آخر 10 مشاركات
287 - كذبة العاشق - كاتي ويليامز (الكاتـب : عنووود - )           »          284 - أنت الثمن - هيلين بيانش _ حلوة قوى قوى (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          275 - قصر النار - إيما دارسي (الكاتـب : عنووود - )           »          269 - قطار النسيان - آن ميثر (الكاتـب : عنووود - )           »          263 - بيني وبينك - لوسي غوردون (الكاتـب : PEPOO - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غيوم البعاد (2)__ سلسلة إشراقة الفؤاد (الكاتـب : سما صافية - )           »          ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4116Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-03-22, 08:20 PM   #1781

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي


في المساء
كان حاتم يجلس بجوار فرح في فراشها من جهة بينما تجلس زهراء من الجهة الأخرى تحكي لها حكاية ما قبل النوم وكانت الصغيرة تشعر بالسعادة في بيتها الجديد وخاصة غرفتها الوردية الممتلئة بالشخصيات الكارتونية المحببة وحين غفت أشار حاتم بعينيه لزهراء للخروج خلفه فتركت الضوء الجانبي الخافت مضاء وأغلقت باقي الاضواء ودلفت إلى غرفتها فكان حاتم في انتظارها بنظرة أصبحت تدرك معناها فاقتربت منه وقد أصبحت أجرأ قليلا في تعاملها معه فلامست كتفيه بكفيها مبتسمة وظلت تتمايل مع الإيقاع الموسيقي المنبعث من حولها
قال لها وهو يعزف بأنامله على حدود خصرها:"جهزتِ نفسك لافتتاح الغد؟"
قالت وعينيها ترسمان صورا تخيلية لشكل المطعم النهائي:"متحمسة جدا ولكني لا أعرف لم رفضت أن أتواجد في التجهيزات الأخيرة؟"
قال مراوغا:"لأسباب كثيرة منها أنكِ عروس جديدة ولا أحب أن أتعبك إلى جانب أنني أريد أن أفاجئك بالشكل النهائي"
قالت بفضول:"ولمَ تخفي عني حتى اسم المكان ألسنا شركاء كما تقول وكان من المفترض أن نتشاور في الاسم؟"
لامس أرنبة أنفها بأنفه قائلا:"هذا هو الشيء الوحيد الذي سأكون دكتاتوريا فيه ولن آخذ رأيك"
أردفت بامتعاض:"من أولها؟"
احتضنها وهو يتمايل معها على أنغام الموسيقى يمينا ويسارا وتمتم بجوار أذنها:"من أولها"
فقالت بفضول قبل أن تُسلم له باستسلام مُحبب إلى قلبها:"ولا أول حرف؟"
فقال بصوت رخيم وهو يسحبها معه إلى عالمهما الخاص الذي أسسا حدوده ومعالمه منذ اليوم الأول:"ولا أخر حرف"
*******

Fatma alzahraa resturant

في اليوم التالي حين وصلت معه إلى المطعم الذي سيُقام افتتاحه اليوم ولكن لأبناء عمران فقط كتجربة للطعام والخدمات المقدمة وقفت أمام واجهة المطعم تنظر إليها وعينيها ظلت معلقة لأكثر من دقيقة حتى تستوعب ثم تمتمت بخفوت:"مطعم فاطمة الزهراء؟"
وقف حاتم بجوارها يرتدي حلة أنيقة بلون كحلي وقميص ناصع البياض فكان كعادته كالفارس بعينيها،كان يمسك فرح بيده فمد لها يده الأخرى فوضعت يدها بيده قائلة بصوت هارب:"لمَ لم تقل لي؟ ولمَ سميته بهذا الاسم؟"
قال ببساطة وهو يضغط أناملها بأنامله:"لم أقل لتكون مفاجأة وأستمتع برؤية هذه النظرة بعينيكِ،وسميته بأحب الاسماء إلى قلبي"
تمتمت بحاجبين جميلين معقودين:"أحب الاسماء إليك زهراء وليس فاطمة الزهراء"
أردف بما في قلبه قائلا:"حين عرفتك أحببت اسم زهراء،وحين اكتشفت فاطمة لا أنكر انني كنت أشعر بالاستياء منها وظللت فترة لا أقتنع أنهما شخصية واحدة بل كنت أشعر أنهما شخصيتان ولكن حين هدأت وبحثت عن كل ما يخصك وعرفت كل تفاصيل حياتك بدأت أحترم شخصية فاطمة وألتمس لها الأعذار إلى أن اقتنع عقلي وقلبي بفاطمة الزهراء وشعرت بتقبلي الكلي لها كاملة بكل تناقضاتها وصفاتها،أنا أحببت زهراء واحترمت فاطمة وقررت وأنا بكامل قواي العقلية أن أقضي ما تبقى من حياتي مع فاطمة الزهراء"
مستها كلماته الصادقة وأصابت صميم القلب ولم يكن هناك من هي أسعد منها فأردفت بامتنان ونظرة شديدة العمق:"وفاطمة الزهراء يزيدها شرف وعزة أن تكون حبيبها وزوجها وأبو ابنتها،ابتسمت وهي ترفع عينيها بزهو إلى اللافتة المكتوب عليها اسمها قائلة:وشريكها"
شبك أصابعه بأصابعها وأردف بابتسامة جذابة:"الشرف ليا سيدتي الجميلة تفضلي"
دخل ثلاثتهم إلى المطعم وكان باستقبالهم الاستاذ شاكر الذي سيتولى إدارة المكان ورحاب التي ستتناوب هي وزهراء في الإشراف على المكان ومحمد الذي سيتابع مع الاستاذ شاكر ما يخص الحسابات بعد أن أقنع حاتم رحاب ومحمد بالعمل معهم حتى يكون مُطمئن على زهراء
تجولت رحاب مع زهراء في أركان المكان والأخيرة تكاد عينيها تخرجان من محجريهما إعجابا بكافة التفاصيل فكما كان حاتم رجل أحلامها فهذا المطعم هو مطعم أحلامها الذي حلمت به كثيرا كحلم بعيد مستحيل تحلم به على استحياء لمعرفتها باستحالة تحقيقه قالت لها رحاب بسعادة:"مبارك عليكِ زهراء تستحقين كل خير حبيبتي"
قالت زهراء بأنفاس مضطربة:"بارك الله فيكِ حبيبتي،ثم تسائلت:ألم يأتي زوجك معك؟"
قالت:"سيأتي بعد قليل إن شاء الله"
دخلت زهراء إلى المطبخ فكان هناك عدة شيفات يعملون كانت قد قابلتهم من قبل واتفقت معهم على نظام العمل وقائمة الطعام وأملت لهم وصفاتها ومقاديرها كاملة فأردفت وهي تنظر حولها تشعر أنها بمطبخ أحد الفنادق الكبرى:"أعطاكم الله الصحة والعافية"
ردوا عليها جميعا بلباقة وعادوا إلى عملهم وحين خرجت مع رحاب للخارج كان الضيوف بدأوا في التوافد فاقتربت ترحب بيوسف ومريم وعمرو ومودة وبعدهم وصل معتصم وعنان ومعهما تمام ويحيى ويسر وأحمد وهاجر وفي النهاية وصلت وصال وزوجها فامتلأ المطعم بأحفاد عمران وتجمعوا جميعا حول طاولة خاصة بالعائلات تطل على النهر مباشرة فملأوها عن أكملها ...
قال معتصم وهو ينظر حوله إلى فخامة المكان:"ما شاء الله المطعم فعلا مُجهز على أعلى مستوى"
فقال عمرو وهو يمسك يد مودة التي تجاوره:"فعلا المكان شديد الرقي وبهذا نكون ضمنا مكانا نظيفا مجانيا نتناول منه الطعام بشكل يومي"
قهقهوا جميعا ضاحكين فأردف يحيى متهكما:"يوميا ! وبالنسبة للمدام التي تجاورك أليس لها أي دور؟"
ابتسمت مودة فأردف عمرو:"المدام طالبة جامعية غير متفرغة لمثل هذه الأمور ووالدها يتربص بي إن قل تقديرها وأنا لا أريد مشاكل مع ذاك الرجل الطيب"
قال حاتم ببشاشة:"انتم جميعا تنيروننا في كل الأوقات"
اقترب الشيفات ووضعوا الاطباق تباعا فامتلئت الطاولة بأشهى الأصناف وحين ابتعدوا شمر يوسف كمي قميصه قائلا:"طبعا أنتم تجربون اليوم فينا كل هذه الأصناف ونحن لابد أن نقوم بعملنا على أكمل وجه"
قالت زهراء بابتسامة صافية:"بالهناء على قلوبكم ومازال هناك الكثير بالداخل وأريد رأيكم دون مجاملة"
قال يوسف وهو يمد يده في طبق الحَمَام يأخذ واحدة:"لا تقلقي أنا لا أجامل في الطعام"
واردف عمرو وهو يمد يده:"ولكن الخطاب واضح من عنوانه الشكل مغري لأبعد الحدود"
قال معتصم لأحمد الذي يجلس بجوار تمام:"اعطني طبق الستيك هذا"
فقال أحمد ساخرا:"طبق الستيك كله؟.."
فنظر معتصم إلى طارق قائلا:"لا طبعا ليس لي كله بل سنتقاسمه أنا وطارق"
فأردف طارق ضاحكا:"وأنا في الستيك لا أمزح"
وقال عمرو بحاجبين يتراقصان:"وبما أني العديل الثالث لكما سأتقاسمه معكما دون جدال"
جميعهم تناولوا الطعام بشهية مفتوحة في جو مملؤ بالصخب والمزاح وكل زوج بجوار زوجته عدا تمام الذي كان يشعر بالوحدة وهو يراهم ثنائيات عداه الذي فقد شهيته لكل شيء وحين انتهوا من الطعام شعر معظم الشباب بالتخمة بعد الطعام الدسم فأردف طارق مازحا:"بعد هذا الطعام الشهي أنا لا أريد سوى الفراش "
قال حاتم باعتراض:"لاااا السهرة مازالت في أولها"
فأردف معتصم وهو يشعر بخمول:"أريد أن أشرب شاي"
فقال حاتم:"سنشرب شاي وقهوة وكل ما تريدون"
وبعد قليل كانوا جميعا يجلسون في شرفة واسعة تابعة للمطعم مطلة على النيل مباشرة دون سقف وكانت السماء صافية والقمر ساطع والنجوم لامعة والأجواء هادئة خاصة وكل منهم يشرب مشروبه بهدوء وأمامهم فرقة تخت شرقي تعزف ألحان عذبة وصوت شجي يدوي في سكون الليل لمطرب كبير السن يجمع صوته بين القوة والشجن:

يا حبيبى الليل وسماه ونجومه وقمره

قمره وسهره وانت وانا يا حبيبى انا

يا حياتى انا كلنا كلنا فى الحب سوا

والهوى اه منه الهوا سهران الهوى

يسقينا الهنا ويقول بالهنا يا حبيبي

ياللا نعيش فى عيون الليل

ونقول للشمس تعالى تعالي بعد سنة مش قبل سنة

دى ليلة حب حلوه بالف ليلة وليلة

بكل العمر هو العمر ايه غير ليلة زى الليلة
كانت الأذهان خالية من الهموم لاول مرة منذ فترة طويلة والقلوب عامرة بمشاعر غامرة فكان كل زوج يجلس بجوار زوجته ويدندن بخفوتِ واستمتاع فتناول يوسف يد مريم وهو يدندن بصوتِ خشن خافت ونظرات عينيه ولمساته تسحرها كعادتها معه فتشعر كأنها طافية فوق سطح النهر المجاور...
اما عنان فمنذ حملها وهي تشعر بأنها أصبحت شديدة الاحتياج لمعتصم معها في كل خطوة وأصبحت شديدة الالتصاق به عن ذي قبل فاحتضنت بكفيها ذراعه واستندت على كتفه وهي تستمع إلى الأغنية وتشرد بعينيها في السماء الصافية فوقها فتشعر أن المدى أصبح ملكا لها
وعمرو الذي يجلس بثقة بجوار مودة وقد أصبحت حلاله وارتاح قلبه بقربها ووصالها وحياتهما المشتركة معا أمدت كل منهما بكل المعاني الحلوة من حب ودعم ومشاكسة دائمة
وزهراء التي تنظر حولها إلى أناقة المكان ولاتزال لا تصدق أن كل ما حدث لها في الفترة الماضية كان حقيقة تبتسم لحاتم الذي يحمل بين ذراعيه فرح التي غفت في حضنه وتحمد الله أن وهبها إياه
*******
بعد مرور أربعة أشهر
فتح باب البيت بهدوء شديد فوجد الاضواء مُغلقة والبيت بحالة سكون فأغلقه ببطء وصعد بهدوء على درجات السلم،فتح باب شقته بهدوء أشد فالساعة قد تجاوزت الواحدة صباحا وهو له فترة طويلة لم يفعلها منذ أن عادت مريم إلى البيت بعد الأزمة التي مرا بها وغيرت بداخل كل منهما أفكار ومعتقدات كثيرة،كانت أضواء الشقة مٌغلقة ففتح ضوءا جانبيا في حجرة المعيشة وقبل أن يضع ما بيده على طاولة السفرة سمع صوت مريم يأتي من عند غرفة النوم قائلة بهدوء:"أهلا"
التفت ببطء وابتسم قائلاً:"مساء الخير"
تقدمت منه بخطوات بطيئة وهي تضع يد على بطنها المنتفخة عن آخرها وبالاخرى تدعم ظهرها الذي يؤلمها بشدة حتى عز عليها النوم وتمتمت ببرود مدروس:"صباح الخير حبيبي"
حين اقتربت وضع ما بيده على السفرة وأحاط خصرها بذراع ومسد على بطنها المنتفخة بيده الأخرى قائلاً:"كما قلت لكِ جلست مع أصحابي قليلا"
تمتمت وهي تضع يديها على كتفيه:"من السادسة حتى الواحدة صباحا وقليلا!"
قال بنظرة ثاقبة مدعيا الجدية:"لا طبعا لم أكن معهم طوال هذا الوقت،ثم مد يده خلفه وسحب من فوق الطاولة باقة ورد حمراء أحضرها لها وأهداها لها قائلاً:كنت أحضر لكِ هذه الورود"
أخذت منه باقة الورد وتشممتها فكان عطرها أخاذا فأردفت بابتسامة حلوة:"وما المناسبة؟"
قال بنظرته المراوغة:"بمناسبة أنكِ حبيبتي دائما وأبدا"
تعلمت في الأشهر الماضية القليل من الحكمة،تعلمت أن تعطيه مساحة خاصة وتعطي نفسها أيضا والا تضيق عليه الخناق،تعلمت أن تثق به وتهديه هذه الثقة وللحق هو ساعدها والتزم كثيرا حتى أنه أصبح يرافقها في أغلب الأوقات ويقوم بكل ما يخص الاولاد وسهره مع أصحابه أصبح يوما واحدا في الأسبوع وما يُطمئنها أنها تعرفت على زوجات أصحابه وأصبحت تعرف الكثير عن سهراتهم وخروجهم معا والأهم عندها أنهم رجال فقط ...
قالت بدلال وهي تحتضن باقة الورد:"وباقة الورد تجعلك تتأخر هكذا؟"
رفع حاجبيه مدعيا براءة هي الأبعد كل البعد عن ملامح وجهه ونظرة عينيه:"لا طبعا ليس الورد فقط ،والتفت خلفه وأحضر لفافة أخذ يفتحها وهو يقول:هذه من أخرتني"
وحين فتحها ونظرت بها كانت صينية بسبوسة فأردف وهو يأخذ قطعة صغيرة:"أعرف أنكِ تحبينها ساخنة فظللت منتظرا حتى يتم إعدادها لأحضرها لكِ ساخنة هكذا"
قالها وهو يُقرب قطعة البسبوسة الممتلئة بالعسل من شفتيها ففتحت فمها ووضع بها قطعة البسبوسة الدافئة التي يتساقط منها العسل،تعرف طبعا أنه كاذب في هذه أيضا ولكنها أردفت وهي تلعق العسل من على شفتيها:"حسنا صدقتك"
قال وهو يمسد على بطنها بحنان:"كيف الحال اليوم؟"
أردفت بنظرة مثيرة للشفقة:"متعبة جدا يوسف حتى أنني لا أستطيع النوم"
احتضنها برقة مقبلا شعرها وأردف بجوار أذنها:"تعالي لأقوم لكِ بجلسة مساج تشعرين بعدها بالتحسن"
قالت بسخرية:"وهل هذا وقته؟"
قال بجدية مصطنعة وهو يمسح بأبهامه نقطة عسل على جانب فمها:"هذا هو وقته"
********
ظهر اليوم التالي
كانت مريم ترقد في المشفى بعد أن وضعت واستفاقت من التخدير وقد اتتها آلام الولادة بعد الفجر مباشرة
وكان بجوارها يوسف وصالح وليلة ويسر ويحيى وعمرو ومودة ونعمة وهاجر الذين أتوا باكرا حين علموا أنها ستضع
كان يوسف يحمل الصغيرة الجميلة بين يديه بعد أن كَبَر لها جدها صالح في أذنيها وينظر إليها بنظرات يشع منها حنان الدنيا فقد كانت شديدة الرقة والصغر والجمال،كانت نسخة مصغرة من مريم فأردفت ليلة:"ماذا ستسميها يوسف؟"
قال دون أن يرفع عينيه عنها:"سأسميها اسم يليق بها صمت قليلا ثم أردف: جوري فهي جميلة تماما كوردة جوري"
أبدى الجميع إعجابهم بالاسم وفجأة انفجر البكاء في الغرفة فنظر الجميع إلى جنة التي تجلس فوق ساقي جدها صالح وانتبهوا إلى أنهم منذ ساعات والجميع يولي اهتمامه بالصغيرة الجديدة فأردفت مريم بانزعاج:"أعطني البنت يوسف وراضي جنة انت تعرف كم هي متعلقة بك"
أعطاها البنت وأخذ جنة من حضن جدها وعاد بها إلى مكانه بجوار مريم وضمها قائلا:"نحن جميع نحبك جوجو حتى الصغيرة أيضا تحبك لذلك اسميتها باسم يبدأ بنفس حرف اسمك وأنتِ من ستراعينها وتهتمين بها"
قالت بدموع عينيها:"لا أنت تحبها أكثر مني"
فيضمها بقوة قائلا:"لا يا عمري أنتِ أكثر"
ثم نظر إلى زياد الذي يجلس بجوار أمه من الجهة الأخرى ينظر الى جوري بانبهار قائلا بتفكه:"هذه ضريبة إنجاب الإناث عاطفيات بدرجة كبيرة،ما بهم الذكور لا يهتمون بهذه الأمور"
فقالت مريم بنبرة غير بريئة:"ولكني سعيدة جدا لأنني أنجبت بنت أخرى "
قال مبتسما:"لماذا؟"
قالت بتهكم:"حتى يكون عندك ابنتان فتقوم بعمل حسابهما في كل تصرفاتك"
فهم ما ترمي إليه فأردف مراوغا:"هذا كله سيصب فوق رأسك لانكِ مطالبة بإنجاب صبي المرة القادمة لتعتدل كفتي الميزان"
ضحكوا جميعا فأردفت مريم باستنكار:"أي مرة قادمة أ أرنبة أنا ليس لدي عمل سوى الانجاب؟"
قال ضاحكا:"اختاري المسمى الذي يريحك المهم أنني أريد أخا لزياد"
قالت نعمة بابتسامة صغيرة وهي تستقيم لتأخذ جوري من مريم:"باذن الله يراضي الله كل مشتاق بما يشتهي ثم جلست بجوار يحيى ويسر قائلة:العاقبة عندكما ثم أردفت ليحيى:الطبيب طمأنكما آخر مرة مضبوط"
أردف يحيى وهو يمسد بسبابته على شعر الصغيرة الناعم قائلا :"نعم أمي طمأننا"
أما يسر فشردت قليلا وابتسامة صغيرة فوق شفتيها تتذكر اليوم الفاصل في حياتها حين ذهبت إلى الطبيب في الموعد المحدد للفحص الذي سيبين هل الجنين سليم أم لا كانت تقدم قدم وتؤخر أخرى وفرائصها كلها ترتعد خوفا ويحيى يهدئها وهو الآخر لا يحتاج سوى لسماع كلمة واحدة تهدئه وحين انتهى الطبيب من الفحص الدقيق أردف بابتسامة مشرقة:"الحمد لله الجنين سليم وطبيعي وليس به أي عيوب تؤثر على اكتمال الحمل"
نظرت يسر إلى يحيى وتمتمت للطبيب:"حقا؟"
فقال الرجل ببشاشة:"بفضل الله...ألم أقل لكما من قبل أنني متفائل"
ولم تنسى نظرة يحيى الذي امتلئت عيناه بالدموع وقتها ولن تنسى الحضن الذي غمرها به حين عادا إلى البيت كان يعني لها الكثير ولم يقل سوى كلمة واحدة اختصرت كل المعاني (أخيرا)
"يسر "
انتبهت من شرودها على صوت نعمة فأردفت قائلة:"نعم عمتي؟"
قالت نعمة:"اخترتم الاسم؟"
قالت يسر:"لا لم نختار بعد"
فأردف يحيى باشتياق:"أراه بعيني بعدها اختار اسمه"
قالت بحرارة:"اللهم آمين"
فآمن جميع المتواجدين فأردفت هي لعمرو ومودة:"العاقبة عندكما"
فقال عمرو:"باذن الله ولكن نحن أمامنا عدة سنوات لا تضعي املا من الآن"
قالت باستياء:"انا لا أوافق على التأجيل هذا "
قال بحزم يصحبه ابتسامة:"هذه ظروفنا أمي لا تشغلي بالك"
قالت بتهكم خفي :"أصبحت على اقتناع تام أن الطب ليس للبنات، سبع سنوات مدة طويلة فعلا والبنت تؤخر كل حياتها من أجل الدراسة ،تؤخر الزواج والانجاب ،حتى طهو الطعام لا تقوم به"
بدأت الأجواء في التوتر ونظر كل من صالح وليلة إلى بعضهما فأردفت مودة بهدوء شديد وثقة أشد:"بالنسبة لي دراسة الطب لا تشكل أي مشكلة، فالزواج والحمد لله تزوجت وانا لم أتم العشرون بعد والانجاب فنحن نؤجله ليس بسبب الدراسة فقط ولكن لأن عمرو وأحاطت ذراعه بكفيها مكملة:يريد أن نعيش حياتنا لعدة سنوات دون قيود،ثم أردفت بنبرة اقرب إلى البرود:وبالنسبة لطهو الطعام لمَ أطهو وأنا آتي إلى بيت العائلة كل اسبوع فتعطيني أمي طعام الاسبوع كله مرة وتعطيني ماما غالية مرة وتعطيني أنتِ عمتي مرة"
رفعت نعمة حاجبا واحدا متمتمة:"الا تقولين امك وجدتك يعطوكِ مالذي أدخلني أنا"
قالت مودة بعينين لامعتين بالشقاوة وهي ترفع حاجبيها:"أعشق طعامك عمتي فقررت أن تدخلي في الجدول لآخذ منكِ طعام اسبوع كامل بالشهر"
مصمصت نعمة شفتيها وضحك جميع الحضور بما فيهم عمرو ويحيى ومريم وهاجر وبعد قليل وصلت عنان ومعها معتصم وحاتم وزهراء فدخلت النساء وظل الرجال بالخارج فخرج لهم يوسف ويحيى وعمرو
ودخلت زهراء وعنان تباركان لمريم فحملت عنان الصغيرة التي غفت كملاك صغير فتنظر إليها ونفسها تهفو إلى تلك اللحظة
*******
بعد مرور أيام قليلة
كان تمام وكامل في الأرض الزراعية يتابعان العمل ومعهم راشد الذي يجلس فوق كرسي متحرك وقد عجزت قدماه على حمله كالسابق وإن كان لسانه قد انفكت عقدته كثيرا وأصبح يتحدث ليس بإتقان ولكن على الأقل من حوله يفهمونه ...
كان ينظر إلى المدى البعيد الممتد أمامه في السماء وفي الأرض الزراعية بشرود أصبح يلازمه وشعور بالفقد يحتل قلبه وكان تمام يتابع العمل ويوجه المزارعين ويتلقى اتصالات من عملاء في نفس الوقت
لقد أصبح عبء العمل كله مقسم بينه وبين إخوته وإن كانوا يسندون له الجزء الأكبر
رن هاتفه وكان معتصم فابتعد قليلا عن المزارعين وكان بجوار والده الجالس على كرسيه فأردف:"اهلا معتصم كيف حالك؟"
رد معتصم بسرعة قائلا:"وجدتهم تمام أبشر"
تحفزت كل حواسه واعتدل في وقفته واردف بشك:"وجدت من؟"
"أم عمار وشقيقها "
ارتفعت دقات قلبه إلى الضعف قائلا بتوتر:"كيف وأين؟"
قال معتصم:"شقيقها هذا قدم أوراقه للالتحاق بعمل بمكان وهذا المكان يطلبون تحريات عن كل المتقدمين ومنه توصلت إلى سكنهم الحالي"
بأنفاس مضطربة أردف:"ارسل لي العنوان فورا"
قال له معتصم اسم المحافظة ولم يقل العنوان قائلا بتساؤل:"ماذا ستفعل أولا؟"
قال تمام :"سأفعل ما يجب فعله سأحضر عمار وأمه معه"
انتبه راشد حين سمع الاسم وتحفزت حواسه ورفع عينيه إلى تمام بلهفة
قال معتصم محذرا:"تمام لا نريد أي مشاكل في المكان الذي هي فيه وإن لم تأتي معك بإرادتها فلن تستطيع ارغامها"
نظر تمام حوله وقد شعر بالتوتر وتذكر أن مالك أخذ السيارة وذهب بها لقضاء مشوار عمل فأردف لمعتصم:"لا تقلق المهم السيارة ليست معي هلا أتيت معي أم أستقل أي مواصلة"
صمت معتصم لثوانِ ثم أردف:"حسنا سآتي معك أين أنت وأنا أمر عليك"
أغلق معه فأردف راشد بانفعال:"وجدتهم؟"
قال تمام بنظرة مترقبة:"نعم إن شاء الله"
قال راشد بعينين ثاقبتين كنسر:"أحضر الولد هو أهم عندي"
قال تمام محذرا:"الولد وأمه أبي لن نستطيع أن نأخذه منها وأنت رأيت حين فكرت أنت في ذلك ماذا حدث"
صمت راشد قليلا ثم أردف بعد تفكير:"تقريبا كان معك حق حين كنت تريد الزواج منها"
اشتعلت عيني تمام بحماس وهو يرى والده وقد غير رأيه فأردف راشد بسطوة لم يهدها المرض والعجز لتأصلها بالشخصية:"أحضرها وتزوجها حتى تكون على ذمتك ولا تستطع الفرار مرة أخرى وهي على ذمة رجل.... أخذ تمام نفسه أخيرا وهو يسمع موافقة أبيه الصريحة على نسرين فأحبط الأخير أمله وهو يقول بغل يخرج من بين حروف كلماته المتعثرة:تزوجها فقط لتكسر أنفها وعنادها وتجلس لتربي ابنها بيننا وبعدها ازوجك من ابنة أكبر عائلات البلدة"
تغضنت ملامح تمام وهو يرى والده ولم تغيره لا الظروف ولا المرض وأردف بفتور:"المهم انك توافق على الزواج أخيراً"
قال راشد بحنق:"من أجل عمار فقط وكما قلت لك تتزوج بعدها من أفضل بنات البلدة"
*******
غامت ملامح تمام بالتأثر وهو يجلس بجوار معتصم في سيارة الاخير أثناء رحلتهما إلى المحافظة التي بها نسرين، لقد مر أكثر من ستة أشهر على رحيل عمار مع أمه وخاله بالطبع الولد كبر وتغيرت ملامحه أخذ يفكر في شكله وكيف أصبح وظل شاردا صامتا حتى وصلا
كان ضوء النهار يملأ الدنيا وكانت نسرين قد انتهت من ترتيب البيت وإعداد الطعام وللتو تناولت هي واسلام وعمار الغداء ودلف اسلام ليأخذ حماما قبل أن يعود إلى عمله وكانت تفتح باب البيت كعادة أهل القرية الصغيرة وعمار يلهو حولها،وقف تمام على باب البيت المفتوح بعد أن تأكد هو ومعتصم من رقمه وأنه هو العنوان المضبوط،كان صوت التلفاز عاليا وعمار يقف أمامه يصفق بيديه على أنغام أغاني الأطفال ونسرين تتابعه من مكانها بالمطبخ وحين حاد الصغير بعينيه عن التلفاز نظر إلى الواقف عند الباب فابتسم له تمام بعينين متأثرتين وفتح له ذراعيه فلمعت عيون الصغير وابتسم رغم أنه لا يتذكر الوجه جيدا وسار بخطوات معتدلة تدل على أنه تعلم المشي منذ عدة أشهر وخفق قلب تمام وهو يرى الصغير يقترب منه بضحكة حلوة وحين وصل إليه ضمه إليه واستقام واقفا وهو يضمه بقوة ويربت على شعره وظهره
"عمار"
قالتها نسرين وهي تأتي خلفه لترى أين ذهب ولكنها تسمرت في مكانها متسعة العينين وهي ترى تمام أمامها يحمل الصغير وأدركت انها هالكة لا محالة،اختلج خافقها بشدة ورائحة الخطر تحيطها رغم أن تمام نفسه ليس مصدرا للخطر ولكنها تعرف أن أبيه لن يمرر لها ما فعلته،تقدم تمام خطوتين حتى وقف أمامها وهو يحمل عمار قائلا بعينين لامعتين بالغضب:"كنتِ تظنين أنكِ ستهربين به العمر كله؟"
أردفت بصوتِ هارب منها:"تَمّام أنت تعرف السبب تمام المعرفة أنا فقط نجوت بابني ولم أقصد شيء آخر"
قال وهو يجز على أسنانه بغيظ:"لو كنتِ استخدمتِ عقلك هذا لكان أرشدكِ أن تخبريني بكل شيء وأنا كنت حللت الأمر لا تهربي بالولد،نظر حوله إلى المكان المتواضع قائلا :وتجلسين به هنا وتحرميه من الحياة التي سيحياها ببيت جده وأعمامه"
قارعته قائلة:"الأهم من الحياة الرغدة عندي ابني وأنت تعرف ما كان سيفعله أبوك بي وبأخي"
قال بحدة:"لو كنتِ قلتِ لي كنت سأمنعه"
قالت بنظرة ساخرة:"أبوك لا أحد يمنعه عن فعل شيء"
كان معتصم يقف خارج البيت ينظر إليهما عبر الباب المفتوح ولا يسمع حوارهما يستند بظهره على الحائط ويشرب سيجارة منتظرا انتهاء جدالهما...
قالت نسرين وهي ترى تَمّام أمامها يتمسك بالصغير وخلفه معتصم :"المهم ماذا تريد الان ؟ ستأخذ مني ابني رغما عني؟"
قال بإقرار:"ستأتين معي أنتِ وهو لأن أبي مريض منذ رحيل عمار ودواؤه في رؤيته"
قالت بشك:"مريض أم تقول لي هكذا لتستدر عطفي؟"
ابتسم ساخرا وقال:"وهل تظني أنني بحاجة لاستدرار عطفك تجاه أبي؟ ثم تمتم مٌقرا بالحقيقة التي توقنها:وإن لم يكن مريضا ففي كل الأحوال سيريد الولد"
كان يشعر بالغيظ منها لانها تسببت في حزنه وحيرته لليالِ طويلة حتى أنه يأس وظن أنه لن يجدها وفي نفس الوقت يشعر بالتعاطف معها وهي تقف هكذا أمامه ترتجف أطرافها رغم ادعائها الثبات وقد نحف جسدها كثيرا عن ذي قبل
فأردف أخيرا:"أين اسلام؟ ستعودون معي وأتعهد لكِ الا يمسك أي سوء ثم أردف بنبرة مسيطرة:ستكونين زوجتي على سنة الله ورسوله ولن يستطع أي شخص أن يدوس لكِ على طرف"
ارتجفت شفتيها وتوترت فوق توترها توترا وأردفت وهي تفرك كفيها :"ومن قال لك أنني أريد الزواج بك؟ لم تتحدث كأنني ليس لي رأي وما إن تقول لي سأتزوجك سأوافق؟"
نظر بعينيه يمينا ويسارا وهو لايزال يحتضن الولد بتملك ثم أردف بتعجب:"لا حول ولا قوة الا بالله ما بهم النساء يقلن الشيء ويتصرفن بعكسه أنسيتِ رسالتكِ المؤثرة لي يوم هربك يا ابنة الحلال التي شرحتِ بها مشاعرك كلها مالذي جد؟"
فغرت شفتيها واتسعت عينيها وهي تتذكر الرسالة التي أرسلتها له تعترف بحبها وهي تظن أن الوجوه لن تتلاقى ثانية وقتها كانت تتمنى أن تترك بداخله ذكرى حلوة لها فأشاحت بوجهها بعيدا قائلة:"أي رسالة هذه لم أكتب شيء ...هاتفي ضاع يومها ربما من وجده هو من أرسلها"
قال ساخرا:"من وجدها يعرف العائلة كلها بالاسم ويعرف خفايانا؟ حسنا سأصدقك،ثم زفر قائلا وهو يقترب منها خطوة واحدة:تعالي معي نسرين برضاكِ ولن تندمي أبدا سأتزوجك وتعيشين معززة مكرمة ويعيش عمار الحياة التي يستحقها،مسد على جسد الصغير الذي استطال كثيرا ونحف: لن تستطيعي أن تعوضيه عما سيفقده بحياته معنا ولن نستطيع أن نعوضه بحنانك وحبك ورعايتك إن غبتِ عنه"
قالت بتردد:"أنت تريدني زوجة من أجل عمار فقط أليس كذلك؟"
قال بنظرة صادقة وهي التي اعتادت منه دائما على الصدق والوضوح:"تصدقيني إن قلت لكِ أنكما مرتبطان ببعضكما بشكل معقد أنا أريدك من أجله ولو لم يكن من أجله سيكون من أجلك أنا أريدكما معا نسرين "
ظل التردد يأخذها أقصى اليمين والميل له يقصيها أقصى اليسار إلى أن خرج اسلام من الحمام وحين رآه أردف بعينين متسعتين وصوت عال متوتر:"ماذا يحدث هنا؟"
بعد قليل
بمدخل البيت الصغير كان يجلس معتصم وتمام مع اسلام ونسرين وانضم إلى الجلسة الخالة عواطف وزوجها بعد أن شعرا بوجود أغراب ببيت نسرين..وبعد أن وضح تمام نيته للجميع قالت الخالة عواطف بشك:"ومن أدرانا أنكما صادقان ولن يمسها سوء كما كان والدك ينوي؟"
رد تمام بسرعة:"أبي حقا مريض ولم يعد به صحة لفعل شيء إلى جانب أنها ستصبح زوجتي وهذا بحد ذاته ضمانة لأمانها عندنا"
قال زوج الخالة عواطف بشك:"والتي ستصبح زوجتك ألم يكن من المفترض أن يأتي والدك ليطلبها لا تأخذها أنت هكذا؟"
رد معتصم هذه المرة قائلا:"والده مريض وطريح الفراش ولا يقوى على السفر يا حاج"
قال اسلام وهو يشعر بضغط معتصم وتمام عليه ولا يعرف هل يصدقهما ويعطيهما الأمان أم لا:"صراحة لا أجد شيء يدعوني للتصديق بعد ما حدث"
فأردف معتصم بجدية:"لماذا اسلام؟أنت بنفسك ستكون معها كما تعهد تمام ثم أننا لسنا بغابة إن داس لك أحد على طرف تستطيع أخذ حقك"
قالت الخالة عواطف بجدية وتعقل وهي تنظر إلى نسرين:"فكرة الزواج بحد ذاتها أنا أوافق عليها فليس من المنطقي أن تظلي دون رجل في عمرك هذا ولن تجدي لابنك أحن من عمه..ثم نظرت إلى معتصم مرددة:ولكننا نريد الأمان"
قال معتصم بثقة:"اقنعيها هي واسلام يأتيان معنا يا خالة وإن أردتما أن تأتيان معنا لتطمئنا تفضلا وأنا أعدك أن كل ما قلناه سيكون حقيقة"
قال زوجها:"اليوم لن أستطيع ربما بعد يومين"
رد معتصم:"تنيرنا بعد يومين خذ العنوان بنفسك من اسلام وإن أتيت ولم تجدهما أو رأيت أن سوءا أصابهما اتجه إلى أقرب قسم شرطة وحرر بلاغا"
نظرت المرأة وزوجها إلى معتصم الذي يتحدث برزانة وثقة وتمام الذي يبدو عليه أنه شخص مٌسالم وكلاهما يبدو عليه أنه من أسرة محترمة ولهما مكانة فكان الأقرب للمنطق اقناع نسرين واسلام بالذهاب معهما وإن صدقا كما يبدو عليهما ستعيش هذه الفتاة وابنها وأخاها حياة أفضل بكثير من حياتهم هنا
بعد ساعتين
كان معتصم يقطع الطريق عائدا إلى المحافظة وبجواره تمام الذي يحمل عمار بين يديه وبالخلف نسرين واسلام والأولى تنظر إلى الطريق الزراعي وبداخلها خوف من خطوتها هذه وأمل ينمو بأن القادم سيكون أفضل فبعد حديث تمام وأخاه وجدت نفسها تميل للعودة رغم خوفها ولم يكن أمامها سوى المغامرة فحياتها كالعادة ليست بأفضل حال لتتمسك بالبقاء ووعد تمام يدوي بأذنيها يمنيها بحياة قادمة هانئة

نهاية الفصل

يتبع بالختام في المشاركة التالية مباشرة


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-03-22, 08:25 PM   #1782

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الخاتمة


*******

موت وحياة ...فراق ولقاء...رحيل وعودة...ألم وأمل هكذا هي الحياة
كان راشد يجلس بحديقة منزله بصحبة يمنة وكامل ينتظر حضور تمام وعمار ولا يستطع دخول البيت من فرط توتره وحين فتح تمام بوابة البيت ودلف وهو يحمل عمار وخلفه اسلام ونسرين اتسعت عيني راشد فأنزل تمام عمار أرضا حتى يٌسعِد قلب أبيه برؤيته وهو يسير على قدميه وكلما اقترب عمار الذي يمسك بيد عمه كان يتجسد في عيني راشد كأنه رماح وحين دنا منه حمله تمام ووضعه بحضن أبيه قائلا:"ها هو عمار أحضرته كما وعدتك"
فاحتضنه راشد بقوة وسالت دموعه رغما عنه وتأثر الجميع بهذا المشهد ودمعت عيني يمنة
أما نسرين فكانت تسير ببطء يختلج قلبها خوفا وهي تتذكر تفاصيل أخر مرة غادرت فيها البيت،وقفت على بعد خطوات من راشد وخلفها شقيقها الذي لم يكن أقل منها توترا فالتفت تمام إليها قائلا:"تعالي نسرين "
فتقدمت الخطوتين الفاصلتين فأحاط معصمها بأنامله قائلاً بإقرار وهو ينظر إلى والديه:"سنعقد القران في أقرب وقت اليوم قبل غدا"
فينظر راشد إلى نسرين نظرة حانقة ولو تحمله قدماه لكان كسر عظامها على فعلتها فتبادله النظر بنظرة طويلة تحمل من المعاني الكثير ورغما عنها لم تتعاطف مع مرضه الذي يهد من جبروته وسطوته
******
كان حاتم قد نزل إلى عمله صباحا وفي طريقه أخذ فرح إلى حضانتها بينما كانت زهراء بالبيت ترتبه قبل أن تذهب إلى والدتها وحين نزلت إلى بيت حماتها وجدت الأخيرة تقف بمفردها تطهو الطعام بينما مريم تحمل الصغيرة الباكية تدور بها في أرجاء البيت فقالت ل-ليلة:"دعيني أساعدك ماما ماذا تريدين؟"
نظرت ليلة إلى حالة الفوضى المحيطة بها قائلة :"أنتِ ترتدين ملابسك وستنزلين لا أريد أن أعطلك"
ثنت زهراء كمي بلوزتها وسحبت مريول المطبخ قائلة:"لا عليكِ لن آخذ وقت بإذن الله"
ووقفت تساعد ليلة يد بيد وقد اعتادت عليهم كثيرا واعتادوا عليها وتحفز ليلة تجاه زهراء بدأ يتضائل وهي ترى سعادة حاتم أمام عينيها ....
حين انتهت زهراء نزلت من البيت متجهة إلى أمها التي تصمم على البقاء بالشقة ببيت الشيخ عزت وترفض الانتقال للعيش معها رغم أن حاتم حدثها أكثر من مرة فأصبحت زهراء تذهب إليها لتراعيها في الأيام التي لا تذهب بها إلى المطعم
دلفت زهراء إلى الحي بعد أن سارت على قدميها من بيتها حتى وصلت وهي تستمتع بالمشي بمفردها كلما جائت إلى أمها فسمعت من يُنادي عليها:"استاذة فاطمة"
نظرت خلفها فكان صاحب السوبر ماركت المواجه لبيت أبيها الذي هُدِم فأردف الرجل:"هناك خطاب جاء باسمك بالأمس"
تمتمت بتساؤل وهي تقترب منه:"مِن مَن؟"
قال وهو يمد يده بالظرف:"لا أعرف"
وحين دخلت إلى بيت أمها لم تستطع التعامل بهدوء مع الخطاب خاصة وقد تبين أنه من الدولة التي بها هاشم شقيقها فقالت لأمها بانفعال وهي تقطع الظرف وتُخرِج الخطاب:"رسالة من هاشم أمي "
فاتسعت عيني أمها وامتلئتا بالدموع وغص حلقها أما زهراء فجالت عيناها على حروف كلماته وأمها من قبل أن تسمع كلمة سالت دموع حارقة على وجنتيها فتمتمت زهراء بصوت مهزوز:
"أمي الحبيبة...أختي الحبيبة أعرف أن الحنق مني سيكون أكثر من الاشتياق لغيابي الذي طال ولكني حقا أشتاق اليكما بشدة... أشتاق إلى بلدي وبعادي لم يكن بيدي....ستتسائلين أمي مالذي منعني من التواصل طوال الفترة الماضية؟ويعز عليّ أن أقول لكِ أسبابي حتى لا يصيب قلبك الحزن ولكني سأقول لتلتمسي لي الأعذار...حين سافرت أمي كنت أبني آمالا كبيرة وأظن أنني ما إن أضع قدميّ هنا حتى أحققها ولكن صدمتي كانت كبيرة حين وجدت كل ما قيل لي محض خيال...لم أجد ما وُعدت أنني سأجده وجدت نفسي أبدء من تحت الصفر وأغسل الصحون تماما كما كنا نرى في الافلام ظللت لفترة طويلة متماسكا وأسعى ولكني لأسباب لا داعي لذكرها ظللت واقفا تحت الصفر لم أتزحزح ...لم يكن سهلا عليّ أن أرى نفسي هكذا ...لم يكن سهلا عليّ أن أترك أمي وشقيقتي اللتان وعدتهما أن سفري هو المنقذ لم يكن سهل عليّ أن أعجز عن ارسال أي نقود لكِ أمي وأنا أعرف الظروف... لقد بعتي ذهبك كله لأسافر استحييت أن أراسلك وأقول لكِ أن ما قدمتيه راح أدراج الرياح وأنني عوضا عن أن أعوضك عما أخذته أريد مال فنأيت بنفسي وحاولت العمل في أكثر من مجال ولم يحالفني الحظ بالكاد كنت أجني القليل ...يأست واكتئبت لفترة وكنت أعود وأنتكس حتى أصبحت أدور في دائرة مغلقة ...تسألينني مالذي جد وجعلني أراسلكما الآن؟ اشتقت اليكما حقا أمي وتسألينني لماذا لم أعود؟ في فترة حقا لم يكن معي ثمن تذكرة العودة أما الآن فأشعر بالخزي أن أعود بعد هذه السنوات خالي الوفاض سأحزن أكثر أمي إن عدت بعد هذه السنوات أحمل الفشل والخيبة، أمامي محاولة أخيرة ربما نجحت هذه المرة تسألينني وإن فشلت ؟ لا أعرف ...لا أعرف إن فشلت سأستطيع العودة أم لا فادعي لي كثيرا بأن يرزقني الله بما أتمنى"
حين انتهت زهراء من قراءة الخطاب كانت دموعها تُغرِق وجهها تماما كأمها وأم هاشم تتمتم بصوت متحشرج:"لماذا يا هاشم لماذا بني تفعل بي هذا هل أنا بسن يسمح لي بفراقك وكم بقى من عمري حتى تغيب عني بالسنوات هكذا؟"
احتضنتها زهراء وربتت على كفها قائلة بانفعال:"اهدئي أمي ولنحمد الله على أنه حي يرزق..."
ولكن لوعة قلب الأم لم تهدأ وقد فتح عليها خطابه بابا للأمل والألم على حد سواء....
ظلت زهراء ترافق أمها طوال اليوم لسوء حالتها وأخبرت حاتم الذي مر على فرح وأخذها من الحضانة وجاء اليهما ببيت أم هاشم وصمم ولم يدع لها مجالا للرفض بأن تأتي معهما إلى البيت لعدة أيام على الأقل حتى تهدأ نفسيا
******
كان سعد يقف في محل الجزارة يتابع عمله حين أتاه أحد أبناء الشارع الواقع به بنايته قائلا بلهاث:"الحق يا معلم سعد هناك أشخاص يسألون عنك عند البناية ويقولون أن لديهم أمر بإزالتها"
اتسعت عيناه بدهشة سرعان ما تحولت إلى غضب وهو يضرب الساطور الممسك به على سطح المنضدة الخشبية قائلا بانفعال:"من هذا الذي يهدمها؟من يفكر في هدمها هدمته"
بعد قليل
كان سعد قد قطع الطريق بين محل الجزارة والبناية جريا وحين وصل وجد بالفعل تجمع كبير أمام بنايته اخترقه ببنيته القوية وأردف وهو يقف في مواجهة مجموعة رجال يبدو أنهم من أصحاب السلطة:"ماذا بها بنايتي؟بنايتي ليس بها أي شيء مخالف "
فقال له أحد الرجال بحزم:"المشكلة ليست ببنايتك ثم أشار إلى صف البنايات المجاورة قائلا:كل هذه البنايات هناك أمربإزالتهم لبناء كوبري محوري جديد يصل المحافظة بالعاصمة"
قال بانفعال:"مالي أنا بالمحافظة ومالي بالطرق والمحاور؟"
فقال له آخر بصرامة:"نحن لا نأخذ رأيك نحن نخطرك ونعطي الجميع مهلة للاخلاء وجميع من له شقة بهذا المكان سيأخذ بدلا منها تعويضا ماديا أو شقة في أفضل الأحياء الجديدة التي أنشاتها الدولة"
نظر حوله وصاح بحدة وانفعال وهو ينظر إلى البنايات القديمة:"جميع من هنا سيسعدهم أن ينتقلوا إلى المكان الذي تقول عنه أما أنا واشار على بنيانه الذي على وارتفع قائلا بجنون:أنا من يعوضني عن هذا ؟لقد بنيت بناءا يعيش العمر كله يرثه أبنائي ويورثونه لأبنائهم،لن يعوضني أحد عما وضعته بهذه البناية ثم ضرب على صدره القوي بعنف قائلا :لقد وضعت بهذه البناية شقاء عمري كله"
وجد الرجال أنه بدأ يهذي فتركوه متجهين إلى باقي البنايات ليتفاوضوا مع أصحابها فقرار الاخلاء يجب أن يتم بأقصى سرعة بناءا على توجيهات جهاز المدينة
خرجت زهراء مع حاتم الذي يحمل الصغيرة بينما تسند زهراء أمها المتأثرة نفسيا بشدة بعد خطاب ابنها وحين لمحوا الجلبة توقفوا قليلا وكان الشيخ عزت يٌقبل عليهم فأردفت زهراء:"ماذا هناك يا شيخ عزت؟"
قال الرجل بعد زفرة قصيرة:"جاء قرار ازالة لجميع البنايات المقابلة لنا لانشاء كوبري جديد ومنهم طبعا بناية سعد ومن وقتها وهو يصيح هكذا"
اتسعت عيناها غير مصدقة وغمغمت بقلق:"والبناية هنا ما وضعها؟"
قال بثقة:"لا هذه الجهة ليس بها مشكلة الجهة الاخرى فقط من جاءها القرار حظهم أن يتم انشاء الكوبري بهذه الجهة"
قال حاتم وهو لايروق له الحديث عن سعد هذا :"الحمد لله يا شيخ عزت نستأذنك نحن هل تريد أي شيء؟"
قال الرجل وهو يودعهم:"أريدكم بخير وسلامة "
استقل حاتم سيارته بعد أن ركبت زهراء وأمها وابنتها وانطلق بها مغادرا الحي...
*******
منذ تلك اللحظة التي شعرت فيها بملمس أنامله على معصمها وشعور بالأمان المفقود غمرها...شعرت من قوة أنامله وقتها أنه يثبت قواعدها بهذا البيت ولمدة أيام يتم فيها تجهيز شقة الزوجية ونسرين تشعر أنها في حُلم ...
يمنة لم تحتك بها ولم تقل لها ما يسؤها وكذلك كامل ومالك ...
فقط نظرات راشد التي تأكلها وهي تشعر به يلجم نفسه عنها بصعوبة وعجزه لا يساعده ...كانت تنظر إلى الأثاث الذي يتم وضعه بشقة تمام ولا تصدق أنه لها وكلما وضعت رأسها على الوسادة في يوم تشعر انها حين تصحو ستجد كل هذا حلم وتجد نفسها بالبيت النائي بالمحافظة البعيدة
أيام معدودة مرت إلى أن تم عقد القران بمندرة بيت راشد بحضور أهل البلدة وأخوال تمام وبالبيت توافدت النساء لرؤية عروس تمام وهي لا يستوعب عقلها الأمر فتجلس بينهن بذهن شارد ورغم عنها شيء من الخوف يغزو قلبها ...
وبعد أن انفض الجمع وهم تمام بالصعود بزوجته وعمار إلى الأعلى استوقفه كامل أمام باب البيت قائلا باهتمام:"على ماذا تنوي تمام؟"
قال تمام بعدم فهم:"ماذا تقصد بالضبط ؟"
قال بخفوت:"هل تزوجتها فقط من أجل عمار وستفعل كما قال أبي وتتزوج غيرها؟"
ابتسم تمام قائلا:"لا طبعا أنا سايرته فقط حتى يتم الأمر ولكني لن أفعلها"
رفع كامل حاجبا واحدا قائلا:"وإن ألح عليك لفعلها ماذا ستفعل؟"
قال تمام متهكما:"وقتها أقول له أنني بالكاد أقدر على واحدة وأن الصحة لم تعد بالإمكان"
فقهقه كلاهما ضاحكين وجاء مالك ووقف بينهما قائلا بفضول:"على ماذا تضحكان؟"
فقال تمام وهو يبتعد بالفعل عنهما داخلا البيت:"أكملا أنتما الحوار أنا لست متفرغا لكما"
فابتسم كلاهما بخبث وهما يغمغمان بكلمات لم يتحرى تمام معناها وهو يدخل بالفعل فيجد أمه ونسرين تجلسان والأخيرة يبدو توترها بعينيها فأردف :"أين عمار؟"
قالت أمه وهي تشير بعينيها جهة غرفة راشد:"مع جده"
فقال تمام:"حسنا أمي ..إن بكى ليلا اتصلي بي أنزل وآخذه..ثم قال لنسرين :هيا نسرين"
رفعت عينيها إليه فكان وسيما جذابا بحلة سوداء على عكس بياض فستانها الهاديء البسيط فالتقت العيون لثوان قبل أن تقول بهدوء حذر:"أريد عمار معي "
كان يُقدر مدى خوفها على ابنها وأنها لن تعطي لأبيه الأمان المطلق حتى رغم عجزه فابتسم قائلا :"حسنا نسرين"
كان عمار قد غفى بصحبة جده الذي ملأ غرفته بلعب الأطفال القيمة ليجذبه إليه بعد أن كان بالفعل قد نساه فحمله تمام بهدوء من فوق ذراع أبيه الذي همهم قائلا:"إلى أين ستأخذه؟"
فأردف تمام :"سينام ليلا مع أمه أبي وفي الصباح نحضره لك لا تقلق"
قالها ثم خرج بالصغير إلى الخارج وحين دلف من باب شقته يحمل الصغير وأغلق الباب أردف بحبور لزوجته:"أنرتِ بيتك "
التفتت حولها تنظر إلى البيت بأثاثه الأنيق وتنظر إلى تمام الذي يقف أمامها بأبهى صورة وابنها الذي ينام فوق كتف عمه ورغما عنها تمر أمام عينيها صورا متفرقة لشقتها القديمة التي أحضرها رماح فتكتشف بعدها انها وهما والبيت الذي عاشت فيه طوال الشهور الماضية وكيف كان الخوف يلازمها فاقترب منها قائلا وهو يرى نظرة التيه بعينيها:"ماذا بكِ لم تنظرين حولك هكذا؟"
ابتسمت ابتسامة صغيرة قائلة:"هل تعرف أنني لم أشعر يوما بانتماء لأي بيت سكنته كنت دائما ضيفة "
لامس أناملها بأنامله فبث بها شعور بالأمان المفقود وأردف:"من اليوم وهذا البيت بيتك ...مملكتك التي تتصرفين بها كيفما شئتِ ..من اليوم لن تكوني ضيفة على أحد فقد أصبحتِ صاحبة بيت"
أخذت نفسا عميقا وملامح وجهها قد عاد إليها سكونها ونظرة الخوف تحولت إلى اطمئنان فأردف وهو يشير إلى الرواق :"تعالي لنبدل ملابسنا"
شعرت بالحرج ولكنها سارت معه إلى غرفة النوم فوضع عمار في فراشه بحجرة صغيرة مُلحقة بحجرة نومهما وعاد إليها فوجدها قد جلست على طرفه وهي تمسد عليه فرفعت عينيها إليه قائلة بتعب:"هل تعرف ما أكثر شيء يلح عليّ الآن؟"
جلس بجوارها وهو ينزع رابطة عنقه ويلقيها فوق الفراش قائلا:"ما هو؟"
قالت وهي تُسبِل جفنيها:"أن أنام ... طوال الأشهر الماضية لم أنم جيدا، في كل مرة كنت أضع بها رأسي فوق الوسادة كنت أشعر بالخوف أن يصل إليّ والدك ويأخذ مني عمار... وفي الأيام الماضية هنا أصابني التوتر والخوف والقلق ...ثم نظرت إلى الحجرة التي تشعر بالاطمئنان النسبي بها وإلى عيني تمام اللتين تشعان حنانا ودفئا قائلة:والآن فعلا أريد النوم"
ابتسم قائلا بنظرة خاصة:"وأنا جائع"
انتبهت وبدى الاهتمام بعينيها قائلة:"الطعام موجود بالمطبخ عمتي يمنة قالت أنها وضعت الطعام الذي أعدته والطعام الذي أحضرته الخالة عواطف معها بالمطبخ سأسخنه حالا"
استقامت واقفة فابتسم وهو يجذبها من معصمها برفق فتعود للجلوس بجواره وتمتم بنظرة شديدة الاحتياج:"لا أريد طعاما"
ضغطت شفتيها ببعضهما ولاذت بالصمت فتولى هو الدفة وأكل وشرب وشبع أما هي فلأول مرة منذ فترة طويلة لا تشعر بالخوف والقلق بل تشعر بالراحة والسكينة فغاصت في الفراش الوثير وغطت في نوم عميق
******
بعد مرور أسابيع قليلة
كانت أم هاشم قد تحسنت حالتها وصممت أن تعود إلى شقتها بعد أن مكثت عند زهراء هذه الفترة وشعرت بالحرج الشديد رغم حفاوة زوج ابنتها وأهله... وحين وصلت سيارة حاتم إلى الحي ونزلت منها زهراء مع أمها اتسعت أعينهما وهما ينظران إلى الشارع الذي اتسع فجأة وقد أزيلت منه بالفعل كل البنايات المُقابلة وانتقل اصحابها إلى المدينة الجديدة القريبة جدا من المحافظة فأصبحت بناية الشيخ عزت والبنايات المجاورة تطل على الشارع الرئيسي مباشرة الذي بدأ به العمل الفعلي بالكوبري....
شعرت زهراء بارتفاع بدقات قلبها وهي ترى بعينيها هذا المشهد فقطع عليها هي وأمها شرودهما صوت حاتم الذي قال:"هيا زهراء لأوصلك للمطعم في طريقي"
انتبهت قائلة :"حسنا سأٌدخِل أمي فقط إلى شقتها "
وحين دلفت إلى مدخل البناية وجدت زوجة الشيخ عزت تفتح باب شقتها فتقدمت المرأة حين رأتهما لتصافحهما ثم اردفت :"هل رأيتما ما أصبح عليه الشارع؟"
قالت أم هاشم :"نعم "
فقالت المرأة لزهراء بنظرة شامتة:"وهل سمعتي ما حدث لسعد؟"
فقالت زهراء وهي حقا لا تشعر بأي رغبة في تتبع أخبار سعد ولا الشماتة به:"لا أريد أن أعرف خالتي حاتم ينتظرني بالخارج"
فأردفت المرأة:"اذهبي أنتِ لزوجك ثم أردفت لأم هاشم بنظرة خاصة:وأنتِ تعالي لأحكي لكِ كل ما حدث بالشارع في غيابك"
فدلفت معها أم هاشم إلى شقتها وغادرت زهراء لتلحق بعملها الذي أصبحت تقضي به أحلى أوقاتها إلى جانب أوقاتها الحلوة بصحبة حاتم.
*******
توقف معتصم بالسيارة أمام المركز التعليمي المشترك بين عنان ووالده والذي افتتحاه منذ عدة أشهر،بدأ الأمر برغبة عنان بافتتاح مشروعها الذي تحمس له محمود ورأى به شبه بمشروعه الذي تركه بالمملكة ورحبت عنان بالشراكة وأضاف محمود العلوم الشرعية إلى المركز فأصبح متكاملا
نظر معتصم إلى عنان قائلا بضيق:"أنا لا أرى داع لنزولك وأنتِ هكذا"
قالت بحاجب مرفوع وهي تمسد على بطنها المنتفخة:"ماذا تعني ب هكذا هذه؟"
قال مبتسما:"حامل عنان ولن تتحملي الاجهاد"
قالت بملامح مسترخية:"لا يسبب لي الأمر اجهادا فعمي محمود وعمتي نوارة يتحملان الجزء الأكبر كما أنني لا آتي كل يوم"
قال بيأس:"حسنا عنان كما تريدين"
نزل من السيارة ونزلت هي الأخرى ليوصلها إلى الداخل وأمام المركز المكتوب على واجهته (دار أبوبكر التعليمي) كان محمود يستقبل عنان بابتسامة حلوة قائلا:"أهلا يا ابنتي"
صافحته قائلة:"أهلا عمي"
وصافحه معتصم قائلا:"أهلا أبي ثم نظر في ساعته قائلا:تأخرت على العمل حين آتي بإذن الله سأمر عليك"
فقال محمود:"في انتظارك حبيبي "
تركهما معتصم ورحل ودلفت هي للداخل تطمئن على الفصول وعمل المعلمات بها وكان يتفقدهم معها محمود الذي قال بلهفة حين دخلا إلى غرفة الادارة:"كم تبقى أمامك عنان على الولادة؟"
ابتسمت قائلة:"أشهر قليلة ربما شهرين أو أقل"
قال بحماس:"على خير يارب"
وبداخله لهفة على رؤية ما في بطنها وهو يشعر أن الله يكافئه على صبره ويعوضه عن فراق ابنه فيهديه عمرا ثانيا من بدايته وما لم يفعله مع معتصم يفعله مع أبنائه.
********
كانت يسر على وشك الولادة بأي وقت وكانت تقضي أيامها الأخيرة قبل الولادة ببيت أبيها ومعها يحيى الذي كان يذهب إلى عمله ويعود إليها مرة أخرى
كانت تجلس في غرفة المعيشة مع مريم و زهراء والصغار يلعبون بالجوار حين أتتها بعض الآلام فأردفت بوجه متغضن:"أنا أشعر بانقباضات مريم"
قالت مريم بشك:"كالتي تأتيكِ كل عدة أيام أم أشد؟"
قالت وهي تأخذ أنفاسها بصعوبة:"لا أشد "
قالت زهراء بترقب:"نذهب إلى الطبيب أفضل في كل الأحوال هذه أيام ولادتك "
هدأ الألم قليلا فأردفت وهي تسترخي بمكانها:"لا لا هدأ الألم ... لم تكد تتمها حتى صرخت قائلة:اااااه"
*******
كان يحيى يقف في المشفى خارج غرفة العمليات بصحبة عمه وزوجته ويوسف وحاتم وزوجاتهم ينظرون جميعهم عبر الزجاج الشفاف إلى الصغير الذي يهتم به الاطباء عقب ولادته وقلب يحيى يهفو إلى لمسه،دقائق قليلة وخرجت يسر ومعها الصغير فأخذه يحيى من المٌمرضة وضمه إليه برفق كمن يحمل كنزا ثمينا وبغرفة يسر كانت هي مستلقية في الفراش وبجوارها يحيى الذي ينظر إلى الصغير لا يصدق نفسه فقربه منها قائلا بصوت متحشرج:"انظري يسر كم هو جميل ...ثم اردف بضحكة واسعة:يشبه من؟"
قالت ليلة :"لن تظهر ملامح الآن يحيى "
وقال صالح برفق وهو يقترب منه:"اعطني الولد يحيى لأكبر له وأعيده لك ثانية"
انتبه يحيى أنه منذ استلم الصغير ولم يعطيه لأحد فأعطاه لعمه الذي كبر له في أذنيه ....دقائق قليلة وقبل أن يعطي صالح الطفل لأبويه دلف زكريا ونعمة وكلاهما يبدو اللهف بعينيه فأسرعت نعمة نحو صالح قائلة:"اعطني أياه "
أعطاه لها فأخذت تقبل الصغير من رأسه ووجهه ويديه ودموعها على وجهها فكان الجميع ينظر إليها بتأثر فأردف زكريا بتأثر وصوت مختنق بالبكاء:"اعطني الولد منذ أن دخلنا وأنتِ لا تتركينه"
فقالت بحنق:"لم أشبع منه بعد"
فأردف بانفعال:"أحمله فقط وأعيده لكِ"
فأعطته له على مضض فأخذه زكريا وسالت دمعتان عزيزتان من عينيه تأثرا وهو يرى أمنيته تتحقق أمام عينيه فظل الجميع ينظرون إليه بتأثر ويحمدون الله على نعمته.
بعد قليل
بصعوبة خرج الجميع خارج الغرفة لترضع يسر الصغير وتبدل ملابسها وظل فقط معها يحيى الذي جلس بجوارها بعد أن بدلت ملابسها وجلست بالفراش لترضعه فأعطاه لها فظلت تنظر إليه باشتياق وقربته من وجهها فقبلت ما بين عينيه قائلة بنبرة حانية:"اشتقت إليك حبيبي منذ زمن"
ضمها يحيى بذراعيه برفق مقبلا رأسها وكان بينهما الصغير فمال على رأسه وقبله هو الآخر قائلا بنبرة من سار طويلا وتعب كثيرا ووصل أخيرا:"مبارك علينا يسر بارك الله لنا فيه وجعله نبتة صالحة"
*******
صباح اليوم التالي
خرجت يسر من المشفى وكانت غالية شديدة الشوق لرؤية الولد فعاد الجميع على البلدة لتقر غالية عينيها برؤية الصغير،دخل يحيى أولا وهو يحمل ابنه في لفافة زرقاء اللون والجميع خلفه فأسرع نحو غالية التي تجلس ببهو البيت تنتظر وصولهم فوضع الصغير في حجرها قائلا بسعادة:"أخيرا جاءكِ الحفيد أمي"
فتنظر إلى الصغير بعينين دامعتين قائلة:"اللهم لك الحمد ظننت أنني لن أرى هذا اليوم"
قال وهو يجلس بجوارها والجميع يلتف حولها:"بارك الله في عمرك لتري أبنائه"
فتقول بعينين متأثرتين غائرتين:"بالأمس فقط صحى جدك عمران من نومه يقول رأيت بشرى بميلاد ابن لزكريا اسمه يحيى واليوم يحيى أرى ابنك ولكن جدك عمران ليس موجودا"
سالت دموع عينيها فأردف يحيى بتأثر:"من قال ليس موجود ها هو بين يديكِ ... عمران يحيى زكريا عمران "
نظرت إليه وسالت دموعها قائلة بحشرجة:"أسميته عمران؟"
قال بابتسامة حلوة:"لا اسم عمران ولا نسله سينقطعان بإذن الله أمي"
اقتربت يسر من جدتها فاحتضنتها غالية بقوة ولم تجد كلمات بل سالت دموعها تأثرا باللحظة...
*******
كان يونس يجلس بشقته هو وزوجته حين سمعا جلبة بالأسفل فأردف يونس بصوت خافت وهو يربت على الصغير الغافي في حجره:"ما هذه الجلبة؟"
قالت حليمة وهي تمسد على شعر الصغير:"غالبا أتت يسر من المشفى سأنزل لأرى"
قال مبتسما وهو ينظر إلى الصغير ذو الوجه الملائكي:"هذا الولد لا أستطيع فراقه لا أعرف ماذا سأفعل حين يرحل مع ابويه"
قالت ضاحكة:"قريبا تلد عنان بإذن الله والحمد لله أنها معنا بنفس البيت"
تذكر يوم ولادة وصال منذ أسابيع قليلة حين دلف إلى المشفى بعد ولادتها مباشرة...لن ينسى تلك اللحظة بعد أن اطمئن على ابنته فاقترب منه طارق قائلا ببشاشة:"تفضل يا حاج يونس احمل يونس الصغير"
نظر إلى طارق بدهشة قائلا بتأثر وهو يأخذ الصغير:"أسميتموه يونس؟"
قال طارق بابتسامته الحلوة:"وهل سنجد له أجمل من اسم جده"
.........
قالت له حليمة وهي تلاحظ أن الصغير بدأ يتذمر وربما يكون جائعا:"اعطني يونس أدخله لأمه ترضعه"
قال باهتمام:"كيف حالها الان لقد شعرت بالخوف عليها بعد تعبها الأخير"
قالت:"لا تقلق هي بخير وزوجها بجوارها"
تنهد قائلا:"سبحان الله لا يحبون انجاب الإناث ويحبون الذكور وها هن الاناث يأتون بأزواج كالورد أشعر كأنهم أبنائي ويأتون بأحفاد كأنهم قطعة مني"
قالت ببشاشة:"بارك الله لنا بالبنات وبأزواجهن وأولادهن ياااارب"
.....
وبداخل غرفتها كانت وصال للتو قد فتحت عينيها وكان طارق بجوارها ينهي بعض أعماله على الهاتف،ترك هاتفه ومال قليلا عليها قائلا باهتمام:"كيف الحال الآن؟"
قالت بابتسامة صغيرة:"بخير حبيبي ،أين يونس؟"
قال بابتسامة صغيرة:"مع جديه بالخارج"
قالت وهي لا تزال تشعر بوهن بجسدها:"أريد أن اتحرك قليلا مللت من الرقاد"
قال وهو يمسد بسبابته فوق وجنتها:"الطبيب بالفعل قال الحركة ستكون أفضل لكِ"
قالت :"ما رأيك أن ننزل الحديقة أريد أن أشم هواءا نظيفا "
قال مبتسما:"ننزل الحديقة... ثم أردف بنظرة خاصة:حمدا لله على سلامتك وصال قلقت عليكِ جدا أثناء تعبك بعد الولادة"
قالت بابتسامة صغيرة:"لا تقلق حبيبي أصبحت بخير"
فقبل يدها وهو يحمد الله على سلامتها فقد أقلقتهم جميعا بسبب النزيف الذي أتاها بعد الولادة وأثر على صحتها لفترة
*******
بعد شهر
كانت عنان قد أخذت للتو حمامها وخرجت إلى غرفة المعيشة ترتدي منامة قطنية مريحة فجلست بجوار معتصم على الأريكة وتأوهت ما إن جلست فأردف بقلق:"ماذا بكِ حبيبتي؟يؤلمكِ شيء؟"
قالت بسخرية بينما نظرة العينين متألمة:"يؤلمني كلي معتصم"
تناول يديها مقبلا كلتاهما ثم أردف بجدية:"بإذن الله تقومين بألف سلامة ولا تفكري بحمل مرة أخرى"
استنكرت قائلة:"لم تقول هذا؟"
قال بنظرة خاصة:"تعبتِ جدا هذه الفترة عنان"
فقالت بابتسامة واهنة:"هانت كلها أيام قليلة"
ضمها يمسد على كتفيها وظهرها فأردفت وهي تستند بجبهتها على صدره:"لم نتفق بعد ماذا سنسميهما كل يومين باسم"
ابتسم قائلا:"قلت لكِ من البداية وأنتِ من تحيرين نفسك"
قالت وهي تبتعد قليلا لتواجهه:"أنت تريد أن تسمي احداهما باسمي وأنا لا أريد"
قال ضاحكا:"لماذا؟"
قالت بابتسامة حلوة:"أريد تغيير وتجديد"
قال بعد تفكير قصير:"حسنا سأتخلى عن الاسم مقابل أن أسميهما بصفتين تشيران إليكِ"
قالت وهي تتأمل ملامح وجهه الرجولية وتسبح في كل تفاصيلها:"أي صفتين"
قال بعينين يبدو بهما العشق جليا:"حبيبتي أنتِ وغاليتي فبناتي سيحملان صفاتك... حبيبة معتصم الرحماني وغالية معتصم الرحماني"
راق لها الاسمين فأردفت بابتسامة عذبة:"وغالية لأنني غالية أم من أجل ماما غالية؟"
ابتسم قائلا:"يمشي المعنيين معكِ؟"
قالت ضاحكة:"يمشي حبيبي"
بعد يومين
كانت عنان بحجرة العمليات بعد أن جائتها آلام الولادة ترقد على سرير الولادة وأمام عينيها ستارة تحجب عنها رؤية من أمامها وبجوارها مباشرة معتصم بعد أن رفضت دخول حجرة العمليات دونه...كان الطبيب ومساعدوه يعملان وهو يجلس بجوارها يشعر بتوترها ولم يكن توتره أقل منها فأردف وهو يمسح عرقا وهميا من فوق جبهتها:"هل تشعرين بشيء؟ هل تشعرين بأي ألم؟"
قالت وأنفاسها تعلو وتهبط بشكل ملحوظ:"لا أشعر بشيء ولكني خائفة"
قال مطمئنا اياها رغم خوفه:"بإذن الله ستقومين أنتِ وهما بألف سلام"
وبعد قليل شقت صرخة عالية الأجواء المشحونة فانتفض معتصم ليرى الطبيب يحمل جسد صغير يعقبه جسد أخر وهو ينظر فقط بانشداه لا يستوعب عقله المشهد ...عنان التي كانت حلم مستحيل ترقد بجواره لتضع مولوده
ابنتين منها تخترق صرخاتهما العالية أذنيه وهذه من الاساس كانت أمنية غالية لم يتمناها وقد أهداه الله الأصل فاستحى أن يطلب ما هو أكثر من ذلك
"تفضل سيدي البنتين قبل أن نأخذهما إلى الحضانة"
قاطعت شروده ودهشته الممرضة وهي تعطيه البنتين الملفوفتين كل منهما بلفافة بيضاء وتتلويان وتصرخان ...غص حلقه ولم يستطع النطق وهو ينظر إليهما ثم مد يديه فوضعتهما بين يديه وكانتا شديدتي الصغر فاستقرتا بين يديه فنظر إليهما مليا ،كانتا شديدتي البياض والجمال والصغر،تمتم بخفوتِ بالحمد والشكر لله ثم قربهما من عنان التي كانت دموعها تغرق وجهها وهي تنظر إلى عيني معتصم اللتين تعلقتا بوجهي البنتين وحين قربهما من وجهها طبعت قبلة صغيرة بشفتين مرتجفتين على وجنة كل منهما ثم أخذتهما الممرضات على الحضانة المجاورة لحجرة الولادة أما معتصم وعنان فغرقا في نظرة طويلة بعينين تملؤها الدموع
*******
في رحلة عودتهما من المشفى بعد يومين من الولادة كان محمود ونوارة يرافقان معتصم وعنان في السيارة بينما يونس وحليمة بسيارة أخرى ومعهما وصال ومودة وكل من محمود ونوارة يحمل صغيرة من الصغار
قال محمود وهو لا يستطيع رفع عينيه عن الصغيرة:"أوصلنا البيت حبيبي وأنتما عودا إلى بيتكما"
قال معتصم بجدية:"لماذا أبي تعالى أنت وخالتي معنا"
قال محمود بابتسامة حانية:"على عيني أن أبتعد عن الصغيرتين ولكن أنت تعرف لن أرتاح ثم أردف لعنان:أعرف يا ابنتي أنكِ مرهقة ولكن عديني ما إن تستطيعي حتى تحضري الصغيرتين إلى جدهما الذي تعلق بهما"
قالت عنان :"طبعا يا عمي وهل هذا يحتاج إلى كلام ستكونان عندك باستمرار وحين تتحسن صحتي وأعود إلى الدار ستكونان معي ومعك طوال اليوم"
قالت نوارة بابتسامة حلوة:"هذا أفضل خبر سمعته أنك ستحضرين بهما"
غمغم معتصم :"إن شاء الله تعودين إلى العمل حين يصبح عمرهما عام وأبي يدير المكان على أكمل وجه كما ترين"
اعترضت قائلة:"عام ؟ لماذا معتصم؟"
قال بجدية:"البنات تحتاج اهتمام ورعاية عنان "
قال محمود :"حين تتحسن صحتها تناقشا بالأمر بهدوء"
أوصلا محمود ونوارة إلى بيتهما وحين عادا هما إلى بيت عمران كان الجميع في انتظارهما فدخلت عنان تحمل بنت وخلفها معتصم يحمل الأخرى فكانت غالية تجلس وبجوارها يمنة فتقدم معتصم من غالية ووضع الصغيرة في حجرها قائلا:"غالية الصغيرة"
وأخذ البنت الثانية من عنان ووضعها بحجر يمنة قائلا:"وهذه حبيبة"
فنظرت كل منهما إلى الصغيرتين المتطابقتين شكلا وتمتمت غالية بصوت خرج من أعماق القلب :"بارك الله بهما "
كان الجميع يجلسون حول غالية فأردف يحيى الذي يحمل ابنه مشاكسا معتصم:"أنت بهذا تشاكسني"
قال معتصم وهو يجلس بجوار غالية وبجواره عنان:"لماذا؟"
قال يحيى مبتسما:"وجدتني وقد أسميت عمران فأسميت غالية لتصاهرني في المستقبل"
قهقه معتصم ضاحكا ثم قال:"بعينك "
فقال يحيى متهكما:"لماذا حبيبي وهل ستجد لابنتك أفضل من عمران؟"
فقال معتصم بنظرة عميقة:"لا طبعا لن أجد"
تجمعت كل النساء والبنات حول غالية ويمنة وعنان كلهن يردن رؤية البنات فجلس معتصم بجوار يحيى فأردف الأخير بخفوت وتأثر:"سبحان الله تبدأ الحياة في هذا البيت منذ ما يتجاوز الخمسون عام بغالية وعمران ليأتي جيل جديد وعمران وغالية صغار يستكملون المسيرة ويبدأون ثانية من البداية"
ابتسم معتصم قائلا وقد أثرت فيه كلمات يحيى:"بارك الله في غالية الكبيرة ورحم عمران الكبير وبارك لنا في كل الصغار...ثم مازحه قائلا:ولكن منذ متى نزل عليك العقل والحكمة هكذا؟"
ابتسم يحيى وهو يثبت عينيه بعيني صغيره بكل الحب الذي وضعه الله بقلبه:"منذ أن أصبحت أبا"
********
يوم سبوع حبيبة وغالية
كانت عنان طوال الليل تسهر بالبنتين هي ومعتصم إلى أن غفت لا تتذكر كيف وحين فتحت عينيها كانت بفراشها والنهار قد حل فنظرت حولها لتجد الغرفة هادئة..اعتدلت تنظر حولها تبحث عن البنتين وحين لم تجدهما أسرعت للخارج وبالغرفة التي كانت قديما خالية وبالشهر الماضي فقط تم فرشها بفراش وأثاث ودهانات تشبه غرف أميرات الحكايات وجدت معتصم راقدا في فراش وبجواره الصغيرتين غافيتين تماما فاقتربت بهدوء منهم وابتسمت بمحبة وهي ترى ملامحهما الملائكية وتحمد الله على نعمته ثم جلست بجوار معتصم تتأمل ملامحه المسترخية وابتسامة حلوة ترتسم فوق شفتيها وهي تتذكر فرحته بالبنات وملازمته لها منذ الولادة والاهتمام بكل ما يخصهن..فتح عينيه ليجدها بجواره تلامس بيدها يده فابتسم قائلا:"ماذا تفعلين؟"
قالت:"للتو صحوت..متى نمتم أنتم؟"
أردف ضاحكا:"ابنتيكِ لم تنم أي منهما إلا بعد الفجر"
قالت بامتنان:"أشكرك معتصم أنك معي في هذا التوقيت الصعب"
اعتدل جالسا أمامها وأردف متسائلا:"المفترض الا أكون موجودا؟"
قالت بعينين متسعتين تنضح منهما المشاعر الحلوة:"لا....ولكن كنت ربما تفضل أن أبقى عند أمي أو تكون هي معي خاصة وأن أمي وعمتي يمنة وخالتي نوارة كن على استعداد تام لرعايتي أنا والبنات ولكنك أصررت على أن تظل بجواري تراعيني بنفسك أنا وهما"
أحاط كتفيها بكفيه قائلا بابتسامة ونظرة أصبحتا سرا من أسرار الحياة:"ألم أقل لكِ أنكِ الحبيبة الغالية!"
ألقت نفسها بين ذراعيه بشعور جميل بالسكينة والطمأنينة والحب والمودة وكل المعاني الجميلة التي خلقها الله بالحياة
******
في المساء اجتمعت العائلة عن أكملها النساء جميعا بالبيت مع الضيفات والرجال بالمندرة مع الضيوف في عقيقة ابنتي معتصم الرحماني وحفيدتي محمود الرحماني الذي كان يقف بين الناس وقد تكفل بالعقيقة عن أكملها فيطعم أهل البلدة احتفالا بقدوم الغاليتين على قلبه وبداخله مشاعر حلوة وكأن الزمن عاد به ويقوم بعمل عقيقة معتصم ،لقد قرر أن يفعل مع الصغيرتين ما لم يفعله مع ابنه ويعيش معهما ما لم يعشه من ابنه
كانت عنان تجلس مع بنات عمها وأمامها في عربة الأطفال الصغيرتين النائمتين ترتديان فساتين وردية ويسر تجاورها تحمل عمران الصغير وبجوارها وصال تحمل يونس الصغير ومريم تحمل جوري وزهراء التي أكرمها الله بالحمل هي الأخرى وأمامها عدة أشهر على الوضع كانت شاردة عن الجميع وهي تفكر هل ممكن أن يأتي من في بطنها بنفس مشكلة فرح؟ أغمضت عينيها بشدة وقلبها يخفق خوفا فطمأنت نفسها أن رب الخير لا يأتي إلا بالخير
أما مودة فكانت تحمل كل صغير من أمه دقائق وتعيده فأردفت وصال وهي تعطيها يونس فتجلس بجوارها:"ألن تغيري رأيك وتأتين لنا بصغير؟ أشعر بكِ مشتاقة"
قالت مودة ببساطة:"صدقيني عمرو من يرفض الان يقول لي نعيش لنفسنا فترة قبل الالتزام بمسئوليات"
قالت وصال بخبث:"أموت وأعرف ما هو شكل الحياة التي تعيشان بها حاليا ؟تختفون بالأيام وتسافران فجأة وتعودان فجأة أشعر بكما كطيور محلقة"
قالت مودة بابتسامة حلوة:"نحن كذلك بالفعل..ثم تمتمت وهي تشيح بوجهها بعيدا:وهو مجنون ...وأنا عشقت جنونه ...ثم عادت تنظر بوجه أختها قائلة:رغم أنه في قمة العقل ولكنه بارع في الفصل بين الجد والهزل ثم تمتمت بعد تفكير قصير:وأحيانا يدمجهما معا بطريقة شيقة"
قهقهت وصال ضاحكة ثم أردفت:"أدار عقلك ابن عمتي نعمة كان الله بالعون"
فابتسمت مودة وأخذت تهدهد يونس وتقبله بحنان وتوق
*******
"أين أنتِ هاجر؟هلا بحثتِ لي عن نظارتي بحجرة المكتب"
قرأت هاجر التي تجلس بين بنات عمها تحتفلن بالسبوع كلمات الرسالة التي أرسلها لها أحمد وابتسمت ابتسامة حلوة خجلة فقد كانت هذه كلمة السر بينهما فاعتدلت بهدوء واتجهت نحو غرفة المكتب ولم يلحظها في الزحام أحد وحين دلفت إلى الداخل أغلق أحمد الباب خلفها وجذبها برفق وضمها إليه قائلا:"اشتقت إليكِ"
سكنت بين ذراعيه وتمتمت برقة:"وأنا اشتقت إليك أكثر"
منذ أن عقدا قرانهما وهو يتقرب منها ببطء محسوب ويأتي لزيارتها مرة أسبوعيا حتى اعتادت عليه وعلى وجوده وأدمنت حبه الذي تسلل برفق إلى قلبها فيخرج منه أي اثر سلبي او خوف ... لن تنسى له مساندته لها ودعمه لتدخل الجامعة وها هي قضت عامها الأول بدراسة علم النفس كما تمنت... كانت تجلس أيام دراستها لدى عمرو وأكملت أيضا جلساتها مع الدكتورة روحية إلى أن شعرت بتحسنها الشديد
أبعدها قليلا جدا قائلا بهمس أجش:"حالات الزواج والانجاب في العائلة لا تحفز لديكِ أي رغبة بأن تكوني أنتِ العروس القادمة؟"
كانت تعرف أنه يشتاق بشدة إلى الزواج ولكنه يريد أن يسمعها منها أولا فأردفت بابتسامة صغيرة لمحها من انعكاس الضوء الخافت على وجهها:"بل يحفز "
رفع حاجبيه قائلا:"حقا؟"
أومأت برأسها ايجابا فأردف بنظرة يشع منها التوق:"أطلب من أبي أن يحدث عمي؟"
فتقول باستسلام وسكينة:"نعم"
ابتسم وهو لا يصدق نفسه وتمتم:"أريد أن نتزوج بأقرب وقت وبالنسبة للكلية ننقل أوراقك إلى الجامعة عندنا"
قالت وهي تشعر بأبواب السعادة تفتح أمام وجهها وأن الخوف يتوارى والألم الذي كانت تشعر به يلازمها يضمحل:"اوافق "
وبكلماتها ونظراتها شعر أنها تعطيه الضوء الأخضر لهدم كل الحواجز بينهما فاقترب لأول مرة منها ولم تبتعد أو تخجل ككل مرة ولامس ثغرها برقة شديدة فتشعر بنقر فراشات رقيقة تداعبها...كان يتمهل معها وحين رأى استسلامها باح بكل مشاعره التي كان يهذبها طوال الأشهر الماضية مراعاة لها ليس أكثر
وبعد شهر واحد كانت هاجر أجمل عروس بثوب زفاف كالأميرات في مراسم زفاف تماما كأختها وبنات عمها ...كانت تجلس في بهو بيت عمران بزهو شديد والأضواء مسلطة عليها فتشعر وكأنها ملكة متوجة خاصة وهي تضع فوق رأسها تاج رقيق ... نظرات أحمد الفخورة بها تزيدها ثقة وشعورها بأنها تحررت من سلطة والدها وقيوده يجعلانها أكثر انطلاقا
مال أحمد على أذنها قائلا:"هيا هاجر يكفي إلى هذا الحد؟"
قامت معه فأردفت غالية بضيق:"مازلت تصر على الرحيل يوم عرسك يا ولدي؟"
قال أحمد بعد أن قبل رأسها:"سنعود إليكِ حبيبتي ولكن كما قلت لكِ حجزنا بالفعل وسفرنا بعد ساعات قليلة "
استجابت غالية على مضض ولم تمر سوى دقائق كان فيها أحمد وهاجر يستقلان سيارة عمرو ومعهم مودة حتى يوصلان العروسين إلى المطار ففتحت هاجر زجاج النافذة واستنشقت نفسا طويلا من الهواء البارد وهي تودع بلدتها التي ستعود لها حتما كثيرا ولكن زائرة
******
بعد مرور عام
مر الصيف على عائلة عمران ومن بعده خريف تلاه شتاء وها هو الربيع قد أتى ...في مارس يتغير شكل الدنيا ... تتفتح زهور وتنقشع غيوم وتتوارى الأحزان وكيف لا تتوارى وقد حل الربيع؟
كان يوسف قد أنهى عمله فاتصل بمريم التي ردت عليه مباشرة وحين سمع صوت جلبة حولها سألها:"ما هذه الأصوات؟"
قالت بهدوء:"كما قلت لك أنا بالنادي..."
اكفهر وجهه وأردف:"أنتِ لم تقولي لي مريم بل قلتِ تريدين وقلت سأرى"
قالت بهدوء شديد:"مللت من الجلوس بالبيت بالأولاد وليس منطقي ألا أذهب إلى النادي إلا برفقتك "
قال بغيظ:"اغلقي الهاتف "
ولم يمر سوى ثلث ساعة وكان يجلس بجوارها على حمام السباحة وزياد وجنة يلهوان بحمام السباحة.... منذ ما حدث مع شادي وهي لا تدخل النادي إلا برفقته رغم أنه تأكد أن شادي بالفعل غادر النادي نهائيا بعد ما حدث ولكنه أصبح أكثر حرصا في كل شيء وهي أصبحت أكثر ذكاءا ...
وبعد أن انتهى الصغار وبينما هما بالسيارة عائدون أردفت هي:"ستأتي معي إلى الطبيب من أجل استشارة جوري؟"
قال:"أكيد ..."
فأوصل زياد وجنة إلى بيت جدهما أولا ثم نزل لها وكانت تنتظره بجوري بالاسفل فأردفت بنظرة خاصة:"ما رأيك أن نسير من هنا حتى العيادة أريد أن أسير وأشم الهواء"
أغلق السيارة وأردف دون جدال:"نسير ونشم الهواء "
أخذا عربة الأطفال من السيارة ووضعا بها جوري التي يدفعها يوسف وهي تجلس في مقعدها ترى الشوارع وتركز على الاضاءات اللامعة وتلاغي بكلمات غير مفهومة ويوسف يضحك من قلبه قائلا لمريم:"هذه البنت أخذت قلبي "
فقالت مريم التي تضع يدها بيده وهما يسيران:"لا أعرف لماذا هي الأخرى متعلقة بك أكثر ما هي متعلقة بي؟"
قال ساخرا بنظرة غير بريئة:"ألا تعرفين؟"
قالت متهكمة:"لا لا أعرف "
رفع حاجبيه قائلا:"تنكرين أنني وسيم وبي جاذبية تشد أي أنثى"
أردفت بسماجة:"من قال لك هذا؟"
فقال بنظرة مغوية ونبرة مشاكسة:"تنكرين؟ "
فقالت بعد تنهيدة قصيرة:"أعرف ولكني سأنكر"
فقهقه ضاحكا وضحكت هي الأخرى من قلبها وهي تتعلق بذراعه وفجأة وبينما يسيران على الرصيف قبل بناية الطبيب بعدة أمتار وجدا من تخرج من أحد محلات الملابس تدفع عربة أطفال بها تؤام ربما يتجاوزان الثلاثة أعوام وبيدها الأخرى طفل أكبر تقريبا من سن زياد وبطنها منتفخة وتصرخ في الصغيرين اللذان يريدان النزول من العربة وحين اعترضت طريق يوسف ومريم نظر يوسف إليها وهي انتبهت فنظرت إليه ثم تمتمت بعد استيعاب:"يوسف؟..."
فأردف هو بخفوت رغم أن الملامح تغيرت كثيرا والهيئة :"نهال ؟..."
أما مريم فتسمرت مكانها تنظر في وجه المرأة فأردف يوسف بنبرة محايدة :"أهلا نهال كيف حالك؟"
قالت نهال وهي توزع نظراتها بين يوسف ومريم وجوري:"اهلا يوسف كيف حالك؟"
قال بهدوء:"بخير الحمد لله ثم نظر إلى مريم التي تخشب جسدها قائلا:هذه نهال كانت زميلتي أيام الدراسة ونظر إلى نهال قائلا وهو يشدد على يد مريم:وهذه مريم زوجتي "
قالت نهال وهي تهز رأسها:"أهلا بكِ"
فأومأت مريم برأسها بابتسامة مصطنعة فأردف يوسف لينهي الموقف:"فرصة سعيدة"
ردت نهال بدبلوماسية وتحركت بأبنائها ليكمل يوسف ومريم طريقهما ويسمعا صوت نهال التي تصرخ بحدة في الصغار ألا ينزلا من العربة
دقائق قليلة مرت على يوسف ومريم يسيران ببطء وكل منهما صامت هي تشعر بالضيق لهذا الموقف وتتسائل هل لازال بداخله أي مشاعر لغيرها رغم أنها لم ترى أمامها سوى امراة متوسطة الجمال وأم تدور حول نفسها بصغارها
أما هو فكان يتعجب من نفسه ومن مشاعره السابقة فيتأكد من أن مشاعره تجاه نهال لم تكن سوى نوبة من نوبات الاعتراض وطيش الشباب ليس أكثر ... فحين رأها لم تحرك بداخله اي مشاعر بالعكس وجد نفسه ينظر إليها كغريبة فيقدم مريم باعتزاز انها زوجته... حقا القلوب بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء وهو تقلب قلبه إلى أن ثبت على حب مريم ...شعر بتوترها رغم انها لم تتحدث فدفع عربة جوري بيد وشبك أنامله بأناملها مشددا فأردفت بصوت جامد:"ألا تريد أن تقول شيء؟"
توقف قبل بناية الطبيب مباشرة ولم يكن أمامهما أحد وأردف بنظرة شديدة الصدق وهو ينظر في عمق عينيها المتوترتين ويشدد على يدها فيشعر برجفتها:"نعم أريد ...أريد أن أقول أنني أحبك ...أحبك جدا وكلما مر الوقت اكتشفت كم أحبك أكثر وكلما رأيت وجوه لنساء سواء وجوه غريبة أو مألوفة أتأكد أنني أحبك أكثر وأتأكد أنني لم أحب غيرك وأنني فخور أنكِ زوجتي وحبيبتي وأم أبنائي "
كانت كلماته ونظراته ولمسته من الصدق بما يكفي لبث الأمان بأوردتها ... مع يوسف حين يصدق يصلها صدقه وحين يكذب يصلها كذبه وهو الان صادق ومشاعره صادقة وكلماته من القلب فمست قلبها وغمرته بالسكينة فأكملا طريقهما يدها بيده وكل منهما يرمي خلف ظهره الماضي وينظر فقط إلى المستقبل .
********
بعد يومين
خرج معتصم من المسجد بعد صلاة الفجر بفترة وكان ضوء النهار يشق عتمة الليل وخلفه والده الذي كان يغلق المسجد ...لقد أصبحت هذه عادتهما يوميا يصليان الفجر معا ويجلسان بعده لساعة يقرأ محمود القرأن فيستمع إليه معتصم بخشوع ويتحدثان قليلا ثم يعود كل منهما إلى بيته وحين يعود معتصم من العمل يمرعلى والده يطمئن عليه ويصليان العشاء معا
أيام الاجازات يقضيها معتصم وزوجته وبناته ببيت أبيه وأكثر الأوقات التي يشعر فيها بالوحدة حين يسافر محمود مع نوارة لقضاء بعض الوقت عند أهلها ...
سار محمود بصحبة ابنه وبعدها ذهب كل منهما إلى بيته وحين فتح معتصم باب شقته وجد عنان تتقدم منه ببطء وعلى وجهها انفعال غريب نسبيا ...اقترب منها قرب المطبخ ومد يديه لها قائلا بحذر:"هل هناك شيء؟"
قالت بهدوء:"لا.. كل خير"
نظر إلى صدرها الذي يعلو ويهبط قائلا:"أين البنات؟"
قالت :"نائمات...ثم أردفت وهي تنظر بعمق عينيه تستشف رد فعله:تحبهما بشدة أنت معتصم"
ابتسم قائلا وهو لا يزال يمسك يديها:"طبعا لأنهما نسخة منكِ"
قالت بقلب خافق:"أنا أيضا أشتهي نسخة منك"
قال بابتسامة صغيرة:"هذه الأمور بيد الله"
فاجاته قائلة:"أنا حامل "
اتسعت عيناه قائلا:"ماذا؟ كيف حدث هذا"
رفعت حاجبا واحدا قائلة:"ألا تعرف كيف حدث؟"
تراجع قائلا:"أقصد ..." وصمت لم يكمل من المفاجأة
فأردفت ضاحكة :"أعرف قصدك لأن حملي لا يحدث بسهولة ...أنا أيضا لا أعرف ...للتو اجريت تحليلا منزليا حين زاد شكي وتأكدت ...تهدج صوتها قائلة:وفرحت...ضمها إليه فتمتمت:وتمنيت من الله أن يكون ولد يشبه أباه"
ابتسم وهو يضمها بشدة وغمغم:"مبارك حبيبتي ... ولد بإذن الله لا تقلقي"
ابتعدت قليلا قائلة:"ومن أين أتيت بهذه الثقة؟"
تنهد تنهيدة قصيرة قائلا:"قبل الفجر مباشرة اتاني أبي عمران بالمنام كان وجهه مضيء بشدة ومد يديه لي بلفافة بيضاء ...قلت له ما هذا؟...فقال لي بل قل من هذا ...قلت من هذا؟ فقال لي هدية من الله أرسلها لك معي فأخذتها وفتحتها فرأيت وجه صبي يضحك لي ..وحين عدت لأبي عمران وجدته قد اختفى من أمامي فصحوت من نومي مباشرة على آذان الفجر"
قالت عنان بابتسامة واسعة ودموع تتلألأ بعينيها :"حقا معتصم صبي؟ ثم اردفت بلهف:ما شكله؟"
قال ضاحكا :"لا أتذكر "
فقالت وجسدها يرتج انفعالا:"ماذا سنسميه؟"
قهقه ضاحكا وأردف:"انتظري حين نتأكد ونطمئن عليكِ ووقتها نبحث له عن اسم"
قالت بسعادة مفرطة:"لابد أن نجهز له غرفة خاصة به بعيدا عن غرف البنات"
قال وهو يقبل جبهتها:"بإذن الله "
قالت بشرود :"سبحان الله حين دخلت هذا البيت لم يكن به سوى غرفة نوم واحدة ولم يكن به أي فراش اضافي واليوم لدينا غرفة للبنات ونهم بانشاء غرفة للأولاد "
وضع جبهته فوق جبهتها قائلا وهو يتذكر تلك الأيام:"كنت أتعمد وقتها ألا يكون هناك أي فراش اضافي هل تتذكرين؟"
قالت بابتسامة حلوة:"نعم كنت أعرف وقتها نيتك "
همس بجوار أذنها قائلا:"ولم تعارضي نيتي هذه ونمتِ معي بفراش واحد"
أخذت نفسا طويلا ثم تمتمت:"كنت أشعر بشيء عميق يربطني بك ولكن لم أكن أدرك كنهه"
قال بنفس الهمس:"وادركتيه؟"
تخللت بأصابعها خصلات شعره قائلة:"أدركته وحفظته وتأكدت أننا كنا لبعضنا من البداية ومهما تفرقت بنا الطرق كانت لابد ستجمعنا في النهاية"
ونهاية حديث القلوب الذي يدور بينهما كل فترة تكن بلقاء كأنه الاول لكنه حتما ليس الأخير
*******
في اليوم التالي
"هيا نسرين حتى لا نتأخر"
كان تمام يقف في بهو بيت أبيه ينادي على نسرين ويمسك بيد عمار وراشد يجلس يشاهد التلفاز بصمت
نزلت نسرين من الأعلى وقد ارتدت عباءة سوداء أنيقة وحجاب مماثل وعلى ذراعها صغيرها الذي أرضعته للتو وأردفت:"الولد كان جائعا تمام "
قال وهو يمد يديه بابتسامة حانية:"تعال عز إلى أبيك"
فأعطته الولد بابتسامة حلوة وأردفت لراشد وهي تعرف أن يمنة سبقتهما إلى بيت عمران:"هل تريد أن أعد لك شيء عمي قبل أن نخرج؟"
غمغم بشرود:"لا أريد شيء"
فأردف تمام وهو يحمل عز على ذراعه ويمسك عمار بيده:"هيا نسرين فمعتصم اتصل بي أكثر من مرة"
وضعت حقيبتها على كتفها وأردفت:"هيا بنا "
أما راشد فكان يجلس على الكرسي المتحرك ينظر في أثرهما وهو يراها وقد ثبتت قدميها بالبيت وأصبحت الأقرب لقلب ابنه وأنجبت له ولدا فيغمض عينيه بتعب ووهن مسلما أمره لله
........
في بيت عمران
تجمع كل أبناء عمران وأحفاده وأبنائهم في باحة البيت الخارجية في الهواء الطلق وقد ساعدهم الجو الجميل على ذلك ...اليوم عيد ميلاد ابنتي معتصم الأول وسيقام الاحتفال مساءا ولكن قرب العصر كانت دعوة غالية للجميع لتناول الغداء معها وبالطبع معهم محمود الرحماني وزوجته
فكانت المقاعد تملأ ساحة البيت وامامهم طاولة طعام كبيرة تكفي الجميع وتفيض والجميع يأكل بشهية مفتوحة .... كان حاتم قد انتهى من طعامه ويحمل صغيره الذي بدأ يتلوى جوعا فأردف لزهراء:"زهراء فهد واضح أنه جائع "
أخذته منه قائلة:"سأدخل لأرضعه ..."
أخذته منه ودخلت إلى غرفة غالية وجلست في فراشها ترضعه وهي تنظر إليه بحنان وتمسد على شعره ...لقد عاشت طوال فترة حمله في قلق عليه ان يمسه سوءا ولكن الله جبرها وجاء سليما معافى
دخل حاتم خلفها يمسك فرح بيده قائلا:"تريدك زهراء"
فقالت لها زهراء بحنان:"تعالي حبيبتي"
جلست فرح على الفراش تنظر إلى الصغير بانبهار وجلس حاتم بجوارها ينظر إلى عائلته الصغيرة بحب فأردفت فرح:"ف..د"
قال حاتم:"ماذا تقول؟"
قالت بابتسامة صغيرة:"تريد ان تقول فهد "
فحملها حاتم فوق ساقيه قائلا:"فهد"
فتقول :"ف..د"
فيقول باصرار وهو يحرك شفتيه ببطء أمامها:"فهد"
فأردفت أخيرا:"ف.ه.د"
فرفعت زهراء عينين لامعتين بدموع السعادة إلى حاتم وأملها في ابنتها وتقدمها وتطورها يزداد يوم بعد يوم خاصة بعد أن التحقت بمدرسة لتنمية المهارات وتخطو فيها خطوات جيدة
*******
كانت نعمة تجلس بالخارج وتضع ابن يحيى في حجرها تغني له بخفوت ليغفو وهي تمسد على رأسه بحنان:"لما قالوا ده ولد ..اتشد ظهري واتسند...لما قالوا ده غلام اتشد ظهري واستقام"
فاقتربت منها يسر قائلة:"اعطني الولد عمتي لأرضعه"
فقالت نعمة وهي تحتضن الصغير:"أرضعته للتو"
قالت يسر بضيق:"لمَ ترضعيه صناعي عمتي وأنا موجودة ؟"
قالت نعمة :"لأن حليبك لا يشبعه"
قالت يسر بحاجب مرفوع:"ومن الذي قال هذا؟"
قالت نعمة:"أنا "
فجزت يسر على أسنانها قائلة:"اعطني الولد لأغير له"
فأردفت نعمة بابتسامة وهي تمسد على وجهه الحبيب:"بدلت له"
شعرت يسر أنها ستجن فأسرعت نحو يحيى الذي يجلس مع اخوته وانتحت به جانبا قائلة بضيق:"يحيى انا لا أستطيع التحمل عمتي لا تريد اعطائي عمران ألست أمه ؟"
قال مهادنا:"اعذريها يسر أنتِ تعرفين كم تحبه"
قالت بانفعال:"وأنا أمه ألا أحبه أيضا ؟ كلما قلت لها اعطني الولد تقل لي انجبي غيره"
فمال نحوها قائلا وهو يغمز بعينه:"وما رأيك باقتراحها ننجب غيره"
لانت قليلا وأردفت بتردد:"أنت تعرف أنني أخاف من هذه الخطوة ثانية"
قال بحماس:"لماذا حبيبتي ؟ لا تخافي والذي وهبنا عمران من غير حول لنا ولا قوة يهبنا بأخوته "
قالت وهي تنظر نحو نعمة بغيظ:"يحيى أحضر لي ابني حالا أنا اشتقت إليه"
فضحك واتجه نحو أمه يتحجج بأي حجة ليأخذ الولد
كانت غالية كعادتها تجلس بالمنتصف والجميع حولها ترى صالح وزوجته وأبنائه حولها وزكريا ويونس وهارون ويمنة وأبنائهم فتبتهج عينيها لرؤية ثلاثة أجيال حولها
تنظر جهة بوابة البيت المغلقة فتراها مفتوحة فيختلط بعقلها الماضي بالحاضر وكأنهما يدوران بدائرة واحدة فترى العمر يتراجع نحو خمس وخمسون عام وترى نفسها شابة وعمران شاب ...يدخلان من بوابة البيت صالح بيدها وزكريا يحمله عمران بعد ان انتقلا من البيت الصغير الذي تزوجا به وفتح الله عليهما بهذا البيت الذي لم تكن هكذا مساحته بل كانا كلما تيسر لهما اشترا قطعة لتنضم إلى البيت حتى أصبح هكذا..تلمع عينيها بالدموع فتتكون عليهما غشاوة وترى العمر يسير ببطء امام عينيها فتنجب يونس وبعده هارون ويمنة ....تتوالى الأيام وتتعاقب الفصول أيضا أمام عينيها فيكبر الصغار ويتزوجوا وينجبوا فيمتلئ البيت بالبهجة ويكبر الصغار وتكبر مشاكلهم وكانت هي كالبئر الذي يلقي فيه الجميع حمولهم ...ورأت عمران يهل عليها بثوب ناصع البياض... شاب لم يتجاوز الثلاثون فتنظر إلى يديها تجدهما مجعدتين فتتعجب كيف له أن يكون شابا هكذا وهي عجوز ....
"أمي ماذا بكِ؟" انتفضت على صوت معتصم الذي يهزها وقد شعر بالقلق عليها فاعتدلت ونظرت حولها وقد انتبه عقلها بعد أن أصابه الدوار فأردفت:"لا شيء حبيبي يبدو أنني غفوت"
قال بشك:"هل تشعرين بأي تعب؟"
اقترب عمرو قائلا:"هل هناك شيء؟"
قالت بصوت عال قليلا:"ليس بي شيء أنا بخير امامكم"
فأردف معتصم وهو يجد أن الشمس تقترب من المغيب:"سنصعد أنا وعنان لترتدي غالية وحبيبة ملابس عيد الميلاد ونعود"
قالت بابتسامة ملأت وجهها:"سأنتظركم حبيبي "
بعد قليل
كانت عنان قد انتهت من تجهيز حبيبة وغالية فكانتا كملاكين صغيرين وأردفت لمعتصم:"كعكة عيد الميلاد حضرت يا معتصم؟"
فأردف وهو يأخذ الصغيرتين من فوق فراشهما كل واحدة على ذراع :"ربع ساعة بالضبط وتصل"
قالت وهي تغادر الغرفة بسرعة:"سأرتدي ملابسي وأعود لا تنزل بدوني"
ابتسم قائلا :"حسنا"
خرج بالبنتين إلى الخارج وفتح لهما باب السطح فانطلقتا للخارج بسعادة فالسطح والحمائم أكثر ما يجلبان لهما السعادة ....خرج خلفهما يلعب معهما ويمسك لهما الحمائم فتضحكان بشدة وتلامس كل منهما الحمامة ضاحكة ضحكة تسعد قلبه وتبث بداخله مشاعر حلوة ..اطلق سراح الحمامة بيده فحلقت فوقهم مع رفيقاتها واحتضن حبيبة وقبلها قائلا:"قلب أبيكِ أنتِ"
وفعل المثل مع غالية قائلا بحنان وهو ينظر في عمق عينيها الزيتونيتين تماما كعيني أمها وأختها:"وأنتِ روحه "
كانت حبيبة قد أسرعت نحو القطة التي انجبت عدة قطط صغار وأخذت تلعب مع صغارها فلحقت بها غالية فتركهما معتصم وعاد جهة باب الشقة فخرجت عنان وهي ترتدي فستان أنيق بلون أبيض وشعرها الطويل مفرود خلف ظهرها وأردفت متسائلة:"ألم ترى وشاحي الأبيض الذي كان فوق الفراش؟"
نظر نحو حبيبة التي أخذت الوشاح في غفلة من أمها وأحاطت القطة الصغيرة به وتنحنح قائلا:"ألا يوجد غيره؟"
نظرت إلى ما ينظر إليه وأردفت بشهقة:"وشاحي"
قال ضاحكا:"ابنتك حبيبتك ولا تفهم أي شيء...ابحثي عن آخر"
قالت بغيظ:"طبعا ومن سيحامي لهما غيرك؟"
قال بحنان وهو ينظر نحوهما:"وهل لهما غيرنا عنان؟"
نبرته الحانية ونظرته المتأثرة استوقفتها فأردفت وهي تقترب منه فتقف بجواره عند باب الشقة:"لمَ أشعر بأن نبرتك بها شيء مختلف؟"
تنهد قائلا وهو يحول نظره بينها وبين ابنتيه:"كلما رأيتهما يملأن علينا البيت ورأيتك تنيرين حياتي وسعادتي بالوافد الجديد الذي ننتظره أتذكر كم كنت وحيد قبلكم وحياتي عادية ...أنظر اليكن فأجد حياتي وقد أضحت بالألوان ...رفع عينيه إلى الشفق يتأمل قرص الشمس الذي يميل إلى الغروب قائلا:لقد عشت عمرا كاملا بهذا البيت وانا أشعر أنني غريب الروح ....ثم عاد بعينيه الدافئتين مكملا:ولم تعد إلىّ روحي إلا حين سكنتِ قلبي وأهدانا الله هداياه الجميلة"
غص حلقها بالكلمات واختلج قلبها وتسارعت أنفاسها ...شعور يلازمها بالتقصير نحوه حين تتذكر أنها كانت دون قصد سببا في غربة روحه وضيق صدره ...فتحاول دائما أن تعوضه إلى جانب حبها له الذي يتضاعف يوم بعد يوم فتشعر بفيض من المشاعر المتجددة له ورغبة في أن تسقيه المزيد..وخوف عليه يسكن قلبها بسبب عمله الذي هدد حياته أكثر من مرة
تركيبة من المشاعر أصبحت مخصصة له واحتلال لحبه في قلبها فلا تتحمل فكرة أن يصيبه نصب ولا وصب
اقتربت الخطوة الفاصلة بينهما فتلاشت المسافة ولامست كتفه بأناملها وأحاطت مؤخرة عنقه بكفها الآخر وتمتمت وهي تٌشبِع عينيها بكل ملامح وجهه والغوص بعمق عينيه البنيتين الدافئتين:"كنت غريب الروح فأصبحت حبيب الروح"

تمت بحمد الله
بداية الكتابة / 20 يناير 2021
تم النشر في / 17 مايو 2021
تمت في / 14 مارس 2022
لا بأس إن قضيت نصف عمرك غريب الروح إذا كنت ستقضي ما تبقى منه حبيب الروح




Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-03-22, 08:26 PM   #1783

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

ألف مروك الختام لأحلى هبة :* :*

في انتظار الـ pdf وعقبال القادم باذن الله


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-03-22, 09:56 PM   #1784

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 283 ( الأعضاء 56 والزوار 227)
‏Heba aly g, ‏عفة وحياء, ‏Topaz., ‏NoOoShy, ‏واحدة من عباد الله, ‏هدهد الجناين, ‏kmnbvc, ‏زهرة جبال سوس, ‏نورروح, ‏hoda ateya, ‏faoom, ‏بوسي موني, ‏الأمل واليسر, ‏laila2019, ‏فديت الشامة, ‏عبير سعد ام احمد, ‏ياسمين سيف, ‏كروشيه, ‏Reemkoko, ‏hadj rymas, ‏nour el houda 98, ‏ميادة عبدالعزيز, ‏Rashaa84, ‏Nora372, ‏Ahom, ‏Solly m, ‏جلاديوس, ‏نبيله محمد, ‏آيه عادل, ‏امال العمصي, ‏عمرااهل, ‏DrWalaa, ‏حديث الذكريات, ‏asmaaasma, ‏كريستنا, ‏ponopono, ‏Hoba Nasry, ‏الزمردة البيضاء, ‏مرح جبارين, ‏remokoko, ‏romena bisher, ‏NaglaaFathy, ‏دعاء ام حمزه وعلى, ‏halloula, ‏هدى هدهد, ‏Hayette Bjd, ‏زهرة الاقحو, ‏ورده ماسيه, ‏Elbayaa, ‏ام انس وعمر, ‏شموخي ثمن صمتي, ‏آية العيسوي, ‏سوهي(زهور الربيع), ‏samar hemdan, ‏الآء عادل, ‏سيفينا


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-03-22, 10:17 PM   #1785

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 311 ( الأعضاء 63 والزوار 248)
‏Heba aly g, ‏Rashaa84, ‏مرمورتي الحلوة, ‏الأمل واليسر, ‏Kemojad, ‏عفة وحياء, ‏آية العيسوي, ‏سوهي(زهور الربيع), ‏mouna zet, ‏Lazy4x, ‏لارا لي لي, ‏وسام عبد السميع, ‏منوره السيد, ‏نورروح, ‏الزمردة البيضاء, ‏اسماء2008, ‏yasser20, ‏م ممم ممم, ‏هدهد الجناين, ‏زهرة ميونخ, ‏موضى و راكان, ‏NoOoShy, ‏واحدة من عباد الله, ‏kmnbvc, ‏زهرة جبال سوس, ‏hoda ateya, ‏faoom, ‏بوسي موني, ‏laila2019, ‏فديت الشامة, ‏عبير سعد ام احمد, ‏ياسمين سيف, ‏كروشيه, ‏Reemkoko, ‏hadj rymas, ‏nour el houda 98, ‏ميادة عبدالعزيز, ‏Nora372, ‏Ahom, ‏Solly m, ‏جلاديوس, ‏نبيله محمد, ‏آيه عادل, ‏امال العمصي, ‏عمرااهل, ‏DrWalaa, ‏حديث الذكريات, ‏asmaaasma, ‏كريستنا, ‏ponopono, ‏Hoba Nasry, ‏مرح جبارين, ‏remokoko, ‏romena bisher, ‏NaglaaFathy, ‏دعاء ام حمزه وعلى, ‏halloula, ‏هدى هدهد, ‏Hayette Bjd, ‏زهرة الاقحو, ‏ورده ماسيه, ‏Elbayaa, ‏ام انس وعمر


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-03-22, 10:18 PM   #1786

DrWalaa

? العضوٌ??? » 428256
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 79
?  نُقآطِيْ » DrWalaa is on a distinguished road
افتراضي

ألف ألف مبروووك يا هبة
كانت رحلة جميلة و ممتعة و كلها دفء و مشاعر جميلة
موفقة دايما بإذن الله و عقبال الرواية الألف ❤️❤️❤️


DrWalaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-03-22, 10:19 PM   #1787

Hoba Nasry
 
الصورة الرمزية Hoba Nasry

? العضوٌ??? » 435719
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 545
?  نُقآطِيْ » Hoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond reputeHoba Nasry has a reputation beyond repute
افتراضي

الله الله مبروووووك الختام لأجمل وأروع رواية غريب الروح
حبيتها جدا جدا وارتبطت بابطالها وجو العائلة والدفئ الجميل رواية تدخل القلب حقيقي ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️


Hoba Nasry غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-03-22, 10:26 PM   #1788

Solly m

? العضوٌ??? » 434739
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 460
?  نُقآطِيْ » Solly m is on a distinguished road
افتراضي

الف الف مبروك الختام حقيقي رحلة جميلة و مبهجة شكرا يا هبة على المتعة و الجمال سلمت يداك 😍😍😍و منتظرة الرواية الجديدة بلهفة ❤️❤️❤️

Solly m غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-03-22, 10:34 PM   #1789

سماء الحريه

? العضوٌ??? » 305650
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 378
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سماء الحريه is on a distinguished road
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
افتراضي

الف مبروووك ختام الروايه ...وبالتوفيق دايما للكاتبه ..ومن نجاح لنجاح باذن الله..

سماء الحريه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-03-22, 10:59 PM   #1790

آية العيسوي

? العضوٌ??? » 475453
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 111
?  نُقآطِيْ » آية العيسوي is on a distinguished road
افتراضي

ألف مبروك ختام روايتك الرائعة ♥️

آية العيسوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:28 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.