آخر 10 مشاركات
605-زوجة الأحلام -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          ترافيس وايلد (120) للكاتبة: Sandra Marton [ج3 من سلسلة الأخوة وايلد] *كاملة بالرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          عِـشـقٌ في حَضرَةِ الـكِـبريآء *مميزة مكتملة* (الكاتـب : ღ.’.Hiba ♥ Suliman.’.ღ - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          117 - توأم التنين _ فيوليت وينسبير ج2 شهر عسل مر ((حصرياً)) -(كتابة /كاملة بالرابط) (الكاتـب : SHELL - )           »          وهج الزبرجد (3) .. سلسلة قلوب شائكة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حب في الصيف - ساندرا فيلد - الدوائر الثلاثة (حصريــا)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4117Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-12-21, 07:47 PM   #1331

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي


تسجيييييييييييييل حضور اشتقنا

ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-21, 07:49 PM   #1332

ولاء مطاوع

? العضوٌ??? » 463351
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 155
?  نُقآطِيْ » ولاء مطاوع is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضوووووووووووور

ولاء مطاوع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-21, 07:49 PM   #1333

سوهي(زهور الربيع)

? العضوٌ??? » 491859
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 46
?  نُقآطِيْ » سوهي(زهور الربيع) is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور ♥️♥️♥️♥️

سوهي(زهور الربيع) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-21, 07:49 PM   #1334

ولاء مطاوع

? العضوٌ??? » 463351
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 155
?  نُقآطِيْ » ولاء مطاوع is on a distinguished road
افتراضي

يا ترى يوسف هيعرف أن مريم حامل 🥴🥴🥴🥴

ولاء مطاوع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-21, 07:59 PM   #1335

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الانوار جاري تنزيل الفصل باذن الله

Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-21, 08:00 PM   #1336

ميسون ام يوسف

? العضوٌ??? » 389153
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 15
?  نُقآطِيْ » ميسون ام يوسف is on a distinguished road
افتراضي

هبة يا هبة
اشتقنالك يا قمر


ميسون ام يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-21, 08:00 PM   #1337

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السابع والعشرون


لا يُقدم الله أمرا إلا لخير ولا يؤخر أمرا إلا لخير
لا يمنع إلا لأنه ذات يوم سيعطي ولكن عطاؤه دائما لا يكن في الوقت الذي تريد بل في الوقت الذي يريد
الوقت الذي تكن فيه في أشد الاحتياج لمنحته
كثيرا ما نتمنى أشياء ولا تأتي بوقتها ولا نعلم أن هذا التوقيت ليس بخير
وتأتي لاحقا حين يشاء الله
وليس في كل منع تتوفر أمام أعيننا الرؤية الواضحة ونعرف سبب المنع فكثيرا ما نعيش ونموت ولا نعرف حكمة الله في تأجيل أو منع ما نتمناه
الايمان بالله فقط هو من يجعلنا نتقبل أقدارنا برضا.
******
كان يغط في نوم عميق بذهنِ صافي وأعصاب مسترخية يشعر بجسده يطفو فوق سطح البحر ورائحة الملح تملأ أنفه ،أمواج هادئة تتولى أرجحة جسده لأعلى وأسفل ،يغمض عينيه كليا فلا يرى ويكتفي بباقي حواسه من شعور وسمع وشم وشمس الشتاء الدافئة تلسع جسده الطافي على سطح البحر لسعة تبعث في جسده دفئا رغم أن طقس ديسمبر ليس دافئا على الاطلاق

شعور بالاكتمال والاكتفاء يغمره، شعور بالشبع رغم أنه لم يضع كسرة خبز في فمه من الأمس

ولكن هكذا حال الجسد إن اغترف القلب من السعادة حد التخمة اكتفى وشبع حد الامتلاء

وبينما هو في عالم غير العالم تسلل إلى أذنيه صوت ضجيج يأتي من بعيد وبالتدريج بدأ الصوت يعلو إلى أن أصبح واضحا وحين فتح معتصم عينيه كان في فراشه وصوت مجفف الشعر يأتي من الحمام المغلق بابه وبنظرة إلى ستائر الغرفة الثقيلة المسدلة وجد شعاع شمس ديسمبر الدافئ يتسلل من بين فتحات الستائر فأدرك أنه نام وأطال

نفض عنه الغطاء وغادر الفراش بهدوء وحين مر بالمرآة وقف لثانيتين تأمل فيهما وجهه الذي تبدو عليه علامات الارتياح وابتسمت عينيه فسبحان مغير الاحوال ما بين الأمس واليوم وكأنها بلقاءها به الذي طال انتظاره مسحت على قلبه مسحة شافية وكأن الله أجل اللقاء لأنه الاعلم بالغيب ويعلم أنه بالأمس كان في قمة الاحتياج لكل المشاعر مشاعر طفل صغير ،صبي يافع ،شاب متهور ورجل في قمة النضج والاحتياج

نفض أفكاره فهو لا يريد لأي شيء أن ينزع منه سعادته التي أتته طوعا بعد حين.......

طرق طرقة واحدة على باب الحمام ثم فتحه وكان يسمع صوت مجفف الشعر فالتفتت إليه وهي تقف أمام المرآة وابتسمت ابتسامة صغيرة خجولة ثم أشاحت بوجهها عن وجهه فأردف هو بابتسامة حلوة :"صباح الخير يا عروس"

كانت قد انتهت فوضعت المجفف في موضعه ولملمت مأزر الاستحمام ودثرت نفسها به جيدا وأردفت بابتسامة خجولة وهي تقترب من الباب :"صباح الخير حبيبي"

كان يرى خجلها ولم يكن يريد أن يحرجها أكثر وكان سيتركها تتجاوزه حتى تتجاوز هذه المرحلة في بداية أي علاقة وهي الخجل حتى يعتادا على بعضهما أكثر ولكن حين قالت حبيبي وجد قلبه يرقص بين ضلوعه فوضع يده على اطار الباب يمنعها من العبور وأردف بنظرة شديدة الصدق والتطلب :"قوليها دائما احببتها من بين شفتيكِ "

رفعت عينين صافيتين بلون الزيتون الرائق وأردفت بنبرة شقية وهي تتحايل على خجلها منه :"أي كلمة تقصد صباح الخير؟"

ابتسم على مناورتها والإبتسامة الشقية التي تتقافز على قسماتها وتداريها واردف وهو يحتويها ويقربها منه مقبلا شعرها برقة:"بل حبيبي"

رفعت عينيها إلى عينيه في نظرة مدققة في كل قسماته وتذكرت حالته التي كان عليها بالأمس فشعرت بوخز في قلبها فلم تستطع قول شيء بينما أومأت بوجهها بنظرة احتوت عينيه ثم أردفت بهدوء:"خذ حمامك حتى أجهز الافطار"

تركها ودلف ليأخذ حمامه بينما بدلت هي ثيابها وخرجت لتعد الافطار

بعد قليل

كانت قد أعدت افطارا ملوكيا على الطاولة الرخامية الفاصلة بين المطبخ وغرفة المعيشة وبعدها دلفت إلى الشرفة وضعت الطعام والماء للعصافير التي تغرد بصوت عذب وبعدها فتحت غية الحمام ووضعت الماء والطعام ووضعت طعام القطة في الركن الخاص بها ثم عادت إلى الشقة المفتوح بابها على السطح وضوء الصباح أصبح يغمر غرفة المعيشة بأكملها وأدارت مشغل الاغاني ليصدح صوت فيروز ويملأ المكان دفئا ووقفت أمام الباب تتطلع في الحمائم البيضاء التي تحلق فتعلو وتنخفض دون قيد.

حين انتهى من ارتداء ملابسه وخرج يضع معطفا ثقيلا طويلا على ذراعه وجدها توليه ظهرها فاقترب منها ووقف خلفها مباشرة فشعرت به وابتسمت ثم أردفت بخفوت دون أن تستدير إليه:"هل ستبقى معي اليوم أم ستذهب إلى العمل؟"

تنحنح قائلا :"كنت بالطبع اتمنى البقاء ولكن لي فترة في إجازة واليوم موعد عودتي إلى العمل"

التفتت له وأردفت بابتسامة حلوة وهي تتأمل هيئته الجذابة ببنطال أسود وقميص ناصع البياض وشعره المصفف بعناية :"أعرف طبعا أن العمل لا تهاون فيه"

ضمها اليه وطبع قبلة فوق شعرها المسترسل على ظهرها وكتفيها واردف :"لنا باذن الله سفرة طويلة بعد أن أنتهي من عمل هام"

رفعت عينيها اليه وأردفت برقة:"باذن الله تنهيها على خير ثم أردفت بتردد :معتصم"

ردد لسانه تلقائيا بما يردده قلبه فأردف:"روح معتصم"

أصابتها الجملة القصيرة بتيار كهربي لذيذ وارتجف قلبها كعصفور بجناحين صغيرين يسكن ضلوعها كلما قال لها كلمة حلوة بصدق تستشفه في نظرة عينيه ثم أردفت بعينين متطلبتين:"منذ متى وأنت تحبني؟"

ابتسم ابتسامة صغيرة ثم رفع عينيه إلى الحمائم الطائرة على مرمى بصره واردف دون أن ينظر إليها :"أنتِ منذ متى تحبينني؟"

أردفت بنظرة جادة :"قلت لك بالأمس منذ عدة أشهر وانا "

قاطعها قائلا وهو يعود بعينيه إلى عينيها ويثبت سبابته وابهامه على ذقنها واردف بنظرة رأتها خبيثة :"إذن أنتِ مازلتِ في البداية عنان هانم "

قالت بتساؤل:"بداية ماذا؟"

فأردف بجدية واهتمام :"الوقوع في الحب له درجات ومراحل بدايته بالضبط كأنكِ تقفين على شاطىء البحر وتضعين قدميكِ على الرمال الناعمة وأنتِ تريدين بكامل إرادتك الدخول في عرض البحر فتخطين إلى الداخل في البداية قدميك فقط تُبلل بالماء وباقي جسدك يبقى جافا وحين تشعرين بحلاوة الماء تدخلين أكثر حتى تصل المياه إلى ركبتيكِ فتدخلين في عمق الماء ،اتسعت عينيها عن آخرهما وهي تناظره فأكمل باهتمام:إلى أن تغمر المياه باقي الجسد حتى يكاد المرء أن يغرق ،ابتسم ابتسامة غامضة قائلا :هكذا هو الحب"

أردفت بذهن مشتت يحاول تجميع معنى كلماته :"وماعلاقة هذا بسؤالي؟"

أردف وهو يرفع حاجبيه معا ويقرص وجنتها برفق:"علاقته أنكِ مازلتِ في البداية عنان هانم مازلتِ تخطين بقدميكِ داخل البحر ولم تغرقي بعد لأصرح لكِ بكل مشاعري دفعة واحدة حين تشعرين بالغرق وقتها لنا كلام أخر"

لاح الغضب في عينيها وأردفت بغيظ :"انت سخيف لمَ لا ترد على سؤالي مباشرة وتناورني هكذا؟"

أردف ضاحكا :"ماذا تريدين أن تعرفي ألم أقل لكِ كثيرا أنني أحبك"

قالت بغيظ:"أريد أن أعرف منذ متى بالضبط لمَ تجعل الأمر غامضا ذا شفرة؟"

قهقه ضاحكا وأردف:"وقلت لكِ كلما خطوتي خطوة في البحر افك لكِ جزء من الشفرة حتى حين تصلين إلى مرحلة الغرق يكن هناك المزيد لنحكي فيه ولا نكن انهينا كل ما عندنا في أول مرحلة"

قالت بيأس:"أنت هكذا دائما صعب أن تفصح عما بداخلك؟"

أردف وهو يمسد بيديه على خصلات شعرها:"لم أعتاد أن ألقي ما في جعبتي دفعة واحدة ليس أكثر"

احترمت رغبته وطبيعته ولا تنكر أن غموضه هذا يزيدها رغبة في الاقتراب منه أكثر واكثر فأردفت متجاهلة الأمر:"حسنا ولكن هلا وعدتني بوعد؟"

قال بعينين متسائلتين:"ما هو؟"

قالت وهي ترفع ذراعيها فتلامس بكفيها الرقيقين كتفيه وتمسد عليهما بحنان:"أن تنسى كل ما يضايقك من الماضي ونعيش معا حياة هادئة أنا لا أريد أن أرى الحزن في عينيك أبدا"

ابتسم قائلا :"حسنا أعدك"

قالت له ما قالته بالأمس ولن تمل من قوله:"كما قلت لك عد نعم الله عليك ولا تنظر للشيء الوحيد الذي تفتقده فيعكر صفو حياتك"

لم يكن يريد أن يخوض في هذا الأمر فأردف وهو يحيط خصرها بذراعيه:"اللهم لك الحمد وأنتِ اول هذه النعم ،هل تعرفين أنني يوم سفري انتزعت نفسي نزعا من البيت وكنت افكر جديا في إلغاء الرحلة لولا نار الحيرة التي كانت تتأجج في صدري لما تركتك"

أردفت بشفتين مرتجفتين وهي تمسد على كتفيه وتستعيد تلك الذكرى القريبة :"يومها شعرت حين غادرتني أن قلبي نٌزِع من صدري وحل محله جمرة نار"

ازدادت ضربات قلبه الذي مسته كلماتها ولامس موضع قلبها بأنامله قائلا:" والان كيف أصبح حاله؟"

قالت بارتياح بدى على وجهها وابتسامة مليحة زينت ثغرها:"أصبح بردا وسلاما"

أخذ نفسا عميقا بارتياح ثم مال على وجهها يقبل كل انش فيه وظلا يتناوشان قليلا ثم دلفا لتناول الإفطار

بعد قليل

كانا قد انتهيا من تناول الطعام بشهية مفتوحة وتناول هو قهوته وحين جاء موعد نزوله ارتدى معطفه الثقيل فبدى في عينيها وسيما شديد الجاذبية ،أوصلته حتى باب الشقة فأردف وهو يحيط كتفيها بيديه :"لن اتأخر بإذن الله"

أردفت بنبرة حانية مست قلبه وهي تمسد على كتفيه:"سأنتظرك"
********
حين نزل إلى الأسفل كان البيت خاليا إلا من الجلبة التي تصنعها أم أيمن في المطبخ بعد أن رتبت البيت بأكمله واتجهت لتعد الطعام
أما غالية فكانت بحجرتها تتدثر بغطاء ثقيل من برد الشتاء الذي لم تعد تتحمله بينما تستمع إلى البرنامج الاذاعي من الراديو المجاور لها
طرق معتصم طرقتين على باب حجرتها الذي لم يكن مغلقا بالكامل ودلف مباشرة بابتسامة حلوة ملأت وجهه كله وهي حين رأته انشرح قلبها واتسعت عينيها وهى ترى وجهه المشرق أكثر من أي يوم مضى وكأن جديد قد جد عليه قائلة :"حبيبي متى جئت؟"
تقدم منها قائلا:"بالأمس "
فتحت ذراعيها له فارتمى في حضنها فأخذت تقبله ثم أردفت:"ولمَ لم تدخل لي بالأمس؟"
ابتعد عنها قليلا وأردف :"كنتِ نائمة فلم أحب أن أزعجك"
قالت بخبث:"لم تحب ازعاجي أم اشتقت لزوجتك؟"
ابتسم قائلا :"الاثنين"
فأعادت ضمه إليها وأردفت:"وهل أكره أنا ؟ لقد كانت تحترق طوال سفرك "
ابتسم قائلا:"حقا؟"
قالت بارتياح:"حقا حبيبي ،لقد عوضكما الله ببعضكما"
قال:"الحمد لله"
قالت بخفوت:"ماذا فعلت في سفرتك؟"
اعتدل في جلسته أمامها يواجه عينيها ولا يعرف لمَ لا يستطع أن يغضب منها
رغم أن بترتيب الأمور فكل ما فعلته يمنة المفترض أنه بعلم غالية ورغم سخطه على يمنة إلا أن غالية تظل رغم كل شيء غالية
ولكنه لم يستطع كبح لجام نظرة طويلة عاتبة وجهها إليها وهو يقص عليها مختصر رحلته منذ سفره حتى مواجهته بالأمس مع يمنة
استمعت إليه بقلب موجوع وحين أتى بذكر ما قالته يمنة عن محاولة الاجهاض أردفت غالية بجدية ولين في آن واحد:"لقد كانت محاولة خائبة منها يا معتصم وكانت في بداية الحمل تماما وصدقني حبيبي لم أكن على علم بذلك وحين عرفت حدثتها انا وأبوها عن حرمانية ما تفعله ولم تكرره ثانية وصدقني حبيبي هي تحبك بشدة وإذا كان على زواجها فهذه عاداتنا بٌني لا تبقى المرأة عازبة بعد انفصالها عن زوجها ،الزواج ستر لها والابن يبقى في حضن أجداده حتى لا يربيه غريب ،ثم بسطت راحتها فوق صدرها قائلة بمحبة:أنت كنت ابن لنا انا وعمران فهل قصرنا معك؟"
قال نافيا:"لم يقصر أحدكما أمي ولكني افتقدت أبي وأمي الفعليين ليس أكثر"
حاولت أن تدخل له من مدخل آخر فأردفت بابتسامة حانية:"هل تعرف أنني وأبوك عمران من تمسكنا بك وببقاءك معنا ؟ حين يصل الانسان لمنتصف العمر ويكبر أبناؤه ويستقلون عنه أحيانا يحدث لديه نوع من الخواء وأنا وعمران بعد أن كبر جميع أبناءنا حدث لنا هذا ثم مسدت على وجهه قائلة:لذلك حين أتيت أنت وجدنا ضالتنا فيك وصدقني كنا نستطيع الزام راشد بأن تعيش معهما ولم يكن يستطع النطق وقتها ولكننا لم نرضى لك أن تبقى في بيت رجل غريب، أردنا أن تبقى في بيتك بين أبوين حقيقيين وعائلة حقيقية ،أردنا أن تنشأ ببيت لا يستطيع أحد ذات يوم أن يخرجك منه أو يقول لك أنك ليس لك مكان به ،ثم شردت في الأرض الزراعية الممتدة أمامها من النافذة المغلق زجاجها الشفاف وأردفت:هل تعرف لمَ كتب الله لك جدك شقتك بالبيت هنا والحديقة؟لم تنتظر رده وأكملت بنفس الشرود:كان يريد أن يثبت جذورك بملك لا تستطع تركه،كان كلما غبت عن البيت أثناء دراستك أو عملك يقول لي أخاف ألا يعود وقد كان يعرف بما في نفسك من عدم تقبل لرحيل أبيك وابتعاد أمك ،عادت إليه بعينين دامعتين متأثرتين قائلة :كتب وصيته قبل رحيله بسنوات وكان أول من فكر فيه هو أنت وكتب لك ملك يٌثبت به قدميك في البيت والبلدة بأكملها ،كان يحبك مثل ابن من ابناؤه أ تنسى يا معتصم حبي لك وحبه لك وتقطع البلاد ذهابا وعودة بحثا عن ماض مات؟"
لمعت عيناه بدموع عزيزة ومال على كفيها مٌقبلا ،كلامها نفس كلام عنان هو يترك ما بيده ويبحث عما يفتقده في حياته فقط ،عليه فعلا أن يعيد حساباته
عليه أن ينسى الماضي لأنه بكل الشواهد مات ودُفن ، دٌفن غريب بأرض غريبة دون أن يعرف أن الجذر أصبح له فرع والفرع كبر واشتد عوده
********
بعد أن انتهى مٌعتصم من جلسته مع غالية جلستهما المؤثرة التي فتح كل منهما فيها قلبه للآخر وشعر بعدها معتصم أن صدره وقلبه قد غٌسلا من همومه اتجه إلى عمله مباشرة وكان الجو قد انقلب وغابت الشمس فكانت السماء مٌلبدة بالغيوم وقبل أن يتجه معتصم إلى مقر عمله بقسم الشرطة اتجه إلى منطقة نائية على أطراف المحافظة
صف سيارته على جانب الطريق وبدأت السٌحٌب المحملة بالمياه تسكب أمطارا غزيرة في الوقت الذي فٌتِح فيه باب السيارة المجاور له فجلس سيد سمكة بجوار معتصم وهو يرتجف من شدة البرد قائلا:"اعتذر عن التأخير يا باشا كما ترى الأجواء صعبة"
أشعل معتصم بقداحته السيجارة التي كانت بين شفتيه ثم أردف لسيد بهدوء:"لا عليك المهم قل لي ما أخر التطورات؟"
**********
في المساء
قضى معتصم يومه منغمسا في عمله وتخلل يومه بالسؤال عن حبيبته كلما أتته الفرصة ،كان يشعر بقدر كبير من السلام النفسي بعد أن تمم زواجه بها وبعد أن طالبته صراحة بأن ينظر حوله إلى نعم الله عليه وعطاياه وبعد أن أعادت على مسامعه غالية نفس الكلام صباحا
كان قد وصل إلى البيت وكان الليل قد حل فصف سيارته أمام بيت عمران ونزل حاملا باقة ورورد حمراء كبيرة وعلبة شيكولاتة من النوع المفضل لعنان ودلف إلى البيت ينظر حوله وهو في قرارة نفسه يدعو ألا يكون هناك أحد بالبيت حتى لايراه
فهو طوال عمره يرتدي ثوب الجدية والوقار أمام الجميع ولم يراه أحد من قبل في موقف كهذا ،دلف إلى البيت فكان ساكنا فصعد الدرج مباشرة دون أن يدخل إلى غالية وحين مر بجوار باب خاله زكريا سمع صوت نعمة عاليا وهي تصيح فأسرع الخٌطى وحين تجاوز الطابق الخاص بخاله زكريا ويحيى ابتسم ابتسامة شقية فلو كانت نعمة رأته وهو يحمل هذه الباقة الكبيرة الملفتة للنظر لأشبعته تهكما بلسانها وعينيها
"معتصم متى أتيت يا رجل؟"
سمع صوت يحيى الذي فتح باب شقته فجأة وكان معتصم يوليه ظهره صاعدا
فتنحنح معتصم وهو يلتفت له قائلا:"بالأمس فقط؟"
نظر يحيى نظرة خبيثة إلى باقة الورد الكبيرة وأردف :"أراك أصبحت رومانسيا في الفترة الأخيرة "
رد عليه معتصم قائلا بسماجة:"من بعض ما عندكم"
قطع يحيى الدرجات القليلة الفاصلة بينهما وأردف بنبرة متهكمة ونظرة متلاعبة وهو يميل ليشم الورد:"ورد بلدي رائحته رائعة ،ثم ربت على كتف معتصم قائلا بنبرة ممطوطة :وفقك الله يا صديقي أنت مازلت في بداية رحلتك في الحياة وبداية الرحلة تتطلب مجهودا كبيرا كان الله في العون "
قال له معتصم بجدية مصطنعة:"ركز في مجهودك أنت فقط ولا تحمل هم مجهود الآخرين ولا تنسى أنني أكبركم "
قهقه يحيى ضاحكا فغمز له معتصم ثم تركه صاعدا بخطوات مسرعة للأعلى
رن جرس الباب فأردفت عنان من خلف الباب:"من ؟"
"معتصم "
قالها بصوته الخشن الذي أصبحت تعشق نبرته وحين فتحت وجدت باقة ورد حمراء كبيرة تحجب وجهه فابتسمت بسعادة وهي تمد يدها وتأخذها منه قائلة بابتسامة واسعة :"ماهذا؟"
قال بنظرة آسرة وهو يٌغلق الباب خلفه :"ورد للورد "
تعلقت عينيها بعينيه بنظرة شغوفة ولم تجد كلمات ترد بها فأعطاها علبة الشوكولاتة فأخذتها منه وعيناها تخرجان قلوبا كثيرة
وضعت باقة الورد وعلبة الشوكولاتة على الطاولة الرخامية والتفتت اليه وكانت ترتدي منامة حريرية بنفس لون الورد فكانت شديدة التوهج في عينيه خاصة وهي تقترب منه وتطبع قبلة دفئة فوق فكه
هل كلما لامسها أو لامسته سيظل يشعر بهذا الشعور؟
شعور بأن هناك دفئا يغمر كل حواسه وراحة من كل هموم الدنيا
سحب كفيها بين كفيه وقبلهما تباعا ثم أردف وهو يٌلقي نظرة على علبة حلوى خلفها قائلا :"ماهذا ؟"
نظرت إلى ما ينظر إليه ثم أردفت برقة:"حين كنت عند أمي اليوم كانت تخبز مخبوزات بالملبن فأخذت منها باقي علبة الملبن ثم أردفت بنظرة بريئة:أراك دائما تدندن بكلمات في عشقه فعرفت أنك تحبه "
في البداية ناظرها بذهول ثم انفجر ضاحكا ضحكات عالية ربما لم يضحك هكذا منذ زمن وضمها إليه بقوة وهو لايزال يضحك فأردفت بتعجب:"على ماذا تضحك؟"
فأردف وهو يبعدها عنه قليلا وينظر في عمق عينيها الحائرتين بنظرة جريئة :"ليس هذا النوع الذي كنت أقصده"
عقدت حاجبيها الجميلين وأردفت بحيرة:"أي نوع اذن؟"
أردف بصوت شديد الخفوت ونظرة شديدة العمق :"حسنا سأعترف لكِ بأول اعتراف وأبوح لكِ بطبيعة الملبن الذي كنت أتغنى به "
باح بقلبه ولسانه وعيناه وكانت مشدوهة مما سمعته عن اشتياقه لها طوال الفترة الماضية منذ عودتها إلى بيت العائلة ومع كل كلمة كان قلبها ينتفض من عمق وصدق مشاعره
وللمرة التي فشلت في عدها تدرك أنها بالفعل لم تكن على دراية كافية بالحكم على من حولها
كلماته الصادقة التي تخرج من حنايا قلبه عبر لسانه ونظراته شديدة الصدق جعلتها تدرك بسهولة كم كانت مشاعر رماح معها كاذبة منذ البداية
شتان ما بين هذا الاحساس وذاك

شتان ما بين هذه المشاعر وتلك
ونحن كبشر لا نعرف زيف المشاعر إلا حين يصادفنا الصادقون
في هذه اللحظة على وجه التحديد وبعد أن غمر روحها وقلبها بمشاعر صادقة تمنت أن تغيب عن هذا العالم وكان مثلها فغابا معا لساعات في فيض من مشاعر متدفقة كلاهما كان في أشد الاحتياج لها
********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-21, 08:03 PM   #1338

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

في اليوم التالي
يوم افتتاح المركز الطبي لعمرو وأصدقاءه
كان عمرو وأصدقاؤه مهدي وسامي وأنوار وأشجان يقفون في الاستقبال الخالي من أي مرضى في اليوم الاول لافتتاح المركز يتأملون ثمرة تعب الايام الماضية بفرح وترقب وسؤال واحد في عيونهم جميعا هل سننجح أم لا؟
كان مع كل واحد منهم مجموعة مقربة اما من اخوة أو أصدقاء أما عمرو فكان معه اخوته وابناء عمه
اقترب منه يحيى قائلا :"تعال اجلس معنا قليلا فنحن سنمشي بعد قليل "
كان أبناء عمه يجلسون في ركن منفصل في الاستقبال الواسع يتحدثون ويمزحون فترك أصدقاءه واقترب ليجلس بينهم فأردف يحيى بعد أن جلس بجوار أخيه:"طبعا نحن نزحم لك العيادة ولكن خذها بمحمل آخر المرضى القادمون إن شاء الله سيظنون أننا أيضا مرضى وسيتحمسون للمركز الذي يعج بالمرضى من أول يوم"
قهقهوا جميعا ضاحكين فأردف عمرو بامتعاض :"لم تخطو أي قدم المركز حتى الآن رغم أننا قمنا بدعاية جيدة وقدمنا تخفيض نصف السعر ثم أردف بجدية:هل كان علينا أن نقوم بعمل اليوم بشكل مجاني؟"
أردف أحمد ابن هارون الذي أتى خصيصا للمباركة لابن عمه:"لا هكذا أفضل، دائما يقول أبي أنك حين تقدم خدمة مجانية للجميع سيتهافت عليك من يحتاجها فعليا ومن لايحتاجها فالأفضل تقدم الخدمة المجانية لمن يستحقها فقط كما أن هناك بعض الناس يظنون أن المكان الذي يقدم خدمات مجانية ليس كفئا "
كانت هاجر التي تجلس بجوار أختها تنظر إليه وهو يتحدث بثقة وتداري بداخلها اعجاب وليد بشخصيته ، لا ليست شخصيته فقط انما هو كله يثير اعجابها وهذا شيء غريب عليها ،ملامحه التي تشبه ملامح جدتها مختلطة بوجه رجولي جذاب يثيران بداخلها مشاعر ظنت لسنوات انها لا تملكها
انتزعها من شرودها صوت مريم التي تجاورها وهي تقول:"العاقبة عندك يا أحمد يوم افتتاح عيادتك أو مشفاك بإذن الله "
ابتسم أحمد قائلا:"يارب"
مال عمرو على اذن مريم التي تجاوره من جهة وتجاور هاجر من الجهة الأخرى وأردف:"انظري إلى طاقم السكرتارية كنتِ ستكونين من ضمنهم"
أردفت بخفوت :"قلت لك لن أستطيع أن أفعلها دون موافقة يوسف ثم أردفت بخجل:إلى جانب الموضوع الآخر الذي قلت لك عليه"
أردف بسأم :"ويوسف باشا لمَ لم يأتي ؟ لقد دعوته على الافتتاح بنفسي من أجل خاطرك فقط"
كانت تجلس وجهها للباب حين ظهر وجه يوسف وهو يحمل باقة ورد وعلبة شوكولاتة فاخرة فأردفت وعيناها تتعلقان به:"وها هو قد جاء"
نظر عمرو حيث تنظر وتقدم يوسف من الجميع بمشية واثقة وعينان متحفزتان وحين رأى معتصم مظهره هذا من وقفته بجوار النافذة يدخن سيجارته رغم أنه كان يتابع حديث الشباب ابتسم فيوسف نفذ النصيحة بحذافيرها شوكولاتة وورود
حين اقترب يوسف من عمرو الذي استقام هو ويحيى ليصافحاه أردف بلباقة:"مبارك يا دكتور "
ثم قدم له علبة الشوكولاتة القيمة فأردف عمرو وهو يأخذها منه:"ما كل هذا الحب شوكولاتة وورد دفعة واحدة"
رفع يوسف حاجبيه قائلا:"لا يا حبيبي الشوكولاتة فقط لك "
ثم تقدم من مريم التي تلتزم الصمت وتتابعه فأردف بابتسامة حلوة:"والورد لها"
مدت يدها لتأخذ باقة الورد منه وهي مذهولة
فأردف يحيى ضاحكا:"نخرج منها نحن اذن"
أما عنان ويسر ومودة الجالسات في ركن قريب فقد ضحكن بلا صوت
أخذت مريم باقة الورد ووضعتها على احدى المناضد الجانبية وهي تشعر بأن روحها خفيفة وقدماها لا تلامسان الآرض
فأشارت لها يسر لتجلس بجوارهن أما يوسف فجلس بجوار أبناء عمه بعد أن صافح الجميع وجاء اليه زياد وجنة اللذان كانا يلعبان حتى شاهدا والدهما
قالت يسر بنبرة ساخرة:"لقد تطورنا ماشاء الله أخي أصبح رومانسيا "
ابتسمت مريم دون رد أما عنان فكانت تركز مع معتصم الذي يقف في الجوار ليدخن سيجارته ويكتفي بالمتابعة فقط فتركت البنات واتجهت اليه ووقفت بجواره قائلة بخفوت:"ألم نتفق أن تخفف من شرب السجائر؟"
أخذ نفسا واحدا ثم أطفأ السيجارة التي كانت بالفعل على وشك الانتهاء في المطفأة الموضوعة على سور النافذة وأردف بنظرة ساحرة:"تمام يا فندم "
ثم أخرج علبة العلكة ومد يده لها لتأخذ واحدة ثم وضع واحدة في فمه ومال على أذنيها قائلا:"أنا بالفعل قلت سأوقف السجائر حين أجد البديل وبما أن البديل أصبح ملك اليد فلابد أن أفي بوعدي أحتاج فقط إلى القليل من الوقت"
تضرج وجهها بالحمرة وارتسمت على كل ملامحها ابتسامة حلوة وهي تتبادل معه نظرة خاصة
"احضرنا يا حضرة الضابط "
قالها يحيى بصوتِ عالٍ ليشاركهم معتصم جلستهم فأردف معتصم بجوار أذنها وهو يهم بالذهاب اليهم :"للحديث بقية "
اتجه نحوهم وتركها تصارع أمواج مشاعر تارة تكن هائجة وتارة هادئة في قصة يبدو من بدايتها أنها الأقوى في حياتها
اقتربت منها مريم ويسر كل واحدة من جهة فأردفت مريم بفضول:"مالذي يحدث بالضبط كلاكما ملامحه غريبة "
أردفت عنان بعينين متسائلتين وهي تتحسس وجنتيها:"كيف يعني هل بي شيء غير مضبوط؟"
أردفت يسر بنظرة متلاعبة وهي تنظر إلى احمرار وجه عنان ولمعة عينيها:"غير مضبوط بالمرة هل وقع المحظور؟"
فهمت عنان مقصدهما فأردفت ببرود متعمد:"نحن بخير لا تقلقا "
وهمت بتركهما فجذبتها كل واحدة من ذراع وأردفت مريم بسخرية:"نحن لسنا قلقات نحن واثقات أن هناك جديد جد عليكما"
وأردفت يسر بتهديد:"هل ستنطقين بالذوق أم بالقوة لابد أن نعرف من فيكما الذي أوقع الآخر ومن الذي صمد للنهاية ؟"
قاومت عنان ضحكة تريد أن تخرج من بين شفتيها وأردفت :"كلانا وقع في نفس التوقيت بالضبط ، يوم مجيئه من السفر أنا كنت أنتظره وهو كان "
صمتت لا تعرف ماذا تقول فلكزتها يسر قائلة:"كان ماذا ؟"
فأردفت عنان بغيظ:"ليست كل الأمور تقال "
ثم نفضت ذراعيها منهما وأسرعت الخطى لتجلس بجواره من الجهة التي لا يجلس بها أحد من الشباب
.............
كانت الشمس تبدأ رحلتها اليومية للغروب وكانت مريم تقف بجوار النافذة سعيدة لأن شقيقها استقر وبدأ عمله وتدعو الله أن يوفقه ،وسعيدة بحضور يوسف وبباقة الورد التي أحضرها لها والتي كل دقيقتين تشم رائحتها باستمتاع
ترك يوسف أبناء عمه في جلستهم واقترب من زوجته ووقف بجوارها قائلا وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله :"انتهت فترة الاستجمام أم ماذا؟ يبدو أن صحتك جاءت على بعدك عني أرى وجهك ماشاء الله يضوي"
رفرف قلبها بين ضلوعها وهمت بقول أنها تشتاقه حد الجنون
ولكنها ناظرته قائلة بهدوء:"هي فعلا فترة استجمام بالنسبة إليّ "
قطع حديثهما مهدي الذي كان يوزع العصائر على الجميع قائلا بصوت جلي وعينان تبتسمان من تلقاء نفسهما ويبدو أن هذه عادته :"تفضلا العصير "
ومد الصينية إلى مريم أولا فأخذت وهي تبتسم ابتسامة صغيرة قائلة :"أشكرك"
بحركة لا ارادية أخرج يوسف يده من جيب بنطاله وأحاط كتفيها بذراعه ثم أردف حين قدم له مهدي:"أشكرك لا أشرب عصائر بسكر"
ابتسم مهدي قائلا ببشاشة:"نحضر لك عصائر دون سكر "
قال يوسف وهو يريده أن يبتعد بهيئته الصاخبة هذه التي تلفت النظر:"أشكرك سنمشي بعد قليل "
حين ابتعد مهدي أردف يوسف بجدية:"ستعودين معي إلى البيت اليوم"
رفعت وجهها نحوه وأردفت وهي تدرك أنها بالفعل عليها العودة ويكفي ما حدث بينهما من خلافات طوال الفترة الماضية يكفي انهاك نفسي إلى هذا الحد:"لن أستطيع اليوم ففي الغد هاجر لديها جلسة ولابد أن أذهب معها إلى جانب أن هناك أشياء تخصني أنا والأولاد عند عمرو لابد أن أجمعها "
أردف وهو لا يزال يحيط كتفيها بذراعه فيحيطها بدفئه وعنايته :"حسنا أمر عليكِ في الغد"
قالت بعد تفكير قصير:"بعد غد أكون اطمأننت أن هاجر عادت إلى البلدة"
صمت قليلا بملامح متحفزة ونظرة لا يعرف معناها الاها فأردفت وهي تنظر في عمق عينيه نظرة بها من العتاب والخوف وشيء آخر لم يفهمه:"يوسف ،لا تفعل ما فعلته ثانية ، في المرة الماضية كسرتني وظهر الألم جليا في عينيها فشعر بمقلتيها اللامعتين كبلورتين على وشك الانشقاق لتكمل هي:إن تكرر الأمر سأموت وقتها"
في هذه اللحظة شعر يوسف كم كان قاسيا معها حتى تصل إلى هذه الدرجة ،شعر أنه قليل في نظر نفسه وتسلل الحزن إلى عينيه الداكنتين لتزدادان قتامة
كان كلاهما في هذه اللحظة ينظر إلى صاحبه بنظرت أبلغ من أي كلام
هي تترجاه بعينيها ألا يخذلها ثانية
وهو يعتذر دون كلام حتى انفرجت شفتيه تلقائيا وتمتم بخفوت سمعته بقلبها قبل أذنيها:"أنا أسف لأي مشاعر سيئة شعرتي بها بسببي وأعدك ألا يتكرر أي شيء مما كان يضايقك ثانية ،نظر حوله نظرة سريعة فوجد أن كل من المتواجدين في عالمه ولا أحد ينتبه لهما فعاد بعينيه إليها قائلا بنبرة صادقة ونظرة أصدق :مريم رغم استيائي من كل ما حدث ولكني حقا ممتن لهذه المحنة التي مررنا بها لإني اكتشفت فيها أنني لم أحب في حياتي سواكِ ولا أستطيع الحياة يوما واحدا دونك "
اهتزت شفتيها وتحركت مقلتاها ببطء وأردفت وهي تحت تأثير سحر كلماته الذي يعيدها معه إلى نقطة البداية حيث بدءا من أكثر من سبع سنوات :"هل هذا لأنني زوجتك وأم أبناءك؟"
ابتسم ابتسامة شملت وجهه كله وأردف :"بل لأنكِ مريم ... مريم حبيبتي فقط "
كانت كلماته كالماء الذي يروي قلبها المشتاق إليه فشعرت أخيرا بالرضا والارتياح
..........
كان عمرو وأصدقائه يتحركون في المركز بحماس وتوتر فحتى الان لم يأتي أحد للكشف في اي تخصص وحين اقترب منه يحيى قائلا:"سنرحل نحن حتى ترى عملك "
فأردف عمرو ساخرا:"على اساس المرضى يملؤن المركز ؟اجلس يا رجل حتى إذا جاء أحد يظنون أنكم جميعا مرضى ويكون شكلنا جيدا"
قهقه يحيى ضاحكا وهو يربت على كتف أخيه قائلا :"بإذن الله يمتليء بالمرضى عن أخره "
ثم عاد ليجلس بناءا على رغبة عمرو الذي لمح مودة تجلس على مقعد منفرد ولا تتحدث مع أحد وتكتفي باللعب على هاتفها فجلس بجوارها قائلا:"ماذا تفعلين يا دكتورة؟ ألا تريدين التدرب عندنا بالمركز؟"
رفعت عينيها إليه قائلة بنبرة فشل في تفسير مغزاها:"وهل تحتاجون إلى طبيبات لا يزالون في فترة دراسة؟ يكفي ما لديكم من أطباء فعليين"
ضيق ما بين حاجبيه قائلا:"نحتاج إلى الجميع هذا وذاك"
ناظرته بصمت وقد شعرت بالغيظ منه منذ أتت مع أبناء عمها لأن الطبيبة التي تدعى أنوار هذه ملاصقة له كالعَلَقَة لا تعرف لماذا إلى جانب أنها تعامله بتودد سمج
وكأنها تأتي على السيرة أتت أنوار التي ترتدي ملابس أنيقة للغاية وتزين وجهها بزينة واضحة الألوان فتبرز جمال ملامحها وأردفت لعمرو بمزاح:"يبدو أنه لن يأتي أحد لتخصص العيون اليوم ما رأيك لو أبدأ بك ؟تبدوعيناك مرهقتان للغاية "
غمغم ساخرا:"ولم تجدي غيري؟ ثم ما بهما عيناي ليس بهما أي شيء على الاطلاق"
قالت ضاحكة وهي تقترب بوجهها وتدقق في عمق عينيه:"لا لا بهما شيء لونهما العسلي ليس جليا ويبدو أن فوقهما غيامة"
قال ضاحكا:"ستمرضيني يا أنوار من أجل أن تجدي من تكشفين عليه؟"
قالت بحنق:"ماذا أفعل؟"
ظلا يتناوشان ومودة التي تجاوره تتفتت غيظا،تعترف أن عمرو يشغل تفكيرها منذ فترة منذ عودته ومن قبل عودته أيضا منذ سفره وهي تتابع صفحته على الفيس بوك صوره ومنشوراته مزاحه مع اصدقاءه وتعترف أن هناك شيء بداخلها تحرك تجاهه دونا عن أي رجل رأته من قبل
"مودة أين ذهبتِ"
قالها عمرو الجالس بجوارها ليخرجها من دوامة أفكارها فانتبهت قائلة:"ماذا تقول؟"
قال بابتسامة حلوة:"كنت أقول لأنوار أن تكشف عليكِ ربما تكون نظارتك في حاجة إلى تغيير مقاساتها"
ابتسمت بسماجة وأردفت وهي تنزع نظارتها عن عينيها:"ماذا بهما عيناي ؟أنا أرتدي النظارة فقط لحفظ نظري لأنني أذاكر كثيرا ولكن يمكنني الاستغناء عنها"
كانت لهجتها حادة قليلا ولم يعرف السبب ولكن ما أدركه حين نزعت النظارة أنها تملك عينين أجمل بكثير مما تبدوان من خلف زجاج النظارة ورموشها الطويلة السوداء ساحرة إلى درجة لجمت لسانه لثوان وهو يناظرها بلمعة الغضب الطفولي في عينيها ونبرة التحدي في صوتها
قطع عليهم الموقف السكرتيرة التي أتت مسرعة قائلة لأنوار:"دكتورة أنوار هناك كشف أتى لكِ"
اتسعت عينيها قائلة:"حقا؟"
أومأت البنت بوجهها مبتسمة فأردفت أنوار بحماس :"حسنا انتظري دقائق حتى أدخل الحجرة "
فقهقه عمرو ضاحكا واردف:"اجري على الحجرة الذي أعطاكِ يعطينا"
أردفت بابتسامة حلوة:"يارب" ثم دلفت إلى الرواق أما مودة فتمتمت بصوت خافت:"اذهبي وافعلي شيء مفيد عوضا عن المرقعة طوال اليوم"
التفت اليها وقد سمعها تغمغم بكلمات غير مفهومة فأردف بتساؤل:"ماذا تقولين؟"
أردفت بابتسامة صغيرة وهي لا تزال تنزع عن عينيها نظارتها :"أقول وفقكم الله"
لا يعرف لم شعر بجلبة داخلية في هذه اللحظة ،دقات قلب متسارعة عينين تجريان على وجهها بكل تفاصيله ،رغبة في ثبر أغوارها لمعرفة ما يخفيه غموض كلماتها وحين وجد أنه أطال في الجلوس بجوارها والجالسين بدأوا في الانتباه لهما أردف بصوت مضطرب قليلا :"على الله التوفيق ،ثم تنحنح قائلا وهو ينظر نظرة أخيرة إلى عينيها اللتين تتحدثان دون كلام :ارتدي نظارتك حتى لا تتعب عينيك دونها ثم استقام يبتعد عنها مغمغما بخفوت واضطراب:ارتديها يا ابنة الحلال أفضل لي ولكِ"
...........
كانت هاجر تقف بجوار نافذة بعيدة تنظر تارة إلى النهر الذي تسقط فيه أشعة شمس المغيب فتعطيه سحرا فوق سحره
وتارة إلى مودة وعمرو وهي تشعر ببوادر اعجاب متبادل بينهما منذ عودة عمرو من سفره ،كانت ابتسامة شاردة على شفتيها حين اقترب منها أحمد قائلا بابتسامة صغيرة :"كيف حالك هاجر؟"
انتبهت إليه قائلة بخفوت ورقة متأصلة بشخصيتها:"بخير الحمد لله"
أردف وهو يناظرها من على هذا القرب :"أراكِ تنظرين إلى عمرو ومودة وتبتسمين "
ابتسمت قائلة بصدق:"يليقان على بعضهما تمنيت في نفسي أن يكرم الله أخي ببنت كمودة ثم أردفت وهي تنظر من النافذة إلى النهر فتتيح له حرية النظر إلى وجهها الأسمر الصافي :هو طبيب وبالتأكيد ستكون مناسبة له فتاة في نفس مستواه العلمي ومودة جميلة في كل شيء"
أردف بجدية وهو يلاحظ نبرة في صوتها لا يعرف إن كانت احباط أم شيء آخر:"هي فعلا مودة مميزة ولكن ليس لكونها طبيبة وليس عليه لأنه طبيب أن يتزوج من طبيبة "
أردفت وهي تنظر إليه :"الأفضل طبعا أن يكون مستواهما واحد كما أنني غالبا أرى الطبيب يتزوج طبيبة"
قال مستنكرا وجهة نظرها التي يشعر أن هناك شيء خلفها:"لا هاجر ليس شرطا أنا على سبيل المثال لن أتزوج من طبيبة ولا من أي امرأة عاملة"
اتسعت عينيها وتحفزت حواسها دفعة واحدة ولا تعرف لم شعرت برجفة في قلبها واضطراب في دقاته وهي متلهفة لمعرفة اسبابه ومتعجبة في نفس الوقت أن يأخذ الكلام بينهما هذا المنحى لأول مرة فأكمل هو أمام نظراتها المتسائلة:"أنا طوال عمري وأمي تعمل ولا أنكر أنها تولي لنا اهتماما كبيرا ولكنها في المقابل كانت تغيب عنا أيضا ومع غيابها هي وأبي في نفس الوقت بالطبع افتقدنا وجودهما ،طبعا صعب أن يدرس أحد أيا كان رجل أو امرأة الطب ولا يمارسه لذلك لا أريد أن أتزوج طبيبة أو امرأة عاملة أريد أن تكون زوجتي فتاة مثقفة ومتعلمة ولكن لا تعمل ويكون كل اهتمامها لي ولأبنائنا"
تنحنحت بحرج وتسارعت نبضات قلبها وهي تتسائل هل يتحدث معها بحسن نية وهي التي تسيء فهمه فتفهم الأمور على هواها الذي لا تعرف لمَ يجنح بها منذ أن جٌرحت يدها وداواها هو نحو مشاعر جديدة عليها موجهة نحو أحمد دونا عن باقي الرجال الذين كانت تشعر تجاههم بالنفور التلقائي
وهو قرأ توترها بسهولة وشعر باضطرابها فابتسم وحين رأت ابتسامته ازداد توترها ولم ينقذها من الموقف سوى يحيى الذي تقدم منها قائلا بهدوء بعد أن لاحظ أن أحمد أطال الوقوف معها:"هل تريدين شيء حبيبتي؟"
أردفت بصوتها الرقيق:"لا شكرا "
فوقف يحيى معهما حتى استأذن أحمد
..........
مع حلول الليل كان بالفعل بعض المرضى قد بدأوا يتوافدون على العيادة في كافة التخصصات ،كان معتصم يقف في ركن يقوم بعمل مكالمة عمل فاقتربت منه عنان ووقفت بجواره،لا تعرف مالذي أصابها لقد أصبحت شديدة الالتصاق به وتريد البقاء بجواره دائما
حين انتهى من مكالمته التفت لها وطرأت على ذهنه فكرة فأردف :"أعتقد يكفي بقاءنا إلى هذا الوقت "
قالت وهي تلامس ذراعه بأناملها:"جئت لأقول لك هذا "
كانت لديها رغبة ملحة لأن تلمس أنامله ولكنها خجلت من فعلها أمام الجميع أما هو فدون ان يعرف برغبتها احتضن يدها بيده وأردف لأبناء عمه وهو يجذبها خلفه :"سنرحل نحن لدينا مشوار وأنتم كما تحبون ثم أردف لمودة :هيا مودة"
فأردفت الأخيرة بمزاج قد تعكر فبعد أن جاء لأنوار عدة كشوفات انشغلت بهم طلت عليهم توأمتها بنفس سماجة الأولى وانشغل عمرو مع أصدقاءه عنهم :"إن كنتم ستذهبان إلى مكان غير البيت فسأعود مع يسر ويحيى"
قال معتصم بجدية:لماذا يا بنت تعالي معنا "
استقام يحيى هو الاخر قائلا:"ونحن أيضا سنذهب"
ولم يمر وقت طويل حتى كان يحيى أخذ زوجته ومعهما أحمد ومودة
ويوسف قام بايصال مريم وهاجر إلى بيت عمرو وفتح هو شقة معتصم وأخذ الأولاد معه
أما معتصم وعنان فكانا يجلسان داخل احدى دور السينما يشاهدان فيلم أكشن أجنبي وكان معتصم شديد الانتباه له أما عنان فكانت شديدة التركيز مع حبيبها الذي يحتضن كفها بكفه بتملك بينما يشاهد الفيلم بتركيز شديد
*********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-21, 08:05 PM   #1339

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

في التاسعة مساءا
دلف الشباب إلى البيت وكانت غالية في انتظارهم خاصة وهي تعرف أن احمد ابن هارون جاء اليوم وسيمر عليها
اقترب أحمد من جدته وصافحها قائلا :"اشتقت إليكِ حبيبتي"
احتضنته باشتياق وقبلت رأسه قائلة :"وأنا اشتقت إليك حبيبي "
أردف يحيى وهو يضع ذراعه على كتفي يسر:"تصبحون على خير سنصعد نحن "
قالت غالية:"تلاقي الخير حبيبي "
وأخذت تسأل أحمد عن أخبارهم أما يحيى ويسر فصعدا وخلفهما مودة التي كانت واجمة طوال الطريق ولم تنطق بكلمة وحين وصلت إلى باب شقتها أردفت بفتور:"سلام"
فقالت لها يسر :"سلام حبيبتي"
وحين وصلا إلى باب شقة زكريا أردف يحيى :"سأدخل لأرى أمي"
فقالت يسر :"حسنا سأعد العشاء حتى تأتي "
حين دخل يحيى شقة أبيه كان الأخير يجلس في غرفة المعيشة يشرب النرجيلة أمام التلفاز فألقى عليه يحيى السلام أما أمه فكانت تجلس على الأريكة المقابلة لأبيه بشرودها المعتاد مؤخرا فجلس يحيى بجوارها قائلا:"ماذا بكِ أمي؟"
أردفت بجدية:"ماذا فعلتم اليوم كيف كان افتتاح مركز أخيك؟"
قال وهو يمسد على رقبته التي تؤلمه :"كل شيء تمام قلت لكِ أنتِ وأبي أن تحضرا"
أردفت :"أنت تعلم أنني لا أطيق المواصلات ولا أتحمل الانتقال من مكان لمكان أنتم قمتم بالواجب"
كانت تبدو كمن على لسانها كلام وتكبته فأردف هو بشك:"هل هناك شي؟"
أما هي فكانت الفكرة قد اختمرت في رأسها والحاح رغبتها عليها يدوي بصدى في رأسها لتفعل ما انتوته رغم أنها ترددت لأيام ماضية فأردفت بوجه جاد:"هل فكرت فيما تحدثنا فيه من فترة بشأن زواجك من أخرى؟"
أغمض عينيه وزفر زفرة حارة طويلة وأردف بوجه متجهم:"وهل كنت وعدتك أنني سأفكر؟أنا واضح معكِ من البداية وقلت لكِ لن أستطيع"
وضعت يدها فوق بطنها وفوقها يدها الأخرى وأردفت :"هل تعلم أنك غبي! تخاف على مشاعر زوجتك رغم أنك لن تطلقها ولن تفعل شيء مخالف لشرع الله وهي إن أتتها الفرصة وطٌلقت منك ستفعلها"
اتقدت عينيه وأردف بصوت حانق:"أمي...."
قالت موبخة وهي تشيح بيدها في وجهه:"لا أمي ولا أبي ألا تراها كيف تبدو كالبلهاء أمام أي طفل خاصة أمام الولد الذي يدعى مهند وأبوه هذا "
تحفزت حواسه كلها وتصلبت كل عضلات جسده وأردف باستنكار:"ومن أدراكِ أنتِ بمهند وما دخل اباه؟"
قالت وهي تُلقي في وجهه كل ما تعرفه:"منذ أيام قليلة كانت تتحدث مع الولد محادثة فيديو وتحدثت أيضا مع ابوه وأنا رأيتها وجدتك كانت حاضرة الموقف وعرفت أن الولد أمه متوفاة فهل إن جائت ليسر فرصة للطلاق منك والزواج برجل لديه أطفال وهناك فرصة جيدة للانجاب منه ستقول لا ؟"
كانت كمن سكبت البنزين بجسده كله حتى غمرته وألقت بعود ثقاب عليه فانتفض واقفا وأردف بفحيح:"ماذا تقولين يسر لا تفعلها ولا تكلم غرباء ولا تفكر بما تفكرين به "
استقامت واقفة قبالته وصاحت بصوت أعلى:"بل تفعلها أنا أعرفها قوية كأبيها واخوتها ألا ترى لهفتها على الأطفال ؟ انا كل ما أقوله ألا تضيع عمرك في وهم هي انجابها منك أصبح مستحيلا بحالتكما هذه وها هي تمشي تتلمس رائحة أي طفل فلن تصبر على هذا الوضع هل تريدني أن أتركك في ضلالك هذا حتى تتم الأربعين بلا ولد ولا سند؟"
كان زكريا يناظرهما دون تدخل ينفث دخان نرجيلته في صمت فما تقوله زوجته يشعر به ،يتلهف على طفل من صلب ابنه يحمل اسمه واسم العائلة فماذا سيقول؟
أما يحيى فتحولت النيران في جسده إلى حريق ضخم فترك أمه وهي تصيح بكلمات لم يتبينها وانطلق كالمدفع تجاه شقته ففتح الباب وأغلقه بعنف شديد صائحا بصوت ليس بصوته:"يسررررر"
انتفضت وهي تقف أمام الموقد تعد الطعام وبحركة لا ارادية أغلقت الموقد وهرعت إلى غرفة المعيشة لتجده كالثور الهائج فأردفت بجزع :"ماذا حدث؟"
قال بصوت عال محتقن:"ألم نتفق ألا تتحدثي مع مهند ثانية؟"
اتسعت عيناها وقد عرفت أن نعمة قالت له فتلجلجت ولم تعرف بما ترد فعرف أن أمه على حق فاقترب منها ولامس ذراعها قائلا:"هل تتحدثين مع أبيه أيضا؟"
حركت رأسها يمينا ويسارا وأردفت بصوت مضطرب:"لا طبعا أنا سأقول لك ما حدث ،منذ عدة أيام كان مهند مريض ولا يأتي المدرسة واتصل بي عدة مرات ولم أرد عليه ولكن حين ألح لم أستطع ألا أجيبه كلمته لدقائق وكانت أمي غالية موجودة والده لم يكن يعرف مع من يتحدث فجلس بجواره وظهر في الصورة وبمجرد أن رأيته أغلقت بسرعة في هذا الوقت عمتي رأتني فبالطبع أسائت الفهم"
اشتد ضغطه على ذراعها قائلا:"وماذا كنتِ ترتدين؟"
تلجلجت قائلة:"ماذا؟"
قال بحدة وعيناه تزدادان اشتعالا:"ماذا.كنتِ.ترتدين؟"
أجلت صوتها المبحوح قائلة:"لبس محتشم طبعا وكنت أغطي رأسي "
تمتم بقنوط:"لباس بيت محتشم ...جيد ربما منامة محتشمة أو "
في البداية قدرت يسر حالته وحاولت أن تبدو ثابتة ولكن حين وجدت الحوار يأخذ منحنى آخر انتفضت فيها روحها التي لا تقبل بمثل هذه الاتهامات فنفضت ذراعها من يده وتراجعت خطوتين للخلف قائلة بانفعال:"هل أنا موضع شك ؟ أنت سألتني وأنا رددت بما حدث واسأل ماما غالية "
هدر بصوت صلب:"الذي حدث أنني قلت لكِ لا تحدثي الولد لأن شكلك سيء وأنتِ تحدثين طفل ليس له أم وأول شيء فعله أبوه أن انضم له في المكالمة والله أعلم ماذا ظن فيكِ،الذي حدث انكِ كسرتي كلمتي وصغرتيني وأنا الذي كنت أقول يسر لا تفعلها،الذي حدث أنكِ أخفيتي الأمر عني ولم تقولي ثم أشار بسبابته نحوها قائلا:وهذا بالطبع لأنكِ تعرفين أنكِ مخطئة"
أردفت بعينين تلمع بهما الدموع وصوت مختنق:"لم أقول لأنني أعرفك لا تتفاهم ولم أكن أعرف أنني موضع شك وأن موقف كهذا سيجعلك تشك في،والموقف كله حدث أمام ماما غالية واسألها"
كان جسده كله يغلي غضبا وحين رأى انكماشها ودموعها المتجمدة في مقلتيها أقنع نفسه بضرورة أن يهدأ فأردف بأنفاس لاهثة:"إن كنتِ موضع شك فتأكدي أنكِ لن تكوني على ذمتي لدقيقة واحدة (اتسعت عينيها من جملته) فأكمل هو بنظرة جامدة:ولن اسأل أحد سأكتفي بما قلتيه ،أنا أصدقك أنتِ ولن أقف في موقف كهذا أن اتأكد من أي أحد أيا كان من صحة ما تقوله زوجتي، ثم أردف بنبرة قاطعة:وبناءا عليه لن تذهبي إلى العمل ثانية يكفي هذا القدر"
اتسعت عينيها أكثر وأردفت بوجه ممتقع:"ماذا تقول ؟ ماعلاقة هذا بذاك؟"
صاح فيها بحدة:"العلاقة أنني أخطأت ،أخطأت حين ظننت أنكِ بتعاملك مع الأطفال ستتحسن حالتك لتتحول حالتك للأسوء وأنتِ تتعلقين بالأطفال تعلقا مرضيا يمكنه أن يهدم حياتنا "
قالت بعدم فهم وهي تقف قبالته لا تستطيع التقدم خطوة واحدة:"ماهذا الهراء الذي تقوله ؟"
تقدم منها حتى أصبح لا يفصل بينهما شيء وقبض على ذراعها بقوة لا يقصد بها ايلامها بل يقصد أن تستفيق وأردف:"أنا لا أقول هراء ما تفعلينه هو الهراء بعينه ،أنتِ تعلقتي بالطفل وتستطيعين التعلق بأي طفل آخر نفس التعلق وبعد أن كنتِ ترضين بحالنا أصبحتِ تقولين تعبت ولا أستطيع"
قالت بملامح مصدومة:"متى قلت هذا؟"
أردف مذكرا اياها:"نسيتِ متى قلتيها؟هنا في نفس المكان منذ عدة أيام حين قلتِ لنا سنوات على هذا الحال وأنكِ تعبتِ وتشتاقين للأطفال"
شعرت بغصة في حلقها فأردفت بصوت مختنق:"وقتها لم أكن بحالتي الطبيعية وأنت تعلم ثم هل هذه الحالة جدت عليّ منذ عملي أم أنها معي منذ زمن؟"
قال بنبرة قاطعة:"كانت موجودة ولكن زادت كما أن نظرتك للأمور تغيرت وأصبح الأمر مٌلحا وأصبحتِ تحبين أوقات العمل عن أوقات الفراغ أصبحتِ تحبين باقي أيام الاسبوع لأنكِ تنزلين العمل أما أيام العطلة فصاروا ثقالا على قلبك"
لم تستطع النفي فأكمل هو بانفعال:"لذلك لا ذهاب إلى العمل ثانية "
قالت بصرامة:"وأنا لا أوافق لست دمية في يدك تحركها كما يحلو لك تقل لي أعملي وقت أن تحب واجلسي وقت أن تحب"
ترك ذراعها وأردف بنظرة قاتمة ونبرة قاطعة:"أنا رجل البيت وأفعل ما فيه مصلحة البيت وحين أرى وضعا ليس صحيحا واجبي أصححه وأمر العمل هذا انتهى الحديث فيه "
لم يدع لها مجالا للرد وهو يتركها ويدخل إلى غرفته أما هي فظلت في مكانها مذهولة مصدومة ،شعرت أن قدميها لا تحملانها فجلست على اقرب مقعد قبل أن تسمعه يحدث أحد في الهاتف قائلا:"عذرا يا صديقي يسر لن تستطع أن تكمل في العمل لظروف طارئة من فضلك ابحث عن معلمة غيرها"
*********
ظلت يسر للفجر تدور في الشقة بلا هدي ،لقد أخذ القرار بدلا منها وأرغمها واعتذر لصاحبه وبموجة غضبه هذه لا تستطيع أن تتحدث معه أما هو فكان يرقد في الفراش بصداع رهيب رغم أنه أخذ قرصين من أقراص الصداع
وحين أذن الفجر صلى كل منهما بمفرده ومع أول شعاع لنور الصباح غلبهما النوم كل منهما في موضعه وكان يحيى قد أرسل رسالة لوالده أنه لن يذهب إلى العمل مبكرا بل سيذهب بعد الظهيرة
بعد أذان الظهر
فتحت يسر عينيها لتجد نفسها على أريكة غرفة المعيشة تشعر بآلام في كل عضلات جسدها وحين مسدت على ذراعها الذي يؤلمها بشدة لاحظت كدمة زرقاء عليه فاتسعت عينيها ذعرا هل يمكن أن يكون هذا أثر يد يحيى على ذراعها؟
هل كان حقا يؤلمها دون أن تشعر ولكنها حين رفعت كم المنامة وجدت أن ذراعها به عدة كدمات أخرى كالطفح الجلدي
حاولت أن تقوم ولكن وجدت جسدها ثقيلا جدا وشعرت بخنقة في صدرها
شعرت بيحيى وقد استيقظ هو الآخر وشعرت بتحركه في الغرفة ودخوله الحمام وحين خرج وهو يرتدي ملابسه كاملة مر بجوارها دون كلمة واحدة
لقد أصابه موقف الأمس باحباط وضيق وحزن وغضب مشاعر عديدة يكاد صدره ينفجر من صخبها بداخله ولكن أقواهم الخوف ،الخوف أن يكون كلام أمه صحيح وأن يكون تغير يسر مقدمة ،الخوف من أن تصل بالفعل لمرحلة أن يكون وجود طفل في حياتها أقوى من وجوده هو
حين وصل إلى باب الشقة ليفتحه حاولت يسر تحريك شفتيها لتناديه ولكن أمام قسوته وجفاءه المفاجئين لم تستطع فخرج وأغلق الباب خلفه بصوت مدوي
سالت دموعها وقد شعرت بالغربة فجأة ،الغربة عن البيت الساكن من حولها وغربة روحها عن روح يحيى وقد عاشا عمرا كاملا معا روح واحدة في جسدين
شعرت بالاختناق يزداد فتناولت هاتفها واتصلت بأمها وحين ردت ليلة أردفت يسر بصوت باكِ :"أمي اشتقت إليكِ"
قالت ليلة بفزع:"ماذا بكِ حبيبتي"
قالت ودموعها تغرق وجهها:"أشعر بالاختناق الشديد أمي أشعر أن روحي ستغادر جسدي ولا أطيق نفسي ولا أطيق البيت "
قالت ليلة بوجه ممتقع:"سآتي إليكِ حالا وأتصل بجدتك ل"
قاطعتها يسر قائلة باختناق:"لا تتصلي بأحد ولا تأتي قلت لكِ لا أطيق جدران البيت كلها ارسلي لي حاتم ليأخذني إليكِ "
قالت ليلة دون فهم:"حسنا ولكن أين يحيى؟"
قالت بصوت هارب منها:"ذهب إلى العمل سأتصل به وأخبره أنني سآتي إليكِ"
قالت ليلة وقد خانتها قدماها وهربت منها أعصابها وعرفت أن هناك بالتأكيد مشكلة بينها وبين يحيى:"حالا سأتصل به ليأتيكِ"
ساعة واحدة مرت كان فيها حاتم قد أتى إلى أخته ليأخذها وفي هذه الساعة اتصلت هي بيحيى مالا يقل عن خمسون مرة لتخبره أنها ستذهب إلى أمها وهو حين رأى اتصالاتها المتكررة أغلق هاتفه فلم يكن على استعداد للمناقشة معها في أي شيء وهو لايزال غاضبا وهي حين لم يرد عليها أرسلت له رسالة أنها مجهدة جدا وستذهب إلى أمها
.......
حين عاد يحيى قرب المغرب إلى البيت وجد أمه تفتح بابها على آخره فألقى سلاما فاترا وهو في طريقه إلى شقته دون نية للدخول عند أمه التي أردفت وهي تجلس على الأريكة وتوجه كلامها إلى ابنها الذي يهم لدخول شقته :"ليست بالداخل ،رحلت مع أخوها منذ عدة ساعات "
تصلب ظهره وتشنجت عضلاته وأردف بصوت متحشرج:"ماذا حدث ؟"
قالت بتهكم:"قالت أنها مريضة وجاء حاتم وأخذها عند أمها والذي أعرفه أن المريضة أمها من تأتيها لا هي التي تذهب إلى أمها "
تمتم بخفوت وذهول :"ذهبت هكذا من نفسها؟"
فأردفت أمه بصوتِ عالٍ:"قالت أنها اتصلت بك كثيرا ولم ترد"
وضع يده في جيبه ليخرج هاتفه الذي يغلقه منذ عدة ساعات وما إن فتحه حتى وجد مكالمات عديدة فائتة كلها منها ووجد رسالة واحدة مضمونها:"اتصلت بك كثيرا ولم ترد أنا أعصابي لا تحتمل المشاحنات وأريد ان أقضي بعض الوقت بمفردي فذهبت عند أبي"
وما إن قرأ الرسالة حتى تصلب جسده كله وشعر بموجة غضب تسري فيه فباغته اتصالا من حاتم ولكنه أغلق الخط ولم يرد فعدم الرد أفضل من أن يرد ردا يغضب ابن عمه منه ولا يعرف أن حاتم كان يطلبه لأن يسر مريضة بشدة وأحضروا لها الطبيب بالمنزل
..............
دلف يحيى إلى شقته ينظر إلى الجدران وهو يشعر أنها أصبحت خاوية وبلا روح فجلس على أريكة غرفة المعيشة صامتا دون أن يغلق الباب
أما نعمة التي كانت لا تزال في مكانها فكانت تشعر بالحزن على حاله ولكنها أقنعت نفسها أن ابنها يحتاج إلى الصدمة حتى يستفيق من هذه العلاقة المؤذية
وفي نفس الوقت تشعر بالغضب من يسر ومن تصرفها
تناولت هاتفها واتصلت بعمرو وحين رد أردفت :"أين أنت؟"
قال:"لا زلت في المركز هل هناك شيء؟"
قالت له:"متى ستحضر هاجر؟"
قال:"هي لديها جلسة الان ومريم معها في الغد إن شاء الله أعيد مريم إلى بيتها وأحضر هاجر"
أردفت بصوت صلب :"لا أحضر لي الاثنتين الليلة"
قال بعدم فهم:"لماذا هل هناك شيء؟
قالت بهدوء:"مريضة وأريد رؤية بناتي"
رغم أن صوتها لم يكن يوحي بأنها مريضة إلا أنه شعر بالقلق وأردف :"ماذا بكِ؟"
قالت بحدة:"قلت لك احضر الاثنتين الليلة"
أغلق معها دون أن يعرف سبب حالتها وحين اتصل بيحيى ليعرف منه ما يحدث لم يرد فاضطر عمرو للاستئذان ومر على أختيه في العيادة النفسية وعاد بهما إلى القرية في سواد الليل
*******
"لا أفهم ما دخلي أنا بما حدث مع يحيى ويسر؟"
قالتها مريم وهي تقف أمام أمها بعد أن حضروا جميعا وعرفوا سبب استدعاء أمهم لهم جميعا
فأردفت نعمة باستنكار:"كيف ليس لكِ دخل أليس أخوكِ هذا؟"
قالت مريم لهاجر وهي تكبت غضبها:"هاجر من فضلك خذي زياد وجنة للداخل"
اخذتهما هاجرإلى حجرتها فأردفت مريم بحدة في وجه أمها:"أخي وزوجته يحبان بعضهما والداخل بينهما خارج ثم هذه علاقة وهذه علاقة وهذا بيت وهذا بيت لمَ تخلطي الامور ببعضهم"
هدرت نعمة بطاقة غضب كامنة بداخلها:"لأن أبناء صالح طبعهم النمردة يريدون أن يفرضوا سيطرتهم على من معهم أتظنين أنني لا أعرف أن ابن صالح يغضبك وأن هناك مشكلة بينكما؟صمتت مريم وتلجم لسانها فأردفت نعمة بسخرية وهي تناظر عمرو ومريم :هل تظنون أنني غبية ستتركي بيتك ويأتي إليكِ أخوكِ وتجلسين عنده وأنا نائمة في العسل ؟ لا يا ابنة نعمة أنا أعرف كل شيء وأمرره وأراقب الأمور كلها ولكن حين يصل الأمر إلى اهدار كرامتكم على يد أبناء صالح فعند هنا ولابد أن أتدخل "
قال عمرو:"وهل تظنين ابنتك لم ترد على يوسف لقد جعلته يدور حول نفسه حتى أتى مٌسلما"
قالت باستخفاف:"هل هذه البلهاء تستطيع فعل شيء؟ هذه اخرها ميدالية في يد ابن صالح كما كان أخوك بالضبط مع ابنة صالح"
قال عمرو بتعجب:"لا أعرف سبب كل هذا الهجوم على أبناء عمي صالح"
قالت بغيظ:"لأن أبنائي ضعفاء أمامهم لأنهم يظنون أن بامكانهم أن يحركوا أبنائي كما يحلو لهم وأخر شيء ما فعلته يسر هانم لمجرد خلاف بسيط بالأمس تركت البيت اليوم"
قالت مريم بوجه شديد الاحتقان :"وما دخلي أنا ؟"
قالت نعمة بقوة:"حتى يعلموا أن واحدة قصادها واحدة ثم التفتت إلى ابنتها قائلة بنبرة محذرة:وإياكِ وعمل أي تصرف لا أعرفه حتى لا أقول لأبيكِ وأقلب الدنيا،حين تعود الهانم تعودين وادخلي إلى أخيكِ وانظري إلى حاله البائس لتعرفي أنني على حق فلا يتوقعوا أنهم سينكدون على ابني ويجعلونه ينام وحيدا وابنهم يهنأ وينام قرير العين"
اتسعت عيني مريم وهوى قلبها بين قدميها وهي تناظر عمرو المصدوم من منطق أمه ،لو يعرف نيتها هذه لما أتى بأخته ولأعادها فورا إلى بيتها
أما مريم فشعرت بغثيان بعد كلام أمها المنفر فدلفت إلى الحمام وأفرغت كل ما في جوفها
*******
في ذات الليلة
كانت نسرين تتحرك بداخل شقتها بتيه وعقلها لا يهديها إلى طريق سليم
منذ أيام وهي بهذا الحال ،منذ أن حدثتها يمنة برغبة راشد في أن تترك البيت وتترك ابنها وواجهته هي بنفسها وقالت له أنها على جثتها أن تترك ابنها ،تستطيع أن تترك البيت ببساطة وابنها بين ذراعيها عدا ذلك فلا يحلم
ومن وقتها والوضع متجمد والبيت كله في حالة تحفز ،تلتزم هي شقتها معظم الوقت والولد مادام راشد بالبيت فهو معه لا يذهب لها إلا على النوم ،سمعت كلمات متفرقة عن رغبة تمام في الزواج بها وسبحان الله رغم أن هذا ما كانت تتمناه من قبل ولكنها الآن حائرة وهي لا تعرف هل هذه بالفعل رغبة بها كزوجة أم من أجل عمار
ربتت على ظهر الصغير النائم في فراشها وعادت إلى متاهاتها ثانية
تمام ... لقد وقعت في حبه بالفعل ولكن ما سمعته أيضا أن راشد يرفض طلبه وهذا ما جعل البيت كله في حالة غير مستقرة رغم أنه لا أحد يتحدث أمامها عن شيء
أما ما بينها وبين تمام فقط نظرات وفي الأيام الأخيرة شعرت من نظراته أنه مهموم وتخشى أن تكون هي سبب همه
شعرت بانقباض في صدرها لا تعرف مصدره فأخذت اسدالها وارتدته ثم نزلت إلى الطابق الأرضي ولا تعرف أن الله ساقها لتسمع شيء هام من شأنه أن يغير مستقبلها كله
كان البيت ساكنا والأضواء خافتة إلا من ضوء يأتي من باب المندرة المفتوح من جهة البيت وكان الباب ليس محكم الغلق فتسلل صوت راشد إليها رغم أنه خافتا وهو يقول:"اسمعني كامل ،كما قلت لك ليس هناك حلا معها هي وأخوها إلا هذا"
تحفزت حواسها وخفق قلبها بعنف واحتقن وجهها الأبيض وهربت منه الدماء فاقتربت ببطء من الباب لتسمع كامل يرد على ابيه قائلا :"ليس إلى هذه الدرجة أبي "
ليقول راشد :"افهمني يا كامل أنت ستضع النقود التي قلت عليها في غرفة اسلام هذا وحين نبلغ الشرطة وتجد النقود بين ملابسه سيتم ضبطه متلبسا وقتها نكن نحن في موضع قوة ونشترط للتنازل عن المحضر والحبس التنازل عن حضانة عمار نهائيا شيء مقابل شيء مم تخاف؟"
اتسعت عيني نسرين ووضعت كلتا يديها على فمها تكتم شهقة تريد أن تشق سكون الليل ليكمل راشد :"أم تريد أن ننتظر حتى تضحك على أخيك وتتزوجه "
بدى التردد على وجه كامل فأردف راشد بنبرة قاطعة:"مساء الغد نفعلها لن نستطع اليوم فهو بالفعل في الغرفة غدا في النهار تفعلها وعلى نهاية اليوم نبلغ الشرطة اتفقنا ؟"
لم يستطع كامل الرد ،من داخله يرفض ما يريده أبوه ولكن لا يستطع مواجهته بحزم يعرف أن أبيه يرتكب مخالفات في عمله وهو يراها ولكنه يقول له أن هكذا يسير العمل أما هذه المرة فيشعر بالقلق
تراجعت نسرين المفزوعة بظهرها وعقلها يعمل بسرعة فسارت ببطء حتى صعدت إلى شقتها ، أغلقت باب الشقة بهدوء وقلبها يكاد يتوقف من شدة الخوف
سيساومها راشد أما ابنها وإما أخاها
فعن من تتخلى ؟
عن أخيها الذي هو في مقام ابنها أم عن قطعة منها لا تستطع فراقها
لم يكن الأمر بحاجة للتفكير
حسمت أمرها وهي تجري جهة غرفة نومها وأخذت هاتفها واتصلت بأخيها الذي كان نائما بالفعل فأردفت بخفوت ورعب:"اسلام اسمعني جيدا،قصت عليه ما سمعته فانتفض من فراشه مفزوعا فأردفت هي بانفعال:إن بتنا يوم واحد في هذا البيت فقل علينا السلام"
استقام واقفا وأردف بخوف:"ولكن من سيسمح لنا بالخروج بعمار؟"
قالت بسرعة :"اسمعني جيدا الجميع نام الان عدا راشد وكامل ،انتظرني عند منتصف الليل يكون الجميع قد نام ونخرج من الباب الجانبي الذي لا يستخدمه أحد فأنا اعرف مكان مفتاحه "
قال بتيه ووجه ممتقع:"إلى أين سنذهب؟"
قالت دون تفكير او تركيز:"إلى أي مكان ليس به أمثال راشد يا اسلام ،أي مكان أكن فيه معك ومع ابني"
وعند منتصف الليل بعد أن سكن البيت تماما كانت نسرين تتسحب وهي تحتضن ابنها بذراعيها بقوة وتدثره بشال صوفي ثقيل ،خرجت إلى الحديقة فوجدت اسلام كما اتفقا وحين رأها حاول أن يأخذ منها عمار ولكنها رفضت وأعطته دون كلام حقيبة صغيرة بها بعض الملابس لها وللصغير
بأجساد ترتعش خوفا وبردا غادرا البيت بحرص شديد على ألا يراهما أحد
وحين خرجا ليسيران في طرقات القرية التي يشتد الهواء بها وتكاد البرودة تجمدهما شعرت نسرين بأن حريتها وحياتها بجوار ابنها هي أغلى من كنوز الأرض
مسك اسلام يدها قائلا بصوت مهزوز:"تعالي لنمشي بين الزرع حتى لا يرانا أحد"
قالت بشفتين مرتعشتين :"هل بيننا وبين الطريق العمومي الكثير؟"
قال وهو لا يرى شيء في الظلام المحيط:"لا يقل عن نصف ساعة"
قالت بأسى:"أعاننا الله في هذا البرد"
ثم احتضنت الصغير بقوة وهي تسير بجوار أخيها يتجهون نحو المجهول فليس معهما مال إلا القليل ولا يعرفان إلى أين سيتجهان
وكأن الطبيعة قد تحالفت مع راشد ضدهما فقد بدأت الأمطار في الانهمار فوق رؤوسهم فبدأ اسلام في وضع يديه فوق رأسه أما نسرين فلم يكن يهمها سوى عمار وألا تطاله الأمطار وقتها وجدت دموعها تنهمر على وجنتيها وهي تشعر بالضياع فوجدت عقلها يوبخها قائلا:"لم تفعلين هذا بابنك أ يكون لديه بيت كهذا وعائلة أنتِ على ثقة بأنهم سيعاملونه أفضل معاملة وتربطين مصيره بمصيرك؟جده كان سيربيه ولكن لا يريدك كنتِ تركتيه حتى لا يذق ما ذقتيه"
ولكن قلبها انتفض بين ضلوعها محتجا يعلنها صريحة:"لن أستطيع الحياة في بعده"

نهاية الفصل


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-21, 08:17 PM   #1340

نهله صالح

? العضوٌ??? » 425707
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 166
?  نُقآطِيْ » نهله صالح is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضوووووووووووووووووور
جاري القراءة
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️


نهله صالح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:57 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.