدخل اللي يبي ويطلع اللي يبي.

سارة: الوقت عندهم مايتحرك وباقي يومين ع رجعة ابوي بموت قبل ما يرجع.

ليال: بسم الله عليك ياتبنه.

كملت: اليوم مالك طلعة بتنامين عندنا.

سارة تنهدت: ماراح يوافق ابوي ومالي خلق اتهاوش معه وهو بعيد، انا مجمعة له بس اشوفه

بنفجر بوجهه وولد اخوه اللي كل لحظة والثانية يمدح فيه بخليه يشطبه نهائي من راسه والله لو

هو احسن رجل بالعالم يكفي انه ولد منيرة.

ليال: أي والله هاذي لو تاخذين ولدها وتقابلينها وش بتسوي.

سارة: الله لا يوريك.

بعد ساعة انضمت لهم عزيزة ثم ديم وأخر العصر طلعت جود ومع انشغال الجميع بالإحاديث انحنت

عزيزة نحو سارة وقالت لها: نامي اليوم عندنا يابنتي.

ابتسمت سارة وامتلأ قلبها بقوة مفاجئة وسعادة وهي تشعر بوقوف عزيزة معها، تذكرت سابقا

كيف كانت تراها كشيء مخيف وتتردد دائما من التحدث معها وكيف تغيرت نظرتها لها مع الوقت.

ردت: مشكورة ياخالة بس ابوي ماراح يوافق.

عزيزة: لا يهمك اكلم مها واخليها تقنعه.

سارة: لا ياخالة ما بقى الا يوم ماودي يزعل عمي بعد.

عزيزة: على راحتك ياعيني بس تعالي بكرا.

سارة: ان شاء الله ياخالة مشكورة.

مسكت يدها عزيزة وقالت: غلاك من غلا بناتي ياسارة ولا تهمك زوجة عمك ولا تتضايقين ابد، فييه

ناس أخلاقهم تعبانة كذا مع كل الناس حتى مع أنفسهم يعني العيب والخطأ منها مو منك وتراك

مانت بحاجتها ولا بحاجة لإخلاقها.

كانت فعلا تشعر أن هناك خطأ وعيب بشخصيتها يثير غضب منيرة لكن كلام عزيزة كان بلسما

طبطب جروح قلبها فهي لم تخطئ معها والعيب ليس منها إذن لماذا تتضايق؟

ابتسمت لعزيزة بإمتنان، فعلا هي فترة بسيطة ستقضيها معها وليست بحاجتها دائما أوتحت

يديها، حمدت الله على هذه الحقيقة وعادت للحديث مع ليال وجود وقد تبدلت مشاعرها للنقيض.

..

ولذكر الله أكبر..

لا إله إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين..

duaa.jabar likes this.

في السويداء. غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-06-21, 05:04 AM   #38

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة في السويداء. مشاهدة المشاركة

سلام

ان شاء الله اليوم بنزل جزء جديد

أعتذر عن التأخير كنت انتظر المنتدى يفتح لكن ..


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

هلا وغلا كاتبتنا الغاليه منوره المنتدى

وإن شاء الله يطيب لك المقام وتلاقي التفاعل اللي يسرك

وتسلم يمينك على تنزيل البارت


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 26-06-21, 06:06 AM   #39

قسيس

? العضوٌ??? » 391086
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 831
?  نُقآطِيْ » قسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond repute
افتراضي

واخيرا في ...لاتطولين علينا بالبارت الجاي وزين صارت المياه تعود لمجاريها بين عزيزة وليال وعلمتها عن الارض
سؤال كم بقى من بارت وتنتهي الرواية ؟


قسيس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-21, 01:49 AM   #40

فالنسيا

? العضوٌ??? » 448485
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 146
?  نُقآطِيْ » فالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond reputeفالنسيا has a reputation beyond repute
افتراضي

.



توقعت أن يكون فصلا طويلا بعد هذا الانقطاع..
سلمتِ.



.


فالنسيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:04 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.