12-11-20, 10:56 PM
| #52 | ||||
|  الفصل السادس جلست على الفراش مفكرة بحيرة وارتباك .. كيف يكون زوجها ؟ كيف ؟ هي لا تقدر على تقبل الامر حتى الان ولا تصدقه من الاساس ..كيف لها ان تصدق زواجها بهذه السرعة وفي هذه الاحداث! عدم استعدادها النفسي للأمر سبب لها حالة من عدم التوازن وبعض الشلل في التفكير ،هي تحبه وتثق به ،لكنها لا تزال تشعر بأنها غير واعية لشيء حولها ..لكن اتصالها بوالدتها منذ قليل لتطمئن أنها قد وصلت الى البلد المقيمة فيها شقيقتها مع زوجها اشعرها ببعض الراحة رغم عدم استساغتها لرحيل والدتها بعد. خرجت "نهلة" من غرفتها متجهة نحو الغرفة الاخرى التي يقبع بها بمفرده منذ وقت ليعطي لها المساحة لبعض الوقت لتفند الأمور في رأسها جيدا وترتبها بعدما استشعر ارتباكها الشديد من وجودهما بمفردهما .. طرقت الباب بتردد ليجيب من الداخل آذنا لها بالدخول ،فدخلت مطرقة برأسها تفرك اصابعها بتوتر فاستقبلها بنظرات دافئة لتجلس امامه على الفراش قائلة بصدق حزين: _انا متحيرة يا خالد ..لا افهم ماذا علي ان افعل تحديدا ! لدي شعور قاتل بالتيه . ابتسم لها بحنو قبل ان يضع حاسوبه المحمول _الذي كان يعمل عليه قبل ان تدخل_ جانبا .. امسك بكفها ثم ضغط عليه باطمئنان قائلا : _انظري لي يا نهلة . رفعت عينيها اليه ليقول بإبتسامة مشفقة على حالتها تلك: _انا اعلم انك لست كما تبدين عليه ..لست الفتاة سليطة اللسان التي ترد الكلمة بعشر ولا توجد بجرأتها اثنتين! اعلم كم تنتفضين من الداخل وانت تتصنعين البرود . اطرقت برأسها في حرج لقراءته لها بهذه الشفافية ،فأمسك بذقنها بخفة ورفع وجهها اليه قائلا : _اعرف مما تخافين ..وصراحة مندهش من تفكيرك الطفولي هذا ..يا نهلة لقد عقدنا القران فقط ولم نقم بالاشهار بالزواج بعد نظرا للظروف الحالية ،ورغم أنني يمكنني أن انتهز الفرصة بوجودك معي في منزل واحد ولن يلومني احد ان اتممت زواجي بك ثم خرجت للعلن بعد انقشاع هذه الغمة وقلت انك زوجتي على سنة الله ورسوله ..لكني لا ارى انني يحل لي لمسك قبل الاشهار ،خاصة لأنك نهلة ..وانا لن اقبل لك بذلك الوضع ابدا ،فهلا هدأت؟ اتسعت عيناها قائلة بمفاجأة وقد زحف بعض الاحمرار لوجهها: _حقا لا يحل لك الآن؟ اومأ قائلا بضجر : _للأسف . عم عليها صمت ذاهل للحظات قبل ان تلتفت له قائلة : _ولم اخفتني اذا؟ شرح قائلا ببساطة : _كنت امزح معك فقط ،وشرعت اخبرك لأخفف من حرجك هذا ،ولكن استفزازك اجبرني على انهاء الحوار حتى لا ادق عنقك .. وضعت يدها على عنقها تدلكه بخفة وهي تضحك بحرج ،ثم نظرت اليه بعد صمت قصير قائلة : _والآن ماذا سنفعل ؟ رد قائلا : _ماذا سنفعل في ماذا؟ حركت كتفيها قائلة : _في العموم يا خالد! ماذا سنفعل انا اشعر بالملل الشديد! جذب حاسوبه المحمول من جديد قائلا وهو ينظر بشاشته : _حسنا ماذا تريدين ؟ عوجت شفتيها قائلة: _لا اعلم. قال مقترحا : _هل نصنع شيء لنأكله؟ حركت كتفيها قائلة : _لست جائعة . نظر اليها قائلا: _انا جائع ! ناظرته بطرف عينيها قائلة ببرود : _وانا لست جائعة يا خالد! قال متحكما في اعصابه: _لكني جائع يا نهلة. قالت بنفس البرود تستمتع باستفزازه: _وأنا لست جائعة ماذا افعل؟ اغلق الحاسوب في يده قائلا بجمود: _لا شيء ،فقط انهضي عن فراشي وغادري غرفتي . اسبلت عينيها قائلة باستعطاف: _خا... قاطعها بنفس نبرته : _انهضي . انتفضت واقفة ثم خرجت مسرعة تكتم ضحكتها ..فسحب حاسوبه يفتحه مرة اخرى متمتما "اشكال قذرة " ثم اكمل ما كان يفعله . عادت بعد دقيقة مبتسمة بسعادة لتقول وهي تقف عند باب الغرفة: _وجدت بطاطس في الثلاجة . ثم غمزت له وهي تتخصر مستنده على حافة الباب بنفس الابتسامة الواسعة وكأنها وجدت كنزا ثمينا: _سأقليها لك. ____ "وهل لي نصيب في فؤادك ثابت ..كما لك عندي في الفؤاد نصيب" جلست في تلك الغرفة غريبة الاطوار ..حيث كانت ذات لون ازرق ليناسب الطفل القادم في حالة كان ولدا ،لم لم يتوقع ان تكون فتاة مثلا؟ لم اختار اللون الازرق الذكوري دونا عن كل الالوان التي تناسب النوعين من الاطفال؟! تساءلت بينها وبين نفسها لكنها لم تنطق بالسؤال امامه .. اما عن الفراش ،فلم تجد اي تفسير له! فقد كان سريرا عاديا اسود اللون الا من جزء من نهايته بشكل عرضي بنفس اللون مشكلا مسدسا كاملا! مزودا بأزرار في الجزء الاضافي عند الضغط عليها تظهر حوافا عالية تحيط به بالكامل حتى يوضع بالداخل الطفل في سنينه الاولى دون التعرض لأى اذى .. بربه كيف فكر في فعل تلك الاشياء في غرفة طفل مسكين! ما ذنب الطفل لينام على مسدس؟ بل كيف تم تصميم وتنفيذ تلك الاشياء من الاساس! تمددت على ذلك الفراش العجيب بريبة ثم اطفأت الضوء من المصباح الذي بجانبها ،وحمدا لله انه لم يبتكر به شيئا ،كان عاديا . عم الظلام والسكون ..عدوانها تلك الايام ،كلما اجتمعا معها يذكرانها بوضعها الحالي الذي تجاهد بكل قوتها لنسيانه ..تلتهي بالواقع الجديد على مدار اليوم محاولة عدم تذكر اي شيء مما حدث ،وكأنها تمني نفسها بعودة كل شيء كما كان .. فتحت الضوء من جديد ظنا ان ذلك اكثر امانا من الظلام ..كانت دائما عند شعورها بالخوف تشدد من احتضان والدتها النائمة بجوارها ..وفي الايام التي كان يبيت بها شقيقها خارج المنزل وتبيت والدتها في غرفة اخيها تجري الى أمها فتحتويها بدفئها حتى تنام بأمان . تبا هل لابد ان تراودها تلك الذكريات قبل النوم لتجبرها على الاختناق والرغبة في تمزيق رأسها حتى تتوقف عن التفكير .. تتوقف تماما ..كل شيء سيكون على ما يرام ..اغمضت عينيها متنفسة بعمق وحاولت تصفية ذهنها وهي تقرأ بعضا من القرآن كما كانت تفعل لها والدتها في الصغر حين كانت تخاف او يفارقها النوم ..وسقطت دمعة من عينيها وهي تربت على كتفها منكمشة تؤازر نفسها . لم تكمل دقائق وغطت في سبات عميق نظرا للمجهود النفسي والبدني الذي بذلته وتبذله ورغما عنها ستبذله .. صوت طرق خفيف على الباب ايقظها من غفوتها القصيرة ،فنهضت بتثاقل عن الفراش وهي تستوعب الوضع شاعرة بفقدان ذاكرة مؤقت كعادتها بعد الغفوات القصيرة..عندما ادركت استقامت تبحث عن حجابها بسرعة ،قبل ان تتوقف للحظات بتوتر ..هل تخرج بدونه؟ من المفترض انه زوجها الآن حتى وان كان للظروف الراهنة فقط! حسمت امرها والتقطت حجابها تلف به رأسها بشكل غير مرتب ثم اتجهت نحو الباب .. فتحت وطلت برأسها وهي تفرك عينيها بعد أن ضيقتهما محاولة الرؤية .. لماذا لم ترتدي النظارة! نظر لها في تلك الهيئة المشعثة بابتسامة ثم قال بنبرة هادئة: _آسف ،لم اكن اعرف انك نائمة ،وجدت الضوء ينبعث من غرفتك . قالت بنبرة رقيقة خافتة من اثر النوم: _لا عليك ،غفوت لدقائق فقط . عم الصمت للحظة وهو يقف امامها متأملا ملامحها الطفولية ..بشرتها الناعمة وقامتها القصير ،قبل ان يقبض يديه بقوة يهم بالابتعاد وهو يقول : _طلبت طعاما سريعا و جاء منذ قليل ، لم تأكلي شيئا منذ الصباح . كادت تهم بالاعتذار وتعود لغرفتها لتنام ،فهي لا تريد سوى النوم والراحة الان ..لكن اعتصار معدتها جوعا جعلها تسير خلفه بهدوء . جلس يفتح اكياس الطعام ويخرجهم قائلا : _انت من عشاق البيتزا ،صحيح؟ ظهر شبح ابتسامة على شفتيها قائلة بخجل: _نعم صحيح . فتحت العلبة امامها وهي تتشمم رائحة الطعام باستمتاع حاولت الا تظهره لكنه لاحظه فابتسم بهدوء .. جذبت مثلثا وهي ترى الجبن السائح يمتد معها فإبتسمت بطفولة اتسعت لها ابتسامته . التفتت له قائلة: _كيف عرفت ؟ بم يجيب؟ أيخبرها انه يحفظ كل لمحة منها ؟ أيخبرها بمذكراته التي يدون فيها كل ما يخصها ويحفظه عن ظهر قلب ؟ أيخبرها انه كان ينصت الى كل معلومة يلقيها اخوها عنها بين الكلام ؟ تنحنح ثم قال مشاكسا بغرور: _هل تتحدثين مع سائق توكتوك؟ انا ضابط ،لا يوجد شيء لا اعرفه . ابتلعت ما في جوفها من طعام ثم رفعت حاجبا جميلا قائلة : _كل هذا الغرور وما زلت رائدا ..اعتقد حين تصل لرتبة لواء ستدهسنا بقدميك! اطلق ضحكة ساخرة قصيرة قبل ان يقول : _انت محقة ،ربما ادهسكم لانني لن اراكم اساسا . نظرت له بغيظ وهي تلوك الطعام ببطئ في فمها ،كانت شهية ..شهية جدا ! تساءل هل من الممكن ان تبادله المشاعر يوما ما؟ هل ستشعر ولو بجزء مما بداخله ؟ اخرج تنهيدة مثقلة بالهموم .. بينما هي لأول مرة منذ أيام ..تشعر ! وكأنها كانت متبلدة الاحساس تمنع نفسها من البكاء حتى لا تنهار كليا .. يتسرب اليها شعور خبيث بدغدغة خفيفة وأشياء كطيور صغيرة ترفرف في معدتها الفارغة .. وزيادة في سرعة ضربات القلب لا تعرف ان كانت سببه الانيميا أم شيئا آخر . غمغمت وهي تدفن رأسها في علبة الطعام امامها : _بالمناسبة ..شكرا . عقد حاجبيه مستفهما ليقول: _شكرا على ماذا؟ رمقته بنظرة سريعة احمرت لها وجنتيها ككل مرة ترى عينيه مسلطتين عليها ،لتعود وتدفن رأسها في العلبة مغمغمة: _على كل شيء ..شكرا . صمت قليلا ثم قال بجدية: _لم أفعل شيئا لأشكر عليه يا مريم. قالت معاندة باندفاع بصدقها المعتاد: _بل فعلت ..ما كنت لأجلس بأمان وانا آكل مطمئنة كما أفعل الآن دونك يا ليث. نطقها لاسمه ممطوطا كما تفعل دائما بعفوية وزرقاويها اللتان تناظرانه بتحد الآن فعلا به الأفاعيل ..لكنه مال للأمام قليلا على الطاولة قائلا بصدق: _لم أفعل شيئا بدافع الواجب أو الشهامة البحتة يا مريم ،لذا لا تشكريني . عقدت حاجبيها قليلا بعدم فهم قائلة: _بأي دافع اذن؟ ظل للحظات يناظرها بصمت متأملا تورد وجهها الذي شعرت بسخونته تتصاعد ..لكنها لا تريد أن ترسم امالا وتوهم نفسها بأشياء قد لا تحدث ..هي لن تتحمل الاحباط خاصة في حالتها تلك ،لا ينقصها سوى أن تنهدم أحلام أخرى لتتدمر كليا ..بلا رجعة. استقام واقفا يقول متجها للثلاجة بالمطبخ الجالسين فيه : _هل تريدين العصير؟ لاحظت تغييره لدفة الحوار ،لكنها قالت بهدوء: _نعم ..من فضلك . وضع لها كوبا امامها على الطاولة ومثيله امامه ..ثم اكملا طعامهما في صمت لا يخلو من النظرات المختلسة . ____ "انت النعيم لقلبي والعذاب له ..فما امرك في قلبي واحلاك ." وقفت امامه في تلك الغرفة المجهزة بمعدات التدريب في توجس .. اجهزة رياضية لم ترها من قبل على الحقيقة وملامحه الجادة اشعروها بالرهبة .. لم اتى بها الى هذا المكان؟ نظر اليها شارعا ان يبدأ كلامه لها لتقابله زرقاواها القلقتين ،لانت ملامحه قليلا قبل ان يقول : _كما تعرفين حالتنا في هذا الوقت .. علي تدريبك لمواجهة اي خطر لا قدر الله قد يحدث وانا لست هنا . ابتلعت ريقها ثم قالت : _اي خطر ؟! قال بهدوء : _لا اعلم ،لكن لابد ان تكوني مستعدة لاي شيء كان . قالت بتوتر : _و كيف اكون مستعدة ؟ اخرج مسدسه من جيبه ثم وجهه اليها مباشرة ..عقدت ما بين حاجبيها متساءلة بغباء : _ماذا ؟ اجاب بنفس النبرة الهادئة: _انا الان ارفع مسدسي امام وجهك ..اريني كيف ستتصرفين . ظهرت الحيرة في عينيها وهي تنظر له ومن ثم للسلاح ..ظلت على وضعها للحظات حتى ظن انها لن تنطق ،هم يشرح لها طريقة التعامل مع الموقف قبل ان يجدها تمسك بيدها مقدمة السلاح وتبعده عن وجهها الى اليسار ،وباليد الاخرى تضغط عليه بنفس الطريقة ثم ترفع ركبتها .. لكنها تراجعت عند هذه النقطة ثم عادت تقف امامه وهي تتنحنح بحرج . نظر لها ومن ثم لسلاحه الذي كانت تكبله منذ ثوان دون ان ينطق ،وكأن الصدمة قد عقدت لسانه ! وبالفعل لم يتكلم بل رمى بسلاحه واخذ وضع هجوم مفاجئ ليجدها تصد ضرباته بمنتهى الاحترافية!! وقف ثابتا وهو يراها تعود للوراء الى ان جلست على مقعد صغير في الزاوية .. نطق بعد صمت طويل بكلمة واحدة قائلا : _كيف ؟؟ ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجهها قبل ان تجيب : _يبدو انك نسيت .. ثم نظرت اليه قائلة بعينين فخورتين : _انا مريم عز الدين ..اخت النقيب يوسف عز الدين . لم تخف عليه لمعة العبرات بعينيها عند ذكر اسمه .. فاقترب منها وهي تكمل محاولة التحكم في نبرة صوتها : _كان يدربني على كل شيء ، يخبرني بأنه عندما يذهب الى اي معسكر تدريب او سفرة عمل ،او .. وقاومت غصة في حلقها مكملة : _عندما يموت ..يريد ان يترك رجلا في المنزل . وابتسمت تمسح دمعة فرت من عينها مستطردة : _كان يقول " تستطعين خداع العدو ببساطة ،فلن يظن احد انك مدربة على فنون القتال ..يا لذكائي ودهائي الرائعين ." .. وكنت اضحك واسخر منه . مسحت دمعة لتتسابق الاخريات في النزول قائلة : _لو يعود الان لقلت له كم كنت ومازلت فخورة به ..فخورة بأخي ذو الذكاء والدهاء الرائعين . صمتت للحظات ثم قالت بشرود: _عدت ذات مرة من مدرستي حزينة جدا .. فأمسك بيدي واجلسني وجلس بجانبي ،وسألني عن سبب حزني ذلك ..فسألته باكية " لم ليس لي ابا كأصدقائي ؟ " ،فتنهد ونظر الي قائلا "أولست بأبيك؟ " فقلت له بعدم فهم "لا ،انت اخي!" فابتسم لي وقال " ولكنك ابنتي ومدللتي الصغيرة التي ربيتها واحببتها كقطعة من قلبي ..لست بشقيقك فقط يا مريم ، ولا توجد فتاة لها ابوين!" . نظرت اليه تقول بحنين: _لم انس تلك الجملة ابدا ..كان ملجأي وملاذي الوحيد بعد صدر أمي. ذرفت عبراتها وهي تستعيد مشهدا كان أصعب ما مر عليها في حياتها قائلة : _عندما رأيته امامي مغرقا بدمائه لا حول له ولا قوة ..شعرت وكأن ظهري قد قصم . نظر اليها و هي تحكي له وقد قبض يديه بجانبه ..تشاركه ما في قلبها دون ان تخجل من ان تظهر ضعفها امامه ، رأى كسرة عينيها ونظرة القهر التي تطل منها دون قصد على كل ما فقدت ،ارتعاشة فكيها مقاومة الدموع ورجفة جسدها وهي تتذكر .. وقد اقسم بداخله انه سيبذل كل ما بوسعه ليعيد لها بريق عينيها المنطفئ وبهجة روحها المكلومة . و حين مالت تدفن رأسها بين كفيها باكية بحرقة ..فك قبضتيه ..واقترب آخذا جسدها الضئيل بين ذراعيه فزادت وتيرة بكاءها التي احرقت قلبه ..لدقائق ظلت هكذا ..تبكي وتبكي على صدره وكأن جل ما حبسته من الم منذ ايام قد انفكت عقدته الآن ..حين وجدت من تتشبث به وتبكي كطفلة فقدت ابويها للتو .. لكنها فجأة انتفضت تمسح عبراتها مغمغمة بحرج شديد: _آسفة . خرجت مسرعة من الغرفة ..لم تجرؤ حتى على النظر الى عينيه ..لن تتحمل نظرة الشفقة منه ،منه هو تحديدا ! لا تعرف كيف سمحت لنفسها بالبكاء بهذا الشكل المثير للشفقة امامه .. انبت نفسها كثيرا على هذا التصرف الصبياني .. عاتبت نفسها قائلة "انه مجرد صديق اخيكي ..لن يستمر هذا الوضع حتى لو كنتي تريدين ذلك ..انه مجرد وضع مؤقت ،افيقي يا مريم ،افيقي!" . دست نفسها تحت الغطاء وهي تحاول كبت المشاعر الثائرة بها الان ..لن تسمح له برؤية ضعفها مرة اخرى ،حتى لو كانت ..تحبه . ____ مر اسبوع شاق على اربعتهم ، كان حضور كل منهما في وجود الاخر كان من اصعب تحديات ضبط الاعصاب .. ان يكون من تحب امامك ولا تستطيع التعبير له عن مشاعرك لهو امر صعب للغاية . خرج "خالد" من غرفته وهو يرتدي سترة حلته مارا بغرفتها ،فتوقف امامها لثوان قبل ان يستدعي انتباهه الافطار الموضوع على المائدة ،فالتفت مرة اخرى نحو غرفتها ثم طرق الباب بهدوء .. بعد لحظات خرجت له بهدوء قائلة : _صباح الخير ابتسم مجيبا : _صباح الخير ،متى استيقظت؟ اطرقت برأسها قائلة بحياء: _منذ قليل ،هل افطرت؟ ابتسم قائلا بهدوء : _ليس بعد ، الن تأكلين معي؟ ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها قائلة : _ليس لدي شهية للطعام ،كل انت . امسك بيدها فأجفلت ناظرة اليه وقد احمرت وجنتيها خجلا ،فقال بمرح وهو يسحبها خلفه برفق : _حسنا فلتقفي بدورق المياه بجانبي حتى انتهي من الطعام . سحبت يديها لتقف متخصرة وقد استعادت تهكمها قائلة : _أوتظن نفسك هارون الرشيد؟ ضيق عينيه قائلا : _بربك كيف تكتسبين طولا لهذا اللسان دون غذاء ؟ تحركت معه نحو الطاولة قائلة بغرور: _أهذا ما يضايقك؟ حسنا اجلس سأتنازل واتناول معك الفطور . قال متهكما وهو يسحب مقعدا ليجلس عليه : _اسفين نسينا احضار الكافيار الخاص بسيادتكن . نظرت اليه بطرف عينها قائلة دون تفكير: _تتهكم وكأنك ولدت بمعلقة من ذهب في فمك. عقد حاجبيه باندهاش من تعبيرها المجازي عن غنى عائلته ثم نظر اليها قائلا: _أنا بالفعل كذلك يا نهلة ! صمتت قليلا تفكر ثم تنحنحت بحرج شارعة في الاكل بصمت ،فالتقط الخبز من على الطاولة قائلا : _حسنا من الجيد انك ذكرت ذلك لكي تتذكرينه كلما نظرت الي ووجدتني بجانبك في نفس المنزل لتقدرين الى أي مدى اشفق عليك . رسمت تعبيرا مستخفا على وجهها قائلة : _هلا اكلت في صمت ؟ نظر لها وهم بالرد قبل ان يقاطعه رنين هاتفه ،فعقد حاجبيه ونظر الى شاشته قبل ان تتهلل ملامحه ثم ابتعد مجيبا : _مرحبا ،هل وصلت؟ صمت قليلا مستمعا للطرف الاخر قبل ان يقول : _حسنا انا آت . اغلق هاتفه ثم وضعه بجيبه قائلا في عجالة : _ساضطر للرحيل الآن ،لن اتأخر . تحرك خطوتين ثم عاد قائلا بتحذير قد حفظته على مدار الاسبوع : _مهما حدث لا تفتحي باب المنزل لاي شخص كان .. اومأت له مكملة بهدوء: _لا وقوف في الشرفة ،ولا اصوات عالية في المنزل ،حسنا افهم ذلك جيدا . تنهد قائلا الجملة التي تبتسم على اثرها قبل خروجه : _استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه . استيقظ على اتصال صديقه ،ارتدي ملابسه مسرعا ثم خرج حاملا سترة الحلة في يده مارا بغرفتها ،فوقف قليلا ثم طرق على الباب ليوقظها كعادته قبل خروجه .. طرق بهدوء قائلا : _ مريم ،هل استيقظت ؟ في الداخل نهضت مريم عن فراشها ثم اتجهت واقفة خلف الباب قائلة : _نعم . صمت قليلا قبل ان يقول دون ان يعرف السبب : _هلا خرجت من الغرفة ؟ ارتبكت واقفة في مكانها ،ثم نظرت الى نفسها في ذلك البنطال الاسود الفضفاض وتلك الكنزة السوداء الطويلة اللذان ترتديهما في المنزل من قبل خروجه الى ان يعود حتى اذا حدث لها اي مكروه تكون مستورة ..تحركت بسرعة ملتقطة حجابها الذي لم تستغن عنه طوال الاسبوع الذي مضى ..لفته على رسها في عجالة ثم فتحت الباب محاولة تنظيم انفاسها بهدوء . نظر اليها مطولا دون ان يتفوه بحرف واحد ..انه ثمة شعور بالفراق القريب يحاوطه ..يخنقه ويجثم على صدره .. تنهد ثم قال : _تعرفين ما عليك فعله ،صحيح ؟ اومأت قائلة بإبتسامة هادئة رغم توترها الداخلي: _اعرف ،لا تقلق . اطرق برأسه هنيهه ثم تحرك مبتعدا وهو يرتدي سترته قائلا : _حسنا ،استودعك الله . اعطته ابتسامة عذبة متمتمة بعد أن غادر: _في حفظ الله . ____ اوقف "خالد" سيارته بجانب منزل هادئ صغير ،فالتفتت له قائلة : _هل هذا هو المنزل ؟ نظر لها قائلا : _نعم ،معك المفتاح ..خذي حذرك جيدا . اومأت برأسها وهي تترجل من السيارة قائلة : _لا تقلق كل شيء سيكون على ما يرام . اوقفها قائلا : _المسئولية كبيرة ،ولم استطع الوثوق بغيرك يا نور. ابتسمت "نور" بثقة قائلة : _لن اخذلك يا اخي . وضعت نظارتها الشمسية على عينيها ثم نفضت شعرها البني الى الخلف قائلة: _الن تخرج لي الحقيبة ام ستتركني اخرجها بنفسي يا سيادة النقيب؟ ترجل من السيارة ثم حمل الحقيبة مخرجا اياها من السيارة قائلا بتهكم : _اي اوامر اخرى ؟ رفعت الجزء الخاص بسحب الشنطة الكبيرة ذات العجلات ثم جرتها وراءها قائلة بغرور : _لا ،يمكنك الذهاب . ثم دلفت الى المنزل ..بينما هو عاد ليركب سيارته ناظرا الى السماء برجاء قائلا : _انها املنا الوحيد يا الله .. ____ دخل "خالد" غرفة المكتب بوجه واجم ،شاردا في الفراغ.. القى السلام بنبرة فاترة ثم جلس امام مكتبه بهدوء مناقض لطبيعته .. رفع "ليث" نظراته الى وجه صديقه الواجم على غير العادة ،فارتفع حاجباه بدهشه .. ترى هل عكننت عليه "نهلة" ..؟ لم يمر على زواجهما الذي لا يتقبله اسبوعان وهو يعلم اخته حق المعرفة ..انها مستفزة الى درجة تجبر الناسك على سبها بأفظع الالفاظ .. لا يعرف لم اصر على زواجها هذا المغفل من الاساس ! قال "ليث" ساخرا يرد تحية لم يلقها من الاساس: _وعليكم السلام والرحمة .. رفع "خالد" عينيه ليطالعه بنظرة خالية من التعبير ثم اعاد عينيه الى حاسوبه المحمول امامه ،فازداد اندهاشه ليقول بتساؤل جاد يحمل في طياته السخرية: _هل صفعك احد قبل دخولك الى هنا ؟ اغتاظ "خالد" ليقول بنفاذ صبر : _اصمت يا ليث . قال "ليث" باصرار : _لم يبدو منظرك هكذا اخبرني ؟! نظر له "خالد" باستخفاف قائلا : _ما به منظري ؟ صمت "ليث" لثانيتين ثم قال محاولا كتم ضحكاته : _ بشع كالعادة ما الجديد ! قال "خالد" مناكفا وقد عاد لطبعه المستفز : _ها انت قلتها بنفسك لا جديد .. ثم ان هذا المنظر البشع يعجب اختك . مط "ليث" شفتيه بامتعاض قائلا : _حمقاء ..تشبهك ،اتعلم ؟ تليقان ببعضكما للغاية ..نفس الغباء الفطري ..لا اعرف لم وقعت في تلك العائلة ! ربت "خالد" على صدره شاكرا وهو يبتسم بسماجة وكأنه يمدحه .. فزفر "ليث" بغيظ قبل ان يقول : _لم تخبرني ، ما الذي يثقل روحك هكذا ؟ تنهد "خالد" ثم قال : _لقد وصلت شقيقتي صباح اليوم . عقد "ليث" حاجبيه باهتمام قائلا : _حمدا لله لقد قلقت ان تتأخر كثيرا ،ما الذي يضايقك بشأن هذا الامر ؟ قال "خالد " بتوتر داخلي : _اخشى ان لا يحدث تطورا يذكر ،انت تعلم لا امل لنا في غيرها .. ابتسم "ليث" بخفة بالرغم من التوتر الذي يسيطر عليه ثم قال محاولا التهوين: _لا تقلق لن يحدث شيء بإذن الله . قاطع حديثهما رنين هاتف "ليث" الذي اخرجه من جيبه وما ان رأى الشاشة تضيء باسمها حتى اسرع بالرد على الفور ،وقبل ان ينطق جاءته جملتها المرتعشة التي جعلت الدماء تتجمد في عروقه .. _انجدني يا ليث ! نهاية الفصل السادس💕 | ||||
|  |
|
13-11-20, 12:04 AM
| #55 | ||||||||
| فصل راااائع شكرا لمجهووودك 👏👏👏👏 جذبني دخول شخصية نور اخت خالد حاسة في سر وراها علاقة ليث و مريم جميلة لازمها شوية شجاعة و مصارحة 😍😍😍😍😍 حتى خالد و نهلة تحسيهم ملح الرواية حبيتهم جدا ❤❤❤❤❤ انا ليش عندي احساس انه يوسف حي و اصحابه بيعرفو لاني فعلا حبيت علاقته مع اخته و شايفة حرام مريم تخسر كل اهلها في اتظار الفصل الجاي على نار 🔥🔥🔥🔥🔥 🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺 | ||||||||
|
| |
|
13-11-20, 12:13 AM
| #56 | |||||
| اقتباس:
انا في القفلات ماعنديش ياما ارحميني😂😂 تسلمي❤️❤️ | |||||
|
| |
|
13-11-20, 12:15 AM
| #57 | |||||
| اقتباس:
هنعرف كل حاجة قريب ان شاء الله يا قلبي تسلم عينك وقلبك❤️❤️❤️ | |||||
|
| |
|
13-11-20, 12:18 AM
| #58 | |||||
| اقتباس:
اتمنى الاحداث الجاية تعجبك وتكون مرضية للجميع💕💕 شكرا لكومنتك الجميل وانا مستنية تعليقك على الفصل الجاي على نار❤️ | |||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
11Likes
العرض العادي
