آخر 10 مشاركات
أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          كوب العدالة (الكاتـب : اسفة - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قصر لا أنساه - مارغريت مايلز- عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          79 - قسوة وغفران - شريف شوقى (الكاتـب : MooNy87 - )           »          1 - من أجلك - نبيل فاروق (الكاتـب : حنا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4112Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-02-22, 03:41 AM   #1731

meryam

? العضوٌ??? » 54413
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 775
?  نُقآطِيْ » meryam is on a distinguished road
افتراضي


كم تبقى من الرواية للانتهاء منها ؟؟
انتظرها كاملة


meryam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-22, 12:08 PM   #1732

نهله صالح

? العضوٌ??? » 425707
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 166
?  نُقآطِيْ » نهله صالح is on a distinguished road
افتراضي

الفصل رائع يا هوبة
قلقت جدا ساعة اقتحام القسم
لكن الحمد لله لم يصاب معتصم
معتصم ومحمود مشاهدهم جميلة
اخيرا اكتمل مثلث عنان ومثلث معتصم
يسر ويحيي مبروووووووك
من اجمل المشاهد مشهد معتصم ويمنة
اخيرا ناداها امي
وسبحان الله نعمة ربنا هداها


نهله صالح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-02-22, 10:27 PM   #1733

لامار جودت

? العضوٌ??? » 290879
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,601
?  نُقآطِيْ » لامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond repute
افتراضي

مبهج وابدعتى فى كتابته كل حرف وكلمة تنطق بالسعادة يا الله عليكى والله حسيت بأجواء السعاده تحيط بى بمجرد قراءته ابدعت ابدعت بشدة

لامار جودت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-22, 05:28 PM   #1734

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

اول وحدة تسجل حضور 😊😊😊😊😊😊😊 متحمسة للفصل كتير يلا يا هوبة

ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-22, 07:38 PM   #1735

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

فى إنتظارك يا هبة يا مبدعة🌹

موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-22, 08:26 PM   #1736

زهرة ميونخ

? العضوٌ??? » 481327
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » زهرة ميونخ is on a distinguished road
افتراضي

مسا الخير علي احلي روايه واجمل أبطال.بانتظار الفصل

زهرة ميونخ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-22, 08:33 PM   #1737

halloula

? العضوٌ??? » 74478
?  التسِجيلٌ » Jan 2009
? مشَارَ?اتْي » 988
?  نُقآطِيْ » halloula is on a distinguished road
افتراضي

في الانتظار
يا هبه


halloula متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-22, 08:34 PM   #1738

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن والثلاثون

*******

لولا الحب ما صفت أنفس ولا استقامت بيوت
تململت يسر في فراشها بعد ليلة طويلة كان الشعور الطاغي عليها هو الارتياح وكأنها كانت تلهث طوال أيام طوال وأتى وقت الراحة،حتى ذهنها شعرت بصفوه وكأن الطمأنينة والسكينة لا يأتيان إلا بين جدران هذا البيت وكأن رائحة الأمان منبعها رائحة يحيى وقربه.

حين مدت يدها تتحسس مكانه ولم تجده تغضنت ملامحها وظنت لوهلة وهي ما بين النوم واليقظة انها لاتزال ببيت أبيها وحين فتحت عينيها تأكدت أنها بغرفة نومها فأسبلت جفنيها مرة أخرى في الوقت الذي خرج فيه من الحمام وهو يجفف رأسه بالمنشفة وحين رأها قد استفاقت تمتم وهو يجلس بجوارها:"صباح الخير"

أحاطت جذعه بذراعها واقتربت منه حتى التصقت وتمتمت وهي مغمضة العينين:"صباح النور"

قبل جبهتها وهو يتأمل هدوئها المناقض لحالتها الفترة الماضية وبداخله تساؤل طرح نفسه هل هذه حالة مؤقتة وَلَدَها البٌعد وما إن يستأنفان حياتهما وتتجدد مشكلتهما الأساسية حتى تعود ثانية إلى حالتها الغير مستقرة؟

وهو بعد معايشته لتجربته الأخيرة وتأثره بها يريد أن يحسم الأمر نهائيا فأردف بهدوء:"نحن حتى الآن لم نتحدث في شيء عن حياتنا القادمة يسر"

فرقت رموشها ورفعت وجهها نحوه قائلة:"ماذا تقصد؟"

قال مباشرة وهو ينظر في عمق عينيها:"يسر التجربة أثبتت لي أن موضوع الانجاب يأتي ثانيا أما أنتِ فأولا وأعتقد أنتِ أيضا هذا رأيك"

هزت رأسها بالايجاب وهي تمسد على ذراعه بحميمية فأكمل: هذا الأمر لا أريد أن نفتحه ثانية ولا أريد لأحد أن يفتحه معنا، ما رأيك لو نسافر معا الى البلد التي قلت لكِ أنني جائتني فرصة عمل بها؟"

انقبض قلبها تلقائيا فهي لم تعتاد فراق أهلها منذ نعومة أظافرها فأردفت ونظرة الطمأنينة بعينيها تتلون بظلال الخوف:"لا أعرف يحيى ،لا أتخيل نفسي وقد ابتعدت نهائيا"

انعقد حاجباه مفكرا ثم قال:"وما رأيك في العاصمة حيث أعمل الان نأخذ شقة ونعيش بها ونأتي زيارات كما يفعل عمي هارون؟"

قالت وقد هون الأمر عليها قليلا فالبقاء في العاصمة أفضل من ترك البلد بأكملها:"إن رأيت أن هذا سيكون أفضل فليس لدي مانع"

لامس خصلة سوداء ناعمة على جانب وجهها وشعور بالارتياح يغمره وهو يحاول تنظيم حياته التي تبعثرت في الفترة الماضية وقطع خلوتهما وحديثهما صوت رنين هاتفه وكانت أمه وحين رد أردفت نعمة:"صباح الخير يحيى ،جدتك تريد الجميع على الإفطار انزل أنت وزوجتك"
******

لولا الحب

ما افترقنا عن أحبابنا ولا اخترنا البعاد ولكن الحب هو من يجعل في غربتنا سكنا وفي البعاد واحة أمان مادامت مع من يهوى القلب.
حين فتحت وصال عينيها وهي بغرفتها ببيت أبيها كان ضوء الصباح يتسلل من بين الستائر وكان طارق لازال نائما فاعتدلت قليلا وأشرفت عليه من علو وابتسامة حلوة ترتسم فوق ثغرها المكتنز وهي تلاحظ ارتفاع صدره وانخفاضه فتشمله بنظرة معجبة لازمتها منذ أن رأته أول مرة ولا تزال ،لا تنكر أنها حين جائت بالأمس لفت نظرها شيء هام وهو أن ارتباط بنات وشباب العائلة به ميزة... جميعهم لا يشعرون بالغربة عن المكان...البيت بيتهم جميعا يتصرفون بانطلاق وتلقائية عكس طارق الذي لايزال يخجل وتعرف أن معه حق حتى البيات تحرج جدا منه لولا إلحاح يونس عليه ولكنها راضية تمام الرضا عن قرارها وتمسكها به

فتح عينيه ليراها تشرف عليه هكذا فرفع حاجبا واحدا قائلا بصوت يغلبه النعاس:"أ أنا مراقب؟"

ضحكت ضحكة عالية نسبيا قائلة:"نعم مراقب"

فجذبها نحوه وضمها إليه ضمة حانية ثم أردف:"أنا سأغادر لأن لدي عمل إن أردتي البقاء فابقي"

رفعت وجهها قليلا قائلة وقد شعرت بالأمس بالحنين للبنات وأجواء البيت:"الا يمكن أن تذهب إلى العمل وتعود إلى هنا؟"

مط شفتيه ثم أردف بحرج:"نحن منذ الأمس هنا سأتحرج أن آتي ثانية،كما قلت لكِ ابقي أنتِ"

"لا مادمت لن تأتي فسأذهب معك" قالتها دون تفكير

حك طرف أنفه بطرف أنفها قائلا بنبرة خاصة:"كنت أريد أن أقولها ولكن لم أرضى أن أمنعك حتى لا تحزني"

عادت إلى الاتكاء على صدره ثانية قائلة بنظرة تواقة:"أنا حزني في بعادي عنك ولم أشبع منك بعد"

شدد من ضمها إليه مٌقبلا وجنتها قائلا:"أنا فقط يضايقني أنكِ تبقين بالبيت طوال اليوم بمفردك"

فقالت ببساطة:"أنا متعتي في البقاء بالبيت والاهتمام بشئونه،اعتدلت ثانية حتى تلاقت العيون قائلة بانطلاق :هل تعرف حين كنا صغارا كانت ماما غالية تجمعنا جميعا وتسأل كل بنت منا ماذا تريد أن تعمل حين تكبر مودة تقول طبيبة وعنان تقول مرشدة سياحية ومريم تقول موظفة في مصرف أما أنا الوحيدة التي كنت أقول لها أريد أن أتزوج وأجلس بالبيت"

قهقه ضاحكا وشاركته الضحكة ثم غمغم :"هذا من حسن حظي"

قالت له وقد تذكرت :"حسنا هيا بنا حتى نتناول الافطار معهم قبل أن نرحل فماما غالية دعت الجميع للإفطار معها"

"حسنا هيا"
*******

لولا الحب ما حيت الروح بعد موتها ولا لمعت العيون بعد الانطفاء
حين فتحت عنان عينيها ونظرت حولها ولم تجد معتصم بالجوار أصابها الجزع وهي تتذكر الكابوس البشع الذي رأته حين نامت منذ عدة ساعات ولكنه كان بجوارها وهدأ روعها إلى أن عادت إلى النوم بين ذراعيه فاعتدلت وهي تلتقط ثوبها وارتدته على عجل ونادت بصوتِ عالٍ وهي تهم بالخروج خارج الغرفة:"معتصم"

كان قد فاق قبلها من النوم ودلف إلى الحمام يحلق ذقنه ويأخذ حمامه وللتو انتهى وحين سمع ندائها فتح باب الحمام وحين رأته أخذت نفسا عميقا وأقبلت عليه فطوقت بذراعيها جذعه واستندت على صدره فتذكر طاقة الحب التي غمرته بها بالأمس فيشعر بالرضا بعد السخط والهداية بعد التيه فتمتم وهو يحيطها بذراعيه:"هل رأيتِ كابوسا اخر؟"

"لا"

فأردف بهدوء :"حسنا هيا بنا هناك تجمع عائلي بالأسفل على الإفطار"

دقائق ارتدى فيها ملابسه وصلى صلاة الصبح كانت هي الأخرى قد تجهزت لينزلا معا يدها بيده
******

لولا الحب ما عاد الطير إلى عشه بعد أن حلق بعيدا
"كفى مريم لم يعد في معدتك شيء أخر"

اعتدلت مريم بعد أن تقيأت كل ما في معدتها وهي تشعر بالانهاك فاستندت برأسها على صدر يوسف الذي يقف خلفها مباشرة وقد شعر بالتعاطف معها وهي بحالتها هذه فأخذ يدلك بطنها برفق بأنامله قائلا:"لابد أن نذهب الى الطبيبة مرة أخرى ربما تكتب لكِ شيء يهديء حالتكِ هذه"

أغمضت عينيها بتعب وهي تستدير وتستند بجبهتها على صدره قليلا وتمتمت بخفوت:"نذهب بإذن الله"

قبل رأسها متمتما :"هيا بنا الجميع نزلوا"

فقالت بوجه متغضن:"لا أطيق أن أشم رائحة طعام يوسف وبالتأكيد المائدة عامرة"

فربت على ظهرها قائلا باهتمام:"لابد أن تأكلي أي شيء،كلي ما تشتهيه نفسك فقط"

فأردفت على مضض:"حسنا"

ثم غادرا الحمام سويا متجهان إلى الأسفل
******

كم مضى من العمر؟ الكثير

وكم تبقى منه؟ القليل

هل ما خسرناه واردا استرجاعه؟ لا قُضي الأمر

هل القليل القادم نستطع فيه تعويض ما فاتنا؟ لم لا ؟
بالعقل كان يسأل نفسه السؤال ويرد على نفسه بالمنطق بعد أن استيقظ باكرا مع صالح صليا معا الفجر وعادا وبعدها خلد صالح للنوم مرة أخرى فخرج محمود إلى المندرة وجلس على إحدى الأرائك يتابع رحلة شروق الشمس في أرضه التي ولد فيها وعاش فيها نصف عمره ،المدفون في أرضها والديه وعمه وأجداده

ظهور معتصم في حياته جعله يعيد حساباته... أتى في رحلة على أمل العودة إلى وطنه الثاني ولكن كيف سيترك خلفه معتصم بعد أن وجده؟

الساعات الماضية والتوتر الذي عاشه قلقا عليه أثبتت له بما لا يدع مجالا للشك أن عاطفة الأبوة لديه حية لم تٓمُت وأثبتت له أنه يريد أن يقضي ما تبقى له من عمر مع ولده ولكن كيف؟

وحياته التي أسسها هناك ؟الشيخ شعيب ونوارة وعثمان؟

قطع حبل أفكاره خروج صالح من غرفة الضيوف المُلحقة بالمندرة قائلا بابتسامة ملأت وجهه:"هيا يا رجل يا طيب حتى نتناول الافطار مع الجميع"

فابتسم محمود ابتسامة عذبة وتمتم :"هيا يا أصلح أبناء الحاج عمران"
*******
وعلى المائدة العامرة ببيت عمران جلست غالية على رأس المائدة وحولها أبنائها الأربعة ومعهم محمود وكل أحفادها الذكور بينما كانت زوجات أبنائها وجميع البنات في الجهة الأخرى على مائدة موازية في مشهد يشرح قلب غالية ويسعدها للغاية

"ماذا ستفعل يا شيخ محمود هل ستعود للبقاء هنا أم سترحل ثانية؟"

باغت هارون محمود بسؤاله فتوقف معتصم عن مضغ طعامه ورفع عينيه إلى والده وبادله الاخير النظرة يستشف دواخل معتصم ثم أردف أخيراً:"صدقني يا دكتور هارون لم أرتب أي شيء في حياتي القادمة بعد أنا لازلت أشعر أنني في حلم"

فأردف يونس بنظرة تعني الكثير:"ابقى هنا يا محمود وارمي خلف ظهرك ما مر من العمر وانظر إلى القادم "

نظر محمود إلى معتصم الذي يلتزم الصمت وأردف:"فليقدم الله ما فيه الخير"

.........

بعد أن تناول الجميع الافطار خرج محمود مع معتصم يسيران معا ويتحدثان في هدوء وأخذ طارق وصال وغادرا البيت

وفي ركن منزوي جلست غالية مع صالح وزوجته وحاتم الذي طلب منها الجلوس على انفراد وأردف بشكل مباشر:"أنا أريد الزواج ماما وأريد مباركتك"

كانت غالية قد عرفت من صالح قصة حاتم مع زهراء وقبل أن تفتح شفتيها للنطق تمتمت ليلة بوجه متغضن:"لم تقل لها أن من وقع عليها اختيارك مطلقة ومعها طفلة"

بدى التحفز على ملامح حاتم وأردف بجدية مخاطبا جدته:"هي فتاة جميلة ومحترمة ومن بيت طيب لم توفق في زيجتها الأولى التي لم تستمر سوى أشهر قليلة ومعها طفلة صغيرة بالتأكيد لا ذنب لها في أي شيء"

كان صالح قد أخبرها بكل تفاصيل زهراء وامرأة في سنها ومكانتها ليس لها في العمر إلا القليل خشت أن تظلم انسانة لم تراها وتبادر بالرفض لمجرد الرفض فأردفت بروية:"إذا حكمت من مكاني هذا يا حاتم فلن أوافق عليها فلابد أن أراها أولا ثم أحكم"

اتسعت عيني ليلة عن آخرهما وأخذت تبرطم دون أن يفهم أحد منها شيء:"تماما كصالح أو صالح الذي مثلك تريدون أن تروا ثم تحكموا"

"ماذا تقولين يا ليلة؟" سألتها غالية

فأردفت بوجه مكفهر:"أقول إن الكتاب يظهر من عنوانه"

لم يرد عليها حاتم وأردف وهو يولي كل اهتمامه لغالية:"إذن ستأتين معنا حين نذهب إليهم حتى تقولين رأيك بها؟"

قالت بعزم :"نعم سآتي ولن أسمح أن تدخل العائلة أي فتاة غير مناسبة ولأرى من هذه التي جعلتك ترفض بنات عمك كلهن ورضيت بها"

قال حاتم بصوت متوتر:"باذن الله ترينها وتعرفين أن لدي حق"

ومن داخله يشعر بالقلق كأنه يستعد لدخول امتحان

.........

بدأ المتواجدون في الانصراف كل إلى ما يخصه وحين استعدت مودة للذهاب إلى الجامعة كان عمرو هو الآخر قد تهيأ للخروج رغم أن موعد العيادة أمامه عدة ساعات فاقترب من عمه يونس الذي كان يجلس في بهو البيت ينتظر اجتماع أمه به وبإخوته وأردف بأدب:"عمي هل أستطيع أن آخذ مودة إلى الجامعة في طريقي؟"

رفع يونس عينيه إليه وتفاجئت مودة بطلبه فأردف يونس:"ولكن السائق سيصل بعد قليل ويوصلها"

فأردف عمرو مدعيا الجدية:"أنا أرى أن العم زهير كبر في السن وأصبح تركيزه قليل ويبدو عليه الإرهاق وعدم التركيز وأنا في كل الأحوال هذا طريقي فلم لا أوصلها أفضل"

لم يخفى على يونس رغبة عمرو ويعرف أنه يخاف عليها وهو يثق بابنته إلى جانب أنه يريد أن يحدث كل شيء بعلمه لأنه بسهولة يمكن أن يحدث دون علمه فأردف وهو يحول نظره ما بين عمرو الذي يدعي الجدية ومودة الغارقة في خجلها:"وصلها في طريقك يا عمرو ليس هناك مشكلة ،بالطبع ستكون في أمان أكثر معك"

أخفضت مودة بصرها خجلا وتمتمت بخفوت:"سأجهز نفسي سريعا وأعود"

وحين تحركت كان يحيى ويسر كلاهما ينتظران هدوء الأجواء للتحدث مع غالية ووالديهما فأردف يحيى لأبوه وأمه:"أريدكما في أمر هام"

وفي نفس الوقت قالت يسر لوالديها نفس الجملة وفي دقائق معدودة كانت غالية تجلس في منتصف البيت على أريكتها تفتح النافذة خلفها فتدخل شمس فبراير الدافئة فتغمر البيت وحولها أبنائها جميعا، بدأ يحيى الحديث قائلا بشكل مباشر:"أنا ويسر سننتقل إلى العاصمة لنعيش هناك"

بدت الدهشة على وجوه الجميع وأول من تدارك الأمر كانت نعمة التي أردفت مستنكرة:"لماذا؟"

أغمضت يسر عينيها لثانية وهي تتعجب من سؤال نعمة ولاحظها يحيى الذي يجاورها وأردف وقد اتفق معها أن تترك له مهمة الحديث مع العائلة:"لانه الأنسب أمي ،أنا ويسر تجربتنا الأخيرة علمتنا الكثير ولكي نتجنب أي مشاكل قادمة لابد أن نبتعد"

قال زكريا باستنكار وبعينين بدى بهما الاضطراب:"أنت تبتعد في العاصمة وأخوك يبتعد في المحافظة وأبقى أنا بمفردي كمن لم ينجب! كل منكما فكر في نفسه ولم يفكر في أبيه؟"

تدخلت غالية قائلة :"أبوك لديه حق يحيى"

وأردفت ليلة:"على الأقل إن أردتما ترك بيت العائلة تقيمان بالمحافظة لا بالعاصمة"

رفعت نعمة حاجبا مستنكرا مردفة:"لتكون ابنتك بجوارك"

فقالت ليلة:"أخف الضررين يا نعمة فكري بها بالعقل وأعتقد أنكِ السبب الرئيسي فيما آلت إليه الأمور"

قبل أن ترد نعمة وتتحول إلى مبارزة بالكلمات رفع صالح صوته قائلا:"هما لن يجلسان بالبيت بناءا على رغبتك يا أم يحيى ولا بالمحافظة بناءا على رغبتك يا ليلة هما لهما ما يريدان وما يكفل لهما حياة هانئة بعيدا عن أي توتر"

فأردف يحيى بجدية:"والحياة الهانئة البعيدة عن أي توتر ستكون بالعاصمة"

هنا انهارت حصون نعمة وهي ترى حرثها تذروه الرياح أمام عينيها فأردفت بعينين تلمع بهما الدموع :" لديكم حق أنا ضغطت عليكما طوال الفترة الماضية ولكن يعلم الله من حبي فيك يحيى ولهفتي على أن يكون لي حفيد ولكن صدقني لن أفتح فمي بالحديث في هذا الأمر ثانية ،ثم التفتت إلى عمرو ولازالت دموعها تهدد بالانفجار قائلة: عمرو بإذن الله يتزوج قريبا ويحقق لي حلمي وانتما سأدعو الله في سري أن يراضيكما"

رفع عمرو حاجبا مستنكرا وهو يغمغم دون صوت:"أهلا ...سأتسلم الراية بدلا من يحيى ماذا لو علمت أننا سنؤجل الانجاب حتى تنتهي مودة من الدراسة؟"

كلمات نعمة أثارت عاطفة يحيى فأردف بعد زفرة حارة:"لا تقولي هذا الكلام أمي بالله عليكِ ولا تصعبي الأمور"

نزلت مودة ونظرت حولها إلى الاجتماع والأجواء المتوترة فانسحب عمرو من الجلسة بهدوء وأشار لها لتتبعه للخارج فخرجت خلفه

أما في المجلس فأردف زكريا وهو يشعر بضيق الصدر موجها عينيه وكلامه إلى يحيى:"أنا انجبتكما في صغري وادخرتكما لكبري وفي النهاية تتركوني جميعا!"

شعر يحيى بضغط والديه يقيده ولكنه كان يريد أن يضع حدا للأمر فقال بهدوء:"أبي أنا سأكون بجوارك وقت أن تحتاجني ثم أشار إلى هارون الذي يلتزم الصمت :تماما كعمي هارون هو معنا دائما لا يتأخر عن أي مناسبة"

فقال زكريا بصوتِ شعر يحيى باهتزازه :"عمك هارون طبيعة عمله تحتم ذلك أما أنت فعملك هنا بجواري في أرضك وأرض جدك لمَ تتغرب وتعمل عند الغريب؟"

قال يحيى مندفعا:"لأن الحياة هنا أصبحت صعبة ولأن هناك شبهة حرام في عملي ثم نظر إلى غالية قائلا:أليس هذا هو الموضوع الذي كنتِ ستجمعينا من أجله؟ ونظر إلى صالح قائلا:وأنت عمي ألست ترى أن تقسيم كل شيء أفضل بعد ما حدث من خلاف بينكم جميعا؟"

رفعت غالية صوتها قائلة:"لن تُقسم أملاك وأنا حية، حين أموت افعلوا ما شئتم ثم نظرت إلى زكريا قائلة بنبرة صارمة:أنت أخطأت في حق اخوتك وتحججت بأمور كثيرة فهل لازالت لديك نية لفعل نفس الفعلة ثانية؟"

قال زكريا وقد شعر بالخجل من نفسه:"أنا كنت أرى أنه حقي"

فصاح صالح مستنكرا:"أي حق هذا؟"

قاطعته غالية قائلة بصرامة:"ستفعلها ثانية زكريا؟"

فأردف وهو يخفض عينيه:"لا"

فنظرت إلى كل من صالح ويونس وهارون قائلة:"وانتم تسامحون أخيكم في كل ما أخذه دون علمكم؟"

قال هارون:"انا أسامح"

وقال يونس:"وانا ايضا"

ثم أردف صالح أخيرا:"أسامح أمي فيما فات ولكني لن أسامح إن تكرر الأمر ثانية"

فأردفت بصرامة وهي تنظر إلى زكريا:"لن يتكرر لأنه عرف أنه ليس له حق وأن كل منكم أخذ حقه كاملا ولكن بصورة مختلفة فأومأ زكريا بعينيه فأردفت وهي تنظر إلى يحيى:إخوة وتصافوا مع بعضهم ويسامحون بعضهم ما دخلك أنت ولمَ ترحل بسبب هذا الأمر؟"

هم بالرد ولكن زكريا أردف بنظرة واهنه ونبرة مترجية ولأول مرة تهتز صورته ويبدو ضعفه أمام ابناؤه:"ابقى يحيى ولا ترحل فأنت ذراعي اليمين وعكازي الذي أستند عليه وأعدك ألا يحدث ثانية ما يسؤك ثم نظر إلى نعمة التي تجاوره قائلا بصوته المهزوز:وأنتِ لا تتحدثين في أمر الانجاب هذا ثانية"

أومأت برأسها وخوفها من رحيل ابنها وعدم عودته يسيطران عليها واستقامت واقتربت من يسر ومدت يدها لها فاستقامت يسر احتراما لها ومدت يدها لها وهي مندهشة فأردفت نعمة بعينين لامعتين بالدموع :"أعتذر لكِ يا ابنتي عن أي شيء بدر مني وأعدك لن أفتح هذا الموضوع ثانية ولكن لا ترحلا"

قالتها وجذبت يسر واحتضنتها ولأول مرة تشعر يسر أن نعمة بشر من لحم ودم وهي تضمها وصدرها يعلو ويهبط انفعالا فتسمع أنفاسها المضطربة فربتت يسر على كتفيها ونزاع يدور بداخلها ا تستجيب لرغبة الجميع وتبقى أم تطاوع يحيى وترحل؟
******
حين خرجت السيارة على الطريق العمومي فتح عمرو نافذته ونافذتها فتسلل الهواء المنعش للداخل فأردفت مودة بدلال وهي تنظر إليه:"أريد أن أعرف من الذي قال إن العم زهير أصبح قليل التركيز في عمله؟"

قال بابتسامة شقية ملأت وجهه كله:"انا "

رفعت حاجبيها وتمتمت بصوت رخيم :"ولكن لا تظن لأن أبي وافق اليوم سيوافق كل يوم"

فأردف بابتسامة حلوة:"باذن الله نعقد القران قريبا ونتزوج في اجازتك"

تضرج وجهها بالحمرة وهي تشعر بأن أيامها القادمة معه سيكون لها نكهة مميزة بمشاعره المتدفقة هذه وخفة ظله وتفهمه وحبه لها

كان يُسرع في القيادة على غير عادته فأردفت :"لماذا تٌسرع مازال أمامي ساعة كاملة على أول محاضرة"

"أريد أن نجلس سويا لنصف ساعة فقط نشرب مشروبا في أي مكان لذلك اختصر الوقت حتى أسرقك لدقائق"

ظلت تحدق فيه بنظرة مسحورة وقد شعرت بالفعل أنه سرق قلبها للابد
******
في أبعد مكان بالبيت في الحديقة الخلفية كانت مريم وعنان وهاجر ويسر يجلسن بأريحية على العشب الأخضر وزياد وجنة يلعبان حولهما بعد أن انسحبن من جلسة الكبار تباعا، قالت عنان ضاحكة:"صراحة لابد أن نرفع القبعة لعمتي نعمة لقد تم تثبيتك ولم تستطيعي نطق حرف واحد بعد ما فعلته"

فأردفت يسر:"هي في النهاية أم وأنا لا يهون عليّ أن تُحرم من وجود يحيى معها خاصة وانا أعرف أن بُعدنا هو حل فقط من وجهة نظر يحيى لكنه ليس رغبة ملحة"

قالت مريم وهي تربت على كف يسر:"خيرا فعلتي حبيبتي كنتِ بمنتهى الحكمة وأنتِ تطلبين من يحيى البقاء"

كانت هاجر تجلس معهن شاردة فأردفت عنان وهي تدقق النظر في وجهها:"ماذا بكِ هاجر؟"

التفتت إليها هاجر قائلة بوجه شاحب قليلاً:"ماذا بي؟"

فقالت عنان بشك:"أشعر أن بكِ شيء"

فأردفت كاذبة:"انا بخير"

ولكنها لم تكن بخير ،كانت لها فترة مأخوذة بمشاعر جديدة عليها ،مشاعر ظنت انها لن تشعر بها ولكنها داهمتها وسكن قلبها اهتماما تجاه أحمد ابن عمها هارون

فقالت مريم وقد لاحظت تبادلها وتغير لونها :"إذا كان هناك شيء هاجر قولي لي"

فاستقامت وقد شعرت بهن يحاصرنها وأردفت بتلعثم:"نسيت هاتفي بالاعلى سأذهب لأحضره"

وكأن القلوب تتخاطر فما إن خرجت إلى ساحة البيت الخارجية حتى وجدت أحمد يقف أمام باب المندرة فأخفضت وجهها على استحياء أما هو فاقترب منها بجرأة وقد أخذ قراره ليفاتحها وأردف:"ماذا بكِ هاجر يبدو عليكِ الإجهاد"

فقالت وهي تنظر إلى كل انش في وجهه على استحياء :"أنا بخير"

فقال وهو يشير إلى المنضدة الجانبية:"هلا جلسنا قليلا أريد أن احدثك في أمر هام"

قالت بحيرة:"اي أمر؟"

فأشار إلى المقعد فجلست وجلس بجوارها قائلا وهو يدخل في صلب الموضوع:"هاجر هل أنتِ مرتبطة بأي شخص؟"

اتسعت حدقتاها وظهر بهما الإضطراب وأسرعت بالقول:"لا طبعا من قال هذا؟"

قال بسرعة وقد تعجب من تغير لون وجهها هكذا وانزعاجها:"لا لم يقل أحد شيء أنا فقط أسأل"

ظل الارتباك يلازمها وراق له عفويتها وهي تبدو أمامه فتاة دون أي خبرة في الحياة ثم أردف أخيرا وهو يدقق النظر فيها يتابع رد فعلها:"أنا كنت أريد أن أطلب يدك للزواج وكنت آخذ رأيك قبل أن أجعل أبي يتحدث مع عمي"

اتسعت عيناها دهشة وفغرت شفتيها تلقائيا وارتفعت دقات قلبها للضعف وأخذت تسعل بشدة فاقترب قائلا بقلق:"ماذا بكِ هاجر؟"

حاولت أن تجلي صوتها فخرج مختنقا وهي تقول :"لا شيء"

وبخت نفسها على تلعثمها هذا وظهورها بهذا المظهر الرث فأردف هو مبتسما:"انا فقط أريد أن أسمع ردا إما بالقبول أو الرفض وبناءا عليه سأتصرف أنا أعرف أنكِ خجولة ولا أريد الضغط عليكِ ولكن لابد أن أعرف رأيك قبل أن أتقدم حتى لا أحرج نفسي هل تفهميني؟"

شعرت بالارتباك وبسيل من مشاعر مختلطة متضاربة تداهمها، ترى الرجل الذي دق قلبها له يطلبها للزواج وفي نفس الوقت لا تعرف هل هي لديها القدرة الفعلية على هذه الخطوة أم لا ،مشاعرها نفسها كأنثى ليست واضحة المعالم تجاه الجنس الآخر

وتجاه العلاقة التي يمكن أن تقام بينها وبين رجل ولكنها مع أحمد تشعر بالألفة والارتياح بالميل وقليل من الحميمية رغم أنها لا تتخيل شكل هذه الحميمية

طال صمتها وارتباكها وارتجاف أناملها فأردف هو حتى لا يضعها تحت ضغط وقد توقع أن لحادثها القديم الذي قصت عليه أمه تفاصيله صلة بحالتها هذه:"هاجر أنا سألت سؤالا أريد الإجابة عليه هل أجعل ابي يحدث عمي زكريا؟"

شعرت أنها تريد أن تتحدث مع الدكتورة روحية تحكي لها ما حدث وتسألها عن طبيعة مشاعرها التي تشعر بها ولكنها لم تستطع أن تتجاهل سؤاله شيء بداخلها أمرها أن توميء له برأسها بخجل شديد قبل أن تتركه وتٌسرِع إلى الاعلى وتحدث الدكتورة روحية تفرغ معها شحنة من الانفعالات لتفهم وضعها بالضبط

أما هو فابتسم وهو يلاحظ كل رد فعل لها ويروق له وهو الذي يعشق في الأنثى خجلها وحياءها وكان يفتقد هذه الصفات في معظم من تعامل معهن من الاناث

دلف خلفها وكانت جدته وأعمامه لا يزالوا يجلسون معا وأمه وزوجات أعمامه معهم فاقترب من والده قائلا وهو يميل نحوه :"ابي أريدك بالداخل قليلا"

واقترب من أمه قائلا لها المثل

..........

بعد دقائق في غرفة هارون

قالت ايمان بجدية:"أحمد أنا أرى أنك لازلت صغيرا لمَ تتسرع في هذا الأمر كما أنني أرى أن امامك فرصا افضل للارتباط بفتاة تناسبك في المستوى العلمي والعملي"

مط شفتيه قائلا بجدية وهدوء:"لست صغيرا أمي أنا على أعتاب بداية حياتي العملية ولدي رغبة في الزواج فلم لا؟"

قالت مستفهمة :"ولماذا تتسرع بٌني؟"

قال هارون بنظرة خاصة:"يقول لكِ يريد أن يتزوج هو أدرى بنفسه"

فأردف احمد:"وبالنسبة للمستوى العلمي هو مبدأيا لا يهمني ولكن هاجر تريد أن تكمل تعليمها فبامكاننا أن نتزوج وأبدأ انا حياتي العملية وتدرس هي مالمانع؟"

قالت موضحة:"أنا أعترض على زواج الاقارب وما له من آثار وحالة يسر ويحيى خير مثال "

قال ببساطة:"نقوم أولا بعمل تحاليل ما قبل الزواج"

قال هارون مستفهما وهو يعرف أن كل ما تقوله مجرد حجج:"لماذا تعترضين على البنت؟"

قالت بصراحة:"ابوها وامها أجد صعوبة في التعامل معهما"

قال أحمد مدافعا:"وما دخلي بهما أمي البنت فعلا ايه في الجمال والرقة والأدب انا تحدثت معها كثيرا"

وقال هارون:"زكريا وزوجته ليسا سيئان هما فقط لهما طريقة أخرى في التعامل وإن تم الأمر فالبنت ستكون معنا فأي اختلاط سيحدث بينكم ؟"

فقالت بحاجب مرفوع:"أنت إذن توافق؟"

"ولم أعترض؟"

قال أحمد بسرعة:"حسنا أبي أريدك أن تحدث عمي زكريا وخير البر عاجله"

فصمتت ايمان فهي لن تجبره على شيء ولن تقف في طريقه مادام اختار ولكن كان عليها النصح ليس أكثر
*******
بعد أن سار معتصم ومحمود في البلدة لبعض الوقت كلاهما يشعر بالسكينة وهما يتبادلان أطراف الحديث وصلا إلى بيت محمود القديم فأردف محمود وهو حقا لا يعرف ماذا سيفعل:"أعتقد أن أفضل شيء هو إعادة ترتيب البيت وفرشه حتى لا أنزل ضيفا على أحد"

أيده معتصم قائلا:"أنت طبعا تنير أي مكان تتواجد به ولكني لاحظت انك شديد الحرج فالأفضل فعلا أن نبدأ بترتيب البيت"

فأردف محمود وهو ينظر حوله:"البيت يحتاج فترة ليصبح بيتا جيدا أريد أن أسلمه إلى متخصص وأتفق معه على كل شيء ولكني مضطر للعودة إلى نوارة حتى نتحدث عن شكل الحياة القادمة بعد حدوث هذا التغيير بها"

ساور معتصم القلق فأردف مداريا مشاعره:"حقك طبعا ونظر حوله قليلا ثم أردف بنبرة حاول ألا يبدو بها توتره:هل تعرف أنني أريد منذ فترة السفر وعمل عمرة أنا وعنان ما رأيك أن أسافر معك أوصلك وأعرف مكانك وبعدها نعتمر ونعود انا وهي وأنت اقضي وقتك كما تحب وقرر شكل الحياة التي تريدها"

وكأنه كتابا مفتوح أمام أبيه فقرأه محمود ،قرأ قلقه وتوتره وانفعاله، قرأ نبرة الشك والخوف فأردف بعينين متأثرتين:"حتى إذا غبت مرة أخرى تعرف لي طريقا مضبوط؟"

رفع معتصم عينيه للسماء قليلا ثم تمتم بخفوت:"مضبوط"

فربت على كتفه قائلا بنظرة حانية ونبرة دافئة:"تعال معي ... ثم أردف مبتسما:لأنني لازالت حتى الآن أخاف من وسائل المواصلات فأعتقد بوجودك جواري سأكون أفضل"

ابتسم معتصم لأبيه ورن هاتفه في نفس اللحظه وقد استعاد خطه واشترى له يوسف هاتف آخر عوضا عن المفقود وحين رد سمع صوت عبدالملك الرحماني قائلا بقلق:"معتصم يا ولدي أخيرا وصلت إليك"

أردف معتصم :"اهلا بك عمي"

فقال عبدالملك:"عرفنا بالحادث وكنا نريد الاطمئنان عليك وهاتفك كان مغلقا فقلقنا أكثر"

قال معتصم:"الحمد لله أنا بخير ولكن هاتفي كان مفقود وللتو اشتريت اخر"

فقال عبد الملك بقلق حقيقي:"احكي لي ماذا حدث بالضبط وكيف هي حالتك؟"

فأردف معتصم وهو ينظر إلى والده بسعادة ويفتح سماعة الهاتف الخارجية:"انا أريد أن أحكي لك عن شيء أهم هل تعرف من موجود معي الان؟"

ضيق عبد الملك ما بين حاجبيه ولاحظه نزار الذي يجلس أمامه بالمكتب في الشركة وتمتم بحيرة:"من يا معتصم ؟"

فقال معتصم بابتسامة واسعة:"تمنى أمنية ،تمنى شخص تريد أن تراه وسيسعدك وجوده حتى لو كان مستحيلا"

تسارعت أنفاس عبد الملك ورمى الكلمة وهو يدرك انها حقا مستحيلة:"والله بٌني لا اتمنى سوى رؤية أبيك ولكن "

أعطى معتصم الهاتف لوالده فأردف محمود والحنين يغلبه ما إن سمع صوت عبدالملك:"ولكن ماذا يا ابن العم؟ لا شيء مستحيل قال ربك هو عليّ هين"

فاتسعت عيني عبدالملك عن آخرهما وهو يسمع نبرة الصوت التي لم يسمعها منذ زمن ولم تخطأها أذنيه
*******
منذ أن عرف أن محمود الرحماني قد عاد وهو يلتزم الصمت ولم يُعلق ،لا تعرف هل لأن الأمر لا يهمه أم لأنه يضايقه أم لأنه بحالته هذه في غنى عن أخبار الجميع بعد أن خانته صحته وأصبح طريح الفراش

بعد أن انتهت يمنة من اطعام راشد أردفت للممرضة:"انا انتهيت ،اعطيه دواءه وإن نام بعدها قليلا اخرجي اجلسي في الخارج كما تحبين"

قالت الفتاة:"حسنا "وهمت بعملها

فخرجت يمنة وكان أبناءها الثلاثة يجلسون على طاولة السفرة يتناقشون في أمور العمل الذي أصبح على عاتقهم جميعا بعد مرض راشد فجلست على رأس الطاولة فأردف تمام بملامح جادة وقد عزت الضحكة على الارتسام على محياه :"كيف حال أبي؟"

قالت بتنهيدة:"كما هو"

فقال كامل:"جلسات العلاج الطبيعي تأثيرها بطيء للغاية أنا أفكر أن نغير الطبيب"

قال مالك وهو يضع كسرة خبز في فمه :"نسأل عمرو إن كان يعرف طبيبا أخر"

فأردف تمام بوجه متغضن:" الطبيب من البداية قال لي أن التحسن سيكون بطيء لأن السقطة كانت كبيرة"

قالت يمنة وهي تضع قبضتها على وجنتها :"لله الأمر من قبل ومن بعد"

أنهى كامل طعامه واستقام قائلا :"سأذهب انا إلى الأرض وانت تمام حين تنتهي تعال لنرى ماذا سنفعل مع التجار"

فاستقام مالك هو الآخر قائلا:"خذني في طريقك"

وحين خلى البيت على يمنة وتمام أردفت وهي تربت على كفه :"هل ستظل هكذا تمام أحزن يا ولدي حين أراك هكذا"

فأردف بحاجبين معقودين:"ماذا بي؟ انا بخير"

فقالت بنبرة مهمومة :"وهل لا أعرفك انا؟ ثم غمغمت بحيرة:لا اعرف كيف اثر فيك رحيل نسرين هكذا؟"

"ولن تعرفي امي" قالها بنبرة يائسة

عقدت حاجبيها قائلة:"لماذا تمام لن أعرف؟"

"لانكِ ببساطة لا تحبينها فلن تجدي بها حسنة وحيدة ولكن إن فكرتي ستجدين انها ظٌلمت منذ دخولها العائلة بداية بأبي ورماح رحمه الله اللذان اوقعا بها كفريسة لهدف دنيء وهو أن يأخذا منها ابنها وحين أتت تلتمس الأمان لها ولابنها خطط أيضا لانتزاع ابنها منها وكأنها ليست انسانه ولها حقوق كأنها ليست ام مرتبطة بابنها وابنها مرتبط بها بل ونوى أيضا أن يلفق لأخيها تهمة"

تمتمت قائلة:"ما حدث لها ليس لي ولا لك ذنب فيه ورماح رحمه الله في دار الحق فليسامحه الله وابوك يكفيه ما فيه"

قال بقلة حيلة وعينيه تنضحان بالعجز والألم:" والحل الان أمي ماذا افعل وانا عاجز عن فعل شيء لهما؟"

همست بحيرة ودهشة:"متى أحببتها هكذا تمام؟"

اغمض عينيه لثانية أخذ نفسا طويلا ثم أردف بصوت مختنق وهو يستقيم ليلحق باخوته وقد أصبح هو كبيرهم فعليا ولا يفعلون شيء دون موافقته:"دعكِ من متى أحببتها وادعي الله أن نعثر عليهما ولا نظل سنوات هكذا نخسر فيها الولد الذي من لحمنا ودمنا ويعاني الحرمان الذي عانته أمه على حياة عيننا صدقيني أمي إن مر العمر وعمار بعيد عن أعيننا محروم من خيرنا لن تهنأ لي حياة أبدا "

قالها وانصرف يحمل هموم الدنيا فوق كتفيه وحزن وغضب في عينيه وثقل في روحه أما هي فسلمت أخيرا أن ابنها لن يهدأ له بال ولن تهنأ له حياة الا بعد أن يجد ابن رماح
*******
مساءا ببيت زكريا

"ونترك البنت تبتعد عنا يا زكريا ؟"

"وماذا بها هل ستجلس بجوارك العمر كله ؟"

"مريم بعيدة كنت أتمنى أن تكون هاجر بالجوار"

كان الحوار يأخذ شكل الشد والجذب ما بين نعمة وزكريا بعد أن طلب هارون البنت

فقال عمرو الذي يجلس بجوار أمه على الأريكة في غرفة المعيشة:"احمد شاب جيد وارى أنه فرصة جيدة لهاجر وليس بها شيء إن انتقلت معه طبيعي أن تكون الزوجة مع زوجها المهم أن نأخذ رأيها اولا"

وبعد قليل كانت هاجر تجلس بجوار عمرو من جهة ومن الجهة الأخرى مريم التي صعدت إليهم بعد أن نام صغارها بشقة جدهما صالح فأردف زكريا لنعمة قبل أن يدخل غرفته:"شاوري ابنتك وإن وافقت أرد على هارون في الصباح"

غاب عن الأنظار فأردفت مريم بابتسامة صافية:"ما رأيك هاجر؟"

شعرت هاجر بالحرج أما الاضطراب فقد قل بعد أن تحدثت مع الدكتورة روحية التي اوصتها بنصائح قيمة فأردف عمرو ممازحا :"هل ستدعين الادب أمامي قولي يا بنت موافقة أم لا؟"

ضغطت شفتيها ببعضهما وأردفت وهي تخفض نظرها:"هل من الممكن أن أتحدث معه قبل أن أقول رأيي ؟"

فقال عمرو بجدية :"بالطبع هذا حقك؟

أما نعمة فوضعت يدها فوق رأسها وشردت قليلا ،الولد بالفعل فرصة جيدة ولكن في المقابل ابنتها ستبعد عنها وهاجر بظروفها هذه تشعر بالخوف عليها أكثر من الجميع
*******

في صباح اليوم التالي

في البدايات يكون الحٌلم نصب أعيننا بعيدا براقا وفي المنتصف يشتد السعي لتحقيقه أما في النهاية حين تتمثل كل الأحلام أمامنا فنجلس لنشاهد باستمتاع تارة وتارة بدموع التأثر التي تملأ العينين حين نرى ما سعينا له لسنوات متمثلا أمامنا...
وغالية كانت تجلس على أريكتها العتيدة المثبتة في مكانها كالوتد دون مسمار واحد كملكة تجلس فوق العرش تنظر حولها فتجد يوسف يأخذ مريم وصغارهما ويعودان إلى بيتهما وقد أزال الله الغشاوة من فوق عينيه فتحمد الله ،وهذا يحيى يعود إلى عمله وبيته بعد أن اقنعوه جميعا بالعدول عن قراره إكراما لأبيه في كبره واحتياجه مع تعهد نعمة أمام الجميع بألا تثير أي نزاعات مستقبلا....

وحاتم الذي يستعد للذهاب إلى عروسه وهي معه قدميها قبل قدميه لترى هذه الغريبة وهل تستحق الانتساب لبيت عمران أم لا ؟

وعمرو ومودة اللذان للتو خرجا من باب البيت معا كورود متفتحة أمام عينيها فيرفرف قلبها وهي تشيعهما بعينيها،تتذكر وصال ونظرتها التي أصبحت تشع بريقا ووجهها الذي صار يضوي وقد راضاها الله برجل تماما كأحفادها لا يتخير عنهم...

أما حبيب الروح الذي استجاب الله لدعائها له ووجد ضالته فالقلب لا يسعها من السعادة وهي تراه يرافق والده في كل خطوة وقد دبت فيه روح جديدة

وها هما احمد وهاجر يجلسان على مقربة منها يتناقشان بعد أن طلبها هارون رسميا بالأمس فتشعر غالية بتمام الرضا

كانا يجلسان متقاربان بعلم الجميع وهذا ما زاد شعور هاجر بالحرج ولكن أحمد كان متفهما إلى أقصى درجة فأردف بهدوء:"أريدك أن تتحدثي وتقولي كل ما يقلقكِ هاجر ولا تقلقي كل شيء وله حل باذن الله"

ثبتت عينيها بعينيه مستعيدة نصائح دكتوره روحية التي دائما توصيها بأن تتجرأ وتنظر في عيني محدثها فتوصل له مشاعرها وتستنبط مشاعره هو الآخر أما هو فسرح في بحر من العسل مبتسما دون إرادة فأردفت هي:"أول شيء أريد أن أتحدث فيه أن هناك فرق تعليم بيننا أنت طبيب وأنا معي فقط ثانوية عامة مالذي يجعلك تتقدم لي رغم أن أمامك الكثيرات من الطبيبات زميلاتك؟"

دون تفكير أردف ببساطة:"الإجابة في السؤال هاجر ،بالفعل امامي الكثيرات ولم تجذبني أي منهن وأنتِ من جذبتني"

اتسعت حدقتيها وهي تسمع الكلمات تخرج من بين شفتيه بانسيابية فأكمل هو:" وبالنسبة للمستوى التعليمي رغم أنه لا يفرق معي ولكن مادمتِ تريدين اكمال دراستك فلم لا تكملين؟"

لمعت عينيها بلمعة أعجبته وتمتمت بتوتر:"انت ليس لديك مانعا من إكمال الدراسة بعد الزواج ؟أنت قلت من قبل تريد زوجة غير عاملة"

قال بجدية:"نعم غير عاملة حتى تتفرغ لي ولكن التعليم ليس عليه خلاف إن أردتِ طبعا"

فقالت بسرعة ولهفة:"أريد بشدة"

تبسم وجهه قائلا:"هل هناك شيء آخر؟"

تحرجت من ذكر علتها ولكن الصراحة والوضوح هما أفضل الطرق بالنسبة لها فأردفت وهي تخفض عينيها:"أنا أتابع مع طبيبة نفسية هناك أزمة ما حدثت لي من فترة ولازالت تؤثر بي"

"أعرف...." باغتها بالقول فرفعت عينيها اليه فجأة قائلة بارتياب:"تعرف ماذا؟"

تنهد قائلا :"أعرف طبيعة الأزمة"

ناظرته بشك فأكمل وقد توقع بالفعل ما آلت إليه الأمور مُعتمدا على المعلومات التي أخذها من والدته:"ولكن هل تلاحظين تقدما مع هذه الطبيبة؟"

فركت كفيها معا وتمتمت بخفوت:"نعم أفضل الحمد لله"

قال دون حرج وهو يميل قليلا نحوها :"أنا أريد ان أسأل سؤال هام هل حادثتك القديمة هذه أثرت في مدى تقبلك للطرف الآخر؟"

احتقن وجهها بشدة وقد أدركت أنه بالفعل وصله الأمر فقالت وهي تشعر بالحرج الشديد:"نعم "

بدى الاهتمام على كل سكناته وعلت دقات قلبه قائلا:"وهل هذا ايضا حدث معي هل لا تشعرين بتقبل لي؟"

رفعت وجهها وأردفت بتلقائية وبنظرة متوهجة:"لا بالعكس معك لم أشعر بعدم تقبل" أدركت ما تفوهت به فوضعت أناملها فوق شفتيها وبدى خجلها على وجهها فابتسم وهو يروق له كل تصرفاتها العفوية

فأردف حتى لايزيد حرجها:"انا معكِ خطوة خطوة حتى تجدين انكِ لا تحتاجين للطبيبة المهم أنكِ توافقين على المبدأ"

أومأت برأسها بخجل وصدرها يعلو وينخفض انفعالا ،نظراته وكلماته أشبعت الجانب الأنثوي المنزوي في ركن بعيد بداخلها ليتزحزح مطالبا بالخروج إلى النور ولكن رهبة تلازمها تقف أمامه ولكنها طمأنت نفسها بكلمات الطبيبة خاصة وهي لديها رغبة كبيرة في التخلص من أي آثار نفسية سيئة،والطبيبة تقول لها دائما أننا في أزماتنا نحتاج إلى دعمنا لأنفسنا وتعاطفنا معها قبل أن نحتاج الدعم والتعاطف من الآخرين وهي تدعم نفسها بشدة وتتعاطف مع ما حدث لها بشدة وتريد الخروج من الظلمات إلى النور و تمسك أحمد بها رغم ما قالته كان عزيزا عليها وداعما بشدة
*******

مهما طال الليل فما بعد الغسق فجر

صدق القائل وقوله الحق إن بعد العسر يسر
وقفت زهراء أمام المرآة تتمم على هيئتها وقلبها يخفق بعنف ووجنتيها قد توردتا من الخجل والتوتر والرهبة،التفتت إلى رحاب التي تقف خلفها تنظر إليها بتأثر وأردفت بأنفاس متسارعة:"هيئتي جيدة رحاب قولي الحق؟"
قالت رحاب وهي تلامس بكفيها كتفي صاحبتها:"كالقمر حبيبتي ما شاء الله عليكِ صدقيني لا يوجد بكِ غلطة واحدة ،هيا فقد تأخرنا على الضيوف"
قالت زهراء بارتباك:"أين فرح؟"
"بالخارج"
تمتمت بتوتر:"كيف كان رد فعل أهل حاتم عند دخولهم وكيف تعاملوا مع فرح؟"
قالت رحاب بابتسامة داعمة:"جميعهم قَبَلَوها واحتضنوها ولم تنزل من فوق ساقي حاتم إلا منذ قليل حين اندمجت مع أبناء يوسف"
وبالخارج كانت غالية تجلس بجوار أم هاشم في الصالة متوسطة الحجم ويجلس صالح وزوجته وحاتم ويسر ويوسف ومريم ومعهم الشيخ عزت وزوجته
"أنرتونا جميعا والله "قالتها أم هاشم بحفاوة بالغة وهي توزع نظرها بين الحضور وتركز في الأخيرعلى غالية التي كانت تجاورها باشة الوجه منذ أن حضروا
فردوا عليها جميعا بعبارات مجاملة أما غالية فأردفت ببشاشة:"منير بأصحابه حبيبتي"
خرجت رحاب من الغرفة وخلفها زهراء التي كانت كمن تتقدم لوظيفة مرموقة وتخشى الفشل،كانت ترتجف داخليا ولكنها حاولت التماسك وهي تُلقي السلام وتتقدم لمصافحة الجميع وحين وصلت إلى غالية صافحتها الأخيرة مشددة على يدها قائلة:"اجلسي بجواري حبيبتي"
جلست زهراء بجوار غالية فتفحصتها الأخيرة بدقة تفحصت وجهها وهيئتها وأخذت تسألها أسئلة عادية فترد عليها زهراء في البداية بارتباك إلى أن شعرت بالحميمية تجاهها
أما صالح فقد تبادل أطراف الحديث مع الشيخ عزت وانضم اليهما يوسف في الوقت الذي تقدمت فيه رحاب بصينية المشروبات ووضعتها على المنضدة وهي تقدم للجميع وحين وصلت إلى مريم اعتذرت الأخيرة بلباقة قائلة:"أشكرك جدا ولكن لا أستطيع معدتي تتعبني"
فقالت رحاب:"ألف سلامة حبيبتي ماذا أفعل لكِ اذن؟"
فقالت مريم:"لا شيء رحاب صدقيني لا أريد"
فاستقامت زهراء قائلة بابتسامة حلوة وهي تحاول كسر رهبتها والاندماج معهم:"لا يصح طبعا قولي لي ماذا تحبين وأنا أعده بنفسي ثم أردفت باهتمام:أعتقد تحبين النسكافيه سأعده لكِ"
تذكرت مريم يوم أن كانت مع حاتم في المطعم وشربت أسوء نسكافيه تذوقته في حياتها فرفعت حاجبا واحدا وهي تقول بنبرة ذات مغزى:"أنتِ واثقة من أنكِ ستعدين نسكافيه بمذاق مميز؟"
أدارت زهراء عينيها يمينا ويسارا وتذكرت الموقف فابتسم ثغرها ابتسامة حلوة ونظرت إلى حاتم الذي اتسعت ابتسامته وغمغمت:"جربي هذه المرة وأنا أثق لن تشربيه من يد أحد آخر بعد اليوم"
ابتسمت مريم ابتسامة حلوة ودلفت زهراء إلى المطبخ تشيعها نظرات حاتم المعجبة بهيئتها البسيطة الرقيقة التي لم تفشل يوما في جذب انتباهه ولم تكن نظراته تخفى على غالية التي لم تفعل شيء منذ حضورها سوى تقييم الاشخاص والاوضاع البنت في طريقة حديثها هي وأمها راقيتان لا أثر لعشوائية لا في الحديث ولا الهيئة،البيت بسيط ولكنه دافيء يذكرها ببدايتها هي وعمران حين تزوجا فما هم فيه الان لم يرثوه كله بل تعب فيه عمران وشقى ،وبما سمعته من صالح الذي تقصى عن كل ما يخص البنت فهي لا يعيبها فقرها ولا ضيق الحال خاصة وهي تلمح عزة نفس وإباء يبدو جليا في تعاملها هي وأمها ورأسها المرفوع وأنفها الشامخ وثقتها بنفسها ومحبتها لابنتها
عادت زهراء بالنسكافيه وقدمته لمريم بابتسامة رقيقة وعادت للجلوس بجوار غالية التي تبادلت هي وصالح نظرة خاصة بينهما في الوقت الذي كان يحكي فيه الشيخ عزت عن والد زهراء الراحل وذكرياته معه
وحين انتهى أردف صالح للشيخ عزت:"نحن يشرفنا يا شيخ عزت نسبكم ونريد أن نعرف طلباتكم"
قال الشيخ عزت بابتسامة واسعة:"الشرف لنا حاج صالح"
"بماذا تأمرون؟"
"الأمر لله ولكن هنا تتحدث الحاجة أم هاشم"
فقالت أم هاشم بنظرة متأثرة وهي تسترجع في ثوان أحداث الخمس سنوات التي مرت على ابنتها:"لا أريد سوى رجلا يحفظ ابنتي وابنتها "
كانت ليلة تنظر إليهم يتحدثون جميعا وهي تكتفي بالنذر اليسير ،لا تجد في البنت عيب ملموس ولكنها فقط كانت تتمنى لابنها الأفضل....
أردف حاتم:"بإذن الله في عيني يا حاجة أنتِ تعرفين معزتها"
أخفضت زهراء عينيها خجلا وهى تسمع صوته الناطق بحبها وترى نظراته التي لا تستحي
قال صالح :"لن نختلف على شيء بإذن الله،حاتم لديه شقة ببيتي سأفرشها له كاملة بإذن الله وزهراء وقبلها فرح في أعيننا "
نظر حاتم إلى أبيه نظرة ممتنة،كان يثق أنه سيقف بجواره،لم يرغمه لا هو ولا اخوته يوم على شيء كان دائما الناصح الأمين دون اجبار أو فرض سطوته واليوم أتم معه جميله فيشعر برغبة عارمة في احتضانه وشكره وتقبيل يديه ورأسه....
فقالت غالية:"نقرأ الفاتحة اليوم والمرة القادمة نقدم الشبكة في حضور أعمام حاتم وبقية العائلة والزواج بإذن الله حين يتمم حاتم فرش شقته في بيت والده "
قال الشيخ عزت:"نتوكل على الله وخير البر عاجله ولكن أعتقد مع الشبكة يكون عقد قران أفضل أنتم تعرفون الظروف ونحن في منطقة شعبية وكلام الناس لا يرحم"
قالت غالية بجدية:"معك كل الحق "
قرأوا الفاتحة جميعا وسط سعادة حاتم التي كانت بادية للجميع أما زهراء فكانت مبهوتة كمن تحلم وقد انتهت مشكلاتها كلها دفعة واحدة،أزمتها مع سعد انتهت،سوء الفهم بينها وبين حاتم انتهى وها هو يجلس أمامها تمسكه بها أكثر ما يثير سعادتها،فرح وقد تحسنت حالتها الصحية كثيرا،كانت بداخلها تردد الحمد والشكر لله
وبعد قراءة الفاتحة انطلقت الزغاريد تدوي واستقام حاتم وهو يخرج علبة قطيفة ويتجه ناحية زهراء فاستقامت أمها وتركت له المكان قائلة بسعادة :"تعال حبيبي اجلس"
جلس بجوارها فكانت في المنتصف بينه وبين غالية فأردف لغالية بنظرة شغوفة:"ما رأيك في زهراء ماما؟"
قالت غالية وهي تمسد على كتفها:"أسم على مسمى حبيبي بارك الله لكما"
فابتسمت لها زهراء على استحياء أما حاتم فأخرج هديته ولامس يد زهراء التي ارتجفت ما إن لامسها وشعر برجفتها فهمس مبتسما وهو يميل على أذنها:"القيد الذهبي سيقيد اصبعك منذ اليوم"
فهمست بصوت خفيض وهي تسبل أهدابها فلا ترى سوى المحبس الذهبي الذي يمسكه:"ليت كل القيود هكذا"
تنحنح قبل أن يندفع في مشاعره أمام الجميع ووضع المحبس في بنصرها وبجواره خاتما أنيقا مرصع بالفصوص البيضاء فتزينت كفها بزينته وظلت تحدق في يدها لثوانِ وكأنها لأول مرة تُخطب وتعيش هذه الأجواء وهي تشعر بطعم أخر لكل شيء ألا وهو طعم السعادة،أعطاها محبسا فضيا فوضعته في بنصره وتلكأ وهي تدخله فازداد حرجها
الجميع ينظرون إليهم سعداء لسعادتهم إلا ليلة التي كانت مشاعرها حيادية ورحاب لا تكف عن اطلاق الزغاريد وهي تقف بجوار يسر وحين انتهيا من ارتداء المحابس أردف حاتم وهو يشير إلى فرح:"تعالي حبيبتي"
فأسرعت فرح التي كانت مستقرة في حضن جدتها فأخرج حاتم سلسلة ذهبية صغيرة يتدلى منها قلب رقيق ووضعها حول عنق فرح التي غمرتها السعادة بها دون أن تجد الكلمات المناسبة للتعبير فحصيلتها اللغوية ضعيفة ولم تسعفها ولكن ما أسعفتها هي عاطفتها التي تشعر بالحب والكره وكل المشاعر فطوقت بذراعيها عنقه فغمرته بطاقة حب هائلة ربما لأول مرة يشعر بهذه المشاعر تجاه طفل فاحتضنها بقوة حانية مربتا على ظهرها وقبل رأسها بحنانِ وهذه اللحظة كانت هي المؤثرة في قلب ليلة فهي رغم كل شيء تقر أنها طفلة ليس لها ذنب في شيء
أما بجوار يوسف فقد كان هناك زوج من العيون تشاهد المشهد بغيرة واضحة والدموع في عينيها غيرة على عمها الذي يولي كائنا أخر اهتمامه وهداياه وحين لمحها حاتم بعد أن تركت فرح حضنه أردف بنبرة حنون:"جنتي تعالي حبيبتي"
فتركت يوسف واتجهت نحو حاتم بوجه متجهم فأخرج سلسلة تماما كسلسلة فرح قائلا وهو يضعها حول عنقها:"أنا أحضرت لكِ هذه ولكن كنت أنتظر حين نخرج معا واعطيها لكِ"
لمعت عيناها بالسعادة ونست حزنها وحنقها وأردفت وهي تتعلق برقبته:"أين ستأخذني" فضحكوا جميعا على تبدل حالها وأردف حاتم:"سآخذكِ وزياد وفرح إلى مدينة الملاهي بإذن الله"
*******
كان سعد يقف مع المقاول قرب البناية يناقشان بعض التفاصيل وكانت أصوات الزغاريد تدوي في الشارع فلم يهتم في باديء الأمر ولكن حين استمرت الزغاريد ولمح عند بيت الشيخ عزت عدة سيارات تدل هيئتها على ثراء مالكيها اقترب من البناية ببطء يتحرى الأمر فوجد مجموعة من الأشخاص يخرجون من بيت الشيخ عزت يستقلون السيارات ولمح شابا طويلا وسيما يبدو مميزا بين جميع من خرجوا بحلة شديدة الأناقة وحين تحركت السيارات تقدم أكثر وكان الشيخ عزت قد أوصل الناس ويهم بالعودة إلى البيت فأردف سعد بفضول:"من هؤلاء يا شيخ عزت؟"
نظر إليه الشيخ عزت مليا ثم أردف بهدوء:"شاب وعائلته جاءوا للتقدم لفاطمة وتمت قراءة الفاتحة اليوم "
اتسعت عيني سعد ذهولا وتسارعت أنفاسه وقد أصابته المفاجأة بانعقاد اللسان فما حدث لم يكن يتوقعه اطلاقا إلى جانب مظاهر الثراء البادية على هؤلاء الناس فيشعر أن هناك شيء خاطيء بالأمر
حين طال صمته أردف الشيخ عزت بنظرة خاصة:"هل هناك شيء سعد؟"
فأردف سعد بحاجبين معقودين:"من هذا الذي تقدم لها؟ وماذا ستفعل مع ابنتها التي تراعيها حين تتزوج؟"
مط الشيخ شفتيه قائلا:"الذي تقدم لها شاب محترم من عائلة محترمة متيسرة الحال،وسيأخذها هي وابنتها هذا شرطه قبل أن يكون شرطنا،رفع الرجل حاجبا واحدا قائلا بنبرة ظاهرها الجد باطنها التهكم:وإن كنت تريد ابنتك لن يقف أمامك أحد قل لي وأنا أتولى هذا الأمر بنفسي وأطلب من فاطمة أن تتركها لك"
لم يجد سعد ردا فترك الشيخ دون كلمة وابتعد،لا يعرف مالذي أصابه حين سمع بأمر خطبتها رغم أنه يزهدها منذ زمن ولكن لم يتوقع أن تتزوج ،مشاعر غريبة تنتابه ولا يعرف تفسيرها ،عاد إلى موقع بنايته فكان المقاول يحدثه وهو لا ينتبه له وكل تفكيره في أمر فاطمة... أما عن عرض الشيخ عزت بأن يتولى هو رعاية البنت فهو ليس في حسبانه على الاطلاق
******
في اليوم التالي

مر حاتم على زهراء عند حضانة فرح كما اتفق معها بالأمس وبعد أن أدخلت البنت وجدته يقف أمامها بالسيارة،فتحت باب السيارة وجلست بجواره وتمتمت بوجه متورد وهي تتحسس بأناملها المحبس الذي يحيط اصبعها بتلقائية:"لم أصررت على أن تراني اليوم؟"

أردف بابتسامة سحرتها:"أنا أريد أن أراكِ كل يوم"

صمتت وهي تتأمل ملامحه الرجولية المحببة الساحرة فأردف وهو يشعر من نظرة عينيها بمشاعرها التي ترزح تحتها:"ولكن فعلا هناك شيء أريدك فيه"

"ماذا؟" قالتها بتساؤل فجذب عصا القيادة وانطلق بها إلى وجهته

وعلى كورنيش النيل وأمام مجموعة من المطاعم صف سيارته فتسائلت:"لم جئنا هنا؟"

فأردف بهدوء:"انزلي ثم أقول لكِ"

وحين نزلت سار جهة أحد المطاعم فسارت بجواره وقد أدركت أنه بالطبع يدعوها على الإفطار وحين خطى بقدميه داخل المكان ودخلت خلفه وجدته خاليا تماما فتوقفت مكانها قائلة بعبوس:"أين نحن؟"

نظر إلى ملامحها الجميلة العابسة وأردف وهو يضع يديه في جيبي بنطاله ويناظرها بنظرة غامضة:"ما هذا الانفعال البادي على وجهك ما إن رأيتِ المكان خاويا هل تخافين من التواجد معي في مكان خال؟"

تنحنحت قائلة بتوتر:"لا اقصد ولكن المكان مريب قليلا"

زفر زفرة حارة متمتما وهو يدقق النظر في عمق عينيها القلقتين:"وإن كان مريبا هل تثقين بي وتدخلين معي أم تخافين وتتراجعين؟ الخياران أمامك وإن تراجعتي فلن ألوم عليكِ"

عقدت حاجبيها قائلة :"وان وثقت بك ودخلت؟"

أردف بنظرة مُعبرة ونبرة متيمة:" ستكون ثقتك هذه وسام على صدري"

فاتبعت قلبها ودلفت خلفه إلى الداخل فكانت صالة واسعة أوسع من المطعم القديم بكثير تطل على النيل مباشرة ،سار حتى النوافذ الشفافة المغلقة المطلة على النيل فسارت خلفه وحين وقفت بجواره تنظر إلى النيل من خلف الزجاج الشفاف شعرت بالسكينة تغمرها وشعرت بالألفة تجاه المكان فأردف وهو يلتفت لها :"ما رأيك في المكان؟"

قالت بابتسامة عذبة:"رائع"

قال بنبرة جادة :"هل تقبلين أن تكوني شريكتي في هذا المطعم؟"

ضيقت ما بين حاجبيها وأردفت بدهشة:"ماذا تقصد؟"

قال بهدوء شديد وهو يدور حولها ببطء:"هذا المطعم تم عرضه للبيع منذ فترة قريبة وانا كنت افكر في مشروع يكون خاص بي بعيدا عن عمل أبي الذي هو شركة بين أبي واعمامي ففكرت أن آخذ هذا المطعم ويكون شركة بيني وبينك النصف بالنصف"

تمتمت باستنكار:"انت تمزح يا حاتم أليس كذلك بماذا سأشاركك انا؟"

توقف أمامها مباشرة وتمتم ببساطة شديدة:"أنا برأس المال وأنتِ بالمجهود"

لم تتمالك نفسها وقهقهت ضاحكة بشدة فأردف بابتسامة متسائلا:"على ماذا تضحكين؟"

تلونت ملامحها بالجدية وهي تقول:"أي مجهود هذا الذي سأدخل شريكة به؟"

تحدث شارحا"أنتِ تفهمين في عمل المطاعم وكل ما له علاقة بالطبخ وأنا لا أفهم أي شيء سأمول المشروع وأنتِ تديرينه مالغريب في الأمر؟"

قالت باقتضاب:"انت لا تحتاجني حاتم إن أردت فتح مطعم ستفتح دون مساعدتي وستستعين بمن هم افضل مني خبرة"

قال باستنكار:"ولم أستعين بالغريب وزوجتي موجودة وتبحث عن عمل!"

هل هذا الرجل يقصد أن ينطق بين جمله كلمات بسيطة هكذا عميقة مؤثرة في نفس الوقت؟ هل يقصد أن يضغط عليها بما افتقدته وهو الانتماء له والشعور بأنها تريد أن تهديه صك ملكيتها راضية؟ وكلمة زوجتي وشعورها بأنها ستكون ذات يوم قريب ملكا له تجعل سكينة تسري في أوردتها فتهديء من حمائيتها وتشعرها كم هي امرأة مرغوبة

أغمضت عينيها لثانية ثم أشرقت الشمس حين رفرفت بأهدابها فسقط شعاع الشمس الذي يخترق النافذة ينعكس على حدقتيها البنيتين الفاتحتين وتمتمت باستكانة:"أنا فقط أخشى أن تكون مضطرا لفعل ذلك من اجلي لانك تعلم أنني أصر على العمل"

مط شفتيه وأردف مُدعيا الصدق وهو من داخله كاذب:"لا... كانت هذه الفكرة في ذهني منذ فترة وآن أوان تنفيذها"

نظرت حولها إلى المكان وهي لا تصدق أن هذا المكان سيكون ملكا لها فأردف هو :"طلبت من يوسف أن يجهز لنا العقود وسنقوم بتوثيقها باذن الله وكما قلت لك سيكون مناصفة بيني وبينك"

لمعت الدموع بعينيها فأردف بجدية مصطنعة:"ولكن حتى نكون على نور من البداية العمل عمل سنكون زوجين بالبيت شريكين هنا"

ابتسمت ابتسامة صغيرة فأكمل :"بالطبع سيكون معك مساعدون ،اداري يتحمل مسؤولية إدارة المكان وشيفات أنتِ من ستحددين لهم طبيعة عملهم"

لم ترد وظلت عينيها ترسمانه والعشق يطل منهما جليا لا يحتاج إلى كلمات فأردف وهو يشير جهة المطبخ :"تعالي لتشاهدي المطبخ"

دخلت خلفه فكان مطبخ كبير كمطابخ الفنادق ينقصه الأجهزة فقط فأردفت بأنفاس متسارعة:"سنحتاج أن نجهزه تجهيزات حديثة"

قال:" اكتبي لي قائمة بما تحتاجين وانا سأتصرف ،الاستاذ شاكر الذي اتفقت معه على إدارة المطعم سيكون معنا في هذه الخطوات"

تمنت في هذه اللحظة لو كان بالأمس عقد قران لا قراءة فاتحة ،تمنت أن تُلقي نفسها بين ذراعيه وهي الأكثر احتياجا له أضعاف ما يحتاجها هو

ليس لأنه يغدق عليها ماديا ولكنه يغدق عليها بسيل من المشاعر الحلوة والمحبة والاهتمام والاحترام وهي لم تحتاج يوما سوى لهذه الأمور المعنوية

أومأت برأسها دون كلام وفيض من المشاعر الجياشة يغمرها ثم خطت إلى الصالة الخارجية مرة أخرى فسار خلفها دون كلام وهو يقدر حالة الزخم التي تمر بها فوقفت أمام الواجهة الزجاجية المطلة على النيل وولته ظهرها ووقف خلفها متمتما وهو يتأمل فستانها الطويل المنسدل على جسدها بنعومة:"جميل هذا اللون عليكِ"

مسدت على قماش الفستان ذو اللون البنفسجي الداكن وأردفت :"عيناك الجميلة حاتم لذلك ترى كل شيء جميل"

ابتسم ثغره قائلا:"هذه اول جملة غزل تنطقيها بحقي"

استدارت له حتى واجهته وتمتمت وهي تنظر إليه بافتتان لم تداريه :"وهل تحتاج إلى كلمات؟"

ضيق ما بين حاجبيه يستخرج الكلمات من بين شفتيها ببراءة :"لم لا؟"

قالت بهدوء ونظرة متيمة:"في كل مرة انطق فيها اسمك أشعر أنني أضع مع كل حرف كلمات عشق وغزل حتى أنني أشعر احيانا بالخجل حين انطق اسمك وترن في أذني كلمة ما اودعها بجواره"

رفع حاجبيه قائلا بتعجب:"ولم تكتمين في نفسك يا ابنة الناس ها أنا أمامك أتوق إلى كلمة واحدة صريحة مباشرة "

علت حمرة الخجل وجهها وأردفت وهي تخفض عينيها عن مرمى عينيه:"ماذا تريدني أن أقول؟"

قال بنظرة متيمة تواقة إلى الكلمة الحلوة:"قولي أحبك، أشتاق إلى سماعها من بين شفتيكِ"

كان جسدها يغلي بمشاعر هادرة وازداد اشتعال وجنتيها وهي تنظر إليه تود أن تقول وتخشى إن قالت تنفرط الكلمات المباحة والغير مباحة من بين شفتيها خاصة وقد وصلت مشاعرها تجاهه إلى ذروتها ولا تعرف أنه يلجم نفسه بالكاد عن لمسها او الاقتراب منها حتى لا تشعر به يستغلها وحتى تشعر في حضرته

بالامان فأردفت وهي تشبك كفيها معا خلف ظهرها بتوتر:"هل نستطيع تأجيل النطق بكل الكلمات التي تريدها إلى ما بعد عقد القران؟"

ابتسم قائلا:"بهذا الشكل سأسمع ما تصبو اليه نفسي قريبا جدا "

فصمتت وعلت ابتسامة مليحة على وجهها الصبوح وصمت يشملها بنظراته المعجبة فالصمت في حرم الجمال جمال
******

بعد أيام قليلة
كان عمرو يجلس في بهو بيت العائلة بعد أن أحضر بهاء ورهف من المطار وضايفتهم غالية في حضور معظم أبنائها وأحفادها

كان بهاء يجلس بجوار محمود الرحماني يرحب به ويتعجبان للصدفة التي جمعت بينهم جميعا رغم أنهم لم يكتشفوا الأمر إلا متأخرا أما غالية فكانت تجلس بجوار رهف وبجوار رهف مودة التي لم تعتاد بعد على رهف وعلى وجود علاقة صداقة بينها وبين عمرو رغم أنها بالفعل متزوجة وزوجها صديقه المقرب ولكن الألفة التي يتحدثان بها تضايقها وتثير غيرتها

قال عمرو وهو يعرف أن صاحبه قد أرهقته الرحلة:"بهاء بإمكانكما الاستراحة في شقتي بالأعلى"

شعر بهاء بالحرج وأردف:"لا طبعا نحن جئنا بناءا على الدعوة ولكن سننزل في فندق بإذن الله"

استنكرت غالية قائلة:"تنزلان في فندق وبيت عمران الحسيني موجود"

تمتم بهاء بحرج:"لا أقصد بالطبع يا جدتي ولكن "

قاطعته بحزم:"لا يوجد لكن ستبقيان هنا طوال مدة اقامتكما"

قال عمرو:"على حسب برنامج الرحلة التي حجزتها فستبقيان هنا عدة أيام بعدها تنتقلان إلى محافظة أخرى وبها سيكون هناك حجز فندق"

شعر بهاء بكرمهم يغمره فيشعر بالامتنان لهم جميعا فأردف وهو ينظر إلى رهف :"حسنا رهف هيا لنرتاح قليلا"

استئذنت من غالية قائلة برقة:"سأرتاح قليلا وانزل ثانية " ثم ابتسمت برقة لمودة ...

صعدا معا برفقة عمرو إلى شقته التي لا تزال مفروشة كاملا بفرش عنان وبعد أن
أوصلهما نزل ثانية وجلس بجوار مودة قائلا بمشاكسة وهو يميل على أذنها:"لو كنا متزوجان الآن كنا ذهبنا معهما في رحلتهما"

مطت شفتيها ثم أردفت بسماجة:"من كثرة حبي فيها ستجعلني أذهب معها في رحلة"

رفع حاجبا وتسائل:"وماذا فعلت معكِ حتى لا تحبينها؟"

"لا أعرف لا يروق لي تساهلكما معا هكذا"

عقد حاجبيه قائلا:"أي تساهل؟هي كأختي تماما وزوجها كأخي ،ثم استدرك قائلا:إن كانت كلماتك من باب الشك سيكون لها معنى وإن كانت من باب الغيرة سيكون لها معنى آخر،فأي باب تقصدين"

قالت وهي تشيح بعينيها عن مرمى عينيه:"بالطبع ليس الأول"

ابتسم حتى ظهرت نواجزه متمتما بخفوتِ:"الله أكبر"

كانت غالية منشغلة بالحديث مع محمود ومعهما معتصم وعنان وزكريا ونعمة وحليمة بينما عمرو ومودة يجلسان قريبا ويشردان معا بعيدا

وحين ناظرتهما عنان بابتسامة حلوة وهي تلاحظ مشاكساتهما أردف عمرو بجدية:"حقا عنان ماذا ستفعلين في الأثاث الموضوع بشقتي،نظر إلى مودة قائلا بنظرة بريئة في ظاهرها:كما تعلمين أنني سأحتاج الشقة قريبا"

نظرت عنان إلى معتصم ولكنه لم يٌبدي أي رد فعل فأردفت بعد تفكير قصير:"أفكر في بيعهم وبثمنهم أفتح مشروعي الذي أخطط له"

قال عمرو باهتمام:"أي مشروع؟"

ردت بحماس وهي من وقت للآخر تنظر إلى معتصم ترى ردة فعله:"أريد افتتاح مركز تعليمي لأطفال البلدة بأسعار مخفضة وبه جزء مجاني لغير المقتدرين"

بدى الاهتمام على وجه محمود الرحماني وأردف:"فكرة هائلة عنان حدثيني أكثر عما تطمحين إليه بهذا المشروع"

ابتسمت له ابتسامة حلوة وقد أحبت لكنته التي تختلط بها لكنة بلدهم بلكنة البلد التي عاش بها فتصنع مزيجا منغما وبدت الحماسة في عينيها وهي تشرح له بالتفصيل ما تريد انجازه ومعتصم ينظر إليها وهي تجلس بينهم بظهر مستقيم وقامة مرفوعة تشرح وجهة نظرها بطريقة علمية وثقة تبدو في نبرة صوتها ونظرة عينيها فكانت في هذه اللحظة تشبه غالية بشدة شكلا وموضوعا فتوهجت عيناه ببريق وهو يتابعها منصتا باصغاء واعجاب
*******

في اليوم التالي
كانت مودة قد أنهت محاضراتها وعادت إلى البيت وللتو أخذت حماما دافئا وارتدت حلة رياضية بيتية وجلست في الفراش تنتظر أن تعد لها أمها الغداء حين رن هاتفها وكان عمرو فردت بصوتِ رخيم مدلل:"كيف الحال؟"

فيرد باقتضاب:"انزلي لي في الحديقة"

رفعت حاجبا مستنكرا قائلة:"أي حديقة هذه التي أنزل لك فيها!الحديقة هذه لن أدخلها معك إلا بعد عقد قراننا إن شاء الله"

تسائل بانفعالِ:"لمَ تشعرينني أنني ذئب بشري لا يجب عليكِ التواجد معه في مكان واحد وإلا التهمك؟ثم أردف بنبرة بثت الخوف في أوصالها:انزلي مودة حالا نتيجة التحاليل ظهرت ولابد أن نتناقش معا على انفراد"

قالها ثم أغلق الخط فشعرت أن أبواب الأمل الذي كانت تعيش عليه الأيام الماضية قد أُغلِقت في وجهها دفعة واحدة وسرت رجفة باردة في جسدها،قاومتها وهي تستقيم ببطء تضع خفا بيتيا مطبوع عليه شخصية روبانزل المحببة إليها في قدميها وتغطي شعرها بغطاء سترة حلتها الرياضية وفتحت باب الشقة ونزلت السلم تقدم قدم وتؤخر أخرى تٌهيء عقلها لسماع ما لا يتمنى سماعه

وفي الحديقة الخلفية حين دخلت كان يقف في منتصفها متحفزا يوليها ظهره ويمسك بيد واحدة تقريرا طبيا فاقتربت دون كلمة ووقفت خلفه قائلة بنبرة متوترة:"حدث ما كنا نخاف منه؟"
التفت إليها ببطء حتى ولاها وجهه وملامح وجهه كلها متجمدة إلا من عينيه اللتين كانتا تخترقان عينيها الخائفتين وأردف:"والآن هل مازلتِ عند رأيك وترين أنني في المقام الأول أم غيرتيه؟"
بدى تأثرها في عينيها وهي تتطلع إلى وجهه المتجمد وأردفت دون تفكير:"رأي لم أغيره ولن أغيره المهم أنت"
قال بنظرة صادقة:"أنا أحبك مودة ولن أستطيع الحياة دونك"
رددت دون خجل بوجه شديد الانفعال:"وأنا أحبك عمرو ولن أستطيع الحياة دونك"
بدأ جمود وجهه في الذوبان التدريجي فيحل محل التجهم الارتياح ثم أردف بعينين لامعتين:"أشكر الظروف التي جعلتني أسمع الكلمات الحلوة هذه،اقترب خطوة ولمس يدها بأنامله وسرعان ما أحكم احتضان أناملها بأنامله قائلا بتأثر:"هل تعرفين مودة أنني لن أنسى لكِ هذا الموقف ما حييت،لن أنسى أنني كنت اختيارك في كل الظروف والحالات،لن أنسى أنكِ لم تقدمي أي شيء أخر عليّ وسأحكي لابنائي دوما عن مشاعرك الجميلة هذه"
تمتمت بخفوت وتأثر:"بارك الله لي فيك وفي أيامنا القادمة و... وتوقفت الكلمات على لسانها وهي تعود لثوان للخلف مستعيدة كلماته الأخيرة فانعقد حاجباها تلقائيا وتمتمت بغباء:أي أبناء الذين ستحكي لهم بالضبط عمرو؟"
شدد على أناملها وتحولت النظرة الجدية في ثانية إلى هزلية وكأنها تقف أمام طفل صغير مشاغب لا رجل بالغ وأردف ضاحكا:"أبنائنا بالطبع يا روح قلبي ثم غمز بعينه وهو يرفع يده الأخرى ملوحا بالتقرير قائلا بحماس وسعادة:التحاليل جيدة جدا يا مودة كنت أمزح معكِ"
حين قال لها ما قاله في البداية شعرت بألم في صدرها ووهن في قلبها أما الآن فقد شعرت بتوقف نبضات قلبها فجذبت التقرير من يده وسحبت يدها الأخرى من يده وفتحت التقرير تلتهم الأسطر بعينيها المتسعتين عن آخرهما وتشرست ملامحها وهي تصيح فيه:"كنت تمزح معي أم تختبرني؟"
ضيق ما بين حاجبيه قائلا بلا فهم:"كيف يعني أختبرك؟"
قالت بانفعال:"تضعني في اختبار وإما أنجح وإما أفشل أما أنت فلم توضع في أي اختبارات فعلية ثم أشارت بسبابتها إلى صدرها قائلة:أنا فقط من وضعت في الاختبار"
اقترب منها خطوة قائلا بلا فهم:"مودة حقيقة لا أفهم"
قالت بغيظ وهي تضربه بالتقرير في كتفه:"أنت يا دكتور اختبرت مدى تمسكي بك ولكني حقيقة لم أختبر مدى تمسكك بي لأنك أنت من لعبت اللعبة السخيفة من أدراني أنك كنت ستتمسك بي لو كانت النتيجة بالفعل سيئة"
اقترب محاولا لمس يدها ثانية قائلا"مودة لا تكبري الأمور كنت أمزح فقط و..."
فدفعته بحدة وسقط التقرير أرضا وهو متمسك بيدها وهي تقاومه وحين وجدت نفسها لا تنافسه في القوة أخذت تضربه بكلتا يديها على كتفيه وهي تتفوه بانفعال بكلمات غير مترابطة:"أنت أوقعت قلبي.. لعبت بمشاعري ..أنت أسخف من رأيت على وجه الأرض.. لا أريد الزواج بك "
كان انفعالها جليا وعينيها ممتلئتين بالدموع ففهم ما بها ...هي كأي أنثى كانت تتمنى الانجاب ولكن أمام عاطفتها تجاهه أسرت غريزتها في نفسها واختارت عاطفتها لذلك ما هي فيه مزيجا من الغضب لفظاظته والفرح لأنها لن تضطر للتخلي عن شيء،تركها تخرج شحنة انفعالها بضرب قبضتيها الصغيرتين في كتفه وحين انتهت أحاط قبضتيها بكفيه وحين حاولت الابتعاد لم يسمح لها وهو يقربها منه قائلا بعاطفة تقفز من نظرات عينيه :"الغريب أنني أحبك في كل حالاتك وأنتِ عاقلة وأنتِ مجنونة وأنتِ مسالمة وأنتِ شرسة،ابتسم متمتما وهو يغوص في عمق عينيها المتوترتين خجلا من قربه:وكنت فقط أمزح معكِ ،أستمتع بمشاكستك لأستثير جنونك الذي أعشقه وإن كانت لا قدر الله النتيجة عكس ذلك لم يكن قراري سيتغير كنت سأختارك أنتِ يا من جمعتِ في قلبك وروحك وعينيكِ كل المودة التي خلقها الله على وجه الأرض"
كما أشعلها بكلمات أطفأ نار غضبها بذكاء بكلمات فتسمرت مكانها لا يفصل بينهما سوى القليل انفاسها تعلو وتنخفض انفعالا وعيناه تجريان بافتتان على تفاصيل وجهها المشتعل وعينيها المتوترتين وشفتيها المرتجفتين فشعرت بالخطر يحيطها فأردفت بصوت مهزوز:"حسنا عرفت أنك كنت تمزح لأنك سخيف،اتركني"
شدد على كفيها قائلا بابتسامة رائقة:"سامحتيني اذن؟"
زفرت زفرة حارة بحرارة أنفاسها المشتعلة وتمتمت بحلق جاف:"سأحاول،اتركني"
فيحاصرها بنظراته الشغوفة بسؤاله التالي:"وهل ستوافقين على اكمال الزواج؟"
زمت شفتيها قليلا ثم تمتمت بصوت محتقن:"سنرى هذا الأمر فيما بعد،اتركني الان"
حاولت الابتعاد ليجذبها مرة أخرى قائلا بخبث:"لا أنا لا أقبل بتعليق الأمور أجيبيني الآن"
هدرت فيه وهي تزجره بنظرتها:"اوافق عمرو، ابتعد عني هذا لا يصح ماذا لو دخل أحد الآن ماذا سيقول عنا؟"
رد بسرعة:"يقول ما يقول وقتها تكون فرصتي قد أتتني ونعقد القران"
ابتسمت أخيرا وأردفت وهي تجرب معه الدلال عوضا عن الحدة:"عمرو "
وكانت كلمة مصحوبة بنظرة وفي الكلمة والنظرة كل المعاني التي لم تقال فقدر حرجها وحيائها الفطري فلانت أنامله قليلا فجذبت يديها وأسرعت متجهة للخارج قائلة بعناد طفولي وهي تبتعد:"كنت آخذك على قدر عقلك ابحث عمن ستوافق على الزواج من شخص سخيف مثلك"
فأسرع خلفها بخطوات سريعة قائلا:"أنتِ يا بنت انتظري سنتفاوض"
ولكنها كانت الأسرع وهي تجري جهة البيت وهو خلفها ابتسامته تملأ وجهه وحين دخلت البيت أسرعت إلى أعلى أما هو فاتجه إلى الداخل يبحث عن غالية وحين دخل غرفتها وجدها تفتح مصحفها تقرأ وردها فوقف عند الباب وطرق عليه طرقتين عاليتين بقبضته قائلا بنبرة أثارت فيها كل مشاعر الأمومة:"ماما تصرفي بأي شكل لنعقد القران في أسرع وقت قبل أن أرتكب جريمة في هذا البيت"
فابتسم ثغر غالية فأردف بنظرة مثيرة للشفقة:"لا أمزح ،تصرفي ماما في أسرع وقت اليوم قبل غد"
*******

بعد أيام معدودة
في الصباح الباكر وفي طائرة مصر للطيران المتجهة إلى المملكة العربية السعودية يجلس محمود الرحماني الذي غادر المملكة منذ فترة قريبة قاصدا القيام برحلة عمل يعود بعدها فيفاجئه القدر بأجمل مفاجأة ويترك الصحبة لينضم إلى ابنه الذي من صلبه في رحلة أكثر امتاعا
وبجواره في الطائرة يجلس معتصم الذي نوى مرافقة والده ليعرف مكانه حتى إذا لم يعد يكون قد عرف مكانه وفي نفس الوقت يقوم بعمرة مع زوجته التي تجلس بجواره وبجوار النافذة تتطلع في أرض المطار الممتدة أمامها تشعر بالحماس لرحلتها،دوى صوت قائد الطائرة عبر مكبر الصوت مُرحبا بالركاب منبها على اقتراب بدء الرحلة فشعر معتصم بتوتر والده واهتزاز يده هزة خفيفة فوضع يده فوق يده مباشرة قائلا باهتمام:"هل بك شيء؟"
لم يٌخفي محمود رهبته عن معتصم وهو يشعر أنه الأولى بمعرفة ما يٌبديه وما يخفيه فأردف بخفوتِ:"متوتر قليلا ...داهمته بعض الصور مقرونة بانفعالات مؤلمة تنهك الروح وتؤلم القلب ولكنه حاول مقاومتها واستدعاء صورا أخرى محببة كما قال له طبيبه النفسي من قبل ثم أردف وهو ينظر إلى معتصم بمحبة:ولكن وأنت معي أشعر أنني أفضل"
فربت معتصم على يده ثانية وظل مربتا خاصة والطائرة تبدأ بالفعل في التحرك والاقلاع فيتمسك محمود بمقبض المقعد وتتخشب يده فيظل معتصم مشددا على يده أما يده الأخرى التي كانت مستريحة فوق فخذه فوضعت عنان يدها عليها فابتسم لها وهو يشدد على يدها هي الأخرى فيحتضن أناملها بأنامله


نهاية الفصل


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-22, 10:34 PM   #1739

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 195 ( الأعضاء 37 والزوار 158)
‏موضى و راكان, ‏لولو73, ‏بدره م, ‏hoda ateya, ‏Monya05, ‏احب القراءه, ‏Kemojad, ‏فاطمة زعرور, ‏هدهد الجناين, ‏Maro na, ‏الكبيره, ‏همس البدر, ‏ميساء عنتر, ‏Um-ali, ‏سوووما العسولة, ‏Nora372, ‏Heba aly g, ‏منى م محمد, ‏أمل 1, ‏mamanoumanoul, ‏simsemah, ‏مازن ممدوح, ‏NJN, ‏ام مؤمن وجنى, ‏مملكة الاوهام, ‏Solly m, ‏منوره السيد, ‏samah ibrahem, ‏shaimaa abdellah, ‏زهرة الكاميلي, ‏DrWalaa, ‏منيرة موني, ‏سلمئ سالم عوض, ‏asmaaasma, ‏منال غرة, ‏mina10, ‏نورروح


فصل التسامح و التصافى و مشاعر الحب و الود و الرحمة ... فصل جميل و ممتع بشدة .. تسلمى كاتبتنا المبدعة

فى إنتظار الأفراح القادمة 🌹


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-22, 11:25 PM   #1740

ميره مير

? العضوٌ??? » 479464
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 168
?  نُقآطِيْ » ميره مير is on a distinguished road
افتراضي

فصل روعه الروايه كلها عظمه يسلمو يا اروع كاتبه
kaj, Amira94, Heba aly g and 1 others like this.

ميره مير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:50 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.