آخر 10 مشاركات |
|
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
09-02-21, 09:07 PM | #51 | ||||
| عانقتني روحها
| ||||
13-02-21, 10:02 PM | #52 | |||||||||||
مصممة في قسم وحي الاعضاء
| الفصل جميل جدا تسلم ايدك يا ميس .. عيون جين الكحيلة سلبت لب جان واطاحت بتعقله فأخذ يفكر في طيفها ويتحير في من تكون .. حب من اللمحة الأولى.. وكما انجذب لها من اللحظة الأولى هي أيضاً انجذبت له رغم تنكره بزي فتاة .. هل سوف يتمكن جان من ايجادها ومعرفة شخصيتها؟ وهل سيغضب فرهاد من زوجته وشقيقته لاخفائهم امر خروجها عنه؟ في انتظار الفصل القادم | |||||||||||
13-02-21, 10:47 PM | #53 | |||||||||
عضو ذهبي
| لحظات اتقابلت فيها العيون وكانت الصله اللى ربطت بين القلوب جين انشغلت بجان مع انها فاكره انه بنت وهو انشغل بيها وخايف تكون متجوزه ربنا يستر واخوها مايعمل مشكله اما يعرف بخروجها واتمنى جان يعرف طريقها سريعا تسلم ايدك | |||||||||
14-02-21, 12:49 PM | #54 | ||||
قاصة في قلوب احلام وكنز سراديب الحكايات
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. عانقتني روحها .. الفصل الثالث .. تسلم ايدك فصل خفيف جميل .. جين وجان .. وسبحان مقدر الاقدار .. التقاء روح الحياة معا دون ان يعرف كل منهم نوع الاخر والحياة ومتخفية برجل والروح متخفي بفتاة وكل منهم شغل فكر الاخر وتلاقت العيون وربطت روحيهما معا .. كما يقال والعين تعشق قبل القلب من نظرة واحدة كل واحد منهم نظرها للاخر .. وهامت الروح بمن وقع النظر عليها وتعلق القلب بطيفها ..فكيف سيكون اللقاء بينهم ..🤔 وجين حزينة لفقد سوراها العزيز على قلبها ولم تستطع ان تعترف لفرهاد بانها خرجت واضاعته في الخارج .. خوفا من غضبه عليها وقد منعها من الخروج بالفرس .. مشوقة الاحداث للقادم يعطيكِ العافية ..❤❤ بانتظار القادم ..🌹🌹 | ||||
16-02-21, 09:09 PM | #55 | ||||
| عانقتني روحها الفصل الرابع ما أصعب أن تكون متربعاً على قمة عرش السعادة .. لتتحطم في لحظة غدر من الزمان .. وتتحول إلى ركام من الأحزان والآلام .. كيف حين يضاء الأمل في عتمة القلب .. تمتد يد اليأس بغتة وبكل تجبر تطفئ الأنوار فيه .. وإلى سواد بئر سحيق ترميك وبالأحلام .. *********** يومان مرا لم يدخر فرهاد فيهما جهداً في بحثه عن سوار أخته الحبيبة .. لقد قلب البيت رأساً على عقب .. لم يترك ركناً فيه ولا زاوية إلا وبحث عنه .. ولكنه لم يعثر عليه .. ولم يدري ما عليه فعله كي يخفف من حزن أخته .. التي انقلبت حالها منذ أن أضاعت سوارها ذاك .. لكنه في هذا الصباح صمم أن يخرجها مما هي فيه حتى لو أجبرها على ذلك .. لم يكن يدري أن حال أخته تلك لا يخص السوار فقط .. بل أن هناك ما يشغل فؤادها .. وأن روحها تتخبط هائمة لا تجد لها مسكن .. اقتربت أڤين من جين الجالسة أمام نافذة غرفة الجلوس .. بعد أن استطاعت أخيراً إقناعها للخروج من غرفتها التي اعتصمت بها منذ ما حدث .. لتراها ساهمة بعينيها تحدق في اللاشيء.. والحيرة ترتسم جلية على محياها .. فبادرتها قائلة : " حالك هذه لم تعد تعجبني يا جين ..! وأخشى ما أخشاه أن يتطور الأمر إلى ما لا نحمد عقباه .. لذا اقترح أن نزور طبيباً ليطمئننا عليك ..؟ " " ليس بي علة يا أڤين كي أزور الطبيب .. ولا أشكو من أية أمراض " ابتلعت أڤين لعابها .. وتوجست خيفة من ردة فعل جين مما ستقوله .. وقالت بحروف متلعثمة : " أنا .. قصدت .. أن نراجع طبيباً نفسياً .. لعل فقدانك لسوارك .. قد أثر بشكل ما على أعصابك " " بل هي روحي تلك التي فقدت يا أڤين .. وليس فقط سواري .. فهل تدرين عن طبيب قادر على أن يعيد لي فقدان روحي ..! وليس بي علة سواها " " أحسبك تهذين يا جين ..! وما من عاقل يصدق هذيانك هذا ..! ولهذا أقول لك كي تراجعي طبيباً مختصاً " لوت جين فمها باستياء .. ولم ترد على أڤين .. كيف تبرر لها ما تجهله والتبس عليها هي نفسها ..؟ تشعر وكأنها دخلت إلى عين عاصفة عاتية .. عصفت بها بضراوة .. ولفتها معها بشدة .. قاذفة إياها في النهاية داخل هوة سحيقة .. دخل فرهاد الغرفة وسط وجومهم فهاله نحول أخته وذبولها .. اقترب يغتصب ابتسامة رسمها على شفتيه بصعوبة .. وقال ببشاشة مزيفة : " أيتها الشقية .. لقد خرجت أخيراً..! بالطبع فاليوم هو يوم البازار..! وعرفت أنك لن تفوت عليك هذا اليوم أبداً..! " لم يلقى أي رد منها .. فدنا منها ومسح على شعرها بحنو: " هيا حبيبتي قومي لتتهيئي .. سنذهب كعادتنا كل يوم أربعاء .. كما أنني أحضر لك مفاجأة ستسعدك بالتأكيد " هزت جين رأسها برفض : " لا رغبة لي في الخروج يا أخي .. أذهب أنت وأڤين لوحدكما " رد فرهاد معترضاً وأمرها بصرامة : " لا .. سنذهب ثلاثتنا معاً كما اعتدنا دائماً .. ولن أقبل بأي حجج .. والآن قومي وتهيئي " وافقت جين صاغرة لأمر أخيها .. فهي لا تريد إثارة استياءه وغضبه أكثر من ذلك .. وقامت بتثاقل تجر خطواتها واتجهت إلى غرفتها لترتدي ملابسها .. تتبعتها نظرات أخيها المشفقة .. الذي قال ما أن غابت عن مرأى نظراته : " أشعر أنني قسوت عليها .. ولكن لم يكن بإمكاني فعل غير ذلك لأخرجها مما هي فيه من حزن وغم " ربتت أڤين على ساعده تؤازره: " لا عليك حبيبي .. جين تعي جيداً مقصدك وتتفهمه .. ثم أنك ما فعلتها إلا لصالحها " رفع رأسه يدعو الله أن يجلي هذه الأيام العصيبة .. والتفت إلى أڤين يحتضنها قائلاً بحب: " شكراً حبيبتي .. شكراً لتفهمك ولكل ما تفعلينه من أجل جين ومن أجلي .. حفظك الله وأدامك في حياتي " بعد بعض الوقت التفت فرهاد ينظر لأخته التي ارتدت سروالاً أسوداً وقميصاً يماثله في اللون .. يناقض في لونه بياض وجهها وشحوبه .. وقد شدت شعرها كله وربطته على شكل كعكة خلف رأسها .. يعلم أنها تحب اللون الأسود في لباسها وهو للحق يليق بها .. لكنه اليوم ولأول مرة كره ما تلبسه .. شعر وكأنها ارتدته حداداً .. خاصة وابتسامتها المشرقة قد ماتت على شفتيها .. لم يعقب على مظهرها المزري بأناقة .. نعم فأخته لا ترتدي إلا كل ما هو أنيق وغال .. كيف لا وهي تشتري ملابسها من أشهر دور الأزياء في بلده .. ولكن هيئتها البائسة أطفئت روعة ما ترتديه .. اقترب منها محتضناً كتفها .. ليخرجوا إلى سوق البازار وكل منهم ينوء تحت ثقل أفكاره المتخبطة .. في البازار ازدحام كبير تشهده هذه الساحة التي خصصت لإقامة البازار .. والذي يقام كل يوم أربعاء من الأسبوع .. عربات وبسطات انتشرت على طول هذه الساحة .. وتجمعاً لأعداد كبيرة من السيارات بمختلف أنواعها وأشكالها .. تحمل على متنها مختلف البضائع .. التي جلبها تجار حلب إلى هذا البازار .. والذي يشكل سوق كبيرة لترويج وبيع منتجاتهم .. بالإضافة إلى مزارعي هذه المدينة وما حولها.. وقد جلبوا ما تجود به أراضيهم من خيرات ليبيعوه .. فهو يكاد يكون المصدر الوحيد لقوت الكثير منهم .. وكذلك بعض الحيوانات التي يربونها في بيوتهم .. وبعض مشتقاتها من جبن وزبدة ولبن .. في هذا السوق تجد كل ما تحتاجه وترغبه .. بالإضافة إلى المحلات المنتشرة على جانبي السوق .. تعج بالناس الذين حضروا لشراء حوائجهم .. وفي وسط هذا الزحام كان الأربعة يسيرون .. كل منهم يبحث عما أوصته والدته بشرائه .. من زيت وزيتون تزخر به هذه المدينة .. وهو الأشهر والأشهى والأفضل في بلدهم .. وصابون الغار الذي لا يخلوا منه أي بيت سوري .. والزعتر الحلبي هو مطلب كل زائر لحلب أو قراها .. ليتوقف جان فجأة متسمراً في مكانه .. وقد تعالت ضربات قلبه حتى كادت تطغى على ضجيج الباعة من حوله لشدتها .. ارتعاشة مبهمة دبت في جسده .. حين لاح لعينيه طيفاً أسوداً واقفاً على بعد بضعة أمتاراً فقط من مكان وقوفه .. جعله يكبت اندفاعاً يطالبه به فؤاده .. ويثنيه عنه تعقله .. ظل يحملق في تلك الهيئة .. يحاول أن يفسر ما اعتراه من تخبط مشاعره .. خاطبه داغر الذي عاد إليه عندما لاحظ تلكؤه عن اللحاق بهم : " لماذا توقفت فجأة ولم تلحق بنا ..؟ " التفت إليه جان بوجه يشع أملاً وغبطة .. وقد رفع كفه يتلمس السوار الذي ما برح يحمله في جيب قميصه عند موضع قلبه منذ أن عثر عليه .. وأجابه بحماس وحشرجة : " أظنني وجدت غايتي يا صديقي " " أصدقاً ما تقوله ..!؟ " " أقسم لك .. انظر إنها هناك ..! " قالها بحماس .. والتفت يشير بعينيه إلى مكان محدد .. لكن سرعان ما خبا حماسه وسكنت الخيبة عينيه.. ثم أخذ يتلفت حوله كالمجنون يبحث عن ذلك الطيف .. والصدمة تعلو وجهه .. ويقسم بأغلظ الأيمان أنه رآها : " أقسم لك يا داغر أنها كانت هناك .. لقد رأيتها أقسم لك " أمسكه داغر من مرفقيه يوقفه عما يفعله .. وقد لفت الأنظار المتعجبة إليهم : " اهدأ يا جان وتمالك نفسك .. فالناس بدأوا ينظرون لنا مستغربين " نفض جان مرفقيه من قبضة صاحبه .. وصاح بجنون : " لا اهتم لأحد منهم .. فلينظروا ما شاءوا .. وليستغربوا كيفما أرادوا .. لا اهتم " قالها وهرع مسرعاً إلى حيث كانت تقف .. ليلحق به داغر والباقيين غير راضيين عما آل إليه حال صاحبهم .. وجدوه واقف أمام محل للأقمشة .. يتلفت حوله بجنون وكأن مس أصابه .. فبادرهم ما أن أصبحوا بمحاذاته قائلاً بخبال : " صدقوني لست أهذي .. قد لمحتها واقفة ها هنا .. ولكنها اختفت فجأة عندما كنت أحدث داغر .. إن هي إلا ثوان واختفت .. أكاد أجن " سأله حيدر بتشكيك : " ولم أنت على يقين أنها هي ..!؟ قد تكون أية فتاة سواها ..؟ " " لن أعيد قولي وأكرر عليكم من أين أتيت بهذا اليقين .. بل سأكتفي فقط أن أؤكد لكم أنها هي وليست أخرى سواها " قالها بحسم .. جعلهم يبتلعون أي كلام أرادوا قوله .. تركهم خلفه ومضى يمشي بخطوات متثاقلة في وضع أثار شفقة أصحابه الذين لحقوا به وقد ملأ الأسى قلوبهم على حال صاحبهم الذي كان يفيض حيوية ونشاط .. لينقلب إلى النقيض في لحظات .. وبات كتلة من البؤس التخاذل والإحباط .. يعيش شتاتاً وضياعاً .. كلاجئ يبحث عن هوية لروحه .. وموطن لقلبه .. بعد قليل توقفت خطوات جان أمام محل للصاغة وهو يمسك السوار بين يديه .. وفكرة متهورة لمعت في رأسه .. لكن قبل أن يحاول دخول المحل وينفذ فكرته .. أمسك حيدر بمرفقه متسائلاً : " ماذا ستفعل ..؟ " " سأسأل الصائغ إن كان يعرف شيء عن هذا السوار ..؟ " أجابه جان وعيناه تومضان بأمل .. لتجحظ عينا حيدر وغمغم بغير تصديق : " هل جننت ..!؟ وماذا ستخبره إن سألك لمن هو ..؟ وأين وجدته ..؟ " أطرق جان برأسه يقلب الأمر في عقله .. فكلام حيدر صحيح .. لكن لم يخطر على باله أن الصائغ قد يفكر بهذا الشكل .. رفع رأسه وقد تغضنت ملامحه بألم : " كل ما فكرت به أن الصائغ قد يعلم شيء عنه .. ولم أفكر بالطريقة الأنسب لعرض ذلك عليه " " قد يكون ما فكرت به صحيح .. ولكن يجب أن نفكر بالطريقة المثلى كي نسأله وإلا أثرت شكوكه .. وقد يظن بك السوء " " أشر عليّ إذاً .. عقلي سينفجر من كثرة التفكير " أطرق حيدر مفكراً بطريقة يعرضون فيها السوار على الصائغ .. فقد يكون عنده الدواء لسقم صديقه .. كأن يعرف عن صاحبته شيئاً .. " لما لا تجعل أختك من تعرضه على الصائغ .. وسنفكر بحجة ما حتى وقتها " اقترحها مهيار " مهيار يا أبا الأفكار .. إنها وربي لفكرة صائبة " قالها جان وهو يحثهم على المشي عائدين للبيت .. ************ قبل نصف ساعة بينما كانت جين تنتظر أخاها وزوجته أمام محل الأقمشة .. وقد رفضت بعناد الدخول معهم .. لفت نظرها ذاك الشاب الذي يقف ليس ببعيد عنها ينظر إليها باستغراب .. ومشاعر أخرى لم تتبينها .. فاستدارت توليه ظهرها .. وقد أحست برجفة ضربت جسدها كله .. وضربات قلبها ازدادت وتيرتهم .. فهربت تلج إلى حيث أخيها وزوجته .. كي تطلب منهما العودة إلى المنزل .. فقد شعرت بأنها ليست بخير .. لكنها ما أن خطت داخل المحل .. حتى استرعت حالتها نظرات أڤين .. وانتبهت لارتجاف جسدها .. فاقتربت منها وجلة .. وأمسكت بمرفقها تسألها بقلق : " ما بك جين ..؟ لماذا ترتجفين هكذا .. ؟ هل أنت محمومة ..؟ " التفت إليهما فرهاد عندما تناهى له سؤال زوجته لأخته .. ليصعق وهو يرى الحالة التي هي عليها .. وكأن صاعقة ضربتها فأحالتها إلى خراب .. دنا منها ليسألها لكنها لم تنتظر سؤاله حتى سارعت تترجاه بصوت خرج مهزوزاً كاهتزازها: " أخي أرجوك لنعد إلى البيت الآن " اقترب فرهاد منها يحتضنها .. ليستشعر ارتعاشها وارتفاع حرارتها .. فحملها وتوجه إلى السيارة مسرعاً من فوره .. أجلسها في المقعد الخلفي وطلب من زوجته أن تجلس معها كي تهدئها .. ثم جلس بدوره خلف مقود السيارة وانطلق بها بأقصى سرعة لها .. وإن هي إلا دقائق حتى وصلوا البيت .. أوقف السيارة وتوجه إلى أخته الغائبة عن الوعي بفعل الحمى التي لا يدري سببها .. حملها بين ذراعيه وتوجه بها إلى حيث غرفتها وهناك وضعها على سريرها بحرص .. ثم اتصل بطبيب عائلتهم الذي حضر من فوره .. وقد أشعره صراخ فرهاد للمرة الأولى بخطورة الأمر .. واقف خلف الطبيب باضطراب ونفاذ صبر .. وقد تغضن جبينه بألم لحال أخته التي ترتجف بشدة من أثر الحمى التي ألمت بها .. سأل الطبيب بلهفة ووجل ما أن أنهى فحصها: " طمئني يا دكتور ما بها أختي ..؟ ما علتها أخبرني بالله عليك ..؟ " ناظره الطبيب بحيرة .. فلا شيء واضح وجلي بدا له من خلال فحصه لها : " سأصدقك القول .. لم ألاحظ من خلال فحصي لها أي شيء يدل على وجود التهاب ظاهر في جسدها يجعلها تعاني من هذه الحمى الشديدة " " ماذا تقصد ..؟ ما سبب هذه الحمى إذاً ..؟ " سأله فرهاد بوجل .. أجابه الطبيب بحيرة : " لا شيء واضح بصراحة .. ! قد يكون أمر عرضي .. ! وقد يكون لعلة داخلية غير واضحة ولا تظهر من خلال الفحص البسيط هذا .. ولولا أن السماء ملبدة بالغيوم التي وارت وهج الشمس وأشعتها خلفها .. لقلت أنها قد تعرضت لضربة شمس قوية .. سأصدقك القول وأقول أن الأمر مبهم لي بعض الشيء .. ولم أستطع تحديد علتها .. لذا كتبت لها في هذه الورقة بعض التحاليل والأشعة .. لتجريهم غداً صباحاً .. عندها قد نعرف سبب هذه الحمى إن شاء الله " تناول فرهاد الورقة من الطبيب .. وهو يتطلع بأخته وقلبه ينتفض خوفاً عليها .. طمأنه الطبيب : " لا داعي لخوفك .. لقد حقنتها بحقنة خافضة للحرارة .. وسرعان ما تعود إلى انخفاضها وستجعلها تنام حتى المساء .. وستكون حينها بحال أفضل إن شاء الله .. أما إن ظلت حرارتها مرتفعة هكذا .. عندها يفضل أن تجلبها للمستشفى فوراً " زاد كلام الطبيب من خوف فرهاد ووجله بدل أن يطمئنه .. واعترض قائلاً بإصرار: "ولم الانتظار ..؟ سأنقلها حالاً إلى المستشفى ..؟ " " لا داعي لذلك ستكون بخير كما أخبرتك " قالها واستأذن منهم مغادراً .. عاد فرهاد ليجلس بجانب أخته الغائبة في ملكوت آخر .. والقلق يسطر خطوطه العريضة على ملامحه .. يكاد يفقد عقله خوفاً عليها .. أخته الوحيدة .. أمانة والديه .. ابنة قلبه .. حياته التي يحيا .. طريحة الفراش والحمى تكاد تذيبها من شدتها .. وهو يقف مكبلاً لا يستطيع مساعدتها ولا دفع المرض عنها .. لا يملك من أمره شيئاً سوى الانتظار المميت والقاتل لأعصابه .. أتى المغرب وهو على حاله .. وأخته على حالها .. كل عدة دقائق يضع يده على جبينها يتحسسه ويمسح عرقه بخرقة مبللة .. رافضاً كل محاولات أڤين كي تأخذ مكانه لتجعله يرتاح قليلاً .. لكنه في النهاية أشفق عليها هي الأخرى .. وشعر بالذنب لأجلها .. فلم يكفيها خوفها وقلقها على جين .. ليأتي هو ويزيدها قلقاً عليه .. انصاع مرغماً لإلحاحها تاركاً جانب أخته.. لكنه لم يبتعد كثيراً عن محيطها بل تمدد على الأريكة المقابلة للسرير .. وذلك بعد أن اطمأن أن حرارة جسدها عادت إلى معدلاتها الطبيعية .. بعد برهة قليلة انتفض من مكانه .. حين سمع همهمة خافتة خرجت من بين شفتيها .. ليسرع إليها حيث ترقد .. مردداً بلهفة : " جين حبيبتي هل استيقظت ..؟ " رفرفت جين ترمش بأهدابها بثقل .. تفتح عينيها المثقلتين ببطء .. فتلمح أخاها جاثماً فوق رأسها يطالعها باضطراب .. وحدقتيه تدوران حول وجهها بشغف .. حاولت جين رفع جسدها لتجلس لكنها لم تستطع .. فأسندها فرهاد وأقعدها مسنداً ظهرها إلى السرير خلفها قائلاً بحنان : " رويدك حبيبتي ..لا تجهدي نفسك " أرادت جين أن ترد عليه لكن الكلمات خنقتها .. وقد شعرت وكأن حلقها جفت ماؤه حتى تشققت حبالها الصوتية .. ابتلعت ريقها بصعوبة تبلله لتنطق بثقل : " ماء " هرع ممسكاً الكأس الموضوعة على الطاولة جانب السرير .. ورفعه إلى فمها لترتشف بضعة قطرات منه أجلت بها حلقها .. وابتعدت تسند رأسها إلى الوراء بوهن .. أعاد فرهاد الكأس إلى مكانها والتفت إلى أخته .. يمسك كفها بإحدى يديه والأخرى يضعها على جبينها يتأكد من حرارتها .. فيزفر أنفاسه براحة عندما أحسها في الحدود الطبيعية .. " حبيبتي كيف حالك الآن ..؟ " نظرت إليه جين بحيرة ..! فهي لا تدري عما يسألها ولما .. ! تشعر وكأنها كانت في عالم آخر غير هذا العالم .. التفت تجول بعينيها حولها .. إنها غرفتها وسريرها هذا الذي ترقد عليه .. لكن كيف وصلت إلى هنا ..؟ كل ما تدركه وتذكره أنها كانت واقفة أمام محل الأقمشة تنتظر أخاها وزوجته .. أما ما حصل بعدها فهو مبهم وضبابي لذهنها .. " ما الذي جرى أخي ..!؟ كيف وصلتُ إلى هنا ..؟ " كلامها أوجع قلبه وزاد من قلقه .. فما كان منه إلا أن سرد عليها ما جرى بالتفصيل وأنهى قوله : " ولم تذهب الحمى عنك إلا منذ بعض الوقت .. لقد أخفتني عليك بحق " عندها ضرب الادراك عقلها وانقشعت تلك الضبابية عنه .. وعاد لذهنها ما حاولت إقصاؤه في أقصى دهاليزه .. وعاد معه جسدها للانتفاض وتسارعت أنفاسها وقد تذكرت تحديق ذاك الشاب بها .. كما وتذكرت الشعور الذي طغى عليها واستملك كل حواسها .. حضنها فرهاد عندما لاحظ حالتها تلك وقال متوجساً : " أختي بالله عليك ما بك ..! أخبريني ولا تزيدي هلعي فقلبي يكاد ينفطر من الخوف .. هل أنت مريضة ..؟ هل تشكين من علة ما وتخفين ذلك عني ..؟ " استدركت جين نفسها .. وقد أحزنها أن تسبب لأخيها كل هذا الهلع .. فحاولت تمالك نفسها قدر الإمكان .. ورفعت رأسها تنظر لأخيها راسمة ابتسامة مطمئنة على شفتيها وقالت معتذرة : " اطمئن أخي ولا تخف .. ليس بي أية علة أو مرض .. كان مجرد ارهاق وتعب .. واعتذر منك لما سببته لك من قلق وخوف " بادلها ابتسامتها المقتضبة ومسح على شعرها بحنو : " عما تعتذرين يا صغيرتي ..؟ لو كان الأمر بيدي لاغتلت كل مرض قبل أن يمسك .. وأبدلت حزنك فرحاً .. وجعلت كل أيامك سعادة وهناء " اندست جين في حضن أخيها قائلة : " لا حرمني الله منك يا أخي وأدامك في حياتي " شدد فرهاد من احتضانها يربت على ظهرها بحنان .. عندما دخلت أڤين إلى الغرفة في نفس الوقت .. ليتهلل وجهها لمرآهما على هذا الشكل يبدو أن جين قد ذهبت عنها الحمى واستفاقت من إغمائها .. اقتربت منهما تقول ممازحة بأسى مصطنع : " عار عليكما وربي .. تتركانني أتقلب على جمر من القلق ..! وأنتما هنا تحتضنان بعضكما من غيري ..! " انطلقت ضحكة فرهاد وهو يفلت جين التي التفتت إليها قائلة بمكر باهت : " وجدتها فرصة في غيابك .. فانتهزتها على أكمل وجه " ضحكت أڤين وردت عليها بتهكم : " لا تفرحي بها .. لأنني لن ادع لك أي فرص أخرى " ثم استطردت قائلة بحنو: " حمداً على سلامتك .. هل أصبحت بخير ..؟ " أخفضت جين رأسها تومئ بإيجاب .. تهرب بعينيها عن نظرات أفين النافذتين .. خشية أن تكتشف من خلالهما ما تخفيه من جنون أفكارها المتضاربة .. فهي بالنسبة لأفين كالكتاب المفتوح تستطيع قراءة دواخلها بكل سهولة .. انتبهت أفين لتهربها ذاك وتوجست خيفة من ذلك .. ولكنها تغاضت عن ذلك مؤقتاً.. وقالت بمرح زائف : " سأذهب لأعد العشاء .. فأنا أكاد أتضور جوعاً .. الحقا بي إن أردتما .. لكن دون تأخير أو حجج واهية " موجهة كلماتها الأخيرة إلى جين .. خرجت ليلحقا بها بعد برهة .. ********* أنهت جين عشاءها .. ودلفت إلى غرفتها بعد أن رفضت أڤين مساعدتها لها .. وطلبت منها أن تستريح .. جلست إلى نافذة غرفتها المطلة على حديقة المنزل .. ومن خلف أسوارها الشاهقة .. تراءت لها أضواء بيوت البلدة الخافتة والباهتة .. على عكس النجوم التي تشع وتتلألأ على صفحة السماء فوقها .. رفعت رأسها تناظر تلك النجوم المتناثرة كحبات الذهب الأصفر وسط هذا الظلام المهيمن حولها .. وقد استأثرت في هذا الوقت من الشهر .. بالنور وحدها مستغلة سفر القمر إلى الجهة الأخرى من الأرض .. وفي ظل غياب أضواء المدينة التي سلبتها وجودها في سمائها.. لطالما عشقت النظر إليها والحديث معها .. لطالما أخبرتها عن أحلامها وأمانيها .. ولطالما سخرت من نفسها .. وهي تبحث بينها .. عن وجوه قد تعرفها .. أو تتعرف عليها .. كما كانت بعض الأساطير تقول سابقاً .. فقديماً كانوا يتخيلون أن السماء مجموعات من النجوم وكل مجموعة تمثل صورة شخص ما .. ولكنها اليوم تنظر إلى النجوم برجاء .. تسألها أن تريها صورة ذلك الشخص الغامض الذي أثار حيرتها وارتباكها .. بل صورتان لا واحدة .. إحداهما لفتاة تجهل شكلها وصورتها .. والأخرى لشاب باهت الملامح مبهم .. ولكن كلاهما كانا لهما نفس التأثير عليها .. فكلاهما أضرما ناراً في جوفها لا تنطفئ .. نار من الحيرة والارتباك حتى بدأت تشك في نفسها .. تنهدت تزفر أنفاسها الحارة .. وقامت لتغلق النافذة وتغلق معها أفكارها التي ستطيح بعقلها لا محالة .. لم تكن جين وحدها من كانت تناظر النجوم .. فهناك على الطرف الآخر .. كان شاغل أفكارها يقعد في مكانه المعتاد يناظرهم ويحدثهم بدوره .. يضم بين أحضانه آلته شريكته رفيقة عمره .. أصابعه تشكو لأوتارها لوعته وبؤس حاله .. فتؤازره ألحانها البؤس واللوعة .. مجبرة إياه على الترنم بشجن يوجع القلب : عينيك وآه من عينيك لقد أذابتني عينيك تلك وأوقعتني صريعاً على باب العشق أدخلتني إلى دروب حبك دموعك التي تنهمر من عينيك لتسقط على قلبك فتصيب قلبي بمئات الآهات أفلا نهاية لأسقامك التي تصيبينني بها لقد عشقت عينيك تلك ومعهم مبسمك .. وثغرك .. وشفتيك للشوق ولدرب حبك عينيك وآه من عينيك أنهى غناؤه الحزين .. وهو يمنع بقوة .. دمعة تكاد تفر من مثيلاتها التي تجمعت في محجريه الحمراوين بدموعه .. يشكو بلوعة سهده وأرقه الذي يمنعانه النوم .. مفتقداً أصحابه الذين هجعوا إلى النوم أخيراً .. وقد أتعبهم بهمومه وأحزانه : " نامت عين الصحاب وعيني عن طيفك الفتاك لم تنم فقلت يا عين هل من رقاد فألمحها في الحلم ضحكت مني عيني وقالت والقلب لقولها ناصر: وهل كانت يا مسكين إلا حلم وكيف تكون حلماً يا قلب وقد سكنت في الأحداق بين المحجر والهدب " ولم يدري أن أصدقاؤه واقفون خلفه يراقبونه .. يمنعون بدورهم دموعهم .. وقد أرق نومهم شجي صاحبهم وحزنه .. في الصباح التالي صرخ جان بوجه أخته بنفاذ صبر : " ما الغير معقول في حديثي ولم تفهميه..؟ " " كل حديثك غير مفهوم ولا يقبله أي عاقل ..! كيف تطلب مني أن أذهب إلى الصائغ .. وأسأله أن يصنع لي سواراً مثل هذا ..؟ " قالتها نوشين معترضة .. ليرد عليها جان بنزق : " وما الغريب في هذا ..؟ " " وتتساءل أيضاً ..! ؟ ماذا لو أن الصائغ كان يعرف صاحبة السوار الحقيقة ..؟ ماذا سأفعل حينها .. ؟ والأدهى من ذلك أن يكون على علم بضياعه من صاحبته ..؟ كيف سأبرر وجوده بحوزتي ..؟ " أطرق جان برأسه مفكراً .. فكلام أخته صحيح .. وقد يضعها في مأزق لم يكن في الحسبان .. رفع رأسه ينظر إلى أخته بحيرة .. وعيناه تناشدانها الحل .. " اسمع .. دع الأمر لي .. وأنا سأبحث بطريقتي عن صاحبة هذا السوار التي أطاحت بعقلك " " بل أطاحت بكلي وربي .. وما عدت بقادر على لملمة شتات نفسي .. وما عاد بي حتى جلادة على ذلك " انفطر قلب نوشين على حال أخيها فاقتربت منه تواسيه : " أخي لا تفعل هذا بنفسك أرجوك .. فمثلك لا يليق به هذا .. عهد عليَّ لن يهنأ لي بال حتى أجد هذه الفتاة أو أي أمر يخصها .. فقط اهدأ وأرح بالك " هز جان رأسه موافقاً بغير رضى .. ولكن لا حيلة بيده إلا أن يتمسك بذلك الأمل الواهن .. وانطلق عائداً إلى بيته .. حيث ترك أصدقاؤه يتحضرون للسفر دونه .. بعد أن يأسوا من إقناعه بالسفر معهم .. متحججين بأشغالهم التي تركوها خلفهم .. بالإضافة إلى دراستهم .. معتقدين أنه لا يعرف السبب الرئيس لمغادرتهم .. فهو يعرف أن أصدقاؤه ما كانوا ليتركوه وحده أبداً في أمر مصيري كالذي يمر به .. ولكنه يستشعر حرجهم الذي يشعرون به .. وقد طال مكوثهم في بيته .. لكان سيفعل مثلهم إن وضع في نفس الموقف .. بادره حيدر أول ما دخل عليهم : " أما زلت على رأيك ولن تسافر معنا..؟ " ليهز رأسه ينفي قائلاً : " بلى .. لن أبرح القرية حتى أجدها " ليعترض داغر قائلاً ببعض خيبة الأمل .. وهو يرى صديقه في طريقه لإضاعة مستقبله بيديه : " لكن ماذا عن أطروحة الماجستير خاصتك ..؟ لم يعد هناك وقت حتى تناقشها " " لم يعد أي شيء يهمني بعد " خيم الوجوم على وجوههم .. وأمسكوا عليهم ألسنتهم فما عاد يفيد قول أي شيء .. أوصلهم بعدها إلى موقف الحافلات وقفل عائداً إلى البيت .. ************ في المساء جالس بشرود على مقعد في الحاكورة .. يتأمل الأشجار التي تفتحت براعمها وازدانت أغصانها بالزهور البيضاء .. كعروس تزينت بأبهى حلة في ليلة زفافها .. ابتسامة منتشية داعبت فمه .. والتمعت الإثارة في عينيه وهو يتخيل محبوبته في ثوب الزفاف .. ( محبوبته ..؟) أجفل من المسرى الذي جنحت إليه أفكاره .. متى وكيف أصبحت محبوبته ..؟ وهو الذي لم يلمح منها إلا طيف وجه .. مبهم الملامح والمعالم .. ! ولكنه فعل به الأفاعيل .. وقلب حياته إلى جحيم مستعر .. نيرانه تأكل جوى قلبه بشراهة .. وتأجج فيه ناراً لا تنطفئ .. رباه .. كيف وقع أسير لحظها الفتاك في لحظة ..؟ ترى هل هذا ما يدعونه بالحب من أول نظرة ..؟ كم كان يسخر من هذه المقولة ويكذبها ..؟ كيف إذاً به وقد وقع في العشق من لمحة فقط ..؟ تنهد يزفر أنفاسه الملتهبة بنيران جوفه .. للمرة الثانية تتنازل أمه عن نومها المبكر .. كيف لا وهي المستعدة للتخلي عن روحها فداء لعيني وحيدها .. ؟ حاله يؤلمها ويوجع قلبها .. لكنها الليلة أزحت قلبها جانباً .. ورسمت على وجهها قساوة كانت غريبة على ملامحها .. خاصة إذا ما تعلق الأمر بأولادها .. لكنها تحتاج للحسم لتوقظ ولدها من غفوته وتيهه ذاك .. عطر أمومتها سبقها يلفه بنسائم حنانها .. فالتفت ينظر إليها وهي تدنو منه بحنان .. وشيء من الضيق يغلف حدقتيها .. جلست بجانبه وقالت : " ما بك يا ولدي ..؟ أقلقت قلبي عليك .. منذ العيد وحالك لا يعجبني .. ثم أنك لأول مرة تترك أصدقاؤك يسافرون وحدهم دون أن ترافقهم كالعادة ..! أخبر أمك عما قلب حالك وشغل بالك ..؟ " " لا يوجد شيء لتقلقي لأجله أماه ..أردت المكوث معكم وقتاً أكبر ليس إلا " أجابها جان بمواربة لم تقنع أمه .. لكنها تغاضت عن ذلك .. فهي ما أتت له إلا لتفاتحه بالأمر الذي يتهرب منه .. وقد عزمت أن تجعله يرضخ لما تنتويه : " إذاً بني ماذا فعلت بالأمر الذي تحدثنا به سابقاً..؟ " ادعى عدم الفهم وأجابها باستغراب : " أي أمر أمي ..!؟ " استشاطت أمه غيظاً من ادعائه الجهل بما تقصد .. وقالت باستياء وحسم : " لا تدعي الغباء يا جان .. فأنت تعلم ما اقصد جيداً .. ومع ذلك سأعيدها عليك .. لقد وعدتني بأنك ستختار عروس لك حين تحضر .. أو ستدعني اختارها أنا لك .. وها أنت منذ أن حضرت لم تحرك ساكناً .. وقد استنفذت كل حججك عندي .. لذا اسمع جيداً ما قررته .. فلن أعيد كلامي مرة أخرى .. أريد قرارك الآن حالاً دون تلكؤ .. إما أن تقول لي أمي اخطبي لي فلانة .. وإلا سأخطب من أجدها مناسبة لك بنفسي " ضغط على نواجذه يواري غيظه .. فهو يعرف أن أمه ما أنطقت بتلك الكلمات فهذا يعني أن الأمر بات محسوماً عندها ولن تتراجع عن قرارها هذا مهما فعل .. عقله لا يسعفه بأية حجة وقد نفذت كل حججه عند أمه .. فأجابها بمهادنة : " أُقسمُ لك أماه أنني سآتيك بعد وقت قصير جداً .. وأطلب منك أن تخطبي لي من تختارينها بنفسك .. فقط اصبري علي هذه الأيام .. ولن يكون إلا ما يرضيك " لم يكد ينهي كلماته .. حتى تهلل وجهها بالفرح .. ورفعت كفيها تحتضن وجهه قائلة بغبطة ملأت قلبها : " هل تقول الصدق حقاً ..؟ لهف قلبي كم انتظرت هذا اليوم .. وسأخطب لك أجمل وأحلى البنات من تليق بولدي ويليق بها .. احلف لي بأنك تقول الصدق " ابتسم جان للهفة أمه الطيبة وقد خلعت قناع القسوة عنه .. وأمسك كلتا كفيها يقبلهما بتتابع .. وأجابها بحزن واره بصعوبة : " سبق وأقسمت لك أماه ..! ولكن ما ضرني إن أعدته عليك كي يرتاح قلبك .. أقسم بأني أقول الصدق " قالها وقد أحس بانقباض قلبه خوفاً من أن يضطر إلى أن يبر بقسمه هذا لأمه قبل أن يجدها .. *********** صاحت نوشين متأففة وهي تحدث أخاها على الهاتف: " ماذا تريدني أن أفعل أكثر من ذلك يا أخي ..؟ بعد أن رفضت أن تعطيني السوار لأبحث عن صاحبته بنفسي .. وقد سألت من أعرفهم إن كانوا يعرفون من تملك سوار يحمل نفس صفاته أم لا .. لكن لا أحد عرف عنه شيء .. " تنهيدة حارة خرجت من بين شفتيه .. وهو يتلمس السوار الذي ما فارق جوار قلبه منذ أن وضعه هناك في جيبه .. كيف تطلب منه تسليمه لها .. وقد تستسلم خفقاته للموت إن فارقته .. ! غمغم بصوت مكتوم .. وأخذ نفساً طويلاً .. وأجابها بحشرجة : " لقد تحدثنا في هذا الأمر مراراً نوشين .. وأخبرتك أنني لن أعطيك إياه .. فاكتفي بما حفظته من تفاصيله عندما أريتك إياه " نفست بنزق قائلة : " علمت .. والله قد علمت .. ولم ادخر جهداً في بحثي .. ولا أطلب منك إلا التحلي بالقليل من الصبر أرجوك .. والآن سأقفل لأنني تأخرت على صديقتي أڤين " " ومن هي هذه الأڤين ..؟ فهذه أول مرة اسمعك تتحدثين عنها ..! " " صديقة لي تعرفت عليها منذ أمد قريب .. هي زوجة السيد فرهاد الآغا .. مؤكد أنك سمعت عنه " " بلى سمعت عنه الكثير .. أبي دائماً ما يذكره ويثني على طيب خلقه وعراقة أصله .. وسمعته التي أسمعت البلاد من مشرقها لمغربها " " أجل والله .. وزوجته لا تقل عنه بشيء من كل ما ذكرته " " حسناً إذاً رافقتك السلامة .. ولا تنسني في خضم لقاءاتك التي لا تنتهي مع صديقاتك " قالها ساخراً وأنهى اتصاله فوراً دون أن يتيح لها الرد .. فهو يعرف أخته ولن تسكت له أبداً .. بل ستصب دفاعها المستميت عن صديقاتها في جوف أذنه حتى تصيبه بالصمم .. ****** استقبلتها أڤين مرحبة بها ببشاشة وحبور: " مرحباً بك .. تفضلي .. أخيراً تكرمت وتنازلت وقبلت دعوتي لك أيتها الماكرة " ضحكت نوشين وهي تخطو معها إلى غرفة الاستقبال الواسعة .. وقالت مجادلة : " أما أنا فكنت مشغولة جداً .. فماذا عنك أنت من تحججت ورفضت دعوتي لها بدورها مراراً ..؟ " " تفضلي بالجلوس ودعي الجدال جانباً .. فأنا الأخرى مررت بأزمة عصيبة .. وسأخبرك لاحقاً عما أخرني عن تلبية دعوتك .. فالمهم أنك هنا وأننا التقينا أخيراً .. لو تعلمين كم أنا سعيدة جداً بحضورك .. وكم أنني محظوظة بالتعرف عليك " مر بعض الوقت والصديقتان تتذكران كيف تعرفتا على بعضهما في إحدى حفلات الأعراس قبل عدة شهور .. ونمت بينهم علاقة متينة وظلوا يتواصلون عبر الهاتف حتى لبت نوشين دعوة أڤين أخيراً .. " والآن أخبريني ما حصل معك ..؟ لقد أقلقتني بحق " في ذلك الوقت دخلت جين إلى حيث تجلسان .. بهالتها المشرقة وهيئتها الأنيقة .. ليتهلل وجه أفين حين رأتها وقد رضخت أخيراً لإلحاحها وخرجت من عزلتها لتشاركهما جلستهما .. فبادرتها مبتسمة : " تفضلي حبيبتي هذه صديقتي نوشين التي حدثتك عنها – ثم التفتت إلى نوشين التي جحظت عيناها تقول – هذه جين أخت زوجي " ظلت نوشين جاحظة العينين .. تحدق باندهاش في الفتاة الواقفة أمامها .. وقد ألجمها جمالها وفتنتها وأخرس لسانها للحظات .. ولكنها سرعان ما استدركت نفسها .. ومدت كفها إلى كف الجين المرفوعة لتسلم عليها ببهجة مبالغة .. ثم التفتت إلى أفين تعاتبها : " لم تخبريني بأن لزوجك أخت بهذا الجمال والبهاء ..!؟ أين كنت تخفين هذه الدرة عنا ..؟" تخضب وجه جين بحمرة الخجل والغيظ معاً من كلامها .. فهي لا تستسيغ أن يثني عليها أحد في حضورها .. هذا يشعرها بالارتباك والتردد .. خاصة وأنها ما زالت تعاني ارتباك مشاعرها وأفكارها .. مما جعلها تستأذن منهما .. ثم ولت هاربة إلى غرفتها .. نادمة على انصياعها لطلب أڤين للجلوس معهما .. شعور بالخزي سيطر على أڤين والتفتت إلى نوشين معتذرة : " آسفة نوشين .. أرجو أن تعذريها .. فهي خجولة بطبعها .. كما وأنها لم تكد تتعافى جيداً من مرضها " " لا تتأسفي أڤين .. بل أنا من يجب عليها ذلك .. فقد أخجلتها واربكتها بتحديقي الفج بها .. وكأنني لم أرى فتاة جميلة في حياتي – ثم استطردت تسألها – ولكن مما كانت تشكو ..؟ " سألتها نوشين بفضول .. " هذا ما كنت سأخبرك به قبل أن تدخل جين " قالتها ثم أخذت تسرد عليها كل ما حصل مع جين .. لمعت عينا نوشين بظفر .. وقد عثرت أخيراً على غاية أخيها ومنيته .. و أدركت سر ما يعانيه ..! إن كانت هي قد وقعت تحت سحر جمال جين .. فكيف به هو ..! ************* ما أن خرجت من بيت أڤين حتى اتصلت بأخيها وقد اضمرت في سرها أمراً .. بادرته ما أن فتح هاتفه قالت مترددة بحزن مفتعل : " لقد وجدتها يا أخي .. ولكن ..! " انحبست أنفاسه بعد استدراكها ذاك .. وتوقف الدم في عروقه وأوقف معه نبضات قلبه التي كانت تجن منذ لحظات فقط .. وأوجس خيفة مما ستقوله .. يمنع إبهام يمينه أن ينهي الاتصال قبل أن ينتهي هو .. وغصة مسننة استحكمت حلقه وسألها بانكسار متلجلجاً الكلمة : " لـ .. لكن.!؟ " أوجعها الانكسار الذي بدى لها في صوت أخيها.. وكادت أن تتراجع عما نوت عليه .. لكنها سرعان ما طردت ذاك الشعور وقالت بمكر: " يؤلمني أن أخبرك بأنها زوجة لأحدهم .. وأم لطفلين و " لم ينتظر ليسمع تتمة حديثها منهياً الاتصال حين قذف الهاتف بالحائط ليتهشم إلى أشلاء كتهشمه تماماً .. ثم تهاوى على الكرسي خلفه باحتضار .. كل ما فيه شعره يتهاوى إلى قعر بئر سحيق من الخذلان .. هل هذا صوت تهشم قلبه ..؟ أم هي انكسار روحه تلك التي تفتت إلى أشلاء ..؟ و قد تكون أحلامه التي استحالت هباء منثورا ..؟ وكانت لقمة سائغة لرياح أمانيه الهوجاء فابتلعتها بكل غدر وإجحاف .. جلس مرتكزاً بمرفقيه إلى ركبتيه .. يضم رأسه بين كفيه ويضغط عليه بشدة .. عله يوقف الأفكار التي تعصف بتلابيب عقله حتى تكاد تفجره .. هل خدعه قلبه الذي لم يفعلها من قبل وصور له قصة حب خرافية ..؟ لا بل روحه التي أوهمته بأنها عثرت على توأمها .. وأن الروح للروح قد أوت واستكانت .. يكاد يجن .. لقد كان على يقين بأنها هي من كان ينتظرها طوال عمره .. فكيف تحول يقينه إلى وهم قاتل .. أنزل يده لجيب قميصه وأخرج منه قطعة الأمل .. وأخذ يتأمله بشجن أوجع قلبه .. وقذفه هو الآخر أرضاً ليقطع آخر خيط كان يتشبث به بكل ضراوة .. واستقام واقفاً وقد اتخذ قراراً لن يتراجع عنه أبداً .. لكنه ما كاد يخطو خطوة واحدة .. حتى أعادها .. وانحنى يلتقط السوار بأصابعه نافضاً التراب الذي علق بحلقاته .. لن يرميه بل سيحمله معه ليذكره بخيبته .. وبخيانة نبضات قلبه وتضليلها لروحه .. ذات الوقت كانت أڤين تعاتب جين على ما حصل منها في حضور صديقتها نوشين : " أخطأت بحق نفسك قبل أن تخطئي بحقي وحق ضيفتي جين .. ما الذي جرى لتولي هاربة بذاك الشكل المخجل ..؟ " استاءت جين لتقريع زوجة أخيها .. وبدا ذلك في كلماتها: " لم أكن أنوي الجلوس معكن .. وما كنت أرغب بذلك .. أنت من أصرت علي .. ثم أن صديقتك تلك السبب .. ألم تري بنفسك كيف أخذت تحدق بي ..! لقد أشعرتني بالخجل والاستياء معاً " " هي لم تقصد ذلك .. ولكنها فوجئت بك .. واستغربت وجودك ليس إلا .. لأنني لم أخبرها عنك سابقاً " بررت أفين مدافعة عن صديقتها ثم دنت منها قائلة بحنو: " جين لن تظلي تهربين هكذا من كل من يمدح حسنك وجمالك .. كيف إذاً سنزوجك يا فتاة ..؟ " نخزة أصابت قلبها .. وتسارعت ضرباته تضرب صدرها بقوة .. لا تعرف لماذا أرجف هذا الأمر قلبها الآن ..؟ هي لا ترفض الزواج .. بل كانت متحمسة له .. وكانت تأخذ وقتها في التفكير في كل من أتاها خاطباً .. ولكن في هذه اللحظة شعرت بأن الدماء تجمدت في شرايينها وجفت عروقها .. فأشاحت بوجهها كي لا يظهر ذلك على وجهها .. لكن أڤين لاحظته .. ورأت اهتزاز حدقتيها وارتباكهما : " انظري إلي جين .. ولا تشيحي بعينيك عني .. فلن تستطيعي إخفاء ما تعانينه من تخبط وحيرة عني .. فأنا أكثر من يستطيع معرفة ما يجول في ذهنك من اهتزازهما .. ما الذي يحدث معك جين ..؟ صارحيني كما كنت دائماً ولا تخفي عني شيئاً " انهارت جين تشهق باكية .. تفضي بما يعتمل في صدرها من حيرة وارتباك: " لا أعلم .. أقسم أنني لا أعلم ما الذي يحدث لي .. كل ما أعلمه أن إحساساً بالألم يضرب قلبي .. كلما تذكرت تلك الفتاة التي أوقعتها فرسي .. ليزداد وجعه وتشب نيرانه وأنا أتذكر تحديق ذاك الشاب بي .. أنا .. أشعر أنني سأفقد عقلي " قالتها وقد ازدادت عبراتها وشهيقها.. فاقتربت منها أڤين تحتضنها بمواساة .. تخشى عليها من أن تقع صريعة المرض مرة أخرى .. وهي بدورها تكاد أفكارها تطيح بعقلها .. ولا تعلم ما عليها فعله لتخفف عنها .. ولكنها نوت إخبار زوجها فرهاد بكل شيء .. فما عاد هناك مهرب من ذلك .. وإلا إن أصاب جين أي شيء لن يسامحها ولن تسامح هي نفسها ما حيت .. نهاية الفصل الرابع قراءة ممتعة ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ | ||||
16-02-21, 09:44 PM | #57 | |||||
| اقتباس:
الله يسلم قلبك حبيبتي وتدوم الضحكة يارب ❤❤ هي الأقدار تُسخر من يحقق لها ما سبق ورسمته لكل إنسان بأي طريقة تريدها تسلم إيديك حبيبتي 😘😘 | |||||
17-02-21, 09:49 AM | #59 | ||||
| صباحووو هل من الصدفة اسمها جين واسمو جان حبيت جدا فرهاد سند ودعم واخ فعلا هل مرضها لتعلقها بفتاة بشكل غريب وهيي ما بتعرف السبب وانو شب جان شاف نصو التاني حيانو مزحة اختو كانت تقيلة راح يروح فيها الشاب 😅😅😅ناطرينك.تسلم ايدك يارب | ||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|