المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اوديفالا
الفصل الســادس
أليكساندر ~
.
.
.
( لقد إشتقت إليكَ أخي ) بالكاد سمعت صوتها الهامس البعيد
( وأنا إشتقت لكِ كثيراً )
شعرت ببرودة تتسرب لجسدي حين لامست زجاجة نافذة المرحاض بجبيني وبصعوبة وبإجهاد سألتني كأنها لا تستطيع التكلم : ( متى ستعود ياأخي ؟ لأني .. لأن)
توقفت عن الكلام فجأة وسمعت صوت أخر خشن يستبدل بصوتها الرقيق
( لقد وصلتني النقود وأنا سأخذ ماكنزي غدا للعيادة.. أليكساندر )
( أجل ؟ )
( ماكنزي بخير ، لكنني خائب الظن بك لأنك قطعت كل هذه المسافة إلى لندن لتجني هذا المال القليل ، أنت تعرف أن راتبك الشهري هاذا لن يدفع الديون ولن يوفر كل الادوية المطلوبة ,كل ماأستطيع فعله لها هو أخذها للعيادة مرة في الأسبوع , إذن فكر مجدداً حول وظيفتك تلكَ )
( إعتني بهم إيمانويل , و سأرسل المال كل شهر ، أنا أعتمد عليكَ )
( يجب ان أغلق الخط الان )
( حسنا .. قل لامي بأنني بخير ..سأتص ..) أغلق الخط قبل أن أنهي جملتي
أعدت الهاتف لدوغلاس الذي إكتفى بالوقوف جانبا وإغماض عيونه طوال مدة المحادثة
( كيف حالها ؟ )
( قال إيمانويل أنها بخير )
( لا ..أخبرني أنت كيف بدت لك من خلال صوتها )
(لقد بدت تعبانة ..لم تستطع التحدث حتى )
( إسمعني ياأليكس ,لدي خطة , منزلي مناسب جدا لماكنزي , قد لايكون كبيرا وأثاثه قديم جداً لكننا نملك جهاز تدفئة وغرفتي متوفرة ..وأمي متواجدة طوال الوقت هناك )
وقبل ان يكمل قتلت فكرته ( دوغلاس هل أنت واعي لنفسك ..أخبرتك أن أختي تعبانة وصوتها لم يعجبني البتة وكأن مرضها إشتد عليها ، وأنا براتبي القليل لا أستطيع أن أوفر لها كل شيئ، فقط واحد منها .. ويكفيني أن أقلق على هاته الامور.. لكن طريقتك بالتفكير فيها مؤخرا صارت تقلقني أيضاً )
( توقف ..توقف توقف أليكساندر , لاأريد أن أسمع المزيد ) لكم باب المرحاض بقوة
ووجه لي نظرة قاتلة ( أردت المساعدة فحسب ، ماكنزي ترعرت في منزلي ووالداي يحبانها كثيرا ، لم أرى مانعا من بقائها عندهم مؤقتا ، بالإضافة لا أعرف كيف تستطيع الثقة بإيمانويل ببساطة وإتمانه على حياة أختك ، لكن ماشأني صحيح )
ثم خرج عائدا للمطبخ.. وأنا قررت أن أدخن لكن فترة الإستراحة إنتهت قبل أن تهدأ أعصابي كليا عدت للمطبخ ولأول مرة أدخل هنا وأنا أشعر بانني أضيع وقتي ووقت أختي الذي بقي لها ..ياإلهي ساعدني
الاطباق تكاد تصل لطولي وبالفعل بدأ دوغلاس بتقشير الخضار بحدة , وهو لم يرفع عينيه لي حتى كأنه لا يعرفني
وبعد مدة طويلة من التجاهل إستدرت إليه وقلت مازحا ( لاعليك سأجد شخص مثلكَ )
حاولت أن اجعل تعابير وجهي حزينة مثل مغنية هذه الأغنية فرفع حاجبيه الطويلان هامسا
( من؟ هل الشاف بيشوب ؟ )
كان جادا لكنني إنفجرت من الضحك
وهو رد بغيظ : ( بمجرد أنك صديقي الوحيد فهذا لا يعني أنني لن أحطم فكك )
( هل سبق وتسائلت كيف بقينا صديقان حتى هذه اللحظة ؟ هل تتذكر لقد كنا مجموعة ، كنت الطفل المتمرد الذي يكون في الصف الاول لكل مشكلة تحدث معنا ,ولأكون صريحا معك أنا كنت أتجنبكَ لانك كنت متنمر أيضاً ..أو هكذا ظننت حتى بدأ أفراد المجموعة يغادرون واحدا تلو الاخر وكلما أصبح العدد أقل كلما تقربنا من بعضنا أكثر..حتى إنتهى الامر بنا أنا وأنت فقط ..دوغلاس أنت صديقي الوحيد الأن )
( لم أعد كذلك .. أنت بقيت وحدك في المجموعة ) قال ببرودة فإلتفت إليه مبتسما
( ماهذه الضوضاء ) أول شخص رأه الشاف بيشوب عند عودته من فترة إستراحته كان أنا
أو قصد ان يراني أنا وبدون أن يفهم أي شيئ توجه لي وراح يحدثني بحدة قائلا ( لماذا لا تركز على عملك وتترك المزاح خارج جدران مطبخي )
نظر للاطباق التي أكاد ان أنتهي منها وقال مشيرا إليها ( أنا لم أوظفكَ لكي تلهو هنا وهناك .. أنظر لنفسك من الواضح انك مجرد شاب فاشل طردك والدك من المنزل لأنه ضبطك تتناول المخدرات .. حالك لايختلف عن حال المتسول وستصبح حقا كذلك إن طردتك من هنا .. ستتشرد ولاأحد سيكترث لكَ ، ركز على عملكَ )
حين ذكر أبي أردت أن أحطم الصحن الذي أحمله على رأسه.. ثم رأيت دوغلاس الذي وقف خلفه ورأيت قبضة يده ترتفع
حتى تدارك كورتيس الأمر في أخر لحظة وأمسكه ..بدون أن يحس الشاف به جعله يجلس على مقعده ثم قال بصوت هادئ جداً
( طلبية فيفر جاهزة )
وجدها الشاف بيشوب فرصة رائعة ليخرجني من هنا فقال ( أوصلها سريعاً )
ياإلهي ليس ذلك المكان مجددا
نزعت المئزر وأخذت مفاتيح الشاحنة الصغيرة .. ياإلهي ألهمني الصبر ,كيف له أن يحكم عليا من خلال مظهري .. كيف يعتقد بأنني أتعاطى المخدرات ..فقط لانني فقير
شغلت السيارة وخرجت للطريق العام , حاولت أن أقود بسرعة وأتفادى الزحام إنما ليس بيدي حيلة ..عليا أن أكون عالق وسط حركة المرور البطيئة ,السيارات بأنواعها تسير جنب لجنب وكأنها تزحف , حاولت التوجه لليمين فلم اجد فسحة كافية, أنا محاصر
وعالق... وأتسائل متى سينتهى مايك من إختباراته لكي يعود لعمله ويوصل هذه الطلبيات اليومية لال فيفر
توجهت مسرعا لفيلا فيفر ومشيت بجانب سور عشبي يمتد ليشكل مدخل الحديقة الداخلية ، هذا المكان مثل الجنة ..إنه محاط بأشجار فارعة الطول كحصن من الطبيعة ..وهادئ جداً وكأننا لسنا في لندن حيث الضجيج
ياإلهي الكلاب مجدداً .. ثلاثة كلاب سوداء شرسة مستعدون لتقطيعي إرباَ ..كلاب مخيفة جزء من أل فيفر ..ثم فكرت مجددا ووجدت أن هناك فرد اخر مخيف بقدرهم يقيم هنا أيضاً
إنهم يريدون التهجم عليا وينتظرون مني القيام بحركة واحدة
( فينوس ، مارس ,جوبيتر .. إجلسوا ! )
صدر صوت مألوف خلفي لكنني لم ألتفت حتى جلس الكلاب الثلاثة فجأة ..ليتقدم لي كائن أكثر شراسة
وقفت محتفظة بالمسافة لتفتح فمها الذي طلته باللون الاحمر اللامع
( لقد رأيتك من بعيد وظننتك سارق ..والكلاب فكرت مثلي )
( لقد رأيتك من بعيد أيضا و ظننت أنك ميمي من برنامج درو كاري شخصياً )
فتحت فمها بإتساع لتصرخ ( من ؟ ...إسمي تاماني ,,أتعرف ماذا ، لقد غيرت رأيي .. فينوس )
( لاتفعلي ) حذرتها بجدية فتحدتني وأكملت بغيظ شديد ( مـــــــارس )
( إياك .. لاتفعلي ) رأيت الكلاب تتأهب لتمزقني ( أنا أحدثك بجدية ياأنسة , إياك أن تفكري بذلك حتى)
إعتدلت في وقوفها وقالت : ( بغض النظر من أنك مجرد عامل بسيط ..أنت كذلك شاب فقير وتبدو متشرد ,فإعذرني إن ظننتك سارق .كما ترى هذا المكان لايليق بكَ، دع الطلبية وأرحل في الحال)
( حسنا ياأنسة ,خذي هاهي الطلبية ) أعطيتها الكيس فامسكته , لم تنزع عيونها عليا حتى رحلت من منزلها ، قبل أن أخرج إلتفت فرأيتها ترمي الكيس في الزبالة غاضبة
لماذا الجميع هنا قساة القلوب ,أفتقد الريف كثيراً
عدت للمطعم وكلي أمل أن يتركني الشاف بحالي إلا أنه كان بإنتظاري وبدأ يصرخ ( لقد تأخرت أيها الغبي , أسرع لعملك ..إبتدأ في التنظيف ، أريد كل شيئ يلمع هنا )
(حسنا ) أردت فقط ان يدعني وشأني ، لكنه لحقني مثل خيالي وراح يشير لكل مكان قائلا
( إسمح داخل الشقوق والزوايا )
عملت مثل الالة لساعات متتالية و الشاف بيشوب يراقبني بدقة ,شبك يديه القصيرتين
وقال : ( أترك الاواني .. وإبدأ بتنظيف الأفران )
( حسنا )
نظفت الجهة اليمنى حيث الأفرنة فجاء يصرخ بقوة ( انظر ماذا فعلت أيها الغبي ، لقد رفعت الغاز عاليا حين كنت تنظف وجعلت كل الخبز يحتـرق )
( أقسم أني لم ألمسه )
( هل أنا كاذب ، هيا تحرك وإبدأ بتنظيف الثلاجات )
وبمجرد ان وصلت حيث يوجد الثلاجات ,جاء يقف بالقرب من إيمي التي منحتني إبتسامة سريعة وتنحت لي لأنظف الدماء المتبقية من بعض قطع اللحم ..والعظام المتناثرة في الزوايا
( أنت تعمل بطئ شديد .. هل تمانع إن تسرع أيها السيد البطيئ ؟ )
سأتجاهله .. كل ماسأفعله هو تجاهله وسينتهي هذا اليوم بسرعة ( نظف هناك ..هل أنت أعمى أيضا , لاأعرف بماذا كان يفكر عامل الإستقبال عندما أرسل لي شخص متخلف)
رفعت وجهي نحوه فتراجعت إيمي للخلف بخطوة وحجبته عني بدون قصدها ,كان الحظ بصفه فقط
لقد تركني لربع ساعة حيث ازعج جاستن , ثم عاد لي ليطلب مني إحضار صناديق الخضروات التي وصلت للتو , حملت كل الصناديق ووضعتها في قرب الصناديق الأخرى , وجلست لاساعد دوغ مازال وجهه لا يفسر
( ياصاح ..لقد عانيت مايكفي اليوم ,أرجوك لا تضف إنزعاجك مني للقائمة )
( أنا لست منزعج منك أليكس ,ظننتك فهمت ذلك حين اوشكت ان أحطم رأس
بيشوب هذا الصباح من أجلكَ )
( حسنا .. )
صمت حين شعرت به خلفي ( إنهض ) الظلام أصبح حالك في الخارج , وقفت وكنت أطول منه واظن ان هذا الامر أزعجه .. في الحقيقة لولا خوفي بان يطردني لسألته ماهي مشكلته معي ؟ مامشكلته إن كنت فقير ؟
( إذهب للبقالة وإشتري لي كرافت إيزي تشييز )
( حسنا )
نزعت مئزري وخرجت أجول الشوارع ,ولسوء حظي كل المحلات لا تملكه, من أين ساحضر له الجبن الان
جبن كرافت على الثامنة ليلا ؟ هل يسخر مني ، قررت أن أتوقف عن البحث بعد مرور ساعة ورجعت بيدي فارغة
وهو فقط تقدم لي قائلا : ( أعطني الجبن ..مالذي أخرك كل هذا الوقت ؟ )
لاحظ أن يدي فارغة ومع ذلك قال : ( أعطني الجبن أيها الخادم )
( لم أجد الجبن الذي طلبته .. هناك أنواع كثيرة لكن كرافت إيزي تشيز غير متوفر شاف )
عيونه إمتلأ بغضب عارم حيث ظهرت عروقه وصرخ : ( ماذا ؟ )
( تبا ..تبا هل قلت أنك لم تحضر لي جبن كرافت ..إذن لماذا جئت ؟ لماذا رجعت أيها المحتاج البائس ؟؟ أيها الكسول العاجز ..لقد طلبت شيئ بسيط ..كرافت إيزي تشيز ، لم اطلب ذهب ولا سيارة .. فقط الجبن اللعين )
( أنا أسف شاف ) رفعت يدي لأمسك رأسي الذي يكاد ينفجر
وبملح البصر حمل السكين القاطع الذي كان قرب الساطور وضربني بقوة حتى شعرت بحريق في
عنقي ..ورأيت دوغلاس يشد ذراع الشاف , نزلت الدماء لتلوث قميصي وكذلك مئزر الشاف
( أليكس هل أنت بخير ؟ ) سألني دوغلاس وهو لم ينتزع عينيه قط من بيشوب الذي جرح عنقي للتو ولولاه لكان ذبحني , جاء كورتيس مسرعا وأجلسني على المقعد بينما وضعت إيمي مئزرها على عنقي لتوقف الدماء
(هل فقدت عقلك أيها الشاف الحقير ..هل أردت قتله لأنه لم يحظر لك الجبن اللعين)
( أنا بخير ..أنا بخير ) رحت أردد لهم وبشكل خاص لدوغلاس قبل ان يرتكب حماقة
تراجع الشاف خطوتان ورفع ذلك السكين نحوي مجددا ليقول بدون رحمة ( إعتبر نفسك مفصول عن العمل من هذه اللحظة )
لم أشعر بنفسي إلا وأنا أقف أمامه متوسلا ( أرجوك لا تفصلني عن العمل ,سأخرج الان وسأحضر لك الجبن ولوكان خارج لندن ، أرجوك ..أعطني فرصة )
( كان يجدر بك أن تفكر هكذا من قبل ) إنه يتلذذ بعذابي
( ايها الشاف ..أنت لا تدري حاجتي الشديدة لهذا العمل , إنه مهم جداً ..أرجوك )
( إنهض أيها المحتاج , غادر وإبحث عن وظيفة أخرى..ربما التسول!! ) وبدأ يبتسم في أخر كلامه حتى شعرت بانه تجرد من ثوب الرحمة والإنسانية
( شاف ، هذا العمل مهم جدا له ..عليك ان تقدر وضعه , هو بحاجة هذا العمل ) ساعدني دوغلاس لكنه رفض رفضا قاطعا وصرخ بقوة
( غادر من هنا ولا تعد أبداً )
( جاستن أطلب من عامل الإستقبال أن يعلق ذلك الإعلان مجدداً ,وليحرص هذه المرة على لآ يحضر لي متخلفين )
( إنهض يابني ..التوسل لن ينفعك مع بيشوب , تعال ) جعلني كورتيس أقف إنما لم احس بقدماي البتة
(أنت إبق هنا وحافظ على عملك ..لاتقلق بشأنه سأساعده ..) سمعته يطمئن دوغلاس بينما أخذني للخارج وجعلني أصعد سيارته ثم بدأ يقود
هل يعقل أن أخسر عملي في غمضة عين
( لايمكنه أن يفصلني بهذه البساطة , لايمكنه أن يفعل ذلك ,سأعود إليه وسأتوسله
مجددا إن تطلب الأمر )
( لا لن تفعل..عنقك ينزف وستذهب للمستشفى)
وحين ذكر المستشفى نزلت دموعي بشدة , أختي ..أختي المسكينة ,لقد خذلتها
لقد خذلتها
( أليكساندر ..لاتبكي فأنا متأكد بأنك ستجد وظيفة أخرى مثلما وجدت هذه )
لاأعرف كيف حتى دخلت المشفى وقام الطبيب بتقطيب الجرح ..ليته يقطب الجرح في قلبي , ولاأعرف ماذا حدث حتى وصلت لأحد الاحياء وإصطحبني كورتيس لمنزل صغير في حي هادئ
(سأستقبلك اليوم في منزلي البسيط ) فتح لي الباب فلم أشأ الدخول
( أنا حقا شاكر لك لكن يجب ان أعود للمطعم الأن ..سأطلب فرصة ثانية)
وضع يده فوق كتفي وقال بنبرة واثقة جدا ( إبني هل ستصدقني لو أخبرتك بأن الشاف بيشوب لن يعطيك تلك الفرصة التي تبحث عنها ؟ )
( لماذا ؟ )
( لأنه قصد أن يطردك .. إبني أنت بريئ جدا وبسيط لدرجة أنك تجهل أن كرافت
إيزي تشيز لايباع سوى بامريكا , إنه يستعمل هذه الحجة دوما حين يريد أن يتخلص من أحدهم لكن في حالتك لقد تمادى ، أدخل المنزل لتستريح )
هاأنا مجددا ..عدت لبداية الطريق |