آخر 10 مشاركات
الحب الأزرق *مميزة & مكتملة* (الكاتـب : Fatma nour - )           »          608 - المرأة الضائعة - روايات عبير دار ميوزيك (الكاتـب : samahss - )           »          554 - حب بلا أمل - catheen west - د.م (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          حبي الذي يموت - ميشيل ريد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          زوجة بالميراث (127) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          398 - لن تسامح - داي لوكلير (الكاتـب : سيرينا - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: --------------
-------------- 0 0%
------------------ 0 0%
المصوتون: 0. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-04-21, 03:56 AM   #51

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصـل31 /《أليكساندر 》

كانت الساعة التاسعة صباحا ، وهاأنا مجددا عالق مع اللإخوة فيفر داخل قاعة الإجتماعات

وكالعادة الأنسة سيرافينا تبدو أنها دمية شمع جامدة خالية من المشاعر والواقع أنها صعبة الإرضاء و أي شيئ يثير غضبها ، كما أنها متسلطة بقسوة ..أرى الموظفون يرتعبون منها حين تهدر عليهم لأبسط التفاصيل ، بحيث صار وجودها فقط يخلق لهم توترا نفسيا

( لعل وعسى أن تصل اللايدي هولموود والمحامي غرافل قبل وصول المستثمرين ) شبك جون ذراعيه وهو يقرأ في الملفات الموجودة أمامه فتمطط فم بيتر بقرف وهو يلعب بهاتفه

عقد جبيه بمقت قائلا ( أكره تلك الساحرة الشمطاء ، وكيف تقحم نفسها في كل تفصيلْ وأكره أكثر ذلك المحامي غرافل لأنه محترف جدا في عمله بحيث يمكنه أن يجردنا من كل شيئ نملكه إن قالت له أن يفعل ذلكَ)

قالت الأنسة سيرافينا وهي تلعب بقلمها بين اصابعها بقلة صبر ( أنت مصيب فيما قلت..وساكون ممتنة لك أن لا تظهر كرهك للسيد غرافل ، لأن إبنه جيريمي سيصبح زوج تاماني في المستقبل العاجل )

لم يهضم كلام سيرافينا فضحك من قلبه وترك هاتفه لدقيقة ، وردد بنبرة متفاجئة ( جيريمي غرافل ! الفتى البدين الابله من الصف الثاني إبتدائي .. ماذا ؟ تبا .. حقاا ؟ )

رددت الأخت وهي تحدق للساعة على معصمها النحيف ( من الواضح أنه لم يعد بديناَ ..وأمي تراه مناسباً جداً لتاماني )

إتسعت إبتسامته بتسلية عجيبة ( حقا ..لكن إن نظرنا لتاماني فهو حقاً مناسب جداً ، سيكونان أكثر ثنائي غريب أطوار في لندن ، هل حقا وافقت على الإرتباط به ؟ تلك الأخت التي ليست في كامل قواها العقلية )

سيطرت على نفسي بصعوبة لأنني أسمع كلاما جارحا هكذا بحقهاَ ومن قبل اخوهاَ

قالت الانسة سيرافينا ، بدون رأفة ( ليس لديها خيار ، من سيتقدم لها ؟ هي مملة و بلهاء وفاشلة في كل شيئ ، لا تستطيع حتى تركيب جملة راقية ولاأحد سيريد الإرتباط بها سوى شخص يشابهها )

إنحنى بيتر على الطاولة متسائلا ( لكن مالذي تفكر فيه أمي بجعلها ترتبط بجيريمي السمين ؟ إن سئمت من مشاكلها و أرادت ان تبعدها تستطيع بسهولة أن ترسلها لمدرسة داخلية )

ارتسمت ابتسامة حادة على شفتيها الكرزيتين وإلتفتت ببطئ بمقعدها نحو بيتر ( ربما هي تريد ان تبعدها للأبد يابيتر ..هي مجرد مزعجة كبيرة تريد تلويث سمعة فيفر ..دعنا منهاَ قبل أن يتعكر مزاجي ..أليكساندر أنسخ لي هذه الأوراق بسرعة )

أمسكتهم وذهبت لأنسخهم لها وإستغليت الوقت لأتصل بدوغلاس فأنا لم أتصل به منذ أسبوع لأنني لم املك وقت البتة

( مرحبا ياصاحبي ) أجابني مع اصوات ألات خلفية جعلت من الصعب سماعه

( أين أنت ؟ ) سألته بينما بدأت اصوات الألات تتراجع .. ( كيف الحال ؟ كيف أحوال أختي يادوغلاس ؟ )

قال بين هسيس أنفاسه المضطرب ( في الواقع هي بخير ، هي تأكل جيدا وتأخذ أدويتها في الموعد ، لكنها مشتاقة لكم وخصوصا لك ، حاليا أعمل في موقع بناء..الغبار مرتفع والامور مختلطة ..هل أتصل بك حين أعود للمنزل )

( لاداعي لتتصل بي أمامها ، لم أصدق انها اعتادت الحياة معك فلاداعي لتسمع صوتي ، فقط إهتم باختي ولاتدعها تحتاج لأي شيئ ..سأرسل لك النقود حالما أتلقى راتبي )

كنت سأغلق الخط إلا أنه سبق بالحديث ( إنتظر أليكس ..ماكنزي معي الان ، أنا ساهتم بها)

قمت بنسخ أخر ورقة وسحبتها بعنف فتمزقت فجعدتها بيدي وقلت بإستياء ( طبعا سارسل لك النقود لا تجادلني بذلك )

قال وقد عادت اصوات الالات لترتفع ( أنا أهتم بماكنزي وأنت إهتم بأمك وأرون ، والافضل أن تبحث عن شقة مؤقتا لهما ، فلا يعقل أن يظلا عند كورتيس للأبد )

إنتابني التوتر من نبرته المتملكة حول أختي ، فقلت بحدة ( قلت لك لا تجادلني ، إسمع عليا الذهاب ، أختي بأمانتكَ)

حملت الاوراق وعدت ادراجي بسرعة للمكتب فوجدت ان اللايدي هولموود والسيد غرافل هنا

( أوه أنظرو من يوجد هنا ..الشاب الظريف) إلتفتت اللايدي هوولموود بطريقة غنجة وجدتها مبالغة بعض الشيئ بالنسبة لعمرها وهي تمد لي يدها لأقبلها ..ففعلت ذلك تحت إنزعاج أل فيفر وتراجعت للباب مبتعدا عنها قبل أن تقوم بحركة أخرى تثير إرتيابي وإرتيابهم بها

تتبعتني بعينيها الصغيرتان قائلة ( أتعلم ماذا ، الإدارة تليق بك كثيرا ياعزيزي أليكساندر )

حين قالت ذلك همس بيتر تحت أنفاسه بسخرية

( هذا الجاهل ! )

كنت قريبا منه فلم أسمعه سوى أنا والأنسة سيرافينا التي رفعت حاجبيها موافقة اخوها ، أخذة كلام فيكتوريا كإهانة

إستقامت بجلوسها ورفعت وجهها بشموخ مثل النسر ، مطت شفتيها بشبح إبتسامة خبيثة ( أظن أن الأمر يعتمد على مؤهلاته ومستواه لذلك أصدق لو أن الإدراة كانت تناسب أليكساندر حقا لكان جالس هنا معنا كشريكْ وليس كمساعد متعدد الخدمات)

إحتفظت فيكتوريا بملامحها المبتسمة ، متجاهلة النظر كليا لجهة الانسة سيرافينا ، قالت وهي ترفع وجهها بشموخ أعلى ( إحتفظِ برأيك لنفسكِ سيرافيناَ ، لدي إيمان كبير بهذا الشاب ، أليس كذلك مايكل ؟)

( طبعاً .. لدي إيمان كبير نحوه أيضاً ) قال مايكل وهو يوجه لي ابتسامة ودية ، سرعان مااختفت بزم شفتيه بطريقة سائمة أوحت لي أنه يمقت تواجده هنا ..تماما مثلي

تابعت فيكتوريا بلهجة مسيطرة أربكتهم ( لكن بما أنكِ ذكرت المستوى والمؤهلات ، ربما يجب تطهير هذه الشركة من بعض الزوائد )

وخصت بيتر بنظرة سريع غامضة حيث كان منقطعا كليا على الاجتماع ويركز فقط على هاتفه ، غالبا يبحث عن رهان جديد

بدأت الامور تصبح غريبة هنا وظهرت إبتسامة سيرافينا الصفراء الخبيثة مجدداً لأنها لم تتوقع أن تدافع فيكتوريا عني بهذه الطريقة

( هل لديك خطط مستقبلية لأليكساندر؟ ) سألتها وهي تلعب بالقلم وفي لحظة ظننتها ستكسره

نظرت اليها فيكتوريا لأول مرة مما جعلها تشحب ، وقالت بثقة مطلقة ( لدي خطط مستقبلية لكل من أراه قادر على أن يرفعني ولو درجة واحدة نحو النجاح )

حافظت ابنة ال فيفر الكبيرة على هدوء اعصابها وقالت بنفس اللهجة الواثقة ، المليئة بمزيج فيفر من المكر والغطرسة ( إذن أعتقد أنك ستضعين خططك المستقبلية على الأفراد الذين أنهوا دراستهم العليا وأثبتو خبرتهم في هذا الميدان ..وليس على شاب بالكاد يعرف كيف يكتب إسمه ، لا إهانة .. أنا فقط احاول أن أثبت وجهة نظري )

رفع مايكل وجهه للسقف بإستياء واضح حين إستصغرتني ، بينما ارتفع طرف شفتي فيكتوريا بإمتعاض ، لترمق هذه الانسة بنظرة مليئة بالتحذير تذكرها من تكون ، وتقول بنبرة حازمة ( آه ياعزيزتي سيرافينا ، ليس كل من أنهى دراسته يعني انه قادر على إدارة هذا العمل ..البعض متواجد هنا فقط لأن والده يملك أسهم في الشركة )

هذه المرة نظرت مباشرة قاصدة بيتر الذي صار وجهه أحمر جدا من الغضب

( نحن جاهزون لنبدأ الإجتماع ياسادة ) قال جون ليوقف هذه الاصطدام الذي حدث بسببي

من الواضح ان الأنسة سيرافينا لا تطبق إستراتيجية والدتها للموافقة على كل ماتقوله اللايدي هولموود سواء كان صحيح أو هراء

( بعد تفكير ثاني ..لدي إجتماع أهم لأحضره ) نهض بيتر مغادر ، مشيرا لي بحنق ( تعال معي ايها الخادم )

أعطاني المفتاح لسيارته الضخمة لأقودها وأنا أكره تواجدي معه لأنه يجلب المشاكل لنفسه وانا يتم لومي لاحقا

سألته : ( إلى أين تريد الذهاب ؟ )

فأجاب بغضب ( فقط قد السيارة وإخرس )

كأن حظي لم يكن سيئا بما يكفي من قبل ..فكان عليا أن أعمل لدى آل فيفرْ أيضا

كم أرغب بأن أقبل بالوظيفة التي عرضتها عليا فيكتوريا ..فقط لو كان لدي منزل لأخذ فتاتي

الان بعد أن أسقطت دفاعاتها واحدا تلو الاخر و عادت لتكون تلك الفتاة البسيطة الحساسة .. لن تستطيع أن تنجو بينهم بدوني

( أنا فقط لا أفهم مالشيئ المميز الذي تراه تلك الساحرة الشمطاء فيكَ )

رأيته من المرأة الامامية يفور من القهر

كشر عن أنيابه وهو يغلي إستفزازا ( هي عبارة عن روح مسنة تتمسك ببقايا ذلك الجسد المجعد الهرم المعدل ولابد أنها في المراحل الاخيرة من مرض ما ..ربما الزهايمر ..أو الهلاوس..ربما الجنون ، هي حتما مجنونة لأنك أيها الخادم لاتملك شيئاً يميزكَ ، أنت لست سوى فاشل وجاهل ومتخلف حقير ..أمثالكَ ولدوا لينظفوا أحذية أسيادهم مثلي )

صمت لكي أحافظ على وجودي بقرب حبيبتي ..رغم أنه تعدى الحدود كثيراً

أمرني بإستعلاء (إذهب إلى نادي الخيول )

وركل خلفية مقعدي بقدمه صارخا( آآه اتمنى أن تهلك تلك الساحرة الشمطاء قريبا ..كم تكرهني بدون سببْ )

الان هو يحدث نفسه بينما يعد الملايين التي سيخسرها في الرهان

( إنتظر هنا )

دخل وأنا بقيت أنتظر طوال ثلاثة ساعات ..وحين عاد رأيت كم هو غاضب فعلمت أن الحظ لم يحالفه اليوم أيضاً

( تبا ..تبا تبا إنزل من سيارتي أيها الفقير الحقير )

قام بسحبي من سترتي وكأنني أنا الذي جعلته يخسر أمواله .. وإزداد غضبا لأنني أطول منه وهو مضطر ليرفع وجه لي

.. فباغتني و ركلني ركلة الى بطني لم أحسب حسابها ، جعلني أنحني قليلا حيث شعرت بإختناق .. اصبحت وجها لوجه معه كما أراد .. فلكمني بكل قوته على وجهي .. ودفعني للأرض ليقف فوق رأسي قائلا بقهر

( أنت لا تجلب لي سوى الحظ السيئ ..إذهب للجحيم أيها المنحوس اللعين )

تركني على الرصيف والدماء تسيل من أنفي وغادر بسرعة جنونية ..فبقيت جالسا هناكَ اتسائل إلى متى ساضطر لتحمل هاؤلاء الأوغاد

أوه بحق الجحيم ..توقفت سيارة الليموزين الخاصة بهم أمامي وانا مازلت جالسا على الرصيف ، فتح الباب فرأيت تاماني التي فزعت من أنفي النازف

شهقت بذعر ( أليكس .. هل أنت بخير ؟ )

( نعم ) خرج صوتي خافتا ، عكس ملامحي الخشنة العابسة

صعدت وبمجرد ان جلست بجانبها ونظرت للأمام حتى رأيت شاب أشقر يجلس وبيده حبة تفاح قضم منها قليلا وعيناه الزرقاوين البشوشتان تتفحصاني وكانه يعرف مايدور في خلدي

( أهذا هو مساعدك الشخصي لورينس ؟ أمر غريب هو لايبدو لي مثل دجاجة مذعورة ) قال بنبرة ساخرة مرحة

أخبرته بصوت مديد سعيد وهي تعانق ذراعي ( طردت لورينس الاحمق ..وهذا أليكساندر )

إسترخى على المقعد وهو يمد ساقاه الطويلتان نحوها، وهو يرفع عينيه من ذراعها الملتفة بذراعي ( إذن سواء كان لورينس أو هذا السيد ..في النهاية مازلت تحت سلطة سيلستيا ، لو سمعت كلامي وذهبت لمدرسة داخلية حيث ستكونين على الاقل حرة)

نظرت مستغربا لتاماني التي غمغمت بتشويق ( لقد حاولت أفضل ما لدي لكنها لم ترسلني قط )

قضم الشاب من التفاحة مجددا وكان يشبه اللايدي سيليستيا في زرقة عيونه وشعره الأصفر وعظام وجهه البارزة

( أتتسائل ؟ ظننتك أزلت الغموض بالشبه المطابق بيني وسيليستيا ، أنا هنري .. فيفر أخر )

مد يده ليصافحني فصافحته مستغربا من لطفه كونه فرد أخر من تلك العائلة

( وأنا أليكساندر )

هز وجهه بشيئ من المرح المشاغب ( سررت بمعرفتكِ أليكساندر )

ضاقت عيونه بعدها وهو يحدق في اخته ثم وجه عيونه لي بحيرة .. ثم إنحنى للأمام بإستفهام

( لقد فتحت له الباب ..هذا يعني شيئاً )

( وذلك تطلبك وقتا لتدرك ايها الغبي ، أصبحت بطيئ .. أنت تخيفني ) حدثته على غرار العادة مثلما تحدثني..وكأنه ليس واحد من آل فيفر

فتح عينيه بإتساع معاتبا بسخرية لاذعة ( وأنتِ صدمتني .. لم تريني لثلاثة سنوات كاملة ، ماذا ألست جيدا كفاية لك لتفتحي لي الباب أيضا )

قلبت تاماني عينيها بمأساوية طفولية ( لقد كنت أراسلك تقريبا كل أسبوع فلا داعي لتغار .. آه ياربي لقد شتت إنتباهي عن موضوعي الرئيسي )

وضعت يدها على خدي وأخرجت منديلها لتمسح بلطف نزيف أنفي ..وعينيها تلمعان من الدموع المكبوتة

( ماذا حل بأنفك ؟ ) سألتني ففضلت عدم اخبارها

( هل بيتر مجددا )

بمجرد أن خمنت إسمه حتى قام هنري برميي التفاحة وكانه سمع اسم الشيطان

وراح يتحدث بخشونة ( ذلك الفاسد اللعين مجددا ، سأقحم حذائي في فمه وذلك اليوم قريب .. قد يحدث بمجرد أن أراه )

( هنري ..وصلناَ.. لقد إشتاقوا لك كثيراً ) قالت بغيظ فرد ببرودة ( أتعنين أولادي الثلاثة ؟ لأنني إشتقت لهم أيضاً كثيراً)

( لقد أصبحو يحبونني أكثر منك الان ، خصوصا جوبيتر ) أخرجت لسانها لتستفزه فجذبها ليحيطها بعناق أخوي ..بينما بقيت تتأمله بسعادة حتى وصلا الى الباب

حينها عانقته بقوة هامسة ( لقد إشتقت إليكِ هنري..أنا سعيدة لانك عدتَ)

دخلا للصالة فتراجعت تاماني لي وراقبت كيف إستقبلته والدته بعناق طويل وهي تعبر له عن إشتياقها و بقاء مكانته فارغة

ثم اخفضت عينها بآلم وصعدت لغرفتهاَ

( هل يؤلمك ؟) حاولت لمسي وترددت خوفا بان تؤلمني

رميت بجسدي فوق سريرها لأرد النفس ( أخوك فقد صوابه وألقى كل لومه عليا لأنه خسر رهاناً أخر )

جلست بخجل بجانبي ، مرددة ( حبيبي انا أشعر بالخجل الشديد ممافعله بكَ ، إنه يستحق ان يوضع حذاء في فمه ... أنا خجلة لأنه تجمعنا نفس الدماء )

أمسكت بيدها وسحبتها لتستلقي بجانبي فكانت مثل مثل ملاك بريئ يتكور أمامي مطالبا بالأمان والحب ، وضعت وجهها فوق صدري ليتناثر شعرها الجميل على كتفي وعنقي وتنهدت بعمق هامسة ( أسفة يا حبيبي )

( لم أخبرك لتزعلي يا حبيبتي ، أخبريني كيف كان يومكِ ؟ )

هزت كتفيها بخفة ( عادي .. هل من أخبار جديدة عن ماكنزي ؟ )

قلت مسرورا ( هي بخير ..وتتحسن )

قبل ان أنهي كلامي وردني إتصال من رقم غريب وحين أجبت عقلي كان كله موجه لأندور ..لكنني سمعت صوت بيتر يقول آمرا

( إذهب لغرفتي بدون أن يراك أحد ، يوجد مبلغ مالي في خزانتي..أحضره .. تعال بسرعة ، أنا في المخفر ، من الافضل ان تخرجني من هنا قبل ان يعرف أبي ذلك.. وإياك أن تخبر تلك الغبية تاماني )

وأغلق الخط

ياإلهي متى ستعتقني منه ..لا أرغب بالتورط معه بعد الان .. لكنني سأتجرع المر وأتحمل الظلم من أجل البقاء هنا لأحمي فتاتي

قبلتها اعلى رأسها ونهضت ( إنه بيتر ..قال يحتاج لشيئ ما ..يجب ان أذهب )

( لا ..أليكس هل تعرف كم إشتقت إليكَ ،انا بالكاد أراكَ ) ربطتني بذراعيها لتقيد حركتي ودفنت وجهها في صدري

( أعرف ..لكني أفعل هذا من أجلك ..لكي أبقى هنا بجانبكِ ، لاتزعلي .. سأخذك ذات يوم إلى مكان جميل حيث لن يزعجنا أحد ياجميلتي )

فحذرتني بقلق ( كن حذرا من بيتر فهو خارج عن السيطرة )

أوافقها الرأي في هذا

قبل أن أخرج من غرفتها ركضت برشاقة وعانقتني بقوة هامسة ( أفتقدك )

( أنا أيضا ، هلا أطلقت سراحي ياملكتي ..لقد تأخرت)

ذبل صوتها الناعم وهي تطلب مني ( إخطفني الان لجزيرة بعيدة أين سنبقى فقط نحن الإثنان لوحدنا)

( هانحن مجددا ، ذلك ليس بسيطا مثلما يبدو داخل سيناريوهاتك الجميلة .. هياا تاماني حقا تأخرت )

افلتت ذراعيها عني فإنحنيت وقبلتها على وجنتها ( أعدك .. سأخذك من هنا حالما أستقر )

تركتني أذهب بصعوبة حيث توجهت خفية الى غرفته وبحثت في خزانته فلم اجد شيئا

بحثت مجددا فلم اجد ولا حتى رائحتهم

لم أذهب قط لمكان مثل السجن والان بسبب هذا الفاسد أنا متواجد هنا ..اعتقلته الشرطة لانه كان يقود ثملا

وإن عرف والده بهذا فسيعطيه مواعظ هو لايريد أن يسمعها

وقفت أقابله خلف القضبان فقال بغضب شديد( عليك أن تخرجني من هنا بدون أن يعرف أي أحد تصرف سريعا أيها الخادم)

سألته في حيرة لأسلوبه الشرس معي ( ماذا يفترض بي أن أفعل ؟ )

ركل القضبان بسخط( إدفع الكفالة ايها الجاهل )

( لم اجد المال في خزانتكَ )

حملق بي لثواني حتى إستعاد ذاكرته ليلعن ( ..تبا ..هل كان ذلك المبلغ الذي خسرته اليوم أخر ماتبقى ..لاتحدق لي مثل الاحمق ، إدفع من مالك )

هزيت وجهي بحسرة ( لاأملك المال الان )

ظن أنني أكذب حين بدأ يضحك وهو على وشك ان يفقد اعصابه

فقلت بتوكيد ( أنا جاد ..لاأملك المال حاليا )

( أنت تكذب أيها البخيل الحقير ..إدفع كفالتي حالا يستحسن أن اخرج من هنا بعد وقت قصير ..لأنني لدي موعد مهم ..إدفع كفالتي أو إعتبر نفسك مفصولا عن العمل)

تنهدت بداخلي بسئم ( لماذا لا تصدق انني لا املك المال لأدفع كفالتك ؟ )

ضاق خلقي منه

انفجر كالكلب المسعور ( أيها الحقير ألسنا ندفع لك مبلغا لا يحلم به فقير سافل مثلك كل شهر ؟ )

تنهدت مرة أخرى وتراجعت للخلف ( إختر ألفاظك معي ياسيد ؛ أنا لم أمد يدي لكم طلبا للصدقة ، أنا أعمل بدوام كامل والمبلغ الذي أتقاضاه لا يعتبر كرم منكم)

ماتزال حقيقة أنه أقصر مني تستفزه أكثر ، يشعر بنوع من الإهانة لانه مرغم على رفع وجهه لي ، راح يحدثني بفظاظة ( من أين لك الجرأة لتحدثني هكذا ؟..أترى الفرق بيننا ؟ أنا لاأملك المال اليوم ولكنني سأستعيد الضعف غدا وفي نهاية اليوم أنا مازلت غني وسيدكَ ..وأنت الان وإلى الأبد ستظل فقير ..وخادم للأسياد مثلي )

( لاتكن واثقا ..قد يأتي يوم ستضطر لتكون تحت أمر شخص أغنى منكَ ، اليوم أنت سيد غني وغداً ..ربما مجرد خادم مثلي )

( تبا لك أيها الحيوان المتسول .. حين سأخرج من هنا سأريك مقامك جيداً أيها الوضيع الحقير ..إعتبر نفسك مفصولا عن العمل ياإبن الحقيرة)

شعرت بضغط رهيب في رأسي ، إستحملته حين كان يقلل من قيمتي لكن أن يتواقح على أمي لااعرف كيف ادخلت يدي عبر القضبان الحديدية وأمسكت بجاكيته ، جذبته بقوة حيث اصطدم وجهه على الحديد

( إياك أبدا ان تأتي على ذكر سيرة أمي على لسانك القذر ..عديم التربية ) حذرته لمرة واحدة في حياته لانه لن تكون هناك مرة ثانية

فصاح عاليا ( أيها القذر ) وصار كتلة حمراء من الغضب

تدخل الشرطي هذه اللحظة وانقذه مني فبدأ يركل القضبان فاقدا السيطرة على نفسه ويهدد ( إعتبر نفسك إنتهيت أيها الخادم الحقير..سأدمرك وهذا وعد مني )

كان هذا أخر ماقاله حيث غادرت ولم أعرف وجهتي حتى وجدت نفسي أمام منزل كورتيس

أعلم أنني لا يفترض بي التواجد هنا ..لكني لم أقاوم رؤية أمي

حين فتحت الباب عانقتني بقوة وغمرتني بمحبتها ( حتى ونحن في مدينة واحدة حرمت منك ياعزيزي ..أدخل ..أدخل إبني )

سألتها وانا احتفظ بيدها بين يدي ( كيف حالك أمي ؟ )

( جيدة ..كما ترى ..كورتيس رجل طيب وهو يعاملنا كأننا من أسرته ، لانجد أشخاص رحيمين مثله كثيرا هذه الأيام)

إبتلعت قهري ( أوافقك ..حتى إبنك من دمك ولحمك لم يرحمناَ )

أعتقد أنني فكرت بصوت مسموع فعبست وحزنت جدا

( لابأس ..سيندم ، جيسيكا لم تحبه يوماً ، كان زواج مصلحة ، سيندم ) أخبرتني وقلبها رغم كل شيئ يحزن عليه

فقدت السيطرة على صوتي الحاد ( لا أهتم ، فليندم بعيداً عنا ..لاأريد ان تربطنا أية علاقة به ، أمي إحذري أن تثقي به مجدداً )

مررت يدها الحنونة على خدي لتهدئني ( أليكساندر ، أنا أمْ ..لكنني لست غبية ، أنا لن اتبرأ من إيمانويل لكن لن أسمح له بإيذاكم مجدداً ، كانت غلطتي حين طلب مني أن أوقع على تلك الاوراق قائلا أنك من طلبت منه ذلك ، لم يخطر لي قط ان إبني سوف يخدعني )

وضعت ذراعي حول كتفيها وعانقتها لصدري مشتاقا لرائحتها ( لابأس ..سأحضر لك منزلا أفضل منه ، وستكونين سيدته ..سيتحسن كل شيئ أمي ، أين أرون ؟)

( لقد طلبت من كورتيس ان ياخذه معه للمطعم ويساعده بأية شيئ كان ، أفضل من الجلوس هنا)

رفعت وجهي للسقف ، اشعر بغمة في قلبي( ياإلهي ، الولد يفترض أنه في المدرسة الان ، وعدت أبي أنني سأجعله ينجح ويدخل الجامعة وهاهو وعد أخر لا أفي به .. اللعنة على إيمانويل )

جلست تقابلني ، طاطأت وجهها بأسى ( لانستطيع تحمل تكاليف مدرسة جديدة هنا )

( سأتلقى راتبي قريبا ..سأستأجر منزل صغير وسأتدبر امري لكي يستأنف أرون دراسته وعلاج ماكنزي )

وضعت يديها فوق كتفي ، ونظرت لعيني بقلق ( أنت لا تستطيع فعل كل شيئ إبني ..راتبك لن يكفي ، لذلك أريدك أن تركز فقط على الامور المهمة )

( كل شيئ مهم ياأمي ..لايعقل أن تعيشي هنا للأبد وأرون يجب ان يدرس فله مستقبل مشرق بإنتظاره)

( الأولوية تذهب لأختك ، أشتاق كثيرا لإبنتي المشاكسة ياأليكس ، أدعوا طوال الوقت لحدوث معجزة وتشفى ..أحترق لأضم إبنتي لصدري مجددا ) رأيت في نظراتها نفس الذعر الذي نتشاركه كلنا ..خوفنا من فقدان ماكنزي ..الذي لا نتقبله حتى كخيار .. الخيار الوحيد لدينا هو ان نتفائل بشفائها ..

( ستشفى..وسنجتمع كلنا مجددا ) أكدت لها فأومأت مصدقة ذلك ..

صمت حين تذكرت كلام بيتر ..سيخرج من هناك وسيطردني..

ولا يسعني التفكير سوى بتاماني

ودعت أمي وعدت لفيلا فيفر ..دخلت وأنا أتوقع الطرد في كل ثانية لكنني وصلت لغرفة تاماني بدون أن أصادف أحداً

قالت سعيدة ( عدت باكرا )

إقتربت منها وأنا أفكر كيف سأخبرهاَ ، جلست بجانبها فعانقت يدي ووضعت وجهها على صدري ..أغمضت عينها بأمان

( أليكس ليتني أستطيع أن أربط روحي بروحك فمهما كان الذي سيحدث لك أريده ان يحدث لي أيضاً ، روح واحدة في جسدين مختلفين )

( ماذا لو أصبحت أصلع ؟ ) كنت امزح حين قلت هذا فقالت وهي ترفع ترفع خصلات شعرها بلامبالاة ( إذن سأصبح صلعاء مثلك ..وسأضع شعرا مستعار)

( ماذا لو زاد وزني ؟ ) بمجرد أن ذكرت الوزن حتى تصلب جسمها وشحبت

فتحت عينها بإنكار تام وقالت ( سيزيد وزني أيضاً لكنك ستحبني رغم ذلك صحيح ؟)

( طبعاً ..ماذا لو نمت البثور على وجهي ؟ ) مررت أناملي على وجهها الحريري الطفولي

وهي قطبت جبينها بفزع وكان الامر حدث فعلا ( أعتقد انني سأخسر الكثير من الاموال عند طبيب الجلد وفي النهاية سأفلس وأتقبل ان أتعايش مع ذلك ببساطة )

( حسنا لنرى ماذا لو فقدت إبتسامتي ؟ )

( إبتسامتك تشعرني بأن كل شيئ سيكون بخير ) ذبل وجهها فعانقتها لصدري ( في تلك الحالة ، سأظل مبتسماً دوما من أجلكِ ياوردتي )

( طيب ياحبيبتي ماذا لو ذهبت من هنا نهائيا ؟ )

أصبحت الامور جدية ولأنها ظنت انني امزح هذه المرة فهي ضربتني على ذراعي( هل ستقول تالياً ماذا لو توقفت عن حبي صحيح وجوابي هو .. سأرمي نفسي من الجسر ياأليكس )

هي حتى لم تجاوب على سؤالي ، لهذه الدرجة ذهابي من هنا يرعبها

( لحسن حظكِ أنا رجل إختار أن يغرم مرة واحدة في حياته ..وأنا مغرك بكِ مثل .. مثل )

( مثلما الملك مغرم بملكـته ) اكملت جملتي فأومأت مفتونا بعينيها ( تماما ..مثلما المـلك مغرم ب ملكـته )

لااظنني قادر على إخبارها بان أخوها سيعود وسيطردني ، هي لا تتقبل البتة بأنه سيأتي يوم وسأتركهاَ حتى أنها نامت في حضني هذه الليلة ..وأنا لم يغمض لي جفن

كيف سأقدر على تركها هنا معهم ، رؤيتها ستصبح مستحيلة تقريباً ، وربما ستحضر لها والدتها مساعد جديد في صباح اليوم التالي

على الساعة السادسة صباحا إتصل بيتر بي وحين اجبته طلب أن احضر له السيارة إلى المخفر من الحجز

تركت حبيبتي نائمة وذهبت لاخذ له سيارته التي تفاجئت من رؤية جانبها الأمامي مهشم كليا ، وجدته ينتظر أمام مخفر الشرطة والباباراتزي يلتقطون له الصور من كل زواية وهو بهذا المنظر المثير للشفقة

أعطيته مفاتيحه فقال لي متوعدا ( الامر لم ينتهي بعد )

غادر وأنا عدت بسرعة للفيلا ، فوجدت أن تاماني وصلت للتو لمائدة للفطور حيث كانت تجلس والدتها ووالدها والانسة سيرافيناَ والاخت كلاراَ بالإضافة لهنري الذي دفع الكرسي الذي بجانبه لكي تجلس أخته

ثم نظر لي بعينه الحادتا التدقيق وكانه يقرأ افكاري مجددا

فقال بلطف ( صباح الخير .. كيف الحال )

هل يعقل أنه لطيف مثل تاماني أو هو فقط يتظاهر ..الامر وكانني ارى اللايدي سيلستيا تكون لطيفة

أومأت برأسي بسرعة ( أنا جيد شكراً )

إن هذه العائلة معقدة حتى صرت أشكك في كل شيئ

( ممتاز ..لماذا لا تنضم لنا ؟ ) دفع لي الكرسي الذي بجانبه فرفعت سيرافينا صوتها عليه

( الخدم يأكلون في المطبخْ ياهنري ..أفترض أن إبتعادك لهذه المدة انساك أنك فرد من آل فيفر ..تصرف كواحد )

بمجرد أن صمتت حتى صاح بنفس الحدة ( ليس أنتِ تحاولين أن تخبرينني كيف أكون أيها الاخت سيرافينا !! )

حمل الجريدة ونظر للغلاف ليكمل بسخرية

( هذا الهراء عن الطبقات مجددا ..احاول أن أتذكر متى سألت عن رأيكِ لتعطيه لي ، لأنه لا انتِ ولا احد غيرك في هذا المنزل اللعين سيملي عليا تصرفاتي ..فلا تمثلي عليا دور الأخت المثالية الكبيرة ..لأنني لا اراك سوى مجرد حقيرة أخرى تحاول أن تنال من مزاجي على بكرة الصباح .. )

نهره والده الذي علقت القهوة في حلقه ( ويحكَ ، إحترم اختكَ يا هنري ..إعتذر إليها الأن )

لم أتوقع أنه سيكون صريحا وجريئا هكذا ، رأيت وجه حبيبتي يصح أحمر من الفرح فراحت تاكل لكي لا تبتسم

قال هنري بصوت شديد السخرية ( أبي ..هل أنت متأكد من أنك طلبت من الشخص الصحيح بان يعتذر ؟ )

وضعت اللايدي سيليستيا الملعقة بهدوء وهي تتأمله بفخر وقالت بصوت متزن ( إبني هنري ..أنا واثقة أن سيرافينا لم تقصد أن تزعجك ، لقد فهمت الموضوع خطأ ولايحق لك ان تناديها بتلك الصفة لانها أختك )

وكأنها تخشى من ردة فعله .. لانه مستقل من هذه العائلة وبالتالي هي لا تستطيع السيطرة عليه كما تفعل مع حبيبتي التي قطعت عليها كل السبل لتستقل رغم انها راشدة الان

( حقا ؟ لا تستطيع أن تتعرض لتقليل الاحترام لكن أليكساندر يستطيع أليس كذلك ؟ )

وضعت يدها فوق يده بإبتسامة متوترة ( لانه كذلك ، هي لم تكذب )

سحب يده بعصبية ، وراح يلوح بها محتجا في وجهها ( كذلك أنا .. لم اكذب ، بالمناسبة.. عوضا أن تتدخلي كالعادة في كل شيئ يحدث هنا ، ربما عليك ان تتفقدي إبنك الذي أفسده دلالكِ ..أحدهم أمضى الليلة في السجنْ )

إلتفتت لي سيرافينا بحقد غير طبيعي وإمتلات عينيها بكره غير بشري ، قائلة بنبرة مليئة بالإزدراء ( أرى أنه لديك الكثير من المناصرين )

رمى هنري الجريدة على سيرافينا على غفلة ( فكري بطريقة لكسب المزيد من الاموال كما تفعلين عادة قبل أن يفرغ بيتر خزينة ال فيفر ودعي اليكساندر الذي لا يعطي اي هراء حول رأيك اتجاهه بشأنه ) وإتجه نحو الباب مغادرا ، على عكس جون وبيتر ذو الطول المتوسط والبنية الرقيقة ، كان طويلا ،ذو جسد رياضي خشين ، وأسلوب ساخر مظلم

رفعت اللايدي سيليتسيا يدها لتناديه قائلة( لا تنسى دعوة العشاء الليلة ، آل جونز لديهم بنات راقيات .. )

قاطعها قبل ان يصل للباب مرددا باشمئزاز ( إعفيني من هوسكِ )

( بيتر في السجن ! .. أنا خائبة الظن لكن لست متفاجئة ، أقسم انني ساحرق نادي الخيول ان لم تضع حدا له .. حتى اللايدي هولموود اعطتني ملاحظة حوله )

سمعت سيرافينا تتحدث بغضب مع والدها فإذا باللايدي سيليستيا تضع يدها فوق قلبها

( أي ملاحظة ؟ )

هي لم تهتم انه في السجن حتى وكانه معفى من كل قوانينها التي تفرضها على تاماني ولابأس ان يسيئ لسمعة العائلة لانه مفضلها

( تأخرت على المدرسة ..أتمنى لكم يوما جميلا جميعاً ) نهضت تاماني وخرجت مسرعة بينما ارتفع صوت جيفري وهو يلعن تصرفات بيتر المراهقة

خرجت مع حبيبتي فرأيت هنري يضع خوذته وصعد لدراجته النارية ..وغادر باقصى سرعة

فسألتها ( كم عمره مجددا ؟ )

قالت بإفتخار وحب ( إنه في الثامنة عشر ، أليس رائعا مثلي )

( تقصدين أروع منكِ ، لقد فعل للتو ماأردتك ان تفعليه منذ عرفتك ، أن تضعيهم جميعا عند حدودهم ثم تركهم عاجزون عن الكلام والمغادرة )

( لطالما وضعهم عند حدهم ، لديه ذلك المزاج الحاد الذي يرعب والدتي ، والدي أرسله هناك بسبب سلوكه العنيف ومؤخرا فهمت أن تلك كانت غايته من كل ذلك التمرد ..والان هو يعتبر قانونيا راشد ولاأحد يستطيع أن يتحكم به، كما أن والدتي تحبه وتخشاه أيضاً ..ففي النهاية هو ولد وهي تقدس أولادها ..لدرجة أنها تفضله حتى على سيرافيناَ )

صححت لها بآسى ( بل تفضله عليكِ ..إنها تفضلهم جميعا عليكِ )

وسرعان ماندمت على هذا الكلام الصريح ، انها مجروحة من والدتها لانها لا تحبها لسبب ما ، تنظر لها من بعيد ..محرومة حتى من كلمة حنونة منها

حضنت يدها حين أخفضت عينيها للأرض بحزن قائلة ( أعرف ذلك ولابأس ..فأنا ايضا أفضلك انت عليهم جميعاً )

( آه ياصفراء كم أعشقكِ ) قرصت وجنتيها فأشرقت إبتسامتها لثواني ، ثم إحمرت بشدة خجلا

( اتعرف ان فاني ذهبت للهند لتزور عائلتهاَ ..وجون رافقها لكي يعقد إجتماعاً مع المستثمرين هناك
أنا إشتقت جدا إليهاَ ..رغبت كثيرا بأن ارافقهاَ وأتعرف على عائلتها لكن والدتي اخفت جواز سفري .. تخيل انها ماتزال تخفيه حتى الان عني لكي لا أحاول الهروب خارج البلد )

بقيت تثرثر حين خجلت وكانها اول تسمعها مني

( أصبري لم يبقى الكثير حتى أخذكِ .. )

أوصلتها للمدرسة فأفلتت يدي ودخلت مسرعة ، رأيتها تسير على غير العادة بسعادة ثم إقتربت من صديقتيها ..لكنها لم تتوقف وأكملت مباشرة لتعانق نيكول غرافل وتجلس معها

تمــام أعجبني هذا التغيــر

بدأت تحدثها بحماس ..وإنضمت لهما روز التي أمسكتنا ذلك اليوم

إلتفتت لي وإبتسمت بحب عارم فغمزت لها بسرعة بينما وردني إتصال فأخرجت الهاتف لأرى رقم اللايدي سيليستيا ، بمجرد ان اجبت حتى سمعتها تصرخ قائلة

( تعال للمنزل في الحال)

طبعا بيتر عاد وأخبرهم بماحدث ..هذه اللحظة التي خشيتها ..سوف تطردني ولا يمكنني سوى التفكير عما سيحل بفتاتي بدوني

اتمنى لو كانت مثل هنري .. اتمنى

عدت للمنزل فوجدت الشرطة ، بمجرد ان دخلت حتى رأيت بيتر يقف هناك بإبتسامة شيطانية

وحين رأني إتسعت إبتسامته اكثر وجاء لي هامسا ( كان يجب ان تدفع كفالتي بالأمس وتجنب نفسك كل هذاَ ، إستمتع الان أيها الفقير الساافل )

إبتسم بكل خبث ونظر للأمام قائلا ( أيها الضابط ..هاهو السارق )

( المعذرة ؟ ) لم أستوعب ماذا يحدث حتى إقترب مني شرطي وكبل يدي وهو يقرأ عليا حقوقي

(مهلا ..لماذا تعتقلني ؟ )

وقف الضابط أمامي وسألني ( هل هذه محفظتك ؟)

تمتمت بإضطراب ( أجل )

فقال بخشونة وكانه يملك حسيفة معي ( الخادمة وجدت هذا المبلغ في محفظتكِ والسيد بيتر يقول بأنه نفس المبلغ الذي إختفى من خزانته )

( ماذا ؟ هل هذا أفضل ماإستطعت فعله ؟ أن تتهمني بسرقة نقودك ؟ ) صرخت على اللعين ، ثم نظرت لماديسون التي تقف خلف اللايدي سيليستيا بإخلاص ، حاولت الإقتراب منها فمنعني الشرطي الذي دفعني للجدار موجها لي مسدسا

فتمالكت أعصابي واخبرته بهدوء ( أيها الضابط ..أنا لم أسرق منه أو من أي أحد شيئاً أقسم لكَ )

قال الضابط بدون رغبة في الانصات ( قل هذا الكلام لمحاميك )

فصرخت غاضبا ( انا لم اسرقه ..لست سارق ..هو من طلب مني البحث في خزانته )

حذرني الشرطي الذي قام بدفعي خارج الفيلا ( لاتقل شيئا قد يستخدم ضدك في المحكمة )

محكمة ؟

بدأت أتصبب عرقا وأنا أنظري حولي ..لحقت بي اللايدي سيليستيا حتى سيارة الشرطة

( أنا أقسم انني لم أسرق نقوده ..انا لست بسارق) أخبرتها

وكان الرد الذي نلته منها هو صفعة قوية على خدي حيث خدشتني بأظافرها

صارت عينها تقدحان شررا ( لقد أدخلتك لمنزلي ، ومنحتك كل ثقتي ..صدق من قال ان الفقر يصنع لصوصاً ، عار عليك .. ..خذو هذا المجرم ليتعفن في السجن )

قامو بوضعي داخل سيارة الشرطة ضد ارادتي وأنا بقيت أخبرهم بأني بريئ..أنا لست بسارق ..

بعد ساعة جلست في غرفة الإستجواب أفكر كيف إستطاع أن يفعل بي هذا ..كيف يكون عديم الضمير هكذا ليتهمني بالسرقة ..وكيف توافق ماديسون على الشهادة بالزور بضمير مرتاح ..

وبسبب فقري كان المحقق متأكد من أنني سارق وحين عرف بعض المعلومات عني مثل انني لا املك منزل .. اصبح متاكدا
جميعهم كانو متأكدين من أنني السارق فقط لأن فتى غني إتهمني

أخبرني المحقق واثقا ( لقد قمت بتعطيل مكابح سيارة بيتر فيفر لكي تجعل من موته حادثاً وقمت بسرقة ثلاثة ملاين دولار من خزانته بدون أي يكتشف أحد.. إعترف الان بذلك وستخفف عقوبتك )

يالاجنون ماأسمعه ..قلت مدافعا عني وعيناي يتسعان دهشة ( عطلت مكابح سيارته ؟ سيدي ..لقد قام بحادث مرور لانه كان ثملا ولادخل لي في الموضوع وأنا لم أسرق منه شيئا ، لقد طلب مني امس ان ادفع له كفالته وهو لم يكن يملك المال فكيف كنت سأسرق ذلك المبلغ وهو لا يملكه أصلا )

نظر لي في إصرار قاطع أنني المذنب ( لقد وجدنا بصماتك في المكان الذي كان يخفي فيه نقوده وكذلك في السيارة ، ماردك على هذا ؟ )

شعرت بفمي يلتوي من الغضب وبحلقي يجف ، إبتلعت ريقي وقلت ( لقد إتصل بي بالامس وطلب مني التوجه لغرفته وإحضار المال وأنا لم اجد شيئاً ، وبخصوص السيارة فأنا أوصله كسائقه بين الحين والأخر )

وقف وضرب الطاولة امامي بعنف ( توقف عن الكذب ، لماذا قد يلجأ السيد بيتر لك من بين الجميع لكي تدفع كفالته )

اخذت نفسا مشوشا ( لأنه لم يرد أن يكتشف أحد أنه كان في السجن لأسباب عائلية )

( السيد بيتر لديه شاهد بأنه كان معه في الملهى وقد ثمل كثيرا..فكان صديقه سيوصله للبيت والمكابح لم تعمل ، لحسن الحظ الإصطدام لم يكن قويا )

( وماهي التهم الموجة لي الان ؟ ) نظرت للأغلال حول يدي وقد إعتراني السخط ..

إفترسني بنظرة متوحشة وهو يدنو الى الطاولة ( سرقة مبلغ كبير ومحاولة قتل .. أنت في موضع لا يحسد عليه ، من الافضل ان يكون لديك محامي بارع ، لأن أل فيفر لديهم واحد لم يخسر قضية من قبل ، ولاشيئ يشير بأن الادلة الموجهة ضدك مزيفة )

وضعوني في الزنزانة بمفردي ..في هذا المكان الضيق المظلم الذي كان فيه بيتر أمس ..وأكد أن آل فيفر سيجعلونني أتعفن في السجن .




التعديل الأخير تم بواسطة اوديفالا ; 04-04-21 الساعة 04:29 AM
اوديفالا غير متواجد حالياً  
التوقيع
“I stretch truths where I see fit. I’m a writer”
رد مع اقتباس
قديم 05-04-21, 06:07 PM   #52

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصـل 32 / 《أليكساندر 》

( أنت مغفل ) هكذا عبر دوغلاس عن رأيه حول ماحدث لي ، محدقا بي بوجه عـابس أكثر من عبوس آل فيفر أجمعين

تمتمت في سكون ( لقد إفترى عليا ، أنا بريئ )

( لا ..أنت مغفل ) قال وهو يشد على أسنانه بحدة

( حسنا انا مغفل ..أأنت سعيد الان ؟ ) فقدت أعصابي ايضا ..اساسا عقلي مقفل ولا أستطيع التفكير حتى

صاح بغضب وهو يرفس قضبان الحديد ( لستُ ، أنت متهم بالسرقة ، ومحاولة قتل.. أيها .. المغفل )

نظرت لوجهه المستاء ،وتلك الخطوط الغاضبة في جبينه فهمست متنهدا ( إهدأ دوغلاس ..أنت توترني أكثر هكذاَ )

إرتفع صوته كالإعصار وتأهب جسده المقاتل بخطورة ليحطم ( ليس هذه المرة ..سأقتله ياأليكس .. سأقتله )

فحذرته مستعملا لهجته المتمردة ( إياك أن تتهور ، هل تريد ان تصبح شريكي في الزنزانة .. على الأقل فليبقى أحدنا في الخارج من اجل ماكنزي)

جلس أرضا واستند على الجدار ، أمسك رأسه بيديه وقال بصوت يلفه الجزع ( أليكس أنت تعرف أكثر مني ان آل فيفر أوغاد أغنياء ذات نفوذ ولن يسمحوا لك بالخروج من السجن بسهولة ، سيجعلونك تبدو مجرما في نظر الجميع لكي يبدو إبنهم الفاسد بريئ )

( أعرف ... أعرف ذلك ، مايقلقني الان هما امي وارون .. أبي تحت التراب وانا خلف القضبان ..من الذي سيعتني بهما الان )

وفيها أيضا .. لا يمكنني أن أتخيل صدمتها

وقف امامي وهو يضرب على جسده بشراسة( وأنا ماذا هنا ؟ ، سأعتني بهما مثل ماكنزي فلاتقلق من هذه الناحية ، أحاول التفكير كيف سأخرجك من هنا )

أغلق عينيه بتفكير عميق للحظات حتى شعرت انه عقله سيحترق، هو يسير ذهابا وإيابا شاتما

أخبرته بصوت خال من الأمل ( لايمكنك أن تخرجني من هنا يادوغلاس ، ولايجب ان تعرف ماكنزي بهذا حسنا ؟ )

وضع يده خلف عنقه بتوتر ( طبعا لن أخبرها ، لكن أمك وأرون سيعرفان الأمر بشكل ما )

( أليكس )

ظهرت حبيبتي هذه اللحظة من الباب ولم تستطع ان تقترب لأنها لم تتحمل رؤيتي هكذا ...تراجعت وهي تهز وجهها ناكرة حتى اصطدمت بالجدار فاخفت شهقة بيدها و إنفجرت بالبكاء

ودخلت في دوامة إنكار مكررة ( أنا أسفة ..أنا أسفة أسفة أسفة .. أسفة) بدموع تبلل وجهها الحريري الجميل ..

( تعالي ..إقتربي ) مددت يدي لها عبر القضبان فإقتربت وأمسكتني ..لاأستطيع حتى عناقهاَ الان لتهدأ ..

( لقد إتصلت بي والدتي وأخبرتني أن لا أحاول التواصل معكَ مجدداً ، ماذا حدث بحق الجحيم لماذا انت هنا ؟ لماذا قالت والدتي بانك سارق ومجرم وبأنك ستقضي ماتبقى من حياتك في السجن؟ )

تنهد دوغلاس حين بدأت تطرح الأسئلة و بعصبية لاح لها سؤالا غاضبا ( هل جئتِ لتعرفي إن كان حقا سارق ومجرما ؟)

لم تصدق جرأته ، فراحت تتحدث عشوائيا ..تتلعثم في حروفها وتتعثر ( ماخطبك أنتَ ؟ ، انا أثق به أكثر من نفسي ..أريد فقط أن أعرف لماذا فعل بيتر هذا ؟)

أخبرتها بهدوء ( أمس ..حين إتصل بي ، كان ذلك لكي أتي هنا وأدفع كفالته ، طلب مني ان احضر له المال من خزانته ..لكنه أفلس تماما ..وأنا لم يكن لدي نقود لأدفع كفالته .. لم يصدقني واحتدت الامور بيننا فتوعدني بان يجعلني أندم ..فعلا وعد ووفى .. )

( ذلك الدنيئ بيتر ..ذلك الدنيئ ) فقدت صوابها وراحت تصرخ وترفس قضبان الحديد مثلما حدث مع دوغلاس قبل قليل

فضغطت على يدها برفق ( إهدئي .. لاأصدق أنني أنا الذي يطلب منكما الهدوء في وقت كهذاَ )

فقالت وهي تفرك بأناملها فوق لحيتي ( لا تقلق ياحبيبي ..سأجد طريقة وأخرجك من هنا )

( أعرف طريقة سريعة ، أقنعي اخوك الدنيئ بان يسحب الشكوة ) اطبق دوغلاس فكه غاضبا ، قال بلهجة مليئة بشرور العالم ..احيانا انسى كم يستطيع ان يصبح سيئ المزاج

فتحت عينيها على مصراعهما لتقابل لهجته العنيفة بنظرة لاذعة ( بيتر لن يفعل ذلك حتى ولو عرضت عليه الفوز بكل رهاناته أيها المتحاذق ، إذن لماذا لاتعود لماكنزي وتتركني أنا أهتم بالامر )

( سوف أقتل أخوك الجبان ذاك ) بدا السخط واضحا في طريقة وقوفه ، وتجلى العنف في نظراته ..كان يبدو وكأنه على وشك ان يقسمها لنصفين ..جاعلا الدم ينسحب من وجهها .. رغم انها ابقت رأسها مرفوعا إلا انها ستصاب بإغماء ان استمر في ذلك لثانية

( توقفاَ ..دوغلاس عليك ان تعود لماكنزي أو عد لعملكَ ..)

أخبرني بإستياء شديد ( لقد مررت هذا الصباح على ذلك المطعم اللعين لكي أستعيد وظيفتي كنادل ..ثم إتصلت بي..لم اعد أريد أن أعمل هناك الان )

قلت بحزم ( ليس لديك خيار ، مشكلتهم معي وليس معك ، ثم كيف ستهتم باختي وأنت عاطل عن العمل )

( الحق معك ) أخفض عينيه في الأرض متوترا حين ذكرت أختي ، وعانى صعوبة في التنفس لثواني .. بينما احتقن لون وجهه بشكل مريب

قال وهو يتحاشى النظر لوجهي ( حسنا سأذهب .. من الأفضل ان يخرج أليكساندر من هنا بأسرع وقت أيها الفتاة )

طبعا لم يستطع ان يغادر بدون أن يجعلها تشعر بانها جزء من هذه المؤامرة اللعينة

( عزيزتي ..أنتِ ايضا يجب ان تذهبي قبل ان يراك أحدا هنا معي .. لا تخاطري أكثر)

انحرف حاجبيها بحزن رهيب ( وكيف لي أن أتركك هنا ..هل تتذكر ماقلته لك بالامس ، أريد أن أسجن معكَ الان )

قلت بجدية ( يجب أن تغادري من هنا الان ..هيا هذا ليس مكانا مناسبا لكِ ..إفعلي ماأطلبه ياتاماني )

رمقتها بنظرة صارمة حين هزت وجهها بعناد فوافقت راضحة ( حسناً ..سأذهب لأجد حلا ..مكانك هو بجانبي ياأليكس وليس هناَ ..سوف أنقذك ياروحي )

كان من الصعب لي رؤيتها تذهب متظاهرة بالشجاعة ومتسلحة بالأمل من اجلي ، ثم سماعها تبكي بحرارة خارج هذه الزنزانة حتى اختفى صوتها .. دخلت في تفكير عميق طوال اليوم حتى جائني زائر لم أتوقعه.. فإرتبكت واضعا يدي داخل جيوبي ، مستحيا من وقوفي امامه خلف هذه القضبان

( مايكل ) ارتفع حاجباي لثانية بنوع من التحسر قبل ان اطاطا رأسي خجلا منه ..وهو الذي كان يمدح اخلاقي الحسنة امام الجميع ..وهاهو يزورني اليوم في المخفر .. جعلني بيتر اشعر بالذل والعار

( أليكساندر ) تنهد من أعماق نفسه بكرب شديد وزم شفتيه ففهمت أنه لم ياتي هنا لكي يبشرني بأي خبر سار

( يؤسفني رؤيتك خلف القضبان ياأليكساندر ) شبك يديه معا ، ووقف مستقيم الظهر ببدلته الكلاسيكية الأنيقة ..فاخفضت عيني للارض غير قادر على تحمل نظراته المعاتبة والخائبة الظن بي

راح يتحدث وقلبه يتأكله قهرا لحالتي ( لو أنك أخذت بنصيحتي ، أشعر بالغضب الشديد منك الان لأنك أعطيت آل فيفر الفرصة ليضعوك هنا ، لقد أتيت مباشرة من مكتب الضابط ورأيت التهم الموجه إليكَ .. رغم أن كل الادلة التي تشهد ضدكَ ..لايمكنني سوى رؤية كم أنت مظلوم يافتاي المسكين )

( إذن مالعمل ؟ هل يعقل أنه لا توجد عدالة هنا ؟ )

قال برزانة صوته الثابت( توجد عدالة هنا ياأليكساندر ، لكن أحيانا العدالة يتم تظليلها وأنت تواجه عائلة غنية ذات نفوذ جبار ..بينما ليس لديك شيئ )

( إذن سأتعفن بدون شك في السجن )

رفع سبابته نحو وجهي معاتبا بنبرة ابوية ( أرأيت لهذا كنت أصر عليك أن تقبل الوظيفة التي عرضتها عليك فيكتوريا ، كنت أعرف أن النهاية ستكون هكذا مع آل فيفر ..كنت أعرف ! ..لطالما حذرتك منهم والان حدث ماكنت أخشاه )

صمت مجددا وأخذ نفسا عميقا قانطا

( أتيت هنا بمجرد أن عرفت بالامر ، كنت برفقة فيكتوريا ، تستطيع أن تقول أنني وهي لم نتفاجأ البتة ، وهي خاب ظنها لأنك رفضت عرضها مراراً)

سألته بلهفة يائسة ( لاأعتقد أنه بقي أي عرض لي وأنا في السجن)

هز رأسه بسلبية ( مع الأسف ياأليكساندر )

( طبعا لا ! ..صحيح انك حذرتني كثيراً ، حتى فيكتوريا حذرتني .. لكنك تعلم سبب بقائي ، لم املك خيار أخر .. )

رفع ذراعيه بحنق ( لن ينفع الندم الأن ..مايغضبني هو انني جاهز لكي أتولى الدفاع عنك رغم أملي الضعيف بأن أخرجك من هذه المؤامرة بريئ ..أو على الأقل بكفالة ، لكن فيكتوريا منعتني من التدخل )

( أتفهم ذلك وشكرا لك على حضورك )

أومأ قائلا بحسم ( المحامي الذي ستعينه لك المحكمة لن يفيدك بشيئ فهو سيواجه أفضل المحامين في لندن.. ليس لديك فرصة للخروج من هنا بريئا ..)

لقد تلاشى كل أمل لي بمغادرة مايكل ..الذي التفت نحوي قبل ان يخرج ليرمقني بمرارة ، غاضبا على نفسه اكثر شيئ لانه مقيد عن مساعدتي

كل ماأردته بعد قدومي هنا هو ايجاد وظيفة جيدة لأهتم بعائلتي فكيف انتهيت في السجن..اي عاقبة هذه

إنهرت على الأرض وشردت في الفراغ ، أنا أعتمد على دوغلاس فيما يخص أختي ولم أكن يوما ممتنا لقرار إتخذته مثل قرار تزويجها له

لكنه بالكاد يستطيع الإهتمام بتكاليف علاجها وتكاليف الكراء وبالفعل أصبح يقرض المال من والديه وعمته .. فكيف سيعتني بأمي وارون .. حقا مالذي سيحل بهما بدوني

بالأمس فقط وعدت أمي بان كل شيئ سيتحسن ، فلماذا استمر بخذلانها

ليس عادل أن أكون هناَ ..ليس عادلا في حق عائلتي ..وليس عادلا في حق تاماني

لقد فشلت بتحمل المسؤولية التي تركها أبي لي ..وأنا خائف من الأتِ

لاحقا في المساء جاء كورتيس برفقة أرون .. لاأعرف كيف تمالكت نفسي عند رؤيتي لأخي الصغير في مكان كالمخفر .. جال بعينيه في هذه الغرفة العاتمة الفظيعة الخالية من الحياة ..ورآني قابعا بداخلها مماجعل صدره يمتلأ بنفس مليئ بالغم والألم ..وقد رأيت في عينيه السوداوين الرهيفتين احساسا بالفزع والذعر

كانت الصدمة تعتصره في دوامة من المشاعر الفظيعة

حقا يالي من مغفل ..حين قلت لامي بأنني سأعمل على عودته للدراسة ..وبأنني سأشتري لها منزلا

لن أحقق اي من تلك الوعود و انا هنا ...حيث سامضي السنوات القادمة بدون شك

لقد خاب ظني بنفسي

تهدج صوته الناكر ( أرجوك قل لي بأن هذا ليس حقيقي )

ألمني البؤس الذي بدى على وجهه ..صعب عليا فانا الذي خذلته ..فشلت بالإعتناء به ..انظر اليه مثقلا بالذنب .. بنفس الطريقة التي اعتاد ابي ان ينظر لي بها

تملكه الذعر فأمسك بيدي وراح يحرك وجهه بهوس ( قل لي بأن هذا مزاح )

صار يتنفس بخشونة ثم إنهار على الأرض فهب كورتيس وساعده ليقف ..مسح براحة يده بحنية ابوية على رأسه هامسا ( فلتهدأ الان ياارون ..في اوقات كهذه يجب أن نتحلى بالصبر ونفكر بحكمة ماذا سنفعل )

نظرت لأخي الحزين وقلت بكلمات مغلفة بالتعاسة ( ليس هناك شيئ لنفعله ياكورتيس .. لقد حسم أمري في السجن حيث سأقضي السنوات القادمة حتى اصبح منسيا )

رفع سبابة يده نحوي معاتبا ( حتما سنجد حلا ..لاتتشائم )

فتنهدت بقنوط ( انا اكثر شاب متفائل في العالم ..كذلك أنا منطقي ..حسم أمري وحدد مصيري )

اعتقد انه يعرف ذلك مسبقا فهو أدرى بهاؤلاء القوم ، لكنه يريد أن يهدئ من روع ارون وانا أفضل ان يعرف ويتقبل الحقيقة منذ الان

حقيقة اني لن اكون هناك من اجله على مدى السنوات القادمة ..على ان يتأمل عبثا

( هل عرفت امي ؟)

لقد تحملت الكثير من الصدمات وأنا خائف عليها من هذه الصدمة .. لن اسامح نفسي ان حدث شيئ لها

قال كورتيس وهو لايزال يسند ارون ليقف( لا ..ومن الافضل أن لا تعرف فأنت شمعتها الوحيدة في الظلام ياأليكس ..دعها تظن انك تعمل بينما سنفكر بحل )

وكورتيس رجل مسالم كان يعيش حياته بهدوء ولايرى مثل هذه الأمكنة المروعة سوى في التلفاز .. وهاقد جعلته يأتي بقدميه إلى أحدها

( أنا أسف كورتيس ..لقد تورطت كفاية في مشاكلنا التي لا تنتهي )

هز وجهه لينكر ذلك وقام بوضع ذراعه حول كتف أرون قائلا ( لا تعد هذا الكلام مجدداً.. أخبرتك ممتن لوجودي وسط عائلة مجدداً ..وبصراحة ، من اللطيف العودة لإيجاد العشاء جاهز من طباخة موهوبة كأمك .. وكذلك انا استمتع كثيرا برفقة أرون ..نحن اصبحنا صديقان مقربان ..أليس كذلك يافتى ؟ )

قام بالضغط على كتف ارون ببشاشة ..بينما بقي اخي طوال الوقت شاردا فيا .. يكبت دموعه التي بللت اهدابه .. اعرف انه محطم بداخله الان ، فهو كان يستمد كل قوته وصبره على المصائب مني

نظرت نحو كورتيس ذات الوجه الطيب والروح المحسنة ، ووافقت رغما عني ( حسنا..إذن إهتم بهماَ كورتيس ، أرجوك ..إعتني بأمي وأرون )

وضع يده فوق صدره مؤكدا بسلام ( إنهما في منزلهما وانا ضيفهما )

إقترب مني أرون وقال بدموع مكتوبة ونظرة مكسورة ( أنا أسف لأنني لا أستطيع فعل شيئ لإخراجك من هناَ ..أنا حقا أسف )

ربت على شعره الجميل الذي نمى بسرعة ( لا تتأسف ..ولاتفكر كثيرا بوضعي هنا ..و لا تذهب لمطعم فيفر حسنا ..أرجوك إهتم بنفسك يابطل ولا تدع أمي تشعر ان هناك خطب ما )

مر هذا اليوم سريعا .. ومر اليوم الثاني حيث جائت تاماني في الصباح الباكر لتراني ..جفنيها منتفخان وحمراوين من البكاء ..ظلال داكنة تحت عينها ..مظهرها بالي ..حالتها تبدو صعبة أكثر مني حتى

هي فقط جلست على الارض منطوية داخل ألامها

أخبرتني بصوت مثقل بالذنب ( لم أستطع إقناعه بأن يسحب الشكوة ، قال بأنه سيدعك تتعفن هنا وقال بأنه أسدى لي معروفا حين أبعدك عني .. ) وأنهت جملتها بشهقة باكية جعلتني العن اخوها بداخلي على كل دمعة أذرفتها

( لا تبكي ..لاتفعلي هذا أرجوكِ ، انا أحتاجك لأن تكوني قوية من أجلي )

صارت شفتيها ترتجفان من الإنتحاب وهي تسمعني أقول لها ( أبعدني عني ..لكنه مهما فعل لن يستطيع جعلي أتوقف عن حبكِ ، هو لا يستطيع أن يمنع قلبي من أن ينبض من أجلكِ )

وقفت أمامي ووضعت يدي على قلبها هامسة ( أنتَ هنا )

وبعد ثواني هلعت مجددا وبدات تذرف دموع حارقة ( لا أستطيع العيش بدونك .. و لا أريد )

( ياحبيبتي .. تمالكي أعصابك ..أنا في السجن ولست ميت ) وإبتسمت رغم صعوبة ذلك لأشعرها ببعض الأمان

( أحتاجك بجانبي ..أنا خائفة بدونك )

مررت اناملي لامسح خطوط دموعها ( تاماني ، يجب أن تتحلي بالشجاعة لتكملي حياتك )

تسمرت مكانها بذعر وصاحت باكية ( بدأت أعرف معنى الحياة حين إلتقيتك وأحببتك لذلك لا تجرؤ ان تخبرني بأن أكمل حياتي بدونك)

( سأقضي الكثير من السنوات هنا .. )

قبل أن أكمل كلامي ضغطت على يدي بقوة ( سأنتظرك ..سأنتظرك حتى أخر يوم في حياتي )

خفت أن لا تسنح لي الفرصة لأراها بعد الان فأوصيتها ( أريدك أن تكوني شجاعة وأن تواجهي العالم وكأنني معكِ ، لأن قلبي معك أينما كنتِ.. يجب أن تتخرجي و تدخلي جامعة الحقوق مثلما تمنيت دائماً ، ستتركين ذلك المنزل ، ستعملين وستعتمدين على نفسك وتبنين حياتك الخاصة ..ستستقلين عنهم مثل هنري..عديني الان حبيبتي )

صارت عينيها شبه مغمضتان من البكاء ..وصوتها الرقيق يتقطع بسبب شهقات بين كل كلمة وكلمة ( لا أستطيع فعل ذلك بدونك ..لاأريد فعل أي شيئ بدونكَ ، أنت هو قوتي ياأليكس )

( بلا تستطعين ..عليك ان تكملي حياتكِ بدوني ، أنتِ مجبرة على ذلك .. على الأقل حتى أخرج من هناَ )

ابتسمت مجددا رغم استحالة ماقلته بشأن خروجي..حين أفكر كم سنة سيحكم عليا ..أصدق أن أمورا كثيرة ستتغير

مسحت الدموع من وجنتيها الناعمة ..ثم لمست شعرها الذهبي المجدول وحدقت اليها بصراع كبير ..

( ستكونين بخير ياملكتي ..أنتِ أقوى مما تظنين)

حررت يدي منها وتراجعت للخلف ..لتدرك أنها يجب أن تعتمد على نفسها من الان فصاعدا ..لان يدي لن تمسك بيدها لوقت طويل

أعرف كم هي خائفة ..يبدو عليها الضياع فعلا .. سيكون صعبا عليها أن تنفصل عني بهذه الطريقة ..وسيكون صعبا عليا أيضاً

في يومي الثالث هناَ ظننت أن كل من يهتم أمري قد زارني فعلا .. ثم تفاجئت ب زيارة أخيرة من اللايدي هولموود ..دقائق قبل ان يتم نقلي للسجن حتى تتم محاكمتي


دخلت وهي تحاول أن تبقى إبتسامتها عفوية ، دوما ترتدي تنورة تغطي ركبتيها ..معطفا طويلا ..وتعتمر قبعة أنيقة

وتسير بدلال متعمد..رافعة يدها التي تغطيها بقفاز فخم وأساوير غالية الثمن محاولة ان تبدو رقيقة

قالت بنبرة موسيقية مشفقة ( أليكساندر ..من المحزن رؤيتك هنا)

( أوافقكِ الرأي ) وقفت بثبات شابكا يدي خلف ظهري .. اتسائل في قرارة نفسي سبب زيارتها لي
فهي سيدة محترمة من المجتمع الراقي ، لاتتواجد سوى في الاماكن المحترمة الراقية .. لابد وان السبب ذات أهمية كبيرة بحيث اتت شخصيا..لتقابل شخصا مثلي لا يملك ماقد يثير إهتمامها ..وعلاوة على ذلك موصوم بأفظع التهم !

تابعت بنفس النبرة ( هذه هي الفترة الذهبية حيث يجب على شاب مثلك أن يعيش الحياة بجموح ويجرب كل شيئ فيها )

( أوافقك الرأي مجدداً )

وضعت يديها على خديها بتحسر ( من المؤسف أنك ستقضي أجمل سنوات حياتك في السجن )

سئمت من هذا الكلام فقاطعتها بإحترام ( لايدي هولموود )

رفعت سبابة يدها في منتصف وجهي ..وشفتيها تتكمشان بعتاب (آه آه قلت لك ان تناديني فيكتوريا .. أرجوك لا أحب الرسميات حين اكون معكَ )

( حسنا ..فيكتوريا ، أنتِ لم تأتي هنا لكي تجري هذا الحوار معي صحيح )

هزت رأسها ببطئ ونزعت قبعتها ليظهر شعرها القصير الشائك ( تعجبني لانك تحب الدخول مباشرة صلب الموضوع ، هذا يدل على قوة شخصيتكَ)

شعرت برجفة تسري في اوصالي حين ضاقت عينيها بلمحة من الاعجاب ..وكانها تغازلني

سألتها بحزم ( إذن ماهو سبب زيارتك لي ؟ )

( على رسلك ياأليكساندر ، دعني أخبرك بهذا أولا ..أنا أتلاعب بآل فيفر مثل الخاتم في إصبعي يكفي أن أتصل بهم وأخبرهم بان يسحبو هذه الشكوة وخلال دقائق ستصبح حرا طليقاً)

( لكن .. ؟) اكره حين يقوم الناس أمثالها بمساعدة الاخرين بمقابل

ألا يستطيعون فعل ذلك من باب الإنسانية

وضعت يدها حول خصرها النحيل جدا وقد تحولت لهجتها اللطيفة فجاة لتصبح مغتاظة ( لكن أيها الشاب الظريف ، ستعود راكضا إلى تلك الفتاة المدللة عديمة المعنى )

شبكت ذراعي لصدري مؤكدا بقوة ( أجل )

هناك حقيقة واحدة في حياتي ، وهي أني عاشق لتاماني .. انا احبها مثل المجنون واريد تحطيم هذه القبضان والركض نحوها

إنزعجت قليلا وهي تعوج شفتيها بغيظ( أنت لا تنكر الامر حتى )

رددت بشيى من الهزل ( ليس وكأنني سأخرج من هنا يافيكتوريا )

إبتسمت مرة اخرى وهي تسير بخطوات بطيئة مطقطقة بكعبها الثابت القصير ..ووجها مستدير طوال الوقت نحوي بمكر ( حسنا ..وأنت تنظر للشخص الوحيد الذي يستطيع إخراجك من هناَ ، عرضي لك يحتوي على حريتك )

( إن كنت تعرضين عليا تلك الوظيفة مجددا فأنا موافق )

كان لدي امل كبير لكنها قتلته حين نفت ذلك بلهجة تخللها بعض الانزعاج ( لا ..لاأريدك أن تعمل عندي بعد الان ..لقد فقدت رغبتي بان أجعلك مساعدي الشخصي)

( حسنا )

قالت فيكتوريا مغازلة ( لا تتشائم أيها القوي ، أعدك أن وجهك الوسيم سيبتسم بعد ان تسمع ماأنا على وشك إخبارك به )

( أبهريني ؟ ) ان تاماني ببالي حتى وانا اخوض هذه المحادثة المرهقة .. اتحدث مثلها لأنها
صارت تسكنني .. ربطت روحها بروحي فعلا

اقتربت وراحت تمرر اصابعها حول القضبان بنظرات حميمية ..شعرت انها تمرر يدها على جسدي فأصابتني قشعريرة أخرى

( مصيرك بيدك ..انت المسؤول عن رغبتك في البقاء هنا أو لا)

اومأت فقالت وهي في قمة الجدية والحماس والسرور .. وكانها ستعلن اهم صفقة في حياتها

( الطريقة الوحيدة لخروجك من هنا ياعزيزي أليكساندر هي أن تتزوجني )

لقد أصابني الذهول الشديد حتى ظننتها تمزح معي ،لكنها لم تعطني أية إشارات عن كون هذا الهراء مزاحا
لم يكن منطقيا ماتفوهت به فماكان مني سوى الصمت وعدم الرد عليها


( أرأيت ..قلت لك سوف تبتسم أيها الوسيم) أشارت لوجهي لأنني حقا أبتسم من جنون ماسمعته للتو


( لا يعقل أنك تتحدثين بجدية ) سألتها بدهشة بالغة

قالت بصوت مشحون بأحاسيس جارفة ( إنها الحقيقة ياعزيزي، رأيتك اول مرة في تلك الحفلة ، فأيقظت فيا أحاسيسي القديمة التي حاولت دفنها ..لقد ذكرتني بحبي الوحيد والحقيقي الذي حرمت نفسي منه لأنه لم يستطع أن يعطيني شيئاً.. اتعرف كم هو مؤلم ان تحب أحدهم لحد أنك تراه في أحلامك كل ليلة ..وتراه في كل الوجوه الغريبة وبعد كل هذه السنوات الجافة أنت ظهرت فجأة أمامي وسحبتني للماضي ..أنت تكاد تكون هو تشبهه في كل تفصيل وكأنه عاد للحياة مجدداً ..كان رجلا طيبا وجنتلمان وجميلا جداً لدرجة كنت أراه كالألهة أمامي ..ورغم أنه كان فقيرا إلا انني بقربه كنت أشعر بانني أسعد إمراة في العالم .. وحين أراك أشعر بتلك السعادة مجدداً ..وأنا أعرف أن القدر اعطاني فرصة ثانية لكي أعيش الحياة التي تمنيتها مع الرجل الذي إختاره قلبي ..وليس ظروفي)

ياإلهي هذا أكثر شيئ جنوني سمعته في حياتي

( لماذا لا تبحثين عنه ..هو الذي تريدينه ياسيدتي )

مطت شفتيها بآسى دفين ( لقد تزوج وأصبح لديه عائلة ، عاش في الفقر الذي كنت أهرب منه ، كبر فيه ومات فيه ، لم أستطع فعل شيئ حينئذ ..لكنني أستطيع الان ..انا أريدك لي يا أليكساندر )

( هذا جنوني وغير منطقي ) تراجعت للخلف لانني شعرت بالخزي مكانها ..

قالت بحدة بسبب إبتعادي ( الحب لا يقاس بالاعمار ..وإن لم تقبل عرضي فانت ستتعفن هناَ حتى تموت )

( سيدتي ..لو أردتِ مساعدتي فانت تستطعين فعل ذلك بدون كل هذه الدراما )

( هااي ..أنا لست الطرف السيئ هنا ) كم هي هادئة وواثقة ..طبعا فهي بنفسها تملك إمبراطورية وتظن أنها ستذهلني بكل أموالها بحيث سأقول نعم

صارعت الشعور بالغثيان ..والإشمئزاز من نظراتها الوقحة الجريئة الى جسدي ( أنتِ ياسيدتي ..أنتِ الطرف الي يعرف كيف ومتى يعقد صفقات ناجحة ، لكن هذه المرة جئت للشخص الخطأ )

إقتربت وهي تفترسني برغبة مقرفة ( تعجبني أكثر حين تعصب ، رجولتك تشعرني بأنوثتي وكأنني في العشرين مجدداً )

غمغمت بحنق ( تاماني كانت محقة بشأنك )

واثرت استفزازها حيث رفعت صوتها عاليا ( تلك الانسة الصغيرة تؤثر عليك سلبا ، ورفضك الان بسببها ..ربما حان الوقت لاتخذ الإجراءات اللازمة نحوها )

ضغطت بعنف على قضبان الحديد واشعلت عيناي فيها محذرا ( إياك أن تقحميها في الامر ..هي لا تحتاج لمشاكلك ياسيدتي )

حذرتها متجاهلا إحترامي لها ، فإبتسمت بغيظ ( خلال حياتي تعلمت أن لا أدع أحد يقف بيني وبين مصلحتي ولم أسمح لأحد بأن يعرقل نجاحي، أنصحك بان تفعل مثلي ، أنا أعرف بشأن حالتك المادية وعائلتك ..أختكَ ..فكر بهم ..أنـا أو السجن ، فكر جيدا فكلانا وحيد ..على الأقل أنا وحيدة في قصري مع سياراتي الفخمة ..لكنك وحيد بين أربعة جدران مع حفنة من المجرمين ، نحن نكمل بعضنا..أنا أنتظر ردكَ بفارغ الصبر )

يالاهذا .. هي لا تكترث حتى لردة فعلي إتجاهها ..اتت واثقة من قبولي ..أتت متسلحة بظروفي السيئة لتبتزني بها ..
وهكذا غادرت أخر زائرة لي .. بعد أن خيرتني أن أكون سجينا وراء القضبان ..أو سجينا لديها.




التعديل الأخير تم بواسطة اوديفالا ; 05-04-21 الساعة 06:28 PM
اوديفالا غير متواجد حالياً  
التوقيع
“I stretch truths where I see fit. I’m a writer”
رد مع اقتباس
قديم 07-04-21, 03:20 AM   #53

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 33/ 《تاماني》

وقفت لمدة أمام مكتب الشركة حيث يتواجد بيتر، أجريت حديثا مع نفسي وقررت أنه لا ضرر في المحاولة مجدداً ..بشكل مختلف هذه المرة ، دخلت ووجدته يجلس لمجرد الجلوس فقط ، واضعا قدميه فوق مكتب اللايدي هولموود الأثري الذي لايوجد له نسخة ثانيا في العالم .. يستمتع بالنظر لهاتفه ، ويستمتع بالرفاهية والبذخ

لم أقترب كثيرا وسالته من الاخير ( ماذا تريد مقابل إخراج مساعدي الشخصي من السجن ؟)

( ماذا تملكين اساسا لتقدميه لي ايتها البلهاء ) رد بتعجرف وهو شديد التركيز على المشاركة في رهان جديد

قلت ببرودة ( أعلم أنك دبرت لكل شيئ..ألم تجد غيره )

فتمتم بلامبالاة ( ذلك الوغد المتسول يستحق ذلك )

التغطرس وعدم الشفقة هما صفتان تظاهرت بهما لنصف حياتي ..لكن التظاهر أنني لا أكترث بأليكس هو شيئ لا أقدر عليه ..لذلك تخيلته لورينس وقلت بفظاظة( أنت محق هو وغد ويستحق ماحصل له ..لكنني أحتاج لمساعد شخصي )

رفع يده بملل بدون أن يرفع عينيه من هاتفه ( إذا أطلبي من أمك أن تحضر لك خادما جديدا فهذا سيتعفن في السجن .. )

ألححت عليه بنبرة متعجرفة ( أريد هذا بالذات ..هو يعرف مواعيدي والقضايا المستعجلة وكل شيئ أخر يخصني .. )

لكنه لم يتحرك ..لاأعتقد انه انصت حتى ..هو فقط غير وضعية قدميه فوق المكتب ليزداد إسترخاءا قال بضجر ( إذا إنتهيتِ ، أغلقي الباب من خلفكِ)

فقط جون من سمحت له اللايدي هولموود بالتواجد في مكتبها لانه يترأس شركتنا المشتركة ..إن شاهدت بيتر بهذه الوضعية ستقلب عليه الدنيا .. هذا الدنيء

همست بضعف ( إنه بريئ ..)

فإبتسم بشماتة ( إنه مجرم .. سرق أموالي وحاول قتلي .. مكانه في السجن حيث ينتمي )

( إنه حتما ليس بسارق ) دخل السيد غرافل هذه اللحظة بهيئته الجبارة وخص بيتر بنظرة مخيفة ( أليكساندر ليس بسارق ، أنا أؤكد لك ذلكَ )

( ماأدراك ؟ ) أخيرا ترك الهاتف اللعين ونظر للسيد غرافل وهو يستوي في جلوسه

رفع السيد غرافل وجهه الصارم الذي يرعب خصومه ( لنقل أنه اتت له الفرصة ذات يوم ..لكنه لم يغتنمها ..لأنه رجل صالح .. مازال الوقت لم يفت لتسحب شكوتك ضده ..فعقوبات الإفتراء تؤدي الى سنوات من السجن وأعمال شاقة )

وجه السيد غرافل أصابع الإتهام بشكل واضح نحو بيتر ..ففعلت مثله حيث قلت مشيرة إليه
بحنق( هذا ماأحاول قوله ..أليكساندر رجل صالح )

شحب وجه بيتر بشدة لأنه لم يجد كلمات يدافع بها عن نفسه في وجه السيد غرافل ، لكنه وجدني في مرماه ، رمى هاتفه بعنف فوق المكتب ووقف صارخا نحوي( لاتدافعي أمامي على ذلك الوغد اللعين )

إنتهيت من التظاهر معه فقلت بكره شديد ( أنت هو الوغد الكبير يابيتر ، وأنا خجلة أشد الخجل من كوني أختكَ )

لم يصدق كيف أهنته بهذه الطريقة امام السيد غرافل ..او ربما من أنا لكي احدث سيادته بهذه الطريقة ،إستصعب ذلك بشدة فوقف بسرعة وإتجه نحوي رافعا يده في الهواء وصفعني بكل قوته فسقطت تحت أقدام هنري الذي وصل للتو

أخفض عينيه عليا بعدم تصديق ثم رفعهما على بيتر هادرا ( ليس أختي المفضلة أيها الوغد)

كان هنري أطول منه حيث تمكن من رفعه بسهولة ورماه مثل ورقة مجعدة على المكتب ثم لكمه بعنف على وجهه المتغطرس ، صارخا بشراسة ( أتتطاول على الفرد الطبيعي الوحيد في تلك العائلة المريضة )

السيد غرافل نظر لي بآسى وقرر أن لا يتدخل ، خرج من المكتب بعد أن طفح كيـله من ال فيفر

وقف بيتر الذي صار شديد الإحمرار وكأن دلوا من الدماء سكب عليه .. شرع يعدل من ربطة عنقه مهددا ( سوف تدفع ثمن هذا غاليا ياهنري ، إصبر عليا وسترى )

فتح هنري ذراعيه في الهواء مستعرضا عضلاته القوية بينما كان بيتر ذو جسد ضعيف ومتوسط الطول

( واجهني ايها الجبان ..تطـاول على شخص يتحدث باللغة التي تفهمها ، صفي معـي كل حساباتك مع تاماني وكل شخص يحقد عليه قلبك المريض .. هيااا هياا اتصل بالشرطة ولفق لي تهمة ، أخبرهم أني أريد قتلك لانني حقا سأفعل ..اضربني هياا أضرب لأرى .. أضرب ايها اللعين )

أخفض هنري وجهه لمستوى بيتر ليشعره كم هو جبان ..ضاقت أنفاسه و هو على دراية تامة أنه ليس ندا لهنري ولا هو ند لأليكساندر ..لكنه تطاول على حبيبي مستغلا حاجته بالوظيفة ، مستغلا عدم إمتلاكه ثروة ليدافع عن نفسه بها

اشار لنفسه بغيظ كبير وكانه حقا مظلوم( أنا أخوك من لحمك ودمك ..يجب ان تقف لصفي وليس بصف ذلك المجرم اللعين وهذه البلهاء التي تصر على انه بريئ )

( أعفيني من هراء الأخوة ) ملأ صراخ هنري المكتب بينما كان الألم يخنقني فوقفت و ركضت لخارج الشركة .. بكيت كثيرا ولاول مرة منذ وقت طويل لم تكن لي وجهة

أليكس ليس هنا لأهرب إليه ، ليس هنا ليحميني ..بقيت هائمة في الشوارع وإنتهي الامر مثل كل مرة في محطة القطار

هنا اختبئ حين تصبح الحياة قاسية و ظالمة

هنا أجلس لساعات لأراقب القطار يغادر لقريتي اين عشت مع جدي

ينفطر قلبي في كل مرة لأنه يغادر وأنا لست جريئة كفاية لأكون بداخله ..و حتى لو تجرأت فلم يعد لدي حتى منزل لألتجأ إليه

هنا في محطة القطار بدأ كل شيئ .. حين نزلت من تلك الباب .. ولم أجد والدتي بإنتظاري ، لم أجد والدي ، لم أجد جون أو سيرافينا ولا حتى بيتر ..

كنت أرتجف بردا ..مبللة من المطر الغريز ..حذائي مغطى بتراب قبر جدي ..وكتفي مايزال مخدرا من كل الطبطبات التي تلقيتها في جنازته.. من أناس كانو اصدقائه وطلابه وجيرانه ..غرباء كليا قامو بدفنه

كنت الحاضرة الوحيدة من عائلته ..كنت الوحيدة التي تلقيت كل عبارات التعازي ..والتي وضعت باقة الورود فوق قبره

لقد إنتظرت هنا على هذا المقعد مع دميتي لساعات ، ثم جاء السائق أخيرا وأخبرني أنه إضطر ليوصل أفراد عائلتي إلى مواعيدهم المهمة أولا

بقيت وحيدة لتلك الساعات المخيفة في محطة القطار .. وتواصلت تلك الساعات وتحولت لسنوات

هذا القطار لم يعدني الى منزلي ..لكنه أحضر لي أليكس

ملاكي الحارس

الوحيد الذي أنتمي إليه الان

الأقرب الى روحي

مصدر سعادتي

و السبب في إبتسامتي

وهو ليس بجانبي الان بسبب عائلتي .. لا أحد سيقلق عليا سواه ..لا احد كان ليعرف أنني هنا سواه ..

كم أتمنى ان يظهر الان بتلك الابتسامة التي تشعرني بأن كل شيئ سيكون بخير

حين غادر القطار وإختفى من أنظاري ..قمت وهمت مجددا في الشوارع حتى إتصلت بي نيكول وروز وطلبتا مني التوجه إليهما أمام جسر لندن فذهبت

وواصلت بكائي عندهما .. حرفيا إنفجرت بالبكاء بصوت صاخب وأنا أجلس على الارض غير مكترثة للناس حولي ..وفي لحظة ما جائت احدى النساء من بعيد ظنا منها ان طفلة صغيرة قد ضاعت

فوجدتني انا بطول الجدار أشهق بحرارة لتتمتم كلمات غير مفهومة و تغادر وكانني ضيعت وقتها فصرخت منتحبة ( أرني بعض العطف ايتها السيدة .. نحن لا نختار كيف تكون ردة فعلنا إتجاه صدماتنا ..وأنا لم أختر أن أكون على هذا النحو )

ثم انفجرت بالبكاء مجددا لانها الطريقة الوحيدة التي أعرفها .. حين يحدث أمر سيئ لي أبكي بصوت عال

( حبيبي بريئ ، بيتر من خطط لكل ذلك )

( الــوغد ) قالت روز وهي تمسك بيدي ( أنا لا أفهم كيف يمكن لشخص بشبر ونص ..غبي كالحمار .. أن يخدع أليكساندر )

(ذنب حبيبي أنه طيب أكثر من اللازم .. أنا خائفة جداً فلا أمل له بان يخرج بريئاً ..سيقضي السنوات القادمة في السجن ، يؤلمني قلبي من أجله )

( نحن معك ..لن نترككِ ) واستني نيكول التي تجلس على الكرسي فأسندت رأسي على فخذها

( أريد حبيبي يانيكول )

راقبتني مندهشة وانا اتمرغ واصفع قدماي فوق الارض تماما مثل طفل غاضب ..
وإعترفت بآسى( في الحقيقة والدي أراد الدفاع عنه كثيراً ، لكن اللايدي هولموود منعته )

وقفت روز قائلة بعنف ( تلك العجوز الشمطاء تحتاج للضرب القديم المبرح بشحاط نيلون)

وفجأة واتتني فكرة ( تلك العجوز الشمطاء هي الوحيدة التي تستطيع جعل بيتر يسحب الدعوة هي تتحكم بعائلتي وهي مهتمة بأليكساندر ..حتما ستساعده )

( ربما يجدر بك التحدث معها في الموضوع ، لعلها تساعده ) إقترحت عليا روز ( سنأتي معكِ لندعمكِ )

قالت نيكول بصراحة ( اللايدي هولموود لا تطيقكِ تاماني ، هي دوما تتذمر منكِ ..وأخشى أن ترفض لمجرد إستفزازكِ .. لماذا لا تنتظرين قليلا ، قد تقرر التدخل ومساعدته بدون أن تطلبي منها ذلكَ ، إنتظري لتري ماذا سيحدث)

اسندت رأسي على فخذ نيكول مجددا ونظرت للسماء المغيمة ( أنا خائفة و ضائعة وغاضبة )

قالت وهي تربت على رأسي برفق ( يمكنني ان اخبرك بسبعة خطوات للتغلب على الخوف )

( هل تتضمن هذه الخطوات السبعة إستعادة أليكساندر لانني خائفة ان يبعدنا السجن عن بعضنا وضائعة بدونه وغاضبة منه لانه لم يخطفني كما طلبت منه )

قالت مبتسمة ( انها في الواقع نصائح نفسية لتشعري لتحسن)

( اذا لا اريد سماعها يانيكول ..اليكس هو الوحيد الذي يشعرني بالتحسن ، قلبي يؤلمني بشدة من اجله ، أتعرفان كم لديه من مسؤوليات تقع على عاتقه والان وهو مسجون هناك ولا يستطيع فعل شيئ ..حبيبي يتعذب هناك بمفرده وانا اتعذب هنا بدونه )

راحت نيكول تواسيني قائلة( والدي إعتاد ان يخبر موكليه بانهم حتى لو ظلموا ولم تتحق العدالة البشرية ..فالعدالة الإلهية ستتحقق لا محال ..وهناك لن ينفع المال والنفوذ)

نظرت لروز التي بقيت واقفة و بكيت بصوت عال وانتحاب شاكية لها ( ألن اكون ابدا سعيدة في حياتي .. لقد أخذو أغلى شخص في حياتي .. أنا جد غاضبة .... )

أجفلت حين فاجئتني بضربة على رأسي..فقطعت نحيبي وأمسكت برأسي

( إستجمعي نفسك ايها النواحة الصاخبة ، خبر عاجل لك ..الحياة ليست عادلة ..والان إمسحي دموعك ومخاطك وقومي .. لنذهب للمطعم ..أنا جائعة ولم أتلقى دعوة منك منذ مدة ..)

تأملتها قليلا محاولة إستجماع نفسي حتى شعرت بوجهي ينكمش مجددا وصوتي يخرج باكيا ( ياااه أنا في هم حبيبي المظلوم وهي في هم بطنها ، حياتي على شفير الإنهيار والأنسة روز جائعة !)

(لا تجعليني أضربك مجددا ) رفعت حاجبيها عاليا ثم مد يدها لي ( إن كنت تريدين إخراج غضبك فلدي لك افضل طريقة ..أتتذكرين المنافقتان.. افضل من النواح هنا بدون هدف ...ام انك مضيت في حياتك )

امسكت يدها ووقفت ( لن أمرر لهما ابدا اهانة حاجباي ..ابدااا .. لنذهب )

ذهبنا ثلاثتنا إلى المطعم حيث تلقيت ترحيب جميل من عامل الإستقبال كالعادة ..فرأيتهما تجلسان على طاولتنا

( كيف تجرأتا على القدوم لمطعم عائلتك والإستفادة من الأطباق الغالية مجانا على ظهرك ..) تسائلت نيكول بحيرة وهي تثبت نظارتها فوق أنفها

في الحقيقة ماحدث هو أنني وروز قطعنا صداقتنا معهما ..وردهما كان مستفزا جدا بحيث قالتا أننا الخاسرتان وبأنهما لا تحتاجان لنا بل نحن من نحتاج لهما ..أوشكت روز أن تضربهما لكنني منعتها لانهما لا تستحقان وقتنا

( لا تقلقي ..مازال لدي بعض النفوذ كإبنة لأل فيفر ..راقبي )ذهبت عند السيد داوسن الذي يحبني كثيراً وكنت ساطلب منه ان يطردهما ..لكني سمعت صوت اليكس بداخل راسي يخبرني ان اكون فتاة طيبة ولا ارد السيئة بالسيئة لذا قلت له

( أرجوك تلك الفتاتان تجلسان على طاولتي ، انا غير معنية بهما .. هلا تصرفت سريعاً )

فاومأ وذهب ..وبالفعل طلب منهما النهوض وتغيير الطاولة بهدوء ، حيث اخذهما الى اصغر طاولة هنا في اكثر زاوية مظلمة فقط لكي لا يطردهما ..تظنان انهما تستطيعان القدوم هنا بدون موعد مسبق وتستمتعا على حسابي ..لست بهذا اللطف

( لقد طلبتا كل الاطباق كالعادة) قالت روز منبهرة لشهيتهما المفتوحة ..أدركت أن صوفي كانت تشي بي طوال الوقت من أجل المال الذي بخلتها به أمها ، شعرت فعلا بقليل من الأسى إتجاهها ..

لاحظت الطاولة الصغيرة لم تكفي لكل الصحون ، كان ذلك مذلا جدا بالنسبة لجينيفر اكثر من صوفي ..فقررتا المغادرة لكن حارس الامن اوقفهما وطلب منهما دفع الحساب ..ولانهما لا تملكان المبلغ فهما شعرتا بالخجل والذل اكثر ..قررت ان لا أنشغل بهما أكثر

نظرت لصديقتي الطيبة الخجولة وقلت ( الأسطورة تقول ..إطلبي كل ماتريدينه يانيكول )

لاول مرة جلست في هذه الطاولة وهي حقا إحتوت على أكل حقيقي ، كانت طاولة جميلة لا تحتوي على أي اخضر

رأيت شريحة اللحم و البطاطا وضعت يدي على خدي وخرج صوتي الباكي المديد ( من أين لي الشهية لأكل معكما وأليكس في السجن ..لابد وأنهم يجوعونه الان )

قلبت روز عينيها بمأساوية إتجاهي ( إنه مسجون وليس مخطوف)

( أختاه ! ) مسحت دموعي حين صوت هنري خلفي ، انحنى لي بقلق وقبلني على خدي الذي صفعت منه ( كنت أبحث عنكِ ، ثم سمعت طفلا يبكي فقلت هاقد وجدتها ، هل أنتِ بخير ؟)

أومأت وقلت بسرعة قبل أن تسبقني دموعي مجددا ( أنا بخير ، إنضم لنا ..هذه روز وهذه نيكول )

وافق قائلا بصوت مرح ( طبعا )

هنري جعلهما تضحكان طوال الوقت وهو يحكي لهما عن تمرده في المدرسة الداخلية ، حتى أنه أعجب كثيرا بروز ، ومدحنا لأننا لم نطلب سلطة وبعيدا عنهم كنت شاردة في ذلك الجدار قرب المخزن حيث كان يتعرض للتوبيخ ذات يوم بسببي ، أراه يقف هناك وينظر لروحي ..لم أكن أعرفه حتى سوى بأنه داس على حذاء لوي فيتون خاصتي .. كان غريبا عني

من قال أنني سأغرم بتلك العيون بلون سمـاء الليل لهذه الدرجة بحيث أنا لا أريد أن ينظر لي أحد سواه

أنا حزينة لان نصفي الجيد ليس معي ، ولايسعني سوى تخيله بجانبي ..في كل مكان ..أسمع صوته أشعر بلمساته .. أكاد أجنْ

وهكذا بقيت لأسبوع كامل ..في الحصص أكون شاردة في النافذة ..أنظر للجدار حيث هو معتاد أن يقف

في الشارع ..في المنزل ..في غرفتي ، لاأستطيع النوم ليلا وهو ليس موجود في الغرفة المجاورة

صرت أرتـاب من كل شيئ

ولم أجد أية طريقة لكي ازروه فوالدتي حذرتني وقالت أن هناك من يراقبني ..قالت إن ذهبت لرؤيته ستعرف و أنا لن أسبب له سوى المزيد من المشاكل وانا صدقت كلامها بالحرف لانها غاضبة جدا منه

وبقيت تردد بأنها وثقت به ، والدتي تكره ان يخون أحد ثقتها ..وكرهت أن شاب من طبقة فقيرة مثله فعل ماجعلها بيتر تتوهمه من سرقة ومحاولة قتل ..اجل هي تصدق ان حبيبي أليكس حاول أن يقتل أحد اولادها المفضلين..وهذا مالن تصمت عليه أبداً ، وحين حاولت التحدث مع ماديسون لكي تسحب شهادة الزور هي طلبت مني ان اذهب للجحيم

وبعد أسبوعين من عدم رؤيته ..أصبحت أسير في الأرجاء مثل جسد بدون روح

حين أرى بيتر يمر أمامي ألعنه ..وأحيانا أكاد أركع على ركبتي وأتوسله لكي يسحب شكواه

أنا ضـائعة ، حزينة ووحـيدة بدونه .. أنا أغرق في إكتئاب مظلم ، مخـاوفي وجدتني مجددا وهـاجمتني أسـوء من قبل

أتواصل معه بالرسائل التي أرسلها له مع دوغلاس وأكتب له كم أحبه وكم أفتقده وكم صارت حياتي بدون معنى بدونه .. وكنت أنتظر رسائله بلهفة ..وأقرأها طوال الليل وكيف يخبرني بأنني يجب أن أتحلى بالقوة لأن أياما أجمل ستأتي لي ..وبأنني يجب أن لا أفقد أملي أبدا وأظل على الدوام مبتسمة

كنا نعيش أياما جميلة فكيف حدث هذا ؟

رغم ذلك أنا لم استسلم ، لقد تكلمت مع الكثير من المحامين وبحثت عن أدله لثبات برائته ، لقد درست قضيته كثيرا ..وأخذت رأي السيد غرافل و كان جيريمي يساعدني كثيـرا

في الحقيقة في الاونة الاخير صرت أقضي الكثير من الوقت معه في منزله وفي المكتبة..وأنا أحاول أن أتوصل لحل لأنقذ أليكس ..ولم يكن يبخل عليا بخبرته و نصائحته

غريب كيف جمعتني الظروف مع جيريمي مجددا حتى أننا أصبحنا صديقان ، والان أنا أجلس في في هذا المقهى الصغير ..في هذا اليوم المشمس معه

( ربما عليا زيارة اللايدي هولموود )

قال جيريمي بغموض ( لا أنصحك بذلك )

نظرت إليه مستغربة ( لما لا ؟ )

قطب جبينه بتوتر ، وضع يده فوق يدي قائلا ( ربما يجب عليكِ أن تستسلمي ياتاماني ، توقفي عن محاولة إيجاد دليل برائته لانه لا يوجد ..اعني بيتر خطط كل شيئ بعقل عبقري ..الطريقة الوحيدة التي سيخرج بها أليكساندر من السجن هو ان يسحب أخوك شكواه ..وهو لن يفعل )

فقلت متأملة وأنا أمسك يده بقوة ( والطريقة الوحيدة التي سيسحب بها شكواه هي ان تطلب منه اللايدي هولموود ذلك )

أشاح جيريمي عينيه بعيدا عني بيأس كامل من حصول أليكس على حريته، فجمعت كتب القانون وأوراقي ووقفت

( يجب أن أذهب الان ، أراك لاحقا جيريمي )

حملت حقيبتي وذهبت مباشرة لدوغلاس الذي قاطعت طريقه أمام السجن (يجب ان أراه ..إشتقت إليه )

كالعادة حدثني بغضب خافت ( لايمكنكِ رؤيته ) وتجاوزني برشاقة جسده الرياضي، في رمشة عين كان قد إقترب من الباب

قطعت طريقه مجددا متسائلة ( لما لا ؟ يحق لي رؤيته ..لاأكترث إن رأني أحدهم ، لاأهتم إن عرفت والدتي بوجودي هنا ، يجب ان أراه لأنني إشتقت إليه كثيراً ، أريد أن أسمع صوته .. أريد أن أقبله قبلة حقيقية وليس عن طريق رسم إيموجي مثير للشفقة في رسالة خطية وكاننا في عصر الحمام الزاجل )

قال بنفاذ صبر ( أليكساندر لا يريدك ان تزوريه في السجن ، فهمتِ ؟ هو لا يريد رؤيتك هناكَ )

إستغربت جدا فسألته ( هل قال هو هذا ؟)

إرتفع حاجبيه بنوع من الغرور مرددا ( نعم ..طلب مني أن أخبرك أن لا تأتي للسجن وهو سيظل يراسلك من هناك )

رحت اتمتم بسرعة وانا ابحث في حقيبتي عن ورقة وقلم ( إنتظر قليلا .. لم اكتب له أي رسالة اليوم لانني كنت مقررة أن أراه وأخبره مباشرة مايجول في قلبي)

ظل دوغلاس يقف بإستقامة وعينيه ثابتتان عليا بحدة ( لاتعقدي الامور أكثر ايتها الشقراء ..والأن عن إذنكِ )

لقد دخل وبقيت أنا مكاني أنظر للمباني العالية ،أشعر بانني وحيدة أكثر من أي وقت ..مالذي يعنيه بعدم السماح لي بزيارته

عدت ادراجي للبيت محبطة وأنا أسير كأنني أحمل جبالا من الهموم على ظهري

( تاماني ..تعالي هنا ) أف ..وكأنه نقصني والدتي الان ،جررت أقدامي لغرفة المعيشة فرأيتها تبتسم بسرور على غير العادة

( اوه والدي أنت هنا أيضاً )

( إجلسي يا بنيتي ) طلب مني فجلست أقابلهما ، وتسائلت في نفسي..ماذا كان فيها لو لم يلتقي هاذان الإثنان في حياتهما أبدا

قال والدي الذي بالكاد يتسع في تلك الكنبة ( لدينا خبر مميز جدا لكِ سيغير حياتكِ للأجمل )

هل سيخرجان أليكساندر من السجن ..هذا مافكرت به وراح قلبي يخفق بقوة حتى قالت والدتي

( لقد حددنا تاريخ حفل خطوبتك أنتِ وجيريمي غرافل ، إنتهيت للتو من التحدث مع سارة على الهاتف حيث أبشرتني وأخبرتني كم هي سعيدة بهذا القرار الذي إتخذتماه معا)

( خطوبتي ؟ ) راحت كلمات أمي ترن في أذني وأنا أحدق فيها بجمود..شعرت بالإمتتان لأني جالسة ، والا كنت إنهرت من هول ماسمعته .. شعرت بعقلي يذهب ويعود .. وفمي يلتوي

( هنيئا لك يابنيتي ، بعد أسبوع ..ستصبحين خطيبة المحامي الصاعد جيريمي غرافل ، أنا فخور جدا بكِ لإختياركِ .. إنه شاب صالح )

ماذا كذبت والدتي عليه ليفرح من اجلي هكذا ..

ياإلهي لا أصدق ..هل هذا يحدث لي فعلا ..إن جاء والدي ليخبرني الامر بنفسه فهذا انه رسمي ولا عودة فيه ..الجميع يعرف أنه لاعودة من قرارات والدي

قالت والدتي بسعادة لا توصف ( تناقشنا أنا ووالدك مطولا وإتفقنا أنه كلما أسرعنا كلما كان الامر أفضل )

( لما الإستعجـال ؟ ) بالكاد حركت شفتاي الثقيلتان

قطب والدي جبينه بعصبية ( والدتك أخبرتني كم أنت تحبينه و متعلقة به بحيث هددت بالهروب معه إن لم اوافق على علاقتكما ، لذلك لقد أعطيت كلمتي للسيد غرافل وزوجته ، ليس لديك وقت طويل ..أسرعي بإيجاد الفستان المناسب ، سأعلن خطوبتكما في حفلة عشاء شراكتنا الجديدة مع اللايدي هولموود )

( حسنا ياوالدي ) تمتمت بصوت متراخي ..لا اعرف ان كان سمعني ..اعتقد ان لساني تخدر .. في طريقي لغرفتي سقطت في الرواق شعرت أنني مربوطة بصخرة من حديد ..في أعماق ظلام بئر جاف..حـية

( أختاه هل أنتِ بخير ؟ ) وجدني هنري فأسرع ليطمئن عليا ، أمطـرني بأسئلة مثل ( مالذي حدث ؟ هل سقطتِ ؟ هل تسمعينني ؟ )

( لا أيها الأبله ..هي مصدومة لأن والداي سيعلنان عن خطوبتها هي وجيريمي غرافل في حفل اعلان مشروع البندقية الجديد مع اللايدي هولموود ) ظهرت كلارا وأكدت أني لم اكن احلم ..احتبست الشهقة بداخلي مسببة لي ألما فظيعا في حلقي

سألني هنري في حيرة ( رأيتك تقضين معظم وقتك معه في الاونة الاخيرة ..أليس هذا
ماتريدنه ؟ )

( هذا ما والدتي تريده ) اخبرته بغضب .. ثم ركضت متجاهلة ندائه .. يجب ان أذهب إليه ..ركضت للخارج وصعدت في سيارة أجرة ..يجب ان اراه مهما كلفني الامر

حين وصلت للسجن شعرت بالإرتياح لانه هنا وفي غرفة الزيارة جلست على هذا المقعد أرتجف حيث كانت الغرفة مليئة بالزوار

جلست على أعصابي حتى رأيته يسير بجانب الشرطي..بملابس السجن الكئيبة وكم كان مظهره محزنا لي.. لم أتمالك نفسي وركضت إليه وإرتميت على صدره الدافـئ ..لوهلة ظننت أنه مجرد حلم يقظة أخر ..حتى شعرت بذراعيه تشدني بقوة إلى صدره ..كان حقيقي فروحي قد ردت لي

( لديك خمسة دقائق لنهاية الزيارة ) إبتعد الشرطي ليقف بالزاوية ..وأنا لم اتركه ولا للحظة

( لماذا جئتِ ؟ هذا ليس مكان لطيف لتتواجدي فيه ) راح يربت على وجنتاي بحنان وعطف ثم نظر مليا لعيوني

( هل كنت تبكين ؟) سألني فأومأت بصمت ..هو دائما يلاحظ ..هو الوحيد الذي يحزن لرؤية دموعي

ضمني لصدره بحنـين كبير ..بشوق وإشتياق ( لو تعرفين كم إشتقت لكِ ..حبيبتي ، أنا افكر فيكي طوال الوقت )

قبلني بجبيني وأنا غلبتني دموعي بحيث شعرت بسعادة مفرطة لأنني معه ..وحزن مفرط لأنهم سيأخذونه بعد دقائق ..كيف يمكن أن أشعر بالسعادة والحزن في وقت واحد

دفنت وجهي في عنقه ..هامسة ( لا أعرف ماذا أفعل بدونك ياأليكس )

( أخبريني مالخطب ؟ حبيبتي ..تبدين مريضة ..مابك ؟ ) مسح دموعي ثم إبتسم إبتسامة تحبس الأنفاس

( من يراك سيظن انكِ المسجونة وليس أناَ )

إبتسمت بمرارة وهدأت ( إبتعادك عني مؤلم ومدمر ..أنت شمسي ..حياتي أظلمت حين أبعدوك عني )

قبلته فوق لحيته وعانقته بإحساس لا نهاية له من الإطمئنان التام ..تمنيت أن يتجمد الوقت ..وأن أبقى بين ذراعيه آمنة إلى الأبد

قلت في حيرة ( لم أعرف أين أذهب..فأنت ملجئي الوحيد)

( أخبريني مالخطب ياحبيبتي ؟ )

أخفيت وجهي للحظات بيدي ثم أخذت نفسا عميقا وأخبرته بعد لحظة من التردد ( والداي قررا أن يعلنا عن خطوبتي أنا وجيريمي في حفل مشروعهم الجديد ..وذلك بعد أسبوع )

بدأ وجهه يظلم فجأة ..بدت الصدمة في عينيه ..وعدم التصديق

قال بصوت يخنقه القهر ( ألا يكفي أنهم ألقوني في السجن وحرموني من حريتي ، يريدون أن يحرموني منكِ أيضاً )

ضغط على يدي بقوة ممازاد من خفقات قلبي ( أنا مذعورة ..فهذه المرة والدي تدخل ،وهو لن يعود عن قراره مهما حصل فكلمته تمثل سمعته مثلما يعتقد )

نظر لي لدقيقة فشعرت بشرارات الغضب تتطاير من عيونه ، همست بهلع ( ساعدني ياأليكس )

( ماذا كان ردك ؟ ) سألني على الفور فإبتلعت لساني وراقبته من خلال رموشي المبللة ينتظر جوابا غير الذي لدي

( قلتِ نعم ! ) قال بإستنكار ..وعلى محياه نظرة من الإستخفاف

( ماذا كان يفترض بي أن أقول ؟ كان والدي )

نظر لي مصعوقا ..جعلني أجفل حين صاح بجنون ( قولي لا .. أنظري حولكِ ، انا هنا في المقام الأول من أجلك ، لأنني إخترت أن اكون بجانبكِ ..وأنتِ عاجزة عن قول "لا" لأهلك من أجلي ؟ )

( أنت تعرف أن رأيي ليس مهما لهما )

ضرب الطاولة بقوة وأنا إنكمشت مكاني ، قال بلهجة حادة لم يستعملها معي قط ( أنتِ راشدة الان تاماني ، وأنا لا أستطيع مساعدتك لأنني في الســـجن ،الوحيد الذي يستطيع مساعدتك هو أنتِ ، هل تعرفين كل مارفضته فقط لأبقي بجانبك ؟ تحملي لكل تلك الإهانة والذل من عائلتك.. أصبحت مجرما بأعين الناس ..لأنني أردت أن أكون بجانبكِ ، اوقفي خوفك غير المنطقي من والديك وإخوتك وكوني سيدة نفسكِ ، الامر بيدكِ ..فإما أن تكوني معي ..أو تكوني لجيريمي .. لانني لن أقبل بالمزيد من الكذب والمؤامرات .. )

( ماذا يفترض بي فعله ؟ )

رأيت الغضب يتسع في عينيه ( أنتِ تعرفين تماما ماذا يفترض بك فعله ، هذه فرصتك ..لتختاري مصيرك بنفسكِ ، إختاري مع من تريدين أن تكملي حياتكِ .. هذه هي فرصتك الاخيرة تاماني )

( أنا أحبك أنت وأنت تعرف ذلك ..أنت تعرف )

حاولت أن أعانقه فرفع يده كحاجز بيننا ( أثبتي لي ذلك.. أخرجي من تلك الفيلا ..ومن حياة من آل فيفر )

( أليكساندر لا تفعل هذا .. لاتبعدني عنكَ ) عانقته رغما عنه ورفضت أن اتركه ، بكيت بصوت مكتوم على صدره( أخبرتك مرة ، أنني إما أن اكون معك ..أو لا أكون في هذه الحياة ..أنا أموت بدونك )

لاحت إبتسامة جافة ساخرة على زاوية فمه ( لا تتحدثي عن الموت وكأنه لعبة سهلة ، انت حتى لا تستطعين مواجهة والديكِ تاماني ، سأكون صريحا معكِ ، لا تعودي لي إن إرتبطت بجيريمي غرافل ، لدي كرامتي أيضا كرجل ، لقد إخترتك بالفعل ..والان دورك لتختاري )

( إنتهى وقت الزيارة ) جاء الشرطي وكبل يديه ، رأيته يبتعد عني ..وحين إختفى أظلمت الدنيا بوجهي مجددا ..ولم يسمعني حين همست أن الأمر ليس حول الإختيار لأن قلبي إختاره فعلا ..إنه حول الشجاعة التي لم أمتلكها يوما لمواجهة والدتي ..إنه حول رعبي من ردة فـعلها

ولاأظنني سأمتلك يوما الشجاعة ..لذا سوف أذهب فحسب وأخبرها ..وليحدث ماسيحدث

المشهد الوحيد الذي كنت أتخيله في طريق العودة هو كيف سادخل وأخبرها بانني لست موافقة على الخطوبة بطريقة حازمة لا رجوع فيها

كررت المشاهد كثيرا وفي كل مرة تخيلت نفسي أقوى ..وأقوى ، سأفعلها من أجل حب حياتي

سأقول لهما لا لأجلك ياأليكساندر.. سأقف في وجه والدتي لأول مرة في حياتي ولا أبالي حتى لو مزقت إسمي من دفتر العائلة ..لا أبالي إن قامت بتقارير جديدة ضدي ..

سأختار مصيري

إنها حياتي وأنا التي سأقرر مع من سأعيشها.. وأنا لا أتخيل هذه الحياة بدون أليكس .. حتى لو خيمت خارج السجن لأكون قريبة منه

سوف أغادر هذا المكان



اوديفالا غير متواجد حالياً  
التوقيع
“I stretch truths where I see fit. I’m a writer”
رد مع اقتباس
قديم 07-04-21, 03:37 AM   #54

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 34 /《تاماني》


أتذكر أن كل جدال خضته مع والدتي كان بالنسبة لي مثل مبارزة بالسيف ..كانت في كل مرة تصنع في قلبي ندبة جديدة .. وأنا أخضع لها لأخرج بأقل الخسائر

رأيتها تقف في الصالة فتوجهت نحوها ووقفت مثل جندية جاهزة لأخر معركة في هذه الفيلا ..لأخر مبارزة مع اللايدي سيليستيا

إلتفتت لي وهي تحمل مغلف ..بدت مختلفة قليلا فالتجاعيد تملأ عيونها وجبينها وهذه التجاعيد لا تظهر سوى حين تكون غاضبة جدا بحيث لا تستطيع السيطرة على تعابير وجهها

( هناك أمر مهم جدا يجب ان أخبرك به)

ضاقت عيونها وهي تقترب مني لتصرخ بكلمة لم تنطقها من قبل ( أيتها الحقيرة !)

جنت والدتي ورفعت يدها لتصفعني بكل قوتها وتسقطني على الأرض

قالت بصوت ملؤه الكره ( أنتِ مريـضة ، وستبقين إلى نهاية حياتكِ مريـضة ، أنتِ معتـلة .. أنا ألعن اليوم الذي حملت بكِ فيه ..وفي اليوم الذي احضرتك للحياة أيتها الإبنة الناكرة للجميل ..أنتِ هي أسوء إنجازاتي ..أيتها الأنانية الـعاقة)

ألقت عليا ذلك المغلف فتنثارت الكثير من الصور الملتقطة لي ولأليكساندر في مواعيدنا السرية

( ياويلي ! )

وضعت يدي على فمي لاخفي صدمتي بينما أمسكتني من شعري وجعلتني أقف لتصفعني مجددا ومجددا .. ومجددا حتى صار وجهي يحرقني

وهي تقول بنبرة عالية سوقية حيث نسيت كليا انها امراة راقية ( أنا أخجل من كوني والدتك ..أنت لم تفرحيني يوماً ..كل ماتحاولين فعله منذ اليوم اللعين الذي فتحت عينك على هذه الدنيا هو جعل حياتي صعبة ،كل ماتفعلينه هو محاولة تشويه سمعتي والحط من شأني وقدري أمام الناس )

( ذلك غير صحيح ..لماذا قد أفعل ذلك لكِ)

لم اعد أراها جيدا من دموعي المتجمعة في عيني ..حملت الصور وراحت تريني الواحدة تلو الاخرى وأنا أعيش أفضل أيامي مع أليكساندر

غرزت أظافرها الحادة في ذقني وصرخت بخشونة ( برافو تاماني..هذا أفضل إنجاز لكِ حتى الان ..أن تعبثي هنا وهناك مع هذا الفقير المعدم ، جعلتني أبدو أضحوكة أمام الجميعْ .. كيف تجرؤين على إنزال قيمتي بالعبث مع ذلك الحقير )

هذه المرأة لن تتحكم بحياتي بعد هذه اللحظة ..إنها مجرد إنسانة ولن تخيفني بعد الأن

دفعتها عني وصرخت مثلها ( لم اكن أعبث ياوالدتي .. أحب أليكساندر وهو يعشقـني )

إعترافي هذا كلفني صفعة أخرى لكنني لم اشعر بها ، لقد فقدت الحس بوجهي الذي صار مخدرا من الصفع

فتحت عينيها بإتساع كالمجنونة وراحت تصرخ وتلكز رأسي بحدة ( ليقطع لسانك اللعين ..مادمت على قيد الحياة فلن اسمح لك بان تنحدري لذلك المستوى من الإنحطاط ، عليك ان تفهمي ..أنتِ للأسف تحملين لقب فيفر ولن اسمح لكِ بوضع سمعتنا في الحضيض بسبب ذلك الفقير المجرم ، لقد خيبتي املي أيتها الإبنة البلهاء العاقة ..خيبتي أملي كثيراً )

حملت كل تلك الصور لانني وجدتها قيمة ..إلتقطت في أجمل أوقات حياتي ، وضعتها في المغلف فرأت والدتي ذلك وحاولت أخذ المغلق مني لكنني لم افلته

توعدتني بسخط ( سأحرق هذه الفضيحة مثلما سأحرص أن تحترق كل سنة بقيت في عمره في السجن)

كانت أمي أقوى مني لكني لم افلت المغلف ، كل لحظاتي السعيدة بداخله .. كل إبتسامة ..كل قبلة ..كل عناق .. بداخله

غلبتني بقوتها ووضعت نصفه داخل الموقد الذي تشتعل النار بداخله( أتركيه ليحترق ) صرخت عليا لكنني لم أستطع

اكلت النيران نصفه ووالدتي تحاول جعلي اتخلص من النصف المتبقى ..لكني لن افلته ..لن أفلت أليكساندر ..لن أفلت حبيبي

وهي لم تتوقف حتى رأت النار تحرق جلدي و إستغربت كيف أتحمل الالم بدون صدور ولو آه مني ، رغم أنني شعرت بالدوار والإغماء إلا أنني فضلت الإحتراق على إفلات المغلق ... فعادت لصوابها وإبتعدت بذعر

( إن أخبرت أي أحد عن هذا ..إن ذكرت إسمي فستندمين أشد الندم ) حذرتني بخوف غريب ..وكأنني سأشي بها للشرطة .. في الواقع لطالما بدت كأنها مستعدة للإنقضاض عليا ، لتمزقني ، لتقطعني ، لكن شيئ كان يكبحها ..كانت ترفض لمسي حتى فتكتفي بمعاقبتي لأسباب تافهة ..إن والدي لايعرف حقيقتها إلى يومنا هذا ..لايعرف بأي وحش تزوج

أخرجت بقية المغلف ويدي المحترقة بسرعة و اطفات النار الخفيفة المتبقية فيه متجاهلة الالم حيث عانقته لصدري

وأخبرتها بصوت خالي من العاطفة تماما مثلها ( بالمناسبة ..قراري هو لا .. لاأريد الإرتباط بجيريمي غرافل وأنتِ فكري كيف تخبري زوجك بذلك )

أشعلت فتيل النار مجدداً حيث إقتربت مني مهددة( طبعا ستفعلين ..زوجي سيعلن عن خطوبتكما في الحفل ..وأنت ستتظاهرين بأنك سعيدة ومفتونة بجيريمي غرافل)

( لن أقوم بذلك ياوالدتي ، أنا راشدة ويحق لي إختيار الرجل الذي سأكمل حياتي معه )

فأشارت بإحتقار للمغلف ( وأفترض أنك إخترت ذلك الفقير المجرم ؟)

إبتسمت في وجهها وإعترفت ( أليكساندر ليس سوى ملاكا .. أنا أحبه وإن كان هناك رجل أريد الإرتباط به ..فسيكون هو )

بدأت تتحرك بخطوات عشوائية ..وتصرخ في قهر وبغض ( لماذا تصرين على جعل حياتي مستحيلة في هذا العالم ؟ لماذا تصرين على حط سمعتي في الأرض ؟ هل هذا هو جزائي لأني قدمت لكِ الحياة ..ألا يكفيك بعد كل مافعلته بي في الماضي .. ألا يكفي ؟ )

( هل يمكنكِ لمرة في حياتك أن تعفيني من سمعتك وسمعة العائلة .. أنا أتحدث عن سعادتي التي لن أجدها سوى معه ..لا يمكنكِ أن تسلبيني إياها ياوالدتي)

حذرتني بصوت خافت متسلط كان يخيفني فيمامضى ( لا تناديني بوالدتي مجدداً ، أنتِ ياتاماني ، فعلت الكثير من الأشياء التي أخجلتني ووضعتني في موافق محرجة مع العالم .. أنتِ ورطتني في متاعب جمة ووضعتني في مواقف صعبة ..والإبنة لا تفعل ذلك مع والدتها .. أنتِ لستِ سوى مجرد مصدر إزعاج كبير لي )

( ماذا ؟ هل تتبرئين مني الان ؟ ) لم أكن متفاجئة البتة

قالت مهددة ( سأحرص بأن اجعل لقبك غرافل ..وليس فيفر سأخلص نفسي من مسؤوليتكِ )

( أفضل القفز من جسر لندن على الإرتباط بجيريمي ، إفهمي .. من احبه يدعى أليكساندر )

أمسكتني بقوة من يدي المحترقة وقالت بنبرة شرسة ( أتعرفين أنني لم أصل بسهولة لمكانتي هذه .. كان عليا أن أقاتل من أجلها ..ليس سهل التحول من فتاة عادية من آل هاميلتون حيث ترعرت في منزل صغير يصر رب أسرته على أن الحياة البسيطة القليلة هي مصدر السعادة والإضطرار لتحمل حياة الريف المبتذلة والناس البسطاء محدودي النظرة من حولي .. لسيدة مجتمع راقية تملك العالم في كفة يدها لا يحيط بها سوى النبلاء واصحاب الطبقات الراقية .. وانا وصلت ..أنا اللايدي سيليستيا العظيمة وصـلت ..ولن أدعك تفسدين هذا بكل الاقاويل التي ستطالني وتطال الأسرة بسبب ذلك المجرم ، إن الإبنة هي مرآة لوالدتها ..ستفعلين كل ماأطلبه منكِ بالضبط)

هذه معركة سأفوز بها .. لم أرد إضاعة المزيد من وقتي هنا معها ..أردت إنهاء هذا الحديث الجارح والمغادرة بأسرع مايمكنني

( أنا قانونيا راشدة ويمكنني مغادرة المنزل ، سوف أغادر حالا من منزلك ومن حياتك .. )

وجدت نفسي أبتسم ..لطالما تخيلت هذه اللحظة ، قول هذه الكلمات أزالت ترسبات سنين من الغم بداخلي .. شعرت أنني خفيفة

حتى ضغطت على يدي بقوة أكبر وأخبرتني بصوت خافت متوحش انعكس على وجهها
المفترس( سأقضي على ذلك الفقير المعدم قبل ان تتمكني من رؤيته مجدداً ، أنت تعرفين أنني أستطيع جعل موته حادثة مثلما حاول هو مع إبني ، والحوادث كثيرة في السجن .. هناك الكثير من المجرمين مستعدين لإنهائه مقابل علبة سجائر فحسب )

( لن تفعليها ..لن تؤذي أليكساندر ) بدأ جسدي يرتجف وشعرت بالبرودة بأطرافي فجأة ..شعرت بالخضوع لها

وقفت بإستقامة حادة وشبكت ذراعيها لصدرها ..إستعادت تلك السلطة في نبرتها الديكتاتورية ( سمعتي أغلى من حياته ، والان حياته بيده ، إن رفضت الإرتباط بجيريمي .. فأنتِ ستحكمين على ذلك الفقير بالموت ، وأنتِ ..سأزوجك رغما عنكِ بالسيد جاكسون السادي الذي سيسجنك في منزله المتواجد في مكان لن يصل اليه احد ، ستتمنين لو انك قبلت بجيريمي )

( ياربي ) إنهرت تماما لأنها وضعتني بين الامر الواقع ، رأيت عدم الرحمة في عينيها .. هي حقا مستعدة لقتله ..هي مستعدة لتقتل روحي ..لكي تنقذ سمعتها التي هي مهووسة بها

إبتسمت ببرودة والقسوة تتلاعب بعينيها ،وضعت يدها على خصرها وقد إستعادت سيطرتها
( تعرفين ياتاماني ، لم يرف لي جفن حتى حين عرفت بوفاة أبـي ..هل تظنني سأشفق على ذلك الفقير المعدم ؟ )

أومأت مصدقة كل حرف ..من لم ترحم والدها ..ولم ترحم إبنتها .. هل سترحم شخصا غريبا عليها

( حسنا ..سأفعل ماتريدينه ، سأرتبط بجيريمي ..أرجوك لا تؤذي أليكساندر ، سأفعل ماتطلبيه مني)

قالت مؤكدة بدون أي ذرة شفقة ( طبعا ستفعلين ، لا تحاولي أن تريه أو تتكلمي معه ، فلتقطعي كل شيئ بينكما الان في هذه اللحظة ..هيا ، هياا أحرقي ماتبقى من تلك الفضيحة ، ستشكرينني في المستقبل لأنني أنقذتك من حياة تعيسة )

اشارت للمغلف فمت الف مرة حين القيته في النيران التي احرقته واحرقت قلبي معه
توجهت مباشرة لغرفته وإستلقيت على سريره حيث أستطيع شم رائحته ، مررت اناملي على وسادته وهمست " أنا أسفة ياحبيبي .. لا أريدك أن تموت"

ماسأفعله سيحطمني ..وأنت ستكرهني ..ستظن انني لا احبكِ ، وأنني لم أخترك ..ليتك تعرف أنني إخترك

إخترتك أن تكون حيا

لابأس أن لا تكون معـي .. لطـالما أنكَ ستكون في هذه الحياة

أمضيت أسبوع محبوسة في غرفتي من طرف والدتي حرصا منها ان لا اهرب ، طلب مني هنري أن أغادر معه .. لكني رفضت لأن حياة أليكس كانت مرتبطة بتلك الخطوبة ..

أسبوع من الجحيم ..وأنا أتقدم كل يوم نحو موتي، نحو هلاكي، نحو جيريمي غرافل ، اللعين الذي تقدم لخطبتي من والداي رغم معرفته ان قلبي ينتمي لرجل غيره

الان فهمت لماذا كان يساعدني طوال الفترة الماضية .. ليس حبا في المساعدة ..بل حبا بي
لقد حذر أليكس أنه لن يتوانى عن سرقتي منه ..وسيسرقني ، من الواضح انه من البداية أراد الإرتباط بي ..وسيرتبط

أنا أموت كل يوم قليلا ، قلبي ينادي بأليكس طوال الوقت ..وروحي تشتاق لروحه .. كيف أقنع نفسي الان أنه لم يعد لي .. بعد أن أقنعتها سابقا أنه هو كل شيئ في حياتي

في اليوم المنشود نظرت لنفسي في المرآة وماأراه ليس أنا ..بل الفتاة التي صنعتها سيليستيا فيفر

هذه ليست حقيقتي ، جيريمي ليس حقيقتي

( هل أنتِ جاهزة ؟ ) دخلت وهي تستعرض جسدها المثالي الذي أوصلها لتكون سيدة راقية

أنزلت عينيها إتجاهي بضغينة ( انظري إليك .. أنتِ تشبهينه كثيراً ، في كل تصرف تقومين به ، مهما حاولت ان اعدلك فأنتِ ترفضين ان تكوني سوى تلك الفتاة الوفيـة له ولمبادئه ، أثاره واضحة جدا عليك )

شعرت بالحرارة تتصاعد من فروة رأسي حين بدأت تتحدث عن جدي بشكل حاقد

( أتعرفين شيئا ياوالدتي ، أنا لم اكرهك قط..ولم اتي هنا لكي أنتقم منك او أعاقبكِ ، بل أنتِ من تفعلين ذلك معي .. أتمنى لو تعرفي مكانة جدي في قلبي ..ليتك تعرفين كم أحبه وأني سأتذكره الى مماتي ، و ليتك تعرفين ماذا يعنيه أليكساندر لي.. إنه نصفي الأخر ..بدونه أنا جسد بدون روح )

أطلقت ضحكتها المتعالية وهي تهز وجهها بطريقة تحتقرني فيها ( لقد كنت فتاة بلهاء مثلك في الماضي تكتفي بالحب البسيط الذي تتلقاه من إبن القرية البسيط ..ثم كبرت ونضجت وخرجت من قوقعتي ..وادركت انه يوجد عالم باكلمه هناك افضل من ذلك المستنقع البائس ، مجتمع راقي رفض جدك الإستثمار فيه ، لذلك قتلت تلك الإنسانة التي كانت تشبهك ، وتركت كل شيئ خلفي لكي أحضى بكل هذا ..كان يجب أن أكون المرأة التي أنا عليها اليوم ..وهذه المراة هي التي أنشأت عليها سيرافينا)

تصلب جسدي لإعترافها فسألتها مذهولة ( ألهذا لا تحبينني ؟ لأنني أذكرك بشخصيتك القديمة ؟ الفتاة التي رباك جداي عليها ؟ حين تنظرين لي يبدو الامر وكأنك تنظرين لنفسكِ التي كنت تكرهينها بشدة في الماضي )

هزت كتفيها وهي ترمقني بحقد (حـالتك العقلية المعادية لي وهوسك الإنتقامي لتدميري كانا السبب في عدم وجود علاقة جيدة بيننا بالتأكيد، ذلك الجسر الذي كان يجب أن تبينه نحوي ..بنيته نحو جدكِ ..ولا أنكر أني كنت أكره النظر إليك أحيانا لأنكِ تذكرينني بنفسي القديمة ، لكن هذا سيتغير .. انني أحب كوني إمرأة قوية لديها كلمتها في المجتمع ، لدي كل ماأردته يوما في حياتي ..المال والقوة والشهرة .. وكذلك أنتِ ستصبحين مثلي وستشكرينني لاحقاً لأنني خلصتك من ذلك الفقير المعدم )

تجعد جبيني بحدة وبإستهجان ( ربما كان بالنسبة لكِ مجرد فقير معدم ..لكنه كان حب حياتي )

( تبدين مستعدة ) جائت وفي يدها الهاتف وإتصلت بأحدهم ، وضعته على مبكر الصوت وسألته ( هل الهدف بجانبك ؟)

سمعت صوتا غليظا يردد ( أجل سيدتي ، الهدف هنا ..أنا أنتظر إشارتك لأقضي عليهِ )

( سنبقى على إتصال ) أغلقت الخط بملامح مستريحة وأخبرتني( هذا أحد المجرمين يحدثني من داخل السجن ،هو يجلس بجانب أليكساندر الان وعلى الاغلب يتبادلان أطراف الحديث ، إن حاولت إفساد الامر ساتصل به وسينهي أمر ذلك البائس إلى الأبد)

( لا والدتي .. أنا مستعدة ، فلننزلْ ) شبكت يدي متوسلة إياها فإبتسمت راضية

الحفلة ستكون في فناء منزلنا ..بالفعل حضر الكثير من النبلاء لحد الان

حافظت على هدوئي ومثلما قالت تظاهرت بانني سعيدة ..لن يستطيع أحد أن يكتشف كم أنا تعيسة لانني معتادة على تزييف مشاعري

تمنيت الموت في كل دقيقة ، وحين وقفت بجانب جيريمي قال ( مرحبا ) وأمسك بيدي

صار الغضب يغلي في عروق فضغطت على أصابع يدي بكل عنف ( لقد وثقت بك وإعتبرتك صديقي ، لن أسامحك أبدا على هذا الموقف الذي وضعتني فيه ..أنا أسفة من أجلك لانك الان ترتبط بفتاة رجل أخر ..أسفة لأنني سأجعل من حياتك جحيما لا يطاق ..أسفة لأنك ستنام كل ليلة بعين واحدة مفتوحة خوفا عل أظفارك من كماشتي ، وعلى رموشك من ملقطي ..ستخاف كثيرا ياغدار ، أعدك أنني سأكرهك كل يوم أكثر من الذي يليه وسأجعلك تكره نفسك ، أنت مقبل على أيام مظلمة بحيث ستتمنى الموت ولن تموت )

طلب بتوتر ( فقط إهدئي تاماني )

رفضت التحديق في وجهه وتابعت وعودي ( هذا أخر يوم من أيامك الجيدة ياخبيث .. أعدك أن الصراصير ستكون ألذ وجبة تذوقتها مقارنة بما سأجعلك تتذوقه من ويل .. أنت لن تجد السبيل لتبتسم مرة أخرى .. )

كان وجهه البشوش قاتما ، وعينيه بارزتان للخارج وكأنه يعاني من أثار إختناق ، يبلع ريقه بإستمرار ، يزفر بتوتر بالغ مسموع ..

وجد والدي الفرصة المناسبة ليعلن عن خطوبتنا بالمايكروفون الذي حجب صوتي فصمت ، آه ياربي .. كم هذا مؤلم ، سامحني ياحبيبي لكنني اخترتك حيا

إلتقطو الكثير من الصور لي وجيريمي يعصر يدي ويحملق بي بذعر ، ياإلهي أعطني القوة لأتحمل مايحدث الان ، لقد إنتهى الامر .. لقد توفيت روحيا للتو

هو لن يرغب بي بعد الان ..هو لن ينظرلي بعد الأن ولن يبتسم لي ..ولن يعانقني .. هو لم يعد لي

( أنستي ..إتصال هاتفي من الهند لكِ ) أعطتني ماديسون الهاتف فأمسكته بسرعة وإبتعدت لأقول بحرقة ( فاني أحتاجك كثيرا الان .. تعالي لي ..)

( عزيزتي ..لقد سمعت للتو من جون ، كيف سمحت بذلك ان يحدث ياتاماني )

وقفت بمفردي قرب المسبح ومسحت دموعي( لا أستطيع العيش بدونه يافاني ، ولا أستطيع أن أكون معه .. لماذا تعاقبني والدتـي هكذا ؟ )

أنصت لصوتها الهندي الجميل ودموعي تنهار بدون توقف ( حسنا لم أعتقد يوما بأنني سأقول هذا عن حماتي لكن فلتذهب للجحيم ، ألا تظنين أن والداي عارضا امر زواجي من جون ؟ لقد فعلا ..لكنني تحديت كل الصعاب لأكون معه ..وأنظري إلينا اليوم ، إن احببتي أليكساندر لدرجة رأيت أنك لا تستطعين العيش بدونه ..فقط أتركي كل شيئ وإذهبي إليه .. لقد قطعت كل هذه المسافة من الهند إلى إنجلترا لاكون مع الرجل الذي أحبه ..كل ماعليك فعله هو قطع بضعة خطوات )

قلت بصوت متقطع ( لفعلت يافاني ..كنت مستعدة لأترك كل شيئ من أجله ، لكن والدتي هددتني بقتله .. هي عينت أحد المجرمين وهو مستعد ليقتله في الحال إن لم أرتبط بجيريمي )

صاحت فاني ( ماذا ؟ مهلا .. تاماني هل أنت واثقة مما تقولينه ؟)

( أجل ..لقد سمعت صوته ، قال لها أن الهدف هنا وهو مستعد للقضاء عليه ، كل مايفصله عن الموت هو إتصال واحد من والدتي ..أفضل أن أقضي بقية حياتي تعيسة على أن أفقده بهذه الطريقة )

كانت صوتها يبتعد ويقترب وحوله الكثير من الضجة ( لا أصدق هذا ..آآآآه تاماني تاماني تاماني ياعزيزتي ..ألم أخبرك من قبل كيف جعلت أبي يوافق على جون )

غمغمت ( لا )

سمعتها تضحك وأنا أحاول أن لا ابكي بصوت عال( فاني مالطريف في الامر ؟ )

( حسنا ..عزيزتي ، أريدك أن تدخلي للمنزل وتبحثي عن هاتف والدتكِ ، هيا أسرعي )

( فاني انا وسط حفل خطوبتي من رجل ليس أليكساندر ) نظرت خلفي فرأيت الجميع يبتسم عداي أنا

( ثقي بي تاماني ..إفعلي ماأقوله ) أصرت فاني فوافقت ، قلت لوالدتي بانني سأعدل من ماكياجي ودخلت مسرعة لأبحث عن هاتفها ووجدته لحسن الحظ في غرفتها

( ماذا بعد يافاني ؟ ) سألتها فطلبت مني أن اخرج للشرفة ، قالت بثقة وكانت تحدث أشخاص غيري بنفس الوقت بالهندية ( إتصلي باخر رقم ..رقم المجرم وضعينا على مكبر الصوت لو سمحتِ )

فإتصلت ..رن كثيرا حتى أجاب نفس الصوت الغليظ ( نعم سيدتي)

وأنا قلبي وجعني ، وضعت فاني على مكبر الصوت أيضا وسمعتها تقول بغضب ( متى ستكف عن هذه الالعاب القذرة ياويليام ..لماذا لا تكتفي بوظيفتك الوحيدة كسائق ؟)

ويـليام ..؟

قال المجرم الذي تبين أنه السائق ( أنا أسف ياسيدتي ، ماأنا سوى عبد مأمور )

( عذر أقبح من ذنب .. عار عليكَ)

من هول المفاجأة أغلقت الخط الخاص بالسائق وسألت فاني ( كيف عرفت ذلك ؟ )

( عرفت ذلك لأنني بهذه الطريقة أجبرت والدي على القبول بجون ، لقد جمعت بإسم الحب الكثير الشخصيات الخيالية في رواياتي ، فهل يعقل ان لا أجتمع انا بحبيبي في الواقع ، جعلت أبي يظن اني مخطوفة لأيام ثم جعلت جون ينقذني وينال مباركة ابي ، كانت خطة غبية غير ناضجة لكنها نجحت ..وأتذكر أن والدتك من إختارت الخاطف ..وتخيلي من كان ..السائقْ ! ، لكن لن اسمح لها بتنفيذ خطتي لتؤذيك ..)

افلتت مني ضحكة غبية ( إذن ..هذا يعني أن أليكساندر بأمان ..لا أحد يريد قتله )

وضعت يدي على قلبي الذي عاد ينبض بالحياة مجددا ..وسمعت فاني توبخني ( ياخسارة تربيتي لكِ ياتاماني ، كل خبرتي وإستراتجياتي التي نقلتها لكِ وكتب القانون التي قرأتها لم تجعلك تقومين ولو بإحتجاج واحد ..خضعت ِ لها أسرع من سرعة الضوء ، كم من مرة أخبرتك أن والدتك جبانة وكل ماهي ماهرة في فعله هو السير على ذلك الكعب العالي حتى على الشوك ..كيف صدقت أنها تقدر على إرتكاب جريمة قتل ، هيا أيها الملكة .. إذهبي إلى محبوبك .. هذه حياتك لا تهدريها هكذا ببساطة ..أركضي )

بدأت أقفز من فرط السعادة ( شكرا ياأحلى فاني في العالمْ ، أقسم انني أحبك الان أكثر من أليكس نفسه ..محبوبتي الأبدية فاني )

تركت الهاتف و حملت فستاني الطويل وركضت حتى وصلت للردهة ...ثم توقفت لأن اللايدي هولموود وقفت في وجهي ..وصلت للتو

( أذاهبة إلى مكان ما ؟)

لم يسعدني يوما رؤية هذه العجوز الشمطاء مثل الان ، إقتربت منها وأنا أتنفس بسرعة من الحماس وقلت بسرعة ( سررت برؤيتكِ ..هناك موضوع مهم جدا أردت التحدث معكِ بشأنه ، كما تعلمين أليكساندر إتهمَ باطلا ، بشهادة بزيفة من أخي ، أرجووك لايدي هولموود ساعديه فهو بريئ..لاأحد غيرك يستطيع إخراجه من السجن )

قالت بجفاء ( أصبتِ بذلك )

( إذن ستساعدينه صحيح ؟ أرجوك ..أنا حقا ساكون ممتنة لك طوال حياتي )

أكدت لي بثقة ( لا تقلقي لقد وجدت حلا متوسطا مع أليكساندر وهو سيخرج من السجن بدون أي شكْ)

( حقا ؟ ) عانقتها للحظة فقالت وهي تشدني من شعري وتبعدني عنها بإستياء ( أجهل لماذا انتِ متحمسة جداً لخروجه من السجن ..نظرا لكونه لن يعود لكِ )

فهمت قصدها فقلت ( لا تقلقي بشأن ذلك ..سأذهب إليه في الحال لاخبره بكل شيئ حدث .)

سرت خطوة فامسكتني من يدي وأعادتني لمكاني..آه ياربي كم عظامها قوية كالفولاذ

( يبدو انك لا تعرفين بعد أيتها الشابة ..لكنني سأكون مسرورة لأزف لكِ الخبر بنفسي ، عائلتك أرتكبوا خطئا كبيرا بإدخاله للسجن بعد ان طلبت من والدتك ان تتركه وشأنه .. لكني سأغفر لها لأنني إستفدت من هذه الخطأ )

تفحصتني من الاعلى للاسفل بإشمئزاز( أنظري إليك أيتها الصغيرة ..هي لم تستطع حتى جعلك ترتبطين بجيريمي غرافل رغم انني كنت واضحة معها حين قلت أن علاقتنا ستتوتر إن بقيت تحومين حول أليكساندر ، ألم يصلها ذلك المغلف ؟)

نظرت لها في تعجب ( آآآه كنتِ أنتِ التي أرسلته ؟ لكن لماذا فعلت ذلك ؟ )

شدتني من ذراعي حتى ألمتني ( لأن قواعد اللعبة تغيرت ياصغيرة ..لقد عقدت إتفاقا مع أليكساندر ، تذكرة خروجه الوحيدة من السجن هي أن يتزوجني وهو إتصل بي هذا الصباح وقال أجل .. باركي لي ..لقد خطبنا للتو)

( ماذا قلت للتو ؟ ) همست وأنا أنظر لخاتم الخطبة الذهبي في يدها

حررت ذراعي بعنف قائلة ( أنا وأليكساندر سنتزوج ، من الان فصاعداً هو لم يعد مساعدك الشخصي ولا حبيبكِ ، فلا تزعجي نفسك بالتفكير به .. لا احب أن أرى أية بنات فاسدات مثلك يحمن حول زوجي )

فتحت اصابعي في وجهها لتصمت ، وقلت مبتسمة ( حبيبي أليكس مستحيل أن يخونني بهذه الطريقة ، لقد وعدني بأن يظل معي للأبد .. حتى لو تركني الجميع ..أليكساندر لن يفعل .. أنا وهو حتى يفرق الموت بيننا )

إتسعت إبتسامتها أكثر ..كانت عينيها ترقصان فرحا ( أنت لا تصدقينني ؟ إسألي خطيبك فهو يعرف كل شيئ ..في النهاية هو إبن المحامي الذي سيشرف على معاملات زواجنا .. في النهاية سأقول ..هنيئا لكِ الخطوبة أيضا .. )

إلتفت لأجد جيريمي يقف قرب المسبح فذهبت إليه كان ينقل بصره بتوتر بيني وبين اللايدي هولموود التي تقف قرب باب الفيلا ثم إبتلع ريقه قائلا ( كنت أبحث عنك طوال الوقت .. )

رفعت عيني إليه بإنكار ( هل حقا اللايدي هولموود ستتزوج أليكساندر ؟)

فحرك وجهه بإرتباك ( لم أردكِ أن تعرفي بهذه الطريقة ، أعلم أن الامر يبدو .. مستحيل )

أراد أن يعانقني فدفعته عني ( إنه حقا مستحيل )

( وأنا أقول أن كل شيئ ممكن في الحياة ..أليكساندر أصبح لي الان ) مرت فيكتوريا بجانبي وهي تشبك يديها فراقبتها حتى إختلطت بالمدعويين

لقد وعدني أن لا يتركني من اجلها بالتحديد

( جيريمي قل لي أنها تكذب ..قل لي بأني أتخيل فقط )

جلس على ركبته و ربت على شعري هامسا ( أنا أسف ياتاماني ... لكن للايدي هولموود أساليبهاَ المميزة في الإقناع ، أعني ..إنه مستحيل )

( لااا ) أخذت نفسا مرتجفا ..شعرت بساقاي ينهاران ، سقط الهاتف من يدي ، ثم سقطت أنا على ركبتاي اللتان تخدرتا فوق العشب ..رفعت عيني نحو المدعويين ..فرأيت اللايدي هولموود تنزع معطفها الاصفر وتلقيه على إحدى الطاولات ..ولأول مرة منذ عرفتها رأيتها ترتدي فستانا ضيقا ..بدون أكمام ..ذات فتحة على الصدر ..رفعت ذراعيها العاريتان في السماء وبدأت ترقص على وقع الموسيقى ..مغمضة عينيها من فرط السرور ..تبدو سعيدة ..تبدو مثلي يوم رقصت حين أصبح أليكس حبيبي .. اتت والدتي لترقص بجانبها وتشاركها فرحتها .. التي حرمتني منها

الأمر مثل الموت ..لكنني لا أموت

أصبحت أتألم في الصميم ..أهذا كل شيئ ..بهذه البساطة أخرجني أليكس من حياته ؟

أليكس ت تركني ؟

شعرت بالحرارة تحرق جسدي..شعرت أن قلبي تم طعنه بلحام الحديد ..أحرقتني دموعي..وسرعان مارأيت نقاط حمراء تتساقط فوق فستاني الابيض ، رفعت يدي المرتجفة لالمس أنفي ..فإمتلأت دماءا

أنا أنزف .. دموعا .. ودماءا

قلت له أنني أحتاجه لأبقى على قيد الحياة ..لا أصدق أنه وضعني بيديه في حبل المشنقة

لم أشعر هكذا منذ مات جدي ..

( هل انتِ بخير ؟ ؟) سمعت صوت جيريمي ، لكنه كان بعيدا ..كأنه يتحدث تحت الماء

ماأشعر به الان هو أسوء مما شعرت به حيال موت جدي

لا يقارن

لان أليكساندر لم يمت ..هو على قيد الحياة ..وإختار أن يـتركني ..بعد كل وعوده ..بعد كل عناقاته وقبلاته ..بعد أن وضعني في مكان آمن داخل قلبه .. ببساطة تخلى

نظرت لوالدتي التي رفعت كأسها مع كأس اللايدي هولموود لتتشاركا نخب تحطيم حياتي فشعرت بالغضب .. لا يمكنني أن أشعر بأي شيئ عدى الغضب

فقط لو كانت تعرف ماكان يعنيه لي .. لقد قتلتني

إكتفيت من كل شيئ .. لقد نلت كفايتي .

آه ياربي ..أنا مجرد إنسانة ضعيفة ، إنسانة ضائعة وجدت أخيرا ملاكها الحارس ، أحبته وربطت روحها بروحه

لماذا مات جدي العزيز الوحيد الذي أحبني حقا ؟

لماذا ولدت كتاماني سيليستيا فيفر ؟

لماذا لا تحبني والدتي مثل بقية أولادها ؟

لماذا أحرق أليكساندر قلبي بهذه الطريقة ؟

لقد تجمع كل شيئ في قلبي وتحول لنوبة غضب عنيفة فذهبت مباشرة لوالدتي

لم أتعرف على نفسي .. كنت تلك الفتاة الصغيرة التي جلست منتظرة طويلا في محطة القطار حضور عائلتها لمواساتها .. وإنتظرت لسنوات لكلمة واحدة طيبة ..لعناق طويل لطيف ..لمسكة يد حنونة

إنتظرت بأمل و تمني أن أحصل على جزء بسيط من الإهتمام منهم ..أن يتقبلوني كفرد منهم .. أن يحبوني ..

إنتظرت والدتي كثيرا لتحبني

وهذه الفتاة سئمت من الإنتظار ..لم أعد أريد منهم شيئا ..

وقفت بجانب والدتي ووجهي ملطخ بالماكياج والدموع والدماء حيث تراجعت للخلف شاهقة بفزع ..خطفت ذلك الكأس من يدها ورميته تحت أقدامها لينكسر ..كما كسرتني

( أنتِ لن تعرفي مافعلته لي بقراراتكِ .. أنتِ لن تعرفيِ أبداً .. أنتِ لم تشعري بي قطْ ..لم تهتمي ولو قليلا .. لم تحاولي حتى )

نظرت لأفراد عائلتي واحدا تلو الاخر وهم يحتفلون بتعاستي فإنفجر غضبي الذي اخفيته طوال السنوات الماضية

( أنا غـــــاضبة جداً منكِ.. أنا غـــــــــاضبة جداً .. أنتِ لم تكترثي يوماً لماأريده .. أنتِ قتلتني )رحت أصرخ لاشعوريا بأعلى حبالي الصوتية وانا اواجه والدتي وسط كل اصدقائها النبلاء

ثم ركضت داخل المنزل وأنا أبكي بحرقة وشهقات ألمت صدري بحدتها ..لقد صبرت ونلتِ يا فيكتوريا ..صبرت ونلتِ

حملت حقيبتي الصغيرة ووضعت فيها كل صور جدي مع كل شهاداته ونظارتي ..ثم أمسكت دميتي بعصبية من درج منضدي فتشابكت بشئ ما و تمزقت .. و سقط منها بعض الاوراق على الارض

حملتها مستغربة لانني لم اكن اعرف ان تامي تملك جيبا حتى ..فتحت الورقة فوجدتها رسالة من جدي

إنهرت فوق الارض حيث إزدادت دموعي حرقة ..كأن أحدهم أدخل يده بصدري و جعد قلبي بيده

تمالكت نفسي وقرأتها بصوته الحكيم الحنون

" صغيرتي الغالية تاماني "

أكتب لكِ في أخر أيام حياتي ، متمنيا لو كان لدي المزيد من السنوات معكِ ، لكن شاء القدر أن أغادر حياتك في وقت مبكر جدا ، أنتِ صغيرة جدا الان لأخبركِ أني شخصت بمرض السرطان في أخر مرحلة وإن كنت تقرأين رسالتي الان فهذا يعني أنني قد رحلت .. صغيرتي ، لن تكون الامور مثلما هي الان لأنك ستعودين لعائلتكِ ، لذا أريدك أن تعتني بنفسك جيدا من أجلي وأن لا تنسي أبدا المبادئ التي ربيتك عليها ، أشعر بالأسى لانني سأفوت رؤية الإنسانة الرائعة التي ستصبحين عليها ، وسأفوت الذكريات الجميلة كحفل تخرجك لتصبحي محامية مثلي كما أردتِ دائما ، أو حين تتزوجين وترزقين بأول مولود لكِ ، كنت لأفعل كل شيئ لأكون معك الان، و أعرف أنك ستجعلينني فخورا كما إعتدت أن تفعلي ، أريدك أن تتابعي أحلامكِ وتعيشي حياتكِ تماما كما تريدين ، كوني مستقلة وقوية ، وتذكري أنتِ سليمة فلا تدعي أي شخص يخبرك بخلاف ذلك ـ وإن شعرت يوما أن كل شيئ ينهار من حولكِ وأن الحياة اصبحت لا تطاق هناك ، يمكنك دوما العودة للمنزل ، لا تظني أنني سأرحل وأتركك مكسورة الجناحين ، منزلنا سيكون دوما بإنتظاركِ ..إن حاول شخص من آل فيفر التعدي عليكِ أو على أملاككِ فسيلاحق قانونيا من نخبة القضاة والمحامين.. والدتكِ تعرف وستترككِ بشأنك ، ستجدين كل شيئ تركته لكِ في هذه الدمية وهناك النسخة الحقيقية مخبأة بأمان عند صديقي القاضي بلاكويل ، لا تبكي ولا تحزني ياعزيزتي ،أنا واثق أن الله سيرسل لكِ ملاك حارسا ليرعاك الى الابد ، ريثما يلم الله شملنا مجددا في الجنة ، أحبكِ جدا ياصغيرتي.
"جدك العزيز "

شهقت بآلم من قلبي ( لقد تخلى عني ياجدي .. ملاكي الحارس هجرني ) مسحت دموعي التي لا تتوقف عن النزول ، بحثت داخل تامي فوجدت مبلغا ماليا و نسخة لعقد ملكية ..يإلهي لقد كتب جدي المنزل والسيارة وكل أمواله على إسمي ..

هي كذبت .. هي لم تبعه .. انه ملكي.. وبإنتظاري

أحبك جدا ياجدي العزيز

لقد كان يخبرني دائما أن تامي ستنقذ حياتي يوما ما ..كان عليا أن أدرك منذ وقت طويل ..اعتقد ان والدتي بحثت في كل مكان وهي التي قلبت منزل الريف رأسا على عقب باحثة على وثائق الملكية لتحرقها ..أو ربما على هذه الرسالة لكي تتركني الى الابد تحت سيطرتها .. هذا يجعلني جد غاضبة

حملت حقيبتي ونزلت السلم لاجدهم ينتظرونني في الصالة عابسي الوجوه

إقتربت منهم وقلت (.. سأترككم الأن وإلى الأبد ، انا لا أريدكم في حياتي ولا أريد رؤيتكم مجددا )

( تاماني ..عودي لرشك وإلا ... ) حاولت أن تهددني به فصرخت ( أنتِ ليس لديك سلطة عليا بعد اليوم ..لقد دمرت حياتي و قتلت سعادتي ، لن أسامحك أبدا لأنك تركت غرباء يدفنون جدي ..لن أسامحك لأنك جعلتني أشعر بأنني لست قيمة ولست سلـيمة ، أنتِ لستِ والدتي و لا أريد رؤيتكِ مجدداً ، لا أريد أي علاقة تربطني بكم ... أكرهكم جداً... انتم تجعلونني غاآآآضبة جداً)

صادفت جيريمي وعائلته قرب الباب ( خذ خاتمك ..نحن هكذا حلوين .. كغرباء )

إلتفت خلفي مجددا قبل أن أترك لها قصرها وعائلتها ونظرت إليها لاصرخ بصوت عال

( أنا غــــــــــاضبة جداً منكِ )






التعديل الأخير تم بواسطة اوديفالا ; 07-04-21 الساعة 04:14 AM
اوديفالا غير متواجد حالياً  
التوقيع
“I stretch truths where I see fit. I’m a writer”
رد مع اقتباس
قديم 11-04-21, 10:47 PM   #55

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 35 /《أليكساندر》

لا اعرف كم من مرة قرأت هذا العنوان المكتوب بخط عريض في هذه الجريدة ..معلنا للعالم خطوبة فتاة يفترض أنها حبيبتي من رجل أخر .. كاد قلبي يتوقف عن الخفقان وانا أتسائل حول هذه الصورة ..ومدى مصداقيتها

ومن جهة أخرى ..وجدت نفسي أكذب الخبر بسبب قوة إستحالته

كم هي متألقة بفستان أبيض مخملي يبرز جسدها الرشيق ..شعرها تجمعه في الأمام ، تاركة خصلة واحدة ملتوية تلمع على جانب وجهها ..أما بقية خصلاتها الذهبية منسدلة فوق كتفيها العاريتان الناعمتان وصولا لخصرها

كم تبدو خلابة في الصورة

لم ينجح أي مصور بإلتقاط صورة واحدة لوجه جيريمي ، لانه لا يستطيع أن يدير رأسه عنها ، يكاد لعابه يسيل من جمالها..مماجعل الدم يسري حارقا في عروقي

ياليتني أعرف مالذي حدث هناك

( هل إنتهيت من الجريدة ؟ ) سألني رفيقي في الزنزانة فأومأت لكنني لم أتركها

عيوني بقيت مركزة على صورتها مع جيريمي وهما يمسكان بأيدي بعضهما حتى قمت بتجعيد هذا الجزء الذي أحرق قلبي بدون أن أنتبه

( أعطني الجريدة يابني ) إنتزعها من يدي بعد طول صبر منه وقرأ بصوت عالي ( خطوبة جيريمي غرافل من تاماني فيفير إبنة رجل الأعمال الشهير جيفري فيفر )

إعتصر قلبي لماسمعته .. هل يعقل ؟

( أتعرف يابني ، لقد حرمت من مرافقة إبنتي في حفل زفافها ..لأنهم ألقوا بي السجن )

عقلي كان معهاَ حتى قال ( آل فيفر عديمي الرحمة يظنون أنفسهم معصومين من الأخطاء .. لن أسامحهم أبداً لمافعلوه بي وبزوجتي)

( فعلوا ماذا ؟ )

كنت مشوش جدا

( قررت أن أخذ زوجتي في موعد لمطعم أل فيفر في ذكرى زواجنا الثلاثون ..لقد وضعوا لنا أكلا فاسداً ، زوجتي تسممت و كل ما أردته كان إعتذار صغير ، أعني كدت ان أفقدها .. لكنهم رفضوا الإعتذار ورفعو ضدي دعوة قضائية قائلين بانني أحاول إبتزاز الاموال منهم ، حتى تقارير التسمم قاموا بتزيفها خوفا على سمعتهم وأنظر أين أنا الان)

( عديمي الرحمة ) همست تحت أنفاسي فتابع الحديث لكنني لم أسمع حرفاً مما قاله ، أنا احاول إستيعاب الخبر الذي في الجريدة وكم هو غير منطقي لي

حين طلبت منها الإختيار بيني وبينه ، لم يكن هدفي أن تختار بيننا فعلا .. ضغطت عليها بتلك الطريقة لمعرفتي كم هي متعلقة بي .. ظننت أن فكرة فقداني ستدفعها أخيرا لوضع حد للسجن الذي تعيش فيه ، ستضع حدا لإضطهـاد والدتهاَ

هدفي كان إختيارها لمصيرها ، لحريتها ، لنفسها .. أما بالنسبة لي ، كنت واثقا ثقة عمياء أنني المختار .

هي ذكية وكانت ستجد طريقة أخرى ، هي دوما تجد حلولا لأزماتها حتى ولو زيفت واحدا ، وأنا أعطيتها أفضل حل .. أن تختار مصيرها بنفسها

أعطيتها الحل المطلق

مر على إنكاري عشرة أيام حيث بقيت أفكاري مشوشة ..كل دقيقة أنتظرها بأمل أن تصلني اي أخبار منها .. أي رسالة .. أي زيارة

كيف قبلت أن تتم خطوبتها على رجل لا تحبه ..كيف إستطاعت تكون بجانبه .. كيف إستطعت ذلك ياتاماني ؟

هل نسيتِ حبيبكِ .. نسيت حبكِ .. ووعودكِ ، ومضيتِ في درب مختلف ..وكأن لا شيئ صار

دموعي لا تنزل على خدي ..بل تنزل على قلبي مثل السوط ناري .. كل محاولاتي بإيجاد مبررات وأعذار لها باتت بالفشل

أنا متأكد من أنها تحبني ، لكنني لا اعرف لماذا فعلت ذلك بنا ، هل حبها لي لم يكن من القوة لكي تقف بوجه عائلتها وتقول لا ..

قلت لها أن لا تعود لي إن إرتبطت به ..هل صارت فجأة تنصت لكلامي .. لأنها حقا لم تعد

هي إستخسرت فيا كلمة من حرفين ..

قطع الشرطي حبل أفكاري حين أعلمني بوجود زوار لي .. شعرت بقلبي يقفز قبل جسدي .. هاقد أتت .. وأيا كان مافعلته ..سأسامحها لأنها عادت لي

كنت أسير بخطوات سريعة ..أسرع من الشرطي نفسه ، حتى دخلت الى غرفة الزيارة بإبتسامة عريضة وذراعاي مفتوحان لها ..لأستقبلها في صدري وأعانقها حتى يهدأ قلبي المحترق .. كان كل همي أن أرى وجهها الملائكي وأسمع صوتها الناعم لأطمئن عليها

جلت بعيوني بتوق في كل الطاولات حتى إستقرتا على دوغلاس وكورتيس .. فتقدمت نحوهما والخيبة تغلف قلبي ..أكاد اتذوق طعمها في فمي

( كيف حالك ؟ ) سألني كورتيس ، الذي إستقر في الكرسي مقابلا لي

( حال سجين عرف عن خطوبة حبيبته من الجريدة ) تمتمت وانا أشيح بنظري إتجاه الباب ..لعلها تدخل في أي لحظة وتريح قلبي من كل هذه الألام الحادة التي بدأت تقطعه

هز كورتيس وجهه بآسى وتنهد بعمق قبل أن يقول ( نعم ، كان يوما حافلا بتحضير أفخم الأطباق .. أسف ياأليكساندر ..)

( إذا الامر حقيقي ) همست ..والطاولة ترتعش بسبب قدم دوغلاس التي تتحرك بإفراط ..رفعت عيني نحوه فرأيت رجلا غاضبا على وشك الوثوب عليا

( قلت لك أنك مغفل ) وضع سبابة يده بشراسة فوق صدري ..فتراجعت بالمقعد بالخلف وأعطيته كل إهتمامي كوني ضيف مزاجه السيئ اليوم

( بالنسبة لشاب حر..أنتَ لا تبدو بخير )

كان وجهه متجهم جدا نحوي ( هل تتذكر لماذا أتيتَ هنا في المقام الاول ؟ حتما ليس من أجل تلك الفتاة .. بل من أجل ماكنزي )

أثار إستعجابي بحيث خرج صوتا ساخرا ( شكرا على تعاطفك معي ياصاحبي ، لعلمك أنا لم أخطط لكي أتي وأغرم ثم أسجن ، انت مغرم أيضا ويفترض بك ان تشعر بماأعانيه الان )

إستفزه كلامي حيث صار عدوانيا ( لن أشعر بكِ .. ولن أحاول حتى التعاطف مع مشكلتك الغرامية )

( إهدأ دوغلاس ) طلب منه كورتيس ، الذي أخرجني من موجة طاقة دوغلاس السلبية

فسألته محاولا تجاهل إهتزاز الطاولة الإستفزازي( كيف حال أمي وأرون ؟)

صاح دوغلاس مماإضطرني للنظر نحو مجددا ، وكانت عيناه تشتعلان من الغضب ( أوه إذن تذكرت أن لك عائلة ..دعني أجيبك انا )

ضرب الطاولة بقوة حيث التهب سخطه عليا ، بينما رفع يده الأخرى في وجه كورتيس الذي هم بقول شيئ

وقال ثائرا ( هل تعرف من فقد وظيفته اليوم ..كورتيس وأنا ، لماذا ؟ لانه يستضيف أمك وأخوك في منزله وأنا لأنني تزوجت اختك ، فبشكل ما شعر بيتر أنه أمر شخصي .. وأرون المسكين إنه يعمل طوال اليوم في إحدى محطات الوقود ، لو ترى كيف أصبح حاله ..أنا أشفق على المسكين لأنه مجرد فتى )

شعرت بقلبي ينقبض ، رأيت الدموع تغطي عينيه حين تابع بنبرة منهارة ( ماكنزي تموت أمام عيني ، سائت حالتها منذ أسبوع ، قال الطبيب أنها وصلت إلى مرحلة لم يعد يأتي الغسيل الكلوى بنتيجة .. إنها بحاجة لكلية بشكل طارئ ، أعطاني أسبوع كأقصى حد ، أو ستنعدم لديها كل فرص الشفاء ..حتى كلية لن تنجيها ..أنا خائف من خسارتها ياأليكس )

توقف ليأخذ نفسا عميقا مضطربا ..بينما زحف الرعب لأوصالي بذكره لأختي ..نظرت لكورتيس الذي أخفض عينيه الحزينتين للطاولة وهو يمط شفتيه بأسى

ثم نظرت لدوغلاس مجددا حين مسح دموعا متحجرة في عينيه وحدجني بنظرات مستعرة ( والدتك إنهارت حين عرفت بشأنك ..هي طريحة الفراش ..وضغطها لا ينزل وأنتَ هنا تتذمر لأن حبيبتك تركتكَ .. )

بقي وجهي جامدا بإتجاهه بينما تدحرجت عيناي لكورتيس الذي عاتبه ( لو تركتني أنا أخبره على طريقتي )

ثم نظر لي قائلا بصوته الرزين ( بالنسبة لماكنزي ..لقد قمنا بجمع مبلغا وللأسف ذلك لا يكفي لتكاليف الجراحة .. )

تابع دوغلاس قائلا ( المبلغ لايزال طويلاً ، أرون المسكين يعمل مثل المجنون ظنا منه أنه سيجمع لها ماتبقى منه .. نحن نحاول تدبير البقية .. لم أتي لأخبرك بكل هذا وانت هنا مسجون ..لكنك أجبرتني )

الانباء السيئة التي أخبرني بها دوغلاس جعلتني عاجزا عن الكلام ..

انا فقط وقفت وإبتعدت عن الطاولة ..أصبح كل شيئ خارج مجال سمعي ..عدت إلى زنزانتي وإستلقيت بشكلي البائس على السرير .. حيث شعرت بسلسلة من الإنفجارات في رأسي ..كل شيئ إنفجر في وجهي

كنت مجرد شاب بسيط مغرم بحياة الريف ..أين أمشي حرا طليقا تحيط بي الحقول والبحيرات والجبال ، وأركض مستمتعا بالسلام والهواء العذب في المساحات الشاسعة الخضراء ..

كنت حرا في مكان جميل وسعيد ..بحياة بسيطة خالية من العذاب والألام و المؤامرات .. بقلب خالي من تاماني فيفر ..

فكيف وصلت بي المواصيل داخل زنزانة بحجم علبة كبريت ، بجدران سوداء باردة ، خالية من الهواء النقي ، خالية من الأمل

كانت ملاكي التي وجدتها بعدما فقدت كل شيئ عزيز إمتلكته .. كانت عزيزتي واغلى ماتبقى لي ..

إعتقدت أننا سنكبر معا .. وعندما أتذكر الذكريات التي عشناها معا أبتسم .. وليس أتحسر

اردت ان امسك بيدها واتابع طريقي معها، كنت جاهزا لاتبعها الى الجحيم .. لكن تلك اليد لم تكن ملكي لأمسكها .. وتلك الطريق لم يكن مقدرا لي أن أسلكها من الأساس ..لقد حدت عن دربي ووقعت في هذا الجحيم

لا احد سيكون قريبا من روحي ..ويملأ قلبي مثـلها .. تاماني كانت أول مرة لي في كل شيئ شعرت به عن الحب. . و الاخيرة

لقد حاولت إمساك الحبل في الوسط لكنها سحبتني إليها وأنا إستسلمت لأنني ظننت انا اختي ستتحسن

كنت مغفلا حين ظننت أنني أستطيع أن أحمي كلا الطرفين ..والأن خسرت إحداهما ..وعلى وشك أن أفقد الاخرى

الفتاة التي أحبتني لا تستطيع أن تنتظر يوما لا تتواصل فيه معي ..ولو عبر رسالة خطية ، وكل هذا الصمت يزودني بالدليل الحاسم أنها قامت بإختيار مصيرها فعلا

كل دقيقة أمل أقضيها هنا بإنتظارها ..هي دقيقة أمل أخرى تنقص من حياة أختي

أخبرني أبي مرة أن لا يحدث شيئ إلا وفيه خير لنا وأن تلك اللحظة التي تكسرنا وتحزننا ونظن أننا سنعلق فيها الى الابد ..ستمر وستأتي لحظات أفضل منها مادمنا نتحلى بالإيمان في قلوبنا

مر شعاع ضوء من تلك الفتحة العلوية في الجدار فجأة ..لينير هذه الزنزانة المظلمة ..وبشكل ما أنار روحي بآمل .. لطالما نحن أحياء ..هناك أمل ..حتى لو كان خافتا

تاماني إختارت فعلا أن تمضي في طريق مع رجل غيري ، و حياة أختي الصغيرة دخلت في عد تنازلي ولم يعد في وسعي تضييع المزيد من الدقائق

مشيت بخطوات سريعة خارج الزنزانة و طلبت من الشرطي أن أقوم بإتصال ، شعرت بأنني صغير جدا في عيني وأنا أنصت للهاتف يرن .. شعرت بالخزي من نفسي ..

( مرحبا ياعزيزي ) ردت مبتسمة وكأنها تعلم أنني أنا المتصل ( إذن هل غيرت رأيك ؟ )

أكدت لنفسي أن تاماني إختارت بالفعل ..بماأنها لم تترك لي مجالا لأكون معها ..فلا يهمني فعلا مع من سأكون ..جميعهن بكل الاعمار والأشكال لن يشكلن عندي فرقا ..

أغمضت عيني وفكرت بأختي الحبيبة ..لقد ضحيت بكل شيئ أملكه من أجلها .. أخر مابقي لي هو نفسي .. هي معلقة بين الحياة والموت وإن كنت أنا آخر أمل بقي لها لتعود إلينا ..فلن أتردد

( أجل ، إن كان عرضك لا يزال قائما ..أنا مستعد للتوقيع على عقد الزواج .. بأي وقت شئتِ)

هي تعرف من نبرتي أنني لست سعيد ولا تهتم البتة

( لن تندم على ذلك عزيزي ) قالت بصوت ضاحك منتصر بينما كنت مشدود الأعصاب

( لكن لدي شرطْ )

ضحكت بسعادة ( جميع أزواجي السابقين كان لديهم شرطاً ، لأنك مختلف ..ساوافق عليه مهما كان ، يمكنك ان تتقف مع مايكل ، أراك في القصر ياظريف )

أغلقت الخط وإستندت على الجدار لأثبت جسدي .. هكذا بعت نفسي للشيطان .. أملا أنني لم أتأخر على أختي

جاء السيد غرافل في المساء وبصفته محامي إستطاع ان يدخل ببساطة ، كنت بمفردي معه في غرفة الزيارات

بعد أن تأملني لمدة من الوقت بإرتباك..شبك يديه فوق حقيبته الجلدية السوداء وقال بتعاطف ( لا أعرف ماذا أقول ..فاجئني إبني حين أخبرني بقرار خطبته مع الأنسة فيفر ،أعني كانا يلتقيان كثيرا في الاونة الاخيرة ..لكنني لم أشك ابدا ..ظننتها مازالت معكَ )

( ظننتها كذلك أيضا ) غمغمت تحت أنفاسي ـ فسارع مايكل ليبرر لي ..وانا لست مستعدا لأسمع عنها مايزيد قلبي إحتراقا..قاطعته قبل أن ينطق بطريقة حازمة حاسمة

( أعرف كل ماستقوله لي ..لقد أغلقت دفتر الأنسة فيفر نهائيا ..من فضلك ..لا تذكرها أمامي مجددا )

( أليكس ..) هم بالحديث فرددت بنبرة حادة في ايطار محترم ( من فضلك )

أومأ محترما قراري و فتح حقيبته فوق الطاولة ثم أخرج بضعة أوراق

قال مجددا بتعاطف ( أنا أسف لما آلت إليه الأمور ياأليكساندر ،أتمنى لو كانت هناك طريقة أخرى لكي تخرج من هنا غير هذه ، أنت مفعم بالشباب ، لا يجب أن تربط حياتك مع إمرأة مسنة مثل فيكتورياَ .. هل أنت مدرك لماأنت مقبل عليه ؟ )

جالت صورتها في خيالي ..وهي بذلك الفستان الأبيض الجميل ..ممسكة بيده ..فقلت بنوع من الغضب ( أجل أنا مدرك )

وضع القلم فوق الطاولة قائلا ( فيكتوريا وقعت بالفعل ..بقي توقيعكَ أنتَ ويصبح الامر رسمياً )

هز برأسه بقهر على حالتي ( هل أنت متأكد ياأليكساندر ؟ أعني انك لن تستطيع التملص من هذا الزواج عند خروجك إن كانت هذه هي خطتكَ )

( أنا أعرف ذلك )

فقال بصوت خائب ( إذن وقعْ ) لكن عيناه قالتا لي العكس

أخبرته بهشاشة ( قبل أن أوقع لدي شرط ، فيكتوريا قالت أن اتقف معك بشأنه )

أومأ برأسه بمجرد ذكرت الشرط ، وقال ( أعرف ، لقد أخبرتني ، لكن مهما كان شرطك يجب أن توقع اولا ، هي موافقة )

أمسكت القلم لكن بقيت يدي فوق الطاولة ..يقال أنه عند الموت ..يرى الشخص كل شريط حياته يمر أمامه .. وهاأنا أستعيد كل لحظة مررنا بها معا .. سعيدة كانت أو حزينة

الزواج بفيكتوريا لا يختلف عن الموت

حاولت السيطرة على عواطفي المجروحة ..وإبعاد كل تلك الذكريات من عقلي .. نظراتها المحبة ..لمساتها الناعمة ..عناقها الحنون .. شعرت بالبرودة تجتاح أصابعي حين حملت القلم ..شعرت بأن قلبي عاد ليكون مجرد غرفة مظلمة بدون نوافذ .. رفعت عيني نحو مايكل فرأيته يتوسلني بنظرات صامتة أن اتخلى عن هذا القرار واتراجع

لكني إخترت أختي .. قطعت وعدا لأبي ولأمي ..الاولية تذهب لماكنزي

وقعت أمام توقيها و أعطيته الأوراق فقال وهو يهز رأسه بمأساوية ( لاأعرف إن كان يجب ان أبارك لك او أعزيكَ في كلتا الحالتين ، أنت الان صرت قانونيا زوج فيكتوريا ، يمكنك أن تخبرني ماهو شرطكَ الان)

( أحتاج لمبلغ مالي لدفع تكاليف عملية أختي، هذا هو السبب الوحيد الذي جعلني أوافق على هذا الزواج )

ظل يحملق بي لبعض الوقت ثم قال بنبرة مستاءة ( آه منك ..لماذا لم تخبرني بمشكلتك هذه من قبل ؟ لكنت ساعدتك بدون تردد ..أنظر لما ورطت نفسك فيه )

أومأت له شاكرا وقلت بصوت منخفض ( لابأس ..هذا هو قدري ويجب أن أتقبله مثلما هو )

أخفى الاوراق في الحقيبة وقال بهدوء ( كنت أعرف أنك رجل صالح من أول مرة رأيتك فيها ، انظر لنفسك وأنت تضحي بنفسك من أجل أختكِ ..أنت تملك قلب نادراً ياإبني ، حسنا إذن .. لقد تكلمت مع اللايدي سيليستيا وبيتر بشأن الشكوة ..وحشرتهما في الزاوية .. ستخرج من هنا )

قلت على الفور ( يجب ان أخرج من هنا بأسرع وقت ممكنْ ، أرجوك )

وعدني مايكل بتفهم ( أوك أليكساندر ..سأخرجك قريبا .. أعدكَ )

لم أستطع النوم هذه الليلة ،بقيت أتقلب في السرير ، إني مرتعب على ماكنزي ، أشعر بالذعر في كل نفس .. إنه ذلك الشعور الذي أكرهه

إنتظرت يومين ..ظننت ان السيد غرافل سيكون أسرع ..أو أن اللايدي سيليستيا لم تستطع فرض سيطرتها على ابنها المدلل ..

أتوق للخروج من هنا وأخذ أختي الى المستشفى ..هي تعاني منذ ستة سنوات بدون ان تشتكي ..بدون ان تتذمر .. تعاني وتتعذب بصمت .. أريد أن أريحها من عذابها بأسرع وقت ممكن

( أليكساندر .. تم الإعفاء عنك )

أبلغني الشرطي فتنفست الصعداء .. أخيراً ساخرج من هنا ..شكرا ياإلهي أنا حر

مهلا لحظة .. أنا ..انا لست كذلكَ .. شعرت بأحشائي تعتصر حين تذكرت أنني مسجون عند فيكتوريا ، أصبحت خطواتي ثقيلة فجاة كشخص متوجه إلى المشنقة ..وإنتفخ قلبي من الغمة ..

أخذني الشرطي لغرفة صغيرة تحتوي على طاولة إستجواب ، وطلب مني الدخول ، فوجدت السيد غرافل شارد الذهن بحيث لم يشعر بدخولي ..حتى عندما جلست امامه لم يرني

( سيد غرافل ..أرجوك قل لي هل يمكنني الخروج الان ؟ )

أجفل من شروده ، قال بلهجة مضطربة ( إجلس ياأليكساندر )

تنهد عميقا وقال بصوت بدى بعيدا ( أجل ..أنت حر وستخرج ) هناك شيئ حوله ..يبدو مرتاعا ..وجهه قاتم و العرق يتصبب من جبينه

( أنا متسرع للخروج من هنا .. قد أفقد أختـي بأية لحظة ولا يمكنني تضييع المزيد من الوقت )

نظر لي وقد شعرت بأن هناك غشاوة على عينيه ( أليكساندر ..أحمل لك أنبااء هامة )

( أرجوك لا تقل أن فيكتوريا رفضت أن تدفع ثمن عملية أختي )

تبادلنا النظر لمدة بصمت .. حتى حرك وجهه نافيا وفتح ربطة عنقه ..دفع الكرسي للخلف مصدرا صريرا ..ووضع يده على ذراعي ليخبرني بإستنكار

( فيكتوريا مـــاتت ..لقد مـــاتت)

صوته تردد مثل الصدى ، جعل جسدي يتيبس في أقل من ثانية .. وحملقت فيه ببلادة .. انقعد حاجباي بقلة إستيعاب .. تجمد عقلي تماما

رفع ذراعيه وهو يشرح لي في حالة من الإرتباك والذهول ( لقد إصدمت سيارتها بشاحنة وإنفجرت ، لقد عدت للتو من المشرحة وتعرفت على جثتها ..هذا كل مابقي منها )

وضع خاتم خطبة ذهبي فوق الطاولة فحملقت فيه بنفور شديد .. وكررت ببلادة ( ماتت ؟ ) ماقاله لم يكن أبدا أهلا للتصديق

أومأ مايكل برأسه فذعرت ... ماذا عن أختي الان؟

قال وهو يمسح العرق من جبينه ( من حسن الحظ أنك مازلت في السجن ..وإلا لفق لك آل فيفر تهمة محاولة بقتلهاَ )

وللحظة إختفت كل تلك الصدمة على محياه فصار يضحك حتى تجعدت عيونه ، ضحكته كانت طربة مليئة بنشوة البهجة

قال مهللا وعينيه تلمعان فرحا ( ماهذا الحظ الذي تملكه ياأليكساندر ؟ أنت أصبحت بليونير في غمضة عين ، لقد حصلت على كل تلك الثروة وكل تلك الشركات والمصانع والاراضي الزراعية بالإضافة للفيلات والسيارات .. أنت صرت من أغنى أغنياء بريطانيا)

ماسمعته كان من ضرب الخيال ..وأدركت أنني نائم ..أحلم ..وأردت أن أستيقظ من هذا الحلم الجميل .. أريد الإستيقاظ لأن الحياة ليست قصة خرافية .. الحياة ليست بهذه السهولة

وفي لحظة هزني مايكل بقوة ليخرجني من شرودي مرددا ( أتسمعني ياأليكساندر .. أنت غني يافتاي )

أشرت لنفسي بيد مرتعشة وكررت ( أنا غني ؟ )

أكد وعينيه تنفرجان بفرح عارم ( بل أنت فاحش الثراء )

وقفت وسرت بدون وعيي لزاوية الغرفة المعتمة ،وسقطت على ركبتاي حيث أصبح شعاع من الضوء يتسلل الى وجهي ..فنظرت إلى النور وشعرت كأن أبي وقف أمامي ينظر لي مبتسما .. لأنه لطالما اخبرني أن الله لن يتركني و أنني ذات يوم سألمس السماء ..فأجهشت بالبكاء

منحني مايكل كل الوقت الذي إحتجته وساعدني لأقف على قدماي ، جلست على ذلك الكرسي حيث طلب لي كأس ماء وأعطاني لأشرب

( هل أنت بخير ؟ أعرف أن خبر كهذا سيقع كالصاعقة عليكَ .. )

إنتظرني حتى هدأت نفسي وإسترجعت تركيزي ، إستغرقني الامر نصف ساعة في الحقيقة من تحديقي للأرض أنتظر متى أستيقظ من هذا الحلم

ثم رفعت عيني له فرأيته يشبك ذراعيه لصدره ويبتسم ، فتمتمت بتردد ( هذا ليس حلما .. )

أومأ وبدأ يضحك ..وبعد ثواني قليلة بدأت أضحك معه ، وهموما ثقيلة من تزاح من صدري.. أنا حقا حر الان .. وغني !

وضع مايكل يده فوق ذراعي كنوع من الدعم النفسي ( كمحامي ..أنصحك بأن تبقى الامر سراً لفترة فهذا الزواج لا يعرف عنه أحد ..فيكتوريا أرادت أن تجمع الكل في حفل كبير و تقدمك على أنك زوجها ، إذا من مصلحتك أن تتظاهر بأنك مازلت ذلك الشاب البسيط لبضعة أيام ..فانت لا تعلم كيف ستكون ردة ال فيفر ، صحيح أن فيكتوريا لا تملك أية ورثة غيركَ ، مع ذلك لاتخاطر فهم يملكون طرقهم في تظليل الحقائق )

حركت وجهي بإبتسامة خفيفة ( انا مازلت أليكساندر الذي رأيته اول مرة في الحافلة .. وكذلك سأبقى ، وأنت هو الوحيد الذي أثق فيه وأنا أطلب منكَ أن تظل ..أنا أحتاجكَ .. أرجوك ..)

إبتسمت عيناه ..ورفع حاجبيه بإعتزاز ( من دواعي سروري ، إنه لشرف لي )

ثم إقترب مني وهمس بإرتياح ونوع من الطرافة( بيننا ..أنا سعيد لان القدر أراحني من فيكتوريا وإستبدلها برب عمل صالح مثلكَ .. ماذا تريد سيد ستون ؟ )

( فقط نادني بإسمي من فضلك .. مايكل ، أختي تتلفظ أخر أنفاسها .. وفر لي النقود لأعالجها )

زم شفتيه بتوتر قائلا ( للأسف لا يمكنك لمس ولا جنيه حاليا )

وجد الذعر طريقه لي مجددا حيث سألته ( ماذا سأفعل بكل تلك الثروة إن لم استطع علاج أختي )

لاحظ إرتعابي الشديد فقال ( لا تقلق ..أنا سادفع تكاليف عمليتها من حسابي الخاص ، وريثما أنقل كل الثروة على إسمكِ .. سأبقيك على كل إطلاع جديد )

( شكرا لوقوفك معي طوال المدة الماضية يامايكل ، وكما قلت يجب أن أخرج في الحال فأختي تنتظرني ، وآآه تذكرت ..هناك رجل هنا مسجون ظلماً بسبب آل فيفر مجدداً ..سأود أن نخرج كلانا من هناَ ..هل تستطيع فعل ذلك ؟ )

( هاي .. أنت تنظر لأفضل محامي في بريطانيا ) غمز لي وغادر ، وأنا قلت لنفسي " ..في مكان تموت فيه كل الاحلام .. تحقق حلمك "

قد يتطلبني الامر وقتا طويلا لأستوعب ذلكَ ، بالفعلْ أصبحت حرا بعد نصف ساعة وتأكدت أن رفيقي في الزنزانة سيخرج قريبا أيضاً ، وقفت خارج باب السجن .. ونظرت الى لندن هامسا لنفسي ( فقط خطوة أخرى )

شعرت بقشعريرة في عمودي القفري حين رأيت سيارة الرولز رويس بإنتظاري .. السيارة التي لم يكن لدي حتى الجرأة لأتمناها ..قد صارت ملكي

ووجدت نفسي أشكر الله أنها ليست السيارة التي إنفجرت في الحادث ..

( أين تريد الذهاب الان ياسيدي ) سألني السائق فراودني شعور غريب جداً ، لن اعتاد على كلمة سيدي بسهولة ..

أخبرته بأن يذهب مباشرة للحي الذي تقيم فيه أختي ، في طريقنا قال لي مايكل ( أتتذكر حين نسيت تلك الحقيبة في الحافلة ؟ لقد كانت تحتوي على ملايين الدولارات ومستندات بكل الأملاك ، وأنساني إياها الله عمدا لتجدها أنت، حدث كل ذلك لحكمة ..كان عليك أن تسلك ذلك الطريق الصعب ليريك اعدائك وأصدقائك اولا .. قبل أن تقوم بالخطوة التالية ..فكر بها بحكمة )

فكرت بكلامه وكان حكيما جداً ( أعرف قصدك ، لااحد يستحق أن أضيع وقتي عليه ، لكن سأجري بعض التعديلات.. )

وأنا أخبره بهذا كانت هي وحدها بين عيوني ..إنكاري تحول لغضب ناحيتها .. أبدو هادئا لكن في داخلي أوصالي ترتجف

لقد خذلت كثيرا في حياتي ..و مضيت وتجاوزت ، لكني لا أستطيع تجاوز مافعلته بي ، لقد أعطيتها جزء من قلبـي ، كنت أخفيه من الخيبة والخذلان ، كان الجزء الوحيد الذي بقي سالما .. ..فأحرقته ببساطة

كل مامر على رأسي من مصائب .. لم تؤذيني كمافعلت هي .. أوصالي ترتجف بشكل مروع من الغضب

( توقف هناَ .. ) طلبت منه حين رأيت البيت الذي إستأجره دوغلاس من بعيد ..لان السيارة لا تستطيع العبور في هذا الزقاق الضيق

( سأحضر أختي ..وأعود فوراً )

بمجرد أن نزلت حتى رأيت الباب الازرق يفتح وأختي تسقط أرضا خارج العتبة كأنه تم دفعهاَ ..

فقدت عقلي لمارأيته فركضت بأقصى مالدي من سرعة ثم توقفت بمجرد أن رأيت أندرو يثبتها على الارض ..وبيده الاخرى يضع السكين على عنقهاشعرت بالحاجة بالإنقضاض عليه وتمزيقه لكني رفعت يدي نحوه في في تحذير وتوسل

( إهدأ أندرو .. أترك أختي .. لا تؤذيهاَ .. أرجوكَ )

كانت تقاومه بقبضتها ثم سمعت صوتي ..ورفعت عينيها فرأتني .. وبدأت تبكي قائلة ( لقد طعن دوغلاس )

نطقها لإسمه أثار غضبه ودفعه لرفع مقبض السكين وضربها بقوة في رأسها

( آندرو أيها الوغد ..قلت لك لا تؤذيها )

رفع وجهه لي فبدا أنه ليس في وعييه ( لقد إخترت أن تعطي أختك لغريب وفضلته عني أنا ؟ )

وقف مايكل بجانبي وقال له بصرامة عالية ( أنا محامي وماتفعله الان هو الإعتداء على قاصر .. في حالة لم ترد ان تمضي بقية سنواتك في السجن أترك البنت في الحال )

صاح أندرو وعينيه عليا ( أتظن أنني أهتم ..كل ماأردته هو ماكنزي ، أنا الذي كنت اهتم بها حين جئت أنت هناَ وإن كانت حية حتى اليوم فذلك بفضلي )

تمكنت ماكنزي من التحرر منه بحركة علمتها إياها رغم ضعف جسدها ..لكنه جذبها من شعرها بحدة فصرخت وهي تدير رأسها داخل البيت ( دوغلااااس .. هل أنت بخير ؟ )

هاجمها مجدداً وهذه المرة ضربها بقوة مباشرة على كليتها وجعلها تتلوى ألما

( لا تؤذيها ) منعني مايكل من التقدم فحذرته ( أترك أختي في الحال .. وواجهني )

( ماكنزي لي .. هي ملكي ) رفع السكين مجددا على عنقها وقال ( وكما أنقذت حياتها مرات لا تحصى .. سأنهيها الان )

بلغ ألها أشده فهمست متأوهة ( أندرو أرجوك .. أنا لم أؤذيكَ أبداً )

نظر إليها مليا عاد لوعييه ورمى السكين بعيدا قائلا ( أنا أسف ياماكنزي )

أفلتها ببطئ لكن اصابعه كانت تتلمس خصلات شعرها ( أنا أسف لأنني أذيتكِ ..لا أعرف أين كان عقلي )

لقد إستسلم ..وكل ماأراده الأن أن يقدم لها عناق الإعتذار ، ثم كل ماسمعته كان صراخ أختي التي إمتزج بطلق ناري .. تلاه سقوط أندرو صريعاً خارج للمنزل

و دوغلاس يقف على قدم واحدة مضرجا بالدماء قرب الباب وهو يوجه المسدس نحوه

ثم إنحنى بصعوبة لماكنزي وضمها بقوة مرددا بأنفس متقطعة ( لاتخافي ..هو لن يستطيع أذيتكِ بعد الان )

لم تستطع قول شيئ ، هي فقط نظرت إليه مصدومة ..وهذه اللحظة وصلت الشرطة فسمعت مايكل يهمس ( هذا ليس جيد )

( إنه حي ) سمعت الشرطي يتحدث بعد ان تحقق من نبض اندرو ، فزفر مايكل هامسا ( سيأخذونه للسجن)

( لقد كان دفاعا عن النفس ! ) لم أتقبل ذلك وراقبت حقا كيف توجه الشرطي وأبعده بقوة عن ماكنزي ليكبل يديه

( حاول إقناعهم بذلكَ ، لقد اطلق النار عليه بعد أن إستسلم ..لنأمل أن يظل حيا )

توجهت لأختي وعانقتها بينما ظلت تمد يدها نحو دوغلاس بيأس .. حتى سقطت يدها بدون قوة متبقية ، إستسلمت وعانقتني بالمقابل قائلة ( لقد كان يدافع عني ..قل لهم بانه كان يدافع عني)

قبل أن يدخل لسيارة الشرطة كان يعلم ان قضيته ستكون صعبة لذلك إلتفت اليها محطما وارتفع حاجباه بعيون دامعة ( أحبكِ .. لطالما أحببتكِ )

ولم تمر دقائق على أخذه للمخفر ..حتى إنهارت بين ذراعي .. ورأيتها تضع يدها فوق كليتها ، إنكمش قلبي في ذعر سريع فحملتها مثل كل مرة وركضت نحو السيارة ..

وتوسلتها ( عزيزتي لا .. لا إبق معي .. ماكنزي ، لايمكنك.. أنا.. أنظري ..ماكنزي .. قاومي )

شعرت وكأن قلبي سيخرج من قفص صدري وهي ترمش بثقل .. ارتفع بؤبؤ عينيها لي بحزن وهمست بنبرة معتذرة ( آسفة ... )

ثم أغمضت عينيها ولم تفتحهما مرة أخرى

( لا تموتي ) تشكلت الكلمة في فمي لكن بدون صوت ..ماكان لي أن أنطق بها ..هي لاتستطيع أن تتركني الان ..

كنت أصيح بداخلي .. لا يمكنك أن تموتي بعد كل هذا

طرت بها إلى المستشفى ..فأدخولها مباشرة الطوارئ ثم أخذوها لغرفة العناية المركزة ..قالو أن كليتها تعمل بنسبة قليلة جدا ..ستتوقف في أي لحظة .. وأنه يجب أن أكون جاهزا لكل الإحتمالات وأبقِ سقف أملي منخفضا

إتصلت بكورتيس فجاء وأحضر معه أمي التي ركضت في الأروقة باكية ، ومعا راقبناها خلف الزجاج فاقدة لوعييها وهي مربوطة بكل هذه الألات في جسدها ..

وضح لنا الطبيب بقلة أمل ( أختك تحتاج لمتبرع ، هي لن تعيش حتى يصل دورها في اللائحة )

فأخبرته أمي بين شهقاتها ( لا أحد منا يطابقهاَ يادكتور ..لقد خضعنا جميعا للإختبار )

تلك اللحظة اليائسة إقترح كورتيس أن يجري الإختبار لعل وعسى .. إنتظرنا النتيجة بفارغ الصبر حتى أخبرتنا الممرضة أنه لم يحصل تطابق هذا جعل أمي تنهار على الأرض حيث إرتفع ضغطها مما تحتم على الممرضة إعطائها مهدئ ووضعها في غرفة أخرى .. وأنا بقيت أهيم في أروقة المستشفى ولا يسعني فعل شيئ

أنا أملك المال الأن ..أنا أملك الكثير من المال اللعين فكيف يعقل انني مازلت عاجزا عن مساعدة أختي

ثم تذكرته وقررت أن أشتري لها الكلية ..إن كلفني الامر ..سأعطيه كل الاموال التي يريدها مقابل كليته

إتصلت به وسألته مباشرة ( كم تريد من المال مقابل كليتكِ ؟)

( أليكساندر ؟ ) ردد بحيرة كانه نسي صوتي فعلا فسمعت قهقهاته هو وجيسيكا لذكره اسمي

( أخبرني كم تريد مقابل كليتك ياإمانويل ؟؟ )

أخذ سؤالي على محمل السخرية وقال ( توقف عن تعذيب الطفلة ..دعها ترحل بسلام )

أغلق الخط بوجهي

ماذا سأفعل الان ..ياإلهي ..ماذا سأفعل ، ظننت ان الامر يتعلق بالمال .. .وهاهو يتكدس لدي كالجبل ..لكنني مازلت عاجزا عن انقاذها .. ظننت ان الامر يتعلق بالمال اللعين ..

ياإلهي أنقذ أختي .. أسألك لحصول معجزة .




التعديل الأخير تم بواسطة اوديفالا ; 11-04-21 الساعة 11:07 PM
اوديفالا غير متواجد حالياً  
التوقيع
“I stretch truths where I see fit. I’m a writer”
رد مع اقتباس
قديم 11-04-21, 11:22 PM   #56

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 36《أليكساندر》

حضنت يدها برفق بينما كانت مستلقية فوق السرير وهي نصف مخدرة ، أنظر إليها بقلب ممتن وحزين على الشاب الذي لم ينجو من حادث سيارته ، وبفضل كليته تمكنت أختي من العودة للحياة ..

"أخيرا وفيت بوعدي لك ياأبي ..إبنتك الصغيرة ستعيش "

حركت أصابعها قليلا ..ورمشت بثقل .. حين بدأت تستعيد وعييها ..أبعدت خصلاتها الملتصقة بجانب وجهها وقبلتها على جبينها

( أنا هنا ياعزيزتي )

ضغطت بأصابعها بخفة على يدي و راحت تفتح عيونها ببطئ شديد فشعرت بسنوات من الرعب في حياتي تختفي .. سنوات قاسية مليئة بالألم والخوف تتلاشى

حركت شفتيها بدون كلام ، ثم تمكنت من سؤالي بصوت باح ( أين أنا ؟)

( في المستشفى ، وصار لديك كلية جديدة )

نظرت لي بعينين شبه مغمضتين وإرتسمت على شفتيها الجافتين إبتسامة خافتة ( لامزيد من الألات ، لا مزيد من العذاب )

أومأت ومسحت دموعها ( لا مزيد ياعزيزتي )

( كنت أحلم بأبي .. بدا سعيدا في مكان جميل يشبه المنزل .. أردت الذهاب إليه لكن ... ) بدت أنها عاجزة عن إبتلاع ريقها ..لسانها كان ثقيلا جدا بحيث تدفع كلماتها ببطئ ..

ثواني حتى نظرت للباب متسائلة ( أين الجميع ؟ )

( ااه أين دوغلاس ؟) حاولت رفع جسدها من السرير حين تذكرت أخر ماحدث وتأوت متألمة

( أين هو ؟ ) بالكاد سمعت همسها ..صار وجهها أكثر شحوبا ..وجفنيها اكثر ثقلا

ثم سيطر عليها المخدر فاغمضت عينيها ( دوغلاس ؟ أين ذلك الرجل .. ) إستسلمت للنوم قبل أن تسمع جوابي ..فتسائلت ماهذا الإهتمام كله حول دوغلاس ..

تركتها لترتاح وخرجت لأطمئن أمي وكورتيس الذي أحضر لي قهوة دافئة ..هذا الرجل الذي رحم عائلتي وعاملهم بالحسنى في الوقت الذي طردنا فيه إيمانويـــــل .. ومايزال حتى الان

تلقيت إتصال من مايكل فإلتقينا في مقهى معاً أين سألني ( كيف حال أختك ؟ )

فكانت أول مرة في حياتي أجيب على هذا السؤال بإطمئنان ( هي بخير ..قال الدكتور أنها ستخرج بعد خمسة أيام )

( يسعدني ذلك ) قال مايكل مبتسما ( أليكساندر ..يسعدني أن أقدم لك مفاتيح منزلك )

أخفضت عيني ليديه حيث كان يمسك بالمفاتيح ( أنت رسميا صرت المالك لكل ثروة فيكتوريا )

قام بوضع المفاتيح في يدي حين عجزت عن إمساكهم ..مازال الامر يبدو مثل الحلم ..

أردف بنبرة شيقة ( أجل ..وهناك المزيد ، لديك شقق في أنحاء العالم ، فيكتوريا كانت تكره الفنادق )

( هذا يعني أنني أستطيع إحضار عائلتي هنا ) فكرت بصوت مسموع فأجابني مؤكدا ( أنت حر لتفعل ماتريد ..هناك أمر أخر يجب أن تعرفه ، لقد أصبح لك مسؤوليات كثيرة الان وأهمها تسيير شركتك ..وأخذ القرارات مع أهم الشركاء..أل فيفر )

تنهدت بداخلي بشيئ من الهم .. وانا على دراية انه محتم عليا رؤية ال فيفر من حين لأخر .. بينما أريد محوهم كليا من ذاكرتي ..سيكون من الصعب رؤيتهم وعدم تذكرها وعدم مصاحبة ذلك بالشعور بالخذلان والخيبة

( لا أعرف ..لست جاهز ..ليس قبل أن تستقر عائلتي )

لاحظ ترددي وعدم راحتي فشجعني مثل كل مرة ( إسمع أليكساندر ، أعرف أنك لست مستعدا لأل فيفر ، لكن عليك أن تأخذ زمام الامور قريبا.. ومثلما كانت فيكتوريا الآمرة والمسيطرة ستكون أنت أيضا )

حتما سيكون عليا مواجهتهم الان أو لاحقا لكن أولا ..أردت أن أتهمل ، بعد خمسة أيام ..في يوم خروج أختي من المستشفى وجدتها فرصة المناسبة لأخبرها هي وأمي بماحدث فعانقتني ماكنزي وأبدت أسفها لي لانها لم تكن بجانبي لتحميني من فيكتوريا ثم غضبت بشدة وتوعدت أنها ستطرح بيتر أرضا ، أما أمي فكانت عاجزة عن الكلام ..كانت مثلي بين الحلم والواقع

أخذتهما إلى هامبستيد ..حيث دخلنا من البوابة الخارجية الواسعة الى حديقة ملكية لا حدود لها ، توقفت الرولز أمام هذه الفيلا العظيمة التي ترفعها أعمدة بيضاء عالية ، فنزل سام ليفتح الباب كطبع إعتاده رغم أنني أخبرته أنني أفضل أن افتح الباب لنفسي ..كان لطيفا جدا وبدا سعيدا بدوره من التخلص من فترة حكم فيكتوريا ..وسعيدا لأنني عفيته من إرتداء قبعة السائق والقفازين

أتت سيلفيا تدفع كرسي متنقل وهي مدبرة منزل قضت نصف حياتها هنا ، مدح مايكل لطفها وطيبتها فقررت أن أبقيها ، نظرت للكرسي المتنقل بتردد ..وقررت أن أحمل أختي بين ذراعي ..لأنها ستنهض على قدميها قريبا ولن تحتاجني مجددا ..إنه نوعا ما محزن لي .. انا سافتقد ذلك .

فتحت سيلفيا الباب على مصراعيه فخطوت اول خطوة داخل هذا القصر ذات الأسقف العالية و الجدران الزجاجية و الأرضية الفخمة

تجلت الدهشة في وجه أمي ..وهمست ( هذا كله لك ؟ )

فصححت لها ( هذا كله لنا )

مشت أمي الى جانبي الى غرفة المعيشة الواسعة ونظرت الى أفخم الأرائك الوثيرة والسجادة الفخمة ..والى الثرايا الثلاثة المعلقة .. والى النوافذ الزجاجية العالية بطول الجدار المطلة على الحديقة الخارجية

فهمست بتردد ( لم أحلم يوما باكثر من منزلي البسيط ذو ثلاث غرف ومطبخ .. هذا ..يفوق الخيال )

بدت مترددة ..أحسست بشيئ من الحزن في عينها

( إبني ..نحن ) لا اعرف لماذا شعرت انني سأكون مستثنيا من "نحن" وما سيليها من كلام .

فركعت على ركبتاي بوهن امامها ونظرت لوجهها المرهق ( تفضلي ياأمي ..كما وعدتك أنتِ سيدة منزلك الان )

أعطيتها مفاتيح الفيلا فسالت دموعها على خديها وحضنت وجهي بيديها الدافئتان المليئتان بندب الإبر و المتشققتان بسبب مطهرات التنظيف القوية ..متحملة قسوة السنوات الماضية من أجلنا لتطعمنا

( لماذا تبكين ياأمي ؟ ألستِ سعيدة ؟ )

هزت وجهها بإمتنان ( إنها دموع الفرح ياعزيزي .. بفضلك أختك بخير ، وأنت لم تتخلى عنا مثلما فعل إيمانويل ، بل إستقبلتنا)

اخمدت الدموع التي إندفعت في عيناي وقلت معاتبا ( ماهذا الكلام ياأمي ؟ أنا أفديك بحياتي أنتِ وإخوتي ، هاقد إجتمعنا أخيرا معا كماوعدتكِ .. لقد إنتهت كل تلك الأيام الصعبة القاسية ، انتِ ليس عليك ان تقلقي على أي شيئ ..أنظري أنتِ مغرمة بالورود والنباتات وأنت تملكين الكثير منها الان ..وتستطعين زرع المزيد ..تفضلي )

وضعت المفاتيح في يدها كما فعل مايكل معي فشهقت بدموع مختلطة بإبتسامة دافئة ( عزيزي هذا المكان جنة )

( إذن سنستقر هنا ؟) سألتني ماكنزي فأومات برأسي ..ورأيت وجهها الجامد ، محاولا معرفة لماذا جاء سؤالها على شكل رفض ..

( سيدي ..غرفة الانسة جاهزة ) قطعت سيلفيا محاولاتي لأعرف ذلك .. فوقفت وحملتها مجددا بين ذراعاي ..وحاولت أن لا أفكر كثيرا في أنها قد تكون أخر مرة ..مثل أي أب .. لست جاهز لمشاهدة إبنتي تنضج وتكبر..ولا تعود بحاجتي .. وكأنه بالأمس كانت عبارة عن جسد صغير مكتنز .. تلاحقني أينما ذهبت ..بخديها المنتفخان .. وفجوة في فمها نتيجة فقدانها اسنانها الامامية .. لتنام في حضني

أخر مرة حملتها هكذا بإمتنان كانت طفلة .. ثم مرضت وإنعطفت حياتي رأسا على عقب و مرت السنوات ..خلال ذلك كبرت أختي الصغيرة كثيرا بدون أن ألاحظ ..

إختارت سيليفا لها إحدى الغرف المطلة على الحديقة لكي تشاهد المناظر الطبيعية ، وضعتها فوق السرير فبقيت ذراعيها ملتفان حول ظهري ( أنا أحبك كثيرا ياأخي ..شكرا على كل شيئ )

( لا تشكريني .. سأكون دائما موجودا من أجلك إن إحتجتني .. حتى حين لا تصبحين بحاجتي ..سأبقى دوما متواجدا من أجلكِ )

أومأت ببطئ و نظرت حولها بصمت ..لم أعرف إن أحبت الغرفة او لا .. لا يمكنني أبدا أن أتكهن مع ماكنزي

لذلك سألها عمايجول في ذهنها ( هل من مشكلة ياعزيزتي ؟ أطلبي ماتشائين وسأحضره لكِ )

إحتدت نظراتها بغضب ( ذلك الرجل الذي في السجن ! )

( سوف أقتله ) إرتفع صوتي عاليا ، فهزت وجهها بتمرد وتحدِ ( ستواجهني أولا )

( لقد وعدني ) رغم تعابير الغضب والسخط التي تكسو وجهي ..لم يرف لها جفن حتى وقالت بهدوء مثير للإستفزاز ( لم يخلف بوعده )

إرتسمت على شفتيها نصف إبتسامة خافتة وقالت ( أنت تحب تاماني أيضا )

كلامها وقع كالجمرة على قلبي، تقطب حاجباي فوقفت قائلا بإضطراب ( خذي قسطا من الراحة الان ياعزيزتي )

وعدت الى أمي التي لم تبارح مكانها ، وظلت شاردة في مفاتيح الفيلا .. فجلست بجانبها وأحطتها بذراعي فقالت ( منحتنا الحياة التي كان يريد والدك أن يمنحنا إياها )

تنهدت بإشتياق ( كم أتمنى لو كان يجلس معنا الان )

أومأت ببطئ ( أنا أيضا ..أتعرف ماذا ؟ كورتيس كان بمثابة أب لكم أيضاً ، فلا أحد سيقوم برهن منزله من أجل احد هذه الأيام ..لكنه فعل )

كررت بتعجب ( رهن منزله ؟)

( أجل ، أخذ قرضا من البنك ، أراد بشدة أن يساعد في دفع مبلغ عملية أختكَ والامر لم يقتصر على هذا فقط .. لقد عامل أرون كإبنه ، لم أرى أخوك سعيدا هكذا منذ أتيت إلى لندن.. أليكساندر ..أجد أنه من غير اللائق أن نتجاهل مساعدته الان )

ادهشني كورتيس بعطائه الذي لا ينتهي

( لايوجد حاجة للقلق أمي ، سأرى مايمكنني فعله ..أعتقد ان أرون في العمل الأن .. سأمر عليه ، حان الوقت ليعود ذلك الولد إلى المدرسة ..)

توجهت لأقرب شركة لبيع السيارات .. أردت أن أسعد أخي الحبيب بواحدة ، والخيار وقع على سيارة كلاسيكية زرقاء لأنه مفتون بهم

توجهت لمحطة الوقود حيث يتواجد.. وراقبته يملأ البنزين للسيارة التي تسبقني، يرتدي ذلك الزي الموحد المليئ بالزيت والبنزين ، يتصبب عرقاً ، هناك طابور من السيارات تنتظر دورها بعدي و كم هو مرهق ..كم من ساعة مرت وهو يقف هناك ؟
هل أكل ؟ هل لديه الوقت حتى ليبلل حلقه الجاف بالقليل من الماء ..

تقدمت حين آتى دوري ، فمد يده لياخذ المفاتيح بدون النظر لي .. وفتح علبة البنزين ليملأ الخزان ولم تفتني نظراته المغرمة المفتونة بالسيارة ..كانت نفس نظراتي للرولز .. لا جرأة له حتى ليتمنى واحدة

كنت طوال الوقت مبتسما وحين يئست بأن ينظر لي ناديته ( يا بطلْ)

رفع عينيه برعب ليتأكد أنه أنا ، فإصفر وجهه وتبعثرت أنفاسه ( أخي يمكنني أن أشرح لـك )

فقط لو كان لدي نصف هذا التأثير على ماكنزي ..لكنني من ربيتها لتكون ماهي عليه الان

( هل تريد الذهاب في جولة ؟ )

تحمس جدا ومد يديه ليفتح الباب ثم سحبها حين بدأت السيارات خلفي تزمر عليه

نظر إليها متحسرا ..وقال ( أود ذلك كثيراً ، لكنني أعمل الان .)

( أرون ..لن تعمل بعد اليوم ، إخلع عنك ذلك الزي وإصعد هنا ) نزلت من السيارة لأنه بدأ يحرك وجهه رافضا ..وينظر بإرهاق للسيارات خلفي ..الطابور الذي لن يفرغ أبدا

أخبرني بقلق ( عليا أن أساعد في دفع مبلغ العملية)

وهذا أيضا كبر .. ويكاد يصلني في الطول ، ونضج في عقله وصار يتحمل معي المسؤوليات

عبست في وجهه وانا اكتم بداخلي ضحكتي ..وأمرته بسخط ( أرون ..إصعد في السيارة ، قلت أنت لن تعملْ ..فلا تناقشني )

طأطأ رأسه بإرتباك ثم رفعه ليحتج ..لكنه قابل عيوني الحادة التي جعلته يستسلم ..و جلس خلف مقعد المقود كما طلبت منه

( هيا إنطلقْ ..أود رؤيتك تقودهاَ )

قبل أن يمسك المقود مسح يديه في قميصه من بقايا الزيوت ..و أمسك المقود بعشق تام وإنطلق بسرعة وهو يسابق الرياح .. حتى أنه جعل سقفها مكشوفاً وصاح عاليا ( هذه السيارة خااارقة ..لابد أن مالكها سيحظَ بأروع الأوقات بداخلهاَ )

فدمدمت تحت أنفاسي( انا واثق بانه سيفعل )

وبعد عدة جولات قلت ( أيها البطل .. خمن ماذا ؟)

فإختفت إبتسامته وتوقف جانبا ( حان الوقت لتعيدها إلى مالكها)

ربت على شعره قليلا ..وحركت وجهي متظاهرا بالآسى مثله ( نعم ..حان الوقت لأسلمها لمالكها)

نزل وأعطاني المفتاح ..ألقى عليها نظرة وداع أخيرة وتنهد بمرارة ، لم يتحمل قلبي أن يعذبه اكثر من هذا

رميت له المفاتيح في الهواء فأمسكهم ونظر لي ببلاهة حين قلت ( إن أحببتها لهذه الدرجة فهي لكَ وإن أردت أن تحتفظ بها على المدى الطويل يستحسن أن تكون جميع علامتك ممتازة )

بطبيعة الحال لم يصدقني لأنه بدا وكأنه على وشك البكاء وهو ينظر إليها ( أليكس ، الامر ليس طريف )

استرخيت فوق المقعد وقلت مازحا ( آه نسيت أن أخبرك ، أصبحت غني )

سألني بصدمة ( هل فزت باليانصيب ؟ )

( شيئ مثل ذلك ..سأشرح لك الامر في الطريق هيا إصعد )

جعلته يصعد و أخبرته بكل القصة وكيف إنتهى الامر مع كل هذه الثروة ، فظل يضحك لمدة من الوقت ..وعكس ماكنزي التي جعلت الامر شخصيا ، هو قال انه كان عليا الزواج من تلك المسنة منذ مدة

المشاكس !

ثم سحب إفادته وجعلني اعده أن لا اضحي بنفسي مجددا من أجلهم .

طلبت منه التوجه لمنزل كورتيس وإغتنمت الفرصة لأسأله ( كيف هي علاقتك معه ؟ )

فأجابني بكل صراحة ( إنه صديق رائع ، قضينا فترة قصيرة معاً ..لكنه ملأ بعض من الفراغ الذي أحدثه غياب أبي وغيابك ..قال أنني ملئت فراغ إبنه أيضا .. أتعرف ياأليكس ليس من العدل أن نكون جميعا معا ..ويبقى هو لوحده )

حين وصلنا وجدناه يقف في الخارج ، وكان هناك شرطي يغلق له باب منزله .

( ماذا هناك كورتيس ؟ )

أجفل لرؤيتي فردد بنبرته الرحيمة التي لا تفارقه ( لا شيئ مهم ) رفض أن يخبرني لكنني عرفت أنهم حجزو على منزله الان ، وهو وضع كل نقوده في عملية أختي .. وليس لديه وظيفة حتى

( هل يمكنني أن أسألك أين ستذهب الان ؟)

( لاتقلق ..سأتدبر امري في نزل ماَ ..كيف حال ماكنزي ؟ ) حاول ان يغير الموضوع ..لكن أرون أمسك ذراعي هذه اللحظة ففهمت ماأراد ان يخبرني به..كنت أفكر به أيضا منذ الصباح

( لماذا لا ترافقنا للمنزل ؟ لتطمئن عليها بنفسك ) يالها من حجة لأتي بها لكنه وافق بسرعة

قال مبررا ( أجل كنت سأتصل بك لأطمئن عليها ثم حدث هذا )

كان محتارا من السيارة ومن الفيلا فشرحت له كل شيئ في غرفة المعيشة فقال ( انت تستحق هذاَ .. أنا سعيد من أجلكَ )

( لماذا لا تبقى للعشاء ياكورتيس ؟ ) عزمه أرون فتردد قليلا قبل أن نصر عليه جميعاً

فوافق بخجل ( بشرط أن تطبخ لنا السيدة إيرين ..أنا مشتاق لأطباقها جداً )

لم تفتني عيون أمي المضيئة بالسرور ، فذهبت مسرعة لتطبخ مع مساعدة سيلفيا .. وكورتيس رافقها مصرا على صنع طبق واحدا بيده ..

إنضمت لنا ماكنزي في غرفة المعيشة ذلك المساء ..فجلسنا ثلاثتنا نقابل شاشة التلفاز التي تبدو كسينيما وكانت ماكنزي تجلس وسطنا وتعانق ذراعينا لتقول ( إن أمي سعيدة عميقا برؤية كورتيسْ )

إلتفتنا لها في وقت واحد فأردفت بحذر وهي تنظر للتلفاز ( وكورتيس أيضا يبادلها المشاعر)

وضعت يدي على جبينها و تأكدت من حرارتها حين إعترفت بكل جرأة ( أمي وحيدة وكورتيس وحيد .. برأي يجب أن يجتمعا معا )

نهرتها بخفة ( أصمتي قبل ان يسمعاكِ ..لكانت أخبرتني أمي )

بدى ارون غير متفاجئ حين وضحت لي ( هي وفية جدا لذكرى أبي ولن تفكر بذلك أبدا .. على احدهم إخبارها بان الحياة ستكون جميلة مجددا بجانب كورتيس .. )

أنا فقط عانقتها بقوة ( أريد إستعادة أختي الطفلة الصغيرة ..) فدحرجت عينيها نحوي بنظرة مفترسة متوحشة قاطعها نداء أمي للعشاء

إجتمعنا في طاولة العشاء أين فكرت في الموضوع جدياً وقلت ( لقد فقدت منزلك ووظيفتكَ بسببنا ياكورتيس)

هز رأسه بإبتسامة محاولا ان لا يشعرنا بالذنب ( أوه لا تزعجك نفسك بشان ذلك ..دعنا نستمتع بهذا العشاء الرائع )

( لن أسمح لك بالذهاب إلى مكان ..كورتيس أنت صرت جزء من عائلتنا)

فإبتسم مجددا بإمتنان ( صحيح ..وأنا أعتبركم عائلتي أيضاً ..لم اظنني ساحضى بفرصة جميلة كهذه بعدما أن فقدت زوجتي و مغادرة إبني)

( عليك البقاء والعيش معنا ) طلب منه أرون

شعر بالحرج فردد بنبرة خافتة ( ساتدبر امري في نزل ما ، أنتم جميعا بخير الان وأنا مطئمن عليكم )

قالت ماكنزي وهي توجه لأرون غمزة متآمرة ( لن ندعك تغادر ..سنغلق جميع الابواب والنوافذ )

فضحك قائلا ( جديا ياأعزائي .. أنا أحبكم جميعا وأعتبركم مثل أولادي )

قبل ان يكمل قاطعته بلطف ( ونحن نحبك أيضا ، لن نسمح لك بالرحيل .. إخوتي وأمي .. سيسعدونك ببقائك هنا معنا )

إحمرت أمي خجلا ..طأطأ كورتيس وجهه بإحراج

وفي لحظة صمت محرجة قالت ماكنزي ( أنت جزء من عائلتنا .. وحين يأتي دوغلاس وتاماني ..سنصبح عائلة كاملة )

بدأت بالسعال لان الأكل علق في حلقي ، لماذا لا تفنك أختي تذكرها وتذكرني بها

( إشرب الماء ) أفرغ لي كورتيس الماء وأعطاني الكأس فشربته كله وقلت من القهر ( حسنا لأقول مباشرة من الاخير ، معا ..تصنعان أشهى الأطباق لنا ، إن كنتما موافقان فنحن أيضا موافقون )

سألتني أمي في حيرة ( مالذي تتحدث عنه ياأليكساندر ؟ )

قال أرون متحمسا ( بحقك امي ..إن كان السبب خوفك على مشاعرنا فنحن سنكون أكثر من سعداء وان كان وفائك لابي فهو في مكان جميل الان ، أنتِ وكورتيس تكملان بعضكما البعض ..قل شيئا كورتيس فأمي عنيدة جداً )

إستنشق نفسا طويلا وحين شجعناه ثلاثتنا قال ( حسنا ، إيرين .. أولادك محقون ، الحياة لم تنتهي مع موت أحبائنا فلماذا لا نعطي لأنفسنا فرصة ؟ أنا حقا استمتع بصنع الأطباق معكِ )

إبتسمت أمي وهي تضع يدها على وجها لتخفي إحمرار وجنتيها ( وأنا أيضا أستمتع بصنع الأطباق معك )

( إيرين الطريقة الوحيدة لأعيش هنا معكم وأكون أبا لأولادك الرائعون هي بأن تصبحي زوجتي .. هلا أعطتني الشرف لذلك ؟)

وافقت أمي بعد تشجيعنا لها ..ولم نرد تأجيل الامر لكي لا يشعر كورتيس بأنه ضيف عندنا..فتزوجا ووجوده معنا أضاف لنا نوعا من الامان الابوي

والان بعد أن صرت مطمئن على إستقرارهم ..ذهبت لازور دوغلاس لأخبره بأخر التطورات في قضيته ،وهاهو يجلس مقابلا لي منذ عشرة دقائق ..يحدجني بنظرة إجرامية وبدا فاقدا للسيطرة على نفسه

أخبرته للمرة الثالثة على التوالي وهذه المرة روادتني الرغبة لأضحك ( تم تخفيض عقوبتك إلى سنة )

فهز رأسه بإنكار وإحتفظ بنظراته القاتلة ليقول بصوت عميق خطير ( ..تريد إبقائي هنا بعيدا عن ماكنزي)

( لا) نفيت فقاطتني وهو يهز رأسه متوعدا وعينه لا تخلو من الغضب ( أقسم بالرب ياأليكس ..لايهمني انك غني ..سأحطم فكك .. لا تلعب معي )

( لست العب معك .. مايكل هو افضل محامي في .. )

قاطعني مجددا وقد بدأ غضبه يصل لمستويات عالية ( واضح انه ليس كذلك ..فانا مازلت هنا .. )

في لحظة اصبحنا نتحدث في وقت واحد حيث قلت بهدوء ( سنة واحدة ليست مدة طويلة ..)

وهو قال بحدة ( اقسم بالرب ..مايمنعني عن تبريحك ضربا هو هذه الطاولة الهشة .. لاتجبرني . )

وجدت نفسي أضحك لاني عجزت عن إقناعه ..لقد ذهب مايكل الى اقصى الحدود واخفض عقوبته الى عام واحد ..بقي شابكا ذراعيه لصدره ..على وشك الوثوب عليا ( لاتضحك ياأليكس ..جديا سأضربك ..انا جاد ..سأبرحك ضربا ايها الوغد ..لا تتذاكى معي )

إبتسمت وقلت مازحا ( أنظر لنفسك أنت تبدو مجرما حقيقيا ياصاحبي )

زفر بقوة وعاد لوعييه اخيرا ( هل نحن نتناوب بدخول السجن ياصديقي أو ماذا ؟ )

وعدته بجدية ( لا تقلق دوغلاس .. سأخرجك من هنا ، مهما كان الثمن ..)

( أخبرني كيف حال ماكنزي اليوم ؟ )

( تشاركك مزاجك الغاضب لكونك هنا ، قد سلمتك أختي طفلة وهي الان تتصرف كراشدة )

فإبتسم وهو يحرك وجهه محذرا ( ماكنزي تكره من يناديها او يعاملها على اساس طفلة .. وبمناسبة أنها في كامل قواها الجسدية ..لا تغامر بنفسك ياأليكس )

سادت لحظة صمت حيث نظرت لقاعة للزيارة وتذكرت تلك الاسابيع التي قضيتها بالداخل ..مايزال ذلك التوق بداخلي لأراها حتى الان

( اليكس ..هل انت بخير ياصاحبي .. اعتذر لعدم قدرتي على الاستماع اليك بشان تلك المجنونة .. ان اردت التحدث الان ستجدني متعاطفا ، حزينا ، متفاعلا .. أيا كان ذلك ، كلي اذان صاغية .. )

قلت بحزم ( لقد اغلقت ذلك الدفتر ) فأومأ متفهما

بعد إنتهاء الزيارة إنطلقت في طريقي مع مايكل الذي سيأخذني للشركة ..أعتقد انني جاهز الان للتعامل مع آل فيفر

حين وصلنا كنت أقف أمام نفس المبنى الكبير الذي كنت ادخله كخادم ، وهاأنا اليوم أدخله كالمالك

يحبون الرجل الغني الراقي وسيحصلون على واحد ، وفي المصعد إلتفت لمايكل ، وقلت بنبرة مازحة ( أنا لست متوتر لا تنظر لي بهذه الطريقة )

فإبتسم قائلا ( لابأس أن تتوتر فهذا أول يوم لك في إمبراطوريتكَ ..ساعطيك ملخص سريع لماسنفعله ، سنجتمع بأعضاء مجلس الإدارة سأقدمك إليهم بصفتك رئيسهم الجديد ، إنهم كبار في السن وقدماء في العمل لكنهم الأذكى ..ثم سأخذك في جولة وأريك مكتبكَ ..وبعدها سنجتمع مع آل فيفر )

وكان مايكل قد اخبرني عن نسبة أسهمي وكان ذلك جنونيا لانني أمتلك كل سلاسل مطاعمهم وفنادقهم
وذكر لي الصفقة الجديدة في البندقية ، وأنا لم أجد منفعة فيها لذلك إنسحبت منها وقررت أن أستثمر تلك الاموال في جمعيات خيرية لمساعدة الاشخاص ذو الامراض المزمنة

وأخبرني أيضا ان فيكتوريا كانت تكتفي بالإستثمار ولا تتدخل سوى في قرارات مصيرية ، لكنني حتما أستطيع تسلم إدارة المطعم والفندق

وبعد يوم طويل وصلنا أخيرا لغرفة الاجتماعات حث أصبحت على أتم الإستعداد أو هل أنا حقا مستعد لأنظر إلى أعينهم مجددا؟

نظرت لمايكل قبل أن ندخل وتمتمت بهزل ( ساكون ممتنا لك إن دافعت عني هناك بالداخل )

بدنا نضحك حتى فتح الباب ودخلت ، يـاإلهـي إنهم هنا .. السيد جيفري وولديه سيرافينا وبيتر

وكانت نظرة الصدمة في أوجههم تكفيني

خصوصا بيتر الذي لم يتوقع ان يرى وجهي مجددا في حياته ..فأطلق شتيمة

( جديا ..الخادم ؟) تلفظ بهذا الكلام بنبرة كريهة ورفض قاطع فتلقى ردا بصوت صارم من مايكل ( إنه رئيسك الأن .. أظهر له بعض الإحترامْ )

توجهت بخطوات خفيفة مارا عليهم بالواحد ..يدي داخل جيب بنطلوني .ووجهي مرفوع بشموخ.. بينما تتبعتني اعينهم ببطئ وانكار
جلست على رأس الطاولة ولم أقل شيئ ..أنا فقط حافظت على إبتسامتي على وجهي ..وهذا استفزهم اكثر شيئ ..

( هل هذه مزحة ..من بين كل رجال العالم ..لم تجد سواك ؟ ) إسطكت أسنان سيرافينا غضباً فقالت بقرف وإشمئزاز ( كيف يمكن لجاهل لا يمكنه حتى أن يهجئ إسمه أن يجلس معنا هنا ..لن أتقبل إهانة كهذه )

( إنها الحقيقة ياأنسة .. سرعان ما تقبلتها ..سرعان مابدأنا هذا الإجتماع ) دافع عني مايكل مجددا
بينما تربعت على كرسي المدير .. واسترخيت عليه اخذا كل راحتي بينما جالت عيني حول قاعة الاجتماعات وعلى اوجههم التي ازدادت قتامة

نظرت الانسة سيرافينا لي وكأنها على وشك ان تطردني ومايمنعها هو وجود مايكل امامي ..رؤيتهم له مازالت تدب الرعب في صدورهم .. يدركون أن هذا الرجل لا يستلطفهم ..ويعرف كل غسيلهم القذر بحيث لايستطيعون الإحتيال عليا..والان هو يقف في صفي .. هم مرتعبون منه

لكن بيتر لم يكن عميق التفكير مثلهما ..رفع يده مشيرا لي بنفس الغطرسة و الاحتقار ( نادو حراس الامن ليلقو بهذا المحتال من هنا .. )

بقيت مسترخيا على مقعدي ..وظهرت ابتسامتي مرافقة بصوت ساخر .. تزامنت مع ضحكة مايكل المشفقة على حال هذا المدلل الذي لم يرى من الدنيا سوى الجانب الجميل منها

توهج خديه من ردة فعلنا فسارع ليردد اغنيته المفضلة ( قل لي ..هل قمت بالإحتيال على تلك الساحرة ثم سرقت كل مالها وقتلتها ؟ )

حذره مايكل بصوت ثابت ( ..إختر ألفاظك بعناية أمام رئيسكَ )

لكنه اقترب مني اكثر قائلا بعداوة ( لن أفعل ..هذا المجرم حاول قتلي بعد ماحاول سرقة أموالي )

وقف السيد مايكل بحزم شديد ..رافعا عينيه بسئم وقد طفح كيله ( الرحمة ياإلهي .. لمن تقول هذا الكلام ..كلنا نعلم انك من قمت بالتخطيط لكل ذلك ، والان إن أردته أن يرفع دعوة عليك بالمقابل إستمر بالحديث عنه )

شبكت ذراعي لصدري وقلت مسترخيا بصوت موسيقي مديد ( مهلا ..دعه يتحدث مايكل ، أود ان نبدأ علاقتنا كشركاء بقلوب صافية )

وظلت إبتسامتي البسيطة تملأ قلبه غيظاً ، لذلك إنفجر قائلا ( أنا أرفض أن يكون هذا المجرم رئيسي )

( أنا أوافقك الرأي ..لذلك سأعتبرك مفصول نهائيا عن العمل في الادارة .. )

هاته اللحظة توقف السيد جيفري عن التنفس وكان قلبه توقف عن الخفقان ، وتجمدت الانسة سيرافينا في ذلك الكرسي ..وهاقد اصبحت الطرف الخائف على وظيفتها في هذه الشركة ..

بينما تجاهل اخوها محدود التفكير كلامي و هز راسه ساخرا ( أليس كذلك ؟ تأتي ببساطة وتطردني .. كأنه يمكنك فعل ذلك .. ايها الجاهل المتخلف )

( لا يمكنك أن تطرده من رزقه ) دافع عنه والده مجبرا نفسه على التحدث معي بنبرة تخللها بعض الهدوء ..وانا اوشك ان اقرا خلف تعابير وجهه المتنمرة كلمة "عديم تربية" بوضوح بدون أن ينطق بها

شبكت اصابعي على راس الطاولة الكبيرة وسالته باحترام ( ذكرني مجددا مايفعل السيد بيتر هنا ، ماطبيعة عمله بالضبط ؟ كيف ساهم في تطوير هذه الشراكة التي بيننا ؟ .. حتى فيكتوريا كانت لديها تساؤلات حوله .. )

قابلت عينيه للحظة .. إبتلع لسانه وصارت الدنيا تدور به .. طال صمته فإنحنيت على ظهر الكرسي وأدرت رأسي نحو بيتر ببرودة ( لم أعتقد ذلك )

( سوف أجعلك تندم على هذا أيها البائس ) أمسك بيتر هاتفه وإستدار ليغادر قاعة الإجتماعات .. حين كنت فقير .. لقد حسبت ألف حساب لتهديده السابق ، كان يتكرر في رأسي ويعزف على أوتار أعصابي ..أنتظر بدون حول متى يطردني ..أما الان ..وانا اجلس على عرش هذه الشركة ..لااراه سوى شاب غير ناضج لديه مشاكل في الغضب يحتاج للمساعدة العاجلة ..

إلتفت للإثنان الجالسان هناك فوق قلبهما ( من يعارض وجودي أيضا ؟ الباب مازال مفتوحاً )

( حسنا.. دعنا نبدأ الإجتماع ) قال السيد جيفري بوجه عابس ..مثقل بالهم .. بينما إمتنعت الانسة سيرافينا عن النظر نحوي تماما وهي تفقد لأول مرة زمام الامور ..حيث لاينفعها الغضب والصراخ والتهديد ..لاينفعها حتى منصبها وكل ثروة عائلتها

إبتسمت هامسا ( جيد .. فهذا ماجئت من أجله في الاصل )

ولرؤية أوجههم المصدومة أيضا

أعرف أنهما لم يكونا مركزين ..وأفهم غياب جون الذي تم إعلامي أنه مازال في الهند ..وغالبا سيستقر هناك

عند إنتهاء الإجتماع غادر جيفري بدون أن يقول إلى اللقاء ..لكن إبنته وقفت امام الباب ونفثت سمها اتجاهي ( تظن أن كل العالم ملك لك الان ، أمل أنك سعيد ..، إنسحبت من مشروع البندقية و طردت أخي ..ماذا ستفعل تاليا ؟ إنهاء شراكتنا )

( تلك فكرة جيدة في الواقع ..سأضع ذلك في الإعتبار إن إستمريتم بإزعاجي )

تكمشت ملامحها بإزدراء وكأنها تمتص الحامض وخرجت صافعة الباب خلفها

إستدرت الى مايكل الذي حافظ على إبتسامة زاهية وسألته ( ماذا سنفعل تاليا ؟)

فهز كتفيه في هدوء ( أياكان ماتريد ..أنت الرئيس )

فجائتني فكرة جميلة ، مررت على المنزل وأخذت كورتيس معي الى مطعم أل فيفر .. لم يعد يعجبني اسمه حتى

وقفت في الخارج أحدق في تلك اللافتة الفخمة وقد عاد بي الزمن للوراء .. حيث وقفت كشاب لايملك في جيبه سوى مايكفي لصاندويش ..كان مايكل محقا ، تلك الحقيبة قادتني نحو مصيري ، بسببها نزلت في هذا الحي الراقي ، وعملت في هذا المطعم ثم عند آل فيفر ..وإلتقيت بفيكتوريا ، ودخلت للسجن .. عجيب كيف تسلسلت الاحداث لتقودني إلى هذه اللحظة ، فقط .. لو لم أعرفها

( ماذا يحدث ؟ ) قاطع كورتيس حبل أفكاري فوضعت ذراعي حول كتفيه وغمغمت ( إنتظر وسترى)

وجود مايكل بجانبي كان يعزز ثقتي بنفسي ، دخلت للمطبخ على غفلة فلاحظت اندهاش إيمي وجوستين لرؤيتي في هذه الهيئة الفخمة .. فأخر مرة رأوني فيها كنت مضرجا بدمائي

بينما كانت اعين الطباخين موجهة لي ..كان الشاف مشغولا بالصراخ على فتى مسكين يغسل الاواني حيث شكل عليه ضغطا لايطاق بكمية من الشتائم والمعايرات

( الشاف بيشوب ) ناديته فجاء يسير مختالا ..ووقف أمامي حيث لم يفصلنا سوى بطنه الدائرية البارزة ..وكان يحمل ساطوره

( مرحبا..هل تذكرتني ؟ )

دقق في ملامح وجهي ، ضاقت عينيه بتكهن ( أجل ..اجل أنت ذلك الأحمق الذي لم يشتري لي الجبن ..أتذكركَ جيداً ، إن جئت من اجل الوظيفة ..فأنا لن أوظفك مجددا أيها الأحمق ..لدي غاسل صحون يماثلك تخلفا )

كان سيلتفت فامسكت بكتفه وأدرته لي بقوة ( أنظر لعنقي .. مازالت الندبة التي سببتها لي..وأوصلت صديقي للمستشفى بعد أن جعلت حراس الأمن يضربونه بقسوة )

( لابد وأنكما أزعجتماني جدا وإستحقيتما ذلك ) بدأ يضحك بسخرية وهو يوجه نفس الساطور نحو عنقي فكتمت غيظي

( على كل حال .. الجميع .. أريد إعلامكم أن كورتيس هو الشاف الجديد هنا )

إرتفعت ضحكة بيشوب بشكل اعلى واكثر تهكما( هذا المختلف فقد عقله ..الامن ..نادو رجال الامن )

رغم ذلك قلت بتهذيب ( أنا لم أطردك ..يمكنك الإستمرار بالعمل هنا كطباخ )

نظر لي من رأسي الى اخمض قدماي وكانني قمت بإهانته فصرخ ( إما أن أكون الشاف أو لا أكون )

قلت بنفاذ صبر ( أو لا تكون )

نزع مئزره وقبعته ليرميهم عليا ثم شتمني واستقال

( دراما متوقعة من الشاف بيشوب ) مرر كورتيس يده في شعره الابيض بلمحة من الخجل

أشرت للمطبخ الذي أتذكر كل إنش منه ،كل شق ، كل زاوية .. وأخبرته فخورا ( أعرف كم تحب هذا المطبخ ياكورتيس ، إن أردت ..ستكون انت الشاف ..لكل الوقت الذي ترغب فيه .. إفعل كماتشاء ووظف من تشاء )

( حققت حلمي حين أعطيتني عائلة ياأليكساندر والان هذا .. أنا لا أعرف ماذا أقول ..شكرا لك إبني) عانقني لمدة ، بعد ذلك قام الطباخون بعناقه جماعيا بينما إقترب مني الفتى الذي كنت اقف مكانه يوم ما قائلا ( شكرا ياسيدي ، كاد يدفعني للجنون .. لقد كان جحيما )

أنا متأكد أن الجميع سيكونون بخير هنا في دورية كورتيس

مضت الأيام وأصبحت شهوراً ..تعودت على نمط حياتي الجديد ، تعودت على الإجتماعات وطبيعة العمل ..صار لدي قصير فسيح ..حياة خالية من الديون ، أخت في صحة جيدة ، أخ سعيد و متفوق في دراسته .. عائلة مستقرة ، صار لدي الحياة التي تمنيتها ..

أصبحت أملك كل شيئ .. سواها

لقد مضت خمسة أشهر الان منذ خطبتها ..لم أسمع عنها شيئ ..وغريب كيف رفضت نفس الصدف التي كانت تجمعنا من قبل أن تجمعنا ولو لمرة واحدة ..أنا غاضب من نفسي لأنني أبحث عنها في كل فتاة تملك نفس طولها و شعرها الأشقر ..

لا يمكنني النوم ، لا شهية لي لأكل ، لايمكنني أن أركز

وأنا غااضب طوال الوقت بداخلي

لا أستـــــطيع إخراجها من رأسي ولا من قلبي

لا أستطـــــيع نسيانهاَ ..أنا فقط لا أستطيع المضي في حياتي ..

لا أستطيع الإستمتاع بشيئ ..أشعر بفراغ مميت بداخلي ..فقلبي في حداد

لايمكنني حتى سؤال مايكل عنها لأن مجرد التفكير أنها مع إبنه الان يقتلني

هي كانت بهجة حيـاتي ..أشتاق الى لحظات رحلت ولن تتكرر

دخلت السكرتيرة لتضع لي فنجان قهوة ،خلال ذلك وأبلغتني ( سيدي.. الأنسة سيرافينا فيفر هنا وهي تريد مقابلتك )

مجرد سماعي لإسمها أصابني بنوع من الصداع ..جعلني أنزلق قليلا في هذا المقعد الجلدي الفاخر مثل الطفل المتذمر .. أنا لم أرها مجددا منذ أول إجتماع لنا ..هل تجاوزت الصدمة بعد خمس أشهر من الغياب ..لا أنكر أنني تمنيت لو يطول غيايها أكثر ..ياليته طال

( دعيها تدخل )

إعتدلت في جلوسي ورأيتها تدخل وهي تسير برشاقة محاولة ان تكون فاتنة اكثر مماتبدو عليه ، جلست والإبتسامة المغرية على شفتيها الحمراوين

إرتفع حاجبي نحوها كتحية ، ورددت بلامبالاة ( أنسة سيرافينا )

لم يفتني كيف تفحصتني بنظرة واحدة مشابهة جدا لنظرة أمها التقييمية ، قالت بتهذيب ( لم اتي لأتشاجر معكَ ..ياسيد ستونْ ) لكن كم كان صوتها مزيفا

( لطف منكِ ، أفترض انت هنا لتعقدي معي هدنة ؟ ) كان صوتي محترما إلا ان السخرية لم تخلو منه ..

في لحظة ضعف نظرت لوجهها رغبة أن أرى ملامح أختها ..ولو لمحة منه

لكن حبيبتي لا تشبه ايا منهم

( يمكنك قول ذلك ... )

جوابها أجفلني .. ماذا أقول أنا .. إنها حبيبة جيريمي الان ..

قامت بتمرير سبابتها على حافة فنجان القهوة الذي يرتفع منه بخار دافئ ..مستعرضة أظافرها الحمراء الطويلة الحادة ( و لكي أثبت لك حسن نواياي .. أنا أعزمك للعشاء الليلة )

( بمن أدين بهذا الشرف ؟ الانسة سيرافينا فيفر تأتي شخصيا لتعزمني على العشاء أم أن هل هذه مكيدة أخرى )

فضحكت وقامت لتسير حول المكتب قائلة بنبرة خافتة إغوائية ( يمكنك ان تقول أنه موعد مهني )

وقفت خلف مقعدي وإنحنت لي واضعة ذراعيها حول كتفى .. شعرت على أنفاسها على أذني وهي تردد بصوت غاوي مجرد من العاطفة ( أو قد يكون أكثر .. أنتَ إختر )

كما تقول فتاة إعتدت أن أعرفها .. الجرأة !

دفعتها بهدوء عني وقلت بدبلوماسية ( إحترمي حدودك ياأنسة )

إنزعجت كثيرا فعادت لتجلس مكانها ..ورمقتني بعينيه الحادتان( لديك كل شيئ الان ..تظن نفسك صعب المنال؟)

( أنا فعلا صعب المنال.. وأنتِ جريئة )

وافقتني على ذلك بلهجة واثقة لا تردد فيها ( طبعا انا كذلك .. أستطيع أن اميز من نظراتك لي ..أنك تريدني ..لطالما أردتني ياأليكساندر .. هيا عزيزي لا تكن خجولا ، أستطيع ان أريك وقتا ممتعاً )

صمتت في محاولة منها ان تغويني بوجهها المنحوت الجميل الذي كان سيؤثر على أي رجل كان .. وكأن ثروتي الان تغطي عن كوني الخادم الجاهل الذي لايستطيع تهجئة إسمه

تنهدت قائلا ببرودة ( انتِ جميلة وذكية ..لكنك لستِ نوعي المفضل )

أردت ان أسألها هل أرسلتها والدتها هنا ...لانني هدف رائع الان ..ومن الأفضل ضرب الحديد وهو حام

رشفت القليل من قهوتي لتطبع أحمر شفاهها عن قصد .. ثم قامت بدفع فنجان القهوة بإصبعها الطويل النحيل نحوي ( هذه هي فرصتك الذهبية لتكون معي ياسيد ستون .. أنا إمرأة واحدة من مليون ، يريدني مليون رجل ولن يحصل عليا سواك ..فقط إعترف أنك تريدني..لطالما أردتني )

إنقلب هدوئي لعصبية فرددت بإستهجان ( أنتِ مخطوبة .. عار عليكِ ! )

ذكرتها بهذا التفصيل الصغير فقامت وضربت مكتبي بقوة ..وإنحنت بجسدها الرفيع حيث وضعت عينها الزرقاوين بعيني مهددة

( إن كنت لا أستطيع الحصول عليكَ ، فأنتَ أيضا لا تستطيع الحصول على تاماني )

( من قال لكِ أنني أريدها على كل حال ؟) خرج صوتي خشنا .. وصارت أوصالي ترتجف غضبا

ضحكت سيرافينا بإستعلاء ( لا تحاول أن تكذب ..فهذه من هوايات أختي المفضلة ، مابك ؟ هل مازال قلبك جريحا ؟)

جلست مجددا وبدأت تحدق فيا محاولة قراءة تعابير وجهي ..فوفرت عليها المحاولة وأخبرتها ( لقد أغلقت دفترها حالما قررت أن ترتبط مع رجل غيري ..أنتم جميعا لا تهمونني بشيئ على الصعيد الشخصي .. مايجمعنا هو العمل فحسب )

فضحكت مجددا بسخرية وإستطردت بقسوة( هي سعيدة جدا مع جيريمي حتى أنهما قاما بتحديد موعد الزفاف ، طبعا ستتلقى دعوة من السيد غرافل وسترى بنفسك ماأتحدث عنه ، هي نسيتك تماما بحيث تم إيجاد هذه داخل مكب النفايات )

فتحت أصابعها لأرى قلادة التي تحتوي على إسم ميمي .. أخبرتني في فرنسا أنها لن تنزعها أبدا من رقبتها

رمتها سيرافينا بخفة في الهواء فسقطت مباشرة داخل سلة المهملات في الزاوية

وقفت لتبرز لي جسمها الانثوي بدون خجل ( ..أنت تستحق إمرأة ناضجة حكيمة مثلي .. أنت الان سيد نبيل
توقف الى النظر أرضا ، فقط إرفع رأسك لتراني .. أنا أنـاسبك )

لاول مرة تخليت عن إحترامي وقلت بإزدراء ارتسم على وجهي ( أنتِ لا تناسبينني .. لا فكريا ، لا أخلاقيا ، ولا جسديا ..قلت لك .. لستِ نوعي المفضل ، وشكرا على الدعوة ..سأتجاوز )

( المضحك في الأمر هو .. مازلت تفكر بها حتى الان رغم أنها كانت تتلاعب بك طوال الوقت ..أنت ليس لديك أدنى فكرة عن حقيقة الشيطانة التي أغرمت بها )

ظننت أنني أبتسم بعدم مبالاة هذه الثانية ..ثم أدركت أنها تكشيرة ..

راحت الانسة سيرافينا تخبرني بإستمتاع وهي تنفث سمها عبر صوتها الجامد ( كانت هكذا مع لورينس ..متعلقة به لأقصى الحدود حتى بدأ يواعد إحداهن فإنقلبت عليه ، و جعلته يستقيل ، وقبله تعلقت بهنري .. وملئته حقدا علينا ، صار الولد يرانا بعينيها الكارهتان وترك المنزل ..وقبله كان السائق الذي بدأت تراوده الشكوك حول سلامتها فإضطررنا لفصله ، وثم أنت ..أقنعتك أيضا أننا لا نحبها ..وانا نسيئ معاملتها ونتركها للجوع و نحرمها من حريتها لتشعر بالمسؤولية وتخرجها من هناك ..وطبعا فعلت كل مافعلته بجدها أولا )

( ماذا فعلت ؟) حاولت أن أبدو غير مهتم ..لكن بدون جدوى ..

مسحت على شعرها المنسدل بخفة ، حيث ساد الصمت للحظة ..أخذت فيها شهيقا حاقدا وقالت بصوت عميق ( تاماني كانت منذ طفولتها عدائية وماكرة ، ترغب بأن يذهب كل الإهتمام لها فقط ، لا تتقبل أن أمي لديها أولاد غيرها و حياة إجتماعية فصارت تنظر إليها كعدوة ، و إلينا كخصوم ، هوسها كان أن تصبح الاولوية في حياة أحدهم ..أن تستحوذ عليه فلايعود له شغل شاغل غيرها .. وجدي كان يعيش بمفرده ..فبدأت تكتب رسائل له ، تخبره أن أمي تسيئ معاملتها ..كانت تملك مخيلة عجيبة وتتوهم أمورا فظيعة في خيالها لم تحدث ..من إيساءات نفسية وجسدية وتطلب منه أن يقاضينا ..وبطبيعة الحال هو صدقها . )

سكتت لتأخذ نفسا أخر مليئا بالغبطة ..بينما شعرت بإحساس غريب ..تاماني كانت نوعا متملكة ..

( تاماني لم تتوقف ..وصارت تؤذي نفسها وتتهم أمي بذلك .. فطفح كيل جدي ورفع فعلا قضية ضدها ، وكاد أن يدمر حياتها الإجتماعية ظلما ..إضطررنا لأخذها الى أخصائي نفسي وبعد تشخيص اتضح انها تعاني من اضطرابات نفسية جمة ..كانت تشكل خطرا على كلارا الرضيعة ..وخطرا على نفسها وعلى بقيتنا ، لكن جدها لم يصدق وإتهمنا بتزوير التقرير النفسي وأصر على مقاضاة أمي فتوصلنا لحل متوسط معه..أرسلناها لتعيش معه كما أرادت ، وحين عادت ..عادت أسوء مماكانت ..صارت تفتعل مشاكل لتحرج أمي أمام العالم ..وبدأت تهدد بإيذاء نفسها ان لم نمنحها استقلاليتها ..لذلك وظفت لها امي مساعد شخصي ليبقي عينيه عليها طوال الوقت ويحميها ..كما كان الحال هي حاولت استدراج شفقتك ..لكنك لم تستطع اعطائها حريتها بتواجدك في السجن .. بينما جيريمي يستطيع )

كان من الصعب عليا تصديق ماقالته ، لا أثق بأي واحد من عائلة فيفر .. لكن .. هي فعلا كانت تتصرف بشكل مشابه .. إنطبقت بعض إعترافاتها على أختها

بدت لي أنها تضحك بعينيها حين نجحت بإثارة شكوكي ( لقد حذرتك مرارا ان تبقي حدود بينكما ..كنت افكر بك ..انت تعرفها منذ اشهر ، انا اعرفها منذ ولدت ..لم أردك ان تنخدع مثل البقية .. وياأسفاه عليك يامغدور )

بات الوضع مزعجا وغريبا ..لم يعد بإستطاعتي إظهار المزيد من اللطف ..ولم أستطع تصنع الهدوء ..فأشرت للباب بحزم ( أختك ليست العقبة التي تقف في طريقك للوصول إلي ياأنسة سيرافينا ، غادري الان .. وإياك أن تعودي لهدف أخر غير العمل )

أحبطت خطتها فغادرت وهي تتمتم بكلمات لعن مختلفة وانا تراجعت بكرسي للخلف أنظر لسلة المهملات بغضب

إرتجفت ركبتاي حين وقفت وتوجهت لأحمل هذه القلادة ونظرت لها بغضب

هي سعيدة .. هي سعيدة مع جيريمي .. تلك الإبتسامة ..كانت حقيقية

آآآآه اللعنة عليا لأني أحببتك أيتها الصفراء.. اللعنة على غدركِ ..أيعقل أن ذلك الوجه الملائكي .. كان مجرد قناع

كانت تستغلني منذ البداية ..وخططت لكل شيئ ..أخر شيئ أدركته هو أنني حطمت كل شيئ في هذا المكتب الفاخر .. سوى القلادة التي أخفيتها بحذر داخل جيب قميصي وربت مرتين فوقها

ربما أربت على قلبي الغاضب الان ليعرف أنها حتى لو غدرت بي و نسيتني فأنا عاجز حتى عن إخراجها حتى من تفكيري .

ميمي ستظل دوما تخصني وحدي




التعديل الأخير تم بواسطة اوديفالا ; 12-04-21 الساعة 12:15 AM
اوديفالا غير متواجد حالياً  
التوقيع
“I stretch truths where I see fit. I’m a writer”
رد مع اقتباس
قديم 16-04-21, 12:26 AM   #57

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصـل 37 / 《أليكساندر》

جعدت داخل قبضتي ذلك التقرير النفسي بينما شققت طريقي خارج الشركة ، اغلقت كل حواسي من كل الهمسات و نظرات التغزل الراجية في اوجه العاملات هنا ومن كل التلميحات الجريئة في محاولات بائسة لإستدراج إنتباهي ، وكأنني لست نفس ذلك الشاب البسيط الذي كن يمرن أمامه ويتغامزن على مظهره البالي الفقير.. وبعضهن لم اكن جديرا بالاهتمام لاجعل رؤوسهن تستدير لي حتى

وحدها التي عثرت عليا .. ومن بين الجميع جعلت غربتي في هذه المدينة قابلة التحمل ..وكم أنا غريب الأن بدونها .

في اليوم التاسع بعد خمسة أشهر طويلة من الانفصال خرجت لأهيم في الشوارع ، أذهب الى الأمكنة التي كنا نذهب إليها معا لعل الصدفة تشفق عليا وترحم قلبي ولو بنظرة واحدة من بعد ..الى مطعم دييغو ..الى عجلة لندن .. الى مدرستها .. إلى محطة القطـار

يمر اليوم بطيئا.. وينتهي فوق سطح الفندق .. أنتظر لعلها تأتي .. لكنها في كل مرة تتركني وحيدا اشاهد الشمس تغرق في الافق بشكل محزن .. أين أنتِ لتشاركيني تأمل المغيب الجميل؟ إنتظارها مشابه لانتظار القطار وعدم الصعود اليه ..

في اليوم العشرون بعد خمسة أشهر من دون رؤيتها .. إنتهى بي المطاف جالسا على أحد المقاعد أمام جسر لندن ..شارد في كثرة الناس حولي ..وكانت هي وحدها بداخل قلبي ..اصبحت اعيش داخل مخيلتي .. أين استطيع رؤيتها

هل من الضعف أن أقول أنني إشتقت لها ..هل من الخطأ أن أقول أنني مازلت أنتظر قدومها

اصبحت مخدرا بها ..وحين افيق للواقع انكر كل لحظات ضعفي .. حين أنظر الى التقرير النفسي لا اشعر سوى بالغضب الشديد نحوها

من بين كل أسرارها التي أخبرتني بها .. أخفت عني هذا السر بالذات ، حتى حين سنحت لها الفرصة في بيت جدها .. حين حملته بين يدي هي خطفته ومزقته وطلبت مني أن لا أسأل أبدا ..

اصبحت شخصا مليئا بالمرارة وغضبي لا يتوقف بل يتضاعف تجاه كل تلك العائلة ، كان يجب أن أعرف منها وليست من الانسة سيرافينا .

ضغطت بقوة على تلك الورقة التي سحقتها بأصابعي على مدار الايام الماضية .. من أين للانسة سيرافينا الجرائة لتحاول تشويه صورة الفتاة الوحيدة التي عاملتني كإنسان .. بينما هي وعائلتها عاملوني كعبد ..

من اين لها الجرائة لتحاول جاهدة تظليلي بورقة لعينة وكأن إفشائها لماضي أختها لم يشفي غليلها ..كان عليها ان تدعم ذلك بدليل

لماذا تريد تحوير الاحداث وجعل أختها تبدو البطلة الشريرة في القصة .. لماذا قد تشعر بالتهديد منها وهي مخطوبة لجيريمي .. لماذا أشعر أنها خائفة من وجود أمل لعودة فتاتي لي ..

ثم من اين لها الجرائة لتلومها على جرحها لقلبي ، وان جرحتـه.. انا اعطيته لها .. لتفعل ماتشاء به .. وأنا فقط من يحق له لومها

آه ياإلهي أرشدني إلى مكانها

أنا غاضب من نفسي ..لأن انفاسي ليست ممتلئة بدونها ..وإبتساماتي ليست مكتملة ببعدها عني

ليتني استطيع ان اجمع كل هذه المشاعر التي تشكل صراعا في داخلي و تصنع حاجزا بيني والمضي في حياتي ..وأضع سدادة عليها

في الواقع لا احد يعرف الحقيقة .. قد يكون التقرير صحيحا ، قد تكون تاماني حقا مضطربة نفسيا ..وكل تلك الايساءات التي اخبرتني عنها لم تحدث ابدا ..كانت حقا ممثلة محترفة تلاعبت تقريبا بالجميع حولها من حقائق مزيفة .. قد تكون استغلتني عن قصد ببرائتها لاخرجها من هناك ..

ثم مجددا .. في محاولات الانسة سيرافينا لإثبات أن أختها ليست طبيعية.. ووسط كل الاعترافات التي ذكرتها ببراهن ثابتة لايتطرق إليها شك ..هي ذكرت شيئا فقط انا من اعرف حقيقته

نظرت الى القلادة .. وفكرت .. حبيبتي يستحيل ان تصيب هدفا .. هذه القلادة يستحيل أنها وقعت داخل مكب النفايات ..لانها دوما تخطأ

وهذه الحقيقة الوحيدة التي انا متاكد منها من بين كل الاعترافات التي سبقتها ورغم أنني مثل جدها ..ليس لدي دليل لكنني أختار ان أصدقها .. كانت مجرد طفلة ولدت في أسرة سطحية مادية همها الوحيدة المال و رضاية المجتمع الراقي ..كانت بحاجة للحب والإهتمام ولم تحصل سوى على أم متسلطة ، أب غير مبالي ، وأخت حقودة ..لم تستطع الانسجام في عالمهم وهم لم يتقبلوها كما هي كزهرة ..تحتاج للاهتمام لتنمو وتزهر ..من يلومها على رغبتها ببعض الحب ..فمن لا يرغب بذلك

هناك فعلا حقيقة واحدة في حياتي ..وهي أني ساكون دائما عاشقا لها .. وأني أحبها حبا خالدا لم أشعر به من قبل إتجاه أحد

وأنني غاضب مثل الجحيم لأنها إختارت جيريمي وأخفت عني ذلك التقرير

أشعلت سيجارة تلو الاخرى متمنيا تظهر فجأة و تجلس بجانبي لتطلب مني إطفائها .. استطيع سماع صوتها في رأسي والأشياء الغبية التي اعتادت قولها وكل امثلتها الطريفة .. اتذكرها جميعا

إشتقت لمشاكستها الطفولية معي

إشتقت لمشاكلها السخيفة مثل الشعر الأرجواني

إشتقت إقتحامها سريري ليلا حين تخاف من الظلام والرعد

إشتقت لطفلتي

ولا يمكنني الإستمرار على هذا النحو .. لقد بحثت في كل مكان أعرفه .. هل يعقل انها غادرت معه الى امريكا ؟

عدت خائبا إلى الشركة وأغلقت على نفسي داخل المكتب ، سلمت نفسي للعمل حتى إتصلت السكرتيرة وكل ماسمعته كان فيفر فصفعت الهاتف ، إنها لا تستسلم أبدا وإن إستمرت بزيارتي على هذا المنوال سأفقد صوابي .. يكفي ..يجب أن أضع حدا لهذه الجشعة

دفعني غضبي لاقف وأسير بخطوات عنيفة وبدأت التحدث بصرامة قبل أن أفتح الباب ( هذا أخر إنذار لك أنسة فيفر ..لا تتجاوزي حدودك وإلا سأقوم بـ .. )

إختفى صوتي عندما فتحت الباب لأجد إمرأة طويلة ترتدي ساري أزرق يبرز بطنها المنتفخ ..تضع أقراط مكشكشة بنفس اللون .. تنظر لي من خلال رموشها السوداء الكثيفة وعينيها المكحلتين بطريقة لطيفة

( فاني ! ) كنت عاجزا عن التصديق بحيث قمت لاشعوريا بعناقها فربتت على ظهري بلطف ( مررت لأراك و كذلك لأوبخك قليلا )

( تفضلي .. ) فتحت لها باب المكتب وقمت بدفع الكرسي الجلدي بعيدا عن المائدة الصغيرة لتستريح في الجلوس ( ماذا تشربين ؟ )

قالت بصوتها الهندي الموسيقي ( شكرا ..لن أبقى طويلا .. إذا كيف حالك ؟)

جلست في الكرسي المقابل لها ، شعرت بالحرية لاخبرها بصوتي الحزين الذي أخفيه عن الجميع ( حي ..لكنني لا أعيش بدونها )

صمتت فاني ..فإستمريت بالحديث بإحباط ( أعرف كم هي مهمة لك .. لهذا انتِ الوحيدة التي ستخبرينني بالحقيقة ..هناك أسئلة أعجز عن إيجاد أجوبة لها .. أخبريني يافاني .. هل أحببتها لدرجة فاتني كل المكتوب هنا ؟ )

أريتها التقرير النفسي فرفعت يدها رافضة أن تمسكه وإكتفت بوميض عتاب في عينيها

فتابعت موضحا ( فاني ..لايوجد تقرير في العالم سيجعل حبي ينتهي نحوها ، لكنني غاضب لإخفائها الامر عني ..ألم تثق بي على الإطلاق ؟)

وضعت يدها فوق بطنها وهزت رأسها بإستغراب ( أخبرتك مرة إن كان هناك مائة سبب للتخلي عنها فإبحث عن سبب واحد لتقاتل من أجلها .. معقولة أن حبيبتك ليست معك الأن بسبب تقرير لا أساس له من الصحة . )

( السبب هو إختيارها لجيريمي يافاني ..لايمكنني ان اقاتل من اجل فتاة لم تختر أن تقاتل من أجلي )

قالت في لهجة معاتبة ( عزيزي أليكساندر .. تاماني بلهاء لكنها ليست خائنة ، لقد تم صفع تلك الفتاة واحراقها وإهانتها وخداعها وتهديدها بقتلك داخل السجن ..لم يبقى شيئ لم يحصل لها من طرف سيليستيا لتوافق على تلك الخطوبة التي إنتهت في دقيقتها .. انت الوحيد الذي أرادته تاماني في كل حياتها والوحيد الذي قاتلت من أجله )

نظرت إليها في إستنكار ، وتضاعف غضبي أكثر نحو تلك العائلة ..اللعنة عليهم ، فكرت بطرد تلك الاخت الجشعة ..وفكرت بإنهاء شراكتي معهم ..وفكرت بجعلهم يفلسون .. لا أستطيع التصديق أن تلك العائلة مازالت تتآمر عليا ، وكانه لا يكفي مافعلوه حين كنت فقير ..عجيب أمرهم حتى وأنا غني لا يريدونني مع إبنتهم ..وتلك الأنسة الجريئة تحوم حولي بكل وقاحة

ثم فكرت بها وتلهفت لعناقها وعدم تركها تفلت مني مجددا وشبكت أصابعي متوسلا ( أرجوك أخبريني أين هي ..أرجوكِ )

إبتسمت بلطف ( قالت أنها ستذهب للشخص الوحيد الذي أحبها في الحياة بدون شروط )

قلبي قفز مرة أخرى قبل جسدي ، شعرت أنني غير مقيد .. لم أستطع إهدار ولو دقيقة أخرى هنا بدونها .. أتِ إليك ياحبيبتي

وقفت فاني وهي تربت على بطنها بحب ، راقبتني أصل حتى الباب بدون عقل ، ثم عدت إليها بفرحة هستيريا( لا أعرف كيف أشكركِ )

دفعتني برفق نحو الباب ( إذهب و إجعل تاماني سعيدة مجددا )

طرت إلى كوتسوولدز وذهبت مباشرة لمنزل جدها .. المكان الوحيد الذي لم أبحث فيه لانها اخبرتني ان والدتها باعته .. صعدت درجات السلم الاربعة وطرقت الباب ففتح لوحده

( تاماني ) ناديتها فلم أسمع أي حركة ، صعدت لغرفتها لكنني عجزت عن فتح الباب ، أخشى ان أجدها مستلقية هناك ..نائمة وميتة

أغمضت عيني ودفعت الباب، توقعت ان تكون هنا وتصرخ علي .. ومجددا صمت مميت ، ففتحت عيني لأجد الغرفة فارغة بدون أي دليل أنها كانت هنا ، بحثت في بقية الغرف ثم خرجت وبحثت في الفناء الخلفي

( أين أنتِ ياتاماني؟ )

أين تكون قد ذهبت غير هنا ؟ .. قالت فاني إلى الشخص الوحيد الذي أحبها حب حقيقي بدون شروط

هل يعقل ؟ .. ركضت إلى المقبرة التي لم تكن بعيدة من هناَ .. كانت واسعة جداً ذات أسوار بيضاء وممتلئة بأشجار ذات أغصان طويلة متشابكة ..ومن بعيد لمحت فتاة جالسة بجانب إحدى القبور ، تستند على جذع شجرة .. تقرأ كتاب .. مستغرقة كليا فيه لدرجة أنها لم تشعر بوجودي

إقتربت بخطوات بطيئة .. بين ظلال الأشجار .. رؤيتها سرقت أنفاسي .. اختفى توتر تلك الاشهر الخمسة الطويلة ..وكل جروحي إلتئمت ..حتى القديمة منها ..توقعت أن أجدني غاضبا عليها ..لكن كل ماكان لدي من أجلها هو الحب ..

( أيتها الصفراء ) كان صوتي بهيجا ، مبتسما ، مبالغا فيه لدرجة الإثارة

( حسنا أنتِ لست صفراء الأن )

رفعت وجهها الذي شحب لونه من الصدمة ونظرت لي غير مصدقة ، كان شعرها البني الكثيف يتلألأ حول وجهها .ويغطي جوانبه ، مازال مجدولا وتختبئ فيه بعض الخصلات الذهبية التي بدأت تختفي ، ترتدي قميصا أوسع منها من الواضح أنه لجدها وسروال جينز رمادي قديم شاهب ..وتضع نظارتها الطبية على وجهها الصافي النقي ، تشبه الفتاة الصغيرة التي رأيتها في الصورة مع جدها أكثر من أي وقت مضى

( فاني ماتزال عاجزة عن كتم سر ) دمدمت لنفسها ، إلتصق حاجبيها ببرودة وبسرعة عادت لتنظر الى كتابها ..بدت أنها تحاول إستيعاب وجودي هنا ( ماذا تفعل هنا ؟ )

أجبتها هامسا ( أين قد أكون غير هنا ؟ )

تنهدت ، وأمسكت الكتاب بقوة حتى أنها جعدت حوافه ( إرحل .. هذه منطقتي الخاصة )

فهمت أنها تجلس بجانب قبر جدها فتراجعت خطوتين للخلف ، قرأت الإسم على قبر المرأة بصوت مسموع ( الأن انا في منطقة ليلي جايسون )

فقلبت عينيها متذمرة ( أنت تحجب الشمس عني)

قلت بنغمة ودودة ( أنا هو شمسكِ )

حافظت على إبتسامتي وهي حافظت على تجاهل النظر لي ( هذا كان سابقاً ، أنت أصبحتَ شمس إمراة أخرى الان )

شعرت بوجهي يتقلص ويعبس وصوتي يحترق ذنبا ( أنا أسف ، لكنني كنت مجبورا علـ... )

لم ترد أن تسمع صوتي حتى فقاطعتني بقلة إهتمام ( وفر عليا تبريراتكَ ..فقط إرحل )

ضربت طرفا الكتاب بعنف لتغلقه ،ووقفت تسير مبتعدة عني ، فقلت بإلحاح ( ليس قبل أن تسمعيني )

( قلت لك إرحل ) زادت في سرعتها وحين وصلت للبيت باغتتني وركضت لتغلق الباب من خلفها

( إفتحي الباب .. إفتحي الباب أرجوكِ ) بدأت أطرق بتوق فتجاهلتني كليا ،بقيت أطرق لعشرون دقيقة كاملة

كان لدي إحساس أنها تقف خلف الباب ، فحذرتها بلطف ( أنتِ تعرفين أنني أستطيع أن أكسر الباب ..إفتحي الباب أو كسرته )

فعلا تردد صوتها الغاضب خلفه ( إذهب من هنا .. أو إتصلت بالشرطة) ثم سمعت وقع خطواتها وهي تبتعد

( لماذا ؟ لكي يأخذوني إلى السجن مجددا بسبب شكوة أخرى من آل فيفر )

ثواني حتى فتحت الباب دون رغبتها لتطل به بنصف جسدها فقط ونظرت عينيها البنيتان اللتان صارتا حادتان كالنصل وتحذرني ( أنا لست جزء منهم بعد الأن .. وأنت ستذهب للسجن بسبب تاماني ..فقط تاماني ! إن لم تغادر من منزلي حالا )

لم تلمع عينيها لرؤيتي ، لم تتورد وجنتيها خجلا ..لم تبتسم فرحا ..إنها تنظر بعيون بنية منطفئة ..جامدة الاحاسيس بشكل يؤلم

قالت بهدوء ( عد إلى لندن وعيش حياتك .. ودعني أعيش حياتي )

فقلت محاولا أن أحافظ على هدوئي ( كيف ؟ عبر التواجد في المقبرة طوال اليوم ثم العودة إلى المنزل للنوم على أمل أن لا تستيقظِ في الصباح )

( ماأفعله لم يعد يعنيك بعد الأن ) رأيت المقاومة في عينيها ..كانت سمات القوة والإستقلالية منعكسة في تقاطيع وجهها الآسر ..وصوتها خالي من التردد

إبتسمت وتأملتها بفخر ( أنظري إليكِ ، أنتِ أخيرا صعدت القطار ..لقد تغيرتِ ، شعرك عاد لطبيعته ووجهك يبدو منيرا بدون الألوان ، أنت أصبحت تاماني فقط ..الفتاة التي أحببتهاَ )

والحقيقة أني قد أحببتها في جميع حالاتها

صدح صوتها عاليا وهي تدفعني عن عتبة المنزل ( أجل ..أيضا الفتاة التي خنتها وهجرتها ، لستُ الوحيدة التي تغيرت ..كلانا تغير ، نحن تبادلنا الاماكن ..أنا عدت للريف لاكون فتاة بسيطة ..وأنت الأن في لندن حيث ستكون السيد النبيل ذو الشأن الكبير في المجتمع )

( تعرفين أنني لا أكترث للمظاهر ) حين قلت هذا نظرت لثيابي الفخمة التي جعلتني أبدو تماما مثلما وصفتني للتو .. بدت مذعورة بشكل ما

( إشتقت لكِ ) لمست وجهها فنكرتني بقوة ونفرت مني بحيث سرت قشعريرة في كل انحاء جسدها ..ورمتني بنظرة قاسية جمدتني

وقفت مثل غصن شجرة مائل ..وحذرتني بصوت مكسور( إياك أن تجرؤ ، غادر من منزلي في الحال )

أمسكت بالباب ودفعته بسهولة لأضع قدمي داخل المنزل حتى شهقت ( يالالهول اللايدي هولموود ) بدأت تنظر خلفي فإستدرت بسرعة وجسدي يقشعر و أنفاسي تحتبس داخل حلقي والشيئ الأخير الذي شعرت به عقلي يدوخ والباب يغلق بقوة في وجهي

الماكرة .. نالت مني لثواني

ومالبثت حتى خرجت مجددا مستمتعة بنوبة القلبية التي أهدتني إياها وبدأت تمشي بترنح

( إلى أين ؟) لحقتها وسرت بجانبها ، تجاهلتني واستمرت بالتظاهر أنني غير موجود طوال الطريق ، لم تبتعد كثيرا حيث توقفت عند الصيدلية وإشترت اقراص منومة ودواء الالم

( لا بأس ..أنا سأدفع ) حين قلت هذا جن جنونها فإندفع صوتها الحاد وتغلغل في عروقي لأحس لأول مرة بغضبها الشديد ( إحتفظ بنقودك لنفسك )

ثم عادت لهدوئها الغريب ودفعت للصيدلي الذي أخبرها بنبرة رعناء معجبة ( تاماني ..لا تنسى أن تأتي يوم الجمعة )

وهي أومأت موافقة وغادرت من الصيدلية بعد ان قدمت ابتسامة سريعة للبائع الذي بادلها بغمزة ..فشعرت بموجة من الحرارة تندفع من رأسي ، سألتها بإستعجاب ( لا أصدقكِ ، لماذا كان يغازلك ؟ هل كان ذلك موعدا ؟ )

لم تبدي أي إستجابة ، فقط قالت بلامبالاة ( قلت لك حياتي لم تعد تعنيك ووقتك الذي تضيعه هنا معي إذهب وإستثمره في حياتك الجديدة )

( حياتي تدور حولك فقط .. كيف تجرؤين؟ ) ظهر السخط جليا في وجهي وصوتي

فإبتسمت في محاولة لإستفزازي وقالت بصوت ناعم حريري ( خبر عاجل لك ياأليكساندر .. أنا فتاة عزباء الان )

وحين إقتربنا من منزل جدها توقفت محذرة ( توقف عن اللحاق بي )

قلت وعيناي تتوهجان إشتياقا ( سألحق بك حتى الى الجحيم )

( حتما ستذهب هناك يدا بيد مع سارقة الرجال ) تمتمت بصوت ساخر خفيض ثم فتحت ذراعيها في الهواء بقلة صبر ( ماذا تريد مني ؟ لماذا أتيت ؟ )

( أريد إستعادتك لحياتي ) أخبرتها بنبرة راجية فضحكت لكن بقهر شديد ثم تحول ضحكها لهستيريا وإفراط في التنفس .. راحت تضربني في صدري قائلة بغضب شرس ( تريدني أن أصبح عشيقتك ؟ الجرأة ! )

وأصبحت حمراء جدا وهي تقول بسخرية ( هل مللت من زوجتك بهذه السرعة ؟ مالذي حصل ياأليكساندر ..ألا تحبك بمافيه الكفاية ؟ هل كانت التجاعيد تترهل من جسدها الهرم حين عانقتها ؟ هل سقطت أسنانها الاصطناعية داخل فمك حين قبلتها ؟ )

وقفت مدهوشا لبرهة ثم صرخت مكتفيا (يكفي تاماني ، هل فقدت صوابك ؟ ماذا دهاكِ ؟)

ابعتدت عني وهي تمتم ( إبق بعيدا عني .. لاتلحقني .. عد لحياتك الحقيقية مع زوجتك فيكتوريا و إنسني ) ثم تنهدت ، وإحمرت وجنتيها وركضت مجددا لكنني كنت جاهزا هذه المرة ..وصلت معها بنفس الوقت للباب لكنني لم اكن جاهز لان لتركلني بكل قوتها

وأغلقت الباب مجددا في وجهي فركلته لاشعوريا ( أيتها العنيدة )

قررت الذهاب في جولة.. تجولت على المسار الترابي ، تحت سماء زرقاء صافية ..ورياح دافئة تهب على وجهي ..قادتني في طرقات لا نهاية لها ودفعتني الى منزلي المتواضع .. فوقفت من بعيد ونظرت إليه مثل اللاجئ المشتاق .. شعرت بلهفة الى الدخول اليه .. جلب التفكير بذلك الفرح الى داخلي .. في جميع انحاء تلك المدينة ..لايوجد مكان أرتاح فيه سوى بداخل هذا المنزل ..اشعر بالحب و الدفئ بين جدرانه الاربعة المليئة بالذكريات السعيدة ..

يبست أزهار حديقته فهجرتها العصافير والفراشات ، ونمت الاعشاب الضارة والطحالب لتسيطر على جدرانه المقشرة .. خيم عليه الحزن ..كل نوافذه مغلقة وكان أشعة الشمس لم تعد موضع ترحيب ، ونمت الحشائش في الممر المؤدي إلى الباب الذي صار قاتما .. يسوده سكون مطبق ووحشة كبيرة وكأنه مهجور .. أثارت برودته قشعريرة في أوصالي.. ودمعت عيني ..وكأن روح المنزل حزنت لفراقنا أيضا

" إشتاق لك أعزائك يامنزل .. "

جلست وحيدا بين الأشجار وشردت فيه .. لا أتعرف على منزلي بقدر مالا اتعرف على نفسي وسط هذه الحياة الجديدة

لايمكنني الانسجام مع كل هذه التغيرات .. لاأشعر بالسلام وخائف من انني قد لا أستطيع ابدا ..

جعلت الجميع يستقر في ذلك القصر وبقيت تائها ..من أنا بدونها ؟ لا أشعر بأنني أنتمي لأي مكان هي ليست موجودة فيه ، ذلك القصر ليس منزلا بعد بدونها ..وتلك العائلة ليست سعيدة بدون إكتمال أفرادها

وجدت نفسي أحن إلى الماضي ..إلى الجزء الجميل منه

بقيت هنا حتى بهت لون السماء وبدأت الشمس تختفي .. ثم عدت اليها حين صار الحال مظلماً ، هي لم تترك لي خياراً ..

" سأتسلق أبراجك العالية ياملكتي "

قفزت لجذع هذه الشجرة وقفزت الى الشرفة فرأيتها مستلقية بشكل معكوس على سريرها ، تنام على ظهرها وترفع ساقيها للجدار وتقرأ ذلك الكتاب .. والشباك مغلق لسوء حظي فطرقت على الزجاج

( إفتحي الشباك هيا .. هيا )

وقفت خلف شباك الزجاج مثل تمثال رخامي ..صامتة ومذهولة ..تنظر لي بعيونها البنية ..الواسعة ..العميقة

( مــازلتَ هنا ؟ )

( إفتحي الشباك .. دعينا نتحدث )

زمجرت بغضب ( إذهب إلى الجحيم ! )

قلت بتعطف ( عليك أن تسمحي لي بالدخول ، ليس لدي مكان أخر أنام فيه )

قلبت عينيها بإستهزاء ( أنت غني الان ..فقط إشتري منزلا ) ثم عادت لسريرها وتجاهلتني ، لقد نسيت كم هي مشاكسة

تركتني في الشرفة فنفذ صبري..فطرقت على زجاج الشباك لأسترعي إنتباهها ( هآآي .. أنا عطشان جداً وجائع وتعبان ، أين هي حسن ضيافتكِ؟ )

رفعت يدها بضيق وتذمرت بصوت طفولي رقيق ( ياللهول فقط إرررحلللل )

( ماذا لا أستطيع سماعك ؟؟ ) تظاهرت بان صوتها لا يمر عبر الزجاج

( عد إلى تلك المجعدة قبل أن تتسائل أين انت) رفعت صوتها فقلت وأنا أضع يدي على أذني ( ماذا قلتِ ؟ )

رأيت ملامحها المشاكسة الغيورة وهي تقول بصوت مديد ( هي تنتظر قبلة قبل النوم وعناق دافئ ..لا تجعلها تنتظرك أكثر )

( بحقك تاماني ..على الأقل أعطني كأس ماء )

لاحظت أثار الإرهاق في وجهي فنهضت وخرجت من الغرفة ، نزلت بسرعة وريثما فتحت الباب لتضع لي كاس الماء أمسكتها ودخلت المنزل وهذه المرة حين أغلق الباب أنا كنت في الداخل

راح قلبها يتخبط بشراسة خلف صدرها ..وتجمدت في موجة ذعر .. نظرت إلى ملامح وجهي محاولة ان تستوعب انني حقيقي

( تركتني أنتظرك في الخارج طوال اليوم .. أي نوع من الحبيبات أنتِ ؟ )

أدركت أنني أضغط بقوة على معصمها فخففت من قبضتي ورفعت يدها لأرى ندبة الحريق ..فتكمش قلبي حزنا ..كان جلدها محترقا ومليئا بفقاعات تبدو مؤلمة ،شعرت بحاجة ماسة لأعانقها وأخفيها للأبد بين ذراعاي ..حيث لن تطالها إساءات أل فيفر مجددا

مسحت فوقه بحنان وقلت بغضب ( كيف تجرؤ أن تؤذيك هكذا؟ لقد أحرقتك )

توهج وجهها بالألم فسحبت يدها بحدة وقالت بصوت مكسور( ليس بقدر ماأحرقتني أنت )

أعطتني كأس الماء وتراجعت لتقف أمام الباب منتظرة خروجي ..لاحظت شحوب وجهها ..وفقدانها لوزن كبير ..تبدو مرهقة جدا و منهكة .. تقف بشكل مائل ..تتنفس بشكل خاطئ .. هناك شيئ خاطئ بشأنها ..

حين قمت بإمالة رأسي مثلها محتارا هي صاحت في وجهي ثائرة ( أنت تتعدى حدودك ..سأتصل بالشرطة الأن )

التفت اصابعي حول الهاتف بقوة واعطيتها إياه متحديا ( هيا إتصلي ..سأذهب للسجن وسأخرج في اليوم التالي ، ثم ساعود حتى هنا ..لن تتخلصي مني بهذه السهولة .. أنتِ أدخلتني لحياتك وعليك أن تتحملي نتائج فعلتك هذه )

عيناي كانتا تتوسلان اليها لتنهي معاناتي .. بينما ضاقت عينيها غضبا ( لو تعرف كم أنا نادمة على اليوم الذي رأيتك فيه )

جمدني كلامها فغمغت ( لاتقولي كلاما أنتِ لا تعنينه )

جعلتها تجلس على الكنبة .. وأنا جلست على المائدة لأقابلها ، هي لا تنظر لي حتى .. لكن الاقل ستسمع ماسأقوله

تمعنت وجهها الجميل للحظات ، عينيها البنيتان فقط تذيبان قلبي ..تنهدت من كثرة إشتياقي ( ألا تقرأين الجرائد ؟ ولديك تلفاز ..لماذا لا تشاهدين الاخبار ؟ )

تصلب جسدها من لمسة يدي فقالت بنفاذ صبر ( إنتقل مباشرة لوجهة نظرك )

( فيكتوريا ماتت )

فتحت فمها مصدومة وسرعان ماتجاهلت الامر قائلة بإزدراء وهي تضع يدها على صدرها بمأساوية وكانها في احدى سيناريوهاتها الكلاسيكية ( أنا أقدم لك التعازي الحارة ، يمكنك المغادرة الان )

أردفت ببرودة ( هذا ليس كل شيئ ، زواجنا كان على الورق ، كنت مازلت في السجن حين ماتت )

فوقفت بسرعة فائقة ، تحولت نظرتها الساخرة لإشمئزاز وإرتعش جسدها قرفا ( لا أريد ان أعرف شيئا ..تلك هي حياتكِ الخاصة )

( وأنت أهم جزء من حياتي ..فإجلسي وإسمعيني إلى الاخير ، أنا لم أخنكِ قط .. لقد إنتظرتك أن تأتي لي ، كنت واثقا أنني مختار في قلبكِ ، كنت واثقا بحبك لي .. ثم رأيت صورتك في الجريدة وعنوان كبير يعلن عن خطوبتك من جيريمي )

قامت ببضعة خطوات الى الوراء ..فإصطدمت بالطاولة وكأنها نسيت وجودها هناك ..

إحمر وجهها بقوة ، وإنفجرت كل مشاعرها المكبوتة من ألام وخيبة ( أنت ليس لديك أي فكرة ياأليكساندر فلا تجرؤ أن تلمني ، أنت تزوجت بفيكتوريا هولموود ، هي أخبرتني بذلك شخصيا ، هل ستنكر ذلك ؟ )

قلت عابسا وغير راضيا عن نفسي ( نعم تزوجها ..لكن بعد أن فقدت أملي بأن تعودي لي ، لقد إنتظرتك حتى بعد خطوبتكِ ..ظننتك ستعودين لرشدك وترجعي لي ، لم أتلقى حتى رسالة منكِ ياتاماني ، ظننتك إخترت جيريمي ولولا زيارة فاني اليوم لبقيت على ظني )

قالت وهي تشعر بالدهشة ( مالذي تقوله الأن ؟ كنت في طريقي إليكِ .. لكنك كنت متزوجا بالفعل من فيكتوريا .. لقد خنتني يا أليكساندر ..أنا التي أحببتك أكثر من أي شيئ )

مررت يدي عبر خصلاتها الجميلة مشتاقا لملمسهما الناعم ( لم أخنك ..فيكتوريا كذبت عليكِ ، أنا لم أتزوجها ذلك اليوم .. كان عليك ان تأتي لي )

سماعها لإسم فيكتوريا على لساني زادها غليانا فإبتسمت بقهر ( حتى لو كان الامر كذلك .. أنت تزوجها في مطلق الاحوال ، بعد أن وعدتني بأن تبقي معي للابد ..والهجران خيانة .. أنت خنتني في الاخير )

شلتني نظرتها الخائبة الخالية من تصديقها لي ..فشرحت ببطئ( أختي كانت تموت ، كان عليا ان أفعل شيئا لأنقذها .. تزوجت فيكتوريا بشرط ان تدفع تكاليف عملية أختي )

إنبعثت منها نظرة غاضبة عبر عينين بريئتين ( هذا هو قصدي ياسيد .. أنت تزوجت فيكتوريا ولا اكترث ماكان السبب ، أنت تزوجتها ..ولو لم تمت لكنت معها الان .. )

كانت تلتقط أنفاسها وتتحدث في آن واحد ( هل تعرف كم هو مؤلم رؤيتك الان .. لم يجدر بك أن تأتي ، ماكنزي بصحة وعافية .. وعائلتك مستقرة ..ليس لديك سبب لكي لا تمضي بحياتك بسعادة .. إرحل رجاءا)

( أي سعادة بدونك؟ ..كلانا تم خداعه ..كلانا إحترق قلبه ..كلانا مررنا بتجربة صعبة ، أرجوكِ .. )

إستندت بيدها على المنضدة وسألتني وهي على وشك البكاء ( لو أتيت إليك ذلك اليوم .. هل كنت سترفض الزواج من فيكتوريا ؟ )

قبل ان أجيبها هي قالت ( طبعا لا .. حين وقعت على عقد الزواج ذلك حكمت على إنتهاء الحب الذي كان يجمعنا .. أنت قتلت حبنا ، وأنا لن اكون غبية لأعود إليك مجددا كخيار ثاني .. لا أشعر بأي شيئ إتجاهك الأن )

همست مستنكرا ( لا تكذبي )

تلاشى صوتها فهمست بضعف ( لم أعد أحتاجك .. جدي حررني منكم جميعا )

وضعت يدي حول خصرها وسحبتها لصدري بتملك بدون أن أترك لها مجالا للمقاومة ( كل ملكة تحتاج لملكها )

إحتويتها لصدري بقوة ..هذا العناق الذي كنت أتوق إليه منذ خمسة أشهر ..والذي كان قصيرا ..وجامدا وإنتهى بشكل مفاجئ بصراخها متألمة ، وسقوطها على الكنبة .. حاولت أن تقف مجددا لكنها لم تستطع ، ورفعت وجهها لي بذعر لأنني شهدت على هذه اللقطة

إكتفت بإمساك ظهرها بعذاب .. بدى الألم على وجهها بشكل لا يطاق ..فشعرت بجسدي يتهاوى أمامها من وقع الصدمة ..وقد شل الرعب حركتي وسألتها بعدم تصديق ( أنتِ كنتِ المتبرعة ؟ )

إلتقطت أنفاسها بصعوبة وهمست ( إذهب يا ياأليكساندر .. وجودك يؤذيني )

أحضرت لها كأس ماء فشربته كليا مع حبوب الالم ،قمت برفع قميصها فتأكدت من وجود الندبة وشكلها كان مخيفا وكأن الجرح فتح عدة مرات ولونه شديد الإحمرار

صار وجهها متوترا ( أنا بخير ..إبتعد عني )

سألتها مستفسرا ( لماذا أخبروني أن المتبرع كان شابا توفي في حادث .. لماذا أخفيت الامر عني ؟ )

أغمضت عينيها بإرهاق وأسندت ظهرها على الكنبة ( لقد وعدت نفسي أن أساعدها بأي طريقة كانت و لم أتردد لثانية .. )

ماتزال تتألم .. شفتيها جافتان على غير العادة ،وجلدها بارد وشاحب .. قطبت جبينها وهي تبتلع ريقها بصعوبة ..ذلك جعلني أذعر .. مجددا نفس الذعر يستقر في حلقي ..لايعقل أن أمر من نفس الطريق مرة اخرى .. أرجوك ياإلهي لا تمتحني بهذا المرض مجددا

( يفترض أنك شفيت الأن ، ماسبب الألام ؟ ) سألتها فأدارت وجهها للجانب الاخر من الصالة وهي تكافح أنفاسها المتقطعة ( أنا بخير .. إذهب أليكساندر .. إذهب ودعني أعيش في سلام )

بقينا صامتان لمدة نصف ساعة كاملة .. أنظر إليها بحب غير محدود ، كأولويتي ، ككنزي ، كنصفي الأخر ، كبطلتي ، كملاذي ، كمعجزتي ، كحاضري ومستقبلي ..وأرى عيناها اللتان كانتا تنظران لي كأنني كل شيئ بالنسبة لها تم إستبدالهما لنظرات خيبة وخذلان

حين لم تستطع مقاومة اثار النعاس قامت لتصعد درجات السلم نحو غرفتها ( أغلق الباب حين تغادر )

لم تلبث تصل لمنتصف السلم حتى لفيت ذراعي برفق حول ظهرها وحملتها ..في الوقت الذي سمعت فيه صوت طائرة فيكتوريا الخاصة ..

قلت مازحا بودية ( لطالما أردتني أن اخطفك ..هذا يوم سعدك )

بدت متضايقة لكنها غفت في ثواني مماجعلني أتسائل كم من قرص منوم أخذت

في المستشفى إنتظرت فحص الطبيب وعرفت أن الامر ليس جيد حين خرج إلى الرواق وأخبرني بأنها تجاهلت فترة النقاهة وان غرز الخياطة تمزقت لاكثر من مرة .. والجرح التهب .. هي تعاني من ألم مستمر وإن كليتها الاخرى معرضة للإنهيار وإن بقيت تتجاهل نفسها يمكن ان تسوء حالتها أكثر

دخلت وجلست بجانبها ، ربت على شعرها بهدوء لتشعر بالأمان ( كان يمكن أن تموتي )

فإبتسمت بسلام ( تلك أمنيتي الجديدة ، لايسعني الإنتظار حتى يتم لم شملي مع جدي )

همست ( لا تقولي كذلك .. أنا مدين لك بحياة أختي )

إلتمعت عينيها بإستفزاز ( لم أفعلها من أجلك )

( انقذت حياة أختي ، ثم خاطرت بحياتك بتجاهل فترة النقاهة ؟ -ماذا لو حدث لك شيئ ؟ ماذا كنت سأفعل بدونكِ ؟)

نظرت للسقف وهي ترفع حاجبيها بعدم مبالاة( لا أكترث .. )

( توقفي عن إدعاء أنك لا تكترثين لامري ، توقفي عن الكذب لأنك تحبيني وتكترثين
لأمري ) مررت أناملي على وجنتها فبدأت تبكي وأنا إستسلمت لتلك الدموع وعانقتها لصدري بإشتياق ( أنا أسف ياحبيبتي ..أسف لماجعلتك تمرين به )

فأبعدتني عنها بضعف ( لقد وثقت بك وسمحت لك أن ترفعني عاليا في السماء وأنت تركتني أسقط ، لن أسامحك أبدا على هجرانك لي .. خذني للمنزل من فضلك )

( حسنا ) ظنت أنني سأعيدها إلى كوتسوولدز حتى وجدت نفسهاَ في هامبستيد

( ماذا أفعل هنا ؟ ) كشرت عن أسنانها حيث تملكتها نوبة الغضب مجدداً ( قلت لك خذني إلى منزلي )

( فعلت ..هذا هو منزلكِ) أشرت للفيلا فرأت أمي من خلال زجاج النوافذ وإحمرت خجلا وإرتبكت

( آه ياربي هذا محرج جدا ..كيف أبدو ؟ ) امتزج غصبها بنبرة متذمرة طفولية ..ودارت حول نفسها ، تأملتها بصمت للحظات ساحرة بعد خمسة أشهر وعشرون يوم من رؤيتها في مخيلتي .. إعترفت بشغف (مثل حلم أصبح حقيقة )

لثواني كانت نظرات الإشتياق التي تتلاقاها مني تماثل التي ترسلها لي ، لكن سرعان ماضاقت عينيها حين حملتها غصبا عنها وأدخلتها ، وصراخها جمع امي واختي في الردهة

( أنزلني ) طالبتني وهي تركل بقدميها وبمجرد أن وضعتها على قدميها حتى وجدت ماكنزي تعانقها ( أخيرا أتيتِ )

( ماكنزي .. أنتِ بخير ؟ ) بدات ترفع من اكمام سترة جدها الطويلة لترتبها ..ثم رتبت شعرها

قالت أختي بإبتسامة مرحة نادرة ( أجل .. من كان ليصدق )

مسدت وجنتها بلطف ، وأخبرتهما ( طالما تشوقت لشكر من تبرع لكِ ، وهاهي تقف أمامكِ .. بفضل هذه الملاك الجميلة )

يمكنني أن اقول من الطريقة التي دحرجت فيها عينيها لي أنها أرادت أن تصرخ عاليا لكن خجلها منعها أمام أمي

( يا عزيزتـي ..نحن جميعا مدينين لك بحياة ماكنزي .. شكرا لك ياإبنتي ..) أخذتها أمي في أحضانها وعانقتها مثل إبنة عزيزة .. وراحت تفرك على ظهرها بحنان أمومي فهدأت كليا وبادلتها العناق بلهفة وغرقت في حنانها

لكنها حالما وقعت عينيها بعيني بدت أنها رأت كابوسها يقف أمامها فإنتزعت نفسها بصعوبة من حضن أمي لتقول بتهذيب ( سررت أنكم بخير .. يجب أن أعود للمنزل الان )

مشت خارج الفيلا فأمسكتها من يدها ، وتمتمت بحزم ( هذا هو منزلكِ )

( منزلي في كوتسوولدز ) حاولت ان تسحب يدها فإنتهى بها الامر قريبة أكثر وقلت بهدوء ( منزلكِ أينما أكون هنا )

ثم تركتها حين شعرت أن الألم يعتصرها ..رأيتها تترنح و تفقد توازنها حيث إستندت على الجدار فحملتها بشيئ من التملك بين ذراعي و أخذتها لجناحي الخاص ..

دخلت لغرفتي وجعلتها تستلقي على سريري فقالت غير مصدقة ( كيف تجرأ أن تحضرني لغرفتكَ التي شاركتها مع فيكتوريا )

إبتسمت ووضعت خلف ظهرها وسادة وثيرة ( أنا أشاركها معكِ أنتِ فقط ..أوضحت لكِ أن زواجي مع فيكتوريا كان على الورق فقط )

قالت بغيظ ( أنت بغيض ! .. ماذا لو لم تمت ، أشك أنه كان سيستمر على الورق فقط )

نزعت سترتي وجلست بجانبها ، راودني إغراء شديد أن أقبلها..لكنني إكتفيت بشد أنفها بمرح ( لا داعي لتغاري من إمرأة ميتة ..دعينا لا نتحدث عن الاموات )

لمعت عينيها ببريق ماكر وكأنها وجدت ظالتها فأسرعت لتقول( بالحديث عن الاموات ..شبح فيكتوريا ذاك ...)

صمتت حين دخلت أمي ومعها صينية الاكل ورافقتها ماكنزي التي بدت قلقة بعض الشيئ عليها

( أنا سأطعمهاَ ) أخذت الملعقة وقربتها من فمها ،فأشعلت عينيها نحوي لأتراجع ( هذا الحساء من صنع يد أمي ) أبت أن تفتح فمها حيث عضت شفتيها بقوة

( إنه لذيذ ) رحت ألعب بالملعقة امام شفتيها فخجلت من والدتي ولذلك فتحت أخيرا فمها واكلت ثم قالت منبهرة ( إنه حقا لذيذ )

نزعت مني الملعقة بضيق وحمقلت بي مثل قطة شرسة إقترب أحدهم من طعامها ، لطالما كنت في كفة والطعام في كفة أخرى ..

تركتها على راحتها وأخبرت أمي وماكنزي بمأساوية متعمدة ( تاماني تقيم بمفردها في منزل جدها في كوتسوولدز )

سرعان مارق قلب أمي فسألتها بقلق ( ماذا تفعل شابة جميلة مثلك في منزل بعيد بمفردها ؟)

رفعت نظرها نحو أمي حيث لمعت عينيها بلطف ( لست بمفردي ..أنا مع جميع ذكرياتي السعيدة ، إنه ليس مجرد منزل ..إنه حضن دافئ )

ورفعت وجهها لماكنزي كي توافق على كلامها ، لكن أختي التي ظلت لخمسة أشهر تلمح لي بطرق غير مباشرة عن إختفائها قالت بحسم ( هذا منزل دافئ أيضا يمكنك أن تقيمي هنا معنا..منزلنا يحتوي دوما على مكان لك تاماني )

تصنعت الحزن والعتاب في صوتي ( هذا ماقلته لها ..لكنها رفضت بحجة أنها لن تقيم في منزل شاب أعزب )

فإرتفع أحد حاجبيها بنكران ( لم أقل ذلك)

إلتوت شفتاي بإبتسامة عريضة ( إذن إتفقنا ..غرفتك جاهزة أساسا )

لم تتوقع ذلك ..رمقتني بنظرة الجراءة خاصتها ، وكانت سترفض لكنها نظرت لأمي التي قالت
لها ( ياإبنتي لا يجب أن تقلقي من أليكساندر فهو غارق في العمل طوال النهار ، وأنتِ ستبقين معي انا وماكنزي .. وأنا لن أقبل بلاَ )

( حسناً ) لقد وافقت خجلا من امي ..لكنني أقنعت نفسي .. وافقت لانها في أعماق قلبها لا تستطيع الإبتعاد عني .. أتمنى أن تكون حقا كذلك .




التعديل الأخير تم بواسطة اوديفالا ; 16-04-21 الساعة 01:01 AM
اوديفالا غير متواجد حالياً  
التوقيع
“I stretch truths where I see fit. I’m a writer”
رد مع اقتباس
قديم 26-04-21, 11:36 PM   #58

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل 38 《تاماني》

أنا مــازلت غـــاضبة

يمكنه أن يحضرني إلى منزله ..ويعطيني غرفة .. ويبتسم معي تلك الإبتسامة التي تدوخني ، لكنه لن يستطيع محو الألم في قلبي ، لا يستطيع أن يعيد الأيام وأن لا يتزوجها

إستيقظت في الصباح الباكر وأنا أشعر بتحسن فقررت أنه حان وقت المغادرة، لكني لا أجد باب الخروج بعد محاولتين فاشلتين وقفت أمام الباب الثالث و فتحته بكل ثقة فأصبحت وجها لوجه مع صدره المبلل ، وماكان مني أن أتحرك من خجلي حتى وضع يده تحت ذقني ورفع وجهي لأنظر إلى عيناه السوادوين اللتان أثارتا إضطراب قلبي ..قال بسرور ( صباح الخيـر )

( ماذا تفعل ؟ ) إرتفع صوتي عاليا بدون أن أتحكم به ..كل فكرة في عقلي طارت في إتجاه ..عجزت عن التحرك وصرت أسد طريقه وأحتجزه داخل الحمام .. بل كنت أنجذب بجسدي إليه مثلما الأرض تنجذب إلى الشمـس

قال بصوت منخفض ناعس ( كنت أستحم ) قطرات الماء التي تطايرت من شعره الاسود لتتناثر على وجهي جعلتني أدرك كم أصبحت قريبة منه فأجبرت نفسي على التراجع فورا ..لكن جسدي تجمد ولم يستطع أن يقرر إلى أي إتجاه ، مما جعله يتولى السيطرة على الموقف ، لف أصابعه حول رصغي وقادني نحو تلك الغرفة مجددا

وما إن أصبحنا بالداخل حتى سألني وهو يضع يده برفق فوق مكان جراحتي (كيف حالكِ اليوم ؟)

( لن أتحدث إليك وأنت نصف عاري ) صرخت غاضبة وحاولت إستجماع أفكاري المبعثرة بسرعة بينما أغمضت عيني بيدي وأنا أستدير للجـدار فسمعته يقهقه و يتظاهر بالإندهاش ( ياإلهي تاماني هل أنتِ راهبة ؟ )

لا أصدق هذا

( هل أنتِ ذاهبة لمكان ؟ ) إقترب مني ببطئ ليديرني إليه ، ففتحت نصف عيني بحذر أولا..ثم فتحتهما على إتساع لأرى الرجل الذي خلق ليسلب عقلي في أبهى حلى بهذه البدلة الأنيقة ، أصبح جنتلمان شكلا ومضمونا ولحيته صارت كثيفة وأضافت عليه سحرا فضيعا بحيث تلهفت لأغلغل أناملها فيها

لكنني حاربت اللهفة وحذرته ( إرفع يدك عني )

مِن مَن أطلب .. شدني من ذراعي وقربني من صدره ذو الرائحة الجميلة ، وتأمل وجهي بشيئ من التسلية ( هل تريدين الهرب مني ؟ )

أبعدت يده عن ذراعي وإحتفظت ببرودتي المستفز ( تلك كانت الخطة ..لكنني لا أستطيع إيجاد الباب للأسف )

حرك وجهه بتنهيدة عميقة ( لابأس ..لقد كنت أضيع في منزلك أيضاً ، لكنني لا أتذكر أني كنت أريد الهربْ)

تراجع بضعة خطوات نحو طاولة التزيين فقلت بصوت العقل ( أليكساندر ، دعني أذهب بسلام ، دعنا لا نزعج بعضنا البعض أكثر من هذا ) أشعر بعدم الإرتياح ، أحس بوجود كتلة ثقيلة داخل قلبي لتواجدي هنا

هز كتفيه قائلا بنبرة مرحة ( أنتِ لا تزعجينني على الإطلاق) وضحك ، وكم كانت ضحكته ساحرة

شعرت بالإنزعاج لأنه يحدق إلى نفسه في نفس المرآة التي كانت فيكتوريا تنظر إليها ، إجتاحني إحساس بغيرة غبية لم إستطع السيطرة عليه .. أمسكت أقرب شيئ كان أمامي .. وسادة ، ورميتها على ظهره ، إلا أن الوسادة إنحرفت وسقطت قبل وصولها على الأرض

إشتدت أعصابي أكثر حين رأيت التسلية على محياه لاني لم أصبه فتذمرت ( لكنك تزعجني .. أريد العودة إلى منزلي )

كان يحاول لف ربطة عنقه التي لم يتقنها ولذلك ظل يعيدها مراراً وهنا تمتمت تحت أنفاسي (ماذا أفعل في غرفتك على كل حال ؟ )

وكأن خطوتي الصغيرة نحو الباب أعادته من شروده فجاء ليقف قبالتي، بإستقامة ، وشيئ من التغطرس ( النجدة ! )

شردت حين ومضت بداخلي ذاكرة قديمة ..حين تبعني لذلك الوكـر القذر ..ووقف أمامي هكذا بجسده الصلب الرفيع مثل المقاتل.. كان أول رجل يدافع عني من بعد جدي ..وكم أحسست بالأمان بين ذراعيه رغم أنه كان غريبا عني ، والان أنظر إليه يقف بجانبي ولا أرى أثرا لذلك الشاب البسيط ، حتى نظراته تغيرت ، أصبحت حادة وجامدة ، و الصرامة تكسو وجهه ..

بدأت بتعديلها و ربطتها حتى لم يستطع التنفس وشعر بالإختناق ليسألني ( هل هكذا تشعرين بداخلك إتجاهي ؟ )

( أنا لا أشعر بشيئ نحوكَ ) رفعت وجهي بكبرياء ورمقته بكل برودة تماما مثل الأيام الاولى اينما كنت أتظاهر أنني إبنة ال فيفر المتغطرسة وكنت أعامله بقسوة .. كنت بغيضة جدا معه ، وعلى غرار تلك الايام اينما كان يأخذ كلامي على محمل المزاح ويكتفي بمناداتي ميمي .. لقد إستفز حتى قتم وجهه اليوم .. أخذ إعترافي بجدية أكثر من اللازم

فأمسكني بحدة على غفلة ورفعني لأقف على اصابعي قدمي ( على من تزيفين الحقيقة ؟ ..أنتِ تعشقينني ) قال بنبرة واثقة ، ومتملكة ، شعرت بيديه الدافئتين فوق خصري ..ونزلت عيناه لشفتاي ..شعرت أني غرقت داخل بركان ثائر ..تضاعفت نبضات قلبي حين أحنى وجهه حتى صارت أنفاسه تلفح وجهي وتحرك خصلات شعري .. ثم جمدت مكاني مثلما تتجمد الحمم حين رأيت شفتيه تلتويان بإبتسامة متهكمة ليتركني بهدوء ( لماذا لا تسامحينني فحسب ؟ )

قلت قصد إستفزازه " لماذا لا تدعني أذهب فحسب ؟ "

ظهر عليه الضيق من إصراري فسألني في حيرة " لماذا أنتِ قاسية هكذا معي ؟ "

تنهدت بهدوء " لماذا لا تريني باب الخروج وأنا سأتكفل بالباقي ؟ "

تأملني لثواني مبتسما ، وإرتفع حاجبه بثقة عمياء " لماذا تهربين مني وكأنكِ تستطعين العيش بدوني ؟"

وضعت يدي فوق خصري بتعجب ، وأفلتت مني نصف ضحكة ساخرة " آه يا عزيزي أليكساندر .. هل تعرف ماذا كنت افعل طوال الخمس اشهر الماضية ؟ العيش بدونك "

غدت عيناه قاتمتين حيث إختفى بريقهما وكأن سحابة سوداء خيمت فوقهما، عبس ونظر بعيدا عني ( صحيح أنني إفتقدت مشاكستك الحلوة لكن دعينا نتوقف هنا حسنا ؟ )

( حسناااا ) قلت بصوت عال و خرجت من غرفته حين سمعت وقع خطوات ..فعلا رأيت سيلفيا تدخل من باب خفي كجزء من الجدار ..لم أكن سأكتشفه أبدا .. عجوزة الجحـيم حتما خططت لهذا لكي لا يستطيع الهروب منها .

كم يصعب حقا الهروب من هذه الفيلا الكبيرة ..جدارنها شاهقة مثل القصور ومنحوتة بشكل جميل ..تزينها أغلى اللوحات الفنية التي إشترتها في المزاد بثمن باهض ..يمكنني أن أميز واحدة أهدتها إياها عائلتي ، كلفتهم ثروة .. و مرايا مزخرفة لم أرى لها مثيل من قبل ، وسقفها ترفعه أعمدة بيضاء فخمة ..تتدلى منه أنواع مختلفة من الثرايا المرصعة بالكريستال والبلورات .. كانت فيكتوريا مهووسة بجمع القطع النادرة .. و أليكساندر كان قطعتها الأخيرة ..

فكرت بحزن أنه حصل على كل هذا ..والثمن كان حطام قلبي

نزلت درجات السلالم الطويلة أتأمل بقية التحف كأنني داخل متحف حتى وصلت الى غرفة المعيشة الواسعة ..ثم افقت من شرودي على كلمات هزت كياني

" تعالي تاماني"

خرجت مني شهقة رعب حين سمعت هذه الكلمات المألوفة، التي يليها دائما توبيخ أو إهانة أو عقاب

كانت إيرين جالسة في أريكة ملكية فاخرة بيضاء ..ذات تطاريز ذهبية ، تحمل فنجان قهوة في يدها ، تجمع شعرها البني الذي تتخلله خصلة بيضاء للخلف وترتدي فستانا ربيعيا يخفي جسدها النحيل .. تقدمت مستجيبة لندائها ..ثم تسمرت أمام المائدة الزجاجية ..هلعت .. كل مارأيته في الحقيقة هو اللايدي سيليستيا ، تجلس مثل عارضة أزياء ، بأبهة حلة وكأنها على وشك القيام بجلسة تصوير وبيدها فنجان قهوة فاخر ، مستعدة لتهينني وتعاقبني بدون سبب .. غمرتني أحاسيس سلبية مروعة بداخلي ..شعرت بالألم مدفوعا في قلبي .. وأدركت أنني لم أشفى بعد من والدتي ..

" إجلسي بجانبي "

تقدمت بخطوات متوترة ويدي تفرك خدي .. مازلت أتذكر ألم كل صفعة .. وكل إهانة ..وكل نظرة قاسية

جلست بجانب إيرين عاجزة أن أرفع عيناي لها ..شددت كم قميصي لأخفي يدي المحترقة ، فإذا بها تضع فنجان القهوة فوق المائدة وإلتفتت بجسدها لي .. إنقبض قلبي خوفا مما ستقوله ..لكنها أحاطت وجهي بكفيها ..بحنان ورفق ..ورددت بصوت أمومي

" إبنتي "

رفعت عيني لوجهها الذي كان مثاليا بالحنان والعطف فشهقت باكية ..وبدأت دموعي تجري مثل النهر

( أسفة ) همست بصوت منكسر فأخذتني بين أحضانها وغمرتني في حنانها الأمومي

تحدثت بصعوبة بين شهقاتي اللاإرادية ( أسفة جدا .. أتأثر حين تنادينني بإبنتكِ .. أنتِ الوحيدة التي تعنينها من صميم قلبكِ . )

راحت تمسح دموعي وتقول بصوت رقيق عطوف ( أنتِ عزيزة جدا على قلبي ..أنتِ واحدة من أولادي وأنا أحبك كثيرا ياإبنتي العزيزة )

أفلتت مني شهقة أخرى ممتزجة بإبتسامة ، وأنا أهز وجهي بإمتنان .. هذه ايرين الطيبة وليست والدتي .. هي لا تحنط نفسها بمجوهرات من الألماس والذهب ..ولا ترتدي ملابس فخمة مصممة لها خصيصا ..ولا تمانع أن تلمسني بيديها الحنونتان وتشعرني أنني محبوبة

قالت بحنان ( بغض النظر عن علاقتك مع أليكساندر ، أنتِ جزء من عائلتي .. حتى تستطعين مناداتي أمي ..سأكون سعيدة جدا إن فعلتِ )

أردفت وهي تمرر اناملها على خدي برفق وكأنها أحست بألمي ( لا تبكي ..في هذا المنزل لايوجد سوى الفرح ..أخبريني ..هل تشربين القهوة أو تريدين شيئ أخر ؟ )

همست ( قهوة من فضلك ) وأحسست بشعور دافئ بداخي حين رأيت مزهرية أزهار اللافيندر فوق الطاولة ، إيرين لن تنسى أبدا زوجها الراحل وأب أولادها وسيظل اللافيندر يعبر عن حبها الحقيقي ، وستبقى تتذكره حتى يلم شملها به ، لكنني مسرورة أنها وجدت صديقا قريبا من الروح مثل كورتيس لتأنس به ومعه

راحت تفرغ لي قهوة تنبعث منها رائحة لذيذة في اللحظة التي رأيت أليكساندر ينزل برفقة أرون .. يتصارعان ويتلاكمان بشكل طريف لينتهى الامر بأرون مقيدا تحت ذراعه .. راح أليكساندر يعبث بشعره وأرون يحاول أن يتملص منه ..أرى إنعكاس تدليله لاخيه الصغير من خلال تعابير وجهه البشوشة و صوت ضحكاته العالية النابضة بالحياة تغمر أيا كان بالطاقة الإيجابية.. أرون مرتاح جدا وسعيد ..ومستـقر

وقفا بجانب بعض فتذكرت كم هما متشابهان، في الواقع أرون نضج كثيرا على أخر مرة رأيته فيها ، كأنه إزداد طولا ، وصار شعره كثيفا جدا وبدأت لحيته بالنمو ، إنه تقريبا رجل .. لكننا نملك إيحاءا يجعلنا نراه مجرد فتى لطالما أخوه الكبير بجانبه يقوم بتدليله ومعاملته وكأنه مايزال طفلا .. كم هو متعلق بأليكساندر حيث سعادته وإستقراره يعتمدان على تواجده بالقرب

إقترب بخفة ونشاط ليضم أمه بينما دحرج الاخر عيناه نحوي برغبة مشابهة ..إرتجفت بمجرد أن تخيلته يلف ذراعيه حولي ، كنت أتوق في السابق لحضنه ..وأخشى أنني مـازلت .. فاجئني ارون بعناق سريع لم أتوقعه ثم تمنى لنا يوما جيدا وغادر مسرعا بحيوية

( قد بأمان ياعزيزي ) أوصته ايرين ثواني قبل ان يخرج

( حان وقت مغادرتي أيضا ) فتحت ايرين ذراعيها لتودع إبنها الكبير بعناق سريع .. إلتفت بوجهه لي ليؤكد شكوكي .. لقد تفاجأت بالأمس بمايمكن أن يفعله بي عناق صغير منه .. تفاجأت لأنه مازال يملك قوة عليا .. تفاجأت من رغبتي الجامحة بالإنجراف بين ذراعه مرة أخرى حين رأيته أمس في المقبرة

لأخذ إحتياطاتي تراجعت وانا اشبك ذراعي مشكلة درع على نفسي ..وصرفت إنتباهي بعيدا عنه ، رحت أتأمل أشعة الشمس تلمع عبر النوافذ الزجاجية .. ولمسة إيرين تتجلى في كل زوايا الفيلا ..جعلتني أشعر أنني في منزلها القديم .. غرفة المعيشة صارت دافئة ، وجدرانها البيضاء المنحوتة صارت مشرقة ..ومزهريات الورود في الرفوف ..وديلاء النباتات متواجدة في الزوايا ..

لم يعد مجرد قصر فخم .. إنه منزل لطـيف

توقفت عن التأمل حين رأيته عبر النافذة يغادر بسيارة الرولز الفخمة ..وتنهدت بداخلي ..إعتدت أن أكون أغلى مايملكه ..الان أين هو مكاني وسط كل هذا الترف ومواعده المهمة ، أخشى أنني لم أعد أحتل الأولوية في حياته..لم أعد فكرته الأولى حين يستيقظ وفكرته الأخيرة قبل أن ينام ومابينهما ..لم أعد الأقرب إلى روحه .. لم أعد المختارة في قلبه

نزلت ماكنزي السلم برشاقة وهي تتخطى الدرجات، فراقبتها تقترب بخطوات ثابتة متوازنة ، وكم فرحت لرؤيتها قد تحسنت جدا ..إختفت الهالات السوداء تحت عينيها ، واكتسب وزنها الضائع ..ووجها إستعاد جماله .. لقد إكتملت .

( صباح الخير ) لكن صوتها مايزال كما هو ..جاد جدا .. ناضج جدا .. تبدو كأنها تعرف كل أسرار هذا العالم

جلست بجانبي حيث أراحت وجهها على كتفي وعانقت ذراعي ..إرتفعت أهدابها الكثيفة لي بقلق ( هل تشعرين بتحسن ؟ )

شعرت انها تحس بالذنب فطمأنتها بصوت خافت ( أنا بخير ..لا داعي للقلق )

بدت أنها مترددة في تصديقي ، لكنها لم تجادل وإقترحت ( حسنا ..هلا خرجنا للحديقة لنتمشى قليلا ؟ )

وافقت على الفور فأمسكت يدي لتأخذني إلى حديقة مشمسة مليئة بألوان وأنواع من الورود والأزهار ..وأصص مختلفة من النباتات الجميلة .. وشجيرات مشذبة بطريقة أنيقة جدا .. أما الأشجار العالية كانت مرصوفة امام الجدار الحجري كحصن منيع .. أخذت نفسا عميقا من روائح الورود العطرة ورفعت وجهي نحو أشعة الشمس الدافئة.. الجلوس هنا يعادل عشرة جلسات عند الإخصائي النفسي

لاحظت أن ماكنزي لا تستمتع مثلي ، فسألتها ( إذا .. كيف حال دوغلاس ؟ )

أشرقت عينيها لسماعها إسمه قبل أن تخرج منها تنهيدة حزينة ( إنه في السجن ..أطلق النار على أندرو ليحميني منه ، صدقتِ ياتاماني..انه حقا يقتل من أجلي )

توقفت تحت ظلال إحدى الأشجار ، لتخبرني بصوت حزين ( وكأن ألامِ الجسدية إنتهت .. فحان دور ألامِ العاطفية ..)

( إذا انتما معا ؟ )

قوست حاجبيها بخجل ( دوغلاس قرر أن نأخذ علاقتنا ببطئ كفرصة لنتعرف على بعضنا جيدا، وأن نستمتع بقضاء الوقت معا ، يمـاطل بإعتباري حبيبته وزوجته حتى أصل للسن الرشد لأنه وعد أخي ولأن له مبادئه .. ) رأيت إحمرار طفيف يكسو وجنتيها

قالت بدون أن يفصح وجهها عن إحساسها ( كنت قلقة أن أتركه وحيدا.. فإنتهى بي الامر أنـا وحـيدة.. أنـا وحـيدة جدا هنا )

بينما كانت ماكنزي تتحدث رأيت فتاة تقف خلفها ، ظهرت فجأة من العدم فحبست أنفاسي محاولة أن أميز هل هي منا أو من هاؤلاء الذين يخافهم أليكساندر، بدت مثل مراهقة مفعمة بالطاقة ..شعرها البني ينتهي عند كتفيها، فيه ظفائر صغيرة غير منتهية ، وجه طفولي لطيف ، ترتدي فستانا أصفر قصير تلفه بحزام قديم غريب الشكل وكأنها صنعته في المنزل ..هل تتنفس ..هل ترمش ..

" ليس بعد الأن "

تكلمت! ..نظرت بسرعة لماكنزي لأرى إن سمعت أيضا لأقرر إن كنت حرفيا سأقفز نحو البوابة وأختفي للأبد من هنا أو أبقى ، لكنها فقط هزت وجهها بضيق للحظات كاد قلبي أن يتوقف .. ثم رفعته لسماء متذمرة ( وحيدة لدرجة اليــأس بحيث أتخيل صوت مـاري )

قالت الفتاة بصوت سعيد ( أنتِ لا تتخيلين ) شعرت انها سوف تطير من مكانها من الحماس

( ماري ) إستدارت إليها ماكنزي بعدم تصديق فتنفست الصعداء ..إنها منا ..لكن قلبي مازال مضطربا .. كلتاهما قفزتا نحو بعضهما ليتبادلا عناق أتى معه الكثير من الإشتياق ، وبدأت ماري تتحدث بدون أخذ نفس ( لقد عدت ..ولن أتركك طوال عطلة الصيف ، أنا سعيدة أنك بخير ..لقد إستجيبت صلواتي ، سنعوض كل الأيام التي فاتت ..لدي الكثير لأخبركِ يابنت .. )

في هذه الأثناء ظننتني أصبت بالإرتياب والهلوسة مجددا لأنني توهمت بيتر يمشي بترنح إتجاه الفيلا ، يحمل بيده زجاجة خمر ..ويشتم بأقبح الألفاظ ، ثم لاحظت أن الفتاتان تنظران إتجاهه أيضا ..

" ياويلي "

نظرات ماكنزي الحادة ثبتت عليا ( هل تعرفين هذا الرجل ياتاماني؟ )

قلت متلعثمة ( ذلك .. بيتر )

( بيتر نفسه الذي أدخل اخي السجن ؟) زمجرت فاومات بإرتياب .. يكاد يصل إلينا وهو يصرخ ويهدد ويتوعد انه سينتقم

ثم توقف عن السير حين رأني وصرخ مشيرا لي ( أيتها اللعينة .. عرفت أنني ساجدكِ هنا أيتها اللعـيـنة ..حسابك معي )

قبل ان استوعب مايحصل .. ثقبت طبلة اذني بصراخ ماكنزي الحاد ..واختفت من امامي ،بحيث حتى ماري راحت ترمش بسرعة مستغربة .. انطلقت مثل الرصاصة راكضة نحوه ..ثم ارتفعت في الهواء وركلته على وجهه بقدمها ..فسقط ارضا

ياإلهي لقد تقمصها الشيطان

ثواني حتى حملت زجاجة خمره وكسرتها على ظهره فأغمي عليه تماما .. إنضمت إليها ماري واصبحا كلاهما تركلانه بغضب

وأنا التي ظننتي غاضبة! .. ماذا أقول عن هذه

إنتبهت أن إيرين و كورتيس يقفان خلفي حين قال هذا الأخير بحزم ( ماذا أتى به إلى هنا ..ألا يكفي مافعله حتى الأن .. ماهذا الحقد الذي لا ينتهي إتجاه أليكساندر )

أحاطتني إيرين بذراعها كأنها تحمني لتخبره ( أعتقد أنه أتى من أجل تاماني ..وإبنتي ليس لها علاقة مع عديم التربية هذا )

لاحظ كورتس توتري حين أخبرته ( الشرطة تبحث عنه ) فإبتسم معي بهدوء ووضع يده فوق كتفي برفق ( إذا سأرسله مباشرة إليهم) وإنطلق غاضبا إتجاهه

أبعد عنه ماكنزي وماري اللتان لم تتوقفا عن ركله وأمسكه من ياقة قميصه ليجره حتى البوابة ووضعه داخل سيارة أجرة ليرسله فعلا إليهم ..وأغلق البوابة بالمفتاح

عاد ليطمئن على ماكنزي مثل أب حنون ..ثم إلتفت لي ليقول بود ( أنتِ بأمان هنا )

أومات له شاكرة ..بينما ركضت ماري لتعانق ايرين بحرارة و حولت كل إنتباههم إليها

حسنا أليكساندر ليس هنا ..والبوابة هناك

إغتنمت فرصة ترحيبهم بماري.. وتتبعت الممر المرصوف بالبلاط ثم إقتحمت العشب ووقفت تحت السور الذي تغطيه النباتات المتسلقة وبدون تفكير تسلقت إلى نهايته ..حين وصلت للقمة حشرت قدمي بالأغصان المتشابكة ..آه ياربي ماهذه الورطة ..لقد علقت هنا

توقفت الرولز امام البوابة ليصبح همي همين ..حاولت أن أبقى ساكنة لعله لا يلاحظني ، حتى أنني توقفت عن التنفس .. لكني كنت اول شيئ رآه بمجرد نزوله من سيارته ..آف .. ماذا أتى به الان

أخفى كلتا يديه داخل جيب بنطلونه وإبتسم لـي إبتسامة مغرية ( كيف هو الحـال هناك ؟ )

رؤيته من الأعلى دوختني ..تمتمت تحت تنويمه المغناطيسي ( فـاتن ) أوه لا ..هاأنا أفعلها مجددا ..أكاد أستسلم ..

محوت تعابير وجهي المسحورة به وقلت بصوت إستفزازي ( ماذا ستفعل حيال ذلك ؟ تعيدني لمنزلي .. أنا أرحب بهذه الفكرة كثيراً)

( إنزلي ) قال آمرا بينما أفسح لي المجال فلم يزدني سوى عنادا

( لا تملي عليا ماأفعله ) لكنني وجدت نفسي أنفذ كلامه لاشعوريا ، حاولت أن أحرر قدمي العالقة ، ثم نلت كفايتي من هذه الاغصان التي تحبسني ..وكأن كل شيئ يعمل لحسابه ليسجنني هنا ، لم يتبقى سوى أن يقيدني بأصفاد من فولاذ ..إقتلعتها بوحشية ففقدت توازني وإنقلـب جسدي من أعلى السور ، لكن قلبي لم يتحرك من مكانه قط ، عرفت أنه سوف يمسكني ، كانت مجرد ثواني حتى وصلت سالمة بين ذراعيه

قال برقة (أتتذكرين ؟ حبيبك سيلتقطكِ ..حتى لو سقطت من افعوانية ! )

تحت زرقة السماء الصافية وأغصان الأشجار الخضراء التي تتخللها أنوار ذهبية لامعة، رأيت النور ينعكس على وجهه الفاتن ومجرات من النجوم تسبح داخل عينيه السواداوين فتوقف الوقت مجددا ، وأصبح كل شيئ حولي مثاليا مرة أخرى.. و أصبحت اتوهج بنوره الجميل .. شعرت بيديه تقربانني لصدره ..فإنشرح قلبي بشعور لم استطع تفسيره .. أعتقد أنني وقعت في حبه للمرة الثانية ، لكن هذه المرة لم يستمر الأمر .. وليس بسبب خجلي منه ..بل كرامتي التي وقفت لي بالمرصاد لأشعر بقلبي بنقبض والألم يغمره ..

فقلت بحزن ( يبدو مثل إعتـراف غبي قالته فتاة بلهاء وضعت ثقتها المطلقة في الرجل الخطأ ..أنزلني في الحال )

إنكمشت تعابير وجهه ببطئ من الخيبة ، وغمغم ( ستأتين معي )

صحت بغيظ ( لا أريد ذلك )

أصبح شبه مستاء ، تمتم بصوت جامد ( لم اكن أطلب رأيكِ )

ارغمني على الصعود في سيارته الفخمة وأخذني معه لشركته فإزداد شعوري بعدم الإرتياح وسط كل هذا العدد الكبير من الأعين الفضولية .. إمتدت أصابعه بخفة فوق ظهري مسببا لي قشعريرة باردة ،ثبتني تحت ذراعه و حبسني في حضنه بطريقة عاطفية جدا تؤكد لكل معجبة هنا أنني حبيبته ..كم أشعره ذلك بالرضا التام .. كم أشعرني ذلك بالخوف، لا يهم كم أتظاهر بالقوة فلمسة واحدة منه تجعل دفاعاتي ضعيفة جدا

حسنا .. إهدئي

جلس خلف هذا المكتب الملكي الفخم لا فرق بينه وبين ملك حقيقي بينما بقيت واقفة لمدة أمام الباب حتى لاحظني أخيرا

( لمالا تجلسين ؟ )

خفق قلبي بسرعة حين دخلت ، ونظرت للأرض ..أخر مرة كنت هنا تم صفعي بقسوة من أجله ، جلست بحذر أراقبـه لمدة طويلة ..يقلب الملفات ويتفحص الحاسوب بدون أن يدرك ماقاسيته من ألم بغيابه .. أنا غاضبة جدا لأن الرجل الذي أحببته تم إنتزاعه مني بدون رحمة، دخل حبيبي أليكس إلى السجن ..لكنه لم يخرج ، بل خرج هذا السيد النبيل الذي لا يملك الوقت لينظر لي ، وكم إستغربت عدم ذكره ولو لمرة لعائلته في الريف لي

شعرت بالمسؤولية لإعلامه ( هل تعرف الإشاعة الكبيرة التي تنتقل بين ألسنة الجميع في الريف بشأن أخوك إيمانويل ..بأن زوجته طردته من المنزل بعد أن جعلته يكتبه على إسمها فقط )

بقي صامتا وهادئا وكأن الامر لا يعنيه

قلت مستغربة لامبالاته ( أخوك أصبح متشردا ، ينام في الحقول )

فقال بدون أن يرفع عيونه ( أنت قلتها .. مجرد إشاعة)

( إنها الحقيقة .. هل ستترك أخوك ذليلا ؟) نظرت إليه بأمل أن يتأثر لكنه لم يرمش حتى

هز كتفيه ببساطة ( لقد حصد مازرع ..هذا مايدعوه البعض بالعدالة الإلهية ) كان صوته جافا ..كم خاب أملي

( هل هذا كل ماستقوله ؟ ) سألته بعبوس مستغربة إجابته ..إنزعجت كثيرا لأنه إعتاد ان يكون رحيما ومتسامحا مع الجميع .

( نعم )

وأصبح يجيب بإختصار مثل أي رجل أعمال مشغول طوال الوقت

( إذا ستنبهر بماحدث في بيت عمك .. تلك إبنة عمتك بشكل ما حملت من البستاني ، وحين عرف عمك بذلك شعر بالعار ..ولكي يخفي فضيحته جعلها تجهض ..لكنها أصيبت بنزيف حاد ولم تنجو ، زوجة عمك من الصدمة إرتفع ضغطها ..وصارت مشلولة .. هي لا تستطيع تحريك اي من اطرافها مثل .. مثل )

( مثل نصف ميتة ) تمتم بدون أن تتحرك مشاعره ..جعلني أتوتر

هزيت رأسي موافقة وتابعت كلامي متعجبة منه ( تماما .. وذلك البستاني ..حبيب دارلا بعد ان سمع بوفاتها .. سمم كل دواجينه ، احرق حقله الزراعي و منزله إنتقاما، أصبحو يعيشون في كوخ صغير إستأجره أندرو ، هل تصدق ذلك ؟ )

( أتنتظرين مني أن أحزن عليهم ؟ ) سالني بنبرة حيادية غير مكترثة خالية من المشاعر .. لم يشفق ولو قليلا

افهم انه لا احد منهم تعاطف معه في السابق ، ولا احد أشفق عليه .. لكنه رغم ذلك كان متسامحا ولا يملك ذرة كره في قلبه .. اكره ان تكون حياته الجديدة مبنية على عدم الاحساس بالاخرين و معاملتهم بالمثل

تبخر بقية الكلام من ذهني فبقيت لمدة طويلة أراقبه بصمت مشغول الذهن وسط هذه الكومة من الأوراق والحاسوب

قلت ببرودة ( أريد أن أعلمك أنني مغادرة صباح يوم الغد )

فأجابني ومازال يتجاهل النظر لي ( غـادري ..إن إستطعتِ ) لمع صوته بالتحدي

فتح فمي بدهشة ، هتفت بسخط " أنت مجنون ! "

كتم إبتسامته ، وقال بنغمة مغرية " بحبكِ ياأنسة"

همست برنة مديدة مستاءة " أكـرهكَ "

قال بثقة عمياء " والحقيقة عكس ذلك "

" أنت تغيرت ، ليس لديك حتى الوقت لتنظر لي" إرتجفت أوصالي لهذه الحقيقة الجديدة ، وأخافتني مثل الجحيم

رفع وجهه فجأة لي فجمدني مكاني بتلك العيون الفاتنة ( أخبرتك ذات مرة أنه هناك عدة طرق للرؤية ، أراكِ بقلبي ) رق صوته فجأة وإمتلأ بالحب

لكن عوضا عن الحب ..أرى تأنيب الضمير

لم ارده ان يحس بالصراع الذي بداخلي فشتت إنتباهه عبرإثارة إستفزازه ( بالنسبة لي ، أنا لا أستطيع رؤيتك بأي طريقة كانت .. لقد تغيرت )

علت وجهه تكشيرة سريعة ،فوضعت رجلا فوق رجل برضا ، وقلت بهدوء ( أنت الأن صرت ملكا لشبح فيكتورياَ )

إرتعش القلم بيده فترك كل الملفات وقال وهو ينظر حوله بإنزعاج ( انا أمنعك من التحدث عن عنها )

إستمتعت بخوفه ، ربما فرحت برؤية جزء أعرفه من حبيبي أليكس فأخبرته ( يقال في الأساطير القديمة أن اشباح العرائس لا يفارقن أزواجهن أبداً )

غمغم محذرا ( هذا ليس طريف ياميمي )

( أنت خائف ؟ ) أسندت ظهري بهدوء عى ظهر الكرسي ، أنا متاكدة أنه كذلك

حرك وجهه نفيا ( لست خائف من شيئ غير موجود ، وأكره التحدث في سيرة الاموات ) راح يمرر أصابعه حول شعر ذراعيه المنتصب

تابعت كلامي بتلهف ( هناك دراسات تؤكد وجود الأشباح وبالدلائل أيضاً ، كظواهر خارقة ..قرأت عن حالات تشبه حالتك ..عروسك المجعدة ماتت لكن شبحها يطوف حولك الان ..هي معك حين تعمل وحين تنام و حين تأكل ، لم أرد إخبارك ..لكنني رأيت ظلا يقف خلفك قبل قليل ..أراهن أنها فيكتوريا )

( ميمي ! ) أعرف أن جسده مر بقشعريرة مروعة وهو يتحقق خلفه ليجد الجدار فحسب

( أنت غــاضب ؟ ) سألته متهكمة

هز رأسه بإكتفاء ( كفى ..لن ألعب لعبتك هذه)

فقدت أعصابي من برودته القاسية فنهضت ،صفعت مكتبه بكلتا يداي ( أنا لا ألعب الألاعيب ..تلك هي هوايتك أنت ..اللعب بقلبي كان الأفضل صحيح ؟ على أساس أنك لن تلهو بمشاعري أليس كذلك ؟ ) خرج صوتي مثل سهم ناري

( لم ألعب بقلبك ولم ألهو بمشاعرك ، شرحت لكِ ظروفي .. أحبك أنتِ ..هذا هو سبب وجودك معي الان ) شعرت انه يجاملني بلطف فحسب ..حقا لماذا اشعر ان السبب هو عذاب ضميره

( أنا لا أحبك بعد الأن ) قلت بغيظ شديد فحمل القلم وكسره على نصفين ، قال بوجه صارم ( لا تكرري ذلك مجددا..أبداً)

جلست مجددا حين شعرت بشرارة ألم من ظهري ، ونظرت إلى وجهه الصارم بوضوح ، قلت مصطنعة إبتسامة متهكمة ( لا تؤاخذنـي ..كل ماأراه هو ضحية أخرى لفيكتوريا ، عدى أنها هذه المرة ..هي كانت الضحية الحقيقية ، أنت مازلت لها )

قال مداعبا وهو يستقيم في جلوسه ( أنا لست لأحد غيركِ )

( كأني سأصدق أنه لا واحدة بعد حاولت أن تحصل على فرصة معك ..أود أن أرى كم ستستمر عازبا ياسيد ستون )

قال بصراحة ( أنت محقة ، هناك الكثير من المنافسة حولي في الخارج وأولهم أختكِ سيــــرافيـــنا ! )

نطق إسمها بإستهزاء فجمدت مكاني وإمتلأت عيناي بالدموع

قرأ الغيرة في عيناي فتابع ليزيدني قهرا ( أجل سيرافينا تريدني الان بكل الطرق والسبل وتوجد كذلك وريثة سلسلة شركات السفر السياحية الأنسة كايت ..هي تتغزل بي أيضا وترسل لي الهدايا ، أنظري هناك رف خاص بها فقط .. واللائحة طويلة )

ضاقت عيني إتجاه الرف المليئ بهدايا مغلقة غير مفتوحة فشعرت بالرعود تضرب داخل رأسي وقمت نحوه مثل الإعصار..أمسكت الهدية تلو الاخرى و دست عليهم ..وكل واحدة أرميها في سلة المهملات كانت تقع خارجها ..

( لماذا تحتفظ بهم ؟ الأمر سهل إحمل الهدية اللعينة وألقها في سلة المهملات ..لماذا تحتفـظ بـهم ؟ ) ظل يصغي بصمت تام و يتفرج عليا بهدوء وانا اخطأ في كل مرة ..فقط لو كان لدي الان مقلاعي ..فقط لو

قال معاتبا ( أنه من الوقاحة أن نرمي الهدايا ، وكم كان سهلا عليك أن ترمي هديتي ..)

أخرج فجأة قلادتي من جيب قميصه وأراني إياها .. شهقت .. ( تلك قلادتي )

( ليس بعد الان ) إحمرت عينيه بإستياء فشرحت له ( لم أرمها ... لقد أضعتها )

تمتم بقلة صبر وجبينه يمتلأ بخطوط غاضبة ( لم يجدر بكِ أن تضيعيها إذا ياتاماني )

( أعطني القلادة من فضلك ) طلبت بهدوء ففوجئت به يضرب المكتب بقوة ( الانسة كايت لم تكن ستضيع تلك القلادة أبدا )

شعرت بصدمة ، وبدموعي تحرق عيني ( أعفيني من معجبتك الغبية ، أنت تعيش الأن في عالم مليئ بالمصالح الشخصية، من التي لا تريد ثروتك اللعينة .. )

رميت عليه اخر هدية ..وطريف كيف انحرفت قبل ان تصطدم بوجهه ليرسم على محياه ابتسامة طريفة ، ياللإحراج إنه يقف حرفيا أمامي فكيف لم أصبه .. توجهت نحو الباب لأغادر لكنه لحقني وعانقني من ظهري قائلا ( أخبرت الأنسة كايت أنني محجوز ..أنا أريدك أنتِ ..وأعرف انك لم ترمي قلادتك ..لكنكِ نزعتها من عنقكِ ياعزيزتي )

دفعته عني حين شعرت بأنفاسه الحارة تدغدغ عنقي( احتفظ بقلادتك ..لاأريد اي شيئ يذكرني بك على كل حال )

قربه كان مؤلما جدا ، إشتياقي له كان أقوى مما أستطيع تحمله .. لكنني لا أتجاوز فكرة أني لم أعد المختارة في قلبه ، إقتربت نحو المكتبة الجدارية وتظاهرت أنني أقرأ عنوانين الكتب بينما كنت استرق النظر اليه ، لكنه لم يرفع وجهه لي ولو لمرة ..كم انا بعيدة عن افكاره وعن قلبه

لم أستطع إيجاد حبيبي أليكس البسيط من هذا السيد النبيل ، هلعت لفكرة أني قد أراه مجددا ، شعرت أن هذا المكان لا يتسع لي

( سأذهب للكافيتيريا ) أسرعت بالخروج محاولة إلتقاط أنفاسي ، فحذرني قبل أن أغلق الباب ( لا تفكري بالهرب فهناك رجال آمن في الخارج سيعيدونك لي )

الجــرأة ...وأصبح متسلطا أيضاً




التعديل الأخير تم بواسطة اوديفالا ; 27-04-21 الساعة 12:03 AM
اوديفالا غير متواجد حالياً  
التوقيع
“I stretch truths where I see fit. I’m a writer”
رد مع اقتباس
قديم 27-04-21, 12:39 AM   #59

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 39 والأخير ** 《تاماني》

جلست في الكافيتريا محـاولة ان أشتت تفكيري بأي شيئ كان حولي .. محـاولة أن لا أفكر به ..

" مرحبا تاماني "

سُحِب الكرسي الذي بجانبي على غفلة وجلس عليه جيريمي غرافل الذي رفع حاجبيه بإعجاب( عدتِ ..وشعرك بني ) وصمت منتظرا ردة فعلي

لعل شئ ما في سكوني العدائـي جعل إبتسامته تختفي ، قطب بعدها جبينه بتوتر وقال بإحراج ( أنا أسف لأنني كذبت عليك ، كنت ضعيف لأنني تركت اللايدي هولموود تهددني بوظيفة والدي ، وأنا محامي ولم يجدر بي أن أذعن لذلك )

قلت بأقصى صوت مأساوي أملكه ( فعلا ..أنت عار على جميع المحامين في العالم ) إمتلأ جبيني بخطوط إشمئزاز

قال معترفا ( بحقك تاماني ..لقد غمزت لكِ كثيرا.. كان عليك أن تنتبهي لتعابير وجهي تلك اللحظة كنت أقول لك لا من خلال تحريك بؤبؤ عيناي يمينا وشمالا ، لم أكن مقنعا حتى لانني تكلمت وكأني حقا اكذب ..قلت أن الامر يكاد يكون مستحيلا .. مرتين! كان عليك أن تفهمي )

تنهدت بعمق ، وقلت بجفاء ( لايهم جيريمي ..لقد أصبح من الماضي ، لا يهم ) وأخفضت عيني منتظرة منه أن يتركني وشأني

لكنه أخذ الكوكاكولا من يدي وشرب منها وكأنه كان ضائعا في الصحراء لأيام ( ماذا حدث لنظامك الصحي ؟) سألته ساخرة

رفع حاجبيه بقلة حيلة لثواني ، ثم ربع ذراعيه فوق الطاولة وسألني بتشويق( هل جربت يوما كوكاكولا مع الزيت ؟)

ربعت ذراعي مثله وإنحنيت إليه قليلا ( مقرف .. أتسائل كيف هو طعمه ؟ )

إنحنى أكثر ليقول بنبرة متحاذقة ( مثل الزيت طبعا ! ) فشعرت بالغثيان الفوري

إنكمش وجهي بتقزز ( أنت مقرف جيريمي )

مرر لي نظرة متغطرسة وعايرني ( تقول أكلة الدعاسيق! )

فتحت عيني بدهشة ..دافعت عن نفسي بصوت عالي ( كنت صغيرة و ظننته توت !)

أشعلت عيني نحوه فبدأنا نضحك معا بعفوية ، ثم توقف وقال فجأة بذنب ( لست فخورا أيضا لأنني كذبت ، ألوم نفسي لأنني كنت جزءا من مؤامرة جبانة وأذيتك )

تخليت عن صوت المعاتب وقلت بهدوء ( لقد إنتهى الامر ياجيريمي ، لست ألومك )

( لم ينتهي بعد ، لقد قاتلتِ كثيرا لتكوني مع أليكساندر ..هل ستتخلين عن علاقتكما الجميلة بهذه البساطة ؟)

قلت بحزن ( لا تتحدث عنا .. لم يعد هناك وجود لناَ ) تنهدت بتحسر موجع

قال بشرود ( لقد كان أبي قلقا عليه على مدار الأشهر الماضية ، كان يهيم بالشركة شارد الذهن وعابس الوجه ، حتى أن العمال ظنو أنه مجرد من المشاعر تماما مثل رئيستهم السابقة ، لكني أعرف أنه يفتقد لتوأم روحه ولم يعد يستطيع حتى الإبتسام ! ، أنتما تنتميان لبعضكما البعض ، ثقي بي كنت سأقاتل من أجلك ياتاماني ، لكن بداخل قلبك لا وجود لأحد غير أليكساندر ولن يكون أحدا غيره ، مهما هربت منه ففي اخر المطاف ستعودين إليه .. لقد غير حياتك أولم يفعل ؟ لقد حررك من القفص الذي كنت مسجونة فيه )

همست بإرتجاف ( أنا حررت نفسي )

حدق مباشرة داخل عين ليقول بصراحة ( ربما ..كنت تحتاجين لذلك الألم ، لكي تستطيعي تحرير نفسكِ ..والان أنا منجذب لك اكثر لانك تبدين حقيقية وواقعية )

( أوه إخرس .. او جعلتك تشرب مياه تنظيف الأرضية ) واشرت بعيني الى عامل التنظيف الذي يجر معه دلوا ( أو ربما سأجعلك تبتلع سمكة حية )

قهقهة لثانية فقاطعته بحزم ( قف وإرفع يدك اليمنى ) ففعل ذلك مستغربا ، وقفت أيضا و أنا أرفع يدي اليمنى وكأننا بداخل المحكمة

( أتقسم بقول الحقيقة، الحقيقة الكاملة ، ولا شيئ غير الحقيقة ؟ لذا فليساعدك الرب )

إعتدل وقال بنبرة محامي جاد ( نعم )

( يمكنك أن تجلس الان )

جلسنا مجددا فسألته ( كرجل ماهي نظرة أليكساندر إتجاهي الان ؟ تعرف ..أخذا بعين الإعتبار أنه غني .. وأنا لستُ )

شعرت بقلبي يتسارع إنتظارا للإجابة ، فكر جيريمي لبعض الوقت ثم قال بصدق ( أتعرفين ياتاماني .. بالنسبة أليكساندر .. أنتِ مهمة بقدر أهمية لغز جريمة قتل غامضة تم حلها بعد ثلاثون سنة )

( حقا؟) فرحت

هز رأسه بجدية وقال بصدق ( أنا تحت اليمين ، لا يمكنني الكذب ، حتى الان لا أحد إشتكى منه ، إنه يساعد ويهتم ويتفهم عمال بالكاد يعرفهم ..كيف تظنين أنه سيتغير عليك فقط كونه أصبح غنيا ؟)

هزيت كتفي بحيرة (لا أعرف ..مجرد إحساس ، أشعر كأنه يشعر بالذنب ،ربما هو فقط يشعر بالمسؤولية بعد الوعود التي قطعها لي .. لأنه ذات مبادئ )

توقفت عن الكلام حين شعرت بيد تضغط بقوة على كتفي ..ورايت جيريمي يتوتر ..فجأة صار يتصبب عرقا ..وصار انفه شديد الاحمرار ..وقف بتشنج ليمد اصابعه للمرتعشة نحو اليكساندر ..كان غارقا في خجله منه ( مرحبا )

إكتفى أليكساندر بهز وجهه فحسب ..ثم أخفض عينيه نحوي بضيق ( سنعود الى المنزل ) وجعلني أقف بخفة ليحبسني مجددا تحت ذراعه

فعاتبته وأنا أحاول أن لا اتعثر من سرعته ( لم يكن سيحدث لك شيئ لو صافحته )

( ذلك الرجل خدعك .. ) قال بخشونة وهو يرميني لداخل سيارته ، ودفعني للداخل ليصعد بجانبي ، بالكاد يكتم غضبه من جيريمي

إنطلقت السيارة فإنطلق غضبي معها ، وفقدت السيطرة على صوتي ( مالذي يجعلك تظن انك افضل من جيريمي .. فعل مافعل لان فيكتوريا هددته .. ماذا عنك .. خدعتني بكل رضاك ..لم تضع لي أي إعتبار .. تزوجت وانا مازلت حبيبتك ، لم توفر عناء قطع علاقتك بي حتى ..لقد أذللتني كمالم يفعل أحد في حياتي ..أتمنى لو قمت بإختيارها ذلك اليوم في الحفلة وجنبتني دوامات من الألم ..أتمنى لو أتزوج من جيريمي لكي تشعر بما أشعر به الان )

رأيت عيناه تتسعان من الغضب حين ذكرت جيريمي فإلتفت بجسده كالإعصار وصرخ بصوت راعد جعلني اتراجع للخلف وألتصق بالباب ( كفى .. كفى، إياك أن تقولي ذلك مجددا ..إياك )

أخشى أن الغضب والصراخ أصبحا جزء من شخصيته أيضا ..

حين توقفت السيارة نزلت وصفعت الباب بكل مااوتيت من قوة ..وجلست في الحديقة مع ماكنزي وماري اللتان كانتا تفتحتان عدة مواضيع في آن واحد ، لكني كنت منقطعة كليا عن حديثهما ..وتارة لتارة أسترق النظر إليه يدخن بشراهة في الشرفة ..يجلس هناك ليراقبني كي لا أهرب منذ وصلنا ..الغضب لم يفارق عينيه حتى نادتنا ايرين للعشاء

جلست في الطاولة البيضاء المليئة ببيتزا تبدو لذيذة وكوكاكولا .. لكن لم تكن لدي اي شهية ..وضعت يدي على خدي وبقيت أتأمل العائلة الجميلة التي كان يفترض أن تصبح عائلتي .. بقدر ماهم سعيدون بوجودي الا انني لا استطيع الشعور بالانتماء .. كنت اشعر سابقا انني انتمي اليهم عبره هو .. لكن الان ماذا يربطني بهم ؟ لا يعقل ان تكون كلية !

قال كورتيس بفخر ( ثم إرتفعت في السماء مثل النينجا وأطرحته أرضا بركلة )

تبادلت ماكنزي وماري إبتسامة مازحة .. فإبتسم أليكساندر أيضا وهو يدحرج عينيه اتجاهي بقلق واضح، وقال مؤكدا ( سأحرص أن أضع رجال أمن أمام البوابة .. )

ثم جميعنا نظرنا إلى أرون الذي قال مازحا ( لاداعي ياأخي ..لدينا مقاتلة ) وغمز أخته التي أومأت مؤكدة كلامه

أخفضت رأسي وتهت في فكرة واحدة ..فكرة الرحيل ايضا محزنة .. بعد ان طلبت مني ايرين ان اناديها أمي ..بعد ان جعلاني ارون و ماكنزي اشعر بحلاوة الاخوة .. بعد أن غمرني كورتيس بلطفه .. سيكون صعب عليا العودة لاكون وحيدة ومعزولة.

كادت ان تنهمر دموعي فتوقفت عن التفكير في ذلك .. بقيت لأسهر قليلا معهم ، رغم أنه بدى عليه الارهاق إلا أنه بقي معنا ..يحملق بي بدون إنقطاع ولا أدري مالذي يفكر به ..يبدو غاضبا مني ..ويبدو عليه الإحباط .. هل جرحت مشاعره ياترى؟

بعد ساعة بالكاد كان يفتح عينيه مما شعرت ببعض الشفقة عليه وقررت ان اصعد للغرفة .. كوني السبب الذي يجعله يسهر .. حين وصلت لأعلى درجات السلم سمعته يتمنى لهم ليلة سعيدة ولحقني بسرعة تاركا مسافة بيننا..محتفظا بصمته .. اخذا على خاطره مني لاني اردته ان يشرب من نفس الكأس التي سقاني منها

توقفنا أمام بابين متقابلين يفصل بيننا رواق ..بدا جسده متصلبا ..وكلمات في فمه لا ينطقها .. شعرت أنه أراد أن يأتي معي لكنه غير رأيه وفتح باب غرفته ..كم هو مؤلم أن أرى الرجل الذي أحبه يتجه لغرفة زوجته الميتة عوضا عن غرفتي ..يختارها مجددا ، صفعت باب الغرفة في وجهه ليتردد الصدى بشكل قوي خلال هذه الجدران العالية و بقيت جالسة أفكر وأفكر وأتقلب من جنب لجنب وأمسح دموعي التي كبتها طوال اليوم ..

"هذا البكاء لن ينفع يابنت .. هل ستتركينه ينام هكذا براحة "

طبعا لا.. حان وقت وضع بعض المصاعب في حياته بتوقيت الأشباح .. سوف أريه كيف ينام في غرفتها .. سأجعل من تلك المرأة كابوسه ..سوف أرعب روحه الليلة ..لاتقلقي يافيكتوريا أنا سأعذبه من أجلكِ كما أردتِ تماما

فتحت باب غرفته وتسللت بهدوء لأجده حقا نائم في سبات كعادته ..صعدت فوق سريره وإنحنيت لوجهه فتنشقت رائحته الجميلة ..

ثم همست في أذنه ( أنت تحلم الان ..هذه عروسكَ فيكتوريا ..أتشعرني ؟ أنا حولك طوال الوقت ، سأعطيك مهلة يوم واحد لتخرج تلك الأنسة من قصري ..أو سوف نتحدث وجها لوجه !)

إنتفض جسده برعب ليمسك بذراعي بقوة جعلت الدماء تحتبس في عروقي وردد بإرتياب ( إلهي ! لا أصدقكِ .. كاد قلبي أن يتوقف ياتاماني ) كانت أنفاسه متقطعة

جذبني اليه بعبوس ( متى ستتوقفين عن الاعيبك هذه ؟ ) أبقيت وجهي جامدا ومستفزا

حذرته بصوت خافت " حين أذهب "

إستدار نحو المنضدة بتوتر باحثا عن هاتفه " كم صارت الساعة ؟ "

قلت متغيظة "إنه وقت لم شمل العشاق "

( هل يزعجكِ الظلام حبيبتي.. نامي هنا ) أخذ يدي في يديه الدافئتين بحنان .. شعرت أنه يرجوني أن أبقى ..لقد خاف مصدق الأشباح الساذج فعلا ..وأنا لم أبدأ حتى

أخبرته بهسيس ( أنتَ خائف )

( تاماني ) همس اسمي بنعاس مغري ، وبدا عليه بعض الإنزعاج

جلست على ركبتاي وانا اكتم ضحكتي ( أنت ترتعد ..انت تنتظر خروج شبح فيكتوريا باي ثانية .. خبر عاجل لك ..هي تراقبك من زاوية طاولة التزيين المظلمة )

( كفاك مزاحا ثقيلا .. تعالي لحضني ) على الرغم من انكاره ..الا ان عقله الباطني اختلف في الرأي معه حيث صفق مرتين فانارت الغرفة وتفقد كل زوايا الغرفة .. خاف طبعا ..

صفقت مرتين فاصبحت مظلمة مجددا وأخبرته بصوت مشوق كمن تروي قصة رعب ( إنهااا جد غااااضبة )

مرر أنامله على وجهي قائلا ( ألم تشتاقي للنوم في حضن حبيبكِ ؟ ) كان صوته مليئا بالحنان

أرجعت وجهي للخلف ، وهمست بصوت خافت مريب ( إنها حقا متشوقة لتنام في حضنك ..هي تقترب الان ..إنها مخيفة لكن ليس بقدر ماكانت مخيفة وهي حية .. )

نظر حوله برعب متوعدا ( ميمي أقسم .. )

حاوت أن أجعل صوتي مرعبا أكثر..خرج كفحيح مخيف ( هل ترى ذلك ؟ ..إنها تزحف فوق سريرك ..تقترب منك ببطئ ..تاركة دماء جسدها المسلوخ خلفها .. يمكنني رؤية جمجمتها المهشمة ..ولسانها يتدلى أسفل حلقها )

آه ياربي ..شعرت بالخوف فجأة حين أحسست بشيئ تحرك .. آه يا حافر حفرة السوء لا تعمقها تقع فيها..

تمعن في الظلام حابسا أنفاسه للحظات حتى إقشعر جسده بالكامل و جذبني إليه ( دعيها ترى كم أنا مغرم بك ، رباه.. كم إشتقت إليكِ ) لف ذراعيه حول ظهري وبدأ يلعب بخصلة شعري الملتوية كما إعتاد أن يفعل ثم باغتني بقبلة سريعة على وجنتي هامسا( ليلة سعيدة حبيبتي )

شعرت بنفسي أنزلق بين ذراعيه و أغوص في دفئه ..كدت أضعف حتى فكرت أنني نائمة هنا فقط لأن فيكتوريا ماتت .. هذا الجليد بيننا لن يذوب .. انا مازلت الخيار الثاني وكرامتي لا تسمح لي بالبقاء .. كم كانت ستختلف الامور لو كان حبه وفيا لي .. كل ماطلبته كان اخلاصه ..

ركلته بغضب وقفزت من سريره المريب ( هي تريد قبلة قبل النوم .. إستمتع )

صار قلبه يدق في المئتان رغم انه نجح في كبت خوفه أمامي .. بمجرد أن خرجت من غرفته حتى نظرت للخلف بأسى ، رغبت أن أركض إليه لأعانقه بقوة ولا أفلته أبدا لكن إختار غرفتها فعلا فلم أعد أشعر بالأسف حياله حتى .. أعرف أنه لن يغمض له جفن الليلة في تلك الغرفة ..وربما لعدة ليالي ..اما انا فغلبني النعاس بسرعة

وحين إستيقظت في بكرة الصباح خرجت للرواق فرأيته واقفا في الشرفة الكبيرة التي تطل على الحديقة ، كملك ينظر إلى مملكته من برج قلعته

إقتربت بهدوء لأرى فيما هو شارد ، فجأة رمى ورقة لاعنا بغضب فسقطت تحت اقدامي ، حملتها وفتحتها فشعرت بالدم يتجمد في عروقي ..احسست بقلبي يتوقف عن الخفقان

كابوسي !

( كيف وصل هذا إليك ؟ من منهما أحضرته إليك؟) كسرت صباحه الصامت بصوتي المرتجف فإستدار بشيئ من الذعر ونظر للتقرير النفسي ليلعن مجددا ، ثم همس أخيرا ( سيرافينا )

( هل صدقتها ؟) خرج صوتي باكيا مرتعشا ( اتظنني كنت اتلاعب بك من اجل ان تخرجني من هناك ؟ وتلاعبت قبلك بالكثير .. أخبرتك انني تلاعبت بجدي ايضا وكذبت عليه )

أراد التحدث ، لكن الكلام لم يخرج من فمه ، اشتعلت نار غضبي وامتزجت بدموعي فصحت ( لم أضطر لأخبره بأي من ذلك ..على العكس لقد أدرك بنفسه لأنني لم أذكرهم أبدا في رسائلي ، والدتي زورت ذلك التقرير لتبرئ نفسها امام جدي ..وكرهته اشد الكره لانه قاضاها من اجلي ..خافت جدا على سمعتها فطردتني اليه .. وقاطعتنا معا لسنوات .. الوحيد الذي تعلقت به بعد جدي كان أنت .. )

قال بصوت هادئ ( أنا أصدقكِ )

قمت بتمزيق هذه الورقة اللعينة لقطع صغيرة ورميتها على وجهها ( إنك الشخص الوحيد الذي وثقت به في حياتي بعد جدي ، وأحببتك أكثر من أي شيئ أخر ، حتى أكثر من نفسي ..و أنت صدقت الصحف الكاذبة وصدقت أنني خدعتك ،وبعد خروجك من السجن أصبحت لك أولويات جديدة أنستك فيا ..نسيتني لخمسة أشهر ولم تسأل عن حبيبتكَ ..قلت أنك لن تؤذيني أبداً..لكنك فعلت ..وجرحك كان الأعمق في قلبي )

جاء ليقف أمامي فإرتجف قلبي من نظراته التي اصبحت قوية و حازمة ( كم من مرة عليا أن أعتذر لكِ لتسامحيني )

( احتفظ بإعتذاراتك فهي لاتزيدني سوى غضبا .. )

شد بأصابعه على كتفي بقسوة وراح يتحدث بعصبية وهو يصر على اسنانه ( لم تكوني الوحيدة التي تأذت ..لقد أذيت نفسي أيضا ، لقد بعت نفسي الى الشيطان ..توقفي عن تعذيبي ..لقد عدت إليكِ ماذا تريدين أكثر ؟)

(أنت عدت فقط لأن فيكتوريا ماتت ، بالاحرى ..أنت لم تعد ياأليكساندر ، فقط مررت لتحضرني هنا وتريح ضميركَ فلا تتوقع مني ان اسامحك ..فقلبي لن يشفى بإعتذار ولا بكلمة حب .. قلبي لن يشفى ببقائي هنا )

فتح ذراعيه في الهواء ( ماذا أفعل لأشفي قلبكِ ياتاماني ؟ ) ملأته الحيرة ..الاصدار الجديد منه غبي غالبا .. في العادة كان يقرأني ككتاب مفتوح

قلت معاتبة ( لعرفت لو كنت تراني حقا به )

أصبحت تعابير وجهه جميلة جدا وساحرة ، سار نحوي ببطئ .. جذبني لصدره ولف ذراعيه حولي حتى رحت أشعر بنبض قلبه المتسارع على قلبي، لم يعطني مساحة لأتنفس ..شعرت انه يحتضن روحي ..فراح عقلي يسبح في جاذبيته ، أصبح العالم من حولي يذوب ..أسر وجهي بين كفيه لينظر لي بفيض من المشاعر ..وأنا أيضا لم أعد أرى سواه في الدنيا ..نزلت عينيه بشوق أحسست به بداخلي نحو شفتاي ..فمال نحوي وقبلني للحظة أفقدتني كل توازني ، جعلت قلبي يخفق بعذاب ، إنفجرت كل أحاسيسي التي حاولت إقناع نفسي بزوالها بداخلي ..كنت مرتعبة وأدركت أن القرار الحكيم هو أن أرحل الان قبل أن أستسلم له ..لأني وعدت نفسي أن أكون الخيار الاول أو لا شيئ ..لأنني عشت بمايكفي أحل أخيرا في قائمة والدتي وكل عائلتي..ربما لم أكن أبدا في تلك القائمة ..

أردت أن اثق به مجددا ..لكنني فشلت ، كل ماأشعر الأن هو عدم الأمان .

( توقف ) دفعته عني وسرت مبتعدة حتى الباب ثم عدت إليه ودفعته مجددا بعد أن إنفجرت بالبكاء ( أتعرف أمرا .. أنا إشتقت لأليكس القديم كثيرا ..كان يحبني لشخصي ..كان طيبا ..وبسيطا .. وكان يعاملني كملكة )

(أنا أعاملك الان تماما مثلما كنت أعاملك في السابق ، لكن المشكلة أنك لا تتقبلين أنني صرت غنيا ..لطالما ارعبتك هذه الفكرة .. تظنين أنني لا أحبك الأن بقدر ماأحببتك في السابق .. أليس كذلك ؟)

ركضت بدون توقف وبدون أن ألتفت حتى وصلت للبوابة .. فوجدت نفسي وجها لوجه مع سيرافينا ..رؤيتها لي أرعبتها بقدر ماأرعبتني ، شعرت كأنها سوف تقوم بصفعي لدرجة اني غطيت خدي بيدي ، وقفت بالقرب مني ، حيث فاحت منها رائحة فخمة ، كانت إمرأة أنثوية أكثر من اللازم ..آية في الجمال

لقد جائت بأبهى حلة لكي تغويه .. ماتزال تتمتع بوجه رائع الجمال..ومازال جسدها فتنة لكل رجل.. تصبغ شفتيها بلون أحمر مثير ناعم ..وتبرز زرقة عينيها بكحل خفيف ..

رؤيتها شلت حركتي تماما

زمجرت بشراسة في وجهي (أنا أحذرك أن تبقي بعيدة عن السيد ستون .. أنا أحذركِ ) تعاظم سخطها عليا ، صرت أرتجف لإقترابها مني

إمتلأ صوتي بالسخرية ( السيد ستون ؟ كنت تنادينه بالخادم سابقا )

قالت ببغض قاتل ( حين كان خادما كان معك .. لكن الأن وهو السيد ستون ..سيكون معي ، مستواك لم يعد يسمح لكِ بالتواجد معه .. انت لست سوى فتاة نكرة فلا تحلمي بأنه سينظر لك مجددا ..فكما أخبرني سابقا ..من أنتِ حتى يفكر بك ؟ )

شعرت به يقف خلفي هاته اللحظة ، حولت تعابير وجهها فجأة لإبتسامة مغرية من شفتيها الناعمتين..قامت بتمرير اصابعها الرقيقة لتبعد خصلاتها الذهبية ببطئ قاصدة إغوائه

( الانسة سيرافينا ) ردد بحزم (لقد سئمت من آل فيفر يقتحمون منزلي ..أريدك ان تغادري حالا )

( حسنا .. إن كنت سأغادر ..فهي سترافقني بدون شك ) أمسكت يدي وهي تزم شفتيها بحقد فقام هو وأمسك يدي الاخرى كأنني دمية لا قيمة لها ولا رأي لها

قال بنفاذ صبر( أخشى أنك ستغادرين بمفردكِ أنسة سيرافيناَ فهي في منزلها فعلا )

هدرت بحقد قادر أن يزهق أرواحا ( مكان هذه المعتلة في مشفى الامراض العقلية وهناك سوف أخذها )

صرخ بصوت مهدد مخيف ( كفى ! لم يعد بإمكاني تجاهل تصرفاتك المريبة ، لا تجبريني على إستخدام العنف معك ياأنسة .. لقد إكتفيت من كل فيفر .. اغربي من هنا )

تراجعت بتوعد وصعدت في سيارتها ..رمقتني بنظرة مخيفة وغادرت بسرعة رهيبة ، فبدأت أمشي أيضا حتى أمسك ذراعي ( أنتِ لست منهم ..لم تكوني قط ولن تكوني ، ولا يهمني ذلك التقرير ، لأنكِ مثالية لي كما أنتِ .. إبقي معي .. أرجوكِ)

( تواجدك هنا بدوره يعتبر خيانة .. انت تعيش في حياة زوجتك الميتة .. الامر مثل مازلت معها )

ترجاني بيأس ( احتاج لهذه المال لاعتني بعائلتي وبك ..لاحميك من ال فيفر .. )

تنهدت بقنوط لأنه لا يدرك بعد ..فأجبرت نفسي على التراجع خطوة للخلف ( لا أريدك أن تهتم بي بثروتك ، بل بقلبكَ .. لكنك مازلت مرتبط بتلك المرأة بشكل ما، لا أستطيع تجاهل حقيقة أنني لم أعد أغلى مافي حياتك ، أنا أريد حبيبي أليكس البسيط ..بدون كل هذا .. وداعا )

لم أعد أستطع الرؤية بوضوح من دموعي ..أوقفت سيارة أجرة وتوجهت مباشرة لمحطة القطار ، إشتريت التذكرة وإنتظرت على إحدى المقاعد ، سيأتي القطار بعد نصف ساعة وسأغادر

لاأعلم لماذا تنزل الدموع على خدي ..على من أكذب .. مازلت احبه ..بل مازلت أعشقه ..حين قبلني أعاد لي كل مشاعر الحب التي إعتقدت أنني خسرتها ، قلبي لن يتوقف أبدا عن حبه

إنه توأم روحي ، لقد ولدت لأحبه ..تبا لك أليكساندر ..لماذا جعلتني أتي هنا مجددا ؟

ألا تعرف كم هو صعب تركك مجددا

لماذااا أنت لم تلحقني بعد ....

مسحت دموعي حالما صعدت الى القطار وأنا أعرف أنني سأفكر به كل يوم من حياتي وساحبه في كل نفس أخذه وسأشتاق إليه في كل نبضة قلب ..لكنني سأكون بخير في منزلي ..في حضن جدي سأكون آمنة ..أنت إبق هنا في نعيمك ياأليكساندر و أنا سأغادرك للابد

إستيقظت من غفوتي حالما سمعت صافرة القطار فوقفت متثائبة .. ومشيت ببطئ في الممر الترابي ..فردت ذراعي في الهواء واخذت نفسا عميقا وإنفجرت بالبكاء
وصرخت بصوت عال " لا يسعني سوى أن أحبــك إلى بقـية حياتي أليـكساندر ستـون "

أغلقت أنفي بيدي من الهواء الذي كان مليئا بالدخان .. رفعت رأسي للسماء فرأيت دخانا أسود يحجبها ..يأتي من إتجاه منزلي .. هذا لا يمكن أن يحدث ..ركضت عبر الاشجار ..ورايت الدخان يزداد كثافة ..ثم كانت صدمتي .. منزلي الحبيب إختفى .. كل ماتبقى منه اعمدة سوداء يرتفع منها دخان اسود كثيف

وسيرافينا تقف امام سيارتها ..شابكة ذراعيها لصدرها مع إبتسامة مستمتعة .

مشيت بخطوات متعثرة نحوها ، فقدت صوابي( ماذا فعلت ؟ اللعنة عليك ماذا فعلت ؟)

رأيت هوسها المخيف به داخل عينيها ( هذا تحذير صغير لكِ .. المرة القادمة ..سأحرق هذا الوجه المعتل ان لم تختفي من حياته )كان صوتها مثل سوط حارق ينزل على قلبي

دفعتني الى الارض بعنف وصعدت لسيارتها لتغادر مخلفة زوبعة غبار عليا ، فنظرت الى منزلي ..ولم استطع التنفس ..لم استطع التصديق ان هذا يحصل لي فعلا ..فكرت بالركض لداخله والتحول إلى رماد أيضا ..لكن ماأوقفني كان ظلا يقترب وسط الدخان الكثيف

تراءى لي شاب يتجه نحوي مهرولا ، يرتدي قميص أبيض خفيف وبنطلون جينز أزرق طويل يطويه من الأسفل

"أليكس!"

ركض إليا وعانقني متأكدا أنني بخير .. كان الحضن المألوف الذي إفتقدته ووجدت نفسي ألف ذراعي حول خصره وأدفن وجهي في صدره

وقلت مصدومة ( لقد أحرقت منزلي ودميتي وكل ماتبقى من ذكريات جدي، سيرافينا أخذت كل شيئ مني .. لم تترك لي أي شيئ )

( ليس بالضبط ..أنظري) أخرج من جيبه صورة وأعطاني إياها ..فإبتسمت لرؤيتي صورتي وأنا صغيرة مع جدي ..

قال مبتسما( أردت أن أضعها لكِ في إيطار وأهديك إياها ثم حدث ماحدث ..لكنني أبقيتها آمنة ، لقد أتيت ياحبيبتي .. كما أردتني)

سألته بتردد ( ماذا عن ثروتك ؟ )

نظرت إليه بعينين مذهولتين وهو يخبرني ( تركت مايكل يتولى كل شيئ ، لاأريد أن أزعزع إستقرار عائلتي ، ولا أظنك تملكين مشكلة معهم ، سيكونون بخير هناك .. وأنا سأكون بخير هنا معكِ )

حدقت به بسعادة غامرة .. أليكس إختارني أنا مجددا ..كانت هذه ثاني لحظة مثالية في حياتي ..إختارني على فيكتوريا سابقا والأن إختارني على كل ثروتها الطائلة .. هذا هو الأمر الوحيد الذي كنت بحاجة لمعرفته ، أن يثبت لي ولائه وأنه مستعد ليخسر كل شيئ ولا يخسرني ، كان هذا مهما جدا لي لأثق به مجددا ،ولا أعيش حياتي خائفة من أن يتركني مرة أخرى ..أن أعرف أنه مازال يحبني مثل السابق ومستعد حقا أن يتبعني إلى الجحيم

إعترف لي بصوت صادق ( أنت هي ثروتي ، أنتِ هي أولويتي الوحيدة ، سوف أعمل مثلما إعتدت ..سأعيد بناء منزل جدك ، لن تشعري أبدا بالفرق )

(لا ، مهما فعلت لن تعيد رائحة جدي ..لن تعيد ملابسه ولا جدرانه ..ولا أثاثه ) نظرت خلفي إلى منزلي ،وبقدر ماآلمني رؤيته محترقا إلا ان قلبي فرح لرؤية حبيبي أليكس ، فرحت أخبره مبتسمة وباكية في نفس الوقت ( هذا كل ماأردت التأكد منه ..أنني مختارة في قبك مرة أخرى )

( لطالما كنتِ .. كل ولائي لك ياملكتي ) وعدني وهو يحتضن وجهي بكفيه ( سوف أبني منزلا صغيرا لنا ..كما تريدين ياحبيبتي وسنصنع فيه ذكريات جديدة ..نحكي عنها لأحفادنا )

كنت سأوافق لكن قلبي لم يطاوعني ، كيف أعيده إلى تلك الأيام القاسية ، كيف أعرضه لكل تلك الإهانات مجددا ، كيف سأبعده عن إيرين التي ترى هذه الدنيا من خلال عينيه .. كيف سأحرم أرون وماكنزي من أبوهما الثاني ..

فركت لحيته بحنان ، وشعرت بكل الجليد يذوب بيننا ، قلت بصوت عاشق ( منزلي في قلبك .. منزلي أينما تتواجد أنت ، ومنزلك أنت بجانب أمك وأرون وماكنزي ، لايمكنني أن أبعدك عنهم فهم يحتاجون لك ، أنت أكثر من إبن وأخ ..أنت تملأ مكان والدك في حياتهم ..لذلك خذني إلى المنزل ..لأنني أحتاج لعناق طويل من أمي إيرين )

( أيا كان ماتريده ملكتي ) أومأ موافقا ثم نظر الى منزلي حيث إنعقد حاجبيه متوعدا ( لن أمرر لها فعلتها .. أقسمت أن لا أسامح أي أحد ينزل دموعك الغالية )

( ليس عليك ذلك ، واضح أنها لا تعلم أنها ستلاحق قانونيا إن تعدت على أملاكي ، كانت هذه من وصايا جدي ، لقد أحرقت نفسها بيدها ..سوف تسجن مثل بيتر الذي رهن سيارتي ..القاضي بلاكويل أخبرني بذلك شخصيا )

حملني بين ذراعيه قائلا ( لنذهب للمنزل )

صعدنا إلى سيارة أجرة التي أعادتنا إلى لندن لكن ليس إلى المنزل فسألته مستغربة ( ماذا نفعل هنا ؟ )

(لدي مفاجأة لكِ ) أمسك يدي ونزلنا قرب مطعم آل فيفر الفخم، وكان يغمض لي عيني طوال الوقت حتى توقفنا فنزع يديه ( أنظري للأعلى ) كان يده ملتفة حول خصري طوال الوقت

رفعت عيني فرأيت لافتة كبيرة فخمة مكتوب عليها " مطعم تاماني"

فشهقت ( ياإلهي .. لقد تذكرت ! )

وضع يدي فوق قلبه ، وقال " أحبكِ ياملكتي الحبيبة ..أنتِ إلى الأبد هنا"

نظرت إلى عينيه فرأيتني ألمع بداخل سوادهما وآمنة بداخل قلبه الدافئ ، ورأيت كل وحدتي تتلاشى بذراعيه اللتان تشدانني إليه بحب ، و روحي ترتبط بروحه الجميلة مثل الأحجار النادرة ..
و عبر إبتسامته المتألقة المثالية تأكدت أن كل شيئ سيكون بخير مجددا

فهمست مبتسمة " وأنا احبك ياملكي الحبيب ،وسأحبك طوال حياتي كلها إلى الأبد " .




التعديل الأخير تم بواسطة اوديفالا ; 27-04-21 الساعة 01:03 AM
اوديفالا غير متواجد حالياً  
التوقيع
“I stretch truths where I see fit. I’m a writer”
رد مع اقتباس
قديم 27-04-21, 01:19 AM   #60

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

الخــــاتمــة

بعد خمسة أشهر

تحت السمـاء الصافية ..وسط حديقة إزدهرت بألوان مبهجة زاهية .. قام دوغلاس بتربيتة لطيفة على كتفي مظهرا مساندته ..إلتفت للطاولة البيضاء أين يقف الأهل والأصدقاء متشاركين فرحة متحدة

بسلام في روحي ..وحب في قلبي ..رأيت فتاتي تخرج من منزلي الطفولي الذي تتدفق عليه أشعة الشمس وأكاليل من الورد ..كانت تضع تاج من اللافيندر فوق رأسها ..وخصلاتها البنية المجدولة تتطاير بحيوية من الرياح الناعمة ..وكذلك فستانها الحريري الأبيض الطويل الذي إنعكس نوره في عينيها الحالمتان ..وروحها الجميلة

سارت فتاة أحلامي إتجاهي بخطوات محبة ، لتشاركني كل حياتي وأحلامي وأمالي ، لتدعمني وتكوني سندي .. لنواصل طريقنا يدا بيد ونواجه معا العالم بآسره

إلتفتت بسعادة نحو أمي التي مسحت دموع السرور وإبتسمت مع كورتيس وأرون ،وأومأت بلطف لمايكل وزوجته ..وغمزت بسرعة لنيكول وروز .. ثم دارت حولها برشاقة لماري التي إلتقطت لها صورة .. وإستلمت قبلة في الهواء من ماكنزي ..ورفعت حاجبيها لدوغلاس بتكشيرة مازحة ..ثم إتسعت إبتسامتها لرؤيتها فاني تحمل طفلها الرضيع تقف لجانب جون الذي بدا على وشك ذرف دموع

ثم توقفت أمامي ولم يعد هناك سوى حب يضيئ أرواحنا .. ورائحة اللافيندر التي تحكي على ذكريات كثيرة بعد سوف تنسج من قصة حب بريئة . انها متألقة مثل شمس متوهجة ..تظننا نحتفل هنا اليوم بمناسبة قبولها في كلية القانون ..

رأيت تعابير وجهها المبتسمة الحلوة تتحول لدهشة حين ركعت على ركبتي ..رفعت الخاتم لها لتخفي شهقتها بيدها

" ملكتي التي تتربع على عرش قلبي ، لقد أخذتِ عقلي ..هل تقبلين أن تأخذي إسمي أيضا ؟"

كل ماإستطاعت التلفظ به هو " نعم " وكان ذلك كل ماأردت سماعه ..سعادتها حملتها لعالم ثاني حين ألبستها الخاتم .. فوقفت وآسرتها بين ذراعي ..لفت ذراعيها حول عنقي فرفعتها ورحت أدور بها بين بتلات الورود التي كانت ترميها ماكنزي وماري علينا ..

" أحبك أحبك أحبك ... " ضاعت في حلقة تكرار الكلام فطبعت قبلة معذبة على شفتيها تلخص كل كلمة أحبك يمكن أن تقال في العالم

كنا على وشك الجلوس الى الطاولة ثم إستدرنا نحو زمجرة الدراجة النارية التي وصل صوتها قبلها..

صاحت بحماس "هنري" وبدأت تقفز بشوق لأخيها المفضل

نزل الشاب المتمرد من دراجته قائلا بنبرة مرحة " أتمنى أنني لم أصل متأخرا ..لقد أضعت طريقي ..لحسن الحظ صادفت هذا السيد الذي أراني المنزل "

فتراجعت أعيننا نحو رجل يغلب عليه البؤس ..ذات لحية كثيفة تخفي تقاسيم وجهه ..ملابس قديمة رثة .. إنكمش قلبي آسفا على ماآل إليه حاله

" أخي" شهقت ماكنزي التي أفلتت دوغلاس لتركض نحوه ، لكن دوغلاس أبى أن يفلتها وثبتها تحت ذراعه أين صار موقعها اليومي منذ خروجه من السجن

إلتفت لأطمئن على أمي التي كانت مثل الجميع متفاجئة لرؤيته الان ..رأيت إرتياحها وكأنها دعوتها إستجابت لكونه بخير رغم بؤسه ..وبدى أرون مصدوما وكأنه إسترجع فترة سيئة عملت جاهدا طوال سنة أن أنسيه فيها

إيمانويل لم يكن من الجرأة ليضع عينيه بعيني ، ولا في عين أمي وأرون .. لكنه نظر لماكنزي التي راحت تقاوم دوغلاس ليفلتها ..وأخذ نفسا عميقا علق في حنجرته على شكل عذاب ضمير ..

شدت تاماني يدي لتجذب إنتباهي ، وهمست في أذني " سامحه لتشفـى وترتاح "

نظر للمنزل الذي عاد للحياة بعد أن طردت منه الشياطين ..ونظر للحديقة بحنين ..ثم أخفض عينيه للأرض مثل المنبوذ وإستدار مغادرا ..

ولا أحد كان لديه الجرأة ليطلب منه البقاء .. نظرت نحو السياج فرأيت بصمة أصابع أبي وإعتصر قلبي ألما على إبنه الضال .. آه ياأبي ..لقد سامحتك أخوكَ ألا أسامح إبنكَ .. مثلما كان لديه مكان بيننا في حياتك .. سيكون لديه مكان بيننا في مماتكَ

" إيمانويل "

توقف بمجرد أن ناديته ..فشهقت أمي التي توقفت عن التنفس منذ إلتفت مغادرا ..وإبتسمت نحوي ممتنة

قلت بقلب صافي " المنزل ليس منزلا بدون فرد ناقص منه ..تعال حتى نصبح عائلة مرة أخرى"

تردد لشعوره بالخزي من نفسه ..ففتحت ذراعي له وقلت بنبرة أبي العطوفة " سعادتنا لن تكتمل بدونك ..عد للمنزل ياأخي"

سار نحوي يجر قدميه بخجل ، وقف قبالتي ليرفع عينيه بذنب فضيع ، قال بصوت باكي ( لقد أتيت .. لكنني كنت متأخرا لأنها حصلت على كلية فعلا ..أنا أسف على كل شيئ مررتم به بسببي .. )

وضعت يدي فوق كتفيه وجذبته لأعانقه بتسامح فأجهش بالبكاء مثل طفل صغير ..ربت على ظهره وأنا أنظر لمنزلي الحبيب ..ورأيت في مخيلتي أبي يقف هناك سعيدا لأن عائلته بخير .. قمت بأخذه نحو أمي فعانقها بحرارة قائلا " أنا أسف ياأمي "

أومأت أمي باكية .. وتركته بصعوبة حين وقفت ماكنزي وارون امامه ، تنهد عميقا وكأنه أول مرة يراهما فيها ..تلك الغشاوة في عينيه التي كانت تضع حجابا بيننا وبينه قد زالت بمغادرة شياطينه ..ورق قلبه نحوهما ليفتح ذراعيه ويحتضنهما قائلا بأسى " سامحاني ياعزيزاي . .إلهي لقد كبرتما كثيرا "

" نحن سامحناك فعلا ..فأنت واحد منا وبدونك نحن لا نكتمل" أخبره أرون بصوت رهيف

أمسكت بيد حبيبتي وإتجهت للطاولة البيضاء المزينة بورود أمي الجميلة وأطباق كورتيس اللذيذة ، جلسنا جميعا عدى إيمانويل الذي شعر بالإحراج فشجعته " أنا أحب كل إخوتي على حد سواء ..إجلس إيمانويل وشاركني حفلة خطوبتي "

وغمزت لماكنزي لأستثنيها ..فإبتسمت لانها تعرف أنها تحتل مكانة خاصة في قلبي ..

جلس إيمانويل بجانب أمي ..ونظر الى كورتيس الذي وقف بإبتسامة عريضة أعادت بهجة يومنا الجميل وقال :

" أنا أود ان أدلي ببضعة كلمات ، هنيئا أليكساندر وخطيبته الجميلة تاماني ، أتمنى لكما حياة سعيدة مليئة بالحب ..زوجتي الرائعة .. وأولادي الرائعون .. أصدقائنا الأعزاء .. أتمنى أن يجلب هذا اليوم السعيد المزيد من الأفراح معه..طبعا بدون أن أنسى هنيئا لك ياأرون لقد جعلتنا نفتخر بك ..أنا واثق أنك ستكون رجل أعمال ناجحا مستقبلا ، أليكساندر يحتاجك بجانبه ..فكن دائما وفيا له."

أومأ أرون بحماس لانه أيضا حصل على المرتبة في دفعته رغم تخلفه لأشهر عن الدراسة وجعلني فخورا .. ومفرط السعادة لدرجة أنني أخبرت كل شخص أصادفه بذلك ..حتى جيفري فيفر الذي بالكاد أتبادل معه التحية ..

قلت بفخر " هنيئا لك يابطلي "

صفقو له بحرارة معي حتى وقف دوغلاس " أود ان أدلي بكلمة "

ردد بصوت مشاغب ولهان " أحبكِ يا زوجتي الحلوة ! "

وريثما إنتظرت لينهي كلامه ..جلس وعانقتها بذراعه هامسا " متوشحتي " وغمزها بطريقة متمردة

" ياصهري ..لم تقل لي هنيئا حتى" تذمرت

فرفع يده نحوي بقلة إهتمام واضح " آه .. هنيئا لك ياصاحبي " وعاد ليضع كل تركيزه على ماكنزي التي غزاها بعض الإحمرار من طريقة تغزله الصريحة لها أمامنا ولم يلبث دقيقة حتى إنكمش حول نفسه وإحمر متألما ..أوه نعم ..أنا فخور لأنني علمتها هذه الحركة ..دوغلاس سيعاني كثيرا بعد .. وأختي الصغيرة ستتخرج قريبا بعد أن تنهي دراستها في المنزل ..وهي ستجعلني فخورا أيضا

بينما كان جون يدعو هنري لزيارته في الهند ، إلتفت نحو حبيبتي فسمعت فاني تخبرها بمأساوية " بعد صفحك لسيرافينا ، خرجت من السجن لكن المجتمع لم يصفح عنها ، أدلى خطيبها السابق بتصريحات قذرة جدا بشأنها حين إكتشف طمعها وخيانتها وكل مؤامراتها الفظيعة..رأيتها صدفة تخرج مع السيد جاكسون كونه الرجل الوحيد الذي بقي في قائمتها بعد أن صارت منبوذة من الجميع لقبح أخلاقها "

ذهلت تاماني لهذا الخبر ..وسرعان ماتجاهلته لتسألها بشيئ من التردد " كيف حال والدتي؟ "

تعوجت شفتي فاني بغبطة " تعيش في جحيم كلارا ، تلك الفتاة صارت جامحة جدا ،تخيلي لقد خدشت وجه أمها لدرجة النزيف وتقابحها بأسوء الألفاظ ، سجلي كلامي ، كلارا هي عقاب من الله .. اللايدي سيليستيا أصبحت معزولة في فيلتها ..لا أحد يزورها ..لاأحد يدعوها ، المجتمع الراقي تخلى عنها بسبب فضائح بيتر وسيرافينا ..إنتهى بها الامر وحيدة جدا بحيث صارت تبدو أكبر بخمسين سنة .. ولاأحد من أولادها فعلا يكترث لأمرها ..ولا حتى زوجها .. صارت تلك الفيلا موحشة جدا "

مررت أصابعي حول شعرها الناعم لأقطع هذا الحديث الذي يؤلمها ..هي تريد معرفة إن كانت والدتها نادمة ..وأنا أعرف أنها ليست كذلك ، فمن بين جميع أولادها الستة هي كرهت الإبنة الوحيدة التي إكترثت لأمرها فعلا ..الوحيدة التي أرادت فقط حبها

غيرت فاني الحديث حين أدركت أيضا كم يحزنها لتضع في حضنها طفلها الوسيم " إجلس قليلا عند عمتك المفضلة"

حضنته بقوة وأمطرته بالقبل ثم إلتفتت لي مبتسمة " ذات يوم سنحظى بالكثير من الأطفال "

مسدت وجنتيها برفق " طبعا ..لكن طفلتي المفضلة ستكون دائما تلك التي أناديها ميمي"

قرصتها على خدها لتفيق من سعادتها التي نقلتها مجددا لعالم الحب الذي سيعيش إلى الأبد في قلوبنا ..فأعادت الطفل لأمه وعانقتني واضعة رأسها على صدري ..وكلانا نظرنا للعائلة السعيدة والأصدقاء الذين يحتفلون معنا بحبنا ورباطنا الابدي ..فهمست لها " لأيام وسنين طوال ستبقين ملكتي الحبيبة"

أخذتني الذكريات إلى الماضي ..أين قرر شابان ريفيان القدوم إلى لندن أملا في الحصول على وظيفة محترمة ..أحدهما كان أنا .. أصدق أن قدومي إلى تلك المدينة كان لألتقيها ..كانت الملاك التي أرسلت لي لتحقق معجزتي ..والأن هي أغلى شخص في حياتي

اليوم أبدأ رحلة جديدة مليئة بالأمل والإيمان ..وبالرغم من أنني مازلت لا أعرف ماذا ينتظرني .. إلا انني متفائل ولايسعني سوى أن أتخيل أن السنوات القادمة ستكون جميلة برفقة العائلة السعيدة التي تحيط بي الأن ..أحيانا نحن هنا ..وأحيانا في هامبستيد ..لا يهم حقا أين تأخذنا الحياة .. منزلي و راحتي و سعادتي بين أحبائي ..ولطالما غاليتي معي ..سأظل مبتسماً .. دائما.

النهاية.

في أمان الله ♡



اوديفالا غير متواجد حالياً  
التوقيع
“I stretch truths where I see fit. I’m a writer”
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:35 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.