آخر 10 مشاركات
خـوآتـم (1) *مميزة ومكتملة* .. سلــسلة شقآئق النعمان (الكاتـب : فُتُوْن - )           »          مالي وطن في نجد ألا وطنها، الكاتبه / اديم الراشد "مميزة " (مكتملة) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          الانتقام المُرّ (105)-قلوب غربية -للرائعة:رووز [حصرياً]مميزة* كاملة& الروابط* (الكاتـب : رووز - )           »          غريب الروح * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Heba aly g - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          [تحميل] عيونك شوكة في القلب توجعني وأعبرها ، لـ أديم الراشد (الكاتـب : Topaz. - )           »          قــصـــة قــــســـم وهـــــرة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          كبير العائلة-شرقية-للكاتبة المبدعة:منى لطفي(احكي ياشهرزاد)[زائرة]كاملة&روابط* (الكاتـب : منى لطفي - )           »          عندما تنحني الجبال " متميزة " مكتملة ... (الكاتـب : blue me - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1055Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-02-22, 09:28 PM   #751

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي


السلام عليكن 💜🥰
الفصل الأخير سيتم تنزيله الساعة العاشرة بتوقيت أم الدنيا بإذن الله... كونوا بالقرب 😍💜

shezo likes this.

آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-02-22, 10:49 PM   #752

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي جئت إلى قلبك لاجئة 💜

الفصل الأخير💜
***********
" مقبوض عليكِ"
هتف بها الصوت الأنثوي والذي تزامن مع كفين ناعمتين ارتاحتا على كتفي ندى من الخلف و التي تجلس جانب علي في بهو الفندق يتناولا فنجانين من القهوة، أجفلت الأخيرة رغم أن الصوت مألوف لها بينما كان علي هادىء تماما وهو يلتفت لصاحبة الصوت ويمنحها بسمة ودودة ثم ما لبثت أن اتسعت وهو يترك فنجانه ويقف قائلا بعتاب مرح وهو ينظر في ساعة معصمه:
" لكنكِ تأخرت حواء!"
كانت ندى لا تزال على ذهولها قبل أن تحاول استجماع عقلها وهي تتبادل النظر بينهم في حين كان آدم يقف مستمتعا ويمد يده لعلي يسلم عليه بترحاب قائلا:
" كان تأخير غير مقصود فحواء...!"
مد ذراعه وحاوط خصر حواء ثم تابع ببشاشة:
" زوجتي الحبيبة أرادت أن يكون كل شيء على أتم وجه!"
شعرت ندى أنها كالبلهاء بينهم وهي تتابع ما يحدث ولا زالت جالسة، عاقدة الحاجبين، تلتفت لعلي ثم لحواء ولزوجها ثم يرتفع أحد حاجبيها في محاولة لالتقاط طرف خيط يزيل عنها حرجها فتشارك في الحديث إلا أن علي لم يمنحها طرف الخيط كعادته بل بدا مستمتعا بحيرتها ولم ينطق ببنت شفة لها كل ما فعله أنه تحرك صوب ادم ليقف جواره في حين تمسكت حواء بمعصم ندى لتقف الاخيرة ولا زالت علامات عدم الفهم على ملامحها وهي تبحث في وجوههم عن شرح لما يحدث دون أدنى فائدة، ابتلعت ريقها بتوجس وهي تهمس :
" لا أفهم شيء ليشرح لي أحدكم!"
ابتسم لها علي وقال بهدوء:
" سنشرح لكِ لكن بعد قليل!"
هنا تدخلت حواء قائلة :
" ما رأيك لو تركنا زوجينا معا وذهبنا وسأشرح لك بنفسي!"
ازداد انعقاد حاجبي ندى ثم نظرت لعلي تسأله في صمت فمنحها بسمة داعمة مطمئنة فيما تابعت حواء وهي تجذبها ليسيرا معا:
" هيا يا ندى الوقت يمر!"
وسارت معها ندى ولا زالت بملامحها الدهشة، تسير بخطوات واسعة خلف حواء التي توجهت إلى المصعد .
في المصعد قالت ندى لحواء التي كتفت ذراعيها ولاذت بالصمت :
" ماذا هناك يا حواء، اشرحي لي، حقيقة بدأت أقلق!"
هنا فكت حواء ذراعيها ثم أشارت لملامحها المبتسمة وهي تقول بنبرة بشوشة:
" هل تلك البسمة تثير قلقك يا ندى!"
صمتت تنظر للأخيرة التي أطبقت على شفتيها في محاولة لأيجاد أي رد فتابعت حواء:
" وأظن بأن علي لم يكن ليتركك لي لو كنت سألتهمك أو سأتحول لمصاصي دماء!"
اتسعت عينا ندى ثم ما لبثت أن انفجرت لضحكة عالية رائقة شاركتها فيها حواء، كانت ضحكة من القلب جعلتها تنظر لحواء وتفكر بأنها لم تظن يوما أن تكون ضحكتها سببها حواء، لو حدثها أحدهم أنها ستكون معها بذاك الهدوء لاتهمته بالجنون والعته لقد كانت الأخيرة الأيام السابقة تتقرب منها وتحاول محو الحواجز بينهما وندى من ناحيتها لم ترفض ذلك بل وجدت أنه مفيد لها خاصة في تلك المرحلة التي كانت مذبذبة حيث تنتقل من قمة توترها إلى الهدوء حتى ولو كان الأمر بطيئا إلا أنها تشعر به ملحوظ فمجرد تقبلها لتواجد حواء في محيطها إشارة لتحسنها ثم أن الأخيرة لطيفة بطريقة واضحة رغم أنها لا زالت تحمل ذاك الدلال الذي كان قبلا يثير استفزاز ندى لكنها اكتشفت بأنها صفة مرافقة لها وبدت كأنها طبيعية لا تصطنعها…
هدأت ندى من ضحكاتها وقالت لحواء:
" هل مصاصين الدماء بهذا الجمال والرقة!"
ابتسمت حواء وقالت بدلال يرافقها دوما:
" هذا إطراء لكنه يروقني!"
ارتفع حاجب ندى ولمعت عينيها البنيتين وهي ترى ملامح الرضا على حواء ثم ما لبثت أن قالت بتأكيد:
" لكنه ليس إطراء بل أنت بالفعل جميلة يا حواء!"
كانت ندى تنطق بالكلمات من قلبها، تحس بأن ندى التي طالما كانت عليها هي ما تنطق بها، هي من تصرح بتلك التصريحات دون مواربة بل أنها توافق تقارب حواء أما ندى التي خرجت من غيابات ألمها بدت وكأنها تتلاشى رغم محاولاتها في أن لا تغادرها إلا أنها لم تكن لتسمح لها بعدما عادت لها مذاق الحياة ، انقطع حبل أفكارها وباب المصعد يفتح لتتمسك حواء بمعصمها وتجذبها معها في الرواق المؤدي للغرف وهناك وقفتا أمام باب الحجرة التي فتحتها حواء فيما قالت ندى بدهشة وهي تسير خلفها:
" لكن تلك ليست غرفتك .."
توقفت الكلمات على شفتي ندى وفتحت فمها ببلاهة وهي تنظر أمامها وترى من حولها ويزداد شعور الدهشة فالذهول بينما حواء كتفت ذراعيها قائلة باستمتاع:
" مرحبا بك في حجرة المفاجأت!"
★★★
" لا تبكي يا خالتي !"
قالها عمران وهو يجلس جوار هنية التي تضع وجهها بين كفيها وتبكي بلا انقطاع منذ علمت بنية عمران الرحيل عن القرية وها هو جاء ليودعها وكلما فكرت بهذا ازداد صوت بكائها واختنقت أنفاسها بينما كان مصطفى يجلس قبالتهما وتجاوره سمر ساكنة رغم الدموع التي تخنقها أما هو فكان أكثر ثبات عن زوجته ربما لأنه كان على يقين بأن هذا سيحدث فقط الوقت الذي تأخر قليلا فتنفس بعمق وقال بهدوء يمنع إظهار ألمه لها:
" يا هنية، لا تحزني قلب عمران ثم أن المسافة بيننا ساعات قليلة من السفر!"
هنا رفعت وجهها من بين كفيها وهتفت به:
" هل تقارن سكنه قربي وبيننا مسافة دقائق بساعات !"
هز مصطفى رأسه بيأس فربت عمران على كفها التي وضعتها على ساقها وقال بحنو:
" يا خالتي، لن اتأخر عن زيارتك بل بالعكس ربما سأزورك أكثر وسيكون لك ميعاد ثابت وسأقضي معك يوم كلما جئت هذا وعد مني!"
رمقته بنظرة أمل قبل أن تتحول لاحباط وهي تهمس بوجع:
" ستمل يا عمران ومع الوقت ستنقطع الزيارات!"
احتضن كفها بين يديه وقال بذات النبرة الحانية:
" هل هذا ظنك عني يا خالتي!"
أختنق صوتها وعادت الدموع تنساب سخية ثم سحبت كفها من يده لتحتضن وجهها بين كفيها وتقول بصوت متألم:
" ليس هذا ظني عنك يا عمران بل الحياة يا ابني كفيلة أن تأخذنا في دوامتها!"
ابتسم بحنو وأزاح كفيها عن وجهها وقال بلطف شديد:
" الدوامة مهما كانت شدتها لا تأخذ ابن من أمه يا غالية!"
هنا نظرت له ولامست وجنته قائلة:
" صحيح يا عمران لن تنساني!"
هز رأسه بنفي واختنق صوته وهو يؤكد:
" أبدا أبدا، أعدك بأن أكون عندك في زيارة دائمة وإن اشتقت لي فباب ابنك مفتوح في كل وقت وسأكون أكثر من سعيد لو فتحت أمي علي بابي وشعرت بأن عائلتي كاملة!"
هنا ربتت على صدره وقالت بصوت متحشرج من شدة البكاء:
" أسعدك الله دنيا وآخره يا حبيبي، لو أنجبت ابن ربما لم يكن بهذا الحنان علي!"
" أنت أمي وخالتي الغالية وعيني لكِ فقط إبتسمي وتأمري ولو طلبت أن أظل ولا أرحل اقسم لفعلتها!"
هنا هي من قاطعته:
" لا يا عمران وأنا لا أرضى فسعادتك سعادتي"
ثم التفتت لسمر وهي تتابع:
" وأنت سعادتك جوار زوجتك سمر والتي أصبحت ابنة لي!"
اتسعت بسمة سمر والتي صاحبها دمعة تأثر انهمرت على وجنتها وهي تقوم من مكانها بلهفة وتجلس جانب هنية التي ضمتها وهي تهمس لها بتمنيها السعادة وأن يحفظ الله لها حملها ويتمه بخير فيما كان مصطفى يتابعهم بفرحة رغم ألمه لفراق عمران فمنذ أخبره الأخير وهو يشعر بالحزن لكنه لم يكن ليحزن قلبه وهو يعلم بأن مكانه مع عائلته الحقيقية وما جعله يرتاح قليلا أن عمران لن يغير أي شيء هنا، ستبقى الأرض والمكتبة تحت رعاية مصطفى وسيأتي عمران كل نهاية أسبوع يقضي يوم أو يومين وهو يصدقه فكلمة عمران لم يخل بها يوما، رجل كما عهده ، انتزع مصطفى نفسه من شروده وهتف بهنية بنبرة مازحة:
" إياك أن تنسيك الدموع ذاك الخبز الذي قمت من الفجر بخبزه لأجل عمران!"
ردت هنية بلهفة:
" لا لن أنسى فإنا جهزت كل شيء حتى الخبز الأحمر والفطير !"
قال عمران مداعبا:
" أهم شيء الخبز الأحمر والفطير يا خالتي فذكرياته كلها هنية!"
قالها عمران بنبرة مازحة وهو يختلس النظر لسمر التي احمرت وجنتيها وتلقائيا مسدت على بطنها، تتعجب من تقلب الأيام فكيف كانت وكيف أصبحت لقد طلب عمران هذا الخبز يوم فرش صديقه وهنية لم تتأخر به وجاءت به صباحا حيث كانت سمر أصبحت زوجته بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
انتبه عمران وسمر من شرودهما اللحظي عندما ضربته هنية على صدره بخفة وقالت بوجل يليق بها:
" جعل كل ذكرياتك هنية يا حبيبي"
يتبع 💜

shezo, basama, Soy yo and 6 others like this.

آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-02-22, 10:52 PM   #753

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

" ما الذي لا تفهميه يا ندى!؟"
هتفت بها حواء بينما كانت ندى تقف جاحظة العينين ولا زال الذهول يسيطر عليها خاصة عندما اقتربت من المشجب الذي يتوسط الغرفة، معلق عليه فستانين زفاف بذات التصميم دون أدنى اختلاف!؛ لامست ندى منحنيات الفستان وهمست:
" لمن هذه الفساتين!"
هزت حواء رأسها يائسة من تلك المذهولة أمامها والتي أعادت على سمعها ذات الحديث مرارا منذ دخلت الغرفة لكن ندى لا زالت لا تستوعب، تنهدت حواء بعلو وكتفت ذراعيها وهي تعيد ببطء وكأنها تعد الكلمات!"
" تلك الفساتين لي ولك؟ِ، وهذه الذكرى السنوية لبناء الفندق وبما أن صاحب الفندق هو ذاته صاحب الشركة فكل عام يتكفل بإقامة حفل زفاف لأحد أفراد الشركة في تلك الذكرى وصادف العام السابق بأنه كان زواجي!"
صمتت حواء للحظة تتابع ندى التي لم تلتفت لها بل وتلمس الفستان بتمهل فتابعت حواء على أمل أن تكون ندى تسمعها تلك المرة ولا تسألها للمرة التي لم تعلم عددها:
" وهذا العام لم يكن هناك أحد الموظفين ولا أبنائهم لديهم زواج فاتفق أبي مع شريكه أن يكون عيد زواجي وأدم وعندما عرفت وعرضت عليهم مشاركة علي بما انه عريس راقهم العرض جدا فوجدوه مناسب!"
" لما….!؟"
همست بها ندى بشرود فعقدت حواء حاجبيها ودست خصلة شعر خلف أذنها وهي تسأل ندى بريبة:
" لما … ماذا!؟"
التفتت ندى لها وصمتت مليا، تتأمل ملامح حواء، تلك الفتاة التي جعلتها وجع لحياتها دون وجه حق، في حين الأخرى كانت تفكر فيها، فهمست بذات السؤال لكن بصمت( لما تريدين لي أن أحبك؟!؛ هل ستتحول علاقتنا يوما ما إلى صداقة؟!)
" هييييه، ندى أين أنت !؟"
هتفت بها حواء فجفلت ندى وهي تبتسم ثم قالت:
" أنا هنا .!"
ثم همست قائلة:
" ولما اخترتنا معك، كانت فرصة لك بأن تهنئي بيوم كهذا وحدك!؟"
تنهدت حواء وهي تقول:
" أشعر عندما أتشارك السعادة مع أحدهم بأنها تتضاعف في قلبي!"
صمتت للحظة تتابع تغيرات ملامح ندى ما بين ترقب وانبهار ونظرة غامضة تحاول فهمها دون جدوى ثم تابعت :
" ثم إنك وعلي تستحقان بل أن الاقتراح كان في البداية انسحابي وأدم وترككما لكن كان أبي بالفعل وشريكه قد أتما كل شيء فتابعت العرض بأن نتشارك اليوم سويا!"
" شكرا…"
قالتها ندى ممطوطة بنبرة ممتنة وصلت لحواء التي منحتها بسمة واسعة ثم قالت:
" أتمنى أن ينال الفستان إعجابك لقد اخترته شبيه لفستاني وعلى ذوقي بما أن علي أراد مفاجئتك!"
علي، الاسم الذي تزداد خفقات قلبها فور سماعه، الرجل الذي جعل منها أسعد إمرأة في تلك الدنيا، يحدثها بأنها ندى قلبه وتتمنى لو تؤكد له في كل لحظة بأنه تلك الأنفاس التي تتنفسها..
سحبت نفسا عميقا واستدارت للمشجب وهي تلمس الفستان ثم قالت:
" أنت رقيقة حتى في اختيارك يا حواء!"
تنفست الأخيرة في راحة خاصة لقلقها أن لا يعجب ندى فستانها لكن نبرة صوتها ونظرتها الفرحة بالفستان لا تحمل أي شك لذا قالت بحماس!:
" إذن لنبدأ في التجهيز!"
ثم أشارت لاثنين من خبيرات التجميل اللائي جئن من أجل مساعدتهن في ذلك وأخبرتهم بأنهم على أتم الاستعداد.
★★★
" أعتقد بأن هذا الظرف يخصك!"
قالها أحمد وهو يمسك بظرف مغلق عندما جلس جانب ياسمين على الأريكة في بهو المنزل، عقدت الأخيرة حاجبيها وهي تتناول الظرف وتبادلت النظر بينه وأحمد ثم الجالسين، حيث أبيها الذي يضع ساق على الأخرى ويرتشف قهوته بهدوء مع بسمة لم تعد تفارق محياه ونغم التي تجلس على طرف الأريكة وقد ضمها أحمد قربه عندما جلس حتى أنها أحست بوجنتيها تنصهران فأحمد لا يتوانى عن إظهار حبه لها في كل لمحة بينهما ورغم أنها تسعد لقربه إلا أنه تخجل خاصة لتواجدها بينهم ورغم أنها نبهته لخجلها إلا أنه بدا متسليا وقال لها( جيد أنني أكتفي بضمك لي ولا أتناول الترياق أمام الجميع فلا تعلمين كم أبذل مجهود حتى يأتي آخر اليوم)..أطرقت نغم برأسها فالتفت لها أحمد وهمس( متى موعد الترياق؟!)
احتقن وجهها واتسعت عينيها وتلقائيا نظرت لحاتم الذي غض البصر عنهما، يرتشف قهوته يحاول كتم ضحكة حتى لا تخجل نغم التي يشعر بها تكاد تجري من أمامه في حين كانت رقية ترتب طاولة العشاء التي تعدها بنفسها غير قابلة بأي مساعدة وهي تتابعهم بلهفة عينيها التي لا تخف على أحد منهم فمنذ جاء أحمد للمنزل وهي كرست حياتها لاسعادهم وكأنها تعوض كل فرد على ما كان ينقصه حتى نغم التي دوما ما تهمس لها رقية بأن تعيد على سمعها أمي وكأنها تؤكد لها بأنها بالفعل أمها وليست مجرد كلمات..
قلبت ياسمين الظرف بين يديها ثم سألت أخيها:
" ماذا يوجد فيه!؟"
أشار لها بعينيه نحو الظرف وهو يقول:
" افتحيه!"
وشرد لوهلة حين أطرقت ياسمين بنظرها نحو الظرف وهي تفتحه فيما يذكر فجر اليوم الذي كان سينتقل فيه من الفيلا، وقتها لم يستطع منع نفسه من التجول في كل مكان في الفيلا، رغما عنه كان جسده يجبره أن يودع كل إنش فيها وكان من ضمن ذلك الغرفة التي عاشت فيها ياسمين ووقتها لمح الصور التي كانت قد جمعتهما من خلال الفوتوشوب، جلس يحدق فيها متألما، لقد تركتها ياسمينته وكأنها تخبره ( اكتفيت أوهام!؛ أريدك واقع!)
انتفض من مكانه عندما هتفت ياسمين:
" صوري!"
تلك الهزة في جسده إثر صوت ياسمين لم يلحظها سوى نغم التي تمسكت بكفه داعمة إياه كما تفعل منذ ما حدث، دوما تنتبه لأدق التفاصيل كما فعلت الآن، تنهد أحمد وهو ينتزع نفسه من أفكاره وقال يدعي الحزن:
" الياسمينة تركت صورنا وحان موعد عودتهم لها!"
ارتسم حزن على محياها وهمست وهي تقلب في الصور:
" شعرت بأنني تعبت من السراب يا أبيه وتمنيت لو تحول كل شيء لواقع!"
هنا تنحنح حاتم كي تنتبه ابنته وحمد الله عندما وجد رقية توجهت للمطبخ في حين أطبق أحمد على شفتيه بأسى فانتبهت ياسمين لذلتها وهتفت بمرح:
" وها هي صوري وأبيه معي!"
هنا مد أحمد يده يلتقط هاتفه من أمامه ثم جذب ياسمين وهو يقول:
" لتكن صور حقيقية إذن!"
وظل يلتقط صور متتابعة له معها ومع نغم التي بدت هي الأخرى سعيدة فيما كانت ياسمين تطير فرحا وهي تراه يقوم بفتح حسابه الفيسبوكي ويقوم بتنزيل الصور، مرفق معها كلمات جعلت قلبها ينتفض فرحا..
عندما جلسوا على العشاء، قال أحمد بعدما تناول قطعة خبز دستها رقية في فمه بحنان وقد تناولها برحابة صدر وبسمة واسعة وهو يربت على كفها :
" لقد اختارت نغم أخيرا الفيلا التي سننتفل لها!"
هنا امتقع وجه رقية وبان الاحباط عليها إلا أن كف أحمد الحانية ربتت على يدها الموضوعة على المنضدة وقال:
" أمي، لا تحزني لأجل خاطري!"
هنا ابتسمت رقية من قلبها وربتت على كفه التي تحتضن يدها ثم قالت:
" أهم شيء سعادتك حبيبي وأعلم بأنك لن تتأخر عني أبدا!"
تناول كفها ولثمها وهو يقول:
" وهل أستطيع ترك وطني بعدما عدت له يا أمي!"
لمعت عينا الأخيرة بدموع السعادة ثم قالت بعدما سحبت نفسا عميقا تمنع نفسها من تحول الجو لدراما:
" إذن أخيرا نغم اقتنعت بأحد البيوت التي عرضتها عليها!"
أطرقت نغم رأسها وهي تلتقط كوب عصيرها في حين قال أحمد:
" وكان أفضل الاختيارت، جيد أنني تركت لها الأمر حتى لا أختار بيت جليدي!"
ضحكت ياسمين وهي تقول:
" البيت الجليدي سيكون غريب لكنه مميز أبيه!"
تدخلت نغم ثم قالت وهي تنظر لجانب وجه أحمد:
" البيت الجليدي نادر ياسمين وأعتقد بأن البشمهندس عليه التفكير بإنشاءه في خطته القادمة لكن بنفسه لن أتنازل عن هذا!"
استدار لها أحمد وقال بدفء:
" أعدك أن يكون لكِ منزل من تصميمي يا نغم وسيكون هديتي لكِ!"
صفقت ياسمين ببشاشة وهي تقول:
" واو نغم مجرد الفكرة زغرد لها قلبي!"
وكان بالفعل قلب نغم في تلك اللحظة هو من يزغرد ..
في غرفة أحمد ونغم التي أصبحت لهما بعدما انتقلا لمنزل حاتم، عندما أغلق أحمد الباب خلفه استدارت له نغم بعينين مبتسمتين ثم سحبت نفسا عميقا وهي تقف أمام أحمد الذي توقف ينظر لها بتوجس وقد شعر أنها تريد الحديث فقال بهدوء:
"أسمعك"
زفرت نغم النفس التي كتمته للحظات ثم قالت بنبرة ممطوطة:
" أحمد…"
همس الأخير بنعم
ساد صمت مترقب بينهما فيما نغم كانت تطوف بعينيها على ملامحه، تفكر في كل ما يهديه لها من سعادة، حرصه الدائم على بث الأمان لقلبها، حتى أصبحت تشتاق له وهو جوارها، تريد أن تندس في روحه وتتدثر به، تنهدت مليا قبل أن ترد:
" ضمني لصدرك فقلبي في حاجة للترياق!"
هنا تعالت دقات قلبه بصخب وهو يجذبها لحضنه ويهمس بحبه لها بينما يده تتعامل مع الحجاب التي تضعه أمام حاتم، وألقى به بعيدا لا يدري أين، كل ما يعلمه الآن أنه يريد الغوص في خصلات شعرها وتقبيل الشامة ثم الترياق فقد كان هو الآخر كالصائم الذي يتوق للارتواء، ظل أحمد يلثم الترياق ببطء مهلك لنغم التي ما إن تأخذ أنفاسها فتهمس له( أريد المزيد)
هنا منحها أضعاف ما تطلب بينما تتفجر الحرارة في رأسه وهي تبادله صخب مشاعره فحملها بين يديه للسرير وهو يهمس بوله:
" أنتِ ترياقي!"
فابتسمت وأنفاسها تعلو وتهبط بصخب ثم همست:
" وأنت ترياق نغم"
بعد عاصفة من المشاعر كلا منهما منحها الآخر بسخاء، كلا منهما يبحث بدقة عما يسعد الآخر، عن كل ما يبهج قلب الآخر لتتحول مشاعرهم إلى نار مشتعلة لا تنطفئ ، ارتاحت نغم على صدره مغمضة العينين لكنها واعية وهي تسمعه يسألها بهمس فيما أنامله تغوص في شعرها:
" إن كنت تريدين البحث عن مكان آخر فلننتظر يا نغم فلدينا وقت!"
هزت رأسها نافية وهمست:
" أحببت تلك الفيلا، شعرت فيها بالدفء !"
تنهد أحمد بخفوت ثم قال:
" سأنقل كل ما يخصنا بدءا من الغد!؛ أعتقد بأن عروسي الحلوة في حاجة لبعض الخصوصية!"
ضحكت بخجل ثم رفعت وجهها له قائلة:
" أنا حقا سعيدة هنا يا أحمد بين أهلك !"
غمز لها وهو يداعب وجنتها ثم قال:
" ونظل طوال اليوم نشتاق الترياق!"
لكزته بخفة وهمست باسمه بدلال خفق له قلبه، ثم أراحت رأسها مرة أخرى على صدره فضمها بحنان وهو يقول بجدية:
" أعلم بأنك بالفعل في حاجة للخصوصية وكنت أستطيع أن نذهب لأحد الفنادق حتى نختار منزل مناسب لكنني أردت منح أمي السعادة التي تمنتها طويلا"
رفعت نغم رأسها عن صدره ونظرت في عمق عينيه قائلة:
" أنا منذ جئت لهنا وأشعر بأنني في بيتي ولم أحس للحظة بالضيق ثم أن هذا حق أمي رقية ولو أردت البقاء أكثر سأكون موافقة "
قبل جبينها ومنحها بسمة واسعة وهو يربت على وجنتها قائلا:
" ألم أقل لك بأنك ترياق لسقيم مثلي!"
منحته قبلة عميقة على خده ثم أراحت رأسها على صدره متنهدة وهي تعانق خصره..
" وعدتك بأن لك زفاف آخر ولم أنس لكن بعد امتحانات ياسمين!"
همست وهي تحتضنه:
" لا أريد لقد كان زفافي أجمل زفاف، أنا لا حاجة لي بالبشر فأنت كل ناسي يا أحمد!"
أحست بخفقات قلبه تعلو تحت رأسها وتنهيدته ترافقها علو وهو يجذبها بقوة أكثر في حين همست بشرود:
" أتعلم ما كنت أتمناه حقا!؟"
سألها بلهفة:
" ماذا تتمني يا نغم!؟"
لمعت دموع أبية في عينيها رفضت أن تنزل كي لا تفسد بهجتها ثم قالت بصوت بدا مختنق رغما عنها:
" كنت أحلم دائما بأن يكون لي أهل ويطلبني زوجي من أبي !"
حان صمت مؤلم بينهما وقد عجز أحمد عن النطق إلا أنه لم يعجز عن ضمها وبث الأمان لها وهو يلثم أعلى رأسها ويداعب وجهها بحنو أب قبل أن يكون زوج، سحبت نغم نفسها من تأملاتها التي بدت غريبة الآن ثم قالت :
"أنت عوض الله يا أحمد وقد نلت بكوني زوجتك كل أحلامي!"
همس أحمد بشرود وعاد لتقبيل قمة رأسها:
" كل أحلامك مجابة يا نغم!"
يتبع 💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-02-22, 10:54 PM   #754

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

تضع حاسوبها على ساقيها بينما تنظر لصورته عبر حسابه الفيسبوكي التي قام بتنزيلها للتو، كم يبدو في قمة سعادته وهو يحتضن تلك المدعوة زوجته، نار أحرقت صدرها وهي تتمعن النظر في عينيه اللتين ينظران لنغم بعشق يبدو للرائي دون أدنى حديث، أحست بصداع رهيب يقتحم رأسها وهي تحرك الصفحة امامها ببطء مؤلم لها، هو يبتسم بكل تلك السعادة وهي هنا تحترب حيث تبتعد عنه ساعات، مكان اختارته بنفسها بعد كل ما حدث لها، انتهاك كريم لجسدها ثم زواجه منها بعدما هددته أن تقدم شكوى وكان أجبن من أن يضيف قضية أخرى لقضاياه التي تراكمت عليه وأصبحت كخيط العنكبوت يلتف حول رقبته ورغم أنه حاول ان لا يطلقها وكأن اللعبة أعجبته وأراد التمتع لأكثر وقت ممكن إلا أنها لم تمنحه هذا بل رفضت دون أن تفكر حتى بنقاشه الذي وجدته غبي وما إن حصلت على طلاقها جاءت لهنا حيث ستبدأ من جديد.
توقفت عند صورة تشع بهجة، كانت لأحمد يضم نغم تحت ذراعه وفي الجانب الآخر فتاة سمراء يضمها له ومرفق مع الصورة( ياسمينتي التي أزهرت أرضي، أختي "ياسمين حاتم"…)، أغمضت هالة عيناها بقوة، و قبضت يدها حتى أحست بأظافرها تدمي باطن كفها!؛ تحس بالقهر يزداد في صدرها وتلك الصورة تثير الحقد في روحها، فتحت عينيها ببطء تتابع التعليقات التي تثني على جمال أخته التي فاجئهم بها ، هنا ضحكت بخفوت وقالت ساخرة بنبرة بدت حاقدة:
" النساء تزداد حولك بشمهندس وسعادتك تتضاعف !"
عادت لتحريك الشاشة حتى وصلت لصورة له وكانت قديمة لأحمد الذي تعرفه جيدا، جامد، عينان جليديتان بلا أدنى تعبير وكأنهما فاقدتا الحياة، يقف وكأنه تمثال من الشمع لا ينم عن حياته سوى شبح بسمة لم تلمس عينيه ورغم ذلك كان دوما مهيبا أنيقا وسيما!؛ زفرت بضيق وتأوهت وهي تلمس صورته قائلة بلوعة تفلت منها رغما عنها، لوعة إمرأة رأت نفسها تدهس من وجهة نظرها:
" أردت أن أكون معك لكنك رفضت بكل قسوة، تنازلت لأجل قربك!"
ابتلعت ريقها الجاف الذي بدا كأشواك وهي تلمس صورته بأنامل مرتجفة لم تكن يوما كذلك ثم همست بنبرة متحشرجة:
"هل ستتلاقى طرقنا مرة أخرى!!"
لامست شفتاها بشوق بدا جليا في عينيها حتى أنها انتفضت وكأنه يقبلها وتابعت بذات النبرة المتحشرجة، الجائعة له:
" مذاق قربك كان كختم لن يزول بسهولة بشمهندس !؟"
صوت دقات على الباب انتزعتها من شرودها فخرجت من الصفحة بهدوء دون أن تجفل وهي تنظر لباب غرفتها الذي تعرف جيدا من خلفه، استدارت بتمهل غير عابئة بالطرقات التي بدت متمهلة كصاحبها ثم أغلقت الحاسوب ووضعته على المنضدة قبل أن تسير صوب المرآة تلقي على نفسها نظرة تتأكد من مظهرها فابتسمت برضا وهي تلتقط حقيبتها الصغيرة ثم توجهت صوب الباب وقد رسمت بسمة واسعة تتقنها جيدا قابلت بها الرجل الذي كان على بابها والذي ما إن فتحت حتى طافت عينيه عليه بتقييم رجولي فج لن تخطأه عينيها، بل اعتادت عليه منذ جاءت لهنا ومنذ أصبحت مساعدته، منذ وافقت أن تكون واجهة حسناء مغوية!؛ تابعها الرجل بتمهل بطيء كأنه يصورها، فستانها الأحمر الذي يلتصق بجسدها كجلد ثان لا يترك شيء للمخيلة بحملات رفيعة يغطيها شال من الفرو غير محكم بل تركته يظهر أحد كتفيها بتعمد لم يخف عن عيني راصدة مثله بينما العقد الذي يلتف على رقبتها كان أحجية أخرى جعله يتذكر يوم ألبسها إياه بنفسه تقديرا لهذا الجمال فابتسم بخبث لمحته عينيها اللتين لم تحيد عن عينيه ولم ترتسم لمحة خجل واحدة بل كانت تنظر له بتلك النظرة التي تشجعه على أن يتضاعف جوع عينيه اللتين تأملا شعرها الأحمر الناري والذي كان فوق رأسها في تسريحة منمقة لا خطأ فيها ولا خصلة تتحرك بعفوية بل كل شيء تم ضبطه كما أرادت كأنه مقياس محدد، رفعت عيناها تنظر في عمق عينيه اللتين ترى فيهما جوعهما واللتين لا زالتا تنتظران وقت الطعام والذي تضن عليه به لكنها تنتظر حتى يرخي أسلحته ويعلن استسلامه وقتها ستملي شروطها، همست تنزعه من شروده الوقح فيها:
" جاهزة!"
مد يده يلتقط كفها وانحنى يقبل كفها وهو ينظر لوجهها بنظرة تفهمها جيدا:
" وأنا جاهز!"
حاولت سحب كفها بلطف إلا أنه لم يسمح لها وأحكم التمسك فيها بتملك أغاظها وتمنت لو قالت له( احترم عمرك ومكانتك) لكنها لم ولن تفعل فأخيرا حصلت على ما تريد حتى ولو كانت الكلمات التي تسمعها من الموظفين ومن كل من حولها تحرقها لقد وصلها كل شيء، تدرك بأنهم يرونها كعشيقته وهو لم يخف هذا بل وكأنه مستمتع بتلك اللعبة، كادت تتحرك لكن حركته أجفلتها وهو ينحني يطبع قبلة طويلة على وجنتها وفي الحقيقة لم تجفل تماما لقد اعتادت هذا منه وكل مرة تصطنع الضجر والدهشة لكنها لم تمنعه بل تتركه ينال الجزء الضئيل، طُعم حتى تلتهم السمكة كاملة، اعتدل الرجل وهو يقول:
" هالة، لديك عمل الليلة!"
تأملته بتوجس حيث تلك النظرة الجديدة عليه فتابع بهدوء يشرح لها:
" هذا العميل يقف كاللقمة في الحلق، أريده أن يلين!"
ابتلعت ريقها وبان توترها له رغم أنها جاهدت لإخفاء هذا فتابع حلقها الذي يتحرك ببطء ثم لامس عنقها بتمهل قائلا كأنه يشرح أخبار الطقس:
" أعلم بأنك بارعة، لن تعطي إلا ما تريدينه فقط يا هالة!؛ أريد أن تتم تلك الصفقة!"
وكأنها تلقت صفعة مدوية حتى أنها اهتزت في مكانها، صحيح تعلم بأنه ليس نزيه وبأنها واجهة حسناء لكنها ليست بعاهرة فلم تظن بأن يطلب هذا صراحة، هي تعطيه بقدر ما تريد لأجل أن تحصل عليه ليس لأجل أن يقدمها طعاما للجائعين أمثاله ويتلقى هو ثمنها وعلى وجهه تلك البسمة السمجة، تذكرت كريم في تلك اللحظة وكم كان التشابه كبير بين هذا وذاك إلا ان الذي يقف أمامها أشد فجرا ووقاحة دون أدنى مواربة..
ورغم كل ما فكرت به إلا أنها أومأت بنعم فهز رأسه بثقة وقد علم أنها لم تكن لترفض فقد راهن عليها منذ أول مرة التقاها، عيناها تنبض بشره غريب، عيناها صريحة تنطق بفحوى ما يضمره عقلها، تريد كل شيء ومثلها سهل الترويض وإن ظنت بأنها هي التي تروض من حولها لكن لا بأس فلتظن ما تريد المهم أن ينجز أموره بلا تعطيل.
همست بصوت شاحب رغم صمودها ونظرة عينيها النارية التي تبحث عن الحصاد:
" وماذا سأستفيد !؟"
امتدت يده تلمس العقد على رقبتها ببطء أثار رجفة في جسدها ثم قال بإغواء رجولي يدرك تأثيره على من مثلها!:
" تتم الصفقة ولك ما تطلبين لكن لا تطمعي!"
ضحكت بإغواء تتقنه ثم همست بصوت يشبه ضحكتها:
" أنت تاجر والتجارة شطارة وأنا أتعلم منك"
رفع حاجبه ببطء وقال :
" وأنا أقدر من يتعلم مني يا هالة لذا كلما أتقنت عملك ستجدين ما تتمني!"
★★★★
" سعيدة؟!"
قالها علي بينما عينيه تطوفان على ملامح ندى المرتبكة وهو يضمها إلى صدره يراقصها على أنغام الموسيقى الهادئة التي تتسلل إلى أذنيهما، تنفست ندى ببطء، في محاولة لتنظيم أنفاسها ثم اختلست النظر حولها قبل أن تعود لعينيه وتتسع بسمتها المرتجفة وهي تقول بخفوت:
" مرتبكة، متوترة، من شدة دقات قلبي أشعر وكأن كل من حولي يسمعها!"
ابتسم لها بدفء بينما خطواتهما تتناغم مع الموسيقى وهمس:
" اطمئني لا يسمع دقات قلبك سواي!"
لمعت عيناها بتلك اللمعة التي تضخم نبضات قلبه فتابع همسه وهو يقترب من اذنها:
" كل نبضة تهمس باسمي؛ صحيح يا ندى!"
تعالت دقات قلبها وهمست مصححة :
" بل تنطق( أحبك يا علي)"
ابتعد انشات بسيطة عنها ونظر في عمق عينيها اللتين أضاءت كما كان يراها منذ طفولتها بل أصبحت ممتزجة بوهج لن تخطئه عينيه!؛ وهج مبتسم، ينبض بالحياة، ابتلع ريقه وهو يتأمل وجهها البهي، بدت فاتنة بزينتها الخفيفة مع طلاء شفاه وردي وحول وجهها حجاب أبيض تعلوه طرحة مطرزة بفصوص صغيرة بينما فستانها كان رقيق ناعم مثلها، أما بسمتها الصافية فقد كانت زينتها التي أكملت تلك اللوحة الرائعة التي تجعله يشعر وكأنه يرفرف من شدة الفرحة، ندى تعود له بل هو متأكد تلك اللحظة أنها بالفعل عادت، جاهدت ألمها ونفضت غبار الوجع عنها لتنتفض وتظهر بهية كما عرفها طوال عمره..
أحست بالتوتر عندما وجدته شاردا فيها دون أن يرمش بل أنه توقف عن الرقص للحظة قبل أن يكمل، رأت في عينيه عشق جعل الأنثى داخلها ترقص مع موسيقى أشد صخبا من تلك التي تسمعها، إنها معزوفتها السحرية تلك النبضات الهادرة النابعة من صدره فتخبط في روحها تبثها الحياة، سحبت نفس مرتجف وهي تشدد يديها حول عنقه تستمد منه الدعم ثم همست:
" علي، الناس حولنا، لا تنظر لي هكذا!"
ظنت بأنه لن يرد عندما طال الصمت لكن بعد وقت أجابها ببطء:
" وكيف أنظر لك يا ندى!"
ابتلعت ريقها وبدت كعروس بأول ليلة زفاف فابتسم بوله وهو يسمعها تهمس بخجل:
" تنظر لي تلك النظرة التي غمرتني بها ليلة زفافي، كنت أشعر وكأنني الأنثى الوحيدة على تلك الأرض!"
لوهلة أحست بارتجافة فكه التي منعها سريعا ثم همس سائلا إياها:
" وهل اختفت تلك النظرة يوما يا ندى!؟"
أطرقت بجفنيها وأحس بأناملها ترتجف خلف عنقه حتى بدت كأنها تتمسك به فمنحها بسمة مطمئنة التقطتها على الفور وهي تهمس له:
" لم تختف نظرتك يوما ولا حبك يا علي، لكن عيناي كانتا مغمضتين ، كان عليهما غشاوة!"
تراقصت خطواتهما وسألها ببطء مترقب:
" والآن!"
اتسعت بسمتها وبدت صافية وهي تقول:
" الآن، أنا واثقة فيك وفي نفسي، في حبنا، قلبي ملؤه الرضا، رغم القليل من القلق لكنه ذاك القلق الذي يقوي من حبي لك ويدعمني لأن أكون في عينيك الأفضل وأن تراني ندى التي عشقتها!"
غاصت عيناها في عينيه وسألته بتوجس:
" لم تتغير نظرتك لي!"
ضمها وهو يراقصها وسمعت تنهيدة عميقة قرب أذنها تبعها قوله:
" آه لو تعلمين يا ندى، مدى حبك في قلبي لم يتزعزع لوهلة بل أشعر وكأنه يتضاعف كما لو كان في سباق كي يصل لأعلى درجة!"
لمعت عيناها بدموع فرح لمحها فهمس:
" لا تبكي!"
ابتلعت ريقها وهي تهز رأسها موافقة ثم قالت برجفة لذيذة تضخمت لها نبضات قلبه برضا رجولي:
" علي، أريد ضمك !"
قربها لصدره أكثر وهو يراقصها هامسا:
" هكذا مثلا!؟"
هزت رأسها نافية وهمست:
" بل أريد أن أختفي في صدرك!"
ثم لمعت عيناها بدلال انثوي وقالت:
" تلك الضمة التي تجعلني جزء منك!"
سمعت تنهيدة عالية اخترقت قلبها قبل أن يهمس:
" واضح بأنني سأحملك للبيت قبل أن يتم باقي الحفل!"
هنا تنبهت حواسها وسألته:
" سنعود لبيتنا!"
أومأ إيجاب وقال:
" بلى يا عروس، لقد كنا هنا ضيوف حتى تبدأ المفاجأة لنبدأ حياتنا"
يتبع 💜💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-02-22, 10:59 PM   #755

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

في الطريق لمنزل عمران، تأبطت سمر ذراعه وقد فضلا المشي، ليستنشقا هواء قريتهما قبل وداعها، كان الصمت ثالثهما بينما الهواء يلفحهما بنسمات هادئة كما لو كان يحتضنهم ويبثهم شوقه من الآن، مد عمران ذراعه الأخرى وربت بكفه على يد سمر التي تتأبط ذراعه ثم قال بصوته الأجش الذي يعانق قلبها:
" لو استطعت لملئت زجاجات بهواء القرية وأخذتها معي!"
شعر عمران بأنامل سمر تتشنج على ذراعه قبل أن تلتفت له وتقول بقلق حقيقي:
" عمران، لا تضغط على نفسك لنرحل، أنا هنا سعيدة أرجوك لا …"
قاطعها وهو يستدير بوجهه لها بينما يرى وجهها البهي يضيء تحت الإضاءة المنبعثة من الأعمدة:
" أنا لا أضغط على نفسي يا سمر بل كما قلت لك مقتنع برحيلنا لكن هنا أرضي التي عشت فيها ومؤكد جزء مني يحن لها بل كلي يفعل لذا لا أستطيع منع نفسي من شوقي لها ولناسها ودوما سأفعل!"
زفر طويلا ثم نظر أمامه وهو يقول:
" أنا لن أغادر هنا فهنا يعيش في قلبي وكل كياني…"
صمت مليا بينما سمر تنظر له بتلك النظرة العاشقة التي تزداد يوما بعد يوم عندما أضاف:
" ثم ان هناك وطن يناديني لأعيش فيه إسمه سمر، أتراني اتأخر عنه!"
فلتت تنهيدة حارة من الأخيرة قبل أن ترد بخفوت:
" أنا حيث أنت يا ابن عمي"
همس قائلا:
" قلب ابن عمك يعشقك يا سمر!"
تخضبت وجنتيها ورغم أنه لم ير ذلك بوضوح إلا أنه قال وهو يستدير لها:
" أين بلوتي، مختفية أم نائمة!؟"
كتمت ضحكتها بصعوبة وقالت:
" ربما خجول!"
ضحك عمران وهو يميل نحوها قائلا:
" أصدق لو كانت سمر أما بلوتي فلا إنها عاشقة تعلم كيف تصهر قلبي!"
همست سمر وهما يتوجهان لباب بيتهم:
" إذن لا تريد سمر!؟"
ضحك وهو يفتح الباب الخارجي للحديقة وقال:
" أريدكما معا لكن البلوة لها سحر خاص وخاصة مع الحمل والسوفليه!".
أغلق باب الحديقة فتركت سمر يده وتخصرت قائلة:
" إذن بما أنك تفضل البلوى فانتظرها حتى تظهر أما الآن فلا يوجد سوى سمر!"
لمعت عيناه ببريق تفهمه سمر جيدا فقابلته بنظرة مشابهة عندما لف ذراعه حول خصرها وجذبها لصدره قائلا بنبرته التي تنثر في قلبها فراشات تحلق بها عاليا:
" ها هي البلوى أعلنت وجودها!"
جاهدت سمر في إخفاء بسمتها فيما عمران تابع بذات النبرة:
" بلوتي وحبيبتي وحلوتي يا سمر!".
أمام زهرتها التي زرعها لها عمران يوما ما، زهرة كل الفصول كما أطلقت عليها سمر، وقفت تنظر لها وبدا الحزن على ملامحها فسألها عمران وهو يدس يديه في جيبي بنطاله:
" لما هذا الألم!؟"
ابتلعت ريقها ببطء ثم نظرت له قائلة:
" ستموت تلك الزهرة دون رعايتك!"
قابلها الصمت للحظات فيما نظر عمران للزهرة وقال بعد وقت:
" هنا كل شيء سأتركه تحت رعاية عمي مصطفى وخالتي هنية لكن تلك الزهرة ستظل تحت رعايتي!"
حاولت سمر أن تبتسم لكن ألمها لفراق الزهرة ظهر جليا فتلك الزهرة نما معها حبهما، عاشت معهما ألمهما وفرحهما، شاهدة على حكايات صامتة طالما بثها أحدهما للآخر، أحست بذراع عمران يلتف حول خصرها فمنحته بسمة وارتاحت برأسها على كتفه عندما سمعته يقول:
" لن نترك الزهرة هنا سنأخذها معنا!"
هنا انتفضت سمر كما لو كانت طفلة خفيفة وصرخت:
"حقا، ينفع!"
رفع عمران أحد حاجبيه ثم قال ببطء ونبرة محذرة رغم لطفها"
" أتعلمين لو تحركت بتلك السرعة مرة أخرى وتأرجح أبني هكذا!"
هنا رفعت سمر حاجبها تحاكيه نظرته وقالت:
" ماذا ستفعل يا ابن عمي..؟!"
مط شفتيه ثم قال ببطء:
" سأضطر لحملك في كل حركة وأظنك لن تتحملي هذا أمام عمي!"
مسدت سمر على بطنها وقالت بدلال وهي تحدث طفلها:
" أمك تعيش أجمل أيام حياتها حتى أنها لن تمانع أبدا إن حملها أبيك في قلبه أينما ذهب!"
فجأة أحست بنفسها لا تلامس الأرض وتتوسد صدر رحب وهو يميل نحوها قائلا:
" عيناي لكِ يا ابنة عمي!"
تعلقت سمر برقبته ومالت برأسها على صدره وهي تهمس:
" سنأخذ الزهرة!"
قال وهو يمشي صوب الباب:
" بلى وسيكون معها إخوة وأبناء عم وعائلة!"
ضحكت سمر وهي تقول:
" الزهرة أم أنا…."
نظر في عمق عينيها وقال:
" وما الفرق بينكما يا زهرة كل الفصول!"
★★★
بعدما تناول جلال العشاء مع أمه وأخته صعد لغرفته وأخذ دش ثم ألقى بجسده على السرير، يحدق في سقف الغرفة ليرى بعين خياله سارة … ببسمتها الواسعة ووجها الذي يضيء وكأن القمر غادر السماء ليصبح بين يديه، هذا القمر الذي فارقه منذ عدة أيام وانتقل لفيلا علوان بعدما عاد خالد من السفر، لا زال يذكر عودة خالد المفاجأة مع أخته وهما متعانقي الأيدي بينما أمه كانت كمن أمسك نجمة من السماء وهي ترى بسمة نورا التي جعلت غمازتيها كنجمتين في خديها من شدة السعادة الواضحة عليها بينما خالد سلم على الجميع وأخته التي تعلقت برقبته حتى كادت تخنقه ولم ترد مغادرة حضنه بينما لا ترى جلال وهو يتلوى وقد أيقن بأن خالد لن يتركها لديهم وبالفعل هذا ما حدث بعدما طلب خالد من ماجدة تحديد موعد زفاف مناسب حيث سيكون الأخوين معا، التفت لأخته وطلب منها تجهيز حقيبتها للعودة لفيلا علوان، وقتها لمح جلال هذه النظرة المشتاقة في عينيها، نظرة لن ينساها أبدا وهو يرى فيها مزيج من المشاعر التي اجتمعت كلها على عشقه، يذكر جيدا عندما صعدت للأعلى حيث جناحهما وانتظرته بعدما أرسلت له رسالة عبر الوتساب تخبره بأنها تنتظره ليصعد مهرولا لها متحججا باتصال مهم وتوقف عن البهو ملهوفا في حين هي استدارت بذات اللهفة وقالت:
" المدللة لم تسمح لي بالخروج من هنا دون عناقك!"
ولم تكد تنتهي من حديثها حتى حلق بها كأنهما يلامسان السماء وصخب الملاهي في قلبيهما يعلو حتى تمنى لو لم تغادر أبدا وتوسل خالد لان يترك سارة لكن كان هذا مستحيل.
تنهد بخفوت وهو يلتقط هاتفه من على الكومود ثم فتحه ينظر للشاشة الرئيسية والتي كانت لسارة وهي تضحك بينما تسدل على وجهها طرحة زفاف!؛ تعالت دقات قلبه وهو يذكر أيامه الفائتة والتي قضاها معها في تجهيز جناحهما وهذا ما كان يهون عليه انتقالها لفيلا والدها ثم اليوم وهما يختارا فستان الزفاف مع خالد ونورا.
لم يخف عنه توترها في بداية الأمر وهي تلمس فساتين الزفاف لكنه اقترب منها وبدأ يختار معها داعما إياها حتى وقع اختيارهما على فستان راق لهما معا.. تنهد بعمق وهو يضغط على رقمها ثم طلبها….لم يطل انتظاره وكأنها كانت في انتظاره رغم أنها لم تنطق فقط سمع أنفاس عالية فهمس باسمها لترد باسمه حينها تأوه وهو يقول:
" ماذا تفعلين!"
تعلقت عيناها بفستان زفافها المعلق وقالت بعد وقت:
" أعانق فستان زفافي بعيني!"
تعالت دقات قلبه وازداد صخب انفاسه ثم اعتدل بجلسته قائلا بلهفة:
" أريد رؤيته معك.."
وبالفعل تحول الاتصال لمرئي وظلت الشاشة موجهة نحو الفستان وعم صمت لذيذ يمتزج بدقات قلبين بدت كالطبول.
في غرفة نورا كانت ماجدة تجلس على سرير ابنتها فيما نورا تنام على حجرها، تشعر أخيرا بأن الحياة ابتسمت لها وبأنها كادت تصل لشاطئ الأمان، بينها وبينه مجرد انشات ويحتضنها وتصبح في قمة سعادتها، يفرق بينها وبين زفافها أيام بسيطة وتصبح فعليا زوجة خالد علوان، الرجل الذي أيقظ الحياة داخلها بعدما ظنت بأنها فتات أنثى، أشعل كل خلية فيها ولتكون على ما عليه الآن( عاشقة متيمة به).
حانت منها نظرة لفستان زفافها فتنهدت بخفوت بينما تشعر بأنامل أمها تداعب خصلات شعرها، اتسعت بسمتها وهي تتذكر اعتراض ماجدة على أن يحضر خالد وجلال شراء فساتين الزفاف لكنها لم تستطع اقناع نورا وسارة بذلك إذ ان كلتاهما كانت مصرة على أن يتشاركا أولى أجمل لحظاتهما مع زوجيهما كما تشاركا لحظات الألم وبعد صراع ماجدة رضخت لطلبهم مع عدم اقتناعها..
أغمضت نورا عينيها وقد ترائى لها نظرة خالد عندما رآها بالفستان، عيناه كانت لامعة وفيها بريق هز كيانها لدرجة انها تريد الاحتفاظ بها في روحها حتى لا تنساها أبدا وهي بالفعل لن تفعل.
صوت ماجدة انتزعها من شرودها وهي تقول:
" لا أتخيل المكان بدونك لكن فرحتي بسعادتك تعوضني بعد المسافة يا نورا!"
لاح حزن على محيا الأخيرة، تعلم جيدا مدى ألم ماجدة حيث سفر نورا بعد زواجها وإقامتها في دولة أخرى، الأمر يبدو مرهقا لقلبها كأم ورغم أنها بنفسها سعت لاتمام هذا الزواج وتمنته لكن يبقى للقلب أحكامه، قامت نورا من على حجر أمها صمتت مليا وهي تتابع وجه أمها الذي رغم الألم إلا أنها تراها عادت لعهد سابق ملؤه السعادة، تلك التجاعيد التي كانت قد ظهرت بوضوح أثناء تعب نورا اختفت وحتى الشعر الأبيض هو الآخر لم يعد له مكان، أمها استعادت حيويتها مع عقد قرانها وهي متأكدة بأنها ستتخطى ألمها وتعتاد البعد كما ستفعل نورا ورغم شوقها لها من الآن إلا أن شوقها لقرب خالد يطبطب على قلبها، أحيانا تشعر بالأنانية لهذه المشاعر التي تطغى عليها خاصة ولهفتها للزواج بدت واضحة للكل، زفرت بهدوء تنفض شرودها ثم احتضنت كف ماجدة وقالت:
"تعلمين يا امي بأن المسافة لن تمثل عائق لنا فكلما شعرت بشوقك لي، اتصال هاتفي واحد وسأكون عندك بأقرب وقت كما أنني لن أتأخر بزيارتك وخالد لن يمانع!"
اتسعت بسمة ماجدة وربتت على وجنة نورا ثم قالت:
" وهذا ما يطمئنني، أنك مع رجل كخالد، يعرف قيمتك ويحبك وسيراعيك !'
لمعت عينا نورا وهي تومأ بالموافقة على ما قالت أمها ثم أراحت رأسها مرة أخرى على حجرها بينما عادت ماجدة تداعب خصلات شعرها وهي تتابع:
" إنها سنة الحياة يا نورا ويوما ما عندما تكون لك بنت ستغادر لبيت زوجها ورغم شوقك لها ألا أنك ستكونين أسعد إمراة في الدنيا خاصة لو تزوجت رجل كأبيها!"
رفرف قلب نورا بصخب وهي تسمع كلمات أمها ومجرد التخيل بأن تكون أم لأبناء خالد جعل وجنتيها تنصهران وتغمض عينيها تتخيل كيف سيكون أطفالها!.
صوت هاتفها قطع حديثهما فابتسمت أمها وهي ترى صورة خالد تضيء مع الرنين في حين استقامت نورا بلهفة وفتحت الاتصال المرئي وهي تهتف باسمه ليحدق خالد بها وبأمها التي هزت رأسها بيأس من لهفة ابنتها التي أنستها تواجدها فضحكت ماجدة وقالت تمنع الحرج عن خالد:
" مساء الخير يا خالد!"
استجمع الأخير نفسه سريعا ورد سلامها ببشاشة فيما نورا أطبقت على شفتيها تمنع ضحكتها خاصة وهي ترى خالد مطرق الأجفان يخفي انفعالاته ولهفته التي كانت واضحة للأعمى أول الاتصال، ساد صمت قصير قطعته ماجدة وهي تقوم من مكانها قائلة:
" سأذهب للنوم، تصبحان على خير!"
وما إن انهت كلماتها وردا عليها حتى غادرت الغرفة بعدما ألقت نظرة مبتسمة لابنتها التي ربعت ساقيها ووضعت الهاتف أمامها قبل أن تقول لخالد:
" أشعر كأنني في حلم!"
تنهد الأخير وهمس:
" وأنا كذلك لذا أعذريني سأتصل كثيرا كلما شعرت بأنني أحلم حتى أتأكد بأنه واقع"
يتبع 💜

shezo, Soy yo, Miush and 4 others like this.

آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-02-22, 11:03 PM   #756

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

" لا ..لا هكذا غير مضبوط، ضع البرواز في وسط الحائط يا عمران!"
هتفت بها سمر وهي تقف في وسط الغرفة التي توجد على سطوح منزلهم، أنزل عمران البرواز ببطء وهو يدعو الله بأن يمنحه مزيد من الصبر على بلوته، استدار لها وقال بنفاذ صبر:
" يا سمر، هذا البرواز احتار معنا منذ ساعات…"
تأففت سمر قبل أن تقول مدعية الضيق:
" ما بالك يا ابن عمي، أراك مللت بسرعة!"
فغر عمران فاه ووضع البرواز أرضا مسندا إياه على الحائط ثم اعتدل متخصرا وهو يقول مستنكرا:
" مللت بسرعة!؛ هل تسمعين ما نطقت به للتو.."
زفر طويلا بينما يشعر بأنه بالفعل بدأ ينفذ صبره فهو يحتاج للقليل من الراحة لكن وكأن بلوته لا تريد بل تقف بدلال مهلك لأعصابه، بمنامة تلتصق على حنايا جسدها بإغواء فيما شعرها الغجري ينسدل مرتاحا يناديه لبعثرته وأحمر الشفاه القاني الذي يثير الحمم في رأسه بينما تدعم ظهرها بكفها وكأنها حامل بالشهور الأخيرة وليست بأول الشهور، وتمارس عليه دلال رهيب متسلية وقد أحس بأنه على شفا انفلات صبره بالفعل ويريد الراحة على صدرها ولمس بطنها يطمئن على ولي العهد الذي لو كان بنتا متأكد ستكون بذات دلال أمها…
كانت سمر تتابعه بتسلية بينما ترى عينيه تطوف عليها ببطء جعل رجفة تسير عبر عمودها الفقري لكنها جاهدت هذا بصعوبة وهي تتململ في وقفتها وتتنهد بعلو فانتبه عمران لشروده وأغمض عينيه لوهلة قبل أن يتابع بضجر كاذب وهو يلتقط البرواز:
" لديك كل حق، مللت بسرعة حتى أنني لم أرتاح لدقائق منذ الصباح بل منذ عدة ايام ونحن بالفعل لم ننل قسط من الراحة!"
هنا عبست ملامحها وأحست بتأنيب ضمير فهو صادق بكل كلمة فاقتربت منه ثم احتضنت وجهه وهي ترفع رأسها له قائلة:
" تعبت…!"
لاحت بسمة حانية على شفتيه ثم ترك ما في يده واحتضن خصرها بذراعيه وهو يتنهد ثم قال :
" لم أتعب يا سمر بالعكس كل هذا أفعله بكل حب خاصة وأنا أرى تلك البسمة الراضية على شفتيك!"
اتسعت بسمتها وأراحت كفيها على صدره وأردفت:
" إذن لما تدعي الضيق يا ابن عمي!"
ضحك بخفوت ثم أجابها ويده تتسلل عبر منامتها بجرأة جعلت وجنتيها تنصهر:
" يا سمر أنت الأخرى لم ترتاحي منذ جئنا لهنا حتى أنك لا تتركيني عندما أنزل للأسفل وأتابع تجهيز المكتبة!"
تحركت يده بتمهل وارتاحت على بطنها أسفل منامتها ثم تابع:
" ابني هو الآخر يحتاج لراحة يا ابنة عمي!"
لمسة كفه على بطنها كانت كالمخدر الذي جعلها تتأوه فاتسعت بسمة عمران برضا رجولي لمع في عمق عينيه في حين قالت سمر بخفوت:
" عمران، عندما أجهز كل شيء أشعر وكأنني عروس تجهز لزفافها، أنا اليوم أحصل على ما لم أجربه قبل!"
هنا ضمها عمران لصدره واستند بذقنه على رأسها في حين تابعت:
" أنا لست متعبة صدقني بل أسعد امرأة!"
ابتعدت عنه ببطء واستدارت حولها تنظر لغرفة نومها ثم له قبل أن تقول:
" لقد اخترت غرفة نومي بنفسي… ستائرها…مفارشها..سجادها،ك? ? تفاصيلها الصغيرة حتى مكان كل قطعة، أتراني بعد كل هذا أتعب وخاصة وأنا أرى زوجي يشاركني تلك اللحظات الأسعد في حياتي!"
كان يتأملها بوله وهو يسمع كل كلمة تنطق بها وحركة شفتيها التي وكأنها تحتضن الكلمات لتصبح بهذا العمق الذي لامس روحه فيما سمر التفتت له وعادت لدعم ظهرها بكفها ثم اليد الأخرى على قلب عمران وقالت بدلال:
" ها… هل ستضع البرواز كما أردت!"
هنا اتسعت بسمته وأفلت زفرة عميقة من بين شفتيه وهو يلتقط البرواز ثم قال:
" حسنا اقتربي هنا وأشيري حيث تريدي !"
رفعت أحد حاجبيها وقالت:
" بأدب…"
عقد حاجبيه حتى كادا يلامسان مقدمة رأسه ثم قال مستنكرا:
" هل ترينني وقح!"
لاحت شبح بسمة على شفتيها وهي تتقدم لتجاوره حيث يقف ثم استدارت للحائط وهي تنظر لموضع الذي تريد فيه البرواز قبل ان تقول ببطء:
" بلى يا ابن عمي أنت منذ الصباح بل منذ جئنا مع كل فاصل تكافىء نفسك !"
اتسعت عيناه لوهلة ثم ما لبث أن التفت لها وتعالت ضحكته قبل ان يهدأ ويقول بنبرة ذات مغزى:
" ومن المحرض الأساسي!"
التفتت له قائلة باستنكار:
" هل تلومني!؟"
تعالت ضحكته مرة أخرى ثم لف يده حول خصرها قائلا :
" بلوتي الحبيبة عليك الإكثار من التحريض والمكافأت حتى أجد طاقة لإنهاء شقة العروس!"
أصبحت دقات قلبها كالطبول واستدارت له بلهفة ثم قالت وهي تستطيل على أطرافها وتتمسك بقميصه:
" لا تقلق من هذا الجانب إذن!"
وما إن أنهت كلماتها كانت هي من تعطيه بسخاء ليقابلها بأكثر عطاء…..
عندما أنتهى عمران من تعليق البرواز الذي احتار معهما تشمم نفسه ثم قال لسمر:
" سآخذ دش دافىء!"
" وأنا سأجهز العشاء وأصعد سريعا!'
قالتها سمر وهي تخرج لعمران ملابس بيتية مريحة من خزانة غرفة نومهما الجديدة، أخذ منها الملابس وهو يقول:
" ما رأيك لو تناولنا الطعام مع عمي!"
دعمت ظهرها بكفها وهي تقول بنبرة مغوية:
" عمك صلى العشاء وتناول طعامه وفي سابع نومه لذا سأستفرد بك يا ابن عمي!"
جلجلت ضحكته وقال وهو يقرص وجنتها:
" وأنا أنتظر على أحر من الجمر !"
ثم رفع حاجبيه وهو يسألها:
" أرى بأن الحمل ساعد على اكتناز الوجنتين …"
ثم طاف على باقي جسدها بوقاحة لم تضايقها بل جعلت قلبها ينتفض برضا فيما يتابع:
" كما ساعد بمناطق أخرى!"
هنا اتسعت عينيها وهتفت به وهي تدفعه للحمام:
" اذهب لتستحم يا عمران …."
قهقه وهو يلتفت لها مداعبا:
" ألم أقل لك بأنك المحرضة وليس ذنبي!"
كان صوته قد اختفى خلف الباب الذي أغلقه بينما هي احتضنت قلادتها وتنفست بعمق وهي تهمس:
" حفظك الله لي يا ابن عمي ولا يحرمني من حنانك أبدا".
وقفت سمر خلف سور السطح، تكتف يديها بينما شعرها تداعبه نسمات الهواء الباردة فترتعش مما يزيد ضمها لنفسها ورغم ذلك تشعر بالدفء فها هي أصبح لديها كل ما فقدته، تداوت بيد ابن عمها الذي كتب لها بعد معجزة، تأوهت بخفوت وهي تحدق في زهرتها التي نقلها عمران معهما كما وعدها، واضعا إياها على السور وعلى جانبيها مجموعة أصص أخرى تحتوي على زهرات من أنواع مختلفة لكن تبقى تلك الوردة مختلفة في ناظريها، سحبت نفسا عميقا وزفرته بينما تشعر بأن كل ذكرياتها محملة في هذا الهواء ..
شال ناعم ارتاح على كتفيها وضمه لصدرها يدين رجولية حانية، استند على كتفها بذقنه وهمس وهو يحكم إغلاق الشال:
" ملابسك خفيفة ستبردين!"
استدارت بوجهها له فتلاقت مع عينيه الدافئتين وهمست:
" أنفاسك حولي تدفئني فلا تقلق يا ابن عمي!"
قربها أكثر له بحرص شديد حتى التصقت بصدره وهمس لها:
" هنا، تماما كما نقف، كانت أحلامي بابنة عمي!"
تعالت تنهيدتها وهمست :
" ستعيده علي حلم حلم يا ابن عمي!"
ضحك بخفوت وهمس:
" هنا سنحقق الأحلام يا سمر، لقد جئت لهنا ليكون كل ما فكرت فيه واقع كما أنت بين يدي وابني في أحشائك!"
تأوهت وهي ترد:
" سيكون بيتنا جميل عندما يكتمل يا عمران"
همس بعد لحظة:
" بلى…"
" لكن لن نبني هذا الجزء الذي نقف عليه سنتركه كما هو ونضيف أرجوحة!"
قالتها سمر وهي تشرد في أضواء القاهرة بينما تتلاشى من عينيها كل ذكرى سيئة عاشتها وبقى فقط تلك اللحظة وعمران يهمس لها:
" يوما ما صنعت أرجوحة في حديقة بيتي بالقرية لك وسأصنعها الآن لأجلك يا ابنة عمي!".
اتسعت بسمتها واستدارت له، تشبك يديها خلف عنقه ثم قالت:
" لكن تلك المرة سأساعدك في صنعها"
احتضن خصرها وقبل وجنتيها بعمق ثم قال بصوته الأجش:
" ستكون أرجوحة مدللة كصاحبتها"
ضحكت سمر وهي تقول:
" أليست أرجوحتي فوجب أن تشبهني"
مطت شفتيها ثم قالت:
" جهزت العشاء ألم تجوع!؟"
حانت منه نظرة نحو المنضدة الموضوع عليها العشاء ثم نظر لها قائلا بمكر:
" أنا جائع وجدا لكن لكِ"
أطبقت على شفتيها قليلا ثم قالت:
" الطعام أولا!"
ثم غمزت وقالت بدلال :
" ثم أنني جهزت السوفليه!"
هنا تعالت دقات قلبه وهو يهتف بسؤالها عن مكانه فأشارت حيث المنضدة، تناول كفها وجذبها معه ليجلس على الكرسي ثم جذبها لتقعد على ساقيه فابتسمت بدلال مهلك لأعصابه وهو يلتقط السوفليه من على المنضدة ليتذوق منه ملعقة كبيرة ثم همهم متلذذا بطعمه، يحس نظراتها تتعلق بشفتيه فمنع تلك البسمة الماكرة بصعوبة بينما يلتقط ملعقة أخرى قائلا بتلذذ:
" مذاق السوفليه رائع!"
" أظن أننا سنحلي قبل العشاء يا ابن عمي!"
قالتها سمر بدلال ولهفة لم تخفها يوما عليه قبل أن تعانقه بقوة و تتذوق السوفليه …
يتبع 💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-02-22, 11:05 PM   #757

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

وقفت نغم أمام طاولة الزينة تلف حجابها وما إن انتهت منه حتى نظرت في ساعة معصمها تتعجب من تأخر أحمد، لقد اتفقا على الانتقال لبيتهم الليلة بعدما تم نقل كل اغراضهم هناك لكنه تأخر فلقد أخبرها بأن لديه التزامات عليه الانتهاء منها لكن من الواضح أن تلك الالتزامات قد أخذت كل وقته حتى أنه لم يتصل عليها سوى منذ ساعة ليخبرها أنه سيتأخر قليلا..
استدارت عن الطاولة وطافت حولها، تنظر للمكان الذي شهد على أجمل حياتها وتساءلت بصمت :
" إلى متى ستظل تنتقل من مكان لآخر، متى تستقر!"
زفرت بخفوت وهي تتخصر عاقدة حاجبيها وقد ازداد قلقها وحيرتها لتأخر أحمد لكن دقات على الباب أجفلتها فالتفت تسمح للطارق والتي كانت رقية بوجهها الحبيب ونظرتها الأمومية الحنونة التي تحتضن نغم بها، رحبت بها الأخيرة وهي تتقدم بسرعة نحوها وتمسك بكفها قائلة:
" تفضلي يا أمي!"
تأملتها رقية مليا وهي تقول بنبرة بدت حزينة:
" جهزتِ!"
أطرقت نغم رأسها بخجل، فقالت رقية ببسمة تمنع عن نغم هذا الحرج:
" نحن أيضا سنسافر قريبا، تعلمين عمل حاتم ليس هنا حتى أننا تأخرنا!"
هنا تنهدت نغم في راحة وهمست:
"سنزورك دوما!"
ابتسمت رقية وهي تربت على كتفها قائلة:
" وسأكون في انتظاركما دوما يا حبيبتي!"
صمتت للحظة ثم قالت وهي تطوف بعينيها عليها:
" لدي تعديل بسيط في ملابسك قبل أن ترحلي!"
هنا امتقع وجه نغم وبسرعة كانت تنظر لما ترتديه وتتأكد من هندامها لقد ارتدت بنطال أبيض لا يرسم ساقيها وسترة تصل لركبتيها أسفلها بلوزة صوفية مع حجاب يليق بها، كانت ترى نفسها جميلة لكن تعليق رقية أجفلها وهي ليست عادتها فتلك السيدة لم تتدخل في حياتها منذ سكنت بتلك الغرفة وتاركة لهما مساحة شخصية، لاحظت رقية انفعالات نغم فقالت:
" تبدين رائعة لكنني أردت…"
قاطع حديثها صوت ياسمين التي دخلت وتحمل في يدها كيس طويل يبدو غلاف لفستان وهي تقول بمرح:
" وها هو الفستان يا أمي!"
كانت نغم تنظر لهما بتعجب فأوضحت رقية وهي تأخذ الفستان من ابنتها:
" هذا فستان عقد قراني على حاتم وتمنيت لو أهديته لك يوم عقد قرانك لكن لم يكن باليد حيلة!"
نظرت لها نغم بعدم فهم فاسترسلت رقية:
" وبما أنني لم أهديه لك يوما فأتمنى أن ترتديه في أول يوم تدخلين فيه بيتك الجديد!"
ابتلعت نغم ريقها وأحست بالطبول تدق في صدرها وهمست بأمي فابتسمت رقية وهي تعطيها الفستان:
" أعلم أنه قديم الطراز لكن…!"
قاطعتها نغم بلهفة وهي تأخذه وتضمه لصدرها قائلة بصدق :
" سيكون الأروع لأنه كان لك يا أمي!"
هنا لمعت عينا رقية بدموع الفرحة وضمت نغم لها وهي تقول بصوت مختنق:
" بارك الله لك حبيبتي!"
ثم ابعدتها عن حضنها بلطف وقالت:
" سأتركك الآن حتى تبدلي ملابسك قبل مجيئ أحمد!"
غمزت لها ياسمين قبل أن تخرج وهي تقول:
" هيا يا نغم لا تتأخري!"
بعد وقت كانت نغم قد انتهت من تبديل ملابسها بفستان رقية بسيط التصميم لكنه بدا أنيق وجذاب بشكل ملحوظ، لم تظن نغم أن يليق عليها هكذا وكأنه صمم لأجلها، تحركت يديها على ثنايا الفستان بإعجاب وتخيلت نظرة أحمد لها عندما يراها!..
صوت طرقات كالطبول على الباب كان معلوم صاحبتها أخرجتها من افكارها بينما الدقات تتوالى مع صخب ياسمين وهي تهتف:
" لقد أتى أبيه وكلنا في انتظارك يا نغم!"
هتفت نغم من خلف الباب أنها ستخرج لهم وسحبت نفسا عميقا ثم زفرته ببطء قبل أن تخرج من الغرفة إلى بهو المنزل وهنا وقفت متجمدة في مكانها، تتبادل النظر بينهم بذهول بينما بسماتهم تعلو محياهم أما أحمد….
فغرت فاها وهي تراه أنيقا، وسيما بحلته السمراء بينما يحمل في يديه باقة ورد بيضاء ويبتسم لها بسمة تخصها وحدها جعلتها تطرق رأسها وخجل رهيب يتسلل لحنايها خاصة مع العيون المتابعة بتسلية، أما هو فقد تأملها بهدوء رغم دقات قلبه العالية لقد طلب من أمه أن ينزل معها ليشتري لنغم فستان لكن رقية رفضت هذا وقالت لديها ما يليق وقد صدقت فهذا الفستان بلون عيني نغم من الحرير، ينسدل عليها بنعومة، يعانق حنايا جسدها بينما يحتضن خصرها حزام عريض مطرز بفصوص ناعمة، بينما كانت الطرحة ناعمة بذات لون فصوص الحزام، منع نفسه بصعوبة من الهرولة لها لعناقها ويخبرها كم هي فاتنة حتى مع تلك الزينة الخفيفة جدا التي بالكاد تظهر مع تورد وجنتيها..
صوت حاتم الوقور وهو ينادي باسمها أخرج أحمد من شروده ليتنحنح بحرج بينما نغم انتفضت وهي تنظر لحاتم لتجده يمد يده لها ويقول بحنو شديد:
" اقتربي يا نغم!"
أطاعته بعد إيماءة منها، كان كل شيء غريب وهي ترى الكل يرتدي ملابس أنيقة لا علاقة لها بالبيت، كانوا وكأنهم على موعد ما….
جلس حاتم وربت جواره لتقعد نغم أما رقية وياسمين فجلسوا قبالتهم بينما أحمد تقدم من نغم وانحنى يعطيها الورد فاتسعت عينا الأخيرة وهي تمد يديها المرتجفة وتتبادل النظر بين الجالسين وبينه وتلك الباقة التي ارتاحت على ساقيها فيما هو منحها بسمة واسعة قبل أن يتراجع ويجلس بين أمه وأخته، طال الصمت وهي تشعر بأنها لا تفهم شيء، فهناك شيء غير طبيعي يحدث لكن ما هو، هذا هو الغائب عنها….
أول من قطع هذا الصمت هو أحمد الذي تنحنح قائلا:
" اليوم يا عمي جئتك لطلب عزيز!"
هنا ضاقت عيني نغم وهي ترفع وجهها بينما تابع أحمد بهدوء ورزانة فيما حاتم بدا هادئا هو الآخر :
" جئت أطلب منك يد ابنتك نغم وأتمنى أن توافق!"
شهقة عالية فلتت من بين شفتيها كتمتها بأناملها وهي تنظر لأحمد الذي ابتسم لها ثم نظر لحاتم قائلا:
" أنا أحب ابنتك وأتمنى أن توافق علي كزوج لها!"
كان كل هذا فوق استيعابها، لقد حكت له مجرد أمنية، خيال تعلم بأنها لن تحصل عليه، كانت تفضفض له بما يجول في خاطرها لكنه لم يمرره مرور الكرام بل حقق لها أمنيتها، إنه حقا الترياق… بلى هو كذلك، كانت لا زالت على ذهولها بينما الكل يتأملها ببسمة تصاحب حنانهم، يشعرون بتلك الفتاة التي يحق لها أن تحظى بكل حقوقها وحقها أن يمنحها حاتم موافقته ورعايته، عندما طلب منه أحمد هذا لم يفكر للحظة في مجادلته او سؤاله لما سيعيد طلب نغم بل وافق على الفور ورحب بالفكرة كما فعلت رقية والتي وجدتها فرصة كبيرة لتعيش هي الأخرى ما فقدته، فرحتها بيوم كهذا وأحمد عوضها ما ظنتها فقدته…
قطع هذا الصمت صوت حاتم الذي قال بوقار:
" عن نفسي أرحب بك زوجا لابنتي يا بشمهندس لكن المهم رأيها!"
هنا التفت لنغم التي نست كفها على شفتيها متسعة العينين فانتفضت عندما قال لها حاتم:
" ما رأيك يا نغم!"
صمت للحظة ثم قال بمرح يليق به:
" لو رفضت فسنحتجزك هنا…!"
هنا تدخلت ياسمين قائلة:
" هيا يا نغم، أخي لا يرفض!"
لتقول رقية بنبرة حنون:
" وابني يحبك سيكون زوج رائع!"
لمعت الدموع في عيني نغم وأزالت كفها عن شفتيها وهي تحرك شفتيها
(بلى هو زوج رائع… )
قرأ أحمد حديثها الصامت ومنحها اروع بسمة ثم قال بهدوء:
" انتظر رأيك يا نغم!"
تعالت دقات قلبها وهي تهز رأسها بنعم وتقول مختنفة:
" بلى، بلى أوافق…."
هنا وقفت ياسمين تصفق وتوجهت نحو المسجل فيما حاتم وقف يبارك لنغم التي انحنت تقبل يده فسحبها بسرعة وقبل جبينها وقال بحنو:
" مبارك يا ابنتي وشكرا لكما أن منحتونا فرحة كتلك!"
اختنق صوت نغم من الفرحة وقالت:
" بل أنا من يشكرك يا أبي، لقد منحتني أكبر امنية في حياتي!"
تنهد حاتم وهو يقول:
" هذا حقك يا نغم وقد كانت فكرة أحمد !"
التفتت لأحمد بامتنان عندما وجدت رقية هي الأخرى تسحبها لحضنها وتبارك لها ..
اقترب أحمد منها ثم أمسكها من ذراعيها وقبل جبينها فأغمضت عينيها تحتفظ بتلك اللحظة بينما هو ابتعد دون أن يترك ذراعيها وهو يقول( مبارك حبيبتي)
هنا صدح صوت مسجل الصوت بأغنية صاخبة جعلت الكل يصفق معها ..
( النهاردة هكلم أبوكِ...
في حين ضم أحمد نغم ودار بها على الأنغام وياسمين ورقية ينثرون الورد فوقهم..
يتبع 💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-02-22, 11:11 PM   #758

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

الأيام تمر سريعا وها هي ترى ابنتها بفستان زفافها بهية الطلة، غمازتيها محفورتين كنجمتين تلمعان من شدة السعادة، تنظر لانعكاسها في المرآة فتكتم دموع الفرحة وهي تراها بهذا الجمال، ناعمة ورقيقة وازدات فتنة وروعة، صغيرتها سيأخذها أميرها الذي تمنته لها..
تقدمت ماجدة صوب ابنتها التي استدارت لها وعلى محياها بسمة صافية، أمسكت ماجدة بذراعي نورا وقالت بحنو:
" تبدين أية في الجمال يا نورا"
عضت الأخيرة على شفتيها بينما ترى تلك النظرة في عيني أمها، نظرة سعادة ممتزجة بالرضا وكأنها نالت حلم بعد طول انتظار، أم ترى فرحة ابنتها جلية أمامها، تلك الفرحة المنتظرة باتت على بعد خطوة بل أقل، ربتت نورا على صدرها موضع قلبها وهمست:
" أشعر بالتوتر يا أمي.."
ربتت الأخيرة على وجنتها وقالت:
" طبيعي حبيبتي لكن ما إن تصبحي جوار خالد كل هذا سيزول!"
عادت نورا لعض شفتيها بوجل وقد احمرت وجنتيها قبل أن تهمس بثقة:
" بلى، كل هذا سيزول…وستبقى السعادة فقط؛ سعادتي التي انتظرتها كثيرا يا أمي!"
هنا ضمتها ماجدة لها وربتت على ظهرها بحنو وهي تقول:
" تلك السعادة تستحقيها يا نورا "
صوت طرقات على الباب انتزعتهم من عناقهم مرافقة لصوت جلال فتأوهت نورا عاليا حين دخل أخيها الذي سمحت له أمه بالدخول، ربتت نورا على قلبها بقوة، تمنع دموع فرحتها، جلال أخيها الحبيب الذي لم يكن فقط لها أخ بل صديق وأب وشقيق يدعمها في كل لحظات حياتها، سند لم يميل بها أبدا.. لمعت عيناها بدموع فتقدم بسرعة نحوها واحتضن وجهها قائلا بلهفة:
" إياك والبكاء كي لا تفسد زينتك!"
تنحت ماجدة جانبا، تملأ عيناها بطلتهما التي نثرت السعادة في كل كيانها، تتنهد بخفوت ترتب نبضات قلبها التي تتراقص.
سحبت نورا نفسا عميقا تمنع نفسها من البكاء وقالت مختنقة:
" لن أبكي ...لن أبكي لكنك تبدو انيقا بحلة العرس لم اتحمل!"
عند آخر كلماتها كانت رغم صدقها إلا أنها حملت مرحا جعله يبتسم تلك البسمة الماكرة التي تمتزج بالمرح وقال بغرور مصطنع:
" لك كل الحق ابدو وسيما جدا!"
غمز لها ثم تابع:
" ستطغى وسامتي على صاحب العينين الزرقاوين!"
هنا افترت شفتيها على ضحكة خافتة وقالت والنجمتين تتراقصان على وجنتيها:
" أنتما ستكونان الأفضل في كل شيء يا جلال!"
رفع أحد حاجبيه وقال:
" رد دبلوماسي وسأحاول تقبله رغم انني ظننت بأنك ستكونين في صفي !"
هنا ضحكت نورا ثم قالت بصدق:
" أنا في صفكما معا لأنكما ظهري وسندي الذي لم يميل بي أبدا يا جلال"
زفر الأخير بقوة وقال:
" يا إلهي تبدين درامية جدا وسوف تتسببين ببكائي ليلة عرسي!"
وما إن أنهي كلماته حتى ضمها لصدره يبارك لها ثم ابتعد دون أن يفلت ذراعيها ليقبل جبينها قبلة عميقة حملت الكثير والكثير مما يريد بثه لها ثم فتح ذراعيه وهو يشير لأمه بعينيه الدافئتين فتقدمت نحوهما بلهفة وهي تتمسك بخصره ليضمهما معا في صدره..
في غرفة سارة كانت الأخيرة يعانقها أبيها، يضمها بقوة لصدره، يربت على ظهرها ويهمس بمباركته فيما سارة تمنع دموعها بصعوبة وهي تطبطب عليه هي الأخرى، شعر وكأنها هي من تهدئه وكان المفترض العكس لكن هذه ابنته القوية التي استقامت ولم تنحني، صوت خالد تدخل ليهدا من الموقف قليلا وهو يقول:
" ألن تتركا لي البعض من الأحضان!"
ضحك راشد وهو يبتعد عن ابنته ويقول لخالد:
" غيرة أخوية متأخرة، لا اذكر يوما أنك غرت من عناقي لسارة دونك!"
ضحك خالد وقال:
" أغار يا ابي لكنني كنت أتحمل لكن اليوم أعلن استسلامي فأنا الآخر في حاجة لعناق كهذا"
لمعت عيني راشد بدموع أبية ورغم علمه لمرح خالد الذي يحاول تخفيف حدة المشاعر إلا أن كلمات ابنه لمست قلبه بقوة حتى انه جذبه لصدره بقوة تشابه تلك المشاعر التي تضخمت في كل كيانه بينما سارة كتمت شهقة متأثرة بكفيها اللذين غطا فمها..
بعد لحظات وقف أبيها وأخيها أمامها واللذين يكبحان دموعهما بصعوبة، لا يصدقان ما يحدث لقد كان زواج سارة حلم مستحيل بل هو أشبه بنيل نجمة من السماء، الآن هي امامها بفستان زفافها، تبدو كالقمر بل أشد فتنة، عيناها تلمعان بفرحة شفافة تظهر للرائي دون ادنى تعب منها لتوضيحها أو النطق بها، تنهد خالد عاليا ثم تقدم لأخته يضمها لها وهو يقول:
" مبارك لك حبيبتي!"
ابتعدت سارة بلطف وضمت وجهه بين أناملها وقالت:
" ومبارك لك يا خالد"
تأملهما راشد مليا بنظرة راضية وداخله يحدث زوجته التي يفتقدها كثيرا في تلك اللحظة( ها هما أبنينا يا دانا أخيرا أرى سعادتهما لكن نفتقدك حبيبتي)
زفر بقوة يمنع انهيار أعصابه ثم قال وهو يثني ذراعه لابنته:
" ضعي يدك في يدي حبيبتي !"
تأبطت سارة ذراعه فيما هو قال لابنه :
" عليك انتظار زوجتك بالأسفل "
ضم خالد يديه لشفتيه يقبلهما ثم ألقى بتلك القبلات لأخته وابيه وهو يتراجع نحو الباب قبل أن يستدير ليخرج من الغرفة ليكون في استقبال الساحرة.
" جاهزة؟"
قالها جلال لنورا التي تأبطت ذراعه بينما يشعر بأنفاسها تعلو واناملها تتشبث بذراعه بقوة ثم همست بنعم.
عندما أحس بتوترها استدار لها بوجهه قبل أن يخرج من الباب وقال:.
" اهدئي حبيبتي رجفتك بدت واضحة!"
زفرت نورا طويلا والتفتت له قائلة:
" أحاول"
ابتسم لها وهو يقول:
" لا شيء اسمه أحاول بل سأفعل وفكري في شيء واحد بأن خالد في انتظارك يا صغيرة عائلة منصور"
كلمات جلال كانت كمن يشد ظهرها بقوة فيما تابع:
" شدي قامتك يا نورا فالليلة ليلتك عروستنا"
هنا شدت بالفعل قامتها بعدما سحبت نفسا عميقا وزفرته وقالت بثقة:
" جاهزة"
كانت أمهما خلفهما مباشرة تضبط ذيل فستان نورا الطويل والذي يفترش الأرض خلفها بينما تسمع كلمات ابنها الداعمة فتحمد الله في سرها على نعمه عليها بينما بسمة راضية تزين محياها..
وكما كان الاتفاق انتظر خالد أولا كي يوصل جلال أخته له ثم من بعدها يقف جلال في انتظار سارة التي يوصلها له أبيها.
كان خالد يقف أسفل السلم بالفندق الذي سيقام فيه الزفاف، بدا ملهوفا وهو يرنو بزرقاويه نحو الأعلى بشوق كبير في انتظار ساحرته التي سحرت قلبه منذ أول نظرة وها هي الآن تفعل حين طلت مع أخيها من أعلى السلم
ساحرة.. هكذا همست شفتيه عندما التقت عيناها بعينيها فقرأتها نورا بقلبها دون ان تسمعها أذنيها، فلم تحيد بالنظر عنه، بل تعلقت بعينيه اللتين رأت فيهما عشق وحنان الدنيا كلها، ترى فيهما نورا التي سحرت هذا الرجل الذي لم يبخل يوما عليها عن إظهار عشقه.
تأوه وهو يحدق فيها بفستانها الأبيض الذي رآه قبل لكنها بدت مختلفة وهي ترتديه، ناعمة كتلك الخيوط اللامعة التي عانقت حنايا الفستان الذي ضاق من الأعلى ثم نزل واسعا بطبقات من التل بينما شعرها القصير بدا كأنه يحتضن وجهها الناعم فيما كانت طرحتها تنسدل خلفها مع ذيل فستانها…
فاتنة!؛ همس بها فسمعتها نورا بروحها وشفتيه يتحركان بهمس لا يراه ولا يسمعه سواها، فتبتلع ريقها بوجل وشدت قامتها وهي تغرق في عينيه بينما تهبط السلالم مع صوت الموسيقى التي ترافقها فترى شفتيه تحدثانها:
" أحبك!"
حتى وبينهما تلك السلالم الكثيرة تقرأ ما ينطق به و تسمعه، تحسه بقلبها الذي تعلق به ، يذوب عشقا فيه، تشعر بأن العالم كله الآن لا يوجد به سواهما، لا تسمع ولا ترى إلا هو… بسمته المليحة ووجه الذي ينبض بحبها، عيناه التي دوما ما تغرق بهما اليوم هي أسيرتهما وكأنهما مغناطيس يجذبها نحو..
توقفت أمامه تماما بأنفاس صاخبة يكاد يسمعها ويكاد أن يلقي بكل احترازاته ويضمها لصدره ليطمئنها، تعلقت النظرات مليا حتى ظنا بأن العالم توقف لولا صوت عابث تدخل بينهما منع هذا وهو يقول :
" أنا الآخر عريس يا بشر ولي عروس في انتظاري !"
هنا تنبه خالد وضحك بصوت خفيض وهو يلتفت لجلال ليجذبه لصدره وهو يقول:
" مبارك يا عريس"
رد جلال ذات الكلمات ثم ابتعد قائلا بينما يربت على كتف خالد ويتبادل النظر بين أخته وبينه:
" اليوم لا أعطيك فقط أختي، بل صديقتي وابنتي وحبيبتي وقرة عيني، قطعة من روحي فكن لها كذلك يا خالد"
دمعت عينا نورا فرفرفت برموشها تمنع تلك الدموع في حين رد خالد قائلا:
" أمانتك في حفظ قلبي يا جلال، أعدك"
تنهد الأخير بقوة وقال بثقة :
" أعلم "
هنا لم يستطع خالد منع نفسه من همسه باسم سارة ليلتفت جلال له ببسمة واعدة بكلمة رجل يفي بالوعود عندما تابع خالد:
" أودعت امانتي لديك وأعلم بأنك على قدرها يا جلال"
" أمانتك محفوظة في قلبي وروحي يا خالد وأعدك أن أكون على قدرها وأظل في عينيك مستحقا لها"
كان خالد ونورا قد تراجعا خطوات للخلف متعانقي الأيدي والأعين…
وقف جلال مكان خالد ينتظر عروسه وهو يزفر أنفاسا متتاليا يهدأ من نفسه، لمعت عيناه حين رنا بنظره نحوها، شامخة مرفوعة الرأس، تجمع بين الدلال والنعومة والعنفوان والجنون، حبيبته التي خطفت قلبه فابتسم وهو يذكر أول كلمة بينهما( aptal)،همس في صمت ( كنت سأكون كذلك لو لم أحارب المجنونة التي تسكن داخلك وتمنعنا عن تلك الفرحة يا سارة)
صوت الموسيقى يرافق دقات قلبه الصاخبة التي تنتفض تصرخ باسمها، تعلق بها وهي تتهادى نحوه بفستانها الذي انسدل على قدها الممشوق ، تتناثر عليه زهور ناعمة تشبه تلك التي تزدهر في قلبها مع كل خطوة صوب جلال الذي منحها بسمة واسعة مفتونة بها بينما يراها كالملكة بتاجها الذي يعلو رأسها فوق تسريحة شعرها المنمقة بينما تنسدل على وجنتيها خصلاتان طالما آثرا قلبه، زفر بحرارة وهو يرى بسمتها الواسعة من خلف ستار طرحتها فمنحها أخرى داعمة لتتلقفها بعينيها وتسحب نفسا عميق كأنها ستضم بسمته بأنفاسها ، كانت تظن بأنها تهاب فستان الزفاف إلى أن تأكدت أنها لم تكن سوى في انتظار من يهديها فرحة فستان الزفاف وكان هو جلال منصور الذي يقف رافعا وجهه لها، يعطيها الحنان والعشق، يروي مدللتها وتلك العنفوانة التي لم تعد تتخلى عنها لكنه يروضها فتكون متزنة تستقبل تلك المدللة لتحل محلها، تنهدت بعمق وهي تشعر بمزيج صاخب في قلبها، مدللتها تناديه بعينيها أن يحملها ويدور بها يعلن ملكيته لها أمام الجميع وتلك المانعة تهدر بكلمة (كوني رزينة هادئة ولا تدعي مشاعر المراهقة تطغى عليك"
إلا أنها تبتسم وهي تتعلق بعينيه هامسة بصمت محدثة إياه:
(أعشق تلك المراهقة التي أهداني بها هذا الرجل مليح الطلة والروح)
أمام جلال مباشرة توقف راشد مع ابنته يمنحها للرجل الذي صدق في وعد مشاعره ففاز بحرب لم يظن راشد أن ينتصر فيها رجل على مشاعر سارة، لمح راشد تلك اللمعة في عيني جلال منذ أول يوم تقابلا فيه والذي يخصها لسارة واليوم يراها بدت أكثر لمعانا وحبا ليتنهد في راحة مطمئنا على ابنته وهو يتناول كفها لتحط في كف جلال الذي قبض عليها بلطف فيما راشد وضع كفه فوق يديهما وقال لجلال:
" لقد امنتك عليها منذ وافقت زواجكما، أعلم بأنك ستكون لها كل عائلتها، وأعلم بأنك ستكون أهلا لحبها ، بارك الله لكما ياابني "
الآن وهو يسمع تلك الكلمات الواثقة من راشد جعلته يتمنى لو كان لديه أكثر من قلب ليمنحها كل ماتتمنى، تلك الثقة التي يراها في عيني راشد وخالد وسارة ما هي إلا حافز قوي ليزداد تشبثا وحبا وحفظا للأمانة..
تنفس جلال بعمق وقال:
" وكن على يقين يا عمي بأنني لن أخسر ثقتك في أبدا!"
منحه راشد بسمة وقورة وهو يبتعد عنهما تاركا ليقف جانب ماجدة التي كانت تنظر لأبنائها كأنها تعانقهم…
رفع جلال الطرحة عن وجهها ولمعت عينيه ببريق خاطف وهو يهمس ( ملكتي)
أسبلت أهدابها بوجل بينما يعدل من الطرحة فوق رأسها قبل أن ينحني ويقبل وجنتيها هامسا بمباركته بينما يصله رعشة جسدها..
تقدم خالد مع زوجته جانبهما جلال ونورا بينما يرافقهم طبول من الجانبين من الفرقة التي ترتدي زي بلد ساحلية معروفة فيما يتقدمهم فتيات صغيرات بزي فساتين الزفاف وتحمل سلات صغيرة مملوءة بالورود الصغيرة والكريستالات الناعمة التي تضوي مع انعكاس الإضاءة بينما كانت ماجدة من خلفهم تنثر ورود فوقهم حتى وصلوا للقاعة التي سيقام بها الحفل، تعالت التصفيقات فور دخولهم من الحضور والذين كانوا من قامة المجتمع وكان من بينهم أحمد ونغم اللذين كانا في استقبالهم، تقدم الأول نحو صديقه ونغم تتمسك بكفه، تسير جانبه بثقة، مرفوعة الرأس بفستان فضي من الشيفون الذي يعلو طبقة حريرية و يحتضن جسدها دون أن يظهر معالمه مع حجاب يليق به وحقيبة صغيرة بينما بسمتها التي تنبع من أعماق قلبها ترافقها..
سلم أحمد على جلال بقوة وهو يحتضنه بسلام رجولي، يتمنى له السعادة ثم لزوجته بتهذيب واضح يليق به وما إن انتهى حتى باركت نغم هي الأخرى لهما ثم توجها حيث تجلس نورا وخالد وقد كانا يتهامسان، كفهما متعانقان فيما بسمة واسعة تزين وجيهما حين اقترب أحمد لم تغب بسمة خالد بل على العكس تماما وقف يسلم عليه بترحاب، اختلست نورا نظرة لزوجها، نظرة ملؤها الامتنان لهذا الرجل الذي لم تر في عينيه يوما لمحة شك أو تأنيب نحوها او حتى مطالبتها لعدم التعامل مع أحمد، إنه رجل يثق بنفسه وبها، يعي بأنها نفضت كل اوهامها ويعلم يقينا الآن وهي تسلم على احمد بأنه لن يتعدى سلام أخوي لرجل عاش أكثر عمره معهم، تربى بينهم..
اتسعت بسمة نورا وهي تسلم على نغم، من يراهما يظن بأنهما أصدقاء منذ زمن حيث رحبت نورا بنغم وبسمة واسعة تزين محياها، وحرصت على أن لا يكون سلامها رسمي حتى لا تخجل نغم التي لأول مرة تقابلها وجها لوجه وقد كانت الأخيرة ممتنة لذلك وبدا واضحا عليها..
حين ابتعد أحمد ونغم، جذب الأخيرة معه بلطف، ممسكا بكفها وهو يميل نحوها يخبرها بوجهتهما وتلقائيا نظرت حيث أخبرها، تلك السيدة الراقية التي ينم كل شيء فيها على الأناقة والفخامة بشكل واضح، ملابسها التي كانت مختارة بعناية، تسريحة شعرها المنمقة وزينتها الخفيفة التي تليق بها، كانت ماجدة تقف مع بعض السيدات فيما تتحدث بهدوء رغم بسمتها الواسعة التي تمنحها للحاضرات وما إن تلاقت عينيها مع أحمد حتى استأذنت واتجهت نحوه عندما اقترب هو الآخر ونطق ( خالتي) بلطف شديد بينما يلتقط كفها يقبلها ولم تعترض بل على العكس، ربتت على قمة رأسه بحنان وهي تهمس مرحبة به وتقول عندما رفع وجهه لها:
" اشتقت لك يا أحمد"
ظل محتفظ بكفها في يده وقال :
" وأنا اشتقت لك كثيرا "
ثم نظر لنغم وهو يتابع:
" لكن شهر العسل أخذني منكم بعض الشيء!"
توردت وجنتي نغم وأسبلت أهدابها، تتمنى لو لكزت أحمد في كتفه عندما سمعت ضحكة ماجدة وهي تلتفت لها وتقول:
" لك حق فلديك زوجة كالبدر ما شاء الله"
هنا التفتت ماجدة بكامل جسدها لنغم ومدت كفها تسلم عليها بأناقة تليق بها وقالت:
" مرحبا حبيبتي، كنت في شوق لرؤيتك والبشمهندس تأخر كثيرا علي"
أسبلت نغم أهدابها تبحث عن رد وقد تاهت الإجابات عنها لكن ماجدة تداركت كلامها متابعة:
" وبما أن البشمهندس سمح لنا أخيرا بمقابلتك فقريبا ستكون لنا زيارة"
التفتت لأحمد وقالت:
" أليس كذلك يا أحمد؟!"
منح الأخير ماجدة بسمة هادئة وقال وهو يحاوط خصر نغم:
" مؤكد سنزوركم قريبا خالتي ماجدة، أعدك بهذا فنغم هي الاخرى تريد التعرف على عائلتي عن قرب"
هنا مدت ماجدة كفها وربتت على ذراع أحمد وهي ترد:
" وهذا يسعدني حبيبي، سأنتظرك كما بأقرب وقت".
استأذن منها أحمد بعد لحظات غمرتها الكلمات المهنئة قبل أن يجلسا حول منضدة خاصة بهما.
تعلقت نغم بجانب وجه أحمد فيما كان الأخير قد تلقى اتصالا من أحدهم وعلى الرغم من ذلك كانت كفه تعلم طريقها وتحتفظ بيدها لا تغادرها، أصابعه تعانق أناملها بتملك وحنان وعشق، تحركت حدقتي نغم نحو أيديهما المتعانقة فتأوهت بهدوء؛ أحمد كل شيء وعكسه، لكنه الأفضل على الإطلاق بكل شيء، عائلتها التي تمنتها طوال عمرها، أهداها إسمه دون قيد ولا شرط، أعطاها الأمان منذ نطق باسمها فعانقها دون ملامسة، فقط اسمها من بين شفتيه كافيا لأن تتدفىء باقي عمرها، شردت للحظات بينما إبهامه يتحرك على ظهر كفها فتتسع بسمتها وهي ترفع وجهها فتلاقت مع عينيه اللتين تبتسمان لها رغم تعمق حديثه في الهاتف فتنهدت بصوت خفيض وهي ترى بعين مخيلتها الأيام التي مضت، تعاقبت الأحداث حتى بدت كالحلم الوردي الذي يطفو بها على سحابة مملوءة بالقلوب الوردية، لا زالت فرحة طلبه لها من حاتم تغمر قلبها لا تفارقها أبدا، كانت كختم من السعادة لا تظن أن يمحو ابدا، يومها ورغم مشاعره المتألمة لفراق أمه وبكاء الأخيرة عندما انتهى الاحتفال في البيت إلا أن أحمد رضاها بكل ما يمكلك من حب لها وتركها أمانة في عناق ياسمين وحاتم بينما هو توجه بنغم لمملكتها التي اختارتها بنفسها وهناك على أعتاب جنتها حملها بين يديه كعروس في ليلة زفافها لعيشا ليلة كالحلم، أطبقت على شفتيها وهي تغوص في ملامحه وترجو في نفسها أن تعطيه كل السعادة التي يتمناها، لمح أحمد لمعان شفاف في عينيها فعقد حاجبيه يسألها بصمت فأجابته ببسمة واسعة، راضية، مطمئنة وهي تعود لأيامها التي مضت، سفر حاتم ورقية مع ياسمين كان الأصعب لكن أحمد تخطاها بتقاربه مع نغم الذي يزداد يوما بعد يوم ومع اتصالاته المرئية مع أمه ثم بعدها سفرهما لها لتقضي مع أحمد أجمل أيام عسل، لقد رأت دنيا اخرى وبشر لم ترهم من قبل، حرص أحمد أن تنال فرحة العروس كاملة، حجز لها في أحد الفنادق ذات الريفي، بدت غريبة لكنها كانت دافئة جدا، وكانت أجمل اوقاتها هناك وقبل رجوعهم وعدها بالعودة مرارا…
" تمنيت لو وافقت على حفل زفاف يليق بك نغمتي"
كانت تلك كلمات أحمد التي همس بها جانب أذنها بينما يطبق بلطف على كفها ولا زال إبهامه يداعب ظهر يدها فتنبهت من شرودها وردت مع بسمة واسعة:
" أهديتني أهم من حفل زفاف يا بشمهندس!"
لمعت عيناها وسألها بخفوت:
" وما هو!؟"
" أنت…"
قالتها وهي تنظر في عمق عينيه ليتأوه بخفوت وهو يهمس:
" كل لحظة ادعو الله ان يقدرني لسعادتك حبيبتي"
سحبت نفسا عميقا وهمست:
" واضح بأن دعواتك مستجابة وأتمنى أن تكون دعواتي المثل"
ضحك بصوت هادىء وقال بنبرة ذات مغزى :
" وفوق توقعاتك!"
توردت وجنتاها فتابع بذات النبرة:
" كم اتمنى لو أقمت حفل زفاف الآن!"
هنا ربتت على بطنها المسطحة فتلقائيا نظر أحمد موضع كفها وهي تقول:
" فكرة جيدة لكي يشاركنا طفلنا"
لمعت عينا احمد حتى كادت تتوهج بفرح رجولي بان لها وهو يقول:
" إنها الفكرة الأروع على الإطلاق يا ترياقي"
أسبلت نغم أهدابها بينما هو تابع :
" هل سنظل فترة طويلة على نصائح تلك الطبيبة!"
رمقته بنظرة موبخة في ظاهرها ومشتاقة دون أدنى مواربة قبل ان تقول:
" بالطبع حتى يثبت الجنين كما قالت"
زفر أحمد طويلا وقال بنفاذ صبر مصطنع:
" هل طبيبتك تلك ستخاف على ابنتي أكثر مني!"
صمت للحظة ثم تابع بذات النبرة :
" ثم ألم تعلم بأنني عريس بشهر العسل!"
كتمت نغم ضحكتها وقالت:
" هذا حظك ثم المفترض بك السعادة وليس عتابي "
ضحك وقال بصوت أجش وأجابها:
" أنا أكثر من سعيد لكن لا يمنع بأن ابنتي قطعت شهر عسل أبيها!"
رفعت حاجبها وقالت:
" ربما ولد!؟"
هز رأسه نافيا وقال :
" قلبي يحدثني بأميرة صغيرة تشبه أمها، جاءت في ليلة عيد ميلاد أبيها!"
احتقن وجه نغم وهي تهمس باسمه وتحمد الله بأن صوت الأنغام المحيطة يمنع صوتهما عن ما حولهم في حين همس هو :
" أليس صحيحا، هكذا رأي الطبيبة!"
التفتت له متسعة العينين وقالت باستنكار:
" يا بشمهندس هل قالت الطبيبة لك هذا!"
أومأ بموافقة بينما بسمة ماكرة تزين محياه وهو يختلس نظرة أمامه ثم نظر لها مضيفا:
" بحساب الطبيبة إذن طفلتي إحتضنها رحمك بأول لقاء…"
هتفت نغم من بين أسنانها بخجل رهيب :
" كفى يا أحمد، أشعر بأن الكل يعلم ما تقول"
ضحك الأخير وأجابها:
" الكل مشغول في الاحتفال والسلام على العرسان!"
نظر أحمد حيث جلال وتابع بنبرة بدت مبطنة لكنها فهمته:
" أشفق عليه، هل سيقضي ليلته في عناق كل هؤلاء البشر!"..
ارتفع حاجبي نغم بينما ترى زوجها بتلك الأريحية في الحديث وقد استند على ظهر الكرسي ولا زالت أنامله تحتضن أصابعها بينما بسمة رجولية تداعب شفتيه تتسلل لكيانها فتهز قلبها وتهمس لها( حان وقت الترياق)
حانت منه نظرة عابثة وقال ببطء:
" عيناك تنطق ترياقي!"
هنا اتسعت عيناها واستدارت عنه بسرعة، تتمتم بكلمات غير مسموعة لكن قلبه يسمعها جيدا..
كان جلال بدأ يتصبب عرقا رغم لطافة الجو وهو يميل نحو سارة قائلا بنفاذ صبر:
" سارة، هل لا زال أصدقاء لم نسلم عليهم!"
ضحكت الأخيرة بصوت خافت ومالت نحوه كما يفعل وهي تقول بدهشة:
" ما بالك يا جلال!"
رفع حاجبه وقال بنبرة ثقيلة متمهلة جعلت تيار كهربي يسري على طول عمودها الفقري:
" جلال قد يصرخ فيهم الآن ثم يحملك بين يديه تاركا الحفل…."
وصمت يرمقها بنظرة جعلت وجنتيها تنصهران وهي تلتفت عنه تدعي عدم الفهم ..
على الجانب الآخر كانت نورا وخالد يتلقيان التهنئات المصاحبة لبعض الصور الفوتوغرافية بينما بسمة واسعة تزين محياهما..
بعد وقت كانت الموسيقى الهادئة تعزف بينما خطوات العرسان تتناغم معها.
احتضن جلال خصر سارة بلطف فيما كانت الأخيرة تضع كفيها على صدره بينما عينيه تلمعان بشوق رهيب وهو يطلق تنهيدة عالية لفحت وجهها جعلتها تشعر برجفة وهو يميل نحوها يقول بخبث:
" أخيرا لوحدنا!"
دارت عيناها في محجريها وهمست بينما تحس بأنامله تتحرك على ظهرها بنعومة مدروسة، يعلم جيدا ما يفعل كي يدغدغ تلك المدللة لتعلن عن تواجدها :
" أفق جلال منصور، نحن في القاعة وحولك جمع من البشر يكفي أن تكون على بعد خطوات مني وليس بهذا الالتصاق!"
كتم جلال ضحكته وارتفع حاجبيه وهو يهمس لها بمكر:
" هذا الجمع كله لن يمنعني من الالتصاق بزوجتي!"
" تأدب يا جلال!"
قالتها سارة وعيناها لا زالت تدور حولها فرد جلال مصطنع الذهول:
" يفترض برقصة كتلك أسمع منك كلام رومانسي!"
تهربت من النظر له فخفت صوته أكثر وقال بتوجس:
" سارة أيهما تسيطر الآن، المدللة …"
ولم يكمل كلماته وقد اتسعت عينيه عندما التفتت له ورأى في نظرة عينيها تلك الفتاة المسيطرة الآن ببريق هز قلبه!.
كان خالد ونورا يرقصان في ذات الوقت بينما الأخيرة تشعر بدقات قلبها كالطبول وصوت خالد يصاحب تلك الدقات وهو يهمس لها بكلمات عشق تذيب مفاصلها لتنسى كل ما حولها إلا هو، رفعت وجهها له وتعلقت بزرقاويه اللتين يآسرانها وهمست له بحبها لترى في عينيه تلك اللمعة التي تجعلها تطير فرحا رغم أن قدميها لا زالتا على الأرض حتى سمعت صوته العاشق يهمس لها:
" اهدئي، دقات قلبك تخبط في صدري!"
هنا خفق فؤادها أكثر فلو قصد تهدئتها فقد عمل على العكس تماما، ابتسم عندما لمح هذا التورد الواضح في وجنتيها وارتباكها الذي زاد من عبث عينيه وهو يميل نحوها قائلا:
" أعد الدقائق لنكون وحدنا!"
فغرت فاها وشعرت بدقات قلبها تتوقف فهمس يفيقها بكلماته:
" بشفتيك الفاغرتين ستزيدي من شوقي نورا لانتهاء الوقت سريعا"
هنا أطبقت شفتيها تزامنا مع خطواتهما المتناغمة وهو يهمس بمكر:
" لم أقل لك أغلقي فمك يا نورا!" .
وقفت ماجدة جانب راشد ينظران لفرحتهم تتناغم خطواتها مع أنغام الموسيقى، يرى كلا منهما ابنيه وقد وجدا طريقهما الذي اختاراه بأنفسهما، استدار راشد لماجدة وقال بعد تنهيدة طويلة مرتاحة وكأنها نفضت معها كل أوجاع الدنيا:
" مبارك ماجدة هانم"
ابتسمت الأخيرة وعينيها تلمع بفرحة كبيرة لم تواريها ثم قالت:
" مبارك راشد بك"..
بعد وقت أعلن منظم الحفل عن أغنية
( أختي حبيبتي)
وقف كلا من جلال وخالد وتركا زوجتيهما وقد ذهب كلا منهما لأخته، جلال يمد يده لنورا التي كتمت شهقة عالية بكفها وهي تعطيه يدها الأخرى ليجذبها له برفق مع بسمة واسعة وهو ينطق باسمها ليشاركها الرقصة على أنغام الأغنية وعلى الجانب الآخر كان خالد يتمسك بكفي سارة وهو يميل نحوها قائلا:
" هل تسمحي بتلك الرقصة!"
تعالت أنفاسها وكادت تبكي لكنه جذبها بلطف وهو يقول:
" اليوم لبدء سعادتنا شقيقتي الغالية!"
كانت ماجدة تكتم دموعها بصعوبة بينما تراهم يرقصون سويا وقد أصبحت الأغنية بصوت خالد وجلال وعلى جانبي القاعة كان شاشات ضخمة تعرض صور الأشقاء في كل مراحل عمرهم …
نظرت نغم من خلف دموعها التي لم تغادر عينيها لهذا المشهد الذي جعل كل خلية فيها تنتفض، لم تحسدهم بل كانت في حاجة لأن تبكي، أن تنادي على من حولها( هل رأيتم عائلتي) وتاهت نظراتها بين الحضور حتى توقفت عند عينيه، زوجها أحمد رمزي الذي منحها تلك النظرة التي تشد أزرها لتستقيم قبل أن تنهزم واقترب منها وقال وكأنه قرأ ما تشعر به:
" نحن هنا يا نغم، أنا وابنتك، عائلتك التي ستكبر يوما بعد يوم بإذن الله"
تأوهت بعلو ووضعت كفها الحر على يده التي تحتضن يدها ثم قالت:
" هل سأكون أم حنون أم أن الوحدة …"
صمت أحمد مليا وهو يتأمل ارتجاف عينيها ويشعر بكفيها ينتفضان فوضع كفه الآخر يحتضن رجفتها وقال بثقة بثها داخل كيانها:
" قلتها لك قبل وسأعيدها دون ملل؛ فاقد الشيء يعطيه بسخاء يا نغم وأنتِ منحتني كل الحياة ما بالك بطفل نما في أحشائك"
سحبت نفسا عميقا وزفرته ببطء ثم همست:
" شكرا…"
ورغم أنها كلمة واحدة مقتضبة لكن صوتها وهي تنطق بها مع المزيج الرهيب في عينيها كان كفيلا لشرح ما تود قوله لأحمد وقد كانت كلمات كثيرة بلا انتهاء التقطها قلب أحمد وهو يهمس:
" ستكونين أعظم وأحن أم يا نغم"
كانت خطوات الإخوة لا زالت تعزف مع أنغام الأغنية بينما عيني نورا وسارة تغيم بدموع الفرحة ترافقها دقات صاخبة كالطبول تحتفل معهم..
مع قرب انتهاء الأغنية غمزة واحدة من جلال لخالد كانت كاشارة ليحتضن كلا منهما أخته ويدور بها، محلقا فيما تراجع الحضور للخلف والفساتين البيضاء تلمع مع كل دورة كفراشات محلقة في القاعة، جعلت الكل يصفق بصخب مع دموع ماجدة التي اختلطت بضحكاتها وتصفيقها..
وقف أحمد هو الآخر وجذب نغم بلطف وهو يبتسم ببشاشة بينما تعالت صوت دقات كفيه محتفلا بأصدقائه..
حطت الأقدام مع الأرض مع تنهيدات عالية فرحة ثم أمسك جلال وجه اخته بين كفيه كما فعل خالد المثل وكانت قبلة الجبين أكبر تهنئة وتعبير في تلك اللحظة عندما عجزت الكلمات.
" سعيدة"
قالها خالد وهو يميل نحو نورا عندما أوصل كل أخ أخته لمكانها، وضعت نورا راحة يدها على قلبها الخافق وقالت بأنفاس عالية:
" كما لم أكن قبل!"
احتضن كفها ثم قال بوله وعينين عاشقتين يطوفان على ملامحها الناعمة:
" ابتسمي دائما فالغمازتين تحفران في قلبي قبل خديك".
لمعت عيناها بحب شديد وهي تهمس باسمه دون صوت، فقط تحرك شفتيها وتنطق عينيها بينما هو يتابعها بقلب خافق يشتاق لعناقها فورا.
نظر جلال لسارة وقال لها بينما كانت الأخيرة تعدل من طرحتها وترفرف بأهدابها تمنع تلك الدموع الفرحة:
" كنتِ تحلقين فوق قلبي سارة علوان "
لاحت بسمة فاتنة على طرف شفتيها وقالت بدلال لاق بتلك المدللة التي تنبش لتظهر له خاطفة روحه:
" وهل كنت تراني، جلال "
ضحك بخفوت وربت على قلبه قائلا بطريقة مسرحية:
" هذا يراك ولو كان بيننا ألف باب"
توردت وجنتاها ودوت دقات قلبها بصخب قبل ان ترد:
" رومانسي كثيرا الليلة"
رفع حاجبيه قبل أن يدعي الدهشة ويهمس لها بنبرة ماكرة:
" دائما رومانسي زوجتي الحبيبة ولا تنكري!"
عند آخر كلماته ثقل صوته فتنهدت بصوت عالي طرق على باب قلبه بينما تقول:
" بل مشاكس يا جلال لم أر رومانسية منك قبل!"
هنا فلتت ضحكة صغيرة أجشة منه وهمس بذات النبرة الماكرة:
" إذن سأريك جلال الرومانسي تلك الليلة"
لمعت عيناها بتحذير وقالت:
" تأدب…"
ضحك مرة اخرى وقال وهو يعتدل بجلسته بنبرة بدت أكثر مكر:
" فات وقت التحذير حبيبتي، أنت اليوم في قبضة يدي!"
لوهلة أحست سارة بالتوتر والقلق وعينيها دارت في محجريها إلا أن كف رجولية احتضنت يدها وصوت جلال المطمئن همس لها:
" استرخي، أنا معك …"
كأن تلك الكلمات البسيطة كافية لتهدئة قلبها الذي سكنت دقاته رويدا وارتسمت بسمة محبة مرتاحة على شفتيها منحتها لجلال تخبره بها أنها بخير.
" هل تسمح لي الفاتنة!"
كان هذا صوت راشد الوقور بينما كانت كفه ممدودة لسارة التي ابتلعت ريقها وهمست بعينين لامعتين وهي تمد يدها له ( أبي)..
جذبها راشد بلطف، ليراقصها على نغمات هادئة..
" أنا أسعد أب في تلك الدنيا يا سارة"
قالها راشد وهو يحتضن خصر ابنته ويراقصها فتأوهت بخفوت وقالت بصوت مختنق وهي تميل برأسها على صدره:
" وأنا أسعد ابنة في تلك الدنيا يا أبي؛ أحبك كثيرا"..
كان جلال هو الآخر قد ترك مكانه وتقدم صوب ماجدة التي أجفلت وهو يتناول كفها ويميل عليها يقبلها بلطف شديد ثم نظر لها قائلا:
" هل تسمح لي سيدتي الجميلة بتلك الرقصة"
هز ماجدة رأسها بنعم بينما شفتيها تعجزان عن الحديث وجلال يجذبها لساحة الرقص وهي يضمها بحنان جعل دمعة واحدة تسيل على وجنتها فمسحها برقة وقال بحنو:
" لا تبكي يا أمي فبسمتك اليوم تؤكد أنني لا أحلم"
هنا هي من ضمته لها وقالت مختنقة:
" ليس حلم حبيبي!"
لم يع كلاهما إلا وعناق آخر يضمهما وتلك كانت نورا التي غادرت مكانها وتوجهت لهما بخطوات قلب وروح ففرد جلال ذراعيه لهما يضمهما لصدره.
قبل أن يعود كلا منهم لمكانه كان خالد قد قام هو الآخر ليقف جوار أبيه الذي تمسك بسارة لتقف على بعد خطوات منهما كما فعل خالد مع نورا التي وقفت جانب سارة لا تفهم ما يحدث بينما تريان خالد وراشد خلعا حلتهما وغمز خالد لجلال ليفعل مثله في حين الأخير كان بالفعل لا يعرف ماذا يحدث إلا انه نفذ ووقف بمحازاتهم في حين اصطف ثلاثتهم وأشار خالد لمنسق الحفل فصدح صوت موسيقى خاصة بالدبكة التركية وتألقت دموع راشد الأبية وهو ينظر لابنته قائلا بصمت( أمنية أمك ووعدي لها وإن كانت ليست هنا فلن أتأخر أنا)
اختنقت سارة وهي تضع كفيها على صدرها وتتعلق بأبيها وأخيها وهما يرقصان تلك الرقصة المعروفة بمدينة أمها بينما يمنحانها بسمة داعمة حنونة تخصها وحدها فيما جلال كان يحاول تقليدهم وهو يجاريهم بحركاتهم التي بدت له مذهلة ومفاجأة..
تحركت عينا خالد لساحرته ليغرق هناك في عشق عينيها بينما هي كانت فاغرة الفاه وهي تراه يرقص لأول مرة، بدا وسيما، انيقا، خاطف للقلب، قلبها هي فقط وقد أحست وكأن القاعة فرغت من كل ما فيها وتبقى هي وهو فقط..
يتبع 💜

shezo, Soy yo, Miush and 2 others like this.

آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-02-22, 11:15 PM   #759

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

في طريق عودة نغم وأحمد، ساد صمت لذيذ في السيارة لا يقطعه سوى الأنغام الهادئة من مشغل السيارة وأنفاس هادئة ، كان أحمد يشعر بنظراتها نحوه، إحساس رهيب بأن تلك النظرة تلامس وجنته بل ويشعر بحرارتها على خده، هكذا نغمته من مجرد نظرة قادرة على لمس روحه، تنهد بصوت عالي وهو يتبادل النظر بينها و الطريق ثم قال بنبرته التي تدغدغ قلبها:
" هل ستظلين صامتة هكذا؟!"
" لست صامتة، أتحدث بعيني"
قالتها وهي لا زالت تتعلق بجانب وجهه الذي يعانق روحها بقوة حتى كادت تجزم انه ورغم المسافة البسيطة بينهما الآن؛ يعانقها، بلى، هكذا تحس مع صوته ونطق اسمها من بين شفتيه، نظرته وهمسه الأجش.
تأوه أجمد بخفوت وهو يلتقط كفها ويلثم باطنها فمنحته بسمة راضية محبة تنطق بما عجز عنه الكلام فيما هو قال:
" حتى حديث عينيك، قادر على إشعال نيران الحب في قلبي يا نغم"
ابتسمت وهي تقول:
" شكرا لمنحي مفتاح أرض الجليد يا بشمهندس"
تعانقت أناملهما على ساقه واختلس نظرة لها قبل أن يرد:
" تلك أرضك التي منحتها الحياة بعدما غطاها الجليد لسنوات، أرضك التي نالت مذاق الحرارة بعدما ظنت بأنها ستنتهي بعاصفة ثلجية تمحوها فجئت بربيعك يا نغم، غرست فيها بذور الحياة!"
" أصبحت شاعر يا بشمهندس"
قالتها نغم وهي تشعر بأن الحياة تعانقها بقوة، بسمتها تتسع رويدا واناملها تزداد تشبثا بأنامله، تمنحه كما يعطيها، تهمس باسمه بكل كيانها فيرد ببسمة تجعلها تشعر بأنها ملكة ..
" لما توقفت؟"
قالتها نغم عندما توقف أحمد على جانب الطريق فقال :
" ما رأيك في تنشق بعض الهواء؟ "
لمعت عيناها واتسعت بسمتها وهي تلتفت للجانب الهاديء المطل على النيل الذي توقف فيه أحمد ثم قالت:
" رأي أن ننزل حالا"
قالتها وقرنت كلامها بالنزول فضحك أحمد وهو يترجل من السيارة ويدور حولها ليصل عند الباب الآخر حيث نغم التي احتضنت نفسها وهي تستقبل النسمات الباردة مغمضة العينين وكأنها تحتفظ بتلك اللحظة بينما تشعر به قريبا جدا منها، يقف على بعد إنشات ما لبثت أن انتهت وأصبح كتفه يلامس ذراعها، فتنهدت بخفوت بينما هو تأملها مليا، بدت فاتنة في عينيه، ناعمة عالحرير تلمس القلب! قادرة على محو الجليد وتحويله لكتلة من النار المشتعلة، نار لا تخمد إلا عندما تهديه الترياق الذي يمنحه القوة ويذكره بأنه أحمد الذي أغلق عليه سنوات عدة وجاءت النغمة لتوقظه.
" دائما تنسين معطفك ستبردين!"
قالها أحمد بعتاب وهو يراها لا زالت تحتضن نفسها فهمست دون أن تفتح عينيها :
" اعتاد جسدي البرد يا بشمهندس منذ نعومة أظافره.."
تجهمت ملامح أحمد وانقبضت يديه وساد صمت ثقيل بينهما ففتحت عينيها واستدارت له لتتلاقى مع نظرته المتألمة فابتلعت ريقها تعي ما بثته له من حزن دون انتباه منها، تهربت من النظر لعينيه الثاقبة لوهلة قبل أن تنظر له قائلة:
" صحيح جسدي اعتاد البرد لكن هذا قبل لقائك يا أحمد أما الآن فأنا بالفعل لست في حاجة لشيء يدفئني "
تنهدت طويلا ثم همست وهي تستدير له بكامل جسدها:
" أنت معطفي الذي يحميني من برودة العالم يا ترياق نغم!"
تنفس أحمد عاليا ثم قال بتأثر شديد وهو يستدير لها:
"هل يسمح بالترياق في الشارع؟!"
ضحكت بخفوت وهي تمسد ذراعيها وتتهرب من النظر له وقد اشتعلت وجنتيها فتبسم أحمد برضا وهو يلمح انصهارهما الذي بدا تحت إضاءة الأعمدة بل بدا ظاهرا تحت إضاءة قلبه خاصة عندما قالت وهي تستدير وتنظر أمامها:
" لو يسمح ما منعته عنك للحظة يا أحمد"
تنهد الأخير بخفوت وهمس:
" هكذا لا تساعدينني على الصمود"
ضحكت بخفوت وقالت:
" إذن نعود لحديث الأعين"
مد أحمد يده داخل السيارة والتقط معطفه ثم وضعه على كتفيها فابتسمت له شاكرة وهي تضم المعطف لها فيما أحمد استند على جانب السيارة وقال:
" حتى حديث الأعين يلامس روحي يا نغم!"
وساد صمت بينهما بينما يستقبلان تلك النسمات، ضمت نغم المعطف أكثر لجسدها وتنهدت طويلا بل أكثر من اللازم حتى رمقها أحمد بنظرة عميقة فيما هي غاصت بعيدا حين دثرها أول مرة بسترته، ابتلعت مرارة الذكرى التي لم يبق منها سوى المعطف الذي أخفى داخله برودة جسدها، ونظرة أحمد الخائفة والمتلهفة عليها، نظرة رجل يملأ قلبه الحنان وليس مجرد اشفاق، أسبلت أهدابها وهي تتذكر كيف أنه أخذ حقها من كريم، حتى في انتقامه كان مثال للرجل الشهم الذي لا يغوص في الوحل بل رد للمظلومين حقهم، زفرت ببطء وهي تفكر في أنها ربما حدث لها ما حدث، فقط لأن يرد حق طليقة كريم ولأجل تلك الفتاة التي تحرش بها، لأجل كل من ظلمهم ليكون أحمد وهي سبب رد ما سلب منهم، تابع أحمد تغيرات ملامحها ما بين حزن طفيف يظهر سريعا ويمحى في طرفة عين ثم لتلك البسمة التي تلوح على شفتيها ثم تتلاشى رويدا وكأن هناك من غطى عليها ثم تتجهم قليلا ثم تتنهد بعمق وتضم سترته وتعود لها بسمتها فترد له بسمته، هنا قرر أن يستعيدها من تلك الأفكار التي تراودها، أفكار يعي جيدا بأن بها مرارة خاصة مع اختلاجات ملامحها، أسبل أهدابه هو الآخر ينزع نفسه من تلك الذكريات التي أرادت مهاجمته فور أن لحظ ارتجاف نغم وهي تضم السترة بينما شفتيها ارتعشتا تلقائيا وكأنما ذكرى أول مرة ارتدت فيها سترته عادتها، لم يرد أن يسألها كي لا يفتح جروح اقتربت على الالتئام بل قال بعد تنهيدة عميقة:
" لا زلت مُصرة على أن لا يتم زفاف "
هنا استعادت نفسها من شرودها بشهقة خافتة دارتها سريعا لكنه لاحظها فابتسم لها بحنو كأنما يخبرها أنا هنا في حين هي بادلته البسمة وهزت رأسها بنعم ثم قالت:
" لست في حاجة لزفاف آخر "
ثم التفتت له قائلة بمرح:
" واضح بأنك أنت من يتشوق للزفاف!"
لمعت عيناه بمكر وهو يلتفت لها قائلا بصوت يشابه نظرته:
" الفكرة نالت إعجابي وحرفيا أفكر فيها، ربما زفاف جلال فتح نفسي على ذلك"
ضحكت نغم وهي ترد بينما تستند على جانب السيارة:
" إذن لا تتحجج بي"
قال أحمد بجدية:
" لكني بالفعل أريد أن أقيم لك زفاف وهذا كان وعدي لكِ منذ يوم اتفقنا على زواجنا!؛ أتذكرين!؟"
" لم أنس كلمة قلتها لي يا بشمهندس"
قالتها نغم بتأكيد ونبرة ملؤها الصدق فتأملها بترقب وهي تكمل:
" لكنني لست في حاجة لهذا الزفاف!"
التفتت له قائلة:
" الزفاف يعني معازيم، يعني بشر كثر، يعني مجاملات ثم من سأدعوه للحضور!"
عبست ملامح أحمد وهمس باسمها بعتاب وهو يلتقط يديها فنظرت ليديه اللتين عانقتا كفيها ثم قالت موضحة:
" أحمد لا أعني شعوري بالنقص بالعكس أنا أحدثك وأنا أحس بالاكتمال، أنا لست في حاجة للعالم وأنا معي عالمي الذي يخصني وحدي!"
لمعت عيناه برضا رجولي بان في نظرته وتشديد كفيه على يديها رغم لطفه وتلك التنهيدة الحارة التي فلتت من شفتيه بينما هي تابعت مانحة إياه بسمة عذبة محبة:
" أنا لم أعد بحاجة لشيء فأنت وفيت ما وعدتني به بل وأكثر.."
لمعت الدموع في عينيها وتحشرج صوتها وهي تستطرد:
" منحتني اسمك وأم وأب وأخت، عائلة كاملة وفوق كل هذا قلبك"
سحب أحمد نفسا عميقا وزفره ليلفح وجهها لتشعر بهذا الدفء يتسلل لكل جسدها قبل أن يقول بصوت أجش يغمره حبه:
" كل هذا جزء من حقك يا نغم"
" وهذا كافي لي يا أحمد، أنا الآن أقولها بملء قلبي، أنا اكتملت بك"
هنا لم يستطع أحمد المقاومة أكثر فحاوط كتفيها بذراعه ليقربها منه وهو يقول :
" سأظل أدعو أن تكوني راضية يا نغم"
أراحت رأسها على ذراعها وهمست
( راضية )
عاد الصمت بينهما بينما ينظران لصفحة النيل التي تتلألأ عليها الأضواء المنعكسة من الأعمدة فبدت كالنجوم عانقت المياه ..
" لكن لا زال هناك وعد"
قالتها نغم تقطع هذا الصمت فرد أحمد بلهفة دون أن يحرك ذراعه المستندة عليه:
" أي وعد؟!"
" عملي!"
ردت بها نغم ببطء فقال بعد تنهيدة وقد ارتاح :
" لكن هذا الوعد أيضا تم تنفيذه!"
هنا هي من تحركت والتفتت له قائلة بلهفة:
" لم تقل لي!"
" ابتسم لها وهو يقول:
" كنت أريدها مفاجأة لكن واضح بأنني لن أستطيع ذلك في خضم لهفتك!"
هتفت بحماس:
" يا إلهي، أكاد أضمك الآن"
ضحك وهو يميل نحوها قائلا:
" وما الذي يمنعك يا ترياق!؟"
عضت على شفتيها ثم همست وهي تتلفت حولها وقد أحست بانصهار وجنتيها:
" قد يظنوني فتاة…"
" لا تكملي"
قالها بحزم ونظرة محذرة رغم الحنان الذي لم يغادرها ثم أكمل بعدما هي كانت أطبقت شفتيها:
" يا نغم، كوني قربي على راحتك ولا تخافي من أحد فأنا معك"
ثم جذبها بلطف لترتاح على صدره وهو يتابع:
" حتى البشر ذوي الوجوه لو وضعوا ألف وجه ووجه ستظهر حقيقتهم للرائي أما الصافية قلوبهم مثلك فمن نظرة عين يعرفهم الناس، لذا كوني على طبيعتك!"
كانت كل كلمة منه كدواء يتسلل لجسدها، ألم يخبرها بأنها الترياق وها هو كل لحظة يؤكد لها بأنه لها كما هي له..
سحبت نغم عدة أنفاس وزفرتها ببطء لتعيد ترتيب دقات قلبها بعد بعثرتها من عناق أحمد المفاجئ والذي أحسته دعم ودفء ،سحبت نفسها بتمهل من عناقه ثم قالت :
" إذن هكذا أصبح لي عمل!"
نظر لبطنها ثم قال:
" نطمئن على الجنين وسوف يكون لك مكانك كميس رياضيات في أحد المدارس المعروفة "
" شكرا يا أحمد!"
همست بها نغم بامتنان وهي تتمسك بكفيه فابتسم لها وهو يجيبها:
" كل طلباتك يا ميس نغم أمر رغم أنني تمنيت لو قبلت العمل لدي لكنك عنيدة"
ضحكت بصوت خفيض قبل أن تجيبه:
" لا أفهم بعمل الشركة وسأكون مساعدة خائبة"
رفع أحد حاجبيه وقال بنبرة ماكرة:
" بل كنت ستكونين مساعدة هامة، سيضمك المدير بين كل اجتماع متعب أو ربما قُبلة بعد نهار شاق"
ضحكت وهي ترد:
" وهذا العبث الذي يدور في عقل المدير كان أحد أسباب رفضي عندما عرضت علي العمل لأنني لن أعمل هكذا كمساعدة"
ضحك أحمد وهو يضع ذراعه على كتفها ثم قال:
" فكري مرة أخرى ولن تندمي، ستكونين برفقتي طوال اليوم وسأنهل من عينيك كلما اشتقت وأرتوي من شفتيك كلما ظمأت و…"
" كفى"
هتفت بها نغم بصوت خفيض ملؤه الخجل الممتزج بعشقها ثم تابعت تحت أنظاره التي تعانقها:
" هذا يؤكد صحة قراري لن أعمل كمساعدة لديك بل أريد العمل كمعلمة كما اعتدت وأعود بعد يوم مرهق لأجد في حضنك موطني"..
★★★
أغلق جلال محرك السيارة والتفت لسارة التي كانت جالسة جانبه كتلميذة خائبة لا تجد أي إجابة مما ينطق، حتى أنه ظن طوال الطريق بأنه يكلم نفسه لولا بعض الهمهمات التي تفلت من شفتيها تصاحبها أنفاسها العالية، بينما عينيها تدور في محجريها أو تتهرب للنظر للاشيء!.
أراح ذراعه على ظهر الكرسي فانتفضت بخفة واستدارت له متسعة العينين لتقابلها بسمة حانية توغلت في كل حنايا جسدها، استقبلتها بأخرى مرتجفة ملؤها الرجاء ولم تدر ما الذي ترجوه به من الأساس لكن هكذا فعلت وما لبثت أن أغمضت عينيها وأطبقت على شفتيها وهي تلتفت عنه لتعود ترنو بنظرها للاشيء فيما كانت أناملها تتشابك على حجرها حتى كادت أن تصبح أحجية بلا حل، لانت نظرات جلال كثيرا وهو يمد كفيه ويلتقط يديها، هنا ظهرت شهقتها التي اقترنت باسمه بصوتها الأبح الذي لديه المقدرة على هز كيانه…
طال الصمت مليا حتى ظنت أنه لن يتحدث بينما كفيه تضما يديها ليسري دفء رهيب في جسدها، ورغم ذلك لم تخف رعشتها وتمنت وهي تتعلق بعينيه أن تسأله( لما لا زلت أرتجف رغم الحرارة التي بثتها يديك في جسدي).
لكنها صمتت وطال سكوتها بينما يهمسان بعينيهما..
" كنت في حاجة للتأكد بأنكِ جئت معي لهنا، وبأنك لن ترحلين مرة أخرى مع اخيك، كنت في حاجة لأطمئن أنك واقع ولست حلم يا سارة"
كانت عيناها الزرقاوان تلمعان بذهول مع كل كلمة ينطق بها بينما تشعر بيديه تضغطان على كفيها كأنه بالفعل يتأكد بأنها واقع، كانت تبحث في داخلها عن قوة تجعلها تجابه قلقها وتشد من قامتها لتهمس له بكل كلمات العشق والشوق لكن ها هي المتمردة طفت على السطح لتعلن محاربة مدللتها وتهمس لها أن تحمل طرفي فستانها وتهرول إلى فيلا علوان…
هنا تهدل كتفيها واسدلت جفنيها وقد تذكرت بأن أخيها هو الآخر عريس وتلك ليلته فهل ستنغص عليه، أطبقت على جفنيها بينما تبحث عن حل لمعضلتها والذي كان اسم أبيها، زفرت ببطء نازعة الفكرة الغبية من رأسها وهي تفكر بأنها لو فعلت هذا فمؤكد ستصيب أبيها بجلطة..
" لا تفكرين بالهرب؛ صحيح!؟"
قالها جلال عندما سحبت يديها منه وتمسكت بمقبض السيارة فيما عيناها تهربان بعيدا، التقطت سارة أنفاسها بصعوبة والتفتت له ثم رفعت ذقنها، ترسم ثبات واه، ظهر جليا أمام عينيه العاشقتين بينما هي قالت بصوت متحشرج رغما عنها:
" لما الهرب، كنت اتأمل الحديقة!؟"
هنا راق له العبث قليلا فاستند بخده على قبضة يده ثم قال متسليا:
" وهل راقت لك حديقتنا يا سارة!؟"
لمحت التسلية في حديثه إلا أنها حافظت على هدوئها الكاذب وقالت:
" تبدو اليوم مختلفة"
تنهد طويلا ثم دار بعينيه بالمكان قبل أن يقول بتمهل:
" وما المختلف اليوم!"
هنا تبعثر ثباتها وهي تبحث عن المختلف فالحديقة كما هي لم يتغير بها شيء إلا من بعض الإضاءات التي زينتها مع بالونات كثيرة مصطفة على الجانبين وربما تلك الزهور التي فرشت الطريق المؤدي لباب الفيلا لكن هي تعلم بأن هذا لا يدعو للتأمل وشرودها فهتفت وقد خرجت الحروف مبعثرة مثلها:
" البالونات لونها جميل!"
وأطبقت على شفتيها وحان صمت ملؤه الذهول من جانبها لكلماتها التي تظهر ارتجاف مشاعرها ونظرة متسلية من جانبه ولم يقطع هذا سوى صوت جلال الذي أعاد كلماتها بتمهل عابث على أوتار قلبها بينما هي استدارت عنه تمنع رؤيته لارتجافها ولم تر تلك البسمة الواسعة الدافئة التي شملها بها إلا عندما استدارت له تتسائل عن سر صمته فصدمت بمقدار النظرة العميقة في عينيه، نظرة تجبرها على الارتخاء ووضع أسلحتها جانبا في انتظار التحليق وفقط… لكن الصخب داخلها يجبرها أن تفيق ويناديها للهرب وستفعل!.
لم تنتبه من شرودها إلا عندما سمعت صوت باب السيارة والذي أغلقه جلال خلفه فتابعت خطواته التي انتهت عند بابها قبل أن يفتحه ومال نحوها فتعلقت بعينيه الدافئتين ثم لكفه الممدودة لها قائلا:
" أنرت بيتك يا سارة!"
صمت للحظة ينظر لها بوله ثم تابع بنبرة بدت مرحة تقطع الارتجاف عنها:
" وأعدك أن أحضر لك البالونات في غرفتنا وتختاري البالونة التي تحبينها!"
فغرت شفتيها وعقدت حاجبيها تتسائل بهمس :
" هل يظنني طفلة!"
ولم تع أنها بالفعل نطقت الكلمات إلا عندما التقط كفها بنفسه عندما طال انتظاره وهمس قرب أذنها:
" لست طفلة بل عروس جلال منصور التي ستصيبه بنوبة قلبية قبل أن يدخل دنيا!"
هنا هي من اتسعت عينيها بدهشة ثم مرح ثم ضحكت من قلبها لكنها منعت صوت ضحكتها بكفها الحرة فتعلق بها جلال مليا مشدوها بجمالها الذي يزداد في عينيه كل لحظة ثم أزاح كفها عن شفتيها هامسا:
" دعي ضحكتك تملا قلبي إياك ومنعها!"
وما إن أنهى حديثه حتى جذبها برفق لتنزل أرضا وعندما حطت قدميها على أرض الحديقة وسمعت صوت باب السيارة يغلق، ثم أنفاس قربها تهمس باسمها فتهتز في وقفتها رغم تجمد ساقيها مكانهما كما تجمد كل شيء فيها وقد أحس جلال بصراع عقلها ووعى جيدا بأنها ربما تفضل قضاء الليلة في تأمل الحديقة وربما جمعت البالونات بنفسها لتشغل وقتها لذا وفر على نفسه كل هذا وبخفة كانت تحلق بين ذراعيه كفراشة خفيفة شهقت وهي تلف ذراعيها حول عنقه وهمست باسمه عاتبة مع اتساع عينيها فهمس لها وهو يتحرك صوب الباب:
" ما رأيك بترك تأمل الحديقة للصباح الباكر ونحن…"
وقطع كلماته عندما وجد عينيها تزداد اتساع وأنفاسها تعلو بصخب فعاد لبسمته الحانية وهو يتابع همسه:
" سنتأمل الحديقة بينما نتناول فطورنا معا، أليس كذلك يا سارة!؟"
هنا أومأت له برأسها فزفر براحة وهمس بنفسه( ها هي المدللة تنبش، قاومي مدللتي ولا تتركيني الليلة لعنفوانها كي لا ترفع ضغطي!)
شهقة عالية قطعت أفكاره متزامنة مع هزة سارة له وهي تهمس مختنقة برجاء:
" أنزلني، جيجي، تقف باستقبالنا!"
رفع حاجبه وقال مدعي عدم الفهم :
" ولم انزلك ، استرخي!"
قال آخر كلمة ممطوطة حتى كادت تلكمه في رأسه وهي تشعر بالعرق يتصبب منها وتبحث عن مهرب من عيني ماجدة التي قالت بصوت بشوش:
" مبارك ابني!"
هنا رد جلال بذات النبرة البشوشة:
" سلمت لي أمي وبارك لنا فيك "
كانت سارة مغمضة عينيها تبحث عن رد او كلمة لجيجي التي باركت لها هي الأخرى في حين جلال لا زال مصر على حملها إلا أنه استسلم لها وأنزلها على مضض ليضم أمه التي كانت قد سبقته لهنا كي تستقبله، صوتها الباسم المهنىء كان يخترق قلبه بينما تتمنى له السعادة قبل أن تبتعد وتضم سارة وتقول:
" أنرت بيتك ابنتي!"
عندما ابتعدت سارة عن ماجدة هتف جلال:
" أخيرا، جاءت سارة لهنا رسميا وفعليا وقانونيا وعرفيا وبكل المقاييس كزوجة جلال منصور"
التفتت له سارة جاحظة العينين بينما ضحكت ماجدة وهو يتابع :
" هكذا لم يعد هناك حاجة لقرص الأذن "
عقدت سارة حاجبيها بعدم فهم بينما جلجلت ضحكة ماجدة وهي تتذكر أحد المرات وهو ينزل من جناحه بعدما قضى بعض الساعات في الأعلى مع سارة وبعدما أوصل سارة لغرفتها وبخطوات متسللة تحرك نحو غرفته لكنه قبل أن يصل كانت أصابع ماجدة على أذنه تجذبه منها وتهمس له:
"ماذا أفعل بك هل علي إغلاق باب غرفتك بقفل!"
ضحك جلال بصوت خافت وهمس لها متأوها:
" يا أمي هي زوجتي"
لترد ماجدة وهي لا زالت تقرص أذنه:
"حين يتم الزفاف فقط؛ لو فعلتها ثانية سأحبسك داخل غرفتك يا جلال"
لمعت عيني جلال بمكر وهو يقول لها:
" وماذا فعلت يا جيجي، كنا نختار معا ألوان الحوائط"
هنا كتمت ماجدة ضحكتها وهتفت به وهي تزداد ضغط على شحمة أذنه :
" أي ألوان تلك ؟! هل ستدهن الحوائط مرة أخرى، الكذب بلا أقدام!"
ادعى جلال الجدية وقال:
" كنا نفكر بتغيير الألوان!"
رفعت حاجبيها وقالت بتحذير:
" لا تفعلها مجددا!"
فقال هو برجاء جعل قلبها يكاد يلين له:
" أمي، أشتاق لها وأحافظ عليها بروحي أقسم لك فلا تمنعيني عنها"
هنا تركت أذنه ولامست وجنته بحنان فظن أنها بالفعل لانت وستعطيه الموافقة إلا أن رغم صوتها الحاني قالت بحزم:
" سأحظرك في غرفتك لو فعلتها مجددا !"
كانت سارة لا تفهم ما يدور بينما تتبادل النظر بينهما فيما كانا يتبادلان البسمات كأن هناك ذكرى جمعت بينهما لا تعرفها جعلتهما يشردان.
التفت جلال لسارة وابتسامة خلابة تزين محياه قد سلبت لبها وجعلتها ترتجف وهي تستقبل هذا الشعور المتبادل بينهما والذي لمحه جلال على الفور لذا وفجأة كانت تطير مرة أخرى لتصبح على ذراعيه فأغمضت عينيها وهي تشعر بنفسها تنصهر من شدة الحرج بينما جلال قال لأمه بمرح:
" سأستأذن أمي، علي أن أحكي لسارة عن الحظر وقرص أذني !"
ابتسمت أمه بحنان وربتت على ذراعه وهي تقول( أسعدك الله يا ابني).
كان يصعد السلم بخطوات واسعة حتى كادت سارة تجزم بأنه يصعد سلمتين معا بينما الصمت كان يصاحبهما حتى وصلا للجناح الخاص بهما، فزفرت الأخيرة براحة، لا تعلم هل عليها بالفعل الراحة كونها هربت من أمام جيجي أم عليها حبس أنفاسها والجري مهرولة ...؟!
أنزلها جلال ببطء في البهو المقابل لغرفتهما، كان ينزلها عن ذراعيه كأنه يعد الوقت ويتذوقه حتى كادت تصرخ به أن يكف عن تمهله الذي يذيب أعصابها، مسحت على جبينها بتوتر وهي تبحث عن اللاشيء بعيدا عن عيني جلال المدققة لكل ملامحها بينما ذراعه يلفها حول خصرها مانعا إياها من الابتعاد رغم محاولاتها الفاشلة لذلك وهمسها المترجي لأن يفك قيدها وكأن كلماتها كانت تأتي لعقله عكس ما نطقت فيزيد من تشديد ذراعه حولها رغم لطفه..
" اشتقت"
قالها جلال وهو يغرق في عمق عينيها لتبتلع ريقها وهو يتحرك بنظره لشفتيها المنفرجتين بينما يتابع بصوت أجش:
" اليوم سأحلق بك كيفما أشاء سارة "
ارتعشت بين يديه وهي تتملص بصعوبة منه فيما كفيها اللذين ارتاحا على صدره في محاولة لإبعاده كانتا يعاندانها فيرتاحان على صدره لتحس بنبضات قلبه أسفل كفها تجذبها لأن تضع رأسها موضع كفها فأغمضت عينيها تمنع هذا الرجاء من المدللة بينما جلال كان يجاهد نفسه بقوة من حديد عن وصالها، تاركا لها الوقت لتستوعب الانتقال الجديد في حياتها لكن ما لم يستطع منع نفسه منه أن يحلق بها سالبا أنفاسها للحظات لم يحسبها بينما هي تمسكت بكفيه كأنها تسأله الإطمئنان وكان تحليقه أكثر لطفا ولينا وعشقا وكأنه يبثها الأمان قبل عشقه فيما كانت أيديهما تتعانق على جانبيهما حتى سحب جلال كفيه ببطء ويأخذ ذراعيها ليلفهما خلف رقبته ليغوص بها في تحليق طويل نسى كلا منهما أنهما في حاجة لهواء..
بعد لحظات لم يحسبها حررها دون ترك خصرها إلا أنها حاولت الابتعاد وهي تهمس بمقاومة ضعيفة أن يسمح لها بتبديل ملابسها إلا أنه إنحنى قربها ونظر لشفتيها اللتين حلق بهما في رحلة تمنى لو لم تنته وهمس:
" هذا حقي الليلة!"
احتبست أنفاسها وتراجعت عنه خطوة وقد فك قيد خصرها بنفسه كي لا تجفل رغم رزانة ملامحه بينما هي تأملته تتأكد مما قال فلم يكذب بل أكد هذا بإيماءة عابثة من عينيه فالتفتت عنه سريعا وكادت تهرول لغرفتها لولا أنه أمسك بمعصمها وأدارها له لتلتصق بصدره ثم قال لاهثا وهو يغرق في عينيها الخجولتين الهاربتين:
" إلى أين…!؟"
هزت سارة رأسها وهي تهمس:
" ليس لمكان، أنا هنا!"
هنا حررها جلال بحذر وقال بنبرة ثقيلة :
" أي أنكِ لن تهربي!"
ارتسمت بسمة مرتجفة على شفتيها وقالت:
" لا بالطبع، أنا هنا"
ثم سحبت نفسا عميقا وزفرته تحاول استجماع شجاعتها الهاربة قبل أن تلمع عينيها وهي تستدير عنه وتلتقط ريموت الشاشة التي تقابلها ..
كانت عيني جلال تزداد اتساعا عندما فتحت الشاشة بالفعل وجلست على الأريكة وفتحت على قناة رياضية معروفة ثم هتفت بحماس:
" ها هو الماتش يعاد مرة ثانية، جيد أنني لحقت به لأن المباشر انتهى وقت الزفاف!"
كان جلال يسمعها بعدم استيعاب فتخصر في وقفته مما جعل طرفي سترته يبتعدان للخلف فيما صوت معلق الكرة يهتف بحماس بينما سارة تصفق معه وقد نست تقريبا أن جلال يقف خلفها بينما هي قد التقطت أحد قطع الحلوى أمامها وبدأت في قضمها متلذذة بنهم فيما تتابع بذات الحماس وقد تلاشى عنها كل توترها أو تناسته.
استعاد جلال نفسه من ذهوله بصعوبة فدار حول الأريكة ليجلس جانب سارة الغارقة بالماتش وقد وضع ساق على الأخرى يتأملها بعشق، يعلم جيدا أنها تحس بتواجده جانبها وبأنها تفتعل التهرب منه ورغم معرفته لعشقها لفريقها هذا إلا أنه لن يبعدها عن جلال لذا وبقوة يحسد عليها سيطر على مشاعره فتلك المجنونة التي أخيرا أصبحت معه مغلقا عليهما باب واحد دون أن يصدر أحد أوامره عليهما، تأتي اليوم لتشاهد ماتش!؛ تبا، هكذا همس وهو يرفع حاجبه بعدم رضا بينما هي تتناول الحلوى بنهم وتتابع الماتش مدعية نسيان كل شيء، همهم جلال بعد لحظات:
" ماتش مبهر لكن واضح أن الفريق الآخر هو من سيفوز!"
هتفت سارة مدافعة :
" لا بالطبع!"
ثم قبصت كفها وقالت بحماس دون الالتفات له:
" الأهلي حديد!"
هنا علم جلال بأن أي محاولة أخرى لاقناعها بأنها عروس الليلة ستكون فاشلة لذا قام من مكانه بتمهل فاختلست سارة نظرة له لتجده يخلع بدلته بذات التمهل المستفز لأعصابها فأطرقت بسرعة قبل أن تتابع الماتش لتجد السترة الخاصة بجلال ألقت جانبها فاحتبست أنفاسها عندما مال نحوها قائلا بصوت أجش:
" حاولت وحاولت لكن واضح بأنني بالفعل سأصاب بنوبة قلبية بسببك ومؤكد لا يرضيك!"
كانت لا تفهم شيء وكأن كلماته تصلها مشوشة فيما هي عالقة في عمق عينيه الماكرتين بنظرة لن تخطئها، فغرت شفتيها تنوي الحديث بأقرب ما جال في خاطرها لكن وفجأة دون أي مقدمات كانت يديه التفت حول خصرها حتى أحست نفسها كالريشة وهي تحط على كتفه، هنا صرخت وهي تخبط على ظهره وتهتف باسمه قائلة باعتراض:
" هل هناك عريس يحمل عروسه هكذا، ألم تقل لي بأنك رومانسي!؟'
رفع حاجبه قال بدهشة وهو يخطو نحو غرفتهما:
" أنت لم تعجبك الرومانسية ما ذنبي ثم ماتش وليلة زفافي، أقسم لو علم أحد لظنوا…. "
وقطع حديثه وهو يهز رأسه بذات الذهول غير عابىء باعتراض سارة ليغلق باب الغرفة خلفه ثم أنزلها ببطء دون أن يحررها ونظر لها قائلا بأنفاس لاهثة:
" لولا أنني تأكدت بنفسي من خزانة ملابسك لظننت أنك أتيت بكل ما ترتدينه كعروس من ملابس فريقك المفضل"
جحظت عيناها وهتفت به وقد احتقنت وجنتيها بحمرة سلبت عقله:
" هل فتشت في ملابسي يا جلال!؟"
هنا أمسكها من ذراعيها بلطف وهمس بصوت أجش مشتاق:
" إنه اليوم الذي انتظرته كثيرا يا سارة أتراني لا أفعل؟، نعم فعلت، بل أنني في كل لحظة كنت أتفقد كل شيء يخصك هنا حتى أتأكد بأنك واقع وبأنني على شفا خطوة واحدة لتشاركينني ذات الغرفة والمخدة !"
كانت انفاسه تعلو عندما أسند جبينه على جبينها وأكمل بحرارة لفحت وجهها وأصهرته:
" أنا كنت أتعذب تلك الأيام التي تلت ذهابك مع خالد وكنت أصبر نفسي برائحة الملابس التي سترتديها لي حتى أنني حفظتها قطعة قطعة"
هنا لانت ملامحها رغم خجلها من كونه رأى تلك القطع والتي جعلتها تزداد إنصهار إلا إن إحساسها بالحرج منه كونها لا تسيطر على مخاوفها جعلها تسبل أهدابها وهمست بنبرة مرتجفة :
" جلال، أريدك أن تفهمني، أنا…"
احتضن وجهها بين كفيه وقال بعدما تعانقت أعينيهما:
" لست في حاجة للشرح، أنا أفهم!؛ وأريدك أن تتأكدي بأن لا أحد يؤذي نفسه يا سارة!"
أسبلت رأسها فرفع ذقنها بأنامله وقال بنبرة حانية:
" تخافين مني؟!"
نظرت في عمق عينيه و هزت رأسها بلا فهمس قائلا بعد زفرة مرتاحة:
" تريدين إتمام مشاهدة الماتش حقا؟!"
وانتظر إجابتها بصبر يحسد عليه وهو يرى ارتجاف شفتيها المترددتين إلا إنها قالت بعد لحظات لا … هنا فقط فقد صبره وهو يجذبها له، يضمها لصدره،يعتصرها بين ذراعيه حتى كاد يخفيها في روحه، يخبرها دون حديث أنها هو وبأن هذا القلب الذي تصدح نبضاته لا تنطق إلا باسمها، يحلق بها، حيث تلك السحابة الوردية التي تحمل المزيد من الألعاب النارية والتي جعلتها تنسى كل شيء إلا جلال زوجها الذي حملها حيث سحابتهما الخاصة بهما، سحابة فرشها عشق لها، ناعمة تتفجر داخلها فراشات تحلق بهما بينما أنفاسه كانت كربيع حل على قلبها وهي تغوص في حلمها الوردي وهي تهمس له:
" لا أريد العودة للأرض يا جلال، دعنا هنا"
وكانت كلماتها كافية لتفجير كل مشاعره الصاخبة وهو يميل نحوها، يستند بكفيه على جانبي رأسها، ينظر لها بنظرة ترسل الرجفة اللذيذة في اوصالها قبل أن ينهل مما تشوق لمذاقه بينما هي مع كل لحظة قرب منه كانت تتأكد بأنها نفسه التي لن يؤذيها أبدا فحاولت مبادلته شغفه بها رغم أنها كانت كالطفلة التي تتعلم الحبو ليتناول أبيها كفها ويساعدها بتمهل ورفق كيف تمشي وتستقبل الحياة على يديه..
يتبع 💜

shezo, Soy yo, Miush and 2 others like this.

آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-02-22, 11:18 PM   #760

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

على أعتاب فيلا علوان، وقف كلا من خالد ونورا متعانقين الأصابع بينما ينظران للبهو الكبير بعيون يمر أمامها شريط بطيء يحمل في طياته ذكرى أول لقاء لهما هنا، صوتهما يصدح في مخيلتهما وهما يدخلان بخطوات متمهلة نحو البهو كأنهما يحتضنان كل شبر مشيا فيه قبل ذلك، أصابعه تزداد تعلقا بأناملها وهي تستقبل تشبثه هذا بأكثر وأكثر، كانت كمن تضمه بكفها كما يفعل بينما حفيف فستانها الأبيض يصحبهما مع نغمات قلبيهما العالية..
أمام المدفأة الحجرية، تماما أمام صورة والدته،توقفت خطواتهما وعانقا بنظراتهما تلك السيدة التي تلمع عينيها بفرح وكأنها تشاركهم حلو اللحظة، استدارت نورا تنظر لخالد الذي يبتسم لأمه كأنه يحكي لها فرحته ويشاركها بها، يهمس لها بأنه نال ما تمناه وبأنه جاء بحبيبته وزوجته إليها ليأخذوا مباركتها هي الأخرى..
تأملته نورا مليا وذكرى لقائهم أمام تلك الصورة لا زالت تلمع في مخيلتها، لم تظن وقتها في أحلامها بأن خالد سيصبح زوجها وحبيبها وكيانها الذي يناديه بلهفة..
استدار لها خالد فاتسعت بسمتها وهو يقول:
" بشمهندسة نورا منصور مرحبا!"
منعت ضحكة عذبة بقوة ومدت كفها الحر تعانق يده الأخرى فنظر خالد بوله للمستها التي عانقت يده ثم رنا بعينيه لعمق عينيها في حين قالت بصوت عذب:
" مرحبا، خالد بك"
تأوه بخفوت وهمس:
" هنا أمام تلك الصورة تمنيتك زوجة لي، وسألت نفسي هل سيأتي يوما وتصبح المهندسة زوجتي!"
سحبت نورا نفسا عميقا وزفرته ثم همست:
" وهنا تعرفت على الرجل الذي امتلك قلبي، هنا حيث نقف، قلت لك بأنك تشبه جلال كثيرا وبأنني أتمنى لو تزوجت رجلا يشبهه، وكأن أمنيتي تحققت وقتها "
زفر عاليا وازداد تشبثا بكفيها وهمس:
" هنا استجاب الله لدعاء قلبي يا ساحرتي"
ابتسمت بعمق فبانت غمازتيها بوضوح ليحتضن وجهها بين كفيه وهو يتابع:
" سحرتني منذ أول نظرة يا نورا"
همست بعد لحظة:
" وأنت ساحر بارع يا خالد، لمست قلبي بسحر لا يفك أبدا، تعويذة ألقت في أعماق كياني"
" أحبك"
قالها خالد بعمق وصوت أبح وهو يمسك بيدها ليقودها لوسط البهو وهناك توقفا فهمست له بحبها لتجده يتمسك بخصرها وبعلو صوته كان يهتف( أحبك ساحرتي)
قبل أن يرفعها عن الأرض و يدور بها بينما هي تتعلق بعنقه، تنهل من صوته الأجش الذي يهتف بحبها ويطير بها حول نفسها كفراشة لاقت الربيع ..
وما إن حطت أرضا حتى حملها بين ذراعيه ليصعد معها سلم أحلامه وهناك حيث الحلم أصبح واقع، أنزلها على الأرض بلطف، يعانق خصرها بتملك وهمس بشغف رهيب كأنه لا زال لا يصدق( الساحرة)
عادت ابتسامتها وتلك الكلمة تدغدغ كيانها، فهمست ( الساحر)..
ابتلع ريقه الذي جف بينما يقترب من عنقها، يلثمها بنعومة فيما يده كانت تتعامل مع سحاب فستانها العنيد، كان يشعر بها تذوب بين ذراعيه فتزداد جرئة يده مع هذا السحاب الذي انسدل أخيرا تحت أنامله لينساب بنعومة بينما أنامله تعانق بشرتها الناعمة فتزداد رجفتها بينما الفستان كان يترنح من عليها كما ساقيها الهلاميتين لولا دعمه خصره، همست باسمه فارتشفه بشفتيه فيما كان الفستان ينزل رويدا في سحر مهلك لأعصابه حين ابتعدت فجأة وهي تلملم نفسها فنظر لها خالد مشدوها وقال وهو يحك جبينه بتوتر( ماذا؟!")
نظرت حولها بتشتت بينما تشعر بنفسها تكاد يغمى عليها من تلك المشاعر الصاخبة التي أغرقها بها خالد والتي وجدت نفسها تبادله أضعافها فعضت على شفتيها بوجل فابتسم لها بحنو وضمها لصدره بذات الحنو وهمس:
" ما بالك يا ساحرتي، تتدللي على عاشق ولهان سيموت شوقا!"
همست وهي تتعلق بخصره:
" أنا …"
وصمتت فحسها على الكلام( أسمعك)
" أين عمي راشد"
قالتها بصوت مرتجف فابتعد خالد عنها دون أن يحرر خصرها ونظر في عينيها مشدوها قبل أن يرجع برأسه وتعلو ضحكة رجولية هزت كيانها وما لبث أن هدأ، داعب عنقها وهمس يسألها:
" ماذا تريدين من عمك راشد!؟"
أسبلت أجفانها وهمست:
" كنت أطمئن عليه لم أراه منذ خرجنا من القاعة!"
حان صمت للحظات بينما أنامله تتحرك ببطء على عنقها حيث العرق النابض فيها ثم لشفتيها المرتجفتين وقال :
" عمك راشد بالفندق ليتركنا على راحتنا ثم صباحا سيسافر لدبي أما نحن وأخوك وأختي فسنسافر تركيا بعد يومين لقضاء شهر العسل!"
اقترب من شفتيها هامسا بصوت أبح:
" هل هناك أسئلة لا زالت في عقلك ساحرتي!؟"
هزت رأسها بلا فهمس لها بعدما ارتشف من شفتيها:
" لما تبتعدين إذن؟!"
هنا هي من عانقت رقبته وهمست بلهفة:
" لم أبتعد"
لمحت اللمعة الراضية في عينيه فعضت على شفتيها ثم قالت دون مواربة:
" لكنني تعجبت من تلك المشاعر الصاخبة في نفسي، شعرت وكأنني .."
صمتت لوهلة بينما تحس بأنفاسه الحارة تلفح بشرتها لكنها تابعت على أي حال:
" شعرت بأنني أتوق لقربك بشدة يا خالد"
هنا زفر بحرارة وقضم أنفاسها مليا قبل أن يهمس لها بينما يداعب أكتاف فستانها بجرأة:
" دعي شوقك على راحته وأنا حُر في التعامل معه، إياك والتفكير لحظة عندما نكون معا، إياك ووضع حاجز على مشاعرك، كوني الساحرة دائما"
هنا تركت الفستان يفترش الأرض وكانت بالفعل الساحرة وهي تتلقى عشقه بكل كيانها وتغمره بشوقها..
★★★
وقفت سمر أمام الشريط الأحمر الفاصل بينها وبين المكتبة بملامح ملؤها الرضا، السعادة، مزيج من كل شيء إلا الألم، تنظر مبهورة للمكتبة التي جهزها عمران بنفسه، أسس كل جزء فيها بيديه بينما كانت هي تقف معه بدعمها وكلماتها العاشقة الممزوجة ببعض المكافآت ليكتمل أخيرا الحلم، كان قبالتها تماما بوسط المكتبة عمود يتوسط المكان مكتوب عليه( مقهى سمر للقراءة)
لم تتوقع أن يكون مشروع مزدوج، إنها فكرة عمران الذي يقف جانبها شامخا، ينظر لها بتلك النظرة التي تجعل سعادة الدنيا تغمر قلبها، والفخر الذي يجعلها تشد قامتها وتكاد تصرخ بأعلى صوت ( أنا زوجة هذا الرجل، في الوقت الذي كنت فيه بلا هوية و جئته لاجئة فمنحني أرض قلبه)
ابتسمت وهي تلتفت له فمنحها بسمة واسعة، يشعر بكم الفرح الذي يغمر وجهها وتلك السعادة البادية في عينيها، تمنى لو أعطاها كل ما يهمس به قلبها، وتمنى لو قرأ كل أمنيات روحها ليجيبها له، محبوبته وبلوته التي ظن بأنها ستبقى القيد الحلم إلى أن حاربت صمته وأعلنت حق لجوئها إليه، حيث أرضها التي طالما كانت لها..
تنفست سمر عاليا وهي تستعيد نظرها نحو المكتبة، ترى الأمل يجوب في كل إنش فيها ، يناديها لفتح ذراعيها للحياة واستقبال كل أمنياتها التي نالتها واحد تلو الآخر، أغمضت عيناها لوهلة وهي ترى في مخيلتها سمر أخرى كانت هنا يوما ما، سمر تائهة لا تعلم إلى أين طريقها، كانت غارقة في متاهتها إلى أن صدمت بشخصها الذي لا تعرفه ولا يليق بها، جعل جزء من إداركها يفيق ويجذبها من عمق سحيق لسطح يملؤه ضوء الشمس وهنا استدارت بوجهها حيث نورها، وجه عمران المليح الذي لا زال على بسمته، يحس بمقدار مشاعرها ومدى رهبتها رغم فرحها، مال بجذعه قليلا وقال بصوته الأجش الذي يداعب قلبها:
" قصي الشريط يا سمر"
هنا منحته بسمة واسعة وقالت:
" امسك بيدي يا ابن عمي"
منحها بسمة أوسع ومد كفه يحتضن كفها القابضة على المقص وهمس باسم الله قبل أن يعطيها إشارة البدء لتقص الشريط..
ما إن انقطع الشريط وانقسم على الجانبين حتى صفق الحضور؛ أبيها الذي يقف جوارهما على بعد خطوة يملي عينيه بفرحة ابنته فتدمع عينيه بدموع أبية من شدة الفرح، كان خلفهم هنية ومصطفى وقد جاؤوا خصيصا بناء على دعوة عمران لحضور افتتاح مكتبته مع بعض الأصدقاء من القرية والذي تقدموا منه لتهنئته وسمر و استقبلا التهنئة بترحاب شديد.
ضم صلاح سمر لصدره، يبارك لها ويهمس:
جعلها خير عليك وعلى أسرتك يا سمر" لتهمس بصوت مختنق متضرع( يارب)
أما مصطفى فسلم على عمران يضمه لصدره، ابنه الذي لم ينجبه، تمنى الولد فلم يكن له من صلبه لكن أهداه الله عمران ليربت على قلبه وزوجته به، ولد صالح يقر العين ويفخر به القلب، سند له ويعلم بأنه إن حان الأجل سيكون سند لأمه هنية، أمين على أحبائه، هذا هو ابن الجبالي همس بها مصطفى في نفسه قبل أن يربت على ظهر عمران ويقول:
"فخور بك يا ابني"
أما هنية ظلت تزغرد بلا انقطاع بينما تتحرك في المكان وبين كل لحظة والأخرى تهمس( باسم الله ما شاء الله)
فيما سمر كانت قد وقفت في منتصف المكان عند هذا العمود المكتوب عليه اسم المكتبة، اسمها كان مزين بورود صغيرة بيضاء فيما باقي العمود مزين بلمبات صغيرة جدا، كانت كضوء القمر وسط المكان، التفتت حيث الجانب المخصص للمشروبات والأكلات السريعة والتي لا حاجة لم يعمل بها لأن عمران سيتكفل بها ووعدها سيعلمها معه، وأقنعها بأنها ستتعلم بسهولة هي في الحقيقة تعلمت منه الكثير، في الوقت الذي لم تكن تعرف فيه سوى الكيك والسلاطة جاءت لبيته فأصبحت طباخة ماهرة وسيدة بيت يعتمد عليها، نالتها عدوى النظافة حتى أنها لم تعد تطيق ترك أي شيء بعيد عن مكانه ، إبن عمها أصبح جزء منها وكأنهما توأم بروح واحدة..
" ابنة عمي، تفضلي سيعجبك هذا المشروب"
نظرت ليده الممدودة لها ثم لوجهه الحبيب قبل أن تأخذ الكوب وتقول:
" متأكدة سيعجبني"
وارتشفت منه تحت ناظريه فابتسم لبسمتها قبل أن تقول بصدق و بنبرة ممطوطة:
" رائع!"
ارتشف هو الآخر من الكوب الخاص به ثم التفت نحو الجزء المخصص للمكتبة حيث بعض الرواد الذين جاؤوا من الجيران وواضح بأن المكتبة نالت إعجابهم في حين البعض منهم بدأ البحث عن ضالته والبعض الآخر اكتفى بنيل مشروب مع شطيرة معدة بإتقان من يد عمران فيما كان المهنئين يزدادوا لحظة بعد أخرى لتزداد اتساع بسمة سمر وهي تنظر لعمران قائلة بنبرة متحمسة:
" أظن بأننا سننجح!"
تمسك بكفها وقال بتأكيد:
" بلى سنفعل يا سمر، كلي يقين بأن الله معنا وبأننا نسير نحو الأفضل دائما"
قادها نحو منضدة ووضع الكوب الخاص به ثم تناول كوبها ليضعه هو الآخر ثم أخرج هاتفه ووضعه في وضع السيلفي وقال:
" ابتسمي للحياة يا سمر"
اتسعت بسمتها لكنها لم تنظر للكاميرا بل لوجهه الذي رأت فيه حياتها كما فعل هو فتعانقت نظراتهما بينما يده التي التفت على خصرها كانت ترتاح على بطنها وكفها الحرة ترتاح فوقها يعانقا حياة أخرى تنمو داخل أحشائها..
★★★
انتهى الفصل الأخير 💜 أتمنى أن ينال إعجابكن وأن تجدن النهاية مرضية لكل الأبطال، هنا وصلنا إلى حيث بدء حياة جديدة ينسجها الأبطال معا وأتمنى أن أكون قد وفقت في توصيل مشاعر أبطالي إليكن..
قريبا بإذن الله الخاتمة( عندما أنتهي من كتابتها وسأحاول أن لا أتأخر عليكن، شاكرة لكل من بدأ معي الرحلة ودعمني)


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:12 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.