آخر 10 مشاركات
همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          عندما تنحني الجبال " متميزة " مكتملة ... (الكاتـب : blue me - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          فتاه ليل (الكاتـب : ندي محمد1 - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          فتاة المكتبة(61)-قلوب النوفيلا-للكاتبة فاطمة الزهراء عزوز{مميزة}-[كاملة&الروابط] (الكاتـب : Fatima Zahrae Azouz - )           »          البحث عن الجذور ـ ريبيكا ستراتون ** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree626Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-06-21, 12:07 AM   #291

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماسال غيبي مشاهدة المشاركة
فقط ارجو ان تجعليها انتي قوية تقف غلي قدميها ...و عوضيها خيرا..اجعليه يندم لانه بدل الذي هو اعلي يالذي هو اسفل... انا شبه متاكدة انه سيرتبط بسلمي اتمني فقط ان لا يصل الامر للزواج
مرام فعلا شخصية قوية قدرت تنجح وتأسس بيت ناجح وعمل وتكون شخصية سوية نفسيا رغم الظروف القاسية اللي نشأت فيها، كريم حنشوف حيعمل ايه الفصول الجاية، ممنونة لمتابعتك ماسال🌹


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 12:10 AM   #292

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سوسن شريف مشاهدة المشاركة
جميلة جدا مليئة بالمشاعر مليئة بالكبرياء الذي داس على الذل والتعلق المريض بغض النظر عن التأمر والكذب فشعور الانتصار على من يعتبر وجودك مسلم دون ان بعطيك قيمة شعور فيه كل الرضا رغم الالم الذي لابد ان ينتهي مع الايام
صحيح معاك حق كل ألم بينتهي وينسي مع الوقت الانسان بيجيد التأقلم، وفعلا بيكون اكبر عقاب للي مسلم بوجود ناس في حياته انهم يرحلوا، ممنونة لمتابعتك وتعليقاتك الدايمة سوسن🌹


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 12:13 AM   #293

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة kotok مشاهدة المشاركة
فصل موجوع مرررة لدرجة قلبي مررة بيوجعني ماشاءالله لاقوة الله من وصفك الرائع لأدق التفاصيل
اورع وصف وصف العناق عيوني دمعت
حقيقي الله يسامحك كيف ح اروح الدوام
طبعا ح ارجع اقرأ البارت تاني
سلامة قلبك من الوجع، موفقة في عملك يارب، تسلمي يارب علي كلماتك🌹


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 12:20 AM   #294

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
فصل مؤلم جدا استطعتي ان تجعلينا نشعر بكل الم مرام وكريم

انا واثقه ان كريم الان ليس مستعد لدخول تجربه حياة جديده حتى لو كانت الاخرى سلمى
الان هو منهك من كل ماحصل له

يحتاج فترة نقاهة

ربما لن تكون طويله جدا مع زن سميره المدعوم بسم سلمى التي تبثه لها

مرام بحالتها الان لن تنتبه لنفسها ولكن انا اشك انها حامل وفترة عدتها ستطول

كل مااتمناه ان لايصل كريم وسلمى للزواج وان تنكشف لعبة سميره وسلمى وان يكون مصير سميره مثل مصير سلمى الان

عنري ماتخيلت اتمنى خراب بيت كما اتمنى الان ان تعود سميره لاخيها بخزيها لانها بالفعل خرابة بيوت وتستحق اللقب وان يتجنبها الكل وكأنها شؤم وتصبح منبوذه

علي وصحوته لايزال امامهم الكثير هو ولينا ليصلا للاستقرار
هو الان مجرد شعور بالذنب ولا اتمنى ان يصل به الحال الى رغبته بلينا فقط بسبب غريزة رجل واحتياجات بل اتمنى ان يتعرف عليها اولا وينتبه لها كانسانه وتتسلل اليه بالتدريج وهو ايضا يتسلل الى داخلها

ويبقى عندنا سر لم نعرفه سبب رفض العرسان لها بعد ان تجلس معهم

صفاء هذه حاله صعبه وتحتاج لعلاج نفسي

عمار متصالح مع نفسه وسيصل قريبا لمعرفة شعوره اتجاه صفاء

مسألة وقت فقط

عصمت هذا صمام امان الروايه ياريت تزوجيه لسيده محترمه محبوبه ولو اني لااحب الكبار ان ينجبوا ابناء لكن عصمت يستاهل ان ينجب اولاد اخرون ويحصل على بنت يدللها ويدلعها ويكسر انف سميره التي اكرهها جدااااااااااااااااااااااا اا
ام سوسو وريفوهاتك المفصلة الجميلة تسلمي يارب🌹كريم فعلا في حالة تخبط وعنده مشوار لفهم نفسه ومعرفة هو بيحب مين، كريم متهور وعصبي عشان كده بيوقع نفسه قبل مايفكر حيبان حيوصل لفين مع سلمي في الفصول الجاية ان شالله، لينا وشرطها اللي بيطفش العرسان حيبان بعد فصلين ان شالله، فعلا صفاء وضعها النفسي صعب لان تجربتها صعبة جدا علي أي أنثي صفاء انتهكت حرمة جسمها علي وسائل التواصل، اما عصمت ففعلا محظوظ اللي عنده شخص مثله في الحياة، وحنشوف حيعمل ايه مع سميرة


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 12:23 AM   #295

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميره مير مشاهدة المشاركة
الفصل مؤلم جدا حزنت جدا مرام قويه بالرغم من كل ضعفها مع كريم وظروفها الصعبه مش بس مرام حتى لينا وصفاء وضعهم صعب جدا وكل وحده عايشه حياتها بصعوبه يمكن مرام اهون وحده فيهم فهي عالاقل مهندسه ناجحه والي حصل ليها بسبب دخول الحيه وبسبب حماتها ان شاء الله الي جاي احسن للجميع ويسلمو ايديكي
الله يسلمك ميره، صحيح مرام بالفعل شخصية قوية حتي لينا وصفاء فيهم قوة رغم ظروفهم الصعبة لانهم لسه صامدين وبيقاوموا رغم الظروف القاسية اللي مروا بيها، ممنونة لمتابعتك ميرة🌹


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 12:27 AM   #296

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سناء المغربية مشاهدة المشاركة
لقد المتني حقا حالة صفاء اشعر بالخدلان 😭😭😭😭😭😭اتمنى فعلا ان تقف على قدنيها وتعود اقوى من ما كانت (اعتقد ان مرام حال اتمنى ان تصدق شكوكي
صفاء فعلا وضعها صعب لان تجربتها مريعة لاي أنثي، وحنشوف ان شالله الفصول الجاية حتقدر توصل لبر الأمان ولا لا، ممنونة لمتابعتك سناء🌹


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 12:30 AM   #297

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لامار جودت مشاهدة المشاركة
والله قلبى وجعنى فصل يوجع القلب واضح ان كريم عنده عقده نفسيه من الحب عشان كده مش عايز يصنف مشاعره ناحية مرام بالحب خوفا من فقدها عبيط اهو فقدها بغباءه بس برضه صعبان عليه وواضح أن على هببدا يفوق وهنشوف قصه حب عادى الراجل قلبه واسع يقدر يحب كذا واحده مفيش راجل مخلص ابدا
عسل يالامار اهو كريم خد علي ايدك لقب جديد العبيط😀
علي حنشوف فعلا حيحب لينا ولا حيفضل قلبه متعلق بتسنيم، ممنونة لمتابعتك لامار🌹


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-21, 12:33 AM   #298

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة duaa.jabar مشاهدة المشاركة
الفصل جميل جدا وصفك لمشاعر كريم ومرام كان مو طبيعي فعلا اصعب خساره هي خسارة المسلم بهم في حياتنا لكن الفراق قد يأتي في مصلحة الجميع مرام بحاجة لعالم تبنيه كي يقل احساسها بالنقص بسبب فعلة ابويها بحاجة لان تدعم وتقوي نفسها الرجل فقط ليس بكافي لبناء عالم هي بحاجة لترى مكانتها عند اصدقائها والاب الذي تستحق عصمت الاب بالفطره للجميع ولا اعرف صراحه كيف سميره تستكثر مرام على ابنها ولا تستكثر عصمت على نفسها شخصية انانية تستحق الاسوء وهو قادم بشخص سلمى والصراحه اتمنى ان تذيقها المر كي تعرف بما ضحت في سبيل امالها الغريبه عمر الشكل ماكان قياس مرام منحت كريم علما ملييء بالطمأنينه والمراعاة والمفروض بسميره برؤيتها لراحة ابنها ان ترتاح لكن انانيتها خربت حياة الكل
علي اتمنى ان لايتقرب من لينا بدافع الذنب لكن ان يرى جمال روحها وبياض قلبها
صفاء العلاج النفسي ضروري لتقف على اقدامها لان الاكتئاب واضح عليها وهناك من هو مستعد لتعويضها فقط ان اتضحت ماهية مشاعره وبأنتظار القادم
صحيح معاك حق مهما كان قوة العلاقة والحب اللي بيجمع بين الزوجين مينفعش الزوجة تكتفي بعالم زوجها فقط، محتاجة عالم يكون زوجها جزء منه وليس كله، وده اللي مرام حتعمله الفترة الجاية، سميرة اكبر دافع عندها حتي لو هي معترفتش بيه هو الغيرة، هي بتغير علي ابنها من مراته عشان كده مش قادرة تتقبلها، تسلم ايديك علي الريفيو التفصيلي ده دعاء🌹


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-06-21, 12:47 AM   #299

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السادس عشر

مرت ليلتها الأولى بدونه وسط ثرثرة لينا التي لا تنتهي وكأنها تلهيها عن مجرد التفكير في حالها حتى غلبها النوم فنامت، لم تشاهد ملامح لينا المرتاحة عندما شاهدتها تغفو، رمت قناع مرحها التي ارتدته طوال الليل من أجلها وظهرت أخيرا مشاعرها الحقيقية، تشفق عليها بشدة مدركة ما ستعايشه في الأيام المقبلة، زفرت بحرارة وهي تقوم من مكانها تتجه للنافذة لتشاهد حركة السيارات، لا تفهم للآن لماذا يفعل أبواها معها هكذا، دوما كان أبيها يغرقها بحبه ودعمه، وتعلم لو عاشت أمها رحمها الله لكانت أحن أم، حتى صفية رغم كرهها لها إلا أنها تعترف أنها أما جيدة لأبنائها، والدي مرام بالنسبة لها نموذج غريب لم ترى مثله أبدا، غضب شعرت به تجاهه هو السبب في ألم صديقتها، لم تتخيل أبدا أن يؤلم صديقتها بهذا الشكل، دوما كان معها محبا مراعيا يغار بجنون، حيرة تولدت داخلها وهى تتساءل لو المشاعر التي يحملها كريم لمرام ليست حب فكيف هو الحب إذا؟.
صوت نغمة الرسائل وصلها فقطبت بضيق فعلي أرسل لها عشرات الرسائل، كل دقيقة يسألها هل هي بخير؟، أمسكت الهاتف تكتب له" أنا بخير علي الحمد لله، لا تقلق بيت صديقتي أمان، أنا سأنام الآن تصبح على خير".
ثم استقرت علي الأريكة المقابلة لمرام محاولة الاسترخاء والنوم.
مرام التي كانت غارقة في نوم عميق كعادتها هاربة من آلامها وأحلامها كلها كانت عن عناقها الأخير مع كريم حتى أشرق الصباح.
فتحت عينيها علي صوت مرام الهادئ: هيا أيتها الكسولة.
نظرت لمرام بدهشة وهي تعتدل تسألها: لماذا تلبسين ملابسك؟
أجابتها مرام ببساطة: للذهاب للعمل بالطبع.
سألتها باندهاش: هل ستذهبين إلي العمل اليوم؟
بنفس البساطة أجابتها: بالطبع وما الذي يمنعني من الذهاب، ثم أردفت بامتنان: كانت فكرة الكمادات رائعة، عيناي تبدوان أفضل بكثير من أمس، شكرا لك لينا، هيا لقد اتصلت بصفاء وأظنها على وشك الصعود إلينا، تجهزي سريعا حتى نفطر معا.
أمسكت لينا كفها تقول لها: ليس عليك أن تضغطي على نفسك بهذا الشكل مرام، فلتأخذي استراحة كافية قبل مواجهة كريم التي أعرف أنها ستكون صعبة عليك، خذي علي الأقل اليوم إجازة.
-أنا بحاجة لأن أنشغل لينا، بحاجة لأن أغرق نفسي في العمل، الفراغ سيدفعني للتفكير وهو أكثر ما يؤلمني، ولا تقلقي أظن أنني قادرة على مواجهة كريم، هيا حتى لا نتأخر.
بدعم ضغطت علي كفها تقول: نحن بجانبك مرام تذكري هذا جيدا، لست بمفردك.
-لا حرمني الله منكم أبدا لينا، لا أعلم كيف كانت لتكون حالتي أمس لو لم تكونوا بجواري.
سمعا صوت جرس الباب فتحركت مرام لفتح الباب قائلة: لا بد أنها صفاء، بينما تحركت لينا لتتجهز للعمل.
فتحت مرام الباب لصفاء ترحب بها بابتسامة قائلة: صباح الخير صفاء.
ثم أفسحت لها الطريق لتدخل، أردفت وهما يتحركان معا للصالة: بالأمس لم أشكرك على عنايتك بإياد، لقد سعد كثيرا بالليلة التي قضاها معكم، لقد أتعبتك كثيرا معي.
بخجل قالت لها: أنا لم أفعل شيئا مرام، ثم بنظرة شاردة أكملت: بل أنا من يجب أن يشكرك، لأول مرة منذ فترة طويلة أنام بعمق ليلا وأنا بجانب إياد، دوما ليالي كانت أرقة أصحو على كوابيس تطير النوم من عيني، لكن عندما نام إياد بجواري وكأن الكوابيس خافت منه، بارك الله لك فيه مرام، إنه مثلك يعطي طاقة من الهدوء والراحة في المكان الذي يتواجد فيه.
التمعت عينا مرام تأثرا من كلام صفاء، تشفق على هذه الفتاة بشدة، يؤلمها قلبها عندما تتذكر ما حدث لها، عندما تتذكرها قبل زواجها في المرات التي قابلتها فيها كم كانت فتاة مرحة مبتسمة على الدوام، أما الآن فهى فتاة مذعورة خائفة تتهرب من مواجهة الناس، جلست بجانبها تقول لها: هل تعلمين أنني معجبة بك للغاية صفاء؟
نظرة عدم التصديق في عيني صفاء جعلتها تستطرد بتأكيد: أنت قوية تحاولين، برغم صعوبة التجربة التي مررت بها إلا أنك ما زلت صامدة تحاولين العيش، صدقيني لو كنت مكانك لم أكن لأستطيع أن أتجاوزها صفاء، أنت رائعة.
ابتسمت صفاء ابتسامة باهته تقول لها: شكرا على محاولة رفع معنوياتي مرام.
بابتسامتها الرائقة أجابتها: أنا لا أجاملك هذه حقيقة أنا معجبة للغاية بك، ثم أردفت بنبرة حذرة: هل فكرت أن تلجئي لطبيب نفسي صفاء ربما سيساعدك بشكل أفضل لتتغلبي علي ما تشعري به.
نظرت لها صفاء فرفعت لها إصبعها محذرة تردف: إياك أن تقولي لي هل تظنين أني مجنونة لألجأ لطبيب نفسي!
هزت صفاء رأسها تقول لها بتعاسة: اطمئني لا أفكر بهذا الشكل ولكن، ثم رفعت عينيها لمرام تردف بألم: لا أستطيع أن أقص ما حدث على أحد، أنا بالأصل أهرب حتى لا أتذكر، لا أستطيع يا مرام.
تفهمتها مرام، ربما لأنها عاشت عمرها كله تهرب من آلامها وخيبتها واكتشفت أخيرا أن الهرب هو أسوأ الحلول الممكنة، ترجمت أفكارها لكلمات تخبرها: الهرب هو أسوأ الحلول يا صفاء، اكتشفت هذا أخيرا، وصدقيني لو أخبرتك برغم ألم المواجهة إلا أنها تريح تشعرك بتصالح مع نفسك، بقبول لذاتك، ربما أنت لست مستعدة الآن لمواجهة آلامك ولكن يوما ما ستضطرين لهذه المواجهة حتي تنجحي في إكمال حياتك، ثم أردفت بابتسامتها الهادئة: وأنت مرحب بك على الدوام لتبقي معنا أنا وإياد حبيبتي، أنا وإياد نحبك كثيرا.
-شكر لك مرام.
بنبرة مترددة سألتها: كيف فعلتيها؟
ظهر عدم الفهم على وجه مرام فأكملت بنفس التردد: لا تفهميني بشكل خاطئ، أنا رأيتك أمس وأول أمس كنت منهارة، كيف استطعت أن تتماسكي بهذه السرعة.
ابتسمت مرام وهى تجيبها ببساطة: اطمئني لم أفهمك بشكل خاطئ، نظرت إلي الأشياء التي بيدي فوجدتها كثيرة، إياد، أنت، لينا، منال، عمي عصمت، عمار، عملي، لقد حرمت من الكثير ولا أنكر قلبي يؤلمني كثيرا، ولكني وجدت الله أعطاني مقابله الكثير، سأتمسك بما في يدي حتى لا يضيع وسأقاوم ألم قلبي وأنا أعلم أنه يوما ما سأتجاوز هذا الألم وأنساه.
قاطعهم دخول إياد وهو يقول لأمه: لقد أنهيت لبس ثيابي أمي.
ثم التفت لصفاء بملامح متهللة فسألته بابتسامة: كيف حالك إياد؟
رد عليها الصغير: بخير صفاء.
بلوم رقيق عاتبته أمه: لا يصح أن تناديها باسمها حبيبي.
قالت لها صفاء: لا عليك مرام أنا من طلبت منه ذلك فنحن أصدقاء، اليس كذلك إياد!
هز إياد رأسه بحماس فابتسمت له مرام بحب قبل أن تدخل لينا متذمرة تقول: هل تعلمين أنك مديرة متسلطة، ماذا كان سيحدث لو نمنا اليوم وأخذنا إجازة، أليس كذلك صفاء؟
ابتسمت لهم مرام وهي تقول: كف عن الكسل لينا، هيا بنا لنفطر فأمامنا يوم عمل طويل.
تحركت أمامهم فتعلقت عيونهم بظهرها بشفقة، يعلمون أن مواجهتها مع كريم لن تكون سهلة، كيف ستراه كل يوم أمامها في العمل، كيف ستتجاوز هذا الألم، لم يكونوا يعرفون أن لمرام خططا أخرى للهروب من أسر كريم؟
تحركوا للمطبخ معا، ثلاث نساء جمعهم القدر، تحمل كل منهم داخلها حكاية، قصة تؤلمها وتخبئها في الأعماق لتستطيع العيش، تساند كل منهم الأخرى بروحها وتعطيها أملا وتدعمها وهي أحوج ما تكون للدعم، حكايتهم نسجها القدر وجمعهم في طريق واحد مشتركين بألم الفقد والخذلان.

******************************
قلق هو عليها اتصل بلينا وصفاء عدة مرات بالأمس وطمأنوه أنها بخير، إلا أن قلبه لن يرتاح إلا لو رآها أمامه، يتمنى أن يتصل بها ليسمع صوتها ولكنه يخاف أن يوقظها في مثل هذا الوقت المبكر، بالتأكيد هي بحاجة للراحة بعد ليلتها الطويلة بالأمس، قلق عليه هو الآخر بانعزاله منذ أمس في حجرته رافضا أي تواصل معهم، صوت رنين الهاتف نبهه من أفكاره، كان جالسا يشرب قهوته الصباحية استعدادا للذهاب لعمله بجواره سميرة الباكية على حال ابنها، فتح المكالمة مرحبا بعمار: كيف حالك بني.
-أنا بخير حال عمي، كيف حال كريم؟ أتصل به ولا يرد علي.
-حاله سيء عمار كما تركته، منذ الأمس في حجرته.
سأله: ألن يأتي اليوم؟ ظننته سيأتي عندما يعلم أن مرام قد أتت للمكتب.
نهض عصمت يسأله غير مصدق: هل أتت مرام للعمل؟
سمع صوت عمار يجيبه: لقد اندهشت عندما وجدتها أمامي منذ قليل، لم أظن أنها ستأتي اليوم.
سأله عصمت بلهفة: كيف حالها؟
رد عليه عمار بحيرة: لا أعرف، ظاهريا تبدو بخير، هادئة كعادتها ولكن لا أعرف كيف أصف لك، عيناها بها جمود غريب يا عمي، كأنها شخص آخر.
زفر عصمت بضيق، أكثر ما يخيفه أن تتغير مرام، أن تفقد نفسها وسط الألم والخذلان الذي تعرضت له، أن تتخلى عن روحها الهادئة المطمئنة وتفقد اليقين بالحياة، هذه البنت يحبها وسيفعل المستحيل لتبقى كما هي نقية الروح والقلب في عالم لا يعترف إلا بالشرور.
قال لعمار بهدوء: أنا سأتركهم بأمانتك يا عمار، أنت متواجد معهم باستمرار، تعرف مدى عصبية كريم وتهوره، لو حدث أي شيء اتصل بي ستجدني أمامك في دقائق.
بصدق قال له عمار: أنت لا تحتاج لأن توصيني عليهم عمي، فمرام في منزلة شقيقتي أما كريم فهو أخي الذي لم أحظى به.
-أعلم بني أعلم.
سأله عمار: هل ستقول لكريم أن مرام أتت للعمل.
-بالطبع سأخبره عمار، إنه بحاجة لحافز قوي حتى يخرج من حالته، ومرام بحاجة لأن ترى كيف تأثر بفراقها، إنها بحاجة لأن ترى مكانتها في عينيه لتهدأ، كلانا يعلم كم يعشقها ولكن عقله يعشش فيه الغباء، صدقني لو كان عندي أدنى شك في أنه لا يحبها لساندتها حتى تتركه و تنساه ولكني أعلم أن كريم لا يكتمل إلا بوجودها وربما هو يتألم أكثر منها للفراق.
سمع تمتمة سميرة الساخطة" لا تقول علي ابني هذا، ابني لم يكن يوما غبيا"
تجاهلها وهو يستمع لعمار: وأنا متفق معك عمي، أشعر بما تشعر به، كريم لا يفهم نفسه ولا أعرف السبب، كلاهما يكتملان بوجود بعضهما البعض، كم أتمنى أن تزول هذه الغمة سريعا ويعودان لبعضهما كما كانا وأفضل.
-إن شاء الله عمار، والآن أريدك أن تستعد جيدا فبعد قليل ستأتي إليك عاصفة.
ثم ودعه واتجه لغرفة ابنه تحت نظرات سميرة الساخطة من حديثه، طرق الباب وكالعادة لم يجد رد، فتح الباب فوجد ابنه نائما وهو جالس علي الفراش في وضع غير مريح بالمرة، تطلع إليه بإشفاق ثم هزه برفق مناديا عليه بخفوت: كريم.
رد عليه من وسط نعاسه: مرام اتركيني خمس دقائق.
زفر عصمت بضيق واشفاقه يزيد علي وحيده، قال له بهدوء: أنا لست مرام.
فتح كريم عينيه بحيرة وهو يستمع لصوت والده، كيف يدخل ومرام نائمة بجواره؟، مد يده بتلقائية يتحسس الفراش بجواره ليوقظها ولكن يده اصطدمت بالفراغ، تطلع لثواني لمحيطه وكأنه يتساءل لماذا يتواجد هنا بغرفته القديمة، لحظات وضربه الإدراك، وذكريات الأمس تتدفق لذهنه لتفيقه، عاود إغلاق عينيه وهو يقول لأبيه: لماذا توقظني الآن أبي، لقد نمت بصعوبة بالأمس.
بهدوء أجابه عصمت: أوقظتك لتذهب للعمل.
-لن أذهب للعمل اليوم، قل لعمار.
قال له عصمت ببراءة مصطنعة: عمار اتصل منذ دقائق لهذا أوقظك، يسألني هل ستأتي للعمل أم لا لأنك لا ترد عليه، يبدو أنه هناك أمر هام في العمل فمرام ذهبت بالفعل.
كما توقع بالضبط، هب كريم من مكانه يسأله: هل ذهبت مرام للمكتب؟
وعندما أجابه والده تحرك بلا تفكير ليتجهز ليلحق بها.
ترك له والده الحجرة متمنيا أن تنصلح الأمور بين ولديه، دقائق وكان أمامهما بالصالة يلبس حذائه تحت نظرات سميرة غير الراضية وهي تحايله حتى يأكل شيئا ولكنه رفض وودعهم بعبارة سريعة وانصرف، فالتفتت سميرة لزوجها ساخطة تقول له بانفعال: لم أرى أب يفعل بابنه مثلك، تقف في صف تلك اللعينة التي تحزنه وتعاتبه هو.
وقف يقول لها متجاهلا كلامها: سأذهب للعمل هل تريدين شيئا؟
بعصبية قالت له: لماذا تتجاهل كلامي؟ ماذا فعل ابني حتى تحزنه تلك اللعينة بهذا الشكل، لقد أراد الزواج، هل أخطأ، إنه حقه، لو كان وجد فيها ما يرضيه لما نظر للخارج.
نظرة غريبة اعتلت عينيه وهو ينظر لها ثم فتح باب الشقة يقول لها: ربما أتجاهله حتي لا تضطريني لما سأقوله الآن، ظننتك خير من يعلم كم يؤلم المرأة أن يفكر زوجها بالزواج عليها، ظننتك ستقفين وتقولي لابنك أن يتعقل ولا يهدم بيته، ظننتك ستدركين مدي ألمها أنت دونا عن غيرك.
شحب وجهها مع كلماته بينما أنصرف هو غالقا الباب خلفه بضيق من نفسه، لا يحب أن يذكر هذا الموضوع أمامها لمعرفته بمدى حساسيتها تجاهه ولكن ماذا يفعل إنها تصر على أن تخرجه من طوره بدلالها الزائد لكريم وعدائها غير المبرر لمرام.

*****************************************

توتر عمار فور وصوله رسالة من عصمت يخبره أن كريم بالطريق، قام من مكانه ينظر من النافذة مترقبا وصول صديقه، سألته مرام: هل هناك شيء عمار؟ تبدو قلقا.
أجابها وهو مازال يراقب الطريق: لا يوجد شيء مرام، لا تقلقي.
اندهشت وهي تسمع صوت صفاء الهامس: إنه هكذا على الدوام.
تطلعت مرام لها بدهشة تسألها بهمس مماثل: لماذا تقولين هذا صفاء؟
أجابتها بخفوت: إنه متجهم علي الدوام، متوتر وقلق أنه يخيفني.
نظرت لها بدهشة لم تفارقها تقول لها: هل تتحدثين عن عمار، بالعكس عمار شخص هادئ مرح لا بد أنه قلق من أمر ما وحسب.
هزت صفاء كتفيها تقول: لم أره هكذا أبدا، دوما متجهم.
نقلت مرام بصرها بينهما وهي تتساءل داخلها بحيرة: لماذا ترى صفاء عمار بهذا الشكل؟ هل بالفعل يتجهم عندما يراها؟، عزمت على أن تراقبهما لترى السبب.
قال عمار بتأهب وهو يلمح سيارة كريم أسفل المبني: لقد وصلت العاصفة.
سألته مرام : أي عاصفة عمار؟
لم يجد عمار وقتا للرد، فقد دخل كريم المكتب ولا يعلم كيف وصل بهذه السرعة، عندها أدركت مرام ماذا يعني عمار بالعاصفة.
وقف الجميع بتحفز بينما ظلت مرام جالسة بمقعدها وهي تراقب دخول كريم العاصف، اقترب منه عمار يسأله: كيف حالك كريم؟
أجابه بعصبية: في منتهى السوء كما ترى، لم أنم بالأمس وكله بسببها.
قالها وهو يشير لمرام بإصبعه، ثم أردف قائلا: أريد مرام علي انفراد من فضلكم غادروا جميعا.
لم يغادر أحد المكان بل تحلقوا حولها كأنهم يحموها منه فزادت عصبيته فصرخ بهم: اريد زوجتي علي انفراد ألا تسمعون!
قالت لهم مرام بهدوء: أتركونا بمفردنا، لا تخافوا فكريم لن يؤذيني فأنا بالنهاية أم ابنه، أليس ذلك كريم!
باستنكار قال لها: أم ابني! أهكذا أصبحت العلاقة بيننا!
ببساطة مغيظة أخبرته: نعم فعلى ما أتذكر أننا طلقنا أمس.
تحرك الجميع ليغادروا بقلق، رمقته لينا بنظرة مؤنبة، بينما وقفت أمامه صفاء مترددة لحظات قبل أن ترفع سبابتها تحذره: إياك أن تؤذيها، لقد تماسكت بصعوبة.
طالعها عمار بدهشة المنمنمة تغضب وتحذر صديقه، لم يرى منها انفعالا منذ عملت هنا سوى الخوف والقلق، كاد يضحك على ملامح كريم المذهولة من كلام صفاء، مال عليه يهمس في أذنه: اهدأ قليلا، أنا بالخارج.
خرج وأغلق الباب خلفه فالتفت كريم إلي مرام يسألها: كيف حالك مرام؟
-بخير كريم.
عاوده غضبه مع هدوءها فقال لها: لم أستطع النوم بالأمس، ظللت أتقلب على الفراش حتى الفجر، ثم أردف بنبرة هجومية: بالطبع أنت نمت بالأمس وتركتني في أرق حتى الفجر.
-بالفعل نمت بعمق شديد.
اقترب منها يستند على المكتب من خلفه يقول لها: أنا أريد النوم مرام ماذا أفعل؟
-أظن مشروب دافئ سيساعدك كثيرا كريم.
قال لها بانفعال: هل تسخرين مني مرام؟ تعرفين أن مشكلتي ليست المشروب الدافئ، أنا لم أستطع النوم لأني بعيد عن حضنك، أعيدني لحضنك مرام.
قالها صادقا، لقد قضى ليلته أرقا لثاني يوم على التوالي لأنها ليست بجواره، بدا الفراش تحته كأشواك، تطلع لوجهها ينظر إليها فلم يلمح أي رد فعل منها، كأنها لم تستمع لكلماته، وجهها الشفاف الذي دوما كان مرآة لمشاعرها ساكن بشكل أخافه، عيناها الناعسة التي كان يحب النظر فيهما لا يرى فيها إلا سكونا وجمودا غريبا عليهما، يبحث عن دفء نظراتها التي كانت تطلع إليه بهما فلا يجد سوى نظرة عتاب وخذلان تجاهه، آلمته نظراتها فسألها: لماذا تنظرين إلي هكذا مرام؟
أجابت سؤاله بسؤال: وكيف أنظر إليك كريم؟
-كأنك تعاتبيني، كأنني خذلتك، مرام أرجوك انسي هذا اليوم، انسي ما قلته أنا في لحظة تهور لعمار، انسيه وتعالي نعود كما كنا.
بهدوء قالت له: لا تقلق كريم، أنا لا أعاتبك لهذا السبب، أدرك أن قلوبنا ليست بأيدينا، اعلم أن لو الأمر بيدك لأعطيتني قلبك بلا تردد كما أعطيتني كل شيء جميل طوال فترة زواجنا، لن أعاتبك علي ما ليس بيدك كريم.
مد يده ليحتوي وجهها بين يديه فرجعت بالكرسي إلى الوراء تقول له: لا تقترب مني كريم، لم نعد زوجين.
نظر لها بألم والعبارة تخترق قلبه قبل أذنيه" لم نعد زوجين"، أغمض عينيه ثواني ثم فتحهما وهو يقول: لا تقولي هذا مرام، أنت أغلى إنسانة في حياتى كلها، أقسم لك مكانتك عندي لم يصل لها أحد من قبل، أنا لا أستطيع العيش من غيرك مرام ألا يكفيك هذا!
لم ترد عليه صمتت فعرف أنها لاتصدقه، ما زالت نظرة العتاب بعينيها فسألها برجاء: أخبريني لما أنت غاضبة مني؟ أرجوك يؤلمني أن تنظري إلي هكذا.
لم ترد عليه فغضب وانفلتت أعصابه يصرخ: لا تنظري إلي هكذا مرام، تحدثي وأخبريني.
توتر الجميع مع صوت كريم العالي، لينا سألت عمار: هل ندخل لهم عمار؟ أخاف أن يؤذيها.
كان عمار يقف بتحفز وهو يجيبها: لا تقلقي لينا كريم لا يمكن أن يؤذي مرام، أنا فقط خائف أن تنهار مثل أول أمس، سأدخل لو شعرت أن الأمر خرج عن سيطرة كريم.
كانوا واقفين خارج الحجرة مترقبين، بينما مرام شعرت بالاختناق لا تريد الحديث عن ذلك اليوم، لا تريد أن تحكي له، ماذا ستقول، هل ستقول له لم تشفق علي كريم؟ أم ستسأله لم حكيت لها مايفعله أبي وأمي بي؟ أم ستخبره أنها تألمت عندما علمت أنه يريدها بجواره لتنجب له الأطفال فقط، أرادت الهروب من الحديث فقالت له بعتاب: هل هكذا سيكون حديثك معي؟ صوت عالي وصراخ، ألأننا أنهينا زواجنا ستتحدث معي هكذا.
كانت زوجته لسنين، تعرف أنه سيهدأ ما إن تقول هذا، وبالفعل وكأن غضبه أنطفأ فجأة مع كلمتها، ظل يؤنب نفسه كيف يتحدث معها هكذا وهو خير من يعرف أنها تتوتر من الصوت العالي، كان عصبيا مع الجميع إلاها، كان يسيطر على غضبه مهما حدث بينهما خوفا من أن يؤذيها، اقترب منها معتذرا: آسف مرام، لم أكن أقصد، ثم اقترب منها يتدلل عليها كعادته: رأسي يؤلمني كثيرا مرام، سينفجر من كثرة الصداع.
أغمضت عينيها بيأس، كريم لن يتغير، يبدو أن أيامها القادمة ستكون أصعب مما تخيلت، ببرود قالت له: أنا سأقوم لأصنع قهوة لي وسأصنع لك واحدة.
غادرت المكتب فتبعها فوجد الجميع واقف أمام الحجرة بترقب فصرخ بهم بانفعال: لماذا تقفون بهذا الشكل؟
رمقته لينا بنظرة حانقة ثم تبعت مرام للمطبخ خلفها صفاء، فقال عمار لكريم بتسلية: يبدو أن هناك حزبا أنثويا أقيم ضدك سيد كريم.
رمقه كريم بغضب ثم انصرف لحجرتهم يتبعه عمار بعد أن أرسل رسالة لعصمت يطمئنه أن الأمور تحت السيطرة.

*****************************************

زفرت مرام براحة فهاهو اليوم انتهى أخيرا، لقد أتعبها كريم اليوم حقا، كل دقيقتين يقتحم مكتبها يسألها عن شيء أو يشكو من شيء يتعبه حتى يحظى باهتمامها، أيامها ستكون شديدة الصعوبة في الفترة المقبلة بسببه، تحركت لمكتب صفاء تقول لها: هيا بنا حبيبتي، لقد انتهى وقت الدوام.
أتاها صوت عصمت من خلفها يقول: إذا لقد أتيت في الوقت المناسب.
التفتت له بملامح مبتهجة فحضنها بحنو وهو يسألها عن حالها، في نفس الوقت التي كان عمار وكريم يخرجان من مكتبهما، انعقد حاجبا كريم بسخط وهو يلمح والده يحتضن مرام، بينما ارتفع حاجبا عمار وهو يري عصمت يلتفت ليحتضن صفاء هي الأخرى، أسره تعبير وجهها للحظة، لقد رأي الاطمئنان يغزو ملامحها، والأمان يرتسم علي تقاسيم وجهها، وكأن حضن خالها أهداها السكينة، هز رأسه يفوق من أسر اللحظة، رفع حاجباه استنكارا وهو يسمع كريم يقترب من أبيه يسأله: ما الذي أتي بك إلي هنا أبي؟
بسخرية أجابه أبيه: أنا بخير شكرا لك بني، لقد أتيت لأسرق هاتين الجميلتين وأقضي معهما باقي اليوم، ثم التفت إلي صفاء يغمز لها: لقد اتصلت بمروان وأخبرته حتى لا يقلق.
شعر عمار بقلبه ينبض بطريقة مجنونة وهو يري ابتسامتها لخالها، إنها تبتسم، إنها أول مرة يراها فيها تبتسم، وجهها يتألق كأن الشمس أشرقت في مكتبهم، أغمض عينيه يحجب المنظر عن عينيه ويلوم نفسه ويدور في دوائر الحيرة عاجزا عن فهم نفسه لأول مرة، سؤال دار بداخله عاجزا عن البوح به لأحد" ما الذي يحدث لك عمار؟".
بتحفز سأله كريم: إلي أين ستأخذ مرام؟
حاوط عصمت مرام وصفاء بذراعيه يقول لابنه بلؤم: هذا سر لن أخبرك.
برجاء قال لأبيه: أنا سآتي معكم.
رأي عصمت انقباض وجه مرام رفضا لحضور كريم، يجزم بما فعله ابنه اليوم، بالتأكيد جثم علي أنفاسها طوال اليوم، مرام بحاجة لهدنة من حصاره، قال لابنه: اليوم فقط خاص بمرام وصفاء وإياد يوم آخر كريم.
بعناد قال كريم: أنا اشتقت لإياد، لم أره أمس.
تحرك عصمت وهو يقول له: تعالى إلي الروضة معنا وسلم عليه قبل أن نأخذه.
وانصرف يحاوط مرام وصفاء تحت أنظار كريم المحترقة الذي التفت لعمار يقول لعمار بحنق: أرءيت ما يفعله.
كتم عمار ضحكته وهو يلحق بكريم الذي أندفع للحاق بأبيه الذي كان ركب سيارته للتو بجواره صفاء ومرام تجلس في المقعد الخلفي تاركة سيارتها أمام المكتب.
بغضب قال لعمار الذي ركب بجواره: إلي أين أنت الآخر، هل ستلاحقني في كل مكان أذهب إليه.
ببرود قال له عمار وهو يسترخي في مقعده: سأذهب معك لا أريدك أن تحدث مشكلة فتبعدها أكثر مما هي بعيدة.
غرق كليهما في أفكاره، عمار الذي كان حائرا يحاول تحليل ما يحدث له في الفترة الأخيرة، لماذا تستفز صفاء مشاعره بهذا الشكل، هي جميلة يعترف، ملامحها مميزة يقر بذلك، فاتنة لا ينكر، ولكن خطيبتيه السابقتين كانتا جميلتين أيضا، لماذا لم يشعر معهما بالذي يشعره عندما ينظر لصفاء؟، زفر بحيرة من نفسه قبل أن تلهيه نفسه بحيلة دفاعية حتى لا يغرق ويكشف ماوراء الستار، طمأنته بحديثها الخفي" أنت مشفق عليها لظروفها، نظراتها تستفز رجولتك فترغب بحمايتها، خوفها يثير حميتك فترغب في طمأنتها"، باطمئنان أمن علي كلام نفسه لا يريد الغوص أكثر حتي لا يغرق، بالتأكيد هو يشفق عليها لظروفها، زفر بارتياح وهو يلتفت لصديقه المنعقد حاجبيه الذي يصف سيارته أمام روضة إياد.
ظل في السيارة بينما نزل كريم ليحتضن إياد الذي تهلل لرؤية أبيه وجده، ابتسم وهو يلمح كريم يقول شيئا لعصمت، وعصمت يهز رأسه رافضا، عصمت يقوم بدور دور والد مرام بامتياز ويعذب كريم وللأمانة هو يستحق أكثر مما يفعله، كتم ابتسامته وكريم يعود للسيارة يتمتم بغضب بكلمات لم يتبينها، سأله عمار: ما رأيك أن نذهب لنتناول الغذاء معا؟
انعقد حاجبا كريم وهو يتبع سيارة أبيه ولم يرد عليه، عاود سؤاله: ما الذي تفعله كريم؟
بحنق أجابه: ألم تقل أنك تريد تناول الغذاء، هل يوجد قانون يمنع أن أتناول الطعام في نفس المكان.
فهم عمار ما ينويه سيتبع أباه ويذهب لنفس المكان، قال له بتحذير: حصارها لن يفيد كريم، ربما يجعلها تبعد أكثرعنك، لقد مكثت في مكتبها طول اليوم بحجج مختلفة، دعها قليلا.
بعناد قال له: لن أتركها، سأكبس على أنفاسها حتى تعود إلي.
زفر عمار بيأس من رأس صديقه المتحجر، وصمت فهو مهما تكلم لن يصغي له.
ما إن أوقف عصمت سيارته أمام احدى المولات الكبيرة في مدينته ونزل منها حتى سمع كريم صوت التنبيه بوصول رسالة فتحها فوجدها من والده، كلمات بسيطة قرأها" هي بحاجة لهدنة وقليل من السعادة بدون توتر، اتركها قليلا بني"
زفر بضيق يتابعهم ببصره، والده يتحرك بجوار مرام وهو يلف ذراعه حولها بينما صفاء تمسك بيد إياد التي تنطق ملامحه بالبهجة.
نغزه بقلبه آلمته، لقد كان هذا العالم له، زوجته وابنه، الآن هو منفي منه بأمر منها، لم يكن يدرك أن الأسف بعد فوات الأوان لا قيمة له إلا الآن.
أغمض عينيه بتعب فقال له عمار: هون عليك كريم، سينصلح الحال يوما ما.
نزل من السيارة يتبعه عمار، كان يعرف يقينا أين سيجدهم، فكثيرا ما أتوا إلي هنا كأسرة، كان إياد هو من يدير اليوم، يختار ما يأكلوه، ثم يقضي اليوم في مدينة الملاهي، يعرف أن أبيه سيلبي مطالبه كامله، كما توقع وجدهم في المطعم المفضل لإياد، تذكر رسالة والده، فانسحب من المطعم قبل أن تراه، واستقر مع عمار في أحد المطاعم المقابلة لهم، كانت عيناه متسمرة عليها، يراها تضحك لشئ قاله أبوه، ملامحها تبدو مرتاحة بينما كانت طوال اليوم منقبضة متحفزة وهو بجوارها، عمار كان جالسا بجواره يسبه فصفاء مقابله مباشرة تضحك علي شئ قاله إياد، وكأن اليوم هو يوم التعرف علي أوجهها، رآها اليوم غاضبة ومطمئنة ومبتسمة وضاحكة، وبخ نفسه على إطالة النظر وشتت بصره وهو يطمئن نفسه أنه فقط تأثر لظروفها المؤلمة التي مرت بها، سحب صديقه وهو يقول له: جلوسنا هنا لا فائدة منه كريم، تعالى معي سنذهب لمكان آخر أنت بحاجة لهذا.
تبعه كريم باستسلام رامقا مرام بنظرة أخيرة، مرام التي كانت تجلس وهى تحاول تنحية كريم عن أفكارها، تريد أن تستمتع باليوم، والغريب أنها بعد قليل نجحت واستمتعت بيومها بدون ظل كريم، عصمت الذي بذل جهدا كبيرا ليسعدها، وهي كانت متلهفة للسعادة والنسيان، قضت يومها مابين مدينة الملاهي والألعاب كما طلب إياد، وفي نهاية اليوم كان إياد قد نام من التعب فحمله جده وصعد به حتى أوصله سريره بعدما أوصلوا صفاء لشقة أخيها، وضعه برفق ثم أغلق الباب بحذر حتى لا يوقظه ثم التفت لمرام التي شكرته بامتنان: شكرا لك عمي لقد قضينا يوما جميلا اليوم.
ابتسم لها عصمت وهو يقول لها: بل أنا من أشكركم لقد أهديتموني يوما رائعا بوجودكم، ثم أردف: مرام يقلقني كثيرا مكوثك بمفردك مع إياد، ما رأيك أن تنتقلي لشقة كريم في بيتنا، سأكون مطمئن عليك وأنت بحواري.
تنهدت وهي تجيبه بصراحة: سيكون صعبا علي عمي لن أستطيع، لا تقلق علي، ثم إن مروان قريب للغاية.
زفر عصمت بقلق لا يرتاح لوجودها بمفردها ولكن ما يريحه قليلا قرب مروان، انحني يقبل رأسها وهو يقول: إذا احتجت أي شيء في أي وقت لا تترددي في الاتصال بي أنا لن أغلق هاتفي، واغلقي الباب ليلا جيدا، أنا اتفقت مع مروان أنه سيوصلكم أنت وصفاء للمكتب صباحا لأننا تركنا سيارتك أمام المكتب اليوم، تصبحين على خير حبيبتي.
أغلقت مرام الباب خلفه كما طلب منها، عندها حانت لحظة الحقيقة، لحظة مواجهة الواقع، اليوم هي بمفردها بدون لينا وصفاء، فقط هي وإياد، البرد، أول شعور شعرت به، المنزل بارد للغاية برغم الدفء الذي بدأ يغزو الجو في هذا الوقت من العام، وكأن الدفء ينتشر بوجود أنفاس من نحبهم حولنا، تحركت ببطء لغرفة المعيشة، فتحت نور الحجرة وتأملتها، تذكرت كلماتها مع صفاء صباحا" المواجهة هي أفضل الحلول"، عزمت على المبيت بغرفة نومها ، حملت دميتها وأطفأت النور ثم اتجهت لغرفة نومها بخطوات متثاقلة، منذ متى لم تدخل هذه الحجرة؟ منذ مواجهتها الأخيرة مع كريم عندما عرت روحها أمامه وحكت له ذكريات طفولتها، فتحت النور فهاجمتها ذكريات سنوات عديدة ولحظات سعيدة قضتها بين أركان هذه الحجرة، أغمضت عينيها تهرب من ذكرياتها وأسرعت تطفأ نور الحجرة، تحركت على ضوء كشاف هاتفها للسرير، اندست تحت الأغطية تخبأ نفسها، بلا وعي منها اقتربت من وسادته التي ما زالت تحمل أثر رائحته، احتضنت دميتها ورحمها النوم فبعد دقائق غيبها في عالمه، بينما لم يكن كريم محظوظا بنفس القدر فهو هرب من الجلوس مع والدته، دخل وتوقع أن ينام مباشرة بعد إرهاق يومين متتالين وساعات نوم معدودوة، ولكن أرقه لازمه فقضي ليله أخرى متعبا أرقا غارقا في أفكاره وذكرياته وتأنيبه لذاته.

***************************************

كان مالك وملك غارقين في أحضان لينا منذ عادا من الروضة، مالك كان يعاتبها: لا تتركينا خالتي مرة أخرى.
قبلته لينا بحنان: لن أفعل حبيبي، ولكن صديقتي كانت بحاجة إلي، كنت مضطرة للذهاب.
بتذمر طفولي أجابها: كنت أريد الذهاب معك، لقد كنت عند إياد صديقي المفضل ولم تأخذيني، أريد أنا الأخر ان أبيت عنده ليلة كما فعلت.
ابتسمت وهي تقول له: سنأخذ إذن بابا وإذا وافق سنذهب، صديقتي وإياد سيكونون سعداء للغاية.
انتقل لجوار والده يسأله بلهفة: هل توافق أبي؟
مسح والده علي رأسه برفق وهو يجيبه: إن شاء الله حبيبي ولكن ليس الآن ستتفق خالتك مع صديقتها أولا.
تهلل وجه الصغير وقام يقفز فرحا بينما سألت ملك خالتها بفضول: خالتي المتزوجون يناموا مع بعضهم بغرفة واحدة أليس كذلك، أبي وأمي كانوا يفعلون ذلك.
بحذر راقبتها لينا وهي خائفة من السؤال القادم ثم أجابتها: صحيح ما تقوليه ملك.
عاودت سؤالها: أنت وأبي متزوجين أليس كذلك!
هزت لينا رأسها موافقة وهي تتوقع سؤال ملك القادم الذي لم يتأخر: لماذا إذا لا تنامي مع أبي في غرفته؟
تسمر علي ولينا من سؤالها، تبادلا النظرات للحظة، كيف سيجيبان إجابة تقنع الصغيرة الفضولية التي لا تكف عن الأسئلة التي تجعلهم دوما حائرون، صمتت لينا توازن الأمر، هي حقيقة لا تعرف الطريقة الصحيحة للإجابة ولكنها تعرف إنها إذا لم تجيبها إجابة تقنع عقلها الصغير ستظل تسأل هذا السؤال، اختارت أن تجيبها بصراحة بهدوء ردت عليها: زواجنا أنا وأبيك مختلف ملك.
سألتها ملك بفضول أكبر: كيف؟
تنحنحت لينا ثم أجابتها بهدوء: لقد تزوجنا من أجلكم أنتم، من أجل أن أبقى معكم وأعتني بكم، لذلك أنا أبقى معكم بغرفتكم وليس بغرفة أبيك حبيبتي، هل فهمت؟
صمتت الصغيرة لوهلة فتمنت لينا في أعماقها أن تكتفي ولا تسألها سؤال آخر، ولكن الصغيرة خيبت ظنها عندما عاودت سؤالها: وأبي وأمي ألم يتزوجا من أجلنا؟
ابتسمت لها لينا وهي تجيبها: عندما تزوج أبيك وأمك لم تكونا موجودين من الأساس حبيبتي، تزوجا لانهما يحبان بعضهما ثم بعد فترة من الزواج رزقهما الله بكما، هل فهمت حبيبتي.
أومأت الصغيرة برأسها تقول لخالتها: نعم خالتي فهمت، ثم سألتها: أنا فهمت أن أبي يحب أمي ولذلك تزوجها، ولكنه لا يحبك وتزوجك من أجلنا.
تسمر علي من كلام الصغيرة، لقد لخصت الأمر بعبارة موجعة مؤلمة، التفت إلي وجه لينا يراقب ملامحها والعجيب وجدها هادئة وهي تجيب الصغيرة ان كلامها صحيح، أوجعه قلبه وهو يسمع الصغيرة تقول لخالتها: لا تحزني لأنه لا يحبك أنا أحبك كثيرا أنا ومالك.
قام من مكانه ينهر الصغيرة بعصبية: ملك كفي عن هذا الكلام، هذا كلام كبار لا تقوليه مرة أخري.
كادت لينا ترد تهدئه خصوصا عندما لمحت عين ملك تدمع ولكن رنين الجرس أوقفها، فأسرعت تفتح الباب، إنه أبيها لقد اشتاقت إليه، أصبحت تراه قليلا منذ زواجها، كانت تعرف أنه يفعل ذلك لأجلها حتى لا تتصادم مع صفية، كان يأتي مرة واحدة في الأسبوع قبل موعد نوم الصغيرين بقليل حتى لا يطيل جلسته، فتحت الباب بابتسامة فأسرع يحتضنها بحنان وهو يسألها عن حالها، التفتت لصفية تقول لها بجمود: كيف حالك خالتي تفضلي.
بنظرة نارية مليئة بالحقد رمقتها صفية وهي تقول لها بتهكم: اتفضل، منذ متى أصبحت سيدة البيت، هذا البيت ملك لابنتي وسيظل.
زفر عبد الله بضيق، طوال الطريق يحذرها من مضايقة لينا ولكنها كالعادة لم تستمع له، قطع علي توتر الموقف وهو يرحب بهم، تبعوه لغرفة المعيشة وسط تهليل الصغيرين بقدوم جديهم، مالت إكرام على لينا تقول لها: أنا سأحضر لهم الضيافة.
شكرتها لينا بامتنان، فالمرة الفائتة لم تسلم من لسانها عندما أحضرت هي الضيافة مخبرة إياها أنها استولت علي مطبخ ابنتها، التفتت لأبيها الذي سألها: لماذا تلبسين وشاحك لينا، لقد أصبح الجو دافئ هذه الأيام.
ارتبكت لينا ففي كل مرة كان يسألها كانت تتحجج بالبرد ماذا ستقول له الآن.
أنقذها مالك الذي جلس على قدم جده يحكي له بحماس عن وعد والده أن يبيت عند صديقه.
سألها والدها بدهشة: هل بت بالأمس عند صديقتك كما يقول مالك؟
-نعم أبي، عند مرام أنت تعرفها، لقد طلقت أمس من زوجها وكانت حالتها سيئة فاستأذنت من علي وذهبت لها، وإياد ابنها مع مالك بالروضة لذلك يريد أن يبيت معه يوما.
أومأ والدها برأسه متفهما، والتفت إلي الصغيرة التي تقول: لقد نام أبي بجوارنا أمس بدلا من خالتي وقص علينا حكاية ولكن حكايات خالتي أجمل.
تأمل جدها وجهها بحنان حزين، تلك الصغيرة قطعة من تسنيم، تذكره بابنته الراحلة في طفولتها، نفس الوجه نفس الفضول نفس الحركات، مسح دمعة حزينه غافلته وهو يقول للصغيرة: لقد كبرت ملك لست بحاجة لوجود أحد بجوارك حتي تستغرقي في النوم، خالتك كانت تدخل سريرها بمفردها وكانت أقل منك بالعمر.
لم تعلق الصغيرة على كلامه وإنما سألته بفضول سؤال سمر الجميع في مقاعدهم: جدي هل تحب جدتي، أنت تنام بجوارها إذن أنت تحبها، ولكن خالتي لينا أخبرتني أن جدتي ليست أمها إذا فأنت مثل أبي تزوجتها من أجل خالتي، هل تحبها جدي؟
لجم لسان عبد الله وهو يستمع لكلام الصغيرة كيف سيجيبها، سمع صفية تقول له بقسوة: لماذا صمت؟ أجبها.
بارتباك قال عبد الله لملك: كل المتزوجون يحبون بعضهم لينا.
صمتت ملك تسترجع كلام خالتها ثم أجابته: ليس كلهم جدي، خالتي أخبرتني أن أبي لا يحبها وإنه كان يحب أمي لذلك هي لا تنام بحجرته.
اتسعت عين إكرام ذعرا، ما كانت تخاف منه حدث، قامت تحاول تدارك الأمر تقول لملك،: ملك هيا لقد حان موعد النوم.
رفع عبد الله عينيه لإكرام يرمقها بنظرة لن تناساها، ثم قال لها بجمود: انتظري.
ثم سأل الصغيرة بجمود: هل تنام خالتكم معكم بالحجرة.
ببراءة أجابته الصغيرة: نعم يوم بجواري ويوم بجوار مالك.
ارتبكت لينا وهي ترى ملامح وجه أبيها الغاضبة، هو لم يسألها يوما عن تفاصيل حياتها مع علي وهي لم تحكي، ما الذي كان يتوقعه، أما علي فقد كان هادئا بشكل غريب وكأنه أيقن أن النهاية آتية وهو يتقبلها، لا يريد أن يؤلم لينا أكثر من ذلك، هل يوجد ألما أكثر من أن تقول أن زوجها لا يحبها، يكفي هذا القدر.
بهدوء قال لملك: حبيبتي اذهبي أنت ومالك إلي حجرتكم الآن.
تذمرت الصغيرة قائلة: أريد أن أجلس معكم جدي.
-هيا ملك دقائق وسأناديك.
انصرف الصغيرين علي مضض بينما التفت عبد الله لعلي يسأله: زواجكما لم يتم أليس كذلك؟
إجابة خافتة وصلته من علي أشعلته، بينما صبت صفية النار علي الحريق المشتعل بداخله وهي تقول بحقد: وماذا كنت تتوقع؟ هل من عاقل سينظر لابنتك بعد أن يرى تسنيم.
احتقن وجه عبد الله غضبا وهو يلتفت إليها يصرخ بانفعال: ألم تكوني تقولين أنك كفيلة بأحفادك، هيا هم أمامك الآن أريني كيف ستحتويهم وتعوضيهم فقدان أمهم، ثم التفت للينا بنبرة آمرة: هيا قومي واجمعي ثيابك.
تجمدت لينا لم تكن تظن أن الأمور ستصل إلي هذا الحد، بينما اقتربت إكرام من عبد الله تحاول تهدئته: اهدأ يا عبد الله، كل الأمور ولها حل، كانوا فقط بحاجة للوقت حتى يعتادوا علي زواجهم.
بغضب قال لها: لقد أخبرتني أنك ستكونين أما لها، ولكنكم أخفيتم عني الأمر، لقد خدعتموني.
تدخلت لينا بالحوار وهي تقول لأبيها بهدوء: ما الذي كنت تتوقعه أبي بعد الضغط الذي مارستموه علينا ليتم زواجنا.
وجم الجميع، بينما شعر علي أن الأمر محرج للينا أن يتم التحدث بأمر كهذا خاص أمام أبيها والجميع، خاف أن تتأثر أنه لم يقربها لأنه لم يراها أنثي جذابة فتتأثر أنوثتها خصوصا مع كلمات خالته صفية، تدخل بالحوار: لينا لن أجد أفضل منها زوجة وأم لأبنائي، هي لا يعيبها شيء، العيب في طريقة زواجنا، كلانا لم نكن مؤهلين نفسيا عمي عبد الله لهذا الأمر، أنا لم ولن أقلل يوما من قدرها.
لم يكونوا يعلمون أن غضبه موجه لنفسه قبل أي أحد، هو من ضغط عليها، هو من ساومها، هو من وضعها في هذا الموقف وهو من سيخرجها، بإصرار قال لها: أخبرتك أن تجمعي ثيابك، وأنت محقة أنا المخطأ وأنا من سيصلح هذا الأمر، طلق ابنتي.



انتهي الفصل
أتمني تشاركوني آرائكم بالفصل دمتم بخير🌹🌹🌹





hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-06-21, 01:13 AM   #300

رونى تامر

? العضوٌ??? » 482076
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 106
?  نُقآطِيْ » رونى تامر is on a distinguished road
افتراضي

الفصل رائع شكرا

رونى تامر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:13 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.