آخر 10 مشاركات
أغلى من الياقوت: الجزء الأول من سلسلة أحجار كريمة. (الكاتـب : سيلينان - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          39 - ابنة الريح -روايات أحلام قديمة (الكاتـب : فرح - )           »          [تحميل] الــخــوف مــن الــحــب للكاتبة : bent ommha (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          عذراء في ليلة زفافها (22) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-10-20, 07:28 PM   #21

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي


{الفصل السابع}
•°•♡♡♡•°•

_ما رأيك فيما أنسب إليك؟!
سخر منه سائلاً:
_ وماذا أنسب إلي؟! كلنا هنا يعلم أن الفرد بمفرده لا قيمة له وإنما بعزوته تزداد عزته،
وليس في الأرض إنسان لا أجداد له، فمن ثَم ليس فيما فعلت ذنب أو جريرة! أنا فقط تابع لرغبتي في التناسل وامتداد نسلي.
_لا در درك يا راجحي!
هكذا صرخا انچي ورمزي في صوت واحد، ليصيح بهما القاضي محذراً:
_التزما الصمت وإلا...
ثم استرسل حديثه موجها إياه إلى راجح:
_حسنا يا تابعي وماذا فعلت كي تشبع رغبتك تلك؟! تزوجت أم زوجت ابنك بمن تزوجتهن؟!
كف راجح عن الإجابة، ليستطرد القاضي متابعاً وهو يقر بصوت يغلب بنبرته الغضب والنفور:
_تزوجت بقاصر ودون علمها تلكما جريمتان، تركت ابنك يطئها بعلمك فهي جريمة أكبر، قتلت الفتاة بيد ابنك وبذلت كل جهدك كي تخفي آثار ما نقشته يد ابنك فهذه أكبر وأكبر، ناهيك عمن سبقنها من جرائم...ترى بأي جريمة تريد أن تحاكم أولاً؟!
ضم كفيه معا أمامه وشمخ برأسه عالياً يجيبه في تأكيد:
_أنا رجل يقوى على كل شيء حتى نفسه ولكنه يضعف عن شيء واحد فقط هو أن أكون مجبراً على أمر لا أستطيع الخروج منه، لم أعتد أن أكون مجبراً ولذا قمت بما رأيته الأفضل.
انفرج فم القاضي في ابتسامة جانبية ساخرة وهو يفكر: لولا أنه يرى أمامه ذو عقل راجح ونفس سليمة لأودعه مشفى الأمراض العقلية فوراً دون محاكمة، لكنه أمام رجل حلل الحرام ويسره من أجل رغبته وهذه جريمة عليه النظر فيها جيداً من جميع الإتجاهات ليرى ماذا دفع رجل مثله للقيام بما قام به، تنحنح قبل أن يجيبه بنبرة ثابتة وعينين لا تحيدان عن وجهه:
_لكِ علي عهد ألا أدفعك إلى أمر لا تبتغيه أو أن تكون مجبر فيه...سيدة انچي المدعى عليه بين يديك هل لديك ما ترغبين بسؤاله إياه؟!
أغمضت عينيها هنيهة واستغرقت هي الأخرى في أفكارها قليلاً ترتبها: فهي عليها أن تنجح، ليس ثمة مجال للهرب الآن.
ثم مزق صوتها السكون الذي خرج كطلقة نارية أصابت آذان الحاضرين موجهة حديثها إلى المدعى عليه:
_سيد راجح في السادس من شهر آذار بالعام(…) كنت تُدرس بالمدرسة الإعدادية بنات(..) كمدرس للغة العربية ولوحظ عليك نشاط غير سوي مع بعض الفتيات واللائي صمتن خوفاً ورهباً ولم يثبت عليك الإثم، وفي…
قاطعها كي ينزح بالحديث بعيداً عما تريد التطرق إليه:
_أنا لم أتزوج امرأة ممن تزوجتهن إجبارًا ولا ترهيباً! وأنتِ تماطلين فقط كي تؤكدي عليّ ما ليس فيّ.
تبسمت انچي في وجهه بابتسامة واهية وحدثته وهي تعقب على ما قال:
_لله در كلماتك يا سيد راجح _ثم التفتت إلى القاضي معللة_ سيدي أنا أتحدث في صلب الأحداث وليس بما أقول أي نوع من أنواع المماطلة.
أشار إليها معقباً:
_معكِ كل الوقت يا أستاذة حتى نرى وجهة نظر السيد راجح فيما فعل.
تابعت هي ما اقتطعه من حديثها:
_وفي السادس عشر من نفس الشهر السابق ذكره قدمت الطالبة حنين القاضي طلب نقل من المدرسة وحينما تم إخطار ولي الأمر حضر مستفسراً وعندها انهارت الطالبة الآنف ذكرها وأقرت بما بدر منك من محاولة التحرش بها وكانت هي من صدق ما واجهت به ادعاءاتك أن ذكرت فيك صفات جسدية وعلامات ثبت وجودها بالفعل، وفي السابع عشر تقدمت الطالبة سلمى وتلتها بقية الطالبات بشكوى جاء فحواها كسابقتها...وتم فصلك من التدريس بسجل غير مشرف وقدوة سيئة في الأول من نيسان.
بدأ جبينه يندي بالعرق، بينما اغلقت انچي الملف أمامها وقدمته إلى القاضي متابعة:
_ وهنا سيدي مرفق بالملف صورة ضوئية تثبت بالأدلة القاطعة صحة ما سبق ذكره، ثم في الرابع من حزيران توجه السيد راجح إلى طبيب تناسلية وبعد توقيع الكشف الطبي هنا وفي الخارج ثبت عجز السيد راجح على الإنجاب دون علة واضحة وهو مازال في بداية عقده الخامس فقط، وهنا مرفق شهادة الطبيب المصري وأخرى باللغة الإنجليزية للطبيب البريطاني..مما يثبت حديث السيدة صفية المختار زوجته، أنه رأى في ابنه أداة لتحقيق رغبته في أن يمتد نسله.
ازدرد السيد راجح ريقه في صعوبة بالغة وقد شعر بالهواء ينحسر رويدًا عن رئتيه وهي تتابع:
_ومما سبق ذكره وتقديمه أمام سيادتكم من كافة الأدلة وبشهادة شهود الإثبات التي ثبتت في محضر الجلسة يثبت اتهام السيد راجح والسيد رشاد راجح بجريمتي القتل والزنا وعلى رأسهما جريمة اختلاط الأنساب واتهام السيدة صفية بالتستر عليهما والسيد يونس السعيد بالمتاجرة بابنته، السيد راجح لجأ لإبنه كي يمد في نسله وعندما شاع في البلد سادية الإبن في التعامل مع زوجاته لجأ هو إلى حيلة الزواج من فتيات صغيرة كي يستطيع السيطرة عليهن وإخفاء مرض ابنه..
التفت إليها راجح مقاطعاً بعدما استطاع أن يجد لنفسه ولصوته متنفساً، وهو يسألها في فرصة أخيرة للنجاة بنفسه من بين براثن السجن:
_وبماذا تسمين تبرع الأب لزوجة ابنه إذا ثبت عقمه بسائله المنوي رغبة في استمرار نسله؟!
وقفت أمامه تنظر إليه باشمئزاز وهي تجيبه بكل ثقة:
_أسميه زنا ولكنه ليس كالزنا بأجنبية فهو أكبر وأفظع واختلاط أنساب لأنه يدعى بزنا المحارم، لكنه اتهام لا يتفق وطباع المجتمع الذي ظهر فيه، نحن هنا مجتمع شرقي في المقام الثاني مسلم في المقام الأول...وقد ذكر ذلك في سورة النساء،
حينما قال الله تعالى في نكاح زوجة الأب:

( وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً)

فالزنا بامرأة الأب أو بذات محرم أشد جرماً وقبحاً من الزنا بغير ذات المحرم، وقد اختلف أهل العلم في من وطأ امرأة أبيه هل يقتل أو يحد حد الزاني؟
فقال بعضهم يقتل بكل حال، وهذا قول الإمام أحمد، ورجحه ابن القيم رحمه الله.
وعن ابن عباس مرفوعاً: من وقع على ذات محرم فاقتلوه.
صاح يونس صارخاً بصوت جلجل أرجاء القاعة بعيد انتهاء راجح من دفاعه و بعدما سمع بالجريمة التي ألصقت بطرفه:
_أي متاجرة تلك أنا زوجتها وما دفعه زوجها هو مهرها وصداقها فقط..
ثم التفت إليها وهو يتمتم بما جعل غضبها يثور:
_ألم يقم والدك منذ زمن بما قمت به أنا؟!
شعرت وكأن الأرض قد مادت بها وبأن أكتافها تحمل من الهموم ما يفوق حمل الجبال فهدرت فيه بصوت غاضب تزيح ما على كتفيها من حمل:
_نعم ولكم أتمنى لو استطعت القصاص منه بفعلته، انت زوجتها دون علمها والبكر تسأل لأنه لابد من رضاها، وليس لأبيها أن يزوجها بغير رضاها؛ لقول النبي ﷺ: والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صمتها، ولقوله ﷺ: لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: أن تسكت فلا بد من إذنهما جميعاً.
سأله القاضي مباشرة وهو ينظر إليه نظرة ثاقبة قلقلت ما بداخله من ثبات:
_سيد يونس، هل سألت ابنتك في أمر زواجها؟!
لم يجيبه يونس، وقد تصبب جبينه عرقاً وجحظت عينيه وهو يديرهما فيما حوله، ليتابع القاضي:
_هل وكلتك ابنتك بأمر زواجها؟!
لم يجيبه مرة أخرى، ليصيح فيه القاضي:
_سألتك وعليك أن تجيبني وإلا اتهمتك بجريمة أخرى فوق جريمتك!
أشار له يونس بالموافقة وهو يطأطأ رأسه خجلاً، فسأله القاضي مرة أخرى لتكون إجابته بالنفي في السؤالين، ثم أعلن بعدها القاضي صائحاً:
_ تؤجل القضية ليوم التاسع من الشهر الجاري للنطق بالحكم.
وما هي إلا أيام قلائل ونطق قاضي الأرض بما شرعه قاضي السماء وتم اتهام كل منهم بما اقترف من جريرة...وأغلقت القضية!
♕♕♕•°•♕♕♕
_يمر اليقين بالقلب فيصير كأنه زُبر الحديد أو كقطعة من صوانة لا يتزحزح عن يقينه، أما إذا خرج منه فإنه يصير كخرقة بالية… إذن فوتين القلب في يقينه.
نقشت بيدها تلك الكلمات في صفحة جديدة بمفكرة أخرى ستكون بداية حياتها الجديدة، لن يوجد للألم ولا للخوف مكان فيها.
وضعت مفكرتها بحقيبة الأوراق الخاصة بها وهمت بقيادتها إلا أنها توقفت فجأة وقد توقفت سيارة أخرى أمامها.
كان إسماعيل من أوقف سيارته أمامها وترجل منها، ثم رفع يده الى شعره يتخلله باصابعه وهو يغمز إليها بطرف عينيه في إيحاء منفر منه.
كانت تعلم أن مواجهته آتية لا محالة، فهي ومنذ التقت به ورأت تلك النظرة التي يلقي بها إليها وهي فطنت أنه يجاهد كي يخترق حصنها، عندما كُشف أمر ماضيها في المحكمة علمت أنه من فعل ذلك..خاصة وهي ترى السعادة تزين وجهه حينما كان يرميها أحد بذكرى قديمة ولكم شعرت بالسعادة وهي تستطيع المواجهة بقوة ليس فيها ألم ولا خوف.
ترجلت هي الأخرى من سيارتها وقد تسمرت مكانها وهي تهز رأسها غير مصدقة ما تراه أمامها فهو لا ييأس أبداً، بينما هو قد تقدم منها خطوة وهو يقول:
_ مرحباً، يا مهرتي!
ازدردت ريقها في صعوبة، بينما هو وقف يتأملها بإشتهاء مفكراً لطالما كان يريدها ولم يكن هو وحده من أراد ذلك بل كثير من الشباب والرجال، لطالما أراد تقبيل تلك العينين والتمتع بعسلهما الصافي الرقراق، لطالما أراد الهمس بكلمات التغزل والتحبب في أذنيها الصغيرتين، ليته استطاع قطف قبلة من شفتيها الحمراوين.
بينما كان يتأملها كانت هي أيضا تستعيد ما مضى من ذكرى سوداء لها معه حتى كادت تذهب بيقينها وتقطع وتين قلبها، ما لبثت أن
رن في أذنها صدى الكلمات التي خطتها بقلمها منذ قليل، فشمخت بأنفها ونظرت إليه بعيني صقر وهي تسأله في ثبات وقوة:
_ ماذا تريد؟!
لم تصرخ ولم تضطرب وإنما نظرت إليه في هدوء وثبات تسأله منتظرة منه إجابه وكأنه لم يكن ذاك الشاب الذي يذيع في داخلها الاضطراب والذعر، دوى بصوته الجهوري راغباً في استعادة تأثير مضى:
_أنتِ يا مهرتي، لطالما أردتك وأريدك الآن أكثر مما مضى...صرتي قوية يا مهرة وقد زادت قوتك من جمالك ورغبتي بك.
كان يتحدث وهو يشير بيده وعينيه وفمه بإيحاءات منفرة، نظرت إليه في ثبات متعمدة النظر إلى عمق عينيه وأجابته بتأكيد:
_انچي القديمة دُفنت مع ما مضى، وانچي الواقفة أمامك الآن تستطيع دفنك حياً..فلا تدفعني إلى فعلها.
رنت ضحكته عالياً ومن ثم سار تجاهها ما تبقى من خطوات، كانت هي قد مدت يدها تفتح باب السيارة فمد هو يده يمسكها بسرعة وقوة دفعتها إلى رفع قدمها وضربه بقوة بساقه، فترك يدها يمسك قدمه ليدلك مكان الألم فما كان منها إلا أن ضربته على رأسه ودخلت سيارتها صارخة:
_لا تنسى ما أخبرتك به؛ كي لا ينالك أكبر مما نلت!
وقادت سيارتها وعلى وجهها ابتسامة رضا كبيرة رغم ما بداخلها من هياج وثورة وصوت دقات قلبها المتلاحقة يطن في أذنيها، رنت بنظرة خاطفة إلى مرآة السيارة الجانبية فوجدته يدلك ساقه وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة ولكن وجهه كان غاضباً.
•°•°•°•°•°•°•°•
كانت وليفة كعادتها تجلس في شرفتها تنعم بما تهبها شمس الشتاء من دفء ونسمات خفيفة، فاليوم من روعته كان وكأنه الربيع قد أخذ بزمامه وألبس الأرض من الدفئ ثيابه والهواء كأنه الكافور..أخذت نفس عميق تملأ رئتيها بنسمات الشتاء الربيعية وهي تنظر للسماء التي كانت كبلورة صافية...
وأمامها موقدها الصغير العزيز على قلبها وفنجاني القهوة وعلى جانبها كانت وداد تنظر إليها بود وابتسام، لتسألها وليفة:
_هل رأيتِ في وجهي ما لم أراه؟!
تحولت ابتسامتها إلى ضحكة رنانة وهي تجيب:
_الكثير والكثير، فقط أريد أن أعلم سبب ما فعلتيه مع انچي هي غريبة عنك وانت كنت لها بمثابة الأم الرؤوم؟!
تعلق نظر وليفة في الخواء للحظات ثم تنهدت تنهيدة ملؤها الشوق وبعينيها نظرة كانت مزيج من الحزن والشوق، قبل أن تجيبها:
_ لأنها تذكرني بابنتي، كانت في مثل عمرها وتوفاها الله في حادث سير وهي في طريقها إلى مكة بعد نجاحها بالثانوية العامة، ثم بعد وفاتها بثلاثة شهور تم تكليفي بالقضية وحينما قابلتها وسمعت منها علمت أنها بريئة شعرت فيها كابنتي التي توفاها الله...ثم خرجت من السجن وأرادت أن تستكمل دراستها واختارت هي من تلقاء نفسها نفس المجال الذي اختارته ابنتي وهنا اشتدت الأواصر فيما بيننا حتى صارت أقرب من علاقة أم وابنتها.
تمتمت وداد في حزن وندم على فضولها:
_ يا الله! أنا أعتذر فـ…
_ما من داع للاعتذار، هي ألطاف وأقدار من الله وضعت كي تكتمل الحياة وأنا راضية بما نلته من قدر...أخبريني هل انچي تعلم بسفرك اليوم؟!
أشارت لها بالموافقة وهي تتعجب من قوتها على الإحتمال فهي ورغم ما تشعر به من ألم استطاعت التغاضي عما تشعر به:
_نعم، وقد وافقت مشكورة على ضم قصتها وقصة چويرية إلى كتابي...لكن يبقى مسألة واحدة ما زالت معلقة!
_ما هي؟!
هكذا سألتها وليفة وهي تقدم إليها فنجان قهوتها وبداخلها تعلم ما تفكر فيه.
_رمزي!
أيدت وليفة حديثها بهزة من رأسها وهي تحوقل همساً، ثم عقبت:
_ ستخسر الكثير إذا لم تحاول!
كانت انچي قد أوقفت سيارتها بالأسفل وقد أصدرت دواليب سيارتها صوت عالي، وأغلقت بابها في سرعة تعجبت لها وليفة!
كانت ترجلت منها بسرعة جنونية وكأن وحوش الأرض تلحق بها، وحينما لحقت بهما في الشرفة كانت عيناها تلمعان، أوداجها منتفخة وصدرها يعلو ويهبط بسرعة كبيرة، كانت السيدة وليفة قد وجف قلبها رعبًا وأخذت تتمتم باسم الله تتبعه الحوقلة، تطالبها بأخذ نفس طويل وزفره على مهل وحين استعادت بعض هدوئها سألتها وليفة عما بها؟!
لتجيبها في سعادة وانشراح:
_إسماعيل! قابلته أمام منزلي وأنا في طريقي إلى هنا.
سألتها وداد مستفسرة:
_إسماعيل ذاك ابن طليقك، أليس كذلك؟!
_ بلى، وقد أراد على حد قوله ما أراده منذ زمن..وانا ضربته في ساقه وعلى رأسه بعدما حذرته من الإقتراب مني.
كانت وليفة تكاد تضربها على ما أصابتها به من هلع، لكنها تمالكت نفسها وسألتها وهي ترى السعادة تغمر وجهها غمراً وعينيها تكادا تبرقان برقاً:
_ وماذا يسعدك فيما فعلت يا جاذبة المشاكل؟!
تبادلن النظرات في صمت للحظات قبل أن تجيبها انچي ببعض الندم يخالطه العجب:
_ألم تسعدي؟! انا استطعت مواجهته بل وضربه أيضا!
تدخلت وداد مفسرة حديثها وقد استقرأت وجهها وما يتتابع عليه من ظنون:
_السيدة وليفة تعني أنه سيعيد الأمر مرة أخرى ولن يسكت عن غايته.
أيدت وليفة حديثها واتبعته قائلة:
_هو كطير جارح يشتهي فريسته ومن ضمن ما يشتهيه فيها هو تمنعها فما بالك بالمواجهة ستزيده رغبة فيك ولن يصمت ولا يغض الطرف عنك إلا…
رنين جرس الباب قطع عليها استرسالها في الحديث، وقد كان رمزي هو الذي حضر بناءا على طلب وداد وفوجئ بوجود انچي التي فوجئت هي الأخرى وسألته عن سبب الزيارة، لتجيبها وداد باسمة الوجه:
_أنا من طلبت منه المجيء، سيوصلني إلى المطار اليوم ولكن قبلها كنت أريد أن أتسوق من الغورية وخان الخليلي والموسكي..أريد أن أكون بداخل القاهرة القديمة أشعر بها وبرائحتها.
_لماذا؟!
كلمة ألقتها انچي بكل غضب، وقفت تنتظر إجابتها وهي تفكر أن كلمة واحدة حملت بداخل حروفها كل معاني الألم، الغيرة، الغضب والــ...حب، نعم هي تشعر بالحب وللمرة الأولى..جحظت عينيها وهي تصل إلى هذه الحقيقة التي كانت تخشاها!
سمعت صوت وداد تجيبها بكل حبور:
_ لقد أخبرتني السيدة وليفة أن القاهرة كعجوز متفتحة تحمل بين جنباتها عبق الماضي ودفء الحاضر وإشراق المستقبل، حدثتني كثيراً عنها وعن معالمها القديمة والحديثة حتى ثار فضولي تجاه هذه المدينة وكما يقال لا يستقام رأي إلا برأي العين، وأنا أردت رؤيتها ورمزي عرض عليّ مشكوراً أن يكون مرشدي.
هكذا أجابتها بدلاً عنه وتابعت بصوت أكثر رقة:
_ هل نذهب الآن؟!
فهم ما تعنيه من وراء كلماتها والطريقة التي تحدثت بها وقال يجيبها دون أن ينظر إلى انچي:
_ ليت…منذ ساعات!
ذهبا معًا وهي ما تزال واقفة تنظر في إثرهما فاغرة فاها غير قادرة على إستيعاب ما حدث، حتى صاحت بها السيدة وليفة محذرة:
_أغلقي فمك هذا الذي فُتح كنفق، واجلسي وأخبريني ماذا فعلتِ!
التفتت إليها والذهول يطغي على قسمات وجهها ونبرة صوتها وهي تقول:
_أليس هو من وارى أخته الثرى منذ بضعة أيام، كيـ...كيف..
أخفت ابتسامتها بشق الأنفس وجاهدت كي تظهر وجهها بمظهر جدي وهي تقول:
_هو رجل يجاهد في التكيف مع قدره كي يخطو إلى الأمام، ليس مثلنا نندب حظ وقدر كتبه الله لنا ونقف مكاننا بحجة عدم الاستطاعة، رغم أن دولاب الحياة لا يتوقف أبداً.
جلست انچي بجوارها تكاد تميز من الغضب تجيبها في عصبية وتوتر وهي تفرك مؤخرة عنقها تحاول منع يدها من الوصول إلى شعرها كي لا تسده بقوة:
_وإن يكن، ما باله والصحافية؟! ثم...ثم هي تناديه باسمه مجرداً!
أشارت وليفة تجاه باب الخروج تسألها:
_ما بالك أنت وباسمه أو بما يفعله؟! هي ضيفة هنا وأرادت الخروج فمن سيكون مرشدها في هذه البلد؟!
كانت انچي تهز ساقها في عصبية بالغة ورفعت ذقنها إلى أعلى معترضة وكأنها بحديث أمها لم تقبل، فاحتضنتها وليفة متمتمة:
_هل آن أوان هذا القلب المغلق أن يفتح أبوابه؟!
صدمها ما سمعته منها وانتزعت نفسها من بين أحضانها تنظر إليها سائلة في استنكار ثم ما لبثت أن التهمت الكلمات قبل أن تلفظ بها وارتمت بين أحضانها باكية.
♥♥♥•°•♥♥♥
في غضون ساعات قليلة كانت وداد قد ودعت انچي أمام بوابة المطار على وعد من الأخيرة باستمرار التواصل فيما بينهما وذكر أية أحداث جديدة تخص ماضيها إن وجدت.
كانت وداد تعلم في قرارة نفسها أن الحكاية لم تصل إلى نهايتها وينقصها الكثير من التتمة، بينما انچي كانت تشعر أنها أغلقت كتاب الماضي كله والقادم هو للحاضر والمستقبل فقط.
تذكرت وهي تستقر بمقعدها في الطائرة ما دار بينها وبين رمزي من حديث، اتخذت فيه وللمرة الأولى صفة الأخت:
_أنا أخشى عليها حقا من نفسها، فما بنته طوال السبع سنوات محتمل أن تهدمه بيدها إذا شعرت بالخطر يهدد حياتها المستقرة!
هكذا هي أخبرت رمزي وهو أجابها مطمئنا إياها:
_ليس أكثر مما أخشى أنا، أعلم ما مر بها من حوادث تترفع أعتى الجبال على حمله ولكنها استطاعت عليه، بل وشيدت من كل حجر عثرة بناء كالطود في قوته..ستكون بخير لا تقلقي وأنا لن أطالبها بما لا تريد.
نظرت من خلال النافذة نظرة شاملة على القاهرة التي أبهرتها بجمالها:
_اتمنى يا قاهرة أن تكون ابنتك كما انت قاهرة الألم والأعداء قاهرة الزمان والمكان، هِبيها العزة يا ابنة المعز ولا تخضعيها لأحد كما انت.. أنا كان!

بينما انچي في طريق عودتها أوقفتها سيارة إسماعيل للمرة الثانية في نفس اليوم وكان قد ترجل منها وجهته هي، وأثناء قطعه للمسافة فيما بينهما كانت هي تبحث عن هاتفها كي تطلب النجدة، بعدما رن في أذنها تحذير السيدة وليفة لها.
أشار لها أن تفتح زجاج النافذة محذراً، في حين تقبضت يدها وهي تفكر ألا تهرب منه فأسلم حل لها هو المواجهة، فتحتها سائلة إياه عن سبب توقيفه لها ليتكئ هو بمرفقه على نافذة السيارة متمتماً في زهو:
_بيننا حديث لم ينته، انزلي!
حملت حقيبة يدها وطاوعته فيما أمرها به، دقات قلبها تزداد وتيرتها حتى صارت كطنين عالي في أذنيها ويدها على سحاب حقيبتها تسحبه في بطء تمد نفيها ببعض القوة، وهو خلفها يتحدث بطريقتها المعهودة ولكنها كانت غائبة عن حديثه هذه المرة إذ كانت تفكر في الطريقة التي تخرج بها رذاذ الفلفل من الحقيبة، يجب أن يعلم أنها ليست لقمة سائغة وأنه لم يعد يخيفها كما الماضي:
_أنا أريد الزواج منك، وقبل أن تبدئي في مرافعتك عن الحلال والحرام أعلم أن أبي لم يدخل بك وأنكِ لن تعاودي فعلتك مع ذاك العامل عندما أشبعـ...
وفور اندماجه في حديثه إثر اطمئنانه إلى صمتها، قامت هي بخطوتها واستخرجت الرذاذ الحارق ونثرته بقدر استطاعتها على عينه وعندما اطمئن جانبها إلى عدم قدرته على الحركة استخرجت الصاعق وقامت بصعقة عدة مرات متتالية قبل أن تتركه شبه جثة على الأرض.
♕♕♕•°•♕♕♕
هي عادت إلى منزلها في حالة من التخبط ما بين خوف وذعر، وبين فرح وسرور، جسدها ينتفض بقوة لا تعلم سببها ان كان الخوف ولا الفرح جل ما يهمها الآن أنها استطاعت مواجهته
أما هو فقد عاد إلى منزله بكل ما تبقى من قوته ورغم ذلك عاد غير قادر على رؤية يده حتى.
توقفت أمامه زوجته مذعورة وسألته في ذهول يخالطه خوف:
_ماذا حدث لك؟! هل قطع أحدهم عليك الطريق؟ أخبرني..إسماعيل أرجوك..
صرخ فيها أن تصمت وأتبع بعبارات كثيرة من السباب وكأنها بصوتها الذي ذكره بأنه عالق معها لا مع من أحب ومال إليها قلبه وهوى:
_اخرسي يا وجه البوم! يا ابنة الديوث وأخت الدنس...لا تسمعيني صوتك!
هكذا كان ينعتها وهي على حالها من القلق عليه وكررت عليه مرة أخرى غير عابئة بما يسمعها من سباب:
_أخبرني بالله عليك ماذا حدث لك؟ عينيك..
_ وما شأنك بحالي؟! أنا لست بوالدك ولا اخيك فتذيعي أخباري بين الجيران..
هكذا ألقى في وجهها من سود الكلمات وأغبرها ليتبع بعد أن فكر قليلاً هو يريدها أن تتركه لحاله وقد سيطر عليه مارد عشق قديم يريد منه أن يكون حر في تحقيق ما يريد:
_ومن ماذا الخوف؟! فلا مكايلة بيننا والهم واحد..أنا أهيم بزوجة أبي منذ وطئت بقدمها منزلنا وهي ترفضني وكانت هذه عطية من عطاياها.
صكت وجهها ثم اتبعته نادبة ولم يعلق في عقلها سوى كلمة أهيم:
_ويلي، ويلي، ويلي...ويلك يا عايدة مما يخبئه زمانك،ويلك يا عايدة مما يخبئه لك زمانك..من هي؟!
سألها في برود وإعراض عما تفعله وتقوله:
_وما شأنك بها يا نمامة؟!
جحظت عينيها غضباً، وانتفخت أوداجها سخطا وهي تقول صارخة:
_ شأن الجوارح مع فريستها، سأمزقها إرباً حد ألا يتعرف عليها أحد.
وقف أمامها ناظره في ناظرها وسبابته مقابل وجهها يحذرها:
_لا شأن لكِ بها، شأنك فقط هو أموال أبيك وأخيك، أما أنا فلا شأن لك معي والآن هيا إذهبي وائتني بمهدئ ما؟
سألته وهي تضع قطعة قماش بداخلها مكعب من الثلج على وجهه:
_أين قابلتها؟! ومتى؟!
ابتسم وهو يشرد في تلك الذكرى القريبة ثم قال وهو يتلذذ بتذكر وجهها بملامحه المحببة إلى قلبه فهي أول من طرقت على بابه وتملكت من حجرات قلبه البائسة:
_على باب منزلكم أول مرة وبداخل المحكمة ثاني مرة فهي محامية زوجة أبيك؟
نظرت إليه مستعطفة وقد تذكرتها وهي تصول في قاعة المحكمة وصوتها ما زال يتردد صداه في أذنيها وانتبهت إلى أنه قال زوجة أبي:
_ألم تقل هي ولا تنكحوا زوجات آبائكم؟! فكيف تنظر إليها وأنت تعلم أنه محرم؟!
وضع جانبي فكيها بين إبهامه وسبابته ضاغطا عليه وهو يقول:
_إن أبغض الناس إلى اللّه من يقتدي بسنة إمام و لا يقتدي بأعماله هكذا كان يقول إمام الجامع يا زوجتي المصون، فلا تذكريني بحديث أنت أبعد من تكون عن تحقيقه...أنا رأيتها منذ زمن ووقعت في غرامها ولن أهدأ إلا وهي بين ذراعي أتنعم بما منعته عني منذ زمن..أبي لم يدخل بها!
صرخت هي غاضبة وأردفت:
_أنا أحبك..لا بل أهيم بعشقك..سأسيطر على كل مال أبي وسيكون ملك يمينك فقط…
قاطعها حازماً:
_فقط ليكن لكل منا هدفه أنتِ في طريقك وأنا في طريقي.
احتضنت ساقه وقد استندت برأسها على ركبته راجية:
_سأتيك بالدنيا تحت قدميك فقط..لا تتركني فأنا أعشقك.
مال عليها وهو ينظر إليهافي ثبات دون أن يرف له جفن:
_هي دنيتي فأتني بها إن استطعتِ.
•°•°•°•°
بعدما عادت انچي إلى منزلها وفور استعادتها إلى بعض من هدوئها أخذت دفتر مذكراتها القديم تقلبه بين يديها وهي تنظر إليه في شرود، تتساءل في غضب:
_لماذا ظننت أن الألم ينتهي بكتابته؟ لا ينتهي الألم إلا بمواجهته...نعم، بالمواجهة منذ متى هذا الضعف يا ابنة الأيام القاسية والداهمة، لا تخشي شيئاً منذ اليوم.
قامت إلى المجمرة وأشعلتها واضعة فيها الدفتر القديم، ثم وقفت تنظر إليه وهو يحترق حتى صار بما يحويه من ذكرى عقد كامل من زمانها كالهباء المنثور.
لم تكد تصدق نفسها وهي من كانت تشعر بكل الضعف والهوان بين يدي إسماعيل، فها هي اليوم استطاعت الوقوف أمامه مرتين، الأولى في الصباح والثانية منذ قليل، إذن فهي تستطيع!
_ما زال أمامك الكثير يا انچي الكثير والكثير...هناك العائلة و..ورمزي!
رفعت يمينها إلى صدرها كي تهدأ من تلك الخفقات التي زادت بذكر اسمه.
رنين جرس الباب زاد من اضطراب قلبها فذهبت مسرعة إليه تظنه هو..رمزي، لكنها صدمت برؤية إقبال زوجة أخيها تقف والقلق يتآكلها والرعب يسكن مآقيها يزاحمه الألم فيها،تبدد القلق فور رؤيتها لوجه انچي وتمتمت بالحمد والثناء لأنها وفقت في رؤيتها، بينما انچي تطالعها بذهول كانت إقبال تطالعها برجاء فسمحت لها انچي دون كلام أن تدخل وفور دخولها تحدثت بسرعة:
_أعلم أنه ليس من حقي الحضور إليك ولا طلب الغفران منك على ما حدث قديما فقد كنا من الانانية حد الالقاء بك في الهاوية دون أن يرف لنا جفن، لكنها ابنتي...ابنتي يا انچي وقعت في طريق الخطأ رغم محاولاتنا المستميته للحفاظ عليها...تزوجت من أحدهم سرا ثم أخذها إلى منزل مشبوه ولم يكن سوى قواد يتزوج الفتيات الصغيرات ثم يأخذهن الى ذاك المنزل وقد داهمتهم الشرطة وابنتي قيد التوقيف الآن..انا اتيتك ورميت بحملي امامك مرة ثانية لانني اعلم انه لن يخرجنا منها سواك..انت فقط من ستنتصرين لشرف أخيك المهدور..
ألقت ما ألقت وخرجت مسرعة لم تسألها الموافقة ولا الرفض وكأنها كانت تعلم انها كانت تفكر فيهم منذ قليل وأنها عقدت نيتها على إنقاذ ابنتهما

رفعت هاتفها على مضض وضغطت على ذاك الرقم الذي اتصل بها منذ عدة أيام وهي تفكر أن الكثير كي يتحقق لابد له من بداية، وها قد أتت لها البدايه بنفسها، أتاها صوت أخيها الحزين وهو يتحدث في لهفة وعدم تصديق:
_انچـ...استاذة انچي، انا لا أصدق...ابنتي تحترق بنيران الظلم وليس من بين الجميع سواك من يستطيع مساعدتها.
ضغطت على نفسها ضغطاً قوياً وحدثته بنبرة غاصة بالألم:
_أرسل كل ما يمت القضية بصلة وليكن تواصلنا عبر الهاتف فقط، وأنا سأساعدها.
تمتم على استحياء وخجل:
_ أمك توفاها الله وأباك في المشفى منذ زمن لم نجد له دواء ولم نعرف له داء.
هطلت دموعها ساخنة وغص حلقها حتى كادت تختنق، تهس في نفسها، ليتني لم أتحدث! حتى استطاعت أن تجد لصوتها السبيل وقالت:
_ رحمها الله وغفر لها ذنبها، أنا سوف أرسل لك عنوان مشفى تضع والدك فيه وهم سيقومون باللازم معه ولا تخشى شيء سأتكفل بكامل المصاريف.
تعجب هو من فعلتها فهم لم يقوموا إلا بالسيء معها وهي...حدثها بما يجيش في خاطره، فقاطعته ناهية:
_لا تتحدث فيما مضى وانظر إلى القادم فقط، أنا سأكون على تواصل معكم، لكن دون دون…
تمتم هو هذه المرة:
_اعلم، أعلم… لكن...حسنا، كما يحلو لك.
أنهت معه الحديث وبداخلها تتساءل عن ماهية ما فعلت أمن الصواب أم الخطأ؟!
هي صارعت نفسها كي لا تستسلم إلى شيطانها، وها هي فعلت كما سمعت من إحدى موكلاتها التي جاءتها تشتكي ظلم وجور ابنها وزوجته وسألتها عما سمعته عن الإمام الشافعي حين قالت:
_سمعت أنه ‏قيل للإمام الشافعي : أيتخاصم الرجل مع أبويه ؟ قال : ولا مع نعليهما!
أليس صحيح؟!
حينها تذكرت أنهم عائلتها وإن رفضوها يوما فلن ترفضهم اليوم!
وها هي فعلت ما يقتضيه إيمانها وعلاقتها مع الله، ليتها بالمواجهة تستطيع النسيان!
•°•°•°•°•°•°•°•°•
لم تستطع انچي تمالك نفسها فهاتفت السيدة وليفة تسألها بالحديث السكينة وقد فتحت لها السيدة قلبها قبل آذانها، وانتظرتها حتى انتهت لتقول:
_عزيزتي في حياتنا لا نستطيع السير دون سند لنا، وأنتِ وإن تركك سندك فهو يطلب الود من جديد وانتِ لأنك من داخلك ملاك، لؤلؤة بيضاء كاسمك فتحتِ قلبك قبل ذراعك...لا تبتئسي يا فتاة واسعدي!
كانت انچي تستمع إليها بكل جوارحها وعندما انتهت من حديثها عقبت خلال لحظات بصوت بحت نبرته:
_أمي، أخشى فيما أخشى الضعف والهوان!
تبسمت وليفة وقد لاح أثر ابتسامتها في صوتها وهي توبخها:
_التسامح قوة يا بلهاء، من أخبرك أنه من الضعف او الذل...أم أنك تخشين الضعف مع أحدهم بعينه؟!
سرى الارتياح بفؤادها وللغرابة حينما مست وليفة شغاف قلبها واطلعت على من وما بداخل، لتتابع وليفة بعدما سمعت تنهيدة الإرتياح التي صدرت منها:
_وإن كان من أقصد حتى، فأنا أعلم أنه لا يُطلب أثرًا بعد عين؛ وهذا لو تعلمين مثل يضرب فيمن يبحث عن أثر شيء كان بين يديه وفوته...لا تفوتيه يا غالية هو أيضا واسمحي للإنسانة التي في داخلك بأن تحيا، فهي لم تقترف ذنب!
حمحمت في ألم لتتبعها تنهيدة أمل سائلة:
_أمي، أيعقل أن أنسى تلكم الأحداث بمرها وظلمها وأنا بين يديه، عشر سنوات عجاف من الألم والخوف والقهر؟!
تنهدت من حديثها وليفة في يأس وعنفتها بمودة الأم:
_آه منك يا بلهاء! خسئت سنواتك تلكم العجاف، أتبعيها أنتِ بسنوات خضر سمان ففي هذه الحياة الصلبة التي يتخبط على صخرها الصوانيّ أمواج أمانينا وأحلامنا نحتاج للعزم والمثابرة كي نخرج أحياء من أسفل دولابها...لا تكوني ورقة في مهب ريح عاتية ولا نسمة خفيفة وكوني كما عاهدتك منذ عرفتك!
سألتها عن أخبار إسماعيل وإن قابلها ثانية، فقصت عليها ما كان منه ومنها في طريق عودتها؛ لتتبع هي ناصحة للمرة الثانية:
_إسماعيل كالجوارح يا عزيزتي لن يبعده عنك سوى من هو ندٌ له، إما تشتكين عليه وترتاحين منه مؤقتاً، أو تهيئين لنفسك منزلاً لا يقو على خط عتبته ولو بمخيلته...أتفهمين؟!
شعرت انچي في حديثها بغرابة ما وكأنها تودعها؛ فهي تخبرها في كل نصائحها أن تكون وتكون، ولم تخبرها كما اعتادت أنها بجوارها، سألتها انچي في تخوف وتردد:
_أمي، أنتِ ما بك؟!
ضحكت المرأة ما زاد القلق بقلب انچي، قبل أن تجيب:
_ما زالت قريحة المحامي بداخلك لامعة غير صدئة يا ابنتي الغالية، لم أك أعلم أنك ستشعرين بشيء….ليس بي من علة فلا تخشين شيئاً، جل ما في الأمر أنها زيارة قد تطول قليلاً لولداي وبعدها سأذهب في رحلة قصيرة كي أزور مكة فأنا اشتقت لهوائها وأنشد هدوئها وراحتها.
تصنعت انچي الفرحة رغم ما تشعر به من انقباضة في قلبها واتبعت في غصة ألم ألمت بها:
_مرحى لهكذا خطة سياحة جميلة تبدأ من الأقصر، ثم الأسكندرية وتختميها بالأراضي المقدسة! لكن لماذا الآن؟
تصنعت وليفة هي الأخرى التعجب وهي تجيبها:
_وي يا انچي! اشتقتهما كثيراً، كما اشتقتها هي أيضاً وقد زارتني في رؤياي هناك في مكة وأردت أن أذهب تلبية لرجاؤها فقط...كأني بها تحتاجني أن أكون هناك!
تغالبت انچي على ألمها ودموعها وسألتها في حشرجة:
_ومتى تنوين؟!
كانت هي الأخرى على الطرف الآخر تبكي فراقها وهي تقول:
_خلال يومين، تأتيني غداً وأخبرك بالتفاصيل كلها...تصبحين على خير يا فتاة ولا تبكين كثيراً كلها زيارة شهر فقط وأعود إليك سريعاً.




عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-20, 07:29 PM   #22

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

تم نشر الفصل السابع
القاكم غدا مع الفصل الاخير والخاتمة باذن الله


عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-20, 07:42 PM   #23

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

وليفة من أروع الشخصيات التي قرأت عنها
مشاهدها منتهى الروعة و الجمال
حوارها مع رمزي منتهى الرقة


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-20, 05:56 PM   #24

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن

مع أول إشراقة شمس كانت انچي أمام بنايتها تستعد للذهاب إلى أمها بوجه باش ونفس راضية مستكينة، لأول ليلة منذ عشر سنوات تنام ليلة بيضاء لم تزورها فيها كوابيس ماضيها المعتادة، كانت تفكر في تلك المرأة شكرية وكيف أن ابنها إسماعيل زج بها في إحدى دور المسنين دون أن يسأل عنها وهي التي فعلت ما فعلته من أجله هو.. ترى فعلاً هو لن يتركها إلا بأذيتها؟! ولم لا وهو من آذى أمه أقرب قريب له؟!
وبينما هي على حالتها هذه من التفكير الشارد وإذ بها تتفاجأ برمزي يقف هو الآخر أمام البناية، تقدم منها لتسأله في ذهول عن سبب تواجده، فأجابها وهو ينظر من حوله وكأنه يبحث عن شيء:
_ سأذهب برفقتك إلى السيدة وليفة لتوديعها قبل سفرها، ثم أذهب من بعد ذلك في زيارة إلى قبر چويرية وأعود بعدها إلى عملي، وقد ظننت أنك ستذهبين إليها أنتِ أيضاً فأردت أن نكون رفقة.
جلست أمام المقود وجلس هو بجوارها، كي يعطي نفسه فرصة مراقبة الطريق جيداً دون أن تشعر هي، فهو وفور علمه بالأمس بما حدث معها ومنها من السيدة وليفة وهو يقبع أمام بنايتها قبل انقشاع ضوء الفجر، يراقب المكان بانتظار ظهور ذاك الإسماعيل.
كان يسترق النظر إلى جانب وجهها فهو ورغم مقاومته لهواه لم يستطع اقصاء عينيه عن التمتع بلذة الصباح في وجهها، ردد في نفسه في تعجب: سبحان من جعل لشفتيك الحمراوين جمالًا كجمال الشفق إذا تجلّى عن نور الفجر، وللمعان عينيك لمعاناً كلمعان شعاع شمس وليد يشق بنوره دهماء ليل بهيم، ولـ...كفى!
هكذا عنف نفسه كي لا تسوله عن فعل مالا يحمد عقباه.
أخذ ينقر بأصابعه على إطار النافذة وهو يتساءل في نفسه:
_أيعقل أن تفتح له طريقاً كي يجد مبتغاه في قلبها؟!
تساءل دون أن يعلم الإجابة ولكنه تذكر حديث السيدة وليفة بالأمس وهي تخبره:
_الحياة معروفة بأنها مرادف للإستمرار فلا تجهل هذا المعنى وسر عليه، ففي الإستمرار تُخلق دائمًا فرصة لفتح بابٍ آخر.
أومأ برأسه وهو يهس في نفسه:
_نعم الإستمرار، الآن علمت لماذا قالت ذلك؟!
لقد تعجب من اتصالها به في وقت متأخر ولكن زال تعجبه حينما حدثته عن انچي وعائلتها، أخبرته أن سكان الماضي انتقلوا بسكنهم إلى الحاضر وهناك من يكره سُكنته كاسماعيل الذي لا يتوانى عن الظهور أمامها في أي وقت مطالباً بما لا يحق له ولا يشرع لا في السماء ولا في الأرض.
وهناك من يحمد سُكنته كعائلتها ترجته أن يكون لها خير عون فيما هي مقدمة عليه، كما ترجته ألا يتركها مهما كان رأيها في حضوره بجوارها.
هو ليس له رأي في رجاءها الأخير فهو مسير لرغبته في الوجود بجوارها دائماً وإن رفضت.
هي وافقت على اصطحابه هكذا بدون سؤال، يا لك من حمقاء، هكذا فكرت وهي تقود سيارتها إلى منزل وليفة.
أرادت ألا تفكر في شئ فيكفيها أنها بجواره الآن ولو لدقائق معدودة تشعر به هو الآخر ينظر إليها يبتسم تارة ويفكر تارة أخرى...ترى فيم يفكر؟!
•°•°•°•°•°•°•°•
بعد زيارة تعمدت وليفة أن تكون قصيرة كي لا ترهقها انچي بالأسئلة الكثيرة، نزلت انچي غاضبة تكابد نفسها كي لا تنهار أمامه هي تشعر أن أمها تمر بأزمة ما أو كأنها مريضة ولا تخبرها لا تعلم لماذا تشعر وكأنها تلقي بها بعيداً عنها!
بينما هو أشار لها أن توصله إلى مكان ما كي يتقابل وأحدهم، ثم تذهب هي، كانت هي في حوارها مع نفسها حول ماهية أفعال أمها وليفة الجديدة عليها ولم تلقي بالاً لكلامه.
قادت سيارتها في سرعة كبيرة وتوقفت حينما أشار لها، نظرت حولها لأول مرة منذ غادرا منزل وليفة وسألته في دهشة:
_هنا؟! المكان خواء!
فهم ما تعنيه من وراء كلماتها وقال شاعرًا بالسخط والحنق:
_ولم تعلمي ذلك إلا حينما وصلتِ! إنزلي!
تسرب القلق إليها وسألته في فزع:
_ماذا؟!
رفع يده يسكتها، وأخذ مفتاح السيارة وهو يكرر:
_إنزلي!
أخذت حقيبتها معها ونزلت ملبية أمره، بداخلها يتنازع على ما بدر منه أيعقل أنه يريد بها سوء؟! أشار لها وعلى جانب شفتيه شبه ابتسامة ساخرة:
_ضعي حقيبتك لا داعي لها معي، أنا لن اتهجم عليك ولن أسرق منك شيء سوى بضعة كلمات نتبادلها في حديث متحضر.
أومأت ثم وضعتها في مكانها وهي تقول بارتباك:
_ وما هو هذا الحديث؟!
وقف وسط الصحراء أسفل قدمه الأرض بصفرتها وعلى رأسه السماء بزرقتها ويداعب وجهه هواء الصحراء الدافئ، أخذ يقلب مفتاح سيارتها في يده وهو يبحث عن كلمات يبدأ بها حديثه، كان يحدث نفسه في حرج وتردد: لماذا أشعر أن الأمر أعسر من إصلاح السيارة بل وأشد عسرة من طرق الحديد وهو بارد، ليته لم يتفوه بشيء، بل ليتها تتحدث هي وتنقذه من طريقه المسدود هذا!
كانت تنظر إليه في صمت تنتظره أن يبدأ وهو ينظر إليها في صمت يتمنى عليها أن تبدأ هي، التقت عيناه بعينيها وتبادلا حوار لا يعلم اللسان عنه شئ، فكان كبارقة ضوء في طريقه المظلم ليقطع هو الصمت قائلاً:
_منذ عدة شهور احتكت سيارتك بجانب سيارتي ووضعت ورقة في مقدمتها تطلبين الإذن بدفع مصاريف الإصلاح، ثم سجلتِ فيها رقمك الخاص، أنا بالطبع اتصلت بك كي اوبخك على فعلتك فحري بمن فعل فعلة أن ينتظر لا أن يهرب وعندما هاتفتك رن في أذني أجمل صوت قد يستمع إليه رجل، فأنا ومنذ ما حدث من أمي عاهدت نفسي ألا أعرف من النساء سوى أختي_رحمهاالله_
غص في الحديث فور ذكر إسمها بالرحمة فشعرت بالألم له ولكنها تحاملت كي لا تقطع عليه سيل حديثه، فتابع متحاملاً هو الآخر:
_ثم قطعت أنتِ الإتصال ومن بعدها كان جُل همي أن أعرف من أنتِ؟!
كنت كمن يقف على الأعراف لا أعلم إن كان ما بي خير أم شر؛ حتى علمت من صديق لي يعمل في شركة اتصالات أنك انچي المرزوقي أشهر محامية تقتص للنساء فقط يومها نصحني أن أبتعد عنك إن كنت أريد أن يظل جلدي على عظمي…
قطعت ابتسامته حديثه، ثم رفع يده ليمسح طرف عينيه كأنه يبكي، فكرت ذاهلة ليتابع هو مقاطعاً شرودها:
_ ولهذا لقبوك بمحامية الجنس الناعم آكلة لحوم الرجال...ثم توالت الأيام وجاهدت ألا تقع عيني عليك وهو مالم يحدث بالطبع فقد كنت أقتنص الفرص كي أمتع عيني بلقياك مرة باليوم إما صباحاً وإما مساءاً، وهنا كانت الطامة الكبرى وقعت في غرامك ولم أستطع الإبتعاد عنك وفي نفس الوقت لم أقو على الإقتراب منك، حتى جاءتني چـــ.. چويرية تشتكي أبيها وما يريده منها، هنا علمت أنها فرصة جيدة لأقابلك وجها لوجه ولكني خشيت ألا تقابليني فدفعتها هي لمقابلتك أولاً، ثم حدث ما حدث وكنت مع كل مرة أتقرب منك فيها، كنت أنتِ تبعديني عنك وكأنك تشعرين برغبتي تلك وترفضينها...وفي ذلك اليوم حينما خرجت من منزل راجح اصطدمت بأحدهم وأغمى عليك حملتك إنا إلى المشفى، ثم إلى المنزل وهناك قرأت ما كتبتيه بيدك وعلمت أنك تشبهيني في كل شيء، علمت أنك ستكونين لي…
سألته وقد زوت ما بين عينيها مستنكرة:
_قرأته؟!
كان رمزي قد هيأ الكلام في نفسه وأعده كي يدافع عن نفسه حينما يخبرها ولكن كل العدة التي أعدها قد صارت هباءًا منثوراً فور النظر إليها تسرب إليه الندم لتفوهه بالحقيقة وتمنى لو استجاب لنصيحة السيدة وليفة، صرخت فيه تستنكر فعلته وهو لم يستطع سوى قول:
_أنا لم أقصد التجسس عليك، ولكنك كنت في حالة مزرية وكنت أنا أبحث عن كتاب كي أقرأ فيه وقد وجدتها على المكتب مطوية بداخل غلاف كتاب آخر...ليس ذنبي.
كانت كمن وقف على حافة الجحيم تتلظى بناره ولا تستطيع الابتعاد عنه، تتلفت حولها وتمسك مقدمة رأسها بباطن يدها تاره وظاهرها تارة أخرى، وهو ينظر إليها في تردد وهم بالسير تجاهها إلى أن صرير دواليب سيارة آثارت بوقفتها تلك غبار الصحراء من حولهما جعلهما يلتفتان إليها ولم يكن سوى...إسماعيل!
•°•°•°•°•°•°•°•
توقف إسماعيل فيما بينهما وهو ينظر إلى رمزي في غضب بالغ وحقد نازف من عينيه يسأله:
_ لماذا أتيت بها الى هنا؟!
كان رمزي يعلم أنه في إثرهما، كما يعلم أن المجابهة لابد منها، ورغم ذلك اجابه بكل هدوء:
_وما شأنك أنت؟!
صرخ فيه إسماعيل بكل غل وغيظ:
_انا خطيبها و سأتزوجها عما قريب.
تبادل رمزي وانچي النظرات المستنكرة من جانبها والمتسائلة من جانبه، ليمسك إسماعيل بتلابيبه صارخا.:
_ ابتعد عنها ولا تنظر إليها هكذا والا..
_وإلا ماذا؟!
هكذا سأله رمزي في هدوء ليقع الآخر في فخه ويهم برفع قبضته في وجهه ويمسك بها رمزي بكل قوة ضاغطاً عليها محدثاً بها مزيدا من الألم والضرر، صرخ فيه إسماعيل أن يتركه ثم تحول الأمر إلى رجاء والصراخ إلى أنين، بينما رمزي لم يتحرك من مكانه وصاح فيه:
_ ساتركك ولكن فقط بعد أن أسمعها منك.. أنت لن تقترب منها بعد اليوم!
كان إسماعيل يئن من الألم ويتمتم أنه سيبتعد عنها بعد اليوم، فتركه رمزي.
نظر إليه بكل حنق سرعان ما تحول إلى خزي وهم بتركهما إلا أنه أوقفه سائلاً:
_انتظر يا رجل ألن تبارك لنا؟! فنحن سنتزوج عما قريب وبالطبع أنت بمثابة أخ لها أليس كذلك؟!
زاد ما بداخله من حنق وتمتم في كمد:
_مبارك لكما، ولكن قبل أن أذهب هناك أمر أريد أن أخبرك به، أنت ستتزوج بامرأة كانت للجميع وتذوقها من سبقوك، وانا أكثر من تذوق شهدها...وهناك ما يثبت ذلك.
ثم تركهما وذهب كما جاء مثيراً الغبار من حوله.
سألته انچي في شرود وصوت يكاد يخرج من حنجرتها وهي على حالتها من الضياع بعدما هدأت ثورة الرمال من حولها:
_حتى هو علمت عنه؟!
نظرت إليه في غضب يخالطه العتب، وهو بادلها النظر بنظرات غضب يخالطه الرجاء في أن تكذب ما لفظ به ذاك الرچيم:
_أنا..
همهم محاولاً إيجاد كلمات يفسر بها فعلته، لكنها لم تستطع الصمت فصرخت فيه:
_أنت ماذا؟ أنت من؟! من أعطاك الحق في الدخول هكذا عنوة إلى حياتي وبيتي؟! من أعطاك الحق لكي تقف بيني وبين إسماعيل؟! بل وكيف تخبره أننا سنتزوج؟!
تنهد في يأس بينما هي كانت تنظر إليه متصنعة القوة وهي تكابد نفسها كي لا تخر صريعة أمام ضعفها فتسقط دموعها معلنة هزيمة نكراء لها، بحث في ثنايا عقله عن كلمة وبين حنايا القلب عن اعتذار فلم يجد:
_أنا سأنتظر…
قاطعته في حزم آمرة إياه:
_أنت لن تنتظر بعد اليوم، فليس بيني وبينك ما يستحق الإنتظار..أنت لن تفعل سوى الإبتعاد عن طريقي، أنا أستطيع إدارة شئوني من تلقاء نفسي، وأنت أعدت حق چويرية لها..إذن لم يعد هناك ما يجعلك تنتظر!
هكذا ألقت في وجهه بكلماتها المسنونة وأخذت من مفاتيح سيارتها وتركته وحيداً بين الرمال وذهبت في طريقها.
•°•°•°•°•°•°•
قادت سيارتها بغصب لم تشعر بمثله من قبل لا تعلم إلى أين تذهب ولكنها أرادت الإبتعاد فقط، بدموع تنهمر ولم تتوقف وقلب يشتعل غضباً وغيظاً وعقل لم يكف عن العمل وقفت هي أمام الطريق المؤدي إلى المقبرة التي دفنت فيها چويرية..فالتفتت بسيارتها ووجهتها المقبرة.
بعد دقائق كانت تجلس بجوارها صامته لم تجد ما تتحدث به، لكنها شعرت بسكينة لم تشعر بها منذ زمن فآثرت الجلوس والصمت.
♡♡♡ ♡♡♡
بدأ رمزي يتلفت يمنة ويسرة وهو يراقب الطريق ينتظر ظهور غايته في تأهب حتى لاحت ظلاله من بعيد وهو يدخل منزله، فكان هو وراءه خطوة بخطوة حتى باب المنزل وحينما فتحه دخل هو خلفه بالقوة دافعاً إياه إلى الداخل.
اصطدم اسماعيل بالحائط إثر الدفعة القوية لكنه التفت بسرعة واصطدم برؤية رمزي يقف متأهبا للتالي، ابتلع ريقه بصعوبة وقد برق الخوف في مقلتيه وقال بخفوت متحشرج النبرة:
_مـ..ماذا..
توقف اسماعيل وبدا عليه الاضطراب ثم عبس وكاد يسأله ماذا يريد؟ إلا أن قبضة رمزي كانت السابقة لحديثه، تلتها قبضة أخرى فأخرى وشعر بزلزلة قوية في ثنايا وجهه أسفل العينين، الأنف والفم شعر كأنه على شفا حفرة من ألم لا نهاية له، فما كان منه إلا دفعه بكل ما تبقى من قوته وتحسس وجهه بيده وهو يصرخ فيه:
_ ماذا تريد الآن؟
ابعده اسماعيل عنه بالقوة وظن أنه أمن من ضربه وهذا الألم الذي أصابه إلا أنه اقترب مرة أخرى فوقف إسماعيل متأهباً لضربته التالية التي أتت أقوى وأشد فاوقعته أرضاً، أشرف عليه رمزي بقامته المديد وقد قبض مقدمة قميصه يدنيه منه وهو يتمتم محذراً:
_انچي هي لؤلؤة، لؤلؤة بيضاء ورغم ما أصابها من ظلم وقهر فهي مازالت على بياضها الناصع..ستكن نهايتك إذا التقى ظلك بظلها فما بالك إذا وجدت بجوارها..فاحذر يا شبيه الرجال مما قد تفعله الرجال!
♡♡♡ ♡♡♡
كان يريد الذهاب إلى قبر أخته ولكنه لم يستطع قبل أن ينهي أمر ذاك القذر، فعندما اتصل به مساعده يخبره بعنوان منزله لم يتوانى لحظة عن الذهاب إليه وأمره أن يأتي إليه حيث تركته انچي، وها هو قام بتحذيره كما يجب وأصبح حراً الآن في الذهاب إلى أخته.
على بعد خطوات توقف وهو يسمع أنين أحدهم يصاحبه نشيجه رفع رأسه يتبين هويته ليجدها تجلس بجوار القبر وتستند برأسها على جانبه تكفكف دمعها وتقول:
_كنت أظن أنني وجدت ضالتي، وجدت من ينظر إلي كانچي وليس الفتاة التي كان لها ماض أسود كئيب..هو لم يتوانى عن البحث حولي والتقصي وكأنني بمفردي وكما أنا لا أستحق ان أكون زوجة...تعلمين أنتِ ارتحتِ كثيراً فأسفل الأرض حيث السكينة والصمت أفضل بكثير من فوقها بما يحمله من ألم تضجّ به الآذان.
كانت تبكي، تشتكي وتصرخ أمام قبر أخته وهو يدافع عن نفسه من خلفها في صمت!
♕♕♕•°•♕♕♕
في صباح اليوم التالي ذهبت انچي كعادتها إلى مكتبها، لكنها بكرت في ذهابها هذا اليوم كي تلهي نفسها بين أوراق الخصوم وتنسى بهمومهم همومها.
في الرواق الخارجي للبناية استوقفتها امرأة لم تكد تقف معها تستمع لها حتى باغتها أحدهم من خلفها بضربة قوية دفعتها لمحاولة التمسك بأي شيء حولها كي تلتفت له وتراه ولكنه كان يصر على أن يضع قطعة قماش على فمها كي يكتم صوتها فلا يسمح لصراخها ولا أنينها أحد..كانت انچي تصارعه بكل ما أوتيت من قوة وهو يصارعها هو الآخر بكل ما استطاع، بينما المرأة العجوز تنحت جانبا في خوف ورهبة، واتصلت برقم النجدة بأنامل مرتعشة وأبلغتهم بتلعثم وخوف شديد بما يحدث أمامها.
فجأة استطاع الرجل إيقاعها أرضا وجرها من مؤخرة رأسها على الأرض بعدما تمكنت هي من عض يده، لكنها اصطدمت برؤيتهِ لقد كان إسماعيل لا أحد غيره!
جاهدت كثيراً كي تخلص نفسها من بين يديه والعجوز خلفها تستنجد بأي من المارة بينما هو يصرخ فيها ويصيح أنه لن يتركها له إلا بعدما يأخذها هو أولاً!
أسمعها من أسوأ الكلمات والسباب ما لم يليق بالسمع وهي على عهدها من المحاولات البائسة، حتى سمعت المرأة صوت سيارة تتوقف أمام البناية فصرخت في صاحبها أن ينجدها، فحضر الرجل مسرعاً وقام بسحب إسماعيل بقوة وهو يلكمه بكل ما أوتي من قوة يدفعها الغضب الذي بداخله.
ساعدت المرأة انچي على النهوض وفور رؤيتها لرمزي وهو يصارع إسماعيل تملكتها فرحة غريبة لا تعرف سببها.
وسرعان ما انقلبت فرحتها وهي تشعر بيد أحدهم تجذبها بقوة فالتفتت لتجد امرأة شعثاء الرأس بعينين حمراوين تصرخ فيها وتنعتها بالسارقة وتستطرد في صراخ هيستيري أنها ستقتلها كي يموت حب زوجها لها بموتها.
بريق السكين في يدها انعكس في عينيها فانتبهت له انچي وجاهدت كي تفلت من بين يديها، إلا أنها تعرقلت ووقعت أرضا لتسقط عليها المرأة بسكينها غايتها أن تغرزه فيها...
كان إسماعيل قد يأس في أن ينقذ نفسه من بين يدي رمزي فاستسلم له يضربه بقوة حتى كادت روحه تزهق بين يديه، ألقاه رمزي خائر القوى حينما استمع لصراخ انچي وهرول تجاهها والمرأة من فوقها تجاهد كي تغرز السكين التي تحمله في صدرها، لم يشعر بنفسه وهو يصرخ باسمها ويندفع على المرأة يحملها بكل قوته ويلقي بها أرضاً فأصابه نصل سكينها بخدش على ظاهر يده، أتت سيارة النجدة والمرأة تجاهد كي تستعيد توازنها فأخذتهم جميعاً.
•°•°•°•°•°•°•°•°•
بعد مرور ساعات قضاها في مركز الشرطة صاحبها رمزي في العودة إلى مكتبها وفي سيارة الأجرة، اخبرها وهو يذم شفتيه غيظاً:
_ لقد أردت قتلهما بيدي هاتين...المجنونة أردات قتلك وزوجها المجنون..
عقبت مقاطعة إياه بصوت متحشرج:
_أخذ جزاؤه لا تستهين بتهمة التعدي على أنثى وترويعها، كما أنني أردفت نية الخطف في الشكوى...وزوجته اتهمت بنية القتل.
وصلا أمام بنايتها، فوقف أمامها يقلب كفيه أمامه يبحث في عقله عما يبدأ به الحديث معها، بينما هي كانت تجاهد قلبها كي لا تستمع له وتقف كثيراً فشكرته في إيجاز وهمت بالصعود فأوقفها صائحاً:
_أنا أعتذر!
توقفت بغتة وهي تملأ رئتيها بالهواء وتهمس لنفسها ألا تستجيب وتلين، لكنها شعرت بانقلاب تام في نبضات قلبها وكأنه يعلن الحرب عليها، ليكرر في صوت منخفض رخيم:
_اعتذر عما فعلته وإن كان دون قصد، أنا..
قاطعته هي الأخرى وقد استدارت له بقوة وقد ارخت قبضتها على حقيبتها التي سقطت أرضاً:
_ حسنا، لا بأس.
مدت يدها تمسك بحقيبة يدها وكان هو قد مد يده أيضاً فتلاقتا معًا، كما تلاقت العينان وركز هو بعينيه في عينيها فارتجفت هي لتسحب يدها بسرعة وترفعها مقبوضة إلى صدرها، تسرب الوهن رويداً إليها فخشيت تأثيره على عزمها لتعض على شفتيها بغيظ شديد تقطع الطريق على أي ضعف يجاهد في اختراق حصنها، ثم زفرت بحنق وقالت:
_ماذا تريد الآن؟!
أخذ الحقيبة وناولها إياها دون أن يتركها من يده وهو ينظر إلى عمق عينيها ويدنو منها بخطوات بطيئة ومع كل خطوة يخطوها تجاها يتفوه بحرف من إجابته:
_ أحـبــك!
إن هذه اللحظة هي أغلى وأفضل مما كانت تتصوره أو تحلم بحدوثه رفعت يدا مرتجفة تتلمس وجهها، بعينين دامعتين أرادت أن تخبره بحبها له ولكن تبقى مسألة قراءته لمذكراتها تقف بينهما.
تركته واستقلت المصعد دون أن تلتفت له، بينما هو وقف ينظر في إثرها وهو يتذكر ما نصحته به السيدة وليفة:
_ لا تتوقف ولا تأسف على ما تجده منها وإنما سر واثق الخطى مرفوع الهامة واعمل جاهدًا تفز بها وبنفسك معها!
ليصعد السلم هو الآخر وجهته وجهتها ساعياً في نيل غفرانها ورضاها.
وقفت داخل المصعد تنظر إلى انعكاسها في المرآة وتذكرته وهو يتلفظ بالكلمة على مهل، ثم ضحكت وهي تتذكر كيف تملك منها الأمل في حياة ملؤها السعادة فور رؤيتها للمعان الحب في عينيه، ثم عبست وهي تردد أن السعادة لا تأتيها هكذا دفعة واحدة، مؤكد مخبأ لها شر ما بداخلها.
انفتح الباب لتجده يقف أمامها بانفاس لاهثه وصدره يعلو ويهبط بقوة، جذبته ابتسامتها فتوقف يتأملها في نهم ويبتسم لها هو الآخر.

لم يكد رمزي يبتسم لابتسامتها حتى تلاشت ابتسامته سائلا في جزع وهو يتذكر خوفها منه وغضبها:
_أليس الحب بكافٍ؟!
هزت رأسها نفياً فعادت إليه ابتسامته ولكن متألقة هذه المرة، حينما اتبعت بحرج:
_ بلى يكفي ولكن هل يكفيك أنت كي تنتظرني حتى أستطيع؟!
أشار لها بالموافقة وهو يكاد يحلق عاليا من فرط سعادتها:
_سأنتظرك حتى آخر رمق في حياتي، أنا فقط أريد أن أحيا معك وبك.
وفجأة استحال البغض بداخلها تجاه كل ما مرت به إلى حب وهي تنظر إليه لأول مرة دون أن ترى تلك الغمامة السوداء التي تحيط بناظريها،أما هو فكان يشكر السيدة وليفة في سره.
تركته ملتجاة لغرفة مكتبتها تلفظ بين جدرانها بما تشعر به:
_اهو من العقل أم الجنون؟! أشعر بالحب الشديد والكره الشديد لنفس الشخص!
•°•°•°•°•°•°•
بعد مرور أسبوع كانت انچي قد وصلت حدود العشق ومنتهى الإحتمال، فرمزي كان يتقرب منها دون أن تشعر يفرض نفسه في حياتها دون أن ترفض، حتى أنه ساعدها في قضية ابنة أخيها ووصل إلى الرجل الذي تزوجها.

قضت انچي الأسبوع الثاني في محاولة إثبات الزواج السري وجهل ابنة أخيها بما يحيكه زوجها لمثيلاتها ممن هن في نفس السن وقد قادتها القضية إلى قضية أكبر ترتبط باختفاء مجموعة من الفتيات من هن دون الثامنة عشر واستطاعت انچي بما جمعته من معلومات الوصول إلى المقر الذي يجمعوا فيه الفتيات الصغيرات...ثم تركت الأمر في يد الشرطة مقابل إطلاق سراح ابنة أخيها.

اما في الاسبوع الثالث كانت انچي تجلس أمام حاسوبها تكتب في رسالة طويلة جل ما مر عليها من أمور إلى صديقتها الجديدة وداد الوعد، ابتدأتها بالسؤال عن الأحوال ودعوة لزيارة القاهرة عن قريب ثم قالت:
_منذ ذهبت وقد تقاذفت بمركبي أمواج الحياة من سيء لاسوأ، فلم يتوانى إسماعيل عن اذيتي حتى وقف له رمزي بالمرصاد..وزوجته أيضا حتى أنها أرادت قتلي
لقد خزنت من أجلها واردت التنازل عن الشكوى لكنه لم يكن بيدي فهما لن يتركاني إلا بعقاب وخيم الأثر..هذه هي الحياة أليس كذلك؟!
أخبرك سراً لقد وقعت بغرام أحدهم...قبل أن انسى امي وليفة تبلغك تحياتها فهي قد ذهبت في زيارة إلى مكة الآن بعدما قضت اسبوعين لدى ولديها، لا اعلم لماذا تتحدث معي وكأنه لن تعود أشعر تجاهها بأمر ما لكنني أجهل كنهه!
آه، وأيضاً لقد تصالحت وعائلتي وإن لم نستطع التواصل حسياً ولكن يبقى المعنوي موجود، ابنة أخي كانت السبب بعدما ضبطت في وضع غير لائق مع زوجها في شقة مشبوهة وقد كان زواجها سري لكنني ايتكعت تبرئة طرفها!
أردت أن أرى أخي..أردت أن يحتضنني ولكنه لم يأتي وأنا لم أذهب.
ألم أخبرك أنني وقعت في غرام أحدهم وتزوجته أيضاً! عقدنا القران فقط، سأخبرك لاحقا...
لقد أردتِ معرفة أخبار راجح ورشاد، رشاد قتل نفسه بمشفى السجن فقد كان من الخوف والضعف حد عدم القدرة على المواجهة وراجح تنازل عن ثروته للجمعيات رغبة في حرمان بناته ووافته المنية هو الآخر إثر صدمة قلبية، أما زوجته فقد فقدت عقلها عليهم جميعاً رحمة الله.
يتبقى أنا، وقعت في غرام رمزي وقد صارحني بحبه وتزوجنا، لكنني انتظر حضور أمي وليفة كي تحضر معي...كم أخاف على تلك المراة لقد شعرت بالغرابة في حديثها معي آخر مرة، وقد ألحت علي بالإسراع في إتمام الزواج.
أخشى أن تفارقني ساحزن كما لم أحزن على أمي الحقيقية!
لقد اخبرتك انني وقعت في غرام رمزي أليس كذلك؟!
هل مثلي يحق له العشق؟!
واخيراً لا ارجو الآن سوى ان تكوني بجواري في زفافي على رمزي، بقدر ما أرغب عودة أمي سريعاً!
والسلام ختام.
ملاحظة: انا عاشقة، عاشقة.
•°•°•°•°•°•°•
تلقت انچي رسالتين في اليوم التالي، أما الأولى فكانت من السيدة وليفة ترجوها فيها بالإسراع في الزفاف فهو أكثر ما سيسعدها في مكانها، والثانية فكانت من وداد أخبرتها فيها:
سيدة رمزي بعد التحية والسلام،
نعم لقد أخبرتيني بأمر عشقك للمرة الألف بعد المئة وهو الأمر الذي أسعدني كثيراً، كم اتمنى لكِ السعادة الدائمة!
وبخصوص سؤالك إذا كان يحق لك العشق فأحب أن أقول لك أنه جاء رجل للنبي ﷺ
وقال: أحب أن يرحمني ربّي؟ قال: ارحم نفسك و ارحم خلق اللّه يرحمك اللّه.
فهنا يغلق الله لك بابًا وهناك يفتح لك آخر بالرحمة والصبر...هكذا نعلم وعلى هذا نسير؛ لأنها رحمة الله التي وسعت كل شئ تدفعنا دائما للأفضل.
سعيدة أنك تصالحت وعائلتك فالغفران يخلق منا أشخاص جدد بأرواح نظيفة وعائلتك وإن أخطأت فهم طلبوا الغفران، فأن يخطئ إنسان ويمعن في خطئه دون طلب المغفرة والتوبة فهو يستحق ما سيناله من غضب الدنيا والآخرة، ومن يطلب المغفرة فحق له أن ينالها...فقط اتركي الأمر للزمن.
السيدة وليفة إمرأة بداخلها قلب من ماسة نقية وهي تشعر بالشوق لابنتها المتوفاة اتركي لها العنان كي تستريح وتزيح عن قلبها ذاك الشوق الجاثم فتغدو سعيدة كما كانت!
غاليتي أرجو حضور زفافك قريباً ارسلي الدعوة فقط و سأكون بجوارك...تمنياتي القلبية بالقران السعيد.
سلامي وأشواقي لك حتى نلتقي!


عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-20, 05:57 PM   #25

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

🌹الخاتمة🌹
💓💓💓💓
وفي ليلة الزفاف حضرت وداد بجوارها كما الأخت بالدم واكثر ساعدتها في الإستعداد، وتحدثت معها كثيراً كي تمتص بعض من رهبتها وخوفها ولم تتركها إلا بعدما طمئنتها بأنها ستكون بجوارها في نفس الفندق.
أما رمزي فكان يعلم أنه مقبل على أمر ليس بهين وخاصة معها بكل ما حدث معها من قبل فأراد أن يكون بطبيعته معها كي لا تخشاه وصمم بداخله أن يتحدث معها ولو ملء الليل كله، فقط يريدها أن تكون مستعدة لبدء حياتهما معاً.
انتهى حفل الزفاف الذي حضره جميع من عرفتهم انچي ومن عرفهم رمزي دون أحد من عائلتهما، فانچي لم تكن على استعداد لهكذا تقرب منهم ورمزي قد فقدهم بفقدان أبيه وأمه ولم يتبق له سوى عائشة وأولادها.

وحينما جمعتها غرفة واحدة فقدت انچي ثقتها واعتدادها بنفسها وأرادت الهروب، أما هو فوقف أمامها ينظر إليها في عدم تصديق لما حدث معه، قرأ الخوف في عينيها ورغبتها في الهرب فسألها بخفوت:
_نادمة؟!
أشارت له نافية، ليسألها مرة ثانية بنبرة أكثر خفوت:
_إذن ماذا؟! خائفة؟!
لم تجب وإنما اطرقت أرضاً:
_أعلم انه أمر ليس بهين عليك، ولكن لك علي عهد لن ينقضه شيء ألا أمسكِ بسوء مهما حييت، وألا أنقصك قدراً مهما حدث بيننا أنتِ لؤلؤتي الغالية حفظك الله ورعاك لي أنا فهو أعلم بحالي..
تمتمت بحشرجة وحرج لم تعهدهه في نفسها:
_لؤلؤة!
كان رمزي ينظر إليها وإلى وجهها الي خضبته حمرة الخجل بلونها القاني، ثم أجابها بصوت قد بحت نبرته مقدار ما يحمله من عاطفة:
_نعم لؤلؤة، فانچي يعني اللؤلؤة...انچي انتِ زوجتي كما أردت أنا ويكفيني لكن إذا سمحتِ لي سأجعلك تاج رأسي، ودرتي.
ارتمت بين احضانه باكية، وهو ضمها بكل ما استطاع به من ترويض نفسه كي لا يسحقها بين ذراعيه مخافة أن تخشاه.
سألها في تضرع:
_انچي لن تخشي مني شيء، أليس كذلك؟!
سكتت عن الكلام وسكن هو إلى نظرتها الهادئة، فقام بتقبيل عينيها كل على حدها، ثم وجنتها اليمنى فاليسرى وكانت أصابعه تحل وثاق وشاحها الأبيض فتساقط شعرها بين يديه جدائل سوداء ناعمة كما كان يحلم، نظر إليها ماخوذًا بجمالها وهنا لم يستطع كبح جماح خيل عشقه الجامح وقام بضمها إلى صدره ورفع قدميها على قدمية، ليقبل شفتيها برقة وخفة تحولت إلى قبلة عميقة، بعدما شعر بها بين يديه وكأنها على الفطرة النقية جاهد لكبح جماح عاطفته وتعمد الرفق في ملاطفتها.
فغابت هي في دهاليزه ولم تعد منها إلا وهي زوجته، بينما هو لم يعد منها بعد فقد تملكت منه عاطفته، وأراد ان يأخذها مرة اخرى في رحلته الخاصة ولكنه أرادها طويلة هذه المرة.
كانت تخفي وجهها عنه فادارها إليه متمتنا:
_مبارك لكِ زوجتي العزيزة، منذ اليوم لؤلؤتي ستكونين أسيرة محارتي ولن ينقذك أحد.
كانت وداد بالغرفة المجاورة وحينما سمعت بضحكات انچي المتتالية حملت حقيبتها وسارت في طريق عودتها بعدما تركت لها خطاباً ودعوة، متمنية أن يستطيع رمزي إخبارها بوفاة السيدة وليفة دون أن تختفي ضحكتها مرة ثانية، تلك السيدة التي تعلمت منها الكثير وأهم ما تعلمته الوفاء!
•°•°•°•°•°•°•°•
كان في طريقه إليها كي يقلها كعادته منذ بدأت تشعر بثقل الحمل، افتر ثغره عن ابتسامة وهو يتذكرها عندما علمت بحملها منه...أيعقل أن يكون مر على زواجهما ما يزيد عن العام؟!
هكذا سأل نفسه فهو لم يعتقد أنها ستغفر له علمه بوفاة السيدة وليفة التي وافتها المنية ليلة زفافهما، لكنها الثقة التي خلقت فيما بينهما جعلتهما يتخطيان ما مرا به معاً، لقد غضبت وثارت وخاصمته ما يزيد عن اليومين بسويعات قليلة ولكنه بمدى ما يكنه لها استطاع أن يمر بها محنة الفراق.
خاصة أنها شعرت بأن أمها كانت تشعر بدنو الأجل وقد باحت إليه انها أرادت الذهاب إلى مكة كي تكون بجوار ابنتها وزوجها اللذان وارهما ثرى مكة الطيب.
حينما اخبرها بهذا الأمر انطفأ لهيب الغضب وتسرب إليها بصيص راحة، فهي كانت تعلم أن ابنة السيدة وليفة وزوجها قد توفيا في حادث سير في الأراضي السعودية حينما اخذها والدها كي تؤدي العمرة احتفالاً بنجاحها ووفق رغبة ابنتها التي لم ترد مفارقة مكة تم دفنها هناك.

عنادها أرهقه كثيراً ولكنه اعتاد أن يَقهره مرة ويُقهِرهه مرة، فهو لطالما أراد أن يأسرها في منزله لنفسه فقط وألا يتركها تجهد نفسها في العمل، لكنها أخبرته بما لا يدع مجالاً لمزيد من الكلمات أنها لا تستطيع ترك عملها الذي فيه مساعدة لها ولغيرها من المظلومات.
وصل أسفل البناية منتظراً وكانت هي على علم بموعد قدومه، فكانت تمر أمامه من باب البناية حتى استوقفتها فتاة ما، تبادلا الحديث قليلاً وكان وجهها باش سعيد وهي تسير تجاهه.
سألها وهو يرى مدى السعادة التي تزين وجهها:
_وكأني بك التهمت أحدهم!
تصنعت الغضب وهي تنظر إليه مستنكرة:
_ نعم، ألا يبدو علي؟! لقد انتصرت على أحدهم اليوم! أم تراك تسخر من بطني المنتفخ؟!
قبل وجنتها بسرعة ووضع يده على بطنها المنتفخ وهو يتمتم:
_أنت أجمل النساء بكل حالاتك.
شعرت بوخزة ألم شديدة في جنبها فصرخت متأوهة، ليسألها وقد استبد به القلق:
_ماذا حدث؟!
اجابته بصوت اختنق من شدة الألم:
_كأني بالسيدة وليفة ستحضر اليوم، فهي منذ الصباح تعلن الأمر بشكل مؤلم!
اصفر وجهه وقد شحب لونه وهو يرى الألم يعتصرها فقاد سيارته بسرعة فائقة إلى أقرب مشفى!
مرت الساعات عليه ثقيلة حتى سمع صراخ وليفته وهي تعلن حضورها إلى حياتهما، أيد ما سمعه تهنئة السيدة عائشة له وخروج الممرضة تستدعيه كي يلحق بزوجته وطفلته!


عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-20, 05:58 PM   #26

عبير نيسان

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 423609
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 174
?  نُقآطِيْ » عبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond reputeعبير نيسان has a reputation beyond repute
افتراضي

انتهت النوفيلا
اتمنى ان تكونوا قد قضيتم وقتا جيدا بقراءتها
إلى لقاء قريب باذن الله


عبير نيسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-20, 08:57 PM   #27

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

يا إلهي الظروف اللي مرت فيها انجي مؤلمة جدا جدا جدا
حديثها مع وداد قمة الألم


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-20, 08:58 PM   #28

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

المرافعة اللي ادتها انجي بالمحكمة كل كلمة وجع
و كل حرف انين
و كل جملة حكاية قهر و ظلم
حقيقي أبدعت سلمت يداك


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-20, 08:59 PM   #29

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

تدخل اسماعيل و عودته لحياتها رغم حقارة اسماعيل
الا انه انجي كانت بحاجة لترمم جروح الماضي و تواجهها و تدفنها


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-20, 09:01 PM   #30

fatima94
 
الصورة الرمزية fatima94

? العضوٌ??? » 462876
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » fatima94 is on a distinguished road
افتراضي

شكرا انك ذكرت انه لا مانع من الزواج مع وجود فرق ف السن في ديننا الا انه يجب ان يتم عن قناعة و قبول الطرفين التام
و هذا يختلف كليا عن اجبار الفتاة الصغيرة على الزواج بكهل او عجوز لتحقيق مكاسب مادية من زواجها


fatima94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:02 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.