آخر 10 مشاركات
269 - قطار النسيان - آن ميثر (الكاتـب : عنووود - )           »          263 - بيني وبينك - لوسي غوردون (الكاتـب : PEPOO - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غيوم البعاد (2)__ سلسلة إشراقة الفؤاد (الكاتـب : سما صافية - )           »          ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4115Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-03-22, 09:30 PM   #1751

سوهي(زهور الربيع)

? العضوٌ??? » 491859
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 46
?  نُقآطِيْ » سوهي(زهور الربيع) is on a distinguished road
افتراضي


فصل جميل جدا جدا يا هوبا وكله طاقة إيجابية كده وواضح جدا مجهودك في كتابته وصياغة الأحداث وطريقة العرض ..
فبجد تسلم ايدك على الفصل بشكل خاص والرواية بشكل عام
غريب الروح هتفضل رواية قريبة من قلبي وليها مكانة كبيرة عندي ..
ربنا يوفقك دايما ودايما تكوني ناجحة ومتألقة يا هوبا 😍😍


سوهي(زهور الربيع) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-22, 11:26 PM   #1752

Noha Fathy

? العضوٌ??? » 441422
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 302
?  نُقآطِيْ » Noha Fathy is on a distinguished road
افتراضي

يا ريت كل الحكايات نهايتها سعيدة ذى الروايات
احسنتى سلمت يمناكى


Noha Fathy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-03-22, 03:41 AM   #1753

نودة سلامون

? العضوٌ??? » 395810
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 108
?  نُقآطِيْ » نودة سلامون is on a distinguished road
افتراضي متابعة

بالتوفيق إن شاء الله ♥

نودة سلامون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-03-22, 04:54 PM   #1754

halloula

? العضوٌ??? » 74478
?  التسِجيلٌ » Jan 2009
? مشَارَ?اتْي » 988
?  نُقآطِيْ » halloula is on a distinguished road
افتراضي

منتظرين النهاية
أن شاء الله
يا احلى هبه


halloula غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-03-22, 08:05 PM   #1755

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل التاسع والثلاثون

********

في النهاية كل شيء بفضل الله سيكون على ما يرام

فإن لم يكن على ما يرام فاعلم انها ليست النهاية
كان يجلس في السيارة الخاصة التي تقلهم إلى قرية الشيخ شعيب بعد أن وضع حقائبه هو وزوجته في الفندق وأصر محمود على أن يأتي معه،ورغم أنه هو من أصر على السفر مع أبيه ولكنه ما إن وصلوا أرض المملكة حتى شعر بالخجل أن يذهب معه،خجل أن يتسلل إلى والده شعور بأنه لا يثق به،وخجل أن يدخل بيت لا يعرف فيه أحد ولكن محمود أصر أن يأتي معه والشيخ شعيب أرسل لهم السيارة لتقلهم...
"وصلنا بُني"
قطع عليه أفكاره صوت والده الذي يجلس في المقعد الأمامي بجوار السائق بينما يجلس هو في الأريكة الخلفية بجوار عنان فانتبه معتصم إلى أن السيارة توقفت وحين نزل محمود من السيارة نزل معتصم خلفه وخلفه عنان
دفع محمود بوابة البيت الكبير برفق ولم تكن مُحكمة الغلق ودلف قائلا لمعتصم وعنان:"تفضلا أبنائي"
وحين دخلا نظر كل منهما حوله فكانت باحة البيت الخارجية وبها حديقة تشبه كثيرا مدخل بيت عمران
"أبوبكر"
ارتفع صوت أنثوي ناعم من عند باب البيت الداخلي فنظر الجميع نحو مصدر الصوت وابتسم محمود ابتسامة واسعة أما معتصم وعنان فظلا يحدقان في المرأة التي تتقدم منهم بابتسامة حلوة،تقريبا في نهاية الأربعينات أو أوائل الخمسينات على أقصى تقدير ببشرة فاتحة وجسد معتدل وملامح تختلط بها الحلاوة بالوقار وحين دنت منهم بدت خصلات نافرة شديدة الحمرة من حجابها وأول ما فعلته أن اتبعت عاطفتها واقتربت من محمود الذي مد يديه نحوها فوضعت يديها بيديه واحتضنته حُضنا قويا سريعا في نفس الوقت مُقَبِلة كتفيه بطريقة تنم عن الاحترام الشديد قائلة برقة:"حمدا لله على السلامة"
فيردف محمود بنبرة لينة ونظرة دافئة:"سلمكِ الله نوارتي"
فتبتعد قليلا وتمد يدها بابتسامة ودودة إلى معتصم قائلة:"أهلا بك معتصم أنرت البلدة"
رد معتصم بابتسامة صغيرة:"أهلا بكِ"
ومدت يدها إلى عنان التي كانت تنظر إليها مدققة في ملامحها قائلة:"أهلا بكِ عنان،كنت أشتاق للقائك من حكي أبو بكر عنكِ"
صافحتها عنان قائلة بابتسامة حلوة:"تشرفت بلقائك"
فأردفت نوارة لزوجها:"أبي واخوتي ينتظرون بالداخل"
ولم تكد تتم جملتها حتى خرج أخوها زيان ليستقبل زوج أخته وابنه
********
"نشكر الصدف الجميلة التي جعلت رهف ابنة ابني الآن ببلدكم وفي ضيافتكم وشرفني بأن تشرفوني هنا ببلدنا ودارنا التي هي داركم "
تمتم الشيخ شعيب بكلماته مٌرحبا بحفاوة بمعتصم وزوجته اللذان كانا يجلسان في بهو بيت واسع أنيق على أرائك عربية ليست مرتفعة تقترب من الأرض وعنان تنظر حولها منبهرة بالأجواء التي كانت تشاهدها فقط في المسلسلات العربية،معجبة بملابس النساء ولكنتهن والأجواء التي لم تشعر معها بالغربة بل الألفة
قال معتصم بابتسامة دبلوماسية:"الدكتورة والدكتور أنارا بلدنا ونحن حقا تشرفنا بلقائك يا شيخنا وقد اشتقت منذ أن حكى لي أبي إلى رؤية من كان له أب ومُعين"
ربت الشيخ شعيب على كتف محمود الذي يجلس بينه وبين معتصم وأردف بصوتِ رخيم يبعث التقدير في نفوس من يستمع إليه:"لم أفعل شيء يا ولدي،سبحان من وضع محبته في قلبي منذ أن رأيته وجعله لي ابنا وزوج بنت"
تقدمت الخادمات بوضع أشهى أنواع الطعام على عدة مناضد بأرجل قصيرة تلامس الأرض ودعى الشيخ شعيب ضيوفه قائلا:"هيا أبنائي تفضلوا حتى يكون بيننا عيش وملح"
*********
قرب المغرب في بستان الشيخ شعيب
كان محمود قد أخذ ابنه وزوجته إلى بيته المُلحق بالبستان ليجلسوا جلسة أسرية هادئة فتجمع أربعتهم أمام البيت وفي قلب البستان حول منضدة بأربعة مقاعد وأمامهم سبرتاية صغيرة تعد عليها نوارة القهوة،كانت الشمس تميل إلى المغيب والطيور تحلق حولهم مُصدرة معزوفات موسيقية مبهجة ومحمود يحكي لابنه عن عمله هنا في دار تحفيظ القرآن بينما نوارة منشغلة مع عنان في حديث ودود وهي تعد القهوة،وحين انتهت وضعت أمام كل منهم فنجان أنيق فأردف محمود بحماس:"مع قهوة نوارة تحلو المعجنات الرائعة التي تعدها بيديها"
فأردفت مبتسمة:"موجودة في مكانها سأحضرها حالا"
استقام هو قائلا:"اجلسي أنتِ سأحضرها أنا"
شيعته بابتسامة عذبة فتبادل معتصم وعنان نظرة سريعة وكل منهما سعيد لسعادة محمود البادية على وجهه هو وزوجته التي ما إن غاب زوجها عن ناظريها حتى نظرت إلى معتصم قائلة بنبرة شديدة الصدق:"منذ علمت بلقائك بوالدك وأنا أشكر الله عز وجل وأحمده في كل صلاة،شكرا لوجودك في حياتنا معتصم"
ضيق ما بين حاجبيه قائلا:"على ماذا الشكر؟"
تمتمت بنبرة ونظرة يبدو بهما الشجن جليا:"انا عشت عمرا مع والدك وأنا أشعر بالذنب إنني حرمته من الإنجاب،كان هو راضيا ولكني كنت أُحٓمِل نفسي لوما دائما والآن بعد ظهورك في حياتنا زال هذا الشعور من داخلي وأنا أشعر أن أبا بكر لا ينقصه شيء"
ابتسم معتصم قائلاً:"الحمد لله أن الطرق تلاقت في النهاية وكما أن وجودي في حياة أبي أحدث تغييرا إيجابيا فوجوده هو الآخر في حياتي أكمل النقص وضبط كفتي الميزان"
كانت نوارة تتحدث بتلقائية تُخرِج ما في قلبها ولم تنتبه أن بكلماتها تؤذي عنان التي شعرت بغصة في حلقها وهي ترى نفسها في نفس موضع نوارة ولكن معتصم انتبه إلى وجودها واهتزاز شفتيها الذي كانت تداريه بمهارة إلا عنه وعينيها اللتين امتلأتا بطبقة رقيقة من الدموع فمد يده ولامس أناملها مشددا فرفعت وجهها إليه في نظرة دون كلام،عاد محمود وهو يحمل طبقا كبيرا بيضاوي الشكل مرصوص فوقه مُعجنات يبدو من شكلها أنها شهية ووضعها قائلا ببشاشة:"تفضلوا،هكذا يحلو فنجان القهوة"
قالت نوارة:"سلمت يداك أبا بكر"
"سلمك الله"
مال عليه معتصم متسائلاً:"ما قصة مناداتك بأبي بكر هنا لا بمحمود؟"
قال والده بعد أن أخذ أول رشفة من كوب قهوته:"حين تعرفنا انا وعثمان كان معنا أكثر من شخص باسم محمود فمن أجل التمييز كانوا ينادونني باسم أبي وحين أزمتنا التي حكيت لك عنها عُرِفت أيضا بأبي بكر فاستمر الاسم معي ثم تمتم بابتسامة شاردة:ولم يكن هناك أعز عندي من أن يناديني الناس باسم أبي الراحل فلا يغيب عن بالي ثانية واحدة"
أومأ له معتصم برأسه متفهما فهو رغم غيابه لسنوات عن بلدته وأهله إلا أن هذا لا يُقلل من حبه وانتماؤه وهذا ما لاحظه معتصم قبل رحيله هو وأبوه عن البلدة حين زار محمود قبر أبويه وعمه وأجداده وكيف كان تأثره وبكاءه على قبورهم جميعا
******
بعد أن صمم معتصم على العودة إلى الفندق هو وعنان ليبدئا رحلتهما جلس محمود برفقة نوارة ببيتهما الذي عاشا به منذ أن تزوجا،كانا يجلسان على أريكة محببة اعتادا الجلوس عليها بجوار النافذة المطلة على البستان ومحمود شاردا فمسدت نوارة على ذراعه قائلة بنبرة خاصة:"هناك كلاما على لسانك حبيبي"
نظر إليها قليلا بتدقيق فهي تعرفه حق المعرفة وبالفعل كان هناك كلاما ولكنه لا يعرف من أين يبدأ فأردف بحرجِ:"هناك فعلا كلام نوارة"
فأكملت بإقرار لا بسؤالِ بوجه مسترخي:"يخص معتصم"
فيوميء برأسه:"يخص معتصم"
فتٌكمِل الكلمات الناقصة كأنها ترتب كلمات مبعثرة فتنسقها بجوار بعضها:"ويخص شكل حياتنا القادمة بعد التغير الذي طرأ عليها"
ابتسم قائلا وهو يراها تنظر في عينيه فتقرأ الكلمات بهما:"أعتقد لا أحتاج إلى كلام مع امرأة ذكية مثلك"
ابتسمت قائلة وهي تتجلى أمام عينيه شديدة الرقة والذكاء والجمال وتوهج لون شعرها تحت الضوء الخافت يسحره:"أنت ماذا تريد حبيبي ؟مالذي يرضيك بعد سنوات التعب والتيه وغربة الروح التي كنت دائما تشكوها لي ؟"
قال دون تردد وبنظرة مؤثرة:"يرضيني أن أقضي ما تبقى من عمري مع معتصم،أشعر بأنني أريد أن أشبع منه فما بقى من العمر قليل"
قاطعته:"أطال الله بعمرك"
فيكمل:"أعرف أنه من الصعب عليكِ ترك بلدتك وأهلك ولكن إن وافقتي على العودة معي أتعهد لكِ بأن نُقٓسِم الوقت بين البلدين بحيث يكون نصف وقتنا هنا ونصفه هناك"
بنظرة مدروسة أردفت:"وإن لم أوافق؟"
قال دون تفكير:"حقك طبعا،وقتها سأُقٓسِم نفسي أنا نصفين نصف معكِ ونصف مع معتصم"
فقالت وهي ترى لمعة التأثر في عينيه وهي التي أسرها من اليوم الأول بلين قلبه:"والتي لا تقبل فيك بالمناصفة؟ التي تريدك كاملا ولا تستطع فراقك يوما؟"
شعر أنه يوضع بين المطرقة والسندان فأردف بحيرة:"ماذا تريدين أن أفعل نوارة؟"
ابتسمت أخيرا ابتسامة عذبة وأردفت:"أنا معك في أي مكان،لن أستطيع أن أقف في طريق بقاءك مع ابنك واستعادة جزء من حياتك التي عشت عمرا تبحث عنها في صحوك ونومك،لامست أنامله بأناملها مكملة:أنا معك دائما كما اتفقنا في الدنيا وفي الجنة بإذن الله"
أخذ نفسا عميقا ثم فتح ذراعيه فاقتربت منه مطوقة بذراعيها جذعه تريح جانب وجهها فوق صدره مصدر أمانها الدائم فأردف أخيرا وهو يربت فوق ظهرها:"موقفكِ هذا سأحمله لكِ ما تبقى لي من العمر نوارتي"
فتجيب بخفوت وهي ترفع أناملها تلامس لحيته برقة:"لا أريدك أن تحمل لي موقفي أبا بكر أريدك فقط أن تحمل في قلبك حبي حتى النهاية"
*******
في اليوم التالي
مواقف كثيرة مؤثرة في حياة البشر ولكن الأكثر تأثيرا حين نقف بين يدي الله عز وجل فتمتزج اللهفة مع الرهبة،تسيل دموع العينين على وجه يبتسم ببشاشة،يختلط الشوق والتوق بالوجل والخشوع
كان معتصم يقف بجوار عنان أمامهما مباشرة الحجر الأسود وقد تجمد كلاهما كتمثالين من شمع ما إن رأيا المشهد المهيب وكلاهما لأول مرة يخوض هذه الرحلة المُمتعة،دقائق قليلة كل منهما يقف بجوار صاحبه لا ينطق فقط ينظر أمامه إلى أن ذاب الشمع وسالت دموع العين من مقلتي عنان حتى أغرقت وجهها تأثرا ولمعت عيني معتصم فتلاقت نظراتهما لثوان قليلة ودعى كل منهما بما في نفسه ثم قاما بأداء عمرتهما بحماس واستمتاع
*******
صباح اليوم التالي
كانت عنان تجلس على سجادة الصلاة في غرفة الفندق ترتدي اسدالها بعد أن صلت ركعتين لله،ترى الحجر الأسود من مكانها عبر زجاج النافذة الشفاف فتبتهج عيناها وينشرح صدرها وتشعر أن أبواب السماء مفتوحة أمامها فترفع يديها داعية الله بخشوع وتضرع وحين خرج معتصم من الحمام جلس بجوارها قائلا:"بماذا تدعين هكذا بحرارة؟"
تمتمت بخفوتِ ونبرة واثقة:"ادعوه بكل الأماني التي يراها البشر مستحيلة وهي عليه هينة،ثم أردفت بسرعة مُغيرة دفة الحوار:وأشكره أيضا على نعمه التي لا تُعد،اكتست عيناها بنظرة شديدة الصدق:أشكره على أنه رزقني حبك ونجاك من الحادث الأخير ويسر لنا رحلتنا هذه وادعوه أن يديمك نعمة في حياتي"
ابتسم قائلا:"كل هذه الدعوات لي؟"
قالت بحنان وهي تلامس كتفه:"سأظل أدعو لك طوال عمري،هناك دعوات حين أدعوها أشعر كأنني أدعوها لابني ودعوات أخرى لحبيب وأخرى لصديق،أنت أصبحت لي كل شيء في الحياة مٌعتصم"
لامست كلماتها الصادقة قلبه وأثارت عاطفته فأردف بمزاح وهو يبتعد عنها ويستقيم بسرعة:"ليس مجال هذا الكلام هنا عنان نحن نعتمر حبيبتي"
فقهقت ضاحكة وأردفت:"انا اتحدث بكل براءة"
فقال بنبرة طفولية وهو يبتعد عنها:"وأنا ضعيف أمام برائتك هذه"
******
بعد العصر بقليل
كان عمرو ومودة يجلسان في احدى البواخر النيلية يتناولان الغداء مع بهاء ورهف اللذان أنهيا جولتهما في الاقصر وأسوان وعادا إلى بيت عمران لقضاء يومين قبل رحيلهما نهائيا بناءا على طلب غالية وعمرو فأخذهما عمرو لتناول الغداء بالخارج، كانت مودة تجلس بجوار رهف وقد بدأت تعتاد عليها قليلا والجميع يتشاركون حديثا عاما ومودة تصغي بإنصات إلى اختلاف لهجات ثلاثتهم فترى مزيجا من التآلف والتناغم،أردفت رهف برقتها المعهودة:"حين تتزوجان ستأتيان لدينا مودة وقتها سأعرفك على كل ركن ببلدنا وستحبينها بإذن الله كما أحببنا البلد هنا تماما"
قالت مودة بابتسامة صغيرة:"بإذن الله"
كان بهاء قد أنهى طعامه فاستقام قائلا:"سأغسل يديّ"
فقامت معه رهف قائلة:"خذني معك"
وحين ابتعدا اقترب عمرو من المقعد المجاور لمودة وجلس بجوارها قائلا:"بدأتِ في الاعتياد على رهف"
قالت ببساطة:"هي لطيفة إلى حد ما"
فأردف بهدوء وهو ينظر في شعاع الشمس الدافىء المنعكس على صفحة النهر:"لفتت نظري حين اقترحت أن نذهب في رحلة إليهم بعد الزواج إلى شيء وهو أنني فعلا أريد أن أطوف معكِ بلاد عدة،أريد أن أذهب معكِ إلى كل البلاد التي زرتها والتي لم أزرها"
تمتمت بخفوتِ وهي تتأمل جانب وجهه ولون العسل الصافي في عينيه وهو مٌسترخي هكذا:"بإذن الله"
بعد دقائق عاد بهاء ورهف ولكن اتجها إلى الجانب الآخر من الباخرة ووقفا متجاورين فأحاط بهاء كتفيها بذراعه قائلا:"أنا وقعت في غرام البلد هنا أعتقد ستكون لنا زيارة كل عام"
أردفت وهي تستند برأسها على كتفه:"وأنا أيضا ،بإذن الله نفعلها كثيرا"
كان عمرو يتابعهما بابتسامة شاردة فتعجبت مودة لحالة السكون التي تغمره فتمتمت:"ماذا بك لمَ تنظر إليهما هكذا ولمَ أشعر بك شاردا طوال اليوم؟"
قال وهو ينظر إليها:"سعيد جدا لسعادتهما لقد كنت شاهدا على قصتهما معا منذ اليوم الأول وظننت لفترة انها لن تكتمل"
ابتسمت قائلة:"بارك الله لهما"
فأردف مستعيدا روحه المشاكسة:"أما عن شرودي (مط شفتيه متمتما ببؤس) فسببه أنتِ"
قالت دون فهم:"لماذا؟"
قال بنظرته المشاغبة وهو يطوف باشتياق على كل ملامح وجهها:"أريد أن أتزوج أنا يا مودة وكلما حدثت أبي قال حدث عمك أحدث عمي يقول حين نشاور جدتك وجدتي تقول حين يعود معتصم ،تمتم بحنق:معتصم يسافر مع زوجته وأنا أنتظر"
ابتسمت رغم خجلها من وقاحته وأردفت:"وحين يأتي معتصم لا تطمح في أكثر من خطبة"
ضرب سطح المنضدة بقبضته بعناد طفولي قائلا:"أنا أقسمت لأمي غالية إن لم تتصرف سأرتكب جريمة....ثم تمتم بنظرة شغوفة:وأنا صراحة أتحين الفرص لارتكابها"
أشاحت بوجهها بعيدا تداري ضحكتها وبداخل صدرها تدوي مفرقعات صاخبة من كلماته وحركاته التي أصبحت تربكها كل يوم عن اليوم الذي قبله وتزيدها تعلقا به.
*******
كانت وصال تجلس في بيت أهل طارق مع حماها وحماتها منذ أن أحضرها صباحا وذهب هو إلى عمله،رن جرس الباب وكان ثلاثتهم يجلسون أمام التلفاز فَهَمَت أم طارق للقيام فاستقامت وصال بسرعة قائلة:"لا تقومي ماما سأفتح أنا"
اتجهت لتفتح فمالت أم طارق على أذن زوجها قائلة بصوت مبتهج:"منذ أن أتت وهي لا تدعني أقوم لفعل شيء ولا تناديني سوى بماما"
ابتسم قائلا:"حمدا لله،يبدو انها نالت الرضا السامي"
فتحت وصال فكان طارق الذي ابتسم ما إن رآها ومال على وجنتها بقبلة سريعة فتمتمت بخفوتِ:"طارق والداك يجلسان "
فرفع حاجبا واحدا ومال على الوجنة الأخرى قائلا:"لا مادام كلاهما متواجدان فلا تكفي قبلة واحدة لابد من اثنتين"
فضحكت رغما عنها ودخل هو إلى الداخل مُلقيا السلام على الجميع ثم قَبَلَ يد والده ورأس أمه فأردفت وصال:"أعد لك الطعام طارق؟"
قال وهو يضع يده على بطنه:"جائع جدا وصال"
فأسرعت إلى المطبخ فأردفت والدته وهي تربت على كتفه:"ماشاء الله البنت أية في الأخلاق والتربية"
ابتسم قائلا:"ألم أقل لكِ أمي"
تمتمت بنبرة صادقة ونظرة دافئة"بارك الله لكما حبيبي ورزقكما بالذرية الصالحة"
وبعد قليل كان يجلس في غرفة الطعام ومعه وصال يأكلان معا وقد رفضت أن تتناول الغداء حتى يأتي واكتفت بالافطار فقال لها وهو يشعر بشعور الارتياح بعد استقرار حياته:"أمي أحبتك جدا وصال ماذا فعلتي بها؟"
ابتسمت ابتسامة حلوة قائلة:"أنا لم أفعل شيء فقط تعاملت معها على طبيعتي وحاولت ارضاءها كأمي تماما"
وضع ملعقه ارز في فمه ثم أردف:"ربما كلمة السر هو التعامل على طبيعتك ولا تتصوري مقدار سعادتي بهذا التآلف بينكما"
قالت وهي تنظر حولها:"هل تعرف انني شعرت بالألفة تجاه البيت وتجاه والديك ،كانت دائما ماما غالية تخاف علينا من الخروج خارج إطار العائلة حتى لا نصطدم بثقافات أخرى وعادات أخرى ولكنني لا أشعر سوى بالألفة"
قال موضحا:"الإنسان هو الإنسان دائما وصال الغالب عليه هو الطيبة والميل لتكوين علاقات اجتماعية ناجحة صدقيني السيئون قليلون والتآلف بين البشر هو السائد بشكل أكبر"
وضعت قبضتها على وجنتها وتمتمت بإعجاب:"لمَ أشعر انك بقاعة المحاضرات وأنا أجلس في المدرج وأستمع إليك"
ابتسم قائلا:"اشتقتِ إذن للعب دور التلميذة"
قالت بابتسامة عذبة:"انا حقا اشتقت ،كانت أجمل أيام حياتي هي التي تعرفت عليك فيها واكتشفت أن حلمي حقيقة وموجود على أرض الواقع"
غمز بعينه قائلا:"أنا كنت أنوي أن نبيت اليوم هنا ولكن بوضعك هذا أرى أن نذهب إلى بيتنا أفضل"
قالت بخفوتِ:"لا طارق دعنا نبيت والدتك رتبت نفسها على ذلك"
بعد ساعتين
كان طارق قد أخذ وصال يسيران قليلا في الشارع الرئيسي بالمحافظة ليعرفها على الأماكن الحيوية وكانت تتطلع في واجهات المحلات التجارية على الجانبين في الوقت الذي وقعت عيناها على صيدلية فأردفت بتوتر حاولت مداراته:"أريد أن أشتري شيء من الصيدلية"
"ماذا تريدين؟"
أشاحت بوجهها جهة الصيدلية قائلة:"أنا سأدخل وأشتري"
ساوره الشك وظن أنها تريد بعض الأغراض النسائية وتخجل منه فأردف وهو يحاول ترجمة الارتباك الذي تخفيه:"ماذا تريدين وصال؟قولي لي"
التفتت نحوه وتمتمت بحرج:"أريد شراء اختبار حمل"
اتسعت عيناه قائلا:"هل أنتِ"
ضغطت شفتيها ببعضهما وأردفت:"لست متأكدة أنا فقط أشك لذلك كنت أريد التأكد ولم أكن أريد أن أخبرك حتى أتأكد"
ضيق ما بين حاجبيه قائلا:"لماذا؟"
"حتى لا تتعلق بأمل وأنا لست واثقة"
ابتسم قائلا وهو يتابع سيره البطيء بجوارها:"الموضوع بسيط ونحن مازلنا في البداية،ثم أردف باهتمام:هناك معمل تحاليل في نهاية الشارع مارأيك أن نقوم بعمل التحليل فيه أفضل،أسمع دائما أن هذه الاختبارات المنزلية دقتها ليست عالية"
بعد نصف ساعة
كانا يجلسان في معمل التحاليل بعد أن أخذت الأخصائية العينة منها وينتظران النتيجة فكانت وصال تنظر إلى باب الغرفة كل ثانية وهي تفرك كفيها بتوتر فأردف طارق وهو يحيط أناملها ب-أنامله:"لمَ التوتر؟"
أردفت بنبرة متوترة:" أنا فقط أتمنى أن أكون أما في وقت قريب"
لم يرد عليها وظل يتأمل ملامحها الرقيقة القلقة فيشعر بفيض من حنان يبدو بنظرة عينيها فيدعو الله أن يمن عليهما في القريب من أجلها في المقام الأول
قطعت عليهما حديث العيون واللحظات المتوترة الأخصائية التي اقتربت منهما تمسك تقريرا بيدها قائلة ببشاشة:"مبارك عليكما، النتيجة إيجابية"
فرفعت وصال عينيها نحوها وهي لا تصدق،كان فزعها الأكبر أن يحدث لها أي عوائق ك-عنان ويسر فحين سمعت كلمات الأخصائية تسمرت مكانها إلى أن أخذ طارق التقرير منها وشكرها وربت على كتف وصال قائلا بابتسامة واسعة:"مبارك حبيبتي"
فنظرت إليه قائلة بصوت خفيض:"قالت إيجابي مضبوط؟"
فيقول طارق بابتسامة حلوة:"مضبوط"
*******
"أنا حامل أمي "
ما إن سمعت حليمة صوت ابنتها المبتهج حتى انشرح قلبها وأردفت بسعادة دون شعور:"حقا وصال تأكدتي يا ابنتي؟"
"نعم أمي قمت بعمل تحليل في الدم"
سالت دموع حليمة التي تشتاق منذ سنوات لحفيد وأردفت:"مبارك حبيبتي"
أما غالية التي كانت تجلس معها ببهو البيت فأردفت بعينين دامعتين فرحا:"ماشاء الله،اعطني إياها أبارك لها"
أعطتها الهاتف لتبارك لها هي وزوجها وكانت نعمة تحمل أكواب الشاي وتخرج من المطبخ حين سمعت الحوار فاختلج خافقها اشتياقا لسماع هذا الخبر،لا لا تريد أن تسمع تريد أن ترى ابن يحيى في حجرها اليوم قبل غدا ولكنها أسرتها في نفسها واقتربت فوضعت الصينية على المنضدة قائلة لحليمة:"مبارك حليمة العاقبة لعنان ومودة باذن الله"
*******
بعد مرور عدة أيام
كان معتصم وعنان قد انتهيا من تأدية العمرة ولهما عدة أيام يتجولان في البلدة وقد اكتشفا بها العديد من الأماكن السياحية والتجارية والترفيهية فاستغلها كلاهما في قضاء عدة أيام من الاستجمام والبعد عن الأجواء الضاغطة التي مرا بها طوال الفترة الماضية فكانا يتنزهان ويتسوقان معظم الوقت،كانا يجلسان في أحد المطاعم الشهيرة ينتظران محمود ونوراة ليتناولوا الغداء معا في الوقت الذي رن فيه هاتف معتصم وحين نظر إلى متصله تمتمت عنان:"من؟"
قال:"عمتك،ثم رد قائلا بهدوء أصبح هو الملازم له منذ أن استقرت الأحوال:اهلا أمي كيف حالك؟"
تمتمت يمنة بابتسامة مشرقة:"بخير يا قلب أمك،طمأنني عليك وعلى أحوالك وكيف حال عنان؟"
نظر إلى عنان التي تحتسي مشروبا دافئا وتنظر من زجاج النافذة الشفاف إلى النافورة في منتصف الساحة الخارجية وأردف"كلانا بخير،اعتمرنا ونقضي عدة أيام نستجم قليلا،ثم أردف بسرعة وبنبرة أثارت فيها مشاعر دافئة:حقا الا تريدين شيء معين من هنا؟"
دمعت عيناها قائلة بابتسامة متأثرة:"أريدك سالم حبيبي"
قال بجدية:"أنا بالفعل اشتريت لكِ بعض الأغراض ولكن أسأل إن كنتِ تحتاجين شئ معين"
لم تتمالك نفسها وهي تشعر بفيض مشاعره التي اشتاقت إليها طويلا فسألت دموعها ورغم محاولاتها للكتمان إلا أن حشرجة صوتها فضحتها فأردف بقلق:"ماذا بكِ؟"
فقالت وهي تحاول التماسك:"أبدا حبيبي أنا فقط كنت أخاف أن أموت ويكون بصدرك شيء تجاهي فأحمد الله أنه ألان قلبك أخيرا"
يعرف أنه ضغط عليها لسنوات ويشعر بالضيق من نفسه رغم أن عذره كان معه فأردف وقد تغضن وجهه فلاحظت عنان واعتدلت تواجهه:"أعرف أنني كانت جافا معكِ لفترة طويلة ولكن ..."
قاطعته قائلة:"لا تأتي بذكر هذه الأيام ادعو الله ألا يعيدها(ثم استطردت في محاولة جادة للخروج من شرنقة الضيق والألم الذي لازمها لسنوات لتقصيرها في حقه) :تٌذكرني مكالمتنا هذه بمكالماتنا حين تركت البلدة لأول مرة للالتحاق بالثانوية العسكرية حين كنت أحدثك فتقول لي سأنزل في يوم كذا وأشتهي الرقاق بالتقلية ولحم الضأن فأذهب إلى بيت جدك في يومها وأعده لك"
ابتسم بحنين إلى أيام كانت رائعة بوجود أبوه عمران وتمتم:"ومازلت أشتهي الرقاق بالتقلية ولحم الضأن من يديكِ"
أردفت بصوت حنون:"ومتى ستأتي؟"
"بعد غد باذن الله سنصل صباحاً"
قالت بحماس:"تأتيان بالف سلامة وستجد ما طلبته بإذن الله"
كان تمام يجلس بجوارها على الأريكة المواجهة للنافذة ينظر في شعاع شمس المغيب بشرود ولا ينتبه إلى شيء سوى كلمات متفرقة من حديث أمه وأخوه فأردف أخيرا:"اعطني أياه"
أعطته الهاتف فأردف بصوتِ رغما عنه جامدا:"كيف الحال معتصم"
"بخير تَمَام"
من نبرة صوته أدرك معتصم ما يدور بداخله فسأله بشكل مباشر:"الا يوجد أي أخبار عن عمار؟"
زفر تمام نفسا حارا قائلا:"لا"
فقال مٌعتصم بحرج:"أنا أعرف أنني مقصر معك في هذا الأمر ولكنك رأيت بنفسك الظروف التي مررت بها الفترة الماضية"
قال تمام:"أعرف معتصم كان الله في عونك"
فاستدرك الاخير:"ولكني وصيت زملائي كما تعلم وبإذن الله حين أعود سأكثف البحث"
قال بفتور:"بإذن الله"
انتهت المكالمة بعد أن أخذت يمنة الهاتف ثانية وحدثت معتصم وعنان وما إن أغلقا حتى كان محمود ونوارة قد حضرا فاستقام كل من معتصم وعنان لاستقبالهما
بعد تناول الطعام
كانت كل من نوارة وعنان تتبادلان حديثا ودودا في الوقت الذي أردف فيه محمود لمعتصم الجالس قبالته:"حين تعود بإذن الله أريدك أن تطمئن على ترتيبات البيت وأنها تمت كما طلبتها"
قال معتصم:"طبعا،لا تقلق"
"وأنا بإذن الله حين أعود أٌكمِل ولكن يكون هناك حد أدنى يسمح بالعيش بالبيت حتى لا تتضايق نوارة"
ابتسمت نوارة ابتسامة حلوة بحلاوة محياها فأردف معتصم وهو يستند بمرفقيه على المنضدة و يميل جهة والده:"هل أنت متأكد من أنك تريد العودة فعليا؟"
ضيق محمود ما بين حاجبيه قائلا:"كيف لا أفهم؟"
قال معتصم بنظرة بها خليط من القلق والحيرة:"أي ليس تحت ضغط الواجب"
شعرت كل من نوارة وعنان في نفس الوقت أن كل من الأب والابن يحتاجان الاختلاء ببعضهما فأردفت نوارة بنظرة خاصة:"عنان هلا رافقتني إلى الحمام"
أومأت لها عنان برأسها واستقامت معها متجهتان بعيدا قليلا فأردف محمود:"لم تقول هذا معتصم الا تريدني بجوارك؟"
"أريدك بشدة"
قالها دون تفكير ثم أردف بنظرة جادة:"ولكني حين فكرت في الأمر وجدت أنني ربما أكون أنانيا حين أطلب منك أن تترك حياة كاملة عشتها من أجلي ونسيت أن لك زوجة وعائلة اعتبروك ابن لهم"
قال محمود:"الزوجة والعائلة متفهمين لظروفي جيدا وأنا لا أريد العودة تحت ضغط الواجب بل أريد العودة لأنني أريد،لأنني أحتاج أن اتوكأ عليك في كبري وأعيش معك ما ضاع مني ومنك فهل سأجد لديك ما أسعى إليه؟"
ابتسم معتصم ابتسامة دافئة فكانت عيناه كبحرين متسعين وأردف:"ستجد أكثر مما تتوقع أبي ولا تنسى أنني احتجتك وسعيت خلفك عمرا كاملا ،عرفتك قبل أن تعرفني وحلمت بك قبل أن أراك"
امتلئت عيني محمود بالدموع وأردف بتأثر:"عسى أن يمد الله في عمري لأعوضك"
*******
بعد يومين في بيت عمران
كانت غالية تجلس على رأس طاولة السفرة تجمع أبناءها واحفادها على الغداء بعد أن عاد معتصم وعنان من سفرتهما وكانت يمنة قد أعدت لمعتصم كل ما يشتهي وجلست بجواره تضع الطعام الذي يحبه في طبقه فيأكل بشهية مفتوحة فأردفت غالية ليونس الذي يجاورها في المقعد:"ها هو معتصم قد أتى فكما اتفقنا نقوم بعمل جلسة اتفاق بشأن عمرو ومودة وأحمد وهاجر وبعدها نعقد قران حاتم و..."
قاطعهما عمرو قائلا بحنق:"أي جلسة اتفاق هذه؟الم نتفق أنني أريد الزواج مباشرة"
احتقن وجه مودة واخفضت عينيها في طبقها ونظر إليه يونس بامتعاض بينما ابتسم زكريا فأردفت غالية:"بعد رمضان بإذن الله تتزوج مباشرة عمرو أما أحمد فسينتظر لفترة"
قال عمرو باستياء وهو يستبعد المدة:"ولم لا نتزوج قبل رمضان؟"
قال يونس بامتعاض لزكريا:"قل لابنك ليس سلق بيض هو البنت تحتاج إلى وقت وجهاز نعده كما أن لديها اختبارات لابد أن تجتازها أولا"
فأردف عمرو مهادنا:"لم أعترض أنا"
فأكمل يونس بحزم:"وتعليمها لا جدال فيه إن شعرت انك تعطلها عن دراستها أو أنها تتلكع سأعيدها إلى بيتي حتى تنهي دراستها أنا من الأساس كنت رافضا لزواجها قبل انتهاء الدراسة لولا أمي"
قال عمرو مشاكسا يلطف الأجواء :"علم وينفذ يا عماه واؤكد لك انك لن تندم يوما على هذه الزيجة وسترى أن عمرو زكريا عمران هو أفضل من صاهرت من جميع ازواج بناتك"
رفع معتصم عينين مستنكرتين إلى عمرو وهو مندمج باستمتاع في غمس شرائح الرقاق بالشوربة:"سنرى يا صهر المستقبل سبحان الله ضاقت بي لأجدك صهرا لي على أخر الزمان"
رفع عمرو حاجبا واحدا قائلا:"وهل كنت تطول؟"
فيقول معتصم ساخراً:"نعم كنت أطول "
ظلوا جميعا يمزحون معا وظلت غالية تتأمل مشاكساتهم بصدر رحب وابتسامة شديدة الحلاوة تشق طريقها فتملأ خطوط الوجه التي صنعتها السنوات بالحيوية والحياة
بعد الغداء
ذهب كل منهم إلى بيته ليرتاح وحين اختلت عنان بمعتصم الذي كان يرقد في فراشه يستعد للنوم بعد تعب اليوم اقتربت منه بهدوء فنامت على ذراعه فضمها إليه دون كلام ولكنه شعر بانتفاضتها الداخلية فأردف وهو ينقلب على جنبه ليواجهها:"هل حدث شيء؟"
قالت بخفوت وخجل وهي تحيط جذعه بذراعها:"أريد أن أطلب منك طلبا"
قال باهتمام:"ماذا تريدين؟"
بنظرة اثارت تعاطفه أردفت:"أريد أن أذهب إلى طبيب أمراض نساء يقولون إنه ماهر جدا ويتبع أساليب حديثة لاتابع معه وضعي"
مرر أنامله في خصلات شعرها وطاف على ملامح وجهها يرى احتياجا وتوق يبدو بنظرة عينيها وملامحها المٌعبرة عما يجول بصدرها وتمتم:"أ تريدين هذا الأمر بشدة؟"
قالت وعينيها تلمعان بلمعة خاصة:"تصدقني إن قلت لك أنني أريده بشدة من أجلك"
قال بجدية:"ولكني لم أطلبه عنان"
قالت وهي تختزل المسافة القليلة بينهما فتصبح الوجوه شديدة القرب:"أنا أريد أن أنجب طفل منك،طفل يحمل اسم معتصم الرحماني،طفل يشبهك،هل تفهمني؟"
ضمها حتى لاصق وجهها صدره قائلا بخفوت:"وهل هناك من يفهمك مثلي"
********
بعد مرور أسبوع
كانت الأنوار اللامعة تضيء بيت الشيخ عزت من أوله لأخره احتفالا بخطبة فاطمة الزهراء وعقد قرانها والذي تمسك كل من الشيخ عزت وأم هاشم بأن يكون بالبيت حتى يعرف جميع أهل الحي انها تزوجت على سنة الله ورسوله ليكون له صفة في دخوله البيت وخروجها معه
كانت شقة الشيخ عزت مفتوحة الباب وشقة أم هاشم مفتوحة أيضا وفي شقة الأول يجلس الرجال وهم الشيخ عزت وابناؤه الذكور وبعض من أهل الشارع إلى جانب حاتم ووالده وشقيقه وأعمامه وأبنائهم جميعا وفي الشقة المقابلة جميع النساء
خرجت زهراء من غرفتها ترتدي فستانا انيقا بلون كريمي ووشاحا به لمعة خفيفة بنفس اللون فاستقبلتها الزغاريد وابتسمت هي بوجل للجميع وهي تشعر أن كل العيون مُعلقة عليها فجلست بجوار غالية بعد أن صافحت الجميع ،تشعر تجاهها بالألفة والحميمية عكس ليلة التي تشعر أن هناك حاجزا بينهما رغم أنها تعاملها بلطف.
كانت الشقتان متقابلتين بينهما رواق قصير جدا فكان الطرفان يرون بعضهم بوضوح وحين بدأ عقد القران كان حاتم يضع يده بيد الشيخ عزت ليعقدوا القران وكان المأذون صوته عاليا يخترق أذني زهراء وهي تجلس على الأريكة المقابلة لباب الشقة تنظر إلى حاتم الذي يضع يده بيد الشيخ عزت فيردد خلف المأذون
(قبلت زواج موكلتك فاطمة الزهراء جلال اسماعيل على كتاب الله وعلى سنة رسوله ) فتشعر بطنين في أذنيها ورجفة باردة كالثلج تسري في جسدها،حقا لقد تعطلت حاسة السمع لديها لدقائق كانت ترى فقط حاتم يستقيم مصافحا الشيخ عزت بابتسامة واسعة وجميع أهله يحتضنونه ويهنئونه وهي انهالت عليها الأحضان والقبلات من الجميع، أمها التي لم تكن تتمالك نفسها من السعادة وأهل حاتم خاصة بنات عمه كلهن لطيفات معها وحين انتهى حاتم من تلقي التهاني من الرجال أتى ليبارك لعروسه بلهفة ولكنه جعلها الأخيرة وهو يصافح أمه ويقبلها بحرارة بعدها جدته التي قالت له بمحبة:"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير"
وزوجات عمه وبناتهن وحين وقف أمام زهراء مد يديه لها وكانت جالسة فأردف وصوته يخترق أذنيها وكأنه يأتي من بعيد:"مبارك زهرتي"
نظرت إلى يديه الممدوتين وحين استوعبت انها أصبحت حلاله مدت يديها المرتجفتين فاحتواهما ما إن لامس أناملها وجذبها لتستقيم واقفة ثم اجفلها حين ضمها ضمة قوية زلزلت جسدها كله وهو يتذوق شعوره الأول بها بعد أن أصبحت حلاله وكان شعور بمذاقِ لذيذ لم يذق مثله من قبل،رائحتها المحببة وملمس بشرتها وإحساسه بتفاصيلها الأنثوية التي تستثير مستقبلاته الحسية فتجعله شديد التوق لها واللهفة عليها ... وهي ذابت كقطعة شوكولاتة في كوب قهوة شديد السخونة وهي تشعر بمشاعر لا قبل لها بها ورئتيها تستقبلان رائحته من هذا القرب فتفرزان في جسدها خدرا لذيذا...
كلاهما غاب عن الإدراك بمن حوله لدقائق قليلة وحين استوعب هو الوضع وأنهما تحت الأضواء وجميع البنات تنظر إليهما بابتسامات غير بريئة ابتعد على مضض مٌقبلا رأسها فتشعر بالبرودة لبعده عنها وحين ابتعدا مد يده إلى فرح قائلا بحنان:"فرحتي تعالي حبيبتي"
واحتضنها وقبل رأسها وهي كانت السعادة ترتسم على كل سكناتها رغم أنها لا تفهم شيء عن تلك الجلبة.
أما بالخارج فكان سعد يحوم حول البيت يشعر بالحنق وقد وقع الشيء الذي لم يكن في حسبانه على الإطلاق،فاطمة لم تكن سيئة هو يعرف أنها لم تكن يوما سيئة ولكنها كانت عنيدة،عنيدة لدرجة أوصلتها لمخالفته فجعلت نفسه تعافها ووجد نفسه لا يتقبل وجود الصغيرة التي جاءت إلى الحياة ولن تنال منها سوى الألم النفسي والجسدي والتنمر
لا يعرف لم تداهمه هذه المشاعر الان،ربما لشعوره بالعجز عن فعل ما يجب على أي رجل فعله في هذا الموقف وهو المطالبة بابنته،لا يستطع فعلها ولا النطق بها
خرج الناس من بيت الشيخ عزت ووجد بينهم فاطمة فتوقف جانبا ينظر إليها أما هي فلمحته وكأنها تلمح طيفا من الماضي،طيفا باهتا لا تريد حتى أن يمر من أمامها فأدارت وجهها إلى الجهة الأخرى واستقلت السيارة بجوار حاتم بعد أن اطمئنت على صغيرتها وأنها غفت برفقة أمها بالداخل
******
في احدى البواخر النيلية كان تجمٌع أحفاد عمران جميعا وفي منتصف النهر كانوا يٌبحرون وكل طير بجواره وليفه في جلسة شبابية هادئة احتفالا بعقد قران حاتم وزهراء وصاحب الدعوة كان معتصم الذي كان يجاور عنان وبجوارهم على نفس الأريكة الواسعة عمرو ومودة وطارق ووصال
وعلى الأريكة المقابلة كان يوسف ومريم ويحيى ويسر وأحمد وهاجر بينما يجلس العروسان على أريكة جانبية بمفردهما والاغاني الهادئة المنسابة حولهما والاضاءات الخافتة تجعل الأجواء شديدة الخصوصية والرومانسية وكل منهم يهمس مع من يجاوره الا عمرو الذي كان وجهه مقلوبا فأردفت مودة بحيرة:"ماذا بك عمرو؟"
فأردف بامتعاض وملامحه تتشكل في عينيها كطفلِ غاضب:"الذي بي أن الجميع يتزوج إلا عمرو، الجميع يعقد قرانه إلا عمرو ،بالكاد جلسوا جلسة اتفاق منذ عدة أيام ارتدينا فيها المحابس إلى أجل غير مسمى"
تحسست محبسها في اصبعها وابتسمت ابتسامة حلوة خجولة قائلة:"ألم يقل الكبار بعد العيد وبعد امتحاناتي"
نظر إليها نظرة خطرة وتمتم بخفوتِ:"والذي لا يستطيع التحمل لما بعد العيد ماذا يفعل؟"
قاطعهما معتصم وهو يميل نحوه قائلا بصوت خافت:"يصوم"
قال عمرو ساخرا:"رمضان أمامه عدة أيام"
فقال معتصم بتهكم:"أنت على وجه الخصوص تبدأ صيام من الآن"
فقال عمرو بامتعاض:"حسنا تهكم فمن يده في الماء ليس كمن يده في النار"
رمقه معتصم بنظرة صارمة وأردف بجدية هذه المرة:"احترم نفسك البنت وجهها يتلون حرجا وأنت لا تملك ذرة حياء"
زفر عمرو قائلا باقتضاب:"حسنا سأحترم نفسي مؤقتا"
أما أحمد وهاجر فكانا في دنيا أخرى،كانت الأخيرة تنظر إلى المحبس الذي يزين اصبعها وهو ينظر إلى من تزينت بالحياء ملامحها قائلا:"أنا تحدثت مع عمرو بشأن التقديم في الجامعة ووعدني أنه سيقنع عمي زكريا بالأمر وطمأنني أن الأمر سيكون يسيرا خاصة بعد زواجه وانتقاله إلى المحافظة وقتها تستطيعين الانتقال معه وتكونين قريبة من الجامعة"
رفعت وجهها إليه بابتسامة شديدة الحلاوة والضوء الجانبي الأصفر ينعكس شعاعه على وجهها فيعطيه بريقا وسحرا وأردفت:"أنت لا تعرف خطوة الجامعة هذه كم تفرق معي"
قال:"بل أعرف حبيبتي"
اختلج قلبها من وقع الكلمة الأخيرة ولاذت بالصمت تشعر بارتباك فأكمل هو:"أعرف كم تفرق معكِ كما أعرف أنكِ تحتاجين لفترة خطبة تعتادين فيها عليّ لذلك لم أتعجل في الزفاف كعمرو"
أردفت بحرج:"انا حقا احتاج وقتا"
قال بتفهم:"خذي كل وقتك"
وبجوارهما كان يجلس يحيى بجوار يسر التي كانت متألقة بفستان بلون العسل وحجاب مزركش بدرجات اللون العسلي فكانت كالملكة على عرش قلبه كعادتها فكان ينظر إليها بإعجاب وهي لم تكن هادئة لفترة طويلة كهدوئها وسكينة روحها في هذه الفترة وهي تحاول أن تمسح من رأسها بممحاة أي أثر سلبي مر عليها في الفترة الأخيرة
كانت كفها مستكينة بجوارها على الأريكة وهي تنظر إلى مياه النيل وانعكاس اضواء البواخر التي تمر على ماء النهر فتعطيه بريقا ولمعة مميزة فلامس أناملها السمراء الرقيقة لتنظر اليه مبتسمة ابتسامة رقيقة فينظر إليها نظرة بألف معنى فأردفت بخفوتِ:"لم تنظر إليّ هكذا؟"
ضيق ما بين حاجبيه قائلا:"وكيف انظر اليكِ؟"
قالت بحيرة:"لا أعرف نظرة لا أستطيع تفسيرها"
اقترب منها قليلا واقتربت قليلا وهو لازال يمسك يدها قائلا بنظرة شديدة الصدق:"حين يظن المرء أنه سيخسر أغلى ما يملك ويوقن من تمام الخسارة ثم يعود اغلى ما يملك اليه يظل فترة الأمر مؤثرا"
قالت بخفوت:"وهل ظننت أنك ستخسرني؟"
أومأ برأسه إيجابا ونظرة عينيه يبدو بها الشجن:"ظننت للأسف حتى انني شعرت بموت قلبي،والان شعرت به عاد إلى الحياة"
شعرت بانقباض في صدرها وهي تتذكر تلك الفترة العصيبة وأردفت:"لم تأتي بهذه السيرة ثانية؟"
ابتسم قائلا:"أنتِ من سألتني"
قالت لتهرب من لحظة الشجن التي فرضت نفسها:"حسنا لن أسألك ثانية"
فشدد على أناملها يضغطهما برفق بأنامله فتسمع كلمات معزوفه على جدار القلب لا منطوقة وقد استعادت سيطرتها كاملة على عقله وقلبه فتأكدت أن قوتها بقربه لا ببعده وسطوتها على قلبه غالبة...
وبعيدا عن الجميع كان حاتم يجلس بأريحية بجوار زهراء يشعر بسعادة تغمره وقد ملكها أخيرا وهي تشعر بمشاعر متوهجة تجاهه،كان قد نزع سترته ورابطة عنقه ليجلس ببنطاله وقميصه يحيط كتفيها بذراعه فتشعر بالخجل ولكنه لا يقبل بالابتعاد فأردف ليكسر حدة خجلها:"تنظرين حولك ولا تنظرين لي زهرتي"
قالت بخجل:"أشعر بالحرج من الجميع"
قال ضاحكا:"الا ترين كل زوجين كيف يتجاوران؟ لا تقلقي عائلتنا المشاعر بها فياضة جميع من يجلسون حولك خاضوا قصص حب ملتهبة حتى وصلوا إلى ما هم عليه الآن"
نظرت إليه تتأمل وهج عينيه قائلة:"وأنت كم مرة خضت فيها قصة حب؟"
قال دون مواربة:"أحببت قديما عدة مرات أو هكذا خٌيل لي أما عن القصة المتوهجة التي تمنيت أن تقاسمني صاحبتها حياتي فكنتِ أنتِ"
قالت بفضولِ وكل حواسها منصتة:"ماذا شعرت بالضبط حين رأيتني؟ احكي لي"
فيقول بعينين لامعتين:"حين رأيتك لأول مرة ورأيت ملامح وجهك وطراز ملابسك شعرت أنني أرى خلطة سحرية لفتاة خرجت من أفلام الأبيض والأسود ،مزيج من رقة فاتن حمامه وأنوثة هند رستم ودلال شادية وجمال سعاد حسني"
رفعت حاجبيها دهشة فأكمل بجموح :"ولكنكِ في نفس الوقت تحتفظين بكينونة خاصة تميزك فتجعل منكِ امرأة شديدة التميز،رائحة طعامك كانت تدخل إلى قلبي مباشرة فأشعر بشعور طفل صغير لا يشتهي سوى طعام أمه"
تسارعت أنفاسها وهي ترزح تحت مشاعر طاغية فأردف هو بنظرة متملكة:"وأنتِ زهراء مالذي لفت انتباهك لي منذ البداية؟"
دون تفكير وكأنها كانت تعرف سؤاله وتجهز إجابته أردفت بنبرة صادقة وعيون ناطقة:"انك رجل ،من البداية وحتى يومنا هذا ما يلفت انتباهي وجعلني اتعلق بك رجولتك"
أصابته كلمتها بسيل من المشاعر الجامحة وتدفقت الدماء في جسده كله فجز على أسنانه قائلا:"منك لله يا معتصم"
تعجبت من تغير حاله فأردفت :"لماذا تقول هذا؟"
قال بنظرة شغوفة:"لأنني لم أكن أوافق على هذه السهرة الجماعية كنت أريد أن نكون بمفردنا ولكنه صمم أن نتجمع هذه الليلة"
"وماذا فيها؟"
قال بلهف"أنني كنت أريد الرد على كلماتك الرائعة ردا عمليا يليق بروعتها"
تخضب وجهها بحمرة خفيفة ولم تخفض عينيها وهي تشبعهما برؤية وهج عينيه.....
أما عمرو الذي كان يتفتت غيظا وهو يرى الجميع يتعامل بانطلاق عداه هو فاستقام قائلا بصوت عال أجفل الجميع:"ما هذه الأجواء الهادئة التي لا تليق بأفراح،ثم اقترب من الشاب الذي يشغل الأغاني قائلا:ماذا لديك من الأغاني الشعبية يا بُني؟"
دقائق وكانت إحدى الأغاني الشعبية الصاخبة تصدح في المكان فيقف في المنتصف قائلا لمعتصم:"هيا يا صهري نٌحي الأجواء قليلا"
فقال معتصم وهو يسترخي بظهره للخلف ويضع ساق فوق ساق:"لا.. تفضل أنت الساحة لك"
فنظر إليه بامتعاض ثم حول نظره إلى طارق قائلا:"من البداية قلت ليس لي صهر سوى طارق"
فقهقه طارق ضاحكا ثم استقام مٌلبيا دعوته ليرقصان سويا رقصا شبابيا على إحدى الأغاني الصاخبة ليقلبوا الأجواء ويشعلانها والجميع يصفق لهما بحرارة وبدأوا في الاندماج مع الجو الحماسي المشتعل... حتى مريم التي كانت تنكمش بجوار زوجها تشعر بالغثيان والدوار أخذت تصفق وتغني وهي تتمايل في مكانها برقة جهة يوسف الذي كان يبتسم لها ويلتهم ملامحها بعينيه وقد عاد إلى عينيها بريقهما وإلى وجهها نضارته وإلى روحها الحياة فيحمد الله على الهداية بعد سنوات الضلال
********
قبل رمضان بعدة أيام
كانت للتو قد أدت صلاة الفجر وما إن استقامت ونزعت اسدالها حتى سارت بخطوات بطيئة جهة الحمام كمن تمشي على حبل رفيع،كانت قد قامت بعمل تحليل حمل منزلي عقب آذان الفجر مباشرة ولكنها جَبُنت من رؤية نتيجته فألقته بعيدا وتوضأت لتصلي الفجر،وحين انتهت داعية ربها بأن ييسر لها الخير حيث كان عادت إلى الحمام لترى النتيجة التي لا مفر منها وحين اقتربت من أداة الاختبار التقطتها بقلب خافق فكانت النتيجة أمامها واضحة دون شك..خطان أحمران
ارتجفت يداها الممسكتين بالأداة وأغمضت عينيها لثانية واحدة كانت كفيلة لأن تسترجع فيها ذكريات لمرات عديدة مشابهة وتسترجع معها مشاعر مؤلمة من حزن وفقد وفتور روح لتفتح عينيها على صوت باب الشقة الذي يٌغلق أعقبه صوت يحيى الذي عاد من صلاة الفجر وحين دلف إلى الحجرة ولم يجدها نادى بصوتِ عال:"يسر أين أنتِ؟"
خرجت من الحمام بوجه شاحب فاقترب منها قائلا بشك:"هل حدث شيء؟"
صمتت قليلا لا تعرف ماذا سيكون رد فعله ثم أردفت بخفوت وترقب:"أنا حامل"
اتسعت عيناه قائلا:"حقا؟ كيف؟ ألم تكوني منتظمة على الحبوب؟"
قوست شفتيها ثم أردفت:"لا لم أتناولها منذ أن حدثت مشكلتنا الأخيرة"
أغمض عينيه لثانية مرت فيها صورا سريعة في ذهنه للحظات انكسارها وانكساره ثم أردف محاولا تدارك الأمر:"الطبيب أخر مرة قال إن هناك أدوية معينة المفترض الالتزام بها قبل الحمل بعدة أشهر"
تنهدت بضيق قائلة:"انا اخذت أدوية كثيرة يحيى وفي النهاية قضاء الله هو الغالب"
وجد أن كلامهما في هذا الأمر قد فات أوانه فمسد على كتفيها محتويا توترها وضمها مربتا على ظهرها قائلا بهدوء مصطنع:" لا تقلقي أن شاء الله خير"
أما ملامح وجهه فكانت عكس ذلك تماما ولكنها لا تراها ،يبثها الطمأنينة رغم شعوره بالخوف، يهدىء توترها رغم أنه يغلي انفعالا
******
بعد أن ذهب يحيى إلى عمله وذهب معتصم إلى بيت والده يتابع العمال الذين يعملون ليل نهار لإنهاء المنزل قبل عودة محمود صعدت يسر إلى شقة عنان فكانت كل منهما تجاور الأخرى وتمسك بيديها كوب النسكافيه الساخن وكانت يسر قد أخبرت عنان بخبر حملها فأردفت عنان:"باذن الله سيجبرك الله هذه المرة"
قالت يسر بتضرع إلى الله:"يااااارب"
فقالت عنان بحماس:"انصحك أن تذهبي إلى الطبيب الذي ذهبت إليه لتتابعي الحمل من البداية"
قالت يسر باهتمام:"ماذا أخبرك عن حالتك؟"
قالت عنان باستكانة:"قمت بعمل بعض التحاليل والاشعات قال إنها ليست سيئة وأننا مازلنا صغارا وبإمكاننا عمل حقنا مجهريا بتقنيات حديثة ولكنه ينصح دائما ببدء العلاج بمنشط بسيط قبل التدخل بعمليات"
قالت يسر:"إن شاء الله خير،وما رد فعل معتصم؟"
قالت عنان:"معتصم لا يتحدث في هذه الأمور أنا من أسعى ليس هو"
قالت يسر وهي تشعر بأنها مُقبلة على مرحلة حساسة في حياتها:"جعل الله سعي وسعيك مثمرا"
"آمين،وكما قلت لكِ اقنعي يحيى بالذهاب إلى الطبيب لم أجد أحد الا وشكر فيه"
قالت يسر :"باذن الله،ثم استدركت بسرعة:نسيت أن أخبرك انا ويحيى اتفقنا لن نقول لأحد اطلاقا حتى نطمئن حتى لا يكون هناك ضغط علينا من جهة ولا يبني أحد امال من جهة أخرى"
أومأت لها برأسها متفهمة وهي تمسد على ظهر قطتها التي تجلس بجوارها بحنان وأخذت كل منهما تحتسي مشروبها وفي القلب أمنية غالية بعيدة بٌعد نجوم السماء.

نهاية الفصل

وبإذن الله موعدنا مع الفصل الأربعون والخاتمة الاثنين القادم

في تمام السابعة إن شاء اللهِ


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-03-22, 09:10 PM   #1756

وسام عبد السميع

? العضوٌ??? » 386250
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 269
?  نُقآطِيْ » وسام عبد السميع is on a distinguished road
افتراضي

الفصل جميل جدا
مشهد الباخرة تحفة....كل اتنين رسيو علي بر اخيرا والامور استقرت
اعتقد الجيل الجديد هيكون اعمارهم قريب من بعض 😁😁😁 الولادة هتكتر الفترة القادمة
منتظرة الخاتمة ان شاء الله
بالتوفيق يا جميلة❤❤❤


وسام عبد السميع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-03-22, 09:34 PM   #1757

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

يا جمالو للفصل
بعد طول المعاناة كل واحد رسي على بر الامان مع نصه التاني
بس للامانة ما بدي اياها تخاص للرواية يا هبة شوفيلك حل


ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-03-22, 09:35 PM   #1758

lana maythn
 
الصورة الرمزية lana maythn

? العضوٌ??? » 406930
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 169
?  نُقآطِيْ » lana maythn is on a distinguished road
افتراضي

الفصل جميل جدا وكله تفائل وفرحه تسلم ايدك ❤

lana maythn غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-03-22, 09:42 PM   #1759

سوهي(زهور الربيع)

? العضوٌ??? » 491859
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 46
?  نُقآطِيْ » سوهي(زهور الربيع) is on a distinguished road
افتراضي

روعه الفصل يا هوبا كله أمل وتفائل ومعاني جميلة
حبيت المشاهد كلها ومكنتش عاوزه الفصل يخلص والله
وحقيقي متأثرة جدا بنهاية الرواية🥺♥️

تسلم ايدك يا حبيبتي وربنا يكتبلك التوفيق دايما 😍♥️


سوهي(زهور الربيع) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-03-22, 10:13 PM   #1760

اللؤلؤة الوردية
 
الصورة الرمزية اللؤلؤة الوردية

? العضوٌ??? » 414871
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 722
?  نُقآطِيْ » اللؤلؤة الوردية is on a distinguished road
افتراضي

الفصل روعة يا هوبة بس على قد جماله على قد ما أنا حزينة إن الرواية حتخلص كنت مستمتعة بها جدا سأفتقدها بكل معنى الكلمة

اللؤلؤة الوردية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:12 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.