آخر 10 مشاركات
الهاجس الخفى (4) للكاتبة: Charlotte Lamb *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          سارية في البلاط الملكي * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : هديرر - )           »          226 - حزن في الذاكرة - كيت والكر ( تصوير جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )           »          هفهفت دِردارة الجوى (الكاتـب : إسراء يسري - )           »          1028-انت قدري - ريبيكا وينترز -عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          35 - كيف احيا معك - آن مثير - ع.ق ( تصوير جديد ) (الكاتـب : Dalyia - )           »          رواية أسمعُ عواء الهوى (الكاتـب : روز علي - )           »          جئت إلى قلبك لاجئة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : آمال يسري - )           »          1027 - القدر المشؤوم - سالي وينتوورث - د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree532Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-09-20, 07:22 PM   #1

في السويداء.
 
الصورة الرمزية في السويداء.

? العضوٌ??? » 489318
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » في السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond reputeفي السويداء. has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 عيناكِ شفائي * مكتملة *





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعضاء روايتي الغالين نقدم لكم رواية

((عيناكِ شفائي) ))

للكاتبة/ في السويداء


قراءة ممتعة للجميع ...








التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 02-05-22 الساعة 03:00 AM
في السويداء. غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-09-20, 07:24 PM   #2

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي





بسم الله الرحمن الرحيم

**
روايتي الاولى أحببت ان أشاركها مع عقول تبحث عن الجمال بين الحروف وتعشقه،

ليس فيها الكثير لكن أتمنى أن تحوز على إعجابكم.

**

الجزء الأول

**
مقدمة

لا يمكن الإكتفاء من عشق المطر ولا رائحته ولا جنون الركض تحته واحتضان قطراته،

ماء و ما أكثر الماء في كوكبنا لكن لهطوله فرحة عارمة في نفس الصغير والكبير حتى

وإن آذى بفضيانه وأغرق فإننا نسى ما كان منه ونفرح إذا هطل مرة أخرى.

هكذا هو حبها لأمها مثل حب المطر في قلوب البشر لا يقف ولا يشبع منه.


***

كانت ليلة جميلة توشحت بالهدوء وغشى على سوادها السكون، وعلى صفاحتها الفاحمة

انتشرت خطوط القمر تخفف من حدة ظلامها وتنشر بعضا من النور والسلام في أرجائها.

خلف النافذة وقفت تستمع بروحانية المنظر، يسلب لبها، ويهدئ من ضجيج روحها، وخلجات

قلبها المضطرب دائما، لاشي عندها يضاهي جمال ليالي المنتصف من كل شهر، مهما تكررت تظل

على بد الازمان كما هي لم يشخ جمالها يوما أو يتقص، تظل دائما متجددة الجمال والبهاء.

أغلقت نور الغرفة حتى لا تنعكس صورتها في الشارع واكتفت بنور البدر يمد لها أياديه البيضاء

وكأنما يعتذر لها عن هذا الظلام، بيدها كوبا من الشاي، وبيدها الأخرى كتاب وضعت اصبعها

مفرقا على احدى صفاحته.

كسر هدوء جوها الجميل دخول أختها الصغرى جود: ليال، بنزل تجين معي؟

كرهت مفارقة النافذة لكن هزت رأسها موافقة لان العشاء بعد قليل وأمها تريدهم دائما على الوجبات.

مشت الى التسريحة وجود تثرثر عن يومها في المدرسة، بنظرة رضى خاطفة الى شكلها وضعت كوبها

وكتابها على الطاولة وأخذت جوالها ومشت لتخرج.

جود: وين وين بتنزلين كذا؟

ليال: خير عندك مانع؟

تنهدت جود: ياحبك للعناد، الله يهديك بس.

دفتها بيدها تمشيها: أقول امشِ قدامي ما يمشي معك النصح يالشيخة جود.

جود تتصنع الوقار وهي تضحك: قدها وقدود الشيخة جود.

ضحكت على خبال اختها ومشتا باتجاه السلالم اللولبية المزينة بدرابزين نحاسي فاخر، وعلى الجدران

علقت الواح داكنة برسومات على طول الدرج لكلمات عربية غاية الجمال في الدقة والألوان.

الدرج يفضي الى صالون كبير نسبيا وعادة ما تكون أنواره مغلقة الا من اضاءة صغيرة تكاد تكون

معدومة، لأنهم جعلوه خاص بالجمعات العائلية، انحرفتا قليلا يسار الدرج، وقادتهما خطواتهما الى

صالون عائلي صغير ذا نافذة كبيرة مقسمة الى مربعات بأطر مخشبة تطل على حديقة صغيرة خلابة

وتحتوي على باب زجاجي ينفذ الى الحديقة.

كل ما في المكان كان يشير إلى الترف والفتنة بدأ من الأم وبناتها الى المنزل الى الأثاث الى الحديقة

الى البدر المطل عليهم والمكمل لسحر المكان.

كان الصالون يحتوي على أرائك مخملية بلون عودي وأطراف خشبية مذهبة وعلى جنبيه مخدات

ذهبية، وفي الوسط طاولة من خشب الزان متوسطة الحجم وعليها اصطفت صينية فضية بحواف ذهبية

فوقها ترامس للقهوة والشاي.

على الجدار كانت هناك لوحتين مقابل بعض اللوحة الأولى لرجل طاعن في السن بيده منسوجة من

صوف وكان جزء من الصوف يمتد خارج اللوحة حقيقة، بينما اللوحة الثانية تحتوي على صور لأواني

نحاسية وأباريق يتخللها حرائر بنفسجية اللون.

تحت اللوحة بالضبط طاولة ذهبية اصطفت فوقها اباريق ونحاسيات وحرائر بنفسجية تحاكي اللوحة

فوقها، الأرضية كانت باركيه غامق، امتدت فوقها زولية من الحرير الإيراني الفخم، وفي السقف تدلت ثريا

صغيرة ذات دوائر صغيرة فوقها شموع كهربائية بألوان ذهبية باهته، وإضاءة صفراء باهتة

التناغم بين الألوان، دفء المكان، والاطلالة الساحرة للحديقة لم يسمحا لبادرة شك بالتسرب حول

الذوق الرفيع والجهد أوالمال المبذول لهذا القصر الصغير.

كانت امهما عزيزة تجلس مع ديم أختهما الكبرى، تنظران لشيء في الجوال وتضحكان عليه

دخلت جود أولا فابتسمت أمها تلقائيا ثم اختفت ابتساماتها بهدوء حين ظهرت ليال من خلفها،

وطبعا لم يفت ليال نظرة تأمل سريعة ثم امتعاض وصد.

صد اعتادته ليال لسنوات لكن لم تستطع يوما الاعتياد على المه.

جود وقفت أمام أمها وأختها وسألت: وش عندكم تضحكون؟

ديم: سررر.

التفتت جود نحو ليال لكن ليال هزت كتفها وبلؤم: ما حب اللقافة.

كملت ديم مغايظتها: ليال ممكن اقولها لكن انت. وتهز رأسها: اممم لسه بيبي.

ليال عجبها المحارش وكملت: يبي لك سنين حى توصلين للاشياء هاذي.

جود بدلع طفولي التفتت لامها: ماما شوفيهم .

أمها اللي تعشق دلعها ضحكت وقالت: تعالي أنا أعلمك، ما راح اخليك للشريرات أنا.

جود طلعت لسانها لخواتها وهمست لهم: شريرات

مشت نحو أمها واندست تحت ذراعها الذي فتحته لها.

ديم: طيب يا أم ديم مو منك من اللي يوريك شي.

وقامت لتجلس قرب ليال التي فهمت بديهيا سبب جلوس ديم قربها

همست ديم: ليش نازلة كذا؟

هذا السبب الأول.

ليال لفت اصبعها على خصلات شعرها النازلة بكثافة يمين وجهها : وش اللي كذا؟

ديم تتأففت من استفزازها: تدرين وش اقصد، مثل ما أنا اعرف زين ليش نازلة كذا.

ليال تضيع السالفة بالسخرية: اممم دامك تعرفين خيتو شارلوك هولمز ليه تسألين،

بعدين كيف ما آخذ راحتي ببيتي؟

ديم: وين الراحة بشعرك اللي شوي ويوصل الأرض؟ انا شعري لين كتوفي ومتضايقة منه
مع هالحر.

أردفت خايفة: ماشاء الله بسم الله عليك.

ابتسمت ليال لمشاعر ديم المليئة دائما بالحنان والمسئولية تجاهها، وهذا السبب الثاني الذي خلاها تغير

مكانها، لان جود جلست بحضن امها هذا يعني انعزال ليال عن ثلاثتهم فنهضت لتكون قرب ليال.

لاحظت ديم أن ليال تسترق النظرات لضحكات أمها مع جود وهي تريها المقطع وجود تردد: مو

معقولة، ههههههههه، يو ماما وش الغباء ذا؟

وكأنها لا ترى أكملت ديم: تعرفين أمي وشكثر تخاف عليك عشان شعرك ليش تعاندينها وتفكينه.

جملة لم تكن في محلها بالذات هذه اللحظة، التفتت ليال لها وابتسامة فمها الساخرة تكذبها بوضوح،

وفعلا ديم ما قدرت تضيف كلمة وضحكات جود تشق الجو.

اخذت سماعاتها وبوقوفها رفعت عزيزة رأسها، تتشاغلت بوضع السماعات في أذنها ومشت نحو

النافذة تتأمل الحديقة، لا تستطيع الهروب ولا تحتمل الجلوس والتفرج.

انسابت التلاوات القرآنية في أذانها كشمس دافئة فوق صحاري صقيعية قاحلة، تخاطب وجدانها بعمق

وتهدئ رويدا رويدا ضربات قلبها التي بدت تتعالى مع وساوس الشيطان داخلها.

غالبا ما تؤذي الأدوية اما بآثارها الجانبية أو بمرارتها وحرقتها، لكن علاج القران مختلف، علاج لا

يضر أبدا، بالعكس كلما زادت جرعاته كلما كانت نسبة شفاءك النفسية والجسدية عالية، لا يكتفي

بمداوة أمراضك الظاهرة بل يتغلغل إلى أعماقك المطمورة فينتشل أوجاعك ومخاوفك بسكينة واطمئنان.

بعد دقائق دخلت الخادمة: مدام عشاء ريدي.


***


على يمين الدرج وضعت طاولة العشاء بلونها الخشبي المعتق، وملاصقا للدرج امتدت طاولة مستطيلة

عليها شمعدانات أنيقة من نفس الخشب، وأمامها اكتمل الطقم بدولاب خشبي بتصميم إيطالي فخم مليء

بالأواني والشموع والمناديل، وكل ما هو مخصص للضيافة.

العشاء كان كالعادة حاضرا بسوالف جود وضحكتها وتعليقات من ديم وليال أوعزيزة.

مدت ليال ملعقتها لطبق السلطة البعيد فسقطت الملعقة منها مصدرة صوتا مزعجا

ناظرتها أمها بحده: انتبهي.

تجاهلتها ليال مما جعل عزيزة تواصل: طبعا ما راح تردين من السماعات الي بأذنك، كم مرة قلت

مابي اشوف أجهزة على العشاء.

ناظرت ليال اختها ديم بعدين ناظرت أمها وهي تشيل السماعة وتمدها لامها: مسكرة مااسمع شي.

اخذتها عزيزة من يدها ورمتها قدامها لتسقط على صحن الفواكه،

انتظرت ليال ثواني تتمالك نفسها ثم نهضت بعدها واخذت سماعتها الصغيرة من الصحن ومشت

بتطلع.

: ما كملت عشاك؟

جاءها صوت أمها فيه لين وتراجع لكن بعد ماذا، ردت: الحمد لله شبعت.

ديم أيضا وضعت ملعقتها وقالت: الحمد لله، لحظات وتبعتهما جود بنفس الصمت والهدوء.

هذا التضامن غير المعلن بدا يتزايد لعزيزة يوما بعد يوم كأنهم يلومونها.

عزيزة فهمت منذ فترة غير قريبة تغير بناتها نحو ما يحدث، ربما كلمة انقلاب أقرب للواقع،

الاعتراضات اولاتهامات أحيانا أصبحت تأتي إليها مع سؤال دائم الحضور، لماذا؟

بالتأكيد سيتسائلن، أي انسان فيه رحمة لن يستطيع التغافل عن هذه المعاملة،

كيف اذا كنا أخوات قلوبهم بهذا القرب والارتباط، بالتأكيد سيخطئونها وسيرون أنها هي الظالمة

القاسية حتى لو كانت أمهم.

ناداها صوت خفي في داخلها: الست كذلك فعلا يا عزيزة؟

رغم الضيق الذي غمرها تسرب إلى أعماقها شعور تام بالرضى وهي ترى محبة بناتها لبعض

واحساسهم القوي مع بعض، كان هذا أكثر شي تعبت في ايجاده داخلهن وهو أن يكن على قلب

واحد وهم واحد، و لا أحد يستطيع الدخول بينهن أيا كان حتى لو كانت هي أمهم.

توفي أبيهم بحادث قبل عشر سنوات، أعمارهم، ديم ثلاث عشرة سنة، ليال أحد عشر سنة، وجود سبع

سنوات، تيتمت بناتها وهن لا يزالنا براعم صغيرة تخشى عليها قطرة ماء زائدة، ومن وقتها حرصت

أن تغرس فيهم ثلاثة أشياء، الحياء، الاخلاق، والأخوة.

سيرما الأنثى الخامسة في هذا المنزل عادت لترفع صحون العشاء، لاحظت الكدر على وجه عزيزة

فقالت: مدام أجيب علاج انت؟

رفضت عزيزة بهزه من رأسها وصعدت الى غرفتها.

***


دخلت غرفتها ووقفت نفس وقفتها على النافذة قبل نزولها بإختلاف الدموع التي تملأ عيناها الآن،

ثواني وسمعت باب غرفتها يفتح، لم تلتفت لكن يدين تعرفهما جيدا أحاطت بها من الخلف وصوت ديم

الحاني: عادي ليال لا تضايفين نفسك هذا طبعها.

ابتعدت ليال بعصبية: ادري طبعها لكن معي انا بس.

ومسحت دموعها بقهر وهي تكمل: أسألك بالله ديم ملعقة طااحت يستاهل انه تعصب عشانها كذا؟

وبإنفعال كررت سؤالها: ملعقة طاحت وش فيها؟ شفتي وجهها شلون تغير؟

ديم تعرف أن هناك شيئا أكبر في تصرفات أمها لكن لا تستطيع معرفته، باستسلام رجعت تضم ليال هذا

كل ما تستطيع فعله.



****


في حي اخر قريب من أحياء الرياض وبيت جميل وراقي، حيث تعيش أسرة فايزة 49 سنه مع زوجها

وأبنائها، محمد 27 سنه، ماجد 24، سما 18 سنه، علي 19 سنه.

التلفاز مفتوح على قناة رياضية والمذيع ينقل احداث مباره مصيرية بين الهلال والنصر، الصوت على

علو لا يسمع منه شي بسبب صرخات أولادها المتحمسين مع المباراة، وأغلب هذه الصرخات والفوضى

والازعاج من ابنتها سما.

علي يجلس قرب ماجد: وين جاي حشرتن، ابعد ابعد

صرخة من سما تقطع كلامهم، علي رد: ما جيت لسواد عيونك يالدب، أبي صحن الحلا اللي

متحضنه تحسبه ديم، جبه اقول جبه.

صرخة حماسية ثانية من سما ولفت عليهم معصبه: اسكتوا يا الإزعاج.

ناظرها علي باستهجان وضحك: والله يا صوت العندليب الازعاج مو منا.

ماجد كمل: عاد ليت على هالحماس النصر يفوز، كل ما حضرتي مباراة خسر من نحاستك تكفين

وقفي وشجعي الهلال.

سما تتأففت وأشرت عليهم : يبه سكت بزرانك.

أبو محمد التف لزوجته متعجب وكاتم ضحكته: بزراني؟

فايزة ضحكت معه وهزت رأسها: ما شفت شي يابو محمد.

رن هاتفها، وظهر اسم أختها عزيزة على الشاشة: سما وطي الصوت خالتك عزيزة تدق.

سما: الهجمة معنا، بعدين ردي يمه.

محمد اللي كان من البداية مشغول بأوراق تخص شغله، أخذ الريموت وقصر الصوت، وطبعا عند

محمد سما تتعدل وتهجد.

فايزة: هلا عزيزة وشلونك ياقلبي وشلون البنات؟

فايزة هي الأخت الكبيرة بينها وبين عزيزة ثلاث سنين ولهم أخ واحد اسمه علي 52 سنة، وأخت ثالثة

مها أصغر منهم 39 سنة، أمهم ساكنة مع علي، وأبوهم متوفي من سنين.

عزيزة: الحمدالله كلهم طيبات.. وسحبت نفس طويل

فايزة سألتها: عسى ماشر، صوتك ما عجبني البنات فيهم شي؟

محمد توجهت كل أحاسيسه مع المكالمة، يعتبر بيت خالته مسئوليه تخصه، ويفسر اهتمامه بهم لعدم

وجود اب او اخ يعتمدن عليه، يعيش حالة انكار مع نقسه، وكل إحساس يضع له تفسير مغاير للحقيقة.

عزيزة: ما في غير اللي تعرفين.

فايزة قامت الى المطبخ تشرف على العشاء وتتكلم براحتها: صاير شي مع ليال؟

عزيزة كانها تنتظر هذا السؤال ردت: لا، وهذي المشكلة، أول بتصرفاتها كانت تعطيني عذر، حتى ديم

وجود كانوا يعذرون، الحين صاروا يلوموني ويشفوني دايم غلطانة.

هنا فايزة تنزفزت: طيب انت لو تسألين نفسك صراحة، بتشوفين الغلط منين؟

عزيزة بثقة: أكيد مو من، أنت تعرفين الوضع.

فايزة: ولا أشوفه من ليال، حتى قبل على قولتك يوم كانت تعطيك مبرر ما عمري لمتها،

كيف الوم طفلة تحاول تلفت انتباه أمها.

عزيزة ما توقعت هجومها، سكرت عيونها وما قدرت ترد.

فايزة: انت بس عشان موقف من جود وديم ما تحملتي، طيب ليال اللي سنين تشوف الضحك والحضن

والسوالف لخواته، وهي ما تحصل الا الجفاء والرفض، وماتدي ليش، بالله قولي لي كيف بيكون

احساسها؟ تقولين ما صارت تعطيني مبرر، وداقه متكدرة عشانها عقلت وما قمتي تلقين مبرر يرضي

خواتها، صراحة قهرتين.

عزيزة: كيف تلومينن وانت أكثر وحدة شافت.

فايزة: ايه عشت معك وشفت ونا اللي قلت لك خلاص وقفي، وقلت لك حطي ليال عند أمي تربيها،

اقولها لك صراحة أنا أخطيت وأمي وزوجك الله يرحمه كلنا أخطينا، مفروض ما شلنا بنتك من حضنك،

مفروض خليناها عندك أقلها ماتقول أهلي رموني، لكن كنا نتخبط ولمن قالت أمي، عطيني البنت توقعنا

هذا هو الحل الصحيح، والنتيجة، البنت حفرت الأرض لين رجعت عندك، لكن وش حصلت؟

عزيزة اللي ملت من تكرار هالكلام من خواتها وأمها ردت: يعني بالله وش تبغيني أسوي؟

فايزة: سلامتك لا تسوين شي اقعدي دوري مبرر.

عزيزة تكدرت أكثر وحست بتحامل ناحية ليال، الكل نسى وصار يلومها، غيرت الموضوع

شوي وبعدها مست عليها وسكرت.

فايزة التفتت بتطلع شافت محمد يدخل المطبخ، أخذ كوب وصب له ماء من البرادة: خير وشفيهم بيت

خالتي؟

فايزة حطت حرتها فيه: ليال متقدم لها واحد وخالتك دقت تشاورن.

ببصيرة الام عارفة وش فيه بخاطر ولدها أكثر من ولدها نفسه، وبين فترة وفترة تستفزه تبيه يتحرك

ويتكلم، ماجد اللي أصغر منه قعدهم على شوك لين خطب ديم، وقعدهم على نار لين تملك عليها.

ارتطام قوي للكأس على الطاولة هذا ما حصلت عليه وطلع وخلاها.

...


هنا انتهى الجزء الأول بإنتظار اراؤكم وتعليقاتكم

.
[/right]

[/size]



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 08-02-22 الساعة 01:02 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-11-20, 08:52 AM   #3

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله الرحمن الرحيم..

***

الجزء الثاني، تقريبا هو تعريف بشخصية جديدة ورجوع للماضي، لسه ما دخلنا

قراءة ممتعة.
***
**

*


الجزء الثاني


يستلذ كثير من الناس الوحدة لحظات أو ساعات من اليوم، أعمال متعددة لا تنجز إلا بها، لكن إذا كانت الوحدة

ملاصقة للإنسان كظله أو ثيابه فقد تكون سببا للاكتئاب والانطواء، وقد يتطور أثرها للجنون مثل ما يحدث للمساجين

الذين يقضون فترات طويلة من عقوباتهم في زنازين انفرادية.

في منزل صغير وفي نفس الحي الذي تسكن فيه عزيزة وبناتها، تعيش سارة مع ابيها وحدهما، أمها توفيت بعد معاناة

طويلة مع مرض السرطان كلما شفيت من ورم ظهر ورم اخر حتى استسلم جسمها أخيرا وفاضت روحها الصابرة إلى

خالقها.

أغلب سنوات طفولتها قضتها في بيوت أعمامها بسبب تنويم أمها الدائم في المستشفى، تكرم في منزل وتهان في آخر

حتى وفاة أمها، عندها استقرت سارة مع والدها قبل ست سنوات تقريبا.

تعرفت على ليال في تلك السنة، كانتا جميعا في الصف الأول ثانوي، في البداية تجنبتها لان طبعها الحساس لا يتوافق

مع ليال الجميلة والمشهورة بتكبرها وحدتها.

لفتت نظر ليال بحزنها وهدوئها، وعدم انخراطها مع أحد، تسائل عنها الجميع، سمراء، جذابة، نحيلة الجسم، مؤدبة

جدا وضعيفة جدا في دروسها.

بعضهم توقعها من بيئة فقيرة بسبب بساطة ملابسها وضعف تحصيلها، بعض البنات حاولن التحرش بها ومضايقتها

لمعرفة ما يكمن خلف ذلك الانزواء لكن بلا فائدة.

ليال كان لها عالمها الحافل بالصديقات والمنافسات فلم تكترث بها كثيرا حتى حصل معها موقفين.

الموقف الأول حصل في يوم كان عند عزيزة اجتماع مهم مع إدارة الجامعة اضطرها لتوصيل بناتها باكرا إلى

مدارسهم، دخلت ليال الصف وتفاجأت بوجود سارة وأمامها على الطاولة تذاكر كتاب مادة النحو حيث ستعطيهم

الأستاذة اختبار مهم فيه.

سلمت ليال وجلست في مكانها، وجاءها رد السلام من سارة خافتا وفيه ارتجافه، تأملتها ليال فلاحظتها تمسح

دموعها بين فترة وأخرى.

ضيقة أصابت قلب ليال وشعور قوي بالشفقة شدها وجعلها تتجه نحو سارة وتسالها: ليش تبكين تبغين أساعدك فيه؟

دائما نصدر الأحكام على الآخرين من خلال ما يظهر منهم، حتى يصدر موقف يعيد ترتيب الحسابات، والاحكام فيرى

المحكوم عليه بصورة مغايره للتي كانت قبل.

ربما نتفاجأ ونندهش من حكمنا الخاطئ ومع ذلك لا نتوب ودائما تسبقنا أحكامنا في تقييم الأخرين من خلال أشكالهم.

بعضهم بعتبرها غريزة احترازية فطنة أو فراسة تحذر الأنسان من التورط مع أناس خاطئين، لكن النتيجة المغايرة

تبين أنها ليست إلا سوء ظن صرف.

سارة التي حكمت مسبقا على ليال بالتكبر والغرور من خلال شكلها تفاجأت جدا من شهامتها وفزعتها.

مدت لها كتاب النحو وبحيرة: عجزت أفهمه.

ابتسمت ليال وقالت: وبس هذا الي مضايقك، الله يعين أمك عليك يالبكاية.

زادت دموع سارة وهي ترد: يوم هي فيه ماهمتني دراسة ولا كتب، الله يغفر لها ويرحمها.

بعدها تغيرت نظرة كل واحدة للأخرى، ليال اكتشفت في أحاديث سارة حلاوة وجاذبية تختلف جدا عن هيئتها الصامتة

والهادئة، برغم ما مر بها إلا أن نظرتها للحياة جميلة، واعية، فيها تفاؤل وإيمان صحيح أنها عاشت طفولة مشتتة

بين أكثر من بيت ولم تتربى على يد أم وعائلة، لكن واضح أن لديها أب يغني عن عوائل، فلسفته وأخلاقه وثقافته

منطبعة بوضوح في كلام ابنته وأخلاقها.

سارة أيضا اكتشفت في ليال شخصية تختلف تماما عن شخصيتها المتعالية، رأت فيها انسانة خلوقه وذات همه،

سريعة الغضب ويسبقها لسانها كثيرا لكنها حساسة جدا ورحيمة وسرعان ما يملئها الندم ان أخطئت.


***

ثم جاء الموقف الثاني والذي كان مضحكا مبكيا، دخلت فيه أطراف كثيرة، وقفزا بهما إلى صداقة متينة، وكشف

لبعضهما البعض الكثير من نقاطهما المشتركة ونقاط ضعفهم الخفية.

حدث هذا في حصة النحو نفسه اللي تعاني منه سارة، ومما زاد في صعوبته أن أستاذتهم كانت قاسية وأسلوبها حاد

وساخر مع الطالبات الضعيفات، تفشلهم بدم بارد وماتهتم.

القت الأستاذة سؤالا عن معنى كلمة " عزيمة" التي قصدها الشاعر في بيته

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة

فإن فساد الرأي أن تترددا

سارة كانت شاردة ودائما تعيش أجواء مختلفه في هذه المادة ولم تنتبه للسؤال إلا لما وقفتها الأستاذة وطلبت منها

معنى الكلمة.

سمعت أحد البنات تغششها هامسة بكلمة" وليمة"

من دون تفكير ردت: وليمة!!!

هنا عج الفصل بالضحك، وعرفت سارة من ملامح الأستاذة أن العيد بفضلها تغير تاريخه وأصبح اليوم.

بالعامية جابت العيد

الأستاذة ضحكت وبسخرية: ليش معزومة عند مين اليوم آنسة سارة؟

وعج الضحك مرة أخرى، سارة تضايفت واحمر وجهها وخاصة لما فهمت من ملامح البنت اللي غششتها وهي

تضحك مع صديقاتها أنها متقصدة تخدعها.

سمعتها تخاطب صديقاتها: يمكن حبيبها عازمها اليوم ومضيعة.

كانت تتكلم وما اهتمت أن صوتها يوصل لمسامع سارة أو غيرها من البنات، التفتت نحوها سارة وقبل ما ترد سبقتها

ليال وقالت: ليش قالوا لك سارة صايعة مثلك؟

طبعا بدخول ليال الخط شلة البنت استنفضت لأن بينها وبينهم عداوة يومية، كلمة منها وكلمة منهم كبرت المشكلة،

وأخذتهم الأستاذة جميع للإدارة ومعهم سارة اللي كل ذنبها إجابة تغشيش خاطئة.

عند المديرة شهادة الكثرة رجحت على كفة الصدق، البنات شهدوا أن ليال هي الي بدت أول، حتى الأستاذة شهدت

معهم لأنها فقط سمعت كلام ليال وما سمعت الكلام اللي قبل.

المديرة رجعت البنات الصف عدا ليال، سارة تلكأت عند الباب مقهورة أن السالفة كلها انقلبت على ليال وحدها،

ومقهورة من بساطة الافتراء والكذب عند الناس.

كل بنت دعمت صديقتها بكذبة أكبر وزادوا بكلام ما انقال حقيقة، أهم شيء يخلصون أنفسهم ويخرجون بوجه ابيض

عند المديرة؟

طيب، وإذا اسودت الصحائف عند الله كيف سيمسح سوادها؟


***

عزيزة كانت راجعة من دوامها تعبانة وزادتها المسافة البعيدة من البيت للجامعة والحر والزحمة،

دق هاتفها "مدرسة ليال"

فتحت الخط على كلام المديرة لليال: للأسف ما طلعتي مثل أختك ديم، استغرب والله انك بنت الدكتورة عزيزة.

عزيزة اهتز قلبها من هذه الجملة، ثقتها بليال معدومة ومشاكلها معها ماتنتهي، ردت برسمية: نعم؟

المديرة: السلام عليكم أستاذة عزيزة، معك نورة ال مديرة مدرسة بنتك ليال.

عزيزة واسم ليال ينزل على سمعها مثل هم كبير، سألت: هلا، تفضلي أستاذة نورة، معك؟

المديرة حاولت تختصر لأن الموضوع أساسا ما يحتاج تدخل عائلة لكن لأن عزيزة كثيرة السؤال عن بناتها

وجدت أن من الأفضل توصل لها الخبر.

عزيزة بعدما استوعبت طلبت من سائقها التوجة لمدرسة بناتها: أستاذة نورة أنا بالطريق دقايق واكون عندك، الحين

مقدر أفهمك زين.

سكرت المديرة فبادرتها ليال: أستاذة والله العظيم كلامهم كذب و..

المديرة قاطعتها: انتظري برا أمك بتجي ويصير خير.

انهارت قوة ليال عندما سمعت بقدوم أمها، مهما قالت لن تصدقها، ومهما قالوا سيكن الصادقات.

خرجت ووجدت سارة تنتظرها عند الباب، سارة انصدمت عندما رأت عيناها الغارقة بالدمع سألتها بتوجس: وش

صار؟

ليال: أمي بتجي الحين.

سارة: وشدعوه، ليش يبلغون امك ما صار شي يستاهل.

ليال ما ردت كانت عيونها معلقة بعيد ناحية الباب المطل للفناء الخارجي كأنها تنتظر دخول أمها.

سارة تهون عليها: الحمد لله تنتهي عند أمك ولا توقعين تعهد.

ليال ناظرتها معصبه: تكفين أوقع فصل ولا تنتهي عند الدكتورة عزيزة.

وعضت شفتها السفلى وهي تناظر المرأة القادمة من بعيد: أنت ما تعرفينها.

الخوف تسرب الى سارة أيضا وهي تنظر بدورها إلى المرأة المتجهة نحوهما، متوسطة الطول، جميلة الملامح،

عيناها قاتمة وتشبهان عيني ليال، خطواتها هادئة ومهيبة، مرت من عندهما ودخلت مكتب المديرة دون أن

تلقي نحوهما أي نظرة.

سارة مغصها بطنها وفهمت سبب خوف صديقتها، التفتت نحوها لتندهش بليال متمالكة نفسها، لا دموع، لا تعابير،

فقط نظرات باردة.

بعد عشر دقائق خرجت المديرة وسألت سارة: أنت للحين واقفة يالله صفك.

ناظرت ليال: وانت جيبي شنطتك بتطلعين مع أمك.

المديرة قالت كذا ودخلت غرفة الوكيلة، ليال تشجعت ودخلت عند أمها، سارة استجمعت شجاعتها ودخلت معها،

حست ليال تحتاجها وتحتاج أحد يشهد معها باللي صار ويقول الصدق لأمها.

سمعت عزيزة تكلمها: قلت جيبي شنطتك وامشي، عندك شي قوليه بالبيت.

سارة قربت وبأدب: أستاذة عزيزة ترا اللي صار..

عزيزة من دون ما تناظرها رفعت يدها: الظاهر انا قاعدة أكلم بنتي.

سارة انصدمت من ردها، حدتها ذكرتها بمعاملة زوجة عمها قبل سنوات، لتلك الأيام التي كانت منيرة تصرخ بها

وتضربها بسبب أو بدون، توجهت الى الباب لتخرج لكن واضح أن عزيزة لم تنته منها بعد، كملت تخاطب ليال: وما

لقيتي إلا هالإشكال تدافعين عنها؟

مثل كف حار جاء هذا السؤال لكن ليس واضحا على أيهما أشد وجعا ليال أم سارة.


***

في البيت تفاقمت حدة المشكلة بينهما، ليال انجنت من الطريقة الي تعاملت بها أمها مع سارة، وعزيزة انقهرت من

تعلق بنتها بوحدة لم يعجبها مستواها أوهيئتها، كلاهما تجادل وتحاول اثبات ان الحق معها.

ليال: ليش تقولين كذا، وش الي ما عجبك فيها عشان تقولين لها كذا؟

عزيزة: كلها بكبرها ما عجبتني، شوفي وش جاك بسبتها، وش لقفك تردين عنها وتتلفظين على البنات.

ليال نزلت دمعتها: كم مرة قلت انهن يكذبن، وراك ماتصدقين أنت.

عزيزة جلست وغمضت عيونها: وش اصدق هذا طبعك من يومك بزر وانت كلن تتمشكلين معه، تراك كبرتي ياليال،

تعبت منك متى بتعقلين؟

ليال هدتها كلمة تعبت، والتعب اللي بان فعلا على أمها، هي ليست سيئة للدرجة التي تتعب أمها، والشجارات

التي تكلمت عنها ليست هي من يفتعلها، روان ومحمد هم من يبدأ معها، هم من يضغط على أعصابها، كم مرة

تجاهلتهم لكن كلماتهم تجبرها رغما عنها على الرد.

عزيزة عندما رأتها صامته كملت: البنت هذي مابي يكون لك معها احتكاك، فاهمة.

ليال بعناد: لا ما فهمت.

عزيزة كانه شيء رجع وملئها طاقة، طاقة سلبية تعرفها، مشت لليال وسئلتها: وش الي مافهمتيه؟

ليال مع خوفها ردت بوقاحة: ماراح اترك صديقتي عشان ناس ما تسوى.

عزيزة ضربتها كف قوي وقالت: أمك ماتسوى يا حيوانة.

ليال ابتسمت رغم الدموع الي تنزل منها، وكملت: ماراح اتركها.


***

في الغد سارة هي من تحاشت ليال، لما وقفت جنبها في الطابور، سارة غيرت مكانها وبدلت مع وحدة في الخلف،

دخلوا الفصل وجت لها وحاولت تعتذر لكن سارة ما عطتها فرصة.

تركتها ليال ومن بكرا حاولت مره ثانية تعتذر ونفس الصد من سارة، ليال انتظرت لنهاية الدوام واول مارن الجرس

قامت عندها وقالت: سارة.

البنات بدأو بالخروج، سارة وضعت حقيبتها على الطاولة وقالت: مستعجلة ابوي عند الباب.

ليال: ادري ابوك مايجي الحين.

البنت الي جالسة قرب سارة قامت وطلعت، ليال جلست مكانها وتأملت سارة وهي تتشاغل بأغراضها وتدخلها

بحقيبتها، كانت مجروحة منها، عاقبتها وقطعتها بدون ذنب، تذكرت الكف الي جاها من أمها، زاد حزنها وغابت

بأفكارها عن المكان والزمان.

سارة تحركت بتقوم القت نظرة على ليال وتفاجأت لما شافت الدمع يملئ عيونها، حست بالندم يغطيها وانزاح كل الي

كان بخاطرها، ليال ما أخطت بالعكس فزعت معها وقبل كانت كل يوم تساعدها بموادها ليس ذنبها ماحدث.

سارة: وشفيك؟

ليال انتبهت لها وردت بعتب: أنت اللي وش فيك؟

سارة: بصراحة ضايقني كلام امك ياليال، مابي أكوًن صداقة مع وحدة أمها ما تبيني وفاهمتني غلط من شكلي.

ليال انحرجت من كلام سارة والجرح الواضح بصوتها، تلاشت كل الأعذار براسها وردت رد يختلف عن الي كانت

بتقوله: امي ما كانت تقصدك.

سارة ابتسمت بسخرية: والله ما اذكر فيه احد غيري معكم.

ليال: امي مشكلتها معي انا يا سارة، كل الي اسوية انا مرفوض سواء صح او غلط، صدقين لو كانت المشكلة مع

أختي ديم كانت بترحب فيك وبتقعد تسمع منكم وش صار ولا يمكن تسمعين مثل هالرد حتى لو ماعجبتيها.

سارة اتسعت عيونها متعجبة، سألت: ما فهمت؟

هي فاهمة بس حبت تستوضح من ليال اكثر، ليال ناظرتها وتنهدت: ديم وجود هم بس الموجودين بحياة امي هم بس

بناتها، انا

تاهت نظراتها بالفصل الي فضى من البنات قبل ما تكمل: انا وجع قلب

سارة انتقل لها حزن ليال وتاثرت بكلامها لكنها ماقتنعت فيه، الأم عندها شيء مقدس، مهما كان تعاملها فخطأها

صواب ومضرتها منفعة، لا يمكن يجي منها أذى.

سارة: مو صحيح كلامك، لو انت مو موجودة بحياتها ما شفت قدامي بنت متفوقة، انيقة وكل شي عندها كامل، لو ما

تهتم فيك ماشفتها تركض لمدرستك عشان مشكلة بسيطة.

ليال أدهشها دفاع سارة وحبته، نبها على أشياء ما كانت ببالها، سارة كملت: تخيلي حياتك من دونها وحدة غيرها تعطيك، وحده غيرها تمن عليك بتقولين لا الله يخلي لي امي.

قطع عليهم دخول الأستاذة المناوبة: يالله بنات وش مجلسكم الباصات بتمشي.

ليال وسارة وقفوا واخذوا شناطهم معهم، ليال ردت: نقل خاص أستاذة.

الأستاذة: طيب يالله استعجلوا.

مرت سنوات على تلك المشكلة وثبت لسارة مع الأيام صدق ليال، معاملة أمها معها فعلا مؤذية، ربما لو كان هذا

طبعها لما تعاطفت مع ليال لكن معالمتها هي النقيض لتعاملها مع ديم وجود.

هذا التفريق تشعر به يحفر عميقا داخل ليال وان كانت لا تظهر غيرتها من أخواتها لكن مشاعرها شفافة

جدا عندم تتكلم معها وعند حصول أي مشكلة فانها رغما عنها تقارن، الجميع يقارن.

مرت سنوات على تلك الحادثة وثبت لسارة مع الأيام صدق ليال،

معاملة أمها معها غريبة ومؤذية، ربما لو كان هذا طبعها لما تاثرت

كثيرا لكن معالمتها هي النقيض لتعاملها مع ديم وجود، وهذا ما

تحس به يحفر عميقا داخل ليال وان كانت لا تظهر مشاعرها وغيرتها

من أخواتها لكن سارة ترى هذا الشيء بوضوح عند حصول أي

مشكلة.

في بهو جامعة الاميرة نورة تجلسان مع بعض في بهو جامعة الأميرة

نورة، ليال تدرس في كلية الإدارة والإعمال قسم إدارة أعمال،

مستوى سادس أما سارة فتدرس في كلية التربية قسم طفولة

مبكرة ايضا مستوى سادس.

تتحينان كل فراغ في جدولهما لكي يجتمعا هذا عدا عن جمعتاهما

التي لا تنتهي في منازلهم، مرت بعلاقتهما الكثير من العوائق أكثرها

تعنت من عزيزة التي لم ترتاح لسارة الا بعد فترة طويلة.

سارة ويدها تلعب بخصلة من خصلات شعر سارة الطويل: خلاص

يابنت الحلال هونيها آخرتها امتحان تعوضين بالفاينل ان شاء الله.

ليال تقلب مذكرتها بيدها وتوزع نظراتها على جموع الطالبات تداري

دمعتها المتعلقة بأطراف عينها: ما يحق لها، غير إن الأسئلة خارجة

من المنهج، تخسفنا بالدرجات ليه، قال ايش قال الأسئلة جت من

شرحي بالقاعة، وربي أكذب منها شفت.

سارة تحاول ترفه عنها وبضحكة: ولا كذبة ندو؟

ليال ناظرتها لحظة، سارة كانت تقصد الحادثة إياها في الثانوي، لما

أغرقت ندى وصديقاتها الإدارة بأكاذيهما، ضحكت ليال: لا ذيك

الحمارة غير.

\
***
بعد ساعة على نفس المجلس، مع اضاءة قوية ونافذه لأشعة الشمس جلست عزيزة مع ديم وجود ينتظرون ليال، أيام الاثنين

تنتهي محاضراتها في الثانية والنصف، وعلى وصولها المنزل تكون

الساعة ثلاث.

: سلام

دخلت ليال بوجه أحمر ولا يزال متكدر، رمت المذكرة على الطاولة، وجلست.

جود: وجهك يقول الاختبار زفت.

ليال هزت رأسها: حرقتنا بالأسئلة الله يحرقها.

قطعتها عزيزة: لا تدعين.

ليال لم تحتمل برود أمها بدلا من مواساتها والتخفيف عنها.

كأنما وجدت غايتها التفت لامها وهي تضغط بكلماتها كلمة كلمة:

جعلها يارب ما تتهني بحياتها.

عزيزة ناظرتها: أنت ما تفهمين؟

ليال: لا ما أفهم

في العناد والاستفزاز ما في أحد يقدر يتغلب على ليال، وماقي أحد

يكسر هيبة أمهم غيرها، صحيح خفت كثير السنتين الاخيرات، لكن طبعها الحاد لازم يطل بين فترة وفترة.

طالت النظرات بين الأم وبنتها لين صدت ليال تكلم ديم وجود: لأن

أمكم دكتورة مثلها ما راح توقف ضد زميلتها، ما حد منهم يوقف مع

الطالب، هم بس الصح كلهم يبررون لبعض الظلم.

مع ان كلامها وقح ويقهر من كلمة أمكم إلى كلمة الظلم إلا أن ديم

وجود ما حبوا يتدخلون، يدرون ليال بتاكل نفسها ندم، وبتحوس كثير

لين تشوف أمها راضية.

ليال تهز رجلها معصبه تنتظر رد من أمها، تكره لا مبالاتها بينما هي

تحفر الأرض بأظافرها فقط حتى تثبت نفسها لها.

لما ما شافت رد، قامت أخذت المذكرة ومدتها لأمها: خوذي أسأليني

أي سؤال منها، حافظتها أكثر من أسمي، بس تعبي كله راح.

أمها بهدوء أخذت منها المذكرة ورجعتها للطاولة: ما يحتاج أسألك دامنا نبرر لبعض الظلم،

حركت يدها وأضافت: ليه أتعب نفسي.

ليال عضت شفتها مقهورة، أخذت مذكرتها وطلعت: أصلا متى عمرك

اهتميتي؟

جود بضيق: كان سايرتيها ماما شوي، أسبوعين لا راحت ولا جت

عشان الاختبار.

أمها عصبت: أنت لا تتدخلين، أساسا من جت وهي متقصدة

تستفزني، تعرفني ماطيقكم تدعون على أحد، وبعدين وش هذي

الكلمات "أمكم" و "أبرر للظلم"

أنا تقولي متى عمرك اهتميتي؟

ديم بنفس الضيق: طيب يمه بالله عليك والحل؟

عزيزة: ما في مشكلة عشان تطلبين له حل، من نفسها راح تعرف

غلطتها.

ضحكت ديم متعجبة: أنا ما اقصد اللي صار اليوم

لكن أمها قطعتها: خلاص قوموا الغدا أكيد جهز.


***

انتهى

*****
لا إاله ألا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين...


duaa.jabar, mansou and Black hand like this.


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 12-08-22 الساعة 07:25 PM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-11-20, 08:55 AM   #4

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


**
بسم الله
**

مساء الورد للجميع

الجزء الثالث

أتمنى يعجبكم حبيباتي، وبإنتظار انطباعكم واراؤكم...

**


الحياة التي تعطي بمكيال تأخذ بمكيالين، هذا هو أحد أشهر قوانينها، وأحيانا تختلف موازينه فيصبح

الأخذ أكثر من العطاء أو العكس.


مها التي يراها الجميع كأيقونة للسعادة والهناء، جمال ناضج، بنت تأخذ منها الكثير من الملامح، زوج غني يحسدها

عليه كل من يعرف اسمه، قصر لا يرى إلا بمجلات الأثاث العالمية، خدم، سفريات، سيارات، ودنيا باذخة تعجز عنها

الأحلام.


مع كل هذا النعيم تعيش ثقلا يتكتل داخلها يوما بعد يوم، يخنقها ويضيق على أوردتها، نفسها الوحيد الذي تعيشه هو

حين تجتمع بأمها وأخواتها.


في صالتها الممتدة بأثاث باريسي فاره، جلست أم زوجها وأخواته الأربع مع بناتهن يتناولون وجبة ثقيلة من

أعراض الناس ولحومهم.

المثير للشفقة أن هذه المواضيع التي يسخرون بها من الناس ويضحكون عليها ليست مواضيع تثير الضحك أو

مواضيع تستحق الوقوف عندها أصلا.

هذه يتشمتون بها لان زوجها تزوج عليها، وأخرى ابنتها تطلقت فيسخرون من نصيبها، وثالثه فضحت بابنها، ووو

أحاديث ترفضها فطرتها ولا يستوعبها عقلها، متى أصبحت هموم الناس ومصائبهم نوادر تستلذ بها المجالس؟

لو كانت أحاديثهم حكاية واحدة وتنتهي لما تضايقت للحد الذي تجده، لكن الجلسة تبدأ وتنتهي بأحاديث الشماته

والتعالي والسخرية.

تشعر بثقل الذنوب تتراكم عليها من مجرد السماع والسكوت، وتخاف أن تتبتلى بنفسها أو ابنتها ومن تحب، جربت

معهم النصح ولم يفد فاكتفت بالصمت والتفرج، تتفرج عليهم كمسلسل ممل بأحداث سخيفة وممثلون تافهون، مسلسل

تترقب انتهاؤه لكنه لا ينتهي.


تاملت بنتها روان تضحك مع عمتها جوهرة وتقول: والله ياعمة لو تشوفين شكلها بالجامعة ما ترفع راسها من

الفشيلة.

عمتها: تستاهل خل شوفة النفس تنفعها هي وامها، هم وين و ال وين.

هذا اكثر شي يحرق روحها، أن ابنتها هو أكثر من يشارك ويضحك ويستجلب السخرية من فلانه وفلان، اخذت من

تكبر والدها وعماتها وفاقتهم.


مها وقفت: روان تعالي ابيك بالمطبخ.

طلعت والتفتت ام سطام لأمها: ليش تناديها والشغالات ماليات المطبخ وش شغلتهن؟

أم فهد: تبي تخلي بنتي خدامة،، والتفتت لروان وكملت: بنتي تَخْدم ما تَخَدم.

العمه جوهرة ميلت فمها وقالت: نفسية الله يعينها.

روان تلون وجهها وانتفخ، نهضت غاضبة ودخلت على أمها المطبخ، وجدت أمها

تتكلم مع رئيسة الخدم، تكتفت وطالعت أمها من دون ما تتكلم.

مها ابتسمت لها وقالت: تعالي حبيبتي.

روان ماتحركت، ردت: وشتبين؟

مها: ابيك تساعدينن.

روان عصبت: جايبتني بين الروايح والقرف عشان اساعدك، اذا انت تبين الشقا، كيفك ابوي والله ما

جاب الشغالات عشان اجالسهم.

وطلعت لعماتها وبنات عماتها تكمل غيبتها من دون اهتمام لامها وطلبها.

*
*
*

بعد ساعة دخل زوجها فهد، فركضت احدى الخادمات تأخذ منه غترته التي رماها على الكنب، سلم على

أمه وخواته، القى على مها نظرة عابرة، تعجبه أناقتها ودقة اختياراتها، عاشر غيرها كثيرا ولم يجد

من تنافسها.

تلبس جلابية صفراء حرير مشغولة بتطريز ذهبي راقي، مكياج ناعم لا تحتاج إليه أساسا، وشعرها

أطلقته منسابا حول كتفيها بتدرجات بنية جميلة.

فور جلوسه وبعد السلام استمر الحديث الذي كان متداولا فقالت احدى أخواته: سمعت يا بو سعود،

بخالد ال... طلق زوجته بنت ال..

وأردفت بنظرة ذات معنى إلى مها: وشلون يطلقها لو تشوفها كاملة والكامل الله جمال وجسم.

مها فهمت المغزى الواضح من القصة وهو قهرها بوصف النساء لزوجها.

مالت بكامل جسمها على الأريكة ترتكي ببرود وقالت وهي ترفع خصلات شعرها الي ترفرف على

وجهها: والله لو الطلاق على الزين والشين كان ياما حريم هربوا منهن رجالهن.

وابتسمت بعذوبة فائقة وهي تثبت نظراتها ببطء بوجه ام سطام وترفع حواجبها كأنها تقول "انت

مثلا".

الكل فهم الرمية واحمر وجه أم سطام وهي تتوعد فيها من داخلها.


صحيح يسئمونها لكن لم يستطيعوا دهسها يوما، مها انتظرت دقيقة ثم قامت بهدوء تامر الخدم تجديد

القهوة.

أم سطام بوجه احمر كلمت خواتها: شفتوا ردها؟

نوال وقلبها مليء بالشماته على اختها، ردت بنفاق: خليك منها شايفة نفسها على الفاضي.

الأم وهي تناظر ولدها: أكيد المرة اللي ما تحترم زوجها، ما راح تحترم أهله.

"ما تحترم زوجها "

ترددت أصداء هذه الكلمة في رأسه طويلا، حتى وهو يأخذ فنجان القهوة من زوجته التي عادت

تقهويهم من جديد بكل تفاني واحترام، كان عقله بلا وعي يدور حول الاحترام.



دخلت إحدى الخادمات وقالت تكلم فهد: سير، مستر إبراهيم اوت.

كشر فهد ومعه أخواته، وقالت وحدة منهن: لا يكون جار نعجته وراه.

ردت أم سطام: اكيد ما راح تخليه يجي لحاله، لازم تجي تشوف وش نقول له والا ترسل وحده من

الغثيثات بناتها.

روان ناظرت أمها: لا تقولون اجلس مع هاجر وإيمان، انا برقى واذا طلعوا نزلت.

قاموا معها البنات معترضين انها بتخليهم وطلعوا معها وتعليقاتهم الساخرة تصل لنهاية الباب الذي

دخل معه إبراهيم وحده.


*
*

في نفس الوقت وفي مجلس جميل مصمم بطريقة شعبية قديمة يحاكي بيوت الأولين، اعواد القش بلون

الطين الباهت تملا الجدران بهندسية إحترافية رائعة، السقف تخططه خشب طويلة فرش فيما بينها

بالسعف، ويتدلى منها سرج نحاسية للإضاءة، الزوالي الحمراء تملا المجلس وفيها جلسة سدو

أرضية، وعلى الجهة المقابل للباب وجار مربع كبير وفوقه أرفف رص فوقها أباريق القهوة والشاهي،

وتحف فخمة لمشغولات يدوية قديمة.



جلس على مع أمه وزوجته، على هو كبير العائلة الأبن الوحيد لهم عمره 52 سنة، وعنده سلمان 27

سنة متزوج منذ خمس سنوات وليس لديه أطفال، عبد الرحمن 24، نهلة 23 سنة، وربى 18 سنة.

علي مد لأمه فنجان القهوة وسألها: يمه خواتي وش علومهم من زمان عنهن؟

أمه: بسم الله عليك نسيت قبل يومين جاياتنا.

علي: وش ذيك الجيه مثل قلته ماجلسن ولا جا معهم بناتهم.

زوجته أم سلمان مدت له صحفة صغيرة فيها تمر: عشان اختبارات الجامعات بدت.

أمه: والله لهن فقدة البنيات، حتى قاطعات ما يقولن أدق أسلم على جدتي، واسأل عنها، أأبد على قولة

القايل من صد عني سل عنه بالي.

أم سلمان: والله يا خالة هذا شعار الجميع بهالوقت ما حد يفقد أحد.

أم علي: وأولهن بناتس من غرفتهن للشارع ومن الشارع للغرفة، بنفس البيت ما تشوف الوحدة إلا كل

يومين.

علي ناظر زوجته ينتظر الرد، أم سلمان: مو ليال كلمتك أمس؟

أم علي: اييه مافي غير ليال اللي يدق ويسال منهن.

أم سلمان: ليال بنتك يا خاله انت اللي ربيتيها.

أم علي مدت تلفونها لعلي: خذ الجوال دق عليها، بشوف وش سوت باختبارها، أمس تقول ادعي لي

يممه امتحاني صعب.

علي أخذ الجوال ودق وبعد فتره: يمه ما في رد.

أمه: اجل دق على عزيزة.

علي دق مرة ثانية على أخته، ومن جواله أرسل لزوجته تقوم تنادي البنات يجن يجلسن مع أمه.

أم سلمان قامت وعلي مد لأمه الجوال: سمي.


***

عزيزة كانت جالسة تتقهوى مع ديم وجود ردت على امها: هلا وغلا ياهلا بهالصوت.

أمها مباشرة: هلا بتس يمه وشلونتس وشلون البناتـ، ليال وشلون اختبارها، وينها عطين باكلمها.

عزيزة: والله يمه بعد الغداء ما نزلت، شكله نائمة.

أم علي عصبت: من الضهر ما تدرين عن بنتس.

عزيزة اخذت نفس طويل وأشارت لجود تجي تأخذ الجوال: هذي جود تودي له الجوال.

أم علي بنفس انفعالها: والله ما يأخذ الجوال غيرتس، بنتس لمتى مهملته؟

عزيزة تضايقها كثير هذه الأسطوانة ردت: ونا راميته بالشارع يمه؟

سكتت شوي بعدين كملت: خلاص سمي، سمي هذاي قمت.

أمها: كانها نايمة خليها لا تقومينها.

عزيزة بطولة بال: سمي على أمرك.

*
*
*

وقفت فترة عند الباب اللؤلؤي اللامع لغرفة ليال، تتثاقل تدخلها، مدت يدها للمقبض الذهبي وفتحت

الباب، الانطباع الأول لأي شخص يشوف الغرفة هو الاسترخاء.

بعد وفاة أبو ديم بسنة تقريبا، انتقلت عزيزة لبيت قريب من بيت أخوها علي، المصيبة ما خلت لها

مزاج تبني وتأثث، لكنها توفقت بفيلا راقية وأنيقة توها مخلصة تشطيب وحتى تلهي بناتها وتشغلهم

عن الحزن خلت كل وحدة منهن تأثث غرفتها بإشراف أختها مها فصارت كل غرفة تختلف عن غرفة

الاخرى.


في البداية لأنهم صغار كانوا بغرفة واحدة سوا، بعدها بسنة انعزلت ديم وليال ظلت مع جود ولما

تخرجت للثانوي انتقلت لغرفة خاصة فيها.

الغرفة كانت أرضيه باركيه خشبي تتدرج بين الفاتح والغامق، والاثاث بلون بني داكن متماوج، وامتدت

بين السرير والتسريحة وبين السرير والدولاب زوالي حرير بيج مستطيلة الشكل، وعلى الجدار نافذة

مستطيلة عريضة نوعا ماء، ومن زاوية واحدة انسدلت عليها ستارة من الشيفون بيجيه اللون.

ي الزاوية أريكة بيج امتدت بشكل عرضي فوقها مخدات بألوان بين الأصفر الباهت والبني الفاتح،

خلفها أباجورة طويلة تطل على الأريكة، وبقربها طاولة خدمة رفيعة تضع ليال عليها جوالها

ومحملوها ودفتر أنيق لها مع قلم كارتير.

قرب السرير من الجهتين كمودينة فوقهما أباجورات ناعمة، بسيطة التصميم، وعلى الجهة التي تنام

عليها وضعت فوق الكمودينة مصحف متوسط الحجم منقوش اسمها بخط جميل أهدته لها خالتها مها.

*

تاملت ابنتها النائمة في وداعة وشعرها الاسود ينتشر على صفحات وجهها وفوق المخدة، وبعض

الخصلات ابتعدت قليلا الى الخلف، هذا المنظر على عذوبته إلا أنه يثير أعصابها، وأكثر ما يغضبها أن

ليال لم تتركه بهذا الطول إلا عنادا لها ومغايظة.

*
*
*
ليال حست بفتح الباب وبدت تصحى تدريجيا، رفعت راسها لتجد أمها تنظرإليها، دائما نمط نظراتها

واحد إما الغضب أو الجمود، طالعتها مستغربة وجودها النادر في غرفتها.

عزيزة مدت لها جوالها وقالت: كلمي امي تسأل عنك.

أخذت الهاتف ووجدت الاتصال منقطع، أعادته إلى أمها: مافي احد، بقوم واكلمها بعد شوي.

عزيزة: كلميها الحين مالي خلق تعصب علي توها معطتني محاضرة.

نص ابتسامة خرجت من ليال وكتمت النص الآخر، أمها عند أمها تتحول لجبانة صغيرة، وخاصة اذا

كان الموضوع يتعلق بها، جدتها لا تغضب إلا لأجلها وهذا يضيف لمشاعر ليال امنتنان قوي ناحية

جدتها مُنٌكه بفرحة خبيثة حين تسمع توبيخاتها لأمها.


*

اخذت الهاتف ودقت على جدتها ليأتيها أحن صوت وأجمله: هلا هلا والله بامي

ليال بصوت مبحوح: هلا بك ياقلبي.

أم علي: وش به صوتس عسى مانتب مريضة؟

ليال أغمضت عيونها على اهتمامها وخوفها وقالت: لا يمه فديتك توي قايمة من النوم.

ام علي: اشوا بشرين شلون اختبار التوحيد؟

ليال قطبت جبينها لحظة بعدين ضحكت على خطأ جدتها: التجديد يمه مهب التوحيد، لسه ماختبرته،
بكرا عندي.

ام علي: حسبته اليوم قلبي معتس كل اليوم.

ليال بصدق: يابعد قلبي انت الله لا يخلين منك، لا بكرا مهب اليوم.

سكتت قليلا ثم أردفت: ادعي لي يمه تكفين.



"ادعِ لي"


دارت هذه الجملة البسيطة في رأس عزيزة، لا تذكر أن ليال طلبت منها يوما أن تدع لها، لا تطلب منها

مع أنها هي أمها وهي من يستجاب دعاءها، لا تشاركها همومها ومخاوفها وتطلب من

غيرها الدعاء وتجاهر بهذا أمامها لتقهرها، كأنه لم يكفها الوجع الذي ينام معها كل ليلة.

ربما تراها قاسية، ربما يراها الجميع ظالمة، لكنهم لا يرون ما تفعله ليال.

لا تقصر معها في العناد والمغايظة، والردود الوقحة، لا تعلم هل تلوم ليال أم تلوم نفسها لكن بالتأكيد

ليست هي الملامة الوحيدة.


عزيزة كانت جالسة على الاريكة تنتظر انتهاءها من المكالمة، وفي راسها تدور هذه الأفكار، كعواصف

سواداء تغذي بعضها بعضا.

نهضت واقفة وشعور قوي بالغضب ينتابها، يجب أن تخرج من هذه الغرفة ومن مشاعرها السلبية قبل

أن تفقد السيطرة عليها.

*
*
*

نزلت تحت ودخلت على ديم وجود وسألتهم: كم لكم ما كلمتوا أمي؟

عقدت جود حواجبها تحاول تتذكر، وديم ردت: يمكن من قبل الأختبارات.

عزيزة: والله ما تستحون، توها مكلمتن تتشره تقول بناتك وبنات خواتك من شهر مادري عنهن والله

ماتنلام.

التفتت لديم: دقي على ماجد بكرا ياخذكم مع سما تسلمون عليها.

ديم ضحكت مستبعدة الفكرة: وش أدق على ماجد، نروح مع السواق.

جود ضحكت وغمزت لأمها: من هالحين توفر زوجها يمه.

ديم الأخت الكبيرة أهداهم وأحياهم، متملكة من شهرين على ولد خالتها ماجد، وترفض كثير يزورها

حتى المكالمات بواسطة وشفاعة، ما تعودت على أي رجل بمحيطها، حتى خالها تستحي منه، وبعد


ملكتها صارت تستحي من الجميع.

بان على وجهها التوتر خائفة من إصرار أمها وبنفس الوقت محتارة ومتضايقة من نفسها، حتى ماجد

صار يستحي مثلها وما عاد يصر كالسابق.

عزيزة: يا بنتي مثل ما الخفة الزايدة تطيح القيمة ترى الثقل الزايد يطفش الرجال، التوازن مطلوب.

ديم بعجز: ما قدر يمه، غصب علي يرتجف لساني وما عرف أتكلم.

عزيزة فامت عندها ومسكت يدها: دامك حاسة بنفسك حلو، لا تجبري نفسك على شي، العلاج يجي

بالتدرج، تدرجي شوي شوي يعني أول خلك مبادرة، صبحي عليه ومسي، اسألي عنه برسايل خفيفة

أهم شي لا يحس انك نافره منه،

جود بخبالها: تبين رسايل.

عزيزة وديم ابتسموا لها وعزيزة هزت راسها بتشوف وين توصل له.

بضحكة لعوب ونظرة فيها دلع وشقاوة نحو أمها كملت: أنا من دون حضنك أضيع، وبوساتك..


ديم تخيلت وجه ماجد لو ترسل كذا وغزاها الاحمرار التفتت لأمها: يمه سكتيها.

عزيزة أخذت علبة المناديل ورمتها جهة جود وهي تضحك: يا الخبلة أنا استحيت وأنت ما استحيتي.

جود قامت وزاحمت ديم حتى تقعد بحضن أمها وبدلع: والله أنا من دون حضن أمي أضيع، أنتم اللي ما

تستحون ترى مو كل شي يقصد فيه الرجال.

*
*
*

جالس في مكتبه، منغمس بين الأوراق والمكالمات ويدفن نفسه في أعماله وأشغاله لينسى مشاكله

وهمومه، يجلس بمكتبه أكثر من بيته لهذا وفر فيه كل ما يلزمه فاصبح مكتبه بشقه صغيرة.

رن هاتفه فزفر ضيقا بإسم عبيير: هلا موجود بالمكتب.

: خلاص ادق على السواق

:مع أمي؟

:زين زين امرك أنا.

أنهى ما بيده، ونادى سكرتيره يكمل عنه الباقي وخرج.


**

تفاجأ عند دخوله بوجود امه مع أبيه في الصالة: السلاع عليكم، أنت هنا يمه؟

امه طالعته باستنكار وضحكت: لا طالعة باقي لي ساعة واجي.

فهم أنها كالعادة كذبت عليه حتى تخرجه من مكتبه وأشغاله، تتعامل معه مثل طفل وتظن بغباءها أنها

تمشيه بأكاذيبها، لا تعلم أنه هو من يمشيها بصبره، رفع هاتفه: وينك انتظرك تحت اخلصي.

جلس قرب أمه وأبيه وأخذ فنجان القهوة من أمه: وين جدتي؟

ردت عليه أمه: بغرفتها قالت بتتسطح شوي لين صلاة الأخير.

سلمان: عسى ماهي تعبانة؟

أمه: لا بس تعرف الكبير يمل من الجلسة الطويلة وهي كل العصر جالسة بالمجلس.

هز رأسه بينما هو يتميز غيظا من زوجته، أخبرته أنها جاهزة وهاهي مرت نص ساعة ولم تنزل.

دخلت عليهم تسبقها رائحة عطرها الفواحه، ومكياج مبالغ شوهها بدل أن يجملها.


وقف سلمان وأشار لها أن تتقدمه، بعد خروجهما التفت أبو سلمان إلى زوجته: من كان يتوقع أن

سلمان الغيور الحامي تطلع زوجته بهالشكل، بالله هذي رايحة لعزيمة والا سوق.

أم سلمان تهديه: يابن الحلال كل البنات كذا، الله يصلحهم بس.

هز رأسه غير مقتنع: لا والله شوفي بناتك أصغر منها مايطلعن بهالشكل وبنات فايزة وعزيزة مهب

كذا، أنا ما يقهرن إلا ولدي اللي من أخذه وهو مهب مرتاح، وقته كله يقضيه بالمكتب، تحسينه كله

شغل لا والله هارب منها ومن نكدها.


أم سلمان تدري بمعاناة ابنها عندما يأتي ليرتاح فإن الصراخ يسمعونه من مكانهم وعلى اتفه الإسباب

لكنها لا تستطيع التدخل: دام انه ما شكى يابو سلمان كيفه، خل المركب يسير، يمكن لو تحمل يتعدل

حالهم.


دخلت الجدة التي استمعت لنهاية الحديث: لا والله ليته ما تحمل، والله ما يبلش بولدها إلا انت، الام كل

وقته مع صديقاته والابو ساكن مكتبه.

بعد ما جلست ناظرت أم سلمان بامتنان: اشهد اني ما ألقى مثلك بالحريم، مادري وشلون تجيك مرت

ولد مثل هذي.


ضحك أبو سلمان وناظر زوجته الي تنحرج كثير من المدح: والله انك صادقة يمه، مثل أم سلمان

مفروض تجيها كنه من السماء.

أم علي تؤيده: والنعم فيها أم سلمان ما شفت منها يوم أغبر.

أم سلمان ضاعت علومها ما تدري تسكت زوجها والا أمه وبتغير للموضوع: اقول خاله بكرا اخر يوم

بالاختبارات ورا ماتنادين البنات يوم الجمعة.

أم علي التفتت لولدها: أي والله ارسلهن ياولدي قبل ما يرتبطن بسوق والا بلا.
*
*
انتهى
*
*
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين...
..

اليوم انكشف جزء من مشاعر عزيزة، وكأني عطيتكم طرف خيط لسبب معاملتها مع

بنتها، ابي اشوف تخميناتكم، وخصوصا الشطحات أحبها..


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-11-20, 08:58 AM   #5

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




بسم الله

___

الجزء الرابع
___


و لقياك جدد فيا الحياة

وأشرق في داخلي الأمل


*
*
من بكرة المغرب ديم فقط هي اللي راحت مع ماجد بحكم انها متخرجة وعاطلة لا دراسة ولا اختبارات،

وأخذت معها سما بالغصب حتى يسلمون على جدتهم.

ماجد الدنيا لا تسعه من الفرحة بسبب اتصالها الخجول وطلبها، القلق تمكن منه ووساوس الشيطان

نسجت في قلبه خواطر مزعجة بأن ديم مجبورة عليه وخالته ربما تتصل في أي وقت وتطلب فك

الخطبة.

لكن مكالمتها أخمدت ظنونه ومخاوفه، كيف يمكن لصوت ومكالمة لم تتعدى الثلاث دقائق أن تقلب

حياتك من صقيع أسود، إلى حدائق زاهية وألوان لا توصف.

*
*

سما من ركبت معه وهي تضحك، ملابسه الي مرمية بكل مكان هي وأكواب الكوفي في المقاعد الأمامية

اختفت فجأة، وحل محلها الريحة الحلوة، ولمعة الشبابيك والخشب كأن السيارة جديدة.

سألته: ماجد انت شاري سيارة جديدة؟

ماجد مانتبه لخبثها، ورد: لا سيارتي يالخبلة.

سما بلؤم: ياخي نظيفة وين القراطيس، وثيابك البنية الوصخة، والمناديل الرطبة، وش صاير بالدنيا.

التفت عليها ماجد، بيده منديل تمنى يخنقها فيه، رفع المنديل بتهديد وقال: شوفي

منديل رطب، والله ان ماسكت لا أخليه بوسط فمك.

سما تصرخ: يعععععععععع

ديم ضحكت عليهم وسما ولا همها تهديده تنهدت: اييه يامي ليتك فيه تشوفين قدرة ربي.

ماجد قاعد يحسب لها لكن ما يقدر يرد يخاف تجيب الأول والأخير، يعرفها لسانها منفلت وعقلها

أفلت.

غير السالفة: الديم متى تبين أجي اخذكم؟

سما ردت: ساعة ياويلك تتاخر عندي اختبار.

ماجد صر على اسنانه: ودام عندك تبن وش مرززك جنبي يالغثا؟

ضحكة طلعت من سما وهي ترد: وش أسوي أوامر امك وخالتك يبوني محرم معكم، يدرون فيكم

ماتنضمنون.

ديم انصبغ وجهها باللون الأحمر، فعلا البنت منتهية، وجود مهب شي عند جنونها.

مدت يدها وبكل قوتها قبصت سما.

سما انقطعت ضحكها وصرخت: أي أي، اتوب والله اتوب.

ماجد: تستاهلين أكثر يالخبلة.

*
*
*

بعد منام مستنزف أكثر مما هو مريح، استيقظت ومعها صداع وخفقان مو جديد عليها، جدولها المتغير

وقت الاختبارات مرهق وكئيب، لا تحب السهر وتعويضه بنوم العصر والمغرب يتعبها كثيرا، لم تأخذ

من اسمها شيئا تعودت من أمها على نظام نهاري لهذا تحب الفجر وتعشق نسماته.


صلت فرضها ومسكت مصحفها وقرأت حتى شعرت باطمئنان بارد ينتشر صدرها، نهضت ووقفت أمام

النافذة تتأمل السماء أمامها، رويتنها اليومي الذي لا تمل منه، اشتافت لأمها وأخواتها فأخذت كتابها

الذي عليه امتحانها في الغد ونزلت.

صوت جود المشاغب وصلها وهي تنزل، سلمت وبحثت بعينيها عن ديم لكن لم تجد سوى أمها وجود.

شعرت بحاجة ملحه تحيطها لتذهب وترمي رأسها في حضن أمها وتبكي.

تشكو إليها صداعها المزمن والانقباض في صدرها، تشكو إليها شتات أيامها ولياليها وقفر سنواتها

الخالية منها.

أمها بعد ولادتها بأشهر وضعتها عند جدتها تربيها حتى اتمت ثمان سنوات، هذه السنوات قضتها في

شجارات يومية مع أبناء خالاتها محمد وروان اللذان كانا يتنمران عليها بسبب مكوثها في بيت خالها

علي عند الجدة.

كانوا يتنمرون عليها وكانت ترد عليهم بكل شراسة وهذا ما جعل الشجارات تطول، وأحيانا يصل بهم

لؤم الأطفال إلى التأكيد بأنها ليست ابنتهم والدليل أن أبويها بعد كل زيارة يأخذان ديم وجود

ويتركانها في بيت خالها.

شجارها الذي لا ينتهي مع الأطفال كان سبب لكثرة الشجارات مع أمها، أحيانا يصل إلى الضرب

والعقاب، ثم فجأة بعد تمامها الثامنة قرر أهلها أخذها للعيش معهم، لا تعلم من الذي اكتفى منها، هل

جدتها؟ خالها؟ أم أن أباها الذي لم يفرقها يوما عن أخواتها قرر من نفسه أخذها.

الوضع الذي كان مع أمها في بيت جدتها لم يتغير في بيت أهلها، شجارها مع أمها أصبح كل يوم،

غربتها انتفلت معها إلى بيت والدها.

تكشَف لها مع الأيام باختصار أن أمها هي التي لا تريدها، لا تتحدث معها إلا بحدود يغلبها أمر أو نهي،

لا تضمها كما تضم أخواتها، لا تحاول مصاحبتها كما تفعل مع ديم أو تدللها كما تفعل مع جود، أمها

الدقيقة في كل شي يخص بناتها لا تعرف إن كانت مريضة، مهمومة، حزينة ولا تهتم إن مكثت يومها

كله في غرفتها، بل تسر وتفرح، تتحاشاها كأنما تتحاشى مرضا معديا.

أباها فقط من كان يهتم بها ويحاول سد النقص الذي كانت تعانيه بسبب أمها. لكن الأيام لم تسعدها معه

ومات تاركا إياها من جديد تصارع وحدها الاحتياج والحرمان.

**

قطع أفكارها صوت جود: أصب لك قهوة؟

نظرت أمامها الى القهوة بفناجينها الأنيقة المذهبة وصحن الحلا المشرب بزخرفة ذهبية تفتح النفس

ومن نفس الطقم صحن مخصص للتمر، لمحت أمها بطرف عينها تضع قدما فوق قدم وتلبس نظارة

القراءة، وتبدو مشغولة بأوراق ومذكرات للجامعة.

هزت رأسها مع كشرة خفيفة.

جود قربت لها: شفيك؟

ليال: راسي احسه بينفجر.


سألت: ديم وينها؟

جود: راحت لجدتي، نسيتي؟

ليال رجعت تسأل بفكاهة: راحت مع ماجد؟

جود ابتسمت: إي، ابشرك بعد ما عطيتها جرعات رومانسية الحمد لله اختنا تعافت.

ليال ابتسمت معها: والله مايجي منك الا الخراب.

بشقاوة حلوة ردت: ما عليه الحين تقولين كذا بس بكرا بتدوريني.

ليال: انا ادورك؟ انتظري ياحلوة.

جود: إن غدا لناظره قريب كاني اناظرك بكرا تدورين بجوالي مسجات للحب.

عزيزة جذبتها سوالفهم وضحكاتهم، رفعت رأسها تناظرهم.

ليال: الله لا يقوله كاني باخذ منك مسجات للحب ع قولتك، بعدين من قالك بتزوج عشان أحتاج لأسلحتك

مادري منشطاتك.

جود بمنطقية: ليش لا كلنا بنتزوج.

وكأنها انتبهت لشي صرخت مفجوعة: خير ما تتزوجين يعني أنا اقعد استناك.

صرختها جعلت ليال ترمش عدة مرات متضايقة كأنما سلط عليها ضوء قوي في ظلام دامس، أسدلت

أهدابها وأرخت رأسها على الأريكة

لاحظتها جود: لا أنت حالتك مرة، تعالي.

أثنت سيقانها تحتها وضربت فخذها تنادي ليال الي تناظرها رافعة حواجبها كأنها تستقللها: تعالي حطي

راسك بتدعين لي.

وغمزت لها تكمل: ما قلت لك بتحتاجيني.

ليال قربت وحطت رأسها على فخذ أختها اللي أمرتها: غمضي عيونك بيبي.

بدت تدلك رأسها نزولا وصعودا على أصداغ ليال، لم تكن بتلك المهارة مع ذك ساهمت كثيرا تخفيف

حدة الألم.

ليال تاوهت: اه استمري تكفين كانه براسي الالات وانت قاعدة تطفينهم.

جود: يعني انا الحين ريموت.

ليال: ايه

جود: اليوم ريموت وبكرا مسج جوال.

ليال ضحكت: كولي تبن بس واشتغلي بصمت.


عزيزة قطبت جبينها من الصداع المتزايد مع ليال قالت: أول ما تخلص اختباراتك بحجز لك عند

مستشفى ال نشوف وش سبب هالصداع.

ليال هزت رأسها، مع اانها تعرف سبب صداعها وماتحتاج مستشفيات، ردت: زين.


*

ماجد رجع يأخذ اخته وديم، سما كانت هادئه على غير العادة تفكر في المادة التي لم تدرسها.

قالت لديم: تأخرعلي الوقت، يارب الحق.

ديم معتادة يذاكرون قبل الاختبارات، وأيام الأختبار تكون فقط مراجعة لا غير، سألت: ليش ما راجعتي

مادتك قبل؟

سما تتفلسف: ما حب افتح الاختبار إلا بليلته، كذا ما تطير المعلومات.

ديم ضحكت: ماشاء الله، وش هالحكمة العجيبة.

ماجد رد: حكم الحكيمة الفاضلة سما، ماشفتي شي.

سما: والله ماطلعت على خطيبتك وخواتها حتى الفهرس يحفظونه.

ديم: اذكري ربك، ليال مسكينة أمس متضايقة ماحلت زين باختبارها.

سما ضحكت: والله لو جود يمكن اصدقك لكن ليال؟ تلقينها نست تكتب أرقام الصفحات مع الأجابات

وقالت ماحليت زين.

ولفت للخلف تتف وهي تضحك وتذكر الله: الحين يجيك شي ياكلني الدب اللي بجنبي.

ماجد: والله انت تاكلين امه كامله، من ياكلك انت بسم الله عليك.

بعد دقائق نزلت سما ونزلت ديم تركب مكانها، كانت تتمنى يوصلها قبل، لكن استحت تتكلم.

صمت ثقيل عم السيارة، تمنت ديم لو كان عندها جرأة جود وليال أو حتى جنون سما لكن مع حياها ما

في أمل.

ماجد تنفس بعمق: يازين الهدوء صكت راسي.

ابتسمت ديم وبرقة: حرام عليك جايه عشاني مع ان وراها امتحان.

ماجد: يا شيخة ولا تهمك، من قال انها بتذاكر، الحين تلقينها فتحت إعادة على مباريات النصر، الأخت

عايشة عالحظ.

طقطق بأصابعه على المقود يفكر بعدين قال: وين تبين نروح.

سما: البيت.

حست أنها تسرعت فبررت: أمي تنتظرني.

وقفوا قبل عند كوفي شوب ماجد طلب له قهوة سوداء، وديم طلبت كابتشينو، بعدين كمل للبيت،

المسافة ما كانت بعيدة عن بيتهم، خمس دقائق تقريبا.

بعد ما وصلوا ماجد التفت بكامل جسمه عليها ما كان باين منها ِإلا عيونها الواسعة، مسك يدها وقال:

ايوه ياست ديم وش عندك؟

ديم لم تفهم قصده فسكتت تنتظره يكمل: بعني لمتى التغلي؟

ديم تضايقت وسألت: أنت تشوفه تغلي؟

ماجد: صراحة ما عرفت أحدد، تدرين أسبوع ما سمعت صوتك إلا أمس؟

ديم تعرف أنها تفرط بفترة جميلة ومهمة من حياتهم، وتعرف أنها راح تتحسف عليها بعدين لكن ليس

بيدها، ردت: أدري، بس ما قدر، ماتعودت.

سكتت وكإرضاء له ضغطت بيدها على يده.

ماجد ما فهمها لكن ضغطة يدها كفته عن أي كلمة أخرى، ديم بالمقابل فتحت الباب وحاولت تسحب

يدها حتى تنزل.

ماجد شدها له: وين، ماراح اخليك إلا لما توعديني انك تحاولين، لو تدرين اليوم كيف فرحتين باتصالك.

سكت لحظة وهمس: لو تدرين كيف اشتاق لك.

ديم وجهها قلب أحمر، حمدت ربها على نعمة النقاب وبهمس ردت: بحاول أوعدك.

ماجد باس يدها وتركها، وديم نزلت.

*
*
*

لم يستطع النوم طيلة ليال حتى انه وقف بباب غرفة أمه ليسألها لكنه تراجع ناقدا على نفسه، واليوم

كان يتحرى اللحظة التي تكون فيه لوحدها.

صبره نفذ ويريد أن يطفى نار اشعلتها أمه بكلمة.

أخيرا وجدها جالسة في الصالون قرب لها: مساك الله بالخير وشلونك يمه؟

أمه ابتسمت له بمودة: طيبه ياولدي، أنت وشلونك وش أخبار المكتب اليوم؟

حرك شفتيه: الحمدلله كل شي تمام.

سكت محاولا إيجاد لمحة يدخل منها لموضوعه، لم يجد، محامي مثله سريع البديهه ومدرب تطوير

ذاتي لا تعجزه الأدوات والحجج عند الكلام لم يستطع سؤال أمه ببساطة عما يشغل باله.


التفت يناظر الصالة الهادئة: وين العيال؟

فايزة وهي مشغولة بجوالها: سما راحت مع ماجد وديم يسلمون على امي.

وجد ضالته أخيرا فسأل: على طاري ديم، وش صار عليهم بيت خالتي وافقوا؟

أمه ولا تزال مشغولة مع قروب أخواتها: على ايش؟

محمد: على اللي متقدم لليال.

فجأة حصل على انتباه أمه، رفعت راسها وأعطته نظرة توجس منها محمد، ردت عليه: ليه تسأل؟

محمد تنرفز: وشلون ليش أسال، حرام؟

كرهت هروبه من الأسئلة بأسئلة، فكرت تقهره وتقول ايه وافقوا، لكن خافت من ردة فعل قد لا تعجبها

فقالت: ليال رفضت.

لم تكن تكذب، ليال بالفعل تخطب كثيرا ويكون جوابها الرفض مباشرة.


الراحة التي ظهرت في وجه محمد فاجأتها أكثر، كانت قبل تشك بوجود مشاعر من ابنها خالصة بليال

والأن تيقنت تماما.

لا تعرف كيف تشجعه، احتارت فعلا، طيعة كتوم وربما ينكر ان اخبرته بما تفكر،كل ما قدرت عليه هو

تحريضه: لكن إن ما وافقت اليوم بتوافق بكرا، البنت بسم الله عليها ملفته وبكل مناسبة لازم كذا وحده

تسأل عنها، خطابها كثير، وكل واحد أحسن من الثاني.

رجع الكدر يغلف ملامحه الوسيمة، مسح وجهه بيده يفكر وأمه تنظر إليه مستغربه تردده.

قالت: تبين أكلم خالتك؟

بهدوء: لا أنت كلمي أبوي، وأنا بكلم لخالتي.

وكمل يشرح موقفه: عشان اذا سألتها خالتي ابيها تفهم أن الكلام بيني وبين أمها بس حتى ما تستحي

منك.

أمه وابتسامة واسعة تطلع منها: يا عيني على الإحساس.

محمد ابتسم معها براحة على هذا القرار لا يعلم لماذا كان يؤجله، قام وقبل رأس أمه ويدها بامتنان

كبير لتفهمها له وتشجيعها.

قال: وش رايك متى أحسن وقت أروح؟

أمه: الحين عندها اختبارات يعني عزيزة ميه بالمية ما راح تكلمها، اصبر أسبوع تكون خلصت.

هز رأسه: أن شاء الله، بس أنت كلمي أبوي بأقرب وقت.

ضحكت امه وقالت: لا توصي، أصلا ما صدقت تتكلم.

محمد عطاها ابتسامة وطلع.

فايزة رجعت لقروب خواتها والفرحة شايلتها شيل، كام لا ترى أحسن من أبنائها، موظفين، محافظين

على الصلاة وناجحين بسببها، وكخالة ونصف أم لم تجد أفضل من بنات أختها زوجات لأبنائها جميلات

ذوات خلق وتربية ورقي.

لكن السؤال الذي أقلقها ولم تخبر به محمد، هل ستوافق ليال.

*
*
*

جالسة على تسريحتها تضع مرطب على بشرتها، دخل عليها بوجه أسود، استغربت رجوعه مبكرا

وتسائلت ماذا به؟

فهد اللي خسران ببعض صفقاته، طول اليوم كان يلعن بموظفينه وما برد قلبه، وجائت مكالمة أمه

كسبب ينتظره: أنت ما تستحين تردين أمي؟

مها فهمت السالفة، أمس خالتها طلبت منها تروح معها لزواج بنت رفيقتها واعتذرت، أحيانا تتجمل مع

خالتها وتروح وكثير ترفض، يعني ليس شيئا جديدا هذا الرفض، لماذا يتضايق؟

مها لفت تناظره ويدها تكمل عمليه دهن الكريم في برود، الشيء الذي أجج غضبه وبصوت تقيل تغلبه

النعومة: انا مو ملزومة بكل مناسبة أروح معاها، قبل أسبوعين كنت معها بزواج.

بعصبية أخذ الكريم منها ورماه على الجدار، وبيده الثانية وقفها: انت وش عليه شابفة نفسك، تفكين

وتربطين على كيفك، أمي قالت تروحين يعني تروحين.

اليوم عصبيته فارطه، يده كانت تضغط على معصمها بحقد سحبتها منه وبغضب ردت: لا يا روحي إذا

انا بغيت أروح رحت، ماحد يفرض علي وين أروح ووين أجي.

شتائم ولعنات خرجت منه، وسب قوي قهرها واشعل النار فيها، لم تفعل ما يستحق ردة الفعل هذه

بالعكس سنوات وهي تكرمه وتكرم وأهله وتضغط على نفسها من أجلهم.

سكتت على قحتهم ونغزاتهم، على تحريض بنتها وزوجها، على مشاجراته الدائمة بلا سبب، سكتت

على حرمانه لها من الأطفال، على خياناته اللي ما حاول يخفيها ولا همه توصلها، سكتت على أخلاقهم

وطبائعهم ونفسياتهم، سكتت حتى كرهت نفسها من كثر السكوت..

سكوتها فهمه ضعف فختم كلامه: تروحين مع أمي ورجلك فوق راسك، فاهمة؟

دف رأسها وعطاها ظهره وطلع، مها ابتسمت بعده: انتظرني بس انت وأمك.

كتمها جو الغرفة فخرجت لتجد روان بجلسة الصالة العلوية تشاهد فيلم في شاشة البلازما الكبيرة،

تأملت لبسها المكون من شورت لقصير وبودي بلا اكمام وزادت ضيقتها.

جلست جنبها: وش تشوفين؟

روان بحقارة: وش أشوف يعني.

كملت: بابا ليش طالع زعلان.

مها: مو شيء جديد هذا طبعه.

روان: زعليه ووقولي طبعه.

مها رفعت حواجبها: لا والله اشوا انك موجودة تعلمينن.

تعدلت روان بجلستها وقالت بعصبية: ايه أعلمك ابوي ماتحمل تخطين عليه.

مها عصبت قامت: ابشرك، معاناة ابوك ماراح تطول.

دمعت عيونها غصب عنها لمتى بتظلم نفسها معهم، تتمنى تشوف أمل طفيف من بنتها يخليها تواصل،

لكن روان كل يوم ويوم وهي أزفت، بالعكس تحس أن صبرها له تأثير سلبي عليها، تشوف سكوتها

ضعف ومهانة، تحتقرها وتسوي الشي بدون أخذ رأيها، طلعاتها، ملابسها، صديقاتها، مالها عليها أي

أمر في أي شي.

كثير نصحوها أخواتها بالانفصال وضعها معه لا مخرج منه إلا بالطلاق لكن لا تستطيع ترك ابنتها، لا

تزال تذكر تهديده حين أخبرته انها تريد الطلاق فقال: قسم بالله ان لأجعل كرهك حي بقلبها لين تموت.

بعد هذا التهديد تخلت تماما عن فكرة الطلاق.

فهد أيضا يعرف جيدا توقها للطلاق والهرب، يعرف أنه ليس في قلبها ذرة من المشاعر تجاهه، سنوات

لم تغرها لأموال ولا الرفاهية أو الوجاهة.

يحتقر فيها البساطة، مع أن أهلها من ذوي الثراء والمكانة لكن تواضعهم يراه مخزي.

***

لا إله الا أنت سبحانك إني كنتت من الظالمين..
.
.

انتهى.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-11-20, 09:00 AM   #6

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




بسم الله

*
*


الجزء الخامس


جزء جميل وطوووووويل ويجننن >>>> من مداحتها امها ومشاطتها

اتمنى يعجبكم من أمس ونا أعدل فيه وأتمنى أشوف تفاعل يرضي تعبي



**

تمر الأيام بسرعة واحدة للجميع، لكن بعضهم يراها تمر بسرعة الريح، وبعضهم يراها تمر ببطء

السلحفاة.

ليال ملت من اختباراتها وتريد الانتهاء فقط، ومحمد اللي كل تفكيره بكلمة "خطابها كثير" خاف أنه

توافق على أحدهم، كلاهما كانا يعدان انتهاء الأسبوع بفارغ الصبر.

عزيزة كانت تجهز خطة في بالها وتنتظر انتهاء زواج ديم ايضا بفارغ الصبر.

مها تمر أيامها ببطء خانق ولا يهونها إلا الصلاة والدعاء.

ابنتها روان لم يكن النجاح من أهدافها، وكانت تضع تفوق ليال محط سخريتها، تكرهها وتغار منها.

ديم على العكس كانت تشعر ان أيامها سريعة، زواجها لم يبقى عليه سوى اسبوعان، تجهيزاته انتهت

تقريبا، القاعة، فستان الزفاف، الملابس، المعازيم، التقديمات، وتفاصيل كثيرة انتهت من أغلبها.

جود وسما وربى بطبيعتهما المرحة لم يفرق معهم الوقت كثيرا.

*
*

اليوم انتهت من أخر اختباراتها رجعت للبيت في قمة الانبساط والسعادة، لديها شهرين إجازة، ولديها ا

لكثير من الخطط في هذه الاجازة.

أولها ستساعد ديم فيما بقي من تجهيزات الزفاف، اشتاقت لجدتها وستطلب منها المجيء لتمكث

عندهم حتى زواج ديم، اتفقت مع خالتها مها للخروج وشراء ما ينقصها للزواج، وباقي وقتها

ستقضيه بالتسكع من وإلى سارة.

*
*
دخلت فلم تجد أحد، جود لا تزال بالمدرسة ثالث ثانوي، اختباراتها باقي لها أسبوع وتنتهي، وديم لا

تعلم أين هي.

طلعت جوالها وكتبت بقروب العائلة: anybody home am back

" انا هنا، فيه احد بالبيت؟ "

ماحد رد عليها، فتحت صفحات خواتها كلهم غير متصل، أمها فقط متصل وقرأت سؤالها ولم ترد.

تنفست بثقل، مو شي جديد، لكن الألم بكل مرة لازم يكون جديد.

تعرف أن اليوم اوف عند أمها، انتظرت ثم رجعت تكتب: خلصت اختبارات الحمدلله.

لا رد، بعد ثواني لم تتحمل فرجعت تكتب: الو، وينكم؟

أيضا لا يوجد رد مع أن أمها متصل، انتظرت قليلا ثم رمت جوالها على الأريكة، وأغمضت عينها ما

تدري كم مر عليها حتى سمعت نغمة اشعار الخاصة بقروب أهلها، بسرعة أخذت تلفونها، أكيد أمها

ردت.

كان من ديم: أنا بالعيادة.

بإحباط تذكرت موعد ديم بعيادة تنظيف البشرة كانت تتكلم عنه أمس.

نغمة اشعار ثانية وكانت من أمها: كم باقي لك وتخلصين؟

ليال القهر تشربها من رأسها لأخمص قدميها، الرد ما جاء إلا لديم ما في أي سؤال يخصها، عن يومها

الأخير، امتحانها، صديقاتها أو تبريك بانتهاء اختباراتها، لا تفاعل من أي نوع.

وتوالت الرسائل، ديم تشرح أحداث العيادة وعزيزة تسألها بالتفصيل عن كل شي صار معها.

أمها: أنا بغرفتي اذا جيتي تعالي عندي بشوف بنفسي شغلهم.

ليال اكتفت وسكرت المحادثة، دموعها صارت تنزل بدون ما تحس، تمنت ما تأخذ المواقف بهذه

الحساسية، تمنت تكون بمثل قسوتها وتجاهلها، لكن فشلت أي موقف حتى لو تافه يهزها هز ويتراكم

مع مواقف مماثلة بحياتها كلها.

دخلت سيرما، وشافتها تبكي كطفلة غارقة في يتمها، دموع بلا صوت.

بلهجة قلقة: اش فيه بيبي؟ تئبااان؟

فتحت عيونها وكانت سيرما تناظرها برحمة، اختلطت ضحكة ليال بدموعها وهي تهز رأسها: والله أنك

أرحم منها.

قامت لغرفتها وقفلت الباب عليها بعدما برد كل حماسها وفرحتها، راح تدفن نفسها بغرفتها يمكن تموت

صدق وترتاح.

*
*
*


بعدها بساعات أخر العصر اجتمعوا خواتها، جود تراسل ليال، وديم تتشاور مع أمها عن الحجوزات

الباقية للزواج، موعد الكوافير، بروفا الفستان، وإضافة أنواع جديدة للتقديمات.

جود: يمة ليال ما ترد اليوم أخر اختبار لها مفروض تكون مولعة الجو بعد كبتة الأسابيع الي فاتت.

ديم محتارة: حتى أنا راسلتها أول ما جيت وما ردت علي.

عزيزة شعرت بقلق خفيف: أكيد تعبانة ونايمة.

جود: لا وين تنام هي تعد الاختبارات تخلص عشان تعدل نومها.

وهي تفكر كملت: لا يكون ماحلت زين باختبارها.

عزيزة فتحت جوالها وشافت اخر اتصال لها الساع وحدة الظهر، واخر رسالة منها: الو، وينكم؟

الرسالة الي قرأتها وتجاهلتها عمدا، قلبها انقبض والتفتت على ديم: قومي تكفين شوفيها، نايمة أو

قايمة لاتنزلين الا وهي معك.

ديم انتقل لها خوف أمها، رن جرس الباب وبخروجها كانت سيرما تدخل تخبر أمها أن مستر محمد فيه

بالباب.

عزيزة كان عندها مكالمة سابقة من محمد يحدد معها موعد يزورها فيه، طبعا زياراته شي معتاد، لأنها

من سنوات تثق فيه وتعتمد عليه بكثير من اشغالها، دخلت عليه في المجلس وقام وحب رأسها، سلمت

عليه وسألته عن احواله ثم سكتت وعيونها القلقة تناظر جهة الباب.

محمد شعر أنها ليست معه سألها: خالة لا يكون جيتك بوقت غير مناسب.

هزت رأسها بسرعة: لا الله يحيك يابوي، بس انتظرني شوي بشوف البنات.

حدسه القوي أكد له أن فيهم شي، مشى معها الى نهاية الباب يمكن يسمع شي منهم.

عزيزة قابلت بناتها بالصالة، دارت بعينها تدور ليال.

باشرتها ديم بقلق: يمة قافله بابها طقيت وماردت.

عزيزة نادت: سيرما، سيرماااا

سيرما جت تركض: يس مدام؟

عزيزة تحاول تتمالك أعصابها رددت لنفسها يأنها أكيد نايمة وأكيد بتخاف لما تشوفوهم داخلين عليها،

لكن دقات قلبها كانت تزيد ما كانت تهدأ.

عزيزة لسيرما: جيبي ماستر كي هذا مفتاح حق بيت كله.

محمد اللي يسمع أصواتهم القلقة، طلع نص جسمه من الباب: خاله وشفيكم؟

ديم فرحت بصوته، أخذت عباءتها من دولاب العباءات لبستها بسرعة ومدت لجود عباية ونادته: محمد

ادخل تكفى.

محمد من سمع استنجادها دخل بسرعة وناظر خالته، أمها ناظرتها بعتاب: ما في شي يا محمد ارجع

المجلس شوي واجيك.

لكن ديم ما همها نظرات أمها قالت: ليال مسكرة الباب وما ترد علينا.

محمد بهت ما يدري ماذا يفعل، خوفه جمده لحظه وتسمرت نظراته على الدرج الحلزوني.

سمع خالته تنادي: سيرما وين المفتاح؟

رجعت سيرما ومعها مفتاح مدته لعزيزة، لكن محمد هو الي اخذه وبسرعة كان يرقى الدرج.

وصل الصالة العلوية ووقف ينتظر خالته تجي تفتح الباب، ما كان يدري أي الأبواب بابها، وبالتأكيد ما

كان راح يدخل غرفة وحدة ليست من محارمه.

لحقته ديم فمد لها المفتاح، عزيزة من وراها قالت: ادخلي شوفيها، إذا قايمة كلميها عادي، لا تدري

أننا ورا الباب.

ديم دخلت المفتاح بالباب وهي تسمي، فتحت وقابلها ظلام الغرفة بهمس نادت: ليال.

مدت يدها تفتح الضوء، وصرخت بكل الرعب الي ملاء قلبها وروحها.


*
*
*

في غرفتها انتهت من صلاة المغرب واستنتدت على الجدار خلفها، سحبت المصحف من الحامل الخاص

به وابتدأت في القراءة، دخلت بنتها ووقفت قريب من مصلاها وبضيق: وينك ماما مانزلت اليوم؟

مها: مصدعه وابوك ما راح يجي اليوم قلت ارتاح شوي.

روان: بابا جاء وقاعد تحت مع جدتي.

مها استغربت رجوعه لانه قليل يرجع قبل الساعة سبع واحيانا يتاخر وما يرجع الا اخر الليل، روان

كملت وهي تجلس: بعدين مافي بالبيت الا بابا يا ست مها؟ عندك بنت زي القمر تحتاج شوية اهتمام

وحركات.

مها وضعت المصحف فوق الحامل وقالت: بنتي ذي موذية تعبتني بالاهتمام والدلع.

روان: ضريبة الطفل الوحيد لازم يكون الحب والدلع وكل شي مضاعف.

مها: دام السالفة كذا اجل بجيب توأم، ولد وبنت وانت بشوتك بعيد وارتاح منك خلاص انت

كبرت وعجزت.

روان احتجت بنعومة: لا ماما ماراح اسمح تدللين احد غيري.

وضعت رأسها على فخذ أمها وبعد لحظة صمت كملت ببراءة: تصدقين ماما ليت عندي اخت او اخو،

دايم اغار من بنات خالتي عزيزة وخالي علي اذا شفتهم يتكلمون مع بعض، وحتى سما احسدها اذا

تكلمت عن اخوانها


مها مسدت جبينها بحنان تكره ان بنتها تتمنى شي وما تقدر توفره لها، مدلعتها دلع فارط وتحبها حب

يعميها عن كل عيوبها.

مها: انا ما اكفي؟

روان قبلت يدها: معك ما احتاج احد أصلا، الله يخليك لي ماما.

رن هاتفها رفعته وكان فهد، ردت: هلا

فهد: وينك؟

مها: بغرفتي.

فهد: لا تنسين موعدك مع امي الساع تسع ونصف بتطلعون للقاعة.

وسكر قبل ما يسمع ردها، تنهدت مها بضيق تعلم ان حرص حماتها لأخذها للزواجات ليس حبا ولا

مودة بل حتى تفاخر بها عند فلانه وتغايظ بها فلانة، مها بنت ال... زوجة ابنها الجميلة والأنيقة وبنت

الحسب والنسب.

روان: بابا؟

مها: ايه

روان: سمعتهم يتكلمون بزواج ال.. أتوقع فخم شوية عليه، قهر واعدت بنات عماتي اطلع معهم والا

رحت معك.

مها قالت: ماراح اروح.

روان: ابوي قال لجدتي انك بتروحين.

مها: بس انا ما قلت.

روان ابتعدت عن أمها وجلست، لاحظت تنافض أمها من الغضب على الرغم من برود كلماتها، خافت

تقع مشكلة بين والديها مع ان المشاكل عندهم لا تنقص، روان: أخاف بابا يعصب، جدتي ما راح تسكت

ماما.

مها بعصبية: والله انا مو تحفه تنقلني جدتك ع كيفها.

روان تفاعلت مع غضب أمها، دائما تسمع جدتها تتكلم بالسوء عن أمها، يتحاملون عليها وينتقصون

منها أمام والدها وأمامها دون مراعاة لمشاعرها.

روان: خلاص اجل بكنسل طلعتي مع البنات

مها كارهه طلعتها مع بنات عماتها: روحي معي حبيبتي بروح لامي.

روان بعد تفكير: واعدتهم ماما.

مها برجاء: اجل يابنتي الله يرضى عليك، خليكم محترمات، أصوات عالية وعباية مفتوحة يطلع من

تحتها لبسك العاري وعطورات مابي يامي، حرام يابنتي.

روان ماحبت تجادلها وهي تشوفها تعبانة ومعصبة تعرف انها ماراح تلتزم باللي طلبته منها قامت

وقالت: اشوفك بالليل ماما لا تتأخرين.

مها قامت معها لبست وطلعت لبيت أخوها علي.


*
*
*

نزلت تحت ولما سمعت الأصوات الموجودة عادت ادراجها الى غرفتها وهي تتذمر: هذولا كل يوم

ضيوفهم، اوف وش هالقلق؟

سلمان قاعد يكتب في هاتفه سمع تذمرها المعتاد وتجاهله، ناظرته عبير وقالت: وبعدين معك هنا شغل

وفي المكتب شغل متى اشوفك؟

سلمان ابتسم بسخرية: يالله شوفين.

عبير انتبهت انها مواعدة أخواتها قالت: ليه ما قلت انك بترجع بدري قبل ما اواعد خواتي.

سلمان حتى يتخلص من حنتها قال: روحي مامسكتك اوذا جيتي بتلقينن منب طاير.

عبير بينها وبين نفسها: ايه ارجع والقاك منتفخ كبر الجدار.

سلمان رمى الجوال بعصبية وصرخ: وبعدين معك انت؟ وشتبين بالضبط؟

عبير: ابي يكون لي بيت لحالي مليت من الجلسة مع اهلك.

سلمان: تعدلي وخلك مره اطلعك ببيت اما اطلعك وما القى من ياكل ويشرب معي ولا يجلس معي،

تخسين احط لك بيت.

عبير: لا والله لا أكون شغالة جايبينها اهلك ونا مادري.

سلمان اكره شي عنده لما تدخل اهله بشجاراتهم يستفز بقوة وهي تعرف وتتقصد لكنه ايضا يعرف

يقهرها ويرد عليها: الله لا يحيج اهلي لامثالك.

عبير نزلت دموعها: وشفيهم امثالي ان شاء الله.

سلمان اخذ شماغه وقال: انت نفسك ما تتحملين نفسك وشلون تبين احد يتحملك، انا الخبل وش طلعن

من المكتب.

وطلع بعدها ورقع الباب باقوى ماعنده لكن هذا ما ساعده، الحرارة استمرت تغلي بقلبه، مل من دلعها

وطلعاتها وصديقاتها وزعلها ومراضاتها، تعب وانقرف من كل شيء يخصها.

*
*
*

هل ما راه دمائك

أم دمائي

أقلبك ينزف

أم قلبي؟

*
*

جود وعزيزة دخلوا على صرخة ديم وانفجعوا بمنظر ليال الغارقة بدمائها، عيناها مغمضتان ورأسها

مستند على عارضة السرير.

محمد دخل معهم، ومن أول نظرة فهم حالة ليال، تكلم يطمئنهم: الدم طالع من خشمها معها رعاف.

عزيزة قربت برعب، وضعت يدها على أنف ليال، ومسحت الدماء الخارجة منه بيدها، تحسست أنفاسها

وشعرت بها تخرج بانتظام.

محمد قرب لهم بعدين انتبه لنفسه وطلع بسرعة ينتظرهم في الصالة

عزيزة ضربت خدها ببطء تصحيها: ليال يمه، ليال حبيبتي.

ليال كانت صاحية لكن بسبب النزيف معها دوخة شديدة، فتحت عيونها ببطء، طالعت أمها بعدين رجعت

تغمضهم.

التفت لبناتها: جود بسرعة جيبي عبايتي وعبايتها.

جود طلعت تركض، وديم قعدت على ركبتيها قرب أمها تناظر بصمت وحيرة إلى حالة أختها.

عزيزة أخذت فوطة وبدأت تمسح الدماء من على وجه وعنق ليال، مرعوبة من الكمية التي تراها، لا

تعلم كم مر من الوقت وليال على هذه الحالة.

جاهم صوت محمد يستعجلهم: خالة شيليها مع ديم نوديها المستشفى.

عزيزة مدت يدينها تحت أكتاف ليال، لكن ليال رفضت تتحرك، همست: ابعدي.

التفتت لديم: ديم ساعدين.

ديم كانت ماسكة يد أختها وتبكي، قامت ومسكت ليال مع جنب وعزيزة مع الجنب الثاني وشدوها عشان

توقف.

جود دخلت ومعها العباءات، اخذتهم عزيزة لبست عبايتها، وأخذت عباية ليال ولبستها، حست

بالاختناق وهي تسكر أزارير ليال، دموعها تسيل بدون ما تشاورها، اخذت الطرحة ولفتها على شعرها.

مشت فيها مع ديم وهي تنادي محمد عشان يبعد: محمد بنطلع.

محمد صد على جنب وعطاهم ظهره يحثهم: يالله خالة.

وصلوا الدرج، وعجزوا ينزلون، ليال ما كانت بوعيها، وما كانت تساعدهم بالحركة جسمها ثقل وحسوا

فيها بتنزلق من بين يدينهم، عزيزة نادت بعجز: محمد.

محمد ما عجبه بطء حركتهم وما صدق يسمع اسمه، جاء عندهم بسرعة وقبل ماتسقط سحبها منهم

وشالها وهو يقول لخالته: الحقين خالة.

بثواني كان ينزل الدرج، ليال حست بيدين قوية لامتها وصدر صلب ساندها ووعيها بدأ يرجع لها

تدريجيي الفزع وصب بقلبها صب.

من هذا؟

أين أمها وأخواتها؟


نزلها برفق بأول أريكية في الصالة، كان حريص أنه ما يطالع وجهها،

ليال فتحت عيونها ببطء وخوف، شافته مشرف بجسمه عليها يبعد شعرها عن ثوبه، حس بتسارع

أنفاسها، ولا شعوريا رفع عيونه لها، والتقت مع نظراتها المذعورة،أبتعد عنها بسرعة وراح عند

الدرج ينتظر خالته: خاله بدخل السيارة جوا.

عزيزة هزت راسها، وركضت عند بنتها، ليال رجعت تسكر عيونها، الدوخة رجعت لها مع رجفة

وضيق وخفقان بسبب اللي صار.

أمها حاولت تحضنها لكن ليال مدت يدها تبعدها بضعف جسدي ونفسي، عزيزة: طيب يا عمري ارفعي

راسك، عشان خشمك ما ينزف.

ليال رفعت راسها وعزيزة التفت لديم وجود، شافت الخوف مرسوم على وجيههم: جود شوفي محمد

جاب السيارة.

طلعت جود، ورجعت عزيزة تقول لديم: بروح مع ليال يمكن نتأخر، ويمكن ما نطلع الليلة، انتبهي على

أنفسكم يا عمري.

ليال: مو لازم مستشفى انا طيبة الحين.

صوتها ضعيف وفيه رجفة بكاء، من حالتها وإغماضة عيناها كان واضحا أن أعصابها منهارة،

عزيزة فهمت حرج ليال بسبب ماحدث مع محمد.

أفسحت لديم مكان، وأشرت لها تجي، ديم جلست ومسكت يد أختها وبدت تقرأ عليها، ليال عرفتها ومع

القران ارتخى الشد اللي ماسك معها، لحظات وقطع عليهم دخول جود: يمة محمد جاب السيارة عند الباب.

ليال فتحت عيونها: ما بي أروح.

أمها قامت ومدت يدها وليال رفضت بهز راسها، عزيزة عصبت: وشلون ما تبين تروحين، امشي

أقول.

ليال بعناد أكبر: ما راح اروح.

عزيزة ناظرت ديم تقنعها، وعرفت أنه ما راح يفيد معها، التفتت لجود وقالت: نادي محمد

نشيلها غصب.

ليال اتسعت عيونها وطالعت أمها تتأكد من اللي سمعته، حتى جود ترددت للحظة أما عزيزة تشاغلت

بتثبيت طرحتها،

لما شافت جود قربت تطلع نادتها: جود خلاص.

ارتكت على ديم حتى تقوم وقالت: خلاص بقوم لا تنادين أحد.

ركضت جود تساعدهم ومن خلفهم مشت عزيزة ودموعها تنزل من تحت النقاب وهي تتذكرها فاقدة

الوعي والدماء منتشرة على وجهها وعنقها.


*
*

في المستشفى ليال كانت مستلقية على سرير الغرفة وفي الخارج أمها ومحمد يتكلمون مع الدكتور،

طمأنهم عن حالة نزيف ليال بسبب ارتفاع مفاجئ لضغط الدم، وأخبرهم أن سبب الارتفاع قد يكون حالة

انفعالية عصبية، وليس بالضرورة ضغط مرضي،

الدكتور: هذه أول مرة تنزف فيها؟

محمد القلق عادت به الذاكرة لقبل خمس سنوات ورد: قبل خمس سنين نزفت.

عزيزة وجهت له نظرة جعلته يصمت، يعرف ان خالته تكره أن يتكلم أحد بحاجة تخص بناتها حتى لو

كان مزحا.

تركها تأخذ وتعطي مع الدكتور، وصآهم بمراجعة دورية حتى يتم التأكد من ضغط الدم هل راح يكون

مرض مستمر أو عارض، وطلب يشترون جهاز قياس للضغط وعطاهم تعليمات بسيطة عن كيفية

استخدامه.

عزيزة ما خلت شاردة ولا واردة إلا سئلت عنها ولما انتهت من اسئلتها، طلعت بطاقتها المصرفية

ومدتها لمحمد: خذ محمد تذكر رقمها والا نسيته؟

محمد: بعدين خالة.

تجاهل البطاقة ومشى، وعزيزة دخلت عند ليال.

*
*

مها في بيت اخوها علي نست الدنيا وما فيها، مع أمها وبنات أخوها ربى ونهلة، ربى صديقة جود

وسما ونفس الخفة والفرفشة، واستهبالهم ينشط كله مع جدتهم أم علي.

مستلقية بحجر جدتها وتحسس الذهب بيديها، الخواتم، الأساور العريضة، الساعة الذهبية الثقيلة، ثم

مدت يدها لصدر الجدة حيث قلادة من الذهب الثقيل مزخرفة بأحجار كريمة تشد النظر إليها بألوانها

الداكنة وبريقها اللافت.

ربى تغمز لعمتها وبلؤم: تدرين يمه أنك لابسة ثروة لا تقدر، والله جدي مدلعك، منتي هينة يا أم علي.

أم علي تخاف من شي اسمه عين حتى لو كانت مزحة مو مقصودة، دفتها عن حجرها: ثارت عليك

جنانية الحي، وش لتس بي وبذهبي.

انتشرت ضحكات من أمها وأختها وعمتها، وربى رجعت لحجر جدتها وهي تقول: أسوي مقارنة بين

جيلنا وجيلكم،حنا الضعيفات فلوسنا كلله تروح بالماركات، وأنتم، ياللي تسمون جيل الطيبين الذهب

كاسيكم من راسكم لساسكم، ولله وين الطيبة إذا فلوس الضعيف تروح كلها ذهب ولا مو اي ذهب

أم علي أخذتها الحمية على بنات جيلها: بلا من قلة عقلكن وفهمكن، أجل شنطة اشريها بألف والفين،

وش أستفيد منها إذا راح وقتها، لا تنباع ولا تنشرا، الذهب يالله من فضلك اشريه غالي ويظل غالي.

مها ضحكت: وش الف والفينه يمه، تعدينا العشرة والعشرين

أم علي: يالله العقل لو عريه، الحمد لله والشكر بس.

ويستمر القصف بين ربى وجدتها، وأحيانا ينول نهلة المسالمة بعض الرشق، أما أم سلمان كل لحظة

تغمز لبنتها، أو تقرصها لكن ما في فايدة عشقها المرادد مع جدتها حتى يدخل أبوها أو احد اخوانها

فتحول عليهم.

انقطعت أحاديثهم مع رنين جوال ربى، ردت بضحكة: هلا بالزين.

تعدلت بجلستها وضحكتها خفتت، وهي نقول: شفيك؟

الكل تلقائيا من كلمتها سكت، وهي بعد ما فهمت السالفة من جود خافت جدتها تنتبه، تصنعت الابتسام:

ايه ما يخالف.

قالت كذا وبغفلة من جدتها غمزت لعمتها مها وقامت، مها انتظرت شوي بعدين لحقت ربى، لقتها ب

بالصالون القريب تكلم جود، وتحاول تهديها.

مها من دون ما تسأل أخذت الجوال من ربى: شفيكم حبيبتي؟

جود من بين شهقاتها خبرتها بنزيف ليال وروحتهم للمستشفى، مها بنات عزيزة عندها وعند الجميع

خط فاصل، تكون هذا الخط بسبب تيتمهم في سن صغير.

ردت تطمئن جود: لا تخافين يا عمري الرعاف أسبابه ما تخوف، يصيب حتى الأطفال.

جود: بس الدم كثير، له وقت تنزف وما درينا لو متأخرين شوي كان.

اختنقت بدموعها وماكملت، مها ما حبت تفكر نفس تفكيرها: هذاي جيت حبيبتي افتحي الباب.

سكرت منها وودعت أمها وطلعت مباشرة لبيت عزيزة.

*
*
*

محمد؟!!!

من دون جميع الناس محمد هو الي تصادف وجوده عندهم ويكون شاهد على نزيفها للمرة الثانية،

مغمضة عيناها طوال الوقت ترتجف خجلا من الموقف الذي جمعها به مرة أخرى، من حضنه وهو

يحملها، ويضعها برفق على الأريكة، من نظرته الغامضة وهو يحاول جاهدا ابعاد خصلات شعرها

المتشبثه بأزارير ثوبه، من شده عليها وهو ينزل الدرج وتغلغل ريحة عطره بأنفاسها، كان في شده

حنية واحتواء. وخجلها الأكبر كان من خيانة عقلها وجسدها الذين تولعا بهذة الحنية.

تغير كثيرا عن آخر خمس سنوات رأته فيها، حينها كان في أخر سنة دراسية له في الجامعة، وهي

كانت في ثان ثانوي، وعلى الرغم من تخطيهما مرحلة الطفولة وإنظفاء المشاكل بينهما إلا أن ال

الكراهية كانت لا تزال فائرة بينهما وزادت أضعافها بسبب رفضها وضع الحجاب.

هي الوحيدة من بنات خالاتها التي لم تتحجب، صحيح أنها لا تقعد في مكان يتواجد فيه الشباب لكن

محمد يتقد شررا كلما راها تركب السيارة مع السائق بعباءة خفيفة أو حين يلمح وجهها هو أو غيره.



قبل خمس سنين ذلك اليوم في بيت خالها علي كانت قادمة من الحديقة، دخلت من الباب الجانبي القريب

من الدرج المؤدي إلى فوق متوجهه إلى الصالون حيث تجتمع أمها وخالاتها، وقتها كان محمد نازلا

من غرفة سلمان ورأها من الأعلى وهي لم تره.

سمعت اسمها يتداول في المجلس بسؤال لأمها من خالتها فايزة فوقفت بلا ادراك لتسمع جواب أمها.

فايزة: ديم محجوزة، وجود تقولين ماراح تزوجينها إلا قريب منك مثل أختها، طيب وليول؟

تعالت دقات قلبها خوفا من جواب تعلم يقينا أنه لن يرضيها، كانت تتقدم ببطء ولم تلحظ محمد الذي كان

ينزل بحيث أصبح خلفها يغطيهما الدرج عن الآخرين وسمع معها الإجابة.

عزيزة: أم سعود عمة عبد العزيز الله يرحمه مكلمتني زمان وقالت أنها تبي وحدة من بنات عبدالعزيز.

فايزة: تقصدين عمة عبد العزيز اللي بالطايف؟

من وجه أمها وأخواتها شعرت عزيزة أن المناقشة ستجر إلى أحاديث عقيمة فقالت بإختصار: إي.

مها بعصبية: ترمين بنتك لناس ماتعرقهم، وما تشوفهم إلا بالسنة حسنة.

قطعتها أمها تكمل بعصبية أكبر: أنت ماتخافين الله، وين الرياض ووين الطايف؟

فايزة: ليته الطايف يمه إلا قرية من قراها..

ظلام شعرت به يغطي عيناها وضجيج في آذانها حجب عنها باقي الكلام، فقط ضحكة بغيضة استطاعت

اختراق الضوضاء في عقلها وقلبها.

محمد الذي كان يتأملها من الخلف، شعر كثيف اسود لامع، مرفوع على شكل ذيل حصان ويتدرج

بقصاته إلى أسفل ظهرها، بنطال ضيق يحكي بتفنن تفاصيل جسمها الغض وبلوزة خضراء غامقة

حرير، طويلة فقط من الخلف.

غيضا وغضبا لم يستطيع أن يمنع ضحكته الساخرة وهو يقول: كفو خالتي والله أخيرا قررت تتخلص

منك مو قلنا لك قبل انت مو بنتها.

كلماته الحاقدة أكملت ما تبقى من غمد السكين، والغريب أنها لم تستدر للخلف وترد كالعادة، بل أمسكت

بيد الدرابزين جنبها ويدها الأخرى وضعتها على أنفها الذي بدا يسيل بشده.

محمد رأى انحناء راسها للأسفل فتقدم نحوها وهو يشعر بشي يحدث معها، ذهل بشده حين رأى

دماءها ودموعها وشهقاتها تخرج منها بوجع وقهر.

رغم الخوف الذي سرى في أعماقه تكلم بهدوء: بنت ارفعي راسك، ليال اجلسي اجلسي وارفعي راسك.

لم تكن تشعر بما يقول، انما اجبرتها الدوخة على الجلوس ببطء واسناد ظهرها للجدار خلفها.

نادى بأعلى صوته وعينه عليها: يمه يمه، خاله.

خلع غترته ووضعها على ليال ورجع ينادى بصوت أعلى: خاااله عزيزة، يممه

لحظات واتت أمه وخالاته مها وعزيزة، الكل ارتعب وصدم.

فايزة نظرت لليال الممسكة بغترة ابنها دون ان تضعها، ومحمد يقف بعيد عنها: وش فيها؟

مها بسرعة جلست قربها تمسك رأسها وتقول: ليال حبيبتي وش فيك، ليال تسمعيني؟

محمد لم يستطيع الأعتراف بكلامه ولا بالكلام الذي سمعته: مادري كنت أنزل وشفتها تنزف بعدين
طاحت.

عزيزة انحنت نحو ابنتها وحاولت رفعها: وشلون طاحت؟ تو طيبة مافيها شيء.

محمد ابتعد عن نظرات خالته المتسائلة، لأول مره لا يتعاطف معها ولأول مرة تغمره رحمة عظيمة

تجاه ليال.

لسنوات كان يسخر منها دون ان يعلم وقع كلامه وتنمره عليها أو وقع شعورها لما تفعله أمها حتى

رأى بنفسه حالتها.

اتجه للباب هاربا من أسئلتهم: أنا بالمجلس برا، إذا تبون أوديكم المستشفى انا جاهز.

توقف رعافها ولم تذهب إلى المستشفى، لكن في تلك الليلة قررت وفي سنها الصغير ذاك أنها اكتفت.

اكتفت من الشجارات مع أمها، اكتفت من كل ما يؤذي روحها، ويهيج أحزانها.

استغلت تفوقها ونجاحها الدراسي لتتستر بهما عن كثير من جمعات أهلها فتتعذر بالإختبارات أو بحوث

وهمية فقط لتمكث في غرفتها وبهذا خفت مواجهاتها مع أمها كثيرا.

وحتى لا يكون هناك احتكاك بمحمد او غيره تحجبت وارتدت عباءة ساترة أثارت دهشة أمها وخالاتها،

وهذا كان لسارة تأثير كبير فيه.

عندما أخبرتها ليال بالحادثه قالت لها: (( ذلك أدنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ))

نظرت إليها ليال متسائلة فكملت سارة تشرح لها: لما نزلت أية الحجاب، الله شرح السبب وهو تميز

للمرأة الحرة عن الأمه فلا يتعرض لها الفساق، باختصار الحجاب ياعمري حماية لك ماحد يقدر يطولك

بكلمة أو نظرة، أما إذا كشفتي راح تعطين الغير فرصة يأذيك سواء محمد أوغيره، هذا عدا الذنوب الي

تتراكم عليك من كل نظرة ومن كل عين تنفتن فيك.

ومدت يدها تقرص خد ليال: جميلة أنت ياخبله جميلة، ماندري عيونك وش سوت بمحمد المسكين

وخلته يتكلم كذا.

ليال ابعدت يدها: وخري بس قالت مسكين، الله يأخذ المساكين اذا هو من جنسهم.

*
*
*

وكأن الليلة البارحة، يتكرر المشهد مرة أخرى بتفاصيل أكثر احراج وأذى، بإختلاف ان محمد هو المنقذ

هذه المرة.

رفعت ذراعها تغطي عيناها تشعر بالخزي والحرج يأكلانها.

لماذا سمحت له امها؟ سمحت لرجل غريب يدخل غرفتها ويحملها؟

أين ذهب تشددها وحرصها؟

: كيفك الحين؟

غارقة بصراعاتها لم تنتبه لدخول أمها، فزت من الصوت، حنون لكن أفزعها، سمعت تسمية أمها

عليها، ابتسمت بسخرية وقالت: أحسن

عزيزة تعرف خطأها كما في كل مرة وتعلم أن أي كلمة منها ما راح تكون إلا كذر للملح على الجرح

لذلك جلست وانشغلت بمراسلة مها، بعد ما عرفت أنها راحت لبناتها ارتاحت كثير ورجعت تتفرغ لليال.

: ليش مسكرة عيونك؟

ليال: بنام

حس من الفكاهة غريب تسلل لعزيزة، حبت تشاكسها، شاكة بمحور تفكيرها وماتبغاها تتعمق فيه: ما

ذكرك تغطين عيونك بذراعك اذا جيتي تنامين؟

سكوت من طرف ليال، عزيزة ابتسمت ورجعت تسال: يمكن ما تبغين تشوفيني؟

ببطء أزاحت ذراعها وفتحت عيونها، الإضاءة القوبة خلتها ترمش عدة مرات قبل ما تصفى الرؤية

معها، وهزت رأسها بنعم.

ابتسمت عزيزة محتارة كيف تراضيها، الجرح لا يداويه عذر متكلف وبعض الجروح تزداد فتقا إذا

حاولت الإعتذار منها وهذا ما تشعر به حقا.

لا تزال تتأمل ليال حين رن هاتفها: هلا محمد.

لاحظت ليال لا شعوريا رجعت تغطي عيونها بذراعها، وملامحها تغيرت لضيق وكدر.

عزيزة: لا ما يحتاج تجي، ننتظر الممرضة تجي تفك المغذي وبنجيك.

سكرت منه، وقربت كرسيها لسرير ليال ومدت يدها تزيح ذراع ليال عن وجهها وبكذب تكلمت: لا

تتضايقين حبيبتي، ترا محمد ما يدري ايهم اللي شال، يحسبك جود أو ديم صدقين ما يدري مين.

طالعتها ليال بهدوء: وشلون ما يدري، وهو اخر مرة شافني فيها كنت أنزف؟

كملت تسأل بقهر: أصلا ليش تسمحين له يدخل غرفتي و

استحت تكمل لكن عزيزة فهمتها وردت: خفنا عليك وكان موجود وما حسيت بنفسي إلا اناديه.

ليال رجعت تبتسم بسخرية عند سماعها لكلمة خفت عليك.

عزيزة سحبت نفس عميق: أدري انك ما صدقتين..

قاطعتها ليال: تخطيت مرحلة اني اصدق من كلام.

عزيزة بصدق: طيب وش يرضيك ؟

ليال صدت ورجعت تغمض عيناها اللتان بدأتا بلؤم آخر، عزيزة ماتحملت رؤية دموعها ونهضت تنادي

الممرضة.

ليال اكتفت من كل شي، لا ترغب بسماع كلام لا يطابق الواقع أو يقاربه، تاقلمت مع حياتها منذ سنين

وتراضت مع قدرها، لكن حساسيتها البغيضة تفيض رغما عنها في بعض المواقف.

أمك لا تحبك مصيبة لكن وجودها في حياتك أكبر نعمة، صبرك على تعنتها ثواب، وعنادك لها

واستفزازك عقوق وذنب، تفريقها بينك وبين أخواتك ابتلاء وتحملك وكظم غيظك بر عظيم.

معادلات بسيطة تعلمتها من سارة، وتشربتها روحها المتعطشة للفهم والإستيعاب، قد تبدو لمن يجزع

بلا نتيجة، لكنها تصب في دائرة عظيمة هي رضى الله.

**

في طريق العودة ركبت عزيزة في الأمام هذه المرة، وقضت الوقت بالتحدث مع محمد، بينما أسندت

ليال رأسها على الكرسي وغفت.

ما إن دخلت سيارته الجيب اللكزس فناء المنزل حتى نزلت ليال هاربة إلى الداخل، وجدت خالتها مها

وأخواتها في صالة الجلوس الثانية المقابلة لباب الفناء.

فزت جود تركض نحوها وتحضنها: الحمدلله ياقلبي ماتشوفين شر.

خالتها الغالية اخذتها من جود وضمتها بحنان وقالت: سلامتك سلامتك ياعين ابوي، سلامتك.

ديم رجعت دموعها تنزل، همست لها: الحمد لله على سلامتك يا قلبي.

الثقل في قلبها وروحها أعجزها عن الرد، اكتفت فقط بابتسامة وكلمات خفيفة تطمئنهم بها، بعدها

اخذتها خالتها لغرفتها.

عزيزة دخلت مع محمد المجلس لأجل يعلمها كيفية استخدام قياس الضغط، شرح اقسامه وطريقة

الاستخدام، وبعد عدة محاولات عرفت تحديد قراءات الضغط بقسميه الانقباضي والضغط الأنبساطي

ومعرفة تحديد الحالة معهما إما ارتفاع أو هبوط.

محمد: فيه جهاز قياس الكتروني يطلع القياس بسهولة أكثر، لكن مادري ارتحت للقديم.

عزيزة: هذا ما يعتبر صعب، وان شاء الله ما تحتاجه كثير.

محمد من كل قلبه: ان شاء الله ما تشوف شر.

وقف ليذهب ووقفت معه عزيزه لتشكره لكن محمد ما خلاها تكمل: ما بيننا هالكلام ماسويت شي.

جت للجزء الصعب من الكلام: محمد بطلب منك ما يدري احد، ليال متحسسه مرة من الي صار.

عجزت تكمل، ومحمد فهم انه حتى خالته متحسسه مثل بنتها، معروفة كثير بخوفها على بناتها، بالرغم

من قوتها وشخصيتها المتمكنة إلا إنها عند بناتها تفقد الكثير من ثباتها إذا صار شيء يضايقهم.

تقمصت دور الأم والأب لسنوات بكل الزخم والمشاعر الموجودة للوالد نحو أولاده، ولا شك أن جمع

هذه المشاعر متعب جدا.

محمد برجولة: الله يسامحك يا خالة ما صار شي أتكلم فيه.

عزيزة تنهدت مرتاحة وسألته: طيب وش راح تقول فايزة إذا سألتك وش صار؟

محمد رفع حاجبه وفهم أن خالته تعرف سبب زيارته ابتسم هو الاخر براحة، على الأقل يستطيع

الخروج بشيء، حب يتأكد قبل: أمي قالت لك شي؟

عزيزة هزت رأسها إيجابا، فقال مبتسما: أمي أنا أدبرها، لكن أنت بعد دبريني يا خالة.

نغمة توسل خفيفة ظهرت رغما عنه، ابتسمت منها عزيزة وقالت: ما راح تلقى أحسن منك، يأذن الله

راح تكون من نصيبك.

قبل رأس خالته ثم خرج، وعزيزة صعدت عند بناتها.

بعد ساعة خرجت مها من عندهم، كانت الساعة تشير إلى الثالثة صباحا، في السيارة فتحت هاتفها

فانهالت عليها اشعارات مكالمات لم يرد عليها من فهد، وابنتها، لا بد أنه جن جنونه ولابد ان التحريض

هو ما يسري في عروقه بدلا من الدماء.

شدت حزام الأمان وهي تتمتم: الله يعين على الغثاء الليلة.

لم تكن تعلم أن ما ينتظرها في نهاية هذه الليلة شي أكبر بكثير من الغثاء.

***
انتهى
***
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين..



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-11-20, 09:03 AM   #7

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله
__

الجزء السادس
__


مهما تنوعت الشبكات التي تحيكها القلوب اللئيمة نحو الأخرين، إلا انا تظل ضعيفة، وإن حاكتها

بإمكانيات قوية وتدابير ذكية، فإن خيوطها واهنة وأركانها قابلة للهدم، كشجرة ذابلة الأوراق وسط

رياح عاصفة.

وقد يظن المتجبر لفترة طويلة أنه متعرش على القمة لا أحد يعلوه، حتى تأتيه اللحظة التي يهوي بها

من أعلى قممه بسبب تافه لم يحسب له حسابا مثل ما أهلك النمرود أقوى ملوك الأرض حشرة صغيرة

استقرت في أنفه.


قابلها صمت قاتل أول ما دخلت جناحها، كانت مشغولة بهاتفها تحاول الاتصال بروان، لم تجدها في غرفتها.

: بسم الله

خرجت من مها مرعوبة عندما رأت فهد في الزاوية يراقبها، نظرت إلى الطاولة أمامه وفهمت سبب

الرائحة الكريهة المنتشرة في الجو، كأس وجرة.

تعرف أساليبه في قهرها، إما بإحضار الشراب إلى المنزل، أو وضع علامات لعلاقة جديدة أمامها، روج

بملابسه، عطر نسائي، أو هدية تكون واضحة بين اغراضه.

تعوذت منه ومن الشيطان بقلبها، أعصابها متعبة وليس فيها قوة للجدال معه.

تقدمت للدولاب تأخذ بجاماتها، فوقف أمامها: وين كنت ملعنة فيه؟

تنفست بعمق وهي تصحح له: كنت عند أمي.

صرخ : وليش مقفله جوالك؟

أجابت: بنت أختي تعبت واضطريت أكون معهم.

فهد: ونا وش دخلني بأهلك، انا اسئلك عن جوالك.

ونزع الهاتف من يدها يهزه أمامها، ثم رماه بأقصى قوة في الجدار أمامه،

يريد إرهابها وإخضاعها بحركاته، مها نفرت من صورة الضعف التي يراها بها، احتد صوتها وهي

تقول: جوالي بالشنطة مادريت عنه كنت ناوية أرجع بدري لكن ما قدرت.

فهد: وليه تطلعين وانت بتروحين مع أمي.

مها هزت رأسها ساخرة كأنها تخاطب أحمق: ومن قال أني بروح مع امك.

كف حار سقط على وجنتها، احمرت بسببه بشرتها البيضاء الناعمة، تراجعت خطوتين، كان هذا هو

الكف الأول في حياتها، لم تكن تعلم أنه بهذا الوجع، رغم قوة يده إلا أن الوجع الذي استقر في قلبها

أضعاف الوجع الجسدي الذي يلهب خدها.
أ
كمل بحقاره: عشان تعرفين تردين يابنت الكل...

مها بعصبية: ردي على كفك صدق بيكون عن طريق أخوي علي.

فهد اشتعلت أعصابه: تهددين باخوك من هو ان شاء الله.

بشموخ ردت: تعرف زين من هو أبو سلمان اللي تفز له اللحى بالمجالس.

لم يحتمل تفاخرها بأخيها فامتدت يده بضربة ضارية حاقدة إلى فمها، صرخت معها مها بوجع وتبعتها

دموع وأنات بعد أن خدشت أضافره شفتها الرقيقة، جلست على طرف السرير تمسح الدم الخارج منها.

فهد كالعادة فسر حركتها بالخضوع والتراجع سألها: قلتي لي أخوك، هاه؟

تجاهلته ومشت إلى الجهة التي رمى بها جوالها، لتأخذه وتخرج، كانت قد حسمت أمرها منذ فترة لكن

أراد الله هذا التريث حتى يكون قرارها حاسما لا رجعة فيه.

فهد: وين؟

اعترضها بجسمه ومد لها هانفه: خوذي دقي اعتذري من أمي.

رغم الالامها انتصبت أمامه لتقول: كلامي واضح، أي شي غيره تفاهم فيه مع أبو سلمان.

العزم في عينيها جعله يدرك شيئا أخافه، تصميم جديد لم يخبره من قبل، الكره والقرف فيهما لم

يره سابقا، نظراتها أشعلت فيه ثورة عكسية غير متحكمة، دفها بقوة ليمسح تلك النظرات منها.

بصعوبة تماسكت والحذر الذي عاملته به لحظة دخولها طار منها وبعصبية توازي عصبيته: والله ان

مديت يدك ثانية ما راح يصير لك طيب.

لم تكمل لأن يده أخرستها مره أخرى بكف أسقطها على الأرض، حاولت النهوض لكن ركلة من قدمه

منعتها.

صرخت بوجع شديد، وضعت يدها على بطنها مكان الألم وهي لا تصدق ما يحدث، الضربات أنستها

نفسها وكينونتها وكل تفكيرها.

جلس ليكون بمحاذاتها: ان سمعتك تتكلمين عن الطلاق انت الي ما راح يصير لك طيب، فاهمة.

دفعته بعيدا عنها فسقط على ظهره، وقفت واسرعت تركض هاربة نحو الباب، فتحته وقبل أن تخرج

اجتذبتها يده إلى الداخل، استنجدت بأقصى ما تستطيع: روان.

لم تعلم ما جرى بعدها، تسابقت يديه في ضربها، أسقطها على الأرض وأكمل بقدميه وحشيته وحقده،

تكومت حول جسدها تحمي نفسها، اسودت الدنيا بعينيها وشعرت بروحها تخرج.

روان كانت تصعد الدرج قادمة من المطبخ عندما سمعت صرخة أمها، اهتز قلبها وسقط كأس الماء من

يدها وبلحظة كانت تركض نحو غرفة أمها.

فتحت الباب لتصدم بأبشع منظر شاهدته في حياتها، أمها الناعمة تضرب بكل شراسة وهي متكومة

على الأرض لا حول لها ولا قوة.

: يبببه

صرخة ابنته أعادت له قليلا من وعيه، روان دفعته بعيدا وانحنت تضم أمها وهي تبكي.

*
*

انطلقت أصوات الآذان تطاول السحب بكلماتها العظيمة، ساعتين هي مدة نومها بعد رجوعها من

المستشفى استفاقت على صوت المؤذن الشجي لمسجد الحي ينتشر في الأرجاء ويبدد وحشة الظلام

ووحشة القلوب.

تنفست عميقا وهي تشعر بكلمات التكبير تتغلغل في وجدانها واوردتها.

تعرف قيمة الآذان عند عودة المسافر من وطن لا يقام فيه الآذان.

استلقت على جنبها الأيمن لتتفاجأ بأمها نائمة على أريكتها الصغيرة، من خلال نور الأباجورة الخافت

تاملت ملامح أمها وشعرت بالخجل يغزوها، هي تنام في سريرها الواسع، وأمها تنام جلوسا في مكان

ضيق غير مريح.

على صوت انغلاق باب الحمام استيقظت عزيزة، ذهبت إلى غرفتها توضت وصلت، ثم ذهبت توقظ جود

للصلاة، وتركت ديم نائمة حيث لا صلاة لها.

جود: ماما شلون ليال

عزيزة: نامت شوي والحين كأنها أحسن ان شاء الله.

جود وقفت لتحضن أمها بقوة: يا أنا خفت عليها مره، كل ما تذكرت الدم ترجع لي نفس الروعة.

قرصت عزيزة خدها بمودة وهي تشد عليها: كلنا خفنا عليها، الحمدلله على لطف ربي، صلي يامي أنا

برجع لاختك.

دخلت عند ليال والضيقة في قلبها تتزايد، وجدتها في مصلاها تمسك كتاب أوراد صغير تقرأ منه،

التفتت ليال ولاحظت الهم بوجه أمها.

نادتها: تعالي بشوف ضغطك.

نهضت ليال، مدت ذراعها لامها رفعت عزيزة كم بجاماتها الفضفاضة ولفت الرباط المطاطي حول

ذراعها ثم وضعت السماعة تحته، ضغطت عدة مرات على الكرة المطاطية، وبدأت بتركيز محاولة

قراءة الضغط من خلال سماعة الأذن.

بعد لحظات: الحمد لله طبيعي

كررت ليال معها: الحمد لله

عندما رأت الكدر لا يزال يغلف ملامح أمها الجميلة قالت: كل الليل وانت معي يمه، روحي نامي بغرفتك

انا الحين طيبة.

عزيزة مدت يدها إلى خد ليال بلمسة حانية بترت فجأة لتقف متجهه نحو الباب: تصبحين على خير.

*
*

ان تنام على الشوك أو خفيف الملابس في ليلة شديدة البرد أهون عند روان من تلك الليلة التي عاشتها

وأمها نائمة بوجه محمر وأنات متقطعة طيلة الوقت.

بين الوعي واللاوعي وتحت نظرات أبيها أخذت أمها معها إلى غرفتها، لحظات ويلحقها أبيها بوجهه

الأسود ويطلب منها هاتفها، أعطته هاتفها وخرج.

تجلس بكرسي قرب أمها تتأملها بقهر مكبوت، وتتسائل ماذا فعلت كي تستحق هذا الضرب؟

تعرف أن مشاكل كثيرة بين أمها وأبيها ويا لطالما ملئتها جدتها ضدها لكن عندما تفكر بهدوء لا تجد

من أمها إلا التعامل الراقي والإحترام والتغاضي.

لماذا إذن يكون جزاؤها هذا القسوة؟

دموعها تسيل ولا تقف لأول مرة تشتعل ضد أبيها كانت دائما تقف بصفه وتعصف بوجه أمها غضبا

عندما يتناهى إلى سمعها أي مشكلة تحدث بينهما.

قاطع أفكارها حركة من أمها، نهضت لتجلس قربها وهمست بدموع خائفة: ماما؟

فتحت مها عيونها وتسمرت نظراتها بوجه روان، لا تستطيع التحرك ألما من أضلاعها التي تشعر بها

متهشمة.

روان اقتربت أكثر ومسكت يد أمها: وشلونك الحين؟

بصوت مبحوح قالت: جوالي؟

روان بتردد: مع أبوي.

مها غمضت عيونها وتحت أنفاسها الغاضبة : جيبيه.

روان: سمي.

ذهبت روان إلى جناح أمها بحثت ولم تجد أباها ولا هاتف أمها، دلتها فطنتها إلى جناح جدتها، مكرهه

طرقت الباب وجاءها صوت جدتها الثقيل: ادخل

في جلسة صغيرة أمام السرير ر ات أباها جالسا وأمامه تجلس جدتها وبيدها عصاها تحركة يمينا

ويسارا.

زمت شفايفها وعرفت أنهم يتكلمون بوالداتها

الجدة تأملتها وقالت وهي تربت على السرير قربها: تعالي حبيبتي ليش واقفة عندك؟

ألقت نظرة سريعة غاضبة نحو والدها وقالت: أمي تبغى تلفونها.

أبوها بانت العصبية بملامحه: وش قلتي؟

روان ردت له عصبيته: أمي تبغى تلفونها.

وقربت نحو أبيها والنار تشتعل فيها وصرخت: ليش تضربها بأي حق تسوي فيها كذا؟

تعرف غلاها عندهم وأنها مهما سوت أو قالت بتظل مكانتها فريدة ماحد يوصلها، مكانة البنت الوحيدة

الي مافي غيرها.

أبوها صد عنها، وجدتها قالت: يابنتي تدرين ليش تبي الجوال؟

روان ما زالت حدتها بصوتها وهي ترد: تسوي فيه الي تسوي ماحد له حق يحاسبها على شي.

جدتها تهز رأسها: أكيد ماحد له حق إلا إذا كنت تبين أمك تطلع من هالبيت وماترجع.

ولما شافت روان ترتخي بوقفتها الشادة كملت مسايرتها الخبيثة: أمك سبب هواشتها مع ابوك لا نها

طلبت الطلاق.

روان مسحت دمعتها: أيا كان السبب ما يحق له يضربها كذا، أنت ماشفت كيف يضربها.

جدتها تأيدها: صادقة يابنتي، ابوك غلط لكنه ما تحمل لما أمك طلبته الطلاق، لا تلومينه يابنتي

مايبيك تتشتتينن بين بيوت خالاتك وخالك.

وتغيرت النبرة إلى حقد: أنت تفكرين خالك علي بيخليها عنده بعد الطلاق، شهر واحد والله ماتقعد

ويزوجها عشان يقهر أبوك، عاد أنت شوفي إذا بتقدرين تشوفين أمك بعدها والا لا.

روان فتحت عيونها مدهوشة، معقولة أمها تتزوج وتخليها وتعيش من دونها، لا لا ماقدرت تتصور أو

تسترسل بهذا التفكير، ماتقدر من دون دلال أمها وتدليعها تعيش.

الجدة وهي تشوف تغير ملامح روان كملت كلامها وبعد خمس دقائق روان خرجت بمشاعر مختلفة

ومعلومات لم تسمع بها من قبل عن خالاتها وخالها، معقولة يكرهون أبوها لهادرجة.

رجعت إلى غرفتها وكانت أمها جالسة في السرير تنتظرها متعبة ومثقلة بالهموم، لا تستطيع القيادة

بهذا الألم والا خرجت ولم تنتظر ثانية.

دخلت روان وبنظرة واحدة لابنتها فهمت مها التغير الحاصل لها، سألتها بحزم: وين الجوال؟

روان: مالقيته.

مها نهضت ببطء، سوف تخرج ولو كلفها حياتها، روان سألتها: وين رايحة؟

مها ماردت عليها، وقبل أن تخرج فاجأها ركض روان نحو غرفة جدتها وسمعتها: بابا ماما بتطلع.

فهد فز وركض ناحية الدرج: على وين ان شاءالله؟

مها لم تنظر إليه بل نظرت إلى روان وشعور بالخيبة عميق يطل من عيونها.

تجاهلتهم وكملت طريقها يده التفت حول خصرها لترفعها عن الأرض وتمشي بها مجبرة نحو الجناح.

صرخت وحاولت التخلص منه ولم تستطع، دخلت روان معها الجناح.

مها: يا مجنون ما تقدر تحبسني، ابعدد.

روان: ماما وين بتروحين بالليل؟

أمها: انت ولا كلمة.

روان: يمة.

سكتت هي ترى أمها تحاول الخروج وأباها يدفعها إلى الداخل، سحب المفتاح من الباب وقال لروان:

اطلعي بسكر الباب.

حين يئست مها من الخروج تركتهم وذهبت إلى الأريكة الموجودة في الصالون، تعرف أن الهستيريا لن

تجدي نفعا، وليس فيها حال للكلام كيف بالحركة والمقاومة، بالتأكيد لن يدوم حبسها طويلا.

سمعت روان: بقعد مع ماما.

أركت رأسها على الأريكة وأغمضت عيناها، التعب داهمها بشدة بعد مقاومتها الخفيفة، سمعت صوت

إغلاق الباب، ثوان وشعرت بروان تجلس قربها.

روان: ماما

مها بقيت على هدوئها، قلبها مجروح من حركتها، ماتوقعتها تقف مع أبوها وخاصة بعدما رأت قسوته

ووحشيته.

روان كررت: يمه

فتحت مها عيونها بنظرة عميقة نحوها، روان أحزنها رؤية الغضب والألم في عيون أمها الجميلة،

عرفت الأن سبب أخر لجنون أبوها وبالتأكيد ستكون معه.

لما شافتها ساكته قامت مها لغرفتها تستريح وتفكر بطريقة أخرى للخروج، روان لحقتها تبرر موقفها:

يمه والله ما ناديت ابوي الا لاني كنت خايفة تطلعين وانت تعبانة وشلون تروحين وتخلينن.

مها مسكت باب غرفتها والتفتت لها: مرة ثانية خلي معك عصا يمكن ابوك يحتاجها.

روان رجعت عنجهيتها وقالت: طلاق من ابوي ماراح تتطلقين.

وكان الرد من الباب اللي تسكر بوجهها.


*
*

الساعه السادسة المساء دخلت بيتها، دوامها في الجامعة تأخر وفلبها مع بناتها تكره تتاخر عنهم

وخصوصا بعد سقوط ليال البارحة، ما قدرت تغيب بسبب ضغط الشغل قبل الإجازة.

كانت قي طريقها للدرج حتى تتفقد ليال وتوقفت لما سمعت صوت ضحكاتها في الصالون مع صوت آخر

تلقائيا خمنت من يكون.

طلت عليهما كانتا جالستان قرب بعض، ليال رأسها على كتف سارة وبيدها الهاتف تقرأن فيما يبدو

تعليقات مع بعض وتضحكان بطفولة وجمال.

جلسة استرخائية جميلة قطعتها عزيزة بدخولها الهادئ وتسلميها: السلام عليكم.

سارة تعدلت واتجهت تسلم على عزيزة، ابتسمت: وعليكم السلام، هلا خالتي.

عزيزة ردت لها الإبتسامة: هلا بك، كيفك حبيبتي؟

وهي ترجع لمكانها ردت: الحمد لله طيبة.

لا تزال تتحفظ في معاملتها مع عزيزة، تهاب الإحتكاك مع أي امرأة في سن أمها رغم الحفاوة التي

تظهرها عزيزة لكن لا تزال ترى فيها صورة سيئة بسبب بداية تعارفهما وبسبب معاملتها مع ليال.

عزيزة جلست وهي تسال ليال: وشلونك اليوم؟

ليال: الحمدلله أحسن.

التفتت: خواتك وين؟

قامت ليال أخذت القهوة وصبت فنجان لأمها: جود رجعت من اختبارها ونامت، ديم تو كانت معنا

بعدين قامت.

عزيزة أخذت منها الفنجان وسألتها: طيب قاست ضغطك؟

ليال ملت من هالموضوع هي تبغى تنسى كل الحادثة وهم مستمرين يذكرونها، تذكرها بمحمد

وبإحراجها: خلاص يمه والله طيبة ماله داعي كل شوي قياس الضغط مابقى الا سيرما تجي وتقول

بقيس.

ابتسامة لاحت على شفاة سارة لمحتها ليال وعرفت سببها: أنت يالخايسة ليش تضحكين؟

تحولت ابتسامتها لضحكة خفيفة وهي ترد: اتخيل سيرما تلاحقك بالجهاز.

ليال تعرف سارة لما تكذب وفهمت سبب ضحكتها، جلست جنبها وهمست: والله بالفنجال مع راسك

خلاص ما سارت مسكة مسكتيها علي.

سارة بنفس الهمس: صراحة مو أي مسكة هذي اللي يسمونها مسكة العمر.

غمزت لها وكملت: تتوقعين محمد يعرف يقيس؟

صرخة ناعمة من ليال: هيييي الله ياخذك.

عزيزة تعجبها جلستهم وتحب جوهم أي شي معهم يتحول لضحك بريء رغم قسوة الحياة معهم

اثنيناتهم إلا أنهم يتحدونها ويمشون فوقها بنجاح.

لا تنكر تمتن كثيرا لسارة لها أثرا واضح في تشكيل الهدوء في نفسية ابنتها، شخصية ليال المرحة

والعفوية تظهر بوضوح لما تكون مع سارة.

تذكرت أول مرة شافتها بمكتب المديرة قبل خمس سنين، حكمت عليها تلقائي بأنها بنت لعابة وراعية

حركات مع انه مافي أي شيء بشكلها يوحي بهالشيء لكن يمكن خوفها على بنتها الي دافعت عنها

وتسببت لنفسها بمشاكل مع البنات والإدارة من أجلها، خافت ان بنتها بسببها تتورط بمشاكل أكبر

الحين بعد ما عرفتها صدق وعرفت تأثيرها وأخلاقها الجميلة على بنتها ندمت ظنها السيء وعلى

كلامها اول ما شافتها.

قطع تفكيرها وقوف سارة تكلم بجوالها: سم الحين طالعة.

سكرت من أبوها والتفتت لعزيزة: مع السلامة خالتي، والحمدلله على سلامة ليال مرة ثانية.

عزيزة: ليه مستعجلة اقعدي شوي.

سارة: ماقدر لسه ماخلصت اختبارات باقي لي مادتين بس جيت اتطمن على ليال

بان الفهم على وجه عزيزة: الله يوفقك يابنتي.

ليال وقفت توصل سارة وطلعوا تحت أنظار عزيزة، انتظرت رجوع ليال، مرت دقائق وما رجعت.

غمضت عيونها مقهورة تحس بنتها تتهرب منها، من فترة طويلة وهي تشعر بهذا الإحساس، كانت

أول لما تسير أي مشكلة تعتكف ليال غرفتها أو تتهرب بزيارة جدتها وسارة، الحين أغلب أوقاتها

تقضيها بعيد عنهم سواء بمشكلة أو بدون.

قطع أفكارها دخول ديم: هلا يمه، متى جيتي؟

عزيزة تتنهد تعبانة من الدوام ومن أفكارها: هلا بك لي شوي جايه.

ديم ناظرت الجهة اللي كانوا فيها ليال وسارة قبل شوي وسألت: وينهم؟

هزت كتفها: مدري عنها وصلت صديقتها ومارجعت.

ضيق وحدة حستهم بلهجة أمها، تسائلت هل تلاسنت ليال معها أم ماذا؟

لحظات ودخلت جود وأثار النوم والضجر موجودة في وجهها: خلاص ملييييت متى تخلص الإختبارات.

عزيزة ابتسمت لها بمودة وصبت لها فنجان: هانت مابقى غير يومين، تعالي تقهوي بعطيك فرصة نص

ساعة بريك بعدين لا اشوفك لين تختمين كتابك.

جود: خاتمته من أسبوعين يمه خلاص مابي اشوف كتب.

أخذت الفنجان من يد أمها رشفت منه وهي تتلذذ: اممم يازينها.

حطت الفنجان وانسدحت على فخذ أمها، سحبت يد أمها وحطتها على رأسها وهي تقول: يمه مسجي

راسي بينفجر.

ديم ناظرتها بانتقاد، طقوس الدلع عندها ما تنتهي، المشكلة كلهم يدلعونها، كبرت وتغيرت ملامحها

لفتاة جميلة، وجه أبيض يحيطه شعر ناعم اسود قصير بقصة فراولة وعيون فاتنة أنف حاد، ملامح

بالغة الأنوثة، ومع ذلك لا يرون فيها إلا طفلتهم المدلله.

ديم: اللي كبرك فاتحات بيوت وانت للحين تتسدحين على أمي.

جود ناظرتها وغمزت: لما تروحين لمجودي ان شاء الله افتح بيت.

وبتملك مدت يدها تحاوط حجر أمها: ولما أفتح بيت بجي أنا وعيالي نتسدح بحجر ماما.

ورفعت اصبعها السبابة بوجه ديم: عيال مجودي لا، يقربون لامي اكسر رجولهم.

عزيزة كتمت ضحكتها وهي تناظر تغير ملامح ديم، زواجها ما بقى عليه شي وهي على حالها تتضايق

وتستحي.

تفاجات من رد ديم الضاحك: عيال مجودي بيكسرون راس عيالك الخكاريه.

جود رفعت رأسها: ماما دافعي عن عيالي.

عزيزة ضحك وهزت رأسها: الله يخلف علي، أقول قومي دام هذي سوالفك خلص بريكك، بعد صلاة

الأخير تعالي اسمع لك.

جت تعترض لكن عزيزة قطعت عليها بلهجة حازمة: غرفتك اشوف.

ديم ترفع حواجبها مبسوطة وتكرر: غرفتك.

بان بوجهها الزعل وطلعت وهي تتوعد لعيال مجود ان عيالها بيكسرون رأسهم.

*
*

بعد يومين جالسة لوحدها تقلب هاتفها والملل يحيطها من كل مكان، متواعدة مع خالتها مها للخروج

والتسوق لزواج ديم، لم تنجز شيئا لكن خالتها أرسلت لها تعتذر عن الخروج لأنها تعبانة، أمها ترفض

تخرج وحدها، سارة وجود مشغولات بالاختبارات، وحتى ديم مشغولة أيضا بمواعيدها مع عيادة

البشرة.

سمعت صوت أمها توجه سيرما على أشغال في البيت، اليوم الي مايكون عند أمها دوام لازم يكون يوم

تنظيف أو تعزيل بالبيت.

أصواتهم من تأتي المطبخ وإلى الصاله ودها تقوم تساعدهم لكن مزاجها محبط ومعنوياتها منخفضة.

دقايق ودخلت أمها، تفاجأت لما شافتها لكنها ما علقت بشيئ.

سيرما دخلت فأرسلتها عزيزة مباشرة لغرفتها تجيب جهاز القياس، لاحظت امتعاض ليال فقالت: قبل ما

تعترضين ضغطك لازم يقاس لمدة أسبوع قبل مايحدد الدكتور إذا هو ارتفاعه عارض أو الله لا يقدر

مرض مستمر.

جلست قرب ليال وكملت: يعني انا ودي يسير كذا؟

لا تعلم هل الضيقة في صوتها اعتذار أم انكار لعلاقتها بما حدث، لم تفهم.

عزيزة كانت تراقب ملامح ليال الهادئة، لها أيام تحاول تفتح معها خطبة محمد ولم تجد لحظة مناسبة،

أو طريقة تمهد بها للموضوع.

سألتها: على أساس كنت بتطلعين مع خالتك؟

ليال رفعت جوالها وقلبت شفتها بضيقه: أرسلت لي تعبانة.

دخلت سيرما فمدت ليال يدها تلقائيا وبعد لحظات تنهدت عزيزة وقالت: الحمدلله للحين طبيعي.

لبرهة تمنت ليال أن يكون معها المرض حقيقة حتى يستمر هذا الإهتمام والقرب ولو من بعيد، ابتسمت

بسخرية من هذه الأمنية السخيفة، وسحبت يدها لتنهض لكن عزيزة مسكتها وقالت: استني ابيك

بموضوع.

أخافتها جدية أمها، التفتت نحوها: سمي.

سكتت ثواني بعدها ضغطت على يد ليال المستكينة في يدها وقالت: في ناس مكلمينن يخطبونك.

هزت رأسها كرفض للموضوع رفض تام ليس قبل أن تكمل دراستها وتتخرج: يمه تعرفين جوابي قبل.

عزيزة: أدري بس هذي المره غير، ناس مره مناسبين يقربون لنا ونعرفهم.

كلمة " ناس نعرفهم" ترددت برأسها مع كلام لأمها قديم " عمة عبد العزيز تبي وحدة من البنات

لولدها"

الكلام اللي سمعته قبل خمس سنوات عن عمة أبوها اللي بالطايف صار حقيقة تقدمت تخطبها وأمها ما

صدفت خبر وتحاول تقنعها.

سقط قلبها في أعماق مظلمة من الخوف والوحشة، هل حقا ستزوجها أمها بعيد.

معقولة وصل كرهها أنها ترسلها لمكان بعيد، بعيد عن جدتها وأخواتها؟

اذا ما تبغاها بكيفها مو لازم تشوفها لكن ما يحق لها تبعدها عن أخواتها وبيئتها والمكان اللي تحب.

صرخت بوجه أمها وعيونها امتلئت بالدموع: مابي أتزوج ما تفهمين.

حاولت تسحب يدها حتى تقوم لكن أمها مسكتها بقوة ومدت يدها الثانية تحجزها، وبعصبية سألتها: انا

وش قلت علشان تعصبين وتصرخين بوجهي؟

حست بالكره لامها فاض بصدرها، ودها تركض لغرفتها وتسكر بابها عليها.

عزيزة حاولت تهديء أعصابها الي تستثار بسرعة مع ليال كملت: اسمعيني والله لو مهب زين..

ليال ما عطتها فرصة تكمل قطعت كلامها: ما راح اسمح لك تبعديني عن خواتي وبيتي تفهمين،

تكرهيني وما تبغين تشوفيني كيفك، حتى انا اكرهك ومابغى اشوفك لكن ماراح اسمح لك تقطعيني عن

خواتي.

ارتخت يد عزيزة بعد الكلام اللي سمعته والكره الحاد الي شافته بعيون ليال،

ليال قدرت تسحب يدها وتطلع من الصالة.

فترة طويلة مرت وعزيزة جالسة لا تستطيع التحرك وعقلها علق في جملة " اكرهك ومابغى اشوفك"

ثقيلة كثقل المرض أحاطت بها هذه الجملة وخدرت إحساسها عن أي شيء اخر.


*
*

انتهى

لا إله إلا أنت سبحانك استغفرك وأتوب إليك..



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-11-20, 09:05 AM   #8

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




بسم الله
_______

الجزء السابع
*
*

اليوم جمعتهم في بيت أبو سلمان، الجميع معطل ومبسوط بنهاية الإختبارات، الجدة أم علي كأنه عيد

عندها من زمان عن جمعتهم كلهم، ولدها وبناتها وحفيداتها الكل متواجد.

في مجلسهم الشعبي الخال على جالس قرب الوجار يحرك النار وبقربه أمه وعلى يسارها ليال ومقابلها

أمها وخالاتها وباقي البنات انتشروا حولهم.

وسط الجلسة امتدت طاولة مربعة قصيرة الطول مشغولة بتصميم تراثي أنيق يناسب المجلس وفوقها

صفت ترامس القهوة وصياني الحلا والموالح ومن نفس تصميم الطاولة وزعت طاولات خدمة صغيرة

وقصيرة الطول على أرجاء المجلس تخدم الجالسين.

مرت أيام على انفجارها مع أمها ولم تجتمع معها الا اليوم تهربت منها بالخروج مع ديم وخالتها مها

للأسواق.

انتبهت على جدتها تسالها: وعسى نتايج الاختبارات الي قطعتس عن زينه يمه؟

ربى نغزت سما وجود وأشرت على جدتها وليال وهي تضحك.

ليال: الحمدلله ابشرك كلهم زينات.

ربى بملاحتها المعروفة: ما يبيلها سؤال يا جده حفيدتك اذا ما صارت الأولى على الدفعة ما تعتبر

ناجحة.

أم علي مدت عصاها تضرب الأرض قربها: اذكري ربك وقولي ما شاء الله.

سما دخلت بالخط: الله لنا يا ربى حنا اللي طول الاختبارات مقابلين ام علي ما سئلت عن نتايجنا،

والدوافير اللي نتايجهم مضمونه كل يوم يدقون عليهم يسئلون عنهم.

ليال متعودة على مزحهم وهبالهم حطت راسها على كتف جدتها بتملك، لفت شعرها على اصبعها وردت

تغايضهم بدلع: الله يخلي لنا أم علي.

جود بتأييد لصديقاتها: لازم العدل يمه ما يسير التفرقة العنصرية.

أم علي بصراحة كبار السن: هه شف من يتكلم عن العدل وانت ماخذه حب امك كله وما بقيتي لاحد

شي.

روان بخبث: جود القعدة وديم البكر من يلوم خالتي.

وتركت سؤالها مفتوحا ومعناه واضحا لا يحتاج لإجابة.

نغزة حستها ليال بقلبها، الكل يعرف بوضعها مع أمها، تمالكت نفسها بإبتسامة مزيفة وقالت لجدتها

وهي تناظر جود وصديقاتها: لا يهمونك البزران يمه.

ضحكت لما سمعت صرخات احتجاج من الثلاثي المجنون وكملت لها: طلعت اربع مواد لي كلهم أي

بلس الحمدلله وباقي مادتين الله يستر.

سمعت الجميع يذكر الله وأبو علي يقول بإعجاب: الله يوفقك يابنتي ليت هالخبلة.. ..وأشر على ربى

: تأخذ منك شوي.

سما وجود ضحكوا على ربى اللي ردت: يبه ماقدر اجمع زين ودفاره بعدين انحسد... وسبلت عيونها

لسما وجود.

أم علي تضحك على خبالها وأشرت على ليال: هالمزيونه جمعت زين وشطارة خلك مثلها والا بس هرج

أبو سلمان ضيق نظرته يدقق بربى: والله يمه انا ما شوف لا زين ولا شطارة.

ربى: يبببه.

والتفتت على سما وجود اللي انفجرن ضحك عليها: بس ياحمير مفروض انتن بصفي ماتضحكن.

نهلة وديم كانوا يضحكون من دون مشاركة، معجبهم التفرج والضحك من بعيد لبعيد.

عزيزة سألتهم: وانتم بنات ما فكرتوا أي كلية تدخلون؟

ربى وسما هزوا كتافهم وردت سما: اذا جا وقت التقديم فكرت.

ربى تأيدها: الكليات بتتسابق علينا ماله داعي نتعب انفسنا ياعمة.

نهلة: والله ماغيرها الكليات الخاصة الي بتقبلك، الله يعينك يبه.

مها طالعت جود: وأنت ياجود؟

جود بجدية: مادري محتارة بين قسم الحاسب وقسم اللغات.

روان: والله لو امي دكتورة وبالجامعة ماتعدا قسمها.

جود: فكرت بس العربي يبغى ناس تحب الادب والشعر وكذا ونا ماعرف اتنح إذا سمعت كلمة فصيحة.

وتشابكت المواضيع بين الجميع عن الكليات وأقسامها حتى جاء وقت العشاء.

بعد العشاء كان الجميع في غرفة المعيشة اختلت فايزة بأختها عزيزة في المجلس وسألتها: وش صار

مع ليال بشريني؟

هزت عزيزة رأسها بأسف: ولا سمحت لي اكمل يافايزة، هبت فيني كأني بذبحها وبرميها بعيد عن

خواتها.

تنهدت ودمعة تتأرجح بعينها تأبى النزول: البنت حاملة علي يا فايزة، كل يوم تبعد عني أكثر وتتجاهلني

وما كاني موجودة.

نزلت دموعها تحكي أوجاعا خاصة لا تعرفها إلا أمها وأخواتها: علمين وش اسوي يا فايزة كل ما

نويت وجزمت أخاف وأتراجع، أحاول اتقرب منها لكن ينقلب كل شي والقى نفسي أعميها بدل ما

اكحلها، تخيلي نتايجها تطلع وتوي اسمع فيهم، انا اللي هلكت سنيني اراكض بمدارسهم، واخرتها

اسمع بنجاحها مثلي مثل غيري.

فائزة مدت لأختها منديل هل تلومها؟ بالتأكيد لا، لكنها أيضا لا تلوم ليال.

مها دخلت عليهم ولاحظت وجه عزيزة المحمر، قربت منهم وسألت: وش فيك يا أم ديم عسى ما شر؟

فايزة ناظرت الباب خافت وحدة من بنات عزيزة تدخل اشرت للباب وقالت: بعدين اقولك يا مها.

والتفتت لعزيزة: من بكرا بحجز لك....

قاطعتها عزيزة بالرفض: لا بأجل أي شي لبعد زواج ديم، ناوية بس أخاف أنحاس بزواج بنتي.

وقفت وقالت لمها: بروح اعتذر من امي ماقدر اسهر معكم تكفين قولي للبنات اني انتظرهم بالسيارة.

دخلت على غرفة أمها ولقتها مستلقية بسريرها وليال مستندة جنبها على ظهر السرير وتقنعها تجي

معهم للبيت، ليال: هاه؟ وش قلت يمه؟

ام علي: يابنيتي الحين ما عاد ارتاح الا ببيتي.

ليال: طيب ما يخالف لا تقعدين لين الزواج، اقعدي لو يومين، وشدعوى ام علي مالنا خاطر عندك من

زمان مانمت عندنا.

عزيزة شعرت بأمها انها أصبحت تتعب من التنقل ليست مثل السابق كانت دائما تنام عندهم وعند فائزة

عدا بيت مها حيث تتعذر بوجود ام زوجها التي تسكن معهم والحقيقة انها لا تحب زوجها ولا ترتاح

له.

عزيزة: خلاص ليال خلي امي براحته.

ليال صدت عن أمها وما فات جدتها الكدر الي بان بعينيها، قالت: وراك على بنتي وش مسوية به انت.

عزيزة اتسعت عيناها وضحكت مجاملة: وش سويت بعد، ياحول ياعزيزة دايم ظالمتن ياام علي.

جدتها: هين حتسيتس والله ان بكم بلا اليوم ماشفتكن تكلمن بعض.

منذ أكثر من ثلاثة أيام لم نتكلم مع بعض، فكرت عزيزة وتغيرت ملامحها كدرا، متى سترتاح من هذا

التعب وترتاح من اللوم والعتاب والمحاسبة؟

عزيزة رغما عنها قالت: تعبانه يمه وبرجع للبيت توصين على شي يمه؟

ام علي ضيقت نظراتها وماهان عليها التعب في عيون ابنتها، تعلم كم عانت وكم

تعاني، ارتفعت تجلس على ظهر السرير بصعوبة وقالت: بسم الله عليتس يامي وشبتس.

ابتسمت تغالب تعبها وقالت: للحين ماعطلنا تعرفين اخر السنه نضغط.

ام علي تنفست براحة: الله يسهل امرتس معذورة يامي.

تقدمت لها عزيزة وقبلت رأسها، طالعت ليال من خلفها بقسوة وقالت: انتظرك بالسيارة لا

تتاخرين.

*
*

في السيارة تنتظر بناتها ركبت جود ورا وبجنبها ديم وجنب ديم ليال.

جود بتذمر: يمه ليش نطلع بدري، ترا والله عطله.

عزيزة بدون نفس: هذاك قلتيه عطله بتروحين لهم لين تملين.

السائق حرك السيارة وجود مستمرة: اول يوم غير يمه.

عزيزة: خلاص مانب فايقة لك بهاليل.

ديم كانت ملاحظة تعب أمها ببيت خالها قالت: انت يالبزر ما تشوفين امي تعبانة.

ليال بلؤم ردت: تراها ما قالت شي غلط، عطلة اللي بيرجع يرجع ليش نرجع كلنا وهم بيسهرون.

ديم: وشلون يعني امي ترجع وانت عارفة ماراح تنام لين نجي وبتسهر وهي تعبانه عشان

حضرتكم تنبسطون.

ماكان همها الجلسة ولا تحب السهر مره، همها تقهر أمها وتنكد عليها ردت: ارجعي معها ماحد

مسكك.

ديم الهادئه اشتعلت غضبا من برود ردها جت ترد لكن أمها مسكت يدها ماتبي تكبر المشكلة بينهم،

تدري إن ليال تدور المشاكل وتتقصد تستفزهم: اتركيهن حبيبتي لا يهمونك.

ليال: من حنا حتى تهتمون لنا.

عزيزة: ان ثب ر ي.

كانت كلمة واحدة لكنها سكتتهم جميعا لان التعب فعلا كان واضح بصوت امهم.

بعد ما دخلوا البيت ليال توجهت للمطبخ مافيها نوم سوت لنفسها كوب شاي سريع وأضافت له نعناع،

امها وأخواتها صعدوا مباشرة للأعلى، لحقتهم وفي الصالة العلوية رأت باب غرفة أمها مفتوح

واصوات أخواتها فيها لاتراهم لكنها تسمع كلامهم بوضوح، تباطأت خطواتها عندما مرت

من غرفتها.

جود: ماما أنا اسفه.

وكملت وهي تحضن أمها وتقبل رأسها: والله ماانتبهت انك تعبانة.

وصلت غرفتها وسمعت امها: خففي دلعك يا جود وامشي مع الكلام حبيبتي مو كل شي تبينه يسير انا

ما راح ادوم لكم.

جود وديم شهقوا وبإعتراض ديم ردت: لا تقولين كذا يالغالية ما لنا غيرك، الله يخليك لنا ويديمك.

عزيزة: امين الله يخليكم لي انتم بعد .

مشت الى غرفة أمها لتعتذر مثلهم لكن حاجز غير مرئي وقف امامها، ظلت تقدم خطوة وترجع أخرى

ودموعها مع اصوات ضحكاتهم تثبطها، كلا كلا لن تقبل أمها اعتذارها جربتها سابقا وكان التجاهل

ردها، وضعت الكوب على المنضدة، فقدت شهيتها وعادت الى غرفتها واغلقت بابها.

من بعد الخطبة وهي تشعر بانتكاس شديد في مشاعرها حتى خواتها صارت تحس ببوادر جفاء تجاهم

وخصوصا جود، التفكير أنهاها وأنهكها؟

الماضي كله صار يتمثل قدامها، يحفر بقلبها ويزيدها عدوانية.

*
*

في بيت علي الجلسة مستمرة، مها وفائزة ينتاقشون بوضع عزيزة وخطبة محمد وردة فعل ليال.

ربى طلت عليهم: عماتي الحلوات سلمان وعبد الرحمن بيدخلون يسلمون عليكم.

روان المشغولة بهاتفها أخذت طرحتها ولفتها على وجهها بعشوائية هي فقط تتحجب نهرتها أمها:

غطي وجهك.

بان التمرد بوجهها لكنها انصاعت وغطت وجهها، ما صدقت أمها ترضى عليها وتتخلى عن فكرة

الطلاق بعد اعتذارها واعتذار والدها، الخوف والشك مازال مستمر بقلبها وعندها إحساس أن أمها

تسايرهم وتوهمهم لحاجة في نفسها.

دخلوا أولاد خالها وتغيرت الجلسة لمواضيع شبابية بحته، كورة سيارات سفرات، يعجبها التنوع

بأحاديث خالاتها، لما تطلع منهم تكون مغيرة جو صدق وماتحس ثقل بقلبها مثل ما تحس إذا جلست مع

جدتها وعماتها.

تأملت امها وهي تضحك معهم، شخصيتها تتغير مئة وثمانين درجة ببيت أهلها، نفس النعومة لكن كله

تضحك وتعلق وتمازح من تجلس معه.

سمعت عبد الرحمن يقول: والله أذا لقيتي لي مثلك يا عمة موافق.

سلمان بإعجاب ناظر عمته: اركد بس منت لاقي مثل عمتي.

مها: لاتسمع له المزاين ماشاء الله بكل مكان اجزم ولا يهمك.

سلمان: خليه عنك ياعمه ذا نصاب، دوري لي انا اللي جازم.

مها ضحكت: لا فكنا راعي الحريم مانبيه.

سلمان: افا افا يا عميمة وين الحريم ياحسرة.

فائزة: الي نزوجه مره خلاص نشطب عليه، اذا يبي زود هو يدبر نفسه والله يعينه حنا نعين

هالضعوف.

والتفتت على عبد الرحمن تقصده بكلامها، وضحكت لما هز رأسه وصغر وجهه يمثل المسكنة

والبراءة بتعابير استطاع اجادتها وخفة دم شبيهه بربى.

*
*

على حدود الثانية صباح طلعت مها من بيت أخوها، ركبت السيارة ا ودارت المقود، والتفتت على روان

الي نزلت المراية قدامها تعدل طرحتها وتمشي أصابعها بحركة سريعة على غرتها.

قالت: شوفي روان النغزات الي ترمينها كل لحظة على ليال ما لها داعي، تراك كبرتي وماله داعي

تصغرين نفسك.

تنجن لما أمها تدافع عن ليال، أو تمدحها أو تضحك معها، تنقهر من تشوف إهتمام جدتها منصب

عليها، الكل يشوفها حاجة كبيرة، بتافف ردت: ومن هي عشان اهتم لها وارمي عليها، وشدعوة كل

هالحب وكل جمعة لازم أتهزء عشانها.

فعلا قابل الصراخ بالصراخ تسلم هكذا فكرت مها وردت: وإذا انت مو شايفه أنا أمك وواجبي أنبهك،

كلكم بناتيز

روان احتدت وزادت غيرتها ما توقعت تكون مكشوفه عند أمها: هي مو بنتك أنا بس الي بنتك، بعدين

مشاعري لي وملكي، ما .... وضغطت على حروف كلماتها بتأكيد: ما أحبها، مغرورة وشايفة نفسها

ليش أحبها.

مها بتعجب: والله الغرور وشوفة النفس ما شفتها الا عندك يابنت بطني.

روان ضحكت: مايعرفها الا خالتي عزيزة تعجبني والله كفو عليها تكرهها ومعرفتها قيمتها.

مها ما تحملت تشفيها بليال، خافت بنتها تنبلي بسبب فرحتها بمصيبة غيرها، لا شعوريا مدت يدها

تضرب كتفها في نفس اللحظة قربت روان تفتح الصندوق الي بينهم فجت الضربة على فمها مع صرخة

مها عليها: بنت.

ناظرت أمها مصدومة أول مرة تضربها، مها تضايقت من خطأها الغير مقصود كانت نيتها تظربها

كتنبيه ولما جت الضربة على فمها صارت كأنها متقصدة.

فتحت الإضاءة الصفراء فوقهم، روان حاطة يدها على فمها وعيونها مدمعة من الوجع بسبب الخاتم في

اصبع امها.

مها الكدر انرسم على ملامحها، مدت يدها لفم روان: قربي حبيبتي أشوف فمك.

حاولت تبعد يد روان عن فمها لكن روان ماسمحت لها، بعدت عنها وأخذت منديل تمسح شفايفها: والله

قهر انضرب عشان التافهه ليال.

مها ما حبت تزيد الوضع سوء سكتت على نية انها تراضيها إذا وصلوا.

غريبة قلوب البشرتتحامل على أبرياء لا ذنب لهم إلا محبة الناس واحترامهم، روان اشتعل الحقد في

قلبها وتوعدت ترد لليال الصاع صاعين وتأخذ حقها من امها عبر ليال.

*
*

مر اسبوع كان الوضع فيه هاديا في بيت عزيزة، ليال اعتكفت من جديد غرفتها وعندما تتواجد مع

أهلها فإنها تلتزم الهدوء، الضجيج الذي كان يمتل مع أخواتها خفت حتى الصمت، لا تضمن لسانها مع

أحد ففضلت الانسحاب.

تتسلى بالخروج مع ديم وجود حتى يكملون الباقي من اغراض الزفاف، وأكثر الأحيان ترافقهما سارة.

نتيجة مرضها خرجت وكانت كما توقع الطبيب ارتفاع ضغط عارض وليس ضغط دائم.

في بيت فايزة طلبت من ولدها ينتظر حتى بعد زواج ماجد حتى ما يجتمع مناسبتين متتاليتين، ما خبرته

عن رفض ليال لانها ما تدري من خطبها وكان عندها أمل إنها إذا عرفت ان محمد من تقدم لها

ستوافق، لا تعلم ان محمد مشطوب عليه في قلب وعقل ليال من سنين.

عند مها أيضا الوضع كان هادئا، تظاهرت بالرضى والتسامح، وفي الحقيقية لم ترد أن تشغل أهلها

بجلبه الطلاق وقضايا المحكمة حتى ينتهوا من زفاف ماجد وديم.

اتفقت مع أخاها علي بعد الزفاف ستعود معهم الى البيت وبقي قلبها مع روان، خائفة جدا من ثورتها

وعدم تقبلها للأمر.

ليست هي وحدها من عزمت علي الإنفصال حتى سلمان الذي لم يعد يحتمل أخلاق زوجته معه ومع

أهله أخبر اباه بقراره على الطلاق، امه طلبت منه الصبر لكنه أخبرهما أنه استخار ومصمم.

*
*

كلما خرجت معه تتكرر نفس المواقف، التحديق فيه وتأمل كل ذره بهيئته، تعمد افتعال موقف او رفع

صوت لإثارة انتباهه، تنقهر جدا من حركات بعضهن، لماذا يستصغرن أنفسهن ويعتقدن أن حركاتهن

غير مفهومة.

جلست معه على الطاولة ومد لها المنيو، سارة وهي تخز احداهن لتفهمها انها الوحيدة المنتبهة

لمحاولاتها الفاشلة اما والدها فقد انشغل بأختيار طبقه.

سالها: وش اخترتي؟

كانت لا تزال لاهية بأفكارها رفعت رأسها وختارت طبقها المفضل: مكرونة شريمب.

عبد الله: والمشروب؟

أشارت لصورة العصير في المنيو: ليمون بالنعناع.

وهما ينتظران الأكل قال: جهزي نفسك، الخميس الجاي حجزت للصين.

حدقت فيه مصدومة وقالت: يبه زواج اخت ليال بنفس اليوم.

عبد الله: عندي شغل مع كذا شركة ولازم اروح لهم واشوف مصانعهم ومنتاجاتهم وأوقع معهم.

سارة أول مرة تتمنى يكون ابوها متزوج حتى ما يضطر ينقلها معه، يرفض رفض تام يخليها وحدها

بالبيت الا اذا كانت سفره يوم يومين وهي ترفض رفض تام تروح لأحد من أقاربها

عماتها لايقصرن معها ابد لكن بيوتهم مليئة بالأولاد وتستحي جدا حين تذهب ويتغير نظامهم بسببها

فيصبح محرم على الأولاد الدخول إلا بإذن هذا عدا حرجها من ازواجهم، ونفس الشي بالنسبة لخالاتها.

طبعا لا تستطيع مجادلته لان شركته في مجال الشحن والإستيراد في بداياتها، قبلا كانت شراكة مع

أعمامها لإنشغاله مع أمها في المستشفيات وبعد وفاتها انفصل عنهم واستقل بعمله الخاص والآن

هو منشغل جدا بتطويرها ويقطع في ذلك خطوات ناجحة.

لاحظ صمتها وتضايقها: تعرفين اني دايم اسافر فجأة ليه ماعطيتين خبر قبل.

سارة: كم بتقعد اذا يومين مو لازم اروح.

عبد الله ناظرها منتقدا: فيه احد يقعد بالصين يومين، الروحة بس تحتاج يومين.

لما عادت للصمت كمل: واذا خايفة تزعل صديقتك نعوضها بهدية من احسن أسواق الصين وش تبين

بعد.

سارة: ليال ماراح تزعل بس شريت معها الفستان واغراضه حتى الكوافيرة حجزت لي معهم وكنا

متحمسين مره للزواج.

عبد الله بإنهاء للموضوع: مو مكتوب تحضرينه ياسارة.

انتبه لوحدة كاشفه وتبتسم له بنعومة، تاه في جمالها لحظة ثم صد وهو يتعوذ من الشيطان بقلبه، فكر

يفاتح سارة في عزمه على الزواج، طلب من أحد أخواته خطبة احدى قريباتهم التي تطلقت وليس معها

أولاد من زوجها، بإمكانه اقناع سارة ويعرف انها لن تعترض لكن يخشى من ان لا تتوافق مع العروس

المحتملة لا سيما انها بعمر صغير ولا تكبر سارة الا بثلاث سنوات فقط.

قطع أفكاره قدوم النادل يجرعربة فيها المشروبات ومعها المقبلات التي طلبوها، لن يضايقها الان

وخاصة بعد فجعة قرار السفر الذي ضايقها بقوة.

قال ممازحا: طلعي جوالك وصوري لليول واسأليها وشتبي هدية من الصين؟

سارة بتحدي: أصلا ليول ما راح تطيعك بتخطفني لين ينتهي الزواج.

عبد الله وعينه تزيغ رغما عنه للحسناء اللعوب: الله يقويها.

سارة انتبهت لنظراته وانقهرت، لماذا لا يدعن أباها وشأنه، مر على وفاة زوجته سنوات وهو راضي

بوحدته بدأت تشعر انه سيغير رأيه قريبا بسببهن.

*
*

في غرفتهما يتحدثون بمواضيع السوشيال ميديا وما فعلته فلانه وفلان، تفاجأوا بها تدخل عليهم بوجه

باسم وترحيب غير معهود منها: مرحبا حبيباتي.

نظرة استغراب تبادلتها نهلة مع ربى وردت بمجاملة: هلا والله عبور.

نادر ما تكلمهم أو تختلط معهم، موجودة في البيت مثل الضيفة، طالعة أغلب الوقت أو بغرفتها، ما

عمرها وجبتهم بضيوف أو شرفتهم بمناسبات، ساحبة عليهم وأحيانا تمر عليهم حتى السلام ما ترده،

كانها من دولة أجنبية ماتعرف عادات ولا تقاليد مع اهل الزوج.

أمهم محذرتهم مهما سوت أبد ما يقللون أدبهم معها، أخلاقها تمثلها واحترامها فقط احترام لأخوهم وإلا

هم مو بحاجتها.

جلست على الكرسي تناظر أصابعها المصبوغات دائما بطلاء الأضافر، تاركا علامة استفهام غير

منطوقة حول صلاتها.

وهي تهف شعرها قالت: أدري مستغربين من جيتي لكن ماقدرت اصبر فرحانه وابغى الكل يفرح معي.

عبير بعد ما شافت حيرتهم وضعت يدها على بطنها بدلع: بعد تسع شهور راح تصيرون العمات

الشريرات.

حامل؟ فاجأهم الخبر وفرحهم بقوة، طفل راح يعطي البيت سعادة مختلفة، قاموا يباركون لها فرحات

لأخوهم ومتفائلين بالمولود يكون خير عليهم وتتعدل علاقتهم مع زوجته.

بعد ما طلعت منهم توجهت لغرفة حماتها، بشرتها بالحمل، أم سلمان الفرحة ماوسعتها، هنتها ودعت

لها ونقس الأمنية جت ببالها انه يكون هالمولود خير على امه وابوه.


*
*

بعد جوله متعبة في المول رجعت ديم مع أخواتها، ليال توجهت مباشرة الى الأعلى، نادتها ديم: وين

رايحة؟ تعالي امي تنتظرنا بالصالة الصغيرة بدري على النوم.

أشارت لهم بيدها وهي تكمل صعودها: تصبحون على خير.

ناظرتها ديم وهي تغيب عن عيونها متضايقة وهمست: الله يهديك.

جود ردت عليها بنفس الضيق: والله ما ألومها حطي نفسك مكانها، اللي يسير يقهر ويغث، انا لو

بمكانها وامي تكرهني بموت.

كملت ديم طريقها للصالة الي فيه أمها وقالت: ومن قال اني الومها بس ترا امي ما تكرهها شوفيها

ما تطيقها بعيدة،و دايم تقولنا ما ننزل الا وهي معنا واذا نسينا نناديها تزعل، شي غريب عجزت افهم

أمي صراحة.

جود: وش فايدة نزلتها اذا بتنكد عليها.

دخلوا عند أمهم وانقطعت السالفة، جود حطت الأكياس على الطاولة، فكت طرحتها تتنفس بعمق: تلفنا

يمه، اول مايخلص الزواج بقعد شهر ما طلع بعوض وبسترخي.

ديم: اجل مافي سفره هالسنه يمه، جود تبغاها سياحة منزلية.

جود: لا لا من يقول اسافر وارتاح بالفندق، نقطينا بسكاتك مس ماجد.

عزيزة: ماعندي نية سفر هالسنة الا لمكة بإذن الله.

وصدت بنظراتها نحو الباب: وين ليال؟

ديم أشرت لجود بحواجبها قبل ماترد: راحت غرفتها.

قامت لتخرج فنادتها ديم: وين يمه ماشفتي اللي شرينا.

عزيزة: بكرا اشوف الحين ماقدرافتح عيوني تصبحون على خير.

من رجعتهم من بيت أخوها ما شافتها زين، اجتمعوا ثانية ببيت أختها فايزة وطلعت معهم للمول لكن ما

تكلمت معها الا نادر، تركتها وما فتحت معها موضوع الخطبة مرة ثانية.

لا تعلم إذا موادها الباقية طلعت وخاصة المادة اللي كانت تشكي فيه دكتورتها، انقطعت اخبارها حتى

عن أخواتها.

بهدوء غيرت اتجاهها إلى غرفة ليال، ما تقدر تشوفها تبعد عنهم وتسكت تعرف خطوتها ممكن تنقلب

عليها لكنها لا تستطع الأبتعاد أكثر.

طرقت الباب وفتحته، بهدوء نادتها: ليال

كانت ليال مستلقية على بطنها وجانب من وجهها مدفون في المخدة، غير واضح إن كانت نائمة أو لا.

لم يمض على رجوعها الا دقائق لا يمكن أن تكون نامت بهذه السرعة، هكذا فكرت عزيزة واقتربت

إلى الجهة الواضحة منها ونادتها ثانية: ليال

ببطء وتساؤل فتحت عيناها ونظرت لأمها، كان في نظرتها خواء وحزن ولمعة دموع بالكاد لاحظتها

عزيزة مع الإضاءة الخافتة.

صدمت بملامحها ومرت لحظات لا تعلم كيف تكلمها، بل مر عمر منها وهي لا تعرف، خائفة عليها

وخائفة منها.

جلست قريب منها وسألتها: وش فيك؟

على نفس الوضعية لم تتحرك ليال ردت: ما فيني شي.

رفعت حواجبها بغير تصديق، سألتها: طيب ليش تبكين؟

طرحت ليال على نفسها هذا السؤال، لماذا أبكي، وجدت أن هذا حالها في كثير من الليالي، لماذا تبكي

بنت تكرهها أمها وتكره وجودها؟

سؤال منطقي غير أن أمها لن تسر بسماعه.

كررت جملتها: ما في شي.

تعرف أن ليال لن تعطيها إجابة شافية، عسيرة في التعبير عن نفسها وتختلف عن ديم وجود.

عزيزة بحنان: إذا متضايقة عشان الخطوبة من بكرا أكلمهم وأخبرهم ردك، لا تكدرين نفسك.

صدمتها ليال حين ردت: بس انا موافقة، استخرت كذا مرة ومرتاحة.

قرارها القاطع تغير فجأة بعد الاستخارة، ليالي قضتها تعيد التفكير، وضعها مع أمها يزداد ألما وحالتها

تزداد سواء يوما بعد يوم، أصبحت الكآبة لا تفارقها ومهما فعلت لا يتغير شي، حتى ما كانت تصبر به

نفسها من أجر البر والإحسان صار يتمثل فقط قي الإبتعاد عنها.

اذا كانت تتضايق منها سترحل كما ترغب، ربما يأتي البعد بما فشل فيه القرب، ربما بإبتعادها تشتاق

أمها إليها وتتحسن علاقتها معها.

كانت تسلي نفسها بهذه الفكرة مع أنها تعلم أنها ستتوحش كثيرا بفراقهم، كالهواء هم لها لن تقدر على

العيش بدونهم.

ابتسمت عزيزة من قلبها، راحة شعرت بها تتغلل أعماقها، كانت شبه يائسة من موافقة ليال على

محمد، ناظرتها برضى كامل وهمست: الله يوفقك.

ليال عدلت نومتها وجلست مستندة على ظهر سريرها وكملت: لكن عندي شرط الزواج بعد التخرج

والوظيفة ما يمنعني عنها.

هزت رأسها توافق بنتها: اكيد لو ما قلت هذا كان نيتي ما في زواج حتى تتخرجين، والوظيفة راح

اشرطها مثل ما تبين.

تأملت ملامح أمها المبسوطة وشعرت بقبضة قاسية تعصر قلبها، تنفست بعمق تحارب الدموع الغادرة

وشتت نظراتها بعيدا عنها.

عزيزة كانت ايضا تتأملها، انزعجت من ملامح الحزن في وجهها كالمجبورة، اعتمرتها الضيقة: طيب

ليش متضايقة كأنك مغصوبة؟

ليال ردت: لأني فعلا مغصوبة.

شافت أمها ترفع حواجبها كسخرية من جوابها، ليال ما تمالكت نفسها نفثت حرارتها وعصبيتها بوجه

أمها: أنت تفكرين لما تبعديني يعيد عن خواتي..

عزيزة كانت تحاول مسك أعصابها لكن لما سمعت كلمة تبعديني نفذ صبرها وقاطعتها: لا لا حبيبتي انا

ما ابعدتك ولا اجبرتك، أولا هذا قرارك مو قراري، انا ما نصحتك فيه ولا نصيحة حتى ما تتهميني مثل

ذاك اليوم، ثانيا انا وين برميك يعني، ما ظن حي ال.. موجود بالمريخ.

وقفت وجسمها يرجف خافت إذا قعدت أكثر ينتهي الحديث بهما الى الشجار، كالعادة لا يخرج حديثها

معها إلا الشجار والغضب.

وصلت الباب فجاءها سؤال غريب من ليال: يعني عمتي لولوه سكنت الرياض؟

تجمدت يدها على مقبض الباب، عقدت حواجبها وببطء سألتها: عمتك لولوه وش دخلها؟

ورجعت عندها تنتظر الإجابة.

جاوبتها ليال بسخرية لا تتناسب مع عصبية عزيزة: أم العريس.

عزيزة وضعت يدها على رأسها بإحساس من وقع في مصيبة حقيقي: قسم بالله ما عرف مخك كيف

يشتغل، أنا قلت عمتك لولوة هي الي دقت تخطبك؟

ليال ببرود: أي

تمنت تضربها فعلا حتى تتعدل بكلامها، انفجرت فيها: ومتى قلته ياحمارة؟

ما تحملت حدة امها، نزلت دموعها وما ردت، جلست عزيزة جنبها وهي تستغفر، رجعت تسألها: متى

قلت؟

ليال: قبل خمس سنين.

عزيزة تجتهد أنها ماتثور فيها لين تفهم الموضوع، هزت رأسها بسخرية: ماشاء الله الخطبة له خمس

سنين ونا ما أدري.

ما سمعت رد فكملت: ليال لا ترفعين ضغطي أكثر مما هو مرتفع، تكلمي وش قاعدة تخربطين.

ليال سحبت نفس عميق: قبل خمس سنين فبيبت خالي علي، خالتي فايزة قالت لك انه جود وديم عرفوا

من بيتزوجون وسئلتك عن، وأنت قلت لهم عمتي لولوه تبي وحدة من البنات ومدري ايش، صار معي

الرعاف وانقطع كلامك ..

سكتت شوي تمسح دموعها ثم أكملت: ولما قلت نعرفهم ويقربون لنا تذكرت كلامك عن عمتي لولو.

عزيزة سكتت لحظة كأنها انتبهت لشيء: يعني ذاك اليوم الرعاف صار بسبب اللي سمعتيه؟

هزت كتفيها بحيرة وردت: مادري حسيت بشي يعورني مره، اذاني صار فيها ثقل ولما محمد قال...

وتباطأت حروفها قبل ان تقطع جملتها ما حبت تتذكر شماتته فيها لكن أمها بتصميم سألتها: وش قال؟

ليال: قال انك ما تبيني وبترميني لاني مو بنتك .

عضت شفتيها عزيزة والغضب امتلاء ناحيته: الحيوان، انا اوريك فيه.

ليال تعترف: هذا كلامه كل ما يشوفني.

صمت طويل حل بعد انفتاح ليال، شحن الجو بمشاعر ثقيلة، وعزيزة لم تجد ما تقوله.

خمس سنوات تعيش ابنتها مع هذا الهاجس، هاجس أمها التي تكرهها، وسترميها بعيدا لإلآف

الكيلومترات بعيدا عن اهلها ومن تحب، فهمت الآن لماذا انفجرت فيها قبل أسبوع، يا ترى كم تحمل في

خاطرها من ظنون وسوء فهم تجاهها.

غريزة الحماية اشتعلت في عزيزة، تمنت لو يعود بها الزمن لتلك اللحظة التي ولدتها كي تحميها من

كل الأذى والألم الذي تعرضت له.

لو كان بوسع الإمهات هذه القدرة لما عاش أحد حزينا.

مسحت دموعها وهي تزيح الغطاء عن ليال وتجلس قربها على السرير.

التفتت لها: بس انت ماتدرين وش قلت لخالاتك قبل ماتطحين؟

قلت إلا ليال لو يحصل لي اشترط للي يتزوجها انهم تسكن معي شرطت، بس مافي احد بيرضى.

مدت يدها تحضن كتف ليال وقربتها لها أكثر، كملت: انا قلت كلام عمتك كخبر اشاركهم فيه لكن لما

شفت نظراتهم فيها اتهام اني بوافق، قهرني تفكيرهم وحبيت اقهرهم.

زادت دموع ليال وسؤال موجع لمع بذهنها، إذن لماذا تركتيني سنوات ونا بعز صغري واحتياجي؟

لماذا الآن تقصيني بعيدا عنك وعن حنانك وروحك؟

لكنها ما قدرت تسأل تعلم أنها ليست بتلك القوة لتسأل سؤالا ينخر فيها كما ينخر السوس في الخشب.

بقيتا كذلك، عزيزة حاضنه بذراعها جسم ليال اللي استكانت على صدر أمها بعد أن توارى في داخلها

كل حاجة للسؤال والفهم، لا تريد افساد لحظتها بأجوبة ربما لن ترضيها، يكفيها ما تشعر به الأن وما

عداه لا يهم.

تمنت أن يقف كل شي عدا هذه اللحظة الجميلة، مثل الأمان بعد رعب أو النوم بعد ليالي لا تحصى من

الأرق والخوف والتجمد كان شعورها.

مرغمة ابتعدت قليلا وباستدراك: اجل مو عمتي لولو اللي كلمتك؟

عزيزة قلبت شفتيها وابتسمت: يعني وش رايك؟

ليال بخجل: طيب من؟

اتسعت ابتسامة أمها: خلي افكارك المتسرعة واتهاماتك تنفعك، خلاص انت عطيتيني الموافقة مافي

تراجع.

السبب وراء إخفاء عزيزة لاسم محمد تأكدها من رفض ليال بعد الكلام اللي سمعته، حبت تعطيها وقت

وتقنعها بهدوء بما أنه باقي اكثر من سنه للتخرج، بهالفترة بتحاول تدخل محمد بعينها بعد ما تأخذ

حقها منه، خاطرها شايل عليه صحيح لكن مثل أخلاقه ماراح تلقى وخصوصا أنه طباعه وشخصيته

متوافقه مع أطباع ليال كثير.

ليال ما همها عريس ولا غيره، دام أن افكارها كلها طلعت وهم، وأمها قريب منها بهذا الشكل الدنيا

كلها ما تهمها، لا تريد ترك الدفء والاطمئنان اللي تحس فيهم بأسئلة ونقاشات.

عزيزة تحركت لتنزل من السرير لكن ليال اعترضت: يمه خلك شوي.

حست فيها كأنها خايفة ومترددة بطلبها، وبالرغم من الضيقة الي بدت تجمع بقلب عزيزة الا انها

رجعت على السرير وقالت: بقعد بس ابيك توعديني، لو ايش ما يصير بيننا من زعل ما تسكرين على

نفسك بغرفتك.

ابتسمت ليال لأمها والسعادة باسطة أجنحتها تحيط بها من كل مكان، هل ماتسمعه صحيح، أمها تطلب

تواجدها معهم؟؟

رجعت تحط راسها على فخذها وهي ترد: ابشري يامي أوعدك.

*
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين...
*

انتهى.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 01:03 AM   #9

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله
______

الجزء الثامن

______

ملاحظة اليوم بينكشف سر عزيزة مع بنتها وهو واقعي واعرف وحده نفس حالتها بس مع ولدها مو بنتها.

*

وكأن تلك الليلة لم تمر بتاريخهما قط من الغد انقلب كل شيء بشكل مريع فلا حنية أمها استمرت ولا

وعود ليال أيضا بقيت.

ابتدأ ذلك صباحا عندما دخلت ليال الصالة ووجدت أمها وديم يتقهون مع بعض.

وقفت تتأمل ديم تفكر كم ستفتقدها، ليست وحدها بل كل شي بالبيت بيفقدها حتى الجدران بتفقد

طيبتها، جمال بسمتها، هدوئها وروحها الجميلة، دعت لها بالتوفيق من أعماق قلبها ودخلت بمعنويات

عالية ونفسية منشرحة، ما في بالها إلا ليلة أمس وتصالحها مع أمها، لا تعلم هل هو تصالح، هدنة،

محتارة وأيضا مرعوبة من حدوث مشكلة تخرب عليهم.

ديم مقابلة بجلستها وجه أمها ومعطية المدخل ظهرها تفاجأت بليال تضمها من الخلف وهي تقول

بصوت مبحوح من أثر النوم: أحلى صباح لأحلى عروس طلعت بوجه الدينا.

ضحكت ديم بعذوبة ومسكت يد ليال النحيلة: صباحك الحلو يا قلبي.

قبل دخولها كانت تتكلم مع أمها عن موافقة ليال على محمد من دون ما تدري عنه، سعيدة جدا بهذا

الخبر، أختها تكون سلفتها وقريبة منها وعدت امها تقنع ليال بعد ما ترجع من السفر،

ما تعرف محمد الإ كشخصية عميقة وهادئة لكن أمها متأكدة منه ومن أخلاقه ويكفيها كلام أمها

كضمان.

أخذت ليال فنجان قهوة من أمها وهي تقول لها: تجهزي مع ديم بتروحين معها اليوم المغرب تقصين

شعرك قبل الزواج.

ليال رفعت حاجب ما حبت لهجة الأمر المفروغ منه من أمها لكن لاجل رضاها تغاضت ونزلت رأسها

تشرب قهوتها وردت: سمي.

عزيزة وجهت كلامها لديم: اطلبي من الكوافيره تقصه لين أكتافها.

هنا ليال ما قدرت تسكت لما وافقت كانت نيتها تقص منه لأسفل ظهرها أو المنتصف ما عندها نية

نهائي تقصره لأكتافها، تحب شعرها وتفتخر فيه وتحب الإحساس الي يضيفه لها.

غير أن ما أثار حفيضتها حقا هو جفاء امها وتخطيطها مع ديم وكانها تتكلم عن طفل ما يفهم عدا

انها لم تنظر لها أبدا.

غصب عنها احتدت وهي تقول: ما راح أقصه الا للنص، بعدين كلميني انا، انا مو بزر تتكلمين مع ديم

بدل ما تكلميني.

اللي صار بعد كلامها غريب جدا، عزيزة رمت الفنجان الفارغ بيدها على فخذ ليال، وهي تقول:

بتقصينه مثل ما ابي غصب عنك، سكت لك كثير انا.

ديم اتسعت عيونها على وسعهم وهتفت: يمه.

عزيزة ما عطتها وجه ولا عبرتها، كانت تناظر ليال الي كانت تمسح على فخذها وهي تعض شفايفها

بقوة تمنع نفسها من أي تصرف، ضربة أمها كانت قوية وموجعة واللي اوجعها اكثر تعابير وجهها

المليئة بالكرة، غصة كبيرة تجمعت مع دقات قلبها الي تعالت خوف وألم من ضربة أمها.

تحاملت على خوفها ورفعت رأسها بسخرية: ماشاء الله انت ساكته عن، من متى؟

ثم رمت الفنجان اللي كان بحجرها على الطاولة مصدر صوت مزعج ووقفت تقول: بطلت أروح وبطلت

أقص.

في طريقها للخروج التفت يد عزيزة تمسك ذراعها وديم خلفها تحاول ابعادهم عن بعض: حمارة أنت

ما تفهمين؟

ارتسمت على وجه ليال ابتسامة لا تشعر بها رسمتها فقط لتقهر أمها وردت: ايه حمارة ما أفهم،

رجعيني لامي الحمارة تفهمني.

من دون ما تحس عزيزة رفعت يدها وضربت خد ليال ضربة حملتها كل قوتها وغضبها، غضب ما

تدري كيف بدأ ولا كيف انتهى، مجرد ما نزلت يدها من خد ليال اشتعل الندم فيها وركن كل الغضب الي

مسيرها.

ديم بسرعة جت بينهم تبعدهم عن بعض، عزيزة ما تحملت نظرة ليال صدت على ورا وجلست على

الأريكة.

ليال سحبت نفسها وطلعت ووراها ديم تناديها، ما قدرت تلحقها خصوصا لما ركضت لغرفتها وقفلت

الباب.

وقفت عند الباب دقائق تدق عليها وتترجاها تفتح، جود طلعت على صوت طرقاتها ناظرتها بإستغراب

حتى يئست ووقفت عن الطرق سألتها جود: وش فيكم؟

تجاهلتها ورجعت عند أمها تحت، جود لحقتها وهي تكرر بضيق: وش صاير؟

أشرت على أمها وردت بقهر: اسأليها.

نقلت نظراتها بين ديم المشتعلة غضب وعلى أمها الي واضح من نظرتها القاتمة للشباك المطل على

الحديقة أنه شي كبير صاير، ارتعبت جود وهمست خائفة مما ستسمعه: ماما؟

عزيزة ما كأن احد يكلمها تسمع اسئلتهم لكن الخنقه الي تحس فيها مخدرتها عن أي تجاوب، لماذا

يحدث هذا معهم؟

أمس ما صدقت تراضيها وتنفتح معها، واليوم ترجع تضربها؟

ديم امتلئت عيونها دموع وشرحت لجود اللي صار، وبعد مانتهت وجهت كلامها لأمها وانفجرت فيها:

ليش تضربينها يمه، قالت لك سمي وش كنت تبين منها تقول.

جود انتقلت لها عدوى عصبية من ديم وهتفت تلوم أمها: ليش تعاملينها غير عنا ليش تكرهينها وش

التفتت لها عزيزة وعيونها حمر: انثبري.

صرخة أمها سكتتها خافت تتجاوز حدودها، عزيزة قامت تناظر بناتها وقالت: يا حسافة تعبي عليكم.

ركزت عيونها بعيون ديم وكملت: مفروض أنت أكثر وحدة تفهمني او تحاول لكنك ما تشوفين الا الي

قدام عيونك، يا حسافة بس.

وطلعت بعد ما قلبت الطاولة عليهم بعتابها الحاد وتركتهم ما يدرون من الظالم من المظلوم؟

*
*

في أحد الشاليهات اختلطت أصوات الضحكات مع أصوات الموسيقى العالية التي تكاد تفتت الجدران من

قوتها وشراستها، أجساد تتماوج تحت الأضواء الملونة برقصات غريبة ومقززة تركز بحركاتها على

منطقة معينة من الجسم.

التصقت بها صديقتها من الخلف وهي تقول بضحكة سامجة: أجل قلتلي حامل.

عبير تدير رأسها تشاركها الضحك وترد: ما عرفني الشيخ، قال ايش قال يطلقني.

صديقتها تصرخ حتى توصل صوتها الي يصل بصعوبة بسبب أصوات الأغاني: طيب إذا كشف كذبك.

عبير ماقدرت تتكلم بسبب الأصوات العالية، جرت صديقتها برا قاعة الرقص وجلست في الطاولات

المنتشرة: منين يكتشف، كلها دمعتين وأقول البيبي طاح

وبضحكة لاتفسر كملت بهمس: وباح.

هند كشرت وسألتها: غريب تمسك فيه عجزت افهم توقعت بعد طلقتك الثانية ماترجعين له بعد كل

هالمشاكل؟

عبير ضحكت وبوقاحة ردت: يضرب الحب شو بيزل، عاجبني الحيوان وش اسوي.

هند ضحكت لكلام صديقتها وردت: حالتك مختوم عليها بالشمع الأحمر ومالك الا تتركين الحبوب.
أ
سندت رأسها للكرسي خلفها، تأملت المضيفات يتناقلون بين الطاولات بالضيافة بأناقة وترتيب، تبدلت

نظرات الإستهبال في عيونها لقلق وهي ترد: تاركتهم يا هند من سنة ونص وما حملت، ليتني طعت

امي ياما حذرتني قبل وقالت شرب الحبوب مدة طويلة يسون مناعة ماصدقتها.

هند: وساكته؟ روحي اكشفي وعالجي اذا درى فيك مصيبة.

عبير عضت شفتها بندم: حجزت الأسبوع الجاي عند دكتورة شاطرة، قلت له مراجعة حمل، الله يستر.

*
*

بعد صلاة العشاء جود وديم جالسات في مجلسهم الصغير، مر يومهم أسود كئيب الثواني فيه تمر بطيئة

وثقيلة، أمهم ما خرجت من غرفتها ولا ليال، جود وديم قاعدات تحت أغلب الوقت وبين فترة وفترة

يصعدون فوق يشوفون اذ ليال فتحت بابها.

كلمات أمها ما غابت عن ذهن ديم لحظة، عتابها موجع ومن قوة الوجع بحروفه ما تقدر تروح

تراضيها كل ما تهم تضعف وتخاف، تحس أنها أخطئت بحقها، ما تدري مفروض مع مين توقف، ما

شافت خطأ من ليال يخليها توقف ضدها.

صحيح كلمتها امي الحمارة غلط بغلط لكن ديم متأكدة ان ليال ما كانت تقصد أمها بهالكلمة، كان تقصد

جواب لسؤال أمها "انت حمارة؟"

بعدين هي انضربت بدون سبب، اكيد بترد رد قوي من غضبها وقهرها.

تعبت من أفكارها وقفت وقالت لجود: مقدر اصبر بروح عند امي تجين معي؟

مروا بطريقهم على المطبخ، شافت ديم الصياني الي أرسلتها مع سيرما لامها ما لمس منها شيئا،

صينية القهوة أرسلتها العصر لما ما نزلت، وقبلها صينية الغدا، التفتت لجود بقل حيلة: أمي أول مرة

تسويها تقاطعنا حتى إذا تعبت تنزل لو شوي ما عمرها قعدت بغرفته كذا.

جود ما عندها جواب الا هزة ضيق وأسف من رأسها.

دخلوا جميع وتقدموا لامهم الي كانت جالسة على سجادة صلاتها وساندة رأسها على الحائط خلفها

تناظرهم يمشون لها بتردد، جلست كل وحدة بجهة ديم على اليمين وجود يسارها.

ديم ما كان عندها أي فكرة كيف تستسمح من أمها، نادرا ما تزعل عليهم الا بسبب قوي ويكون زعلها

أيضا قوي.

مسكت يد أمها وبندم: والله يمه ليت لساني انقص ولا رفعته عليك، سامحين يالغالية.

باست يد أمها عدة مرات وكملت بصوت متهدج بالدموع: انقهرت يمه وما تحملت أشوف اختي

تنضرب.

عزيزة سحبت يدها وصدت بنظراتها عنها وماردت.

ديم ناظرت جود محتارة ثم كملت بصوت عميق يفيض بالحب والعرفان: فضلك يمه علينا غير وما

ينلحق والله لو أفني عمري كله أخدم رجولك ما وفيتك ولا جزء من حقك، دوم نشتاق لبونا ونتمناه بيننا

لكن شوق الحب والغلا مو شوق النقص ما عمرنا يوم حسينا بيتم أو فقد، عوضتينا عن كل نقص

يسببه غيابه، كل شيء بحياتنا كامل وتام..

سكتت لحظة تستجمع شجاعتها للي بتقول: لكن اليوم انا شفت بعيون ليال اليتم والقهر واضحين، ما

قدرت اشوفها مكسورة واسكت يمه.

عجزت تكمل، انهارت دموعها تحكي بدل عنها حيرتها وقهرها من الي يصير،

جود بنفس المشاعر والدموع وبصوت خافت خائف: ليه يمه انت معها كذا؟ ليه تعاملينها كذا؟

عزيزة سحبت منديل من العلبة جنبها مسحت عيونهم، وطالعتهم بإستسلام: مو أنا اللي اعاملها كذا.

لما شافت التساؤل والخوف يطل من عيونهم عطتهم ابتسامة ذابلة، حست ان الوقت جاء حتى تلقي لهم

ببعض حمولها وهمومها.

أرخت راسها لليمين قليلا ونظراتها تسمرت أمامها كأنها تناظر مشهد قديم: لما ولدتها كانت فرحتي

فيها ما توصف ما توصف ولا بأي فرحة بالدنيا، ومااشبه فرحتي فيها الا بفرحة العقيم الي جاها توام

ولدين بعدما يئست وفقدت الأمل، وبعد ماولدتها بإسبوع نجحت وأخذت شهادة الماجستير امتياز مع

مرتبة الشرف، الدنيا وقتها اكتملت عندي بها وبديم وبابوكم الي كان يسوى كل شيء،،،، نجاحي

وجمال بناتي وحب زوجي كان الكل يتكلم فيه.

تنهدت مستثقلة الكلام الي تقوله: بعدها بأيام جاتني ضيقة وكتمة ماعرفت سببها لدرجة أعجز انام الليل

منها، وهالضيقة ما كانت تقارن بضيقتي لما طلعت من النفاس ورحت لبيتي، ضربتني كابه شديدة

وصلتني للجنون الا شوي.

وهي تشرح كانت أنفاسها تدور ببطء ما تبي تتذكر تلك الأيام الموجعة، يتمثل لها الوجع مثل قبضة

سوداء تعصر قلبها وتمنعها من التنفس: انجنيت وما نفع معي مضاد اكتئاب ولا غيره، امي وخالتكم

فايزة صاروا يودوني من شيخ لغيره يقرون علي، وأمي حتى تريحني اخذت ليال عندها لأنها رضيع

وتحتاج عناية وملاحظة.

نزلت عزيزة دموعها اكثر مقهورة وهي توصل لهم الحقيقة: لما أخذتها امي رجعت انا طبيعيه ولا كان

فيني أي مرض فرجعت بعد كم يوم واخذت بنتي من امي، لكن لما اخذتها نمت ذيك الليلة بالمستشفى

وانتكست حالتي أشد من أول.

سكتت ومن نظرات ديم المتسعة فهمت أما جود ظلت تنظر لها بحيرة تنتظرها تكمل، عزيزة اختصرت

حتى تتخلص من تلك الذكريات الي هيجت أحزانها: أحد القراء الفاهمين شخص حالتنا عين قوية

ضربتني ببنتي وبعضهم قال سحر، ورجعت امي واخذت ليال عندها.

حاولت بالرقية لكن كنت اتعب كثير، بعدها حملت بجود فانقطعت عن الرقية وبعد ما جبتك انشغلت فيك

وبدراستي، وصراحة خفت استقرت حالتي وخفت ارجع عن للرقية ويرجع لي ذاك المرض، وبعد ما

مات ابوكم جاني وسواس اذا رجعت اقرأ عند المشايخ يجين شيء وتبقون دون ام ولا اب، خفت عليكم

وكنت اسوف باي عذر بس عشان ما ارجع للرقية، والضحية كانت هي لما تتواجد تضربني ضيقة قوية

وأعصابي ماتتحمل منها أي شيء.

وانختم كلامها بشهقات بكاء حارة مع بناتها الي انصدموا بمرضها وما كانوا يتوقعونه أبدا، أمهم الي

لاموها كثير طلعت مربوطة بشيء غصب عنها.

ديم فهمت عتاب أمها، لانها هي بكرها وأكثر وحدة تجالسها وتتحدث معها، مفروض هي حاملة

أسرارها وينها عن مرضها ومعاناتها؟

جود لا زالت غير مستوعبة هذا العالم المخيف، تعرف عن العين من خلال حرص أمها والي كانت تراه

في كثير من الأحيان مبالغ على أورادهم وملابسهم لكن لا تفهم كيف ممكن تأثر هذي العين بالأنسان

وتتحكم فيه وتفرض سيطرتها على تصرفاته.

ديم سألت: طيب يمه بيستمر الوضع كذا؟

ما كان عندها نية تخبر بناتها بمخططها حتى ما يتضايقون وخاصة ديم الي بتسافر بعد زواجها

مباشرة، اختصرت بردها: لا ياقلبي اتفقت مع خالاتك برجع للرقية بعد الزواج.

جود لصقت فيها: ماما فيه خطر عليك؟

خوف جود أشعل خوفها ليس من سؤالها، لكن خوفا من رجوع تلك الأيام الشديدة عليها ورجوع

الأكتئاب وجحيمه الذي كان يزداد معها بقوة وقت الرقية، تعرف أنها تأخرت وربما وضعها تعقد ومدة

رقيتها تطول لكن ماراح ينثني عزمها وراح تبدأ فيها حتى لو كلفها حياتها.

طبعا لا يمكن تهدي بناتها بمثل هالكلام. افتعلت ضحكة قصيرة: من وين بيجيني الخطر حبيبتي؟

وحتى تمنع أي تساؤلات إضافية دفتها عنها وهي تقول: اف زايد وزنك يابنت، كله من السهر الليل

وأكله.

ظهرت الصدمة على جود: لا تقولين يمه، قبل يومين قايسة وزني.

التفتت لديم الي كانت ملامح الضيق والسرحان واضحين على وجهها: طلعت اختك اليوم؟

ديم: لا يمه خايفة عليها ماترد علينا.

ابتسمت لها: لا تخافين فتحت عليها المغرب وكانت نايمة.

لكن ديم مارتاحت: كل اليوم حابسة نفسها وما كلت شي، تكفين يمه عطيني المفتاح بروح اشوفها.

أشارت لها على الكمودينه جنب سريرها: بالدرج الأول ميداليته صفراء.

قامت ديم واخذته وقامت جود بتروح معها لكن عزيزة شدت يدها تجلسها: بس ديم تروح.

جلست على مضض وحطت رأسها على فخذ أمها وهي تقول: والله يمه ما زاد وزني شكلك عجزتي وما

انقطع كلامها لما قبصتها أمها، اختلطت ضحكتها مع تأوهها: اه يمه قبصتك صايرة مثل قبصة العجايز.

لكن أمها ما ضحكت معها مثل العادة لما تغايضها ولا حتى ابتسمت، ظلت نظرتها على الباب الي خرجت

منه ديم تنتظر رجوعها.

ما طالت غيبة ديم الا دقايق، رجعت بنفس الضيق: نايمة، رفضت تقوم وقالت لي أطلع.

رجعت المفتاح لمكانه وتسمرت نظراتها بجود الي كانت مستلقية بحضن أمها وجت في بالها ليال، ما

عمرها شافت ليال نايمة كذا، أو تضحك معها بكل عفوية وبساطة.

جود سألتها مستغربة: ليش تناظرينن كذا؟


ديم قلبت شفتها: أفكر بليال، ياترى كيف شعورها لما تشوفنا مع أمي لاصقين فيها ودايم نضحك

ونسولف و...

أمها قطعت كلامها لما حست بطيف لوم فيه، عارفة إن ديم راح تظل تلومها: ديم ترى والله الي فيني

كافيني.

ديم بندم:أسفه يمه اسفه.

ودنت رأس أمها وطلعت من الغرفة.

*
*
مرت الأيام راكضة لا تبالي بتعيس ينتظر بحرقة مرورها، ولا تلتمس رجاء سعيد يتمنى وقوفها، رتمها

ثابت لا يتغير بحال من الأحوال، ساعاتها ودقائقها كما هي بلا زيادة أو نقصان منذ خلقت الأرض.

جاء اليوم المتظر لدى الجميع ليلة من ليالي العمر عند ماجد وديم وتاريخ لكثير من الخطط بعده عند

باقي أفراد الأسرة.

في ليلة اسطورية المشاعر والاشخاص الكل سعيد ومبتهج، وقفت عزيزة بسعادة عارمة، الإبتسامة لم

تفارقها ثانية واللمعة في عيونها أضافت لها رونق خاص، جميع من تحبهم التفوا حولها فرحين

بفرحتها ويباركون لها في زواج بكرها وحبيبتها ديم.

واقفة مع أخواتها وبناتها في استقبال المدعوين، حتى فائزة أم العريس من يفترض أن يكون لها

مكانها الخاص في الأمام رفضت إلا أن تكون قرب أختها في الإستقبال.

معارف عزيزة كثر وخصوصا من الجهات التعليمية، دعت كل من تعرف فالليلة هي ليلتها وفرحتها قبل

الجميع.

الإضاءات الليلكية مع أغاني المطربة وأصوات الدفوف العالية أضفت لمسات سحرية للمكان بالغة

الجمال والبذخ، كل شيء يقع عليه البصر والسمع فيه إثارة للمشاعر والأحاسيس، تحف الورد البيضاء

فوق المفارش ليلكية اللون توزعت على الطاولات ووبقربها شمعدنات بيضاء رفيعة، ومكملات أخرى

للطاولة.

السقف المرتفع تدلت منه عقود ورد ليلكية كثيفة مختلفة الألوان تنشده لجمالها الحواس مع امتزاج

روائحها العبقة بروائح العود والعطور الفرنسية.

أخر القاعة نصبت الكوشة بتصميمها السلطاني الخاص بليالي ألف ليله وليلة حيث امتدت أريكة ليلكية

طويلة حولها ستائر سكرية اللون تحركها مراوح هواء مخفية، وفرشت أرضية الكوشة بورود بيضاء

وورود بدرجات الليلك.

تنسيق مذهل ابدعت فيه عزيزة وديم.

عزيزة تألقت بفستان رمادي قطعة هندية مشغولة شغل يدوي فخم عالي الدقة والرقي اكتمل جماله بعقد

الماس مطفي أحاط بعنقها ومن نفس تصميمه أحاطت بكفوفها أساور الماسية.

بناتها، جود أتعبتهم بإختيارها طيلة الأشهر الفائتة لا شيء يرضيها لكن نتيجة ذوقها استحق التعب

والتردد على بيوت الأزياء، فستان مشمشي ناعم، ملئئته المصمصة بكريستالات صغيرة اشتعلت مع

بياضها واشراق بشرتها، فتحة طويلة حتى الفخذ تقاتلت معها عزيزة كثيرا حتى تم الاتفاق على أن

تكون لنص الساق، أكمام طويلة لم تخفي أساور كارتيه ولا ساعة أجنر من كفوفها.

على العكس منها كانت هيئة ليال، اختارت فستان ماركة شهيرة، ذا قماش حرير تركواز فاتح اللون

بفتحتين على الجنب، وتطريز يدوي فضي أحاط بجوانب الفتحات وأكتاف عارية، عقد الماسي صغير،

وأساور الماسية أحاطت بذراعها.

تصميم ناعم وبسيط جدا لم تَتعب ولم تُتعب بإختيارها مع ذلك كانت اسطورة أشعلت النظرات خلفها

تلاحقها، شعرها لم تقص منه انش واحد مفتوح بلفات كثيفة وصلت لأسفل ظهرها وزينته بتاج الماسي

ناعم.

عرفت كيف تنتقم من أمها بشعرها وفستانها العاري القريب لفساتين النوم، مع أنها تكره ولا ترتاح في

الملابس العارية وتشعر فيها بإبتذال وضيقة عند ارتداءها مع ذلك كسرت أمر أمها وارتدته.

قبل يومين عندما رأت عزيزة فستانها: لا تفكرين اني باسمحلك تلبسينه.

ببساطة أدخلته في كيسه القماشي وهي تقول: أجل الله يهنيكم ويسعدكم والله ما أحضر الا فيه.

والتفت على ديم جازمة: مبروك عليك مقدما يا ديم.

تنازلت عزيزة مكرهه ليس بسبب تهديدها انما لتمشي الوضع العالق بينهما، لو كانوا في حالة آخرى

لما سمحت لها ابدا.

الآن بعدما أتمت كلمتها تشعر أنها لم تنتقم إلا من نفسها، الضيقة بقيت لها، أما امها مشغولة في بناتها

وعالمها الجميل والذي لا تتواجد فيه، تبتسم مع الجميع وتستقبل تهانيهم وتبريكاتهم وهي لم تحظى

بنظرة ولولا خالاتها اللاتي يضحكن معها ويجذبنها معهن للمشاركة في الإستقبال والرقص لأنزوت في

مكان منعزل وتركت لها الحفل والمحتفلين.

*
في جناح العرسان عند ديم توقف عندها أي إحساس عدا التوتر والقلق، تنتظر زفتها وخائفة لأنها

ستكون محط الأنظار بعد قليل، بين فترة أخرى تدخل أمها أو أحد.

أخواتها فتهدأ قليلا مع ضحكاتهم وتعليقاتهم وبعد خروجهن تعود مشاعرها القلقة تتوج أحاسيسها.

طلتها الساحرة كانت أروع ما تكون لعروس، برائتها المحبوبة ذابت وسط مكياج ثقيل وأحمر شفاه

مغري، فستان أنثوي فاتن، قماش من طبقات الدانتيل مشغول اكملة بكريستالات براقه، أكمام قصيرة

حتى العضد

دخلت أمها تخبرها بأن ماجد ووالده مع خالها علي سيدخلون الآن، دخلت خالتها فائزة مع سما،

حضنتها عزيزة على استعجال تطمئنها ثم خرجت لأن زوج أختها سيدخل.

رهبة كبيرة طوقت ديم مع خروج أمها، عادة يدخل مع العريس أب العروس وإخوانها، لكن هي لا أب

أو أخ يسندها ويخفف عنها روعتها وخوفها بهذه الوقفه.

بالرغم من وجود خالها وخالتها شعرت بغربة كبيرة خنقتها، بتوهان عيناها مكثت على الباب الذي

خرجت منه أمها، متأكدة أنها تقف خلفه تنتظر خروج أبو محمد ولولا الحياء للحقتها.

سلم عليها خالها أبو محمد ودعى لها ووقف على يمينها ثم خالها علي الذي وقف على يسارها، اقترب

ماجد وسلم عليها وهو يناظر سما مفجوع من زغاريدها الي غطت على سماعات القصر.

التقطت الصور التذكارية ثم خرج أبو محمد، ودخلت عزيزة بنفس مشاعر التوق والقلق على ابنتها،

لتشرق ملامح ديم مثل طفل وجد امه بعد غياب يوم كامل وسط غرباء لم يرهم في حياته.

باركت عزيزة لماجد، والتقطت معهم الصورة التذكارية وسط تعليقات سماء وضحكات فائزة.

ليال وجود لبستا عباءاتهم ودخلن مع خالتهم مها ليحضرن تلبيس الشبكة وقد طغت أصوات السماعة

على أي صوت آخر.

خرج الجميع عدا فائزة وعزيزة الي قالت لماجد: معك نص ساعة واطلع بتبدا زفة ديم.

ماجد قلب شفته متذمر من هذه الشكليات التي يراها تعقيدات لا لزوم لها، لف البشت على ذراعه وقال:

ماله داعي خاله كملوا عرسكم وخوذوا راحتكم وحنا بنطلع.

فايزة ضحكت بقل حيلة على ولدها الي ما صدق يتزوج وعزيزة ترد عليه: والله عاد الزواج كله بكوم

والزفه ذي بكوم، مالك الا تصبر.

فايزة: لا تخاف بنرجعها لك وبتقعد الليل كله معك.

عزيزة وهي تشوف احراج بنتها حبت تزيد: الليالي والأيام كلها لك ان شاء الله لا تشغلنا عاد.

ماجد يتحداها: وعد يا خالة؟ مو باكر تدقين علي كل شوي ابي بنتي ووين بنتي؟

عزيزة فهمت محاولته إنه يطلع منها وعد، ضحكت: ومن قال بصبر لبكرا، بعد صلاة الفجر استعد

لمكالماتي.

بخبال طلع جواله يكلم نفسه: خالتي عزيزة بلوك، والتفت على ديم: وين جوالك بحظر امك.

إجابتها كانت ضحكة عصيه ناعمة ذوبت ماجد وتنحته غصب.

فايزة طلعت مع أختها وأغلقوا خلفهم الباب، تاركين العرسان مع المصورة.


*

جاء وقت الزفة، سكرت الأضواء إلا من إضاءة ليلكية تركزت على ديم تتهادى مع نغمات الموسيقى

الحالمة.

ابتدت الزفه وانتهت معها مشاعر عزيزة، افتقاد عارم استثقل بقلبها وشوق هيجها لديم قبل رحيلها،

ابنتها التي ستنام لأول مرة بعيدا عنها.

وقفت تنتظرها قرب الكوشة جنبها جود ومن الجنب اللآخر ضمتها روان وقرب جود وقفت ليال.

طيلة الليلة كانت عزيزة تتشاغل وتتجمل مع ضيوفها، الان وهي ترى ديم تقاذفاتها المشاعر والوجع

والخوف عليها، تسمي عليها وتدعي لها من أعماق قلبها.

جلست الديم تستقبل المباركات، اشتعلت الأضواء وتغيرت الموسيقى إلى دفوف عالية تضرب في العمق

وتستثير حماس البنات للرقص فوق الممر الرخامي الممتد بين أول القاعة وآخرها.

بعد ساعة خرج العرسان إلى منزلهما، ودخل الضيوف الى صالة العشاء، وبقيت عزيزة واخواتها

وبناتهم عند الكوشه يلتقطون الصور، ليال ذهبت عند جدتها أم علي بعد أن فضت الأريكة حولها.

جلست وقبلت راسها بعشق خاص لا ينازعه عليها احد، ربتها كإبنة رابعة لها، لم ترضى لأحد بان

يؤذيها ويجرحها، لا تحصي عدد المرات التي غضبت فيها على أمها وتشاجرت معها لأجلها.

استنشقت عبق العود المنتشر في طرحة جدتها وهي تضم كتفها وتقول: وش الزين يا أم علي غطيتي

علينا.

حوطتها نظرات جدتها مثل ما يحيط أب شفقان ابنه المريض، حنانها دفئها وريحتها الحلوة خلت ليال

تحط رأسها على كتفها تتمنى تنسى الدنيا ثواني وتغفي.

الإسبواع الماضي ضغطت على أعصابها كثير من أجل خاطر ديم، آخر أسبوع في بيت أهلها ماتبيها

تروح وقلبها متضايق ومشغول بينها وبين أمها، سهرت مع أهلها، طلعت معهم مجمعات الأسواق،

تجاهلت أمها وكف أمها وقدر الإمكان حاولت ما تتعامل معها.

الي جرحها أن خواتها تعاملوا مع الوضع كأنه شيء عادي، أو كأنها تستحق هذا الضرب، ماحد حاول

يراضيها، يسال عن مشاعرها يأخذ بخاطرها، ماحد اهتم.

: شفيك يا جنينتي؟

صوت جدتها الحاني اخترق ظلمات أفكارها، تمالكت نفسها ما تبغى تضايقها بهمومها ما عادت صحة

جدتها تتحمل الهموم والكدر.

رفعت خصلة من شعرها وهي تقول: تعب يمه كل هالشهر طلعات وسهر، وقبله اختبارات.

أم علي هزت رأسها وعيونها تركز من بعيد على عزيزة واقفة مع أمراءة بلبس رسمي أنيق:

وشلونتس مع امتس؟

ابتسمت ليال تطالع أمها ماسكة يد جود وكان واضح أنها تعرف المرأة على جود، تجاهلت نغزات الألم

في قلبها: لا ابشرك امي معي الحمدلله.

شاهدت أمها تلتفت ناحيتها وتشير لها من بعيد كأنها تريها لصديقتها.

حولت نظراتها لجدتها تتكلم معها، مرت قربهم روان تفصلها عنهم طاولة الخدمة المستطيلة، ام علي

مدت عصاها تقطع طريق روان وتأشر لها تجي عندهم.

روان بدل ما تجلس قرب ليال فضلت تجلس على ذراع الكرسي وتخلي جدتها بينهم، لكن أم علي

نهرتها: تعالي هنا ما شوفتس زين.

أشرت بعصاها للمكان الفاضي جنب ليال، روان ابتسمت لجدتها لأجل عين تكرم مدينة، قامت وجلست

قرب ليال، اثنيناتهم تفاجأوا لما جدتهم رفعت العصا بوجيههم ونبرتها تغيرت لعتب: تدرون اني أتمنى

اجلدكن بهالعصا لين يتكسر على ظهوركن.


روان وليال أخذتهم الدهشة، ليال ردت: وشدعوة يمه وش سوينا؟

روان قربت أكثر لليال حتى تسمع كلام جدتها: عشان هاللبس اللي البهايم تستحي تلبسه يالله الستر.

روان تستذكي على جدتها وتضيع الموضوع: يمه البهايم ما تلبس ملابس.

أم علي بذكاء صادتها: قلتيها بلسانتس البهايم ما تلبس، صادقة يابنيتي البهايم تتعرى وحنا أوادم

ومسلمين وش لنا بلبس اليهود وتقليد البهايم؟

وكملت بلهجتها المليئة بالدعابة وخفة الدم: والله لو أبو علي الله يرحمه موجود ان استحي البس عنده

تسذا.

التفت ليال تضحك بعفوية مع روان، يمكن أول مرة يضحكون مع بعض بينما أم علي تكمل: تدرون

منول الي تلبس تسذا وش نقول عنه؟

سكتوا يسمعونها وهم عارفين انه اول مافي حريم يلبسن عاري لكن ام علي فجعتهم بإحابة بعيدة عن

مخيلاتهم: نقول عنه تبي رجل.

انفجرت روان تضحك بجنون وتغطي لمعة أسنانها الجميلة بيدها وتشاركهها ليال، روان ردت: يمه الله

يسامحك وش رجله بعد، هذا هو اللبس الحين.

تغيرت لهجة جدتهم للجدية: لا يامي مو هذا اللبس، شوفي بنات خالك وخالاتك متسترات حتى ديم

العروس متستره، الله ستير يحب الستر، حطي ببالك هالكلمة وبتفهمين.

ومدت عصاها تلمس صدر روان المكشوف أغلبه: الجنة بعيدة عن المتعريات، الرسول صلى الله عليه

يقول ما يشمن ريحته العاريات.

نزلت عصاها ومدت يدها تسكر فتحة ليال الي ارتفعت للفخذ تكمل: تغضبون ربكم تفتحون باب العقوبة

عليكم والشياطين والجن يتلبسونكم بسم الله عليكم، وش عشانه ما تستاهل الدنيا مافيها باقي.

بإحترام يطغى عليه الحب لها ولروحها الطيبة نزلوا نظراتهم يستمعون نصحها الحاني الي نزل عليهم

بكل رحابة صدر، ما عمرهم تضايقوا من نصحها وتوجيها لأنه دائم مغلف بشفقة وحب والد رؤوم.

ليال حلفت لها ما تلبس عاري كذا، اما روان قالت لها: ادعي لي يمه.

جت عندهم عزيزة وجود، قامت ليال: يمه تعالي هنا.

جلست على ذراع الكرسي قريب من جدتها، جلست عزيزة بمكانها، وجلست جود معها تزاحم روان الي

قاعدة تدفها.

أم علي حطت يدها على ركبة بنتها وقالت لها: مبروك يابنتي ما سويتي، الله يوفقها الديم ويهنيها.

عزيزة لمعت الدمعة بعيونها: آمين يمه، الله يعيني على فراقها البيت بيخلى من دونها.

ليال صدت عن دموع أمها، شافت خالاتها مع أم سليمان ونهلة وربى يمشون ناحيتهم، رجعت تناظر

جدتها الي قالت: ما راحت بعيد يابنيتي الحمدلله عند أمها الثانية.

مها وصلت لهم وانتهزتها روان فرصة، ضمت جود الي جالسة بينها وبين خالتها عزيزة وقالت: أجل

الله يعينا ياخالة بزواج جود بنجيب معنا شطافات نمسح الدموع من الأرض.

ليال ابتسمت بينها وبين نفسها خفة الدم هذي كثيرة عليها.

عزيزة بلا انتباه لنغزة روان: هذي ما راح ازوجها، خلاص بطلت.

جود اعترضت بدلع: ماما بشري المساحات على حسابي وبنوزعهم مع بطاقات الدعوة.

ربى ونهلة وسما ضحكوا عليها، وهي قامت حتى تقعد خالتها مها مكانها

عزيزة: اخسي يا حمارة.

روان بتكمل لكن مها قطعت محاولاتها: قومي خالتك فايزة جت.

ليال كانت منزلة رأسها تتامل لون أظافيرها، طاقة التحمل عندها ما عادت مثل أول تأخذ حقها بلسانها

وما تسكت، ما تقدر تحارب ضد جبهة القائد فيها أمها.

تعبت ورايتها البيضاء قربت ترتفع، تخاف يجي يوم وتنفجر بينهم وتكون موضع شماتة لأمها وروان،

وموضع شفقة للجميع.

حست بيدين تلتف حولها وتطوقها من خلفها، دفاء انتشر بجميع عروقها المتجمدة معنويا وحسيا،

التفت نص التفاتة وكانت خالتها فايزة تضمها، ابتسمت لها بود يخالطه خجل، جلستها الغير مريحة

على ذراع الكرسي خلتها تستسلم ليدين خالتها وتسند ظهرها على صدر خالتها.

خالتها فايزة تناظر أمها أم علي الي قالت: الله يفرحك فيهم كلهم يا أم محمد.

ردت فايزة: الله يبارك فيك ويخليك لنا ياميمتي بوجودك يالغالية.

أم علي نزلت منها دموع الفرح بلمة عيالها واستقرار حياتهم: يارب عقبال محمد قريب.

خالتها شدت من احتضانها وهي تقول بنبرة خاصة وصلت لأعماق ليال: آمين يارب الله يسمع منك يمه.

ليال شعرت بإحراج شديد والدم تجمع بوجهها لما شدت عليها، حست حركتها مقصودة وخاصة مع

نظرات أمها وخالتها مها، أمها تقريبا ما ناظرتها بتركيز إلا تو.


صدت عن أمها وحاولت تبعد عن خالتها تاشر على المكان الفاضي وهي تقول: خالة استريحي هنا.

انتهت فترة استرحة الفرقة، ورجعت الطبول تدق ومعها هاج الطرب والحماس، مها أشرت للبنات: يالله

قدامي لا شوف وحدة جالسة.

ضحكوا البنات على تعليق قالته ربى، وروان شدت أمها: من بعد اذنك يا ام روان انت الاوله.

مها التفتت عليها: ليال امشي معنا.

ليال ملت من الرقص، الزواج تقريبا انتهى، مع مغادرة ديم تحس دورها بالتمثيل انتهى، كذبت حتى

تتخلص من اصرار البنات: بعد شوي بلحقكم.

خالتها فايزة مسكت يدها وجرتها تجلسها بينها وبين عزيزة بعد مافضت الاريكة من جود وروان.

ناظرت عزيزة ساعتها، كانت تشير الى الرابعة تقريبا، التفتت على فايزة ابتسمت لها: وش رايك ندق

على ماجد نحشره؟

فايزة ضحكت: تحشرينه والا اشتقت لبنتك، الله يعين عيالي عليك.

كلهم انتبهوا لغلطة فائزة، التفتت عزيزة على ليال، وكانت تتشاغل بجوالها وهي شبه متاكدة من

شخصية الخاطب لكن ما حبت تستعجل وتهبب مثل ما سوت مع عمتها لولو.

عزيزة سالتها: ليه ما جت سارة؟

ليال وعينها على الجوال: مسافرة.

قالت: تو أشرت لك، ابغاك تجين بعرفك على رئيسة القسم عندنا الدكتورة مي.

ليال: ما نتبهت انك تنادينن.

ورفعت جوالها بنبرة واضحة: لو تبين كان دقيتي.

عزيزة ردت: ليش ادق وانت شفتين أأشر وتجاهلتين.

ليال رجعت لجوالها وردت: طييب لا تتضايقين جود كفت ووفت.

عزيزة تعبت من صدها واتهاماتها القوية، من ذيك الصبحية وهي مو عارفة كيف تراضيها، قامت وهي

ترد لها الكلام: صادقة جود كفت ووفت.

لاحظت عودة الضيوف من صالة العشاء بعضهم يتوجه لصالات الخروج حيث غرف العبايات وغرف

الزينة، مشت ناحية صديقاتها في آخر القاعة.

مرت بالبنات وكانوا يرقصون قطعوا طريقها، وروان أشرت على المطربة بشيء خلاها تقطع اغنيتها

وتغني بأم العروس.

القصر وخصوصا البنات ماج بالصراخ والتصفير وهم يرقصون عند عزيزة الي وقفت ورقصت معهم

مجاملة، جود بدعت بالرقص مع أمها والتمايل مع نغمات العزف والكل تقريبا وقف يشاهد جود

وعزيزة.

عزيزة كانت واقفة فقط تتجاوب مع حركات جود، الي كانت تتحرك وتدور حول أمها بدلع واغراء أثار

حتى حماس الفرقة وقاموا يدقون باقوى مايستطيعون.

لما انتهت الأغنية عم الصراخ والتصفيق، المطربة كانت مبسوطة بتفاعل البنات وخصوصا رقصة

جود، ردت بصوت عالي: عاشوا عاشوا، عاشت أم العروس وأخت العروس.

ليال كانت تشاهدهم بإبتسامة أكذب ما تكون، لا تعلم كيف اجتمع الضدان عندها قلبها يحترق بذوبان،

وصقيع جمد أطرافها عن الحركة.

سواء قصدت روان حركتها أم لا فإنها نجحت في كسرها، في قهرها في حرقها وتحويلها لرماد تلعب

فيه الرياح العابرة وتذروه في السماء.

أشرت لها مها تجي، وبتقافل وبسمة مزيفة حملت نقسها لهم.

لن تسمح لروان أن تفرح عليها أكثر مما فرحت، حتى لو تفتحت مسامها جروحا تنزف منه دمائها لن

تعطيها تلك الفرحة، أمها تركتهم وكملت طريقها حيث تنتظرها صديقتها عند مدخل القاعة.

*

انتهى الزواج أخيرا بكل تفاصيله الجميلة والمؤلمة انتهى وأدرجت أحداثه ضمن الذاكرة حيث لا مجال

لمحوها أو تصحيحها، تلك اللحظة التي تؤذي فيها روحا أو تكسر بها نفسا ستسجل أذيتك في سجلات

عريضة، ومحابر سوداء لا ينفذ مداداها وربما دعوات تصعد الى السماء ليس أمامها وأمام الجبار

حجاب.

*
*
وصلوا البيت مع شروق الشمس مهدودات وكل وحدة منهم تدور غرفتها وسريرها، عزيزة أرسلت مع

خادمتها وخادمات أهلها اغراضهم قبل ساعة، دخلت ووجدت الخدامة ترتب وتوزع بالأغراض.

تفاجات عزيزة لما شافتها صاحية: سيرما نو بوروبلم تمورو دو ات

ابتسمت سيرما بامتنان وطلعت لغرفتها بآخر حوش عزيزة مع السائق زوجها.

جود ناظرت أمها: يمه بنام أسبوع لحد يقومني، تصحبون على خير.

ليال ما سمحت نفسها تروح وامها تحت بعد ما شافت الضيقة والدمع بعيونها،

تلكأت تخلع عباياتها، حطتها على الأريكة، جلست ووطت تخلع كعبها، وبارتفاعها انحسر فستانها وبان

فخذها.

ارتبكت من نظرات أمها حدسها خبرها أن محاظرة قادمة في الطريق، تمنت مافسخت عباياتها أخذت

جزمتها وقامت: تصبحين على خير.

صوت عزيزة المؤنب وصلها: صدقيني لو أبوك الله يرحمه حي ما رضى على هاللبس الخايس.

ضحكة قصيرة طلعت من ليال: صدقين انت لو ابوي حي أشياء كثيرة ما راح يرضى عليها.

وبان في عيونها وجع وغربة وإحساس يتيم صادق وهي تكمل: لكنه راح وياليتني رحت معه.

صرخت فيها عزيزة: وجع يوجعك لا تتمنين الموت.

جود كانت بآخر الدرج تتمايل من النعاس وتبخر كله بعد صرخة أمها، ومن دون ما تحس نزلت

تركض، ووقفت بين أمها وليال.

ماتدري وش صار بينهم بهالثواني القليلة الي غادرتهم فيها، ارتعبت تكبر السالفة خصوصا بعد

اعتراف أمها قبل أسبوع أنها ما تتحكم بنفسها مع ليال.

بعدت أمها عن ليال وهي ترتجف كلها، عميانة عن نفسها، همست: يمه تكفين، هدي.

راحت عند ليال تبعدها: تعالي معي.

ليال صدت عن نظرات أمها المشتعلة كره، ما قدرت تستوعب لماذا كل هذا الكره من نصيبها، عقلها

امتلاء بصورها تضحك مع جود، ترقص مع جود، تضمها، وتفتخر فيها عند صديقاتها، ومن دون

إحساس دفعت جود بقوة كادت تسقطها على الأرض، وهي تصرخ: وخري عن طريقي.

تركتهم وطلعت لغرفتها فوق.

*
*
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين..

انتهى...



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 05-12-20, 02:40 PM   #10

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله

**
الجزء التاسع

**

ما أجمل أن يكون لك مرفأ تضع فيه لومك وقلة تجربتك وترسيها عليه، نعم كان

شابا مندفعا وعديم الخبرة، رأها في بيت أحد موكليه فسحرته من لحظتها، وما إن كسب تلك القضية

حتى تقدم لخطبتها يجرئه غرارة الشباب وحرارته.

أدرك خطأ اختياره تلك الليلة من أحاديثها واهتماماتها الغريبة وضحول المعرفة عندها، عذرها بالصغر

ووعد نفسه بالحب ستتغير، لكن هاهو بعد سنوات يرفع رأية الإنهزام والإستسلام، كيف لا وهو بدل

الإنشغال بتعليمها انشغل بإكتشاف الإخطاء المتزايدة، كل يوم طيلة خمس سنوات تبهره بأخطاء

سلوكية ودينية وأراء سطحية تافهه.

ليس صبورا يعرف نفسه لكنها علمته الصبر وبتفنن وما ذاك إلا كي يغفر لنفسه خطأه بالخروج عن

راي أمه وأبيه وعدم مشاورتهما، والسبب الآخر هو بكاءها وترجيها أنها ستتعدل وستتغيير وستحاول

من أجله فيعذرها ويقرر امهالها ليكتشف أن لا شيء تغير سوى مشاعره التي أقفت وهربت بغير

رجعه.

هاهو يعصي أمه مرة أخرى لكن بطريقه مختلفه: ياوليدي الحين مرتك حامل وشلون بتتزوج غيرها؟

سلمان: يمه الله يرضى عليك ومن قال اني بتزوج عشان الضنا، حملها ما يقدم ولا يأخر وهي ماهي

اول وحده يتزوج عليها زوجها، قلت لي اصبر لين بعد زواج ماجد، والحين مرت أيام وعشان ترتاحين

انا كل يوم اصلي واستخير ومرتاح يمه.

أم سلمان تحاول فيه لسببين، الأول عزيزة ما راح تقبل برجل متزوج لبنتها حتى لو جمع كل الصفات

الجميلة في الرجال، يعني الامر مرفوض وفقط راح تحرج نفسها وتنحرج مع اخت زوجها.

السبب الثاني أنها لا تريد أن ينهدم بيت ابنها وخاصة بعد حمل زوجته، قوية ومدلله ولن تقبل بضره

ابدا.

تنفست وقالت: امهلنني ياولدي كم يوم وانت شاور نفسك فيهم.


**
**

بعد سنوات من الإنتظار هاقد أتت الخطوة الحاسمة، خطوة ما توقعت يأتي يوم وتتشجع وتقدم عليها،

سكرت هاتفها من سلمان بعد ما تفقت يجي ياخذها من بيت فهد.

أخذت أوراقها الشخصية المهمة وتركت ما عدا ذلك، ستبدا حياة جديدة خالية من أي شي مرتبط

بحياتها السابقة، دخلت سلمان المجلس وجلست تنتظر فهد ما بقى على رجعته غير وقت قليل.

لمصلحة روان فقط ستحاول تتفق معه أن يطلقها دون اللجوء إلى لمحاكم وتضخيم المشاكل بين

العائلتين، وأن تكون روان معها.

خائفة ولهذا أرسل أخاها علي ابنه سلمان، تحتاج وقفة رجل معها، وشكيمة سلمان كمحامي أخضعت

أدهى الرجال وأخبثهم، هو وحده من سيقف فهد عند حده.

وصل فهد، طالعهم باحتقار عندما وقع نظره على سلمان، يكره أخوها علي وأولاده، والمشاعر بينهم

متبادلة.

بجمود سلموا على بعض، وما ان جلس حتى قال فهد بتململ: مشرفنا اليوم؟

سلمان ما له نفس يشوف فهد كيف يقعد بمجلسه ويتكلم معه بكل ثقة دخل بالموضوع مباشره: أنا جيت

اليوم عشان عمتي..

وشدد على كلمة عمتي وهو يكمل: عمتي تبي الطلاق ومثل ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف،

نبي نتفق قبل بخصوص روان، تكون معها وراح يكون لك عطلة الأسبوع، او الأيام الي تتفق فيه مع

بنتك.


فهد وقف مثل الملسوع وصرخ على مها: هالتعبان وش يقول؟

مها عطته نظرة كأبرد ما تكون، ما كان في نيتها تستفزه لكن عندما وصف سلمان بالتعبان، أضحكها

الوصف وخصوصا عند المقارنه بجسد سلمان الفارع المليء بالصحة والعنفوان، وجسم فهد التالف من

بلاوي الشرب والتدخين.

بهدوء حاولت إفهامه: يابو سعود ما له داعي نعاند، خل نتفق عشان مصلحة روان.

فهد كشر: لو تهمك بنتك ما تتركينها.

والتفت على سلمان: توكل يالطيب ما لك عندنا شيء.

وكمل لمها بتهديد: خليه يطلع قسم بالله يحصل لك شي مو طيب وتراي ماني عاجز أعيد معك الي

سويته قبل أسبوع.

سلمان عارف من خلال خبرته بالقضايا والرجال أنه الاجتماع هذا ماله فائدة، مع ذلك سمح

لعمته فيه حتى ما تندم وتشعر أنها ما حاولت من أجل بنتها، لكن كلامه استوقفه وشب النار بأعصابه،

ناظر عمته: وش يقصد؟

مها وقفت حتى ما تكبر بينهم، ردت: ما يقصد شي.

قاطعها فهد مقهور منها ومستخف بقوة سلمان، كان ينتظره يطلع حتى يكمل تهديده: اقصد

ونص وكانك نسيتي تكسير عظامك قبل أسبوع، والله ما يسلم منك عظم الليلة يال..

انقطعت الكلمة ليس من لسانه بل من باقي عقله عندما أسقطته لكمة غادرة من سلمان، وقبل أن تستقر

عظامه عن الأرض كان يرتفع مرة أخرى من نفس الذراع التي دفعته ليكون أمام عينيه: عمتي بنت ال

تهددها قدامي، أنت تضربها يالردي؟

عبثا حاول فهد التخلص من قبضة سلمان، احمرت عيناه ويده تضغط على عنقه فوق ياقة الثوب، بينما

مها تحاول ابعاد سلمان عنه.

: يمه؟

آخر صوت تمنت مها سماعه، صرخة ابنتها وهي ترى إذلال أبيها، سلمان مرغما ترك فهد يسقط بعدما

أيقظ صوت روان وصورتها الخائفة وعيه.

روان نست نفسها ودخلت تركض لأبيها، شعرها مشدود ذيل حصان، وجسمها الغض اختفى تحت

بجامة مخمل سوداء بخطوط ذهبية امتدت على الأكمام، وامتزجت مع بياض بشرتها وسواد شعرها

الفاحم.

سلمان صد عنها بينما انحنت نحو أبيها تتطمئن عليه: يبه.

شعرت أن عالمها ينهار تحت وطأة ماتراه، ماذا يحدث لأسرتها قبل أسابيع كان أباها يضرب أمها،

والان هو يضرب من قبل أهل أمها، نعم تأكدت من ملامح أمها تلك الليلة أن لا شيء سيعود كالسابق

وفعلا صدق توقعها.

بخبث فهد استغل ما رأته روان: شفتي أمك جايبه كلابة أهلها يعتدون على أبوك.

رفعت وجهها لأمها وصرخت: ليش تخلينه يضرب ابوي، جعل يدينه تتكسر يارب.

سلمان رفع نفسه عن الرد عليها توجه نحو الباب: مشينا ياعمة.

حان وقت ذهابها ولم ترد أن يكون وداعها بهذه الصورة، روان انتبهت وخوفها أنساها أباها،

سألتها وين بتروحين؟

مها بحزم واهن: بيت خالك علي، اتفقت مع ابوك على الطلاق بستاجر بيت وبرجع اخذك.

لا تتحمل ابتعاد أمها عنها لحظة كيف بخروج دائم، روان جن جنونها مما سمعته، نهضت بسرعة

تتعلق بأمها وتترجاها: لا ماما تكفين لا تروحين لا تروحين.

ثقل على مها انهيار وحيدتها التي لم ترى من الدنيا إلا وجهها الأبيض الناصع حيث لا شيء

غير الدلال، والتدليع والترف، هذا البكاء ليس ثوبها ولم يخلق لها، حضنتها بقوة تهدئ من روعها

وقالت: لا تخافين حبيبتي ما راح أخليك، فترة بس.

هستيرية ضربت روان جعلتها تتشبث بأمها مثل الاطفال وتصرخ: لا لا ماما ما راح تطلعين.

التفتت لأبوها تطلب مساعدته: صح يبه.

فهد بلغ فيه الحقد أعلاه أراد أن يضغط على مها من خلالها ولم يراع حالة ابنته: صح ونا ابوك، أمك

اذا طلعت انسيها لانها بتنساك.

حصل له ما أراد، ازداد بكاء روان وترجيها لدرجة كادت بمها أن تتراجع لولا سلمان الذي أخذ عبائتها

من الأريكة وتقدم ونزع عمته من ابنتها وهو يصرخ عليها: بنت.

صرخته الشرسة أعادت لروان وعيها، انتبهت أنها متكشفه أمام رجل غريب، ينظر لها بقسوة مخيفة،

تراجعت نحو أبيها بينما هو يمسك يد أمها خارجا وانتهت المأساة بلوعة قابضة وبكرة شديد تجذر في

أعماقها هي وأبيها نحو هذا الرجل.

**
**

ديم اتفقت مع ماجد يأجلون السفر كي تكون مع أمها أثناء الرقية، لكن عزيزة رفضت وحلفت

عليها أنها ما توقف سفرها، فاضطرت تسافر بجسمها وعقلها وقلبها مع أهلها، يوميا تتصل فيهم

وتكلمهم جميع، وتستفسر أكثر من جود عن الوضع.

الي يضايقها أنها كل ما كلمت ليال يا تكون بغرفتها أو بالحديقة ما في تواصل لها مع أهلها، أحيانا

تسألها عن أشياء حدثت لأقاربهم وتكون ليال ما تدري عنها أو ما سمعت فيها، انقطاع واضح بعلاقتها

مع أهلها.

عزيزة بدأت بالتردد على قارئ معروف يوم مع مها ويوم مع فائزة، كل يوم ينتهي تحمد الله من أعماق

قلبها ان اليوم مر بدون مشكلة مع ليال، بعد حركتها مع جود خافت تتطور المشاكل بين بناتها.

فعلا أذا قيل أن البيوت أعمدتها سكانها، غياب ديم زعزعهم جميعا، عزيزة افتقدت جلساتها وحضورها

الدائم كانت لا تتركها الا أوقات النوم تقريبا، تعتمد عليها عندما تفيب عن المنزل، وتتكل عليها

في كل عمل.

جود افتقدت ديم كأخت كبيرة تهتم فيها تنصحها وتوجهها وفقدتها كوصلة مع ليال حيث بعد تلك الليلة

انقطع كل شيء سهراتهم، ضحكاتهم، خروجهم مع بعض، ليال نفتها بقسوة بالغة ولا تعلم لماذا؟

ليال افتقدت امها بلا مبالغة، رغم أن فارق العمر بينهم لا يعد لكن ليال تعتبرها مثل امها بحنانها

واهتمامها، إذا رأتها زعلانه لا تتركها حتى ترضى، وعندما تتشاجر مع أمها تطيب خاطرها وتهون

عليها واحيانا تتكدر أكثر منها.

بعد سفرها وسفر سارة زادت كآبتها، وخاصة أن لا دراسة تشغلها ولا طلعات، فراغ كبير ملئها بعد

الزواج.

نزلت اخر العصر، الصالة غارقة في الهدوء، أمها كثرت طلعاتها مع خالاتها ومستغربة من عادتها

الجديدة، وقفت عند صالونهم الصغير وتأملت السكون النازل عليه، بعد ما كان مليء بضحكاتها مع

جود ومحادثات أمها وديم، أصبح حاله أغلب الأيام هكذا، مظلم صامت مهجور.

كيف تغيرت حياتهم، كيف تتبدل الدنيا بلمح البصر، دنيا لا تضمن فيها نفس من أنفاسك كيف بأناس

وأحباب وأصحاب.

فتحت الإضاءة، وفتحت بابه المطل على الحديقة، رحبت رئتيها بالهواء المنعش القادم من الحديقة،

ذهبت للمطبخ حضرت القهوة، وعادت تجلس في الصالون،معها كتابها تقراءه، فكرت تنادي جود

تتقهوى معها، اشتاقت لها ولسواليفهم الحلوة لكنها تراجعت، هذه الأيام كل ما تهم بعمل تتراجع

بسرعة، أصبحت تتردد من أبسط حركة تسويها، كأن في شيء براسها يحركها على غير ما تريد.

ما نست نظرة جود لما دفتها قبل أيام، خافت من فعلتها، لا تريد أن تفكر أنها تغار من أختها، لم تشعر

بالغيرة وهي طفلة لماذا تشعر بها الآن؟

لكن من يستطيع التحكم بمشاعره، وعواطفه وتقلبات قلبه؟

رن جوالها محادثة مرئية من سارة، فتحتها وبابتسامة شوق تغطي ملامحها: هلا والله بالتشاينيز

بيبول.

سارة في شرفة الفندق وخلفها امتدت ألوان تركوازية لا نهائية لمياه البحر الخلابة: هلا بك ياقلبي،

كيفك؟

ليال فتحت الكاميرا الأمامية وبان لسارة خلو المكان وليال ترد: شوفة عينك، ملل وكسل، وينك ياحمارة

تاخرتوا.

سارة: والله حتى عندي كسل وملل وابي أرجع.

ليال: من وين يجيك الكسل يابطرانه والبحر أمامك والأسواق خلفك.

التفتت نص التفاتة للخلف تناظر البحر، بعدين رجعت تناظر ليال: مشغولين طول الوقت، تخيلي ياخذني

معه للشركات واقعد انتظر ولما نرجع كلنا تعبانين مانبي الا ناكل وننام.

دخلت جود بوجه متضايق وعيناها لم تنزل من هاتفها، ليال ضحكت: كأني أسمع تلميح انه مافي هدية

سفر لي،

سارة تغايضها: ماينفع أنا هدية؟

ليال: هالخرابيط ما تمشي معي رايحة للصين ياحمارة خير ماتجيبين لي.

سارة: شريت لك شريت ياللغوية اف،

ليال: يكفي للحين حاقدة عليك ماحضرتي الزواج.

سارة: انا للحين حاقدة على نفسي وش اسوي بابوي اذا قال لا يعني لا.

سمعت صوت ابوها يناديها كملت: اكلمك بالليل ابوي ينادين،، سلام حبي.


سكرت منها وسقطت عينها على جود، ملامحها مثل طفل تلقى توبيخا ثقيلا شفتيها مقوسة بحزن،

ظنتها زعلانة فما سألتها.

بعد لحظات ليال ما قدرت تتجاهل صمتها وزعلها، سألتها: شفيك؟

ناظرتها جود بعتاب وأزاحت عيونها لهاتفها مرة أخرى وقالت: ما في شيء.

بادرها قلق خفي فأعادت السؤال: ديم فيها شي؟

جود هزت راسها نفيا: ما حد فيه شيء أنا كذا متضايقة.

للحظة عانت صراع مع عقلها تسأل أو لا وغلبتها مشاعرها: أمي وين تروح كل يوم مع خالاتي؟

نظرة أخرى من جود ما فهمتها ليال قبل أن ترد: مادري.

كان واضح أنها تكذب، جرحت وهي تشعر أنهم يخفون عنها كأنها غريبة ليست من أهل هذا المنزل،

تعلم فقط من الخادمة أن أمها غير موجودة: ما تدرين، أجل من يدري إذا دلوعة ماما ما تدري؟

لم تكن تخاطب بهذه النبرة من ليال أبدا، أختها تتحامل عليها وهذا غريب بينهم، ليال ما تحملت

شعور تواطئ جود وأمها كملت: راحت ديم وصرت غريبة بينكم وتخفون عن.

استنكار ورفض خرج من عيون جود قبل لسانها: الله يسامحك ليال وش هالكلام؟

ليال: احلفي انها ما قالت لك، ومصدقتك.

هروب من عيناها كان جواب جود، لم تحتاج معه ليال الى جواب أخر.

بقيت بعد خروج ليال وقد تضاعفت ضيقتها، لا تفهم لما أمها ترفض مصارحة ليال مثلما صارحتهم،

بالتأكيد سيخف الكثير من حزنها وحساسيتها، كل فعل له سبب معذور صاحبه وليال بالتاكيد ستعذرها.


قطع أفكارها دخول أمها مع خالتها مها، ابتسمت جود من اعماقها ونهضت نحوها وعانقتها مطولا، لا

تعرف ماذا تفعل إن أصابها شيء، التعب صار مرافقا لها حتى وان لم تشتكي الذبول في عيونها واضح.

قالت خالتها: خلي امك تستريح يا جود.

سلمت جود على خالتها التي أيضا أغرقتها الهموم، رفعت قضية خلع في المحكمة وتنتظر موعد

المحاكمة، وروان قاطعتها من تلك الليلة ورفضت الرد على مكالامتها والتواصل معها.

جود: شلونك خالة؟

مها ابتسمت وهي تجلس: الحمدلله يا عيني.

جود بتردد: يمه، نزلت تو وكان فيه ليال وصار شوي تتش.

استرعت انتباه أمها فكملت: سألتني عنك، قلت مادري،

ما صدقت وقالت اننا نخبي عليها، وإنها بعد ديم صارت غريبة بيننا.

كان رد عزيزة تنهيدة مثقلة، مها ربتت على ركبتها وقالت: بيفرجها ربك ياقلبي.

دمعت عيونها بيأس فظيع، الصداع يفتك بها بعد كل رقية، وفي الليل ما تنام من ضيقة وكتمة بصدرها،

غير ليال الي شادة معهم ومقاطعتهم، وغير وسوسة الشيطان المستمرة التي تخليها يوميا تتراجع لولا

أخواتها اللاتي يتناوبن بالقدوم لأخذها.

قالت تشكي لمها: من بعد زواج ديم ما كلمتني لا أنا ولا جود، أسبوع ما اشوفها الا اذا نزلت تقعد شوي

بالحديقة، ماتاكل يامها ونحفت مره.

جود: يمه طيب ليش ما تشرحين لها، والله بتعذرك أو انا أكلمها أو ديم، او وحدة من خالاتي.

عزيزة هزت رأسها برفض خفيف: بتمشي الموضوع بس ماراح تصدق ولا تقتنع.

مها رفعت هاتفها: الحين أخليها تنزل، وتحب راسك الخايسة.

فتحت السبيكر لما ردت ليال بصوت ناعس أثار استغراب جود لأنها توها عندها: هلا خالة.

مها بتعجب: نايمة؟ أحد ينام هالحزة.

ليال: وش اسوي خالة عطلة ما عندي الا النوم.

: تعالي انا تحت عندكم.

سكوت من طرف ليال كأنها تفكر في رحلة طويلة مع مرافق ثقيل وليس بالنزول إلى خالتها التي تحب

جلساتها وأحاديثها: معليش خالة، مصدعة وبنام.

مها: اذا ما نزلتي بجي انزلك غصب.

نزلت لهم ليال وتفاجات لما شافتها مها، أكثر نحف، تحيط بعيناها هالات سوداء ونظرتها فيها انطفاء،

لا يمكن أن تكون هذه ليال، لاحظت نحفها في زواج ديم والآن جسمها الرشيق دخل في هزال وضعف.

قامت تسلم عليها دون تعليق، ليال حبت رأسها، وجلست ساكتة.

مها جلست معهم ساعة، بعده جتها مكالمة من روان، تخبرها أنها بتجي لبيت خالها علي وبتتأكد إذا

هي موجودة، قامت واستئذنت للرجوع من اختها.

عزيزة وقفت مع مها: مشكورة يا قلبي، ولا يضيق صدرك عشان روان، مردها لك..

مها بتضرع وهي تخرج: يارب الله يسمع منك.

طلعت عزيزة توصل مها، وليال سألت جود: وش صاير بين خالتي وروان؟

جود: خالتي عند خالي علي رافعة خلع، وروان زعلانه عليها ومقاطعتها.

ليال ميلت فمها وقالت باحتقار: ماخربها الا الدلع، لو أنا خالتي ما سألت عنها، خير تعترض وهي ت

تعرف وضع خالتي أنانية ماهمها إلا نفسها.

لم يعجبها كلامها عن روان، لا تعرف عن العدواة بينهما أو تسلط روان على أختها، جود: يعني

حرصها على استقرار حياتها مع أمها وابوها تسمينه أنانية؟

عزيزة رجعت وليال ترد: أجل وش تسمينه.

جود ما قتنعت وقالت: أمها وابوها أكيد بتسوي الي تقدر عليه حتى تصلح بينهم.

ليال أثارتها مناصرة جود لروان، ردت: أكيد بتدافعين عنها، قدوتك بالدلع والمصاخة.

تعوذت عشر مرات، واستغفرت عشرا احتارت بينهن وهي تسمع جدالهن، ليال تهاجم وتستحقر بينما

جود تركت الدفاع عن روان وصارت تدافع عن نفسها هي.

عزيزة ناظرتها: وش فيك على أختك؟

طالعت أمها ثم صدت بسرعة، لم تعد تضمن تصرفاتها تضربها او ترمي عليها شيء، ردت: ما قلت

شي.

عزيزة رفعت حاجبها: كل هذا وما قلتي شي؟

جود قفزت مقاطعة نظرات ليال مع أمها: يمه ديم دقت تسأل عنك.

بقوة انتزعت نفسها من دائرة المشادة مع ليال وقالت لجود: جوالي بغرفتي بروح اكلمها.

قاالت كذا ثم نهضت لغرفتها.

**
**

ليس من الطبيعي أن تجد عبير تجلس مع روان، عبير التي لم تكن تلقي السلام عليهم أصبحت تجالسهم

وتتحدث وتضحك معهم، لا تعلم لماذا لم تتقبل هذه الطيبة من عبير.

عبير سلمت ثم خرجت، استغفرت وركزت على ابنتها، أيام وليالي لم ترها مرت كأنها سنين

من الشوق واللهفة.

بوجه متجهم مدت روان يدها لكن مها سحبتها وزرعتها في أحضانها ورفضت محاولاتها الإبتعادـ ظلتا

هكذا حتى اخترقتها شهقات روان، مها بكت معها ولها، في يومين فقط رأت من بكاءها ما بعادل

سنوات عمرها كلها.

سألتها: ليه تبكين يا روحي؟ أحد مضايقك؟

روان: ايه طلعتك مضايقتني، تكفين ماما ارجعي، البيت من دونك قبر.

مها: شوفي يابنتي انا سكت سنين بس عشانك والحين الحمدلله كبرت وماعدت صغيره اكتم عنك، لا

تحاولين ولا تفكرين ثانية اني برجع.

روان ما يئست أبد: يمه ابوي يقول الي تبي بسويه بس ترجع، تكفين يمه.

مها قاطعتها تكره سيرة أبوها وما تبي تجرح روان: خلاص روان قلت لك لا تحاولين.

كلاهما تستميت بإقناع الأخرى، روان بمعرفة غلاها تأمل تليين قلبها، ومها بتغلغل الكره والعيف في

نفسها ترفض أي تنازل حتى لو كان مكسى بدموع وحيدتها وشهقاتها.

مها: طيب تعالي انت اسكني معي.

روان تذكرت وجه سلمان وعاد لها الكره والحقد، كيف تسكن معه في منزل واحد: صعبه فيه عيال

خالي.

مها صمتت لحظات، وبان ترددها لروان: أجل ما في هالحل خالتك عزيزة طلبت أسكن عندهم واجيبك

معي.

نطت روان واقفة وبكبر ردت: وش قلتي، انا اسكن في بيت ليال تبينها تمن علي؟

مها يئست منها ومن تكبرها وتجبرها: ليال لاهية بخطوبتها والله ما درت عنك.

ضحكة ساخرة خرجت من روان: تتزوج؟؟ ومن المسكين الي بياخذ قالب الثلج؟

همهما تربي بنتها نست او تناست تحذير عزيزة أن لاتخبر أحدا: لا مسكين ولا شي بتاخذ احسن

الرجال، محمد ولد خالتك فايزة.

روان بإندهاش عارم واستنكار: ليال تأخذ محمد؟

مها كملت: ودامك رفضتي اصبري كلها فترة وننقل جميع لبيتي، هذا سلمان يدور.

سلمان بعد ليال كان الإسم الذي أكمل دائرة غضبها وحدتها: الله ياخذه ادري ما شبك على ابوي إلا هو.

قامت واخذت عبائتها، لفت الطرحة بشكل عشوائي عليها: انا ما راح أكون الا فبيت ابوي وإذا

تغلينن صدق ترجعين معي.

مها بهدوء: متى ما طاح الي براسك تعرفين مكاني.

**
**

سنوات لم تبكي مثل هذا البكاء، شعرت أن لا خلاص من حالتها، صداع قوي يكادي يعمي عيناها وسط

ظلمة مخيفة وأذرع اليأس الخبيثه تتغلغل إلى قلبها من كل جانب وتوهمها أنها ستبقى عالقه هكذا إلى

أن تموت؟

سمعت نغمة رسالة تجاهلتها واستمرت جالسة في مصلاها تكمل سورة البقرة التي تقرأها يوميا،

تضايقت من الصوت المزعج للرسائل، بالتأكيد هذه ديم.

عدلت نظراتها واستغربت من الرقم الغير مسجل لديها كانت الرسالة حزمة صور ضغطت قبول للرقم

وفتحتها.

انصعقت من الصور ولم تصدق ماتقرأ، تحركت الأرض تحتها هل هذا زلزال، وكيف اجتمع مع

الصواعق التي تضرب رأسها بلا رحمة، باختصار اجتمعت عليها فواجع الدنيا.

سقط الهاتف من يدها وهمسات غاضبة تخرج بإٍسم: لييييييال.


**
*
ليتك كنت سبب الألم لأجتثتك من جذورك،
لكنك لست السبب إذن فلتكن عزاء.

**
*


للتو خرجت من دورة المياة، لفت روبها حول جسمها وأنزلت المنشفه تجفف شعرها أمام المرآة،

تاملت خصلاتها الطويلة بلونها الأسود الللامع تعجبها التواءات شعرها، وتحب دائما النظر فيه

وتسريحه.

فتح الباب بقوة، التفتت مذعورة وشعرت أن لذعرها كل الأسباب حين رأت أمها تتقدم نحوها والغضب

في ملامحها مريع.

عزيزة بأسف: بس هذا اللي باقي عشان تذبحيني فيه.

ليال قطبت جبينها وبحثت عن عقلها لتستوعب كلامها لم تجده، بحثت عن لسانها لتسال أيضا لم تجده،

الجميع خذلها أشياء وشخوص وبقيت يفترسها الخوف مع من يفترض ان تكون ركنها الأمن.

خوفها البادي عززت التهم في عقل عزيزة، سألتها: من خالد؟

ارتسم على وجهها نفس السؤال نظرت لأمها، هل هو من خطبها قبل زواج ديم؟

صرخت بوجهها: تكلمي يا كلبه، من خالد الي كل صورك معاه؟

شتيمة أمها صحتها وأشعلت النار فيها، ابتسمت باستهزاء: حبيبي.

كف شرس من أمها سقط على خدها تلاه آخر وآخر، كلما حاولت أن تبتعد أو تصد كانت عزيزة تقترب

أكثر وتمسك وجهها وتضربه ومع كل ضربة كانت كلماتها تسبقها: الله يأخذك الله ياخذك.

مغيببة جدا عن وعيها لم تشفق على ابنتها وبكائها وتوسلها، وليال لم تستطيع ابعادها، كأنها عادت

طفلة صغيرة بيد قوة جبارة تسحقها ولا تستطيع دفع الأذى عن نفسها.

ارتخت عن المقاومة وضعفت محاولاتها لإبعاد أمها، واكتفت فقط بوضع يديها على وجهها تحميه ومع

ذلك لم تفلح في رد صفعاتها، كسرت كرامتها وتفتت بقاياها فوق الأرض على يد أغلى انسان،

استسلمت تتلقى غضبها لربما تقتلها وترتاح كلاهما.

لم تشعر إلا بجود تحول بينهما وهي تبكي وتصيح بأمها: يمه يمه.

صرخت عزيزة: انت مالك دخل اطلعي برا.

جود ببكاء يقطع القلب: اطلع عشان تذبحين أختي.

عزيزة لم يشفى غليلها بعد نظرت الى ليال الي كانت تلم روبها حولها وتتراجع بخطوات غير متزنه

نحو زاوية الغرفة لتجلس على الأرض بطريقة أشبه بالسقوط، جاءها صوت أمها: الحيوانه ليتي اقدر

اذبحها وأرتاح.

أغمضت عينيها ورفعت يديها تغطي أذانها عن صوت وصورة أمها، وانهارت ببكاء مؤلم اخترق اقصى

نقطة في قلب عزيزة.

أحاطتها ذراعي جود ولم تفلح ضمتها القوية في تهدئة رجفاتها ولا شهقاتها: طلعيها جود، طلعيها عن

غرفتي، تكفين طلعيها.

عزيزة صحت أخيرا لكن على أي وجع تصحى عليه، هل على قلبها الذي شعرت به يودع الحياة أم على

انهيار ابنتها بين ذراعي اختها الصغيرة تحتمي بها منها، بهدوء أخذت هاتف ليال وانسحبت خارجا.

***
**

صوت الهاتف أزعج نومته، رفعه ليغلقه لكن ما إن رأى اسم خالته حتى سارع بالرد: هلا خالة.

جاءه صوتها مبحوحا، خافتا: هلا محمد، وشلونك، اعذرني كلمتك بهالوقت المتاخر بس من الفرحة

ماقدرت اصبر للصبح، ليال وافقت.

فعلا الفرحة ملئته بشكل لم يتخيله، فاضت على كل مشاعره وكل ما يراه، تنحنح عدة مرات قبل أن

يرد، لا يريد أن يظهر بمنظر المتوسل الذي مسك خمسمئة ريال لأول مرة في حياته،

بصوت عميق أجاب: الله يبشرك بالخير يا خاله.

خالته: إذا انت فاضي بكرا نروح نسوي تحليل، عشان تكون الملكة بعد التحليل مباشرة،

والزواج بعدين.

لماذا يبدو صوت خالته بهذا الحزن، خطب ماء انتقل إليه عبر السماعة، تحليل وملكة سريعة، ماذا

يحدث، وصوتها المهزوز لا يمت للفرحة بصلة؟

محمد: سمي بكرا الساع عشر أمركم؟

عزيزة: لا انا بسبقك مع ليال ونتلاقى هناك.

محمد: على خير ان شاء الله.

أغلقت عزيزة الهاتف وهي تسأل نفسها، أي خير يا محمد وأنا أخدعك؟


**
**

تلك الليلة لم يغمض لأحد جفن في بيت عزيزة، لا هي ولا بناتها، ليال تمالكت نفسها، صلت الفجر ثم

أقفلت الباب بعد خروج جود، لا تشعر بالإمان ولا زال الخوف يتشبث بكل خلية من خلاياها تعرف أن

أمها معها نسخة أخرى وتستطيع الدخول عليها متى شاءت.

لم تكد تغفو عيناها حتى نهضت مرعوبة على يد أمها تهز كتفها، قلبها أخذ يضرب صدرها، وامتلئت

عينيها بالدمع للوجع الذي تحسه من ضربات قلبها المجنونة.

ماذا تريد الآن؟

هل أتت لتكمل عليها؟

عزيزة أزاحت عنها الغطاء وامرتها: قومي.

لا زال الشرر يتطاير من عيون أمها، بإرتعاش وقفت خارج سريرها متحفزه لأي حركة من أمها.

عزيزة: بنروح المستشفى نسوي فحص زواج وياويلك تعترضين تسوين اللي أقوله وانت ساكته.

لماذا تعترض، ربما هذا إفضل شيء تفعله أمها من أجلها، بعد ليلة البارحة عرفت أنها طيلة احدى

وعشرين سنة تلاحق سراب وأمس وصلت إلى نهاية الطريق لتكتشف أن لا ماء ولا غذاء ولا ظل في

انتظارها.

***
**

في المستشفى خرجت عزيزة من غرفة الإنتظار تتكلم مع محمد: خلصتوا خالة؟

عزيزة: ايه أخذوا عينة من دمها قبل شوي، متى تطلع النتايج؟

لاحظت عزيزة بعض النظرات الموجهه لمحمد، في وسامته وطوله وأناقة ملبسه مايجبر العين على

التحديق والتأمل، تمنت أن يكون ما تفعله هو الصواب له ولإبنتها.

محمد نسف طرف شماغه خلف ظهره لتهب عليها رائحة بخور خفيفة: من أسبوع لعشرة أيام، لكن

اعرف واحد بالمستشفى قال بعد ثلاثة أيام اقدر اجي اخذها.

عزيزة: أجل بعد ثلاث أيام اذا التحاليل زينة جب ابوك والشيخ بعد صلاة الأخير.

رجع الشك والوسواس يكسر جزء من فرحته ويتغلغل بخبث إلى قلبه، سألها مواريا قلقه: خاله عسى

ماشر كانك تعبانه.

نست نباهة محمد، لا بد أنه يتساءل عن سبب تسريعها للزواج، تذكرت ما أخبرتها ليال عنه، يجب أن

تضع الأمور في نصابها الآن حتى لا يظن أنها ترخص بإبنتها: ليال تسوى عيوني يا محمد وانا ما

صدقت توافق وخصوصا انك قديم كنت تعيرها وأخاف تغير رأيها تعرف البنات.

محمد برجولة: أبد ياخالة ليال ما راح تندم، الله يخليك لهن ويفرحك فيهن كلهن.

رفضت العودة معه للبيت، ليال سبقتها للسيارة قبل رؤية محمد، لم تهتم من يكون الإنسان الذي

سيشاركها حياتها، الحياة عندها توقفت ومنذ البارحة تركت التفكير ووجعه.

ركبت أمها وتحركت بهما السيارة في شوارع الرياض الهادئة نسبيا في ساعات الصباح، أسندت راسها

إلى نافذة السيارة وغفت، لا تعلم سر هذا النوم الذي صار يصاحبها في أي وقت ما إن تضع رأسها

حتى يغشاها وتسقط في هوته، حالتها غريبة لكنها مبسوطة بهذا الضيف حيث لا أفكار ولا هواجس،

فقط ظلام دامس مريح.

:ليال، ليال

صوت هامس انتشلها من أعماق سحيقة، انتفضت كأنها صحت من غول يطاردها، هذا الصوت مهما

تشبع بالحنان أصبح يخيفها، بقاءها وحدها معها يخيفها، الخوف الجديد الذي لم يكن أبدا من صفاتها

يخيفها.

نظرت حولها فوجدت السيارة واقفة في فناءهما، والسواق غير موجود وأمها تأمرها: امسكي جوالك

أختك من أمس تدق تسال عنك.

مدت يدها تأخذ هاتفها لكن عزيزة أبعدته قليلا تحذرها: ياويلك تقولين لها شي عن اللي صار.

سخرية مريرة جاءت مع صوت ليال: تكسرين راس بنتك وتخافين على مشاعر اختها، والله حالتك

صعبة يالدكتوة المتفهمة.

عزيزة: اذا اخطئت بنتي بكسر رأسها.

ليال غرقت بدموعها: ايه صح، لو جود او ديم صاروا بهالوضع وربي اصبع واحد ماراح تمدينه

بالعكس بتخافين عليهم وبتحرسينهم اكثر لكن ليال صار معها كذا فرصة حتى ترمينها لأي واحد.

سكتت شوي واتسعت عيناها للفكرة الي جت ببالها وبإتهام ناظرت أمها: يمكن أنت تتبليني حتى

تزوجيني وتتفتكين مني؟

اتسعت عيون عزيزة، فعلا هي صادقة لو صار هالخطا مع جود أو ديم بتكون ردة فعلها مختلفة،

وصادقة انها استغلت هالخطأ حتى تزوجها محمد، لكن ليس كي ترميها كما تفول.

فتحت شنطتها وطلعت هاتفها، فتحت الرسائل ومدته لليال: ايه انا اكذب واتبلاك شوفي اجل.

بيد مرتعشه أخذت ليال الهاتف بينما أمها ردت على ديم، وذهلت مما رأت لم تصدق الصور الموجودة،

صور لها بوضعيات سلفي أغلبها بكامل اناقتها وصور أخذت بوضعيات غير منتبهه لكنها بكامل

جمالها، حتى هي جوالها لم يحتوي على صورها بهذه الكثرة، تذكرت أغلب المناسبات في هذه الصور

كانت تتلتقطها مع اخواتها وبنات أخوالها.

انتقلت ليال إلى المحادثات وارتعبت أكثر، كلها عبارات تملك وتهديد.

:ليال لي

: ليال قالت انك بتزوجينها، لا تفكرين مجرد تفكير.

:اذا انت ما تحبينها تراي احبها واحبها.

:يكفي اتركي حبيبتي.

ورسائل كثيرة تهديدية وتوعد، رسائل مجنونة أرعبت ليال، تفاصيل دقيقة عنها وعن حياتها مع أمها

أو أخواتها، من هذا الذي يعرف كل شيء عنها، لا شعوريا كومت قبضتها ورفعتها نحو صدرها تضغط

على قلبها.

الخوف واضح في وجهها، خافت من انكشاف أمرها ولم تتوقعه، هذا ما طرأ لعقل عزيزة وهي تراقب

تغير تعابير ليال: من هو؟

باغتها السؤال، ولم تستغرب أن تصدق عنها هذا السفه التفتت لترد، لكن بقيت إجابتها معلقة وفمها

مفتوحا.

عزيزة قربت منها ومسكت يدها تشجعها: قولي ليال من وين تعرفتي عليه، لا تخافين.

ليال التصقت بالباب ويدها تتلمس المقبض خلفها، تعرف ان هدوء أمها تمثيل ويجب أن

تتصرف: والله ماعرفه.

عزيزة قاطعتها برجاء: ياينتي والله من امس ما غفت عيني، الخوف ذبحني انت مو مستوعبة صورك

بيد متخلف أو منحرف علميني منهو، خليني اتصرف قبل ما يفوت الوقت.

ليال هزت رأسها رافضة اتهام أمها بينما عزيزة فهمت أنها ترفض إخبارها،

بعصبية رفعت يدها أمامها: كيف تتسترين على واحد فضحك وبيفضحك بكل مكان، مجنونة أنت؟

لما رأت يد أمها مرتفعة عرفت أنها ستستقر عليها سواء تكلمت أو لا، بضعف أزاحت يدها عن وجهها

مرعوبه من فقرها في التواصل معها وعدم قدرتها على نفي هذه التهمة الفظيعة والدفاع عن نفسها،

ولم تجد إلا التهديد: قسم بالله ان مديتي يدك علي لا أهرب وافضحك بنفسي.

تهديد الهرب أحد التهديدات التي أرسلها المجهول وأشعلت الرعب في قلب عزيزة، جنت وهي تسمع

تكرار هذا التهديد من ليال، لا يمكن حل هذه المصيبة إلا بدخول طرف قوي وسيكون عليها اخبار

محمد.

طال سكوت أمها فنظرت اليها خلسة لتجد وجهها غارقا بالدموع، ابتسمت ليال بسخرية : ليش تبكين؟

أنا اللي مفروض أبكي مو انت، تحملت منك كل شيء وقلت أمي لكن الي صار امس ماراح اسامحك

فيه، فاهمة وما راح انتظر التخرج من بكرا اذا بغيتي زوجيني بس تحمليني لين تشوفيني طالعة من

بيتك.

عزيزة رجعت تتمالك نفسها وبكره ردت: وهذا الي راح اسويه، انقلعي مابي اشوف وجهك.

خرجت منها نظرة مصدومة فطرت قلب عزيزة جعلتها تنزل قبلها هاربة من نظراتها ودموعها.



**
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين...
**
انتهى ..


شهرزاد 2000 and mansou like this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:28 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.