آخر 10 مشاركات
تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          39 - ابنة الريح -روايات أحلام قديمة (الكاتـب : فرح - )           »          [تحميل] الــخــوف مــن الــحــب للكاتبة : bent ommha (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          عذراء في ليلة زفافها (22) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          عذراء اليونانى(142) للكاتبة:Lynne Graham(الجزء2سلسلة عذراوات عيد الميلاد)كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4112Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-02-22, 06:54 PM   #1631

ولاء مطاوع

? العضوٌ??? » 463351
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 155
?  نُقآطِيْ » ولاء مطاوع is on a distinguished road
افتراضي


فى انتظار فصل اليوم على احر من الجمر
لما نشوف اخرتها مع الاستاذ محمود اللى مدوخنا من اول الروايه


ولاء مطاوع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-22, 08:56 PM   #1632

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الخامس والثلاثون
(١)

مضى يومان على زفاف وصال وطارق حرصت العائلتان على ترك مساحة من الخصوصية لهما وفي اليوم الثالث زارهما عائلة طارق أولا والده ووالدته وإخوته

وبعد انصرافهم جميعا دلفت وصال إلى المطبخ لتقوم بغسل الاطباق والأكواب التي ضايفتهم فيها بينما نزل هو ليوصل أسرته

كانت ترتدي عباءة انيقة بلون كريمي وحجاب مماثل ولم تبدل ملابسها لانتظارها أسرتها الذين كانوا على وشك الوصول،الابتسامة لا تفارق وجهها وشعورا بالاتياح يغمرها كما غمرها طارق في الأيام القليلة الماضية بكل المشاعر الحلوة التي تحتاجها الانثى ،كان رقيقا راقيا متفهما مراعيا وكانت كأنها فوق السحاب معه

أنجزت ما تفعله وخرجت إلى غرفة المعيشة ترتبها قبل مجيء عائلتها ،تشعر بالألفة داخل شقتها من أول يوم وكأنها تسكنها منذ سنوات

فتح طارق باب الشقة ودلف فاستقبلته بابتسامة حلوة فأردف ممازحا وهو يدنو منها:"متى سيأتي الفوج الثاني من العائلة؟"

رفعت حاجبيها قائلة:"في الطريق ،كلمت أمي وقالت لي أمامهم تقريبا ربع ساعة"

اقترب منها وضمها مُقبِلا رأسها فاستجابت لقربه لدقائق ثم ابتعدت عنه قائلة بعد تردد:"طارق والدتك طيبة جدا وخفيفة الظل ولكني لاحظت في معاملتها مع زوجة اخيك الكبير انها حساسةقليلا،تنحنحت قائلة: أنا لا أقصد شيء فقط أقول ملاحظتي"

ابتسم قائلا:"هي بالفعل كذلك ولكني أؤكد لكِ انها في غاية الطيبة،ثم أردف بجدية:تستطيعين كسبها بكلمة حلوة ثم عاد ليبتسم ثانية:هل تعرفين انها تأخذ على خاطرها من زوجة أخي فقط لأنها حتى اليوم لا تقول لها ماما جربي مثلا أن تناديها بهذا اللقب ستجدين فرحتها به كبيرة"

أردفت وصال ببساطة:"وماذا فيها أناديها ماما"
قال موضحا:"عامة أنا فضلت أن يكون هناك مساحة من الخصوصية بالابتعاد قليلا عن بيت العائلة حتى تظل المودة بين الجميع "

قالت وهي تحتضن ملامحه كلها بنظرة شاملة:"أنا أحبك وأحب كل من يخصونك وسأسعى جاهدة لأن تكون علاقتي بهم على أكمل وجه "

ضمها إليه ثانية وغمغم بابتسامة ملأت وجهه:"حبيبي أنا العاقل الرزين وهذا كان ظني فيكِ"

رفعت وجهها إليه تملأ عينيها بملامحه الجذابة في عينيها دائما وأبدا فغمرها بفيض من مشاعر لا زالت في أوجها وسلمت بسعادة طاغية
********
بعد قليل
كانت الشقة تمتلىء عن أخرها بأهل وصال،أبوها وأمها وأُختيها،عمها هارون وزوجته وابناؤه وصالح وزوجته ونعمة وعمرو عوضا عن أبيه ومعهم يمنة

رحب طارق بالجميع بحفاوة وقامت وصال إلى المطبخ لتجهيز العصائر والحلويات فقامت عنان خلفها وحين اختلت كل منهما بالأخرى أردفت عنان:"كيف حالكِ حبيبتي وما أخبار طارق معكِ"

أردفت وصال بابتسامة يشوبها القليل من الخجل:"طارق رائع جدا"

احتضنتها عنان وأردفت بتأثر :"حمدا لله أن أتم عليكما فضله"

وحين ابتعدت كل منهما قليلا أردفت وصال بشك:"أشعر أن بكِ شيء ،ومعتصم لمٓ لم يأتي معكِ"

تنهدت عنان وغامت عينيها بالتأثر فأردفت وصال بقلق :"ماذا حدث ؟ انطقي"

أما بالخارج فكان الجميع يندمجون في الحوار ومعهم طارق بينما عمرو كل تركيزه مع مودة التي أصابتها الصدمة منذ اعترافه لها،رغم أن اعترافه هذا كان جل ما تتمناه ولكنها من يومها وهي عقلها لا يكف عن التفكير من جهة أمه تارة وتارة أخرى خوفا أن تتكرر معهما قصة يسر ويحيى بحذافيرها،ترى نظراته إليها وتهرب منه منذ ما حدث وتتجنب كل طرق تلاقيهما وحين حاصرها بنظراته استقامت ودلفت إلى المطبخ حيث أختيها بوجهِ مُمتقع وحين دخلت إليهما ورأت كل منهما ملامح وجهها أردفت عنان بقلق:"ماذا بكِ؟"

لم ترد وهي تسحب كرسيا وتجلس عليه تضع مرفقها على المنضدة المقابلة وتضع راحتها فوق وجنتها فقالت وصال بتوتر وهي تجلس بجوارها:"ماذا بكِ أنتِ الأخرى؟"

مطت شفتيها ثم أردفت بنظرة شاردة:"لقد اعترف لي عمرو بأنه يحبني ويريد أن يطلب يدي من أبي "

فناظرت كل من وصال وعنان الأخرى بابتسامة مشاغبة ثم أردفت عنان مُتهكمة بنفس طريقة نعمة:"صلاة النبي أحسن"
*******
صباح اليوم التالي
كان عمرو يقف أمام بوابة البيت الكبير بجوار السيارة بعد أن قام بتلميعها وتنظيفها جيدا يرتدي بنطالا من الجينز الشبابي وقميص أسود وفوقه سترة بنفس اللون فبدى أنيقا جذابا في عيني مودة التي خرجت للتو من بوابة البيت لتجده أمامها هكذا ،احتضنت كتبها التي تحملها بين يديها وأردفت بخجل وهي تتجنب النظر إلى عينيه:"صباح الخير"

فتمتم بابتسامة جذابة وهو يتأمل بجرأة وجهها المتورد :"صباح الورد "

نظرت على جانبي الطريق قائلة وهي تنظر في ساعتها:"لقد تأخر العم زهير اليوم "

قال بهدوء :"لم يتأخر لقد جاء في موعده ،ثم بسط راحته فوق صدره قائلا ببراءة مصطنعة:وانا صرفته"

اتسعت عينيها عن آخرهما وظهر بهما الشراسة وهي تقول:"ماذا تقول؟"

اقترب من باب السيارة وفتحه قائلا وهو يناظرها بنظرة ثاقبة:"سأوصلك إلى الجامعة اليوم"

جزت على أسنانها قائلة:"ومن منحك الإذن لفعلها؟"

مط شفتيه قائلا ببساطة:"انا منحته لنفسي بصفتي ابن عمك "

قالت بغيظ:"سامحك الله عندي امتحان بعد ساعة"

كان الشارع خاليا في هذا الوقت من الصباح ولكن عمرو أردف بجدية حتى لا يقفا أكثر من ذلك في الطريق :"سأوصلك قبل الموعد بإذن الله ثم أنكِ حين يتأخر السائق تركبين مع معتصم أو يحيى أو حتى يوسف ماذا أفرق انا عنهم هم ابناء عمك وانا ابن اللهو الخفي!"

لم يكن أمامها سوى الامتثال لطلبه رغم غيظها من فعلته فوالدها خرج مبكرا إلى العمل وهذا المختل صرف السائق فركبت فأغلق الباب خلفها شاعرا بالظفر وأسرع إلى مقعده وانطلق بها

وما إن خرجا إلى الطريق الرئيسي حتى أردفت مستنكرة:"لم أكن أتخيل أن يكون تفكيرك طفوليا إلى هذه الدرجة "

رفع حاجبيه وأردف متهكما:"حقا!"

قالت بضيق:"ماذا أقول لأبي إن عرف؟"

قال بهدوء وهو يركز نظره على الطريق:"لا تقولي شيء أنا من سأقول كنت فقط أريد أن أتحدث معكِ في بعض الأمور قبل أن أفاتح عمي يونس"

احمر وجهها خجلا وأشاحت بوجهها جهة النافذة فأردف بهدوء:"أشعر بأن هناك كلاما على لسانك تودين قوله وتتراجعين عنه على أخر لحظة "

"ألم أقل لك أن تحدثه وأنا سأقول له ردي"قالتها بخجل شديد

فأردف هو بنفس الهدوء مضافا إليه الثقة:"ردك هذا أكد أنكِ توافقين ولكن ما أتحدث عنه "

قاطعته وهي تعتدل وتوليه وجهها مُعطية ظهرها للنافذة وفي عينيها تحفزا وعلى وجهها الاستنكار :"ماذا قلت ؟ ردي أكد لك أنني أوافق! من قال هذا ! أنا قلت لك حدثه وأنا سأخبره بموافقتي أو رفضي لم أفكر بعد"

لم يستطع تمالك نفسه فقهقه ضاحكا وهو يحول نظره ما بين الطريق وبين ملامح وجهها التي تحولت فجأة والدماء تندفع إلى وجنتيها فيزداد توردهما ،يحبها بكل تناقضاتها هذه بل يذوب فيها عشقا
فأردفت بحنق:"على ماذا تضحك؟"

أخذ نفسا عميقا وأخرجه ببطء ثم التفت إليها لثانية واحدة وأردف بنظرة ثاقبة ثبتتها مكانها :"أحبك بكل حالاتك وأنتِ عاقلة وأنتِ مجنونة ثم ركز نظره على الطريق الممتد أمامه على جهة الزرع الاخضر وعلى جهة النهر الجاري مُكمِلا:أحب فيكِ الجد والهزل التعقل والجموح ،لا أعرف كيف تسربتي إلى قلبي وعقلي بهذه السرعة"

تسمرت مكانها واتسعت عيناها لا إراديا وهي تنظر إلى ملامحه الجادة وعينيه اللامعتين وهو يتحدث عنها ويحكي حكاية غرام حديث العهد وكأنه يحكي عن مشاعرها هي لا مشاعره

حولتها كلماته في ثانية من قمة الحنق منه إلى الخضوع ،تلاشت رغبتها في مشاكسته وحلت الرغبة المُلِحة إلى عناق طويل،تسارعت أنفاسها وعلى وجيب القلب بألحان تمس الروح

حين لاحظ صمتها وتأثرها أردف مباشرة:"ما أريد معرفته مالذي يقلقك بالضبط بشأن ارتباطنا كوني صريحة معي وقولي لي كل ما يقلقكِ فأرد عليكِ بالحُجة لنصل إلى حلول مُرضية"

حاولت أن تبدو متماسكة أمام سيل العاطفة التي غمرها بها وفتحت النافذة المجاورة عل الهواء البارد يغمر المساحة الصغيرة الفاصلة بينهما فتتلاشى رائحة عطره الجذاب من الأجواء وأردفت بجدية:"أول شيء أخاف منه السكن في بيت العائلة ،رفعت حاجبا واحدا قائلة بنبرة خاصة: وأنت بالطبع تعرف السبب"

مط شفتيه ثم أردف وهو ينظر إليها نظرة سريعة:"وأنا مثلك لذلك أُفٓضِل أن نعيش في شقة المحافظة ،قريبة من عملي ومن جامعتك ونذهب إلى بيت العائلة في نهاية كل أسبوع نطمئن على من لنا ونعود بعدها "

كان رده مُقنعا فأردفت مباشرة:"أخاف أيضا أن تتكرر مشكلة يحيى ويسر بشأن الانجاب فنفس صلة القرابة التي بينهما بيننا "

قال بجدية:"أتريدين الانجاب؟"
قالت ببراءة:"طبعا وهل هناك امرأة لا تريد ؟"

مط شفتيه بامتعاض ورفع حاجبيه قائلا بتهكم:"وأنا من كنت أظنك مؤدبة"

تضرج وجهها بالدماء ما إن فهمت مقصده فهربت بعينيها بعيداً وزمت شفتيها بانفعال مكبوت وهي تتمنى لو تلاشت من أمامه إلى الأبد وحين أدرك أنه أحرجها أردف بابتسامة عابثة:"أمزح معكِ ماذا حدث؟ ثم تحول العبث إلى الجد وهو يقول:نستطيع قبل أن نتخذ أي خطوة فعلية عمل تحاليل ما قبل الزواج لنطمئن على كل شيء"

لم ترد عليه وهي تنظر من النافذة فأردف :"هل هناك شيء أخر ؟"

أردفت دون أن تنظر إليه :"أنا مازال أمامي عدة سنوات في الجامعة والزواج حاليا سيعطلني وكما فهمت أنت تريد زواج في الوقت الحالي"

قال ببساطة:"أعتقد أنني أكثر شخص سأتفهم طبيعة دراستك وبالعكس سأساعدك قدر استطاعتي فلا أرى أن هناك شيء سيعطلكِ سوى الانجاب و نستطيع بكل بساطة تأجيله عدة سنوات تكونين انتهيتِ من دراستك بعدها يكون العمر أمامنا لفعل أي شيء"

قالت وهي تلتفت له وكان يركز في الطريق الذي بدأ يزدحم أمامه فيعطيها حرية تأمل سكناته وملامحه المحببة والغوص قليلا في عُمق جرتي العسل خاصته:"مازلنا صغارا نستطيع الانتظار ونقوم بعمل فترة خطبة أولا"

قال مبتسما دون أن ينظر إليها:"ولأننا صغارا أريد أن نبدأ حياتنا معا ،نبدأ كل خطوة معا فتكون لنا ذكريات جميلة في كل مرحلة ،تتخطين أعوامك في الجامعة وأنا معكِ،أترقى في عملي وأنتِ معي ،تتخرجين لتصبحي أجمل طبيبة وأنا معكِ ،أُكمِل دراستي العليا وأنتِ معي، هكذا تكون الحياة أجمل"

كلماته المُفعمة بالأمل والعاطفة جعلت الحماسة تدب في جسدها وهي تنظر إلى الطريق الممتد فتتشكل أمامها صورا مُجسمة لمستقبلهما معا ،صورا مُلونة بألوان السماء السبعة

ظل يتحدث طويلا وتستمع كثيرا وتتحدث قليلا إلى أن وصلت إلى الجامعة حينها نظرت إليه وأردفت ودقات قلبها تتسارع:" عمرو أريدك أن تدخل بي إلى الداخل "

دون أن يسألها عن السبب دخل بها وعند المبنى الذي تتجمع فيه هي وصديقاتها أشارت له أن يقف وأمام الجميع نزلت بزهو من السيارة ،شعور لا يشبه أي شعور ،فعلتها من قبل من باب المُفاخرة حين كانت ترى صديقة تتباهى بأخ وأخرى بحبيبِ أما الآن فكان الشعور مُختلف ربما نظرته لها ووصفه لمشاعره جعلها تشعر بقيمتها عنده فتزداد قيمتها في عين نفسها فتريد للجميع أن يرى كم هي مُميزة ،حين نزلت تركت كتبها على الأريكة الخلفية متعمدة ثم أردفت ببراءة مصطنعة:"عمرو من فضلك احضر لي كتبي من الخلف "

نزل عمرو مسرعا ليحضر لها كتبها ولم يكن يعرف شيء عما يدور بذهنها ولم يلتفت إلى البنات المتجمعات ينظرن إليهما بعضهن بفضول والبعض بغبطة وأخريات بدهشة
أحضر لها الكتب ودار حول مقدمة السيارة وأعطاهم لها وفوقهم ابتسامة جذابة ونظرة هائمة فأخذتهم مبتسمة ابتسامة حقيقية منبعها القلب واستأذنت منه لتُقبِل على صديقاتها بخطواتِ بطيئة واثقة ترى لمعة العيون التي تنظر إليه فيصيبها قبس من سعادة من جهة وسهم الغيرة عليه من نظراتهن ينفذ إلى قلبها من جهة

وحين دنت من صديقاتها جذبنها يتسائلن بفضولِ عن هويته فترد بتلكوء أنه ابن عمها وهو حين اطمئن عليها غادر بعد أن شيعها بنظرة أودعها فيها جل عشقه تبعتها دعوة بأن يحفظها الله له من كل شر
******
في عيادة طبيبة النساء
كانت مريم ترقد على سرير الكشف تقوم الطبيبة بعمل سونار لها للاطمئنان على وضع الجنين وخلفها ثلاثة أزواج من العيون تراقب الشاشة بفضولِ وشغف

يوسف الذي يختلج قلبه بانفعال وهو يتطلع إلى الجنين الذي يتشكل أمامه بكل تفاصيله، رأس وعينين وأطراف فيشعر بعاطفة قوية تجاهه وتوق إلى مرور الأشهر ليراه أمام عينيه ويحمله بذراعيه
أما زياد فيشعر بسعادة لانضمام اخ جديد لهم وحدها جنة التي يحملها أبوها من كانت تواجه انفعالا اخر يعصف بها فتشعر بالغيرة من اهتمامهم المفاجىء بهذا الصغير وسعادتهم لرؤيته

أردفت الطبيبة التي كانت تتابع معها مريم في حمل زياد وجنة وهي تُنحي الجهاز جانبا:"الوضع مُطمئن الحمد لله الجنين بخير ومريم بخير"

همت بالقيام للعودة إلى مكتبها ولكن يوسف أسرع قائلا:"هل هو ولد أم بنت؟"

ابتسمت قائلة:"الزيارة القادمة نتأكد بإذن الله"

خرجت لتترك مريم تُعدل ملابسها فخرج يوسف خلفها وهو يحمل جنة بينما ظل زياد بجوار أمه فأردف يوسف باهتمام:"وما حدث لها منذ شهر زال أثره ولا يوجد خطر على الجنين؟"

قالت وهو تمسك القلم لتكتب الروشتة:"هي حاليا بخير ربما ما حدث سببه تعرضها لضغط نفسي وعصبي ومادام الضغط قد زال فلا يوجد خطر عليها باذن الله المهم عندي الان الراحة التامة والبُعد عن التوتر والمداومة على الأدوية التي سأكتبها"

خرجت مريم ومعها زياد ووقفت بجواره فابتسم لها وربت على كتفها قائلا:"كما سمعتي وضعكما بخير فلا داعي للقلق"

اومأت برأسها قائلة:"حمدا لله"

بعد قليل كانوا يقفون جميعا أمام سيارة يوسف المصفوفة أسفل بناية الطبيبة فأردف يوسف وهو ينظر إلى صغيرته الواجمة:" ما رأيكم لو نذهب إلى أحد المطاعم ونتناول الغداء معا؟"

لانت قليلا ملامح جنة وأردفت:"أريد أن آكل بيتزا "

فأردف زياد:"لا أنا أريد برجر"

مط يوسف شفتيه ثم أردف وهو يضع جنة فوق مقدمة السيارة:"مارأيكم في سمك وجمبري؟"

في صوت واحد قال كلاهما :"لااااا"

أما مريم فكانت تقف بالجوار تنظر إلى سعادة زوجها وابناءها وتحمد الله أن من عليها بنعمة الاستقرار وهدى لها يوسف،سعيدة لاستقرار صغارها بين اب وام فقد كان أكثر ما يؤلمها أن تنفصل عنه ويذوق اولادها مرارة التشتت

جذبها يوسف من شرود أفكارها قائلا:"مريم ما رأيك أنتِ من ستحكمين بيننا بيتزا ام برجر ام سمك وجمبري"

ذكر الأصناف التي قالها يوسف فقط كان كفيلا بأن يصيبها بالغثيان فأردفت بتردد وهي تضع يدها على بطنها :"إن قلت لكم ما اشتهيه في هذه اللحظة ستُقدرون موقفي؟"
..........
بعد قليل
كان يوسف ومريم وزياد وجنة يجلسون بالطابق الثاني في أحد أشهر المطاعم بالمحافظة أمام كل منهم طبقا من الكشري المصري

أردفت مريم التي تجاور يوسف وهي تشعر بالذنب:"انا قلت لكم أن تأكلوا ما تريدون وتدعوني آكل ما أريد "

قال يوسف وهو يضع طبق الصلصة فوق الكشري في طبق جنة الجالسة أمامه مباشرةً:"لا، نأكل جميعا من نفس الطعام ،ثم غمز لها بعينه قائلا :نوع من المشاركة المعنوية وتعرفينني في المشاركة لا اتأخر "

ابتسمت ابتسامة حلوة وأخذت تضع الكثير من الدقة فوق طبقها مُتلذذة برائحتها التي تجعلها مُقبلة على الطعام لا نافرة منه مثل باقي الأصناف ثم بدأت في الاستمتاع بأكلتها المُفضلة

لوى زياد فمه وغمغم بخفوتِ :"ولكني كنت أريد برجر "
وقالت جنة:"وأنا أريد بيتزا"
قال لهما ليراضيهما :"نأكل مع ماما الان وفي المساء أعدكما أن نطلب كل ما تريدان ونأكل جميعا مع عمكما وعمتكما وجدكما وجدتكما"

راقت الفكرة للصغار فأبدوا الموافقة وبدأ كل منهم في الطعام ،نظر يوسف إلى مريم المنهمكة مع طبق الكشري تأكل بشغف وهو يبتسم ابتسامة حانية وفي نيته أن يُسٓخِر أيامه القادمة كلها ليزرع السعادة بقلبها
*******
بعد العصر
دلفت زهراء إلى المطعم من الباب الخلفي بوجه متجهم فكانت رحاب في استقبالها في المطبخ بعد أن أنهت الطلبات الأخيرة
سحبت كرسيا وجلست بجوار صاحبتها تتجنب لقاء العيون فأردفت رحاب بحنق:"فعلتي ما تريدين؟"

التفتت إليها زهراء وأردفت بعناد:"نعم فعلت الصواب"

فقالت رحاب وهي ترفع حاجبا واحدا وتصرفات صديقتها لا تروق لها:"ومن قال أنكِ دائما على صواب ؟ لمٓ تقنعين نفسك دائما بذلك"

بدى التحفز في عيني زهراء وأردفت مستنكرة:"ومالخطأ فيما أفعل ؟ احتدت نبرتها وهي تقول:وهل الصواب ما فعلته أنتِ؟"

قاطعتها رحاب بسخط:"فعلته لمصلحتك"

ازدادت سرعة أنفاسها مرددة:"مصلحتي أن أجلس في شقة يملكها والده ويدفع لي ايجارها من جيبه وحين يعلم والديه يقولان عني أنني مستغلة!"

بدى الامتعاض على ملامح رحاب وهي تشير إليها متهكمة:"لا مصلحتك أن تتركي الشقة لتعودي إلى الحي مرة أخرى،لقد رجعتي الى نقطة البداية"

بدى الانفعال على وجه زهراء وأردفت بحدة :"وهل كنتِ تريدين مني أن أبقى يوم واحد بعد أن عرفت؟"

قالت رحاب بحنق:"كنت أريدك أن تكوني ذكية أكثر من ذلك وتوافقين على حاتم دون تعقيدات وتُقدرين أنكِ تحتاجين في حياتك الى رجل وابنتك تحتاج إلى أب "

اتسعت عيني زهراء وهي ترى في عيني صاحبتها انفعالا غريبا فأردفت بصوت منخفض وعينين شديدتي التحفز: وهل أنا من أعقد موضوع حاتم ام أنني أريد أن أكون له ولكن بكرامتي "

شعرت رحاب في هذه اللحظة انها بالفعل كانت حادة معها فتمالكت نفسها قائلة بنبرة اهدء:"كل ما أقوله أن حاتم ظروفه جيدة جدا وسيوفر لكِ حياة كريمة عوضا عن الساقية التي ندور فيها هذه"

شعرت زهراء أن هناك كلمات على لسان رحاب فأردفت بهدوء حذر:"رحاب أنتِ بكِ شيء مختلف اليوم صارحيني"

أغمضت رحاب عينيها لثانية ثم وجدت أنها من الأفضل أن تصارح زهراء فأردفت دون مواربة:"أنتِ تعرفين أن المحل هنا لم يكن ملكا لأبي رحمه الله وأنه ايجار قديم ،أؤمات زهراء برأسها فأكملت رحاب:مر عليّ بالأمس الاستاذ سمير مدير الجمعية المسئولة عن سلسلة المحلات في المنطقة وأخبرني أن هناك نية في سحب المحلات التي توفي أصحابها وأٓلت إلى أبناءهم لأنها حق انتفاع ولا يصح توريثها،وأن الأمر لو صار بالتراضي يمكن أن يتم تعويضهم بمبلغ ليس سيء أما إن سار بشكل قانوني فسيتم سحبها دون أي تعويض"

بدى الاستياء والقلق على وجه زهراء وأردفت :"هل تأكدتي من صحة هذا الأمر أم مجرد كلام أنتِ تعرفين أنهم يريدون عمل توسعات في مناطق عدة في المحافظة ربما هذا يكون سببا"

قالت رحاب :"ولو كان هذا صحيحا فسيفعلون ما يريدون فالأفضل أن نأخذ تعويضا، أنا سألت المحامي وقال لي أن في حالة أن يكون العقد بحق الانتفاع فلا يورث بالفعل "

"أنتِ أخذتِ قرارك إذن؟"قالتها زهراء بقلب خافق والقادم يتمثل أمام عينيها بوضوح

فأردفت رحاب وشعور بالذنب يغمرها على زهراء ومحمد والفتاة التي تعمل معهم:"أنتِ تعرفين أن لي فترة وأنا أشكو من ازدياد الحمل وإذا كان المكان لن يكون ملكي وسيأخذونه في كل الأحوال فأنا المستفيدة الان بالتنازل وأخذ التعويض،ثم أردفت بجدية: افكر في عمل مشروع بالمبلغ ولكن من البيت ويمكنكِ الاشتراك معي أيضا ونظل معا والأجهزة التي في المطعم نبيعها ويُقسم ثمنها علينا "

وضعت زهراء يدها فوق رأسها وقد أصابها الهم ثم أردفت بفتور:"لا تحملي همي رحاب وافعلي الأفضل بالنسبة لكِ "

طرقة على الباب الخلفي للمطبخ قطعت حوارهما وحين استقامت رحاب وجدت حاتم فأسرعت لتفتح له الباب ،القى السلام وكانت زهراء توليه ظهرها فلم تلتفت فأشارت له رحاب بالدخول ودون كلام خرجت إلى المطعم تاركة اياهم ،جلس بجوارها مباشرة فلم ترفع عينيها إلى عينيه ،رغم انها وبخته على ما فعله ولكنها في الحقيقة تشعر بالحرج منه

قال بهدوء وهو ينظر إلى رأسها المنكسة أمامه:"مالذي حدث زهراء لكل غضبك مني؟"

أسبلت أهدابها وأردفت بخفوت:"أنت تعرف سبب غضبي حاتم ثم أردفت بنبرة مستسلمة وهي لا تزال تغمض عينيها تتمنى الهرب من أمامه ومن الدنيا بما فيها:أنا مُقدرة لاهتمامك بي ورغبتك في مساعدتي ولكن هذه الطريقة تقلل مني"

اقترب بجسده كله منها حتى أصبح لا يفصل بينهما إلا القليل وأردف بنبرة داعمة :"لا شيء يقلل منكِ أبدا زهرتي أنتِ قدركِ يعلو في عيني وقلبي يوما بعد يوم"

تنفست عطره الذي يملأ الهواء وتمنت لو كانت الحياة أبسط من ذلك ثم وضعت يدها في جيبها وأخرجت مفتاح شقته وأردفت بهدوء وهي تضعه أمامه:"تفضل مفتاح الشقة لقد تركناها "

اتسعت عيناه انفعالا وأردف وهو يجز على أسنانه:"والى أين ذهبتِ؟"

قالت ببساطة:"عدنا إلى الحي في بيت الشيخ عزت كانت هناك شقة صغيرة خلت مؤخرا فوضع لنا فيها أثاث الشقة القديمة فعدنا إليها وبأذن سأؤجرها منه"

قال بنبرة غاضبة:"فضلتي اللجوء إلى الشيخ عزت عن اللجوء لي؟"

قالت بانفعالِ وهي ترفع وجهها نحوه:"حاتم أنت تريد أن تتزوجني هل ستحضر والديك لخطبتي في بيتهم هذا في حال موافقتهما "

صمت قليلا وهو يستوعب الأمر ،يبدو أن اندفاعه لمساعدتها وحمايتها جعلاه لا يفكر في هذا الأمر ولكن الآن أدرك أن لديها حقا ،ماذا سيكون موقفها في حال ذهب ليطلبها بالطبع سيكون الأمر مُحرجا لها

استقام واقفا وأخذ المفتاح من أمامها وأردف بنظرة يطل منها التحدي والإصرار :"حسنا زهراء المهم انكن جميعا بخير في هذه الشقة"

استغربت تغيره المفاجيء ولكنها أردفت بخفوتِ:"نعم الحمد لله "

استأذن منها وسط حيرتها وأسرع نحو سيارته وقد عزم على تنفيذ ما يريده
*******
حين دخل حاتم إلى البيت كان الليل قد بدأ يُسدِل أستاره ولفت نظره حالة الشغب التي يثيرها أبناء يوسف بالبيت وقد عادت الى البيت الحياة بعد السكون الذي عمه لوقت طويل

كان صوت التلفاز عاليا وحين سمع الصغار صوت باب الشقة وهو يُغلق أسرعا إليه فربت على رؤوسهم ودلف فكان يوسف يجلس بجوار مريم وبجوارها يسر الصامتة دائما مؤخرا وعلى الأريكة المقابلة يجلس صالح وزوجته فألقى حاتم سلاما مقتضبا ثم قال لوالديه بجدية:"اريدكما بالداخل في أمر هام"
تبادل كل من صالح وليلة نظرة خاصة وكلاهما يعرف مضمون الأمر

بعد قليل
كان ثلاثتهم في غرفة صالح بعد أن أغلق حاتم الباب ووقف أمام والديه قائلا بنبرة شعرها صالح متوسلة رغم ثبات ابنه أمامه إلا أن عينيه فضحتا أمره :"أنا لي عدة أسابيع لم أتلقى منكما أي رد في أمر زهراء ،أريد أن أعرف ردكما النهائي"

أردفت ليلة بسرعة :"ردي أنت تعرفه ولم أُغير رأيي "

رغم توقعه للرد الا أنه أصاب قلبه بالحزن فأردف بهدوء يخفي خلفه ضيقه من ردها :"حسنا أمي ثم التفت إلى صالح قائلا وقد تجنب أن يسأله عن رأيه حتى لا يصدمه:أبي أنا لا استطيع الاستغناء عن زهراء بوجه عام وبوجه خاص الان أريد أن اتزوجها في أقرب وقت هي بالمناسبة عرفت بأن الشقة ملكك وتركتها قالها وهو يُخرِج المفتاح من جيبه ويعطيه لأبيه ،ثم أردف بوجه يحمل هموم الدنيا : وأنا لن أتركها تبقى بعيدا عن عيني هي وابنتها "

أردفت ليلة بعصبية متهكمة:"وأمها نسيت أمها"
فردد خلفها بيأس من طريقتها:"وأمها"

نظرت الى صالح قائلة بعصبية:"اراك صامتا عما يقوله ابنك"

قبل أن ينطق صالح الذي كان يُركز كليا في انفعالات ابنه وردود فعله أردف حاتم بنبرة جادة حازمة لا تخلو من الأدب:"أنا قلت لكِ أمي أنني سأتزوجها قٓدري موقفي أريدها هي دونا عن أي امرأة غيرها وكما قلت سابقا إن لم تريدي أن نبقى معكِ سنعيش في مكان اخر،اقترب منها ليجلس بجوارها على طرف الفراش مكملا وهو يمسك يدها مشددا برجاء:أريدك معي حين أذهب للتقدم لها"

نظرة العزم في عينيه أخافتها ونبرة التصميم في صوته جعلتها توقن انه ماضيا في طريقه لا محالة ،آلمها قلبها ودمعت عيناها فاستقام هو قائلا لوالديه معا :"سأحدد موعدا مع أمها اتمنى ألا تخذلاني وتكونا معي"

خرج حاتم تاركا والديه فالتفتت ليلة إلى صالح وقبل أن تفتح شفتيها وتنطق أردف بنظرة جادة:"ابنك سيتزوجها سواء إن رضينا أو رفضنا لانه ليس صغيرا لنجبره فاجعليها برضانا أفضل "
ضيقت ما بين حاجبيها قائلة:"ماذا تقصد صالح هل توافق؟ "

تنهد قائلا:"لا أوافق ولا أرفض ولكنه متمسك بها وحين سألت عنها لم يصلني عنها أي شيء يسؤها"

"ولكني لا أوافق أن يتزوج ابني من امرأة سبق لها الزواج ومعها طفلة"

"وهو يريد ويستطيع أن يتزوجها ببساطة فأرى أن الحكمة تقتضي بمسايرته ونكون بجواره وعوضا عن أن يأخذها ليعيشان بعيدا ولا نعرف عنهما شيء يبقى معنا في البيت هل تفهمين مقصدي ؟"

قالت بشرود عينين وذهن :"أفهم ولكني لا أستطيع فعلها"

قال صالح :"ما رأيك أن نذهب إليهم في زيارة ودية أولا دون الحديث في أي شيء تجلسين معها ومع أمها وتتحدثين ربما تستطيعين تقبلهم "
أغمضت ليلة عينيها وهي تشعر أن رأسها ستنفجر من الفكر أما صالح فأردف لاجئا إلى الله:"لله الامر من قبل ومن بعد"
*********
في اليوم التالي
بعد أن تناول عمرو مع والديه وهاجر الافطار وبينما يجلسون جميعا في غرفة المعيشة يشربون الشاي أردف عمرو بشكل مباشر لوالده:"أنا نويت أن أُكمِل نصف ديني يا حاج زكريا "

رفع زكريا حاجبيه ووضع كوب الشاي على المنضدة المقابلة قائلا بدهشة:"حقا ؟ وعلى من وقع اختيارك ؟ أم تريد لأمك أن تختار لك"

قبل أن يرد عمرو أردفت نعمة بخبث:"لا أمه من التي تختار له هو قام بالواجب"

ضيق عمرو عينيه وأردف بشك:"من أدراكِ؟"

ضربته بخفة على كتفه وتمتمت باستخفاف:"أنا أعرف كل شيء ولكن حظك أنني لم أكن متفرغة لك الأيام الماضية"

أردف ساخرا:"ولا أريدك أن تتفرغي لي الأيام القادمة أنا أريدك أن تعتزلي الملاعب أمي وتتفرغي إلى أبي فقط"

"هكذا إذن! " قالتها متوعدة فأردف وهو يبسط راحته فوق صدره:"أنا أعمل للمصلحة ليس أكثر ثم تحول الهزل إلى جد وهو يقول:يكفينا ما حدث بين يسر ويحيى لا نريد أن نكرره"

زجرهما زكريا قائلا :"عمن تتحدثان ؟"
فأردفت نعمة متهكمة وهي تناظر ابنها باستخفاف:"مودة ،الدكتورة مودة "

أومأ زكريا برأسه مُتفهما ثم أردف بعد تفكير قصير:"جيدة مودة "

فأردفت نعمة:"ولكن صغيرة وهو يريد أن يتزوج لا ينتظر حتى تُنهي دراستها"

فأردف عمرو:"ميزتها انها صغيرة لا أريد زوجة أكبر من سن مودة"

كانت هاجر تنظر إليه بإعجاب وهو يتحدث عن مودة بفخر وتمسك وتلتزم الصمت كعادتها
قال زكريا:"حسنا دعني أحدث عمك يونس أولا"

قال عمرو بنظرة جادة :"لا دعني أنا في البداية احدث عمي ،ثم أردف بسرعة يشتته حتى لا يسأله عن السبب:المهم ماذا ستدفع في هذه الزيجة يا حاج زكريا"
قهقه زكريا ضاحكا وأردف بنظرة حانية :"كل ما تريده يا دكتور"

بعد قليل
كان عمرو يُسرِع للأسفل ليلحق بعمه يونس قبل أن يخرج وبالفعل وجده يجلس بجوار غالية على اريكتها في منتصف البيت فأردف مبتسماً وهو يقترب منهما:"صباح الخيرات "

رد كلاهما عليه بمودة فأردف وهو يجلس على يمين غاليه بينما يجلس يونس على يسارها:"حمدا لله انني وجدتكما معا حتى اتحدث معكما في وقت واحد"

بدى الاهتمام على كل منهما واردف يونس:"تكلم"
فأردف بشكل مباشر وهو يلتصق بغالية وكأنه يستمد منها الأمان والدعم:"أريد أن أتزوج مودة"

نظرت إليه غالية نظرة حانية وغامت عيناها بدموع الفرح أما يونس فتفاجأ بالأمر وصمت لوهلة فأردف عمرو بجدية:"هل تقبلني زوجا لابنتك عمي؟"

قبل أن يرد سبقته غالية قائلة باستنكار:"طبعا يقبل وهل سيجد من هو أفضل منك!"
فقهقه يونس ضاحكا وقال لأمه :"أنتِ دائما تأخذين القرار ولا تتركين لي الفرصة لأُملي شروطي على عرسان بناتي يا أمي"
فأردفت بنظرة جادة:"وهل أكون على حق أم باطل؟"

ربت يونس على كفها قائلا بمحبة:"على حق يا أمي طبعا ثم رفع عينيه إلى عمرو قائلا:"بالطبع لن أجد مثلك بُني يكفي أنني من ربيتك على يدي ولكن طبعا لابد أن اسألها أولا"
فأردف عمرو متحمسا دون شعور:"موافقة إن شاء الله"
ضيق ما بين حاجبيه وناظره بنظرة خطرة فأردف بسرعة مستدركا:"أقصد إن شاء الله ستوافق ،نوع من الأمل ليس إلا"

فأردف يونس وهو يناظره بشك:"حسنا أسألها وأرد عليك ولكن ألم يكن من الأصول أن يطلبها أبوك"

فأردف عمرو بسرعة:"بالفعل قال لي أبي ذلك ولكني طلبت منه أن يكون كلامي أولا معك لحاجة في نفسي"

تمتمت غالية وقد بدأت تتوجس منه :"وما هي حاجتك يا ابن نعمة؟"

أردف بقليل من التوتر وهو يراقب تعابير وجه عمه:"أنا فقط كنت أريد أن نستفيد من تجربة يحيى ويسر ولا نُكرر نفس الخطأ فأقترح قبل أي شيء أن نقوم بعمل تحاليل ما قبل الزواج"

رفع يونس حاجبا واحدا وأردف وهو يستقيم واقفا:"وجهة نظر تُحترم يا عمرو ،دعني اتشاور في المبدأ معها ومع أمها وأرد عليك"

استقام عمرو واقفا واردف بابتسامة حلوة:"وأنا سأنتظر ردك عمي"

انصرف يونس إلى عمله وجلس عمرو بجوار جدته التي ناظرته بابتسامة عذبة وقلبها المُتعب يغمره الارتياح وأردفت بنبرة دافئة:"لم تقل لي بعد ماذا فيها مودة لتفضلها على الجميع ويميل لها قلبك"

لمعت عيناه بمكر واردف بابتسامة مشاغبة:"أنتِ أول واحدة ماما عرفتي بسري وعرفتي سبب ميلي لها"

بدت عليها علامات التفكير وتمتمت :"لا لم تقل لي من قبل أنك تميل لها "

فأردف مشاكسا وعينيه في عينيها:"ماما تعرفين جيدا أن مودة هي الكتكوتة منذ أول لحظة نطقتها هل ستنكرين؟"

فأردفت بابتسامة ماكرة :"صراحة كنت أعرف ولكن سأنكر"

قهقه ضاحكا بملء فمه والسعادة تدغدغ قلبه ومال على حضنها فضمته ضمة حانية وقبلت رأسه قائلة بصدق :"بارك الله لكما حبيبي وجعل لكما من السعادة نصيباً ورزقكما بذرية صالحة تحمل اسم عمران الحسيني لسنوات طوال "
*********
في المساء
كان حاتم يقف في الشرفة يتصل بزهراء ولكنها لم ترد،كان طوال اليوم في المصنع حيث كان لديهم تسليم طلبية هامة لأحد أكبر المستوردين ولم ينتهي إلا منذ قليل ،شعر بالحنق عليها كحاله الأيام الماضية وهي تعانده

دلفت مريم إلى الشرفة ولاحظت انفعاله فأردفت :"ماذا بك؟"
قال لها وهو يتفتت غيظا:"زهراء لا ترد منذ الصباح"
قالت وهي تقف بجواره بمحاذاة السور :"ارسل لها رسالة أو اتصل على هاتف رحاب"
قال باقتضاب:"وهل هذا سيكون أسلوب حياة؟ كلما احتجتها لا ترد واتصل برحاب؟"
قالت بهدوء:"هي وضعها مختلف حاتم مما حكيته لي فهمت انها شديدة الحساسية تجاه وضعها ولا تريد أن يضعها أحد في أي موقف محرج"
زفر نفسا حارا قائلا:"عندك حق هي كذلك ،ثم أردف باندفاع: سأذهب لها إلى البيت حتى أستطيع التحدث معها"

استنكرت قائلة:"للتو كنا نقول أنها لا تريد أن توضع في موقف مُحرج وتقول سأذهب إلى بيتها؟ لابد أن تعرف أن بالفعل وضعها حساس حتى الخطبة لا تصح لكما المفترض أن تتزوجا مباشرة حتى لا تُعرضها للقيل والقال "

كان يستمع إلى مريم بإنصات واهتمام بالفعل عليه أن يُسرِع في أمرهما فمن جهة هو فعلا لا يستطع الانتظار ومن جهة أخرى حتى لا يُعرضها لأي كلام ،وضع هاتفه في جيبه وهو يستند بكفيه على اطار السور الحديدي ،ما يحجمه فقط هي أمه ،أبوه لان كثيرا ويعرف أنه لن يقف أمامه أما المشكلة الكبرى في أمه ،هو يقف أمامها بصلابة ويقول إنه سيتزوج زهراء في كل الأحوال ولكن بداخله لا يريد أن يخطو خطوة دون أمه ،يريد رضاها حتى يراضيه الله وتدخل زهراء بينهم برضى الجميع حتى لا تشعر بأي انتقاص وأمه منذ الامس وهي واجمة وتتجنبه تماما
********
في الصباح
خرجت زهراء من بوابة بيت الشيخ عزت ويد فرح في يدها ،تشعر بالتوتر الشديد فاليوم يوم الكشف الدوري على فرح للاطمئنان على حالتها وهل ستحتاج إلى عملية ثانية في القلب أم أن العلاج أتى بنتائج حسنة ولن تحتاج إلى العملية

سارت بخطواتِ بطيئة وقلبها يختلج انفعالا وخوفا وهي تشدد من احتضان يد الصغيرة التي تمشي بجوارها بخطواتِ متعثرة ولا تحمل للدنيا هما كالذي تحمله أمها ،تنظر الى نور الصباح الذي يغمر الكون آملة أن يغمر الله قلبها بالطمأنينة على صغيرتها

وأمام ناظريها كانت البناية التي يُشيدها سعد على أرض البيت الذي أجبرها على مغادرته ،نظرت زهراء إلى البناية التي خرجت إلى النور وعلت بعدة طوابق وكأنها ليست هي البناية المتواضعة التي كانت تسكنها فتمتمت بخفوتِ :"سبحان مُغير الأحوال"

وحين اقتربت من البناية الواقعة في طريقها وجدت سعد أمامها يتابع أعمال البناء والحماسة تغمره وعينيه تلمعان ببريقِ انطفأ ما إن تمثلت فاطمة وابنتها أمام عينيه فناظرهما بتدقيق وخاصة البنت التي دائما ما يبحث عن أي شيء يربطه بها ولا يجد ،ينظر إلى ملامح وجهها عله يحن إليها ويفشل في كل مرة فلا يُحٓمِل نفسه فوق طاقتها

أشاحت فاطمة بوجهها بعيدا عنه فخطى خطوتين حتى دنا منها واعترض طريقها قائلا :"كيف حالكما فاطمة؟"

أردفت بهدوء وهي تنظر إليه بلا انفعالات أو مشاعر:"بخير الحمد لله"

لم يزد على كلامه كلمة ولم يُبدي اهتماما بالصغيرة ولكن لحفظ ماء وجهه أخرج من جيبه ورقة مالية من الفئة التي بالكاد تكفي لشراء دجاجة متوسطة الحجم وقال لفرح :"خذي هذه"

ولأن فرح تتشنج لا إراديا حين تراه ولا تشعر بالامان من نظراته احتضنت أمها بذراعيها واختبأت منه فأردفت زهراء بفتورِ:"لا شكرا لا تتعب نفسك هي لا تحتاج لشيء ولن تأخذ منك لأنها لم تعتاد "

ودون أن تنتظر رده سحبت ابنتها وتركته أمام بنايته وغادرت قائلة لنفسها:"الله الغني عنك عنك وعن مالك "

كانت من داخلها تريد أن تضحك على تصرفاته وبخله على ابنته وفي نفس الوقت تريد أن تبكي لأن الرحمة تجاه هذه الصغيرة نُزِعت من قلبه والبنت بالفعل تحتاج إلى سيل من الحنان والحب حتى تكون سوية نفسيا ولكنها أقدار وهذا هو قدرها وقدر ابنتها في الحياة
*********
لم يتعب حاتم نفسه في الاتصال بها ثانية بعد أن أهملت الرد عليه بالأمس وذهب إلى المطعم مُباشرة وحين طرق الباب الخلفي فتحت له رحاب سألها عن زهراء فأردفت بقلق:"هي في المشفى فاليوم موعد فحوصات فرح وإما تقوم بعمل عملية أخرى وإما لا "

اتسعت عيني حاتم واردف بقلق يماثل قلقها:"في أي مشفى بالضبط؟"
...........
بعد قليل
كانت زهراء تقف أمام غرفة الأشعة بعد أن اخذوا منها فرح لعمل الفحوصات ،تتسارع ضربات قلبها خوفا على ابنتها والحُزن على حالها وحال ابنتها يغمرها،تستند برأسها على الحائط شاردة الذهن يمر أمام عينيها شريط حياتها مُتسلسلا و في هذه اللحظة على وجه الخصوص يقر عقلها بأنها بحاجة إلى سند حقيقي في الحياة يكون معها في السراء والضراء يكون لها السكن والمودة والرحمة كما قال الله في كتابه ،لاحت على شفتيها شبح ابتسامة وحاتم يتمثل أمام عينيها، لقد وجدت فيه كل ما كانت تتمناه

شعرت بالوهن وهي تقف بمفردها في الممر تنتظر خروج ابنتها وتنتظر الكلمة الفاصلة في حالتها ،احتضنت نفسها بذراعيها وقد بدأ الشعور ببرودة الجو يتخلل عظامها

هي تقف هنا وحيدة وأمها كبيرة السن ضعيفة الصحة لا تقوى على الخروج معها بينما سعد يقف مع عُمال البناء وليس في حُسبانه هذه الروح التي وهبها الله له ،أغمضت عينيها بأسف وملامح حاتم تتشكل ثانية أمام عينيها وصوت يتردد بداخلها (ماذا لو كان حاتم هو زوجها الأول والأخير وكان هو والد فرح وقتها كان حتما سيتواجد بجوارها،لم يكن ليتركها أبدا مهما حدث)

رغما عنها سالت دموعها،دموع التأثر بما مرت وما تمر به،ووصل إلى أُذنيها صوت خطوات تأتي من خلفها ،خطوات يشبه وقعها وقع خطوات حاتم ولكن مالذي سيأتي بحاتم هنا مؤكد أن عقلها الباطن الذي يحتفظ بكل مايخصه هو الذي يُهيىء لها هذا وسرعان ما تسللت إلى أنفها رائحته فأيقنت أنها تهذي فعليا وازداد سيل دموعها

اقترب منها حاتم بخطواتِ بطيئة بعد أن قطع المسافة بين المطعم والمشفى في وقت قياسي ما إن علم من رحاب وحين رأى رأسها المستندة على الحائط هكذا ودموعها المنسابة حتى لامس كتفيها بكفيه قائلا بجزع:"زهراء ماذا بكِ؟"

توقفت دموعها دفعة واحدة ما إن لامس بكفيه كتفيها وفتحت عينيها بسرعة وهي تدير رأسها لتجده خلفها مباشرة فالتفتت إليه ببطء وظل ممسكا بكتفيها فناظرته بصمتِ وقد أصابها الخرس وهو كان يُحدق في وجهها المنفعل وعينيها المتوهجتين والدموع المتجمدة على بشرتها،وصل معها بمشاعره إلى النهاية المطاف يريدها ولن يتحمل يوم أخر تكن فيه بمفردها في مواجهة هذه الحياة ،توقف الزمن بهما للحظات وكل منهما غارق في بحر من المشاعر، وكُلِ منهما يُجزِم بأنه يكفي جدال عند هذا الحد ،هي أقرت بأنها تحتاجه في حياتها
ولن تستطع أن تعيش دون وجوده وهو أقر بأنها سواء رضت بالزواج منه أو عارضت سيتزوجها،
حين شعرت بالحرج من وضعهما تراجعت خطوة للخلف وأبعدت كفيه ثم أردفت:"من الذي أخبرك أنني هنا،ثم تمتمت وهي تستغبي نفسها:نعم بالطبع رحاب"

قال بقلق:"كيف حال فرح وأين هي؟"

أشارت إلى الغرفة المغلقة قائلة بتوتر :"مازالت بالداخل "

"باذن الله خير ثم أردف بنظرة متوعدة:وحسابك معي فيما بعد على عدم ردك عليّ والحضور بالبنت إلى هنا بمفردك"

همت بالرد عليه ولكن باب الغرفة فُتِح في هذه اللحظة وخرجت الممرضة التي تحمل فرح وخلفها الطبيب الذي نظر إلى حاتم قائلا:"هل أنت والدها؟"

ودون تردد تقدم حاتم من الممرضة التي تقف أمام الطبيب وحمل عنها فرح التي كانت بوزن خفيف وجسد نحيف وأردف للطبيب بثقة:"نعم أنا والدها"
.......
بعد قليل
كان حاتم وزهراء يجلسان على مقعدين متقابلين أمام مكتب الطبيب الذي كان يشرح لهما الوضع كاملا وحاتم لا يزال يحمل الصغيرة التي تشعر بالبرد بعد أن بقت في غرف الأشعة المكيفة لفترة
فأردف حاتم باهتمام للطبيب:"أي أن حالتها الان مستقرة ولن تحتاج إلى عملية؟"

قال الطبيب:"الوضع مطمئن الحمد لله المهم المداومة على الأدوية الخاصة بحالتها والمتابعة المستمرة "
فتمتمت زهراء التي هربت الدماء من جسدها كله:"الحمد لله"

انتهى الطبيب من كتابة العلاج الذي ستداوم عليه الفترة المُقبلة وبعد دقائق كان حاتم يخرج مع زهراء إلى الرواق الطويل ليخرجا من المشفى وهو يحمل الصغيرة التي غفت بالفعل على كتفه وقد شعرت بالدفء من ملمس معطفه الثقيل على بشرتها

وعند سيارته المصفوفة أمام المشفى أردف بنظرةِ خاصة :"أعتقد آن أوان أن تركبي السيارة فلن تستطيعي السير وأنتِ تحملينها"

لم ترد عليه واكتفت بالنظر إليه نظرة حائرة ففتح باب السيارة الخلفي وبسط سجادة الصلاة المتواجدة بالداخل ووضع فرح عليها ثم نزع معطفه ودثرها جيدا به وأغلق باب السيارة ثم فتح الباب الامامي لزهراء قائلا بلباقة:"تفضلي زهرتي "

ابتسمت رغما عنها أمام لباقته ونظرته الساحرة
وركبت وهو أغلق الباب وأسرع إلى المقعد الخاص به وانطلق بالسيارة مسرعا وعند كورنيش النيل بالقرب من المكان الذي كانا فيه حين سار خلفها بعد أن أوصلت فرح الحضانة توقف
واستدار إليها بجسده كله قائلا ببؤس مصطنع:"اعتقد أنه كفاني لهاثا خلفك زهرتي"

لانت نظرة عينيها وأردفت بنظرة صادقة:"أنا لا يهون علي أن أجعلك تلهث خلفي حاتم كل ما في الأمر أنني لا أريد أن أكون دخيلة على حياة أسرة أو اتسبب في فراق ابن عن عائلته بسببي"

تنهد قائلا بابتسامة جذابة:"كل هذا لن يحدث ب إذن الله ثم أردف بنظرة ثاقبة:متى نستطيع أن نأتي لنزوركم بالبيت؟"

ارتفع وجيب قلبها وتضرج وجهها بالحمرة وتهدجت أنفاسها وهي ترى حلمها يدنو منها ثم أردفت بتوتر :"لا أعرف ،نحن لم نفرش الشقة بعد"

قال لها :"وقت أن تكونوا على استعداد أخبريني"

قالت بلهفة:"أهلك وافقوا؟"

قال نصف الحقيقه:"وافقوا بشكل مبدأي ودورك أن تجعليهم يحبوكِ ولا يرون أنسب منكِ زوجة لابنهم"

أردفت موضحة:"حاتم أنا لابد أن اتفق معك على اتفاق"

ردد باهتمام وهو يدقق النظر في عينيها المتوترتين:"وما هو ؟"

قالت بحزمِ:"أنا لابد أن تكون لي ذمة مالية منفصلة لذلك شرطي الوحيد لاتمام الزواج أن تسمح لي بالعمل أنا ملتزمة بأمي وبابنتي ولن أقبل أن آخذ منك قرشا واحدا لشيء يخصهما"

قال مهادنا :"حسنا "
قالت وهي تفرك كفيها بتوتر:"رحاب للأسف لن تستطيع الاستمرار في المحل الحالي ولكني سأقنعها أن نبحث عن مكان آخر"
استمر على نفس النهج من المهادنة وأردف:"حسنا"
قالت بثقة وهي تغوص في عمق عينيه الدافئتين:"انا لا أحتاج لأخذ وعد منك بحسن معاملة فرح ظني فيك سيكون أكبر من أي وعد"

سحب كفها التي كانت تحركها بتوتر وشدد عليها ليبعث دفئا لذيذا في أوردتها ولثمها برقة فاتسعت عيناها وارتجف خافقها كعصفورِ صغير
وحاولت سحبها ولكنه أبى وهو يحتجز كفها الرقيق بين كفيه فيبعث في روحها أمانا اشتاقت اليه لسنواتِ قائلا بنبرة صادقة ونظرة حانية:"فرح ابنتي وأنتِ حبيبتي ثم أشار بسبابته نحو عينه اليمنى قائلا :هيا هنا ثم أشار إلى عينه اليسرى قائلا:وأنتِ هنا ،ثم أردف بصدق:ووالدتك كأمي تماماً"

يتبع👇


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-22, 08:59 PM   #1633

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

(٢)


انسان حُلمه الكمال،غايته المفقود لا الموجود ،ينظر إلى نصف الكوب الفارغ تاركا النصف المملوء،لا يُدرك أنه في الحياة يوما غالبا ويومُ مغلوب

كان مُعتصم يتقلب في فراشه بكسلِ شديد لازمه منذ أيام عدة ،أول مرة يتعب نفسيا وتنهار أعصابه لهذه الدرجة فكان أول رد فعل لجسده هو النوم الكثير بعد مشوار طويل قضاه يلهث خلف الحقيقة التي أضاء قبس نورها عقله حين عرفها كاملة وكأنما أضائت بداخله مصابيح الهداية

طوال الايام الماضية التي انهار فيها جسده كان كلما نشط ذهنه في الأوقات القليلة التي كان يؤدي فيها فريضة الصلاة أو يأكل يُدرك أنه وصل إلى نقطة النهاية في قصته وأنه آن أوان أن يُنحيها جانبا ليبدأ حياته الحقيقية،حياة هادئة هانئة خالية من أي مُنغصات...

فتح عينيه وكان ضوء الصباح يغمر الغرفة وشعور بالشبع يغمر جسده ،شبع من النوم الطويل فيجد ذهنه نشطا ،واكتفاء من كل مُسببات للحزن

استقام من الفراش وهو يبحث بعينيه عن عنان ،يشعر بأن لديه طاقة ليغمرها بكل المشاعر الحلوة ،طاقة للأخذ والمنح بسخاء ،أخذ جولة في الشقة ولم يجدها فدلف ثانية إلى غرفته ومنها إلى الحمام وبعد أن أخذ حماما مُنعشا ارتفع رنين هاتفه فخرج ليرد وكان رئيسه في العمل فضيق ما بين حاجبيه ورد مسرعا قائلا بتحفز:"هشام باشا كيف حالك؟"

قال السيد هشام:"بخير حال كيف حالك أنت معتصم هل تعافيت من الوعكة الصحية ؟"

:"الحمد لله أفضل "
فأردف الرجل:"أريدك على وجه السرعة ،جد جديد في قضية حامد العشري وهناك اجتماع طارىء بعد ساعة"

أردف معتصم بجدية وقد دب الحماس في جسده دفعة واحدة:"قبل الساعة بإذن الله سأكون أمامك"

أغلق مع رئيسه وتوجه إلى الخزانة وارتدى ملابسه على عجل
........
حين أغلق باب الشقة اتصل بعنان وحين ردت سألها:"أين أنتِ في بيت خالي أم أمي؟"

قالت بدلال وهي تقف في المطبخ تعد الطعام لغالية لأن أم أيمن ليست موجودة اليوم:"حمدا لله على سلامتك أخيرا فقت من الغيبوبة التي كنت بها"

ابتسم قائلا بمزاجِ رائق:"كنت احتاج بالفعل إلى هذه الغيبوبة وها أنا ذا بكامل نشاطي بعدها"

ابتسمت بمحبة قائلة:"ثوان قليلة سأضع لماما غالية الطعام وآتي إليك لأرى طبيعة هذا النشاط"

حين علم أنها بالأسفل أسرع الخطى وتنحنح قائلا:"يبدو انكِ ليس لكِ نصيبا فأنا "

كانت تقف أمام الموقد تعطي ظهرها لباب المطبخ فأردفت بتحفز وهي ترفع حاجبا واحدا:"كيف يعني ليس لي نصيب؟"

أغلق الهاتف ووضعه في جيبه ودلف إلى المطبخ وقبل أن تلتفت كان قد طوق خصرها بذراعيه بقوةِ أذابت عظامها ومال على وجنتها بقبلة طويلة فابتسمت وهي تشعر به وقد عاد إلى طبيعته معها وحمدت الله سرا ثم استدارت حتى ولته وجهها وأحاطت كتفيه بكفيها وأردفت بنظرة مسحت على وجهه كله بكل الحب الذي خلقه الله في قلبها وأردفت :"إلى أين ؟كنت سأصعد إليك حالا"

قرأ شوقها في عينيها بوضوحِ فأردف وهو يقربها منه أكثر:"حدثوني من العمل لابد أن أذهب"

قوست شفتيها وبدت الخيبة في نظرة عينيها ثم أردفت مستسلمة:"كنت أظن الإجازة ممتدة يوم أو يومان آخران "

ضمها بقوة وهو يتنفس بعمق ويميل بها ببطء يمينا ويسارا فيؤرجح مشاعرها الجامحة تجاهه ما بين عشق واشتياق يسحب إلى أنفاسه رائحتها بشعور جديد عليه ،شعور بأن أجمل أيام حياته قادمة بإذن الله

ثم أردف بجوار أذنها بصوتِ رخيم:"لدي عمل هام أنهيه على خير وآخذكِ ونطير بعيدا جدا"

تمتمت بخفوتِ :"بإذن الله ،أتمنى فعلا أن أُغمِض عينيّ وأفتحهما فأجد نفسي معك بعيداً عن كل الضغوط التي مررنا بها مؤخرا ،أجلس معك وحدنا وأقول لك كل ما في نفسي ،لا تتركني وتذهب إلى أي مكان بل ابقى معك لأيام كثيرة دون أن يشغلك عني شيء"

أبعدها قليلاً وهو يمسح على ملامحها الجميلة بنظرة دافئة وتوقف عند عينيها ونظرة الشغف المطلة من زيتونيتين رائقتين شديدتي الصدق والتعبير ورغم أنهما بالمطبخ في بيت العائلة الا أنه لم يستطع كبح مشاعره المتأججة تجاهها فغرقا معا في قبلة عميقة حملت مشاعر شديدة العذوبة والاحتياج

ثوان أو دقائق أردفت بعدها بخجل وهي تبتعد عنه قليلا :"أنت تقريبا نسيت أننا في البيت الكبير لا ببيتنا"

فمط شفتيه قائلا دون اكتراث:"وماذا فيها هل لأحد عندنا شيء؟"

قهقهت ضاحكة وأردفت بنظرة دافئة:"لا حبيبي ثم أردفت بنظرة شابها القلق:ماما صحتها ليست على ما يرام ادخل واطمئن عليها"

وكأنها ضغطت على زر القلق بداخله فتركها دون سؤال ليدخل إلى حجرة غالية مُسرعا يطمئن عليها وهي حين هل عليها امتلأ قلبها بالسعادة لرؤياه واعتدلت في فراشها ،أقبل عليها وهو بكامل صحته وحيويته في عينيها فتمتمت بخفوتِ (ماشاء الله) وأردف هو بقلق:"ماذا بكِ أمي؟"

قالت بابتسامة حلوة:"ماذا بي ؟ بخير حبيبي وأصبحت أفضل حين رأيتك ولولا أنني كنت اطمئن عليك من عنان لما كان غمض لي جفن"

جاورها في الفراش وقبل جبهتها قائلا :"انا بخير كنت فقط أشعر أنني كالمضروب فوق رأسي وأريد النوم حتى اتعافى"

أردفت بحنانِ وهي تربت على وجنته برفق:"أراك أصبحت بخير ولله الحمد"

أردف بابتسامة حلوة وهو يشعر أن كل ماضيه أصبح خلف ظهره :"الحمد لله ثم تمتم : أمي سآخذكِ إلى طبيب في المحافظة لأطمئن على صحتكِ"

جاءه الجواب من خلف ظهره متهكما"على أساس أنني حلاق صحة ولست طبيبا"

التفت إلى عمرو الذي دلف إلى الحجرة وأردف ضاحكا:"ولمٓ تأخذها على كرامتك أنا سآخذها إلى مركز متخصص ونقوم بعمل كشف شامل"

تقدم عمرو من الفراش وجلس على المقعد المجاور لغالية وأردف بجدية هذه المرة:"أنا أمزح ولكني بالفعل كنت أفكر في هذا"

رفع معتصم حاجبيه قائلا:"إذن نحن متفقان ابحث لنا عن مكان موثوق"

دخلت عنان وهي تحمل صينية الإفطار وجلست بجوار جدتها قائلة:"هيا حبيبتي حتى تأكلي وتأخذي دوائك"

قال معتصم لعمرو :"هل ستخرج معي ؟"

قال عمرو وهو يعتدل:"حسنا هيا"

خرج كلاهما معا بعد أن ودعا غالية وأشار معتصم لعنان بعينيه بسلام دون كلام فأهدته ابتسامة عذبة ثم ولت لجدتها اهتمامها والأخيرة تناظرها بابتسامة حلوة صامتة وهي يروق لها اللغة المتبادلة بين حفيدتها وحفيدها الذي لو عليها لنزعت السعادة من قلبها ووضعتها بقلبه
********
وصل معتصم الى عمله في موعده بالضبط ودلف مباشرة إلى حجرة الاجتماعات وكان كل زملاؤه في المهمة يجلسون عدا السيد هشام فألقى معتصم السلام وأخذ مقعده ولم تمر سوى دقائق بسيطة دخل بعدها السيد هشام الذي ألقى السلام ثم أردف ما إن جلس واطمئن أن جميع رجاله متواجدون:"جائتني إخبارية أن موعد تنفيذ العملية الجديدة لحامد تم تحديده"

بدى الاهتمام جليا على الجميع وهم ينظرون إليه بتحفز فأردف معتصم:"نحن في الفترة الأخيرة قمنا بمعرفة خريطة المكان جيدا لا يتبقى لنا فقط سوى بعض التفاصيل المحددة"

قال هشام وهو ينظر إليه بجدية :"التسجيلات التي نسجلها لشاهين امدتنا بالكثير بالطبع مع عمل الفريق وأنت دورك أن تعرف من سيد سمكة باقي المعلومات "

أومأ له معتصم برأسه قائلا:"تمام يا فندم "
ثم أخذ الرجل يشرح خطته ويوزع المهام على رجاله جميعا
******
بعد مرور أيام قليلة
كان فريق العمل يعمل بسرية تامة وحذر شديد طوال الأيام الماضية إلى أن بقى ساعات قليلة على عملية القبض على حامد العشري متلبسا بتهريب دفعة كبيرة من المخدرات،المعلومات التي توصلوا إليها أنه يستخدم مصنع الملابس خاصته كستار لعمله الأساسي بل ويستغل عملية نقل الملابس في نقل بضاعته التي تُخبأ بمهارة بين طيات قطع الملابس

كان معتصم الذي لم يذهب إلى البيت منذ غادره منذ عدة أيام يستعد مع فريق العمل لتنفيذ العملية بعد وقت قصير فاستئذن ليُصلي في مكتبه وبعد أن توضأ ووقف بين يدي الله مؤديا فرضه وقف بجوار النافذة وأخرج هاتفه يتصل بعنان في مكالمة فيديو وهي كانت بشقتها تنتظره وشعور بالقلق بدأ يساورها فهو له عدة أيام لم يأتي وكلما حدثته قال لها ضغط عمل وقلبها لا يرتاح لا تعرف لماذا

حين رن هاتفها كانت بالمطبخ تقوم بترتيبه فأسرعت إلى غرفتها وحين وجدته هو ردت مباشرة قائلة بلهفة:"معتصم ،كنت أظنك آتيا اليوم لا تقل لي انك لن تأتي"

في هذه اللحظة على وجه الخصوص شعر بمشاعر غريبة لأول مرة تساوره ،في السابق كان يدخل في أي عملية بقلب جامد ولا يشعر بالخوف على حياته، كان يستودع الله نفسه ولا يُبالي ،في هذه اللحظة شعر بالخوف ولكن ليس على نفسه بل عليها

حين رأته مُلتزما الصمت هكذا أردفت بشك:"معتصم ماذا بك أين أنت وما الذي يؤخرك كل هذا قل لي بصراحة؟"

قال مبتسما بشرود وهو ينظر إلى المجمع الاسلامي الكبير المُقابل للقسم وبينهما الميدان الكبير :"قلت لكِ عمل عنان "

قالت بإحباط:"أنا فقط اشتقت اليك ،جلست على طرف الفراش وأكملت:هناك كلام كثير أريد أن أقوله لك، لنا فترة والأمور من حولنا مضطربة وعدم حديثنا يجعل عقلي يذهب في اتجاهات أخرى"

قرب الكاميرا من وجهه واردف باهتمام:"اتجاهات مثل ماذا؟"

اندفعت قائلة:"أنا مثلا حين كنت متغيرا معي طوال الشهر الماضي حين كنت تبحث في أمر والدك ولم تصارحني ظننتك مللت مني أو تراجعت عن حبك لي وأدركت أنني لن أستطيع أن أنجب لك وتمهد لفراقي"

رفع حاجبيه معا وهو يرى ملامحها المتأثرة وهي تتحدث وأردف ساخراً:"أنتِ ظنونك سيئة للغاية عنان هانم وهل لم يذهب ظنك الا إلى هذه الجهة؟"

قالت باندفاع:"هذا كله منك لو كنت تصارحني بكل شيء لما ذهب ظني إلى هذه الأمور"

قال بملامح رأتها شديدة الصدق والتأثر:"عنان أنتِ لا تعرفين قيمتك عندي؟ لا تعرفين من أنتِ بالنسبة لي؟"

استندت بظهرها على ظهر الفراش بأريحية وأردفت بدلال:"لا ،لا أعرف قل لي"

راق له دلالها وحقيقة اشتاق اليها وطاف في ذهنه خاطر ،ماذا لو حدث له شيء في هذه العملية؟ ماذا لو مات دون أن يخبرها عن مشاعره كاملة،لقد كان حريصا تمام الحرص على ألا يُخبرها بكل مشاعره حتى لا تكن مشاعره سلعة معروضة ،كان يقول لها لن أقول لكِ كل شيء حتى تغرقين في حبي ولكن هل يضمن عمره؟ تساؤلات عديدة دارت في ذهنه في ثوان قليلة فيُردف بعدها بشرودِ:"هل تعرفين عنان انا منذ متى أحبك؟"

قالت بخفوتِ وهي تقرب الهاتف من وجهها:"منذ متى؟"

قال بشرود في ملامح وجهها:"منذ أن كنتِ طفلة صغيرة،ضيقت ما بين حاجبيها بدهشة فأكمل :كنتِ جميلة ومشاغبة، أحببتك وازداد حبي لك بمرور الأيام ولكن تأكدت من حبي لكِ حين كنتِ في السابعة عشرة"

اعتدلت في الفراش قائلة بشك:"ماذا تقول كيف هذا؟ولمٓ لم تقل لي من قبل ولم تصارحني وقتها"

زفر نفسا حارا متمتما:"هل تعرفين الهدية التي رأيتها في خزانتي وظننتي انها لغيرك؟ كانت عينيها متسعتين بدهشة وشفتيها مفتوحتين ترقبا لما ستسمعه فأكمل وصورا من الماضي تترائى أمام عينيه:كانت لكِ في عيد مولدكِ السابع عشر، يومها كنت آتيا إجازة من العمل كنت سأقدم لكِ الهدية وأعترف لكِ بمشاعري ولكن جئت متأخرا للأسف فعرفت أنه تمت خطبتكِ وأنتِ وافقتي"

تسارعت أنفاسها بحدة ودمعت عيناها وتمتمت بخفوتِ شديد:"ولماذا تأخرت في إظهار مشاعرك ولم تتقدم لي أنت الآخر ربما كنت اخترتك أنت لماذا لم تظهر في الصورة واكتفيت بالنظر من بعيد مادمت كنت تحبني كما تقول؟"

قال بصدق"أنا أعترف انني في هذه الفترة بالفعل لم يكن تفكيري عقلانيا في هذا الأمر ،أخذت الأمر على كرامتي وقتها قلت مادامت وافقت على غيرك فلا تفرض نفسك ولا تعرض حبك كسلعة،لم اتقبل وقتها احتمال الرفض أو تفضيل غيري ،شبح ابتسامة واهنة لاحت على زاوية شفتيه قائلا:ظننت أنني مع الوقت سأنساكِ ولكن العكس هو ما حدث كان حبكِ في قلبي يزيد يوما بعد يوم"

انعقد لسانها وهي تسمع منه كلمات لأول مرة تسمعها وشعرت بثقلِ رهيب يُجثم فوق صدرها فأردفت بلسان ثقيل وعيناها تشعان بالألم:"أنت بهذا محوت أي فرصة لك معي وقتها ،ثم أردفت بتعجب :ولكنك لم يبدو عليك شيء الهذه الدرجة ماهر في الكتمان ؟ "

قال بمرارة:"أنتِ لا تعرفين كيف كانت هذه السنوات صعبة ،كيف كنت أجوب البلاد وأرى نساء بكل الأشكال ولا يقتنع قلبي إلا بواحدة فكنت ابحث عن وجهك في كل الوجوه"

امتقع وجهها وتغضنت ملامحها وهي تنظر إليه وترى تأثره فأردف بزفرة حارة:"أنا لا أريد أن نبحث في الماضي وأعترف أنني كنت في هذه الفترة شديد الحساسية ،كنت مستاء جدا من أُمي لأنها تركتني وتزوجت فكنت أنتظر أن تشعري بي وبمشاعري وبمجرد أن سمعت موافقتك على شخص أخر امتلئت نفسي غضبا منكِ وقتها"

شهقت قائلة:"غضبت مني وأنا لا أعرف شيء عن مشاعرك!"

تنفس بصوتِ مسموع ثم أردف :"قلت لكِ أنني كنت شديد الحساسية أحمل كرامتي فوق رأسي،ثم أردف وهو يأمر قلبه وعقله بنفض الذكريات السيئة:مالذي جرفنا إلى هذه الجهة انا كل ما كنت أريد قوله أنكِ غالية جدا عندي وحبك في قلبي منذ الصغر ولم تدخل قلبي أي امرأة أخرى رغم أنني حاولت طيلة السبع سنوات الماضية"

بلعت غصة القهر وأردفت بخفوتِ وهي تمنع نفسها من البكاء:"ولمٓ أخفيت هذه الهدية عني مادامت لي؟"

ابتسم قائلا:"كنت سأُعطيها لكِ بالطبع في وقت كهذا حين أعترف لكِ"

قالت بشك:"ولم تقول لي هذا في الهاتف ولم تنتظر حتى تعود وتحدثني وجها لوجه؟"

قال دون مواربة:"عنان انا عندي عملية هامة الليلة بإذن الله أنهيها على خير وأعود ،سقط قلبها بين قدميها وظهر الرعب على ملامحها فأردف بسرعة: هذا الأمر بيني وبينكِ إياكِ أن تقولي لأي شخص وخاصة أمي "

شعرت بالخوف يغمرها وبرعشة تسري في أوصالها فأردفت بشفتين مرتجفتين:"لمٓ أشعر بالخوف عليك"

ابتسم قائلا :"لا تخافي حبيبتي قلت لكِ فقط حتى تدعي لي ،سأحدثك ثانية حين انتهي ،ازدادت الرجفة في جسدها وودت لو تقول له أن يعود ولايذهب إلى مهمته هذه ولكنه سبقها حين تمتم بسرعة:عنان الوقت اخذني معكِ هيا اغلقي وكما قلت لكِ سأحدثكِ باذن الله ثانية،هم بأن ينهي المكالمة ولكنه أردف بسرعة وهو يتذكر:عنان الهدية كنت اخفيتها في غرفة الملابس في الدرج الثاني من الاسفل الذي اضع فيه الاوراق الخاصة بي،ثم أردف مسرعا:سلام"

أغلق معها دون أن تجد صوتها للنطق فقد كانت متسعة العينين مشدوهة معقودة اللسان يعلو وجيب قلبها وحين استوعبت وحاولت الاتصال به كان الهاتف قد أغلق
.........

أغلق معها وهو يشعر بالارتياح أنه قال لها السر الوحيد الذي كان يخفيه عنها وأغلق هاتفه استعدادا لمهمته في اللحظة التي ارتفع فيها آذان العِشاء من المسجد المُقابل فظل معتصم واقفا خلف النافذة ينظر إلى المسجد وقد سحره الصوت الذي يعلو بالآذان،صوت يختلف عن صوت المؤذن الذي اعتاد على صوته،ورغم أنه صوت جديد إلا أنه مألوفا لأذنيه وكأنه سمعه من قبل ولكن في مكان آخر،ظل يستمع إلى الصوت العذب الذي شعر كأنه يأتي من الجنة وود لو صلى خلف هذا الإمام ولكن ليس هناك وقت ربما في وقت لاحق فأخذ يردد خلفه وما إن انتهى حتى أدى الصلاة مُسرعا في حجرته قبل أن ينضم إلى زملاؤه
*******
قامت عنان من الفراش ببطء شديد وكلماته تدوي في أذنيها بصدى مهيب،احبك منذ صغرك،لم احب امرأة مثلك،الهدية كانت لكِ،لم اتحدث حين سمعت موافقتكِ على غيري،حاولت نسيانك ولم استطع ،كنت أبحث في كل الوجوه عن وجهك

انهمرت دموعها على وجهها وهي تتجه إلى غرفة الملابس وأضاءت المصباح الجانبي وجلست أرضا أمام الجارور الذي قال عليه وفتحته عن أخره، أخرجت الأوراق الكثيرة وكان تحتهم شنطة الهدايا فأخرجتها بيدين مُرتجفتين ووضعت يدها فأخرجت زجاجة العطر التي رأتها من قبل وفتحتها وقربتها من انفها فكانت برائحة عطرة مركزة تركيزا شديدا نظرا لبقاءها لسنواتِ ،نثرت منها فوق ملابسها فتسلل العطر الناعم المركز عبر أنفها وغمر حواسها ورجفة جسدها تزداد وهي تلوم نفسها على ذنبِ لم تقترفه

وضعت زجاجة العطر أرضا بجوارها ومدت يدها فأخرجت الخلخال الرقيق الذي رأته من قبل وراق لها وظنته لغيرها وضعته فوق راحتها وأخذت تُمسد عليه برقة وأناملها تلامس الفراشات الرقيقة المُتدلية منه ثم ثبتته أعلى كعبها وأحكمت غلقه فكان رقيقا جذابا وحين وضعت يدها بداخل الحقيبة مرة أخرى أخرجت بطاقة صغيرة مطبوع عليها قلبين متداخلين معا وحين فتحته وجدت مكتوبا به"بنت ١٧ شمعة اللي بغنيلها وسامعة نسيتني طعم الراحة ولا يوم واحد في الجمعة" وبالأسفل تاريخ مولدها والسنة كانت بالفعل التي تمت فيها السابعة عشرة

ظلت لدقائق تردد الكلمات بلا انقطاع إلى أن وضعت البطاقة جانبا وهي لا تزال تجلس أرضا رائحة العطر تُعبق المكان وهي تنظر إلى الخلخال وتتردد كلمات معتصم في أذنيها فأردفت بنشيج عالي (لمٓ تفعل في نفسك هذا منذ القدم ،لمٓ كنت تسجن نفسك في عنق زجاجة وكأنك تتلذذ بعذاب نفسك لمٓ لم تقل لي ربما كنت وقتها انتبهت إلى مشاعرك هذه؟)

ظلت على هذا الحال لوقت لا تعرف مقداره وقد جذبتها دوامة من الأفكار المُهلِكة خوفا عليه وآلمها قلبها بشدة حزنا على ماضيه
******
سموم يُلقون بذورها فيزرعونها ثم يحصدونها، يطحنونها حتى تصير مسحوقا أبيضا سام يُغري العقول ويُمٓنيها بالسعادة الزائفة في البداية وفي النهاية القريبة يكون الهلاك،الهلاك لمن اتبع الشيطان أما الشيطان نفسه فيبحث عن ضحية أخرى ويعيد الكرة مرارا إلى أن يأذن الله ويقع في قبضة حُراس الوطن وحُماته فيلقى عقابه أما العقاب الاكبر فهو عند الديان يوم الحساب

كانت القوات الأمنية منتشرة في موقع العملية تطوقه عن أكمله بسرية تامة دون أن يشعر أحد،يحيطون الجبل الشاهق المرتفع ويكشفون قلبه الذي يستغله حامد وشركاه في أعمالهم ،وفي سواد الليل مرت السيارات المُحملة بالملابس على مرأى قوات الأمن وكانت الكاميرات المكبرة تكشف الموقع بوضوح وحين استقرت السيارات بدأت عملية نقل البضاعة بين طيات قطع الملابس وإعادة تغليفها وكأنها لم تُفتح

كان حامد يقف في الموقع الذي اعتاد العمل فيه منذ سنوات والسرية التي يحيط به الأمر والموقع بين الجبال الوعرة لا يجعلان أحد يتوقع مكانه وحوله رجاله وعلى رأسهم شاهين وعند اللحظة المُتفق عليها اندفعت قوات الأمن من كل جهة وهم يطوقون المكان وحين رآهم حامد ورجاله صرخ حامد في شاهين:"ما هذا من الذي غدر بنا؟"

فأردف شاهين وهو يستل سلاحه :"لا أعرف"

وقبل أن يُفكر في إطلاق طلقة واحدة كانت رصاصة تصيب يده الممسكة بالسلاح فيصرخ صرخة مدوية تردد صداها فيرفع جميع الرجال أيديهم للأعلى خوفا من نفس المصير وهم ينظرون إلى قوات الأمن الذين حاصروهم و عددهم الكافي لا يُعطي فرصة لأحد للهروب وحين نظر حامد حوله وشعر بدنو أجله ولم يجد أي وسيلة للهرب لاذ بالصمت حين تقدم منه معتصم وهو يشهر سلاحه في وجهه قائلاً:"ماذا تُحٓمِل هذه السيارات ؟"
قال حامد بثقة زائفة:"ملابس "
قال له باقتضاب:"سنرى"
ثم أعطى قائد المجموعة أوامره للضباط بتفتيش السيارات التي خرجت منها البضاعة أمام أعين الجميع وتم التحفظ على حامد المصدوم ولا ينطق وقد سقط عنه قناع الهيبة وسقط هو وكل رجاله
*******

كان الليل قد انتصف ولكن الصخب لا يزال يملأ أركان المحافظة التي تُقيم طوال العام حفلات دينية وتستقبل منشدين من كل الانحاء في المسجد الكبير الذي ليس مصلى فقط بل به ساحة مجاورة لحفلات الإنشاد وكان مُعتصم قد عاد من مهمته التي تيسرت بأمر من الله وقد وُفِق هو وكل من كانوا معه وتم القبض على الجميع والتحفظ على البضاعة

ساوره الندم وهو يستقل سيارته لأنه تحدث مع عنان وبعث الرهبة في نفسها ولكنه حقا كان يشعر بالخوف عليها من جهة والخوف ألا يعود إليها فتكون حكايته في قلبها ناقصة فأراد أن يتممها،انطلق بالسيارة حتى يُطمئنها عليه وقد تعذر عليه الاتصال بها لفراغ شحن هاتفه ولكنه حين مر بجوار المسجد وسمع الصوت العذب يشدو بانشاد يخرج من القلب فيصل القلب خفف سرعة سيارته ووجد الصوت يجذبه،انه نفس الصوت الذي أذن لصلاة العشاء ولااراديا وجد نفسه عوضا عن الانطلاق أخذ يدور حول الميدان يستمع إلى الرجل الذي يشدو كالكروان:

يا رب ثبتني على الإيمان إني غريب الروح في الأكوان
إن كنت يوماً قد نأيت فإنما عفو الكريم اليوم قد أدناني
ويسيل دمعي والبكاء إذا هما من خشية الرحمن هز كياني
أذنبت بالأمس القريب وسجلت صفحاتي الذنب الذي أمساني
واليوم تبت وجئت بابك نادماً أملي وخوفي فيك يلتقيان

ظل يدور ببطء حول الميدان والصوت يخترق جدار قلبه فيصيبه برجفة خاصة مع ترديد الرجل لجملة(غريب الروح) انها أبلغ تعبير عن مشاعره حتى فترة قريبة،لقد عاش بالفعل غريب الروح سنوات
ولو لم يكن يريد أن يُسرِع إلى عنان لدلف إلى المسجد وقضى ليلته يستمتع بذاك الصوت وصلى خلفه الفجر
*******
حين فتح باب شقته كانت الساعة قد تجاوزت الثانية صباحاً وما إن أغلق الباب حتى كانت عنان تُهرول نحوه بحالة مُزرية وجهها كله منتفخ وآثار البكاء عليه ،ألقت نفسها عليه وانهارت في البكاء الذي لم يهدأ منذ ساعات فضمها اليه بقوة قائلا بجزع:"ماذا بكِ؟"

تمتمت بحشرجة باكية:"وتسأل ماذا بي لقد كدت أن أموت من قلقي عليك"

أخذ يربت على شعرها وظهرها وتمتم بضيق:"أنا آسف انا فعلا أخطأت حين حدثتك وقلت لكِ ولكن "
صمت ولم يستطع أن يُكمِل فأردفت وهي تتعلق به لا تريد الإبتعاد :"لم تخطيء حين حدثتني ولكن أخطأت حين أخفيت عني مشاعرك لسنواتِ طوال ابتعدت قليلا حتى تلاقت الوجوه وأردفت بدموع عينيها:من اعطاك الحق أن تخفي عني مشاعرك ولا تبوح بها لا فعلا ولا قولا "

إن تحدث في الماضي فسيجلب على نفسه آلاما لا حصر لها وهو يريد أن يدفن هذا الماضي نهائيا فأردف وهو يلامس جانبي وجهها براحتيه :"لمٓ لا ننسى كل شيء مادمتِ أصبحتِ لي في النهاية فلا أحد يعلم حكمة الله في التأخير "

اومأت برأسها وتمتمت بصوت مبحوح من كثرة البكاء:"لم لا تترك عملك هذا مادام يشكل خطورة على حياتك"

استنكر قائلا:"أي عمل هذا الذي أتركه! انا روحي في هذا العمل ،اتركيها على الله "

قبل أن ترد كان قد تعرف على رائحة العطر الذي تضعه فقربها منه أكثر ليشم الرائحة من على قُرب فيسحب نفسا طويلا من عطرها ثم ابعدها قليلا قائلا:"كنتِ تظنين أنه لغيرك ولكنه كان لكِ"

أغمضت عينيها على دموع حارقة وهي تتخيله يوم أن أحضر لها هذه الهدية منذ سنوات وتتخيل صدمته وتشعر بمشاعره فتلوم نفسها ثانية وحين رأى انهيارها أدرك كم اثر فيها ما حكاه فلام نفسه هو الآخر وجذبها نحوه وضمها بقوة قائلا بجوار أذنها:"تريدين أن أكون صريحا معكِ وحين اتحدث تنهارين هكذا "

تمتمت بصوتِ مبحوح وهي تشدد من احتضانه:"لاني أحبك ،احبك جدا ولا اتحمل أن يمسك شيء ولا أسامح نفسي أنني كنت غبية ولم أنتبه لمشاعرك هذه "

في هذه اللحظة شعر أنه ملك الدنيا وما فيها وأن مافات لم يكن سوى اختبار من الله هو فقط اخر رزقه لسبب يعلمه هو ،في هذه اللحظات لم تُقال سوى كلمات معدودة بينما طغى فيض من مشاعر غمرتهما معا ،مشاعر يعيشها كل منهما كل مرة كأنها أول مرة
********
حين فتح عينيه بعد سهر ليلة طويلة كان ضوء النهار يتسلل من فتحات الستائر الثقيلة فوق النافذة وكانت ترقد بجواره غافية في نوم عميق وعلى وجهها الحبيب تبدو علامات الإرهاق ،لقد استنزفت نفسيا لساعات بالأمس وهي قلقة عليه إلى جانب صدمتها في مشاعره التي تعود لسنوات طويلة للخلف لا أشهر كما كانت تظن ،اقترب منها فكان وجهها شديد الاحمرار وجفونها لا تزال منتفخة من البكاء وأنفاسها منتظمة ويبدو أنها لم تشبع من النوم بعد فطبع قبلة طويلة على وجنتها ومسح بعينيه على جسدها المستكين حتى وصل إلى قدمها التي يزينها الخلخال فابتسم ابتسامة صغيرة قبل أن يستقيم ويدخل إلى الحمام استعدادا للنزول إلى العمل وكان يتحرك بخفة حتى لا يقلقها
********
قضى معتصم اليوم في العمل وكانوا يرفعون حالة الاستعداد القصوى بعد ضبط حامد ورجاله وقرب المغرب وقف في النافذة يحتسي كوبا من الشاي الساخن حين تسلل إلى أذنيه صوت صاحبه الجديد صاحب الصوت الشجي المألوف فأغمض عينيه مستمعا مستمتعا وهو يستند بكتفه على اطار النافذة ويمسك كوب الشاي الساخن بين يديه وصاحبه يعلو صوته منشدا:

"يا إله العالمين حنيني دائم والقلب شاك عليل
سال دمعي يا إلهي ولولا غربتي ما كان دمعي يسيل

غربتي نجوى ونيران شوق وأسى باك وليل طويل وما لي رجاء غير أن تسعى إليك السبيل

إذا ضاقت فنجوى دعائي حسبي الله حسبي الله ونعم الوكيل"

نفس الرجفة التي تسري في جسده حين يسمع صوته وهو يؤذن أو يُنشد سرت في جسده وهو يستمع إليه وكلماته تصيب صميم القلب،يتحدث ذاك الرجل عن الغربة بشجن رهيب وكأنه ذاق مرارتها فوجد نفسه يتسائل بشرود وهو يستمع إليه (تُرى أي نوع من الغربة التي أثرت بك هكذا الغربة عن الديار أم غربة الروح في الوطن ؟)

وحين انتهى الرجل كان معتصم قد أنهى كوب الشاي خاصته فتوقف عن تأملاته عائدا الى عمله الذي يبدو أنه سيمتد إلى ساعات طويلة من الليل
********
حين نغيب غيابا طويلا نُنسى كأننا لم نكن،وتسير الحياة دوننا فهي لا تتوقف على أحد، نحيا أحيانا كالموتى وكم من أحياء عند ربهم يرزقون

وهو عاش عمره هائما في ملكوت الله نساه الناس حتما ومن يتذكر الغائبون بالسنوات؟
وهل يستطع لوم أحد وهو أول من نسى نفسه؟
ورغم سنوات البعاد إلا أن حنينه هو من اعاده ثانية إلى وطنه، إلى مسقط رأسه

ترك الشيخ محمود الرحماني رفاقه ودلف إلى المسجد حتى يُجدد وضوئه قبل سهرة الانشاد التي ستبدأ بعد قليل،عاد منذ أيام إلى وطنه بعد غياب عمرا كاملا ،عاد في رحلة عمل في المقام الأول ولكن بداخله كان حنينه لأرضه رغم أنه يعرف أن الأجيال تعاقبت ومؤكد لن يعرفه أحد وكما ترك البلدة غريبا سيعود ليجد نفسه غريبا ولكنه الحنين الذي يُصيبنا مهما مرت السنوات فنجد أنفسنا نعود في النهاية إلى حيث كانت البداية حتى لو كنا على يقين أن هويتنا مطموسة من الأذهان ونسبنا مقطوع واسمنا أصبح طي النسيان والباقي من العمر لن يكون كالماضي منه

زيارة قصيرة يجوب فيها بفرقة الانشاد خاصته البلاد في شهري رجب وشعبان ويعود إلى بلده الثاني ومستقره في رمضان

بعد أن فرغ من الوضوء وخرج إلى المسجد الذي خلى من المصلين بعد صلاة العشاء وجلوس الجميع في الساحة الأمامية للمسجد لحضور ليلة الانشاد وجد أمامه عثمان الذي أردف مبتسما لصاحبه:"لا أصدق أبا بكر انك اخيرا خرجت من قوقعتك ووافقت على السفر"

قال بابتسامة مليحة:"ولا انا ولكن ربك حين يشاء يزيل العقبات وييسر السبل "

قال عثمان داعما:"الجميل انك تغلبت على مخاوفك"

تمتم محمود وهو يرمش بعينيه وصور متفرقة تمر أمامه :"كله بفضل الله"

ربت عثمان على كتف صاحبه وزوج أخته وخرجا سويا للجمع الذي ينتظرهما
******
كان معتصم لايزال في عمله منهمكا فيه حين رن هاتفه ووجده اشرف صديقه فرد عليه قائلا:"اهلا اشرف"

تجاهل الاخير سلامه ورد بانفعال :"هل أنت بالبيت أم بالقسم؟"

قال معتصم :"بالقسم"

فأردف اشرف الذي كان بالفعل يقف أمام باب القسم:"حسنا ثوان وأكن عندك"

أغلق بسرعة وترك معتصم يساوره الشك في صاحبه وهو يتحدث بانفعال غريب، تُرى مالذي حدث؟

دقائق قليلة كان فيها أشرف يدخل عليه في مكتبه ووجهه يحمل انفعالا أضعاف ما كان يحمله صوته فتأكد معتصم أن خلفه شيء فاستقام من خلف مكتبه وتقدم منه فالتقيا في منتصف الغرفة واردف معتصم بجدية:"ماذا بك؟ انطق"

قال أشرف بأنفاس لاهثة:"هل تعرف المجمع الاسلامي المقابل الذي تقام فيه احتفالات دينية؟"

هز معتصم رأسه باهتمام فأكمل اشرف:"هناك فرقة انشاد ديني أتت من المملكة العربية السعودية "

قال معتصم بضجر:"أنجز ماذا بهم هل لا يملكون تصريحا؟"

قال أشرف بأنفاس مضطربة :"لا بل عرفت أن اسم المنشد محمود ابوبكر منصور الرحماني"

حل الصمت بينهما لثوانِ ،معتصم الذي ينظر إلى صاحبه الذي تبدو الحماسة على وجهه وصدى كلماته يتردد في أذنيه ،اسم المنشد محمود ابوبكر منصور الرحماني"

دقات القلب تسارعت وأنفاسه تهدجت وأمل جديد يلوح في الأفق رغم أنه كان قد توارى في الأيام الماضية فزم شفتيه ثم أردف بصوت رغما عنه خرج مهزوزا:"ربما تشابه اسماء كالمرات السابقة"

فنفى أشرف قائلا:"تشابه اسم وسنة ومحل ميلاد!"

ازداد وجيب القلب حتى شعر أن قلبه سيغادر صدره واردف بصوت مبحوح:"هل تأكدت بنفسك؟"

أومأ له أشرف برأسه بعينين لامعتين وهو الأدرى بانفعال صاحبه ،صاحبه الذي تجمد في مكانه وعمر كامل تسلسلت أحداثه أمام عينيه وفي النهاية ظهر العزم في عينيه واردف وهو يسحب سترته المعلقة على ظهر المقعد :"لابد أن أذهب بنفسي"

قالها وهو يندفع إلى الخارج وخلفه اشرف والف سؤال يقفز في ذهنه
هل حقا هو؟
وان كان هو ماذا سيقول له؟
ما شكله وكيف سيعرفه معتصم هل سيسأل عنه بالاسم ؟
هل يقول له انا ابنك وماذا لو انكره؟

عند هذه الخاطرة وجد نفسه يخرج هاتفه ويتصل بخاله صالح الذي رد مباشرة فأردف معتصم بصوت متوتر:"هناك رجل هنا نشك أنه أبي هلا أتيت إليّ يا خال أريدك معي"

لم يسأله صالح سوى عن مكانه واغلق معه واسرع يرتدي ملابسه بقلب خافق
********
حين وصل معتصم إلى المجمع الاسلامي بعد أن قطع الخطوات الفاصلة بينه وبين القسم بسرعة وخلفه اشرف توقف عند بابه ونظر إلى أشرف وهو يشعر بالرهبة يريد أن يخطو ولكنه يخاف، يخاف المواجهة رغم شوقه للقاء فإن كان هو كان يحلم طوال سنوات بأبيه فهو بالنسبة لأبيه هذا شخص غريب لا يعرف عنه شيئاً

دفعه اشرف قائلا :"ادخل" فأخذ معتصم نفسا عميقا وخطى إلى المسجد المضاء بأنوار كثيرة كلها كانت تضوي أمام عينيه ولكن ضوئها مشوش فيعلو الصوت العذب الذي تعرف عليه منذ يومين مرددا:

"بي وجد لا يدريه الا من يسكن فيه
ابديه او اخفيه هو ملك رسول الله
صل الله على محمد صل الله عليه وسلم "

كان جمع كبير من الحضور يسد عليه طريق الدخول فيسمع دون أن يرى فبدأ في الدخول ببطء بين الجموع وصوت الشباب يعلو مرددين بحماسِ خلف المُنشد
يضرب الهواء البارد في ظهر مُعتصم فيشعر ببرودته تسري في أوصاله فتضعف حركته ولكنه يقاوم

يعود المنشد للترديد ويعود معتصم لاختراق الجموع وخلفه اشرف،لم يكن معتصم في هذه اللحظات يستمع أو يعي ما يُقال سوى كلمات متفرقة مما يُقال:

"قد طال شوقى اليه والنور فى عينيه
والسر طار اليه شوقا لرسول الله
صل الله على محمد صل الله عليه وسلم "

فاخترقت كلمة الشوق أذنيه وتسللت إلى قلبه، وهل هناك من يعرف معنى الاشتياق مثله؟ وهل هناك من ذاق مرارة الفقد مثله؟

خطواته كانت ثقيلة والجموع أمامه كلما مر من مجموعة كانت هناك أخرى فحفلات الانشاد تجمع من كل المحافظات ،ينظر للأسفل فيرى الأرضية المكسوة بالسجاد الأخضر فيتذكر أحلامه التي كان يحلمها منذ سنوات ورائحة المكان تماما كالرائحة التي تتسلل اليه في منامه الصوت هو الصوت والمكان هو المكان أما الصورة فكانت دائما مطموسة في أحلامه وها هو لا يراه بل يسمع صوته فقط

دفعه أشرف بقوة فتحرك بقوة الدفع والأجساد التي أمامه تنزاح تدريجياً على الجانبين فيعبر والرجل يشدو بصوت كالكروان:

"وهناك اموت واحيا والروح بطــه تحيا
فاكاد اناجي الوحي فى روض رسول الله
صل الله على محمد صل الله عليه وسلم"

تسللت إلى مسامعه فقط كلمتان أموت وأحيا ،وهل هناك من كان يموت بكلمة ويحيا بكلمة مثله؟ يحيا بكلمة تُحيي فيه الامل أن أبيه حي وكلمة تميته حين ينقطع الأمل

خطواته الثقيلة صارت خفيفة بعد أن تقدم منه أشرف وصاح بحدة في الرجال المتجمعين فيتفرقون يمينا ويسارا ويتقدم معتصم إلى أن وضحت الصورة وأصبح أخيراً أمام فريق الانشاد وكانوا مجموعة من الشباب يتوسطهم رجلان يتبادل كل منهما مقطعا بينما الشباب يرددون خلفهم كفريق كورال فتركزت نظرات معتصم على صاحب الصوت الذي يمس القلب وقلبه يخبره أنه هو فوقف على مقربة منه ينظر إليه من قمة رأسه حتى أخمص قدميه ورجفة جسده تزداد ووجيب قلبه يعلو وأشرف بجواره لا يعرف ماذا يفعل

إلى أن أقبل السيد مرزوق المسئول الإداري عن أعمال المجمع وهو يعرف معتصم وأشرف فأردف بحبور:"اهلا وسهلا تفضلا "

فرفع أشرف يده وأشار له أن يوقف الحفل فأشار الرجل إلى الفرقة التي توقفت فجأة والشيخ محمود والشيخ عثمان يتقدمان منهم يتسائلان عن سبب الايقاف فأردف محمود باهتمام للسيد مرزوق:"هل هناك شيء؟"

فأردف مرزوق مُعرفا:"أشرف باشا ومعتصم باشا من المباحث "

فبدى الاهتمام على وجه كل من عثمان ومحمود الذي أردف :"اهلا سيد اشرف اهلا سيد معتصم"

كانت الدماء فعليا قد تجمدت في جسد معتصم وهو يقف أمامه، قلبه يؤكد له أنه هو ،لم يشك لحظة في الرجل الاخر بل هذا الذي يقف أمامه فأردف مشددا على حروف كلماته وعيناه تدققان في عيني الرجل:"مُعتصم الرحماني"

اتسعت عيني محمود ولاحت نظرة حانية في عينيه وهو يتقدم خطوة من معتصم حتى أصبح يواجهه وأردف :"أنت من الرحمانية ؟منذ سافرت منذ سنوات طويلة لم يكن هناك أي تشابه في اسم عائلة الرحماني مع أي عائلة أخرى كان رحماني واحد"

أومأ له معتصم برأسه بحلق جاف وشفتين مرتجفتين فأردف محمود بحيرة وفضول:"أنا أيضا من الرحمانية، ابن من أنت؟ ابن عبد الملك الرحماني أم عبد الغني الرحماني؟"

فأردف معتصم بأنفاس مضطربة ونظرة مشتتة:"هل لي أن أرى هويتك؟"

كان أشرف قد نجح في تفريق الجموع بمساعدة الاستاذ مرزوق وبعض العاملين في المجمع الاسلامي وخلت الساحة لمعتصم ومحمود وعثمان

لم يعرف محمود لمٓ يريدها ولكنه أخرجها وحين لامسها معتصم ونظر إلى الاسم كاملا والبيانات التي لا يمكن أن تتطابق مع شخصين أخرج هو الآخر هويته بيدين مرتجفتين ودمعة متحجرة في عينيه ووضعها بجوار هوية محمود وقربهما على مرأى منه فنظر محمود إلى الهوية وقرأ الاسم بصوتِ مُرتفع (معتصم. محمود. ابوبكر .منصور .الرحماني)

ردد الاسم بدهشة وصدمة ورهبة وقلب خافق، تجمدت ملامحه وتحجرت نظرته وأخذ يقرأ الاسم كاملاً مراراً فيتوقف عقله عن العمل وينظر إلى معتصم الماثل أمامه يناظره بنظرات تعني الكثير ولا يعرف أن هذا الشاب الواقف أمامه يكاد يسقط مغشيا عليه من هول موقفه

ارتجفت يدي محمود الرحماني وهو يمسك الهويتين ويدقق في تاريخ مولد معتصم فيجده بالضبط بعد ثمانية أشهر من طلاقه قديما من يمنة فينظر إلى معتصم بصدمة ومعتصم يناظره بصمتِ وعثمان لا يفهم من الأمر شيئاً ولكن يشعر أن هناك أمرا جللا

كان صالح قد وصل إلى المجمع الاسلامي وحين لمح من بعيد معتصم أسرع الخطى وما إن اقترب ولمح محمود الرحماني الذي رغم مرور السنوات لم تتغير ملامحه كليا بل غزى الشيب شعره وتغضنت قليلا ملامحه كحالهم جميعا فأردف بأنفاس متلاحقة وهو لا يُصدق عينيه :"لا أصدق انك عدت بعد سنوات الغياب الطويل يا ابن الرحماني"

رفع محمود عينين غائمتين بسحابة الصدمة ولم يجد صعوبة في تذكره فاندفع صالح تجاهه واحتضنه مقبلا كتفيه أما محمود فكان في عالم غير العالم وانعقد لسانه وهو يرفع هوية معتصم أمام عيني صالح متسائلا بعينين غائمتين بالدموع المتحجرة دون أن يجرؤ على نطق كلمة فأردف صالح بجدية وهو يقف ما بين محمود ومعتصم :"بعد أن سافرت بفترة عرفنا بحمل يمنة وحين وضعت معتصم بحثنا عنك كثيرا لنخبرك وراسلناك على عنوانك الذي نعرفه ولكنك لم ترد على أي خطاب ،شعر صالح بتجمد معتصم الواقف بجواره فشدد على كتفه مؤازرا وأكمل لمحمود: ومن يومها وهو ابننا جميعا وجميعنا ننتظر اللحظة التي تعود فيها لترى ابن لك من صلبك"

بُهِت عثمان الذي ينتحي جانبا يشاهد المشهد من بعيد أما اشرف فتراجع للخلف كثيرا مقرا بخصوصية اللحظة فتمتم محمود في أول رد فعل له بشفتين مرتجفتين والدموع المتحجرة تزداد صلابة في عينيه كحجرين من جليد:"ابني انا!"

شعر صالح بالخجل من الموقف ولكنه يعذره فأردف بخفوتِ حتى لا يسمعه أحد:"أعرف أن الأمر صادم بالنسبة لك لذلك بإمكانك حتى تتأكد أن تقوم بتحليل نسب ليطمئن قلبك"

كور معتصم قبضتيه جانبه وهو يطحن ضروسه فهذه اللحظة التي كان يتمناها عمره كله ويخشاها أيضا والصدمة المرسومة على ملامح الرجل تخيفه ،مؤكد يشكك في الأمر أما هو فكأنما كان يعرفه منذ سنوات، لم يستغرب ملامحه ولا صوته وكأنه رأه من قبل في زمن آخر

أما محمود الرحماني فبعد أن أخذ دقائق في صدمته بدأ عقله في ربط الخيوط ببعضها بسرعة رغم صعوبتها،الهوية التي بين يديه حقيقية وكلام أصلح أبناء عمران سيف على رقبته، ليس هذا فقط ولكن لأن هذا الواقف أمامه كانت بالفعل ملامحه تشبه ملامحه في شبابه ،وليس في شبابه فقط بل ويشبهه الان أيضا، لون العينين والنظرة ،ملامح الوجه والطول المماثل ،تقدم محمود من معتصم أكثر حتى لم تعد هناك مسافة فاصلة بينهما وكل منهما بعينيه جبال من متحجرة من الجليد ،يتماثلان في الطول ويتشابهان في الملامح حتى عروق الرقبة النافرة عند الغضب والتوتر تتماثل الان مما لا يجعل أمام محمود مجالا للشك في نسبه وهو الذي رحل منذ عمر كامل بلا رجعة ولا سؤال ولا التفاتة واحدة خلف ظهره ..

لم يكن هناك مجالا للشك فقد كانا في هذه اللحظة كنسختين متشابهتين أحدهما من الحاضر والآخر من الماضي
نسختين متطابقتين احدهما صغرى والأخرى كبرى
نسخة في مقتبل العمر والثانية في آخره

فأردف محمود اخيرا بصوت متحشرج وهو يلمح في عيني ابنه حنينا وخوف:"وهل هناك شك ولو واحد بالمائة في ابناء عمران الحسيني أن ينسبوا للعبد الفقير الى الله طفلا ليس من صلبه!"

قالها ورفع كفيه بتردد وهو يختبر لأول مرة مشاعر الابوة وحين لاحظ تجاوبا من نظرة عيني معتصم الذي تهفو روحه لعناق طويل جذبه واحتضنه بقوة فانهارت كل دفاعات معتصم وهو يلامس والده ويتشمم رائحة المسك التي تفوح من ملابسه والآخر تدور به الدنيا وتميد الأرض تحت قدميه من عظم الموقف وفي نفس الوقت تنهار جبال الجليد في عيني كل منهما فتسيل دموع الرجال أنهارا

نهاية الفصل


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-22, 09:41 PM   #1634

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 203 ( الأعضاء 23 والزوار 180)
‏Heba aly g, ‏ناي محمد, ‏احب القراءه, ‏mamanoumanoul, ‏المسك الطيب, ‏ميمو٧٧, ‏وسام عبد السميع, ‏Kemojad, ‏سهى قيسيه, ‏م ممم ممم, ‏حنان الرزقي, ‏halloula, ‏بوسي موني, ‏عبير سعد ام احمد, ‏jehan, ‏نهى حمزه, ‏hoda ateya, ‏سيفينا, ‏غمزة نظر, ‏نهله صالح, ‏asmaaasma, ‏زهرة ميونخ, ‏إشراقة الشمس


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-22, 10:16 PM   #1635

وسام عبد السميع

? العضوٌ??? » 386250
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 269
?  نُقآطِيْ » وسام عبد السميع is on a distinguished road
افتراضي

الفصل جباااااار
تسلم ايديك
عندي كلام كتير بس مش عارفة اعبر
❤❤❤❤


وسام عبد السميع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-22, 10:39 PM   #1636

اللؤلؤة الوردية
 
الصورة الرمزية اللؤلؤة الوردية

? العضوٌ??? » 414871
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 722
?  نُقآطِيْ » اللؤلؤة الوردية is on a distinguished road
افتراضي

عظمة على عظمة الفصل أنا دموعي بتنزل وجسمي بيرجف من التأثر ومش عارفة أقول حاجة غير تسلم إيديكي مليون مرة

اللؤلؤة الوردية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-22, 10:47 PM   #1637

maryam ghaith

? العضوٌ??? » 457425
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 116
?  نُقآطِيْ » maryam ghaith is on a distinguished road
افتراضي

الله الله على روعه الفصل ده تحفه بجد

maryam ghaith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-22, 10:49 PM   #1638

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 233 ( الأعضاء 40 والزوار 193)
‏Heba aly g, ‏mooogah, ‏Hayette Bjd, ‏maryam ghaith, ‏DrWalaa, ‏حنين محمد جميل, ‏اللؤلؤة الوردية, ‏الطبيبة س, ‏ولاء مطاوع, ‏ام ندى سيرين, ‏نبيله محمد, ‏زهرة الاوركيد رغودا, ‏Um-ali, ‏ولاء وحيد, ‏بشرى لطفي, ‏ايثو كردم, ‏OsamaRageh, ‏خلديه قمر, ‏عبير سعد ام احمد, ‏وسام عبد السميع, ‏asmaaasma, ‏halloula, ‏نونه برو, ‏الياسمين14, ‏Amanyi, ‏Solly m, ‏zezo1423, ‏شموخي ثمن صمتي, ‏هدهد الجناين, ‏nairouz mohammed, ‏remokoko, ‏Moony204, ‏رقة النسيم, ‏إشراقة الشمس, ‏ترانيم الزمان, ‏ناي محمد, ‏احب القراءه, ‏mamanoumanoul, ‏المسك الطيب, ‏ميمو٧٧
أدوات الموضوع


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-22, 10:54 PM   #1639

حنان الرزقي

? العضوٌ??? » 315226
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 755
?  نُقآطِيْ » حنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond repute
افتراضي

للّه درّك ما أجمل وصفك للقاء الوالد بولده ما أشدّ وقع كلمات الإنشاد الديني في النفس ما أروع الدرر التي تنثرينها في الرواية ... بعد جهد وتعب طويل أرجعت محمود الرحماني الى معتصم فقرّت عينه شكرا لك كاتبة مبدعة و خلوقة أرى التزامك بالخلق الكريم من خلال كتاباتك

حنان الرزقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-22, 11:03 PM   #1640

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 234 ( الأعضاء 39 والزوار 195)


‏موضى و راكان, ‏Heba aly g, ‏نووره, ‏حنان الرزقي, ‏Nora372, ‏awttare, ‏mooogah, ‏Hayette Bjd, ‏maryam ghaith, ‏DrWalaa, ‏حنين محمد جميل, ‏اللؤلؤة الوردية+, ‏الطبيبة س, ‏ولاء مطاوع, ‏ام ندى سيرين, ‏نبيله محمد, ‏زهرة الاوركيد رغودا, ‏ولاء وحيد, ‏بشرى لطفي, ‏ايثو كردم, ‏خلديه قمر, ‏عبير سعد ام احمد, ‏وسام عبد السميع, ‏asmaaasma, ‏halloula, ‏نونه برو, ‏الياسمين14, ‏Amanyi, ‏Solly m, ‏zezo1423, ‏شموخي ثمن صمتي, ‏هدهد الجناين, ‏nairouz mohammed, ‏remokoko, ‏Moony204, ‏رقة النسيم, ‏إشراقة الشمس, ‏ترانيم الزمان, ‏ناي محمد



إيه الجمال ده يا مبدعة لقد هرمنا لنصل إلى لحظة لقاء معتصم بوالده و سبحان الله الذى قرب البعيد

تسلمى يا هبة فصل ممتع بشدة


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:56 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.