آخر 10 مشاركات
أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          كوب العدالة (الكاتـب : اسفة - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قصر لا أنساه - مارغريت مايلز- عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          79 - قسوة وغفران - شريف شوقى (الكاتـب : MooNy87 - )           »          1 - من أجلك - نبيل فاروق (الكاتـب : حنا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4112Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-11-21, 07:42 PM   #1231

نجوى سويلم
 
الصورة الرمزية نجوى سويلم

? العضوٌ??? » 485662
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » نجوى سويلم is on a distinguished road
افتراضي


مستنيه د.عمرو والانسه .موده 💃💃💃💃💃💃💃💃😘😘😘😘😘🌹🌹🌹🌹🌹🌹
جولتا likes this.

نجوى سويلم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-21, 08:00 PM   #1232

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 35 ( الأعضاء 9 والزوار 26)


‏موضى و راكان, ‏زهرةالكون, ‏سوهي(زهور الربيع), ‏الأمل واليسر, ‏نبطية الهوى, ‏سويلم سويلم, ‏Ektimal yasine, ‏حنان الرزقي, ‏donia dody


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فى انتظارك كاتبتنا العزيزة

Elbayaa and جولتا like this.

موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-21, 08:11 PM   #1233

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الخامس والعشرون

الحياة ماهي إلا قطار نتنقل فيه ما بين مرحلة ومرحلة حتى نصل إلى نقطة النهاية.
هناك من يقطع أميالا ليصل إلى من يحب
وهناك من يقطع أميالا بحثا عن هويته
وهناك من يقطع أميالا بحثا عن الحقيقة
وهو كان على أتم الاستعداد لترك كل شيء خلفه ليصل إلى حقيقته
قلبه فقط يؤلمه على اثنتين
غالية وعنان
غالية التي ربت وكبرت حتى أصبح رجلا
وعنان التي للتو بدأ يحصد ثمار ما نثره في طريقها منذ أن تلاقت الطرق
ولكن الوسواس الذي لا يتركه يهنأ وهو هكذا جاهل كان أقوى منه
أقوى من أن ينفذ لغاليته رجائها ولا يرحل
أقوى من أن يستجيب لدموع عنان ولا يتركها بعد أن وجدها ووجدته
............
بعد أن أوصل يحيى معتصم إلى المطار صافحه معتصم بتوتر لا يخلو من الحماس والترقب وحمل حقيبته فوق كتفه وولاه ظهره متجها لداخل المطار بخطوات سريعة وقد اكتفى من طول الانتظار
بعد مرور عدة ساعات
كان قد انتقل من بلد إلى بلد ومن مطار إلى مطار فوقف ينظر حوله بعد أن أنهى اجراءات الوصول إلى أن وجد على بعد خطوات شاب يقف ويرفع لافتة مكتوب عليها مٌعتصم الرحماني
تقدم معتصم منه وهو يحمل حقيبته فوق كتفه وحين اقترب ابتسم قائلا:"أنا من تنتظره"
ابتسم نزار قائلا بمودة:"تختلف عن الصورة الشخصية التي تضعها على الفيسبوك "
فأردف معتصم :"الصورة قديمة قليلا فأنا لست مغرما بتنزيل صورا كثيرة لي"
ثم مد يده لنزار الذي كان بالفعل رأى عدة صور له فكان سهل عليه التعرف عليه فصافحه الشاب الذي لم تكن ملامحه بالغريبة عن ملامح أهل بلدتهم
سمرة الجنوبيين المحببة وملامح رجولية ملفتة وطول معتدل وإن كان أصغر في السن من معتصم يبدو في منتصف العشرينات ثم أردف نزار وهو يشدد على يد معتصم :"اشتقت إليك يا ابن العم"
قالها وهو يجذبه ويعانقه عناق أخوي ومٌعتصم حين سمع كلمة ابن العم تلاه عناق نزار له ارتجف جسده باحساس مُختلف فانشق ثغره عن ابتسامة صغيرة لا تٌعبِر عما بداخله من مشاعر مختلطة
لم يلحظ معتصم أنه على مقربة منهما كان هناك رجل كبير في عقده السادس تقريبا يتابع المشهد بابتسامة متأثرة
حين ابتعد معتصم قليلا عن نزار وجد الرجل الذي كان يقف على مقربة منهما يتقدم منه قائلا بابتسامة ودودة بعد أن ظل طوال الدقائق الماضية يتأمل كل انش في معتصم:"افسح قليلا نزار أريد أن أصافح الغالي ابن الغالي "
تمتم معتصم لنفسه (اذن هذا هو عبدالملك الرحماني)
فجذبه عبدالملك الذي كان يماثله في الطول واحتضنه حضنا أبويا خالصا وهو يربت على كتفه بتأثر وحين ابتعد عنه أردف معتصم وهو حقا لا يستوعب أنه يقف بين أهل أبيه:"أنت عمي عبدالملك ؟"
كان عبدالملك يدرك أن الشاب الذي لم يراهم ولو لمرة واحدة طوال السنوات الماضية يستغرب الوضع وربما لا يصدق فأخرج هويته وأردف وهو يضعها أمام عيني معتصم :"انظر بنفسك "
فنظر معتصم في الهوية ليجد صورة الرجل الكبير وبجوارها اسمه كاملا
عبدالملك هلال منصور الرحماني
***********
في اليوم التالي
استيقظ في الصباح الباكر كعادته ما إن بدأ أول شعاع ضوء يشق عتمة الليل بعد عدة ليالي من النوم المتقطع منذ أن فاتحه تمام في رغبته بالزواج من نسرين
استقام راشد من فراشه ووقف بالقرب من النافذة وفتح الستائر وظل واقفا يفكر دون حراك إلى أن فرقت يمنة أجفانها على الضوء المتسلل من النافذة وأردفت:"اغلق الستائر راشد أريد النوم "
دون أن يلتفت لها أردف :"قومي يمنة أريدك "
"ماذا هناك ؟"
قال لها باقتضاب:"لا أستطيع النوم بسبب ابنك "
تنهدت قائلة :"تمام ؟"
"وهل هناك غيره ؟"
طار النوم من عينيها هي الأخرى فمنذ أن عرف راشد وهو متحفز ورغم صمته إلا أن عينيه دائما مشتعلتين وتعرف أن صمته ليس إلا تخطيط لشيء وأنه لن يترك تمام يفعلها.
اعتدلت في الفراش وأردفت وهي تتناول وشاح صغير تربطه حول شعرها الذي تشعث وهي نائمة :"في ماذا تريدني؟"
التفت لها وأردف باقتضاب:"أنتِ تعرفين أن ما يريده ابنك لن أسمح به فقبل أن أرتكب أي حماقة أريدك أن تتحدثي مع التي لا تُسمى وتخبريها أن ترحل هي وأخوها وتأخذ ما تريد وتتنازل نهائيا عن حضانة عمار"
ضيقت يمنة ما بين حاجبيها قائلة :"ومن قال لك أنها ستوافق؟"
قال بجبروت احتل نظرة عينيه:"أنا تحدثت معها من قبل وتشبثت بالبقاء ولكن بعد أن عَرِفت برغبة تمام فلن يصح لها البقاء هنا،ثم شدد على حروف كلماته قائلا: فأخبريها أن توافق بارادتها خير من أن تفعلها رغما عنها "
تركت يمنة الفراش وهي تقترب منه وأردفت باستفهام:"وإن تركته من الذي سيرعاه بعدها؟"
ناظرها بنظرات قاتمة ثم أردف:"وهل رعاية طفل مثله مسئولية كبيرة؟ ثم أردف بملامح متألمة:ستراعيه كما راعيتي أباه من قبل"
قالت بصوت منخفض وهي تستعيد في ثوان عمرا كاملا:"رحمه الله ولكني لن أستطيع ،هل ترى أن في سني هذا وأستطيع رعاية طفل صغير من البداية؟"
ضيق عينيه قائلا:"ماذا تقصدين؟"
قالت بجدية:"تترك الولد مع أمه وتأخذ لهم شقة في مركز المحافظة وتطمئن عليهم كل فترة "
قال بملامح شرسة ونبرة أشرس:"على جثتي أن يخرج الولد من هذا البيت،وحتى بعد وفاتي سأوصي أبناءك بألا يفعلوها وإن فعلوها سأكون غاضبا عليهم "
قالت يمنة متهكمة:"اذن وافق على زواجها من ابنك وبذلك تبقى هي وابنها العمر كله"
اقترب منها قائلا بحدة:"توافقين اذن على زواج ابنك منها؟"
قالت بنبرة حاسمة:"لا أوافق على زواجه منها ولا أوافق أن أحرم أم من ابنها ولا أريدك أن تفعلها ،ثم أردفت بنظرة متألمة:فعلتها قديما راشد وحرمتني من ابني وها أنذا أعاني من مرارة بعده عني ،لقد قضيت أكثر من نصف عمري بعيدة عن ابني ولم أقصر مع رماح ولكن لا أستطيع أن أقضي ما تبقى من عمري في رعاية ابنه"
كانت تتكلم دون خوف وفي عينيها نظرة حزينة فأردف ليثبر أغوارها:"هل هناك شيء حدث ليجعلك في هذه الحالة؟"
قالت وهي تضحك بسخرية:"ابني أنا سافر ولم يُكلف نفسه عناء زيارتي قبل سفره أو حتى الاتصال بي،ثم أردفت بحسرة:أنا أخطأت راشد حين تركت ابني قديما وها أنذا أحصد ما زرعته يديّ"
ناظرها ببرود ولم يكلف نفسه عناء سؤالها عنه أو عن سبب سفره ولا وجهته، كعادته لا يهتم سوى بما يخصه فقط فتجاهل جملتها كاملة واردف :"تحدثي مع التي لا تٌسمى كما قلت لكِ حتى حين أفعل شيء فيما بعد أكون بالفعل قد نبهتها"
*********
بعد أن استيقظت نسرين ونزلت للأسفل أخذت منها يمنة الصغير وأعطته لجده في المندرة ككل يوم وأردفت وهي تشير لها جهة غرفة الضيوف:"نسرين أريدك في أمر هام "
تبعتها نسرين وحين أغلقت يمنة باب الحجرة جلست على طرف الفراش ومسدت على الموضع المجاور قائلة بهدوء:"اجلسي "
انقبض قلب نسرين ولكنها حاولت أن تبدو ثابتة ،تعرف انها ستسمع ما يسيئها من يمنة ،يبدو في نظرة عينيها ونبرة صوتها ،جلست بجوار يمنة وهي متسعة العينين بترقب مرهفة السمع بانصات فأردفت يمنة بنبرة عملية لا أمومية فهي لا تملك تجاه نسرين عاطفة الأمومة
ولا جافة كنبرة راشد فهي في النهاية لم تفعل لهم جميعا اي شيء سيء :"نسرين أنتِ تعرفين أن عمرك في هذا البيت ليس طويل ،انقبض قلب نسرين وتقلصت معدتها بشدة فأكملت يمنة بنظرة معبرة عن عدم جواز الوضع:البيت فيه ثلاث شباب ليسوا من محارمك إلى جانب أنكِ شابة والعمر كله أمامك لن تبقي طوال العمر دون زواج "
ابتلعت نسرين ريقها بصعوبة وأردفت بصوت متحشرج:"مالذي حدث بالضبط؟"
قالت يمنة :"لم يحدث شيء حبيبتي ،عمك يريدك أن تبحثي عن مستقبلك ولا تجعلي عمار عقبة أمامك ،يقول لكِ أنه سيؤمن لكِ حياة كريمة ووقت أن تحبي رؤية عمار تأتين في أي وقت "
وصلت الرسالة فناظرتها نسرين وأردفت بقلب منقبض:"تريدوني أن أترك ابني؟
لم تدع مجالا لرد يمنة وأردفت مباشرة:هل تعرفين عمتي أنا كنت في البداية أريد بالفعل أن أبقى معكم لينشأ عمار بينكم وحتى يكون لنا أهل وعزوة عوضا عن بقائنا كفرع بلا جذور وحتى أؤمن لابني ولي حياة كريمة ولكن إن وصل الأمر إلى محاولة تفريقي عن ابني فأنا لدي استعداد لترك كل شيء والنجاة به هو فقط"
قالت يمنة مقارعة:"وكيف ستوفرين له حياة كريمة دون مساعدة راشد؟"
قالت نسرين بلا تفكير:"إذا كانت مساعدة عمي راشد مشروطة بتفريقي عن ابني فالله الغني عن هذه المساعدة "
اتسعت عيني يمنة من جرأة نسرين ،تعرف أنها جريئة ولكن ليس لدرجة الوقوف أمام راشد الذي لم يستطع أحد أن يقف أمامه يوما
تنهدت يمنة قائلة لتوضح لها حقيقة وضعها:"هو يستطيع أن يفعلها سواء بارادتك أو رغما عنكِ فاجعليها بارادتك يا ابنتي ووقتها سيٌقدر هو ذلك ووقت أن تريدي رؤية ابنك لن يمانع"
قالت نسرين بسخرية:"ومن قال لكم أنني أقبل المساومة على قطعة مني ؟هذا الأمر مرفوض تماما "
قالت يمنة مقارعة:"ألم يكن هذا هو اتفاقك مع رماح قديما ؟"
قالت نسرين بنبرة حادة:"أي اتفاق هذا ؟"
"أن تتركي له الولد ما أن تلديه "
اتسعت عيني نسرين ذهولا وتشرست ملامحها وأردفت باستنكار:"من قال هذا؟هل هناك أم على وجه الأرض ترضى بذلك؟ هل هناك أم تترك صغيرها؟"
شعرت يمنة كأن نسرين تصفعها على وجهها بكلماتها فلاذت بالصمت دون ارادة منها فلم تجد ما تقوله لتقول نسرين بنبرة قاطعة:"ما قاله لي من البداية أنه يريد زوجة ثانية لتعوض النقص في الزوجة الأولى هكذا قال ،طلب مني فقط في البداية الصمت حتى يحدث الحمل وبعدها قال أنه سيفاتح عنان ووقتها حين تجد أن الزيجة بالفعل أتت بثمارها ستقتنع وحينها كان سيأتي بي إلى هنا ونعيش جميعا معا فكما قال لي أنه يريد انجاب نصف دستة من الأطفال حتى يعوض كونه نشأ وحيدا "
اتسعت عيني يمنة وأردفت باستنكار:"من هذا الذي نشأ وحيدا؟وبالنسبة لي ولأبيه واخوته ماذا عنهم؟"
قالت لها نسرين ما قاله رماح مرارا:"كان يقول أن أقرب شخص له هو والده وأنكِ رغم طيبتك إلا أنكِ تظلين في النهاية زوجة أب وتحبين أبناءك أكثر"
اتسعت عيني يمنة عن آخرهما وأردفت بذهول:"أنا كنت زوجة أب؟ لقد أعطيت رماح ما حرمت منه ابني الذي حمله رحمي "
قالت نسرين بنبرة يغلفها التوتر:"المهم عندي أنني لم أتفق على ترك ابني قديما حتى أتركه الآن"
سيطرت يمنة على طاقة الغضب التي تولدت داخلها من كلمات نسرين وأردفت:"ضحك عليكِ حبيبتي ،لم يكن ليفعلها ويحضرك إلى هنا في وجود عنان "
قالت نسرين وقد فهمت اللعبة:"ضحك عليّ هو وأبيه وكانت النية من البداية أن يسرقا ابني"
تجاهلت يمنة كلماتها لأنها للأسف حقيقة وأردفت لتٌكمِل المٌهِمة السخيفة التي كلفها بها راشد:"لا تنكري أنكِ من البداية أتيتِ لتحصلي على المال بعد أن ضاق بكِ الحال فلو فعلتي ما تفكرين به وأخذتي ابنك ورحلتي فستعيشين حياة صعبة فاحسبيها بالعقل يا ابنتي،إلى جانب أن راشد من الأساس لن يسمح لكِ بفعلها وأنتِ تعرفين"
ارتجفت شفتي نسرين وأصابت أطرافها برودة مفاجأة ،يبدو أن الأمر بالفعل محسوم ولكنها تماسكت وأردفت:"أنا حين أتيت بالفعل أتيت لسببين أولهما ما قلتيه أنتِ الآن لأنني بالفعل كنت أحتاج للمال ولكن ألا ترون أنني بالفعل صاحبة حق؟"
قالت يمنة باستفهام:"أي حق؟"
قالت نسرين بجدية:"حين تقدم لي رماح وتزوجنا لم يتزوجني سرا بل بعقد رسمي على سنة الله ورسوله وبحضور ومباركة أبيه وقتها كان لي حقوق كأي امرأة كالشقة والفرش والشبكة والمؤخر أين هذه الأشياء؟ لم تدع مجالا لرد يمنة وأردفت:ما إن توفاه الله حتى اكتشفت أن الشقة بما فيها ايجار وليست ملك كما قال وكما كان مكتوب في قائمتي وشبكتي البسيطة بعتها أثناء حملي لأصرف على نفسي وعلى الحمل فحين أتيت كان لي بالفعل حق لديكم لم آتي لآخذ ما ليس لي "
قالت لها يمنة وقد أرهقها طول الجدال:"لا أريد أن تشعري أنني أهاجمك أنا لو بيدي الأمر لتركتك ترحلي بابنك ولكن هذا مستحيل "
استقامت نسرين واقفة وقد امتلئت عينيها بالدموع وقد أدركت أنها دخلت وكر الثعالب بقدميها وبرضاها وهي التي ظنت أنها ستحظى بوجودها بالبيت بامتيازات حُرِمت منها طوال عمرها ثم أردفت وهي تناظر يمنة من علو:"والسبب الثاني صدقيني أنني كنت أريد عائلة لي ولابني ،ثم أردفت بملامح شعرت معها فعلا يمنة بالارتباك :بعد وفاة أبي وأمي وبقائي بمفردي أنا وأخي نواجه الحياة وحدنا لم يكن لنا سوى خالة واحدة هل تعرفين ماذا قالت لي حين تقدم لي رماح ؟
قالت لي تزوجي فمن بعدي لن يقف معكِ أحد خاصة وأن أبناءها جميعا متزوجون وكل منهم في حياته وأثناء حملي ماتت خالتي وبالفعل لم يعد لنا أحد من بعدها حتى ابنها الذي أوصلنا إلى هنا لم يسأل عنا من بعدها ،صدقيني كنت أريد عزوة أحتمي بينهم وكنت أنوي أن يكون أبنائي أبناء لعنان لم يكن في نيتي أي شيء آخر"
قالت يمنة:"هو كان في نيته عكس ذلك "
قالت نسرين لتحسم الأمر:"عامة انا تحدثت معكِ وقلت لكِ ما بنفسي وليس لدي استعداد للبقاء في البيت بعد ما قلتيه فبلغي عمي أنني على استعداد للرحيل بابني في أي وقت"
قالتها وهي تتركها مغادرة الغرفة أما يمنة فتمتمت متعجبة بصوت مسموع:"من أين تفهم هذه البنت؟تظن أنها ستخرج من بيتنا حية بابنها ببساطة؟"
كانت من داخلها رافضة للوضع ولكن لم يكن بيدها فعل شيء فغادرت الغرفة هي الأخرى قاصدة المندرة لتحكي لراشد عما حدث
أما نسرين فحين غادرت الحجرة توجهت صوب غرفة أخيها لتحكي له ما حدث وكانت دموعها تغرق وجهها وخوفها يغلبها وكان بالخارج تمام الذي سمع كل كلمة دارت بينها وبين أمه من نافذة الغرفة المفتوحة على باحة البيت الخارجية
رأى أمه وهي تصطحبها للغرفة وتٌغلِق عليهما الباب فتأكد أن هناك شيء لذلك أسرع للخارج ووقف خلف النافذة ليستمع إلى كل كلمة
وحين وجد نسرين تندفع للخارج أسرع خلفها قائلا بصوت مختنق:"ماذا بكِ؟"
التفتت له بجسدها كله وراعه وجهها المُغرق بالدموع أما هي فناظرته بصمت وعجز ،لا تنكر أنها عند مجيئها إلى هنا في البداية تمنته في نفسها خاصة أنها لم تكن تحب رماح ،تمنته كزوج يعوضها عما فاتها وبه ميزة أنه عم ابنها فلن تخاف على الصغير منه ولكن مع الوقت ومع العشرة ومع المواقف اليومية تأكدت أنه يختلف عن الجميع فتحركت مشاعرها بالتدريج تجاهه ومال له قلبها
أما الآن فلا تفكر سوى في ابنها وكيف تنجو به
حين طال صمتها وتحديقها به شعر بمشاعر مختلطة من الضيق وتأنيب الضمير، يعرف أنها إن حدث لها مكروه سيكون هو سببا مباشرا في ذلك ولكنه لن يدع أحد يفعلها حتى لو كان أبوه نفسه
كان كلاهما يناظر الآخر بصمت رغم أن بداخلهما نيران مشتعلة
هي تقول في نفسها ليتني رأيتك في ظروف أخرى ،ليتني لم ارتبط برماح ،أنت تستحق كل خير
وهو يقول لها أنا السبب فيما حدث ولكني بالفعل أريدك ولن أترك أحد يمس منكِ شعرة واحدة
في النهاية ردت عليه باقتضاب:"ليس بي شيء"
ثم تركته وتوجهت إلى غرفة اسلام وعاد هو إلى المندرة ليجلس مع أبيه مرة أخرى ويهادنه عله يغير رأيه
وكانت يمنة تجلس بجوار راشد وبعد أن قصت عليه ما قالته نسرين وحاولت مرة أخرى اقناعه بتركها ترحل بابنها تمتم وهو يحتضن الصغير الذي يتحرك بشقاوة بين يديه:"أنا قمت بما عليّ فعله حتى لا يلومني أحد بعدها ثم لمعت عينيه بنظرة مشتعلة قائلا:اللهم بلغت اللهم فاشهد"
**********
تعرف منذ أن وعت عينيها على هذه الحياة أن أصحاب المال بالتبعية يملكون النفوذ والنفوذ يحقق لأصحابه مطالبهم ماداموا يدفعون
أنت تدفع اذن أنت تقدر وتملك
وسعد لم يجد صعوبة في فعل ما انتواه في وقت قياسي
خططت ريهام ونفذ هو والنتيجة كانت حالة من الذهول والوجوم متجسدة على صفحة وجه زهراء التي تقف أمام بوابة بيت الشيخ عزت بعد أن أخذها الرجل هي وأمها وابنتها إلى بيته حتى يتصرفوا في أمر سكن جديد لها
كانت تنظر إلى البناية وهي تٌهدم بعد أن أتى قرارا بالازالة الفورية لخطورة البناية على ساكنيها
تمتمت لنفسها بسخرية مريرة وهي تحتضن ذراعيها بكفيها:"أولم تكن البناية لها سنوات ولم يهتم بها أحد أ أصبحت خطرا على ساكنيها ما إن فكر سعد في فكرته العبقرية!"
كانت تنظر إلى عمال الهدم وهم يقومون بهدم البيت الذي أخلوه من الأثاث البسيط الذي كان به وها هي قطع الأثاث أسفل سلم بيت الشيخ عزت وهي تتعجب كيف أن بناء بيت ربما يأخذ سنوات وهدمه لا يأخذ سوى ساعات قليلة
بعد دقائق قليلة أصبح غبار الهدم يحجب عنها الرؤية
رؤية الأنقاض والعمال وسعد
تشكلت غيامة من الغبار تفصلها وتضع حاجزا بينها وبين المكان الشاهد على الخمس سنوات الماضية من عمرها
رن هاتفها فكانت رحاب التي أردفت بجزع ما إن سمعت صوت صديقتها:"هل فعلها حقا؟"
قالت زهراء بصوتِ ضائع:"فعلها وانتهى الأمر رحاب "
صمتت رحاب لا تعرف بماذا ترد فأردفت زهراء:"أعتذر منكِ عن عدم حضوري المطعم اليوم نحن حاليا في بيت الشيخ عزت ولابد أن أبحث عن شقة في أسرع وقت تعرفين لن أتحمل أنا وأمي أن نثقل على أحد بحملنا"
قالت رحاب بقلة حيلة وهي تجلس على أحد المقاعد في بهو المطعم:"أنا أشعر بالعجز يا زهراء ليتني استطيع تقديم أي شيء لكِ"
قالت زهراء وهي تشعر أن روحها تٌسحب منها فتقاوم بقوة:"أعرف أنكِ لو كنتِ تستطيعين تقديم شيء لما تأخرتي"
أغلقت معها وبينما هي تضع هاتفها في حقيبتها لمحت سلسلة مفاتيحها التي لم يكن بها يوما سوى مفتاحين مفتاح بيت والدها ومفتاح بيت سعد وبما أن المفتاحين الآن لم يعد لهما قيمة فقد اقتربت من أقرب سلة قمامة وألقتهما فيها بنظرة ضائعة لتستعد للبدء في رحلة جديدة للبحث عن مفتاح بيت تتمنى أن يكون بيت دائم لها
...........


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-21, 08:13 PM   #1234

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

أما بداخل شقة الشيخ عزت الصغيرة فكان الرجل يجلس بجوار زوجته الحاجة حكيمة على أريكة غرفة المعيشة وعلى الأريكة المقابلة كانت تجلس أم زهراء وعلى ساقيها فرح ،تشعر بالخجل وهي تحل ضيفة اجبارية في بيت الشيخ عزت بعد ما حدث
أردفت الحاجة حكيمة بمودة:"أنرتونا والله يا أم هاشم "
اختلج قلب أم هاشم حين ذٌكِر اسم الغالي الغائب الذي لو كان موجودا لما حدث لها ولابنتها كل هذا
فأردفت زوجة الشيخ التي تحمل قدرا من الطيبة والرحمة كزوجها تماما:"اعتبري البيت بيتك وكما ترين بعد زواج كل الأولاد أصبحنا نجلس أنا والشيخ بمفردنا"
قالت أم هاشم بابتسامة صغيرة خجولة:"بيت الكرم كله ولكن ،ثم حولت نظرها إلى الشيخ عزت قائلة:أليس لزهراء بما أنها حاضنة حق في سكن لها وللبنت؟"
قال الشيخ بحاجبين معقودين:"لها يا حاجة ولكن لابد أن تلجأ للقضاء وفاطمة ترفض هذا الأمر،كنا نريد أن نجعل الأمر ودي بيننا ولكن حين حدثته قال أنها مزقت النقود التي أعطاها لها للسكن وألقتها في وجهه وأقسم أنه لن يعطيها ثانية "
دلفت في هذه اللحظة زهراء بوجه شاحب شديد البياض بلا نقطة دماء واحدة وعينين فاقدتين لبريق الحياة وأردفت بنبرة قاتمة:"حكى نصف الحكاية كالعادة ،جاورت أمها وأخذت منها فرح واحتضنتها بألية وأكملت:لم يقل أن نقوده هذه كانت لا تكفي إلا لحجرة في شقة مشتركة فهل ترضاها لي يا شيخ عزت؟"
امتقع وجه الرجل وأردف بجدية:"لا يا ابنتي بالطبع لا أرضاها لابنتي لأرضاها لكِ لذلك كنت للتو أقول للحاجة أن البيت هنا بيتكما ،تعرفان أنني أقضي معظم الوقت في المسجد والحاجة تكون بمفردها فلا تحملا الهم أبدا"
ابتسمت زهراء أخيرا ابتسامة صغيرة لم تتعدى حدود شفتيها وأردفت بنبرة متأثرة:"هل تعرف يا شيخنا كلما تحدثت معك تأكدت أن الدنيا لازالت بخير وأنه كما يوجد سعد بوجهه البشع يوجد الشيخ عزت بوجهه الطيب وأن الرحمة لا ترتبط بصلة دماء فهناك من يرمي لحمه ودمه وهناك من يتلقاهم بدلا منه "
امتلئت عيني الشيخ وزوجته وأم هاشم بالدموع فأكملت فاطمة مدعية الثبات:"هل تعرفوا أنا لن أسعى خلف سعد ثانية لتعويضي عن بيت أو نفقة للبنت لسبب بسيط أن الرحمة لا تٌشترى ولا تٌطلب تجاه قطعة منا هي إما موجودة وإما غير موجودة وسعد لا توجد لديه ذرة رحمة تجاه فرح ،لا يشعر بها كابنة له ،يعتبرها انسانة درجة ثانية رغم أنها الأولى في قلبي ،ارتجفت شفتيها وأردفت:صدقوني هو لا يستحقها ،لا يستحق أن يكون في حياتها ،لا يستحق أن تحمل اسمه ،سعد هو من لا يستحق فرح وفرح بعدم انتماءها لأب لا يعرف قيمة ملاك مثلها في حياته هي الرابحة ، وأنا بابتعادي عنه والنجاة فقط بابنتي لم أخسر شيء على الاطلاق بالعكس كسبت نفسي في المقام الأول"
صمتت أخيرا بعد اندفاعها في الكلام وهي لا تعرف هل تقول هذا الكلام لتثبت لهم أنها قوية أم لتبث في نفسها هذه القوة فتملأ نفسها بالطاقة اللازمة للفترة القادمة
لاذ الجميع بالصمت بعد كلماتها المؤثرة ولم يجد أحدهم كلمة واحدة يقولها فاستقامت فاطمة وهي تدعي الثبات وأردفت:"أنا سآخذ فرح إلى الحضانة وبعدها أذهب إلى العمل"
وحين خرجت وهي تمسك فرح في يدها لم تلتفت جهة البيت القديم وسارت بقامة مستقيمة وبعد أن أوصلت البنت إلى الحضانة بدأت رحلة البحث عن شقة صغيرة في محيط المنطقة التي تسكنها بالاستعانة بأحد السماسرة الذي دلتها عليه رحاب من قبل
...........
بعد عدة ساعات من البحث وقفت زهراء مع السمسار كبير السن أمام أحد البنايات وأردفت باستنكار:"ألا ترى أن المبلغ المطلوب في هذه الشقة المتواضعة كثير ياحاج؟"
قال الرجل:"أنتِ تعرفين يا ابنتي هذا هو طلب أصحاب الشقق وليس لي دخل،أنا فقط همزة الوصل بينكما ولكن لا تقلقي فمبلغ التأمين ستسترديه باذن الله حين تتركين الشقة"
قالت بنفس الاستنكار:"تأمين على ماذا ياحاج ؟الشقة دهانها متسخ وزجاجها مكسور وتحتاج إلى مبلغ محترم لتصبح شقة وأدفع تأمين أيضا قل لي على ماذا؟"
قال الرجل بنفاذ صبر:"لقد رأينا شققا أفضل منها ورفضتي "
قالت بضيق:"لأن ايجارهم كان أعلى"
قال الرجل بتململ:"والآن ماذا تريدين؟"
قالت له بحرج:"سأرد عليك في الغد"
قال بضيق من تعبه في البحث معها:"معكِ رقم هاتفي حين تستقري اتصلي بي"
تركها الرجل فسارت في الشارع الواسع المؤدي إلى الحضانة وأخذت تتطلع إلى ملابسها وأردفت بحنق:"لو لم تتسرع أمي وتطلب بيع خاتمها لكان نفعنا الان عوضا عن الملابس التي أضعنا عليها المبلغ ثم تراجعت قائلة لنفسها:ولكنه نفع أيضا في التقديم لفرح في الحضانة "
كانت تسير ببطء وعقلها يعمل بسرعة شديدة تحسب متوسط المبلغ الذي يخرج لها شهريا من المطعم بعد خصم فواتير الكهرباء والماء ومرتب الفتاة المساعدة وتقسيم المتبقي على ثلاثة ،بالكاد سيكفي حضانة فرح واحتياجاتهم الأساسية والمتبقي سيكون تقريبا نصف المطلوب في شقة من الشقق التي رأتهم
أخذت تمسد ذراعيها بكفيها وقد شعرت ببرودة مفاجأة في جسدها ووخزت عينيها دموع حارقة فأردفت لنفسها مساندة بصوت عال:"لا تبكي ،سيدبرها الله "
وحين وجدت أن كبتها لدموعها جعلها تشعر أنها بالفعل ستنفجر تمتمت بخفوت:"حسنا ابكي،ابكي الآن لتخرجي شحنة الغضب والضيق والخذلان وبعدها تماسكي ثانية"
فانفجرت في البكاء بحرارة لتخرج كل الانفعالات المكبوتة بداخلها علها ترتاح لتبدأ مرحلة جديدة في حياتها فقطعت الطريق المتبقي بوجه باكِ وعينين حمراوتين وحين اقتربت من الحضانة ظلت تمسح في وجهها وعينيها حتى تعود إلى طبيعتها ثانية
********
فتح عينيه على صوت رنين متصل ناظرا إلى سقف الحجرة المطلي باللون الأبيض
فأخذ ثوان قليلة جدا تذكر فيها أين هو فبعد أن حطت طائرته على أرض امارة دبي واستقبله عمه عبدالملك وولده نزار قضى وقتا قليلا معهما في المطار وبعدها أصر على البيات في فندق
ورغم غضب عبدالملك واصراره أن يذهب معهما إلى البيت إلا ان اصرار معتصم كان أشد فبات بالفعل في أحد أكبر الفنادق بعد أن أوصله عبدالملك وابنه
انقطع رنين هاتف الحجرة ثم رن ثانية فالتقطه معتصم وهو يعتدل في الفراش قائلا:"نعم "
جاءه صوت نزار الذي أردف بنبرته الخليجية المميزة:"صباح الخير ابن عمي الغالي"
ابتسم معتصم ابتسامة سعيدة من اللقب وأردف بصوت خشن من اثر النوم:"أجمل ما فيك نزار أنك اندمجت بسرعة وتناديني بلقب ابن العم"
أردف نزار الذي كان يتحدث من الهاتف في بهو الفندق:"صراحة كنت أشتاق لابن عم فعمي عبدالغني لم ينجب إلا اناث"
أردف معتصم بصوت مسترخي:"الحال من بعضه نزار أهلا بك يا ابن عمي"
قهقه نزار ضاحكا وأردف:"حسنا تركناك تبيت في الفندق كما طلبت ولكن لا يعني هذا أن تظل فيه طوال اليوم،هيا عمك عبدالملك يستدعيك حالا إلى البيت ليعرفك على باقي أفراد العائلة"
قال معتصم:"كم الساعة الان؟"
قال نزار:"تجاوزت الثانية هيا أنتظرك بالأسفل"
ولم يمر وقت طويل حتى كان معتصم يصافح نزار في بهو الفندق وكلاهما تتعلق عينيه بالآخر فملامح كل منهما توحي أن هناك صلة قرابة رغم عدم التشابه الشديد ،ربما دماء الأجداد التي تسري في عروق كلاهما
...........
في سيارة نزار انطلقا وبعد ما يقارب الربع ساعة كانا قد وصلا إلى بناية شاهقة
كان نزار يتصرف بطبيعية وحماس بينما معتصم متحفز رغم ادعاؤه الهدوء
وحين خرجا من المصعد في الطابق المرتفع من البناية وقف نزار يرن جرس باب احدى الوحدات وبجواره معتصم ففتح عبدالملك الباب بنفسه بوجه بشوش وصافح معتصم وهو يتأمل كل انش في وجهه بابتسامة مليحة
بعد قليل
كان معتصم يجلس مع عبد الملك ونزار في بهو الشقة الواسع الفخم الذي تدل كل قطعة أثاث فيه على ثراء ساكني المكان
ومن أعلى سلم يربط الطابق الذي يجلسون فيه بالطابق الأعلى كانت تنزل زوجة عبدالملك وخلفها باقي أبنائها
حين اقتربوا منه استقام معتصم ورسم ابتسامة مجاملة على شفتيه وبدت له ملامح المرأة التي ترتدي زيا خليجيا أنيقا تقريبا في نهاية الأربعينات بملامح جميلة وتبدو من نمط النساء اللاتي يهتممن بأنفسهن بعناية
مدت له يدها مصافحة وأردفت:"أهلا بك معتصم أنرتنا"
صافحها قائلا:"أشكرك سيدتي"
قال عبدالملك بسرعة:"عمتك مليحة"
اتسعت عيني مليحة وهي تلتفت الى زوجها قائلة بحنق:"عمة من؟ اتسعت عيني معتصم من هذه المقابلة التي لا تبشر بخير فأردفت المرأة بسرعة:أنا لازلت صغيرة على كلمة عمتي ،حتى أبناء سهيلة أختي لا أسمح لهم بمناداتي خالتي ،ثم التفتت إلى معتصم قائلة بجدية:كم تبلغ من العمر معتصم؟"
أردف معتصم وهو ينظر بطرف خفي إلى عبدالملك ونزار اللذان يكتمان ضحكاتهم:"اثنين وثلاثون "
قالت بسرعة:"وأنا لم أغادر الأربعينات بعد"
لم يعرف معتصم بماذا يرد فقال عبدالملك لزوجته:"مليحة ،معتصم لم يعتاد بعد لازال الولد في بداية عهده بمعرفتنا ثم التفت إلى معتصم قائلا :هي فقط لا تحب أن تشعر أن العمر يمر بها "
أردف معتصم وقد التقط طرف الخيط لشخصيتها:"أي عمر؟ ماشاء الله لايبدو عليها هذا السن على الاطلاق حين رأيتها ظننت أنها شقيقة نزار"
كاد عبدالملك ونزار أن ينفجران ضحكا ولكنهما تمالكا أنفسهما أما مليحة فابتسمت قائلة وقد راق لها الاطراء:"لا هذه أخت نزار الكبرى ،قالتها وهي تسمح لابنتها الكبرى في الظهور فمدت الفتاة العشرينية الجميلة يدها إلى معتصم قائلة ببساطة تشبه بساطة أمها:أهلا معتصم"
قال عبدالملك:"هذه سهاد ابنتي طالبة في أخر سنة في الجامعة تدرس ادارة أعمال"
قال معتصم وهو يصافحها بابتسامة ودودة:"أهلا آنسة سهاد"
ثم تقدمت منه فتاة أصغر تبدو ملامحها طفولية وإن كان جسدها يبدو أنه في طور الانوثة فأردف عبدالملك:"وهذه زينة آخر العنقود"
صافحها معتصم وقد بدأ يتكون لديه انطباعا عن هذه العائلة أنها عائلة ودودة
بعدها جلسوا جميعا مع معتصم يتحدثون عن دراستهم قليلا ويسألونه أسئلة كثيرة تخص الوطن الذي لم يروه يوما
حين لم يتطرق أحد إلى سبب بقاءهم هنا لسنوات وعدم النزول لاجازة ولو لمرة واحدة أردف معتصم مباشرة :"ومالسبب وراء بقاءكم هنا عمرا كاملا وانقطاعكم عن البلدة؟"
أردف عبدالملك :"نتناول الغداء معا اولا حتى يصبح بيننا عيش وملح وبعدها نحكي في كل ما تريد"
وعلى مائدة غداء عامرة جلس بينهم معتصم والغريب أنه رغم تحفظه شعر بالألفة معهم
عبدالملك يبدو رجل عاقل ورزين وطيب ،ملامحه مألوفة مثل ملامح معظم أهل بلدتهم ،سمرة رائقة وملامح رجولية مقربة وشيب شعره يعطيه وقارا
أما زوجته فكتلة من خفة الدم والذوق والاناقة وبناتها مثلها ونزار تماما كأبيه
أسرة رائعة فلما لم يكونوا بالقرب منذ زمن؟
انتزعه من شروده صوت مليحة وهي تقول:"تناول الطعام معتصم البيت بيتك ولا تحتاج إلى دعوة"
أردف وهو يتناول القليل من الطعام الموضوع أمامه :"بالتأكيد"
وظل الجميع طوال الوقت يرحبون به ويضايفونه بحفاوة
..........
بعد قليل
كانت الشمس تبدأ رحلتها في الغروب فتتلون السماء بألوان رائعة مزيج ما بين الأحمر والأصفر والبرتقالي وكان منظر الغروب من على هذا الارتفاع مبهر بحق فقد شعر معتصم وهو يجاور عمه عبدالملك في مجلسه في الشرفة كأنه يجلس في ناطحة من ناطحات السحاب
أردف عبدالملك بعد أن ارتشف رشفة من مشروبه الساخن ووضعه على المنضدة المقابلة:"ماذا تريد أن تعرف بالضبط؟عينيك تمتلئان بالحيرة"
قال معتصم بصدر مثقل:"وأي حيرة!"
"لماذا بني؟" قالها عبدالملك باهتمام
فأردف معتصم بجدية شديدة بدت في كل سكناته:"لماذا ماذا؟أعيش منذ ولدت في بيت أهل أمي ولا أعرف لي أب على الاطلاق وكل أهل أبي هاجروا وتركوا القرية بلا رجعة ،أشعر أن حياتي ملغمة بالغموض والأسرار"
قال عبدالملك بهدوء:"أولم تكن تعيش حياة جيدة في بيت جدك عمران؟ ما أعرفه أنه اتخذك ابن له ولم يقصر معك في شيء"
قال معتصم بنظرة جامدة:"أبي عمران كان فعلا أبي وأمي غالية لم أعرف أم غيرها ولكني لابد ان أعرف أين أبي الحقيقي ومالسر وراء اختفاؤه بهذه الصورة؟"
ابتسم عبدالملك ابتسامة صغيرة مقدرا حماسه كشاب ثم أردف بنظرة خاصة:"أنت تراه غموضا وأسرار لأنك لا تعرف تفاصيل أما إذا عُرِف السبب بَطُل العجب"
أغمض معتصم عينيه لثانية ثم فتحها ثانية قائلا بهدوء يدعيه لا يملكه فعليا:"اخبرني بالأسباب"
قال عبدالملك وهو يشرد في قرص الشمس الذي يتخذ طريقه في غروب اجباري:"نحن نشأنا جميعا أنا وأخي عبدالغني وأبوك في أسرة بسيطة ،أبناء عم كنا نتشارك نفس الحياة،ورغم أن عائلتنا كانت تشتهر بأن رجالها من أصحاب العلم الغزير إلا أنهم لم يملكوا غيره ،عاد بعينيه إلى عيني معتصم قائلا:كان أبي وعمي حفظة لكتاب الله وشيوخ أجلاء كأبيهم وجدهم ولكن لا يملكون المال،في هذه الفترة كان جدك عمران واخوه سليمان من أصحاب الأملاك هما وقلة من كبار رجال البلدة وكانت الحياة في القرية حقا صعبة ولا توجد فرص عمل جيدة بل كانت فرص العمل منعدمة،ضيق ما بين حاجبيه قائلاً:كنا شباب في أمس الحاجة لأن نعمل لنبني حياتنا ولا اخفيك سرا كانت هناك مقارنات دائمة فحين ترى من هم في مثل سنك يحظون بكل المميزات التي حٌرِمت منها أنت تُصاب تلقائيا بالاحباط فتبحث عن رزقك في أي مكان"
قال معتصم باهتمام:"ومن هم الذين كانوا من سنكم وحظوا بما لم تحظوا به؟"
قال عبدالملك بلا مواربة:"أخوالك مثلا وأبناء عمهم سليمان وخاصة راشد الذي كان يظن أنه ليس مثله أحد ويتعامل مع الجميع بتعالي كأنه ملك ما لم يملكه أحد،لقد كانت البلد وقتها فعلا في حالة فقر وانعدام خدمات وموارد"
"فكان السفر هو الحل"
قالها معتصم فأردف عبدالملك:"لم يكن الحل الأول بل كان الأخير ،ثم بدأ يقص عليه مواقف من الماضي قائلا:والدك كان حاله أفضل قليلا، بعد وفاة والديه تركا له البيت وتزوج والدتك فيه وكان لديه عمله الحكومي أما أنا وعبدالغني فغامرنا وبعنا بيتنا لنقوم بعمل مشروع يدر علينا أرباحا نستطيع بعدها تعويض البيت بل ونزيد عليه ،بدت الخيبة على ملامح وجهه وكأنها حديثة العهد لا منذ ثلاثون عام فأردف:ولكن المشروع فشل فشلا ذريعا وخسرنا أموالنا بعدها اكتشفنا أن القرية غير مناسبة لاقامة مشروعات ربحية لأن مستوى المعيشة بها وقتها كان منخفضا"
شبك معتصم أصابع يديه معا ومال في جلسته للأمام قائلا بتحفز:"حسنا هذا مبرركما لترك البلد ولكن أبي ما مبرره؟"
قال عبدالملك بابتسامة صغيرة متأثرا بالماضي:"أبوك كان يحب أمك بشدة ،كان زواجه منها حلما وكنا نقول له دائما أنا وأخي أنه فعلا يحلم ولكن الغريب أنه حين تقدم قبلوه"
قال معتصم بحمية على أب لا يعرفه ولا يعرف له ملامح ولا شخصية:"ومالغريب في ذلك الذي أعرفه انه كان رجل طيب والجميع يشهد له بحسن الخلق والدين "
قال عبدالملك بسرعة:"كنا نظن أن عمران الحسيني حين يناسب سيناسب من نفس المستوى المادي ليس أكثر ولكن والدك بالطبع لم يكن على شخصيته أي غبار"
أومأ معتصم بوجهه قائلا:"حسنا ومالذي حدث بعد ذلك؟"
قال عبدالملك:"ظلا معا فترة وبعدها تم الطلاق فجأة ولم يتحدث محمود في هذا الأمر ،حين كنا نسأله عن شيء أثناء زواجهما كان يقول لا يصح أن أتحدث مع أي كان عن زوجتي وبعد طلاقهما كان يقول لم يعد لي علاقة بها فهل أتحدث عن امرأة غريبة عني"
ارتجف جسد معتصم ثم أردف بصوتِ مٌنخفض:"وبعد الطلاق الذي لا تعرفون له سبب هذا ماذا حدث؟"
زفر عبدالملك قائلاً:"حزن محمود بشدة وكتم في نفسه وتزامن ذلك مع الاعارة التي أتته إلى العراق للتدريس هناك ففضل السفر وتكوين نفسه والبدء بحياة جديدة ولكن لم يكن في حسبانه ألا يعود ،ظل متواصلا معنا لفترة بعد سفره إلى أن قامت حرب الخليج ،بعدها مباشرة انقطعت أخباره ،وجد عبدالملك أن عليه أن يكون حاسما فأردف بقلب متقطع:وبالتأكيد مات وقتها يا ولدي لو كان حيا لظهر ،هذا الأمر له سنوات طويلة"
ورغم أن الأمر لم يكن مفاجأة لمعتصم ،سمعها كثيرا إلا أنه شعر بقلبه يتمزق في هذه اللحظة ،لقد كان يعيش على أمل وليس هناك أصعب من انقطاع هذا الأمل
********
في بهو بيت العائلة اجتمعن جميع بنات عمران بعد أن أغلقن الباب جيدا فالجو أصبح باردا
كانت غالية تفتح التلفاز تنتظر البرنامج الطبي الذي سيحل في أخر فقراته هارون ضيفا والبنات حولها أما آبائهن وأمهاتهن فكل منهم بشقته يرتاحون بعد عناء اليوم الطويل
كانت هاجر تجلس بجوار جدتها ولكنها في عالم آخر تضع سماعات الهاتف في أذنيها تستمع إلى بعض الحلقات التي أرسلتها لها الدكتورة روحية لفتيات مررن بتجارب قريبة من تجربتها وكيف اجتزن فترات احباطهن بسلام
ومودة في المقعد المجاور تشاهد التلفاز بذهن شارد أما يسر فكانت تثرثر مع وصال ومريم التي أتت مع عمرو لقضاء اجازة نهاية الاسبوع مع العائلة ورغم أن نعمة بدأت بالفعل تشك في مريم وأنها على خلاف مع يوسف خاصة وقد أتت هذه المرة دون الأولاد ولكن مريم أصرت على الانكار ولم تنطق بحرف واحد لأمها لأنها تعرف ماذا ستفعل ولأن قلبها وعقلها يميلان إلى العودة إلى يوسف خاصة بعد أن شعرت بتغيره الفعلي معها ولكن بعد أن تجتاز هذه الفترة الغير مستقرة التي تمر بها
أما عنان فكانت تجلس في ركن منزوي ،منذ رحيله وهي هكذا لا تتكلم كثيرا،وليس رحيله فقط هو الذي يؤثر عليها لهذه الدرجة ولكن مشاعرها المستجدة تجاهه،مشاعر حلوة ولكن حلاوتها تحولت إلى وجع في قلبها منذ أن ابتعد وأصبح يفصلها عنه بحار وبلاد ،اشتاقت له قبل أن يرحل ومنذ أن رحل وهي تشعر باشتياقها يؤلم قلبها
تناولت هاتفها واتصلت به وكان لايزال يجلس مع عبدالملك وحين رأى اتصالها أغلق الخط حتى يحدثها بعد أن ينتهي أما هي فانزعجت وتوترت من فعلته وظهر توترها جليا على وجهها فقالت لها غالية التي تشعر بها:"تعالي حبيبتي اجلسي بجواري"
قامت عنان وجلست بجوار غالية فاحتضنتها الأخيرة وهي وضعت رأسها فوق صدرها فتمتمت غالية بحنان:"ماذا بكِ حبيبتي"
صمتت عنان قليلا ثم أردفت بصوت منخفض وهي ترفع إليها عينين دامعتين:"لا يوجد شيء فقط اشتقت له"
ابتسمت غالية وأردفت بسعادة:"اللهم لك الحمد"
قالت عنان بتساؤل:"الحمد لله أنه سافر وأنا أتعب في بعده؟"
قالت غالية بمودة:"بل الحمد لله أنه ألف بين قلبيكما"
قالتها وهي تضمها إلى صدرها وتطبع قبلة طويلة فوق شعرها
********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-21, 08:16 PM   #1235

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

"فهمت أسباب السفر وعدم الرغبة في البقاء بالقرية ولكن لما البعد التام وعدم النزول لمرة واحدة؟"
قال عبدالملك :"حين أتينا إلى هنا منذ سنوات طويلة عملنا بشركة والد مليحة وسهيلة،رجل أعمال اسمه نجيب العلوي كان رجل أعمال محترم ،وقتها أنا رأيت مليحة وأحببتها وهي أيضا أحبتني ولكني لم أتقدم لها وقتها خوفا من أن يرفض الرجل لعدم التكافؤ ،ظللت أعمل بجد إلى أن استطعت أن أمتلك بعض الأسهم في الشركة ومثلي عبدالغني أخي وحين تقدمت رحب الرجل واعتبرني كابنه لانه لم يكن لديه سوى البنتين
بعدها حدث اعجاب بين أخي وسهيلة ورحب أيضا السيد نجيب ،الحقيقة اعتبرنا أبناؤه ،ظللنا لسنوات نعمل بجد وكد لنبني أنفسنا ونثبت للرجل أننا أهل للمسئولية إلى أن مات منذ عدة سنوات وترك كل شيء لبناته وبالطبع نحن من ندير المجموعة كلها،صدقني الحياة هنا أخذتنا خاصة أننا ليس لنا أحد بمصر حتى ننزل،ليس لنا لا لا أب ولا أم لا أرض ولا بيت ولا عزوة لمن سنعود؟ كنا في بداية سفرنا متصلين ببعض الأصدقاء ونتحدث باستمرار ولكن بعد انتشار الهواتف المحمولة وانقطاع الهواتف الارضية فقدنا الاتصال بالجميع والصراحة لم نسعى إلى اعادة التواصل كما لم يسعوا هم"
قال معتصم بملامح جامدة:"ألفتم الغربة؟"
قال عبدالملك بصوت رخيم:"أحيانا بني تكون الغربة ونحن على أرض الوطن وتتحول الغربة إلى وطن خاصة وأنت حولك كل أحبابك ولا ينقصك شيء،نحن وجدنا هنا ما لم نجده في بلدنا "
أومأ له معتصم برأسه بصمت ،جاء ليرتاح فلم يزداد إلا تعبا
أب مفقود وأبناء عمه نافرين من البلد ومن فيها
قال معتصم بتهكم خفي:"وبالطبع ابن العم المفقود ابنه بالتأكيد ليس بالأهمية التي تجعلكم تحرصون على زيارته ولو لمرة واحدة أو السؤال عنه"
بدى الحرج على وجه عبدالملك وأردف:"لديك حق في هذا نحن فعلا قصرنا معك ولكننا كنا نعلم أن الحاج عمران والحاجة غالية لن يقصرا معك"
لم يٌعقب معتصم ،صمت قليلا ثم أردف وهو ينظر إلى السماء التي أظلمت كليا:"أريد أن أرى السيد عبدالغني كنت تقول أنه في المشفى"
قال عبدالملك:"ولازال بها ،غدا بإذن الله نذهب له ثم أردف محاولا اضفاء جوا من المرح بعد التوتر الذي غلف الجلسة :ما رأيك لو تأتي معي أنا ونزار لترى المدينة التي تصبح ساحرة ليلا "
نظر معتصم من الطابق العالي الذي يقف به إلى المدينة من الأسفل وهي تضوي بالأضواء اللامعة بمجرد أن حلت عتمة السماء وأردف بلا حماس:"حسنا"
كان في كل الأحوال سيستأذن ليعود إلى الفندق فأردف عبدالملك وهو يتجه للخارج:"سأبدل ملابسي فقط"
تناول معتصم هاتفه ليتصل بعنان فوجد نفسه يتصل اتصالا مرئيا وقد اشتاق فعليا إلى وجهها وهي حين وجدته يتصل قفزت من مكانها وهرعت إلى حجرته المجاورة لحجرة غالية لتحدثه على انفراد وحين أجابت الاتصال ابتسمت قائلة بحرارة لم تستطع السيطرة عليها:"كيف حالك؟"
ابتسم ابتسامة صغيرة لم تتخطى حدود شفتيه،يشعر بأنه ضائع مشتت حزين ،فقط يحتاج إلى حضنها،ليته ما سافر ،مالذي أضافه له كلام عبدالملك ؟
كان باستطاعته أن يقول هذا الكلام في الهاتف ولكن حماسه لكشف الغموض هو ما دفعه للمغامرة والتسرع وهو لم يكن بهذا التسرع من قبل
"ماذا بك معتصم؟"
قالتها بحيرة فأردف حين لاحظ أنه شرد عنها :"أنا بخير حبيبتي كيف حالك انتِ"
قالت بنبرة أثارت تعاطفه ونظرة أججت شوقه إليها:"فقط اشتقت لك"
"وأنا أيضا حبيبتي" قالها بعينين مبتسمتين
فأردفت:"متى ستأتي؟"
قال بجدية:"بإذن الله لن أتأخر يومين أو ثلاثة على أقصى تقدير"
"ماذا فعلت عندك؟"
"حين نجلس سويا سأحكي لكِ كل شيء"
تغيرت نبرتها ونظرتها فجأة وهي تقول:"من هذه التي خلفك؟"
تمتم معتصم وهو ينظر خلفه:"من التي خلفي؟.."
ليجد سهاد الابنة الكبرى لعبدالملك تناظره بابتسامة حلوة وقد دخلت إلى الشرفة لتطلب منه الخروج للجلوس معهم قليلا فوجدته يعطي ظهره لباب الشرفة منهمكا في الحديث فمالت قليلا لترى مع من يتحدث
أردفت سهاد بنظرة ماكرة وهي ترفع حاجبيها:"أنا ابنة عمه من انتِ؟"
تجهمت ملامح عنان وهي تنظر في وجه البنت التي تظهر بجواره بملامح حلوة شقية وشعر مموج تطلقه حرا وتبدو في ربيع العمر ثم أردفت بنظرة قاتمة وهي تحاول تنظيم أنفاسها:"وأنا ابنة خاله ياحبيبتي وزوجته أيضا"
كتمت سهاد ضحكة عالية كانت تريد أن تخرج من فمها وهي ترى ملامح عنان المتحفزة ثم أردفت بابتسامة مرحة:"أهلا بكِ ،لمَ لم تأتي معه؟"
قالت عنان بنظرة لو تحرق لاخترقت خطوط الهاتف وحرقت سهاد:"المرة القادمة بإذن الله سأكون معه"
نظرت سهاد إلى معتصم وأردفت:"مامي تقول لك تعال اجلس معنا بالخارج قليلا"
قال لها :"حسنا ثم التفت إلى الهاتف قائلا:حسنا عنان اغلقي الآن وأنا حين أعود إلى الفندق سأحدثك "
اتسعت عينيها ولم تستطع الرد فأغلق الاتصال واستقام فأردفت سهاد التي تبدو أمامه كأخت صغيرة تماما بهيئتها التي توضح مدى انطلاقها وحيويتها:"هل لازال لديكم بمصر أن ابن العم يتزوج ابنة عمه؟"
قال لها بجدية مصطنعة:"لا هذا الأمر قل كثيرا ،كما سمعتي من عنان أصبح ابن العمة يتزوج ابنة خاله"
حركت عينيها يمينا ويسارا بلا فهم ثم اردفت في النهاية ضاحكة:"يبدو على زوجتك أنها تغار عليك بشدة"
قال معتصم بابتسامة عفوية:"أليس لديها حق؟"
قالت وهي تناظره بنظرة متفحصة:"لديها طبعا فأنت وسيم جدا"
تنحنح قائلا :"أقول لديها حق لأنها زوجتي وليس لأني وسيم "
قالت بنظرة ماكرة:"ألم يقل لك أحد من قبل أنك وسيم؟"
قال بحاجب مرفوع:"الكثير"
قالت ضاحكة:"تبا لتواضعك"
فبسط راحته فوق صدره وأسبل جفنيه لثوان مشاكسا اياها
فقهقهت ضاحكة وأردفت:"هل لديكما أطفال؟"
قال ببساطة:"لا متزوجان حديثا"
قالت بمودة:"فليرزقكما الله اذن "
قالتها ثم خرجا معا ليجلس معهما قبل نزوله مع عبدالملك ونزار
********
بعد أن انتحت عنان جانبا في غرفة معتصم وهي تشعر بالاشتعال قامت خلفها مريم تلتها وصال ومودة وهاجر أما يسر فكانت تجلس بجوار غالية تعطي ظهرها لسلم البيت الداخلي وهي تشعر بألم يمزق قلبها
فهي ملتزمة بكلمة يحيى بألا ترد على مكالمات مهند رغم عدم اقتناعها بما تفعله
وكلما سألها الطفل في المدرسة عن سبب عدم ردها تتحجج له بحجة
أما الان وهي ترى اتصالاته فلم تستطع المقاومة خاصة أنها تعرف أنه مريض ولم يأتي المدرسة له يومين
قالت لنفسها (سأرد لدقائق بسيطة اطمئن عليه وأغلق بعدها )
وبالفعل فتحت الاتصال لترى وجهه الملائكي ولكنه يبدو ذابلا فأردفت بحنان :"كيف حالك حبيبي طمأنني عليك"
قال مهند:"كنت مريض الأيام الماضية ولكنني الآن أفضل"
قربت يسر الهاتف من غالية ورفعت اليها عينين تمتلئان بالشفقة واردفت:"مهند ماما كان مريض"
مسدت غالية على يدها قائلة:"فليشفيه الله "
أخذت يسر تتحدث مع مهند ويحكي لها عن مرضه وكيف يرقد في الفراش وهي ترد عليه بصوت حنون كالبلسم الشافي وابتسامة صافية إلى أن حدث ما لم تتوقعه حيث سمعت ارتفاع صوت رجولي بجواره قائلا:"مع من تتحدث مهند؟"
وفي نفس الوقت وجدت والده يجلس بجواره فينضم إلى مهند في المكالمة
اتسعت عينيها دهشة ولم تعرف ماذا تفعل ومثلها فعل الرجل وقد تفاجأ بالفعل بها لأن مهند يتحدث غالبا مع كل أهل والدته المتوفاة مكالمات مرئية فظن انه يحدث أحدهم
ثوان قليلة تجمد فيهم المشهد ولم تعرف ماذا تفعل ،ثوان قليلة جدا أدركت فيهم أن يحيى كان لديه حق وأن ما فعلته كان سوء تصرف منها حتى ولو كانت حسنة النية
أما عن سوء الظن فكان من نصيب نعمة التي نزلت بالمصادفة تتفقد بناتها فوجدت يسر تمسك هاتفها وأمامها الرجل وابنه فأردفت بنبرة متشككة وبحاجب مرفوع:"صلاة النبي أحسن"
وحين سمعتها يسر سقط قلبها بين قدميها لا لأنها فعلت شيء خاطيء ولكن لأنها تعرف طبع حماتها فأردفت بسرعة لوالد مهند:"كنت أطمئن على مهند ،في حفظ الله مع السلامة "
ثم أغلقت بسرعة وارتباك فوقفت نعمة تناظرها بحاجب مرفوع قائلة:"مع من تتحدثين في الهاتف؟"
فأردفت غالية بسرعة وهدوء في آن واحد:"تطمئن على الصغير الذي لديها بالمدرسة فقد كان مريضا"
قالت نعمة بتشكك:"ومن هذا الذي كان مع الصغير في المكالمة؟"
قالت غالية:"أنا أجلس بجوارها وسمعت والده يسأله عمن يحدث فلم يكن يعرف أنه يحدث معلمته"
قالت نعمة:"حقا؟"
ناظرت يسر جدتها بامتنان فقد انعقد لسانها في هذه اللحظة لأن يحيى إن علم فستحدث مشكلة كبيرة بينهما
فأردفت غالية لتقطع على نعمة أي تفكير:"حقا يا نعمة، الولد يتيم ويسر تشفق عليه والموقف حدث بالمصادفة على يدي وابنتي ليس بها شك"
قالت نعمة بنظرة غير مريحة بالمرة:"وهل قلت شيء أنا؟"
قالت غالية بحزم:"لم تقولي شيء يا ابنتي ولن تقولي وخاصة أمام يحيى ،تعرفينه يغار من خياله فبالتأكيد لا تريدي لمشكلة في الحدوث بين ابنك وزوجته"
قالت نعمة بخفوت وهي تنظر إلى وجه يسر الأصفر:"بالطبع لا أريد"
ولم تعرف غالية أن هذه المرة من المرات القليلة التي تسيء فيها التصرف
*******
بعد دقائق ملغمة بالخوف والقلق والتوتر من قبل غالية ويسر
والشك والريبة وخلطة من الانفعالات الأخرى من قبل نعمة
نادت الأخيرة بصوت مرتفع على هاجر ومريم وحين خرجت كلتاهما من غرفة معتصم حتى أردفت نعمة بنبرة آمرة ونظرة جامدة:"هل ستبقيان هنا طوال الليل؟ اصعدا لتجلسا معي قليلا ،ثم وجهت حديثها إلى مريم قائلة:وأنتِ كلما جئتِ اجازة قضيتيها تتسكعين في كل أرجاء البيت ولا تجلسي معي خمس دقائق على بعضهم"
ناظرت كل من مريم وهاجر الأخرى بنظرة حائرة ثم أردفت مريم بهدوء:"حسنا أمي هيا هاجر لنصعد"
صعدت نعمة بملامح إن كانت تنطق لنطقت بالكبر والتجبر وخلفها مريم وهاجر اللتان لا تشبه أي منهما أمها في أي صفة
أما بالأسفل فخرجت عنان ووصال ومودة وجلسن بجوار غالية ويسر التي امتقع وجهها وأصبح شديد الاصفرار فأردفت عنان بريبة وهي تحتضن قطتها:"ماذا حدث؟"
فقصت عليهن يسر ما حدث فاتسعت أعينهن جميعا وأردفت وصال بقلق:"لن تصمت ستقول له"
فقالت يسر بتردد وهي تنظر إلى غالية:"أقول له أنا أفضل رغم أني أعرف ما سيفعله"
قالت غالية بعد تفكير قليل:"أنا شددت عليها لا أعتقد ستقول ثم أنني كنت أجاورك ولم يحدث أي شيء وأنتِ لستِ موضع شك"
قالت يسر وهي تفرك أناملها ببعضهم بتوتر:"المشكلة أنه شدد عليّ ألا أجيب اتصالات مهند"
قالت مودة:"ومادام فعلها لما رددتِ؟"
قالت يسر بملامح يبدو بها القلق والندم والضيق والشفقة:"لأنه كان مريض ولم أستطع تجاهل اتصاله"
قالت غالية لتخفف عنها:"عامة لا تتحدثي في شيء وهي بإذن الله لن تقول وإن قالت أنا من ساتحدث مع يحيى لا أنتِ "
كانت غالية تربت على يد يسر بحنان فإلى جانب أنها الأم الحنون للجميع ولكن بغياب صالح وليلة تزداد مسئوليتها تجاه يسر
قالت عنان وهي تستقيم واقفة:"حسنا هيا لنصعد عندي نجلس قليلا حتى يأتي يحيى وإن وافق باتي معنا"
قالت يسر لجدتها:"ستنامين ماما؟"
قالت غالية:"نعم حبيبتي وهاتفي بجواري إن حدث أي شيء اتصلي بي ولكن لن يحدث بإذن الله "
اتصلت مودة بأمها وحين ردت حليمة التي كانت تجلس بجوار زوجها في الفراش أردفت مودة:"أمي نحن سنبيت بالأعلى عند عنان "
قالت حليمة:"لماذا ؟ قولي لعنان تأتي وتبتن جميعكن هنا"
قالت مودة بعينين تلمعان بالتسلية:"صراحة أمي أرى أننا نثقل عليكما كثيرا أنتِ والرجل الطيب ولابد أن نترك لكما مساحة من الحرية فأنا اقترحت أن نبيت الليلة مع عنان وتبيتين أنتِ مع الحاج وتستعيدان الأيام الخوالي"
اتسعت عيني حليمة دهشة من كلام البنت ونظرت إلى يونس المستلقي بجوارها ولم تنطق
فأردفت مودة بشقاوتها المعهودة:"لا داعي للاحراج أمي خذا راحتكما"
قالت حليمة وهي تجاهد لمنع نفسها من الضحك:"اغلقي مودة وقولي من البداية أنكن تردن أن تأخذن راحتكن في البيات معا "
أغلقت مودة وهي تضحك هي وجميع البنات بينما تكتفي غالية بالابتسام
............
صعدت عنان واختيها ومعهم يسر للأعلى وبعد أن مررن بشقة عمهن زكريا أردفت يسر لعنان بحيرة:"أنا أصبحت أحتار في أمر هذه المرأة دائما يحالفها الحظ في الوصول في الأوقات الغير مناسبة على الاطلاق تماما كما صعدت حين كنتِ أنتِ بالأعلى عند معتصم"
ابتسمت عنان للذكرى وأبطأت في صعودها على السلم وأردفت:"هو من جهة لديكِ حق ومن جهة رٌب ضارة نافعة"
ابتسمت يسر أخيرا ابتسامة صغيرة وأردفت بفتور:"ليس وقتك على الاطلاق لتذكري لي أهمية حضورها الذي أثر تأثيرا ايجابيا في التقاء عصافير الحب وجمع شملهما"
ابتسمت عنان ولم ترد فأردفت مودة بعد أن توقفت أمام شقة عمرو:"صراحة عمتي نعمة تصل في وقتها بالضبط حتى أنني بدأت أشك أنها مخاوية جني صغير ينقل لها الأخبار في وقتها"
"من الذي يأتي بسيرة أمي؟"
انطلقت الكلمات بصوت عال من خلف مودة التي كانت تعطي ظهرها لباب شقة عمرو فأجفلت وأطلقت شهقة عالية وهي تضع يدها فوق صدرها وحين التفتت خلفها وجدت عمرو وقد فتح للتو باب شقته التي من المفترض انها مغلقة
أما باقي البنات فكن أقل اجفالا من مودة لأنهن شاهدن الباب وهو يٌفتح ليطل عمرو من خلفه بعينين متحفزتين وملامح جامدة
أما مودة فحين رأته استندت بظهرها على الحائط وأردفت بأنفاس لاهثة :"سامحك الله أجفلتني "
استند بيده على اطار الباب وأردف بنظرة ثاقبة:"من هذه التي مخاوية جني ينقل لها الأخبار؟"
وضعت كل بنت من الثلاث بنات قبضتها فوق فمها ولاذت كل واحدة بالصمت أما مودة فناظرت عمرو الذي يطل عليها من علو وفرق الطول بينهما يجعله يظلل عليها في وقفته وأردفت بصوت هارب منها وهي تثبت نظارتها ذات الاطار الأسود فوق عينيها:"كنت أقول أن جنى صديقتي في الجامعة حين أغيب تنقل لي كل الأخبار، من أتى بسيرة الجن اللهم احفظنا"
رفع حاجبا واحدا قائلا:"هكذا اذن؟"
أومأت له بوجهها بابتسامة حلوة فأردف وقد بدأ في الاستمتاع بمشاكستها:"ظننت أنني سمعت اسم أمي فقط"
قالت مودة بابتسامتها الجذابة:"حبيبتي لا استغنى عنها ولكن لم يأتي ذكرها ،أنت فقط لأنك كنت تتنصت من خلف الباب لم تستمع جيدا"
لمعت عينيه بتحفز ورفع حاجبا واحدا بشر وأردف:"من هذا الذي يتنصت؟أنا كنت للتو سأخرج وبالصدفة سمعتكن"
قالت مودة بنظرة مشاكسة:"حسنا لا عليك"
قالت عنان أخيرا لعمرو وهي تتقدم خطوة لتقف بينهما:"أنت بالطبع تجد الشقة تعج بالأثاث بسببي"
قال عمرو بهدوء:"لا عليكِ عامة أمامي عدة أشهر حتى تكوني تصرفتي فيه"
ضيقت ما بين حاجبيها قائلة:"ماذا ستفعل بعد عدة أشهر؟"
قال بابتسامة حلوة:"سأبدأ تجهيزها لأتزوج بإذن الله"
قالت وصال بسعادة:"حقا ماشاء الله ألف مبروك مقدما"
وأردفت عنان :"على خير يارب ثم أردفت بفضول:هل وجدت عروس مناسبة؟"
قال وهو يرفع حاجبيه:"لا مازلت في رحلة البحث دعواتك"
قالها وهو يٌغلق الأضواء من خلفه أما البنات فبدأن في اكمال صعودهن للأعلى وهن يكتمن ضحكاتهن فخرج هو وأغلق الباب خلفه
كان يعرف أن مودة تتحدث عن أمه ويعرف بالطبع طباع أمه وأنها لابد أنها فعلت شيء من أفعالها التي يعرفها
نزل السلالم ببطء وعلى زاوية شفتيه ارتسمت ابتسامة وهو يتذكر كلمات مودة عن أمه ثم انكارها لها بعد ثوان قليلة وكأنها لم تقل شيء
...........
حين دلفن البنات إلى شقة عنان دخلت الاخيرة إلى المطبخ لتعد لهن تسالي للسهرة أما وصال فكان مزاجها رائقا ففتحت مشغل الأغاني في غرفة المعيشة وفتحت باب الشقة المؤدي إلى السطح فخرجت هي ومودة ويسر التي أصابها الوجوم بعد ما حدث
منذ زواج عنان وهذا هو مكانهن المفضل مادام معتصم ليس موجود
حين يجلسن في السطح يشعرن أنهن ليس بينهن وبين السماء أي مسافة
يشعرن بالتحرر والانطلاق وتشم كل واحدة هواءا مختلفا
أما عنان فما أن انتهت من التجهيز وضعت العصائر والمقرمشات على المنضدة واردفت بصوت عالي :"هيا لنجلس هنا فالجو أصبح باردا"
دخلن جميعا وكانت هناك أغنية راقصة يرتفع صوتها فأخذت وصال تتمايل مع اللحن بسعادة غامرة وعينين لامعتين لتشاركها مودة
رن هاتف عنان وكان معتصم فازدادت ضربات قلبها تلقائيا ودون كلام فتحت الاتصال المرئي وهي تسرع في الرواق حتى دلفت إلى غرفتها ومن خلفها قطتها
فأردف وهو يستلقي في الفراش في حجرته بالفندق بعد أن أنهى جولة لا بأس بها مع عبدالملك ونزار:"ماذا يحدث عندك ما هذه الأصوات؟"
قالت وهي تٌغلق باب حجرتها:"البنات عندي وانت تعرف الباقي"
قال بنظرة شعرت بالحزن يطل منها:"كيف حالك؟"
قالت وهي تجلس على طرف الفراش وتدقق النظر في ملامحه:"كيف حالك انت؟لمَ أغلقت معي حين جاءت تلك الفتاة المائعة؟"
رفع حاجبيه قائلا باستفهام:"من المائعة؟سهاد؟"
قالت بسماجة:"ومن أدراني أنا باسمها المهم انها مائعة"
قهقه ضاحكا أخيرا وأردف وهو يقرب الهاتف من وجهه فتتجلى أمام عينيها ملامحه الوسيمة المٌرهقة:"هل تغارين؟"
كادت تنفي الأمر ولكن بنظرة واحدة إلى عينيه المتطلبتين أردفت بعينين تلمعان ببريق جذاب:"أنت في عيني رجل تكاد تصل إلى حد الكمال وانا في النهاية امرأة ولن أنكر حين أغار"
راق له اطرائها وكان في موعده بعد خيبة أمل واحباط فأردف وهو يٌملي عينيه بالنظر في وجهها الذي يضوي كنجمة لامعة في منتصف السماء:"أنتِ لستِ مجرد امرأة،أنتِ سيدة النساء"
قلبها لم يكن بموضعه منذ رحيله فوضعت قبضتها فوق موضع قلبها الذي تسكن فيه جمرة متقدة تجعلها تشتاقه بصورة غريبة حتى هي تتعجب منها وطال نظرهما إلى بعضهما وصمتهما
فأردفت في النهاية:"ألا تريد أن تقل لي ماذا فعلت؟"
قال بابتسامة واهنة :"وإن لم أقل لكِ أنتِ لمن سأقول؟"
وبدأ في سرد أحداث يومه كلها لها وهي تستمع له بانصات شديد وتأثر أشد
...........
بعد أن جلست نعمة مع ابنتيها قليلا جاءها اتصال من أختها محاسن وحين تتصل لها محاسن يثرثرن بالساعات لذلك ما إن سمعت مريم صوت مشغل الأغاني الذي ينبعث من الأعلى عرفت أن البنات سيقضين ليلة من لياليهن معا فسحبت هاجر بهدوء وتسللت كل منهما للأعلى دون أن تنتبه نعمة
وبعد دقائق قليلة كان حماسهن جميعا يزداد وكل واحدة ترمي خلف ظهرها ما يؤلمها فتندمج في الرقص لتفرغ فيه طاقتها
مريم التي تحاول أن تتقبل حياتها بمعطياتها الجديدة
ومثلها هاجر التي أخيرا بدأت في التعبير عن نفسها بأي طريقة حتى لو كان رقصا صامتا على أنغام الموسيقى
ومودة صاحبة القلب الخالي من الهموم رغم أنه بدأ الفكر يشغله ويثقله
وعنان كانت مندمجة في الحديث مع معتصم
أما يسر فلم يكن لديها أي استعداد لفعل شيء وهي تشعر بالقلق يملؤها بسبب ما حدث منذ قليل
أما ما جعل قلبها ينقبض فجأة حين أجفلها صوت يحيى الذي اخترق صوت مٌشغل الأغاني وهو يصيح من على السٌلم:"يسررر"
نهاية الفصل

اتمنى يكون نال اعجابكم



Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-21, 08:18 PM   #1236

إشراقة الشمس

? العضوٌ??? » 491302
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 30
?  نُقآطِيْ » إشراقة الشمس is on a distinguished road
افتراضي

واخيرا نزل الفصل 😍 ♥ 🧡

إشراقة الشمس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-21, 09:05 PM   #1237

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 215 ( الأعضاء 41 والزوار 174)
‏Heba aly g, ‏Rasha.r.h, ‏زهرة الاقحو, ‏sofia_83, ‏عزة بيومي, ‏Toka tarek, ‏leria255, ‏لميس رضا, ‏Saro7272, ‏Shaima Esam, ‏موضى و راكان, ‏لارا لي لي, ‏lana maythn, ‏hoda ateya, ‏هدهد الجناين, ‏سويلم سويلم, ‏Amira94, ‏ترانيم الزمان, ‏Um-ali, ‏سيفينا, ‏إشراقة الشمس, ‏نسائم ., ‏ميمو٧٧, ‏awttare, ‏الديسطي, ‏ام هبه وايه, ‏حنان الرزقي, ‏فاطمة زعرور, ‏اسماء أباظة, ‏سوهي(زهور الربيع), ‏حنين محمد جميل, ‏ام محمد وديمه, ‏بوسي موني, ‏remokoko, ‏halimayhalima, ‏زهرة الغردينيا, ‏donia dody, ‏ملاك العمرو, ‏Solly m, ‏عبير سعد ام احمد, ‏الأمل واليسر

جولتا likes this.

Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-21, 09:20 PM   #1238

Solly m

? العضوٌ??? » 434739
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 460
?  نُقآطِيْ » Solly m is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك يا بوبا شكل الدنيا حتطبل فوق راس يسر ربنا يستر
جولتا likes this.

Solly m غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-21, 09:33 PM   #1239

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile25

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 260 ( الأعضاء 49 والزوار 211)



‏موضى و راكان, ‏أمل عبدالوهاب, ‏Mero Mor, ‏احب القراءه, ‏زهره الربيع2, ‏جلاديوس, ‏نمنومة, ‏Noha Fathy, ‏م ممم ممم, ‏ولاء وحيد, ‏Solly m, ‏عمرااهل, ‏شموخي ثمن صمتي, ‏Rasha.r.h, ‏زهرة الغردينيا, ‏ايمان عاط, ‏ادم الصغير, ‏وفاء عطا, ‏لميس رضا, ‏Heba aly g, ‏زهرة الاقحو, ‏عزة بيومي, ‏Toka tarek, ‏leria255, ‏Saro7272, ‏لارا لي لي, ‏lana maythn, ‏hoda ateya, ‏هدهد الجناين, ‏سويلم سويلم, ‏Amira94, ‏ترانيم الزمان, ‏Um-ali, ‏سيفينا, ‏إشراقة الشمس, ‏نسائم ., ‏ميمو٧٧, ‏awttare, ‏الديسطي, ‏ام هبه وايه, ‏حنان الرزقي, ‏فاطمة زعرور, ‏اسماء أباظة, ‏سوهي(زهور الربيع), ‏حنين محمد جميل, ‏remokoko, ‏halimayhalima, ‏ملاك العمرو, ‏عبير سعد ام احمد


:a555:


آآآه الفصل قفل على صوابعى ... ليه كده يا هبة ... يحيى عصبى قوى و يسر مش ناقصة توتر و عصبية

فصل ممتع حسيت بدفىء العائلة مع معتصم و عائلة عمه و حسيت بالقهر مع بكاء فاطمة و قلة حيلتها مع

مافعله سعد و حسيت بالخطر مع نسرين و حديثها مع يمنة و حسيت بالأنطلاق و التحرر مع جلسة البنات

وصلت كل المشاعر التى طرحتيها فى فصل اليوم الممتع بشدة و خصوصا " صلاة النبى أحسن "

دمتى مبدعة

جولتا likes this.

موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-21, 09:38 PM   #1240

نجوى سويلم
 
الصورة الرمزية نجوى سويلم

? العضوٌ??? » 485662
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » نجوى سويلم is on a distinguished road
افتراضي

يا عيني عليكي يا يسر .........منك لله يا نقمه
جولتا likes this.

نجوى سويلم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:40 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.