آخر 10 مشاركات
ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          كوب العدالة (الكاتـب : اسفة - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قصر لا أنساه - مارغريت مايلز- عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4112Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-11-21, 08:00 PM   #1261

سوهي(زهور الربيع)

? العضوٌ??? » 491859
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 46
?  نُقآطِيْ » سوهي(زهور الربيع) is on a distinguished road
افتراضي


تسجيل حضووووور♥️♥️♥️

سوهي(زهور الربيع) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-21, 08:05 PM   #1262

إشراقة الشمس

? العضوٌ??? » 491302
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 30
?  نُقآطِيْ » إشراقة الشمس is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور الفصل ياجماعة 😍 ♥

إشراقة الشمس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-21, 08:10 PM   #1263

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس والعشرون


الاثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس

هكذا علمها صالح ،علمها انها مادامت لم تفعل خطأ فلتواجه وإذا وجدت نفسها تخشى البوح بفعلها فهي بذلك قد فعلت الخطأ

وهي منذ محادثتها لمهند وظهور والده لثوانِ قليلة أمامها وما قالته نعمة وهي واجمة وكأنها ضُرِبت بمطرقة فوق رأسها

وفكرتان تتصارعان بداخل رأسها بسؤالين لحوحين

اخطات أم لم أخطىء؟

أقول له أم لا أقول ؟

أما عن اجابة سؤالها الاول فهي عن نفسها لم ترى أنها أخطأت ولكن في قاموس يحيى فهو الخطأ بعينه

وأما عن السؤال الثاني فقد احتار عقلها ،تقول وتفتح على نفسها بابا من المتاعب

ام تصمت كما قالت لها غالية وتعتمد على وعد نعمة بألا تتحدث في شيء لأنه من الأساس لم يحدث شيء ؟

ظلت هكذا جالسة مع البنات بجسدها وعقلها في مكان آخر،يغنين هن ويرقصن وهي في واد غير الوادي إلى أن اخترق أذنيها صياحه بصوت عالي باسمها فعرفت أن نعمة أخبرته فاستقامت وقالت للبنات :"سأنزل انا ليحيى"

وعلى السلم قطعت الدرجات الفاصلة ما بين شقة عنان وشقتها بسرعة وتوتر وكان هو يقف أمام باب شقتهما المفتوح وحين طلت عليه بوجهها الممتقع أردف متسائلا :"ماذا تفعلين حتى الآن؟"

قالت بنبرة متوترة :"عنان تبيت كما تعلم بمفردها واقترحت علينا أن نبقى جميعا معها"

قال وهو يمد يده لها :"والجميع معها الان؟"

قالت وهي تمد يد مرتجفة له:"نعم "

ابتسم قائلا حين لامس أناملها :"يكفيها من معها ،هيا أريد أن أنام"

اهتزت حدقتيها وحاولت أن تبدو هادئة فأردفت وهي تقف على مقربة منه وتشير إلى باب عمها زكريا:"الم تدخل عند عمي وعمتي؟"

قال وهو يجذبها ليدخلا شقتهما:"بل دخلت"

أغلق باب الشقة فشعرت بالهدوء النسبي ،واضح أن نعمة لم تقل له ويبدو أن غالية كانت على حق

قال لها بتساؤل وهو يقف بجوارها:"ماذا بكِ لم تلهثين؟"

قالت وهي تنزع وشاحها عن رأسها وقد هدأ توترها قليلا : لأنني نزلت السلم جريا فقط "

ربت على وجنتها وأعطاها كيسا كان بيده ولم تلحظه لتوترها قائلا:"الأدوية التي انتهت"

أخذت منه كيس الأدوية التي يحضرها بشكل دوري من فيتامينات وتوقفت بعينيها عند اقراص منع الحمل واحتقن وجهها فأردفت بضيق:"الن تتوقف عن جلب هذه الأقراص ؟ أنا مللت"

قال بتعجب :"مللتِ من ماذا؟"

قالت بعصبية لا تقصدها :"مللت من هذه الحبوب الهرمونية التي تجعل مزاجي سيئا ومتقلبا"

قال لها وقد تفاجأ من نبرتها الهجومية:"ومن قال إنها السبب؟"

قالت باقتضاب :"قرأت عن هذا الأمر وكل ما يصيبني اكتشفت أنه من الأعراض الجانبية لهذه الاقراص"

قال مهادنا:"حسنا نذهب الى الطبيب ليصف لنا وسيلة الأخرى"

قالت بفراغ صبر وبصوت محتقن :"لا أريد الذهاب لأطباء ولا اريد وسيلة أخرى أنا أريد طفلا واحدا يحمله رحمي وأُشبِع به غريزة الأمومة التي تجري في دمي منذ أن وعيت على الحياة "

كانت ملامحها المتأثرة وعينيها الدامعتين ونبرتها الحادة وارتجاف جسدها وشفتيها يوحون انها في حالة غير طبيعية

كانت بالفعل كل فترة تثور غريزتها للأمومة ويشتد اشتياقها ولكن هذه المرة كان الأمر مختلف

أخذ منها كيس الدواء والقاه على طاولة السفرة وجذبها نحوه دون كلام وضمها بقوة وهو يٌحكِم ذراعيه حولها وهي ما إن شعرت به يحاوطها حتى انفجرت في البكاء بصوت عال فعرف أنها بالفعل وصلت لمرحلة الانفجار التي تصل إليها كل فترة.

قال بصوت مختنق بجوار أذنها:"لا تفعلي بنفسك هكذا يسر ألم نتفق أنها مرحلة وستمر"

قالت بدموع منهمرة بلا وعي أو ادراك:"لنا سنوات نقول هذا ولا يجد أي جديد أنا تعبت"

زفر نفسا حارا مختنقا،لن يحاسبها على كلماتها بالطبع فهي ليست بحالة تسمح بهذا،

أخذ يهدهدها ولم تشعر بنفسها بعد ذلك إلا وهي متسطحة فوق الفراش وقد نزع عن جسدها عباءتها التي كانت ترتديها فوق ملابسها البيتية فبقت بفستان قطني قصير فبدت له كأنها ابنته لا زوجته خاصة وهي ملتصقة هكذا في حضنه

حين هدأت قليلا وتوقفت دموعها واستعادت ادراكها رفعت وجهها اليه وأردفت بعينين معتذرتين :"يحيى لا تغضب مني"

قال لها وهو يمسد على شعرها:"لست غاضب منكِ ولكن حزنت فقط عليكِ لا أحب أن اراكِ هكذا"

قالت بحرج وهي تخفض عينيها عن عينيه:"أنا لا أجروء على الانهيار هكذا أمام أحد غيرك"

رفع وجهها اليه مرة أخرى واردف بجدية ويده الأخرى تمسد على شعرها بحنان:"ولن تجرؤي في حياتك على فعلها مع أي أحد ايا كان ،أنا لا أحب أن اراكِ هكذا لإني أحبك ولا أتحمل عليكِ أي شيء ليس أكثر، هل تفهمين ؟ ليس معنى كلامي أن هذا الشيء يضايقني هو فقط يؤلمني عليكِ"

قالت له بتعب وهي تسبل أهدابها :"أنا لي سنوات وأنا اؤلمك يحيى"

استند بجبهته فوق جبهتها وأردف بصوت صلب :"قدرنا يسر فماذا نفعل"

قالت بصوت ضائع وهي لا تريد أن تفتح عينيها لتواجه الواقع:"كنت أتمنى أن يكون قدرنا معا أجمل الأقدار"

قال وهو يضمها اليه فيغمرها بعاطفة قوية أقوى من مشاعرها السلبية :"هناك من يكون قدره زوجة جميلة مطيعة وهناك من يكون قدره كثرة مال واخر كثرة اطفال واخر صحة أو وظيفة مرموقة ،الله يعطي كل منا امتياز في شيء عن الآخرين ،منحة يعطيها لنا وحدنا لا لأحد غيرنا وانا الله قدر لي أن يكون رزقي في الحياة حب يجري في جسدي مجرى الدماء ،حب اشتعلت جذوته في قلبي حين رأيت طفلة صغيرة لا أعرف حتى الآن مالذي جذبني لها سوى أنها كانت إرادته فهو يهب لمن يشاء مايشاء وشاء ووهبني حبك"

كانت تشعر بكلماته تسري في جسدها كأنها مخدر يسكن آلامها دفعة واحدة ويخدر حواسها ويده التي كان يحركها فوق جسدها كانت تربت على وجع روحها

تمسكت به وهي تغمر وجهها في رقبته وهو يتحدث بجوار أذنها بصوت رخيم هاديء ،تنساب الكلمات من بين شفتيه بايقاع منتظم كأنه يحفظها عن ظهر قلب أو يقرأها من مقصوصة ورقية مثبتة أمام عينيه

ظل يتحدث وظلت تسمع إلى أن استرخت حواسها تبعه جسدها كله ورغم جنوح عقلها إلى اللاوعي إلا أن أذنيها ظلت لدقائق تستمع لما يقوله إلى أن سلمت حصونها وذهبت في سٌبات عميق يحتاجه جسدها وعقلها بشدة

أما هو فحين تأكد من نومها شعر بوخز دموع عزيزة في عينيه ،دموع الرجال التي توخز العينين وتلمع بهما ولا تنزل الا لشديد قوي

تمتم بصوت منخفض بجوار أذنها "تظنين أنني لا اشتاق كما تشتاقي ،لا أريد كما تريدي،اتألم مثلك يسر ولكني لا اتكلم ،لا اتكلم حتى لا اؤلمك أكثر من ألمك"
********
في صباح اليوم التالي

كانت تقف في مطبخ المطعم تُخرِج المعجنات الساخنة من الموقد، ترتدي بنطال رياضي خفيف يساعدها على الحركة السريعة وفوقه بلوزة قطنية قصيرة تثني كميها حتى مرفقيها ووشاح صغير تعقده خلف عنقها

يديها تعملان في اخراج المعجنات وذهنها يعمل في جهة أخرى فقد بحثت عن رقم سمسار اخر ربما يكون لديه طلبها في شقة جيدة بسعر معقول

وقلبها مشغول مع فرح التي تُقطع قلبها كل يوم حين تتركها في الحضانة فالبنت لم تعتاد بعد

ولكنها هي التي تصر ،تصر أن تؤهلها من الآن للالتحاق بالمدرسة

ابنتها ليست أقل من أي طفل

ابنتها لديها مستوى ذكاء متوسط وبه تستطيع اجتياز الكثير

لو طاوعت زهراء قلبها وابقتها بجوارها خوفا عليها لن تتقدم ووقتها سيصدُق سعد.....

فرح هي التحدي الأكبر لها في هذه الحياة وستربحه باذن الله

انتزعها من شرودها نقر خفيف على باب المطبخ المطل على الشارع الخلفي وحين التفتت وجدته هو

ورغم كل شيء ،رغم ما حدث بينهما من انعدام ثقة وتشكيك فقد ابتسم قلبها أما شفتيها فكانتا ابيتان على الابتسام

دقيقة واحدة ظل كل منهما ينظر إلى الآخر بصمت وحين طال الأمر مسد بكفيه على ذراعيه إشارة على أن الجو بارد وبالفعل كان كذلك فأسرعت وفتحت له الباب مباشرة

وحين دخل أغلقت الباب ووقفت أمامه لا تعرف ماذا تقول لأنها لا تعرف ماذا يريد

ولكنها اشتاقت له ،اشتاقت لملامحه الحبيبة ورائحة عطره وكل شيء به ،شعرت بالخجل وأخفضت عينيها قليلا فلاحظت حذائه الاسود اللامع بلا ذرة غبار واحدة وبنظرة سريعة إلى قدميها اتسعت عينيها وهي تنظر إلى الخف الذي تلبسه في قدميها وشعرت بالخجل

ولا تعرف أن هذه التفاصيل لم تكن تفرق معه في شيء فقد كان يتطلع إلى وجهها البهي الذي يتشرب بحمرة قانية اثر وقوفها أمام الموقد وإلى نفور عروق عنقها التي توحي بتوترها ،لأول مرة يراها بملابس كهذه بنطال وبلوزة قصيرة.

حين طال صمتهما لا هي تنطق ولا هو يتكلم حتى السلام لم يلقيه عليها أردفت وهي تفرك كفيها ببعضهما:"هل هناك شيء؟"

قال وهو ينظر إلى المعجنات التي تملأ المطبخ برائحة رائعه تفتح شهيته للطعام :"كنت أريد الحديث معكِ في أمر هام"

تسللت إلى أنفها رائحة الدفعة الأخيرة من المعجنات الموضوعة في الموقد الكهربائي فأسرعت جهته وهي تقول:"حسنا قل ما تريد"

أخرجت الصينية الأخيرة فاقترب هو ووقف بجوارها قائلا وهو يشير جهة المعجنات:"رائحتها رائعة اتخيل مذاقها وخاصة مع فنجان نسكافيه ساخن في هذا الطقس البارد"

دون كلام كانت قد فتحت الكاتيل المجاور وسحبت كوب نظيف ووقفت تعد له كوب نسكافيه وهي تقول:"كنت تريد أن تقول شيء"

قال بنبرة جادة:"رحاب قالت لي ما حدث معكِ"

رفعت إليه عينين بنيتين فاتحتين يبدو بهما الكثير والكثير من الكلمات ولكنها في النهاية لاذت بالصمت ،سكبت الماء الساخن في الكوب وقلبت المحتويات ثم أردفت وهي تضع الكوب أمامه ومعه طبقا اخر به عدة قطع من المعجنات الساخنة:"الحمد لله كله قضاء الله ،ثم أردفت بهدوء عكس توترها الداخلي من وجوده اولا والظروف التي تمر بها ثانيا:اشرب النسكافيه وهو ساخن"

أردف بنظرة خبيثة :"يشبه النسكافيه الذي اعددتيه المرة السابقة؟"

لمعت عينيها بنظرة متسلية رغم كل شيء ،رغم ما مرت به وتمر به، رغم قسوته هو نفسه عليها ولكن ربما كثرة الحزن هي ما تجعلها تتحين اي فرصة للشعور بأنها على قيد الحياة فأردفت أخيرا:"لست أنا من اعددته وقتها،سامية من أعدته"

ابتسم وهو يتناول الفنجان ويأخذ منه رشفة ثم أردف بجدية:"رغم سوء التفاهم الذي حدث بيننا ورغم أنني أعترف أنني ضايقتك ولكن بالفعل حزنت بما قالته رحاب"

استندت بظهرها على الطاولة الرخامية وولت وجهها إلى باب المطبخ الزجاجي المطل على الشارع وهي تشرد في المارة والسيارات وأردفت بملامح جادة:"نصيب ،كل ما نمر به نصيب أو ابتلاء أو اختبار ايا كان أنا راضية"

وضع كوب النسكافيه الذي كان شديد السخونة على الطاولة ووقف بجوارها نفس وقفتها يستند بظهره على الطاولة الرخامية قائلا بوجه جاد:"ولكن مالا استطع فهمه أو ادراكه مالذي يجعل رجل يتخلى عن ابنته بهذه الطريقة ،انا حقا لا أستوعب هذا الأمر"

زفرت نفسا حارا وأردفت بشرود:"الرحمة"

ضيق عينيه قائلا :"ماذا؟"

فأردفت وهي على نفس الحال:"الله حين يخلقنا يضع في نفس كل منا قدر من الرحمة وهو بوجه عام رحمته قدرها في نفسه قليل للغاية وبوجه خاص تجاه فرح يعتبرها ناقصة " قالتها بألم بدى في نظرة عينيها

كانت مثبتة نظرتها على الشارع حتى لا تنظر إلى حاتم وكان حاتم يثبت عينيه على جانب وجهها الحزين الجميل وبداخله تعجب كيف لرجل أن يترك امرأة بهذه الجاذبية ويترك معها طفلة في جمال أمها وبراءة ملاك نزل من السماء

أردف حاتم بنظرة دافئة وهو يتذكر ملامح الصغيرة:"غريب ،رغم أنها تبدو كملاك نزل من السماء رغم أني لم أراها سوى مرتين ولا اتذكر كل تفاصيلها ولكني اتذكر وجهها بوجه عام تشبه الملائكة "

حين يتحدث أحد عن قرة عينيها بهذه الصورة الرائعة فهو يملك قلبها فماذا لو كان من الأساس هو مالك قلبها ؟

ناظرته بنظرة بها الكثير من الامتنان ،احيانا تحتاج أن تسمع هذه الكلمات عن ابنتها من شخص آخر فتشعر أن البنت بالفعل مميزة وأن هناك عيون أخرى ترى تميزها لا عيني الام خاصتها فقط من ترى ذلك.

ابتسمت له ابتسامة حلوة ثم أخرجت هاتفها من جيبها وفتحته على صورة فرح وأردفت وهي توجه الصورة نحوه:"هي فعلا هكذا أو انا أراها هكذا"

أخذ الهاتف وظل يتطلع إلى الصورة بابتسامة حنونة ،البنت بالفعل جميلة وملامحها مريحة إلى جانب أنها تثير بداخله مشاعر من التعاطف نحوها

تنحنحت زهراء أخيرا فانتبه لها فأخذت الهاتف منه ووجدت أنه منذ أتى لم يتحدث فيما جاء لأجله فأردفت مذكرة اياه رغم أن وجوده ملأها بمشاعر جميلة :"لم تقل لي حاتم حتى الآن ماذا تريد؟"

تناول فنجان النسكافيه من خلفه وأخذ منه رشفة ثم أردف :"عرفت كما قلت ما حدث ولا يروق لي أن تبقي عند رجل غريب لابد أن يكون لكِ شقة منفصلة"

قالت بفتور:"أنا أبحث بالفعل ،كل يوم اخصص وقتا للبحث"

قال لها بجدية:"زهراء اسمحي لي أن أساعدك في هذه الفترة حتى تجدين شقة مناسبة سآخذ لكن شقة تجلسن فيها معززات مكرمات إلى أن ترتبين نفسك أو ربما يصدق ذاك الوغد ويعطي البنت حقها حين يبني البناية"

أسبلت أهدابها لثوان قليلة أمام نبرته الخاصة ونظرة الاهتمام في عينيه ،لا تعرف مالذي بدله هكذا بعد أن كان عدائيا معها

هل يشعر بالشفقة تجاهها بعد ما حدث لها؟

بالتأكيد هذا هو السبب

تسلل صوته إلى حواسها ينبهها لوجوده ففرقت اجفانها ببطء

إن سألوها عما يمثله حاتم لها فهو كالمخدر الذي يٌسكن آلامها وفي وضعها هذا هو كقرص ترامادول يجعلها محلقة في السماء لا تلامس قدميها الأرض

ابتسمت له ابتسامة صغيرة ممتنة ،ممتنة لاهتمامه وتفكيره فيها رغم أن ما بينهما انتهى قبل أن يبدأ ثم أردفت بنبرة واثقة:"حقيقي لا أعرف كيف أشكرك ولكني لا أقبل مساعدة من أحد"

اعتدل في وقفته وأردف بجدية :"ليست مساعدة كما تظنين أنا..."

قاطعته بنبرة قاطعة وعينين جادتين قائلة:"أنا لا أقبل من أي أحد على وجه العموم ثم أشارت بسبابتها تجاهه :ومنك أنت على وجه الخصوص"

اسودت نظرته وأردف باستنكار:"ولمَ أنا على وجه الخصوص؟"

تبدلت نظرتها التي كانت ساكنة منذ قليل وظهر التحدي في عينيها وهي تقول:"لأنني إن قبلتها فهذا يؤكد الكلام الذي سبق وقلته عني هل تتذكره أم نسيت؟"

ضيق عينيه يحاول تذكر ماذا تقصد فأردفت هي بنظرة ظاهرها الاستخفاف باطنها الألم :"أنني كنت أقصد الا أخبرك عن زواجي لغرض في نفسي وأنني أوقع بالرجال وأغويهم"

جز على أسنانه حتى أصدرت صريرا واضحا، يعترف أنه جرحها وأهانها وحين أعاد على مسامعه ما قاله لها أدرك ذلك

قال مهادنا :"انسي ما قلته لأنني أعترف أنني حين أغضب أفقد التحكم في نفسي"

عقدت ذراعيها فوق صدرها فبدت له بصورة جميلة بسيطة ولا يعرف لمَ تخيلها في هذا الوقت أنها تقف في مطبخ شقتهم وتعد الافطار للجميع وهو يجاورها

أردفت بنظرة ثاقبة :"لماذا حاتم؟"

قال بلا فهم :"لماذا ماذا؟"

مطت شفتيها قائلة:"لماذا تريد مساعدتي ؟ما هدفك؟ بعد أن ظننت في ما ليس بي وبعد أن أدركت أن كل الطرق بيننا مغلقة لمَ تريد المساعدة؟"

احتدت نظرته وشعر بالغيظ منها فهي ببساطة كمن مسكت مرآة لتضعه أمام نفسه فقال مراوغا:"اي شخص كان سيحدث له ما حدث معكِ كنت سأساعده"

أردفت بثبات:"وأنا كرامتي عندي أغلى من كل شيء، وكمن جاءتها الفرصة لتأخذ حقها منه أردفت بصلابة:أنا لن أقبل مساعدة من رجل غريب عني لإني إن قبلتها وقتها سأكون حقا امرأة سيئة وأنا لست كذلك، إن أطلعك الله على مالا تعرفه عني ذات يوم ستعرف وقتها إنني أطهر امرأة قد تعرفها يوما "

نظر إليها نظرة قاتمة دون رد ، يعرف أنه جرحها سابقا ولكنها من النوع الذي لا ينسى

النظرة التي تلمع في عينيها كنصل سيف حاد توحي بأن صاحبتها حرة أبية ولا تقبل على كرامتها أن يمسها أحد

وكان يتوقع أن يكون هذا ردها لذلك أردف بهدوء اقرب للبرود :"حسنا كما تريدين ،ثم ناظرها بنظرة سريعة متفحصة من أعلى لأسفل وكأنه يُملي عينيه منها قبل رحيله قائلا :سلام عليكم"

حين انسحب من جوارها شعرت تلقائيا بتيار هواء بارد يلفحها رغم سخونة المطبخ ،كان لوجوده بالجوار دفئا خاصا تحول إلى برودة حين ابتعد

ولكنها تماسكت فهو لابد أن يبتعد

أما هو فحين أغلق باب المطبخ خلفه اتجه مباشرة إلى سيارته وبعد أن احتل مقعده اتصل برحاب قائلا بضع كلمات مقتضبة:"رحاب كما توقعت رفضت ،اذن نفذي ما اتفقنا عليه"

كانت رحاب التي تعرف بذهاب حاتم الى زهراء بل وتجلس بالخارج خصيصا حتى تترك لهما المجال للكلام تجلس بجوار محمد تراجع معه بعض الحسابات فأردفت بتوتر:"ولكن لو علمت"

قاطعها قائلا :"سأسعى الا تعرف ،هل تريدين لها البقاء بهذا الوضع؟"

صمتت رحاب وشعورها بالعجز يطوقها فهي بالفعل لا ترضى لها بهذا الوضع

فأردفت بخفوت :"حسنا حاتم سأفعل ما قلته اتركك الان حتى أدخل لها"
********

أنا لحبيبي وحبيبي إلي

يا عصفورة بيضا لا بقى تسألي

لا يعتب حدا ولا يزعل حدا

أنا لحبيبي وحبيبي إلي
كانت عنان منذ أن استيقظت وهي ترتب وتنظف الشقة بحماس ،تناولت افطارا خفيفا وأعدت فنجان قهوة وادارت مشغل الأغاني على أغاني جارة القمر

كل الأجواء التي كان يفعلها فعلتها هي ،حتى القهوة التي لا تميل لها صنعتها فقط لتشم رائحتها فتشعر بوجوده حولها

فتحت باب السطح بعد أن ارتدت اسدالها وخرجت لتضع الطعام للحمام ومن خلفها بوسي التي تلتصق بها طوال وجودها معها أما حين تكون عند وصال ومودة يكون التعلق من نصيبهما

رن هاتفها الموضوع على طاولة غرفة المعيشة فهرعت اليه فكان بالفعل معتصم كما تمنت

ابتسمت ابتسامة حلوة وهي تجيب اتصاله الصوتي قائلة:"صباح الخير معتصم"

"صباح الخير حبيبتي كيف حالك؟"

خفق قلبها حين نطق حبيبتي ورغم أنها ليست أول مرة ينطقها ولكن طريقة نطقه كل مرة تختلف عن سابقتها

أحيانا تكون محملة بالشوق وأحيانا بالتعب، أحيانا يقولها فتشعر أنه هاديء وأحيانا يكبت غضبه من شيء

أما الان فحبيبتي بنبرة حنين

قالت له وهي تخرج ثانية للسطح :"انا بخير ولكن صوتك يبدو انك للتو استيقظت"

قال وهو يتثائب:"للتو صحوت بالفعل"

قالت بشك:"ليست عادتك أن تصحو متأخرا"

"لانني سهرت بالأمس"

قالت بنبرة حاولت أن تبدو طبيعية:"مع من ؟"

ابتسم وهو يجدها تراوغ ولا تعرف انها مكشوفة ثم أردف:"سهرت مع نفسي في الفندق عنان،كنت افكر في كل كلمة قالها لي ابن عم ابي"

شعرت بالضيق لضيقه وبالحيرة لحيرته فأردفت وهي تقف في منتصف السطح والحمائم تطير حولها :"يكفي الى هنا معتصم وعُد"

تنهد قائلا :"اقابل فقط الرجل الاخر لاني أشعر أن عبد الملك هذا يخفي خلفه شيء، احساسي أن هناك شيء لم يقله "

قالت عنان بجدية :"بل هذا ما تريده أنت ،الرجل قصته منطقية ثم إن من الذي يترك البلد ليعيش في مستوى مرتفع كالذي تحكي عنه ويفكر في العوده؟"

حاول تغيير مجرى الكلام فأردف:"حسنا عنان كما قلت لكِ اقابل الرجل وبعدها سآتي ثم إن"

توقفت الكلمات على شفتيه فأردفت هي:"ماذا كنت ستقول؟"

أردف بابتسامة صغيرة :"لا أخفيكِ سرا كنت أفتقد هذه المشاعر والدفء العائلي ،احببت السيد عبد الملك وزوجته وابناؤه شعرت أنني اعرفهم منذ زمن وخاصة نزار الذي لا يناديني الا بابن العم لانه ليس له ابن عم مثلي"

قالت بحنق :"تفتقد الدفء العائلي معتصم؟ وماذا عنا ؟ ثم أردفت بغيظ :هل تعرف إن سمعتك ماما غالية ماذا ستفعل بك؟"

قهقه ضاحكا ثم أردف:"أولا أنتِ لن تقولي لها

ثانيا :أنا أقصد نوع معين من الارتباط العائلي يخص اهل الاب هل تفهميني؟"

قالت بهدوء:"طبعا افهمك واتقبل جدا رغبتك في البقاء معهم ثم تشرست نبرتها رغما عنها وهي تقول: ولكن لا تختلي بهذه الفتاة المائعة اجلس مع العائلة بأكملها "

ارتسمت على وجهه ابتسامة واسعة سعيدة ثم أردف بنبرة خاصة:"وماذا يضيرني إن اختليت بنساء العالم أجمع وفي قلبي واحدة"

خفق قلبها بقوة واهتز الهاتف بين يدها،كلماته هذه تجعلها هشة ،هل يعرف هذا هل يقصده ويتعمده؟

انعقد لسانها ولم تستطع الرد فأردف وهو يزيح الغطاء عنه ليستعد للذهاب إلى عبد الغني في المشفى :"اسمع صوت فيروز بالجوار لم أكن أعرف أنكِ تحبين الاستماع اليها"

قالت بصوت منخفض :"أحببتها فجأة لا أعرف لماذا ثم أردفت بصوت مضطرب:أشياء كثيرة أصبحت احبها حتى أنني شربت قهوة في الصباح، أصبحت احب رائحتها في البيت"

ابتسم وهو يتوقف أمام مرآة الحجرة يناظر نفسه وهو يقع في حبها كل يوم عن سابقه وكأنه مراهق صغير وهي يبدو أنها بدأت تبادله مشاعره ثم أردف بتساؤل:"لمَ يهتز صوتك هكذا؟"

أردفت وهي تشعر بلسعة برد تصيبها رغم أن الشمس في كبد السماء وتملأ الكون دفئا :"ربما من برودة الجو على السطح"

قال بضيق :"قلت لكِ كثيرا لا تقفي على السطح والجو بارد هكذا حتى لا تصابين بنوبة برد"

ابتسمت وهي ترفع عينيها إلى الشمس الدافئة من فوقها ،هو يظن أن الهواء هو من يجعلها هكذا ولا يعرف أن الهوى هو من يٌرسي قواعده في هذه الفترة ليترك بصمة أزلية في جدار القلب

أردفت قائلة بصوت منخفض:"أٌطعم الحمائم بعدها ادخل"

قال باشتياق:"عنان التقطي لنفسك صورة وانتي بين الحمائم وارسليها لي"

أغلقت معه وبالفعل التقطت لنفسها صورة بجوار غية الحمام وارسلتها له فتأمل وجهها الذي يبدو به شيء غريب ،نظرة في عينيها تعني شيء لم يتبينه من صورة ثابتة ربما لو كانت أمامه لقرأه بسهولة
********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-21, 08:11 PM   #1264

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الانتظار ضيف ثقيل يحل علينا في مواقف كثيرة من حياتنا ولا نملك معه سوى الصبر ولكن تختلف مدة الصبر بيننا فلكل منا طاقته
هناك من ينفذ صبره بسهولة
وهناك من يملك قدرا من المثابرة وإن استمر لسنوات
وهما لا يعرفان كيف انزل الله على قلبيهما صبرا جعلهما ينتظران ثلاث سنوات بلا بارقة أمل
.............
اليوم هو موعد شراء شبكة وصال التي كانت تشعر أنها لا تلامس الأرض بل طائرة في السماء
كانت تجلس في متجر المجوهرات الشهير بمركز المحافظة وحولها كل أحبائها كما تمنت
أمها وأبوها ،عنان ومودة ،مريم ويسر
الجميع ذهب معها وفرحتهم من فرحتها
وكان طارق وأمه وابوه وأخوه الأكبر وزوجته معهم ،كان قد شدد على أمه بأن تترك وصال تختار ما تشاء ولا تتدخل فهي رغم أنها ام حنون وبسيطة ولكن أحيانا بساطتها ولسانها المنطلق يجعل من أمامها يفهمها فهما خاطئا
قالت وصال لطارق بعد أن اختارت كل ما أرادت بخجل شديد :"هل يروق لك ام لك رأي آخر؟"
ناظرها بنظرة دافئة تطل السعادة منها وأردف :"مادام يعجبك يعجبني"
ابتسم ثغرها ابتسامة خجولة وانتهى الامر بسرعة وبلا عوائق وسط فرحة الجميع بها ولها
وانطلقت الزغاريد لتملأ المكان وتملا قلب وصال وطارق بالسعادة المنتظرة منذ زمن وبعد أن خرجوا جميعا من المتجر ورحل أهل طارق جميعهم تاركين إياه خلفهم ليذهب مع العروس أردف طارق ليونس وهو يقف بجوار سيارة الاخير:"ما رايك عمي مادمتم هنا نذهب إلى الشقة التي افكر في شراءها"
قال يونس:"في يوم اخر طارق يكفي شراء الشبكة اليوم"
أردف طارق بجدية:"مادمنا أتينا عمي نراها حتى إذا أعجبتكم أوقع عقدها وخير البر عاجله "
ناظر طارق حماته بنظرة تعني أن تقنع حماه فأردفت حليمة:"عنده حق يونس مادمنا أتينا"
ولم يمر وقت طويل حتى كان يونس وزوجته وبناته مع طارق في الشقة التي وقع اختيار الاخير عليها وينتظر فقط موافقتهم بينما عادت يسر مع مريم وعمرو إلى البلدة
كانت البناية بناية حديثة في أحد الشوارع الحيوية في المحافظة والتي لا تبعد عن كورنيش النيل بكثير وبالقرب من بيت صالح أيضا
وقف يونس في منتصف البهو ينظر إلى الشقة المشطبة تشطيبا عصريا أنيقا وأردف بتساؤل:"هي تباع هكذا بتشطيب نهائي؟"
أردف طارق بسرعة:"نعم عمي البرج بالكامل مشطب سوبر لوكس فباستطاعتنا ما إن نوقع العقد أن نحضر الاثاث الى هنا مباشرة"
قال يونس بتأني:"معنا وقت كبير باذن الله"
أردف طارق بنظرة جادة:"إن كانت الشقة أعجبتكم فلم الانتظار انا عن نفسي متعجل لاتمام الزواج"
اتسعت عيني يونس بينما شعرت وصال بالخجل فاشاحت بوجهها بعيدا أما مودة فكانت تناظرها بنظرات متلاعبة وعنان التزمت الصمت مع ابتسامة صغيرة
وحين أدرك طارق ما قاله أردف متنحنحا:"أقصد أن خير البر عاجله"
قال يونس متجاهلا ما قاله طارق منذ قليل:"فليقدم الله الخير بني أنا عن نفسي تعجبني ماذا عنكِ وصال؟"
أردفت وصال وهي تنظر حولها إلى ألوان الحوائط ذات اللون البيج الفاتح المطابق للون الأرضية الرخامية فتشعر أن الألوان مريحة لعينيها إلى جانب أنها تليق على كل ألوان الاثاث :"انا ايضا تعجبني"
أردف طارق بحماس :"والمنظر من أعلى سيروق لكِ ثم أشار على شرفة غرفة الاستقبال قائلا:لم تدخلي هذه الشرفة"
نظرت وصال إلى أمها فأشارت لها قائلة :"ادخلي مع طارق لتشاهديها من الداخل"
فدخلت بالفعل ومن خلفها طارق فناظر يونس زوجته بنظرة صارمة فابتسمت مشيرة له إلى أن البنت أمامهم ولم تبتعد دون أن تنطق فقط ملامح وجهها كانت سعيدة بسعادة ابنتها
أما بداخل الشرفة ذات الواجهة الزجاجية فكانت وصال تنظر إلى الشارع الواسع من تحتها ،تشعر أن الشقة بالفعل مريحة والمكان نفسه جذاب ،دائما هي كانت تتطلع للخروج خارج بيت العائلة ،لم تشعر يوما باستساغة فكرة أن تتزوج من داخل العائلة وتظل في بيت العائلة طوال العمر
ناظرها طارق بنظرة شغوفة قائلا :"هل أعجبك المنظر؟"
قالت بابتسامة تحمل سعادة الكون كله:"جداا"
بعد أقل من ساعتين
كان يونس قد وصل بزوجته وبناته إلى البيت وخلفهم كان طارق وكانت الزغاريد تملأ البيت والجميع يلتف حول غالية التي ترى شبكة حفيدتها بقلب مبتهج
وضعت غالية علبتي الشبكة الممتلئتان بالذهب بجوارها وأردفت لأم ايمن :"حضري الغذاء يا ابنتي حتى يتناوله معنا طارق"
قال طارق بجدية :"اشكرك ياحاجة لابد أن أرحل حالا جئت فقط لاطمئن عليكِ"
قالت غالية وهي تشير بحزم لأم أيمن التي كانت تملأ البيت بالزغاريد:"افعلي كما قلت لكِ "
أما الباقين فانصرف كل منهم إلى بيته تاركين يونس وأسرته مع العريس
فاستئذن يونس ليبدل ملابسه وقامت حليمة ومعها عنان ومودة ليساعدن أم أيمن لإعداد مائدة مميزة
أما غالية فكانت تجلس على أريكتها وعلى يمينها طارق وعلى يسارها وصال التي أردفت لحظتها وهي تشير إلى علبتي الذهب:"طارق التزم بما قلتيه ماما وأحضر ما طلبتيه"
كانت غالية تعرف من البداية رأي وصال وتعرف انها لا تقتنع بالطلبات التي تصفها بأنها طلبات تعجيزية مبالغ بها ولا تناسب الشباب المقبلين على الزواج وكانت معترضة على إلزام طارق بنفس ما يحضره أبناء العائلة ولكن في النهاية ما أرادته غالية هو ما تم
هم طارق بقول شيء فسبقته غالية قائلة بهدوء:"يعيش ويحضر لكِ حبيبتي وأي شيء سيحضره لكِ سيكون ببيته بعد ذلك"
قال طارق بسرعة وهو يزجر وصال بنظرته:"أنا لم أعترض يا حاجة صدقيني هي وصال من "
قاطعته غالية قائلة :"أعرف حبيبي ثم قل لي ماما مثلما يقول أحفادي"
أردف طارق بمحبة:"حسنا ماما"
فأكملت غالية قائلة :"نحن لا نضغط على أحد يا ابنتي في النهاية لينفق ذو سعة من سعته وطارق حين سألنا عنه عرفنا أنه متيسر أليس كذلك بني؟"
قال طارق بوجه ملامحه مسترخية:"الحمد لله ماما"
فأردفت غالية وهي تربع ساقيها بأريحية :"هل تعرفان يا أبنائي هناك قصة كانت تحكيها لنا أمي رحمها الله عن رجل كانت له ابنة رائعة الجمال كان يعززها ويزنها بالذهب ،جاءها عريس من بلد مجاورة وتوسم فيه الرجل أنه رجل جيد فقال له ابنتي لا تٌقدر بمال والمهم عندي أن تعاملها بالحسنى
اتسعت أعين وصال وطارق وهما يناظران غالية التي تحكي بصوت يجذبهما إلى أعماق الحكاية فأكملت: ويوم زفافهما اخذها العريس في هودج على ظهر جمل وفي الصحراء كاد الجمل أن يقع ويقع بها الهودج فصاح أحد الرجال في العريس الذي كان يترجل وقتها عروسك ستقع فقال الشاب الذي كان لا يفقه في الحياة الكثير وقتها وإن وقع فأنا لم أدفع فيها درهما..
وكان والد العروس يرسل خلفها الحرس فأبلغوه بما قاله العريس فأخبرهم أن يعودوا بابنته إلى قصره
وحين عاد خلفها زوجها قال ابوها ليس لك عندي زوجة مادمت لا تعرف قدرها،
ناظرت غالية وصال بنظرة خاصة ثم أكملت:ندم الشاب وعرف أنه كانت معه جوهرة وحاول استمالة حماه ولكنه أبى وقال له إن اردتها فلتأتي بوزنها ذهبا
ذهب الشاب وعمل وكد إلى أن أتى بما طلبه منه حماه، وقتها سمح له الرجل بأخذ زوجته وحين كانت على هودجها تكرر نفس الموقف وكاد الهودج أن ينقلب فوقف الشاب بجوار الجمل وأردف محدثا إياه( امشي وحاديها ده مال الصبا فيها )
ثم أردفت غالية في النهاية بجدية حانية :بناء بيت يا أبنائي يأخذ وقتا وجهدا كبيرا وإذا كان كل من الشاب والفتاة تعب حتى يصل إلى الآخر سيٌقدر قيمة الحياة مع شريكه، سيمرران لبعضهما وقت الأزمات لأنهما تعبأ في البناء اما اذا كان كل شيء جاء دون تعب فسيكون ضياعه بسهولة، لا بأس أن تتعبا حتى تصلا إلى بعضكما فهذا سيجعلكما تكافحان معا في الحياة ولا تستسهلان البعد عند أي أزمة"
مال طارق على يد غالية وقبلها ثم رفع وجهه إليها قائلا :"أشكرك ماما على كل شيء فلولا وقفتك معنا لم نكن نصل الى هنا "
قالت بشرود وقلب مفطور وعينين مشتاقين:"لا تشكرني أنا بل اشكره هو"
********
أما هو فكان يخطو بخطوات معتدلة مع عبدالملك ونزار داخل المشفى الخاص بالامارة وحين اقتربوا من حجرة عبدالغني دق عبدالملك باب الحجرة ففتحت له امرأة تشبه مليحة فعرف معتصم أنها زوجة عبدالغني
أردف عبدالملك بمودة:"كيف الحال أم انفال؟"
ابتسمت وهي تفتح الباب وقد عرفت من شقيقتها أنهم على وصول وأردفت:"بخير الحمد لله ثم مدت يدها مصافحة معتصم قائلة:اهلا بك أنرت البلد"
ابتسم لها معتصم ابتسامة مجاملة، يبدو أن هذه الأسرة ودودة فالمرأة تماما كأختها بوجه بشوش رغم مرض زوجها، وبداخل غرفة الاستقبال كانت هناك ثلاث وردات عرفه بهن عبدالملك قائلا:"هذه انفال من سن سهاد ابنتي ،صافحته الفتاة ذات الملامح الهادئة تلتها فتاة اصغر فأردف عبدالملك وهذه افنان في المرحلة الثانوية "
أما الصغيرة ذات الملامح الطفولية التي تدرس بالمرحلة الاعدادية فكانت انغام التي صافحته بابتسامة عذبة
..........
جلس معتصم بينهم جميعا يرحبون به بمودة وبعد قليل استقامت زوجة عبدالغني لترى زوجها الراقد في الغرفة الملحقة للغرفة التي يجلسون بها وحين تأكدت أنه استيقظ بعد غفوة أخذها منذ قليل أردفت وهي تفتح الباب :"تفضلوا لتروا عبدالغني"
دلف عبدالملك وخلفه معتصم تلاه نزار فكان الرجل يرقد في فراشه باستسلام ،تأمله معتصم بدقة ،هو يشبه شقيقه ولا يبدو ايهما اكبر من الاخر ولكنه كان يعلم أن عبد الملك الأكبر
تقدم معتصم من عبدالغني مصافحا بعد أن ألقى السلام فمد له عبدالغني يده قائلا:"اهلا يا ولدي"
وبعد دقائق من المجاملات والسلامات والاطمئنان على صحة الرجل أردف معتصم بفضول حاول مداراته:"أنا جئت خصيصا لاراكم خاصة حين عرفت بمرضك"
أردف عبدالغني بصوت يبدو به أنه بالفعل مريض :"انرتنا بني"
فأردف معتصم مكملا:"رغم أنني كنت انتظر أن تكون هذه المبادرة منكم حتى ولو كانت بمكالمة هاتفية"
أردف عبدالغني بصوت منخفض وعينين يبدو بهما المرض جليا :"عندك حق بني ولكن الدنيا اخذتنا هنا كثيرا ،ثم أردف بابتسامة صغيرة: هل تصدق كنا كل عام نقول اننا نريد أن ننزل مصر ،عام تكن زوجتي حاملا وعام زوجة أخي، عام يكون عند ابن من أبناءنا اختبارات وعام يكون الآخر لديه عذر آخر وهكذا "
تمتم عبدالملك الذي يجلس على يمين أخوه وبجواره نزار:"هذا ما قلته له بالضبط"
فناظره عبد الغني قائلا:"ولم تقل له السبب الآخر؟"
تحفزت كل خلايا معتصم حين سمع جملة الرجل هو كان يشعر أن هناك سببا آخر وكان يشعر أن عبدالملك دبلوماسي أكثر من اللازم
حين قال عبد الغني جملته ناظره عبدالملك بنظرة زاجرة رآها معتصم فأردف بانفعال مكبوت:"أي سبب أخر عمي؟"
قال عبدالغني بجدية:"ان جدك وأخوالك كانوا رافضين لتدخل أحد منا في تربيتك حتى حمل امك بك لم نعرف به إلا بعد ولادتها لك"
تجعدت جبهة معتصم كليا وانعقد حاجبيه قائلا:"كيف يعني لم تعرفوا الا بعد الولاده؟"
قال عبدالغني:"بعد طلاق والديك وسفر أبوك لم نعرف أن أمك حامل الا بعد ولادتك رغم أن أبوك كان على تواصل معنا لفترة طويلة لم ينقطع عنا الا حين وقعت الحرب، في نفس التوقيت امك ولدتك هل تعرف لو كنا نعرف وكنا اخبرناه على الأقل كان فرح بك قبل وفاته"
انقبض قلب معتصم للمرة التي لا يعرف عددها وهو يسمع بكلمة الوفاة
فتمتم بلا فهم:"ومالسبب الذي يدعو أهل أمي الا يخبروكم؟"
مط عبد الغني شفتيه ثم أردف:"الله أعلم ، المهم أن بعد ولادتك انا استنكرت الفعل وحدثت مشادة بيني وبين خالك زكريا لهذا السبب وقتها قال لي بالحرف الولد ابننا ونحن لسنا أكثر من ابناء عم محمود ولسنا إخوته وان الولد في رعايتهم وحضانتهم ومن الاخر ليس لنا دخل ،عقد حاجبيه قائلا: استغنوا عنا وعن خدماتنا وقتها عرفنا أنهم لن يتخلوا عن ابن ابنتهم وتركناك لهم وسافرنا لنبحث عن رزقنا وبالفعل استقررنا هنا ولم تعد لنا صلة بالبلد من وقتها"
انعقد لسان معتصم وقد شعر بالتشتت والحيرة والتوتر بينما ناظر عبدالملك اخيه بنظرة تعني لم يكن عليك قول كل هذا أما عبد الغني الذي تحدث كثيرا فشعر بأن أنفاسه قد ضاقت فتناول جهاز الأكسجين وثبته على فمه وأنفه
ولا يعرف أن الشاب الذي يجاوره ضاقت أنفاسه أكثر منه
وصدره يموج بانفعالات تحرق كل أعضاؤه حرقا
******
منذ أن شبت وهي تجد بنات العائلة يقعن في الحب تباعا وكانت بداية كل قصة بداخل هذا البيت الكبير وعلى وجه الخصوص كانت حديقة هذ البيت شاهدة وهي حين كانت ترى ذلك كانت تتمنى في نفسها أن تعيش مثلهن وحين تعرفت بطارق كانت تُمني نفسها بأوقات مختطفة في حديقة المنزل عقب خطبتهما
لذلك ما إن انشغلت أمها واختيها بتجهيز الطعام وتركتهما غالية لتصلي العصر حتى التمعت عيني وصال ببريق خاطف وأردفت بهمس لطارق الذي يجلس بجوارها بينهما موضع جلوس غالية قبل أن تتركهما:"هناك مكان في هذا البيت أريدك أن تراه"
نظر حوله قائلا :"أي مكان؟"
استقامت واقفة وأشارت له بعينيها أن يتبعها فتبعها وحين وجدت وقع خطواته يعلو أردفت بخفوت:"امشي بهدوء"
كانت كمن يغامر بأخذه إلى مكانها المفضل ثم العودة قبل أن يكتشف ذلك أحد
سار خلفها فدخلت إلى الحديقة وأردفت بابتسامة مشرقة:"ما رأيك في هذا المكان؟"
خطى للداخل خطوتين ووقف يتطلع في المساحة الخضراء من حوله وأشجار الفواكه واردف بابتسامة حلوة :"الحديقة رائعه"
اقتربت منه قليلا ثم أردفت بابتسامة دافئة :"دائما كنت انتظرك هنا "
عقد حاجبيها قائلا :"كيف؟"
قالت ضاحكة:"كنت أتمنى أن يكون لنا لقاءات هنا نتعرف على بعضنا بشكل أكبر"
قال بنظرة حانية:"في بيتنا ستتعرفين علي جيدا "
أخذت نفسا طويلا من هواء الحديقة البارد وهي لا تزال لا تصدق أن الأمر بالفعل تم، وكان يقف قبالتها بطوله الفارع يظلل عليها ويتأمل ملامحها بانجذاب واضح وشعرت بالخجل من تدقيقه فيها هكذا إلى أن أردف هو:"فقدتي وزنا كثيرا وصال"
نظرت إلى نفسها وأردفت :"نعم ،فقدت أكثر من عشرة كيلوجرامات ،ثم مطت شفتيها قائلة ببؤس:وكل هذا بسببك"
قهقه ضاحكا وأردف :"تزدادينهم حين زواجنا بإذن الله"
أردفت متسائلة بجدية:"حقا طارق أنا حتى الآن لا أعرف أيهم يروقك أكثر في المرأة النحافة أم الامتلاء؟"
تعلقت عينيه بوجنتيها الممتلئتين بلا اكتناز واردف :"أنتِ من تروقين لي وصال سواء نحيفة أو ممتلئة "
شعرت بالدماء تندفع إلى وجنتيها وأدركت أن فكرة أن تحضره الى هنا ليرى الحديقة لم تكن فكرة صائبة ،كثير على أعصابها أن تكون معه بمفردها في مكان كهذا رغم أن نيتها في البداية كانت خير ولكن اشتياقه في عينيه وحنينها كانا يقفان بينهما فتنحنحت قائلة بحرج :"هيا لنخرج "
قالتها وهي تسير وتوليه ظهرها فجذبها من معصمها وأردف :"سأحدث عمي يونس ليكون الزفاف الشهر القادم"
أردفت بصوت مهزوز من لمسته لها :"أبي لن يوافق على اتمام الأمر بهذه السرعة"
لمعت عينيه الداكنتين وكانت أشعة الشمس تسقط على وجهه الاسمر المليح فتضفي عليه جاذبية خاصة ثم أردف:"أنا أعرف من الذي سيقنعه لا يوجد غير سيدة هذا البيت ثم أردف بنظرة يلمع فيها العبث مع الجنون:الانتظار أكثر من ذلك خطر على صحتي وصال هيا لنذهب إلى من ستقنع الجميع"
لم تتمالك نفسها من الضحك وسارت بجواره ليدخلان وهي لا تشعر بقدميها من فرط السعادة
********
منذ أن تحدث مع عبدالغني وهو يشعر بمشاعر غريبة ،الأفكار تتسارع وتتصارع في ذهنه وهو يعيد ترتيب مشاهد من حياته ليركبها مع كلمات عبدالغني فيتأكد أن هناك شيء خاطيء،حلقة مفقودة ،معلومة ناقصة وهذه المعلومة عند يمنة في المقام الأول يليها غالية وأخواله
كان يرقد في الفراش في الفندق بعد أن عاد إليه عقب خروجه من المشفى بعد أن اطمئن أن عبدالغني أصبح بخير
أوصله عبدالملك ونزار ومن وقتها وهو واجم هكذا يود أن يطير الى يمنة يستجديها أن تنطق بما يشعر انها تخفيه عل قلبه يرتاح
انعقد حاجبيه فجأة وتمتم "ومن ادراك أن في معرفتك الراحة أولم تقل ذلك على لقاءك بعبدالملك وعبدالغني ولم يزدك كلامهما سوى حيرة فوق حيرتك؟"
اغمض عينيه بقوة ليفتحهما على صوت رنين هاتف الغرفة وحين رد أتاه صوت نزار الذي قال بنبرة أصبحت أخوية:"هل ارتحت قليلا؟"
أردف معتصم بفتور:"قليلا "
فقال نزار:"حسنا يكفيك هذا القليل هيا انزل"
قال معتصم:"إلى اين؟"
"أنا وابي وامي واخوتي ننتظرك بالاسفل أنت مدعو على العشاء في أكبر مطعم بالبلد وهذه الدعوة لا يفعلها ابي الا في المناسبات السعيدة أو للأشخاص المميزون"
حاول معتصم الاعتذار ولكن بالفعل كانوا ينتظرونه جميعا بسيارة العائلة أمام الفندق فارتدى ملابسه بسرعة ونزل لهم ولم يمر وقت طويل حتى كان يتناول عشاؤه مع أسرة عبدالملك الودودة الذين اندمجوا معه وكأنهم يعرفونه منذ سنوات
*******
صباح اليوم التالي
كان عمرو يستعد للعودة إلى مركز المحافظة بعد أن قضى اجازة نهاية الأسبوع مع العائلة ومعه مريم وهاجر التي كانت لا تزال ترتدي ملابسها حين كان عمرو يتناول افطار سريع مع أمه وأبوه الذي أردف :"لا أعرف مالداعي لأن تاخذ هاجر معك لم تصر على اصطحابها ؟"
قال عمرو بهدوء:"كما قلت لك أبي نتابع مع طبيبة مختصة"
قال زكريا وقد بدأ توتره يبدو على ملامح وجهه:"وهذه أيضا لا أجد لها داعِ "
أردف عمرو بنفس الهدوء:"هي تحتاج أبي للمتابعة المرض النفسي مثله تماما مثل العضوي ماذا كنت ستفعل معها إذا كان لديها مرضا عضويا هل كنت ستعترض على ذهابها إلى الطبيب؟"
قال زكريا بنبرة اعتراضية:"أنا لا أفهم في هذه الاشياء ما أعرفه أنها بخير"
كان عمرو يكبت غضبه حتى لا يصمم والده على عدم ذهابها وينعكس الأمر فأردف وهو يبعد طبقه عنه :"لا أبي هي ليست بخير،انعزالها وتقوقعها على نفسها يدلان على أنها ليست بخير،عدم رغبتها بالزواج بأي ممن يتقدمون لها لا يدل على ذلك صدقني أبي ستتحسن بالعلاج وبالخروج خارج اطار البيت ثم أردف ليحفز أبيه:هل لا تثق بي ولا تطمئن عليها وهي معي؟"
قال زكريا بجدية:"أنت أخوها ومكاني في حال حدوث أي شيء لي وأثق بك ولكن"
قاطعه عمرو قائلا:"اذن اتركها تتابع مع الطبيبة وأنا أثق أنها ستتحسن ومن يدري وقتها ربما نقدم لها بالجامعة"
رفع زكريا حاجبيه قائلا:"الجامعة أيضا!"
خرجت هاجر في هذه اللحظة من حجرتها وهي ترتدي بنطال من الجينز الأزرق وبلوزة طويلة بلون رمادي تصل حتى ركبتيها وحجاب صغير منقوش بالوان ربيعية فألقى عليها زكريا نظرة من أعلى لأسفل ثم أردف بوجه مقلوب:"ماهذا الذي ترتديه؟"
قبل أن تفكر في الرد كان عمرو قد سبقها قائلا ببساطة:"ماذا به أبي ؟ لبس ترتديه كل الفتيات اللاتي في سنها"
غمغم زكريا بامتعاض :"ومنذ متى وهي ترتدي هذه الملابس؟"
أردف عمرو بابتسامة صغيرة يكسب بها ود والده لأنه لا يأتي إلا باللين:"انا من أحضرت لها الملابس أبي وهي بالمناسبة لا تختلف عن ملابس مودة التي من نفس سنها ولا وصال ولا يسر ثم أشار ضاحكا إلى مريم التي تجلس على الأريكة تلتزم الصمت ليمتص أي توتر بداخل أبيه :حتى مريم ترتدي هذا اللبس"
فأردف زكريا متهكما:"مريم منذ أن تزوجت وهي تفعل ما يحلو لها"
ناظرته مريم بابتسامة مصطنعة ولم ترد فأكمل عمرو:"الدنيا كلها تغيرت أبي أنت فقط لأنك لم تبرح القرية متمسك بكل ما هو قديم"
صمت زكريا قليلا فهو بقلب الاب يخاف على هاجر أكثر واحدة من بين ابناؤه
يخاف عليها من الابتعاد عنه بحالتها هذه ويخاف أن يصيبها مكروه
وفي نفس الوقت هناك جزء نائي في عقله يقتنع بكلام عمرو
فوجد نفسه يتساءل سؤالا لم يبارح رأسه
هل حقا ممكن أن تأتي الجلسات التي يصر عليها عمرو بثمارها؟
قطع عليه عمرو حبل أفكاره حين استقام واقفا وأردف باحترام :"بعد اذنك أبي سآخذ البنات وأرحل"
أما نعمة فلم تكن معهم في الحوار كان عقلها شاردا في جهة أخرى ،في ابنها البكري الذي تبحث عن حل مُرضي لمعضلة حياته ،صمتها عما حدث مع يسر لم يكن سوى هدنة لتفكر كيف تستغل الموقف بطريقة مثمرة
.........
قبل أن تمر الساعة كانوا قد اقتربوا من الوصول إلى مركز المحافظة فرن هاتف مريم وكان عمها صالح فردت عليه مباشرة قائلة ببشاشة :"اهلا عمي كيف حالك؟"
قال صالح الذي كان يسير في المصنع بين الموظفين يتفقد سير العمل بنبرة لائمة:"وهل تسألين عن حال عمك؟"
أردفت بخجل:"وهل استغنى عنك؟ أنت تعرف فقط الظروف"
قال بهدوء:"انا تركتك الفترة الماضية لاني قدرت الظروف بالفعل مريم ،عامة لنا حديث طويل، متى ستعودين إلى الشركة؟"
ضغطت شفتيها ببعضهما وهي تشعر بالخجل منه فهي لم تكن يوما ناكرة للجميل ولكن الظروف هي التي أدت بها لهذا الحال ثم أردفت :"حقيقة عمي لن أعود أنا لن أستطيع أن أستمر في مكان واحد مع يوسف ،صدقني هو يتعمد استفزازي وهذه ليست بيئة صالحة للعمل"
أردف صالح باستنكار:"وتتركيني يا بنت بعد أن تعلمتي الأساسيات؟"
قالت:"أعرف أن عزة عادت ثم إن "
صمتت فعقد حاجبيه قائلا :"ماذا؟"
قالت بتردد :"عمرو يريدني أن أعمل في المركز الجديد الذي سيعمل به"
رفع حاجبيه دهشة واردف :"هذا يعني أن فترة الاستجمام عند عمرو ستطول؟"
قالت بسرعة:"لا اقصد ذلك ولكن حتى إن عدت انا ويوسف وعملت فستكون خطوة جيدة لي"
قال لها صالح بقلب غير مطمئن :"حسنا مريم لنا كلام وجها لوجه في هذا الأمر"
ثم أغلق معها وهو يشعر بأن زمام الأمور فلت بالفعل من بين يدي ابنه
*********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-21, 08:15 PM   #1265

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

حين دلف عمرو من باب المركز الطبي الذي بدأوا بالفعل في الإعداد له كان حقا كخلية نحل

وكان مهدي يقف مع العمال الذين يضعون المقاعد الجلدية في الاستقبال ويثبتون المكاتب الخاصة بطاقم السكرتارية

دخلت خلفه مريم وبجوارها هاجر وهما تنظران إلى المكان الذي يٌبهج بحق اما مهدى فحين رأه تقدم بابتسامة واسعة مٌصافحا إياه ونظر إلى البنات من خلفه نظرات متسائلة فأردف عمرو وهو يشير لهما:"شقيقاتي ،كنا ذاهبون إلى مشوار ومررت حتى اطمئن ماذا فعلتم"

ابتسم مهدي إلى مريم وهاجر ابتسامة صغيرة قائلا وهو يبسط راحته فوق صدره:"أهلا وسهلا"

أومأت مريم برأسها بابتسامة مجاملة قائلة:"اهلا وسهلا "

بينما اكتفت هاجر بالوقوف خلف اختها دون رد

فأردف عمرو وهو يشير إلى مريم :"وهذه مريم اختي التي قلت لك عن عملها بالسكرتارية"

قال مهدي مُرحبا بنظرة عينه ونبرة صوته:"اهلا بها طبعا ثم أشار إلى رواق الغرف قائلا:انوار واشجان بالداخل غرفهما هي أول الغرف التي فُرِشت"

أردف عمرو قائلا :"حسنا سألقي نظرة "

ثم أشار إلى مريم وهاجر لتأتيان معه وحين دلف للداخل كانت حجرتي الطبيبتين مفتوحتين ومفروشتين بالكامل

أردف عمرو بصوت عال :"مبارك عليكما العيادة "

التفتت الفتاتان على صوته واتسعت عيني هاجر مع التفاتتهما حيث أنهما كانتا تؤما متطابقا ببشرة خمرية ووجه مستدير وعينين واسعتين داكنتين ووجه مُريح

أردفت انوار ببشاشة:"بارك الله فيك عمرو هانت ربما على الغد تكون عيادتك قد جهزت"

قال بابتسامة واثقة:"باذن الله"

بينما أردفت اشجان بنظرة فضولية:"الن تعرفنا؟"

فقدم شقيقتاه إليهما وكانت التوامتان بقدر من المودة جعلهما تندمجان مع مريم وهاجر وبالطبع كانت مريم الأقرب لهما سنا فنشأت بوادر صداقة بينهما
********
دلفت زهراء مع رحاب إلى إحدى البنايات الحديثة بأحد الشوارع الحيوية بالمحافظة وهي تشعر بضربات قلبها تتسارع ترقبا فمنذ الامس حين أخبرتها رحاب بأن خالها له صديق له عدة شقق يؤجرهم مفروش بأسعار مناسبة لانه ضد جشع أسعار الشقق التي تتزايد يوم بعد يوم لذلك يقوم بتأجير شققه بأسعار مخفضة وهي مشتاقة لرؤيتها،

لم تحب أن تخبر أمها إلا بعد أن ترى الشقة وتتأكد من ملائمتها لهم

قابلهما حارس الxxxx في مدخل البناية فأردفت رحاب بنظرة فشلت أن تنزع منها التوتر :"أنا رحاب "

ابتسم الرجل الخمسيني الذي كان يعرف بمجيئهما ويحفظ ما سيقوله لهما بمجرد أن تقول له إحدى السيدات الاتيات له كلمة السر (أنا رحاب)

ثم أردف :"تفضلا المفتاح معي"

صعدتا على السلم الى الطابق الثالث وأمام أحد الوحدات أردف شعبان :"هذه هي الشقة تفضلا المفتاح"

أخذت منه رحاب المفتاح بوجه جامد ثم تركهما قائلا :"شاهدا الشقة على راحتكما"

حاولت رحاب فتح الباب ولكن لاهتزاز يدها لم تستطع فأخذت منها زهراء المفتاح وفتحت باب الشقة التي ما إن دخلتها حتى شعرت بمشاعر غريبة من ارتياح وتحفز وحماس وخوف وسعادة

بعد أن تقدمت زهراء وفتحت النافذة وقفت في منتصف الصالة المتوسطة المساحة والمفروشة بفرش عصري انيق رغم بساطته وابتسمت وكانت رحاب تراقب ابتسامتها هذه بنظرة حانية،أغمضت عينيها لثانية واحدة وهي تشعر ببقايا عطر مألوف ومحبب تتسلل إلى أنفها فأردفت لنفسها بقلب يشتاقه دائما (أصبحت حالتك صعبة زهراء أصبحتِ تشمين رائحته حتى في الأماكن التي من المستحيل تواجده بها)

فرقت أجفانها بسرعة ونفضت الأفكار التي ليس وقتها على الاطلاق ودلفت إلى رواق الغرف فكانت هناك ثلاث غرف وحمام ،فتحت أبواب الغرف تباعا فكانت غرف متوسطة المساحة وفرشها انيق عصري والأجمل أن القطع صغيرة لا تشغل حيزا كبيرا في المكان فكل غرفة بها فراش واحد وخزانة وطاولة زينة

وقفت زهراء أمام مرآة إحدى الغرف وهي تناظر رحاب من خلال انعكاس صورتهما في المرآة،وضعت يدها على صدرها قائلة بتوجس:"هل أنتِ متأكدة رحاب أن الرجل لا يطلب أكثر من هذا المبلغ ؟"

أردفت رحاب وهي تنظر حولها ولا تجرؤ على وضع عينيها في عيني صاحبتها :"نعم حبيبتي كما قلت لكِ هو رجل مقتدر ويؤجر كل شققه بأسعار معقولة"

قالت زهراء وهي تشعر أن الدنيا اخيرا ستبتسم لها :"اللهم لك الحمد فالمبلغ المطلوب هو المبلغ الذي كنت أبحث عن شقق تناسبه وكأن الله استمع لي"

تمتمت رحاب بخفوت ووجه ممتقع:"ونعم بالله"

التفتت إليها زهراء بجسدها كله قائلة بحماس:"متى سنمضي العقد إذن؟"

قالت رحاب :"هو مسافر حاليا وحين يأتي تمضيان العقد ولأن خالي هو الوسيط فهو يثق بنا ويقول لكِ تستطيعين السكن من اليوم"

نظرت زهراء إلى مفتاح الشقة الذي كان لا يزال بيدها وأردفت :"حسنا باذن الله من اليوم سنأتي ولكن لابد أن أغير مفتاح الشقة أولا"

أومأت لها رحاب بوجهها فأخذت تتمتم بالحمد لله

.......

دقائق قليلة وكانت رحاب وزهراء في طريقهما للحي حتى تجهز زهراء نفسها وامها وابنتها وما إن غادرتها رحاب عائدة إلى المطعم حتى أخرجت هاتفها واتصلت بحاتم وحين رد أردفت باقتضاب:"فعلت ما اتفقنا عليه ولكني أخشى لو علمت"

قال حاتم الذي كان يقف في المصنع بين العمال وصوت الماكينات يشوش على سمعه لها:"ماذا سنفعل؟ لم يكن أمامنا حل الا هذا "

قالت بقلق :"وإن علمت أنني كذبت عليها؟"

قال بهدوء:"يحلها الله وقتها المهم عندي الان أن ترتاح ببيت مستقل وانا شددت على عم شعبان الا يقع بلسانه أمامها

قالت بتساؤل :"والايجار الشهري الذي ستعطيني إياه ماذا أفعل به؟"

"تعيدينه لها في نهاية الشهر وقت تقسيم أرباح المطعم"

صمتت قليلا فهي من جهة ارتاحت أن صديقتها أصبح لها أربعة جدران وسقف يأويها ومن جهة أخرى تخشى أن تعرف أن الشقة والبناية كلها ملك والد حاتم ويؤجر كل شققها مفروش للأسر وان حاتم هو من أصر على هذا الحل حين رفضت مساعدته المباشرة

أردفت رحاب اخيرا :"لمَ تفعل ذلك حاتم والباب بينكما قد انغلق نهائيا؟"

انعقد حاجبيه قائلا:"من باب فك كرب مكروب رحاب"

أغلق معها وهو يشعر بالضيق من نفسه لأنها أصبحت تجبره مؤخرا على الكذب و من قلبه الذي يملؤه الكبر فيشعر بشيء ويرفض الاعتراف به ويتصرف بعكسه
********
"مارأيك في الفيديوهات التي أرسلتها لكِ؟ "

نطقت الدكتورة روحية جملتها وهي تنظر إلى وجه هاجر الجالسة أمامها

فأردفت هاجر بنبرة أصبحت اكثر مرونه من الجلسة السابقة :"جيدة ولكن بها قصص مؤلمة"

قالت روحية بصوت رخيم :"هكذا هي الحياه كل منا بداخله نقاط قوة ونقاط ضعف ،كل منا بداخله بؤر مضيئة وبؤرة مظلمة تؤثر عليه وعلى تعامله مع الحياة"

فأردفت هاجر باستياء:"ولكن مالسبب الذي يجعل الاب أو الأم يتسبب في أذية ابنته؟"

أردفت روحية لتضع الأمور في موضعها :"دعينا نتفق أنه لا يوجد أب أو أم يتعمدان إيذاء أبناءهم بشكل مباشر ،ناظرتها هاجر باهتمام فأكملت بنبرة واثقة:هم يظنون أن بفعلهم هذا يحافظون على أبناءهم والجهل بالامور وعواقبها يجعلهم يتصرفون بالصورة التي نراها نحن مؤذية "

انصتت هاجر باهتمام لكلام الطبيبة الذي فتح آفاقها لأمور كثيرة لم تكن تنتبه لها في بحر الظلمات الذي كانت تسبح فيه وفتحت لها قلبها بصورة أكبر واستفاضت في سرد كل ما يؤلمها
********
في المساء

بعد أن عرف يوسف من صالح ما تنتويه مريم شعر بالغضب منها ومن مآل حياتهما الذي وصل بهما إلى هذه المرحلة ورغم أنه كان للتو قد عاد إلى البيت ولكنه أخذ حماما وتناول طعامه ثم نزل ذاهبا إليها

كانت الساعة قد تجاوزت التاسعة بقليل وكان عمرو وهاجر قد استسلما إلى النوم بعد يوم طويل بدء من سطوع الشمس حتى غروبها ما بين المركز الطبي الذي يتم تجهيزه للافتتاح القريب وجلسة هاجر النفسية ثم ذهابهم إلى بيت عمهم صالح لأخذ زياد وجنة (اللذان قضيا إجازة نهاية الأسبوع ببيت جدهما )

وجلسوا مع عمتهم ليلة قليلا

أما مريم فكانت تجاور الصغيرين وتقص عليهما قصة قبل النوم وهي تمسد على أجسادهم الصغيرة بحنان وبعد أن غفى كلاهما تسطحت بجوارهما وهي تفكر فيه، حين ذهبت اليوم لتأخذ أولادها لم تراه ولا تعرف هل هذا من حسن حظها ام من سؤه

ما تعرفه أنها تشتاق اليه وتسأل نفسها إلى متى ستظل هكذا ؟

تعرف أن عليها البدء في تقبل العودة بعد أن عاد إليها مُعتذرا

أغمضت عينيها بقوة ومشاعرها المضطربة تجعل صورتين تبرزان بوضوح أمام عينيها صورة سندس وهي تلقي إليها بقداحته وتسمم بدنها بكلماتها

وصورته وهو يعتذر لها وتلمح صدقا نادر الظهور في عينيه ونبرة صوته.

وكأنه يأتي فقط كلما اشتاقت اليه بشدة فقد سمعت نقرا على باب الشقة وتأكدت أنه هو فابتسم ثغرها وهي تغادر الفراش وحين فتحت الباب الخشبي وجدته أمامها يقف كالملك كما تراه دائما بعينيها

أجمل ما فيه أنه لا ييأس ولا يعترف بخسارة

هو يأخذ هدنة ليعاود مرة أخرى

نظر بدقة إلى ما ترتديه وكان جلباب يلتصق فوق جسدها يتجاوز ركبتيها بقليل ثم أردف بحاجبين معقودين وهو يقترب من الباب الحديدي المُغلق بينهما:"كيف تفتحين الباب بملابسك هذه دون أن تعرفي من بالخارج؟"

"ومن قال لك أنني لم أكن أعرف أنك أنت؟"

رددتها بداخل نفسها ولكن أمامه وهو مغتاظ هكذا أردفت بهدوء شديد يختلط بالوخم :"ماذا هناك ؟ ولا تقل لي اشتقت للاولاد كالمرة السابقة لأنني أخذتهم من عند عمتي منذ عدة ساعات فقط "

قال بوجه هدأت ملامحه دفعة واحدة:"ربما اشتقت إلى أمهما"

قالت ساخرة:"كالمرة السابقة؟"

ابتسم ثغره مع تذكر المرة السابقة ثم أردف بنظرته المغوية :"لا هذه المرة الاشتياق درجاته أعلى"

إن أنكرت أمام الجميع لابد أن تعترف أمام نفسها على الأقل أن سببا من ضمن أسباب رغبتها بالبقاء عند عمرو لفترة أطول هو اشتياقه الدائم لها وهي بعيدة عنه هكذا

تشعر في هذه الفترة معه أنهما عادا بالزمن سنوات للخلف حين كان يحب ويحن ويغار ويشتاق ،حين كانت هي محور حياته فتشعر بغرورها الأنثوي في أعلى درجاته من تقربه منها هكذا ولهفته عليها.

وضعت أناملها على السياج الحديدي للباب والتزمت الصمت فأردف وهو يقترب منها ويقف أمامها مباشرة بنبرة يغلبها العتاب:"عرفت بما تريدين فعله ثم أردف بعينين ساخرتين: تريدين العمل بمكان اخر؟ أوصلنا الى هذا الحال؟"

بللت شفتيها الجافتين بطرف لسانها وأردفت ببساطة:"مالمشكلة ؟مادمت مع أخي في نفس المكان"

مط شفتيه قائلا بفتور:"مريم يا حبيبتي أسبلت أهدابها مع كلمته وفرقت اجفانها مباشرة فأردف هو بجدية شديدة :هل تظنين نفسك ستتصرفين كما يحلو لكِ وتأخذين قرارات دون علمي ولا اذني ؟هل نسيتِ أنني زوجك وان كل خطوة تخطينها لابد أن اوافق عليها؟"

عقدت حاجبيها قائلة:"أنا للتو ذهبت اليوم إلى هناك والمكان بالفعل راق والأطباء جميعهم غاية في الاحترام وسأكون مع عمرو"

رفع حاجبيه فأكملت بحماس:"وتعرفت على طبيبتين من اصدقاء عمرو ،هل تعرف أنني ليس لي صديقات من خارج بنات العائلة ثم أردفت بصدق:انا احتاج لهذه العلاقات في حياتي"

شعر يوسف في هذه اللحظة أن مريم كعصفور تم حبسه في قفص لسنوات وحين فُتِح له باب القفص انطلق مُحلِقا ليتمتع بحريته وهنا تسلل الخوف إلى قلبه فالعصفور حين ينطلق بعد فترة طويلة تخاف عليه لأن جناحه ليس قويا بالدرجة الكافية،تخاف أن يعلو ويرتفع ثم فجأة يقع

وهي بالفعل منذ زواجها وهي كل اهتمامها له وللأولاد ولم تكن لها صديقات ولا علاقات اجتماعية خارج إطار الأسرة لذلك الخوف عليها اولى في هذه المرحلة

حاول يوسف كبت غضبه وخوفه وأردف وهو يحيط أناملها التي تمسك بهم السياج الحديدي بانامله فارتجف جسدها وشعر برجفتها وحين يشعر برجفتها يتأكد من أنه لازال يسيطر على زمام الأمور فثبت عينيه في عينيها قائلا بنبرة حاسمة :"لن تعملي مريم ،لن تذهبي الى هذا المركز ولن أسمح لكِ بهذا ،انا حين رضخت لعملك في الشركة رضخت على مضض وهذا لأنكِ كنتِ تعملين بشركتنا وكنتِ تحت عيني أما أن تذهبي إلى مكان أخر ،ثم شدد على حروف كلماته قائلا:حتى لو كنتِ مع عمرو نفسه لن أسمح وجربي أن تذهبي وسترين الجنان الأصلي"

جزت على أسنانها غيظا وحاولت نزع أناملها من بين أنامله ولكنه لم يسمح وشدد على أناملها قائلا بلمسة متملكة ونظرة أكثر تملكا:"لن تفعيلها مريم حتى لا تثيري جنوني وحتى لا تزيدين الصدع الذي بيننا ونحاول رأبه وحتى لا نتصادم أنا وعمرو ويحدث ما لا يحمد عقباه "

احتدت نظرتها واردفت:"و لو أصلحنا ما بيننا ماذا فيها إن عملت؟"

قال بنظرة مستنكرة:"ومنذ متى وأنتِ تعملين؟ كنتِ تجلسين بالبيت معززة مكرمة ما تطلبيه يكن أمامك ،تعيشين كالملكة مالذي جد؟"

قالت بنظرة حارقة:"الذي جد انك تحب النوع الآخر الذي يعمل ويحقق ذاته، لمَ تصر أن تحصرني فى دور الزوجة وربة البيت وتبحث بالخارج عن العكس؟"

جز على أسنانه قائلا بضجر:"الن ننتهي من هذا الأمر؟ ثم أردف وهو يضرب على الباب الحديدي :افتحي الباب الذي يفصل بيننا هذا"

قالت بغيظ منه وهي تعرف أنها بالفعل لن تستطع أن تتحداه وتعمل دون موافقته لانه مجنون وربما يفعل أي شيء وهي لا تريد أن تٌحدث بينه وبين اخوتها اي مشادات:"لن أفتح الباب يوسف وهيا لأن لدي موعد وأريد أن ألحقه"

قال باستنكار وبعينين مشتعلتين :"أي موعد والساعة تجاوزت التاسعة؟"

شعرت بمتعة في أن تضايقه كما يضايقها فأردفت:"اتفقت مع صديقتي اللتين تعرفت عليهما اليوم أننا سنلتقي أما هما من ستأتيان لي هنا أو أنا سأنزل لمقابلتهما في المول القريب ،لا أعرف بعد"

جز على أسنانه قائلا بنظرة رجل على حافة الجنون:"أنتِ تعرفين إن فكرتي في النزول في هذا الوقت ماذا سأفعل؟"

مطت شفتيها قائلة وهي تدخل وتهم بغلق الباب :"قلت لك لم أعرف بعد سأحدثهما بعدها نقرر تصبح على خير ونكمل حديثنا الهام عن استئناف حياتنا الزوجية في ظل تعنتك وتشددك الذي يزداد كل يوم لا يقل في وقت لاحق"

لم تنتظر منه ردا وأغلقت الباب أما هو فكان يغلي من الانفعال وأخذ يردد بغضب وبصوت عال سمعته بوضوح:"افعليها مريم وانا وقتها سأفعل ما لم افعله من قبل ،كنت اصبر عليكِ حتى لا آخذك بالقوة وتعودين من تلقاء نفسك ولكن إن خطت قدميكِ باب هذه الشقة سأفعلها"

أما هي فرغم غضبها الذي اشتد من كلماته ومن نبرته المهيمنة وعدم احترام رغبتها إلا أنها كانت تضحك من خلف الباب بعد أن أثارت غيظه

لا تعرف لمَ أصبحت في الفترة الأخيرة انفعالاتها متناقضة تغضب وبعدها تضحك واحيانا تجد نفسها في حاجة للبكاء الطويل وكله من حياتها الغير مستقرة

نظرت من العين السحرية فوجدته أمام الباب يقطع المسافة ما بين شقة عمرو وشقة معتصم ذهابا وإيابا ويبدو عليه العصبية فابتسمت ابتسامة واسعة ثم دلفت إلى حجرة الاولاد فهي في حاجة للسقوط في نوم عميق ولم يكن لديها أي موعد مع أي احد ولكنها فقط ارادات أن تثير ضيقه ونجحت

اما يوسف فقد فتح باب شقة معتصم وأحضر كرسيا خشبيا وضعه بعنف أمام الباب المفتوح وجلس ينتظر أن تفعلها وكل ذرة بجسده في حالة تحفز

.............

بعد مرور اسبوع

"تعلن الخطوط الإماراتية المتجهة إلى مطار القاهرة الدولي رحلة رقم *** عن فتح بوابة الصعود وعلى السادة المسافرين التوجه الى بوابة رقم ** "

كان معتصم يقف مع عبدالملك ونزار يودعهما وحين سمع النداء وضع حقيبته على كتفه واردف وهو يمد يده مصافحا عبدالملك بابتسامة ودودة :"أراكم على خير باذن الله وسانتظركم جميعا في زيارة قريبة كما اتفقنا "

جذبها عبدالملك واحتضنه وربت على كتفه قائلا بنبرة حانية :"باذن الله"

ثم صافح معتصم نزار الذي كانت عيناه متأثرتين بشدة واردف وهو يناظر معتصم بنظراته المتأثرة المؤثرة:"وإن تكاسلوا هم كالعادة سآتي انا وحدي"

ابتسم له معتصم ابتسامة ودودة وربت على كتفه قائلا :"وانا سانتظرك نزار"

ثم جذب حقيبة إضافية يدفعها أمامه معظمها مشتروات وهدايا لعنان

شيعه عبدالملك بنظرة مشفقة لحيرته التي تشتعل بها عينيه

وشيعه نزار بنظرة بها حنين لابن عم وأخ رغم أنه يعرفه له ايام إلا أن دمائهم حنت إلى بعضهم

.........

أما معتصم فولاهم ظهره وسار للداخل دون أن ينظر للخلف

ملامحه مُتحفزة وعروق رقبته نافرة وأفكاره تتصارع بداخل عقله، يريد أن يقطع المسافة بين البلدين في لمح البصر ليرتب الحروف في مكانها الصحيح في لعبة الكلمات المتقاطعة التي قضى عمره في حلها عله يصل إلى كلمة السر ،لا هو لابد أن يصل

وكانت الرحلة طويلة نزل في البداية في القاهرة وبعدها أخذ طائرة أخرى إلى البلدة ولم يكن قد أخبر أحد أنه على وصول سوى عنان

حدثها حين وصل إلى مطار القاهرة وانتشى بنبرة السعادة واللهفة في صوتها

وحين وصل إلى القرية كانت تمام الثامنة مساءً ،كان قد استقل سيارة أجرة وعند بيت يمنة أخبر السائق بالتوقف ونقده المال وحين رحل السائق تناول هاتفه واتصل بها وهي حين رأت اسمه على شاشة هاتفها ارتسمت السعادة على وجهها وردت سريعا قائلة بوجه بشوش :"كيف حالك يا معتصم اشتقت اليك حبيبي"

أردف ببرود :"وانا ايضا لذلك أنا أقف أمام باب البيت حاليا فياحبذا لو تخرجين لي"

قالت بغير تصديق :"حقا معتصم لمَ لم تدخل ؟ الباب ليس محكم الغلق"

قال بصوت متصلب:"لن أدخل، أنتِ تعرفين أنني لن أدخل ،ارتدي شيء ساتر واخرجي لي عند بوابة البيت"

عرفت أن هناك أمر هام من نبرة صوته ومن حضوره فهو له سنوات طويلة لم يفعلها

فوضعت عباءة سوداء فوقها وحجاب طويل وحين خرجت له كان يقف أمام الباب مباشرة والإضاءة كانت ضعيفة مع ظلام الليل الحالك وبرودة الجو فدثرته بذراعيها وهي تحتضنه بقوة وكان جسده متصلبا ولم يبادلها سلامها الحار فأردفت بقلب مختلج:"ماذا بك بني؟"

أردف معتصم بصوت صلب وملامح أكثر صلابة حتى أنها رأت عروق عنقه النافرة:"هل يمكن أن أسألك عدة أسئلة وتصدقيني القول؟"

قالت بتوتر:"نعم حبيبي"

قال بحيرة ونبرة بها رجاءا واضحا:"من أغلى شخص عندك لاستحلفك به أن تصدقيني القول؟ أمي غالية أم روح أبي عمران أم راشد أم تمام أم "

قاطعته بقلب منفطر قائلة وهي تمسد على كتفه:"أنت أغلى من عندي، أقسم لك أنك الاغلى من بين الجميع ،دائما أمي كانت تقول إن أعز الأبناء هو الغائب حتى يعود وأنت بُني لك زمن غائب عني وأعيش على أمل اليوم الذي تعود إليّ فيه"

قال وهو يشدد على حروف كلماته:"أنا عرفت من أبناء عم أبي أنكِ أخفيتِ خبر حملك عن الجميع بعد رحيل أبي ولم يعرفوا بالأمر الا بعد ولادتك ،لماذا فعلتي ذلك؟"

صمتت قليلا ثم أردفت:"ومالمشكلة في هذا الأمر ؟كان أمرا يخصني ما دخلهم هم به؟"

صاح بها باستنكار:"كيف لا يخصهم ؟ وابي الذي كان يتواصل مع الجميع لمدة ثمانية أشهر بعد سفره لمَ لم تقولي له أو ترسلي له مع أي شخص حتى يعرف أن هناك طفل سيأتي للحياة ويحمل اسمه ؟"

زفرت قائلة بتوتر:"لم اكن واثقة من أن الحمل سيستمر"

قال بوجه ممتقع:"لا أفهم ،لم توقعتي السيء ؟ الطبيعي أن حمل المرأة يتم ،ثم خطرت في ذهنه فكرة برقت لها عينيه فأردف بأنفاس متقطعة:"هل كنتِ تحاولين اسقاط الحمل؟"

ظهر التوتر جليا في عينيها فأردف مهادنا يستدرجها حتى تنطق:"قولي لي صراحة ،هذا ماض ولى "

فأردفت بارتباك:"في البداية حاولت كنت للتو طُلِقت من والدك ،كنت وقتها صغيرة ولا أريد أن ارتبط بطفل من زوج سابق حتى لا يعيش ابني حياة غير مستقرة ولكن بعد ذلك لم أعيدها ثانية ولكن الحمل نفسه كان ضعيفا فكنت اشك في أن يكتمل وسبحان الله رغم ضعفه وصحتي السيئة اكتمل وجئت انت"

شعر بالصدمة من كلماتها واتسعت عينيه ذهولا فأردف بنبرة آلية :"وبالطبع لم تقولي له متعمدة حتى لا يردك في هذه الفترة ،ولكن هذا ليس تفكير فتاة صغيرة ساذجة كما تدعين"

امتقع وجهها فأردف هو بصوت مختنق:"هل كان محمود الرحماني سيء إلى هذه الدرجة حتى لا تريدي لأي شيء يربطك به ثانية؟"

قالت بسرعة :"بالعكس كان من أفضل رجال القرية ولكني لم اتأقلم مع طبيعة حياته، كنت فتاة صغيرة أريد الحياة والانطلاق وكان رجلا فاضلا ولكنه زاهدا في الكثير من ملذات الحياة، طرقنا لم تتلاقى فقط وأفكارنا كانت عكس بعضنا"

قال متهكما وهو يرفع حاجبيه وتملأ عينيه السخرية :"زوج لم ترتاحي معه وابن فُرِض عليكِ وجاء إلى الدنيا رغما عنكِ ،كم كنتِ بائسة أنتِ في هذه الحياة"

قالت وهي ترفع يدها لتلمسه:"كان ماض يا بني وحين جئت أنت إلى هذه الحياة أصبحت نور عيني"

ابتعد عنها قبل أن تلامس بكفها صدره ووضع يده حاجزا في الهواء بينه وبينها وأردف بصوت صلب :"حسنا فهمت أنكِ لم تتأقلمي مع الرجل الزاهد ولم تكوني تريدي منه أطفال لذلك أخفيتي الأمر حتى لايردك اليه ثانية إن علم بوجود الطفل وبالطبع كنتِ تدعين الله كل ليلة أن يأخذ من في رحمك قبل أن يأتي إلى الحياة"

راعها نبرة القهر في صوته والألم في عينيه فامتلئت عينيها بالدموع قائلة:"لا حبيبي بعيد الشر عنك قلت لك أن هذا كان في بداية الأمر"

اهتزت شفتيه مكملا كلامه وكأنه لم يسمعها:" وفي النهاية سافر الرجل بعد أن نفذ لكِ طلبك ولم يعرف أن هناك ابن له في الطريق ومات هناك وحيدا غريبا كما كان هنا وحيدا غريبا وبذلك تكتمل القصة التي لم أكن على علم بنصف تفاصيلها "

سالت دموعها على وجنتيها فأردف هو بصوت قاسي و نظرة اقسى:"المهم هل عوضك راشد بملذات الحياة وزقتِ معه رغد العيش ؟ أتمنى أن يكون حقق لكِ ذلك حتى لا يكون مر بكِ العمر هباءا "

قالها ثم ولاها ظهره بلا سلام وحمل حقيبته فوق كتفه والأخرى جذبها خلفه أما هي فصاحت بصوت متحشرج :"لا تكن قاسيا على امك يا معتصم "

فلم يرد عليها وسار في الطريق المظلم بين بيت يمنة وبيت غالية وفي المنتصف كان المكان الذي التقى فيه بتمام قبل سفره فوضع الحقائب أرضا وجلس على إحدى الصخور المجاورة للنيل وهو يشعر بإحباط ويأس وغضب وحزن

ها هي قصته قد اكتملت ،كان يظن أنه سيرتاح حين تكتمل فصول القصة ولم يزده اكتمالها الا حزن وضياع

تناول هاتفه ودخل على تطبيق الفيس بوك وهو يشعر بطاقة يريد أن يخرجها وفي أوقات غضبه الشديد وعدم قدرته على البوح يحدث له ما يشبه بالعصف الذهني فيُخرج مشاعره على هيئة كلمات فكتب:

ما أصعب أن يمضي العُمرُ

وأنا ك-غريبِ في داري

فأجوب بلاداً رحالاً

وأنا أتعلق بأماني

الغربة في قلبي تزداد

والوحدة تسرق أيامي

وسواس ينهش في روحي

يقتلني وينتزع أماني

ويقول بأني سأظل

في سفينتي هائم رحال

العمر يمر بأيامه

وأنا في قمة خذلاني

دوامة حزني تجرفني

تقذفني عكس التيار

أغلال الماضي تقيدني

والقيد يفجر بركاني

يا قدري لما على جرحي تصر؟

أعترف بأني أدركت

وهٌزمتٌ و خسرت رهاني


وحين انتهى وقبل أن يضغط زر النشر حدد الجمهور الذي سيشاهد منشوره وكعادته حين يتعلق الأمر بشيء خاص جدا يكون جمهوره الوحيد هو
عنان يونس عمران

*********
منذ أن عرفت بعودته من بداية اليوم وهي طائرة لا تلامس قدميها الأرض

رتبت الشقة بسرعة كبيرة واعدت طعاما شهيا وحين انتهت أخذت حماما دافئا وصففت شعرها بعناية فائقة وزينت وجهها بالوان مميزة وحين فتحت الخزانة توقفت عند غلالة حريرية ناصعة البياض ،ابتسمت وهي تلمس بأناملها قماشها وفي عينيها نظرة تلمع بعشق حديث العهد بمذاق حلو وإحساس رائع لا يشبه أي إحساس أحسته من قبل

غريب أمره هذا الحب

كل مرة نقع به يكن بمذاق مختلف وإحساس مختلف لتشعر في كل مرة كأنها أول مرة وأحلى مرة

بعد أن ارتدت ملابسها وقفت أمام المرآة تتطلع إلى نفسها بنظرة مقيمة وقلبها ينبض بصوت عال وصدرها يرتفع وينخفض باضطراب

والسبب انها بما تنوي فعله ستكون المبادرة بوصاله ورغم خجلها الشديد ولكن شيئين من جعلاها لا تتراجع فيما تنتويه

أولهما أن معتصم حقا يستحق

والثاني أن مشاعرها تجاهه بالفعل أصبحت لا تهدأ وزاد الأمر بعد سفره

كانت تشعر بفراغ وضياع دونه وفي كل ساعة غابها عنها كان يُرسي قواعد حبه في قلبها ويزداد لهفها عليه فأيقنت انها لابد أن تكسر هذا الحاجز بإرادتها ليعرف أنها تريده كما يريدها

حين وجدت توترها قد وصل أقصاه اتصلت به فلم يرد فظنت أنه ربما لم يسمع الاتصال فتذكرت فجأة يوم أن كانت في رحلتها عقب زواجهما حين كان يراقصها على اغنيه باشتياق جلي وبعد ذلك اكتشفت أنه هو من اختارها فابتسمت وبحثت في هاتفها على الأغنية وأوصلت الهاتف بسماعات الحجرة ليعلو اللحن الدافئ مع الصوت العذب

ما بدي قل لك شو بيني، شو اللي جرى لي بها الدني

بدي معك إبدا العمر، أول سطر بالولدنة

ولا بدي إحكي شو حصل، شو اللي كسر فيّ الأمل

واللي قلب ضحكي زعل، غربني ياما وردني

ما بدي قل لك شو بيني

ابتسمت وهي تستمع إلى الكلمات وتشعر بها تخترق جدار قلبها والأوضاع قد تبدلت وهي التي تستمع لها بإحساس مرهف فاحتضنت نفسها بذراعيها وأسبلت أهدابها وهي تدور في منتصف الغرفة وتتخيله وهو يراقصها وكل أجواء الحجرة من اضاءات خافتة ورائحة عطرية مميزة تجعلها تشعر أنها في حلم جميل

........

فتح باب الشقة ودلف بعد أن اختلى بنفسه لفترة طويلة نظم فيها انفعالاته وبلع احباطه وغلبه اشتياقه إليها

وضع حقائبه بجوار باب الشقة وخلع حذائه وسترته الجلدية والقاها على مقعد غرفة المعيشة وبقى بتيشيرت أسود بكم طويل

تسلل إلى أذنيه صوت موسيقى يأتي من غرفة النوم فسار ببطء إلى هناك وحين اقترب من الباب المفتوح تبين الكلمات المنسابة واتسعت عينيه وهو يناظرها وهي ترقص وتتمايل مغمضة العينين كفراشة بيضاء في غلالة حريرية قصيرة بالكاد تصل إلى أعلى ركبتيها ،مفتوحة باغواء من عند الصدر وبحمالات رفيعة للغاية كخيطين على الكتفين وشعرها الاسود المموج منسابا على ظهرها

خطى بهدوء إلى الداخل وكانت لا تزال تتحرك بانسيابية مع كلمات الأغنية وحين تسللت إلى أنفها رائحة عطره فتحت عينيها لتجده متجسدا أمامها بحضوره الطاغي ووجهه الذي أصبحت تعشق كل قسماته وتحفظ كل سكناته

أردفت بسعادة:"معتصم"

ثم اسرعت نحوه وتعلقت برقبته قائلة :"تأخرت كثيرا"

احتضنها باشتياق وهو يحتوي جسدها كله بذراعيه وتمتم وهو يستند بجبهته على كتفها :"لن اتركك ثانية باذن الله"

ابتعدت قليلا وأردفت وهي تتأمل كل انش في وجهه باشتياق:"ماذا بك لم أشعر أن بك شيء؟"

ابتسم ابتسامة واهنة وهو يمسد بكفه على وجهها ومن ثم شعرها ثم أردف وهو يلقي بنظرات مشتاقة على كل جزء فيها :" أنا بي اشياء عنان ولكن اتركي كل الاشياء، الان لا احتاج سواكِ"

شعرت من نظرته ونبرته أن هناك أمر كبير ولكنها أردفت بما في قلبها وما شعرت أنه يحتاجه بالفعل من نظرته المتطلبة :"وانا ايضا احتاجك، اشتقت اليك بشدة"

وأمام نبرتها المُسٓلِمة ونظرتها المُستسلِمة وسحر هيئتها مال بشغف على ثغرها يرتوي من ظمأ الايام الماضية في بُعدها وشعر بتجاوبها معه بشعور مختلف عن كل مرة ،كان شعورا بنكهة الرضا التام بتوق ولهف

وحين ابتعد قليلا أردفت وهي تتأمل قسماته التي تئن وجعا:"لا تبتعد ثانية هكذا ثم مررت أناملها بين خصلات شعره قائلة:جميع من هنا هم أهلك ألا يمكن أن تكتفي بنا وتنسى اي ماض ثم لمعت عينيها ببريق خاطف وضوى وجهها بضي نجمة لامعة في منتصف السماء قائلة بجرأة :انا احبك وماما غالية وكل أبناء خالك والبنات كلهن يضعنك في مكانة خاصة "

بريق عينيها وضي وجهها وهي تنطق كلماتها الاولى أخذاه إلى منطقة أخرى ازدادت دقات قلبه التي كانت فاترة رتيبة منذ لقاؤه بيمنة وتأججت بداخله عاطفة قوية تجاهها واردف بنظرة ثاقبة لعمق عينيها وقلبها :"ماذا قلتِ عنان؟"

قالت مراوغة:"أقول أن البنات"

فهز كتفيها بيديه هزة خفيفة واردف بصوت دغدغ كل حواسها:"أول كلمتين في الجملة"

فأردفت بوجه تشتعل في كل انش فيه شعلة تضيء ركنا مظلما بداخل روحه:"انا احبك"

ابتسمت شفتيه وعينيه وأردف وهو يحتويها بكفين كالفولاذ :"منذ متى حدث ذلك؟"

قالت وهي تثبت عينيها في عينيه المتطلبتين بلا اكتفاء :"انا منذ زمن وانا اراك شخصا مميزا ولكنك كنت دائما بعيد حتى وأنت قريب وحين اقتربت منك في الشهور الأخيرة تملكني هذا الشعور تجاهك وازداد ،مع كل قرب بيننا كنت اتعلق بك أكثر ومشاعري تجاهك تزداد وضوحا إلى أن بدأ حبك يملا قلبي وأصبح في بعدك دائي وفي قربك دوائي"

لم يستطع تمالك نفسه من الضحك ،ضحك وشعت السعادة من قسماته فأحاطت عنقه بكفيها الرقيقين فضمها اليه وكانت كقطعة ملبن ناعمة طرية فأردف بجوار أذنها :"أيوم هنايا اليوم؟"

قالت بصوت شديد الخفوت والتطلب وهي تلتصق به كقطة ناعمة :"أو يوم هنايا أنا"

بعد أن كان حلقه يغص بمشاعر مٌحبطة أصبحت روحه تحلق في أعالي السماء

من كلماتها واحساسها وتفهمها والصورة الرائعة التي طلت عليه واستقبلته بها وقد تمناها دوما بهذا الشكل فكانت له كما تمنى دون أن يطلب

نظر إليها مليا فلم تقل شيء...

ولكن شفتيها المرتجفتين وعينيها المتسعتين بنظرة استسلام رغم خجلهما هما من قالا....

شعرها المتناثر حول وجهها باغواء ووجهها المتخضب بحمرة قانية وكلمات الأغنية المنسابة حولهما والتي أهداها لها يوما هم من باحوا بما في قلبها.....

لم تشعر بنفسها الا وهو يحملها بخفة فتشعر بنفسها محلقة في السماء وحين شعرت بنفسها فوق فراشها الناعم الوثير شعرت أنه تحول إلى بساط يحلق بين السحاب وحولهما القمر والنجوم اللامعة والفضاء الفسيح

كانت له كما تمناها وكان لها أكثر مما تمنت ...

كان حنونا وكل ما يصدر منه كان بصدق وإحساس ....

شعرت معه بمشاعر راقية لم تشعر بها يوما أما هو فخطى بقدميه داخل جنة حلم بها طويلا
وأخيرا جاور القمر


*********
مع نهاية الفصل حابة أقول إننا بإذن الله في الثلث الأخير من الرواية ونقترب من النهاية فحابة أعرف انطباعاتكم عن الفصول وبصراحة الفترة الجاية في الرواية فترة مٌرهقة وانتوا أكيد لامسين المجهود المبذول في كتابة الفصول فياريت تساعدوني لإن المتابعة الصامتة في الوقت ده حقيقي غير مٌشجعة بالمرة ..

دمتم في حفظ الله وإلى اللقاء في الفصل القادم بإذن الله


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-21, 08:30 PM   #1266

نهله صالح

? العضوٌ??? » 425707
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 166
?  نُقآطِيْ » نهله صالح is on a distinguished road
افتراضي غريب الروح

تسجيل حضوووووووووووووووووور💐♥️💐♥️💐♥ ️💐♥️

نهله صالح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-21, 08:45 PM   #1267

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نيروز الشرق مشاهدة المشاركة
متى موعد الفصل لو سمحتم
كل يوم اثنين باذن الله الساعة ٧ مساءا بتوقيت مصر


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-21, 09:19 PM   #1268

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 203 ( الأعضاء 45 والزوار 158)
‏Heba aly g, ‏أميرةالدموع, ‏كراملا, ‏منى م محمد, ‏فاطمة زعرور, ‏Rasha.r.h, ‏Moi Esraa, ‏ميره مير, ‏عبير دندل, ‏بوسي موني, ‏سلمئ سالم عوض, ‏Moon roro, ‏ام جواد, ‏حنان الرزقي, ‏ميساء عنتر, ‏زهرة ميونخ, ‏آية العيسوي, ‏رائحة الجنة, ‏سهى قيسيه, ‏mina10, ‏ريم٢٢, ‏jehan, ‏سوسن شريف, ‏همس البدر, ‏حنين محمد جميل, ‏لينا عادل, ‏مي زيدان, ‏remokoko, ‏Solly m, ‏ميمو٧٧, ‏سوهي(زهور الربيع), ‏زهره الربيع2, ‏لا تطفىء الشمس, ‏نهله صالح, ‏Ahom, ‏Moony204, ‏سيفينا, ‏سلمى عبدو, ‏اريج مقبل, ‏نجاة حسين, ‏Nora372, ‏لارا لي لي, ‏ملاك العمرو, ‏إشراقة الشمس, ‏asmaaasma


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-21, 09:35 PM   #1269

نهله صالح

? العضوٌ??? » 425707
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 166
?  نُقآطِيْ » نهله صالح is on a distinguished road
افتراضي

الفصل رائع جدا 👍
نعمة (نقمة) تفكر كيف تستغل ما شاهدته للتفرقة بين يسر ويحيي أو لتزويجه مرة أخري منك لله يا نقمة
وصال وطارق حبيت رٱي غالية جدا أن الراجل يقدر مراته قبل الزواج ويتقالها بالذهب حتي يفكر الف مرة قبل أن يفكر في الاستغناء عنها
يوسف ومريم امتي حيوصلوا لنقطة تفاهم
اخيرا معتصم عريس
عفوا زهور الربيع
قلبي عندك


نهله صالح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-21, 09:56 PM   #1270

ميره مير

? العضوٌ??? » 479464
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 168
?  نُقآطِيْ » ميره مير is on a distinguished road
افتراضي

الفصل رائع يسلمو ايديكي ومن نجاح لنجاح ان شاء الله الروايه رائعه ومشوقه جدا

ميره مير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:52 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.