آخر 10 مشاركات
أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          كوب العدالة (الكاتـب : اسفة - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قصر لا أنساه - مارغريت مايلز- عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          79 - قسوة وغفران - شريف شوقى (الكاتـب : MooNy87 - )           »          1 - من أجلك - نبيل فاروق (الكاتـب : حنا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-03-21, 08:46 PM   #1

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي الحالة x- قلوب أحلام زائرة- الكاتبة سمر حمدان*مكتملة*









السلام عليكم
عذرًا وقبل المقدمة.. تحررا من قيود النوع، اطرح ذكورتك أرضًا وأنتِ تخلي عن أنوثتكِ وامنحاني عقل إنسان!..
رواية الحالة x
كل جمعة في التاسعة والنصف مساء بتوقيت القاهرة
تنويه لا أحلل نقل فصولها لأي مكان بأي صورة



وشكر كبير للجميله المصممه هدى على غلافها الرائع

















كتابة وتأليف:: سمر حمدان
تدقيق ومراجعة لغوية::سمر حمدان
تصميم الغلاف والفواصل::هدى خورشيد
إشراف النوفيلا:: أم زياد







في المشاركات التالية :
الفصل الأول

الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس

بعد إنتهاء النوفيلا بإذن الله.







لا تحرموا كاتبتنا الرائعه سمر من تعليقاتكم واراءكم،
دعمكم هو وقود الكاتب











التعديل الأخير تم بواسطة Fatima Zahrae Azouz ; 21-05-21 الساعة 09:29 PM
samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-03-21, 11:07 PM   #2

نهى حمزه
 
الصورة الرمزية نهى حمزه

? العضوٌ??? » 422378
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 262
?  نُقآطِيْ » نهى حمزه is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا اهلاوسهلا بسمر سموره نورت المنتدى كده هتخلينى ارشق هنا فى قلوب احلام عموما فى الانتظار يا سكره وربنا يوفقك

نهى حمزه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-21, 08:38 PM   #3

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهى حمزه مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا اهلاوسهلا بسمر سموره نورت المنتدى كده هتخلينى ارشق هنا فى قلوب احلام عموما فى الانتظار يا سكره وربنا يوفقك
تسلمي لي يا نهى ربنا يسعدك هستنى رأيك بقى😍


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-21, 09:38 PM   #4

عبير سعد ام احمد
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبير سعد ام احمد

? العضوٌ??? » 351567
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,136
?  نُقآطِيْ » عبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الف مبروك حبيبتي
سامعة عن النوفيلا كلام حلو شوقني أقرأها
بإذن الله نتابعها معاكي


عبير سعد ام احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-21, 10:10 PM   #5

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير سعد ام احمد مشاهدة المشاركة
الف مبروك حبيبتي
سامعة عن النوفيلا كلام حلو شوقني أقرأها
بإذن الله نتابعها معاكي
الله يبارك فيكي يااارب تعجبك ان شاء الله🥰


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-21, 10:11 PM   #6

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي






عذرًا وقبل المقدمة تحررا من قيود النوع، اطرح ذكورتك أرضًا وأنتِ تخلي عن أنوثتك وامنحاني عقل إنسان..
***





المقدمة
الحقيقة لا أمتلك مقدمة مناسبة فالبطل تافه وضعته عنوة في حُلة لا تناسبه ..
***



الفصل الأول
***
علي الضحكاية علي
هلي في سمايا هلي
يا أم الضحكاية حكاية
جاية الأيام ويايا
شمسك رح تسكن ضلي
..
صدحت تلك الأغنية الحماسية في أحد شوارع المحروسة، تحديدًا شوارعها الغير مذكورة على خريطة، كان الوقت ظهيرة شمسها حارقة وأصوات الباعة الجائلين وشجار الجيران يتداخل مع رائعة أمير الغناء فينزع له مزاجه الصباحي الرائق نسبيًا، أصابع البطاطا المقلية والشاي الثقيل سيفقدان تأثيرهما إن استمرت الجلبة الخارجية كما هي، زفر كرم الجالس في الطابق العلوي على مقعد خشبي مقابل مكتب طفولته ومراهقته وشبابه يتحدث إلى خطيبته أرزاق عبر شاشة الهاتف عن طريق أحد برامج التواصل الحديثة قبل أن يسألها بلكنة شعبية مميزة:
ـ كنا بنقول إيه؟
رفعت أرزاق أنامل يديها الاثنتين إلى الثمن حجاب الذي يخفي ما بعد مقدمة غرتها إلى خصلاتها الملفوفة خلف رأسها في هيئة قرص، حاولت إنزال أطراف القطعة القماشية لتخفي شحمتي أذنيها بتردد وأجابته بخفوت:
ـ كنت بقولك نحدد ميعاد للجواز يا كرم.. تعلقت عيناه بحركة يدها المتوترة، حين تقدم لخطبتها قبل عامين كان حجابها أكبر من ذلك، ومع طول فترة الخطبة تضاءل تدريجيًا، معذوران فليس بعدل أن تجمعهما خطبة طويلة دون مساس، والحقيقة أنهما كمثل الكثيرين قد نقلا أمر زواجها من حيز المحتمل إلى حيز النصف مؤكد..
مد يده إلى درج مكتبه العتيق وأخرج إحدى لفائف التبغ الرديئة التي ابتاعها مفردة، رفرفت أهدابه بتفكير قبل أن يبحث عن علبة الثقاب في جيب سرواله، وجدها وأشعل أحد الأعواد الذي قربه من لفافة التبغ المستكينة بين شفتيه، اشتعلت ونفث منها أول أنفاسها ببطء وأجابها مازحًا:
ـ لمّا ربنا يبعت أرزاق يا أرزاق..
مررت أناملها على الحلقة الذهبية حول بنصر يمناها وحركتها بشكل دائري رتيب، قد حذروها من الارتباط بخائب الرجاء المدعو كرم والملقب في المنطقة السكنية بكرم أبو سلك لأنه ما انفك قبلًا عن سحب أسلاك الانترنت وتوصيلها بجهاز حاسوب عتيق بهدف استهلاكه دون مقابل، تجاهلت كل من حذرها ومضت في خطبتها له وبعد مرور الوقت تعلقت به أكثر رغم بزوغ عيوبه كشمس حارقة إن توارى ضيها لن تسلم من لهيبها، تصاعد غضبها وتمتمت بنزق:
ـ اسعى أنتَ بس..
مط شفتيه بلا إجابة، يكتفي بعمله من المنزل كمندوب مبيعات عن طريق الهاتف والجميع يطلب منه الخروج منه وإنهاك جسده في أعمال بدنية، وهو لن يفعل ذلك مهما حدث، رمقها حانقًا وهتف:
ـ ما بلاش قلة المزاج دي، متصدعينيش..
انتفضت من داخلها دون حركة لجسدها، وآثرت السلامة فهي تسير على دربها كزوجة مطيعة دون استفزاز له أبدًا، أطرقت لحظة قبل أن ترفع رأسها مبتسمة بميوعة:
ـ عايزة نتلم في بيت بقى..
اتسعت ابتسامته الملتوية وتلكأت عيناه عليها ببطء لترتسم رغبته الصريحة بين أحداقه بفجاجة:
ـ هنتلم إن شاء الله، طابخين إيه النهاردة؟..
قبل أن تجيبه ارتفع رنين الهاتف بصوت مزعج فصله عن وصلة الغزل الفاحش التي أوشكت على البدء، كان صديق قديم له يُدعى مُسعد قد تواصل معه قبل عدة أيام وطلب كرم منه أن يجد له عملًا لساعات قليلة وراتب مجزي يساعده في أقساط أثاث زفافه، رد عليه سريعًا وقد انقطع اتصاله بخطيبته، كانت مكالمة مصيرية، من تلك اللاتي يغيرن الحياة جذريًا، أخبره فيها أنه سيفهم كل شيء حين يقابله عليه فقط التحضر لشيء فريد سيحدث له مرة واحدة في عمره..
***
على جانب آخر من العاصمة، وفي أكبر ميادينها وأكثرهم أصالة كانت شقة شاسعة في الطابق الخامس، يركض على أرضها المصقولة ثلاثة أطفال أبناء سي السيد أحمد عبد الجواد الذي بُعث من جديد في شخصية سي السيد أمجد عبد الجواد، وللحق أمجد يتوافق مع مجريات العصر، فهو يسمح لزوجته أمينة المتمثلة في شخص المدعوة أُمنية عسكر بذمة مالية منفصلة وبالخروج متى ما شاء لكن في حيز جغرافي يحدده بنفسه، منعها عن العمل بحجة غيرته الشديدة عليها، قتل طموحها كخريجة كلية العلاج الطبيعي حلمها مركز خاص بها بذريعة أنها ستفشل مهما حاولت..
ارتضت بذلك وكرست جل جهودها لجنتها الصغيرة، وضعت زوجها وأولادها في أول أولوياتها وبعدهما اهتمامها بنفسها، ظل بداخلها سؤالٌ يومض كل حين خلف نفق كينونتها المظلم
ماذا لو كنتُ رجلًا؟
وراحت لسنوات تسترق عدة دقائق من وقتها تواجه فيهن نفسها فيعصف ذهنها بالسؤال وإجاباته المحتملة، لو كانت رجلًا لكانت صاحبة القرار الأولى في كل ما يخصها وتلك أكثر إجابة ترضيها من بين كل ما جال بخاطرها، أنهت أمنية صب الجيلي الساخن في أكوابه المطاطية ووضعته في المبرد ليتجمد قبل أن يعود أمجد من عمله، تفقدت نضج صينية البطاطا بلحم الضأن في الفرن وأرز الشعيرية على الموقد وطفقت تقطع الخضراوات المغسولة بعناية لتصنع السلطة التي يحبها أمجد جوار الطعام، تعالى رنين هاتفها فتركت السكين فوق لوح التقطيع الخشبي واستدارت لالتقاط الهاتف الموضوع فوق السطح الرخامي جوار علب التوابل الجافة، فتحت الخط وتسربل إلى أذنها الصوت العملي يسأل:
ـ مدام أمنية عسكر؟
انعقد جبينها دهشة وأخبرته بصحة ذلك، تنحنح بخفوت قبل أن يقول بصوت رخيم:
ـ جه دورك..
سألته مرتابة:
ـ دوري في إيه؟
أجابها بصبر:
ـ حضرتك بعتي لمركز أم شنب طلب ل عملية تبديل اليوم الواحد..
اتسعت عيناها في صدمة، وتمتمت ذاهلة:
ـ أم شنب؟!، كنت فاكرة الموضوع هزار..
صمت الصوت عدة ثوانٍ اشتعلت فيها نبضات أمنية ترقبًا، زاد من رهبتها التي زحفت إليها رويدًا حين عقب بطريقة باترة:
ـ لاء مش هزار، ميعادك التلات الجاي يعني بعد أسبوع، منتظرين من حضرتك الدفعة الأولى من الفلوس..
أُغلق الخط دون مقدمات فسقطت فريسة عقلها الذي استهوى الفكرة وطفق يخمرها ويؤرقها بها؛ صُدمت لكون الأمر متاحًا وسألت نفسها في حيرة:
ـ ليه لاء!..
..
عاد زوجها من عمله وعبّر عن استيائه من احتراق وجه صينية البطاطا وملح السلطة الزائد، عصفت الأفكار بعقل زوجته فأمضت ليلتها ساهدة تفكر بعمق، كان قد قفز إلى شاشة حاسوبها اللوحي قبل شهرين إعلان قطع حلقة مسلسل تتابعه عبر الانترنت، تجاهلته عدة مرات وذات مرة تركت الهاتف وذهبت تصنع عصير الفراولة بالموز لأطفالها فتسربل إلى أذنيها صوت رجل يشرح كل شيء بالتفصيل لتتسمر في موقعها أمام جهاز الخفق، راسلتهم دون أخذ الأمر على محمل الجد، اعتبرته مجرد مزحة فقط، فليس بسهل أن يمتلكوا مصباحًا سحريًا يحقق المُحال، والحقيقة أن المركز موجود بالفعل وقد أتي دورها، انبثقت في عقلها فكرة وبددت ضباب التشوش، التمعت فبرزت أخريات، بعد ذلك توهجت كالشموس لن تفلح في حجبها الغيمات، تململت أمنية في رقدتها على فراشها و كانت تفكر في مكالمة الظهيرة بعمق، استدارت تنظر إلى زوجها الغافي جوارها، وعلى ضوء الكومود الخافت أمعنت فيه النظر، تساءلت ماذا يعني أن تكون رجلًا
وما هي المشاعر التي تعتريك حين ترى في نفسك أحقية قيادة قطيعك، هل لأن طبيعة جسدك خشنة وهرموناتك ذكورية فذلك يمنحك التفوق أم أنها شيء آخر لن تفهمه إلا حين تجرب..
نهضت تاركة الفراش الدافئ وتوجهت صوب غرفة أولادها، تفقدت دثار الذكور المحتلين الفراش ذي الطابقين، الأكبر في الأعلى والأصغر في الأسفل، والفرق ليس بالكبير فتيم وتميم توأم بينهما بضع دقائق فقط، استدارت إلى فراش طفلتها الصغيرة الموازي لفراش أخويها، جلست على حافته تراقب رونزا الغافية محتضنة دميتها القطنية، تبسم مُحياها بمرارة، ستكون أمينة أخرى ذات يوم، تبذل قصارى جهدها في دراستها وتأتي لحظة لا يزن علمها شيء أمام وجبة طعام ساخنة تلتهمها العائلة في سعادة، تُرى هي ستسلك ذات مسلكها أم ستضع نفسها في خانة الند بالند!
نهضت ثانية وتوجهت صوب المطبخ، أعدت كوبًا من الشاي الأخضر وجلست على مقعدها أمام طاولة المطبخ المربعة تحتسيه بصمت، ودت أن تجرب خانة الند بالند تلك، ويكون لديها حجتها حين تجادله ولا تكتفي بالرضوخ لأنه يفهم أكثر، تُرى ما الذي يفهمه أمجد أكثر منها!..
مر يوم آخر وثالث ومع كل ساعة تمر يتزايد حجم الفكرة و رويدًا زحفت إلى كل حيز ممكن من عقلها، باتت تحتله بشكل كامل، قررت وتراجعت بدلًا عن المرة ألفًا، الأمر يتطلب حفنة نقود ضخمة بعض الشيء وجرأة جديدة عليها لكن توقها للتجربة جعلها ترى تلك النقود في وزن ريشة وتسعى للنبش في داخلها عن جراءة تناسب ذلك الجنون المحض، انقشع ظلام الليلة الرابعة وتبددت أشباحه، والقرار النهائي قد تم اتخاذه، فتلك مجازفة خطيرة تستحق خوضها..
***
طموحه يتلخص في حيز تحت متوسط، لا يتمنى الجوع والراحة بل نصف الشبع والراحة..
أخبره صديقه أنه سيحصل على نقود تكفي لسداد أقساطه مقابل أربع وعشرين ساعة سيقضيهم تحت تصرف مركز علمي مرموق سأله هل سيتعرض لشيء يضر بصحته فأجابه الآخر بالنفي، وكرم لا تعنيه التفاصيل، العلماء مجانين ولا يثير اهتمامه جنونهم قيد أنملة، هاتف خطيبته أرزاق وأخبرها أنه سيزورها في المساء لأنه في الصباح الباكر ذاهب إلى عمل جديد وسيغيب لصبيحة اليوم التالي..
وصل إلى منزلها في نهاية الزقاق الضيق وتعثر مرتين بفعل ركض أطفال إخوتها، طرق الباب الخشبي العتيق ففتحته له ببسمة واسعة، مالت برأسها تسأله بدلال:
ـ مش قادر على بُعدي صح؟
اتسعت ابتسامته فليس أروع من فتاة غراء تفهم أغراضك الدنيئة وتجاريك فيها، مد يده يصافحها فمنحته كفها ليعتصره ويسألها بعينين تتطلعان لما خلفها بفضول:
ـ أمك فين؟
أشارت برأسها للداخل بمكر:
ـ جوا بتتفرج على سالي فؤاد..
امتعض وجهه ورفع رأسه يمشط بعينيه المنزل من خلفها:
ـ وطابخين إيه؟
ضحكت بخفوت وأجابته بنبرة مغناج:
ـ بسلة ورز..
تأفف بنزق واستكمل استجوابه يلوي شفتيه بعدم رضا :
ـ مش طابخين لحمة؟
أسبلت أهدابها ببسمة ناعمة:
ـ أه طابخين..
مد يده يلامس عضدها بتوق وعاد البسمة ترتسم على وجهه مشعة:
ـ طب ما تعشيني عندكم..
فتحت الباب على مصراعيه وأفسحت له الطريق:
ـ اتفضل..
دلف وجلس على الأرض بجانب والدتها بعدما صافحها، جاراها في الثرثرة عن جيرانهم ومشاكل العائلة التي لا تنتهي، كانت تُحدِث شروخًا في الزيتون الأرجواني بسكين صغيرة وتضعه في إناء أمامها، التقط كرم سكين آخر وراح يساعدها حتى انتهت الكمية كلها، مطت شفتيها قليلًا ومن ثم سألته في اهتمام:
ـ أسأل لك ابني سيد يشوف لك شُغلة معاه في مصنع المراتب؟
هز رأسه نفيًا:
ـ عندي شغلانة بكرة هيطلع لي قرشين أسد بيهم قسط العفش..
أومأت برأسها في استحسان وسألته بفضول:
ـ والشغل ده ثابت يا كرم؟
زفر بحنق يهز رأسه نفيًا:
ـ لاء يا خالتي شغل طياري..
لوت شفتيها بامتعاض وتجعد جبينها:
ـ وهتاكلوا منين لما تتجوزها..
حمل آنية الزيتون ونهض يجيبها بزفرة مكتومة:
ـ هناكل بالرزق إللي يجي من شغلي عالتليفون..
تهكمت بعدما أشاحت بوجهها عنه:
ـ ابقى قابلني لو كفاكم عيش حاف..
تجاهلها ومضى إلى المطبخ يضع الزيتون على الرخامة العتيقة وتمتم غاضبًا فيما يناظر أرزاق المتشاغلة بغسل الأطباق:
ـ الحاجة بتسمعني الاسطوانة المشروخة..
جففت كفيها بمنشفة صغيرة وتقدمت صوبه باسمة، لكزته في خاصرته بنظرة لأئمة وحملت صينية مرصوص عليها أطباق الطعام وعادت إلى الصالة فعاد خلفها، التف ثلاثتهم حول الطاولة الأرضية وتشاركوا العشاء اللذيذ..
بعد العشاء توجهت الأم صوب الحمام وتوضأت من أجل صلاة العشاء وذهبت إلى غرفتها..
نهض كرم حين رآها تغلق بابها خلفها وذهب يغسل يديه في حوض بالرواق الداخلي خلف ستار ثقيل مزركش، لحقت به أرزاق بالمنشفة ووقفت بجانب الحوض تستند للحائط وتناظره بمكر فبادلها نظرتها بأخرى ملتوية، أغلق الصنبور والتقط منها المنشفة، جفف يديه ووضعها على كتفه ليجذب خطيبته من خصرها فترتطم بصدره وتسبل أهدابها، همس قرب أذنها بصوت أجش:
ـ أمك هتنام إمتى؟
ردت همسته بصوت متهدج:
ـ زمانها نامت..
نامت أو لم تنم هي تعاني من مشاكل بأذنيها ولن نسمع شيئًا البتة من ذلك البعد، شدد على ضمه لها وتمتم قبل أن يسحق شفتيها برغبة محمومة:
ـ نوم العافية..
جذبها إلى غرفتها وراح يعزف على جسدها عزفه المُحرم، أخبرته بملامح متغضنة:
ـ خايفة أحمل يا كرم..
ابتعد مسافة قصيرة وتركها مستندة للباب ضحك يجيبها بسؤاله الساخر لاهثًا:
ـ هتحملي إزاي يا هبلة..
ارتجفت أحداقها ورفرفت أهدابها بذعر:
ـ بطلة فيلم أسرار البنات حملت وهي بنت عشان كانوا زينا كدة..
مرر إبهامه على وجنتها برقة واقترب يهمس لشفتيها:
ـ متخافيش؛ باخد بالي..
تنفست الصعداء وعانقته تتلمس بين ذراعيه الأمان، فأرزاق بسيطة، تغوص معه في الخطيئة بذات البساطة، زعمًا بأنها تفرط كي تعلقه بها فيدمنها ويفعل كل ما بوسعه كي يتزوجها..
قبَّل وجنتها وغادر الغرفة متوجهًا صوب الحوض، غسل وجهه وجففه ليخرج إلى الصالة، ويقصد باب الخروج، كانت أرزاق تسير من خلفه مطأطأة الرأس محمرة الوجنتين، سمعا صوت أمها الناعس من الداخل تسألها:
ـ كرم مشي يا أرزاق؟
تلجلج صوت أرزاق فيما أشارت له تحثه على سرعة الرحيل:
ـ مشي وبقفل الباب..
لوح لها بكفيه وتسربل إلى أذنه سؤال أمها المتهكم:
ـ مش عارفة عاجبك إيه في قليل الحيلة ده؟
استاء مما سمع واستدار يرحل دون حروف، هرولت خطيبته خلفه إلى الشارع تربت على كتفه وتهادنه:
ـ متزعلش يا كرم أمي متقصدش..
لوى شفتيه وأشاح بوجهه عنها متمتمًا من بين أسنانه:
ـ ادخلي يا أرزاق أنا ماشي مش عايز رغي فاضي..
***
أحيانا تأتي صباحات كحدود فاصلة بين ما كنا عليه بالأمس وما سنصبح في الغد..
وصباح أمنية قد أتى، ثلاثة عشر عامًا من الزواج دون كذبة، وفي ذلك اليوم الفارق شعرت بأن من حقها واحدة، تواصلت مع المسئولين عن المركز وغيرت الموعد إلى موعد سفر زوجها، فعادة ما يسافر إلى مدينة أخرى لمدة يومين كل شهر بعد ذلك أخبرت أمجد أنها ستقضي اليومين في منزل أختها الكبيرة القاطنة بإحدى ضواحي العاصمة وأخبرت أختها بأنها ستقضي يومين برفقة أمجد وحدهما وطلبت منها الاعتناء بالأطفال إلى حين عودتهما..
بعد رحيل زوجها بساعتين حضّرت الأطفال وحقائبهم، تهربت بعينيها منهم مثلما فعلت مع أبيهم أثناء فطوره، قلبها يرتجف رهبة والأدرينالين يتزايد إلى معدلات مرتفعة، غادروا المنزل بعدما تفقدت الغاز والكهرباء وتأكدت من نظافة كل شبر في المنزل وطوت الملابس ووضعتها في الخزانات، زفرت بقوة وأغلقت باب المنزل لتفتح فصل جديد من حياتها، ركضت تهبط الدرج خلف الأطفال وقادت بهم السيارة إلى بيت الخالة، عانقتهم فأرقتها رجفة قلبها عند وداعها لهم، طاف بها ذلك الشعور بالانفصال، كأنما جزء من روحها يتبدد دون قدرة على اللحاق به، سارعت في الرحيل قبل التراجع فالفرصة ستسنح لها مرة واحدة وإن لم تغتنمها ستظل بقية عمرها في ندم..
اتبعت خط السير إلى الموقع الذي أرسلوه لها، سارت مسافة طويلة جدًا تخطت زحام المدينة وتركت العمار خلفها إلى طريق إسفلتي منشق بين صحراء غير متناهية تترامى على طوله أعمدة إنارة، توجست من انعزال المركز، وعربدت في عقلها الهواجس، من الممكن أن يكون كل ذلك خدعة من أجل سرقة مالها أو إيذائها بأي صورة، تعلم جيدًا بأنها تقامر وتغامر بحياتها، ستعترف لنفسها في تلك اللحظة بأنها رعناء متهورة لكنها لن تتراجع..
برزت لها من العدم قلعة بلون رمادي باهت كبؤرة تُحول xxxxب الساعات للخلف وتلقي من يمر بها في متاهة، بدت لها وكأنها الحائط الأخير في ذلك العالم ومن خلفها ظلام دامس، صفت سيارتها وجلست لنصف ساعة تستند للمقود بساعديها وتزفر بتتابع مغالبة ذلك الاضطراب الذي يغزو كيانها، تلك الخطوة التي على وشك خطوها تشبه القفز فوق نهر من الحمم، زفرت لآخر مرة قبل أن تفتح باب السيارة وتهبط مغلقة إياه، مشطت ببصرها القلعة الشاهقة برهبة قبل أن تندفع صوب حقيبة السيارة وتلتقط حقيبة الملابس الرجولية التي استعارتها من أمجد، أغلقت السيارة وخطت بقدميها صوب القلعة، وجدت حارس في الخارج في انتظارها، بحثت على صفحة وجهه عن انفعال واحد يخبرها عن ماهية ما ينتظرها بالداخل وصلابة ملامحه خيبت آمالها، مرت برواق في الطابق الأرضي جعل جسدها ينتصب فتقف مشدوهة بما رأته على الجدران، كانت أزواج من الصور متجاورة، كل رجل بجانبه امرأة وكل ثنائي صورته مكررة، زوج مكتوب عليه كلمة قبل والزوج الآخر كلمة بعد، والفرق بين كل قبل وبعد نظرات متباينة، شيء ما مختلف لا تستطيع تحديده، فالبعض منتشٍ والآخر مشتت، نظرات تيه وضياع ، حزن أو غضب وبعض النظرات الخبيثة، كانوا كُثر من الصعب إحصائهم فالحائطان المتقابلان مكسوان تمامًا بالصور، حثها الحارس على الإسراع فأطاعته تزدرد لعابها وتهرول كي تجاري خطواته، أوصلها إلى باب ضخم وتركها ملوحًا:
ـ انتهى دوري هنا.. بالتوفيق..
قرع خافقها برهبة والأدرينالين قد فاق الحد، كان الحماس ينافس الخوف بداخلها وخطوتها التي تعودها بقدمها للخلف تسير بدلًا عنها اثنتين وتحسم الأمر، حين تقدمت أمام الباب مباشرة انفتح تقائيًا على غريب، يقف دون ماضٍ أو حاضر، عابر سبيل يرتدي معطفًا طبيًا ويضع نظارة سميكة بإطار أبيض، عرف نفسه بتهذيب:
ـ أنا الدكتور إياد، أهلا يامدام أمنية..
تسمرت أمنية محلها تطالعه بقلق، تدور بعينيها في المكتب المطلية حوائطة وأثاثه بالأبيض، تقدم منها يرحب بها بحفاوة ويشير للداخل، دلفت برفقته وجلسا على مقعدين متقابلين أمام مكتبه، تلكأ بصره عليها بنظرة أكاديمية شعرت منها بأنه يعاين مشروعه الجديد، ابتسم بكياسة حين وجدها تتململ في جلستها، أشار للباب المفتوح يخبرها بصوت رخيم:
ـ كرم قرب يوصل وهنبدأ بعد شوية..
قطبت جبينها فتجعد أنف إياد وبين حاجبيه:
ـ متقلقيش، هو شخص بسيط جدًا الموضوع هيتم من غير مشاكل..
هدلت أكتافها وعقبت بتوتر:
ـ أنا خايفة من الجاي..
منحها نظرة تفهم وحدثها بعملية:
ـ كل الصور إللي شفتيها في الممر كانت لعمليات ناجحة..
رفرفت أهدابها ولم يغادرها خوفها، أطرقت وتعلقت عيناها بحذائها للحظات، فسمعته يقول بثقة:
ـ كل العمليات اللي تمت هنا حققت نجاح باهر، نسبة الخطأ صفر في المية..
تعلقت عيناها به ببسمة حماس، طمأنها بشدة إلى حد جعلها تترقب تغيير مصيرها بشغف..
***
حضر كرم برفقة مُسعد إلى المركز، ومُسعد له هيئة قواد، قميصه وردي فاقع لونه ويرتدي سلسال مبتذل حول رقبته وسرواله نصف ممزق، دفعه إلى باب خلفي وتركه وحده ليُغلَق الباب تلقائيًا ويجد كرم نفسه وحيدًا في رواق نصف مظلم، وبالخارج يستلم مُسعد حفنة نقود يناظرها مبتسمًا بجشع ويغادر..
وبالعودة إلى كرم فقد شعر بالهلع واستدار يطرق الباب، يبحث عن مقبض وصدمه عدم وجوده، صاح بأعلى صوته:
ـ أنت فين يا مُسعد..
أتعبه طرق الباب ويئس من الرد فاستدار ثانية يزدرد لعابه بتوجس، أخذ عدة دقائق من الحيرة قبل أن يحسم أمره ويتقدم عبر الدهليز المقُبض، انتابه الندم لعدم البحث عن ماهية ذلك العمل، لعن لهاثه خلف العمل المريح بأجر باهظ الذي جعله يعايش ذلك الشعور البغيض، وصل في النهاية إلى درج ارتقاه إلى الطابق الثاني فوجد رجل يبتسم بعملية في انتظاره، أشار له وهرول للأمام:
ـ يلا يا كرم عشان منتأخرش..
حاول أن يستفهم ولم يمهله الرجل ومضى في طريقه بعجالة..
تبعه كرم مرغمًا و قبل أن يشرع في سؤاله انشده بالمكان، من الداخل، يبدو كمتاهة بيضاء تسترق النظر وتخدر الشعور، انتبه لنفسه على أيادٍ تلتقطه وتوجهه إلى غرفة مظلمة دون مقدمات، كان تائهًا مُلجَم اللسان، تم التقاط له صورة وعادت الإضاءة مجددًا بينما يتلفت حوله بجهل، سألهم عما يحدث فلم يجبه أحد، دفعوا به دفعًا إلى غرفة ضيقة وتركوه وحده فاندفع من السقف غاز ضبابي جعله يرتجف برودة وترتعد أوصاله في رهبة، صاح بعزم فلم يسمع نفسه، انتابه الذعر فتعثر وسقط حين حاول الهرب، نُسجت حوله خيوط عنكبوتية وهمية فعبر شلالات التيه إلى السقوط في بئر أسود كأن لم يكن على تلك الأرض من قبل..
..
توجهت أمنية برفقة الدكتور إياد إلى غرفة الصور، التقطوا لها صورة وكانت كامرأة جاهزة كليًا للسباحة في أفق جديد عليها تمامًا، انتهت وحين أشار لها إلى غرفة التجهيز دلفت ووقفت تستقبل الغاز المتدفق من السقف إلى رأسها بثبات، مما أخذها إلى حيز من الضباب واستقبلت إبرة في وريدها ليحقنوها بمادة مجهولة، تلوثت شفافية الضباب وازدادت قتامة واللون الرمادي من حولها حتى استحال إلى سواد حالك..
مر وقت طويل محال على فاقدي الوعي تحديده، خاضت فيه الأرواح رحلتها فيما يشبه اجتياز البرزخ وهناك لا ضمانات،هناك العبور حتمي..
والإفاقة تمت باندفاع طاقة نور من قلب العتمة فبددتها، ضربات قلب متسارعة وعطش شديد، تنفس عسير وألم في الرأس وصوت آلة مزعج يعلن عودة الوعي..
فرقت أمنية أجفانها بغتة مع شهيق قوي، أنفاس غريبة عليها وكينونة جديدة، كان الجسد الذي احتلته مسجيًا على مقعد ضخم بجانبه مقعد يطابقه، يجمع الاثنين أسلاك لا متناهية العدد كلها تتشابك في منظومة معقدة، ظل الدوار يلف رأسها تزيده الخوذة الموضوعة فوق رأسها، شرعت في النهوض ومنعتها الأسلاك ووثاق الأقدام والأذرع، حقنوها مجددًا بمادة مهدئة تساعدها على التوازن وبعد عدة دقائق من عشوائية الحركة هدأت تمامًا فتقدم صوبها الدكتور إياد واثنان من زملائه يحررونها من قيدها ويطمئنون على مؤشراتها الحيوية..
نظر إلى تشوشها بسعادة حين وقفت، مد يده يصافحها متباهيًا، فمدت اليد الرجولية تصافحه بتردد ليشدد عليها وتتسع ابتسامته:
ـ مبروك..
أدارت وجهها إلى جسدها المسجي على المقعد الآخر، واجتاح الجسد الذي تحتله رهبة عارمة جعلتها تهتز وتوشك على السقوط فدعمها إياد وأدار وجهها إليه، ناظرته بالعينين الحائرتين واعتمر بداخلها رعب الكون بأكمله فليس بهين أن تنفصل عن جسدها كليًا هكذا بل وتراه أمامها حيًا بروح أخرى، ربت إياد على اللحية الخشنة وحدثها بثبات:
ـ اغتنمي الفرصة يا مدام أمنية قدامك أربعة وعشرين ساعة بس فبلاش تضيعيهم في توهان..
لم تتناغم روحها مع ذلك الجسد بعد لكنها استمعت إليه بكل تركيز، هو مُحق فلم تأت إلى هنا وتتكبد كل هذا العناء لتقف تنظر إلى جسدها الذي غادرته لتوها مكتوفة اليدين، أومأت له بحماس فابتسم بفخر وهز رأسه للأمام..
غادرت أمنية القاعة محتلة جسد كرم، منحوها بعض الخصوصية في غرفة مغلقة فوقفت أمام المرأة تناظر الجسد بعينين جاحظتين، متوسط القامة متوسط الوسامة متوسط في كل شيء، خصلاته مجعدة وعيناه بلون غير مميز، سحبت دفقة هواء تملأ الرئتين وتزفر ببطء، حاولت تفسير الشعور وعجزت عن ذلك كليًا، رفعت يد أتبعتها بالأخرى تختبر تحكمها في الحركة وابتسمت لنفسها في المرآة، تسيطر على الجسد بشكل كامل وما عاد شيء يوقفها..
عند تبديل ملابس كرم الرثة بملابس أمجد الواسعة نسبيًا أغمضت عينيها بقوة حد اعتصار الأجفان فما من امرأة عفيفة تنظر إلى رجل عارٍ سوى زوجها..
عند مغادرة الغرفة توقفت تتشبث بالمقبض بقوة حد تقلص أناملها، فنداء الطبيعة الذي ما انفكت عن تجاهله مذ دلفت قبل ربع الساعة تحول إلى صراخ أزعج مثانة كرم المسكينة، وتلك لحظة لا تود أي امرأة بالكون اختبارها، كل شيء وله ضرائبه وما يحدث لها الآن هو أول ضريبة ستدفعها وفورًا، فتحت الباب وهرولت إلى الخارج، وجدت حارس بالممر فيما كانت تتقافز محلها:
ـ فين الحمام؟
أشار إلى جهة اليمين ببسمة خبيثة جعلتها تسبه في خيالها وتندفع حيث أشار، والحارس الذي اعتاد سماع صرخات الذهول كلما قصدت امرأة تحتل جسد رجل الحمام وأغلقت على نفسها الباب توجس من صمت أمنية بالداخل، أمنية التي كانت تعض الشفاه السفلية وتكتم صرختها كيلا يشمت بها القابع بالخارج، واللحظة كانت هزلية تشبه فيلم سينمائي قد شاهدته قبلًا، كل شيء مر عليها وقد يمر سوف يهون إلا المرور على مرحاض في وضعها هذا، غادرت الحمام بعد رُبع الساعة محترقة الوجه متغضنة الجبين توشك على التقيؤ، حدجت الحارس اللعين بنظرة أكثر سماجة من خاصته فيما مرت جواره وهبطت الدرج بحوزتها حقيبة ظهر ومضت قدمًا في كيان رجل..
***
ما إن تُولد ذكرٌ يعلمونك كيف تعتز برجولتك المخفوقة جيدًا مع هرموناتك، فكيف لك أن تفقد الوعي وأنت كامل الذكورة وتستيقظ لتجد نفسك قد أصبحت امرأة!
..
انفرجت أجفان كرم، أجفانه الجديدة ذات الأهداب الكثيفة، ظلت المسافة بين كل جفنين تتسع تاركة العنان لجحوظ العينين، هناك شيء خاطئ، خاطئ جدًا يعتريه، شعر لوهلة بأنه قد ضُرب في مقتل..
راح يدير رأسه في كل اتجاه، مكان غامض وأناس غرباء يناظرونه بفضول، أخفض بصره ببطء إلى جسده، نوبة هلع أحكمت قيودها حوله، فأول ما سقط عيناه عليه كانا نهدين امرأة..
وعقله الذي استقبل الوعي لتوه يعرف من هو، هو كرم سعيد مرزوق رجل من ظهر رجل ومنذ مراهقته يشتهي كل ما هو مؤنث ولم يشعر يومًا بأي رغبة شاذة، شعر بوخزة في وريده فوق ما يشعر به مسبقًا من وخزات، خلعوا عنه الخوذة المؤلمة للرأس والأسلاك وتركوا المهدئ ياخذ وقته ليظهر مفعوله، شعر بثقل في رأسه فمالت رُغمًا عنه إلى المقعد الذي يحتله، ظل على حاله يعاني الخمول الإجباري تحت مراقبة الغرباء، استجمع آخر ذكرى طافت برأسه حين رماه مُسعد بداخل المركز وغادر، نهض فجأة ليترنح ويسقط مكانه مجددًا، كان مضطربًا مشوشًا رُغم يقينه بكينونته الحقيقية، نهض يصرخ وفُزع من صوته فكان تعبيره كله عبارة عن وصلة من الصراخ النسوي التي لم تنقطع إلا حين خدروه كليًا..
***
لم تكن أمنية قد رتبت قائمة بما تود فعله إن تحولت إلى رجل، بعض من أمنيات المراهقة السخيفة هي فقط كل ما جال بخاطرها أثناء قيادة السيارة مغادرة القلعة، فكرت أن تظل خارج المنزل لبعد منتصف الليل أو تدخن علانية أو حتى تخوض عراك مع الشباب لأي سبب تافه وتتزعم مجموعة من الفسدة..
قادت السيارة حتى وصلت إلى المنطقة المأهولة بالسكان وسط العاصمة، تعذر عليها السير فترجلت من السيارة التي صفتها في مرأب عام، وخطت بأقدام كرم وسط الزحام، راحت تبحث في داخلها عن تميز، أو شيء يجعلها تتفوق على كينونتها الأنثوية، لم تكن تدرك أن خطواتها لافتة للمارة من حولها، فحركتها رشيقة لينة أكثر من اللازم كون رجل هو من يتحرك..
لاحظت اشمئزاز البعض منها دون مبرر كافٍ لها فمضت في طريقها غير عابئة بالنظرات الحارقة من حولها، قررت أولًا أن ترتاد أحد المقاهي الشعبية وتضع ساقًا فوق أخرى بلا اكتراث لظهور ساقيها، وفعلت ذلك فعلًا، جاءها النادل الشعبي الذي يربط قطعة قماشية بيضاء قطنية حول خصره فوق ملابسه، ويغني بصوته النشاز مقطوعة مغمورة، مال إليها بغتة وسألها:
ـ تؤمر بإيه يا باشا..
تطلعت إليه بأحداق متوترة لبعض الوقت فخيرها بعملية:
ـ شاي.. قهوة.. سحلب.. ولا أرصلك حجر
قص ؟
سألته عاقدة حاجبيها:
ـ قص؟!
هز النادل رأسه مرددًا :
ـ معسل قص..
نفت تلقائيًا وطلبت بكياسة تتنافي ومظهرها:
ـ قهوة مظبوط من فضلك..
قهقه النادل قبل أن ينصرف:
ـ عنيا وفضلي تحت أمرك يا برنس..
احتست القهوة بعد طقوس نسوية رقيقة رفعت القدح بأناقة إلى الشفتين الغليظتين، أغمضت عينيها مع كل رشفة تتلذذ بمذاقها فوق لسانها، انتهت ونهضت تغادر تاركة النادل يرفع أحد حاجبيه ويهز رأسه مشيعًا إياها بدهشة..
مضت مجددًا بين شوارع العاصمة الساهرة، كانت الساعة قد تعدت العاشرة مساء والشارع الذي خطته لتوها يحفل ببعض الرواد، لاحظت لكزة وقحة من الخلف تستهدف ظهرها، التفتت لينتابها الوجل من هيئة الشخص الذي يواجهها، ارتدت للخلف بذعر منه ومن جملته الهازئة:
ـ ما تنشف يا عم..
اتسعت عيناها بغتة فيما تملك منها الذعر حين رأته يمد يده إلى الجسد الذي تحتله بطريقة مُهينة، صرخت فيه بحدة:
ـ ابعد ايدك يا حقير..
ضحك الحقير بخشونة فيما تمادى أكثر ، احتقن وجهها و تلفتت حولها فوجدت عدة فتيات تسرن على مهل، ركضت صوبهن بقوة لتنضم إليهن، وكانت تلك الكارثة، فقد عمت حالة من الذعر وسط الفتيات وأصابتهن حمى الصراخ والاستغاثة طلبًا للمساعدة، وفي لحظة تحول الشخص المتسبب في كل ذلك إلى بطل مغوار جاء لينقذهن من براثن المتحرش، كال إلى أمنية اللكمات القاسية بمكر، انضم إليه مجموعة من الشباب المارين وانتهى الأمر بمحضر في قسم الشرطة، توسلت الضابط أن يتركها تتحدث إلى محامٍ خاص ورد بلا مبالاة:
ـ بعد المحضر..
سالت عبراتها وانتحبت فأثارت دهشة المحيطين بها، كانت ذات هيئة مزرية مغطاة تمامًا بالكدمات وتبكي بحرقة، وفي عرف الرجال النسوة فقط هن من ينتهجن تلك الطريقة للتعبير..
توسلت الضابط أن تهاتف أحد أقاربها وأجابها مجددًا ببرود:
ـ بعد المحضر..
تم تحرير المحضر وسمحوا لها بمكالمة هاتفية واحدة، التقطت الهاتف وحدثته بلهفة:
ـ الحقني يا دكتور إياد أنا في قسم الهرم ومعمول لي محضر تحرش..
انتهى الفصل الأول
الفصل الثاني هنزله حالا ان شاء الله😍



التعديل الأخير تم بواسطة م ام زياد ; 12-03-21 الساعة 11:46 PM
samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-21, 10:13 PM   #7

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل الثاني
***
تخطى إياد صدمته بأعجوبة ووعدها بأن يتصرف ويخلصها من تلك الورطة سريعًا..
أُودعت بعد ذلك الحجز المؤقت في انتظار العرض على النيابة العامة في الغد..
كانت في بداية المغامرة تريد التدخين ونالت ما أرادت حين صعدت درج القسم إلى زنزانة في الطابق الثاني، فالجو خانق معبق برائحة التبع الذي اندفع كثيفًا من داخل الزنازين بشكل مبالغ فيه و استقر برئتيها وقد سبب لها سعالًا حادًا، كانت متجمدة الأوصال تلعن ركضها خلف تلك الفكرة، ظاهريًا هي رجل بين مجموعة من الرجال ومن داخلها ترتعد ارتعاد الأنثى التي ما اختلطت قط بذلك الجمع منهم لاسيما وأنها الآن بين مجرمين..
دفعها الحارس لداخل زنزانة حين وصلوا لبابها وفتحه، نظرت حولها بانشداه، فالجو من حولها حار جدًا والمكان مأهول بالشباب لا يوجد موضع قدم واحد يصلح حتى للوقوف عليه من شدة الزحام إضافة إلى ضيق الحجز الزائد عن الحد، كانوا يجلسون متربعين في صفوف متجاورة، أفسحوا لها مكان ضيق بالكاد وأجلسوها بينهم عنوة، وجدت نفسها جالسة القرفصاء بين رجلين أحدهما أمامها والآخر من خلفها جالسين بذات الطريقة، كانت تهتز من داخلها بوجل، أوشكت على الصراخ ولطم وجهها بحدة واستجمعت رباطة جأشها لتحاوط ساقيها بذراعيها وتضمهما إلى صدرها ومن ثم تدفن رأسها بين ركبتيها المضمومتين وتبكي بنحيب..
لكزها الجالس من خلفها بخشونة ونهرها :
ـ مش عايز صداع، هتعيط لنا زي النسوان ولا إيه..
لاحظت أسنانه المصفرة وأثار مدية مرت بحدة على وجنته منذ يومين على أقصى تقدير، هذا الرجل يعاني مشكلة في مخارج حروفه وصوته يعاني حشرجة لا داعي لها، امتعض وجهها وعادت لبكائها الحار دون أن تنبس ببنت شفة..
أدار الجالس أمامها رأسه لها بشفقة، بدا عليه الانتماء إلى قاعدة اجتماعية مغايرة عما يدور حوله فقد كان مهندم الثياب لبق الطلة والأسلوب، سألها بهدوء:
ـ بتعيط ليه؟ أنتَ مظلوم؟
أمعنت أمنية النظر في وجهه وهزت رأسها عدة مرات مؤكدة فأسبل أهدابه بزفرة تعب:
ـ يبقى مش هتطول كتير لو جاي جنائي..
ورفع أحد حاجبيه بسؤال مباشر:
ـ ولا أنتَ سياسي!
سارعت أمنية بالنفي فهز رأسه مؤكدًا في يأس:
ـ يبقى هتطلع..
كفكفت عبراتها بظهر اليد الخشنة تارة وبأطراف أناملها أخرى فرفع الشاب كلا حاجبيه ومال برأسه قليلًا للأمام يتفحص هيئتها بعينين واسعتين، تغاضى عن شعوره الغريب واستدار مجددًا ليصمت تمامًا..
مر وقت ثقيل جدًا واختناقها بلغ الأفق، كادت تغفو من فرط التعب وغليان الأفكار برأسها كان لها بالمرصاد فلم تهدأ لها سريرة، أدار الشاب رأسه إليها واستشفت أنه يريد التخفيف عنها، سألها عن جريمتها فأخبرته بعينين رجوليتين مترقرق الدمع فيهما:
- تحرش..
تساءل الرجل مصدومًا:
- تحرش!
لم تحرك ساكنًا وتجهمت تمامًا فسألها باستياء رجل شعر بالإهانة للتو:
- بتحسوا بإيه وأنتو بتروعوا بنات الناس، وإيه المتعة في القرف ده..
جابهته أمنية بثبات:
- قلت لك من شوية أني بريء..
انعكست الآية وانقلبت الأدوار، رجل يمقت تدني الرجال وامرأة متهمة بتجبر ذكوري لا محل له من إعراب سوى القذارة، هادنت بصدق:
- كنت بهرب من متحرش وجريت بعيد عنه وللأسف لقيت نفسي وسط مجموعة بنات..
تصلبت عينا الشاب عليها بضع ثوانٍ قبل أن ينفجر ضاحكًا ويميل برأسه إليها يخفض صوته:
- بتهرب من متحرش!..ده أنتَ مشكلتك كبيرة بقى..
أخفض صوته أكثر يدير عينيه حولهما وعاد إليها بسخرية:
- لو حد هنا عرف ميولك مش هتطلع، االمتحرش بيعدي بس مجتمع الميم مضطهد..
توسعت أحداق أمنية بدهشة وسألته بخفوت:
- عندك مشكلة لو أنا متحرش بس معندكش لو كنت شاذ..
سعل الشاب يحذرها بعينيه أن تخفض صوتها وأجابها:
- لو بتسألني أنا عن رأيي فده مجرم وده مذنب في حق نفسه ودينه، أنا رافض الاتنين بس مش وصي على حد..
تهكمت ببسمة قاسية:
- شيطان أخرس..
تعجب من وعي الشاب البسيط رث الملابس الذي تعرف عليه توًا، رفع رأسه لأعلى:
- يمكن بحارب في جبهة أصعب..
عقبت بمرارة:
- أنتَ سياسي ومش هتطلع صح!
تنهد في يأس:
- انهزمت قبل بداية الحرب..
رمقته بشفقة تسأله:
- اسمك إيه..
ابتسم بكياسة ولطف:
- مؤيد..
هزت الرأس مبتسمة كادت تخبرها ببسمة واسعة أنا أمنية وسعيدة لأنني قابلتك لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة وأخبرته:
- أنا كرم وسعيد أني جيت هنا وقابلتك..
ضحك مؤيد بخفوت:
- سعيد بقضية تحرش..
نفت بهزة رأس:
- سعيد أني قابلت راجل بيكره الظلم..
بادلها البسمة يطرق برأسه في هدوء، وجوده خفف من وطأة المأساة..
مرت ليلة من أحلك ليالي حياتها قاطبة، مسجاة على أرض باردة بين المجرمين وفوق ذلك أوشكت الأربع وعشرون ساعة على النفاد، انفتح باب الزنزانة بحدة في اليوم التالي ونادى أحد الحراس بصوت جهور:
ـ كرم سعيد مرزوق..
لم يتلقَ الرجل أي رد فأعادها ثانية وجدت أمنية من يهزها بقوة ويسألها:
ـ بينادوا عليك يا كرم..
رفعت رأسها المنكب على ركبتيها وأخذت بعض الوقت في التشوش بعد ذلك أجابت بصوت أجش:
ـ نعم..
أشار لها إلى الباب فوجدت رجل ضخم ينظر إليها بازدراء، نهضت بتعب تنفض ساقيها المتيبسين وتقدمت إليه ببطء، أخذها إلى الأسفل بعد أن لوحت لمؤيد بالوداع، رأت الدكتور إياد على الباب يتحدث عبر الهاتف، انتبه فأشار لها وأنزل الهاتف:
ـ متقلقيش أنا خلصت كل حاجة..
قطبت تخبره ببوادر بكاء:
ـ بقالي ليلة كاملة في الحجز مع رجالة..
مال إليها يتفحص وجهها المتورم من كثرة الكدمات، حمحم غاضًا الطرف وهادنها بصوت خفيض:
ـ خلاص يا مدام أمنية المهم إننا حلينا الموضوع، مدير المركز كلم حد تقيل في البلد وعرفوا الحقيقة..
وجدت الضابط يغادر مكتبه ويمر بها ببسمة خبيثة فضربت الأرض بقدمها وكزت على أسنانها تحدجه بسخط:
ـ الظابط عرف إني ست؟!
كتم إياد ابتسامته وأومأ ببطء..
ما تلا ذلك كانت إجراءات خروجها أتمتها وغادرت برفقته والمحضر كأنه لم يكن من الأساس، استقلت السيارة بجانبه وجنح بالسيارة عائدًا إلى المركز، كتفت ذراعيها بحسرة:
ـ كدة خلاص اليوم انتهى وخلاص هرجع لجسمي تاني..
تنهد إياد دون تعقيب أوشك كرم على الإفاقة وسيتعرض لموجة هيستيرية حين يجد التشوه الذي صاب جسده في غفوته، أشاحت أمنية بوجهها تنظر إلى الشارع عبر النافذة، حظها سيء للغاية فالفرصة قد ضاعت دون إرادة منها..
دلفت برفقته بإذعان لخطى القدر، فليس مقدر لها إتمام ما بدأته، لاحظت حالة من الهرج والمرج قد لحقت بالمكان بأسره، تلفتت حولها بفضول فيما رأت أحد العاملين يركض صوب الدكتور إياد ويميل إلى أذنه بهمس جعلها تتوجس، احتقن وجه إياد برعب شديد قبل أن يلتفت إليها ويقذف قنبلته المدوية دفعة واحدة:
ـ الجهاز باظ لأول مرة في تاريخه يا مدام أمنية والصيانة هتاخد أكثر من أسبوع..
كذبت ما تسربل إليها من انقباض بارد وسألته بحذر:
ـ يعني إيه؟
هدل أكتافه بقنوط وأجابها:
ـ يعني هتفضلي لمدة أسبوع كرم سعيد مرزوق..
..
شعرت بأن الأرض من تحت أقدامها قد صارت هلامًا، فقدت شعورها بكل شيء عدا كارثة عودة زوجها بعد عدة ساعات، حياتها ستنهدم كليًا إن لم يجدوا لها حلًا سريعًا، صرخت في المجاورين بهلع:
ـ إزاي يعني، وبيتي وجوزي وولادي أعمل فيهم إيه؟
حاولوا تهدئتها بكل وسيلة وفشلوا لمدة ساعة كاملة فالحقيقة أنهم لا يمتلكون حلًا جذريًا، أخبرها إياد المضطرب:
ـ مفيش حل غير إننا نتعامل مع المعطيات إللي قدامنا..
حدجته بسخط وهتفت:
ـ وإزاي بقى هنتعامل؟
جذب مقعدًا وضعه أمام مقعدها، جلس عليه بعدما حل زرين من قميصه والتقط أنفاسه، كان ينهت بعنف يحاول تهدئة نفسه قبلها:
ـ كرم هيروح مكانك وأنتِ هتروحي بيته..
كانت تتوقع قوله لذلك الهراء وبكل المقاييس تلك مهزلة، أخفضت رأسها بيأس تحاوطها بكفيها، ومن ثم زفرت بعمق :
ـ أنتَ بتطلب المستحيل، حياتي هتخرب بسبب تهوري..
حاول طمأنتها رُغم توتره:
ـ متخافيش.. التيم كله هيشتغل عشان ميحصلش حاجة سيئة تخرب حياتك..
لم تقتنع بما قاله لكنها مجبرة على السير على خطى ما يرسمه، المشكلة الكبرى التي واجهت المركز بأكمله كانت إفاقة كرم، فقد أمضى الساعات التي قضتها أمنية بالخارج تحت تأثير المخدر..
اشتعلت الرهبة بداخل أمنية حين سمعت صوتها الرقيق يصرخ في الخارج بهستيريا تلاه اندفاع سيل من السباب البذيء الذي لم يسبق لها أن تفوهت به من قبل، الآن ظهر لها سوءة ما اقترفت، تلك اللحظة التي ما ودّت اختبارها قط، كانت منزوية على مقعد تنكمش على نفسها وجسدها يجتاز الباب بحدة رجل وعنفوانه ليقف متسمرًا أمامها ويسبها هي الأخرى ويتهم الجميع باستغلاله، واللحظة غريبة غرابة اختلال موازين الكون، كل منهما يرى جسده المنسلخ منه وقد سكنته روح آخر، سرت بجسديهما قشعريرة الوجل، قبل أن يكبلوه بعيدًا عنها أوشك على تحطيم جسده الذي سرقته منه، جسده المكدوم مسبقًا، حين استفاق قبل قليل واجهه أحد الباحثين بالأمر كله بصراحة تامة، لم يستوعب ما يسمع، تمنى أن يكون كل ذلك مجرد كابوس سيستفيق منه فور استيقاظه من النوم لكنهم أكدوا له وقوعه في تلك الورطة، اهتاج كليًا ونهض يكسر كل شيء بجنون تام، كبلوه وحقنوه بمهدئ كي يتسنى لهم توضيح له حتمية الاستمرار في هوية يرفضها كليًا، هدأ كرم قليلًا ولكن حين رآها أمامه جنّ جنونه مجددًا، نجحوا في السيطرة على انفعاله وأجلسوه قبالتها على مقعد ضخم، جلس مشدوهًا يناظر نفسه، عيناه وملامحه التي ما رآها من قبل إلا انعاكسًا في المرآة قد تجسدت أمامه حية، تنفس بعمق وسبهم ببذاءة، قبل أن يضرب الفخذين البضين بكفيه بعنف، صاح بقوة وعنفوان:
ـ أنا راجل يا ولاد ال.....
انتفضت أمنية محلها وانكمشت على نفسها تناظره كحيوان خجول يبرز عينيه بترقب من خلف الأحراش، أنقذها من براثن كرم تدخل الدكتور إياد بإحضار مقعد ووضعه ليكمل دائرة ويجلس عليه، صوب إياد ضربته سريعًا إلى كرم:
ـ أسبوع واحد بس يا كرم وهتاخد من المركز تعويض مناسب أكتر بكتير من إللي اتفق عليه مسعد معاك..
التفت إليه بحدة فاتسعت أحداقه بجنون:
ـ وفلوسكم هتعوضني عن رجولتي؟
افتر ثغر إياد ببسمة جامدة:
ـ وكانت نفعتك في إيه رجولتك وأنت مش عارف تتجوز بسبب الفقر..
كان فظًا غليظًا مُحقًا مع الأسف، رأى توحش الصدمة يحفر طريقه إلى كرم فحمحم بخفوت وضيق عينيه بخبث:
ـ أسبوع واحد بس مش هيخسر رجولتك حاجة، وبعدها هتاخد مبلغ متحلمش بيه تبدأ حياتك الزوجية واثبت رجولتك براحتك وقتها..
شرد كرم بتفكير عميق، إدراكه بنفاد الحيل التي قد تحل معضلته جعلته يتراجع عن ثورته، أدار رأسه يحدج أمنية بسخط تلاه نظرة حارقة إلى إياد:
ـ أنتو عارفين بتساوموني على إيه؟
سعلت أمنية فسمعت صوتها الخشن واستنفرت حواسها ببغض للحالة برمتها:
ـ أنا آسفة يا أستاذ كرم..
حدجها بسخط، كاد يجن جنونه حين سمع صوته وقد اقتنصته امرأة تحدثه به، تلفت حوله كالمخبول وهدر بحدة :
ـ آسفة!.. وفري أسفك لنفسك يا ست أنتِ..
انتابها الخزي فأطرقت صامتة، تدخل إياد بحكمة قائلًا بينما يعدل من وضعية عويناته الطبية:
ـ لازم تهدوا عشان تعرفوا تفهموا بعض تفاصيل حياتكم، لاحظوا إن محدش من أهلكم يعرف..
زفر كرم بغضب فيما كتفت أمنية ذراعيها أمام صدرها كلتميذة نجيبة على وشك تلقي محاضرة مهمة وتمتمت:
ـ أنا مستعدة..
اخترق صدرها وخزة أرقتها، ستهجر أطفالها لمدة أسبوع كامل، لكن ماذا عساها أن تفعل، تلك ورطة وضعت نفسها فيها بل وورطت شخص معها ليس له ذنب سوى حاجته لبعض المال..
..
أمضيا الساعتين التاليتين في جلسة ثنائية مغلقة، كلٌ أمام متقمصه يحكي له عن نفسه، روتينه.. عاداته.. وعادات من حوله في البداية وجدا صعوبة في فهم بعضهما بعضًا، فالانتقال من كينونة إلى أخرى لا يتم بتلك البساطة، نصحهما الدكتور إياد بذكر كل التفاصيل عن نفسيهما كي يتفاديا الصدمات..
بالنهاية قد حان وقت انصهار كل منهما في حياة الآخر..
غادرا المركز معًا مجبرين؛ نتيجة الرفض لن تختلف كثيرًا عن القبول، كانا خائفين من المجهول القادم عاجزين عن التصرف، فما يحدث أشبه بإلقاء زوج من الأسماك المبتورة الزعانف وسط بحر ثائر مع الطلب منهما في لباقة أن يتكيفا، قادت أمنية سيارتها واجمة فيما جاورها كرم الحانق، والحنق هنا لا يصفه بشكل دقيق، كرم حانق.. غاضب.. ساخط.. كاره لكل شيء وقانط على كل شيء..يود كسر عظامها وعظام من عاونها ومكبل مع الأسف..
...
أخذته إلى منزلها، ضرب من الخيال أن تحضر رجلًا إلى عش الزوجية وتصعد به هكذا بسهولة، سبقته إلى السلم تتلفت حولها حتى تفقدت باب جارتها في ذات الطابق السيدة نوال المتلصصة المستديمة على قاطني البناية، وجدت بابها مغلق فتنفست الصعداء، أخرجت سريعًا مفتاح شقتها وفتحت بابها، ارتفعت معدلات الذعر في دمها إلى مستوى مرتفع حين أشارت له كي يتبعها، دلفت بحذر وكان خلفها يتأفف ويكز على أسنانه، استدارت إليه حين سمعته يغمغم ببغض:
ـ منكم لله يا ولاد ال..........
غضت الطرف عن ذلك وعادت تواصل طريقها للأمام ببطء، لو كانت محله لهشمت رؤوس الجميع غيظًا..
احتشدت قطرات من العرق البارد على جبينها فأزاحتها بزفرة حارة، انتقلت سريعًا عبر الأروقة تشير له:
ـ ده الريسيبشن..
بصق على الأرض بغلظة فاشمأزت واستدارت له تتوسله:
ـ لو سمحت يا أستاذ كرم، بلاش التصرفات دي خالص، حضرتك ده بيت نضيف ومش عايزة الولاد يتعلموا السلوكيات دي..
حدجها شزرًا:
ـ سلوكيات؟.. هو أنتو لسة شفتوا تصرفات وسلوكيات!
رفعت كفيها إلى وجنتيها فتقابلت خشونة اللحية مع راحة الكفين لتلعن نفسها وحماقتها، تقدمت منه تزيد من توسلها:
ـ هزود الفلوس أضعاف مضاعفة بس أرجوك بلاش حياتي تبوظ بسبب غلطتي..
كانت نظراته التي يرمقها بها موحشة، مفتقرة للباقة لا تنتمي لها، كالنشاز بالنسبة لجسدها ورقته، سألها بوقاحة فيما يرمقها باستهانة:
ـ قوليلي كنتِ عايزة تتحولي لراجل ليه..
كتفت ذراعيها أمام صدرها وأشاحت بوجهها، حاولت النطق بحزم فخرج الصوت خشنًا:
ـ دي حاجة تخصني أنا..
عقب بقلة تهذيب:
ـ الله يحرق.........
صاحت دون سيطرة على انفعالها:
ـ بطل شتايم بقى أنا مبحبش أسمع الكلام ده ولا حابة ولادي يسمعوه..
أراد تمزيقها ومن ساعدها إربًا، الأوغاد استغلوا حاجته المادية وورطوه في حكاية لا تمت له بصلة وجردوه من كل معاني رجولته، رجولته هي الشيء الوحيد الذي يمتلكه في هذا العالم، يومًا ما سيقاضيهم، بالتأكيد يوجد قانون يضمن له حقه..
علق على ما قالته بسماجة:
ـ أنا برده مكنتش أحب حد يستغلني ويقلبني واحدة ست..
شعرت بإهانة وكأنما يبصقها في وجهها، تأففت وقد قارب صبرها على النفاد:
ـ عارفة إن اعتذاري مش كافي يا أستاذ كرم، لكن ده الوضع وأنا أكتر واحدة نفسي أرجع لحياتي وأنتَ ترجع لحياتك..
تحركت إلى الداخل مشيرة له في عملية إلى الغرف أرته غرفة الأطفال وكل شبر في مطبخها وعند غرفة نومها سألها ساخرًا:
ـ وجوزك بقى نظامه إيه؟
حدجته تكز على أسنانها:
ـ نظامه إيه إزاي..
كتف ذراعيه واستند للحائط بظهره يرمقها بخبث:
ـ يعني لو هو تمام إيه إللي خلاكي تتحولي راجل..
امتعض وجهها وسارعت بالدفاع عن زوجها:
ـ جوزي زي الفل ثم إن دي أمور خاصة..
شعر بالخطر يحدق به فهب بعنفوان الرجال متنافيًا تمامًا مع الجسد الأنثوي الذي يحتله:
ـ زي الفل إزاي ما اتفقناش على كدة أنا راجل قوي..
تأففت من مزاحه السخيف، في الحقيقة لم يكن يمزح، لقد شعر بالخطر فعلًا، أشارت إلى غرفة الأطفال بلا مبالاة:
ـ اتحجج بأي حجة ونام في أوضة الولاد..
..
مر الوقت بسرعة البرق، وكان حتميًا المضي قدمًا بضعة خطوات، لقنته سريعًا طريقة حديثها ومشيتها وسمعها دون اكتراث، أوصلته إلى بيت أختها تحت وقع خفقات قلب مضطربة، تلك هي لحظة الانطلاق الأولى، ذهبت معه بصفتها عامل استأجرته لحمل الحقائب، اندفع الأطفال الثلاثة صوب كرم المتجسد أمامهم في هيئة أمهم وانطلقوا يحتضنونه باشتياق، زوج من الذكور وفتاة، ناظرتهم أمنية بغلالة عبرات شفافة تغلف حدقتي رجل، انخلع لب الأم الحقيقية فيما قابلهم كرم بجمود، شعروا بشيء غريب في تلك المقابلة لم يستطعوا تفسيره، أخذا الأطفال ورحلا تاركين أختها خلفهم مندهشة من تجاهل أختها أمنية التام لها، سأل الأطفال عن هوية الرجل الذي يرافقهم فأجابهم كرم بحدة:
ـ ده جاي يشيل الشنط..
تبادل الأطفال الجالسين في المقعد الخلفي، ثمة شيء خاطئ يعجزون عن التقاطه، تدخل الرجل المرافق لهم قائلًا بلين:
ـ أنا جاي أساعد مامتكم شوية صغيرين وهمشي..
التقطوا بقايا غصة في صوته لم يكترثوا لها، مالت الصغيرة تريح رأسها على فخذ أمها المجاورة لها فتجمد كرم وتجمدت أمنية وتجمد الهواء من حولهما، تسربل الرعب إلى قلب الأم فيما ناظرت كرم بتوسل، رباه كيف ستستأمنه على طفلتها، بل كيف ستستأمنه على حياتها بأكملها، تجاهلها وأشاح بوجهه يناظر المارة على الطريق..
وصلوا إلى بوابة البناية التي يسكنوها وأشارت له كي يصرف الأطفال، أمرهم بصوت رقيق:
ـ اطلعوا فوق يا عيال أنا جاي وراكم..
جملة من الأخطاء ارتكبها في عدة حروف، مما جعل أمنية تسعل بخشونة وتتوسع عيناها ذعرًا فصحح بنزق:
ـ جاية ..جاية يا حبايب أمكم..
كلما تحدث يزداد حجم الورطة، عليها بالابتهال لعِقد بأكمله كي يحسن التصرف، صعد الأطفال وتركوهما وحدهما، تقدمت أمنية منه بحذر:
ـ حاسب على طريقة كلامك يا أستاذ كرم..
عبث الهواء بالخصلات الناعمة المصبوغة بعناية فأزاحها للخلف بحدة، وغمغم من بين أسنانه التي يكز عليها:
ـ بطلي تديني أوامر يا ست أنتِ..
قبضت كفيها بارتجاف وطاف بعينيها البؤس:
ـ مش سهل عليا أستأمنك على حياتي كلها..
هز رأسه بلا مبالاة وهدل كتفيه:
ـ خلاص إحنا فيها وكل واحد يروح لحاله..
أطرقت بقهر:
ـ يا ريت ينفع..
رفع الرأس الأنثوي بغطرسة:
ـ خلاص يبقى تحطي لسانك في بوقك وتسكتي..
ابتلعت حديثها مجبرة، وتنهدت بقنوط..
تركها كرم واقفة محلها وصعد الدرج، طرق الباب بحدة بأنامله الخمسة المفرودة، فتحه أحد الأطفال ولم يكلف نفسه عناء البحث في الذاكرة عن اسمه، ابتسم له بمحبة وارتمي بأحضانه هاتفًا بطفولية:
ـ وحشتيني يا مامي..
عانقه لثانيتين على مضض قبل أن يزيحه ويدلف، خلع الحذاء الأنثوي على الباب فانعقد جبين الطفل وسأله:
ـ أودي شوز حضرتك مكانه؟
أجابه بنظرة ملولة:
ـ وديه في أي داهية متصدعنيش..
في طريقه قابل الآخر فأمره بصلف:
ـ روح شوف لي حاجة تتاكل في المطبخ..
وقف الطفل لحظات مندهشًا من الطريقة التي حادثته بها أمه ومن ثم استدار متوجهًا صوب المطبخ بصمت، ارتمى كرم على الأريكة والتقط جهاز تحكم التلفاز يفتحه ويجلس بأريحية، أدار عينيه إلى الطفلة الصغيرة الشبيهة بأمها الجالسة جواره تعبث بلعبتها الوردية وأمرها بفظاظة:
ـ قومي يا بت ساعدي أخوكِ..
امتعض وجه الطفلة وسألته مشيرة إلى نفسها:
ـ أنا يا مامي؟!
رفع حاجبيه متصنعًا الغباء:
ـ في حد غيرك هنا؟
هزت رأسها نفيًا ببطء فرمقها بسخط:
ـ وطالما مفيش غيرك يبقى هكلم نفسي مثلا!..
تركت لعبتها جانبه وانزلقت من فوق الأريكة إلى الأرض وركضت صوب المطبخ..
..
أحضر له الأطفال بعض الأطعمة الباردة وتناولها دون أن يتحرك من موضعه ضاربًا آداب الطعام التي علمتهم إياها والدتهم رصاصة في منتصف الجبهة، غلفت الفوضى إمساكه بالشوكة والمضغ والابتلاع مما جعلهم يشمئزون دون أن يجسروا على التعليق..
تمدد على الأريكة لساعة كاملة شاردًا في حاله وأرزاق وأمه، ومابيده حيلة تعيده إليهما الآن، نهض بملل وتوجه صوب غرفة النوم، فتح الخزانة التي أشارت له أمنية إلى موضعها وتفحص ثيابها بفضول، مهما كان ناقمًا كارهًا للوضع سيظل بداخله جزء فضولي للاستكشاف، مد يده يلتقط بعض الثياب المعلقة، سراويل من الجينز وأخريات كلاسيكية إضافة إلى سترات قاسها على جسد المرأة الغبية فوصل إلى الردفين بالكاد وضعهم محلهم وتفحص بقية الملابس، كانت أثواب قصيرة بنصف أكمام بدا عليها الرقي، وضعها دون ترتيب والتفت إلى باب آخر من الخزانة، ملابس منزلية قطنية وأدراج للملابس الداخلية، شعر بإهانة وانتهاك معنوي حين قبض بيده على قطع الملابس الصغيرة تلك، غمغم بغيظ:
ـ يا ولاد ال.......
تنفس بصعوبة فما يحدث لا يخضع لمنطق ولا يفهمه عقل، التقط ملابسًا منزلية في عشوائية وتوجه صوب الحمام، خلع عنه الملابس ومرر الأنامل على جلد الكتفين الدبق، منذ متى لم تستحم تلك المرأة، ليس مهووسًا بالنظافة على أية حال لكنه يشعر بتشنج العضلات، وقف عاريًا أمام مرآة، اتسعت الأحداق غريزيًا فلأول مرة يحدث ذلك الأمر، هو وجسد امرأة في خلوة، وللسخرية المقيتة قد أصبح تلك المرأة، لم يرَ امرأة عارية في الواقع من قبل قط، مشاهد فيلم إباحي أو ملامسة أرزاق بمجون لم تعطه كفايته ذي قبل، ليس ذنبه أنه شهوانيًا ليس ذنبه أنه ذكر وقطعًا ليس ذنبه أن جسد المرأة الذي يحتله قد راق له..
مرر الأنامل على الخطوط البيضاء الرفيعة على المعدة، قطعًا تلك آثار تمدد الجلد أثناء الحمل، أخرجه من شروده طرق قوي على باب الحمام وهتاف الأطفال المتحمس:
ـ بابا وصل يا ماما..
شخصت عيناه لدقيقة كاملة، بابا وماما! الأمر يأخذ منحنى أكثر خطورة وقد سرت في الجسد قشعريرة نفور، فتح الصنبور ونظف الجسد بعناية وارتدى الملابس، لم يهتم بتمشيط الخصلات وربطها للخلف بعشوائية، فتح الباب بحذر وبحث بالعينين عن ذلك الرجل اللعين الذي تتزوجه الحمقاء، برز له في الردهة رجل خشن الملامح قوي البنية يناظره بشوق تأفف بصوت مسموع فقطب الآخر بدهشة ليس من عادة زوجته الفتور مطلقًا، اتخذ أمجد صوبه خطوة وبادر بالعناق، لحظة واحدة ودفعه كرم للخلف بزعقة حادة:
ـ إيه في إيه؟
سأل الزوج العائد بدهشة:
ـ في ايه أنتِ يا أمنية مالك؟
زفر بقوة وأجابه في عصبية:
ـ حرانة يا أخي مالي يعني..
ردد أمجد خلفه بعقدة جبين :
ـ حرانة!..
لم يكن يتوقع لقاء كذاك فبدى عليه الحنق ليسأله كرم ساخرًا:
ـ أول مرة تشوف حد حران ولا إيه يا مجدي؟! اتسعت عينا أمجد بصدمة بالغة فتدارك كرم نفسه وازدرد لعابه مصححًا:
ـ أمجد، بدلعك يا أمجد..
انصرف أمجد بعد هزة رأس غاضبة ولسبب ما لم يحبه كرم، لن يحبه أبدًا، فأي ذكر لن يستسيغ وجود ذكر آخر يتفوق عليه فحولة، وكرم في عرف نفسه هو الأكثر فحولة على الإطلاق وها هنا تنقلب الموازين أمام عينيه ويتفوق الزوج الجاهل بكل شيء..
***
مليش غير أمي وأرزاق..
رنت جملته في أذنها حين خطت الحي الشعبي الذي يقطنه، لم تسنح له فرصة أخذها من يدها وتعريفها بعالمه كما فعلت معه، لذا فعليها الاستكشاف بنفسها دلفت أولًا إلى ميدان عريق متفرع منه شارع كبير، يتفرع منه عدة شوارع أصغر ثم أزقة غاية في الضيق، اجتازت كل ذلك حتى وصلت فرغم كل شيء العنوان مباشر جدًا، منازل ذات طابقين متقابلة، عتيقة تعود إلى عصور سحيقة، جدران المنازل متهالكة حفرت عليها السنون ماضي أصحابها فأوشكت على السقوط، كما أخبرها تمامًا الأطفال تركض كالمجاذيب لا تأبه بالمارة بتاتًا، رائحة العطور الرديئة أخبرتها أنها قد وصلت وجهتها بالضبط فتلك الرائحة التي تميز بيت جارته نجيبة المجاور لبيته والتي أقامت مشروعها الصغير الخاص بتركيب العطور في منزلها كي تساعد زوجها في سد رمق أولادهما الثلاثة..
وقفت أمام الباب الخشبي المقصود تتفحصه، عتيق مدون عليه اسم كرم بجير أبيض حال إلى صفرة مقيتة، مدت يدها تدفعه برفق فتعالى أزيزه المزعج، برزت لها مع الرائحة الكريهة التي أزكمت أنفها وصابتها بالغثيان رأس عجوز جالسة أرضًا في ممر ضيق، امتعض وجه المرأة هاتفة في غلظة حين رأت كرم أمامها:
؟.. ـ افتكرت إن لك أم، فات كام سنة ياكرم
فوق غرابة الموقف نفسه عليها اندهشت مما تفوهت به المرأة، لا تعرف الكثير عنه بل لا تعرف شيئًا على الإطلاق، كيف تحسب غيابه بالسنون وهو الذي أبلغها بأنه مرابط جوار أمه لا يبرح المنزل إلا للضرورة، عليها بالهدوء كيلا تسبب كارثة ليس بسهل أن تحل محله في يوم وليلة، حمحمت أمنية بخشونة ونطقت بالصوت الرجولي:
ـ حضرتك عاملة إيه؟
حدقت بها المرأة باستغراب قبل أن تشيح بوجهها وتبصق أرضًا هاتفة:
.. ـ زي الزفت يا عين أمك
اضطربت أمنية وتزايدت رمشاتها في توتر، نظرات المرأة الشزرة دفعتها إلى حافة البكاء، أوشكت على كسر شرنقة الرجل التي تحاوطها والتعبير عن مكنوناتها الأنثوية منفجرة في بكاء حار، بكاء فراق الأطفال والعائلة، وبكاء الورطة التي سقطت بها مع امرأة تناظرها بغلظة ورائحة بيتها تثير الاشمئزاز، مدت أقدامها خطوة مترددة ومن ثم شجعت نفسها لتدلف كليًا، ضيق الممر سبب انقباض عضلات صدرها فأوشك قفصها الصدري على سحق رئتيها وقلبها، لم تنهض المرأة من مكانها مما أجبر أمنية على خفض العينين إليها، هزيلة رثة الثياب نال منها الشيب مناله، لاحظت أمنية انسياب بول المرأة وتسربه من قماش ثوبها إلى الأرض المتسخة مما زاد هيئتها صعوبة، شهقت بصوت مكتوم، لم يخبرها كرم بوضع أمه، لم تمنعها نقمتها على كرم من الشفقة على السيدة العجوز، أخرجتها من لجة أفكارها حين قالت بوهن:
ـ مكلتش من بدري يا كرم نجيبة مجتش من الصبح وبطني بتوجعني من الجوع..
لا تعرف أمنية وضعها كما لا تعرف بإنها لا تتذكر أحد في هذا العالم سوى كرم ابنها وجارتها نجيبة التي حكى لها عنها كرم باختصار شديد..
دلفت إلى الداخل دون رد وارتقت
الدرج الوحيد أمامها بأقدام مهتزة متخطية الغرفتين والمطبخ والحمام بالأسفل، وبالأعلى كما أخبرها شقة صغيرة بذات المساحة الضيقة، فتحت الباب الخشبي الصغير بالمفتاح الموضوع فيه ودلفت مغلقة إياه بيأس وكأنما تهرب من شبح الحياة الجديدة الذي يطاردها، استندت بظهرها إلى الباب وانسابت من بين الرموش عبرة أنثوية لا تنتمي لكرم ولا جسده، مدت اليد اليمين تلتقط الهاتف من جيب السروال الذي ترتديه، وجدت عشرات المكالمات مش شخص يُدعى عماد كان كرم قد أخبرها بأنه صديقه المقرب وعدة مكالمات أخرى من أرزاق خطيبته الـتي أيضًا أخبرها عنها..
لم يكن وقت هذا ولا تلك، تخطتهما وطلبت رقم آخر أدرجته إلى القائمة حديثًا كان رقمها هي الذي منحته لكرم..
وصلها الرنين بثبات فأغلق الهاتف عدة دقائق قبل أن يجيبها بصوت خافت، سارعت تشكوه هول ما وقعت به:
ـ أنتَ إزاي يا أستاذ كرم متقوليش وضع حياتك بالتفصيل..
زمجر بصوت ناعم قبل أن يجيبها بغيظ :
ـ وكان إيه هيتغير بقى..
حاولت التنفس ببطء وتبرر:
ـ كنت هبقى عارفة حتى أنا بتعامل مع إيه..
سخر بخبث:
ـ الصدمة بنت........ مفيش كلام!
تأففت بنزق، كان يشير إلى صدمته باستغلاله الاستغلال الأسوأ على الإطلاق، صمتت تنتظر تعليقه الأخير فقال باستهانة:
ـ البيعة ربحانة أنا مكانك وأنتِ مكاني وزي ما مسئوليتي بيتك وعيالك مسئوليتك أمي وخطيبتي..
فند أبعاد الخطة وأتبعها بتهديد صريح:
ـ لو مش عاجبك الشيلة يفتح الله أروح أقول لجوزك وأفضح الدنيا..
ما بيدها حيلة وليس من ضمن رفاهيتها أن ترفض، أطرقت تبعد الهاتف عن الأذن وتغلقه بصمت، عليها مسئولية كبيرة وليست واثقة من قدرتها عليها ، أجهشت في بكاء مرير مزق
قلبها تمزيقًا هي المذنبة الأولى في حق نفسها عليها مسئولية أكبر من استيعابها والأدهى أنها تركت بيتها وجسدها لرجل، ماذا عليها أن تفعل وهي من سلمته نفسها وتركت له زمام أمرها، ماذا إن استغل الوضع بدناءة واستحل جسدها الذي تركته أمانة معه، انتابتها نوبة غثيان وبكاء مريرين، آااه من الجنون الذي ألقت بنفسه فيه، عليها بقتل تلك الأفكار قبل أن تقتلها..
جلست لمدة ساعة على مقعد متهالك في الصالة الفارغة صموت كآخر بشرية في الكون، توقفت عن غرقها في دوامة العجز ف البكاء والعويل ولطم الوجنتين لن ينفعوها الآن، إن جلست حتى محلها تندب حظها مليون سنة لن يتغير في اللحظة التي تعايشها شيء، نهضت بجمود تفتح الباب وتهبط الدرج، قابلتها المرأة بوجهها الممتعض:
ـ رجعت امتى من برة يا كرم؟
أطبقت الشفتين بقوة وزفرت من الأنف ومن ثم ارتخت قسمات الوجه المنكمشة؛ العالم المنقلب رأسًا على عقب لن يحتوي على شيء مثير للدهشة بعد الآن..
أعادت الزفرة بحرارة وأجابتها:
ــ لسه جاي حالًا ..
تساءلت المرأة مندهشة:
ـ وشك ماله؟
طال الشحوب الوجه وغُص الحلق بالرد الخافت:
ـ لا ولا حاجة يا ماما..
رددت خلفها باستغراب:
ـ ماما!!
اتسعت أحداق أمنية بتوتر قبل أن تأخذ جولة قصيرة في أرجاء الشقة متهربة منها، درست كل ركن فيها بسرعة بديهة وعرفت محل الملابس النظيفة في قاع الخزانة ومكان المنظفات في مكان مرتفع بالحمام ومكان الأواني والبيض والجبن في المطبخ..
ساعدت والدة كرم لتنهض واستجابت المرأة كطفلة تائهة، أدخلتها إلى الحمام وأجلستها على مقعد خشبي، تخلت أمنية عن كل سبل المدنية التي تغرق بها، إذا ودت لأولادها الحياة بأمان برفقة كرم لمدة أسبوع عليها أيضًا أن تسديه معروفًا وتعتني بأمه كما يجب، إضافة إلى ذلك ودون أي اعتبارات تخص أولادها ستتصرف بإنسانية، لديها جزء إنساني قد تعاطف مع المرأة بدد نصيب الأسد من اشمئزازها في موقف كذاك ..
أحضرت الماء الدافئ في آنية بلاستيكية ضخمة وحممت المرأة دون أن يظهر على وجهها أي من معالم الامتعاض الذي لن تنكر كونها شعرت ببعضه، كانت ثابتة الانفعال فقط كلما ناظرتها المرأة بتيه ابتسمت لها أمنية بحنو وأمومة..
بالنهاية انتهت وألبستها ثيابها النظيفة وساعدتها لتذهب صوب غرفة نومها، بدلت لها ملاءة الفراش والأغطية وأجلستها برفق، بعد عدة دقائق عادت إليها بالبيض المقلي ساخن ولذيذ مع بعض الجبن وكسرات الخبر
التي وجدتها صالحة للأكل بالمطبخ..
غادرت الغرفة واستندت إلى الحائط بتنهيدة أسى، مهمتها شاقة لكن ما بيدها حيلة، أدارت عينيها في المكان المتسخ وتوجهت صوب الحمام العتيق تحضر أغراض التنظيف، المنزل كله عتيق جدًا تكسو جدرانه الأتربة وخيوط العنكبوت في كل مكان، طفقت تنظف مغارة الموتى تلك بعزيمة من فولاذ، بعد ساعتين كانت تجلس جوار التي غفت على الفراش بوداعة، تنشقت أمنية بقايا رائحة الكلور الذي نظفت به المنزل بذات الأسى الذي صاحبها أثناء التنظيف، الآن انتهت من المهمة بالكامل وحتى قد غسلت الثياب كلها وبحثت عن مكان تجففهم بهم فهدتها الأقدام إلى سطح المنزل لتجد عدة أحبال مشدودة على ارتفاع ثلاثة أمتار عن الأرض وضعت عليها الثياب مفرودة، انتشلها من شرودها نداء امرأة متوسطة الطول والبنية على السطح المجاور:
ـ حمدلله على سلامتك ياكرم..
أخذت أمنية بضع ثوانٍ حتى أدركت أنها توجه لها الحديث، ابتسمت لها بتردد فأخبرتها الأخرى:
ـ أمك وجعت دماغي بالأسئلة عنك، اعمل لها أكل أنا فطرتها من بدري..
الآن عرفتها، تلك هي الجارة نجيبة، أومأت لها بإذعان وقالت:
ـ أكلتها من شوية ونامت..
طريقة أمنية في نطق الكلمات أثارت ريبة نجيبة التي عقدت حاجبيها لوهلة قبل أن تحرك كتفيها وتنصرف بإماءة وداع..
راقبت أمنية رحيلها بذهن شارد قبل أن تهبط مجددًا، صنعت كوبًا من الشاي الخفيف وتجلس على إحدى درجات السلم النظيفة تحتسيه بهدوء، الآن قد قامت بدورها ك كرم على أكمل وجه..
***
أكثر ما أرّق كرم وقض عليه مضجعه حدث بحذافيره دون نقصان، حلّ المساء على المنزل كما حلّت الرغبة العارمة لرب المنزل في عناق زوجته بل وتجلي أمنياته ومخيلته لأبعد من ذلك، ذهب الأطفال الثلاثة إلى أفرشتهم وغطوا في نوم عميق، كان كرم جالسًا على أريكة أمام التلفاز يحتضن علبة مثلجات يتناول محتواها بملعقة كبيرة تخص الأرز، تجاهل أمجد بشاعة الطريقة التي ترفع بها زوجته الملعقة إلى فمها تلتهم محتواها ومن ثم تلتقط بقية ما لوث شفتها السُفلى بلسانها، جلس بدوره جوارها مستندًا بظهره للأريكة ورفع يده يحاوط كتفيها بذراعه وابتسم بشوق مائلًا برأسه إلى رأسها، تصلب كرم الذي يحتل جسد الزوجة مع الأسف، تباطأت حركة الأنامل وازدراد اللعاب كما دقات القلب المرتابة، انتفض من الداخل حين حط أمجد بشفتيه قرب جبين زوجته، انتفض كرم بغتة فسقطت العلبة والملعقة وتبعثرت المثلجات فوق السجادة، تفاجأ أمجد من ذلك ونهض بدوره وقد بُعث غضبه من جديد، غضبه الذي جاهد لكبته بعد استقبالها البارد له وأحضر طعامًا جاهزًا ومقرمشات ومثلجات تحبها زوجته كي ينعم بليلة دافئة بين أحضانها..
اندفع كرم صوب الحمام ودلف هاربًا وصفقه بحدة حتى يفهم الآخر استحالة تنفيذ أفكاره الدنيئة..
...

نصف ساعة وخمس دقائق ليسوا بخسارة من أجل إنقاذ شرف رجل..
ظل كرم جالسًا على حافة حوض الاستحمام بداخل حمام شقة أمنية والخصلات الناعمة تسترسل على جيد الجسد الذي يحتله، تناهى إلى مسامعه صوت زوجها زعق من الخارج بنزق حاد:
ـ هتيجي يا أمنية ولا أتخمد.
دمدم كرم من بين أسنانه:
ـ اتخمد!
وصل الصوت مشوشًا إلى أمجد بالخارج فاقترب يضع أذنه على الباب ويسأل:
ـ بتقولي حاجة؟!
حكّ كرم رقبته بحدة وتصنع الدلال الأنثوي المائع:
ـ مبقولش ياحبيبي..
وصله الصوت من الخارج مستغربًا:
ـ حبيبك..
زفر بحنق فيبدو أن الليلة ستطول وقد ينكشف الأمر إذا استمر ذكر الضفدع بالخارج في إلحاحه البغيض سمع الصوت مجددًا يتوعد:
ـ لو مخرجتيش حالًا هكسر الباب..
نهض كرم من مكانه وتخصر متحركًا في اتجاهات عشوائية في عادة يفعلها حين يفكر بعمق..
فكر أن يخرج ويقول له
( شُفني بقلبك ياخويا)
وكاد يندب حظه لأن الحيلة فاشلة؛ فلايرى الرجال بقلوبهم بل بغرائزهم وهو كمثلهم يرى لون الغلالة قبل لون بشرة صاحبتها..
تساءل لماذا يتذكر الناس سي عاطف ولا يتذكرون اسم زوجته زفر بسخط من اعوجاج أفكاره فقد بات يفكر من وجهة نظر نسوية بعدما انزلق وعيه في حُلة امرأة فكر أيضًا أن يتعايش مع الوضع والفكرة تشبه فيلسوف أحمق مجهول فسر نظرية التكيف بأهواء شخصية مستندًا إلى قاعدة أنَّ البيئة هي السيدة، ضحك من جنوح أفكاره الملتوية ف بالتأكيد ذاك الفيلسوف كان يبرر شذوذه!
..
مضى وقت طويل قضاه جالسًا على حافة حوض الاستحمام، المنزل بالخارج صار هادئًا وعضلاته قد تشنجت، نهض يقترب من الباب بحذر ومد يده يدير المقبض ببطء، فتح الباب بهدوء ومدّ الرأس للخارج بقلق، ستكون كارثة حقيقية إن كان الزوج مازال مستيقظًا، إما أن يُخضع زوجته لسطوته الذكورية أو يطلقها لأنها ستكون في عرف الرجال ناشزًا!
مد قدم وعيناه على حالها تمشط الممر، ظل الهدوء مسيطرًا فقصد غرفة الأطفال ودلف بسرعة إلى فراش الفتاة، أيقظها بغلظة يديه، نهضت تفرك عينيها وتناظر أمها باندهاش، أشار لها كرم على الممر وهمس بفظاظة:
ـ روحي نامي في أوضة أبوكي وإياك أشوفك جاية هنا تاني..
علقت الطفلة التي مازال النعاس يسدل أستاره على أجفانها:
ـ بس دي أوضـتي وده سريري..
زجرها كرم بنظرة حادة وتمتم بحنق:

ـ الأوضة دي بتاعة الرجالة بس متجيش هنا أبدًا.
جادلته الطفلة ببراءة:
ـ بس أنتِ بنت زي يا مامي..
زفر بقوة فقد أججت غضبه وأضحى على شفا الانفجار، كز على الأسنان بعنف:
ـ أنتِ هتعملي لي فيلم هندي، قومي يا بت غوري عند أبوكي.
ارتدت رأس الفتاة للخلف بزعر وأومأت بالقبول بصمت، نهضت متمسكة بدميتها


القطنية واحتضنتها قبل أن ترميه بنظرة حزينة وترحل إلى غرفة أبيها..

انتهى الفصل
قراءة ممتعة
في انتظار تعليقاتكم❤🥳



التعديل الأخير تم بواسطة م ام زياد ; 13-03-21 الساعة 12:47 AM
samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-03-21, 10:54 PM   #8

نهى حمزه
 
الصورة الرمزية نهى حمزه

? العضوٌ??? » 422378
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 262
?  نُقآطِيْ » نهى حمزه is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميل جدا على الرغم من كمية الضحك لكن الوضع فعلا مأسوى كرم راجل حياته ملخبطه يعنى مش نظام حياة امينه فهى هتدخل تجربه غنيه لكن هو وضعه صعب جدا جدا هههههههههههههههه طول عمرى اقول الست اقوى بتدبيرها لامورها فى اصعب الظروف والراجل داما يغرق فى شبر مايه ومع ككل التفاصيل ومحاولة استيعاب كل منهم لمسئولياته نجد ان كرم اكثر تضررا من امنيه الفكره مش جديده لكن التفاصيل خلتها جديده نوفى تسلم ايدك يا سمر عموما انت مش غريب عليك الحاجات الحلوه دى

نهى حمزه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-03-21, 12:46 AM   #9

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

قنبلة ضحك يخرب بيت كده 😂😂😂😂😂😂
بس يمكن كل واحد يفهم انه يرضى بحاله
تسلم ايدك يا سمر 😘😘😘


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-03-21, 01:37 AM   #10

عبير سعد ام احمد
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبير سعد ام احمد

? العضوٌ??? » 351567
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,136
?  نُقآطِيْ » عبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond repute
افتراضي

لأ لأ مش ممكن
انا كنت ماشية مع الاشارات في الفصل الاول
واقول لنفسى لأ انا فاهمة غلط
مش ممكن أمينة تعملها بس كنت متخيلة أنها هتعمل العملية وتكمل علي كدة لكن طلعت تجربة وعلي حظها الاسود الجهاز باظ
بس ذنبه ايه كرم ياربي موت ضحك عليه وهو في الحمام
كنت مش عايز تتعب وتنزل تشتغل شوف الزكية اللي انت فيها الوقتي


عبير سعد ام احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:43 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.