آخر 10 مشاركات
غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          عِـشـقٌ في حَضرَةِ الـكِـبريآء *مميزة مكتملة* (الكاتـب : ღ.’.Hiba ♥ Suliman.’.ღ - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          117 - توأم التنين _ فيوليت وينسبير ج2 شهر عسل مر ((حصرياً)) -(كتابة /كاملة بالرابط) (الكاتـب : SHELL - )           »          وهج الزبرجد (3) .. سلسلة قلوب شائكة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حب في الصيف - ساندرا فيلد - الدوائر الثلاثة (حصريــا)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          52 - خداع المرايا - أجاثا كريستي (الكاتـب : فرح - )           »          ليالي صقيلية (119)Notti siciliane ج4من س عائلة ريتشي:بقلمي [مميزة] كاملة و الرابط (الكاتـب : أميرة الحب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-10-20, 08:29 AM   #11

هدى هدى هدى هدى

? العضوٌ??? » 475749
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 258
?  نُقآطِيْ » هدى هدى هدى هدى is on a distinguished road
Rewitysmile2


بسم الله الرحمن الرحيم
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير نيسان مشاهدة المشاركة
الفصل السادس

هي أذنت له بالمبيت وهو لم يستطع للنوم سبيل، فكان يتقلب على جنبيه وكأنه يفترش الجمر لا القطن الناعم ويلتحف باللهب الحارق، أخذ يفكر فيما حدث ويحدث له.
كيف كان وكيف أصبح؟!
تساءل في تعجب، هو الفتى الذي أعرض عن الحب خوفاً من غدره، وهو الرجل الذي أعرض عن الزواج رهبةً منه، يصارح حبيبته بحبه هكذا وهو في خضم أحزانه! يا لشقاءك يا رجل! لا بل يا لحماقتك!
تذكر حالها حين أخبرها بمدى أهميتها لديه وكيف كان وجهها وهي تجاهد ألا يقع نظرها عليه، كانت ترتعش حتى أنها احتمت بالمقعد كي تخفي ضعفها، هي وإن كان ظاهرها قوي، صلد فباطنها ضعيف لدن، وهو يعلم هذا ليتها تسمح له بما تمنعه عن نفسها وتترك له عنان إخراجها من شرنقتها السوداء تلك!
تراخت أجفانه على صورتها في مخيلته وهو يخبرها متمتماً:
_أنتهي فقط من حساب يونس السعيد، ثم بعدها يأتي دورك. كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟

تركت أمر مبيته لوداد ودخلت غرفتها تفكر فيما وضعت فيه قسراً، تجهل سبب استساغتها للأمر..هي تريد مساعدته رغم رفضها للاقتراب منه، تذكرت حديثها مع وداد قبل وصوله وهي تقول لها:"أخشى الوقوع في الحب فبقدر ما يمنح من قوة لكنه لن يمنحني سوى الألم!" وكيف سألتها وداد عنه ثم اتبعت قائلة:
_اتركي لقلبك العنان هو سيقرر ماذا يختار...أن البعد فليكن وإن القرب فلا تمنعي!
ليتها تستطيع فقد ذاكرتها القديمة ونسيان ما حدث لها لاستطاعت بحق عيش ما سيأتي!
هكذا تمنت وهي تضغط بسبابتها وابهامها فوق انفها على جانبي عينيها.
♡♡♡♡♡♡♡
أخذت تفكر في غرفتها قرابة الأربع ساعات حتى لاح نور الفجر من خلال نافذتها دون أن تشعر بمرور الوقت، صدى كلماته يتردد في أذنها مصاحبًا لها:
"أنا وإن لم أبكي هجر أمي لي ولا موت أختي ولو لمرة واحدة لكنني سأبكي لفراقك أنتِ الف مرة ومرة…"
تعلق كفيها بعنقها وهي تدلكه بقوة وقد أغمضت عينيها تستعيد كلماته حرف حرف:
".. أنا لي في قربك عزاء عن فقد الدنيا.."
رفعت يدها إلى شفتيها كأنها تتلمس أحرف كلماته: لي في قربك عزاء..عن فقد الدنيا..
وعلى ذكر الفقد تذكرت چويرية فأخذت تتساءل في حيرة وقلق عن الوضع الذي سمحت لنفسها بالوقوع فيه..ترى أتستطيع حقا رد حق انچي وچويرية؟!
قطع عليها خلوتها دخول وداد مخبرة إياها في تعجب:
_مازال صاحبنا نائما على الأريكة وكأنه لم ينم منذ قرون!
رفعت بصرها إليها على حالها فلم تحاول إخفاء حيرتها وما يعتريها من قلق وخوف، فتابعت وداد سائلة:
_فيم الخوف والقلق ذاك؟!
_أخشى ألا أستطيع..سيتهمونها بأبشع التهم و..
قاطعتها وداد راجية، ناشدة طمأنتها وهي تنزل كفيها لجانبها وتدلك لها بيدها هي كتفها:
_ وعسى الذي برأ مريم من ظن السوء بها يبرأها مما قد يلصق في طرفها!
رنين جرس الباب قطع عليهما حديثهما فقامت انچي تجيبه وقد كانت الشمس قد أشرقت بعد تلك الليلة الباردة الممطرة، مانحة الأرض بعض من الدفء تزيح به برودتها وتغمر نواحيها بالنور.
كانت زوجة يونس السعيد هي من تقف بالباب في انتظار الإذن لها بالدخول، بينما رمزي الذي أيقظه رنين الجرس يقف هو الآخر بوجه ناعس مذهول خلف انچي!
كان هو أول المتحدثين سائلاً:
_ما الذي جاء بك إلى هنا؟!
تحدثت في خوف ورهبة بشفتين قد أزرق لونهما ويدين تمسكان بطفلين يرتعشون من شدة البرودة:
_أنا بالخارج منذ الفجر...ذهبت إلى منزلك فلم أجدك فأتيت إلى هنا..ملاذي الوحيد بعدك!
استرقت النظر على استحياء إلى انچي فدعتها إلى الدخول راغمة؛ وقد رأت مبلغ التعب والإجهاد الذي طالها وطفليها، بينما سألها رمزي وهو يساعدك الطفلين في الدخول:
_علم يونس بخروجك؟!
أشارت نافية، ثم تابعت بصوت مكلوم:
_لم أكن أعلم أنه بتلك الوضاعة والخسة..قتلها ذاك الشاب وهو لم يمد يده مطالباً سوى بالمال!
أنهت عبارتها وقد سقطت دموعها التي لم تستطع منعها أكثر فتركها رمزي تنهي ما بجعبتها من ألم وحزن، بينما انچي لم تستطع الصمت فسألتها بنبرة ونظرة لا تخلو من الإتهام:
_ألم تكوني أنت المطالبة بضمها باديء الأمر؟!
رفعت نظرها إليها وقد راعها نظرة الإتهام تلك ثم أجابتها بنبرة صادقة:
_نعم، لكن كنت أرى فيها فتاة تحتاج إلى أم
وأنا كان بي حاجة إلى ابنة بعد وفاة ابنتي من زوجي الأول...كان يونس قد تزوج أكثر من مرة لكن كل زوجاته كن على قيد الحياة بينما هي كانت دون أم...قمت بتربيتها كابنتي ولكنني لم أعلم أنه كان يبحث فيها عن مورد رزق..أقسم لك!
عقب رمزي وهو يمسك بالطفلين:
_ليست بك حاجة إلى القسم...ستكونين بموضع الأخت لي ولن تعودي إليه مرة أخرى وأنا من سيتكفل برعايتك والطفلين، لكن يبقى حق چويرية باديء ذي بدء ثم يكن لنا مقال آخر معه بخصوصك!
كانت انچي تنصت إلى حديثه فلما قال ذلك عظم في عينيها وثبتت مروءته لديها أكثر وتمنت لو استطاعت دك ذاك الحائط الذي أقامته في زمانها بينها وبين بني آدم فقط كي تستطيع النظر إليه كما ترغب روحها!
استضافها رمزي بعد استئذان انچي وهو يقول:
_سأخرج لبضع دقائق اشتري فيها بعض الضروريات، ثم نتحدث حول قضية چويرية.
♕♕♕•°•♕♕♕
بعد مرور ساعات قضتهم انچي في جمع أكبر قدر من المعلومات حول راجح واتصالها بالطب الشرعي الذي أكد العامل به أن والد المجني عليها استخرج شهادة تفيد بأن الوفاة جاءت طبيعية قبل دفنها، تلك الورقة التي لو ثبت صحتها ستغلق أمامها كافة الأبواب!
تبادلت النقاش مع وداد ورمزي واضعين كافة الإحتمالات التي من شأنها غلق القضية والذي أصر فيها الأخير أن يشمل يونس السعيد بالإتهام فيها، وبينما كانوا يتناقشون تدخلت زوجة يونس مخبرة إياهم بما غير مجرى الحديث تماماً:
_چويرية تزوجت من راجح...لكنها لم..هي كانت..هو لم…
حثتها انچي دافعة إياها للمتابعة:
_ إذا كان لديك ما سيعيد حقها كاملاً، فلا تتواني لحظة في قوله...هي ابنتك أليس كذلك؟!
_نعم!
قالتها في تردد وقلق وهي تسترق النظر إلى رمزي، الذي أشار لها أن تتابع:
_لقد تزوجها راجح ولكن ابنه هو من...من..
تابعت انچي سائلة وقد فطنت إلى سبب إحراجها وتمنعها عن التلفظ بالكلمة:
_دخل بها؟!
إشارة المرأة بالموافقة جعلت الدم يغلي في رأسهم جميعا وأولهم كان رمزي الذي قام دافعاً كرسيه بقوة وهو يصرخ:
_الوغد! كيف تقولين ذلك؟!
بينما صرخت وداد:
_ يا الٰه السمٰوات..رحماك ربي!
ارتعشت عائشة وهي تطرق بنظرها أرضاً، بينما صاحت وداد متابعة:
_ما هذه الخسة؟! كيف تأتى لهم ذلك؟!
تمالكت انچي رباطة جأشها وسألتها رغم ما تشعر به من غثيان وألم في معدتها:
_سيدة عائشة، هل ما تفوهتِ به حقيقة أم...إذ أنه لو كان حقيقة فهو ما سيقلب موازين القضية كلها.
أومأت المرأة بالموافقة والدموع تتساقط من عينيها في كفيها المضمومتين.
تذكرت الشاب الذي كان يقف خلف يونس في الطب الشرعي وكان يجيبها في استهزاء وسخرية، وكأنه ببواطن الأمر كان يعلم وبنهايته كان موقن.
التفتت إلى رمزي قائلة:
_إذا كان الأمر صحيح فالموازين هنا تتغير، سنبحث في تاريخ راجح القديم وتاريخ أسرته..كل شئ يمت بصلة لهم ليس لدينا سوى بضعة أيام كي نجمع من الحقائق ما يحفر لهم قبورهم.
كان رمزي يضم قبضته على الحائط يلقي نصف سمعه إلى انچي والنصف الآخر يفكر فيما حدث مع تلك الصغيرة التي كانت تستغيث به وهو لم يغيثها.
ظلمات ودوائر اكثر ظلمه تلقفته وحيداً مأسوراً، ندم، غضب وغليان هكذا كان يشعر...يضم قبضته راغباً في ضرب احدهم يتطاير الشرر من عينيه بطريقة جعلت انچي تنتبه له فصاحت فيه في حنق هائل:
_رمزي ليس وقت الغضب الآن وإنما وقت الأخذ بالثأر...عد إلى رشدك إذا أردت مساعدتي.
♕♕♕•°•♕♕♕♕
كانت إقبال تعلم أن زوجها يهرب من مواجهة أخته لذا هو يختفي خلف الهاتف يطلبها مرة ولت يعيدها ثانية، بينما ابنتها مازالت في سجنها وإن لم تقدم لها يد المساعدة ستحاكم بما ينهي حياتها وإن عاشت!
أخذت رقم الهاتف خلسة دون أن يشعر بها أحد واتصلت بصاحبته التي لم تجب.
دخلت غرفة ابنها الذي أغلق على نفسه منذ الحادث وسألته البحث عن عنوان صاحبة رقم الهاتف:
_لماذا يا أمي؟
هكذا سألها في ذهول لتجيبه بإصرار وثبات لم يتلبسها سوى منذ بضعة أيام:
_ لأنها ستكون ورقة خروجنا مما نحن فيه!
هكذا أخبرته ثم أمرته أن يجد عنوانها دون علم والده وتركته عائدة إلى زوجها.
♕♕♕•°•♕♕♕
على باب قاعة المحكمة وقفت انچي ترتب أوراقها بيد ترتعش وكأنها قضيتها الأولى، هاتفت أمها الروحية سائلة إياها الدعم والذي قدمته كعادتها معها، أتى رمزي من خلفها وهو يقول:
_انا أثق بقدرتك على الثأر لها تمام الثقة، كما أعلم أنه لا مفر من القدر…
قاطعته سائلة بذهول:
_لماذا تخبرني بذلك؟!
ذم شفتيه قليلاً قبل أن يخبرها:
_راجح ويونس من أسوأ الأشخاص الذين قد تقابلينهم...سيفعلون الأعاجيب كي ينفذوا بفعلتهم..لذا لا أريدك أن تضغطي على نفسك كثيراً، كما أنني أستطيع الثأر لها حتى وإن لم يساعدني القانون.
تعلقت عيناها بعينيه وهي تسبر أغوارهما بإعجاب لاح في نظراتها ثم عقبت على حديثه بصوت قد بحت نبرته بعدما جاشت نفسها إليه عشقاً وولهاً:
_لا تقلق سنأتيها بحقها.
بعد دقائق عدة وقفت انچي في منتصف القاعة تقول بصوت جلجل جدرانها:
_لا أحد منا يختار قومه ولا يومه لكننا نعلم أنه
من لا أمس ليومه ولا قديم لقومه هو كنبت شيطاني يخرج لا تعلم متى ولا من أين؟!
وعلى هذا يعمل جميعنا على أن يكون أمسه طيب ليكن حاضره عطر!
كانت هذه ديباجة مرافعة انچي والتي اتبعتها قائلة:
_وفي قضيتنا هذه فتاة أمسها أب جهل من معنى الكلمة ما تقتضيه من معاني كالسند، الحنان، العطف والمحبة التي لن يستطيع غيره إيفائها إياها.
أب وجد في فلذة كبدة قطعة من لحم كلما كبرت كلما ازداد عليها الطلب!
أب وجد في رجل كهل يصرف كثيراً ويجني أكثر تاجر لا مثيل له سيشتري مهما وضع من ثمن!
باع الأب قطعة اللحم خاصته واشترى البائع لكنه لم يشترِ له وإنما لآخر لا يمت للانسانية بصلة وتنأى الحيوانات عن أن يتشبه بها وإن في صفة الوحشية؛ فحتى الوحوش تلتزم في وحشيتها بقانون يحمي الجميع!
سيدي القاضي، ليس من مات واستراح من هم الدنيا وظلمها بميت إنما الميت هو من عاش ميتًا بين الأحياء..الجاهل ميت، الظالم ميت، آكل الحقوق ميت وآكل لحوم البشر ميت!
نعم آكل لحوم البشر من الأموات ففي الصورة يكن صورة إنسان وإنما في الحقيقة هو بقلب حيوان، لا يعرف باب الهدى فيتبعه ولا باب الضلال فيصد عنه و ذلك يكون هو الميت بين الأحياء.
سيدي يقال في السلف: من نصب نفسه للناس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، و ليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه؛ ونحن هنا بصدد قضية نصب فيها المدعى عليه نفسه كراعٍ على ابنته بعدما كانت في كنف أخيها لمدة تنيف عن العقد بقليل، منحها عطف في ظاهره الحب وفي باطنه الغدر...كان يمني نفسه مع بداية كل حول بصبية تأخذ من حسن حواء ما يجعل أبناء آدم يتدافعون دفعاً أمامه…
وقد حدثنا الرسول الكريم أنه: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان.
"حديث شريف"
هنا الراعي خان أمانته فهو منافق، وقد حدثنا السلف في «نهج البلاغة» وقالوا:
"أحذركم أهل النفاق، فإنهم الضالون المضلون، و الزالون المزلون، يتلونون ألوانا، و يفتنون افتنانا، ويرصدونكم بكل مرصاد، يمشون الخفاء، و يدبّون الضراء، لهم بكل طريق صريع، وإلى كل قلب شفيع، و لكل شجو دموع.
يتقارضون الثناء، و يترقبون الجزاء، إذا سألوا ألحفوا{ألح في المسألة وهو مستغني عنها}، وإذا عذلوا كشفوا، وإن حكموا أسرفوا، قد أعدّوا لكل حق باطلاً، ولكل قائم مائلًا و لكل حي قاتلًا، ولكل باب مفتاحا و لكل ليل مصباحًا… أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون."
وهو ما اتفق وصفة يونس السعيد الذي ألبس الحق باطلا أمام ابنته فجعلها تلقي بنفسها إلى التهلكة ظنّا منها أنها على طريق الحق بإنقاذ عائلتها.
سيدي القاضي:"إن تنصروا اللّه ينصركم و يثبت أقدامكم"
هي آية ذكرت في القرآن الكريم نكررها مرات عدة في جهل منا لمعناها وهدفها الحقيقي، فان نصرنا الحق سينصرنا الحق ونحن هنا لنصر كلمة الله حتى ينصرنا الله على أنفسنا.
المجني عليها هي فتاة في بداية الخامسة عشر من عمرها، حضرت إلى محل عملي الخاص طالبة العون في مواجهة أبيها ورفض عجوز تقدم لخطبتها، وفي اليوم التالي ذهبت إلى المذكور رغبة مني في حل الأمر ودياً، لكنه رفض رفضاً تاما متعللاً بضيق الحال وكثرة الأولاد.
عزمت حينها على رفع قضية ضم للأخ غير الشقيق لاستحالة الرعاية ولكن سبق الأب بخطوة وقام بتزويج ابنته دون موافقة أو استشارة…
وحينما علمت بما حدث ذهبت وأخ المجني عليها إلى بيت الزوج وأخبرتها بأنني ما زلت بجوارها، لكنها وبعد حديث هامس قصير من طرف الأب لها رفضت الخروج وحينما اتهمتها بالضعف والانهزامية نفت معللة:" أستطيع ولكن ليس بأذيتهم، ما أرجوه الحياة ولكن ليس بموتهم، ان كنت ضعيفة فعذري لضعفي أنه أبي وإن كنت انهزامية فعذري لمستقبل أخشى ظلمته!
هكذا أخبرتني سيدي ليلتها، ليأتي لي خبر موتها بعدها بعدة أيام فقط!
تحشرج صوتها فأرادت أن تتوقف وتلفظ الحشرجة دموعها تريحها، لكنها أبت ذلك وتابعت:
_ولأخبر سيادتكم بما يقلق أعشار القلوب ويحرقها حرقاً فمنذ ثلاثة ليال فقط علمت أن الأب قد تزوجها من أجل ابنه المريض نفسياً!
نعم سيدي القاضي ومرفق بالتقرير أمامكم شهادة الطبيب النفسي المعالج له والذي وصفه بالشخص السادي، كما وأنه ارفق شهادة زوجات الجاني السابقات وما أحدثه من إصابات بهن...وهنا_ورفعت إليه ملف آخر_ أرفق نسخ ضوئية من عقود زواج للأب بفتيات اعترفن بأنهن تزوجن بالابن لا بالأب كما كن يعتقدن!
أما هذه الورقة فهي صورة ضوئية عن التقرير الأصلي الذي صدر بادئ الأمر عن سبب الوفاة ألا وهو نزيف حاد إثر علاقة زوجية حادة، والذي طمسه الجاني رشاد راجح بالرشوة المقدمة للطبيب سالم المعداوي.

أما هذه الورقة فمثبت بها مجمل الاتصالات التي قامت بها المجني عليها خلسة بزوجة أبيها وبأبيها نفسه والتي ذكرت فيها ما يحدث من زوجها وابنه مطالبة أبيها بانقاذها.
أذكركم وأذكر نفسي بقول النبي صلّ الله عليه وسلم من ردّ عن عرض أخيه كان له حجابا من النار.
انتهت انچي من المرافعة بعدما انتهى محامي الخصم، ومن ثم بدأ القاضي في استدعاء شهود النفي المثبت أسمائهم في محضر الجلسة، بعدما احتفظت هي بحق استدعاء شهود الإثبات إلى وقت آخر.
لم تجادل انچي ولم تعترض وهي ترى زميلها يرقص رقصته الأخيرة كطير مذبوح أمام الحقائق التي أتت هي بها، ألقت بنظرها تجاه رمزي الذي أشار لها بالمتابعة دون خوف أو رهبة وأشار لها انه بجوارها داعما لها.

كانت تستمع إلى زميلها ودفوعه وهي تبتسم ساخرة مما تؤول إليه الأخلاق من انحدار وسقوط وحينما سألها القاضي عن دفوعها، قامت هي مرفوعة الهامة واثقة الخطى ومنبسطة المنكبين، وقد مسكت ياقة دثارها الأسود المطعمة باللون الذهبي وقالت في كبرياء بعدما سحبت نفساً عميقاً:
_سيدي أطلب فيمن أطلب والدة المدعى عليه صفية المختار!
تعالت الهمهمات مستنكرة بينما كانت المرأة من بين الجالسين واقفة وتعبير الصدمة هو فقط ما يزين وجهها كانت تشير إليها رافضة بينما صاح فيها رئيس الجلسة:
_اذا امتنعت عن الشهادة تكونين ممن كتم شهادة عن الناس وحينها ستكون عقوبة الآخرة أسوأ من الدنيا.
وقفت على امتناع وحذر وتقدمت من الحضور فسألتها انچي وهي ما تزال على حالها من الفخر والكبرياء:
_أسألك فقط وتحت شعار العدالة والقسم باسم الله الأعظم ويدك فوق كتابه العزيز..هل ما ثبت في تقرير الطبيب النفسي عن حالة ابنك صحيح أم غير ذلك؟!
نكست المرأة رأسها وقد تناثرت دموعها كتناثر الثريا في عنق الثور، ولم تجيبها!
تابعت انچي محذرة:
_هنا لا يعترف بالصمت إجابة سيدتي...أنت إمرأة أزهرية ومعلمة بالأزهر الشريف، فلا تكوني سوى لسان صدق عما حدث..هل ما ذكر بالتقرير الطبي صحيح؟!
أومأت المرأة بالإيجاب، فتدخل القاضي مراعياً موقفها:
_هل أعتبر إشارتك تلك بنعم؟!
أقرت بالموافقة فأقر هو الآخر بها، لتعود انچي فتسألها:
_هل تزوج السيد…
رفعت المرأة رأسها راجية بعينين دامعتين منكسرتين وفم يرتعش، فتوقفت انچي مقرة في تفهم:
_سأكتفي سيدي بما قالته حالياً واحتفظ بحق استدعائي لها مرة أخرى، واستدعي السيدة وصال قطب طليقة المدعى عليه الأخيرة.
حضرت المعنية بالطلب وقد أقرت ما بالمدعى عليه من مرض نفسي وسوء معاملة، وسادية أثناء العلاقة قد تصل بالطرف الآخر إلى حد النزف.
هنا وقف رشاد راجح صارخا بكل ما فيه من غيظ وأوداج تنتفض في انچي:
_ماذا ينتظر من زانية مثلك لزانية مثلها؟! هي أقامت علاقة مع رجل آخر وتريدين أنتِ أن تحمليني وزرها هذا أبيها اسأ..
قاطعه القاضي في حزم:
_التزم الصمت ولا تتحدث دون إذن، ولا ترمي المحصنات دون بيّنة.
عقبت انچي موجهة حديثها إلى القاضي:
_كنت أعلم سيدي القاضي أنه سيتطرق إلى هذا الحدث، لكن سيدي مرفق في هذا الملف مقتطفات من قضية مشابهة قذفت فيها فتاة بالزنا دون بينة ولا دليل..
قاطعها القاضي بصوته الجهوري الحازم وهو ينظر من خلف زجاج نظارته:
_هنا يا سيدتي لا يوجد حكم دون دليل أو شهود، وانت يا سيد رشاد هل لديك من يؤكد خيانة المتوفاة؟!
اضطرب المعني بالسؤال ولاح التوتر على وجهه وهو يبحث في عقله عما يجيبه به، وأعاد القاضي سؤاله مرة أخرى فلم يجب ليامره القاضي بالتزام الصمت كي لا يعاقب، لتتدخل انچي مطالبة:
_سيدي أطلب من السيدة عائشة زوجة السيد يونس المثول أمامكم لسؤالها، وفور الإذن للمعنية بالطلب سألتها انچي:
_سيدة عائشة في مساء ليلة...اتصلت بك المجني عليها هل تخبريني السبب؟!
أومأت عائشة وأتبعت قائلة وهي تكفكف دمعها:
_اتصلت بي چويرية طالبة مني الاتصال بأخيها لأنه لم يجيبها على اتصالها وحينما سألتها السبب أجابت أنها تزوجت من الأب لكن الإبن هو من يريد الدخول بها وأنها احتمت بأمه التي أعطتها الهاتف الخاص بها للاتصال بي بعدما أُخذ منها هاتفها..
توقفت وقد تشنج صوتها بدموعها، لتسألها انچي بصوت متوتر:
_ثم؟!
تابعت عائشة بصوت متحشرج:
_أخبرتها أن تدافع عن نفسها بكل ما أوتيت من قوة لحين حضور والدها، وأخبرته لكنه لم يجب بشيء وحينما كررت الحديث أجابني بالسباب واتبع أنه لا شأن لي وأنه المسؤول...بعدها بيوم وليلتين اتصلت بي چويرية باكية ناحبة وهي تقول أنه قيدها كل طرف على حده ووطئها بقوة لا حول لها بها وأنها تريد أخيها..اتصلت به مرارا ولكنه لم يجب فذهبت إليه ليلة وفاتها حينما فاض بي الكيل وأخبرته أنها تعيش في بؤس وتريده ولكنه حينما وصل إليها كانت في حالة يرثى لها..كانت قد..كانت تنزف كثيراً و..توفيت قبل أن تصل إلى المشفى..و…
كانت الصورة ترتسم رويداً أمام ناظري انچي التي عايشت مثلها لتخترق دمعة واحدة حجاب عينيها الرقيق وتمسحها هي بسرعة سائلة في صوت يغالبه البكاء:
_ وماذا كان رد فعل أبيها حينما علم بوفاتها والسبب فيه؟!
أجابتها عائشة في انكسار وقد أسبل الدمع من عينيها المنكسرتين:
_ أعطاه رشاد مزيد من الأموال كي يصمت عما حدث ووهبه بيتاً جديداً كي ينسى ما حدث وهو ما حدث.
نظر القاضي إلى محضر الجلسة وكافة الدفوع التي قدمتها انچي والمحامي الآخر ثم أطرق مفكراً وحينما هم بالحديث قاطعته والدة الجاني صائحة في رجاء:
_سيدي القاضي، لدي كلمة فاسمح لي سيادتكم..
أشار لها الرجل فتابعت مبررة فعلة ابنها كي يرحمه قاضي الأرض، وقد شهقت شهقة أليمة تدفع بها ما تشعر به من خوف يصاحبه ضعف أشبه ما يكون تخاذل ويرع:
_ نحيا كما يحيا الجميع في خضم صراع مع الحياة على الأقوى، وتمر على الواحد منا من المصائب الثقال ما ينساها فور انفراجها لتعركه الحياة بأخرى فيعود لتذكر مجمل مصائبه...أنا زوجة وأم كغيري من الأمهات تحيا فقط من أجل بيتها وأولادها...رزقني الله من الأولاد خمسة ومن البنات ثلاثة..توفي أربعة من الأولاد وتبقى فقط رشاد واخواته الثلاثة، كانت مصيبة ما بعدها أخرى..لم أكن أعلم أن الأخرى ستكون الأقوى وانها ستأتي مني أنا، نعم فحرصي الزائد على من تبقى لي سبــ...انا…
غصت فضاق صدرها لتتوقف معتذرة تلفظ ما غصت به، ثم تابعت منتحبة:
_سيدي ما يحدث هو نتاج زيغنا جميعاً عن الحق وليس لابني وحده دخل فيه، أنا وافقت زوجي على ما طلبه مني رغبة في إسعاد ابني وتحقيق رغبة عائلة في إمتداد نسلها بين بني آدم...
وشرقت بدمعها لتتوقف مرة أخرى، أما رشاد فقد اشتد به القلق وامه تتحدث متطرقة إلى أمور هو في غنى عن ذكرها الآن، ليقف ويقاطعها صارخاً فيها:
_أمي! لا المكان ولا الزمان يناسب ما تذكريه الآن..
نظرت إليه باكية فكان ينظر إليها راجياً في قسمات وجهه تذلل ورجاء، لتنقل نظرها إلى زوجها وتجده ينظر إليها في حزم وتحذير قوي، فتدخلت انچي مناشدة فيها صوت الأم والمعلمة والمتعلمة لدروس دينها:
_ تعلمين أنه لولا إمرأة لما خرجت مما أوحلتني به امرأة أخرى...سيدتي چويرية ماتت ولكن روحها مازالت موجودة بدنيانا مطالبة بما لها من حق بين يديك..أنتِ ستكونين السبب في خروج ذكراها من سبة ليست بها، أرجوك بكل ما في قلبك من بقايا ايمان!
لمعت عينيها بارقة ودموعها منهمرة دون توقف:
_تزوج رشاد منذ سنوات من زميلة له وقد اتفقا على العيش معنا لم أكن أعلم ما بينهما من أمور، فقط كنت أراها تزداد عزلة في كل يوم عن سابقيه، حتى زادت عزلتها وأصبحت حبيسة غرفتها، ثرت غضباً ظنّا مني أنها تتخاذل عن مهام البيت ودخلت غرفتها لأجدها في حالة...ليست..كانت..شبه مقعدة وجسدها مغطى كامله بالكدمات ولا تتحدث فقط تبكي..تقدمت منها لتصرخ هي، أنا..لم أكن أعلم ما يحدث بينهما، صدقيني..هاتفت والدها فقد كان زوجي بالخارج وابني في عمله حينها..أتى مسرعا وأخذها إلى المشفى وحينما علم زوجي وابني ثارا في وجهي ونالني من زوجي ما نلته من…
احتضنت المرأة كتفيها مرتعدة، كان القاضي ينظر إليها بعينين إحداهما كانت عين الرحمة والأخرى كانت عين الواجب، أرادها أن تصمت قليلا لتستريح، ولكنه أرادها أيضا أن تتابع تفاديا لأي ضغط ممن حولها كي يغلقوا فمها، فتركها تتابع بصوت يقطر ألما ومرارة:
_بعدها بعام كان قد تزوج مرة أخرى ولكن زوجته انفصلت عنه بعد يومين فقط، تكرر الأمر مرتين حتى عرضه والده على طبيب نفسي الذي رأى أنه في حاجة ماسة إلى علاج نفسي..لكنه رفض وتعمد تزويجه مرة أخرى كي يمحق بنصيحة الطبيب…
وانطفأ البريق الذي كان قد لمع في عينيها وهي تقر في تخاذل:
_وتكرر ما حدث مرة أخرى..
تساءلت انچي بصوت رقيق قد بحه كثرة ما به من شجن:
_ما الذي تكرر؟!
تدخل العجوز راجح صارخًا في زوجته زاجراً إياها وقد نظر إليها نظرة بجانب عينه محذراً:
_لن تتفوهي بحرف واحد بعد الآن!
كان ابنها هو الآخر قد وقف بجانب والده فأمرهما القاضي قائلاً:
_سيد راجح ستعتزلنا مجبراً في غرفة جانبية انت وابنك؛ حيث ارتأينا أنكما تعرقلان بحضوركما سير القضية وسيكون حضرة المحامي حاضراً نيابة عنكما.
ما بين هرج ومرج ذُيع بين الحضور ورفض من المأمورين بالخروج امتثلا مجبران ليد الشرطي الذي حضر كي يصحبهما، ثم توجه القاضي إلى السيدة صفية سائلاً:
_طلبت فرصة للحديث! هل لي بمعرفة السبب في طلبك ذاك أم هي مماطلة فقط ؟!
أسبلت أهدابها لوهلة قبل أن تزفر ما بصدرها من ضيق وتقول في حرج بالغ:
_لأوضح أمام أعينكم أنه زوجي هو السبب الرئيسي فيما حدث من إبني وله، جميعنا نعلم أن الراع هو قدوة رعيته في الخير إن سلك طريقه، وفي الشر إن حاد إليه وقد كان زوجي غفر الله له هو راعينا وقد أخذ بيد كل منا إلى طريق مظلم لم يستطع أحدنا الخروج منه..وكان رشاد الأسوأ حظ من جميعنا فقد أخذ والده بيده وسلك به أسوأ السبيلين وأضلهما…
قاطعها القاضي راغباً في مس صلب القضية بعدما شعر بأمر غير هين يحدث خفية في بيت ذلك الرجل:
_سأسألك يا سيدة صفية وأنتِ ستجيبين دون حيد أو ميل عن الحقيقة، لماذا تزوج زوجك من فتاة بمثل عمر چويرية؟!
لم تجبه وقد تعمدت الفرار بنظراتها من نظراته المسلطة عليه، فتابع هو سائلاً:
_حسنا، ليكن السؤال بصيغة أخرى...في الآونة الأخيرة وطبقا لهذه العقود تزوج السيد راجح من عدة فتيات صغيرات بالسن، ثم انفصل عنهن بعد أيام معدودة..لماذا؟!
تمتمت في تهتهة ضعيفة وقد تعمدت الزيغ عن الاجابة المطلوبة:
_لا يوجد قانون يجرم الزواج؟!
كان القاضي يعلم انها تراوغ وتحتال عليه معتصمة بمراوغتها تلك، فصدح بصوته مجلجلا أركان القاعة حتى دب الخوف والقلق بقلوب الحاضرين:
_بلى يوجد قانون يحرم ويجرم زواج القاصرات، كما يوجد قانون يجرم الزواج بإمرأة لم تقبل بذاك الزواج...المرأة تسأل اولا يا ابنة الأزهر!
تملكت منها قشعريرة باردة دبت البرودة في كامل اوصالها فجعلتها ترتعش بقوة، ليتابع هو:
_ستقفين في يوم ما بين يدي الله يا حاملة بقلبك كتابه وبعقلك شرائعه وسنة رسوله وسيسألك عما تعلمتيه هل نفعك ونفعتِ به أم لا؟ سيسألك عن الإسلام الذي آمنت به وتعلمتِ شرائعه لماذا أضعتيه..سيسألك عن حقوق فتيات وأحلامهن التي ضاعت هباء أمام رغبة ابنك الحيوانية وزوجك الدنيوية سيسألك عن قرآن بدل من أن ترفيعه تاج على رأسك يزين حياتك وحياة من حولكِ أرغــ..لا حول ولا قوة إلا بالله، إن أكثر الرجال الخطائين ينئون بأنفسهم رغم أخطائهم عما فعلتيه من ذنب، لا تبحثي بين حواشيه عن علة تلقين بالذنب كله عليها...خطأك واضح؛ أنتِ سكتِ عن الحق والساكت عن الحق شيطان أخرس..
_أنا..
حاولت الدفاع عن نفسها مقاطعة ليقاطعها هو:
_أنتِ ماذا؟! أنتِ تصنعتِ دور شاة ارتضت بأن يلف حول عنقها غلاً تساق به أينما أراد صاحبها حتى أصبحتِ أنتِ الشاة نفسها دون تصنع منك وأصبحت مساقة إلى طريق الهلاك بموافقة منك...
ومع كل كلمة تفوه بها خبا إشراق النور الذي كان قد توقد في وجهها وطفقت تدافع عن نفسها:
_أنا إمرأة واحدة وقفت أمام رجل حرمه الله من نعمة الإنجاب فور إتمامه لعقده الخامس دون سبب أو علة، كأنه عقاب..انا أم لرجل واحد اكتشفت فيه قسوة تسببت فيها قسوة والده معه وخوفه المرضي منه...أنا أم انكسر حائط أمانها بابتعاد بناتها عنها ونشر اخبار أخيهم بين الجميع...أنا لا حول لي ولا بأس مع رجل أراد امتداد لعائلته رغبة في قهر بناته وحرمانهن من ثروته...أنا..
ثم اختنق صوتها بالبكاء فادارت وجهها تتوكأ على ساقين هلاميتين، ليوقفها صوت انچي السائل في استنكار ونفور صارخةً بكل ما يجيش بصدرها وفؤادها من قهر وغل:
_من أي عالم من عوالم الشرق والغرب أتيتم بهذه العقول التي تصور لكم أن النساء سلعة رخيصة لها ثمن يدفع وبدل تالف يلقى به في وجوههن، ثم تبحثوا عن غيرهن؟! ألا تعلمي أنه من أعان ظالما على ظلمه جاء يوم القيامة و على جبهته مكتوب: آيس من رحمة اللّه؟!
_أنا يا ابنتي..
صرخت فيها غافلة عن المكان الذي تقف فيه:
_لست ابنتك، أنتِ… أنتِ معلمة أزهرية مؤتمنة على اكثر من فتاة كيف ترتضين بالزنا يحدث في بيتك...كيف ترتضين برجل ديوث يسيّر لكم حياتكم بتلك النجاسة..
_ بالضرب!
قالتها صارخة بها، وتابعت بصوت باح باكي:
_ بالضرب ارتضيت بالضرب، ارتضيت بضعف قلبي وهوانه، ارتضيت بقسوة زوجي وصلابة رأيه…
تدخل محامي الخصم راجياً في انكسار وتذلل:
_سيدي أطلب من سيادتكم تأجيل نظر القضية لحين..
قاطعه القاضي وهو ينظر إلى عينيه مباشرة من وراء زجاج نظارته:
_ لحين ماذا؟! هل ترى في القضية شيء مبهم أو منقوص يستدعي تأجيل النظر فيها؟!
توتر المحامي وقد غرق وجهه في عرقه الذي يقطر منه وهو يحرك عنقه كالبندول، ليتابع القاضي:
_القضية واضحة وضوح شعاع الشمس ساعة الشروق يا سيد، لا تحتاج إلى تأجيل…
ثم استطرد موجها حديثه إلى الشرطي آمراً:
_ستنتظرنا السيدة صفية بالحجز، ضعها به وائتني برشاد راجح!
استدارت انچي إلى حيث باب القاعة فاستحالت القاعة أمامها إلى قاعة أخرى لكن مشابهة لهذه وكان هو يجلس بآخرها ناظرا إليها في سرور..انتقلت بنظرها إلى نفس المكان هناك بآخر القاعة وعلى إحدى جانبيها لتصطدم به مرة أخرى وكأن الزمان زمانها ولم يتحرك قيد أنملة والمكان كما هو...هو كما هو بنفس نظرة الرغبة تلك والسرور الذي يطغى على قسمات وجهه جميعها!
رفع إسماعيل يمينه مُرحبا وعلى شفتيه ابتسامة تصاحبها غمزة من جانب عينه وقبلة ألقاها في الهواء، أجفلها مرآه واشمئزت من فعلته لتلتفت سريعاً إلى القاضي ويقع فيمن يقع عليهم نظرها على رمزي الذي كان هو الآخر غائبا بعقله في قاعته الخاصة، كأنه يحاسب نفسه ويجلدها على تقصيره تجاه أخته.
_سيد رشاد، أمامي عدة تقارير تختلف في الجهة الصادرة منها وتتفق في مضمونها ألا وهو عنف وسادية في العلاقة الحميمية...هل ما ذكر صحيح؟!
توتر المعني بالسؤال ولم يجد ما يجيبه به شعر بالجميع ينظر إليه منتظرين أن يتحدث هو ارتجف جسده وهو يتخيل ما سيحدث له إن تحدث…سيلتهمونه حتما، فأغلق عينيه وقد ارتعدت أوصاله بُعيد ارتعاد فرائصه كان كطفل صغير وضع وسط حشد كبير دون أمه، أعاد عليه القاضي سؤاله مرة أخرى فلم يجب وقد اطبق شفتيه حتى صارتا كخيط رفيع يكاد يرى ولكن أطرافه ظلت على حالتها.
تنحنح القاضي بعدما لاحظ الحالة النفسية السيئة التي وصل إليها المعني بالسؤال، فدوى صوته باسم راجح المرشدي ليتزلزل ما تبقى من تماسك لابنه رشاد الذي سقط مكانه من شدة خوفه.

حضر راجح ووقف بكل تفاخر وزهو كما لو كان صاحب حق لا آكله، كان القاضي يبصره بعين خبير فهو رجل يرى فيما فعل حق له وينظر إلى هذه المحاكمة بعين الانتقاص، وقفت انچي منتصبة على قامتها في غضب وهمت بسؤاله إلا أنها صمتت فور اشارة القاضي لها بذلك، ثم سأله:
_ما رأيك فيما أنسب إليك؟!
سخر منه سائلاً:
_ وماذا أنسب إلي؟! كلنا هنا يعلم أن الفرد بمفرده لا قيمة له وإنما بعزوته تزداد عزته،
وليس في الأرض إنسان لا أجداد له، فمن ثَم ليس فيما فعلت ذنب أو جريرة! أنا فقط تابع لرغبتي في التناسل.
_لا در درك يا راجحي!
هكذا صرخا انچي ورمزي في صوت واحد، ليصيح بهما القاضي محذراً:
_التزما الصمت وإلا...
بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟ ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟ كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟ ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟ موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟




هدى هدى هدى هدى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-20, 06:52 PM   #12

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

طبعا كنت متشوقة لنوفيلتك عبير
تأخرت عليك ما كنت معك من البداية
لكن قرأت الفصول الأربعة الأولى


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-20, 06:53 PM   #13

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

أولا اسمحيلي هنيكي على اسلوبك الخلاب و عباراتك الساحرة و كلماتك المنمقة
كل جملة بكل حوار عبرة و رسالة مضمنة بحديث الابطال
كنت مستمتعة بكل حرف بارك الله بك


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-20, 06:59 PM   #14

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

ثانيا قصة هامة جدا جدا جدا
بالفصل الاول تعرفنا على عيلة جويرية و عيلة انجي و العيلتين وجهان لعملة واحده اعتبار زواج الفتاة سلعة و مهرها ثمن و التخلص منها عبور من الفقر للغنى
آباء خافوا من الفقر و اتخلصوا من بناتهن خشية الاملاق
فكانت النتيجة وبال على الجميع


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-20, 07:03 PM   #15

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

الأخ اما أن يكون سند للاخت يحميها من غدر الزمان يقومها ان أخطأت يشد على يدها
او ان يكون نذل يرتضي التضحية بها لينال من الحياة ما ينال متناسيا أن عجلة الدهر ستدور و سيأتي وقت إيفاء الدين


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-20, 07:06 PM   #16

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

معتصم صورة من صور التخاذل
نموذج من نماذج الجشع و الطمع
نبذة عن غياب النخوة في مجتمعنا عند من اتصفوا جزافا بالرجولة


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-20, 07:09 PM   #17

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

انجي القشرة الصلبة و الباطن الهش المجروح
لكن بقشرتها استطاعت الصمود و إنقاذ من تواجه الظلم لتحد من تكرار ماساتها ووجعها


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-20, 07:12 PM   #18

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

جويرية للاسف لم تكن بقوة انجي استسلمت و تنازلت عن حقها بسبب تفكيرها المحدود الساذج ربما لصغر سنها استطاع والدها دس مفاهيم خاطئة برأس صغيرته عن الزواج و نسي أن يعلمها كيف تختار والد اطفالها لتكوين اسرة قوية بل هو نفسه يحتاج لمن يلقنه كيف يحمي بناته و كيف يواجه الظروف بشجاعة و ليس بنذالة

fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-20, 07:19 PM   #19

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

رمزي الومه جدا جدا جدا
لم لم يأخذ جويرية و يسكنها معه بشكل منفصل عن والدها و لو مؤقتا ريثما يجد حل
لم لم يجيب على اتصالاتها
صحيح حكم الله و قضائه نافذ لكنني الومه بشدة


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-20, 07:27 PM   #20

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 3 والزوار 2)
‏عبير نيسان, ‏fatima94, ‏سحاب الحربي


عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:47 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.