آخر 10 مشاركات
عذراء في ليلة زفافها (22) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          عذراء اليونانى(142) للكاتبة:Lynne Graham(الجزء2سلسلة عذراوات عيد الميلاد)كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الخلاص - سارة كريفن - ع.ق ( دار الكنوز ) (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          عذراء الإيطالى(141)للكاتبة:Lynne Graham(الجزء1سلسلة عذراوات عيد الميلاد) كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          اخطأت واحببتك *مميزة*& مكتمله* (الكاتـب : Laila Mustafa - )           »          ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4112Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-10-21, 09:09 PM   #991

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 56 ( الأعضاء 12 والزوار 44)

‏موضى و راكان, ‏Heba aly g, ‏نسائم ., ‏الياسمين14, ‏زهراء يوسف علي, ‏جنغوما, ‏هداية ايمان, ‏ملاك العمرو, ‏هبه رفعت, ‏نمنومة, ‏بوسي موني, ‏sleepyprincess



فى أنتظار الأبداع


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 09:13 PM   #992

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الحادي و العشرون


الكاره يٌقسِم ويصدُق

فيرحل بلا عودة

والمُحِب يُقسِم ويخلف

فيجد نفسه من جديد عند نقطة البداية

حين خرج حاتم وترك زهراء استقل سيارته وجلس فيها دون أن يُدير مُحركها ،يشعر بمشاعر متضاربة ولكن اقواهم الغضب رغم أنه في هذه اللحظة كان من الصعب عليه التحديد هل هو غاضب منها أم عليها ؟

.......

رن هاتفه فنظر فيه ليجده معتصم فرد عليه بنبرة حاول أن تبدو طبيعية ولكن صوته خرج مُتحشرجا فأردف :"أهلا معتصم هل عدت؟"

أردف معتصم الذي يجلس على الكرسي خلف مكتبه يحركه يمينا ويسارا :"نعم يا باشا جئت ،ثم أردف باهتمام: منذ أن حدثتني بشأن تلك المرأة وأنا أعرف أن هناك سر خلفها ها أنا استمع لك خاصة بعد أن أتاني تقريرا مفصلا عنها..."

قالها وهو يلوح بورقة في ملف بيده فأردف حاتم باستنكار:"اي تقرير هذا ألم ترسل لي البيانات التي طلبتها في وقتها ؟..."

أردف معتصم :"نعم ،ولكن الشباب هنا كانوا متعجلين لاني طلبته منهم على وجه السرعة فأحضروا تقريرا مبدأيا ولكن حين عدت وجدت تقريرا مفصلا عن المرأة ،ثم أردف بجدية: ماذا فعلت معك ؟"

قال حاتم بنبرة مستسلمة :"لم تفعل شيء معتصم ،وارجوك لا أريد أن أتحدث في هذا الأمر ،ولا أريد أن أعرف معلومات أو تفاصيل اخرى عنها اعذرني واحترم رغبتي..."

أغلق مع معتصم واستند برأسه على المقود يسمع زخات المطر المٌنهمرة فوق سطح السيارة وكأنها حصى ينزل فوق رأسه ويتمتم بخفوت وأسف "لا أريد أن أتحدث في شأنها مرة أخرى ولا أريد معرفة أي شيء آخر عنها..."
***********
بعد نصف ساعة

كان حاتم يجلس على المقعد أمام معتصم الجالس خلف مكتبه يحتسي كوبا من الشاي الساخن بينما حاتم يقرأ بتمعن التقرير المفصل عن فاطمة الزهراء بعد أن قص على معتصم ما حدث بينهما

ليجد أن كل ما قالته له مكتوب أمامه ،كل ما قصته عليه مكتوب أمامه ليشعر برأسه تدور من الفكر فرفع وجهه إلى معتصم قائلا بحيرة:"أيعني هذا أن ما قالته صادقا؟ ثم غمغم بضجر ينهر نفسه لأنه على وشك التعاطف معها : ولكن هذا ايضا لا يكون مبررا لما فعلته..."

شعر معتصم به في هذه اللحظة كمن يقف في المنتصف وعلى يمينه ويساره الفكرة وعكسها، يحبها ويكرهها، يريد أن يثبت لعقله وقلبه أنها كاذبة وفي نفس الوقت يتعاطف معها

فأردف معتصم أخيرا بعينين خبيرتين :"حسنا يا بُني انتهى الأمر ،الم تنهي معها كل شيء ؟..."

قال حاتم وهو يُلقي الملف من يده بحدة على المنضدة :"نعم..."

ثم أخذ كوب الشاي الموضوع أمامه وأخذ يحتسي المشروب ببطء وشرود واحترم معتصم صمته إلى أن قال حاتم بتساؤل حائر:"أنت مر عليك الكثير معتصم هل تظن بما قرأته وبما سمعته عنها مني أنها كانت بالفعل نيتها طيبة ولم تكن تتعمد الايذاء؟"

تنحنح معتصم ثم أردف بهدوء وبساطة:"كما قلت حاتم أنا في مهنتي هذه وعلى مدار عشر سنوات عمل رأيت الكثير،رأيت نساء بالفعل تمتهن اصطياد الرجال ،ورأيت نساء هزمتهن الدنيا وخذلتهن مع رجالهن حتى دفعهم هذا لاقتراف جرائم ،رأيت من يفرش الأرض لزوجته ورود وتخونه ورأيت من يهجر زوجته ويخونها هو من أجل أخرى ،رأيت الكثير حاتم فلا أستطيع أن أجزم برأي قاطع في حالتك هذه، أنت هنا سيد الموقف ،أنت من تستطيع أن تحدد إن كانت صادقة أم كاذبة..."

قال حاتم وهو يشعر كأنه كفيف يتلمس يد تهديه للطريق السليم :"كيف؟..."

فاردف معتصم بملامح جادة:"استفتِ قلبك ولو افتاك الناس ،ثم رفع سبابته قائلا بتحذير: ولكن لابد أن تحدد موقفك النهائي منها ، منطقة البين بين هذه لن تأتي إلا بنتائج عكسية..."

قال حاتم بعدم تركيز :"ما هي منطقة البين بين هذه؟...."

أردف معتصم وهو يرفع حاجبا واحدا:"أن تقول لا أحبها ولا أريدها وتذهب إليها وتتلمس أثرها في كل مكان..."

استقام حاتم واقفا وأردف بحاجبين معقودين:"أنا لم أذهب اليها الا لأضعها أمام نفسها وأكشف كذبها ولم آتي الى هنا إلا لأؤكد لنفسي صواب رأي..."

"وتأكدت؟"

قالها معتصم بنظرة تسللت إلى عمق عيني حاتم ليردف الاخير بعصبية قبل أن يترك معتصم ويخرج :"نعم،تأكدت...."
***********
في بستان الشيخ شعيب التابع لبيته الكبير كان يجلس الشيخ أبو بكر زوج ابنته نوارة مع ابنه الأكبر الشيخ عثمان يتسامران ...

دلف بهاء الذي كان على موعد مع الشيخ شعيب فاليوم موعد المراجعة الطبية خاصة الاخير ...

ابتسم بهاء ونسائم الهواء المنعشة تلفح وجهه ويتسلل إلى أذنيه صوت الشيخان بلهجتهما المميزة وتلتقط أنفه رائحة خيرات الله التي يطرحها البستان ...

حين اقترب من الأريكة الجالس عليها الشيخان ألقى عليهما السلام فرد عليه الشيخ عثمان عم رهف:"وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته اهلا دكتور بهاء..."

وابتسم له أبو بكر ، رفيقه في رحلته والذي يؤازره حتى يصل إلى مراده إن شاء المولى ثم رد عليه هو الآخر السلام

جلس بهاء على الأريكة المقابلة قائلا بابتسامة عذبة :"أنا أشعر بالسلام والسكينة في هذا المكان، من حظكما أن هذه الأرض ارضكما.."

ابتسم ابو بكر قائلا :"فعلا يا بني بلدتنا هنا تختلف عن أي مكان آخر لها رائحة مختلفة وإحساس مختلف...."

دلف في هذه اللحظة الشيخ شعيب فاستقام الجميع بينما هرع اليه عثمان ليسنده ...

كان بهاء ينظر إلى هالة الضوء المحيطة بالرجل العجوز الوقور ويربطها بهيمنته على زمام امور أسرته الكبيرة حتى أن رهف ترفض أن يكون خالها وكيلها وتصر على موافقة جدها واعمامها وأن تخرج عروس من عندهم ورغم عدم استحالة الأمر إلا أنه شديد الصعوبة.....

حين دنا الشيخ شعيب من بهاء اقترب الاخير مصافحا ليجلس الرجل على الأريكة المجاورة وبعد أن اطمئن منه بهاء على صحته وقبل أن يوقع الكشف عليه قال الشيخ الذي بلغ من الكبر عتيا رغم عدم تأثير سنه على قدراته العقلية :"هل هذا الشال الذي ترتديه باستمرار له علاقة بجنسيتك أم ترتديه حبا فقط ؟...."

وضع بهاء يده على الشال ومسد عليه ثم أردف بحنين لم يفارقه يوما:"له بالطبع يا شيخنا فأنا فلسطيني أبا عن جد..."

التمعت عيني الرجل ببريق وأردف بابتسامة دافئة:"أطهر بقاع الأرض يا ولدي،ثم وجد نفسه يسأله بفضول : وياتُرى هل عملك هنا مؤقت وستعود إلى موطنك أم انك مستقر هنا؟..."

أردف بهاء بملامح متأثرة وبلكنة بلده الأصلية التي لم يتخلى عنها يوم:"انا مستقر هنا لي سنوات ورغم حنيني الدائم إلى موطني إلا أنني لم يتبقى لي أحد هناك..."

اشتعل فضول الشيخ أمام تأثر بهاء فأردف:"لماذا يا ولدي أين هي عائلتك؟..."

التمعت الدموع في عيني بهاء ثم تجمدت فمن اعتاد على فراق الأحباب منذ الصغر تعتاد عينيه على الدموع أيضا ثم أردف بصوت متحشرج :"انا من مواليد غزة وكانت لي عائلة صغيرة ،أبي وأمي وأخي الأكبر مني ،احتقن وجهه قائلا :أبي تم اعتقاله في إحدى المظاهرات وظل في السجن بضع سنين إلى أن استلمنا جثته..."

ارتجفت شفتي بهاء ولكنه كان مصرا أن يكمل للشيخ قصته والشيخ رغم جلده وقوته وكبر سنه دمعت عيناه من كلمات بهاء وارتجاف شفتيه ليكمل الاخير:"أما أمي وأخي فأخر ما اذكره أنني ودعت أمي ذات صباح وأنا ذاهب إلى المدرسة وراهنت أخي أنني حين عودتي سأغلبه في لعبة الضمنة عوضا عن خسارتي أمامه بالأمس،

اغمض عينيه لثانية ثم فتحهما وأردف محاولا أن يمحو الصورة من رأسه :وحين عودتي وجدت البيت مدكوكا اثر غارة اسرائيلية..."

ضيق الشيخ الكبير عينيه تأثرا ورغما عنه ارتجف قلبه أما الشيخ أبوبكر فلم يستطع البقاء والسماع لأكثر من ذلك فاستقام مٌبتعدا دون كلام وقد احتقن وجهه فلحق به عثمان مردفا وهو يسير بجواره :"قصته موجعة "

قال زوج أخته بصوت خشن وملامح متأثرة :"جدااا موجعة جداااا ثم أردف محاولا تجاوز هذه المشاعر السلبية:هذا دوره لإقناع أبيك ياعثمان فلندعهما معا لا داعي لسماع أوجاع الآخرين...."

قال عثمان بتردد وهو يبتعد برفقة صاحبه :"لا أعرف هل سيقتنع به أبي أم لا ولا أعرف هل من الصائب أن نوافق على رجل من بلد أخرى أم لا؟..."

ابتسم ابوبكر قائلا بعتاب رقيق:"دع غيرك من يتحدث بهذا الحديث يا صاحبي فأنت الحافظ لكتاب الله والعارف بأحكامه وتعلم تمام العلم أن لا شرع ولا دين ينص بزواج الإناث من قبيلة معينة ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير؟..

لم ينتظر منه ردا وأكمل:لابد ياعثمان أن نحارب نحن العادات الخاطئة لا نٌحيها يا صاحبي ونحن نعلم ببطلانها ثم أردف منبها وهو يرفع حاجبا واحدا : ولا تنسى أن الفتاة ليست صغيرة ،هي طبيبة وتسكن مع أمها وأخوالها في المدينة فباستطاعتها الزواج فدعها تأتي منا نحن عثمان برضانا أفضل من أن يحدث رغما عنا .."

...............

أما عند الشيخ شعيب الذي كان تأثره جليا فبعد أن استمع لكلمات بهاء المؤثرة أردف :"وماذا فعلت بعدها أنت ؟...."

قال بهاء وهو يستعيد الذكرى :"كنت وقتها في نهاية المرحلة الثانوية فأخذني خالي المٌقيم بالكويت ويشهد الله أنه كان ابا ثانيا لي وزوجته كانت أما ثانية وابناؤه كانوا نعم الأخوة، بقيت معهم طوال فترة دراستي الجامعية وفي عامي الاخير توفي خالي وشق كل واحد من أبناؤه طريقه فوجدت أنني أيضا لابد أن يكون لي مكانا ثابتا أستقر فيه فلم أجد خير من بلد رسولنا الكريم..."

شعر الشيخ شعيب في هذه اللحظة بالفخر من هذا الشاب المكافح خاصة وملامح وجهه توحي بالطيبة والرجولة، يشعر بأنه كحفيد من أحفاده فملامح وجهه تشبه ملامح أحفاده

أردف بهاء محاولا جس نبض الشيخ:"ولكن هل ترى يا شيخنا أن بإمكان أي شخص أن يقتلع جذوره من أرضه ليثبتها في أرض أخرى؟.."

قال الرجل بنبرة قوية :"مادامت الأرض الأخرى عربية فهذا لايُعد اقتلاع من الجذور بل يُعد عودة إلى الأصول ،بلاد العرب كلها لكل العرب مادامت لغتنا واحدة وأصلنا واحد وأفكارنا متقاربة مهما اختلفت وانتماءنا واحد، مادامت عقيدتنا واحدة وعدونا واحد ،ثم ربت على كتفه بقوة قائلا : اهلا بك في بلدك الثاني أيها الطبيب وأهلا بك في قريتنا واعتبرها من اليوم بيتك ...."

أخذ بهاء أنفاسه وهو يشعر بالتأثر من كلام الشيخ الذي جعل الحماسة تدب في جسده وأردف :"انا أتمنى أن اقضي ما تبقى لي من عمر هنا اتزوج وانجب، أتمنى أن يكون لأبنائي أصل ثابت وبلد ينتمون إليها وأهل وعزوة...."

قال الشيخ دون أن يعرف برغبة بهاء في الزواج من حفيدته:"سيحدث باذن الله بني سيحدث....."

شعر بهاء بطاقة نور يفتحها الله أمام وجهه واكتفى بهذا القدر من الحديث عن نفسه مع الشيخ فكما نصحه الشيخ ابوبكر أن يتمهل مع الشيخ حتى يكسب ثقته أولا

فبدأ في الاطمئنان على صحته بشكل مفصل
********
بعد عدة ساعات في المشفى

كانت رهف تجلس في الكافيتريا تتصفح هاتفها وهي تشرب مشروب دافىء حين دخل عمرو ليراها فيجلس على المقعد المقابل لها مٌلقيا عليها السلام فأردفت بنبرة حزينة :"هل حقا فعلتها؟....."

ابتسم لها قائلا بسخرية:" من يسمع نبرة صوتك ويرى ملامح وجهك يظن أنني ذاهب في رحلة ذهاب بلا عودة لا عائد إلى وطني...."

أردفت بصوت رقيق :"كلنا اعتدنا على وجودك..."

أخذ نفسا عميقا ثم أردف بجدية :"رغم أنني لم يكن في نيتي العودة والاستقرار في مصر الان ولكن هذا لا يمنع أنني كنت في يوم من الأيام سأعود..."

"السلام عليكم ورحمه الله وبركاته"

اقترب منهما بهاء ملقيا السلام ثم جلس على المقعد المجاور لرهف وابتسم لها ابتسامة حلوة ردتها له بواحدة رقيقة ثم أردف قائلا لعمرو الجالس أمامه :"ماذا فعلت هل وجدت حجزا قريبا ؟...."

أخرج عمرو تذكرة السفر من جيب سترته ولوح بها أمام وجه صاحبه الذي تجمدت ملامحه دفعة واحدة حين رأى تذكرة السفر وأردف باقتضاب:"متى الموعد؟..."

أردف عمرو بضيق من إحباط صاحبيه:"بعد أيام ،ثم أردف مُغيرا الموضوع :ماذا فعلت اليوم مع الشيخ شعيب ألا توجد بارقة أمل ؟.."

نظر بهاء الى رهف التي اكتست ملامح وجهها الرقيقة بالتحفز وأردف:"لا جديد سوى أن الشيخ جعلني اليوم أفتح قلبي له وسمع قصة حياتي كاملة وتأثر بها للغاية ،وجدت في عينيه اعتزازا بي ولكن بالطبع لم أُفاتحه في شيء...."

أردف عمرو بنبرة واثقة:"سيكرمكما الله بإذن الله،ثم أردف بنبرة حماسية: وندر علي أن تكون إجازة شهر العسل هدية مني في بلدكما الثاني مصر وبأذن الله يكون لكما نصيب وتريان قريتي وأهلي وعلى رأسهم أمي غالية...."

ابتسم كلاهما ابتسامة صغيرة فأردف عمرو بصوت متحشرج فهو أيضا يعز عليه فراقهما وقد أصبحا كأخوته:"وأنا أيضا سأزوركما دائما حتى تملان مني.."

قال بهاء باستسلام :"باذن الله يا صديقي ، لن نوقف زياراتنا لبعضنا فأنت أخي الذي لم تلده امي...وحين وجد بهاء أن الأجواء أصبحت مشحونة أردف بتهكم :حين تدعونا ستتكفل بمصاريف السفر كلها أم نصفها كما تفعل معي هنا في كل شيء؟"

غمز له عمرو بعينه قائلا :"عيب عليك يا دكتور هذه هدية زواجكما سأتحمل كل تكاليفها كاملة ثم بسط راحته على صدره قائلا بنبرة مسرحية:ألم اقل لك من قبل أنني شمعة تحترق من أجل الآخرين ؟...."

قهقه ثلاثتهم ضاحكين ثم اخذوا يتحدثون قليلا ثم استأذن منهما عمرو فأمامه أيام قليلة ويعود إلى وطنه ولابد أن يُجهز الكثير وقبل أن يرحل لم ينسى أن يأخذ التذكرة من فوق المنضدة

تذكرة ذات وجهة واحدة

ذهاب بلا عودة أو بالأحرى تذكرة العودة
*********
وهناك رحلة عودة من الغربة إلى الديار وهناك رحلة عودة إلى أنفسنا وهي منذ أن استقرت في هذا البيت وأمنت حاجاتها الأساسية من مأكل ومشرب وملبس ونظرتها لكل الأمور تغيرت....

كانت نسرين تجلس في حديقة المنزل بمفردها تضم صغيرها إلى صدرها وتدثره بغطاء خفيف يقيه هواء الخريف ،كان الصغير قد غفى واسلام أيضا راح في سُبات عميق أما هي فأصبح النوم يُجافيها

تشعر بكل شيء وعكسه

تشعر بالأمان حيث أصبحت هناك أربعة جدران تأويها

والخوف لأن كل تصرفات راشد هذه الفترة معها غريبة ،تشعر أنه يخطط لشيء من شأنه أن يدمر حياتها

تشعر بمشاعر أنثوية لم تشعر بها من قبل وقد بدأ قلبها يرق ويدق كلما رأت تمام أو تعاملت معه،كلما تلاقت عيناها بعينيه ورأت بهما واحة هادئة من السلام والأمان والسكينة

وعلى النقيض تشعر بالكراهية ،حيث كرهت مشاعرها تجاه رماح ،هي لم تشعر معه بالحب كما لم يشعر هو معها بهذه المشاعر ،ما جمعهما المصلحة ،هو كان يريد إنجاب أطفال وهي كانت تريد أمانا ماديا ،ولكنها شعرت بكراهية اضطرارها للزواج دون مشاعر

ابتسمت ابتسامة رقيقة على ذكر سيرة المشاعر وهي تلمح بطرف عينها تمام وهو يدخل من بوابة البيت وخلفه كامل

بعد أن أغلق كامل البوابة اقترب هو وأخوه منها والقيا السلام وبعد أن ردت بصوت رقيق منخفض أردف كامل :"هل نام عمار؟"

قالت وهي تُربت على ظهره وتدثره جيدا :"نعم نام.."

فقال تمام وعينيه تشتعلان باهتماما حقيقيا :"ولمٓ تجلسي هنا الجو بارداً عليه"

قالت وهي تضُم الصغير إلى صدرها :"ادثره جيدا لا تقلق ثم إن الجو ليس باردا ،أنا احب هواء الخريف...."

قال كامل لشقيقه بصوت منخفض وهو يٌحكِم اغلاق سترته :"حسنا هيا بنا مادامت تحب هواء الخريف..."

تنحنح تمام قائلا لأخيه بصوتِ خفيض:"لا ادخل أنت وأنا سأبقى قليلا...."

قال كامل بنبرة ساخرة ونظرة مُتسلية:"هل تحب هواء الخريف أنت أيضا ؟"

جز تمام على أسنانه قائلا بضجر:"ادخل كامل هداك الله وأنا سآتي بعد قليل"

قال كامل بتهكم وهو يٌربت على كتف أخيه :"أو بعد كثير خذ راحتك...."

تركه كامل ودلف أخيرا للداخل بينما جلس تمام على المقعد المقابل لنسرين وبينهما المنضدة الصغيرة فاصلة

لا يعرف لم جلس أو ماذا سيقول ولكنه جلس وقد أصبح النظر في وجهها هو أكثر ما يريحه في الفترة الأخيرة

ورغم أن مشاعره تجاهها واضحة يرتاح لها وتثيره كرجل ويشعر بانجذاب قوي تجاهها كامرأة وهذه المشاعر قلما يشعر بها تجاه امرأة

إلا أن هناك مشاعر أخرى على النقيض كانت تزعجه وهو الشعور بأنه يخون رماح فهي كانت زوجته والرجل لا ينظر إلى زوجة أخيه ولا يشعر بتلك المشاعر تجاهها

فيعود ويقنع نفسه أنه لم يعرفها كزوجة رماح ،لم يعرفها الا بعد وفاة أخيه بعدة أشهر إذن هي ليست كعنان التي عاشت معهم كأخت

جذبته من دوامة أفكاره حين قالت بهدوء:"ماذا بك تمام اراك شاردا؟"

رفع وجهه نحوها لتلتقي عينيه الحائرتين بعينيها المترقبتين

وأردف:"لا شيء ،كيف كان يومكم ؟"

مطت شفتيها وأردفت بلا اهتمام :"يوم عادي ثم أردفت بابتسامة صغيرة :الحمد لله يوم مليء بستر الله علينا.."

"لمَ أشعر أن هناك ما يضايقك اذن؟ "قال لها متسائلا

ابتسمت له ابتسامة حلوة خرجت رغما عنها من بين مشاعر مختلطة ولكن أمام طيبته واحتوائه واهتمامه لم تجد إلا هي

ثم أردفت بشرود:"مادام ابني بين ذراعي وأطمئن على اخي فأنا بخير"

أردف تمام بتساؤل:"وماذا عنكِ أنتِ ؟"

قالت بصدق:"صدقني مادام اهم اثنين في حياتي بخير فأنا بخير"

شعر بها في هذه اللحظة كفتاة تائهة مشتتة ،وشعر أنها بحاجة إلى يد

تربت على كتفها ،وشعر بأنه يريد أن يفعل ذلك ،شعر أن حمايتها وبث

الامان بداخلها مسئوليته هو

أولم يكن أباه يريده أن يأخذ عنان التي لم يكن هناك رابطا بينها وبين رماح

؟

فماذا عن نسرين وهي تحمل قطعة منه ا ليست هى الأولى بذلك؟

استقام واقفا وقد اشتد عزمه على ما نواه

لن يفاتحها في شيء إلا بعد أن يعرض الأمر على أمه ،وإن كان يفهم في لغة العيون فعيناهاتقولان أنها تشعر تجاهه بنفس مشاعره ....

استئذن منها ودلف للداخل وكانت أمه في المطبخ تعد العشاء فألقى السلام

عليها ووقف بجوارها يستند بظهره على الثلاجة وفي عينيه نظرة متحفزة وعلى لسانه كلمات فنظرت إليه مبتسمة وأردفت بعينين خبيرتين بخبايا ابنها:"ماذا تريد أن تقول؟.."

قال مراوغا :"من أدراكِ أنني أريد أن أقول شيء؟..."

قالت ضاحكة :"قلب الأم ،هيا انطق "

تنحنح قائلا بتردد ليس لعدم قناعته بما يريد بل لأنه يعرف أن هناك موجة من الرفض عليه أن يتصدى لها :"أريد أن اتزوج .."

تركت ما بيدها واقتربت منه وعيناها تلمعان بسعادة وأردفت :"اللهم لك الحمد ،أخيرا ..ربتت على كتفه قائلة بتساؤل:ومن التي دعت لها أمها لتختارها حبيبي "

تنحنح قائلا :"نسرين "

اكتست عينيها بنظرة حائرة وأردفت بجدية أشد:"نسرين من؟..."

مط شفتيه ثم أردف بصوت واثق:"أم عمار "

وضعت يمنة يدها فوق صدرها وأردفت باستياء:"لماذا تمام ؟ لماذا تفعل هذا بنفسك ؟"

قال تمام بجدية وهو يعتدل في وقفته :"مالذي أفعله بنفسي أمي ؟ أنا أريد أن أتزوج على سنة الله ورسوله "

"ولم تجد سوى زوجة أخيك الراحل لتتزوجها! " قالتها باستنكار

فأردف بتساؤل:"أ ولم تكن عنان زوجة أخي الراحل أيضا حين كان أبي يصر عليها ؟..."

قالت يمنة بجدية:"أنا لم أكن أريد عنان لك ،كنت أتمنى أن تتزوج من بنت بنوت تكن أنت أول حظها ..."

ضيق ما بين حاجبيه قائلا :"وفي النهاية تزوجت عنان من معتصم ولم تعترضي أليس هو الآخر ابنك ؟..."

قالت بغضب مكبوت:"لم أعترض لأنني عرفت أنه يحبها ويريدها ثم أنني لو كنت اعترضت هل كان معتصم سيستمع لي؟.."

قال تمام بنظرة بها لمعة غريبة عليها:"وإذا كنت أنا الآخر أحب نسرين هل هذا سيجعلكِ لا تعترضين ؟.."

مسكت يمنة رأسها من الجانبين وهي تشعر بتدفق الدماء الساخنة إليها وأردفت بتعجب:"متى حدث كل هذا ؟ هل كنت غافلة عنكما حتى أوقعتك في شباكها؟.."

انتفض تمام قائلا بجدية وتحذير:"أمي.... لم يحدث أي شيء مما في بالك هي حتى لا تعرف بمشاعري هذه ..."

قالت يمنة بمهادنة:"تمام إذا وافقتك أنا على ما تريد أبوك حبيبي لن يوافق ،هو في الأساس لن يجعلها تبقى هنا في البيت ..."

قال تمام بنظرة خطرة :"كنت أشعر بذلك ،ولكن قولي لي بصراحة على ماذا ينوي بالضبط ؟..."

قالت بصوت خافت :"ينوي بعد أن تنهي ارضاع الصغير أن يأخذه منها ويعطيها مالا وترحل هي وأخيها ...."

احتقن وجه تمام وأردف بغضب:"وأنتِ توافقين على ذلك؟؟..."

قالت بنظرة ساخرة:"وهل رضائي من عدمه سيشكل فارقا؟ الأمر في النهاية يخصه ولن يستمع لصوت أحد سوى صوت نفسه "

قال تمام :"وترضين أن تٌحرم أم من ابنها؟..."

قالت :"إذا كانت سترضى بما يعرضه عليها أبوك وترحل هل سأعترض أنا !"

قال بحنق وهو يشير بسبابته للخارج :"وهل من تحتضن ابنها بهذا التشبث سترضى بأن تتركه ؟ ليست كل الأمهات لترضى بترك صغيرها أمي "

انخلع قلبها مع جملته الأخيرة ولا تعرف هل يقصدها أم أن جملته عفوية فأردفت لتنهي النقاش:"أبوك لن يرضى فلا تتعب نفسك ..."

قال بنظرة داكنة وملامح وجه متحفزة قلما رأتها يمنة:"وهل لابد أن يرضى أبي بكل شيء يخصنا؟ أليس من حقنا اختيار حياتنا دون رضاه مادام الأمر يرضينا نحن شخصيا ؟.."

زفرت يمنة زفرة حارة وأردفت بيأس :"كنت أتمنى لك زيجة أفضل من هذه "

قال بحسم:"أنا لا أرى زيجة أفضل منها ، أرملة لا تملك من الدنيا شيء، شابة وصغيرة سأعفها وأربي ابن أخي الذي هو كابني تماما ...."

قالها ولم ينتظر ردا وولاها ظهره مٌنصرفا فأردفت بغيظ قبل أن يختفي عن نظرها:"تمااام لا تصعد إلى شقتك بالاعلى ،غرفتك المجاورة لغرفتي هي اولى بك حتى نرى ماذا سنفعل ..."

استمع اليها وأكمل طريقه دون رد أما هي فأخذت تدور في المطبخ بلا هدي ثم تمتمت بصوتِ مسموع مستنكر :"هل كٌتِب عليّ أن يكون أول حظ ولديّ الاثنين بنساء رماح ؟.."
**********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 09:16 PM   #993

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

غرباء جئنا إلى الدنيا وسنرحل عنها غرباء
وليست الغربة أن نفارق الأوطان فكم ممن فارقوا الأوطان بأجسادهم ، وأرواحهم لا تشتكي غربة ...
وليست الغربة بأن تفارق حبيبا فكم من أحباء فارقوا بعضهم ويسكن كل منهم بين حنايا القلب ...
ولكن الغربة والوحشة الحقيقية حين يجلس زوجان على أريكة واحدة أحدهم يلتزم أقصى اليمين وصاحبه يلتزم أقصى اليسار وكأن بٌعدهما بٌعد المشرق والمغرب
وكأن السنتيمترات الفاصلة ماهي إلا فضاء سرمدي يفصل بينهما وكأن في منتصف المسافة فجوة واسعة
وهذه المشاعر لم تكن مشاعر مريم فقط بل كانت مشاعر يوسف هو الآخر
......
بعد ما حدث بالأمس تماسكت ونزلت صباحا إلى المحاضرة الأخيرة في الكورس الخاص بها وهي تشعر أن هناك قوة خفية تدفعها للتقدم للأمام لا التراجع للخلف
كانت تريد أن تعود إلى المحافظة بمفردها ولكن صالح وهارون لم يوافقان بذلك اطلاقا وقال لها صالح بالنص:"لن آمن عليكِ بالعودة بمفردك ستستقلين مع يوسف السيارة ورجب هو من سيقود ،اعتبري يوسف غير موجود حتى تأتي بسلامة الله "
كانت شاردة في الطريق وفي حالها والليل قارب على الانتصاف ولا تشعر بيوسف بجوارها وكأنه قد تحول إلى شخص غير مرئي
أما هو فكان في عالم آخر
عالم انهارت فيه ثوابته واهتزت معتقداته
هي لحظة واحدة التي تُغير ثوابتنا
لا نصائح تغير منا ولكن ما يغيرنا فعلا التجربة
وأحيانا الوقوع في الخطأ هو ما يجعلنا نستفيق
ليس مع الجميع
هناك من يقع في الخطأ ويشعر بحلاوة الوقوع وهذا حتما الشيطان يتلبسه
أما النبتة الصالحة فحين تقع في فخ الخطيئة تستفيق مُبكرا
........
أغمض يوسف عينيه وملامح وجهه كلها تلونت بلون داكن أما عقله فكان يؤرجحه معه وهو يٌعيد عليه تفاصيل اليوم
بعد أن ترك مريم بالأمس في بيت عمه هارون عاد إلى الفندق
وكان هذا هو الوقت المناسب الذي عليه فيه أن يقف وقفة مع نفسه
يوسف أمام يوسف ولا أحد بينهما
وحين نقف وقفة صادقة مع أنفسنا ونحاسبها بما يٌرضي الله نصل إلى نتيجة منطقية
وهو أقر بأنه أخطأ في حق زوجته وأبناؤه ونفسه
وأخطأ في حق سندس حين تمادى في علاقته بها وهو يعرف أنها لا تمثل له شيء هام
وأخطأ حين ترك الأمور مٌعلقة وعاد إلى مريم وراضاها وهو لم يٌغلق الباب مع سندس رغم أنه أخذ قراره بالابتعاد ولكنها لم تعرف بقراره لذلك بحثت عنه وأتت إليه
هكذا قضى ليلته يٌحاسب نفسه تارة ويؤنبها تارة ويوبخها تارة إلى أن بزغت شمس الصباح وكانت لديه مقابلة عمل هامة فأخذ حمامه ليستفيق وطلب من عم رجب القيادة لأنه ليس لديه أي مجهود
وبعد أن انهى مقابلة العمل وجد نفسه يتناول هاتفه ويطلب رقم سندس
إذا كان عليه أن يصحح ما فعله فليصححه من الأساس
حين ردت عليه سندس أردفت بنبرة ساخرة:"أهلا استاذ يوسف "
قال بجدية:"سندس أريد أن أراكِ لأمر هام "
قالت بنفس السخرية:"تريد أن تراني بمفردك أم أن السيدة حرمك معك؟."
تنحنح قائلا بأسف:"لا بمفردي وأعتذر لكِ عما حدث بالأمس ولكن صدقيني هي مع ...."
قاطعته قائلة بسخرية:"أعرف أعرف لا تكمل هي معذورة حفظت هذه الجملة "
فأردف هو بجدية :"حسنا سندس أريد ان أراكِ أين تحبين أن نلتقي؟.."
قالت بصوت مسترخي حيره فالمفترض أنها غاضبة لا هادئة هكذا :"أنا بالفعل مع صديقاتي في ***** "
قالت له اسم المكان الذي هي فيه فضيق ما بين حاجبيه واستغرب أن تتواجد في هذا المكان فهو أقرب لملهى ليلي ولكنه أردف بسرعة :"حسنا سآتي إليكِ "
فهو محكوم بالوقت لأنه سيسافر بعد وقت قليل ويريد أن يٌنهي الأمر من جذوره
وحين وصل إلى المكان ودلف إلى الداخل ورغم أن الليل كان لا زال في أوله إلا أن المكان كانت اضاءاته خافتة وأجواءه هادئة ولم يزدحم بعد وهي حين رأته يدخل من الباب حتى استئذنت من صديقاتها وتقدمت صوبه وقد كانت في قمة تألقها ورائحة عطرها النفاذ تسبقها فأردفت :"تعال نجلس في منضدة بعيدة قليلا حتى نستطيع الحديث "
ذهب معها وبالفعل في ركن قصي من المكان جلست وجلس بجوارها على أريكة صغيرة وأمامهما منضدة وضع عليها مفاتيحه وقداحته وعلبة السجائر ثم أردف مباشرة وهو يميل في جلسته للأمام وتكتسي عينيه بالجدية:"أنا أعتذر عما حدث ،الخطأ من البداية خطأي ،الصداقة بين رجل وامرأة مادام هناك أطراف أخرى ليست بالشيء الجيد "
قاطعته قائلة بشفتين ممطوطتين:"هل تصدق نفسك ؟ أي صداقة هذه التي بيني وبينك ؟..كلانا منجذب للآخر بشكل كبير هل ستنكر ؟ "
تنحنح يوسف قائلا ليغلق بابا لا يريده أن ينفتح أكثر من ذلك:"سندس أنتِ فتاة جيدة وتستحقين شخص يكون لكِ وحدك ،أنا أعرف أن العلاقة من البداية كانت صداقة ولكن ما آلت إليه غير ذلك ولكني حقا أحب زوجتي وليس لدي استعداد لخوض أي تجارب أخرى "
ضحكت ضحكة ساخرة وأردفت بتهكم:"ولم تكتشف هذا الاكتشاف العظيم سوى الآن ؟..."
تنهد قائلا بأسف:"أحيانا نتأخر في اكتشاف أنفسنا وأحيانا لا نكتشف اشياء هامة في حياتنا إلا حين نختبر فقدها ،المهم سندس أنا أعتذر عما حدث بالأمس من مريم أمام الناس وأعتذر أنني لم أكن واضحا معكِ وأنهي الأمر بشكل يليق بكلينا ولكن حقا لم يعد بإمكاني التواصل معكِ ثانية ...."
ضيقت ما بين حاجبيها الجميلين وأردفت وهي تقترب منه كثيرا :"وهل بارادتك تقترب وتعلقني بك وبارادتك تبتعد؟ حين يقترب كلانا في وقت واحد فعلينا حين نبتعد يكن بارادتنا أيضا ...."
نظر إلى عينيها فوجدهما زائغتين وإن كانتا تلمعان باغواء واضح وشعر برأسها تترنح فغضب من نفسه لأنه تسبب لها في هذا الأذى وأدرك في هذه اللحظة كم هو مؤذي في أي علاقة يدخلها
أردفت سندس وهي تحيط جانب وجهه براحتها :"أنا لا أستطيع الابتعاد الان "
كانت قد اقتربت منه حتى أصبح قربها خطرا خاصة مع الاضاءة الخافتة وخلو المكان والركن القصي الذي يجلسان فيه وحين اقتربت تأكد يوسف أنها بالفعل ليست في حالتها الطبيعية فمن في حالتها المفترض أن تكون غاضبة لا مسترخية هكذا وتأكده كان من رائحة أنفاسها التي تخبره بأنها بالفعل تناولت مشروب كحولي....
حاول يوسف أن يبتعد عنها ولكنها كانت بحالة غير طبيعية فأردفت بصوت هامس:"ابقى يوسف لا ترحل ...."
قالتها وهي تنظر إلى شفتيه نظرة مشتعلة وتقترب أكثر وحين لامسته بجرأة انتفض جسده دفعة واحدة ودفعها بحدة وقد أثارت فيه شعورا بالغثيان من رائحة الكحول المنبعثة من فمها
وشيء آخر أثار فيه النفور منها وهو اقترابها منه دون ذرة حياء هكذا
حين دفعها للخلف لم يسمع منها شيء وأخذ أغراضه من على المنضدة ورحل في عجالة وأنفاسه تضطرب داخل صدره
استقل سيارته بشعور غريب هو نفسه لا يدرك كنهه ووجد نفسه يتسائل "هل حين دخلت معها في علاقة لم تكن تعرف أن هذه هي نهايتها؟..هل ستدعي غير ذلك؟ ولكن صوتا آخر بداخله صاح :وإذا كان الأمر هكذا فلم لم تُكمل لم انسحبت كالجبان ؟
ليهتف صوت أخر:هذا ليس جبنا هذه شجاعة فيعود الصوت الاخر قائلا :شجاعة أم قرف وازدراء؟ "
معركة أفكار ومشادة كلامية كانت دائرة بداخله
الغريب أنه له سنوات يتمرد ليخرج عن الاطار وحين أتته الفرصة لم يجد في نفسه رغبة بها
أهي نشئته التي تعلم يها الفرق بين الحلال والحرام فحتى إن ضل فلن يضل ضلالا مٌهلِكا ؟...
أم لأنه بالفعل لم يعتاد على الحرام فلم يستسيغه ؟؟؟....
أم أن مريم كانت تقف بينه وبين سندس؟؟؟؟
أم ...
تساؤلات عدة ودوامة جرفته بداخلها حتى أصبح الخروج منها مٌستحيلا
حين انتهت دوامة أفكاره وجدها تستند برأسها على النافذة المغلقة فشعر بالشفقة عليها
إن كانت تجربته مع سندس علمته أشياء كثيرة إلا أن أهم درس تعلمه هو قيمة مريم....
مريم التي تخجل منه كزوج حتى الآن
مريم التي أحبها وهي طفلة وتزوجها وهي طفلة فلم تمسها يد غيره ودائما يرى فيها نقاءا فطريا وقد جعل الله لها من اسمها نصيب ....
عرف الفرق بينها وبين غيرها ولكن بأكثر الطرق صعوبة
فهو كرجل شرقي يشعر بالازدراء تجاه أي فتاة رخيصة ويٌقدِر بشدة من كانت معدنها الذهب ....
فأغمض عينيه واستند على النافذة المٌغلقة بجواره ولا يجد الرغبة في الحديث معها أو الاعتذار لها
لا يجد الجرأة لأن يضع عينيه في عينيها
بالأمس كان يصر انه سيتركها تهدأ ثم يتحدث معها مرة أخرى أما بعد ماحدث فيرى أن لديها حق في كل ما فعلت
********
"ليست كل الأمهات لترضى بترك صغارها أمي "
منذ أن نطقها تمام واخترقت الجملة أذنيها وهي تشعر بوخز في صدرها ،تعرف أنها أخطأت حين تركت معتصم صغيرا وللأسف لم تكتشف خطأها إلا متأخرا حين رأت أثر هذا عليه ومعاملته لها منذ أن شب
كانت تظن أنها حين تتركه مع امها فكأنه معها ولكن هو كان له رأي آخر
ولم تكن جملة تمام لتترك فيها هذا الأثر إلا لأن معتصم بالفعل يصر على معاملتها بجفاء وإن كان يٌفضل عدم التعامل من الأساس
والدليل أنه لم يرد على اتصالاتها حين كان برفقة زوجته في رحلتهم
لذلك فقد أعدت زيارة من أشهى الأطعمة ونوت زيارته في بيته في اليوم التالي لحديث تمام معها لعل قلبه يحن لها حين يكون له بيت وأسرة .....
وبعد أن أخذت يمنة جلستها مع أمها أردفت :"أعتقد معتصم على وشك العودة من العمل سأصعد لأجلس مع عنان قليلا قبل أن يأتي ثم ابتسمت ابتسامة حانية قائلة:أريده أن يراني حين عودته "
قالت غالية :"اصعدي يا ابنتي هداه الله لكِ .."
قالت يمنة بقلب متلهف :"اللهم آمين ادعي لي كثيرا أمي ...."
بعد قليل
كانت يمنة تجلس مع عنان في غرفة الصالون وكانت الأخيرة تضع كوب العصير أمام عمتها قائلة:"تفضلي عمتي...."
أخذته يمنة وأردفت وهي تتطلع في وجه عنان المشرق وملابسها البيتية المهندمة وأردفت :"هل أنتِ سعيدة مع معتصم حبيبتي ؟..."
"الحمد لله عمتي...."
قالتها عنان بابتسامة رقيقة فأردفت يمنة باهتمام:"وهو كيف حاله ؟ ثم أردفت بحرج :لايرد على اتصالاتي إلا نادرا جدا ...."
شعرت عنان باحراجها ولم تعرف بما ترد فأردفت :"هو بخير ، ثم غيرت الموضوع قائلة:كيف حال تمام وكامل ومالك؟..."
قالت يمنة باحباط:"تمام يريد الزواج من نسرين ..."
اتسعت عيني عنان وأردفت:"حقا؟..."
أومأت لها برأسها باحباط فأردفت عنان بهدوء ومن داخلها تتعجب من تغيرات القدر :"تمام يستحق كل خير فإن كان له خير فيها فأدعو الله له بالتوفيق ..."
فٌتِح باب الشقة وقبل أن يظهر معتصم صدح صوته قائلا:"عناااان ..."
ولكنه توقف عندما رأى أمه تجلس مع زوجته
حين وجد معتصم يمنة تجلس اكفهر وجهه تلقائيا ،هو لا يدعي ذلك ولا يفعله مُتعمدا بل بشكل لا ارادي وليته يستطيع التحكم في ذلك
استقامت يمنة ودلف هو مُلقيا السلام فاقتربت منه واحتضنته قائلة بمودة
:"حمدا لله على السلامة حبيبي أنرت بيتك ..."
قال لها بلهجة رسمية :"أشكرك "
قالت وهي تبتعد قليلا عنه بعد أن لاحظت جموده المعتاد حين تحاول ضمه وهي تنظر إلى الطاولة الرخامية التي وضعت عليها الطعام
:"واحضرت لك الطعام الذي تحبه كله اعددته لك بنفسي بط وحمام ورقاق ....."
ابتسم ابتسامة مصطنعة قائلا :"لم التعب؟ أنا لم يعد بمقدوري تناول طعام ثقيل كهذا ...."
كانت تعرف أنه يضع بينهما حواجز وكانت تريد هدمها ولكن ما وضِع في سنوات لن تهدمه ايام ولا اشهر
جلس بجوار عنان التي كانت تشعر بالحرج وهي ترى معاملته الجافة لأمه
ويمنة اخذت تتحدث معه في أمور عامة كحال جدته وهو يسألها بروتينية عن إخوته ويمسك هاتفه تارة أخرى ويشرد فيه إلى أن قررت الرحيل
ودعتها عنان حتى باب الشقة بينما اكتفى هو بسلام يخلو من المودة وإن كان لايخلو من الأدب
وحين أغلقت عنان الباب وقفت أمامه متخصرة وأردفت بضيق
:"كيف تعامل امك بهذه الطريقة لقد شعرت باحراجها .."
ناظرها ببرود ثم أردف بلا مبالاة:"لا تحملي همها أنتِ ،لديها بدل الولد ثلاثة آخرون يعاملونها بطريقة أفضل مما يعاملها بها الجلف الكبير ..."
اتسعت عينيها وهمت بالرد ولكنه أردف ليغلق الموضوع :"أنا جائع ماذا لديكِ؟..."
قالت وهي تشير إلى الطاولة:" الن تأكل من الطعام الذي أحضرته لك عمتي؟.."
صاح فيها بحنق وبصوت عال قليلا :"لن آكل من الطعام الذي يأتي من بيت راشد عنان ولن آكل نهائيا ارتحتي ويا حبذا لو توزعين هذا الطعام على أي شخص محتاج لا أريده في بيتي ..."
ثم تركها ودلف إلى الحجرة ليبدل ملابسه أما هي فكان لأول مرة يتحدث معها هكذا ولكنها قدرت حالته فدلفت الى المطبخ وقامت بتسخين الطعام الذي طهته هي نهارا
وحين دلفت بصينية الطعام إلى الغرفة وجدته يخرج من الحمام وقد أخذ حمامه وارتدى ملابس بيتية فوضعت الصينية على المنضدة الصغيرة قائلة بهدوء
:"أنا طهوت طعاما معتصم تعال لتأكل ...."
نظر إليها وإلى نظرة الاهتمام في عينيها واقترب منها قائلا بلهجة محذرة :"واثقة أنكِ أنتِ من طهوتيه ؟.."
قالت بجدية :"طبعا وهذا هو الدليل قالتها وهي تشير إلى طبق شوربة الخضار الذي تعرف أنه يحبه من يدها فابتسم نصف ابتسامة وجلس ليأكل ثم أردف بتساؤل :ألن تأكلي معي ؟.."
قالت بأسف :"أبي أصر أن آكل معه حين كنت عندهم منذ قليل ،لن أستطيع أن آكل ثانية ...."
قال لها :"حسنا "
ثم تناول طعامه بصمت بعد أن تأكد من مذاقه أنه طعامها فطعامها به رائحة مميزة أصبح يلتقطها بسهولة أما هي فكانت تشاكس بوسي التي تحوم حولها وحول معتصم ولكنه لم يكن يعطيها اهتماما
كانت عنان تنظر له نظرة دافئة وكان يرى في عينيها حنانا خاصة وقد أحضرت له الطعام لأول مرة في غرفة النوم
ولا يعرف لمٓ عصفت بذهنه تساؤلات غريبة مثل .....
هل كانت حنونة هكذا مع رماح ؟
وهل كانت تفعل معه مثل ذلك ؟
هل كانت تخاف عليه هكذا وحين يغضب كانت تحاول مراضاته ؟
ولأن التساؤل قاسيا والغيرة كوحش ضاري نفض هذه الأسئلة من رأسه وهو يهزها وكأنه ينفض مع حركته هذه الأفكار المسمومة
...............
كان قد انتهى من طعامه فدلف إلى الحمام ليغسل يديه وأسنانه وحملت هي صينية الطعام للخارج وهي تشعر أن قلبها يتألم لألمه
الغريب أن معتصم في غضون أيام جرفها معه إلى عالمه فأصبحت أسيرة لهذا العالم الغامض تريد الدخول الى أعماقه وكشف كل أسراره ودواخله
حين عادت إلى الغرفة مرة أخرى كان هو يتسطح ويستند برأسه على ظهر السرير وقد كان يومه مُرهِقا بشدة ، جلست بجواره وأردفت بمهادنة
:"معتصم أنا لا أريد التدخل في شئونك وفرض رأيي عليك أنا فقط لا أحب أن يكون في نفسك شيء ينغص عليك حياتك ، عمتي تحبك و ...."
قاطعها بحزم قائلا وهو لايريد حقا أن يخوض في هذا الحديث :"عنان ،هناك أمران هامان أريدك أن تتعلميهم معي،رفع سبابته قائلا : أولهم أنني حين أكون غاضبا لا تجادليني ...."
رفعت حاجبا مستنكرا وأردفت بغيظ :"بدأنا في فرض الأفكار الذكورية المتعنتة حسنا وبالنسبة لثانيا؟.."
تحولت نظرته إلى النقيض وأردف بنظرة متطلبة وهو يشعر برغبته في أن يغوص في حضنها :" حين أكون غاضبا لا أحتاج سوى لشيء واحد ..."
قالها وهو يقترب منها ويضع رأسه على صدرها وهو يحيط خصرها بذراعيه فاتسعت عينيها من تحوله المفاجيء من رجل غاضب لطفل متطلب
أما هو فغاص في حضنها وهو يشعر بأنه ينام على وسادة وثيرة مصنوعة من الملبن الطري ،أغمض عينيه وهو يستنشق رائحة عطرها الناعم المختلط برائحة جسدها
وهي كانت ضربات قلبها تعلو بشدة وتحاول تنظيم أنفاسها بصعوبة ...
لقد سبب له وجود يمنة حالة تشتت وجعل ذكريات قديمة تطفو فوق السطح ولا يعرف لم طفت معهم صورة رماح الذي حاز على حبيبته قبله
هو حتى الآن يحاول استيعاب انها معه وله ولكنه لم ينسى ابدا أنها كانت لغيره من قبله ورغم أنه لا يلومها إلا أنه يحتاج لوقت لتدارك هذا الأمر ...
أخذت الأفكار تتصارع بداخل رأسه كحالها كلما ظهرت يمنة في الصورة الى أن غفى فوق صدرها كطفل صغير وهي ما إن شعرت بانتظام أنفاسه وارتخاء يديه قليلا عن خصرها حتى سحبت الغطاء وغطته جيدا وهي معه وفعلت مالم تجرؤ على فعله من قبل معه .....
ضمته بذراعيها بحنو وسرت موجة من الدفء في أوصالها وهي تغرز أناملها بين خصلات شعره ،كانت تريد أن تجرب شعورها هي به
في كل مرة كانا يتقاربان كان هو الذي يقترب بجرأة وتتجاوب ب خجل ولكنها كانت تتمنى أن تفعلها هي وحين فعلتها شعرت به كطفل كبير يحتاج ما يحتاجه الرجال وما يحتاجه الأطفال
وهي لديها غريزة أمومة قوية كافية لأن تحاوطه بها حد الاشباع
وغريزة أنثوية كافية لأن تغمره حد الإغراق
*********
بعد مرور يومين
كانت يسر وعنان ووصال ومريم التي أتت في زيارة مع عمها وزوجته يجلسن في السطح وقت غروب الشمس كل منهن تٌفضي للأخريات بما في نفسها وأولهم مريم التي قصت عليهن كل ما حدث معها الفترة الماضية
قالت لها عنان بغيظ :"صفعتيها على وجهها فقط ؟لمَ لم تجريها من شعرها ؟..."
مطت مريم شفتيها وأردفت :"هذا ما خرج مني وقتها ولا تنسي أن زوجي من الأساس المخطيء ولا أنكر أن هذه الصفعة كنت أتمنى أن تنزل على وجهه هو أولا ثم أردفت وهي تنظر إلى يسر نظرة أصبحت الأخرى تفهمها :عذرا يسر "
فابتسمت يسر ابتسامة ساخرة وأردفت بتهكم:"لا تعتذري حبيبتي فما حدث معكِ حدث مثله معي "
وبدأت تقص عليها بالتفصيل ما قالته لها نعمة والأيام التي ظلت هي ويحيى متخاصمان فيها إلى أن تصالحا ورغم الصلح لا زال في القلب غصة
أغمضت مريم عينيها قائلة بأسف:"لا أعرف لم تتصرف أمي هكذا ؟ وهل بامكانكما انجاب طفل وتمتنعان ؟ ثم يحيى نفسه لا يشتكي لم لا تسكت هي ؟"
قالت يسر متهكمة:"وإن سكتت عمتي نعمة من يتحدث اذن ثم أردفت بنفس نبرة مريم منذ قليل :عذرا مريم .."
ليضحكن جميعا في صوت واحد والحقيقة الدائمة أن شر البلية ما يُضحِك
فأردفت وصال بتهكم:"أنا لا أعرف هل أحزن لأنني لم أتزوج حتى الان أم أفرح لأن الله نجاني مما تحكون عنه ؟.."
قالت لها مريم بعينين أصبحتا ذابلتين حتى الدموع نضبت بهما وهي تأخذ القليل من الحبوب وتنثرهم لتأكل منهم الحمائم التي تطير حولهم :"لا حبيبتي باذن الله تنفك العقدة وتتزوجين من خارج هذه العائلة المنحوسة التي يتحول رجالها بعد الزواج ..."
قالت عنان وهي تجلس على الوسادة المنخفضة التي تلامس الأرض :"ما بهم رجال العائلة شباب كالورد لا ينقصهم ولا يعيبهم شيء..."
تبادلت كل من يسر ومريم نظرة خبيثة وجلست احدهما على يمين عنان والأخرى على يسارها بينما ظلت وصال واقفة وسط الحمائم المحلقة حولهن
فأردفت يسر بنظرة شقية وهي تحيط ذراعي عنان بيديها :"يبدو أن حضرة الضابط بدأ تأثيره في الظهور ..."
ابتسمت عنان ابتسامة حلوة ولم ترد
فأردفت مريم بجدية :"لم أتوقع أن تقعي فيه بهذه السرعة ؛ بعد الأيام الصعبة التي عشتيها ظننت أنكِ ستحتاجين لوقت أكثر ..."
نظرت اليها عنان نظرة ثاقبة وأردفت قائلة :"أنا لي سنوات مريم أحتاج لهذه المشاعر التي أعيشها الان مع معتصم "
قالت مريم بتساؤل :"بالكاد مر عام على وفاة رماح ومرت أشهر على اكتشافك خيانته من أين جائت الأعوام؟..."
ابتسمت عنان ابتسامة ساخرة وأردفت بما لم تقله لأحد من قبل :"ومن قبل العام بعامين مريم وانا ورماح كنا شبه منفصلين "
اتسعت أعين الجميع وأردفت يسر قائلة باستنكار:"كيف هذا ؟.."
بينما اقتربت وصال لتجلس أمام أختها مباشرة تطالعها دون كلام
ففتحت عنان قلبها لهن قائلة بعد أن أخذت نفسا عميقا وأخرجته ببطء وهي ترفع وجهها للسماء :"أنتن تعرفن أنني لا أحب الحديث كثيرا عن مشاكلي ومشكلة الإنجاب بالأخص كانت ومازالت تسبب لي الحساسية ورم..
توقف الاسم فوق شفتيها فلم تحب أن تكمله فتداركت قائلة:وابن راشد كان من قبل وفاته بعامين كاملين وقد بدأ يتأثر بعدم قدرتي على الانجاب له،أردفت بعينين مشتعلتين حنقا وألما:ولكنه كان جبانا فلم يصارحني ،نظرت اليهن بجدية قائلة:لو كان صارحني كنت سأتركه دون كلام ولكنه كان يقول أقوالا ويتصرف بعكسها
اتسعت عينيها بنظرة ازدراء وأكملت :يقول ليس مهما عندي الانجاب ولكنه دائما متذمر وعصبي وأحيانا أخرى يحاول كبت ضيقه قدر استطاعته وحين كان يفشل الحقن المجهري كان يظل أشهر واجما متقلب المزاج ، ثم أردفت بتهكم:لأعرف فيما بعد أنه كان يستخسر أن يتركني فيذهب كل ارثي المستقبلي لغريب
أردفت بحنق:لو كان يملك ذرة شجاعة واحدة لمواجهتي لكنا انفصلنا من وقتها ولكنه كان يماطل ،يشتاق للانجاب ولا يستطيع تركي وفي نفس الوقت معاملته معي تغيرت ..."
قالت يسر بحيرة:"ومالذي جعلكِ تصمتين طوال هذا الوقت؟ ليس من عادتك الصبر؟ .."
قالت عنان وهي تنظر في الأفق البعيد:"كلما واجهته بشعوري كان يثور ويقول تارة أنني أفتعل المشاكل نظرا لتأثري بعدم الانجاب وتارة أخرى يقول أنني أفعل هذا من أجل تركه وتجربة حظي مع غيره
وقتها كان حديثه يصدمني وكنت أظن أن هذا شعوره ومع الوقت اكتشفت أنه كان يقول هذا ليشككني في نفسي ويصرف عني شكي به "
قالت وصال وهي تضع يدها فوق يد أختها:"لم تتحدثي في هذا الأمر من قبل؟..."
أخذت عنان نفسا وأخرجته ثم أردفت :"يكفي كل منا ما فيه وصال كنتِ أنتِ أيضا في عز أزمتك مع طارق ثم أن الندل كان يتبع معي مبدأ وهو أن يشككني في نفسي "
قالت يسر بفضول:"هذا يعني أن السنوات الأخيرة لكما معا كانت متوترة؟..."
أومأت لها عنان قائلة:"كنا دائما في حالة شد وجذب وفتور وبرود ،وكلما تحدثت يقول لي أنني أبحث عن النكد وأنه لا يوجد رجل يحب زوجته كما يحبني هو،ولكن في الأيام الاخيرة كنت أشعر بشيء يحيكه مع راشد ولم أتمكن من معرفته وقتها وبالطبع كان زواجه ....
أردفت بشرود:كنت أشعر بشدة أن هناك شيء وكنت أبحث خلفه ولكني لم أهتدي لشيء وقتها تقريبا كان التواصل بيني وبينه كزوجين منقطعا أنا كنت أشك فيه وهو كان يثير المشاكل ليغطي على فعلته ولكني لن أنسى الأيام التي سبقت وفاته وقتها كنت أشعر بالفعل أن به شيء غريب وأشعر بنفور منه وليلة وفاته صارحته بشكي فثار بشدة واتهمني أنني أفتعل المشاكل وفي الصباح ارتدى ملابسه وتأنق ووضع عطره
في هذه اللحظة لم تكن عنان معهن بل عادت بالفعل بكل كيانها لاكثر من عام للخلف
كان رماح يقف أمام المرآة يصفف شعره وهي تجلس خلفه على طرف الفراش تناظره بشك يشعل الأجواء بينهما فأردف هو بحنق :"مادامت الحياة بيننا أصبحت كلها شك هكذا فأنا ساتركك عدة أيام حتى تهدأين ...."
قالت عنان بغيظ منه:"ستتركني عدة أيام هنا؟ وستذهب أنت إلى أين؟..."
قال لها ببرود:"سأذهب إلى أصدقائي أجلس معهم عدة أيام "
قالت بعناد:"وأنا سأذهب إلى بيت أبي.."
"لا ...."
قالها قاطعة
فاستقامت واقتربت منه قائلة بحدة:"لماذا؟..."
التفت لها قائلا بحزم :"حتى لا تٌكبري الأمور ثم أردف بنظرة تشبه كثيرا نظرة أبيه حين يغضب:وتذكري عنان أن الزوجة حين تٌحيل حياة زوجها إلى جحيم من الشك هكذا هي من تدفعه إلى الفرار من البيت ..."
تخصرت قائلة بنظرة متحدية "ومادمت أحيل حياتك إلى جحيم لم تٌبقي علي؟ لم لا تُطلقني ويذهب كل منا إلى حال سبيله؟..."
قال بنظرة قاسية :"لأنكِ لن تكوني لرجل غيري "
قالت بتأفف:"وهل هذا ما يشغل بالك ويمنعك من تركي هو الا أكون لغيرك؟.."
أخذ حقيبته التي أعدها وتركها قائلا بنبرة محذرة:"قلت لا للذهاب إلى بيت أبيكِ حتى أعود ثم أردف بنبرة لائمة:وتذكري أنكِ نزعتي لي اجازتي التي كنت أنوي قضاءها معكِ بسبب أفكارك المسمومة هذه واضطرتيني للمغادرة ...."
قالها ولم يعطيها فرصة للرد وخرج وصفع الباب خلفه للأبد
عادت عنان من دوامة الذكريات وأردفت بتهكم:"لأكتشف فيما بعد أن زوجته الأخرى كانت قد طلبت منه البقاء عندها عدة أيام فوعدها أنه سيجد الحجة المناسبة لفعلها والحجة كانت أن يفتعل معي هذه المشكلة "
قالت وصال بحيرة:"أنتِ تقولين أن علاقتكما المتوترة كانت منذ سنوات ولكن حزنك عليه لم يوحي بذلك على الاطلاق "
قالت عنان بتأثر:"لأن الوقح اتبع معي أسوء الحيل على الاطلاق وكأنه كان يعلم أن أجله اقترب ويريدني أن أظل أسيرته حتى بعد رحيله ،نجح في بث الشعور بالذنب بداخلي خاصة بعد كلماته الأخيرة لي لأجد نفسي بعد سماعي لخبر وفاته في ذاك الحادث البشع بعد دقائق من رحيله من عندي لا يوجد في مخيلتي إلا كلماته
أنا من افتعلت المشاكل معه،كان يريد قضاء الاجازة معي ،أنا حب عمره ولا يوجد غيري ، وجدت شعورا عظيما بالذنب يغمرني ،ليتني لم أتركه يخرج ،ليتني لم أشدد عليه الخناق ليتني صدقته من أول مرة ،ليتني وليتني ووجدت نفسي أنسى كل ما كان بيننا في الفترة الأخيرة لأعود لسنوات للخلف فأتذكر حبه لي وحبي له لأعيش لأشهر كاملة أسيرة الوهم لأكتشف بعد ذلك أن كل شكوكي كانت حقيقة وأكتشف أنه افتعل معي المشكلة قبل الوفاة ليذهب اليها بعد أن أخبرته أن هناك خبرا تريد أن تخبره به ولكن لن تستطيع على الهاتف وبالطبع كان خبر حملها "
حين انتهت عنان من الكلام ولاذت بالصمت شعرن جميعا بالتعاطف معها،هي طوال عمرها بوحها قليل وشكوتها مٌنعدمة ،تبدو أمام الجميع بمنتهى الثبات حتى لو كانت تتقطع من الداخل
قالت يسر بشرود:"سبحان الله ونحن من كنا نتصور أنكِ في منتهى السعادة ..."
ابتسمت عنان بسخرية وأردفت:"ما يضايقني فقط حتى الآن الفترة التي اهتزت فيها ثقتي بنفسي وكذبت احساسي رغم صدقه وعشت في دوامة من الأحزان كانت ربما تستمر طويلا لولا لطف الله بي حين كشف عنه الستر ورأيت الحقيقة بأم عيني "
قالت مريم وهي تربت على يدها داعمة:"وعوضك الله بمعتصم والحمد لله ..."
أردفت عنان بقلب مرتجف وصوت مهزوز:"لذلك أخاف مريم، أخاف عليه وأخاف منه ، اخاف أن يتكرر الأمر معه "
قالت وصال بجدية:"لن يتكرر لأنه اختارك وهو يعلم كل الظروف المحيطة بكِ "
وأردفت يسر بتساؤل:"ولكن هل تشعرين تجاه معتصم بنفس المشاعر التي كنتِ تشعرين بها تجاه رماح حين أحببتيه قديما ؟ "
أردفت عنان بنظرة شاردة وهي تنظر إلى السماء وقرص الشمس يغوص في كبد السماء :"ما أشعر به تجاه معتصم شيء لا أستطيع تحديد كنهه حتى الآن ،مشاعر لم أشعر بها من قبل ،ومشاعري تجاه رماح اكتشفت مؤخرا انها كانت مشاعر مراهقة،غير ناضجة ،أما مشاعري الان وأنا أشعر بنضجي الفكري والجسدي مشاعر أخرى "
قالت وصال بحيرة :"كيف يعني صفي لي "
ابتسمت وهي لا تزال شاردة في السماء وإن كانت صورته متجسدة أمامها وأردفت :"شعوري به ك-مذاق أول رشفة من فنجان قهوة ساخن في صباح شديد البرودة،ك-سعادة أول خطوة أخطوها في الحياة ،مذاق أول كلمة حب رغم أنه لم يقلها بعد ولكني أنتظرها ،احساس أول لمسة يد ،أشعر معه بجمال البدايات وأنا لا أريد من الحب إلا البداية ...."
********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 09:18 PM   #994

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

ومن عجائب الحب حين تظن أنك وصلت إلى نقطة النهاية فتجد نفسك دون ارادة تقف عند نقطة البداية
ويوسف ظن لفترة طويلة أن مشاعره تجمدت تجاه مريم ولكن بعد ما مر به مؤخرا وجد نفسه يقف عند نقطة البداية
بداية مشاعره لها منذ سنوات ليجد نفسه يعود إلى نفس النقطة ،دلف من بوابة بيت جده عمران بعد أن فتح البوابة بمفتاحه بعد عصر أحد الأيام التي تلت رحيل أبوه وأمه ومريم وعودتهم إلى البيت ...
منذ ما حدث في العاصمة مع سندس وهو يتجنب مريم تماما والغريب انها هي أيضا تتجنبه رغم ظنه أنها ستقلب الدنيا عقب عودتها
وصمتها هذا يوتره ويشعر أن خلفه شيء ....
حتى أبوه وأمه اكتفى كل منهما بكلمات مقتضبة موبخة له وكأن الجميع اعتاد على مايفعله أو ربما يأسوا ولا أحد يعرف الحرب النفسية التي يخوضها
دلف مباشرة إلى حظيرة المواشي ووقف قليلا يتذكر حين كان يقابل مريم هنا منذ سنوات وابتسم للذكرى وهو يتذكر احمرار وجهها حين كان يقترب منها أو يقول لها كلمة حلوة
ثم دلف إلى حديقة الفواكه وأخذ يتجول فيها بأريحية والذكريات تحاوطه من كل جهة فيبتسم ابتسامة حانية
ويتذكر أخر موقف له مع سندس فيشعر بالاشمئزاز منها ومن كل امرأة على شاكلتها فينظر حوله وتعصف بذهنه ذكرياته هنا مع مريم فيبتسم مرة أخرى
دقائق لا يعرف عددها قضاها في الحديقة وشمس العصاري الدافئة فوق رأسه إلى أن دلف للداخل يبحث عن غالية التي أتى من أجلها
أو من أجله..... لن تفرق كثيرا
حين دخل من الباب المفتوح كانت تجلس غالية على أريكتها في منتصف البيت فاقترب منها قائلا بمودة :"أهلا ماما كيف حالك ؟..."
قالت وهي تفتح له ذراعيها :"بخير حال يا حبيب أمك .."
ارتمى في حضنها وظل هكذا لدقائق وهي تمسد على شعره بحنان الجدات الذي لا يضاهيه حنانا
وحين ابتعد قليلا أردفت تنادي أم ايمن :"حضري الغداء يا ابنتي يوسف سيتناوله معي ..."
قال بجدية:"ليس لدي شهية كنت أريد فقط الحديث معك ..."
قالت وهي تربت على وجنته:"تأكل أولا ثم تتحدث ،وجهك أصفر ألا تطعمك ليلة ؟.."
ابتسم قائلا:"تطعمني لا تقلقي ...."
وبعد أن تناولا الغداء عادا إلى نفس الأريكة أسفل النافذة وهدوء البيت في هذا الوقت ساعد يوسف على البوح لها بما في نفسه حين سألته قائلة:"ماذا بك حبيبي قل لي ما في نفسك..."
فأردف يوسف بصدر مثقل بالأعباء:"لا أعرف من أين أبدأ ..."
قالت وهي التي تعلم كل شيء دون أن تٌبدي المعرفة:"ابدأ من عند ما بينك وبين زوجتك بٌني ،زوجتك التي تحبك وتحفظك وأنجبت لك الولد والبنت ،ابنة عمك التي إن طفت الأرض من المشرق للمغرب لن تجد مثلها .."
أردف بسخرية:"أنتِ أنجبتي عصابة دولية أمي لا يخفون عنكِ شيء أبدا ..."
قالت بتوبيخ:"وهل مشكلتك الوحيدة أنني أعلم؟..."
قال بجدية:"لا طبعا ،مشكلتي أنني أصبحت تائها ،أشعر بكل شيء وعكسه، أشتهي أشياء وحين تكون بين يديّ أزهدها ،وأظن أنني زهدت أشياء وحين تقترب من الزوال من أمامي أكتشف أنني لا أستطيع العيش بدونها ...."
كان يتحدث بلا ترابط وكانت تفهمه ،كان التشتت يبدو في نظرته ونبرة صوته
صمت قليلا فصمتت هي الأخرى تناظره ثم أردف بعد قليل بحزن:"مريم تضيع من بين يدي وأنا لا أستطيع الاحتفاظ بها وكلما عدنا وتحسنت الأمور بيننا نعود إلى نقطة الصفر لا أعرف لماذا رغم أنني حقا أريد أن ينصلح بيننا الحال ...."
قالت له غالية بعد أن استمعت له :"هل تعرف أين توجد المشكلة؟ أننا أحيانا كثيرة نبتعد عن الله ونترك أنفسنا للشيطان والشيطان دائما يزين لنا المعصية ويجعلنا نترك ما بيدنا وننظر لما بيد غيرنا ،الشيطان يجعلك دائما في حالة صراع مع النفس ويسلب منك متعتك التي أحلها الله لتنظر لما حرمه الله ..."
كان ينظر إليها وهو يشعر أن هناك طاقة نور يفتحها الله أمام وجهه فأكملت غالية:"هل تصلي؟..."
قال بخجل طفل صغير :"أحيانا وأحيانا ..."
قالت له بجدية:"اقترب من ربك يوسف حتى تستطيع تقدير نعم الله عليك وادعوه دائما بأن يجعلك ترى الحق حقا ويرزقك اتباعه وأن ترى الباطل باطلا ويرزقك اجتنابه ،حين تقترب من الله سينير دربك فترى الحق ولا شيء غير الحق ..."
زفر زفرة حارة وأردف ببؤس طفولي :"معكِ حق ولكن ماذا أفعل الآن مريم ابتعدت عني تماما ..."
"اقترب أنت..." قالتها بتلقائية
فأردف بخجل:"لا أستطيع..."
أمعنت النظر في عمق عينيه فوجدت خزيا فأردفت بشك:"اذن أخطأت في حقها "
أومأ بوجهه دون رد فأردفت :"إن كنت صادقا فكل شيء بالوقت يمكن اصلاحه "
"هل تعتقدين أن بعد كل ما حدث بيننا يمكن الاصلاح؟..."
"إذا كنت تريد حقا فيمكن ثم أن هناك بينكما أرض صلبة ورصيد يسمح لمحاولة البدء من جديد ...."
قال باحباط :"حتى المحاولة لا أجد في نفسي طاقة لها ..."
قالت وهي تربت على كتفه :"خذ هدنة ثم أعد المحاولة...."
أومأ لها برأسه ووجد أن الشمس أوشكت على الغروب فأردف وهو يهم بالقيام :"سأسلم على يسر ثم أرحل ...."
وحين استقام وجدت غالية أن عليها أن تنبهه إلى شيء هام فأردفت بصوت ثابت:"هناك شيء نسيت أن أقوله لك يوسف ...."
قال وهو يقف وينظر لها من أعلى :"ماذا؟...."
قالت بنبرة خبيرة ونظرة ثاقبة:"زقة ب-زقة ولو زدت لزاد السقا "
ضيق ما بين حاجبيه قائلا:"ماذا تقصدين؟..."
ربتت على موضع جلوسه فجلس مرة أخرى فأردفت هي بحكمة السنين :"كانت أمي رحمها الله تحكي لنا عن صائغ كانت كل تعاملاته مع النساء وكانت زوجته امرأة عفيفة وكان هناك سقا يجلب لهم الماء إلى البيت كل يوم وكان رجلا صالحا
وفي يوم كان لدى الصائغ امرأة تشتري أساور وكان يساعدها في لبسها فراودته نفسه ومس يدها بغير براءة ، في نفس الوقت كان السقا يدق باب بيت الصائغ ليعطي لامرأته قربة الماء وحين كانت تأخذها منه راودته نفسه ومس يدها مسة غير بريئة فسحبت المرأة يدها بسرعة وهي تتعجب لأن الرجل لأول مرة يفعلها ،وحين عاد زوجها في المساء رأها حائرة وحين أصر لمعرفة سبب حيرتها قصت عليه ما حدث فبٌهِت الرجل وفكر مليا ثم أردف بتأثر زقة ب-زقة ولو زدت لزاد السقا..."
كان يوسف ينظر في عمق عينيها لا يحيد عنهما بنظرة غريبة في عينيه ،ذهول مما يسمعه ويفسره عقله فأردف في النهاية بصوت يأتي من أعماق حيرته وشتاته :"ماذا تعني بهذا الكلام ؟..."
قالت بسرعة:"لا أعني سوى أن تحذر أن تفعل شيء في جوف الليل يراه الله ولا يراه الناس فيٌرد لك في زوجتك أو ابنتك أو أختك ،أن تتقي الله في نفسك التي هي ليست ملكك بل ملك من خلقك فيكرمك الله فيمن يخصونك ويبارك لك في عرضك وشرفك...ثم أردفت منبهة:الله لم يأمر المرأة فقط يا ولدي أن تحفظ نفسها بل أمر الرجل أيضا فالحدود واحدة "
كانت كلماتها كالصفعة التي أفاقته من غفلته فظل ينظر لها مبهوتا يرتب الكلمات في عقله الذي شعر في هذه اللحظة أنه كان عليه صدأ وكلمات غالية تجليه جليا
*********
كان يجلس في مقعده في الطائرة وقلبه يرفرف خارج جسده حين سمع الرسالة الصوتية التي تهنيء الركاب بسلامة الوصول إلى أرض الوطن خاصة وقد بدأت الطائرة بالفعل في الانخفاض وبدأت الأرض من تحته في الوضوح أمام ناظريه فابتسم عمرو الذي اشتاق لوطنه اشتياقا لم يكن بالبال وهو يظن أن باستطاعته تركها لأعوام لأسباب عدة
وحين لامست عجلات الطائرة أرض المطار ومع اهتزاز جسد الطائرة كان يختلج قلبه بمشاعر غريبة وحين وقف على أول درجة من درجات سلم الطائرة مسح بعينيه على أرض المطار وابتسم ابتسامة رائعة ،كانت الشمس على وشك الغروب ولون السماء رائعا ،هل يصدقه أحد إن قال أن سماء وطنه وشمسها تختلفان عن سماء وشمس أي بلد أخرى؟...
"تفضل سيدي ..."
قالتها المضيفة بنبرة لطيفة فانتبه عمرو وأردف بلباقة وابتسامة حلوة :"حسنا..."
لفحه الهواء البارد فلم يغلق سترته بل كان يريد المزيد من الهواء فقطع الدرجات الفاصلة بينه وبين أرض المطار وهو يشعر أنه يريد أن يطير للقاء كل أحبابه
حين تفارق وطنك طوعا أو كرها يظل حلم العودة يراودك في اليوم ألف مرة
حب الوطن يسكن قلبك ،يسري في دماءك ،يحتل روحك ،وحين تطأ بقدميك أرضها وتتنفس هواءها وتستظل تحت سماءها يختلج قلبك ،يرتجف جسدك، تدمع عيناك بدموع الفرح ،يغمرك الحنين المفاجيء فتكاد تطير مُحلقا للقاء الاحباب متخذا من حنينك جناحين
وهو حين رأى وجه معتصم الذي يقف ينتظره بعد أن أتم الاجراءات حتى شعر أنه يريد أن يقطع الخطوات الفاصلة بينهما طيرا لا عدوا
معتصم الوحيد الذي يعرف بموعد وصوله لحاجة في نفس عمرو
وحين اقترب عمرو بحقائبه الكثيرة من معتصم أردف بصوتِ عالٍ والسعادة تتقافز على قسمات وجهه:"الداخلية بنفسها تنتظرني ؟..."
ففتح معتصم ذراعيه وأردف بسعادة جمة وابتسامة واسعة :"وهل ستنتظر الداخلية أعز من الطيور المٌهاجرة التي عادت أخيرا إلى أرض الوطن! ...."
عناق أخوي طويل جمعهما وفي نهايته ابتعد كلاهما وأردف معتصم :"إلى البلدة؟..."
قال عمرو بجدية واهتمام:"لاااا إلى مريم "
*********
أما يوسف الذي تجمد ثم اشتعل ذهنه بعد أن استمع لكلمات غالية الأخيرة فبعد أن جلس قليلا مع يسر بذهن شارد وعقل ليس فيه استقل سيارته
جاء ليسمع من غالية كلمات تهديه فزادته تخبطا واشتعالا
هل ممكن أن تٌرد إليه هفواته في أعز ما يملك؟؟؟
هل ممكن أن يكون هناك أحدا يضايق زوجته أو يتودد إليها؟؟؟
هل ممكن أن تكون قد تعرضت من قبل لأي محاولة لتقرب أحد منها؟؟؟
وكيف سيعرف هذا وهو بعيدا ومعظم المشاوير الخاصة بها وبالاولاد هي من تقوم بها ؟؟؟
أخذت الأفكار تصفعه صفعا وهو لا يعرف كيف يوقف سيل التخيلات التي تعصف بذهنه
يقود بلا تركيز وكلمة واحدة تتردد في ذهنه مرارا وتكرارا حتى كادت أن تصرعه ولا يستطيع أن يوقفها
زقة ب-زقة ولو زدت لزاد السقا
نهاية الفصل


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 09:19 PM   #995

نا رفين

? العضوٌ??? » 440067
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 71
?  نُقآطِيْ » نا رفين is on a distinguished road
افتراضي

♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️

نا رفين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 09:53 PM   #996

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 150 ( الأعضاء 30 والزوار 120)
‏Heba aly g, ‏شارلك, ‏موضى و راكان, ‏Solly m, ‏حوار مع النفس, ‏ولاء مطاوع, ‏halloula, ‏عبير سعد ام احمد, ‏Ghada A zoudeh, ‏simsemah, ‏احب القراءه, ‏ميمو٧٧, ‏فديت الشامة, ‏الياسمين14, ‏سيفينا, ‏s2020, ‏asmaaasma, ‏ملاك العمرو, ‏سوهي(زهور الربيع), ‏حنين محمد جميل, ‏هبه رفعت, ‏Mohamed Yahia‎‏, ‏Walaa sham, ‏نا رفين, ‏نسائم ., ‏ارتميسا, ‏Rasha.r.h, ‏زهراء يوسف علي, ‏جنغوما, ‏هداية ايمان


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 10:13 PM   #997

عبير سعد ام احمد
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبير سعد ام احمد

? العضوٌ??? » 351567
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,136
?  نُقآطِيْ » عبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلم ايدك هبه ،بس فصل اليوم قصير
مش زي ما عودتينا
يوسف أتأثر بكلام غالية ،والشك دخل قلبه ياتري دة اللي كانت تقصده غالية والا بتحاول تبعده عن الوقوع في الحرام علشان ميتردش له مع مريم أو بنته أو اخته


عبير سعد ام احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 10:28 PM   #998

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 205 ( الأعضاء 44 والزوار 161)
‏Heba aly g, ‏mariam sayed, ‏ميمو٧٧, ‏Rasha ahmed, ‏Eman Sabry 85, ‏نسائم ., ‏سلمى عبدو, ‏سوزان سول, ‏منى م محمد, ‏ام جواد, ‏همس البدر, ‏Moony204, ‏Lazy4x, ‏نا رفين, ‏Monya05, ‏هداية ايمان, ‏زهرة الشتاء المتقطع, ‏لا تطفىء الشمس, ‏زهراء يوسف علي, ‏حنان الرزقي, ‏إشراقة الشمس, ‏نهله صالح, ‏لميس رضا, ‏هدهد الجناين, ‏شارلك, ‏موضى و راكان, ‏Solly m, ‏حوار مع النفس, ‏ولاء مطاوع, ‏halloula, ‏Ghada A zoudeh, ‏simsemah, ‏احب القراءه, ‏فديت الشامة, ‏الياسمين14, ‏سيفينا, ‏ملاك العمرو, ‏سوهي(زهور الربيع), ‏حنين محمد جميل, ‏هبه رفعت, ‏Mohamed Yahia‎‏, ‏Walaa sham, ‏ارتميسا, ‏Rasha.r.h


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 10:37 PM   #999

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير سعد ام احمد مشاهدة المشاركة
تسلم ايدك هبه ،بس فصل اليوم قصير
مش زي ما عودتينا
يوسف أتأثر بكلام غالية ،والشك دخل قلبه ياتري دة اللي كانت تقصده غالية والا بتحاول تبعده عن الوقوع في الحرام علشان ميتردش له مع مريم أو بنته أو اخته
تسلميلي حبيبتي على الانطباع الحلو 🌺
لا طبعا غالية ماتقصدش انها تزرع الشك في قلبه هي كانت تقصد النصيحة بس اللي على رأسه بطحة😂

بالنسبة لطول الفصل هو ٤٠ صفحة ورد حبيبتي يعني مش قصير هو متوسط وبعد دخول الدراسة وانشغال الكل غالبا هيكون هو ده حجم كل فصل ولو ربنا قدرني على أكثر من كدة اكيد مش هتأخر❤️❤️


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 10:38 PM   #1000

سوهي(زهور الربيع)

? العضوٌ??? » 491859
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 46
?  نُقآطِيْ » سوهي(زهور الربيع) is on a distinguished road
افتراضي

زقة ب-زقة ولو زدت لزاد السقا
الله عليكي يا هوبا حبيت جداااااا♥️♥️
تسلم ايدك وافكارك حبيبتي فصل رائع واحداثة ممتعة جداا

والقفلة مشوقة .. متحمسة جدا للفصل الجاي😍😍😍


سوهي(زهور الربيع) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:30 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.